كشف المشكل من
حديث الصحيحين (224) كشف الْمُشكل من مُسْند أَسمَاء بنت
أبي بكر الصّديق
أسلمت بِمَكَّة قَدِيما وبايعت، وَتَزَوجهَا الزبير،
وَمَاتَتْ بعد قتل ابْنهَا عبد الله بِليَال. وَأخرج لَهَا
فِي الصَّحِيحَيْنِ اثْنَان وَعِشْرُونَ حَدِيثا.
2709 - / 3507 - فَفِي الحَدِيث الأول: " لَا شَيْء أغير
من الله " وَقد سبق فِي مُسْند ابْن مَسْعُود.
2710 - / 3508 - وَفِي الحَدِيث الثَّانِي: استفتيت رَسُول
الله، قلت: قدمت عَليّ أُمِّي وَهِي راغبة، أفأصل أُمِّي؟
قَالَ: " صلي أمك " فَأنْزل الله تَعَالَى: {لَا
يَنْهَاكُم الله عَن الَّذين لم يُقَاتِلُوكُمْ فِي
الدّين} [الممتحنة: 8] .
الاستفتاء: السُّؤَال.
وَفِي معنى راغبة قَولَانِ: أَحدهمَا: مُشركَة، فَيكون
الْمَعْنى: راغبة عَن ديني.
وَالثَّانِي: راغبة فِي بري وصلتي، قَالَه الْخطابِيّ.
(4/447)
وَاسم أمهَا قتيلة بنت عبد الْعُزَّى،
تزَوجهَا أَبُو بكر فَجَاءَت بِعَبْد الله وَأَسْمَاء،
وَطَلقهَا فِي الْجَاهِلِيَّة، فَقدمت الْمَدِينَة فِي زمن
الْهُدْنَة حِين كتبُوا الْعَهْد على وضع الْحَرْب،
وَجَاءَت مَعهَا بِهَدَايَا من زَيْت وَسمن وَغَيره،
فَأَبت أَسمَاء أَن تدْخلهَا بَيتهَا أَو تقبل هديتها
حَتَّى أذن لَهَا رَسُول الله فِي ذَلِك.
فَأَما قَوْله تَعَالَى: {لَا يَنْهَاكُم الله عَن الَّذين
لم يُقَاتِلُوكُمْ} قَالَ ابْن الزبير نزلت فِي أَسمَاء
بنت أبي بكر، قدمت عَلَيْهَا أمهَا قتيلة بنت عبد
الْعُزَّى الْمَدِينَة بِهَدَايَا، فَلم تقبل هَدَايَاهَا
وَلم تدْخلهَا منزلهَا، فَسَأَلت عَائِشَة رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم، فَنزلت هَذِه الْآيَة، فَأمرهَا
رَسُول الله أَن تدْخلهَا منزلهَا وَتقبل هديتها، وتحسن
إِلَيْهَا.
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هَذِه الْآيَة رخصَة فِي صلَة
الَّذين لم ينصبوا الْحَرْب للْمُسلمين، وجوائزهم وَإِن
كَانَت الْمُوَالَاة مُنْقَطِعَة.
وَقَوله: {وَلم يخرجوكم من دِيَاركُمْ} يَعْنِي مَكَّة
{أَن تبروهم وتقسطوا إِلَيْهِم} أَي تعاملوهم بِالْعَدْلِ
فِيمَا بَيْنكُم وَبينهمْ.
وَقَوله: {وظاهروا على إخراجكم} أَي عاونوا على ذَلِك {أَن
تولوهم} إِنَّمَا يَنْهَاكُم عَن أَن توَلّوا هَؤُلَاءِ.
2711 - / 3509 - وَفِي الحَدِيث الثَّالِث: تزَوجنِي
الزبير وَمَاله غير نَاضِح.
(4/448)
الناضح وَاحِد النَّوَاضِح: وَهِي الْإِبِل
السواني الَّتِي تَسْقِي الزَّرْع وَالنَّخْل.
والغرب: الدَّلْو.
وَالْأَرْض الَّتِي أقطعه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم كَانَت من أَمْوَال بني النَّضِير على ثُلثي فَرسَخ
من الْمَدِينَة.
2712 - / 3510 - وَفِي الحَدِيث الرَّابِع: أَنَّهَا حملت
بِعَبْد الله بِمَكَّة. قَالَت: فَخرجت وَأَنا متم أَي
مقاربة للولادة.
وَكَونه أول مَوْلُود - تَعْنِي للمهاجرين بعد الْهِجْرَة.
وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ لما قدمُوا الْمَدِينَة أَقَامُوا
لَا يُولد لَهُم مَوْلُود، فَقَالُوا: سحرنَا يهود. فولد
ابْن الزبير بقباء فِي شَوَّال على رَأس عشْرين شهرا من
الْهِجْرَة. وَأما الْأَنْصَار فولد لَهُم النُّعْمَان بن
بشير على رَأس أَرْبَعَة عشر شهرا من الْهِجْرَة، فَكَانَ
ابْن الزبير يَقُول النُّعْمَان أسن مني بِسِتَّة أشهر.
2713 - / 3511 - وَفِي الحَدِيث الْخَامِس: فَقُمْت حَتَّى
تجلاني الغشي.
أَي ظهر عَليّ. وتشير بِهَذَا إِلَى قِيَامهَا فِي صَلَاة
الْكُسُوف.
وَقَوْلها: فَانْصَرف رَسُول الله؛ تَعْنِي من صَلَاة
الْكُسُوف.
وَقَوْلها: تفتنون فِي الْقُبُور؛ إِشَارَة إِلَى سُؤال
مُنكر وَنَكِير، وَمَا توجبه تِلْكَ الهيبة فِي مثل تِلْكَ
الْحَال يصلح أَن تشبه بِهِ فتْنَة الدَّجَّال.
(4/449)
والقطاف: العنقود.
وَقَوله: وَأَنا مَعَهم؟ اسْتِفْهَام. أسقطت الْألف.
وَقَالَ أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ: وَالصَّحِيح: أَو
أَنا مَعَهم؟ .
2714 - / 3512 - وَفِي الحَدِيث السَّادِس: نحرنا على عهد
رَسُول الله فرسا فأكلناه.
وَهَذَا يدل على إِبَاحَة لحم الْخَيل خلافًا لأبي حنيفَة.
وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي مُسْند جَابر.
2715 - / 3513، 3514 - والْحَدِيث السَّابِع وَالثَّامِن:
قد سبقا فِي مُسْند عَائِشَة.
إِلَّا أَن فِي لفظ هَذَا الثَّامِن: أَن امْرَأَة قَالَت:
يَا رَسُول الله! ، إِن ابْنَتي أصابتها الحصبة فامرق
شعرهَا. وَفِي لفظ: فتمرق.
وَهُوَ بالراء غير الْمُعْجَمَة. وَرُبمَا قَرَأَهُ عوام
الْمُحدثين بالزاي، وَذَلِكَ غلط.
2716 - / 3515 - وَقد سبق الحَدِيث التَّاسِع فِي مُسْند
رَافع بن خديج.
(4/450)
2717 - / 3516 - وَفِي الحَدِيث الْعَاشِر:
إِن إحدانا يُصِيب ثوبها من دم الْحَيْضَة، فَقَالَ: "
تَحْتَهُ ثمَّ تقرصه بِالْمَاءِ ".
الحت بِمَعْنى الحك. وَذَلِكَ للمستجسد من الدَّم.
والقرص: الفرك. والنضح هَاهُنَا الْغسْل. قَالَ ابْن
قُتَيْبَة: مَعْنَاهُ: اغسليه بأطراف أصابعك. وَمِنْه قيل:
قرصت فلَانا. وَإِنَّمَا أَمر بالقرص لِأَن الدَّم وَغَيره
إِذا قرص فِي الْغسْل كَانَ أَحْرَى أَن يذهب أَثَره من
أَن يغسل بِالْيَدِ كلهَا.
2718 - / 3517 - وَفِي الحَدِيث الْحَادِي عشر: " لَا توكي
فيوكى عَلَيْك ".
أَي: لَا تشدي. يُقَال: أوكيت الْقرْبَة: شددتها بالوكاء:
وَهُوَ الْخَيط أَو السّير. وَهَذِه اسْتِعَارَة للبخل،
وَالْمعْنَى: لَا تحبسي المَال بخلا.
وَقَوله: " لَا تحصي " الإحصاء: الإفراط فِي التَّقَصِّي
والاستئثار.
وَقَوله: " لَا توعي " أَي لَا تجمعي فِي الْوِعَاء إمساكا
وبخلا.
وَقَوله: " انفحي " النفح: الرَّمْي بالشَّيْء إِلَى
الْمُعْطى، وَهَذِه كِنَايَة عَن السماحة والجود.
وَكَذَلِكَ قَوْله: " انضحي " أصل النَّضْح رش المَاء.
وَقَوله: " ارضحي " الرضح: الْعَطِيَّة القليلة.
وَالْمعْنَى: أعطي مَا قدرت عَلَيْهِ وَإِن قل.
(4/451)
2719 - / 3518 - والْحَدِيث الثَّانِي عشر
قد سبق فِي مَوَاضِع.
2720 - / 3519 - وَفِي الحَدِيث الثَّالِث عشر: نزلنَا
مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحجون وَنحن
خفاف الحقائب.
الحقائب جمع حقيبة: وَهِي مَا احتقبه الرَّاكِب خَلفه من
مهماته وقماشه فِي مَوضِع الرديف.
ومسحنا: أَي طفنا بِالْبَيْتِ؛ وَهَذَا لِأَن كل طائف
بِالْبَيْتِ يمسح الرُّكْن، فَصَارَ هَذَا اسْما لَازِما
للطَّواف، قَالَ عمر بن أبي ربيعَة:
(وَلما مسحنا من منى كل حَاجَة ... وَمسح بالأركان من هُوَ
ماسح)
أَي طَاف من هُوَ طائف.
والإهلال: رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ.
2721 - / 3520 - وَفِي الحَدِيث الرَّابِع عشر: يَا هنتاه،
مَا أرانا إِلَّا قد غلسنا. فَقَالَت: إِن رَسُول الله أذن
للظعن.
قد سبق معنى يَا هنتاه فِي مُسْند عَائِشَة
(4/452)
وَسبق معنى الظعن، وأنهن النِّسَاء.
وَالْمعْنَى: أذن لَهُنَّ فِي التَّقَدُّم لَيْلَة جمع.
وَقد بَينا هَذَا فِي مُسْند ابْن عَبَّاس.
وَقَوله: قد غلسنا: أَي فِي رمي الْجَمْرَة. وَالْقَمَر
يغيب ليلتئذ قبيل الْفجْر.
وَقد اتّفق الْعلمَاء على أَنه لَا يجوز رمي الْجَمْرَة
قبل نصف اللَّيْل. وَقَالَ الشَّافِعِي: يجوز بعد نصف
اللَّيْل. وَقَالَ أَكثر الْعلمَاء: لَا يجوز إِلَّا بعد
الْفجْر.
2722 - / 3521 - وَفِي الحَدِيث الأول من أَفْرَاد
البُخَارِيّ:
سميت أَسمَاء ذَات النطاقين.
فِي هَذَا قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنَّهَا شقَّتْ نطاقها
نِصْفَيْنِ، فَربطت سقاء رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم بِوَاحِد، وَلذَلِك سميت ذَات النطاقين. وَهَذَا
مَذْكُور فِي الحَدِيث.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا كَانَت تلبس نطاقين. وَقد
ذَكرْنَاهُ فِي مُسْند عَائِشَة عَن بعض الْعلمَاء.
وَقَوله: كَانَ أهل الشَّام. يَعْنِي أَصْحَاب الْحجَّاج
لما جَاءَ لقِتَال ابْن الزبير فِي الْحرم يُعَيِّرُونَهُ.
التعيير: ذكر مَا يُوجب الْعَار.
(4/453)
قَوْلهَا: إيها والإله. قَالَ ابْن
قُتَيْبَة: إيها بِمَعْنى الارتضاء للشَّيْء والتصديق
لِلْقَوْلِ، وَلها مَوَاضِع أخر، وَذَلِكَ إِذا أسكت رجلا
قلت: إيها عَنَّا، فَإِذا أغريته بِشَيْء قلت: ويها.
وَإِذا تعجبت من طيب شَيْء قلت: واها مِنْهُ، قَالَ أَبُو
النَّجْم:
(واها لريا ثمَّ واها واها ... )
وَقَوله: تِلْكَ شكاة ظَاهر عَنْك عارها.
هَذَا بعض بَيت من شعر أبي ذُؤَيْب، وأوله:
(وعيرها الواشون أَنِّي أحبها ... وَتلك شكاة ظَاهر عَنْك
عارها)
(فَإِن أعْتَذر مِنْهَا فَإِنِّي مكذب ... وَإِن تعتذر
يردد عَلَيْك اعتذارها)
والشكاة: الْعَيْب والذم. وَمعنى: ظَاهر عَنْك عارها: أَي
لَا يعلق بك الْعَيْب، وَلكنه ينبو عَنْك، وَهُوَ من
قَوْلهم: ظهر فلَان على السَّطْح: أَي علا عَلَيْهِ. قَالَ
الله عز وَجل: {فَمَا اسطاعوا أَن يظهروه} [الْكَهْف: 97]
أَي يعلوا عَلَيْهِ. وَالْمعْنَى: تعييرهم بذلك لَا يحط
مِنْك.
أخبرنَا مُحَمَّد بن أبي مَنْصُور قَالَ: أخبرنَا جَعْفَر
بن أَحْمد قَالَ: أخبرنَا عبد الْعَزِيز بن الْحسن الضراب
قَالَ: حَدثنَا أبي قَالَ: حَدثنَا أَحْمد ابْن مَرْوَان
قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْقرشِي قَالَ:
حَدثنَا أبي قَالَ: حَدثنَا الْأَصْمَعِي عَن ابْن أبي
الزِّنَاد قَالَ: كَانَ أهل الشَّام ينادون ابْن الزبير:
يَا ابْن ذَات النطاقين. فَيَقُول: أَنا ابْنهَا حَقًا،
أَنا ابْنهَا حَقًا، وَجعل
(4/454)
يَقُول:
(وعيرها الواشون أَنِّي أحبها ... وَتلك شكاة ظَاهر عَنْك
عارها)
2723 - / 3522 - وَفِي الحَدِيث الثَّانِي: رَأَيْت زيد بن
عَمْرو بن نفَيْل قَائِما مُسْندًا ظَهره إِلَى الْكَعْبَة
يَقُول: يَا معشر قُرَيْش! وَالله مَا مِنْكُم على دين
إِبْرَاهِيم غَيْرِي.
كَانَ زيد بن عَمْرو قد وهب لَهُ عقل رصين يعْمل
بِمُقْتَضَاهُ، وتلاه تتبع للكتب والْآثَار، فاهتدى إِلَى
دين الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام، وَأقر بتوحيد الْإِلَه
سُبْحَانَهُ.
وَمعنى: يحيي الموءودة: يمْنَع قَتلهَا.
وترعرعت: قويت على الْحَرَكَة.
2724 - / 3526 - وَفِي الحَدِيث الثَّانِي من أَفْرَاد
مُسلم:
ذكر مئثرة الأرجوان.
قد ذكرنَا المئثرة فِي مُسْند عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام.
والديباج فِي مُسْند حُذَيْفَة.
وَأما الأرجوان فَقَالَ أَبُو عبيد: الشَّديد الْحمرَة،
وَلَا يُقَال لغير الْحمرَة أرجوان.
(4/455)
والبهرمان دونه بِشَيْء من الْحمرَة.
والمفدم: المشبع حمرَة.
وَقَوله: وفرجيها مكفوفين بالديباج. الْفرج: الشق.
وَقد ذكرنَا مَا يُبَاح من الْحَرِير فِي الثَّوْب فِي
مُسْند عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ 0
2725 - / 3527 - وَفِي الحَدِيث الثَّالِث: أَنَّهَا
تقدّمت إِلَى الزبير فَقَالَ: استرخي عني. أَي: ابعدي عني،
لأجل الْإِحْرَام.
2726 - / 3528 - وَفِي الحَدِيث الرَّابِع: عَن أبي
نَوْفَل قَالَ: رَأَيْت عبد الله بن الزبير على عقبَة
الْمَدِينَة.
أَي رَأَيْته مصلوبا عَلَيْهَا. وَكَأَنَّهَا عقبَة يذهب
مِنْهَا إِلَى الْمَدِينَة فَإِن هَذَا كَانَ بِمَكَّة.
قَوْله: وَأُلْقِي فِي مَقَابِر الْيَهُود. كَانَ
الْيَهُود قَدِيما قد سكنوا الْحجاز، فروى مُحَمَّد بن
إِسْحَاق عَمَّن لَا يتهم عَن عُرْوَة بن الزبير قَالَ:
بعث مُوسَى بعثا إِلَى الْحجاز وَأمرهمْ بقتل الْكفَّار،
فظفروا وَقتلُوا العمالقة حَتَّى انْتَهوا إِلَى ملكهم -
الَّذِي كَانَ يُقَال لَهُ الأرقم - يَتِيما، فَقَتَلُوهُ
وَأَصَابُوا ابْنا لَهُ لم ير - زَعَمُوا - أحسن مِنْهُ،
فضنوا بِهِ عَن الْقَتْل، فَأَجْمعُوا على أَن
(4/456)
يقدموا بِهِ على مُوسَى ليرى فِيهِ رَأْيه،
فقدموا بِهِ، وَتُوفِّي مُوسَى قبل قدومه، فَتَلقاهُمْ
النَّاس وأخبروهم بِفَتْح الله عَلَيْهِم، فَقَالُوا
لَهُم: هَل استبقيتم أحدا؟ قَالُوا: هَذَا الْفَتى ليرى
نَبِي الله فِيهِ رَأْيه. فَقَالُوا: إِن هَذِه لمعصية
خالفتم فِيهَا نَبِيكُم، لَا تدْخلُوا علينا بِلَادنَا،
فحالوا بَينهم وَبَين الشَّام، فَقَالُوا: مَا نرى بَلَدا
إِذْ منعتم بِلَادكُمْ خيرا لكم من الْبِلَاد الَّتِي
جئْتُمْ مِنْهَا يعنون الْحجاز، فَكَانَ ذَلِك أول سُكْنى
الْيَهُود الْحجاز.
فَأَما الْقُرُون فعنى بهَا الشّعْر.
والسبتيان: النَّعْلَانِ. والسبت: جُلُود الْبَقر المدبوغة
بالقرظ يتَّخذ مِنْهَا النِّعَال وَلَا شعر عَلَيْهَا.
وَقد ذكرنَا هَذَا فِي مُسْند ابْن عمر.
وَقَوله: يتوذف. قَالَ أَبُو عبيد: التوذف: التَّبَخْتُر.
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة يَقُول: التوذف: الْإِسْرَاع،
قَالَ بشر بن أبي خازم:
(يُعْطي النجائب بالرحال كَأَنَّهَا ... بقرالصرائم
والجياد توذف)
وَأما الْكذَّاب فَهُوَ الْمُخْتَار بن أبي عبيد.
والمبير: المهلك.
وَقَوْلها: لَا إخالك: لَا أَظُنك، وَألف إخال مَكْسُورَة.
(4/457)
(225) كشف الْمُشكل من مُسْند أم كُلْثُوم
بنت عقبَة بن أبي معيط
أسلمت بِمَكَّة، وبايعت رَسُول الله قبل الْهِجْرَة، وَهِي
أول من هَاجر من النِّسَاء بعد هِجْرَة رَسُول الله. قَالَ
مُحَمَّد بن سعد: وَلَا نعلم قرشية خرجت من بَيت
أَبَوَيْهَا مسلمة مهاجرة إِلَّا هِيَ، فَإِنَّهَا خرجت
وَحدهَا، وصاحبت رجلا من خُزَاعَة حَتَّى قدمت الْمَدِينَة
فِي هدنة الْحُدَيْبِيَة. وَقد ذكرنَا قصَّتهَا، وَكَيف
نزل فِيهَا: {فامتحنوهن} [الممتحنة: 10] فِي مُسْند
الْمسور بن مخرمَة. وَلم يكن لَهَا زوج، فَتَزَوجهَا زيد
بن حَارِثَة ثمَّ قتل عَنْهَا، فَتَزَوجهَا الزبير بن
الْعَوام ثمَّ طَلقهَا، فَتَزَوجهَا عبد الرَّحْمَن بن
عَوْف وَمَات عَنْهَا، فَتَزَوجهَا عَمْرو بن الْعَاصِ
فَمَاتَتْ عِنْده. وَأخرج لَهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث
وَاحِد.
2727 - / 3529 - " لَيْسَ الْكذَّاب الَّذِي يصلح بَين
النَّاس فينمي خيرا أَو يَقُول خيرا ".
أما قَوْله: " فينمي خيرا " فَكَذَلِك ذكره أَبُو عبيد
بِالتَّخْفِيفِ، وَقَالَ: نميت الحَدِيث، بِالتَّخْفِيفِ:
إِذا نقلته على وَجه الْإِصْلَاح، ونميته بِالتَّشْدِيدِ:
إِذا نقلته على جِهَة الْإِفْسَاد. قَالَ: وكل شَيْء رفعته
فقد نميته، وَمِنْه قَول النَّابِغَة:
(4/458)
( ... . . ... وانم القتود على عيرانة أجد)
ونمى الخضاب فِي الْيَد وَالشعر: إِنَّمَا هُوَ ارْتَفع
وَعلا، فَهُوَ ينمي، وينمو لُغَة.
وَقد وَافق أَبَا عبيد فِي هَذَا جمَاعَة مِنْهُم ابْن
قُتَيْبَة. وَقَالَ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ: أَكثر
الْمُحدثين يَقُولُونَ: ونمى خيرا بتَخْفِيف الْمِيم.
قَالَ: وَهَذَا لَا يجوز فِي النَّحْو، وَالنَّبِيّ صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن يلحن، وَمن خفف الْمِيم لزمَه
أَن يَقُول: " خير " بِالرَّفْع.
وَأما الرُّخْصَة فِي الْكَذِب فِي هَذِه الْأَمَاكِن
الثَّلَاثَة فَاعْلَم أَن الْكَذِب لَيْسَ حَرَامًا
لعَينه، بل لما فِيهِ من الضَّرَر، وَالْكَلَام وَسِيلَة
إِلَى الْمَقَاصِد، فَكل مَقْصُود مَحْمُود يُمكن أَن
يتَوَصَّل إِلَيْهِ بِالصّدقِ وَالْكذب جَمِيعًا فالكذب
فِيهِ حرَام، وَإِن أمكن التَّوَصُّل إِلَيْهِ بِالْكَذِبِ
دون الصدْق فالكذب فِيهِ مُبَاح إِذا كَانَ تَحْصِيل ذَلِك
الْمَقْصُود مُبَاحا، وواجب إِذا كَانَ الْمَقْصُود
وَاجِبا، كَمَا لَو رأى رجلا يسْعَى وَرَاء رجل بِسيف
ليضربه وَهُوَ يعلم أَنه ظَالِم، فَسَأَلَهُ، هَل
رَأَيْته؟ فَإِنَّهُ يجب عَلَيْهِ أَن يَقُول: لَا،
لِئَلَّا يعين على سفك دم مُسلم.
(4/459)
وَإِذا لم يتم مَقْصُود حَرْب أَو إصْلَاح
ذَات بَين واستمالة قلب الْمَجْنِي عَلَيْهِ إِلَّا بكذب
فَذَلِك مُبَاح، إِلَّا أَنه يَنْبَغِي أَن يحْتَرز عَنهُ،
ويورى بالمعاريض مهما أمكن.
وَيتبع هَذِه الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة أَن يَأْخُذهُ
ظَالِم ويسأله عَن مَاله فَلهُ أَن يُنكر، ويسأله عَن
فَاحِشَة بَينه وَبَين ربه عز وَجل فَلهُ أَن يُنكر.
وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا لِأَن الْمَحْذُور الَّذِي يحصل
بِالصّدقِ أَشد وَقعا فِي الشَّرْع من الْكَذِب، وَإِن
كَانَ الْمَقْصُود أَهْون من مَقْصُود الصدْق وَجب الصدْق،
وَقد يتقابل الْأَمْرَانِ فالميل حِينَئِذٍ إِلَى الصدْق
أولى؛ لِأَن الْكَذِب إِنَّمَا أُبِيح لضَرُورَة أَو
حَاجَة مهمة، فَإِذا شكّ فِي كَونهَا مهمة فَالْأَصْل
التَّحْرِيم.
ولغموض إِدْرَاك مَرَاتِب الْمَقَاصِد وَجب الِاحْتِرَاز
من الْكَذِب مهما أمكن، فَهَذَا الْكَلَام فِي بَيَان
الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة وَمَا أشبههَا على أَنَّهَا من
كَلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَكَذَا
رَوَاهَا أَكثر النَّاس، وأخرجت فِي الصَّحِيح بِلَفْظ:
قَالَت - يَعْنِي أم كُلْثُوم: لم أسمعهُ - تَعْنِي رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَقد أَنبأَنَا عبد الْوَهَّاب الْحَافِظ قَالَ: أخبرنَا
جَعْفَر بن أَحْمد السراج قَالَ: أخبرنَا أَحْمد بن عَليّ
بن ثَابت قَالَ: قَالَ مُوسَى بن هَارُون: قد وَقع فِي
هَذَا الحَدِيث وهم غليظ جدا، وَهُوَ أَن آخر حَدِيث
رَسُول الله: " فينمي خيرا أَو يَقُول خيرا " وَقَوله:
وَلم أسمعهُ يرخص فِي الْكَذِب إِلَّا فِي ثَلَاث من
كَلَام الزُّهْرِيّ. وَقد فصل الْكَلَامَيْنِ يُونُس بن
زيد وَمعمر،
(4/460)
وَبينا أَن قَوْله: وَلم أسمعهُ يرخص -
كَلَام ابْن شهَاب. قَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ: ويقوى
فِي نَفسِي أَن الْحق مَعَهُمَا، وَالْقَوْل قَوْلهمَا.
(4/461)
(226) كشف الْمُشكل من مُسْند أم قيس بنت
مُحصن الأَسدِية
أُخْت عكاشة. أخرج لَهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ حديثان.
2728 - / 3530 - أَحدهمَا: أَن صَبيا صَغِيرا لم يَأْكُل
الطَّعَام بَال على ثوب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فنضحه وَلم يغسلهُ.
النَّضْح هَاهُنَا الرش.
وَهَذَا الحَدِيث يدل على الِاكْتِفَاء بالرش لبول
الْغُلَام الَّذِي لم يَأْكُل الطَّعَام. وَقد سبق هَذَا
فِي مُسْند عَائِشَة.
2729 - / 3531 - وَفِي الحَدِيث الثَّانِي: دخلت بِابْن لي
على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أعلقت على
من الْعذرَة.
أعلقت عَلَيْهِ بِمَعْنى دفعت عَنهُ بالغمز. قَالَ
الْأَصْمَعِي: الإعلاق: أَن ترفع الْعذرَة بِالْيَدِ.
والعذرة: قريب من اللهاة. وَكَانَ هَذَا فِي
الْجَاهِلِيَّة يُقَال: أعلق فلَان لفُلَان إعلاقا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الدغر: غمز الْحلق للعذرة، وَهُوَ وجع
يهيج فِي
(4/462)
الْحلق من الدَّم، فَإِذا عولج مِنْهُ
صَاحبه قيل: عذرته فَهُوَ مَعْذُور، قَالَ جرير:
(غمز ابْن مرّة يَا فرزدق كينها ... غمز الطَّبِيب نغانغ
الْمَعْذُور)
والدغر: أَن ترفع الْمَرْأَة ذَلِك الْموضع بإصبعها. وَمن
الدغر قَول عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام: لَا قطع فِي الدغرة.
والمحدثون يَقُولُونَ: الدغرة، بِفَتْح الْغَيْن: وَهِي
الخلسة. وَيُقَال فِي الْمثل: " دغرا لَا صفا " يَقُول:
ادغروا عَلَيْهِم وَلَا تصافوهم. وَيُقَال: " دغرى لَا صفى
" مثل: حلقى عقرى.
وَيُقَال: دغرى مثل جمزى، قَالَ الراجز:
(قَالَت عمان دغرى لَا صفا ... )
وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: الْعذرَة: وجع الْحلق، وَأكْثر
مَا تعتري الصّبيان فيعلق عَلَيْهِم، والإعلاق والدغر
شَيْء وَاحِد: وَهُوَ أَن يرفع اللهاة.
وَقَوله: " بِهَذَا العلاق " قَالَ أَبُو سُلَيْمَان
الْخطابِيّ: الصَّوَاب: بِهَذَا الإعلاق مصدر أعلقت عَنهُ.
وَأما اللدود فَهُوَ مَا دس فِي الْأَدْوِيَة فِي دَاخل
الْفَم من جانبيه.
وَالْعود الْهِنْدِيّ: هُوَ الكست، وَهُوَ الْقسْط،
يُقَال: كافور وقافور.
(4/463)
(228) كشف الْمُشكل من مُسْند فَاطِمَة بنت
قيس
أخرج لَهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَرْبَعَة أَحَادِيث.
2730 - / 3534 - فَفِي الحَدِيث الأول من أَفْرَاد مُسلم:
قلت: يَا رَسُول الله! زَوجي طَلقنِي ثَلَاثًا، وأخاف أَن
يقتحم عَليّ. فَأمرهَا فتحولت.
الاقتحام: الدُّخُول بِسُرْعَة. وَكَأَنَّهَا خَافت على
نَفسهَا لوحدتها. وَقد تقدم فِي مُسْند عَائِشَة أَنَّهَا
قَالَت: كَانَت فَاطِمَة فِي مَكَان وَحشِي فَلذَلِك أرخص
لَهَا فِي الْخُرُوج، فَهَذَا تَأْوِيل عَائِشَة، وَيخرج
على مَذْهَب أبي حنيفَة؛ فَإِن عِنْده يجب على المبتوتة أم
تَعْتَد فِي الْمنزل الَّذِي طَلقهَا فِيهِ إِذا لم يكن
عذر يمْنَع. وَفِي مَذْهَب أَحْمد بن حَنْبَل أَنه لَا يجب
على المبتوتة أَن تَعْتَد فِي منزل زَوجهَا، وَلها أَن
تَعْتَد فِي غَيره. وَإِنَّمَا أمرهَا بالتحول لِأَنَّهَا
لَا حق لَهَا فِي السُّكْنَى. وَسَيَأْتِي بَيَان هَذَا
فِي الحَدِيث الَّذِي بعده إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
2731 - / 3535 - وَفِي الحَدِيث الثَّانِي: أَن زَوجهَا
طَلقهَا الْبَتَّةَ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: " لَا نَفَقَة لَك وَلَا سُكْنى ".
(4/464)
الْمَنْصُور من مَذْهَب أَحْمد أَن
الْمُطلقَة لَا نَفَقَة لَهَا وَلَا سُكْنى. وَعَن أَحْمد:
لَهَا السُّكْنَى دون النَّفَقَة، وَهُوَ قَول مَالك
وَالشَّافِعِيّ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَهَا النَّفَقَة
وَالسُّكْنَى جَمِيعًا.
وَقَول مَرْوَان: سنأخذ بالعصمة الَّتِي وجدنَا النَّاس
عَلَيْهَا: أَي بِمَا اعتصموا بِهِ؛ أَي تمسكوا بِهِ
مِمَّا يُخَالف هَذَا الحَدِيث. وَفِي كتاب مُسلم "
بالقضية " مَكَان " الْعِصْمَة " وَالْمعْنَى: بِمَا
يقْضِي بِهِ النَّاس.
وَأما رطب ابْن طَابَ فَقَالَ البستي: هُوَ اسْم لنَوْع من
ألوان التَّمْر مَنْسُوب إِلَى ابْن طَابَ.
وَأما السلت فَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: هُوَ ضرب من الشّعير،
رَقِيق القشر، صغَار الْحبّ.
أما قَول عمر: لَا نَتْرُك كتاب الله، وتلا: {لَا تخرجوهن
من بُيُوتهنَّ} [الطَّلَاق: 1] فَإِن فَاطِمَة تأولت
الْآيَة وَقَالَت: هَذِه لمن كَانَ لَهَا مُرَاجعَة، فَأَي
أَمر يحدث بعد الثَّلَاث. وَكَانَ سعيد بن الْمسيب يَقُول:
إِنَّمَا نقلت من بيُوت أحمائها لطول لسانها، وَهُوَ معنى
قَوْله: {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة} . وَكَذَلِكَ
قَالَ ابْن عَبَّاس: {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة}
قَالَ: إِلَّا أَن تبذو على أَهله. وَقد رُوِيَ عَن سعيد
بن الْمسيب أَيْضا أَن الْفَاحِشَة: أَن تصيب حدا فَتخرج
لإِقَامَة الْحَد عَلَيْهَا.
(4/465)
وَقَوله فِي مُعَاوِيَة " ترب لَا مَال
لَهُ " أَي فَقير. وَهَذَا على وَجه النَّصِيحَة وَشرح
الْحَال لَا وَجه الْغَيْبَة.
وَقَوْلها حِين قيل لَهَا: تزوجي أُسَامَة، فَقَالَت:
أُسَامَة! تحقير، لِأَنَّهَا كَانَت فِي شرف من نَسَبهَا،
وَرَأَتْ أَنه مولى.
والاغتباط: الْحُصُول فِيمَا يغتبط بِهِ الْإِنْسَان: أَي:
يَشْتَهِي مثله.
وَأَبُو زيد هُوَ أُسَامَة، كَانَ لَهُ ولد يُقَال لَهُ
زيد فكنته بِهِ، وَإِنَّمَا كنيته الْمَشْهُورَة أَبُو
مُحَمَّد. وَجُمْلَة أَوْلَاده مُحَمَّد وَحسن وحسين
وَجبير وَعَائِشَة وَهِنْد.
2732 - / 3536 - وَفِي الحَدِيث الثَّالِث: أَن رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: " حَدثنِي تَمِيم أَنه ركب
فِي سفينة ثمَّ أرفؤوا إِلَى جَزِيرَة ".
أرفؤوا: قربوا إِلَى الشط. تَقول: أرفأت السَّفِينَة: إِذا
قربتها إِلَى الشط، وَذَلِكَ الْموضع مرفأ.
والجزيرة: المنقطعة عَن المَاء. وَقَالَ ابْن فَارس:
والجزر: الْقطع، وَسميت الجزيرة لانقطاعها عَن مُعظم
الأَرْض.
وَأقرب السَّفِينَة جمع قَارب. قَالَ الْحميدِي: القارب
سفينة صَغِيرَة
(4/466)
تكون مَعَ أَصْحَاب السفن البحرية يستعجلون
بهَا حَوَائِجه، فَلَعَلَّ قَوْله: أقربها جمع لذَلِك.
قَالَ: وَقد سَمِعت من يَقُول: إِلَّا أَن هَذَا الْجمع
يبعد عِنْدِي.
والأهلب: الغليظ الشّعْر الخشن.
وَقَوله: مَا يَدْرُونَ قبله من دبره. يَعْنِي لِكَثْرَة
شعره.
وَقَوْلها: أَنا الْجَسَّاسَة. هُوَ اسْم مَأْخُوذ من
التَّجَسُّس: وَهُوَ الفحص عَن بواطن الْأُمُور. ومعظم مَا
يذكر التَّجَسُّس فِي الشَّرّ.
وَالْفرق: الْفَزع.
واغتلم: هاج، يشبه فِي ذَلِك بالفحل.
والوشيك: الْقَرِيب.
وَقَوله: صَلتا. أَي مسلولا من غمده، تهيؤا للضرب بِهِ.
والنقب: الطَّرِيق فِي الْجَبَل. وَجمعه أنقاب.
والمخصرة: عَصا أَو قضيب كَانَت تكون مَعَ الْملك إِذا
تكلم، أَو الْخَاطِب.
وطيبة: اسْم الْمَدِينَة وَهُوَ اسْم مَأْخُوذ من الطّيب،
وَقد سبق بَيَان هَذَا.
(4/467)
(230) كشف الْمُشكل من مُسْند أم حرَام بنت
ملْحَان
خَالَة أنس بن مَالك. أسلمت وبايعت. وَكَانَ النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم يقيل فِي بَيتهَا.
أخرج لَهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث وَاحِد.
2733 - / 3538 - وَفِيه أَنَّهَا كَانَت تفلي رَأس رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
إِنَّمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقيل
فِي بَيتهَا، وتفلي رَأسه لقرابة بَينهمَا. وَقد روى أَبُو
عمر بن عبد الْبر فِي كتاب " التَّمْهِيد " عَن يُونُس بن
عبد الْأَعْلَى قَالَ: قَالَ لنا ابْن وهب: أم حرَام
إِحْدَى خالات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من
الرضَاعَة. فَلهَذَا كَانَ يقيل عِنْدهَا وينام فِي حجرها،
وتفلي رَأسه.
وَعَن يحيى بن إِبْرَاهِيم قَالَ: إِنَّمَا استجاز رَسُول
الله أَن تفلي رَأسه أم حرَام، لِأَنَّهَا كَانَت مِنْهُ
ذَات محرم من قبل خالاته، لِأَن أم عبد الْمطلب بن هَاشم
كَانَت من بني النجار.
والثبج: مَا بَين الْكَاهِل إِلَى الظّهْر. والأثبج:
الناتئ الثبج: وَهُوَ الَّذِي صغر فِي الحَدِيث: الأثيبج.
وَقَوله: قد أوجبوا: أَي وَجَبت لَهُم الْجنَّة.
(4/468)
(231) كشف الْمُشكل من مُسْند أم سليم بنت
ملْحَان
أم أنس. وَيُقَال لَهَا الرميصاء والغميصاء. قَالَ ابْن
الكسيت: الغمص: مَا سَالَ والرمص: مَا جمد. وَاخْتلفُوا
فِي اسْمهَا على أَرْبَعَة أَقْوَال: أَحدهَا: سهلة.
وَالثَّانِي: رميلة. وَالثَّالِث: رميثة. وَالرَّابِع:
أنيفة.
تزَوجهَا مَالك بن النَّضر فَولدت لَهُ أنسا، ثمَّ قتل
عَنْهَا مُشْركًا، فَخَطَبَهَا أَبُو طَلْحَة وَهُوَ
مُشْرك، فَأَبت ودعته إِلَى الْإِسْلَام فَأسلم، قَالَت:
فَإِنِّي أتزوجك وَلَا آخذ مِنْك صَدَاقا غَيره،
فَتَزَوجهَا. وَكَانَت قد شهِدت أحدا وحنينا.
أخرج لَهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَرْبَعَة أَحَادِيث.
2734 - / 3542 - فَفِي بعض الْأَحَادِيث: عرقك أدوف بِهِ
طيبي.
وفيهَا: كَانَ يُصَلِّي على الْخمْرَة.
(4/469)
فَأَما قَوْلهَا: أدوف، فَإِنَّهُ يُقَال:
دفت الدَّوَاء أدوفه دوفا: إِذا خلطته.
وَيُقَال: مدوف ومدووف، مثل مصون ومصوون، وَلَيْسَ لَهما
نَظِير.
والخمرة قد فسرناها آنِفا فِي مُسْند مَيْمُونَة.
(4/470)
|