عمدة القاري شرح صحيح البخاري

25 - (بابُ مَا جاءَ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِى الاَْرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} )

أَي: هَذَا بَاب فِي قَول الله عز وَجل: {إِن رَحْمَة الله قريب من الْمُحْسِنِينَ}
إِنَّمَا قَالَ: قريب، وَالْقِيَاس: قريبَة، لِأَن الفعيل الَّذِي بِمَعْنى الْفَاعِل قد يحمل على الَّذِي بِمَعْنى الْمَفْعُول أَو الرَّحْمَة بِمَعْنى الترحم أَو صفة لموصوف مَحْذُوف أَي: شَيْء قريب، أَو لما كَانَ وَزنه وزن الْمصدر نَحْو: شهيق وزفير أعْطى لَهُ حكمه فِي اسْتِوَاء الْمُذكر والمؤنث. وَقَالَ ابْن التِّين: هُوَ من التَّأْنِيث الْمجَازِي كطلع الشَّمْس وَفِيه نظر لِأَن شَرطه تقدم الْفِعْل. وَقَالَ ابْن بطال: الرَّحْمَة تَنْقَسِم إِلَى صفة ذَات فَيكون مَعْنَاهُ إِرَادَة إثابة الطائعين، وَإِلَى صفة فعل فَيكون مَعْنَاهُ أَن فضل الله بسوق السَّحَاب وإنزال الْمَطَر قريب من الْمُحْسِنِينَ، فَكَانَ ذَلِك رَحْمَة لَهُم لكَونه بقدرته وإرادته وَنَحْوه وَتَسْمِيَة الْجنَّة رَحْمَة لكَونهَا فعلا من أَفعاله حَادِثَة بقدرته.

7448 - حدّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدثنَا عاصِمٌ، عنْ أبي عُثْمانَ عنْ أُسامَةَ قَالَ: كانَ ابنٌ لِبَعْضِ بَناتِ النبيِّ يَقْضِي، فأرْسَلَتْ إلَيْهِ أنْ يَأْتِيَها، فأرْسَل: إنَّ مَا أخَذَ ولهُ مَا أعْطَى، وكُلٌّ إِلَى أجَل مُسَمًّى فَلْتَصْبِرْ ولْتَحْتَسِبْ فأرْسَلَتْ إلَيْهِ فأقْسَمَتْ عَلَيْهِ فقامَ رسولُ الله وقُمْتُ مَعَهُ ومُعاذُ بنُ جَبَلٍ وأُبَيُّ بنُ كَعْبٍ وعُبادَةُ بنُ الصَّامِتِ فَلمَّا دَخَلْنا ناوَلُوا رسولَ الله الصَّبيَّ ونَفْسُهُ تُقَلْقَلُ فِي صَدْرِهِ حَسِبْتُهُ قَالَ: كأنَّها شَنّةٌ فَبَكَى رسولُ الله فقالَ سَعْدُ بنُ عُبادَةً أتَبْكِي؟ فَقَالَ: إنَّما يَرْحَمُ الله مِنْ عِبادِهِ الرُّحَمَاء
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث.
وَعبد الْوَاحِد بن زِيَاد الْعَبْدي، وَعَاصِم هُوَ الْأَحول، وَأَبُو عُثْمَان هُوَ عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ، وَأُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة.
والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز عَن عَبْدَانِ وَفِي الطِّبّ عَن حجاج بن منهال وَفِي النذور عَن حَفْص بن عَمْرو، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: كَانَ ابْن وَفِي النذور: أَنه بنت. قَوْله: يقْضِي أَي: يَمُوت أَي: كَانَ فِي النزع. قَوْله: تقلقل أَي: تصوت اضطراباً. قَوْله: الرُّحَمَاء جمع رَحِيم كالكرماء جمع كريم.

7449 - حدّثنا عُبَيْدُ الله بنُ سَعْدِ بنِ إبْرَاهِيمَ، حدّثنا يَعْقُوبُ، حَدثنَا أبي عنْ صالِحِ بنِ كَيْسانَ، عنِ الأعْرَجِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: اخْتَصَمَتِ الجَنَّةُ والنَّارُ إِلَى ربِّهما، فقالَتِ الجَنَّةُ: يَا رَبِّ مَا لَهَا لَا يَدْخُلُها إلاَّ ضُعَفاءُ النَّاسِ وسَقَطُهُمْ؟ وقالَتِ: النَّارُ: يَعْنِي أُوثِرْتُ بالمُتَكَبِّرِينَ؟ فَقَالَ الله تَعَالَى لِلْجَنَّةِ: أنْتِ رحْمَتِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: أنْتِ عَذَابِي أصِيبُ بِكِ مَنْ أشاءُ، ولِكُلِّ واحِدَةٍ مِنْكُما مِلْؤُها. قَالَ: فأمَّا الجَنَّةُ فإنَّ الله لَا يَظْلِمُ مِنْ خَلْقِهِ أحَداً، وإنَّهُ يُنْشِىءُ لِلنَّار مَنْ يَشاءُ، فَيُلْقَوْنَ فِيها فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ثَلاَثاً حتَّى يَضَعَ فِيها قَدَمَهُ فَتَمْتَلِىءُ، ويُرَدُّ بَعْضُها إِلَى بَعْضٍ وتَقُولُ: قَطْ قَطْ قَطْ
انْظُر الحَدِيث 4849 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: أَنْت رَحْمَتي
وَعبيد الله بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ الْقرشِي الْمدنِي، سمع عَمه يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَصله مدنِي كَانَ بالعراق سمع يَعْقُوب هَذَا أَبَاهُ، إِبْرَاهِيم بن سعد وَكَانَ على قَضَاء بَغْدَاد، وَسمع هُوَ صَالح بن كيسَان الْغِفَارِيّ مؤدب ولد عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَسمع هُوَ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج.
والْحَدِيث رَوَاهُ مُسلم من طَرِيق أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة،

(25/136)


رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
تصمت الْجنَّة وَالنَّار إِمَّا مجَاز عَن حَالهمَا المشابهة للخصومة، وَإِمَّا حَقِيقَة بِأَن يخلق الله فيهمَا الْحَيَاة والنطق وَنَحْوهمَا، واختصامهما افتخار بعضهما على بعض بِمن يسكنهما، وَفِي رِوَايَة مُسلم: احتجت النَّار وَالْجنَّة، وَفِي لفظ آخر: تَحَاجَّتْ النَّار وَالْجنَّة. قَوْله: فَقَالَت الْجنَّة: يَا رب مَا لَهَا هُوَ على طَريقَة الِالْتِفَات، وَإِلَّا فَمُقْتَضى الظَّاهِر: مَا لي. قَوْله: وَسَقَطهمْ بالفتحتين الضُّعَفَاء الساقطون من أعين النَّاس، وَفِي رِوَايَة مُسلم بعد قَوْله: وَسَقَطهمْ وعجزهم، وَفِي رِوَايَة بعده: وغرتهم وعجزهم، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَالْجِيم جمع عَاجز أَي: العاجزون عَن طلب الدُّنْيَا والتمكن فِيهَا، وَضبط أَيْضا بِضَم الْعين وَتَشْديد الْجِيم الْمَفْتُوحَة وَهُوَ أَيْضا جمع عَاجز، وغرتهم بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق، قَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا هُوَ الْأَشْهر فِي نسخ بِلَادنَا أَي: البله الغافلون الَّذين لَيْسَ لَهُم حذق فِي أُمُور الدُّنْيَا. قَوْله: وَقَالَت النَّار: يَعْنِي أُوثِرت على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: اختصصت، وَهَذَا مقول القَوْل أبرزه فِي بعض النّسخ بقوله: يَعْنِي أُوثِرت بِالْمُتَكَبِّرِينَ؟ وَلم يَقع هَذَا فِي كثير من النّسخ حَتَّى قَالَ ابْن بطال: سقط قَوْله: أُوثِرت هُنَا من جَمِيع النّسخ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَيْن مقول القَوْل؟ ثمَّ قَالَ: قلت: مُقَدّر مَعْلُوم من سَائِر الرِّوَايَات وَهُوَ أُوثِرت بِالْمُتَكَبِّرِينَ. قَوْله: وَإنَّهُ ينشىء للنار من يَشَاء أَي: يُوجد ويخلق، وَقَالَ الْقَابِسِيّ: الْمَعْرُوف فِي هَذَا الْموضع أَن الله ينشىء للجنة خلقا، وَأما النَّار فَيَضَع فِيهَا قدمه قَالَ: وَلَا أعلم فِي شَيْء من الْأَحَادِيث أَنه ينشىء للنار خلقا، وَأما النَّار فَيَضَع فِيهَا قدمه قَالَ: وَلَا أعلم فِي شَيْء من الْأَحَادِيث أَنه ينشيء للنار خلقا، إلاَّ هَذَا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَاعْلَم أَن هَذَا الحَدِيث مر فِي سُورَة ق بعكس هَذِه الرِّوَايَة، قَالَ ثمَّة: وَأما النَّار فتمتلىء وَلَا يظلم الله من خلقه أحدا. وَأما الْجنَّة فَإِن الله ينشىء لَهَا خلقا، كَذَا فِي صَحِيح مُسلم وَقيل: هَذَا وهم من الرَّاوِي إِذْ تَعْذِيب غير العَاصِي لَا يَلِيق بكرم الله تَعَالَى، بِخِلَاف الإنعام على غير الْمُطِيع، ثمَّ قَالَ الْكرْمَانِي: لَا محذوراً فِي تَعْذِيب الله من لَا ذَنْب لَهُ إِذا الْقَاعِدَة القائلة بالْحسنِ والقبح العقليين بَاطِلَة، فَلَو عذبه لَكَانَ عدلا والإنشاء للجنة لَا يُنَافِي الْإِنْشَاء للنار، وَالله يفعل مَا يَشَاء فَلَا حَاجَة إِلَى الْحمل على الْوَهم. قَوْله: فيلقون فِيهَا على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: هَل من مزِيد قَالَهَا ثَلَاث مَرَّات، قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: الْمَزِيد إِمَّا مصدر كالمجيد، وَإِمَّا اسْم مفعول كَالْمَبِيعِ، وَقيل: هَذَا اسْتِفْهَام إِنْكَار وَإنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى زيادتها. قَوْله: حَتَّى يضع فِيهَا قدمه هَذَا لفظ من المتشابهات، وَالْحكم فِيهِ إِمَّا التَّفْوِيض وَإِمَّا التَّأْوِيل، فَقيل: المُرَاد بِهِ التَّقَدُّم أَي: يضع الله فِيهَا من قدمه لَهَا من أهل الْعَذَاب أَو ثمَّة مَخْلُوق اسْمه الْقدَم، أَو وضع الْقدَم عبارَة عَن الزّجر والتسكين لَهَا كَمَا يُقَال: جعلته تَحت رجْلي وَوَضَعته تَحت قدمي. قَوْله: وَيرد ويروى: يزوى، أَي: يضم. قَوْله: قطّ قطّ قطّ ثَلَاث مَرَّات كَذَا وَقع فِي بعض النّسخ، وَفِي بَعْضهَا مرَّتَيْنِ وَهُوَ الْأَظْهر، وَمعنى: قطّ، حسب وتكرارها للتَّأْكِيد وَهِي سَاكِنة الطَّاء مُخَفّفَة، ويروى: قطي قطي، أَي: حسبي.

7450 - حدّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ، حدّثنا هِشامٌ، عنْ قَتادَةَ، عنْ أنَسٍ، رَضِي الله عَنهُ، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَيُصيبَنَّ أقْواماً سَفْعٌ مِنَ النَّارِ بِذُنُوبٍ أصابُوها عُقُوبَةً، ثُمَّ يُدْخِلُهُمُ الله الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ، يُقالُ لَهُمُ: الجَهَنَّمِيُّونَ
انْظُر الحَدِيث 6559
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: بِفضل رَحمته
وَهِشَام هُوَ ابْن أبي عبد الله الدسّتوائي.
والْحَدِيث بِهَذَا الْوَجْه من أَفْرَاده.
قَوْله: ليصيبن مُؤَكدَة بالنُّون الثَّقِيلَة وَاللَّام فِيهِ مَفْتُوحَة للتَّأْكِيد. وَقَوله: سفع بِالرَّفْع فَاعله بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْفَاء وبالعين الْمُهْملَة وَهُوَ اللفح واللهب كَذَا، قَالَه الْكرْمَانِي، وَهُوَ تَفْسِير الشَّيْء بِمَا هُوَ أخْفى مِنْهُ. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: السفع عَلامَة تغير ألوانهم، يُقَال: سفعت الشَّيْء إِذا جعلت عَلَيْهِ عَلامَة يُرِيد أثرا من النَّار. قلت: اللفح بِفَتْح اللَّام وَسُكُون الْفَاء وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة حر النَّار ووهجها. قَوْله: عُقُوبَة نصب على التَّعْلِيل أَي: لأجل الْعقُوبَة. قَوْله: الجهنميون جمع جهنمي نِسْبَة إِلَى جَهَنَّم.
وَقَالَ هَمَّامٌ: حدّثنا قتادَةُ حدّثنا أنَسٌ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

(25/137)


هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث أنس عَن همام بن يحيى عَن قَتَادَة عَن أنس، وَقيل: هِشَام، فِي بعض النّسخ قَالَ الْكرْمَانِي: قيل: هُوَ الصَّحِيح وَالْفرق بَين الطَّرِيقَيْنِ أَن الأولى بِلَفْظ العنعنة، وَالثَّانيَِة بِلَفْظ التحديث، وَتَعْلِيق همام هَذَا تقدم مَوْصُولا فِي كتاب الرقَاق.

26 - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً} )

أَي: هَذَا بَاب فِي قَول الله عز وَجل أَن الله الْآيَة. قَوْله: أَن تَزُولَا أَي: كَرَاهَة أَن تَزُول. قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ، والإمساك منع، وَعَن ابْن عَبَّاس: أَنه قَالَ لرجل مقبل من الشَّام: من لقِيت بِهِ؟ قَالَ: كَعْبًا. قَالَ: وَمَا سمعته يَقُول؟ قَالَ: سمعته يَقُول: إِن السَّمَوَات على منْكب ملك. قَالَ كذب كَعْب، أما ترك يَهُودِيَّته بعد؟ ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة.

7451 - حدّثنا مُوسَى، حدّثنا أبُو عَوَانَةَ، عنِ الأعْمَشِ، عنْ إبْرَاهِيمَ عنْ عَلْقَمَةَ، عنْ عَبْدِ الله قَالَ: جاءَ حبْرٌ إِلَى رسولِ الله فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إنَّ الله يَضَعُ السَّماءَ عَلى إصْبَعٍ، والأرْضَ عَلى إصبْعٍ، والجِبالَ عَلى إصْبَعٍ والشَّجَرَ والأنْهارَ عَلى إصْبَعٍ، وسائِرَ الخَلْقِ عَلى إصْبَعٍ، ثُمَّ يَقُولُ بِيَدِهِ: أَنا المَلِكُ، فَضَحِكَ رسولُ الله وَقَالَ: {وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَىْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِى جَآءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُو اْ أَنتُمْ وَلاَءَابَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِى خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ}
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة تَأتي من قَوْله: إِن الله يضع لِأَن مَعْنَاهُ فِي الْحَقِيقَة يمسك لِأَنَّهُ جَاءَ بِلَفْظ: يمسك فِي: بَاب قَوْله: {قَالَ ياإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ} وَحَدِيث الْبَاب أَيْضا مر هُنَاكَ مَعَ شَرحه.
ومُوسَى هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل، وَأَبُو عوَانَة الوضاح الْيَشْكُرِي، وَالْأَعْمَش هُوَ سُلَيْمَان، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وعلقمة هُوَ ابْن قيس، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.
قَوْله: جَاءَ حبر بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَجَاء كسرهَا بعْدهَا بَاء مُوَحدَة سَاكِنة ثمَّ رَاء، وَذكر صَاحب الْمَشَارِق أَنه وَقع فِي بعض الرِّوَايَات: جَاءَ جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، قَالَ: وَهُوَ تَصْحِيف فَاحش.

27 - (بابُ مَا جاءَ فِي خَلْقِ السَّماوَاتِ والأرْضِ وغَيْرِهما مِنَ الخَلاَئِقِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا جَاءَ إِلَى آخِره قَوْله: فِي خلق السَّمَوَات، كَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: فِي تخليق السَّمَوَات وَالْأول أولى وَعَلِيهِ شرح ابْن بطال، وغرضه فِي هَذَا الْبَاب أَن يعرفك أَن السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا كل ذَلِك مَخْلُوق لقِيَام دَلَائِل الْحُدُوث بهَا من الْآيَات الشاهدات من انتظام الْحِكْمَة وإيصال الْمَعيشَة فيهمَا، وَقَامَ برهَان الْعقل على أَن لَا خَالق غير الله، وَبَطل قَول من يَقُول: إِن الطبائع خالقة للْعَالم، وَإِن الأفلاك السَّبْعَة هِيَ الفاعلة وَإِن الظلمَة والنور خالقان، وَقَول من زعم: إِن الْعَرْش هُوَ الْخَالِق. وفسدت جَمِيع هَذِه الْأَقْوَال بِقِيَام الدَّلِيل على حُدُوث ذَلِك كُله وافتقاره إِلَى مُحدث لِاسْتِحَالَة وجود مُحدث لَا مُحدث لَهُ، كاستحالة وجود مَضْرُوب لَا ضَارب لَهُ، وَكتاب الله عز وَجل شَاهد بِصِحَّة هَذَا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {ياأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السَّمَآءِ وَالاَْرْضِ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} فنفى كل خَالق سواهُ والآيات فِيهِ كَثِيرَة.
وهْوَ فِعْلُ الرَّبِّ تبارَكَ وَتَعَالَى وأمْرُهُ، فالرَّبُّ بِصِفاتِهِ وفِعْلِهِ وأمْرِهِ وكَلاَمِهِ وهْوَ الخالِقُ هُوَ المُكَوِّنُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَمَا كانَ بِفِعْلِهِ وأمرِهِ وتَخْليقِهِ وتَكْوِينِهِ فَهُوَ مَفْعُولٌ ومَخْلُوقٌ ومُكَوَّنٌ.
وَهُوَ أَي الْخَالِق أَو التخليق بِاعْتِبَار الرِّوَايَتَيْنِ فعل الرب وَأمره أَي بقول: كن. قَوْله: بصفاته كالقدرة وَفعله أَي: خلقه. قَوْله: وَكَلَامه من عطف الْعَام على الْخَاص لِأَن المُرَاد بِالْأَمر هُنَا هُوَ قَوْله: كن، وَهُوَ من جملَة كَلَامه، وَسقط فِي بعض النّسخ قَوْله: وَفعله. قَالَ الْكرْمَانِي: وَهُوَ أولى ليَصِح لفظ غير مَخْلُوق. قَوْله: هُوَ المكون بِكَسْر الْوَاو، وَاخْتلف فِي التكوين هَل هِيَ صفة فعل قديمَة أَو حَادِثَة؟ فَقَالَ جمع من السّلف مِنْهُم أَبُو حنيفَة. رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: هِيَ قديمَة، وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُم ابْن كلاب والأشعري: هِيَ حَادِثَة لِئَلَّا يلْزم أَن يكون الْمَخْلُوق قَدِيما، وَأَجَابُوا بِأَنَّهُ يُوجد فِي الْأَزَل صفة الْخلق وَلَا مَخْلُوق. قَوْله:

(25/138)


وَمَا كَانَ بِفِعْلِهِ وَأمره الخ فَائِدَة تكْرَار هَذِه الْأَلْفَاظ بَيَان اتِّحَاد مَعَانِيهَا وَجَوَاز الْإِطْلَاق عَلَيْهِ. قَوْله: مكون بِفَتْح الْوَاو الْمُشَدّدَة.

7452 - حدّثنا سَعِيدُ بنُ أبي مَرْيَمَ، أخبرنَا مُحَمَّدُ بنُ جعْفَرٍ، أَخْبرنِي شَرِيكُ بنُ عَبْدِ الله ابنِ أبي نَمِرٍ، عنْ كُرَيْبٍ، عنِ ابنِ عَبَّاس قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ لَيْلَةً والنبيُّ عِنْدَها لأنْظُرَ كَيْفَ صَلاَةُ رسولِ الله باللَّيْلِ فَتَحَدَّثَ رسولُ الله مَعَ أهْلِهِ ساعَةً ثُمَّ رَقَدَ فَلَمَّا كانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ أوْ بَعْضُهُ قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّماءِ، فَقَرَأ: {إِن فِي خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض} إِلَى قَوْله {لأولي الْأَلْبَاب} ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأ واسْتَنَّ ثُمَّ صَلّى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أذَّنَ بِلاَلٌ بالصَّلاَةِ فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلّى لِلنَّاسِ الصُّبْحَ.
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي الْآيَة ظَاهِرَة.
وَقد مضى هَذَا الحَدِيث بِهَذَا السَّنَد والمتن فِي تَفْسِير سُورَة آل عمرَان، وكرره لأجل التَّرْجَمَة.
قَوْله: أَو بعضه وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أَو نصفه. قَوْله: واستن أَي: استاك.

28 - (بابٌ {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} )

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: ؤ إِ الْآيَة الْكَلِمَة الَّتِي سبقت هِيَ كلمة الله بِالْقضَاءِ الْمُتَقَدّم مِنْهُ قبل أَن يخلق خلقه فِي أم الْكتاب الَّذِي جرى بِهِ الْقَلَم للمرسلين: أَنهم لَهُم المنصورون فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.

7453 - حدّثنا إسْماعِيلُ، حدّثني مالِكٌ عنْ أبي الزِّنادِ، عنِ الأعْرَجِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ، رَضِي الله عَنهُ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لمّا قَضَى الله الخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ إنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: سبقت
وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس، وَأَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي النعوت عَن شُعَيْب بن شُعَيْب.
قَوْله: لما قضى الله الْخلق أَي: لما أتمه كتب عِنْده أَي: أثبت فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ. قيل: صِفَاته تَعَالَى قديمَة كَيفَ يتَصَوَّر السَّبق بَين الرَّحْمَة وَالْغَضَب؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُمَا من صِفَات الْفِعْل لَا من صِفَات الذَّات، فَجَاز سبق أحد الْفِعْلَيْنِ على الآخر، وَذَلِكَ لِأَن إِيصَال الْخَيْر من مقتضيات صفته بِخِلَاف غَيره فَإِنَّهُ بِسَبَب مَعْصِيّة العَبْد.

7454 - حدّثنا آدَمُ، حدّثنا شُعْبَةُ، حَدثنَا الأعْمَشُ سَمِعْتُ زَيْدَ بنَ وهْبٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ مَسْعُودٍ، رَضِي الله عَنهُ، حدّثنا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ أنَّ خَلْقَ أحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْماً وأرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَة مِثْلَهُ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يُبْعَثُ إلَيْهِ المَلَكُ فَيُؤْذَنُ بأرْبَعِ كَلِماتٍ فَيَكْتُبُ: رِزِقَهُ وأجَلَهُ وعَمَلَهُ وشَقِيٌّ أمْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، فإنَّ أحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ حتَّى لَا يَكُونُ بَيْنَهَا وبَيْنَهُ إلاّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ، وإنَّ أحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ حتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَها وبَيْنَهُ إلاّ ذِراعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتابُ فَيَعْمَلُ عَمَلَ أهْلِ الجَنّةِ فَيَدْخُلُها

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فَيَسْبق عَلَيْهِ الْكتاب
وآدَم هُوَ ابْن أبي إِيَاس.
والْحَدِيث مضى فِي كتاب بَدْء الْخلق عَن الْحسن بن الرّبيع وَفِي خلق آدم عَن عمر بن حَفْص وَفِي الْقدر عَن أبي الْوَلِيد وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: الصَّادِق أَي: فِي نَفسه والمصدق من عِنْد الله. قَوْله: يجمع معنى جمعهَا هُوَ أَن النُّطْفَة إِذا وَقعت فِي الرَّحِم وَأَرَادَ الله أَن يخلق مِنْهَا بشرا طارت فِي أَطْرَاف الْمَرْأَة

(25/139)


تَحت كل شَعْرَة وظفر فيمكث أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ ينزل دَمًا فِي الرَّحِم، فَذَلِك هُوَ معنى جمعهَا. قَوْله: الْكتاب أَي: مَا قدر عَلَيْهِ. قَوْله: إلاَّ ذِرَاع المُرَاد بِهِ التَّمَسُّك بِقُرْبِهِ إِلَى الْمَوْت.
وَفِيه: أَن الْأَعْمَال من الْحَسَنَات والسيئات إمارات لَا مُوجبَات، وَأَن مصير الْأَمر فِي الْعَاقِبَة إِلَى مَا سبق بِهِ الْقَضَاء وَجرى بِهِ التَّقْدِير.

7455 - حدّثنا خَلاَّدُ بنُ يَحْياى، حَدثنَا عُمَرُ بنُ ذَرَ، سَمِعْتُ أبي يُحَدِّثُ عنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا، أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَا جِبْرِيلُ مَا يَمْنَعُكَ أنْ تَزُورَنا أكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنا؟ فَنَزَلَتْ {وَمَا تنزل إِلَّا بِأَمْر رَبك لَهُ مَا بَين أَيْدِينَا وَمَا خلفنا} إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
قَالَ: هاذَا كانَ الجَوَابَ لِمُحَمَّدٍ
انْظُر الحَدِيث 3218 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذالِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} لِأَن المُرَاد بِأَمْر رَبك بِكَلَامِهِ، وَقيل: هِيَ مستفادة من التنزل لِأَنَّهُ إِنَّمَا يكون بِكَلِمَات أَي بوحيه.
وَشَيخ البُخَارِيّ خَلاد بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد اللَّام ابْن يحيى بن صَفْوَان أَبُو مُحَمَّد السّلمِيّ الْكُوفِي سكن مَكَّة، وَعمر بن ذَر بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء الْهَمدَانِي الْكُوفِي يروي عَن أَبِيه ذَر بن عبد الله الْهَمدَانِي الْكُوفِي.
والْحَدِيث مضى فِي تَفْسِير سُورَة مَرْيَم فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي نعيم عَن عمر بن ذَر إِلَى آخِره. وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: {لَهُ مَا بَين أَيْدِينَا} أَمر الْآخِرَة {وَمَا خلقنَا} أَمر الدُّنْيَا، وَمَا بَين ذَلِك البرزخ بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
قَوْله: هَذَا كَانَ الْجَواب لمُحَمد، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: كَانَ هَذَا الْجَواب لمُحَمد، وَهَذَا الْمِقْدَار زَائِد على الرِّوَايَة الْمَاضِيَة فِي التَّفْسِير.

7456 - حدّثنا يَحْياى، حدّثنا وكِيعٌ، عنِ الأعْمَشِ، عنْ إبْرَاهِيمَ، عنْ عَلْقَمَةَ، عنْ عَبْدِ الله قَالَ: كُنْتُ أمْشِي مَعَ رَسولِ الله فِي حَرْثٍ بِالمَدِينَةِ، وهْوَ مُتَّكِىءٌ عَلى عَسيبٍ، فَمَرَّ بِقَوْمٍ مِنَ اليَهُودِ فَقَالَ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عنِ الرُّوحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَسألُوهُ عنِ الرُّوحِ، فَسألُوهُ فقامَ مُتَوَكِّئاً عَلى العَسِيبِ وَأَنا خَلْفَهُ، فَظَنَنْتُ أنَّهُ يُوحَى إلَيْهِ، فَقَالَ: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَآ أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْض: قَدْ قُلْنا لَكُمْ: لَا تَسْألوهُ.
ا
هَذَا الحَدِيث مضى فِي كتاب الْعلم. وَترْجم عَلَيْهِ بقوله: {وَمَا أُوتِيتُمْ وَمن الْعلم إِلَّا قَلِيلا} وَلم أر أحدا من الشُّرَّاح ذكر وَجه الْمُطَابقَة هُنَا، وخطر لي أَن تُؤْخَذ وَجه الْمُطَابقَة من قَوْله: الْآيَة. فَإِن فِيهَا {من أَمر رَبِّي} وَإنَّهُ قد سبق فِي علم الله تَعَالَى أَن أحدا لَا يُعلمهُ مَا هُوَ وَأَن علمه عِنْد الله.
وَشَيخ البُخَارِيّ يحيى، قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ إِمَّا ابْن مُوسَى الختن بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الفوقانية، وَإِمَّا ابْن جَعْفَر الْبَلْخِي، وَجزم بِهِ بَعضهم بِأَنَّهُ ابْن جَعْفَر، وَلَا دَلِيل على جزمه عِنْد الِاحْتِمَال الْقوي.
قَوْله: فِي حرث بالثاء الْمُثَلَّثَة هُوَ الزَّرْع، وَفِي الرِّوَايَة الْمُتَقَدّمَة فِي الْعلم: فِي خرب، بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَكسر الرَّاء وبالباء الْمُوَحدَة. قَوْله: وَهُوَ متكىء الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: على عسيب بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر السِّين الْمُهْملَة: الْقَضِيب، وَرُبمَا يكون من جريد. قَوْله: فَظَنَنْت قَالَ الدَّاودِيّ: مَعْنَاهُ أيقنت وَالظَّن يكون يَقِينا وشكا، وَهُوَ من الأضداد وَيدل على صِحَة هَذَا التَّأْوِيل أَن فِي الحَدِيث الَّذِي بعد هَذَا: فَعلمت أَنه يُوحى إِلَيْهِ، وَيجوز أَن يكون هَذَا الظَّن على بَابه، وَيكون ظن ثمَّ تحَققه وَهُوَ الْأَظْهر.

7457 - حدّثني إسْماعِيلُ، حدّثني مَالِكٌ عنْ أبي الزِّنادِ، عنِ الأعْرَجِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رسولَ الله قَالَ: تَكَفَّلَ الله لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبيِلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إلاّ الجِهادُ فِي سَبِيلِهِ،

(25/140)


وتَصْدِيقُ كَلِماتِهِ بأنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ أوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الّذِي خَرَجَ مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ مِنْ أجْرٍ أوْ غَنِيمَةٍ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: وتصديق كَلِمَاته
وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس وَقد مر بَقِيَّة الرِّجَال عَن قريب.
والْحَدِيث مضى فِي الْخمس عَن إِسْمَاعِيل أَيْضا. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْجِهَاد عَن مُحَمَّد بن مسلمة وَغَيره.
قَوْله: تكفل الله من بَاب التَّشْبِيه أَي: كالكفيل أَي: كَأَنَّهُ أكْرم بملابسة الشَّهَادَة إِدْخَال الْجنَّة وبملابسة السَّلامَة الْمرجع بِالْأَجْرِ وَالْغنيمَة أَي: أوجب تفضلاً على ذَاته، يَعْنِي: لَا يَخْلُو من الشَّهَادَة أَو السَّلامَة، فعلى الأول: يدْخل الْجنَّة بعد الشَّهَادَة فِي الْحَال، وعَلى الثَّانِي: لَا يَنْفَكّ عَن أجر أَو غنيمَة مَعَ جَوَاز الِاجْتِمَاع بَينهمَا إِذْ هِيَ قَضِيَّة مَانِعَة الْخُلُو لَا مَانِعَة الْجمع. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْمُؤْمِنُونَ كلهم يدخلهم الْجنَّة. ثمَّ أجَاب بقوله: يَعْنِي يدْخلهُ عِنْد مَوته أَو عِنْد دُخُول السَّابِقين بِلَا حِسَاب وَلَا عَذَاب. قَوْله: أَو يرجعه بِفَتْح الْيَاء لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ.

7458 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ، حدّثنا سُفيانُ، عنِ الأعْمَشِ، عنْ أبي وائِلٍ، عنْ أبي مُوسَى قَالَ: جاءَ رجُلٌ إِلَى النبيِّ فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقاتِلُ حَمِيَّةً، ويُقاتِلُ شَجاعَةً، ويُقاتِلُ رِياءً، فأيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ الله؟ قَالَ: مَنْ قاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ الله هِيَ العلْيا فَهْوَ فِي سَبيلِ الله
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: لتَكون كلمة الله
وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة. وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عبد الله بن قيس.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي: بَاب من قَاتل لتَكون كلمة الله هِيَ الْعليا، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن عَمْرو عَن أبي وَائِل ... الخ.
قَوْله: حمية أَي: أَنَفَة ومحافظة على ناموسه. قَوْله: لتَكون كلمة الله أَي: كلمة التَّوْحِيد، أَو حكم الله بِالْجِهَادِ.
(
(بَاب قَوْلِ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا قَوْلنَا لشَيْء إِذا أردناه} )
أَي: هَذَا بَاب فِي قَول الله تَعَالَى: وَقد وَقع فِي كثير من النّسخ: إِنَّمَا أمرنَا لشَيْء وَالْقُرْآن: نِنّ وَكَذَا فِي نسختنا، وَكَذَا وَقع على الصَّوَاب بِبّ عِنْد أبي ذَر، وَعَلِيهِ شرح ابْن التِّين، ثمَّ التَّرْجَمَة هَذَا الْمِقْدَار الْمَذْكُور عِنْد أبي ذَر، وَزَاد غَيره: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وَنقص فِي رِوَايَة أبي زيد الْمروزِي: {إِذا أردنَا} وَمعنى الْآيَة: إِنَّمَا قَوْلنَا لشَيْء إِذا أردنَا أَن نخرجهُ من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود قَوْله: فَيكون قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فَهُوَ يكون. وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ مَعْطُوف على: نقُول، وغرض البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب الرَّد على الْمُعْتَزلَة فِي قَوْلهم: إِن أَمر الله الَّذِي هُوَ كَلَامه مَخْلُوق، وَإِن وَصفه تَعَالَى نَفسه بِالْأَمر وبالقول فِي هَذِه الْآيَة مجَاز واتساع كَمَا فِي امْتَلَأَ الْحَوْض وَمَال الْحَائِط، وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ فَاسد لِأَنَّهُ عدُول عَن ظَاهر الْآيَة وَحملهَا على حَقِيقَتهَا إِثْبَات كَونه تَعَالَى حَيا، والحي لَا يَسْتَحِيل أَن يكون متكلماً.

7458 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ، حدّثنا سُفيانُ، عنِ الأعْمَشِ، عنْ أبي وائِلٍ، عنْ أبي مُوسَى قَالَ: جاءَ رجُلٌ إِلَى النبيِّ فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقاتِلُ حَمِيَّةً، ويُقاتِلُ شَجاعَةً، ويُقاتِلُ رِياءً، فأيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ الله؟ قَالَ: مَنْ قاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ الله هِيَ العلْيا فَهْوَ فِي سَبيلِ الله
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: لتَكون كلمة الله
وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة. وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عبد الله بن قيس.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي: بَاب من قَاتل لتَكون كلمة الله هِيَ الْعليا، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن عَمْرو عَن أبي وَائِل ... الخ.
قَوْله: حمية أَي: أَنَفَة ومحافظة على ناموسه. قَوْله: لتَكون كلمة الله أَي: كلمة التَّوْحِيد، أَو حكم الله بِالْجِهَادِ.
(
(بَاب قَوْلِ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا قَوْلنَا لشَيْء إِذا أردناه} )
أَي: هَذَا بَاب فِي قَول الله تَعَالَى: وَقد وَقع فِي كثير من النّسخ: إِنَّمَا أمرنَا لشَيْء وَالْقُرْآن: نِنّ وَكَذَا فِي نسختنا، وَكَذَا وَقع على الصَّوَاب بِبّ عِنْد أبي ذَر، وَعَلِيهِ شرح ابْن التِّين، ثمَّ التَّرْجَمَة هَذَا الْمِقْدَار الْمَذْكُور عِنْد أبي ذَر، وَزَاد غَيره: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وَنقص فِي رِوَايَة أبي زيد الْمروزِي: {إِذا أردنَا} وَمعنى الْآيَة: إِنَّمَا قَوْلنَا لشَيْء إِذا أردنَا أَن نخرجهُ من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود قَوْله: فَيكون قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فَهُوَ يكون. وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ مَعْطُوف على: نقُول، وغرض البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب الرَّد على الْمُعْتَزلَة فِي قَوْلهم: إِن أَمر الله الَّذِي هُوَ كَلَامه مَخْلُوق، وَإِن وَصفه تَعَالَى نَفسه بِالْأَمر وبالقول فِي هَذِه الْآيَة مجَاز واتساع كَمَا فِي امْتَلَأَ الْحَوْض وَمَال الْحَائِط، وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ فَاسد لِأَنَّهُ عدُول عَن ظَاهر الْآيَة وَحملهَا على حَقِيقَتهَا إِثْبَات كَونه تَعَالَى حَيا، والحي لَا يَسْتَحِيل أَن يكون متكلماً.

7458 - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ، حدّثنا سُفيانُ، عنِ الأعْمَشِ، عنْ أبي وائِلٍ، عنْ أبي مُوسَى قَالَ: جاءَ رجُلٌ إِلَى النبيِّ فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقاتِلُ حَمِيَّةً، ويُقاتِلُ شَجاعَةً، ويُقاتِلُ رِياءً، فأيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ الله؟ قَالَ: مَنْ قاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ الله هِيَ العلْيا فَهْوَ فِي سَبيلِ الله
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: لتَكون كلمة الله
وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة. وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عبد الله بن قيس.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي: بَاب من قَاتل لتَكون كلمة الله هِيَ الْعليا، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن عَمْرو عَن أبي وَائِل ... الخ.
قَوْله: حمية أَي: أَنَفَة ومحافظة على ناموسه. قَوْله: لتَكون كلمة الله أَي: كلمة التَّوْحِيد، أَو حكم الله بِالْجِهَادِ.
(
(بَاب قَوْلِ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا قَوْلنَا لشَيْء إِذا أردناه} )
أَي: هَذَا بَاب فِي قَول الله تَعَالَى: وَقد وَقع فِي كثير من النّسخ: إِنَّمَا أمرنَا لشَيْء وَالْقُرْآن: نِنّ وَكَذَا فِي نسختنا، وَكَذَا وَقع على الصَّوَاب بِبّ عِنْد أبي ذَر، وَعَلِيهِ شرح ابْن التِّين، ثمَّ التَّرْجَمَة هَذَا الْمِقْدَار الْمَذْكُور عِنْد أبي ذَر، وَزَاد غَيره: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} وَنقص فِي رِوَايَة أبي زيد الْمروزِي: {إِذا أردنَا} وَمعنى الْآيَة: إِنَّمَا قَوْلنَا لشَيْء إِذا أردنَا أَن نخرجهُ من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود قَوْله: فَيكون قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فَهُوَ يكون. وَقَالَ الْأَخْفَش هُوَ مَعْطُوف على: نقُول، وغرض البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب الرَّد على الْمُعْتَزلَة فِي قَوْلهم: إِن أَمر الله الَّذِي هُوَ كَلَامه مَخْلُوق، وَإِن وَصفه تَعَالَى نَفسه بِالْأَمر وبالقول فِي هَذِه الْآيَة مجَاز واتساع كَمَا فِي امْتَلَأَ الْحَوْض وَمَال الْحَائِط، وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ فَاسد لِأَنَّهُ عدُول عَن ظَاهر الْآيَة وَحملهَا على حَقِيقَتهَا إِثْبَات كَونه تَعَالَى حَيا، والحي لَا يَسْتَحِيل أَن يكون متكلماً.

7459 - حدّثنا شِهابُ بنُ عَبَّادٍ، حدّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ حُمَيْدٍ، عنْ إسْماعِيلَ عنْ قَيْسٍ، عنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ ظاهِرِينَ عَلى النَّاسِ حتَّى يأْتِيَهُمْ أمْرُ الله
انْظُر الحَدِيث 3640 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: حَتَّى يَأْتِيهم أَمر الله
وشهاب بن عباد بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الْكُوفِي، وَإِبْرَاهِيم بن حميد بن عبد الرَّحْمَن الرُّؤَاسِي الْكُوفِي يروي عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد البَجلِيّ الْكُوفِي عَن قيس بن أبي حَازِم عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة.
والْحَدِيث مضى فِي الِاعْتِصَام فِي: بَاب لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق.
قَوْله: ظَاهِرين أَي: غَالِبين على سَائِر النَّاس بالبرهان أَو بِهِ أَو بِالسِّنَانِ. قَوْله: على النَّاس ويروى: على الْخلق، وَقَالَ البُخَارِيّ فِيمَا مضى: وهم أهل الْعلم. قَوْله: حَتَّى يَأْتِيهم أَمر الله أَي: يَوْم الْقِيَامَة أَو علاماتها.

(25/141)


7460 - حدّثنا الحُمَيْدِيُّ، حدّثنا الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ، حدّثنا ابنُ جابِرٍ، حدّثني عُمَيْرُ بنُ هانِىءٍ أنَّهُ سَمِعَ مُعاوِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قائِمَةٌ بأمْرِ الله، مَا يَضُرُّهُمْ مَنْ كَذَّبَهُمْ وَلَا مَنْ خالَفَهُمْ، حتَّى يأتِيَ أمْرُ الله وهُمْ عَلى ذَلِكَ
فَقَالَ مالِكُ بنُ يُخامِرَ: سَمِعْتُ مُعاذاً يَقُولُ: وهُمْ بالشّأْمِ؛ فَقَالَ مُعاوِيَةُ: هاذَا مَالِكٌ يَزْعُمُ أنّهُ سَمِعَ مُعاذاً يَقُولُ: وهُمْ بالشّأْمِ.
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مُطَابقَة الحَدِيث السَّابِق.
والْحميدِي هُوَ عبد الله بن الزبير مَنْسُوب إِلَى أجداده حميد، والوليد بن مُسلم الْأمَوِي الدِّمَشْقِي، وَابْن جَابر هُوَ عبد الرَّحْمَن بن زيد بن جَابر الْأَسدي الشَّامي، وَعُمَيْر مصغر عَمْرو بن هانىء بالنُّون بعد الْألف الشَّامي.
والْحَدِيث مضى فِي عَلَامَات النُّبُوَّة فِي: بَاب سُؤال الْمُشْركين أَن يُرِيهم النَّبِي، آيَة، بِهَذَا السَّنَد والمتن، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: قَائِمَة بِأَمْر الله يَعْنِي: بِحكم الله، يَعْنِي: الْحق. قَوْله: حَتَّى يَأْتِي أَمر الله يَعْنِي: الْقِيَامَة. قَوْله: وهم على ذَلِك الْوَاو فِيهِ للْحَال. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْمعرفَة إِذا أُعِيدَت معرفَة تكون عين الأولى، ثمَّ أجَاب بِأَنَّهُ إِذا لم تكن قرينَة مُوجبَة للمغايرة أَو ذَلِك إِنَّمَا هُوَ فِي الْمُعَرّف بِاللَّامِ فَقَط.
قَوْله: فَقَالَ مَالك بن يخَامر بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالخاء الْمُعْجَمَة وَكسر الْمِيم وبالراء الشَّامي. قَوْله: معَاذًا يَعْنِي: معَاذ بن جبل، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

7461 - حدّثنا أبُو اليَمانِ، أخبرنَا شُعَيْبٌ، عنْ عَبْدِ الله بنِ أبي حُسَيْنٍ، حدّثنا نافِعُ بنُ جُبَيْرٍ، عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَقَفَ النبيُّ عَلى مُسَيْلِمَةَ فِي أصْحابِهِ فَقَالَ: لوْ سألْتَنِي هاذِهِ القِطْعَةَ مَا أعْطَيْتُكَها، ولَنْ تَعْدُو أمْرَ الله فِيكَ، ولَئِنْ أدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ الله
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وَلنْ تعدو أَمر الله فِيك
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَعبد الله بن أبي حُسَيْن هُوَ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي حُسَيْن الْمَكِّيّ الْقرشِي النَّوْفَلِي، وَنَافِع بن جُبَير بن مطعم عَن عبد الله بن عَبَّاس.
والْحَدِيث مضى فِي عَلَامَات النُّبُوَّة بِهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه بأتم وأطول مِنْهُ، وأوله: قدم مُسَيْلمَة الْكذَّاب على عهد رَسُول الله، فَجعل يَقُول: إِن جعل لي مُحَمَّد الْأَمر من بعده تَبعته، وَقد بثها فِي بشر كثير من قومه، فَأقبل إِلَيْهِ رَسُول الله وَمَعَهُ ثَابت بن قيس بن شماس، وَفِي يَد رَسُول الله قِطْعَة جريد، حَتَّى وقف على مُسَيْلمَة فِي أَصْحَابه فَقَالَ: لَو سَأَلتنِي هَذِه الْقطعَة مَا أعطيتكها، وَلنْ تعدو أَمر الله فِيك، وَلَئِن أَدْبَرت ليَعْقِرنك الله الحَدِيث.
قَوْله: وَلنْ تعدو أَمر الله فِيك أَي: مَا قدره عَلَيْك من الشقاوة أَو السَّعَادَة. قَوْله: وَلَئِن أَدْبَرت أَي: أَعرَضت عَن الْإِسْلَام ليَعْقِرنك الله أَي: ليهلكنك. وَقيل: أَصله من عقر النّخل وَهُوَ أَن تقطع رؤوسها فتيبس، ويروى: ليعذبنك الله.

7462 - حدّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ، عنْ عَبْدِ الواحِدِ، عنِ الأعْمَشِ، عنْ إبْرَاهِيمَ، عنْ عَلْقَمَةَ عنِ ابنِ مَسْعُودٍ قَالَ: بَيْنا أَنا أمْشِي مَعَ النبيِّ فِي بَعْضِ حَرْثِ المَدِينَةِ، وهْوَ يَتَوَكَّأ عَلى عَسِيبٍ مَعهُ، فَمَرَرْنا عَلى نَفَرٍ مِنَ اليَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عنِ الرُّوحِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَسْألُوهُ أنْ يَجِيءَ فِيهِ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ. فَقَالَ بَعْضَهُمْ: لَنَسْألَنَّهُ، فقامَ إلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ: يَا أَبَا القاسِمِ مَا الرُّوحُ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ النبيُّ فَعَلِمْتُ أنّهُ يُوحاى إلَيْهِ، فَقَالَ: {وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّى وَمَآ أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}
قَالَ الأعْمَشُ: هاكذا فِي قِرَاءَتِنا.
ا

(25/142)


هَذَا الحَدِيث قد مضى قبل هَذَا الْبَاب عَن قريب أخرجه عَن يحيى عَن وَكِيع عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة بن عبد الله، وَهنا أخرجه عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل الْبَصْرِيّ الَّذِي يُقَال لَهُ التَّبُوذَكِي، وَعبد الْوَاحِد هُوَ ابْن زِيَاد يروي عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن عَلْقَمَة عَن قيس عَن عبد الله بن مَسْعُود.
قَوْله: فِي بعض حرث أَي: زرع، ويروى: فِي خرب، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الرَّاء وَقد تقدم هَذَا عَن قريب. قَوْله: سلوه عَن الرّوح اخْتلفُوا فِي الرّوح المسؤول عَنْهَا، فَقيل: هِيَ الرّوح الَّتِي تقوم بهَا الْحَيَاة، وَقيل: الرّوح الْمَذْكُورَة فِي قَوْله تَعَالَى: {يَوْم يقوم الرّوح وَالْمَلَائِكَة صفا} وَالْأول هُوَ الظَّاهِر. قَوْله: {وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم إِلَّا قَلِيلا} كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني {وَمَا أُوتِيتُمْ} على وفْق الْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة وَيُؤَيّد الأول قَول الْأَعْمَش: هَكَذَا فِي قراءتنا وَقَالَ ابْن بطال: غَرَضه الرَّد على الْمُعْتَزلَة فِي زعمهم أَن أَمر الله مَخْلُوق، فَبين أَن الْأَمر هُوَ قَوْله تَعَالَى للشَّيْء: {كن فَيكون} ، وَغَيرهَا بأَمْره لَهُ فَإِن أمره وَقَوله بِمَعْنى وَاحِد، وَإنَّهُ بقول: كن، حَقِيقَة وَإِن الْأَمر غير الْخلق لعطفه عَلَيْهِ بِالْوَاو فِي قَوْله: {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر}

30

- (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّى وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً} {ياأَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً}
{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِى الَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالاَْمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} )
هَذَا بَاب فِي قَول الله عز وَجل ... الخ قَوْله تَعَالَى: {قل لَو كَانَ الْبشر} سَاق الْآيَة كلهَا فِي رِوَايَة كَرِيمَة، وَفِي رِوَايَة أبي زيد الْمروزِي {قل لَو كَانَ الْبشر مداداً لكلمات رَبِّي} إِلَى آخر الْآيَة، وَسبب نُزُوله أَن الْيَهُود قَالُوا: لما نزل قَوْله آأؤ إِ ئ ا 0 الْإِسْرَاء: 85 ف كَيفَ وَقد أوتينا التَّوْرَاة وفيهَا علم كل شَيْء، فَنزلت هَذِه الْآيَة، وَالْمعْنَى: لَو كَانَ الْبَحْر مداداً للقلم والقلم يكْتب لنفد الْبَحْر قبل أَن تنفد كَلِمَات رَبِّي لِأَنَّهَا أعظم من أَن يكون لَهَا أمد لِأَنَّهَا صفة من صِفَات ذَاته، فَلَا يجوز أَن يكون لَهَا غَايَة ومنتهى. وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره من طَرِيق أبي الجوزاء: لَو كَانَ كل شَجَرَة فِي الأَرْض أقلاماً والبحور مداداً لنفد المَاء وتكسرت الأقلام قبل أَن تنفد كَلِمَات الله تَعَالَى، وَعَن معمر عَن قَتَادَة: إِن الْمُشْركين قَالُوا فِي هَذَا الْقُرْآن: يُوشك أَن ينْفد، فَنزلت، والنفاد الْفَرَاغ وَسمي المداد مداداً لإمداده الْكَاتِب، وَأَصله من الزِّيَادَة. فَإِن قلت: الْكَلِمَات لأَقل الْعدَد وأقلها عشرَة فَمَا دونهَا، فَكيف جَاءَ هُنَا؟ قلت: الْعَرَب تَسْتَغْنِي بِالْجمعِ الْقَلِيل عَن الْكثير وَبِالْعَكْسِ. قَالَ تَعَالَى: {وهم فِي الْفرْقَان آمنون} وغرف الْجنَّة أَكثر من أَن تحصى. قَوْله: أَي: بِمثل الْبَحْر زِيَادَة. فَإِن قلت: قَالَ فِي أول الْآيَة: مداداً، وَفِي آخرهَا: مدَدا، وَكِلَاهُمَا بِمَعْنى واشتقاقهما غير مُخْتَلف؟ قلت: لِأَن الثَّانِيَة آخر الْآيَة، فروعي فِيهَا السجع وَهُوَ الَّذِي يُقَال فِي الْقُرْآن الفواصل، وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس وَسَعِيد بن جُبَير وَمُجاهد وَقَتَادَة: مداداً مثل الأول.
قَوْله: {وَلَو أَن مَا فِي الأَرْض من شَجَرَة أقلامٍ} الْآيَة، وَسبب نزُول هَذِه الْآيَة أَن الْمُشْركين قَالُوا: الْقُرْآن كَلَام قَلِيل يُوشك أَن ينْفد، فَنزلت، وَمعنى الْآيَة: لَو كَانَ شجر الأَرْض أقلاماً وَكَانَ الْبَحْر وَمَعَهُ سَبْعَة أبحر مداداً مَا نفدت كَلِمَات الله، وَقيل: فِيهِ حذف تَقْدِيره: فَكتبت بِهَذِهِ الأقلام وَهَذِه الأبحر كَلِمَات الله تَعَالَى لتكسرت الأقلام ونفدت البحور وَلم تنفد كَلِمَات الله. قَوْله: {من بعده} أَي: من خَلفه تكْتب. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الْبَحْر هُنَا العذب فَأَما الْملح فَلَا تثبت فِيهِ الأقلام.
قَوْله: {إِن ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَاوَات} الْآيَة بَين الله عز وَجل أَن الْمُنْفَرد بقدرة الإيجاد هَذَا الَّذِي يجب أَن يعبد دون غَيره، وَاخْتلفُوا أَي يَوْم بَدَأَ بالخلق على ثَلَاثَة أَقْوَال: أَحدهَا: يَوْم السبت، كَمَا جَاءَ فِي صَحِيح مُسلم وَالثَّانِي: يَوْم الْأَحَد، قَالَه عبد الله بن سَلام وَكَعب وَالضَّحَّاك وَمُجاهد وَاخْتَارَهُ ابْن جرير الطَّبَرِيّ، وَبِه يَقُول أهل التَّوْرَاة. الثَّالِث: يَوْم الِاثْنَيْنِ، قَالَه إِسْحَاق وَبِه يَقُول أهل الْإِنْجِيل، وَمعنى

(25/143)


قَوْله: هًهٌ هٍ أَي: مِقْدَار ذَلِك لِأَن الْيَوْم يعرف بِطُلُوع الشَّمْس، وغروبها، وَلم يكن يومئذٍ شمس وَلَا قمر، وَالْحكمَة فِي خلقهَا فِي سِتَّة أَيَّام مَعَ قدرته على خلقهَا فِي لَحْظَة وَاحِدَة لوجوه: الأول: أَنه أَرَادَ أَن يُوقع فِي كل يَوْم أمرا تستعظمه الْمَلَائِكَة وَمن يُشَاهِدهُ، وَهَذَا عِنْد من يَقُول: خلق الْمَلَائِكَة قبل السَّمَوَات وَالْأَرْض. وَالثَّانِي: ليعلم عباده التثبت فِي الْأُمُور فالتثبت أبلغ فِي الْحِكْمَة والتعجيل أبلغ فِي الْقُدْرَة. الثَّالِث: أَن الْإِمْهَال فِي خلق شَيْء بعد شَيْء أبعد من أَن يظنّ أَن ذَلِك وَقع بالطبع أَو بالِاتِّفَاقِ. الرَّابِع: ليعلمنا بذلك الْحساب. لِأَن أصل الْحساب من سِتَّة، وَمِنْه يتَفَرَّع سَائِر الْأَعْدَاد. قَوْله: {ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش} قد ذكرنَا معنى الاسْتوَاء عَن قريب، وَخص الْعَرْش بذلك لِأَنَّهُ أعظم الْمَخْلُوقَات، وَالْعرش فِي اللُّغَة: السرير، قَالَه الْخَلِيل. قَوْله: {يغشى اللَّيْل وَالنَّهَار} الإغشاء إلباس الشَّيْء الشَّيْء. وَقَالَ الزّجاج: الْمَعْنى أَن اللَّيْل يَأْتِي على النَّهَار فيغطيه، وَإِنَّمَا لم يقل: ويغشى النَّهَار اللَّيْل، لِأَن فِي الْكَلَام دَلِيلا، عَلَيْهِ كَقَوْلِه: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلَالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} قَالَ فِي مَوضِع آخر: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ الَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى الَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى لاَِجَلٍ مُّسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} قَوْله: {يَطْلُبهُ حثيثاً} أَي: يطْلب اللَّيْل النَّهَار محثوثاً أَي: بالسرعة. قَوْله: {مسخرات} أَي: مذللات لما يُرَاد مِنْهُنَّ من طُلُوع وأفول وسير على حسب الْإِرَادَة. قَوْله: {أَلا لَهُ الْخلق وَالْأَمر} وَالْغَرَض من إِيرَاد الْآيَة هُنَا هُوَ أَن يعلم أَن الْأَمر غير الْخلق لِأَن بَينهمَا حرف الْعَطف، وَعَن ابْن عُيَيْنَة: فرق بَين الْخلق وَالْأَمر فَمن جمع بَينهمَا فقد كفر أَي: من جعل الْأَمر من جملَة مَا خلقه فقد كفر، وَفِيه خلاف الْمُعْتَزلَة، وَمعنى هَذَا الْبَاب إِثْبَات الْكَلَام لله تَعَالَى صفة لذاته وَلم يزل متكلماً وَلَا يزَال كمعنى الْبَاب الَّذِي قبله، وَإِن كَانَ وصف الله كَلَامه بِأَنَّهُ كَلِمَات فَإِنَّهُ شَيْء وَاحِد لَا يتجزىء وَلَا يَنْقَسِم، وَكَذَلِكَ يعبر عَنهُ بعبارات مُخْتَلفَة تَارَة عَرَبِيَّة وَتارَة سريانية وبجميع الْأَلْسِنَة الَّتِي أنزلهَا الله على أنبيائه وَجعلهَا عبارَة عَن كَلَامه الْقَدِيم الَّذِي لَا يشبه كَلَام المخلوقين، وَلَو كَانَت كَلِمَاته مخلوقة لنفدت كَمَا ينْفد الْبحار وَالْأَشْجَار وَجَمِيع المحدثات، فَكَمَا لَا يحاط بوصفه تَعَالَى كَذَلِك لَا يحاط بكلماته وَجَمِيع صِفَاته.

7463 - حدّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ، أخبرنَا مالِكٌ، عنْ أبي الزِّناددِ عنِ الأعْرَجِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: تَكَفَّلَ الله لِمَنْ جاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ، إلاَّ الجِهادُ فِي سَبِيلِهِ وتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ أنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ أوْ يَرُدَّهُ إِلَى مَسْكَنِهِ بِما نالَ مِنْ أجْرٍ أوْ غَنِيمَةٍ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وتصديق كَلمته وَفِي رِوَايَة عَن أبي ذَر، كَلِمَاته، بِصِيغَة الْجمع.
والْحَدِيث مر عَن قريب بشرحه، وَأخرجه هُنَاكَ عَن إِسْمَاعِيل عَن مَالك.