كشف المشكل من
حديث الصحيحين (232) كشف الْمُشكل من مُسْند زَيْنَب بنت
أبي مُعَاوِيَة الثقفية
امْرَأَة ابْن مَسْعُود. أخرج لَهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ
حديثان.
2735 - / 3543 - فَفِي الحَدِيث الأول: أَنَّهَا قَالَت
لعبد الله: إِنَّك رجل خَفِيف ذَات الْيَد. وَهَذَا
كِنَايَة عَن الْفقر.
وَقد اسْتدلَّ أَصْحَابنَا بِهَذَا الحَدِيث على جَوَاز
دفع الْمَرْأَة زَكَاتهَا إِلَى زَوجهَا. وَفِيه عَن
أَحْمد رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهمَا: تجوز، كَقَوْل
الشَّافِعِي. وَالْأُخْرَى: لَا تجوز كَقَوْل أبي حنيفَة.
وَمن لم يجز ذَلِك حمل الحَدِيث على صَدَقَة التَّطَوُّع.
وَاحْتج من أجَاز بقولِهَا: أتجزي عني؟ والإجزاء إِنَّمَا
يكون فِي الْفَرْض. وَقد تَأَوَّلَه الْآخرُونَ فَقَالُوا:
الْمَعْنى: أتجزي فِي تَحْصِيل أجر الصَّدَقَة؟ .
2736 - / 3544 - وَفِي الحَدِيث الثَّانِي: " إِذا شهِدت
إحداكن الْعشَاء فَلَا تطيب تِلْكَ اللَّيْلَة ".
الْمَعْنى إِذا أَرَادَت شُهُود الْعشَاء. وَإِنَّمَا
نهاها عَن التَّطَيُّب لِأَن الطّيب ينم على صَاحبه
فَيُوجب الِالْتِفَات إِلَيْهَا.
(4/471)
(234) كشف الْمُشكل من مُسْند الرّبيع بنت
معوذ بن عفراء
أخرج لَهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ ثَلَاثَة أَحَادِيث.
2737 - / 3547 - فَفِي الحَدِيث الأول: " كُنَّا نَصُوم
صبياننا يَوْم عَاشُورَاء، ونجعل لَهُم اللعبة من العهن
نلهيهم.
قَالَ الزّجاج: العهن: الصُّوف. وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة:
هُوَ الصُّوف الْمَصْبُوغ.
وَفِي هَذَا الحَدِيث تدريج الصّبيان بالنفل إِلَى زمَان
فعل الْوَاجِب.
2738 - / 3549 - وَفِي حَدِيث للْبُخَارِيّ:
دخل عَليّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَدَاة بني
عَليّ.
يُقَال: بني الرجل على زَوجته: إِذا دخل بهَا. وَأَصله
أَنهم كَانُوا يضْربُونَ قبَّة لمن يدْخل بأَهْله. وَقد
سبق هَذَا.
(4/472)
وَالنَّدْب: ذكر الْمَوْتَى والتحزن
عَلَيْهِم.
وَفِي هَذَا الحَدِيث إِبَاحَة الضَّرْب بالدف فِي الْعرس.
(4/473)
(235) كشف الْمُشكل من مُسْند أم عَطِيَّة
الْأَنْصَارِيَّة
وَاسْمهَا نسيبة - بالنُّون المضمومة مَعَ فتح السِّين -
بنت كَعْب. وَفِي الصحابيات امْرَأَتَانِ يشاركانها فِي
هَذَا الِاسْم: نسيبة بنت رَافع بن الْمُعَلَّى، ونسيبة
بنت نيار بن الْحَارِث.
أما نسيبة بِفَتْح النُّون وَكسر السِّين فَثَلَاث: نسيبة
بنت ثَابت بن عصيمة، ونسيبة بنت سماك بن النُّعْمَان،
ونسيبة بنت كَعْب، وَهِي أم عمَارَة الْأَنْصَارِيَّة،
وَكَذَلِكَ سَمَّاهَا الْأَكْثَرُونَ - أَعنِي أم عمَارَة.
وَكَذَلِكَ ذكرهَا ابْن مَاكُولَا الْحَافِظ. وَقد ذكرهَا
ابْن إِسْحَاق فِي " الْمَغَازِي " فَقَالَ: لسينة
بِاللَّامِ المضمومة وبالنون، وَوَافَقَهُ الطَّبَرَانِيّ.
وَقد اتّفقت أم عَطِيَّة وَأم عمَارَة فِي اسْم الْأَب.
وَأخرج لأم عَطِيَّة فِي الصَّحِيحَيْنِ ثَمَانِيَة
أَحَادِيث.
2739 - / 3550 - فَفِي الحَدِيث الأول: دخل علينا رَسُول
الله حِين
(4/474)
توفيت ابْنَته فَقَالَ: " اغسلنها ثَلَاثًا
أَو خمْسا ".
هَذِه الْبِنْت هِيَ زَيْنَب.
وَفِي الحَدِيث اسْتِحْبَاب أَن تكون الغسلات وترا. وَقد
صرح بذلك فِي بعض الْأَلْفَاظ.
وَفِيه اسْتِحْبَاب الكافور فِي الغسلة الْأَخِيرَة،
وَهُوَ قَول الشَّافِعِي وَأحمد بن حَنْبَل. وَقَالَ أَبُو
حنيفَة: لَا يسْتَحبّ.
والحقو: الْإِزَار هَاهُنَا، وَالْأَصْل فِي الحقو معقد
الْإِزَار. وجميعه أَحَق وأحقاء وحقي. وَقيل للإزار: حقو؛
لِأَنَّهُ يشد على الحقو.
وَقَوله: " أشعرنها إِيَّاه " أَي اجعلنه مِمَّا يَلِي
جَسدهَا.
وَقَوله: ضفرنا شعرهَا ثَلَاثَة قُرُون. عندنَا أَن السّنة
أَن يضفر شعر الْميتَة ثَلَاثَة قُرُون ويلقى خلفهَا.
وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يكره ذَلِك، وَلَكِن ترسله الغاسلة
غير مضفور من بَين يَديهَا من الْجَانِبَيْنِ، وتسدل
خمارها عَلَيْهِ.
وَعِنْدنَا أَلا يسرح شعر الْمَيِّت، وَهُوَ قَول أبي
حنيفَة، فَيحمل قَول أم عَطِيَّة: مشطناها، على ضفره. وَقد
قَالَ ابْن حَامِد من أَصْحَابنَا: يسرح، وَهُوَ قَول
الشَّافِعِي.
(4/475)
وَأما قَوْلهَا: إِلَّا آل فلَان. تَعْنِي
أَنَّهَا تقضي حَقهم فِي المصائب. فَقَالَ: " إِلَّا آل
فلَان " فَيحْتَمل أَن يكون إِذْنا خَاصّا، وَيحْتَمل أَن
يكون أذن لَهَا فِي لقائهم لَا فِي النِّيَاحَة. وَيحْتَمل
أَن يكون قَوْله: " إِلَّا آل فلَان " إِعَادَة لكلامها
على وَجه الْإِنْكَار لَهُ كَمَا قَالَ للمستأذن حِين
قَالَ: أَنا، فَقَالَ هُوَ: " أَنا أَنا ".
2740 - / 3552 - وَفِي الحَدِيث الثَّالِث: أمرنَا أَن
نخرج وَنخرج الْحيض والعواتق.
الْإِشَارَة بِالْخرُوجِ إِلَى صَلَاة الْعِيد.
وَالْحيض جمع حَائِض.
والعواتق جمع عاتق. والعاتق من الْجَوَارِي: المدركة حِين
أدْركْت فخدرت: أَي ألزمت الخدر والستر فِيهِ.
واعتزال الْمصلى للْحيض خَاصَّة.
والجلباب: مَا تتغطى بِهِ الْمَرْأَة من ثوب وَغَيره.
2741 - / 3553 - وَفِي الحَدِيث الرَّابِع: بعث إِلَى
نسيبة بِشَاة، فَأرْسلت إِلَى عَائِشَة مِنْهَا، فَقَالَ
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " هَات، فقد بلغت
محلهَا ".
(4/476)
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قد بعث إِلَى نسيبة بِشَاة من الصَّدَقَة، فَأَهْدَتْ
مِنْهَا نسيبة إِلَى عَائِشَة، فَقَالَ رَسُول الله: " قد
بلغت محلهَا " وَقد فسرنا هَذَا فِي مُسْند جوَيْرِية.
2742 - / 3554 - وَفِي الحَدِيث الْخَامِس: نهينَا عَن
اتِّبَاع الْجَنَائِز وَلم يعزم علينا.
تَعْنِي أَنه فِي مقَام كَرَاهِيَة لَا فِي مقَام
تَحْرِيم.
2743 - / 3555 - وَفِي الحَدِيث السَّادِس: فِي
الْمُعْتَدَّة: " فَلَا تلبس مصبوغا إِلَّا ثوب عصب ".
العصب من البرود: هوالذي صبغ غزله قبل أَن ينسج.
والنبذة: الْيَسِير من الشَّيْء: وَالْجمع نبذ.
والكست: هُوَ الْقسْط الْهِنْدِيّ.
وَمعنى هَذَا أَن اسْتِعْمَال هَذَا عِنْد الطُّهْر من
الْحيض لَا يضر الْعدة.
وَفِيمَا انْفَرد بِهِ البُخَارِيّ:
2744 - / 3556 - قَالَت: كُنَّا لَا نعد الكدرة والصفرة
شَيْئا.
اخْتلف الْعلمَاء فِي الكدرة والصفرة بعد الطُّهْر
والنقاء، فَقَالَ عَليّ
(4/477)
ابْن أبي طَالب: لَيْسَ ذَلِك بحيض، وَلَا
تتْرك لأَجله الصَّلَاة، فلتتوضأ وَتصلي، وَهَذَا قَول
سُفْيَان الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ. وَقَالَ سعيد بن
الْمسيب وَأحمد بن حَنْبَل: إِذا رَأَتْ ذَلِك اغْتَسَلت
وصلت. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا رَأَتْ بعد الْحيض وَبعد
انْقِطَاع الدَّم الصُّفْرَة والكدرة يَوْمًا أَو
يَوْمَيْنِ لم تجَاوز الْعشْرَة فَهُوَ من حَيْضهَا، وَلَا
تطهر حَتَّى ترى الْبيَاض خَالِصا. وَالْمَشْهُور من
مَذْهَب الشَّافِعِي أَنَّهَا إِذا رَأَتْ الصُّفْرَة
والكدرة بعد انْقِطَاع دم الْعَادة مَا لم تجَاوز خَمْسَة
عشر يَوْمًا فَهُوَ حيض.
(4/478)
كشف الْمُشكل من مسانيد الصحابيات اللواتي
انْفَرد البُخَارِيّ بِالْإِخْرَاجِ عَنْهُن
(236) كشف الْمُشكل من مُسْند أم خَالِد بنت خَالِد بن
سعيد
أخرج لَهَا البُخَارِيّ حديثين.
2745 - / 3558 - فَفِي الحَدِيث الأول: قَالَت: أُتِي
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثِيَاب فِيهَا
خميصة سَوْدَاء.
الخميصة: كسَاء من خَز أَو صوف أسود. وَقد سبق ذكرهَا فِي
مَوَاضِع.
وَأم خَالِد اسْمهَا أمة. ولدت لخَالِد فِي أَرض
الْحَبَشَة وَهُوَ هُنَاكَ مهَاجر.
قَوْله: " أبلي وأخلقي " بِالْقَافِ. وَرُبمَا صحف بعض
الْمُحدثين فَقَالَ: وأخلفي بِالْفَاءِ.
وَأما قَوْله: " سنا " فَفِي الحَدِيث تَفْسِيره أَنه
بِلِسَان الْحَبَشَة: الْحسن. وَقَالَ ابْن الْمُبَارك:
سنه بالحبشية: حَسَنَة. وقرأت على شَيخنَا أبي مَنْصُور
اللّغَوِيّ قَالَ: سناه فِي كَلَام الْحَبَش: الْحسن.
وَقَول ابْن الْمُبَارك: حَتَّى دكن؛ يَعْنِي يقيت تِلْكَ
الخميصة حَتَّى دكن لَوْنهَا أَي عَاد إِلَى الدكنة.
(4/479)
|