الفائق في غريب الحديث والأثر

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
حرف الْبَاء

الْبَاء مَعَ الْهمزَة
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّلَاة مثنى وَتشهد فى كل رَكْعَتَيْنِ وتبأس. وروى وتباءس وتمسكن وتقنع يَديك وروى وتقنع رَأسك فَتَقول اللَّهُمَّ اللَّهُمَّ فَمن لم يفعل ذَلِك فهى خداج.
بَأْس تبأس أى تذل وتخضع ذل البائس وخضوعه. وَالتَّبَاؤُس التفاقر وَأَن يرى من نَفسه تخشع الْفُقَرَاء إخباتاً وتضرعا. تمسكن من الْمِسْكِين وَهُوَ مفعيل من السّكُون لِأَنَّهُ يسكن إِلَى النَّاس كثيرا وَزِيَادَة الْمِيم فى الْفِعْل شَاذَّة لم يروها سِيبَوَيْهٍ إِلَّا فِي هَذَا وَفِي تمدرع وتمندل وَكَانَ الْقيَاس تسكن وتدرع. وَنَظِيره شذوذا استحوذ عَن الْقيَاس دون الِاسْتِعْمَال. إقناع الْيَدَيْنِ أَن ترفعهما مُسْتَقْبلا ببطونهما وَجهك. وإقناع الرَّأْس أَن ترفع وَتقبل بطرفك. على مَا بيّنت يَديك الخداج مصدر خدجت الْحَامِل إِذا أَلْقَت وَلَدهَا قبل وَقت النِّتَاج فاستعير. وَالْمعْنَى ذَات خداج أَي ذَات نُقْصَان فَحذف الْمُضَاف. الضَّمِير الرَّاجِع من الْجَزَاء إِلَى الِاسْم المضمن معنى الشَّرْط مَحْذُوف لظُهُوره وَالتَّقْدِير فَهِيَ مِنْهُ خداج وَمثله قَوْله تَعَالَى {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} أَي إِن ذَلِك مِنْهُ. إِن رجلا آتَاهُ الله مَالا فَلم يبتئر خيرا. أَي لم يدّخر من البؤرة وهى الحفرة أَو من البئرة والبئيرة الذَّخِيرَة.

(1/70)


عَليّ رَضِي الله عَنهُ سلم عَلَيْهِ رجل فَرد عَلَيْهِ رد السّنة. وَكَانَ فى الرجل بَاء فَقَالَ لَهُ مَا أحسبك عَرفتنِي قَالَ بلَى وَإِنِّي لأجد بنة الْغَزل مِنْك. فَقَامَ الرجل وَكَانَ لَهُ فى نَفسه قدر. فَقيل لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا كَانَ هَذَا قَالَ كَانَ أَبوهُ ينسج الشمَال بِالْيمن.
بَاء الْبَاء الْكبر وَالْعجب. البنة الرَّائِحَة من الإبنان وَهُوَ اللُّزُوم لِأَنَّهَا تعبق وَتلْزم. الشمَال جمع شملة وَهِي كسَاء يشْتَمل بِهِ. أُرِيد السُّؤَال عَن الصّفة فَقيل مَا كَانَ هَذَا وَلم يقل من كَانَ وموضوع مَا نصب تَقْدِيره أَي شَيْء كَانَ هَذَا لَوْلَا بأوفيه فِي (كل) . من أَفْوَاه البئار فِي (هَب) . فبأوت بنفسي فِي (حو) . باءت فِي (بو) . أبؤساً فى (غو) .
الْبَاء مَعَ الْبَاء
عمر رَضِي الله عَنهُ لَئِن عِشْت إِلَى قَابل لألحقن آخر النَّاس بأولهم حَتَّى يَكُونُوا ببانا.
ببان أَي ضربا وَاحِد فى الْعَطاء. قَالَ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي هُوَ فعال من بَاب كَوْكَب وَلَا يكون فعلان لِأَن الثَّلَاث لَا تكون من مَوضِع وَاحِد. وَأما ببة فصوت لَا عِبْرَة بِهِ. وَعَن بَعضهم بَيَانا وَلَيْسَ بثبت. ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ يَقُول إِذا أقبل عبد الله بن الْحَارِث جَاءَ ببضة.

(1/71)


ببَّة هَذَا صَوت كَانَ يصوَّت بِهِ فِي طفوليته فَقلب بِهِ. وَكَانَت أمه تَقول فِي ترقيصه ... لأُنْكِحَنَّ بَبَّهْ جَارِيَةً خِدَبَّهْ ... كَعْب رَحمَه الله قَالَ فى قصَّة جريج الزَّاهِد (الراهب) لما رمى بِتِلْكَ الْمَرْأَة فَجَاءُوا بمهد الصَّبِي قَالَ يَا بابوس من أَبوك فَفتح الصَّبِي حلقه وَقَالَ فلَان الرَّاعِي. ثمَّ سكت.
بابوس هُوَ الصبى الرَّضِيع قَالَ ابْن أَحْمَر ... حَنَّتْ قَلُوصِى إِلَى بَابُوسِها جَزَعأ ... فَمَا حَنِيُنك أَمْ مَا أَنتِ والذِّكَرُ ...
الْبَاء مَعَ التَّاء
النبى صلى ألله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن البتع فَقيل كل شراب أسكر فَهُوَ حرَام.
بتع هُوَ نَبِيذ الْعَسَل سمي بذلك لشدَّة فِيهِ من البتع وَهُوَ شدَّة الْعُنُق. وَعَن أَبى مُوسَى الأشعرى رَضِي الله عَنهُ أَنه خطب فَقَالَ خمر الْمَدِينَة من الْبُسْر وَالتَّمْر وخمر أهل فَارس من الْعِنَب وخمر أهل الْيمن البتع وَهُوَ من الْعَسَل وخمر الْحَبَش السكركة. لَا صِيَام لمن لم يبيِّت الصّيام من اللَّيْل وروى يبت.
بتت أى لم يقطعهُ على نَفسه بِالنِّيَّةِ. على رَضِي الله عَنهُ قَالَ عبد خير قلت لَهُ أأصلي الضُّحَى إِذا بزغت الشَّمْس قَالَ لَا حَتَّى تبهر البتيراء الأَرْض.
بتر هِيَ اسْم للشمس فِي أول النَّهَار قبل أَن يقوى ضوؤها ويغلب كَأَنَّهَا سميت بالبتيراء

(1/72)


مصغرة لتقاصر شعاعها عَن بُلُوغ تَمام الإضاءة وَالْإِشْرَاق وقلته. وَعَن سعيد أَنه أوتر بِرَكْعَة فَأنْكر عَلَيْهِ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ مَا هَذِه البتيراء الَّتِى لم نَكُنْ نعرفها على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سعد رَضِي الله عَنهُ لقد رد رَسُول الله صلى الله وَآله وَسلم التبتل على عُثْمَان بن مَظْعُون وَلَو أذن لَهُ لاختصينا.
بتل هُوَ أَن يتَكَلَّف بتل نَفسه عَن التَّزَوُّج أَي قطعهَا. حذبفة رَضِي الله عَنهُ أُقيمت الصَّلَاة فتدافعوا فصلى بهم ثمَّ قَالَ لتبتلن لَهَا إِمَامًا غَيْرِي أَو لتصلن وحداناً. أَي لتنصبن إِمَامًا ولتقطعن الْأَمر بإمامته. الوحدان جمع وَاحِد كراكب وركبان. عَلَيْهِ بت فى جلّ. وَلَا تبتل فى زم. عشر الْبَتَات فِي ضح. والأبتر فِي طف. والمنبت فى وغ. أَبتر فى صع. البات فى دف.
الْبَاء مَعَ الثَّاء
ابْن مَسْعُود رضى الله عَنهُ ذكر بني إِسْرَائِيل وتحريفهم وَذكر عَالما كَا فيهم عرضوا عَلَيْهِ كتابا اختلقوه على الله فَأخذ ورقة فِيهَا كتاب الله ثمَّ جعلهَا فى قرن ثمَّ علقه فى عُنُقه ثمَّ لبس عَلَيْهِ الثِّيَاب. فَقَالُوا أتؤمن بهَا فَأَوْمأ إِلَى صَدره وَقَالَ آمَنت بِهَذَا الْكتاب يَعْنِي الْكتاب الَّذِي فِي الْقرن. فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت بثبثوه فوجدوا الْقرن وَالْكتاب فَقَالُوا إِنَّمَا عَنى هَذَا.
بثبث أَي كشفوه وفتشوه ليعلم البث. وتبثيثا فى غث. وَصَارَ بثنية فِي بن.

(1/73)


الْبَاء مَعَ الْجِيم
النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي الْقُبُور فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم أصبْتُم خيراطويلا.
بجل أَي عَظِيما من قَوْلهم رجل بجال وبجيل وَهُوَ الضخم الْجَلِيل عَن الْأَصْمَعِي وَمِنْه التبجيل. مَا أَخَاف على قُرَيْش إِلَّا أَنْفسهَا. ثمَّ وَصفهم وَقَالَ أشحة بجرة يفتنون النَّاس حَتَّى تراهم بَينهم كالغنم بَين الحوضين إِلَى هَذَا مرّة وَإِلَى هَذَا مرّة.
بجر البجرة من الأبجر وَهُوَ الناتىء السُّرَّة كالصلعة من الأصلع والنزعة من الأنزع. وَالْمعْنَى ذَوُو بجرة فحُذف الْمُضَاف. أَو وصفوا بهَا انهم عين البجرة مُبَالغَة فِي وَصفهم بالبطانة ونتوء السرر. وَيجوز أَن يكون هَذَا كِنَايَة عَن كنزهم الْأَمْوَال واقتنائهم لَهَا وتركهم التسمح بهَا. إِن لُقْمَان بن عادٍ خطب امْرَأَة قد خطبهَا إخْوَته قبله فَقَالُوا بئس مَا صنعت خطبت امْرَأَة قد خطبناها قبلك وَكَانُوا سَبْعَة وَهُوَ ثامنهم فَصَالحهُمْ على أَن ينعَت لَهَا نَفسه وَإِخْوَته بِصدق وتختار هِيَ أَيهمْ شَاءَت. فَقَالَ خذي مني أخي ذَا البجل. إِذا رعى الْقَوْم غفل. وَإِذا سعى الْقَوْم نسل. وَإِذا كَانَ الشَّأْن اتَّكل. قريب من نضيج. بعيد من نيء. فلحياً لصاحبنا لحياً. فَقَالَت عِيَال لَا أريده. ثمَّ قَالَ خذي مني أخي ذَا البجلة. يحمل ثقلى وَثقله. ويخصف نَعْلي وَنَعله. وَإِذا جَاءَ يَوْمه قدمت قبله.

(1/74)


فَقَالَت خَادِم لَا أريده. ثمَّ قَالَ خذي مني أخي ذَا العفاق. صفاق أَفَاق. يعْمل النَّاقة والساق. فَقَالَت فيج لَا أُريده. ثمَّ قَالَ خذي مني أخي ذَا الْأسد. جوّاب ليل سرمد. وبحر ذُو زبد. فَقَالَت سَارِق لَا أريده. ثمَّ قَالَ خذي مني أخي ذَا النمر. حَيّ خفر. شُجَاع ظفر. أعجبني وَهُوَ خير من ذَاك إِذا سكر. فَقَالَت يشرب الْخمر فَلَا أريده. ثمَّ قَالَ خذي مني أخي ذَا الحممة. يهب البكرة السنمة. وَالْمِائَة الْبَقَرَة العممة. وَالْمِائَة الضائنة الزنمة. وَإِذا أَتَت على عادٍ لَيْلَة مظْلمَة. رتب رتوب الكعب وولاهم شزنه. قَالَ اكفوني الميمنة. سأكفيكم المشأمة. وَلَيْسَت فِيهِ لعثمة. إِلَّا أَنه أبن أمة. فَقَالَت مُسْرِف لَا أريده. ثمَّ قَالَ خذي مني أخي حَزينًا. أولنا إِذا غدونا. وآخرنا إِذا استنجينا. وعصمة أَبْنَائِنَا إِذا شتونا. وفاصل خطة أعيت علينا. وَلَا يعد فَضله لدينا. ثمَّ قَالَ أَنا لُقْمَان بن عَاد. لعادية وَعَاد. إِذا أنضجعت لَا أجلنظىء. وَلَا تملأ رئتى جنبى. إِن أر مطمعى فحدا تلمع. وَإِلَّا أر مطمعي فوقاع بصلع. فَتزوّجت حَزينًا. فسر ذُو البجل بذى الضخامة. وَقيل هُوَ من قَوْلك بجلي هَذَا أى حسبى. وَمِنْه الحَدِيث فَألْقى تمرات كن فِي يَده وَقَالَ بجلى من الدُّنْيَا. وَالْمعْنَى أَنه قصير الهمة مقتصر على الْأَدْنَى. فَإِذا ظفر بِهِ قَالَ بجلى. وَالْوَجْه أَن يكون هَذَا وَسَائِر مَا ابْتَدَأَ بِهِ ذكر إخْوَته أساميهم أَو ألقابهم. إِذا رعى الْقَوْم غفل أَي إِذا اهتموا برعاية بَعضهم بَعْضًا أَو برعاية مَا مَعَهم اَوْ برعي الْإِبِل لم يهتم بِشَيْء من ذَلِك وَكَانَ غافلا عَنهُ

(1/75)


وَإِذا سعى الْقَوْم نسل أَي إِذا بذلوا السَّعْي وتناهضوا فِيمَا يفىء عَلَيْهِم خيرا أَو ينجيهم من بلية نسل هُوَ من بَينهم أَي خرج وَكَانَ بمعزل من السَّعْي مَعَهم. اتكل أَي اعْتمد على غَيره فى كِفَايَة الشَّأْن وَلم يتوله بِنَفسِهِ عَجزا. النىء غير النضيج يُرِيد أَنه لَازم بَيت جثامة وَلَا يصيد وَلَا يَغْزُو فيأكل اللَّحْم الملهوج. وَيحْتَمل أَنه لَيْسَ بجلد يخْدم أَصْحَابه فى السّفر ويطبخ لَهُم كالموصوف بقوله ... رُبَّ ابنِ عمِّ لسُلَيمى مُشْمَعِلْ ... طباخِ ساعاتِ الكَرَى زادَ الكَسَلْ ... وَلكنه يتكاسل عَن ذَلِك وَعَن معاونتهم أيضأ إِذا باشروا الطَّبْخ. فَإِذا قدمُوا أكل فَهُوَ بعيد عَن النىء وطبخه قريب من النضيج وَأكله. فلحيا من لحيت الْعود بِمَعْنى لحوته وَهُوَ دُعَاء عَلَيْهِ بِالْهَلَاكِ والتكرير للتَّأْكِيد. قيل فِي نرى البجلة هُوَ ذُو الشارة الْحَسَنَة كَأَنَّهُ الَّذِي لَهُ من الرواء مَا يبجل لأَجله. وَإِذا جَاءَ يَوْمه أَي وَقت وَفَاته وأجله. حَمده لإعانته لَهُ وَحمله عَنهُ ودعا لَهُ. ذُو العفاق من عفق يعفق إِذا أسْرع فى الذّهاب. والعفاق الْحَلب أَيْضا. قَالَ ... عَلَيْكَ الشّاءَ شَاءَ بَنِي تميمٍ ... فعافِقْها فإنّكَ ذُو عفاق ... صفاق من الصفق وَهُوَ الْجَانِب. يُقَال جَاءَ أهل ذَلِك الصفق. وأفاق من الإفق أَرَادَ أَنه مسفار منقب فى النواحي والافاق. يعْمل النَّاقة والساق أى يركب تَارَة ويترجل أُخْرَى لجلادته. ذُو الْأسد أَي ذُو الْقُوَّة الأَسدِية. والأسد مصدر أَسد / بِمَعْنى استأسد. ليل سرمد أَي دَائِم غير مُنْقَطع لفرط طوله. والسنمة الْعَظِيمَة السنام. العممة التَّامَّة. قَوْله الْمِائَة الْبَقَرَة وَالْمِائَة الضائنة بِإِدْخَال لَام التَّعْرِيف على الْمِائَة المضافة مِمَّا لَا يُجِيزهُ البصريون وَيَقُولُونَ أخذت مائَة الدِّرْهَم لَا غير. وَكَذَلِكَ ثَلَاثَة الأثواب وَالثَّلَاثَة الأثواب.

(1/76)


خلف عِنْدهم لِأَن الْإِضَافَة معرفَة فَإِذا عرِّف الِاسْم بِاللَّامِ لم يعرف ثَانِيَة بِالْإِضَافَة. ويستشهدون بِمثل قَول الفرزدق ... وسما وَأدْركَ خَمْسَة الأَشبارِ ... وَقَول ذى الرمة ... ثلاثُ الأثافى والديار البَلاَقعُ ... ويخطئون من روى مثل هَذَا. وَيَقُولُونَ الصَّوَاب وَمِائَة الْبَقَرَة وَمِائَة الضائنة وبرهانهم الْقيَاس الصَّحِيح وَاسْتِعْمَال الفصحاء. الزنمة ذَات الزنمة وَهِي شَيْء يقطع من أذنها وَيتْرك مُعَلّقا وروى الزلمة بمعناها. الرُّتوب الثُّبُوت. ولاهم شزنه أَي ولاهم عرضه فخاطبهم بِنَفسِهِ. يُقَال وليته ظَهْري إِذا جعله وَرَاءه وَأخذ يذب عَنهُ. وَمَعْنَاهُ جعلت ظهرى يَلِيهِ. وروى شزنه أَي شدته وغلظته. وَمَعْنَاهُ دَافع عَنْهُم ببأسه. اللعثمة التَّوَقُّف أَي لَيْسَ فِي صِفَاته الَّتِى توجب تَقْدِيمه توقف. إِلَّا أَنه ابْن أمة أَي هَذَا عَيبه فَقَط. استنجينا من النَّجَاء وَهُوَ الْفِرَار. يُرِيد إِذا خرجنَا الْغَزْو تقدمنا وبادرنا. وَإِذا انهزمنا تَأَخّر عَنَّا ليحامي علينا مِمَّا يتبعنا. العادية خيل تعدة أَو رجل يعدون. والعادي الْوَاحِد أَي أَنا لجَماعَة ولواحد يعْنى أَن مقاومته للْجَمَاعَة وَالْوَاحد وَاحِدَة لَا تَتَفَاوَت لشدَّة بأسه وَقُوَّة بطشه. نَظِير أضجعه فانضجع فى مجىء الْفِعْل مطاوعا لأَفْعَل أزعجه فانزعج وَأطْلقهُ فَانْطَلق وَحقّ الْفِعْل أَن يطاوع فعل لَا غير وَإِنَّمَا فعل هَذَا على سَبِيل إنابة أفعل مناب فعل.

(1/77)


الاجلنظاء. الاستلقاء وَرفع الرجلَيْن يعْنى أَنه ينَام على جنبه مستوفزا كَمَا قيل فِي تأبط شرا ... مَا إِن يمسُّ الأرضَ إِلَّا جانبٌ ... مِنْهُ حرف السَّاق طيَّ الْمحمل ... وَلَا تملأ رئتي جَنْبي أَي لست بجبان فينتفخ سحرِي حَتَّى يمْلَأ جنبى بانتفاخه. يلمع يخْفق بجناحيه وروى فحدو تلمع. والتلمع تفعل مِنْهُ. والحدو الحدأ بلغَة أهل مَكَّة. الصلع الْحجر الأملس. وَقيل الْموضع الَّذِي لَا ينْبت من صلع الرَّأْس. أَرَادَ أَن عيشه عَيْش الصعاليك إِن ظفر بِشَيْء ألمأ عَلَيْهِ. وَإِلَّا فَهُوَ موطن نَفسه على معاناة خشونة الْحَال وشظف الْعَيْش كالحدأ الَّذِي إِن أبْصر طعمته انقض عَلَيْهَا فاختطفها وَإِن لم ير شَيْئا لم يبرح وَاقعا على الصلع. عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ تكلم عِنْده صعصعة بن صوحان فَأكْثر فَقَالَ أَيهَا النَّاس إِن هَذَا البجباج النفاخ لَا يدرى مَا الله وَلَا أَيْن الله.
البجباج البجباج الذى يهمز الْكَلَام وَلَيْسَ لكَلَامه جِهَة وروى الفجفاج وَهُوَ الصياح المكثار وَقيل المأفون المختال. والنفاخ الشَّديد الصلف. لَا يدْرِي مَا الله وَلَا أَيْن الله مَعْنَاهُ أَن حَاله وَفِي وضع لِسَانه من إكثار الخطل وَمَا لَا ينبغى أَن يُقَال كل مَوضِع كَحال من لَا يدرى أَن الله سميع لكل كَلَام عَالم بِمَا يجْرِي فى كل مَكَان. وَلم ينْسبهُ إِلَى الْكفْر وَقد شهد صعصعة مَعَ على رضى الله عَنهُ يَوْم الْجمل وَكَانَ من أَخطب النَّاس وَأَخُوهُ زيد الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيد الْخَيْر الجذم من الْخِيَار الْأَبْرَار.

(1/78)


أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ لما التقى الْفَرِيقَانِ يَوْم الْجمل صَاح أهل الْبَصْرَة ... ردُّوا علَيْنَا شَيخنَا ثمَّ بَجَلْ ... فَقَالُوا ... كَيفَ نردُّ شيخَكم وَقد قَحَل ... ثمَّ اقْتَتَلُوا. قَالَ الراوى فَمَا شبهت وَقع السيوف على الْهَام إِلَّا بِضَرْب البيازر على المواجن. بجل بِمَعْنى حسب وَسبب بنائهما أَن الْإِضَافَة منوية فيهمَا. وَإِنَّمَا بنى بِحل على السّكُون دون حسب لِأَنَّهُ لم يتَمَكَّن بالإعراب فِي مَوضِع تمكنه. قحل مَاتَ فجف جلده على عظمه. يُقَال قحل قحولا وَهُوَ الفصيح وقحل قحلا. البيازر جمع بيزر وَهُوَ الْخَشَبَة الَّتِي يدق بهَا الْقصار. والبيزرة الْعَصَا وبزره بهَا إِذا ضربه. المواجن جمع ميجنة وَهِي خشبته الَّتِى يدق عَلَيْهَا. جُبَير رَضِي الله عَنهُ نظرت وَالنَّاس يقتتلون يَوْم حنين إِلَى مثل البجاد الْأسود يهوى من السَّمَاء حَتَّى وَقع فَإِذا نمل مبثوث قد مَلأ الْوَادي فَلم يكن إِلَّا هزيمَة الْقَوْم فَلم نشك فِي أَنَّهَا الْمَلَائِكَة.
البجاد البجاد الكساء المخطط سمى بذلك لتداخل ألوانه من قَوْلهم هُوَ علم ببجدة أمره. أَي بدخلته. وَالْأسود من البجد هُوَ المنسوج على خطوط سود يفصل بَينهَا بيض دقاق

(1/79)


فَالْمَعْنى أَن النَّمْل كَانَ يهوى متساطرا كخطوط البجاد الْأسود. وَمِنْه قيل لعبد الله ابْن عبد نهم ذُو البجادين لِأَنَّهُ حِين أَرَادَ الْمصير إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطعت أمه بجادا لَهَا بِاثْنَيْنِ فائتزر بِأَحَدِهِمَا وارتدى بِالثَّانِي. وَمِنْه حَدِيث مُعَاوِيَة إِنَّه مازح الْأَحْنَف بن قيس فَمَا رئى مازحان أوقر مِنْهُمَا قَالَ لَهُ يَا أحنف مَا الشئ الملفف فى البجاد فَقَالَ هُوَ السخنية يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ
ذهب مُعَاوِيَة إِلَى قوم [42] الشَّاعِر ... بِخَبَر أَو بِتَمْر أَو بِسمن
أَو الشىء الملفَّفِ فى البجاَد والأحنف إِلَى السخينة الَّتِي تعير بهَا قُرَيْش \ وَهِي شَيْء يعْمل من دَقِيق وَسمن لأَنهم كَانُوا يولعون بِهِ حَتَّى جرى مجْرى النبز لَهُم قَالَ كَعْب بن مَالك ... زعمت سخينة أَن ستغلب رَبهَا ... وليغلبن مُغالِبُ الغَلاَّبِ ... البجة فِي جب. بجراء فى عز. وبجحني فِي غث. البجر فِي بر. يبجسها فِي أم. بجرى فِي جد.
الْبَاء مَعَ الْحَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شكا عبد الله بن أَبى إِلَى سعد بن عبَادَة فَقَالَ يَا رَسُول الله اعْفُ عَنهُ فوالذي أنزل عَلَيْك الْكتاب لقد جَاءَ الله بِالْحَقِّ وَلَقَد اصْطلحَ أهل البحرة على أَن يعصبوه بِالْعِصَابَةِ فَلَمَّا رد الله ذَلِك بِالْحَقِّ الَّذِي اعطاك شَرق بذلك.
بَحر أَرَادَ بالبحرة الْمَدِينَة يَقُولُونَ هَذِه بحرتنا أَي أَرْضنَا وبلدتنا. وأصل البحرة فجوة من الأَرْض تستبحر أَي تنبسط وتتسع. قَالَ يصف رسو الدَّار ... كأنّ بقاياه ببَحْرة مَالك ... بقَّيةُ سَحْقٍ من رِدَاء مُحبَّرِ ...

(1/80)


الْعِصَابَة الْعِمَامَة لِأَنَّهُ يعصب الرَّأْس بهَا وعصبه عممه. قَالَ ... فتاةٌ أَبُوها ذُو العِمَامة وابنُه ... أَخُوها فَمَا أَكْفَاؤُها بكَثير ... وروى ذُو الْعِصَابَة ثمَّ جعل التَّعْصِيب بِالْعِصَابَةِ كِنَايَة عَن التسويد لِأَن العمائم تيجان الْعَرَب. وَقيل للسَّيِّد المعمم والمعصب كَمَا قيل لَهُ المتوج والمسود. شَرق بذلك أَي لم يقدر على إساغته وَالصَّبْر عَلَيْهِ لتعاظمه إِيَّاه فَكَأَنَّهُ اعْترض فِي حلقه فغصَّ بِهِ كَمَا يغص الشَّارِب بِالْمَاءِ. من سرَّه أَن يسكن بحبوحة الْجنَّة فليلزم الْجَمَاعَة فَإِن الشَّيْطَان مَعَ الْوَاحِد وَهُوَ من الِاثْنَيْنِ أبعد.
بحبوحة هِيَ من كل شىء وَسطه وخياره قَالَ جرير ... قَوْمِي تميمٌ همُ القومُ الَّذين هُمُ ... يَنْفَونَ تَغْلِب عَنْ بُحْبُوحَةِ الدَّارِ ... ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ أنس بن سِيرِين استحيضت امْرَأَة آل أنس ابْن مَالك فأمروني فَسَأَلت ابْن عَبَّاس عَن ذَلِك فَقَالَ إِذا رَأَتْ الدَّم البحراني فلتدع الصَّلَاة فَإِذا رَأَتْ الطُّهْر وَلَو سَاعَة من النَّهَار فلتغتسل ولتصل.
البحراني البحراني الشَّديد الْحمرَة الضَّارِب إِلَى السوَاد. مَنْسُوب إِلَى الْبَحْر وَهُوَ عمق الرَّحِم قَالَ ... وَرْدٌ من الجَوْفِ وبَحْرَانِيُّ ... فى الحَدِيث تخرج بحنانة من جَهَنَّم فتلقط الْمُنَافِقين لقط الْحَمَامَة القرطم.
بحنانة هِيَ الشرارة الضخمة الْعَظِيمَة من قَوْلهم رجل بحون عَظِيم الْبَطن ودلو بحونة وَجلة بحونة إِذا كَانَتَا واسعتين.

(1/81)


القرطم حب العصفر. إِن غلامين كَانَا يلعبان البحثة.
بحثة هِيَ لعب بِالتُّرَابِ. بحيرة فِي صر. بحرا فى قر. بحريّة فِي نش. بحرها فى حل. سُورَة البحوث فى عذ. بحيرة فى رج.
الْبَاء مَعَ الْخَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْتِي على النَّاس زمَان يسْتَحل فِيهِ الرِّبَا بِالْبيعِ وَالْخمر بالنبيذ والبخس بِالزَّكَاةِ والسحت بالهدية وَالْقَتْل بِالْمَوْعِظَةِ.
بخس المُرَاد بالبخس المكس لِأَن معنى كل وَاحِد مِنْهُمَا النقضان يُقَال بخسنى حَقي ومكسنيه وَقد روى فى قَوْله ... وَفِي كل مَا بَاعَ امْرُؤ مَكْسُ دِرْهَم ... بخس دِرْهَم. وَالْمعْنَى أَنه يُؤْخَذ المكس باسم الْعشْر يتَأَوَّل فِيهِ معنى الزَّكَاة وَهُوَ ظلم. والسحت أى الرِّشْوَة فى الحكم والشهادات والشفاعات وَغَيرهَا باسم الْهَدِيَّة وَيقتل من لَا تحل الشَّرِيعَة قَتله ليتعظ بِهِ الْعَامَّة. أَتَاكُم اهل الْيمن هم أرق قلوبا وألين أَفْئِدَة وابخع طَاعَة.
البخاع أَي أبلغ طَاعَة. من بخع الذَّبِيحَة إِذا بَالغ فى ذَبحهَا وَهُوَ أَن يقطع عظم رقبَتهَا ويبلغ بِالذبْحِ البخاع. والبخاع بِالْبَاء الْعرق الذى فى الصلب. والنخع دون ذَلِك وَهُوَ أَن يبلغ بِالذبْحِ النخاع وَهُوَ الْخَيط الْأَبْيَض الذى يجرى فى الرَّقَبَة.

(1/82)


هَذَا أَصله ثمَّ كثر حَتَّى اسْتعْمل فِي كل مُبَالغَة فَقيل بخعت لَهُ نصحي وجهدى وطاعتى. وَالْفِعْل هَهُنَا مجعول للطاعة كَأَنَّهَا هِيَ الَّتِي بخعت أَي بالغت وَهَذَا من بَاب نهارك صَائِم ونام ليل الهوجل. الْفُؤَاد وسط الْقلب سمى بذلك لتفؤده أَي لتوقده. زيد بن ثَابت فى الْعين الْقَائِمَة إِذا بخقت مائَة دِينَار. أى فقئت يعْنى أَنَّهَا إِذا كَانَت عوراء لَا يبصر بهَا إِلَّا أَنَّهَا غير منخسفة فعلى فاقئها كَذَا. الْقرظِيّ قَالَ فى قَوْله تَعَالَى {قُلْ هُوَ الله أحد الله الصَّمد} . وَلَو سكت عَنْهَا لتبخص بهَا رجال فَقَالُوا مَا صَمد فَأخْبرهُم أَن الصَّمد الذى لم يلد وَلم يُولد وَلم يكن لَهُ كفوا أحد.
البخص أَخذ من البخص وَهُوَ لحم عِنْد الجفن الْأَسْفَل يظْهر من النَّاظر عِنْد التحديق إِذا أنكر شَيْئا أَو تعجب مِنْهُ. يُرِيد لَوْلَا أَن الْبَيَان اقْترن بِهَذَا الِاسْم لتحيروا فِيهِ حَتَّى تنْقَلب أجفانهم وتشخص أَبْصَارهم. الْحجَّاج أُتِي بزيد بن الْمُهلب يرسف فى حَدِيد فَأقبل يخْطر بِيَدِهِ فغاظ ذَلِك الْحجَّاج فَقَالَ ... جَمِيلُ المُحَيَّا بَخْتَرِيٌّ إِذا مَشى ... وَقد ولي عَنهُ فَالْتَفت إِلَيْهِ فَقَالَ ... وفى الدِّرْع ضَخْمُ اَلْمنكِبَيْنِ شِنَاقُ ...

(1/83)


فَقَالَ الْحجَّاج قَاتله الله مَا أمضى جنانة وأحلف لِسَانه
بخترى البخْترِي المتبختر. الشناق الطَّوِيل رجل حَلِيف اللِّسَان أى ذربه. والبخقاء فى صف. مبخوص الْكَعْبَيْنِ فِي نه. بخ بخ فِي نس. يبخع لنا فِي ضج. وبخعها فِي زف. باخق الْعين فِي صع. مبخرة فِي زو. بخ فِي بر. وتبخلون فِي جب.
الْبَاء مَعَ الدَّال
. النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي أبدع بِي فَاحْمِلْنِي.
بدع أبدعت الرَّاحِلَة إِذا انْقَطَعت عَن السّير بكلال أَو ضلع. جعل انقطاعها عَمَّا كَانَت مستمرة عَلَيْهِ من عَادَة السّير إبداعا مِنْهَا أَي إنْشَاء أَمر خَارج عَمَّا اُعْتِيدَ مِنْهَا وَألف واتسع فِيهِ حَتَّى قيل أبدعت حجَّة فلَان. وأبدع بره بشكري إِذا لم يَفِ شكره ببره. وَمعنى أبدع بِالرجلِ انْقَطع بِهِ أَي انْقَطَعت بِهِ رَاحِلَته كَقَوْلِك سَار زيد بِعَمْرو فَإِذا بنيت الْفِعْل للْمَفْعُول بِهِ وحذفت الْفَاعِل قلت سير بِعَمْرو فأقمت الْجَار وَالْمَجْرُور مقَام الْفَاعِل. وكما أَن الْمَعْنى فى سير بِعَمْرو سير عَمْرو كَذَلِك الْمَعْنى فى انْقَطع بِالرجلِ قطع الرجل. أى قطع عَن السّير. نفل فى البدأة الرّبع وَفِي الرّجْعَة الثُّلُث.
البدأة بدأة الْأَمر أَوله ومبتدؤه يُقَال أما بادى بدأة فَإِنِّي أَحْمد الله. وَهِي فِي الأَصْل الْمرة من البدء مصدر بَدَأَ وَالْمرَاد ابْتِدَاء الْغَزْو. يعْنى أَنه كَانَ إِذا نهضت سَرِيَّة من جملَة الْعَسْكَر الْمقبل على الْعَدو فأوقعت نفلها الرّبع مِمَّا غنمت وَإِذا فعلت ذَلِك عِنْد قفول الْعَسْكَر نفلها الثُّلُث لِأَن الكرة الثَّانِيَة أشق والخطة فِيهَا أعظم. لَا تبادروني بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُود فَإِنَّهُ مهما أسبقكم بِهِ إِذا ركعت تدركوني ذَا

(1/84)


رفعت وَمهما أسبقكم بِعْ إِذا سجدت تدركوني إِذا رفعت إِنِّي قد بدنت.
الْبدن أى صرت بدنا وَالْبدن المسن وَنَظِيره عجزت الْمَرْأَة وعود الْجمل ونيبت النَّاقة. وروى بدنت أَي ثقلت على الْحَرَكَة ثقلهَا على الرجل البادن وَهُوَ الضخم الْبدن يُقَال بَدَن بُدْناً وبَدُنَ بُدْناً وبَدَانة وَلَا يَصح لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يُوصف بالبدانة. تدركوني أَي تدركوني بِهِ فَحذف لِأَنَّهُ مَفْهُوم كحذفهم مِنْهُ فِي قَوْلهم السّمن منوان بدرهم. وَالْمعْنَى أَي شَيْء من الرُّكُوع أَو السُّجُود سبقتكم بِهِ عِنْد خفض الرَّأْس فَإِنَّكُم مدركوه عِنْد رَفعه لثقل حركتي. قَالَ سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله عَنهُ قدمت الْمَدِينَة من الْحُدَيْبِيَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرجت أَنا ورباح وَمَعِي فرس أَبى طَلْحَة أبديه مَعَ الْإِبِل فَلَمَّا كَانَ بِغَلَس أغار عبد الرَّحْمَن بن عُيَيْنَة على إبل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقتل راعيها ثمَّ ذكر لُحُوقه بِهِ ورميه الْمُشْركين. قَالَ فَإِذا كنت فِي الشجراء خزقتهم بِالنَّبلِ. فَإِذا تضايقت الثنايا عَلَوْت الْجَبَل فرديتهم بِالْحِجَارَةِ. ثمَّ ذكر مَجِيئه إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ وَهُوَ على المَاء الذى حلأتهم عَنهُ بِذِي قرد فَقلت خلنى فانتخب من أَصْحَابك مائَة رجل فآخذ على الْكفَّار بالعشوة فَلَا يبْقى مِنْهُم مخبر إِلَّا قتلته.
الإبداء أبديه أبرزه إِلَى المرعى. الشجراء الْأَشْجَار الْكَثِيرَة المتكاثفة. وَهِي اسْم جمع للشجرة كالقصباء والطرفاء والأشاء. الخزق الْإِصَابَة يُقَال سهم خازق وخاسق أَي مقرطس نَافِذ.

(1/85)


الردى الرمى بِالْحجرِ وَهُوَ المرداة. التحلئة الْمَنْع والطرد وَمِنْهَا التحلئة الَّتِى يقشرها الدّباغ عَن الْجلد لِأَنَّهَا تمنع الدّباغ. العشوة بالحركات الثَّلَاث ظلمَة اللَّيْل قَالُوا فِي الْمثل ... أوطأته العشوة ... إِذا سامه أمرا متلبسا يغتره بِهِ لِأَن من وطىء الظلمَة يطَأ مَا لَا يبصره فَرُبمَا تردى فى هوة أَو وضع قدمه على هَامة ثمَّ كثر ذَلِك حَتَّى اسْتعْملت العشوة فى معنى الْغرَّة فَقيل أخذت فلَانا على عشوة وسمته عشوة. إِن تهَامَة كبديع الْعَسَل حُلْو أَوله وَآخره.
البديع البديع الزق الْجَدِيد وَهِي صفة غالبة كالحية والعجوز. وَالْمعْنَى استطابة أَرض تهَامَة كلهَا أَولهَا وَآخِرهَا كَمَا يستحلي زق الْعَسَل من حَيْثُ يبتدأ فِيهِ إِلَى أَن ينتهى. وَقيل مَعْنَاهُ أَنَّهَا فى أول الزَّمَان وَآخره على حَال صَالِحَة. وَقيل لَا يتَغَيَّر طيبها كَمَا أَن الْعَسَل حُلْو أول مَا يشتار وَيجْعَل فِي الزق وَبعد مَا تمضى عَلَيْهِ مُدَّة طَوِيلَة. لما كَانَ انكشاف الْمُسلمين يَوْم حنين أَبَد يَده إِلَى الأَرْض فَأخذ مِنْهَا قَبْضَة من تُرَاب فحذا بهَا فى وُجُوههم فَمَا زَالَ حَدهمْ كليلا.
بدد أَي مدها يُقَال أبدَّ السَّائِل رغيفا أَي مد يدك بِهِ إِلَيْهِ. وَمِنْه حَدِيث عمر بن عبد الْعَزِيز إِنَّه لما حَضرته الْوَفَاة قَالَ أجلسوني فَأَجْلَسُوهُ فَقَالَ أَنا الَّذِي أَمرتنِي فقصرت ونهيتني فعصيت وَلَكِن لَا إِلَه إِلَّا الله. ثمَّ رفع رَأسه فأبدَّ النّظر وَقَالَ إِنِّي لَا أَي إِنِّي لَا أشرك أَو إِنِّي لَا أعيش. القبضة بِمَعْنى الْمَقْبُوض كالغرفة بِمَعْنى المغروف. حذا وحثا وَاحِد كجذا وَجَثَا.

(1/86)


من بدا جَفا وَمن اتبع الصَّيْد غفل وَمن اقْترب من أَبْوَاب الشَّيْطَان افْتتن.
بَدو بدوت أبدو إِذا أتيت البدو وَمِنْه قيل لأهل الْبَادِيَة بادية كَمَا قيل لحاضري الْأَمْصَار حَاضِرَة. جَفا أَي صَار فِيهِ جفَاء الْأَعْرَاب لتوحشه وانفراده عَن النَّاس. غفل أَي شغل الصَّيْد قلبه وألهاه حَتَّى صَارَت فِيهِ غَفلَة. وَلَيْسَ الْغَرَض مَا يزعمه جهلة النَّاس أَن الْوَحْش نعم الْجِنّ فَمن تعرض لَهَا خيلته وغفلته. الْخَيل مبدأة يَوْم الْورْد. أَي مُقَدّمَة على غَيرهَا يبْدَأ بهَا السَّقْي. أُتي ببدر فِيهِ خضرات من الْبُقُول.
بدر هُوَ الطَّبَق سمى بدر استدارته كَمَا يُسمى الْقَمَر حِين يستدير بَدْرًا. خضرات غضات يُقَال بقلة خضرَة وورق خضر قَالَ الله تَعَالَى {فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً} . عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام الابدال بِالشَّام والنجباء بِمصْر والعصائب بالعراق.
الأبدال هم خِيَار بدل من خِيَار جمع بدل وَبدل. العصائب جمع عِصَابَة. وَيُرِيد طوائف يَجْتَمعُونَ فَيكون بَينهم حَرْب. لما خطب فَاطِمَة عَلَيْهِمَا السَّلَام قيل لَهُ مَا عنْدك قَالَ فرسي وبدني.
بدن هِيَ الدرْع القصيرة سميت بذلك لِأَنَّهَا مجول للبدن لَيست بسابغة تعم الْأَطْرَاف. الزبير كَانَ حسن الباد على السرج إِذا ركب.
الباد البادَّان أصلا الفخذين سميا بذلك لانفراجهما. وَقيل لامْرَأَة من الْعَرَب علام تمنعين زَوجك القضة فَإِنَّهُ يعتل بك قَالَت كذب وَالله إِنِّي لأطأطىء الوساد وأُرخي الباد.

(1/87)


وَالْمعْنَى أَنه كَانَ حسن الرّكْبَة. حمل يَوْم الخَنْدَق على نَوْفَل بن عبد الله بن الْمُغيرَة بِالسَّيْفِ حَتَّى شقَّه بِاثْنَيْنِ وَقطع أبدوج سَرْجه وَيُقَال خلص إِلَى كَاهِل الْفرس فَقيل يَا أَبَا عبد الله مَا رَأينَا مثل سَيْفك فَيَقُول وَالله مَا هُوَ السَّيْف وَلكنهَا الساعد أكرهتها.
بدج هُوَ اللبد كانها كلمة أَعْجَمِيَّة. سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ يَوْم الشورى بَعْدَمَا تكلم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ الْحَمد الله بديا كَانَ وآخراَ يعود. أَحْمَده كَمَا أنجاني من الضَّلَالَة وبصرني من الْجَهَالَة بِمُحَمد بن عبد الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم استقامت الطّرق واستنارت السبل وَظهر كل حق وَمَات كل بَاطِل إِنِّي نكبت قَرْني فَأخذت السهْم الفالج وَأخذت لطلْحَة بن عبيد الله مَا أخذت لنَفْسي فى حضوري فَأَنا بِهِ زعيم وَبِمَا أَعْطَيْت عَنهُ كَفِيل وَالْأَمر إِلَيْك يَابْنَ عَوْف. البدى الأول وَمِنْه أفعل هَذَا بادىء بديٍّ أَي كَانَ الله عز وَجل أَولا قبل كل شَيْء وَيكون حِين تفنى الْأَشْيَاء كلهَا وَيبقى وَجهه آخر كَمَا كَانَ أَولا فَهُوَ الأول وَالْآخر. وَمعنى يعود يصير وَقد مضى شَرحه. الْقرن جعبة صَغِيرَة تقرن إِلَى الْكَبِيرَة. الفالج السهْم الفائز فى النضال. وَالْمعْنَى إِنِّي نظرت فِي الآراء وقلبتها فاخترت الرَّأْي الصائب مِنْهَا وَهُوَ الرضاء بِحكم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وأجزت على طَلْحَة مثل مَا أجزته على نَفسِي وَأَنا زعيم بذلك أَي ضَامِن. أم سَلمَة إِن مَسَاكِين سألوها فَقَالَت جَارِيَة أبديهم تَمْرَة تَمْرَة.

(1/88)


التبديد أَي فرقي فيهم من التبديد يُقَال أبددتهم الْعَطاء إِذا لم تجمع بَين اثْنَيْنِ. قَالَ أَبُو ذُؤَيْب ... فأَبدَّهُنَّ حُتُوَفُهَّن فَهَاربٌ ... بِذَمَائِه أَو بارِكٌ مُتَجَعْجِعُ ... ابْن الْمسيب فِي حَرِيم الْبِئْر الْبَدِيِّ خمس وَعِشْرُونَ ذِرَاعا وَفِي القليب خَمْسُونَ ذِرَاعا.
البدى هِيَ الَّتِي بدئت فحُفرت فِي الأَرْض الْموَات وَلَيْسَت بعادية فَلَيْسَ لأحد أَن يحْفر حولهَا خمْسا وَعشْرين ذِرَاعا. والقليب العادية فَلَيْسَ لأحد أَن ينزل على خمسين ذِرَاعا مِنْهَا ويتخذها دَار فَإِنَّهَا الْعَامَّة من النَّاس. عِكْرِمَة إِن رجلا بَاعَ من التمارين سَبْعَة أصوع بدرهم فتبددوه بَينهم فَصَارَ على كل رجل حِصَّة من الْوَرق فَاشْترى من رجل مِنْهُم تَمرا أَرْبَعَة أصوع بدرهم فَسَأَلَ عِكْرِمَة فَقَالَ لَا بَأْس أخذت أنقص مِمَّا بِعْت.
بدد تبددوه أَي اقتسموه بددا أَي حصصا على السوَاء. بكر بن عبد الله كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتمازحون حَتَّى يتبادحون بالبطيخ فَإِذا حزبهم أَمر كَانُوا هم الرِّجَال أَصْحَاب الْأَمر. أَي يترامون.
بدح والبدح رميك بِكُل شَيْء فِيهِ رخاوة. حَتَّى هَذِه هِيَ الَّتِى يبتدأ بعْدهَا الْكَلَام. كَالَّتِي فِي قَوْله ... وحتَّى الجِيادُ مَا يقدْن بأَرْسَانِ ... وَالتَّقْدِير حَتَّى هم يتبادحون وَلَو كَانَت هِيَ الجارة لسقطت النُّون لإضمار أَن بعْدهَا. بَوَادِر فِي ظه. بادناً فِي شَذَّ. المبدىء فِي نك. فَلَا تبدحيه فِي سد. الْبدن فِي رج. بددا فِي عل. وَذُو بدوان فِي عد. بوادره فِي سا.

(1/89)


الْبَاء مَعَ الذَّال
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم البذاذة من الْإِيمَان.
بذاذة يُقَال بذذت بعدِي بذاذة وبذاذا وبذذاً أَي رثت هيئتك. وَالْمرَاد التَّوَاضُع فِي اللبَاس وَلبس مَالا يُؤَدِّي مِنْهُ إِلَى الْخُيَلَاء والرفول وَأَن لذَلِك موقعا حسنا فِي الْإِيمَان. وَرجل باذّ الْهَيْئَة وبذها.
بذة وَمِنْه إِن رجلا دخل الْمَسْجِد وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب فَأمره أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. ثمَّ قَالَ إِن هَذَا دخل الْمَسْجِد فِي هَيْئَة بذة فَأَمَرته أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَأَنا أُرِيد أَن بفطن لَهُ رجل فَيتَصَدَّق عَلَيْهِ. يُؤْتى بِابْن آدم يَوْم الْقِيَامَة كَأَنَّهُ بذج من الذل.
بذخ هِيَ كلمة فارسية تَكَلَّمت بهَا الْعَرَب وَهُوَ أَضْعَف مَا يكون من الحملان وَتجمع على بذجان. ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا سُئِلَ عَن الباذق فَقَالَ سبق مُحَمَّد الباذق وَمَا أسكر فَهُوَ حرَام.
بذق هُوَ تعريب باذه وَمَعْنَاهَا الْخمر. الشّعبِيّ رَحمَه الله إِذا عظمت الْحلقَة فَإِنَّمَا هِيَ بذاء ونجاء. أَي مباذاة وَهِي الْفَاحِشَة ومناجاة. فِيهِ بذاذة فِي تا. فِي هَيئته بذاذة فِي حج. بذيا فِي طف. يبذ الْقَوْم فِي مغ. فابدعر فِي زف. الْبذر فِي نو. فَمَا ابدقر فِي مذ.
الْبَاء مَعَ الرَّاء
. النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما توجه نَحْو الْمَدِينَة خرج بُرَيْدَة الْأَسْلَمِيّ رَضِي الله عَنهُ

(1/90)


فِي سبعين رَاكِبًا من أهل بَيته من بني سهم فَتلقى نَبِي الله لَيْلًا. فَقَالَ لَهُ من أَنْت فَقَالَ بُرَيْدَة فَالْتَفت إِلَى أَبى بكر وَقَالَ يَا أَبَا بكر بزد أمرنَا وَصلح ثمَّ قَالَ مِمَّن قَالَ من أسلم. قَالَ لأبي بكر سلمنَا. ثمَّ قَالَ مِمَّن قَالَ من بني سهم. قَالَ خرج سهمك.
برد برد أمرنَا أى سهل من الْعَيْش الْبَارِد وَهُوَ الناعم السهل وَقيل ثَبت من برد لي عَلَيْهِ حق. خرج سهمك أَي ظَفرت. وَأَصله أَن يجيلوا السِّهَام على شىء فَمن خرج سَهْمه حازه. من صلى البردين دخل الْجنَّة. هما الْغَدَاة والعشي لطيب الْهَوَاء وبرده فيهمَا. إِذا اشْتَدَّ الْحر فأبردوا بِالصَّلَاةِ. أَي صلوها إِذا انْكَسَرَ وهج الشَّمْس بعد الزَّوَال وَإِذا كَانُوا فِي سفر فَزَالَتْ الشَّمْس وهبت الْأَرْوَاح تنادوا أبردتم بالرواح. وَحَقِيقَة الْإِبْرَاد الدُّخُول فِي الْبرد. كَقَوْلِك أظهرنَا وأفجرنا. وَالْبَاء للتعدية. فَالْمَعْنى ادخُلُوا الصَّلَاة فِي الْبرد. الصَّوْم فِي الشتَاء الْغَنِيمَة الْبَارِدَة.
بَارِدَة هِيَ الَّتِي تَجِيء عفوا من غير أَن يصطلي دونهَا بِنَار الْحَرْب ويباشر حر الْقِتَال. وَقيل الثَّابِتَة الْحَاصِلَة من برد لي عَلَيْهِ حق. وَقيل الهنية الطّيبَة من الْعَيْش الْبَارِد. وَالْأَصْل فِي وُقُوع الْبرد عبارَة عَن الطّيب والهناءة أَن الْهَوَاء وَالْمَاء لما كَا طيبهما ببردهما خُصُوصا فِي بِلَاد تهَامَة والحجاز قيل هَوَاء بَارِد وَمَاء بَارِد على سَبِيل الاستطابة ثمَّ كثر حَتَّى قيل عَيْش بَارِد وغنيمة بَارِدَة وَبرد أمرنَا. كَانَ يكْتب إِلَى أمرئه إِذا أبردتم إِلَيّ بريدأ فَاجْعَلُوهُ حسن الْوَجْه حسن الِاسْم.

(1/91)


أَي إِذا ارسلتم إِلَى رَسُولا.
بريد والبريد فِي الأَصْل الْبَغْل وَهِي كلمة فارسية أَصْلهَا بريده دم أَي مَحْذُوف الذَّنب لِأَن بغال الْبَرِيد الْبَرِيد كَانَت محذوفة الأذناب فعربت الْكَلِمَة وخففت ثمَّ سمي الرَّسُول الَّذِي يركبه بريداً والمسافة الَّتِي بَين السكتين بريداً. وَالسِّكَّة الْموضع الَّذِي يسكنهُ الفيوج المرتبون من رِبَاط أَو قبَّة أَو بَيت أَو نَحْو ذَلِك وَبعد مَا بَين السكتين فرسخان وَكَانَ يرتب فِي كل سكَّة بغال. أبرقوا فَأن دم عفراء أزكى عِنْد الله من دم سوداوين.
برقاء أَي ضحوا بالبرقاء وَهِي الشَّاة الَّتِي تشق صوفها الْأَبْيَض طاقات سود. والعفراء الَّتِي يضْرب لَوْنهَا إِلَى بَيَاض من عفرَة الأَرْض. سُئِلَ أَي الْكسْب أفضل فَقَالَ عمل الرجل بِيَدِهِ وكل بيع مبرور. بره أَي أحسن إِلَيْهِ فَهُوَ مبرور. ثمَّ قيل بر الله عمله إِذا قبله كَأَنَّهُ أحسن إِلَى عمله بِأَن قبله وَلم يردهُ. وَمِنْه حَدِيث أيى قلَابَة إِنَّه قَالَ لخَالِد الْحذاء وَقد قدم من مَكَّة بر الْعَمَل. وَالْبيع المبرور هُوَ الَّذِي لم يخالطه كذب وَلَا شَيْء من المآثم كَأَن صَاحبه أحسن إِلَيْهِ بإخلائه عَن ذَلِك. يبْعَث الله مِنْهَا سبعين ألفا لَا حِسَاب عَلَيْهِم وَلَا عَذَاب فِيمَا بَين البرث الْأَحْمَر وَبَين كَذَا. هُوَ الأَرْض اللينة جمعهَا براث.
برث الضَّمِير مِنْهَا لحمص وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَن جمَاعَة كثيفة من الْمُؤمنِينَ قتلوا هُنَاكَ.

(1/92)


أُهدي مائَة بَدَنَة مِنْهَا جمل كَانَ لأبي جهل فِي أَنفه برة من فضَّة.
برة هى الْحلقَة ونقصانها وَاو لقَولهم برة مبروَّة أَي معمولة. سُئِلَ عَن مُضر فَقَالَ كنَانَة جوهرها وَأسد لسانها الْعَرَبِيّ وَقيس فرسَان الله فِي الأَرْض وهم أَصْحَاب الْمَلَاحِم وَتَمِيم يرثمتها وجرثمتها.
برثمة قيل أَرَادَ بالبرثمة البرثنة وَاحِد البراثن وَهِي المخالب وَالْمرَاد شوكتها وقوتها فأبدل من النُّون ميما لتعاقبهما ولتزاوج الجرثمة كالغدايا والعشايا. والجرثمة الجرثومة وَهِي أصل الشَّيْء ومجتمعه. انْطلق للبراز فَقَالَ لرجل ائْتِ هَاتين الْأَشْيَاء تين فَقل لَهما حَتَّى تجتمعا فاجتمعتا فَقضى حَاجته.
برَاز البرَاز الفضاء واشتق مِنْهُ تبرز كَمَا قيل من الْغَائِط تغوط. الأشاءة النَّخْلَة الصَّغِيرَة. إِن أَبَا طَلْحَة قَالَ لَهُ إِن أحب أَمْوَالِي إليّ بيرحي وَإِنَّهَا صَدَقَة الله أَرْجُو برهَا وَذُخْرهَا عِنْد الله. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بخ ذَلِك مَال رابح أَو قَالَ رائح.
برا بيرحي اسْم أَرض كَانَت لَهُ وَكَأَنَّهَا فيعلى من البراح وَهِي الأَرْض المنكشفة الظَّاهِرَة. بخ كلمة يَقُولهَا المعجب بالشَّيْء. رابح ذُو ربح كَقَوْلِهِم همٌّ ناصب رائح قريب الْمسَافَة يروح خَيره وَلَا يعزب. قَالَ ... سأَطْلب مَالا بِالْمَدِينَةِ إِنَّنِي ... أَرَى عازبَ الْأَمْوَال قلَّت فَوَاضِلُه ... .

(1/93)


خرج من مَكَّة مُهَاجرا إِلَى الْمَدِينَة وَأَبُو بكر وَمولى أبي بكر بن عَامر بن فهَيْرَة وَدَلِيلهمَا اللَّيْثِيّ عبد الله بن اريقط فَمروا على خَيْمَتي أم معبد وَكَانَت بَرزَة جلدَة تَحْتَبِيَ بِفنَاء الْقبَّة ثمَّ تَسْقِي وَتطعم. فَسَأَلُوهَا لَحْمًا وَتَمْرًا يشترونه مِنْهَا فَلم يُصِيبُوا عِنْدهَا شَيْئا من ذَلِك. وَكَانَ الْقَوْم مُرْمِلِينَ مشتين وروى مُسنَّتَيْنِ فَنظر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى شَاة فِي كسر الْخَيْمَة فَقَالَ مَا هَذِه الشَّاة يَا أم معبد قَالَت شَاة خلفهَا الْجهد عَن الْغنم. فَقَالَ هَل بهَا من لبن قَالَت / ي أجهد من ذَلِك قَالَ أَتَأْذَنِينَ لي أَن أَحْلَبَهَا قَالَت بِأبي أَنْت وَأمي إِن رَأَيْت بهَا حَلبًا فاحلبها. وَرُوِيَ أَنه نزل هُوَ وَأَبُو بكر بِأم معبد وذفان مخرجه إِلَى الْمَدِينَة. فَأرْسلت إِلَيْهِم شَاة فَرَأى فِيهَا بصرة من لبن فَنظر إِلَى ضرْعهَا فَقَالَ إِن بِهَذِهِ لَبَنًا وَلَكِن ابغنى شَاة لَيْسَ فِيهَا لبن فَبعثت إِلَيْهِ بعناق جَذَعَة فَدَعَا بهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمسح بِيَدِهِ ضرْعهَا وسمى الله ودعا لَهَا فى شائها فتفاجّت عَلَيْهِ ودرَّت واجترت. وروى أَنه قَالَ لِابْنِ أم معبد يَا غُلَام هَات قرواً فَأَتَاهُ بِهِ فَضرب ظهر الشَّاة فاجترت وَدرت ودعا بِإِنَاء يربض الرَّهْط فَحلبَ بِهِ ثَجًّا حَتَّى علاهُ الْبَهَاء وروى الثمال ثمَّ سَقَاهَا حَتَّى رويت وَسَقَى أَصْحَابه حَتَّى رووا فَشرب آخِرهم ثمَّ أراضوا عللا بعد نهل ثمَّ حلب فِيهِ ثَانِيًا بعد بَدْء حَتَّى مَلأ الْإِنَاء ثمَّ غَادَرَهُ عِنْدهَا ثمَّ بَايَعَهَا ثمَّ ارتحلوا عَنْهَا. فقلما لَبِثت حَتَّى جَاءَ زَوجهَا أَبُو معبد يَسُوق أَعْنُزًا عِجَافًا تشاركن هزالًا. وَرُوِيَ تساوك. وروى مَا تساوق مُخّهنَّ قَلِيل. فَلَمَّا رأى أَبُو معبد اللَّبن عجب وَقَالَ من

(1/94)


أَيْن لَك هَذَا يَا أم معبد وَالشَّاء عَازِب حِيَال وَلَا حَلُوب فِي الْبَيْت قَالَت لَا وَالله إِلَّا أَنه مر بِنَا رجل مبارك كمن حَاله كَذَا وَكَذَا فَقَالَ صَفيه لي يَا أم معبد. قَالَت رَأَيْت رجلا ظَاهر الْوَضَاءَة أَبْلَج الْوَجْه حسن الْخلق لم تَعبه ثجلة وَلم تزر بِهِ صقلة وروى صعلة وروى لم يعبه نحلة وَلم يزر بِهِ صقلة وسيما قسيما فى عَيْنَيْهِ دعجٌ وَفِي أَشْفَاره عطف. أَو قَالَ عطف. وَرُوِيَ وَطف وفى صَوته صَحِلَ وَفِي عُنُقه سَطَعَ وَفِي لحيته كثاثة أَزجّ أقرن إِن صمت فَعَلَيهِ الْوَقار وَإِن تكلم سما وعلاه الْبَهَاء أجل النَّاس وأبهاهم من بعيد وَأحسنه وأجمله من قريب حُلْو الْمنطق فصل لَا نزر وَلَا هذر كَأَنَّمَا مَنْطِقه خَرَزَات نظم يتحدرن ربعَة لَا يائس من طول وَلَا تَقْتَحِمُهُ عين من قصر غُصْن بَين غُصْنَيْنِ فَهُوَ أَنْضَرُ الثَّلَاثَة منْظرًا وَأَحْسَنهمْ قدرا لَهُ رُفَقَاء يحفونه إِن قَالَ أَنْصتُوا لقَوْله وَإِن أَمر تبَادرُوا إِلَى أمره مَحْفُودٌ محشود لَا عَابس وَلَا مُعْتَد. قَالَ أَبُو معبد هُوَ وَالله صَاحب قُرَيْش الَّذِي ذكرنَا لنا من أمره مَا ذكر بِمَكَّة لقد هَمَمْت أَن أَصْحَبهُ وَلَأَفْعَلَن إِن وجدت إِلَى ذَلِك سَبِيلا فَأصْبح الصَّوْت ببكة عَالِيا يسمعُونَ الصَّوْت وَلَا يَدْرُونَ من صَاحبه ... جزى الله رب النَّاس خير جَزَائِهِ ... رَفِيقَيْنِ قَالاَ خَيْمَتي أمِّ مَعْبَد
هما نَزَلاَها بالهُدى واهتدت بهم ... فقد فَازَ من أَمْسى رفيقَ مُحَمَّد
فيا لقُصَيّ مَا زوى اللهُ عَنْكُم ... بِهِ من فعال لَا يجارى وسؤدد
ِلَيْهن بني كَعْب مقامُ فَتاتهم ... ومقعدُها للْمُؤْمِنين بمَرْصَد
سلُوا أختكم عَن شَاتِها وإنائها ... فَإِنَّكُم إِن تسألوا الشاةَ تَشْهدِ
دَعَاهَا بشاةٍ حَائِل فتحلبت ... لَهُ بِصَرِيح ضرَّة الشَّاة مزِيد ...

(1/95)


.. فغادرها رَهْناً لَدَيْهَا لحالب ... يردّدها فِي مَصْدرٍ ثمَّ مورد ...
بَرزَة البرزة العفيفة الرزينة الَّتِي يتحدث إِلَيْهَا الرِّجَال فَتبرز لَهُم وَهِي كهلة قد خلا بهَا سنّ فَخرجت عَن حد المحجوبات وَقد برزت برازة. المرمل الَّذِي نفد زَاده فرقت حَاله وسخفت من الرمل وَهُوَ نسج سخيف وَمِنْه الأرملة لرقة حَالهَا بعد قيمتهَا. المشتى الدَّاخِل فى الشتَاء. والمسنت الدَّاخِل فى السّنة وَهِي الْقَحْط وتؤه بدل من هَاء لِأَن أصل أَسِنَت أسنهت. الْكسر بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح جَانب الْبَيْت. وذفان مخرجه أَي حدثان خُرُوجه وَهُوَ من توذف إِذا مر مرَّاً سَرِيعا. الْبَصْرَة أثر من اللَّبن يبصر فِي الضَّرع. التفاج تفَاعل من الفجج وَهُوَ أَشد من الفحج وَمِنْه قَوس فجَاء. وَعَن ابْنة الخس فِي وصف نَاقَة ضبعة عينهَا هاج وصلاها راج وتمشى تفاج. القرو إِنَاء صَغِير يردد فى الْحَوَائِج من قروت الأَرْض إِذا جلت فِيهَا وترددت. الإرباض الإرواء إِلَى أَن يثقل الشَّارِب فيربض. انتصاب ثَجًّا بِفعل مُضْمر اي يثج ثَجًّا أَو بحلب لِأَن فِيهِ معنى ثج وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى قَوْلك ثاجا نصبا على الْحَال. المُرَاد بالبهاء وبيص الرغوة. والثمال جمع ثمالة وَهِي الرغوة.

(1/96)


أرضوا من أراض الْحَوْض إِذا استنقع فِيهِ المَاء أَي نقعوا بِالريِّ مرّة بعد أُخْرَى. تشاركن هزالًا أَي عمهن الهزال فكأنهن قد اشتركن فِيهِ. التساوك التمايل من الضعْف قَالَ كَعْب ... حَرْفٌ تَوَارَثها السِّفارُ فجسْمُها ... عارٍ تَسَاوَكُ والفُؤَادُ خَطِيفُ ... تساوق الْغنم تتابعها فِي السّير كَأَن بَعْضهَا يَسُوق بَعْضهَا. وَالْمعْنَى أَنَّهَا لِضعْفِهَا وفرط هزالها تتخاذل ويتخلف بَعْضهَا عَن بعض. الحلوب الَّتِي تحلب. وَهَذَا مِمَّا يستغربه أهل اللُّغَة زاعمين أَنه فعول بِمَعْنى مفعولة نظرا إِلَى الظَّاهِر والحقيقة أَنه بِمَعْنى فاعلة وَالْأَصْل فِيهِ أَن الْفِعْل كَمَا يسند إِلَى مباشره يسند إِلَى الْحَامِل عَلَيْهِ والمطرق إِلَى إحداثه. وَمِنْه قَوْله ... إِذا رَدَّ عَافىِ القِدْرِ مَنْ يَسْتَعِيرها ... . وَقَوْلهمْ هزم الْأَمِير الْعَدو وَبني الْمَدِينَة. ثمَّ قيل على هَذَا النهج نَاقَة حَلُوب لِأَنَّهَا تحمل على احتلابها بِكَوْنِهَا ذَات حلب فَكَأَنَّهَا تحلب نَفسهَا لحملها على الْحَلب وَكَذَلِكَ نَاقَة ضبوث الَّتِي تشك فِي سمنها فتضبث فَكَأَنَّهَا تضبث نَفسهَا لحملها على الضبث بِكَوْنِهَا مشكوكا فِي شَأْنهَا. وَمن ذَلِك المَاء الشروب وَالطَّرِيق الرّكُوب واشباهها. بلج الْوَجْه بياضه وإشراقه. وَمِنْه الْحق أَبْلَج. الثجلة والثجل عظم الْبَطن. والصقلة والصقل طول الصقل وَهُوَ الخصر وَقيل ضمره وَقلة لَحْمه وَقد صقل وَهُوَ من قَوْلهم صقلت النَّاقة إِذا أضمرتها بالسير. وَالْمعْنَى إِنَّه لم يكن بمنتفخ الخصر وَلَا ضامره جدا.

(1/97)


والنحل النحول. والصعلة صغر الرَّأْس يُقَال رجل صعل وأصعل وَامْرَأَة صعلاء. القسام الْجمال وَرجل مقسم الْوَجْه كَأَن الْمَعْنى أَخذ كل مَوضِع مِنْهُ من الْجمال قسما فَهُوَ جميل كُله لَيْسَ فِيهِ شَيْء يستقبح. الْعَطف طول الأشفار وانعطافها أَي تثنيها والعطف والغطف وانعطف وانغطف وانغطف أَخَوَات. الوطف الطول. الصحل صَوت فِيهِ بحة لَا يبلغ أَن تكون جشة وَهُوَ يستحسن الْخلْوَة عَن الحدة المؤذية للصماخ. السطع طول الْعُنُق وَرجل أسطع وَامْرَأَة سطعاء وَهُوَ من سطوع النَّار. سما قيل ارْتَفع وَعلا على جُلَسَائِهِ. وَقيل علا بِرَأْسِهِ أَو بِيَدِهِ. وَيجوز أَن يكون الْفِعْل للبهاء أَي سَمَّاهُ الْبَهَاء وعلاه على سَبِيل التَّأْكِيد للْمُبَالَغَة فِي وَصفه بالبهاء والرونق إِذا أَخذ فِي الْكَلَام لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ أفْصح الْعَرَب. فصل مصدر مَوْضُوع مَوضِع اسْم الْفَاعِل أَي مَنْطِقه وسط بَين النزر والهذر فاصل بَينهمَا.
قَالُوا رجل ربعَة فَأَثْنوا والموصوف مُذَكّر على تَأْوِيل نفس ربعَة. وَمثله غُلَام يفعة وجمل حجأة. لَا يائس من طول يرْوى أَنه كَانَ فويق الربعة. فَالْمَعْنى أَنه لم يكن فِي حد الربعة غير متجاوز لَهُ فَجعل ذَلِك الْقدر من تجَاوز حد الربعة عدم يأس من بعض الطول. وفى تنكير الطول دَلِيل على معنى البعضية وروى ربعَة لَا يائس من طول. يُقَال فِي المنظر المستقبح اقتحمته الْعين أَي ازدرته كَأَنَّهَا وَقعت من قبحه فى قحمة وَهِي الشدَّة.

(1/98)


مَحْفُودٌ مخدوم. وأصل الحفد مداركة الخطو. محشود مُجْتَمع عَلَيْهِ تعنى أَن أَصْحَابه يزفون فى خدمته ويجتمعون عَلَيْهِ. خَيْمَتي نصب على الظّرْف أجْرى الْمَحْدُود مجري الْمُبْهم كبيت الْكتاب ... كَمَا عَسَل الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ ... اللَّام فِي يَا لقصي للتعجب كَالَّتِي كَالَّتِي فِي قَوْلهم يَا للدواهي وَيَا للْمَاء وَالْمعْنَى تَعَالَوْا يَا قصى لنعجب مِنْكُم فِيمَا أغفلتموه من حظكم وأضعتموه عَن عز كم بعصيانكم رَسُول الله صلى عَلَيْهِ واله وَسلم وإلجائكم إِيَّاه إِلَى الْخُرُوج من بَين أضهركم. وَقَوله (مَا زوى الله عَنْكُم) تعجب أَيْضا مَعْنَاهُ أَي شَيْء زوى الله عَنْكُم الضرة اصل الضَّرع الَّذِي لَا يخلوا من اللَّبن. وَقيل هِيَ الضَّرع كُله مَا خلا الْأَطِبَّاء. أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ دخل عَلَيْهِ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فى علته الَّتِي مَاتَ فِيهَا فَقَالَ أَرَاك بارئا يَا خَليفَة رَسُول الله فَقَالَ أما إِنِّي على ذَلِك لشديد الوجع وَلما لقِيت مِنْكُم يَا معشر الْمُهَاجِرين أَشد عليَّ من وجعي وليت أُمُوركُم خَيركُمْ فِي نَفسِي فكلكم ورم أَنفه أَن يكون لَهُ الْأَمر من دونه وَالله لتتخذن نضائد الديباج وستور الْحَرِير ولتألمن النّوم على الصُّوف الأدربي كَمَا يألم أحدكُم النّوم على حسك السعدان والذى نَفسِي بِيَدِهِ لِأَن يقدم أحدكُم فَتضْرب عُنُقه فِي غير حد خير لَهُ من أَن يَخُوض غَمَرَات الدُّنْيَا. يَا هادي الطَّرِيق جرت إِنَّمَا هُوَ الْفجْر أَو البجر. وروى الْبَحْر. قَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن خفض عَلَيْك يَا خَليفَة رَسُول الله فَإِن هَذَا يهيضك إِلَى مَا بك. وروى أَن فلَانا دخل عَلَيْهِ فنال من عمر قَالَ لَو اسْتخْلفت فلَانا فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ لَو فعلت ذَلِك لجعلت أَنْفك فِي قفاك وَلما أخذت من أهلك حقَّا.

(1/99)


وَدخل عَلَيْهِ بعض الْمُهَاجِرين وَهُوَ يشتكي فِي مَرضه فَقَالَ لَهُ أتستخلف علينا عمر وَقد عتا علينا وَلَا سُلْطَان لَهُ وَلَو ملكنا كَانَ أَعْتَى وأعتى فَكيف تَقول الله إِذا لَقيته فَقَالَ أَبُو بكر أجلسوني فَأَجْلَسُوهُ فَقَالَ أبالله تفرقنى فَإِنِّي أَقُول لَهُ إِذا لَقيته استعلمت عَلَيْهِم خير أهلك.
برىء برىء من الْمَرَض وبرأ فَهُوَ بارىء وَمَعْنَاهُ مزايلة الْمَرَض والتباعد مِنْهُ وَمِنْه برىء من كَذَا بَرَاءَة. ورم الْأنف كِنَايَة عَن إفراط الغيظ لِأَنَّهُ يردف الاغتياظ الشَّديد أَن يرم أنف المغتاظ وينتفخ منخراه قَالَ ... وَلَا يُهَاجُ إذَا مَا أَنْفُه وَرِما ... النضائد الوسائد والفرش وَنَحْوهَا مِمَّا ينضد الْوَاحِدَة نضيدة. الأذربي مَنْسُوب إِلَى أذربيجان. وروى الأذري. البجر الْأَمر الْعَظِيم. وَالْمعْنَى إِن انتظرت حَتَّى يضيء لَك الْفجْر أَبْصرت الطَّرِيق. وَإِن خبطت الظلماء أفضت بك إِلَى الْمَكْرُوه. وَقَالَ الْمبرد فِيمَن رَوَاهُ الْبَحْر ضرب ذَلِك مثلا لغمرات الدُّنْيَا وتحييرها أَهلهَا. خفض عَلَيْك أَي أبق على نَفسك وهون الْخطب عَلَيْهَا. الهيض كسر الْعظم المجبور ثَانِيَة وَالْمعْنَى أَنه ينكسك إِلَى مرضك. جعل الْأنف فِي الْقَفَا عبارَة عَن غَايَة الْإِعْرَاض عَن الشَّيْء ولى الرَّأْس عَنهُ لِأَن قصارى ذَلِك أَن يقبل بِأَنْفِهِ على مَا وَرَاءه فَكَأَنَّهُ جعل أَنفه فِي قَفاهُ وَمِنْه قَوْلهم للمنهزم عَيناهُ فِي قَفاهُ لنظره إِلَى مَا وَرَاءه دائبا فرقا من الطّلب وَالْمرَاد لأفرطت فِي الْإِعْرَاض عَن الْحق أَو لجعلت ديدنك الإقبال بِوَجْهِك إِلَى من وَرَاءَك من أقاربك مُخْتَصًّا لَهُم ببرك ومؤثرا إيَّاهُم على غَيرهم. تفرقني تخوفني من أهلك. كَانَ يُقَال لقريش أهل الله تفخيما لشأنهم وَكَذَلِكَ

(1/100)


كل مَا يُضَاف إِلَى اسْم الله كبيت الله وكقولهم لله أَنْت وكقول امْرِئ الْقَيْس فلِلّه عَيْنَا مَنْ رَأَى مِنْ تَفَرُّقٍ أَشَتَّ وَأَنْأَى من فِرَاقِ المُحصَّبِ. أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ رجل ضَرَبَنِي عمر ن فَسقط الْبُرْنُس عَن رَأْسِي فأغاثني الله بشعفتين فِي رَأْسِي.
الْبُرْنُس الْبُرْنُس كل ثوب رَأسه مِنْهُ ملتزق بِهِ دراة كَانَ أوجبه أَو ممطرا الشعفة خصْلَة فِي أَعلَى الرَّأْس. أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام خير بِئْر فِي الأَرْض زَمْزَم وَشرع بِئْر فِي الأَرْض برهوت.
برهوت هِيَ بِئْر بحضرموت يَزْعمُونَ أَن بهَا أَرْوَاح الْكفَّار وَقيل وأذ بِالْيمن. برهوت وَقيل هُوَ اسْم للبلد الَّذِي فِيهِ هَذِه الْبِئْر وَالْقِيَاس فِي قائها الزِّيَادَة لكَونهَا مزيدة فِي أخواتها الجائية على أَمْثَالهَا مِمَّا عرف اشتقاقه كالتربوت والخربوت وَغير ذَلِك. سعد رَضِي الله عَنهُ قَالَ لما قتل على راية الْمُشْركين من قبل من بني عبد الدَّار أَخذ اللِّوَاء غُلَام لَهُم أسود وَكَانَ قد انتكس فنصبه العَبْد وبربريسب فرميته وَأُصِيبَتْ ثغرته فَسقط صَرِيعًا فَأقبل أَبُو سُفْيَان فَقَالَ من رداه من رداه
بربرة البربرة كَثْرَة الْكَلَام ويحكى أَن إفريقيس أَبَا بلقيس غزا البربرة فَقَالَ مَا أَكثر بربرتهم فسمعو بذلك. رداه رَمَاه بِحجر.

(1/101)


عمار رَضِي الله عَنهُ الْجنَّة تَحت البارقة.
البارقة هِيَ السيوف لبريقها وَهَذَا كَقَوْلِهِم الحنة تَحت ظلال السيوف. ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ اصل كل دَاء الْبردَة.
الْبردَة هِيَ التُّخمَة لِأَنَّهَا تبرد حرارة الشَّهْوَة أولأنها ثَقيلَة على الْمعدة بطيئة الذّهاب من برد إِذا ثَبت وَسكن قَالَ ... الْيَوْم يومٌ بارِدٌ سَمُومُهُ ... مَنْ جَزِع اليَوْمَ فَلا نَلُومُه ... وَالْمعْنَى ذمّ الْإِكْثَار من الطَّعَام وَعَن بَعضهم (56) لَو سُئِلَ أهل الْقُبُور مَا سَبَب آجالكم لقالوا التخم حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ سبيع بن خَالِد أَتَيْنَا الْكُوفَة فَإِذا أَنا بِرِجَال مشرفين على رجل فَقَالُوا هَذَا حُذَيْفَة بن الْيَمَان فَقَالَ كَانَ النَّاس يسْأَلُون رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْخَيْر وَكنت أسأله عَن الشَّرّ فبرشموا إِلَيْهِ.
برشم برهم أَي حددوا النّظر وأداموه وَإِنْكَارا لقَوْله وتعجباً مِنْهُ يُقَال برشم إِلَيْهِ وبرهم وَإِنَّمَا كَانَ يسْأَله عَن الشَّرّ ليتوقاه فَلَا يَقع فِيهِ وَلِهَذَا كَانَت عَامَّة مَا يرْوى من أَحَادِيث الْفِتَن منسوبة إِلَيْهِ. أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ اسْتَعْملهُ عمر على الْبَحْرين فَلَمَّا قدم عَلَيْهِ قَالَ لَهُ ياعدوالله وعدو رَسُوله سرقت من مَال الله فَقَالَ لست بعدو الله وَلَا عَدو رَسُوله وَلَكِنِّي عَدو من عاداهما وَلكنهَا سِهَام اجْتمعت ونتاج خيل فَأخذ مِنْهُ عشرَة آلَاف دِرْهَم فألقاها فِي بَيت المَال ثمَّ دَعَاهُ إِلَى الْعَمَل فَأبى فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَإِن يُوسُف قد سَأَلَ الْعَمَل فَقَالَ إِن يُوسُف مني بَرِيء وَأَنا مِنْهُ برَاء وأخاف ثَلَاثًا واثنتين قَالَ أَفلا تَقول خمْسا قَالَ أَخَاف أَن أَقُول بِغَيْر حكم وأقضي بِغَيْر علم وأخاف أَن يُضرب ظَهْري وَأَن يشْتم عرضي وَأَن يُؤْخَذ مَالِي.

(1/102)


الْبَراء البريء. وَالْمرَاد بِالْبَرَاءَةِ بُعده عَنهُ فِي المقايسة لقُوَّة يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام بَرِيء وبراء على الِاسْتِقْلَال بأعباء الْولَايَة وَضَعفه عَنهُ وَأَرَادَ بِالثلَاثِ والاثنتين الْخلال الْمَذْكُورَة وَإِنَّمَا جعلهَا قسمَيْنِ لكَون التنتين وبالا عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة وَالثَّلَاث بلَاء وضرارا فِي الدُّنْيَا. ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لكل دَاخل برقة. هِيَ الْمرة من الْبَرْق مصدر برق يَبْرق إِذا بقى شاخص الْبَصَر حيرة وَأَصله أَن يشيم الْبَرْق فيضعف بَصَره. وَمِنْه حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ إِنَّه كتب إِلَى عمر رَضِي الله عَنهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الْبَحْر خلق عَظِيم يركبه خلق ضَعِيف دود على عود ن بَين غرق وبرق. يُرِيد أَن رَاكب الْبَحْر إِمَّا أَن يغرق أَو يكون مدهوشا من الْغَرق. عَلْقَمَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ أجو وَائِل قَالَ لي زِيَاد إِذا وليت الْعرَاق فائتني فَأتيت عَلْقَمَة فَسَأَلته قَالَ لَا تقربهم فَإِن على أَبْوَابهم فتنا كمبارك الْإِبِل لاتصيب من دنياهم شَيْئا إِلَّا أَصَابُوا من دينك مثلَيْهِ. أَرَادَ مبارك الْإِبِل الجربى. يَعْنِي أَن هَذِه الْفِتَن تعدى من يقربهُمْ إعداء هَذِه الْمُبَارك الْإِبِل الملس إِذا أنيخت فِيهَا. قَالَ تُعْدي (57) الصحاحَ مَباركُ الجرب على بن الْحُسَيْن صلوَات الله عَلَيْهِمَا اللَّهُمَّ صلّ على مُحَمَّد عدد البرى وَالثَّرَى والورى. البرى التُّرَاب الَّذِي على وَجه الأَرْض وَهُوَ العفر ن من بَرى لَهُ إِذا عرض وَظهر.
بَرى الثرى الندى الَّذِي تَحت البرى وَمِنْه قَوْلهم التقى الثريان أَي ندى الْمَطَر وبرى وندى الثرى.

(1/103)


مُجَاهِد رَحمَه الله قَالَ قَوْله عز وَجل {وأَنتُمْ سَامِدُون} البرطمة. هَذَا تَفْسِير للسمود والسامد الرافع رَأسه تَكْبِيرا والمبرطم المتخاوص فِي النضظر وَقيل المقطب المتغضب لكبره. وَجَاء فِي تَفْسِير ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {سَامِدون} متكبرون. قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ تخرج نَار من مَشَارِق الأَرْض تَسوق النَّاس إِلَى مغاربها سوق الْبَرْق الكسير. هُوَ الْجمل تغريب برة فِي الحَدِيث لاتبردوا عَن الظَّالِم. أَي تخففوا عَنهُ وَلَا تسهلوا عَلَيْهِ من عُقُوبَة ذَنبه بشتمه ولعنه. البيرم والبرم فِي (أَن) . البريح فِي (ول) . يتبرضه فِي خب) . البردفي (خي) . ثَلَاثِينَ بردة فِي (سر) . من هَذَا البرح فِي (سر) . غير أبرام فِي (عب) . كثيرات الْمُبَارك فِي (غث) . البرهرهة فِي (هُوَ) . بكم برة فِي (مس) . أبر عَلَيْهِم فِي (نض) . من البرحاء فِي (وغ) . برانياًّ فِي (جو) . وَهَذِه البرازق فِي (طر) . البرجمة فِي (وس) . إِن الْبر دون الْإِثْم فِي (رب) .
الْبَاء مَعَ الزَّاي
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت نبوة رَحْمَة ثمَّ تكون خلَافَة رَحْمَة ثمَّ تكون ملكا يملِّكه الله من يَشَاء من عباده ثمَّ تكون بزبزياَّ: قطع سَبِيل وَسَفك دِمَاء وَأخذ أَمْوَال بِغَيْر حَقّهَا.
البزبزرة أَي اسْتِيلَاء مَنْسُوبا إِلَى البزبزة وهني الْإِسْرَاع فِي الظُّلم والخفة إِلَى العسف وَأَصلهَا السُّوق الشَّديد وروى بزيزي بِوَزْن خليفي وَهِي مصدر من بزّ إِذا سلب وَمَعْنَاهَا كَثْرَة البزّ. الضَّمِير فِي كَانَت للْحَال وَكَذَلِكَ فِي تكون

(1/104)


خطب يَوْم فتح مَكَّة فَقَالَ: أَلا فِي قَتِيل خطأ الْعمد ثَلَاث وَثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاث وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبع وَثَلَاثُونَ مَا بَين ثنية إِلَى بازل عامها كلهَا خلفة.
بازل يُقَال: جمل بازل وناقة بازل: إِذا تمت لَهما ثَمَانِي سِنِين ودخلا فِي التَّاسِعَة. وَإِذا أَتَى على الْجمل عَام بعد البزول قيل لَهُ: مخلف فَأَما النَّاقة فَلَا تكون مخلفاً ن وَلَكِن يُقَال: بزول وبازل عَام. وَالضَّمِير فِي عامها يرجع إِلَى مَوْصُوف مَحْذُوف لِأَن التَّقْدِير: إِلَى نَاقَة بازل عامها ولايجوز رُجُوعه إِلَى بازل: نَفسهَا لِأَن البازل مُضَافَة إِلَى الْعَام فَلَو رجعت فأضفت الْعَام إِلَيْهَا كنت بِمَنْزِلَة من يَقُول ك سيد غُلَامه أَي سيد غُلَام السَّيِّد وَهَذَا محَال وَنَظِيره [58] فِي قَول حَاتِم يُخَاطب امْرَأَته: ... أماويّ إِنِّي رُبَّ وَاحدِ أُمِّه ... أَجَرْتُ فَلَا غرم عَلَيْهِ وَلَا أسر ... والخلفة وَهِي الْمَخَاض وَهِي الْحَوَامِل على غير لَفظهَا. فِي قصيدة أبي طَالب يُعَاتب قُريْشًا فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ... كذَبتُم وبَيْت الله يُبْزَي مُحمَّدُ ... وَلما نطاعن دونه ونقاتل ... أَي لايبزي فَحَذفهُ لِأَنَّهُ لايلبس وَمثله: ... فَقلت: ... يمينَ اللهِ أبرحُ قاعِدا ... وَقَوله: آلَيْت حب الْعرَاق الدَّهْر أطْعمهُ ...
البزو والبزو: الْقَهْر وَالْغَلَبَة ويحوز أَن يكون من الإبزاء قَالَ: ... وإنّي أخوكَ الدَّائِم العَهْد لم أحُلْ ... إِن ابْزَاك خَصْمٌ أَو نَبَا بِك مَنْزِلُ ... أَمِير الْمُؤمنِينَ [عَليّ] رَضِي الله عَنهُ _ قَالَ سعد بن أبي وَقاص: رَأَيْته يَوْم بدر وَهُوَ يَقُول:

(1/105)


.. بَازِلُ عامَيْنِ حَدِيثٌ سَنِّي ... سَنَحْنَحُ اللّيل كأنيَ جِنِّي
لمثل هَذَا وَلَدَتْني أُمِّي ... مَا تَنْقِمُ الحربُ العَوَانُ مِنِّي
[سَنَحْنَحُ اللَّيْلِ كأنّيَ جِنِّي] ... وروى: ... [سمعمع كأنني من جن] ...
بازل بازل عَاميْنِ: هُوَ الْبَعِير الَّذِي تمت لَهُ عشر سِنِين وَدخل فِي الْحَادِيَة عشرَة فَبلغ نهاتية فِي الْقُوَّة وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: مخلف عَام وَالْمعْنَى: أَنا فِي استكمال الْقُوَّة كَهَذا الْبَعِير مَعَ حَدَاثَة السن. السنحنح والسمعمع ممكا كرر عينه ولامه مَعًا وهما من سنح وَسمع. فالسنحنح: العريض الَّذِي يسنح كثيرا وإضافته إِلَى اللَّيْل على معنى أَنه يكثر السنوح فِيهِ لأعدائه والتعرض لَهُم لجلادته والسمعمع: الْخَفِيف السَّرِيع فِي وصف الذئاب فاستعير وَالذِّئْب موضوف بحدة السّمع وَلِهَذَا قيل لوَلَده من الضبع: السّمع وَضرب بِهِ الْمثل فَقيل: أسمع من سمع. السن: أُنثت فِي تَسْمِيَة الْجَارِحَة بهَا ثمَّ استعيرت للعمر للاستدلال بهَا على طوله وقصره: فَقيل: كَبرت سني مبقاة على التَّأْنِيث بعد الِاسْتِعَارَة ونظيرها الْيَد وَالنَّار فِي إبْقَاء تأنيثهما بعد مَا استعيرتا للنعمة والسمة. وَقَوله: حَدِيث سني كَمَا يُقَال: طلع الشَّمْس واضطرم النَّار لِأَن حَدِيث مُعْتَمد على أَنا الْمَحْذُوف وَلَيْسَ بِخَير قدم. خفف يَاء جني ضَرُورَة وَيجوز فِي القوافي تَخْفيف كل مشدد وَمثله قَوْله: ... أصحوتَ اليومَ أم شاقَتْك هِرْ ... خَالف بَين حرفي الروى لتقارب النُّون وَالْمِيم وَهَذَا يُسمى الإكفاء فِي علم القوافي وَمثله:

(1/106)


.. ياريها الْيَوْمَ على مُبين ... على مُبِينٍ جَرَدِ الْقَصِيمِ ... زيد رَضِي الله عَنهُ فضى فِي البازلة بِثَلَاثَة أَبْعِرَة.
بازلة هِيَ فِي الشجاج: المتلاحمة لِأَنَّهَا تبزل اللَّحْم [59] أَي تشقه. يزيع فِي (خش) . بأشهب بازل فِي (شه) . البيازر فِي (بج) . بزّة فِي (شكّ) .
الْبَاء مَعَ السِّين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخرج قوم من الْمَدِينَة إِلَى الْعرَاق وَالشَّام يبسون الْمَدِينَة وَالْمَدينَة خير لَهُم لَو كَانُوا يعلمُونَ.
البس البس: السُّوق والطرد يُقَال: بس الْقَوْم عَنْك أَي اطردهم وَمِنْه بس عَلَيْهِ عقاربه إِذا بَث نمائمه قَالَ أَبُو النَّجْم: ... وانْبَسَّ حَيَّاتُ الكَثيبِ الأَهْيَلِ ... وَبِه فسر قَوْله تَعَالَى: {وَبُسَّتِ الجِبَالُ بَساًّ} وَالْمعْنَى يسوقون بهائمهم سائرين وَلَا مَحل لَهُ من الْإِعْرَاب لِأَنَّهُ بدل من يخرج قوم ولايجوز أَن يُقَال: هُوَ من مَحل النصب على الْحَال لِأَن الْحَال لَا ينْتَصب عَن النكرَة وَيجوز أَن يكون صفة لقوم فَيحكم على مَوْضِعه بِالرَّفْع. يدا لله بسطان لمسيء النَّهَار حَتَّى يَتُوب بِاللَّيْلِ ولمسيء اللَّيْل حَتَّى يَتُوب بِالنَّهَارِ.
بسط يُقَال: يَد فلَان بسط: إِذا كَانَ منفاقا منبسط الباع وَمثله فِي الصِّفَات: رَوْضَة

(1/107)


أنف ومشية سجح ثمَّ يُخَفف فَيُقَال: بسط كعنق وَأذن جُعل بسط الْيَد كِنَايَة عَن الْجُود حَتَّى قيل للْملك الَّذِي يُطلق عطاياه بِالْأَمر وبالإشارة: مَبْسُوط الْيَد وَإِن كَانَ لم يُعْط مِنْهَا شَيْئا بِيَدِهِ لَوْلَا يبسطها بِهِ البته وَكَذَلِكَ المُرَاد بقوله: يدالله بسطان وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} ) الْجواد والإنعام لاغير ن من غير تصور يَد وَلَا بسطها لِأَن قَوْلهم: مَبْسُوط الْيَد وجواد عبارتان متعقبتان على معنى وَاحِد وَالْمعْنَى: إِن الله جواد بالغفران للمسيء التائب. رزقنا الله التَّوْبَة ومغفرة الذُّنُوب وَفِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود ك (بل يَدَاهُ بُسْطان) وَفِي حَدِيث عُرْوَة: مَكْتُوب فِي الْحِكْمَة: ليكن وَجهك بسطاً تكن أحب إِلَى النَّاس مِمَّن يعطيهم الْعَطاء. أَي منبسطا مُنْطَلقًا. أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر رَضِي الله عَنهُ مَاتَ أُسيد بن حضير فأُبسل مَاله بِدِينِهِ فَبلغ عمر فَرده فَبَاعَهُ ثَلَاث سِنِين مُتَوَالِيَة فَقضى دينه.
بسل أَي أسلم إِذا كَانَ مُسْتَغْرق بِالدّينِ وَمِنْه أُبسل فلَان بجريرته. قَالَ الشنفري: ... هُنَالك لاأرجو حَيَاة تَسُرُّني ... سَجِيس اللَّيَالِي مُبْسَلاً بالجَرائر ... وَكَانَ المَال نخلا فَبَاعَهُ أَي بَاعَ ثَمَرَته حَتَّى قضى مِنْهَا دينه قَالَ فِي دُعَائِهِ: آمين وبسلا. قيل: مَعْنَاهُ إِيجَابا وتحقيقاً / قَالَ أَبُو نخيله ... لاخاب من نفعك من رجا كَا ... تبسلا وعادى الله من عادا كَا ... ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا نزل آدم من الجنه وَمَعَهُ الْحجر الْأسود متأبطه وَهُوَ ياقوتة من يَوَاقِيت الجنه نزل بالباسنة ونخلة الْعَجْوَة وروى: وَنزل بالعلاة.

(1/108)


باسنه [6] الباسنة: آلَات الصناع وَقيل سكَّة الحرَّاث الْعَجْوَة: ضرب من أَجود التَّمْر. وَعنهُ عَلَيْهِ وَآله الصَّلَاة وَالسَّلَام: الْعَجْوَة من الْجنَّة. وَهِي شِفَاء من السم. العلاة: السندان الأشجع الْعَبْدي رَضِي الله عَنهُ لَا تبسروا وَلَا تثجروا ولاتعاقروا فتسكروا.
الْبُسْر الْبُسْر: خلط الْبُسْر بِالتَّمْرِ وانتباذهما والثجر: أَن يُؤْخَذ ثجير الْبُسْر فيُلقى مَعَ التَّمْر وَهُوَ ثفله. والمعاقرة: الإدمان مَأْخُوذ من عقر الْحَوْض وَهُوَ مقَام الشاربة أَي لاتلزموه لُزُوم الشاربة الْعقر. الْحسن رَحمَه الله قَالَ لَهُ وليد التياس: إِنِّي رجل تياس. قَالَ: لاتبسر وتحلب وروى: سَأَلت الْحسن عَن كسب التياس. فَقَالَ: لابأس بِهِ مالم يبسر وَلم يمصر. هُوَ أَن يحمل على الشَّاة غير الصَّارِف والناقة غير الضبعة. الْمصر: أَن يحلب بإصبعين أَرَادَ مالم يسترق اللَّبن قد بُسَّ مِنْهُ فِي (عي) . الْبسَاط فِي (عَم) . وبواسقها فِي (قع) . فأنجاد بسل فِي فر) بعد تبسق فِي (رب) . وَمرَّة الْبُسْر فِي (رغ) . الباسة فِي (بك) . أشأم من البسوس فِي (زو) .
الْبَاء مَعَ الشين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم _ لَا يوطن من الْمَسْجِد للصَّلَاة وَالذكر رجل إِلَّا تبشبش الله بِهِ من حِين يخرج من بَيته كَمَا تبشبش أهل الْبَيْت بغائبهم إِذا قدم عَلَيْهِم

(1/109)


التبشبش التبشبش بالإنسان: المسرة بِهِ والإقبال عَلَيْهِ وَهُوَ من معنى البشاشة لامن لَفظهَا عِنْد أَصْحَابنَا الْبَصرِيين وَهَذَا مثل لارتضاء الله فعله ووقوعه الْموقع الْجَمِيل عِنْده. يخرد: فِي مَوضِع الْجَرّ بِإِضَافَة حِين إِلَيْهِ والأوقات تُضَاف إِلَى الْجمل وَمن لابتداء الْغَايَة وَالْمعْنَى: إِن التبشبش يبتديء من وَقت خُرُوجه من بَيته إِلَى أَن يدْخل الْمَسْجِد فَترك ذكر الِانْتِهَاء لِأَنَّهُ مَفْهُوم وَنَظِيره: ... شمت الْبَرْق من خلل السَّحَاب ... ولايجوز أَن يفتح حِين كَمَا فَتحه فِي قَوْله: ... على حينَ عاتبتُ المشيبَ على الصّبا ... لِأَنَّهُ مُضَاف إِلَى مُعرب وذالك إِلَى مَبْنِيّ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ ذَلِك أحب الْقُرْآن فليبشر وروى فليبشر.
بشر: يُقَال ك بَشرته بِمَعْنى بَشرته فبشر كجبرته فجبر وبشرت فبشر كثلجت صَدره فثلج وَالْمعْنَى الْبشَارَة بالثواب الْعَظِيم الَّذِي لايبلغ كنهه وصف وَلِهَذَا الْمَعْنى حذف المبشر بِهِ. وَقيل: المُرَاد بقوله فليبشر بِالضَّمِّ أَن يضمر نَفسه لحفظه فَإِن كَثْرَة الطَّعَام تنسيه إِيَّاه من بشر الْأَدِيم وَهُوَ أَخذ بَاطِنه بشفرة. وَمثله قَوْله: إِنِّي لأكْره أَن أرى الرجل سمينا نسيا لِلْقُرْآنِ. نَظِير الْبشر فِي وُقُوعه عبارَة عَن التضمير النحت والبريء فِي التَّعْبِير بهما عَن الهزال وَذَهَاب اللَّحْم. يُقَال: براه السّفر [61] قَالَ: ... وَهُوَ من الأَيْنِ حَفٍ نَحِيت ... وَمن الْبشر حَدِيث ابْن عَمْرو: أمرنَا أَن نبشر الشَّوَارِب بشرا. أراى د أَن نحفيها حَتَّى تظهر الْبشرَة

(1/110)


ابْن غَزوَان رَضِي الله عَنهُ خطب النَّاس بِالْبَصْرَةِ فَقَالَ: لقد رَأَيْتنِي سَابِع سَبْعَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مالنا طَعَام إِلَّا ورق البشام حَتَّى قرحت أشداقنا مامنا الْيَوْم رجل إِلَّا على مصر من الْأَمْصَار. وروى ك سَابِع سَبْعَة قد سُلقت أفواهنا من أكل الشّجر
البشام البشام: شجر يستاك بِهِ قَالَ جرير: ... أَتَذْكُرُ يَوْم تَصْقُل عَارِضَيْهَا ... بِفَرْع بَشامةٍ سُقِي البَشَام ... سلقت من السلاق وَهُوَ بثر يخرج من بَاطِن الْفَم. السَّابِع على مَعْنيين: يكون اسْما للْوَاحِد من السَّبْعَة وَاسم فَاعل من سبعت الْقَوْم إِذا كَانُوا سِتَّة فأتممتهم بك سَبْعَة. فَالْأول يُضاف إِلَى الْعدَد الَّذِي مِنْهُ اسْمه فَيُقَال: سَابِع سَبْعَة إِضَافَة مَحْضَة بِمَعْنى أحد سَبْعَة وَمثله فِي الْقُرْآن (ثَانِي اثْنَيْنِ) وثالثه ثَلَاثَة. وَالثَّانِي يُضَاف إِلَى الْعدَد الَّذِي دونه فَيُقَال: سَابِع سِتَّة إِضَافَة غَيره من أَسمَاء الفاعلين كضارب زيد وَالْمعْنَى سَابِع سِتَّة. الْحجَّاج دخل عَلَيْهِ سيابة بن عَاصِم السّلمِيّ فَقَالَ: من أَي الْبلدَانِ أَنْت قَالَ: من حوران قَالَ: هَل كَانَ وَرَاءَك من غيث قَالَ: نعم أصلح الله الْأَمِير قَالَ: انعت لنا كَيفَ كَانَ الْمَطَر وتبشيره قَالَ: أصابتني سَحَابَة بحوران فَوَقع قطر كبار وقطر صغَار فَكَأَن الصغار لحْمَة للكبار وَوَقع بسبطا متداركاً وَهُوَ السَّحُّ الَّذِي سَمِعت بِهِ وادٍ سَائل وواد نادح وَأَرْض مقبلة وَأَرْض مُدبرَة وأصابتني سَحَابَة بالقريتين فلبدت الدماث وأسالت العزاز وصدعت عَن الكمأة أماكنها وجئتك فِي مثل جَار الضبع.

(1/111)


وَرُوِيَ: فبلدت الدماث ودحضت التلاع وملأت الْحفر وجئتك فِي مَاء يجرّ الضبع ويستخرجها من وجارها فقاءت الأَرْض بعد الرّيّ وامتلأت الإخاذ وأفعمت الأودية. ثمَّ دخل عَلَيْهِ رجل من أهل الْيَمَامَة فَقَالَ: هَل كَانَ وَرَاءَك من غيث فَقَالَ نعم كَانَت سماءٌ وَلم أرها وَسمعت الرواد تَدْعُو فِي ريادتها فَسمِعت قَائِلا يَقُول: أُظعنكم إِلَى محلّة تطفأ فِيهَا النيرَان وتشتكي فِي النِّسَاء وتنافس فِيهَا المعزى. فَلم يفهم الْحجَّاج ماقال فاعتل عَلَيْهِ بِأَهْل الشَّام فَقَالَ وَيحك إِنَّمَا تحدث أهل الشَّام فأفهمهم. فَقَالَ: أما طفءُ النيرَان فَإِنَّهُ: أخصب النَّاس فَكثر السّمن (62) والزبد وَاللَّبن فَلم يحْتَج إِلَى نَار يخبزه بهَا. وَأما تشكي النِّسَاء فَإِن الْمَرْأَة تربق بهمها وتمخض لَبنهَا فتبيت وَلها أَنِين وَأما تنافس المعزى فَإِنَّهَا ترى من ورق الشّجر وزهرة النَّبَات مَا يشْبع بطونها وَلَا يُشبع عيونها فتبيت وَلها كظة من الشِّبَع وتشتر فتتنزل الدرة ثمَّ دجخل رجل من بني أَسد ن فَقَالَ لَهُ: هَل كَانَ وَرَاءَك منغيث قَالَ أغبر الْبِلَاد وَأكل مَا أشرف من الْجنَّة فتبيت وَلها كظلة من الشبغ وتشتر فتتنزل الدرة. ثمَّ دخل رجل من بني أَسد ن فَقَالَ لَهُ: هَل كَانَ وَرَاءَك من غيث قَالَ أغبر الْبِلَاد وَأكل مَا أشرف من الْجنَّة فاستيقنا أَنه عَام سنة. فَقَالَ: بئس الْخَبَر أَنْت ثمَّ دخل رجل من الموَالِي من أَشد النَّاس فِي ذَلِك الزَّمَان فَقَالَ لَهُ: هَل كَانَ وَرَاءَك من غيث قَالَ: نعم أصلح الله الْأَمِير غير أَنِّي لَا أحسن أَن أَقُول كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ إِلَّا أَنه أصابتني سَحَابَة فَلم أزل فِي ماءٍ وطينٍ حَتَّى دخلت على الْأَمِير.

(1/112)


فَضَحِك الْحجَّاج ثمَّ قَالَ ك وَالله لَئِن كنت من أقصرهم خطْبَة فِي الْمَطَر انك لمن اطولهم خطْوَة بِالسَّيْفِ التبشيرة: وَاحِد التباشير وَهِي الآوائل والمباديء. وَمِنْه تباشير الصُّبْح وَهُوَ فِي الأَصْل مصدر بشر: لِأَن طُلُوع فَاتِحَة الشَّيْء كالبشارة بِهِ وَمثله التعشيب والتنبيت. لحْمَة للكبار أَرَادَ أَن الْقطر قد انتسج لفرط تتابعه فَشبه الْكِبَار بسدى النسيج وَالصغَار بلحمته. السبط: المتد المنبسط وَقد سَبِط وسَبُط. النادح: الْوَاسِع من ندح يندح إِذا وَسعه ن وَهُوَ من بَاب العيشة الراضية وَالْمَاء الدافق وَمِنْه المندوحة وَهِي السعَة مصدر من ندح كالمكذوبة والمصدوقة. الدماث: السهول جمع مَكَان دمث أَو أَرض دمثة. العزاز: الأَرْض الصِّلَة. ودحضت التلاع: صيرتها مداحض: أَي مزالق الإخاذ: المصانع أُفعمت: مُلئت. الريادة: مُخرجة على زنة الْخياطَة والقصارة لِأَنَّهَا صناعَة الكظة: الامتلاء المفرط من طَعَام أَو شراب: من اكتظ الْوَادي إِذا غص بِالْمَاءِ. قلبت جِيم (تجتر) شيناً لتقاربهما. قيل فِي (تشكي النِّسَاء) وَجه آخر وَهُوَ اتّخاذهن شكاء اللَّبن جمع شكوة وَهِي الْقرْبَة الصَّغِيرَة يُقَال: شكى الرَّاعِي وتشكى قَالَ حَتَّى رَأَيْت العنز تشترى وتشكت ال ... أيامى وأَضْحَى الرِّئْم بالدَّوِّ طَاوِيا ... الْجنَّة عَامَّة الشّجر الَّتِي تتربل فِي الصَّيف.

(1/113)


السّنة: الْقَحْط أَرَادَ بطول الخطوة التَّقَدُّم إِلَى الأقران من قَول ابْن حطَّان ... إِذا فصرت أسيافُنا كَانَ وَصْلُها ... خُطَانا إِلَى أَعْدَائنا فنُضَارب [63] ... وأبشره فِي (قر) . فبشكه فِي (طر) . والبشام فِي (ظر) . بشق فِي (غث) .
الْبَاء مَعَ الصَّاد
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن ابْن طريف: كنت شَاهدا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ محاصر أهل الطَّائِف فَكَانَ يُصَلِّي بِنَا صَلَاة الْبَصَر حَتَّى لَو أَن إنْسَانا رمى بنبلة أبْصر مواقع نبله.
الْبَصَر الْبَصَر بِمَعْنى الإبصار يُقَال: بصر بِهِ بصراً. وَقيل لصَلَاة الْفجْر أَو الْمغرب على خلاف فِيهَا: صَلَاة الْبَصَر لِأَنَّهَا تُصلى فِي وَقت إبصار الْعُيُون للأشخاص بعد حيلولة الظلمَة أَو قبلهَا. ذكر قوما يؤمُّونَ الْبَيْت وَرجل متعوذ بِالْبَيْتِ قد لَجأ بِهِ من قُرَيْش فَإِذا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خسف بهم فَقيل: يارسول الله أَلَيْسَ الطَّرِيق يجمع التَّاجِر وَابْن السَّبِيل والمستبصر وَالْمَجْبُور قَالَ: يهْلكُونَ مهْلكا وَاحِدًا وَيَصْدُرُونَ مصَادر شَتَّى. المستبصر: ذُو البصيرة فِي دينه. المجبور: المُجبر على الْخُرُوج يُقَال: جبره على الْأَمر وأجبره وَمَعْنَاهُ أَن قوما يقصدون بَيت الله ليلحدوا فِي الْحرم فيخسف بهم الله. فَقيل لَهُ: إِن تِلْكَ الرّفْقَة قد تجمع من لَيْسَ قَصده قصدهم. فَقَالَ: يهْلكُونَ جمعيا ثمَّ يذهبون مَذَاهِب شَتَّى فِي الْجَزَاء. ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ بَين كل سماءين مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وبصر كل سَمَاء مسيرَة خَمْسمِائَة عَام. الْبَصَر: غلظ الشَّيْء يُقَال: ثوب ذُو بصرة إِذا كَانَ غليطا وثيجا. وَمِنْه الْبَصْرَة وَالْبَصَر لنَوْع من الْحِجَارَة

(1/114)


وَيجوز أَن يُرَاد بالمسيرة الْمسَافَة الَّتِي يسَار فِيهَا كَمَا قيل: المتيهة والمزلة وَيجوز أَن يكون مصدرا بِمَعْنى السّير كالمعيشة والمعيش والمعجزة والمعجز. كَعْب رَضِي الله عَنهُ تمسك النَّار يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى تبص كَأَنَّهَا متن إهالة فَإِذا اسْتَوَت عَلَيْهَا أَقْدَام الْخَلَائق نَادَى منادٍ: أمسكي أَصْحَابك ودعي أَصْحَابِي فتخنس بهم وروى: فتخسف بهم فَيخرج مِنْهَا الْمُؤْمِنُونَ ندية ثِيَابهمْ البصيص: البريق الإهالة: الودك. خنس بِهِ يخنُس ويخنِس: إِذا أخَّره وغيَّبه. بَصِير وأعمى فِي (سف) . ماهذه الْبَصْرَة فِي (كذ) . بَصَره فِي (بر) . وبصرها فِي (فر) . أصح بصرٍ فِي (خس) .
الْبَاء مَعَ الضَّاد
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم _ لما تزوج خَدِيجَة بنت خويلد دخل عَلَيْهَا عَمْرو بن أُسيد فَلَمَّا رأى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: هَذَا الْبضْع لايقرع أَنفه وَرُوِيَ: لايقدع. وروى: أَنه لما خطب خَدِيجَة اسْتَأْذَنت أَبَاهَا وَهُوَ ثمل فَقَالَ: هُوَ الْفَحْل لايقرع أَنفه فنحرت بَعِيرًا وخلَّقت أَبَاهَا [64] بالعبير. وكسته بردا أَحْمَر فَلَمَّا صَحا من سكره قَالَ: ماهذا الحبير وَهَذَا العقير وَهَذَا العبير الْبضْع: مصدر بضع الْمَرْأَة إِذا جَامعهَا وَمثله فِيمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ: قرعها قرعا الْبضْع وذقطها ذقطاً وَفعل فِي المصادر غير غَرِيب مِنْهُ الشّغل وَالسكر وَالْكفْر وأخوات لَهَا وَيُقَال لعقد النِّكَاح: بضع أَيْضا كَمَا اسْتعْمل النِّكَاح فِي الْمَعْنيين. وَأَرَادَهَا هُنَا صَاحب الْبضْع فَحذف.

(1/115)


قرع الْأنف: عبارَة عَن الرَّد وَأَصله فِي الْفَحْل الهجين إِذا أَرَادَ أَن يضْرب فِي كرائم الْإِبِل قرع أَنفه بالعصا [ليرتد عَنْهَا] . والقدع قريب من القرع قَالَت ليلى الأخيلية: ... وَلم يقْدع الْخصم الألدّ ويملأ الْ ... جِفان سديفا يَوْم نكباء صَرْصَر ... أَرَادَ بالجيرة: الْبرد الَّذِي كسته وبالعبير: الَّذِي خلقته بِهِ. وبالعقير: الْبَعِير المنحور. عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ لرجل حقٌّ على أم سَلمَة فأقسم عَلَيْهَا أَن تعطيه فَضَربهُ أدباً لَهُ ثَلَاثِينَ سَوْطًا كلهَا يبضع ويَحْدُر وروى: يُحْدِر. أَي يشق الْجلد وَمِنْه المبضع ويورم ن يُقَال: أحدره الضَّرْب وحدره حدرا. وحدر الْجلد بِنَفسِهِ حدورا. قَالَ عمر بن أبي ربيعَة: ... لَو دَبَّ ذَرٌّ فَوْقَ ضَاحِي جِلْدِها ... لأَبَانَ مِنْ آثارِهِنّ حُدُورَا ... وَقيل: يُحدر الدَّم أَي يسيله. النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: إِن الشَّيْطَان يجْرِي فِي الإحليل ويبض فِي الدبر فَإِذا أحس أحدكُم من ذَلِك شَيْئا فَلَا ينْصَرف حَتَّى يسع صَوتا اَوْ يُقَال يجد ريحًا.
البضيض البضيض: سيلان قَلِيل شبه الرشح وَالْمعْنَى أَنه يدب فِيهِ فيخيل إِلَيْك أَنه بضيض بَلل. الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى مَا تشَاء أَن ترى أحدهم أَبيض بضا يملخ فِي الْبَاطِل ملخا وينفض مذرويه وَيضْرب أسدريه يَقُول: هأنذا فاعرفوني قد عرفناك فمقتك الله ومقتك الصالحون.
البض البض: الرَّقِيق الْبشرَة الرَّخْص الْجَسَد الملخ: الْإِسْرَاع والمر السهل يُقَال: بكرَة ملوخ وَقَالَ رؤبة: ... مُعْتَزِمُ التَّجْلِيخ مَلاَّخُ المَلَق

(1/116)


أَي سريع فِي الملق وَهُوَ مَا اسْتَوَى من الأَرْض المذروان: فرعا الأليتين وَإِنَّمَا لم يقل: مذريان كَقَوْلِهِم: مذريان فِي تثنيه مذري الطَّعَام لِأَن الْكَلِمَة مَبْنِيَّة على حرف التَّثْنِيَة كَمَا لم تقلب يَاء النِّهَايَة وواو الشقاوة همزَة لبنائهما على حرف التَّأْنِيث. الأسدران: العطفان أَي يضْرب بيدَيْهِ عَلَيْهِمَا. عَن ابْن الْأَعرَابِي: وَهُوَ مثل للفارغ ونفض المذروين [65] للمختال. قد عرفناك: يُسمى التفاتا وَله فِي علم الْبَيَان موقع لطيف. وتبضع طيبها فِي (كي) . مَا تبض ببلال فِي (صب) . يبض مَاء أصفر فِي (ند) من كل بضع فِي (سح) . أَن يستبضع فِي (نظ)
الْبَاء مَعَ الطَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَأَيْت عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذا رجل أَبيض مبطن مثل السَّيْف.
بطن هُوَ الضامر الْبَطن. أَن عَمْرو رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا يُؤْتى بِرَجُل يَوْم الْقِيَامَة وتُخرج لَهُ بطاقة فِيهَا شَهَادَة أَن لاالله إِلَّا الله وَتخرج لَهُ تِسْعَة وَتسْعُونَ سجلاً فِيهَا خطاياه فترجح بهَا.
بطاقة قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البطاقة: الورقة وروى نطاقة بالنُّون. وَقَالَ شمر: هِيَ كلمة متذله بِمصْر وَمَا والاها يدعونَ بهَا الرقعة الصَّغِيرَة المنوطة بِالثَّوْبِ الَّتِي فيهارقم ثمنه لِأَنَّهَا تشد بطاقة من هدبه وَقيل لَهَا: النطاقة لانها تنطق بماهو مرقوم عَلَيْهَا. ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ رَجَاء بن حَيْوَة: كمنت مَعَه فضعف السراج فَقلت: أقوم فأُصلحه فَقَالَ: إِنَّه للؤم بِالرجلِ أَن يستخدم ضَيفه فَقَامَ فَأخذ البطة

(1/117)


فَزَاد فِي دهن السراج ثمَّ رَجَعَ فَقَالَ: قُمْت وَأَنا عمر بن عبد الْعَزِيز وَرجعت وَأَنا عمر بن عبد الْعَزِيز
البطة البطة: الدَّبَّة بلغَة أهل مَكَّة وَقيل: هِيَ إِنَاء كالقارورة وَكَأَنَّهَا سميت بذلك لِأَنَّهَا على شكل الطَّائِر الْمَعْرُوف. النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ يبطن لحيته وَيَأْخُذ من جوانبها. أَي يَأْخُذ شعرهَا من تحن الذقن والحنك. أبطحوا فِي (رف) . وبطن فِي (ظه) . والبطحاء فِي (جد) . وبطيحاء فِي (كم) . ذُو البطين فِي (جب) . بطاقة فِي (كه) . ليستبطنها فِي (غل) . أَبَا الْبَطْحَاء فِي (قح) . إِن الشوط بطين فِي (رح) . ببطنتك فِي (غض) . الأباطيل فِي (دح) . البطريق فِي (رس) . مَا يطَأ بهم فِي (ثب) .
الْبَاء مَعَ الظَّاء
عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام _ أَتَى فِي فَرِيضَة وَعِنْده شُرَيْح فَقَالَ لَهُ: ماتقول أَنْت أَيهَا العَبْد الأبظر
بظارة هُوَ الَّذِي فِي شفته الْعليا بظارة وَهِي هنة ناتئة فِي وَسطهَا لاتكون لكل أحد وَيُقَال لحلمة ضرع الشَّاة: بظارة أَيْضا وَقيل: الأبظر الصخاب الطَّوِيل اللِّسَان وَجعله عبدا لِأَنَّهُ وَقع عَلَيْهِ سباء فِي الْجَاهِلِيَّة بظيت فِي (زر) .
الْبَاء مَعَ الْعين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم _ مَا سُقي مِنْهَا بعلا فَفِيهِ العُشر.
البعل البعل: النّخل النَّابِت فِي أَرض تقرب مَادَّة مَائِهَا ن فَهُوَ يجتزئ بذلك عَن الْمَطَر والسقي وإياه أَرَادَ النَّابِغَة فِي قَوْله: ... مِن الوَارِدَات الماءَ بالْقَاعِ تَسْتَقِي ... بأَذْنَابِهَا قَبْلَ اسْتِقَاء الْحَناجِرِ ... وَإِنَّمَا سمي بعلاً لِأَنَّهُ باجتزائه كل على منابته ومراسخ عروقه من قَوْلهم [66] أصبح فلَان بعلاً على أَهله إِذا صَار كلاًّ وعيالا عَلَيْهِم.

(1/118)


وَمِنْه تحديثه: إِن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ: يارسول الله أُبايعك على الْجِهَاد فَقَالَ: هَل لَك من بعل قَالَ: نعم قَالَ: انطق فَجَاهد فِيهِ فَإِن لَك فِيهِ مُجَاهدًا حسنا. قيل مَعْنَاهُ: هَل لَك من يلزمك طَاعَته من أَب وَأم وَنَحْوهمَا من قَوْلهم: هُوَ بعل الدَّار وَالدَّابَّة أَي مالكهما وَمِنْه بعل الْمَرْأَة. وَيجوز أَن يكون مخففاً عَن بعِل وَهُوَ الْعَاجِز الَّذِي لايهتدي لأَمره من بعل بِالْأَمر بعلة: بلهاء لاتحسن اللّبْس وَلَا إصْلَاح شَأْن النَّفس. بعلا نصب على الْحَال وَالْمعْنَى ماسقاه الله بعلاً. تكلم لَدَيْهِ رجل فَقَالَ لَهُ: كم دون لسَانك من حجاب فَقَالَ: شفتاي وأسناني. قَالَ إِن الله يكره الانبعاق فِي الْكَلَام
الانبعاق هُوَ الْإِكْثَار والاتساع فِيهِ ن من انبعق الْمَطَر وَهُوَ أَن يسيل بِكَثْرَة وَشدَّة. ذكر أَيَّام التَّشْرِيق فَقَالَ: انها أَيَّام أكل وَشرب وبعال.
بعال هُوَ المباعلة وَهِي ملاعبة الرجل أَهله قَالَ الحطيئة: ... وكَمْ مِنْ حَصان ذَاتِ بَعْلٍ تَرَكْتَها ... إِذا اللَّيْل أَدْجَى لم تَجِدْ من تُبَاعِلُه ... ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ مَا مُصلى لامْرَأَة أفضل من أَشد مَكَان فِي بَيتهَا ظلمَة إِلَّا امْرَأَة قد يئست من البعولة فَهِيَ فِي منقليها.
البعولة هِيَ جمع بعل وَالتَّاء لتأنيث الْجمع كالسهولة والحزونة وَيجوز أَن يكون مصدرا
البعولة يُقَال بعلت الْمَرْأَة بعولة أَي صَارَت ذَات بعل. المنقل ك الْخُف قَالَ الْكُمَيْت: ... وَكَانَ الأباطيح مِثْل الإِرِينْ ... وَشُبِّهَ بالحِفْوَةِ المَنْقَل ... أَي هِيَ لابسة خفيها لخروجها من الْبَيْت وترددها فِي الْحَوَائِج وَالْمعْنَى كَرَاهَة الصَّلَاة فِي الْمَسْجِد للشواب والترخيص فِيهَا للعجائز. لامْرَأَة: فِي مَوْضُوع الرّفْع صفة لمصلى. وَأفضل أما أَن يُنصب على لُغَة أهل الْحجاز أَو يرفع على لُغَة بني تَمِيم.

(1/119)


حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مابقي من الْمُنَافِقين إِلَّا أَرْبَعَة فَقَالَ رجل: فَأَيْنَ الَّذين يبعقون لقاحنا وينقبون بُيُوتنَا فَقَالَ: أُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ _ مرَّتَيْنِ.
البعق بعق النَّاقة: نحرها وبعق للتكثير. وَفِي كَلَام الضَّبِّيّ كَانَت قبلنَا ذئبة مجرية فَأَقْبَلت هِيَ وعرسها لَيْلًا فبعقتا غنمنا. أَي شقتا بطونها أَو المُرَاد اللُّصُوص الَّذين يغيرون على أهل الْحَيّ فيستاقونا ثمَّ ينجرونها ويأكلونها. إِن للفتنة بعثات ووفقات فَمن اسْتَطَاعَ أَن يَمُوت فِي وقفاتها فَلْيفْعَل.
بعثة جمع بعثة وَهِي الْمرة من الْبَعْث أَي إثارات وتهيجات. مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ قيل لَهُ: أخبرنَا عَن نَفسك فِي قُرَيْش فَقَالَ: أَنا ابْن بعثطها [67] وَالله ماسوبقت إِلَّا سبقت وَلَا خضت بِرَجُل غمرة إِلَّا قطعتها عرضا.
البعثط البعثط: سرة الْوَادي أَرَادَ أَنه من صميم قُرَيْش وواسطتها. وخوض الْغمر عرضا أَمر شاق لايقوى عَلَيْهِ إِلَّا الْكَامِل الْقُوَّة يُقَال: إِن الْأسد يفعل ذَلِك وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَادة أَتبَاع الْجِزْيَة حَتَّى يَقع الْخُرُوج ببعدٍ من مَوضِع الدُّخُول وَهَذَا تَمْثِيل لإقحامه نَفسه فِيمَا يعجز عَنهُ غَيره وخوضه فِي مستصعبات الْأُمُور وتفصّيه مِنْهَا ظافراً بمباغيه. عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ _ قَالَ: قتل فِي بني عمروبن عَوْف فتيل فَجعل عقله على بني عَمْرو بن عَوْف فَمَا زَالَ وَارثه وَهُوَ عُمَيْر بن فلَان بعليا حَتَّى مَاتَ.
بعليا هُوَ مَنْسُوب إِلَى البعل من النّخل وَقد سبق تَفْسِيره وَالْمرَاد مَا زَالَ غَنِيا ذَا نخل

(1/120)


كثير وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى البعل وَهُوَ الْمَالِك من قَوْلهم: هُوَ بعل هَذِه النَّاقة وَالْيَاء مُلْحقَة للْمُبَالَغَة مثلهَا فِي أَحْمَر ودوَّاري أَي كثير الْأَمْلَاك والقنية. وَقيل: يشبه أَن يكون بعلياء من قَول الْعَرَب فِي أَمْثَالهَا: مازال مِنْهَا بعلياء يضْرب لمن يفعل فعلة تكسبه شرفا ومجدا وَمثله قَوْلهم: مازال بعْدهَا ينظر فِي خير والعلياء: اسْم للمكان الْمُرْتَفع كالنجد واليفاع وَلَيْسَت بتأنيث الْأَعْلَى الدَّلِيل عَلَيْهِ انقلاب الْوَاو فِيهَا يَاء وَلَو كَانَت صفة لقيل: العلواء: كَمَا قيل: العشواء: والقنواء والخدواء فِي تَأْنِيث أفعالها ولآنها اسْتعْملت مُنكرَة وأفعل التَّفْضِيل مُؤَنّثَة ليسَا كَذَلِك. فبعها فِي: (كرّ) يَوْم بُعَاث فِي (ف) ي ز تبعل أزواجكن فِي قصّ) . ولاباعوثا فِي (قل) بعجت لَهُ فِي (حن) . اغدو المبعث فِي (غَد) . تعج الأَرْض فِي (زف) . بعل بِالْأَمر فِي (هط) . وبعيثك فِي (دح) . من البعل فِي (ضح) . بعد مابين السَّمَاء وَالْأَرْض فِي (رف) . بعلي رسولها فِي (سح) .
الْبَاء مَعَ الْغَيْن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا مَعَه فِي سفر فَأَصَابَهُمْ بُغيش فَنَادَى مناديه: من شَاءَ أَن يُصَلِّي فِي رَحْله فَلْيفْعَل.
بغش تَصْغِير بغش وَهُوَ الْمَطَر الْخَفِيف وَقد بغشت الْمسَاء الأَرْض تبغشها. قَالَ رؤبة: بغش ... سيدا كَسِيدِ الرَّدْهَة المبغوشِ ... أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ خرج فِي بغاء إبل فَدخل عِنْد الظهيرة على امْرَأَة يُقَال لَهَا حَبَّة فسقته ضيحة حامضة.

(1/121)


بغاء: أخرج بغاء الشَّيْء على زنة الأدواء كالعطاس والنحاز تَشْبِيها لشغل قلب الطَّالِب بالداء وبغاء الْمَرْأَة على زنة الْعُيُوب كالشراد والحران لِأَنَّهُ عيب فَاحش. الضحية: من الضيح وَهُوَ اللَّبن المرقق كالشحمة من الشَّحْم [68] الشهدة من الشهد وَهِي الشَّيْء الْيَسِير مِنْهُ. أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ إِذا رَأَيْتُك يارسول الله قرَّت عَيْني وَإِذا لم أرك تبغثرت نَفسِي. التغثر: خبث النَّفس من غثيان وَسُوء ظن وَغير ذَلِك وَالْمرَاد هَاهُنَا خبثها للوحشة يفقد الْمُشَاهدَة. بَاغ وهاد فِي (كرّ) . بغياناً فِي (أَن) بغوتها فِي (صَحَّ) . ابغني فِي (غف) . [لَا] يَنْبَغِي لَهُ أَن ينَام فِي (قس) . باعوثا فِي (قل) . البغايا فِي (أَب) . أبغيها الطَّعَام فِي (دى) .
الْبَاء مَعَ الْقَاف
النَّبِي صلى لله عَلَيْهِ وَآله وَسلم تبقة وتوقه
بَقِي التبقي: بِمَعْنى الاستبقاء كالتقصي بِمَعْنى الِاسْتِقْصَاء وَفِي أمثالهم: لاينفعك من زادٍ تبقي. وَقَالَ ذُو الرمة: ... وأَدرَكَ المُتَبَقّي من ثَمِيَلِته ...

(1/122)


وَالْمعْنَى الْأَمر باستقباء النَّفس وَألا يلق {بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} والتحرز من المتالف وَالْهَاء مُلْحقَة للسكت نهى عَن التبقر فِي الْأَهْل وَالْمَال.
بقر التبقر: تفعل من بقر بَطْنه إِذا شقَّه وفتحه فَوضع مَوضِع التَّفَرُّق والتبدد. وَالْمعْنَى النَّهْي عَن أَن يكون فِي أهل الرجل وَمَاله تفرق فِي بِلَاد شَتَّى فَيُؤَدِّي ذَلِك إِلَى توزع قلبه. وَهَذَا التَّفْسِير معنى قَول ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: فَكيف بِمَال براذان ومالٍ بِكَذَا قَالَ أَبُو مويهبة رَضِي الله عَنهُ: طرقني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أَبَا مويهبة إِنِّي قد أُمرت أَن أسْتَغْفر الله لأهل البقيع فَانْطَلَقت مَعَه فَلَمَّا تفوه البقيع قَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم. فِي كَلَام ذكره.
بقع المُرَاد بَقِيع الْغَرْقَد: مَقْبرَة بِالْمَدِينَةِ. تفوه أَي دخل فوهته وَهِي مدخله يُقَال: تفوهت الزقاق وَالسِّكَّة. أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ أبوموسى الْأَشْعَرِيّ حِين أَقبلت الْفِتْنَة بعد مَقْتَله: إِن هَذِه الْفِتْنَة باقرة كداء الْبَطن لايدري أَيْن يُؤْتى لَهُ
بقر أَي صادعة للأُلفة شاقة للعصا وَشبههَا فِي تعذر تلافيها وَالْحِيلَة فِي كشفها بداء
بقر الْبَطن الَّذِي أعضل وأعيت مداواته. أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام حمل على عَسْكَر الْمُشْركين فَمَا زَالُوا يبقطون.
التبقط التبقيط: الْإِسْرَاع فِي الْمَشْي وَالْكَلَام. وَيُقَال: بقَّط فِي الْجَبَل وبرقط: أسْرع فِي صُعُوده وَالْمعْنَى تعادوا إِلَى الْجبَال منهزمين. معَاذ رَضِي الله عَنهُ بَقينَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات لَيْلَة فِي صَلَاة الْعشَاء

(1/123)


حَتَّى ظننا أَنه قد صلى ونام ثمَّ خرج إِلَيْنَا فَذكر فضل تَأْخِير صَلَاة الْعشَاء. بَقِي
بقى أَي انتظرنا وَالِاسْم مِنْهُ البقوى قبلت الْيَاء فِيهَا واواً. وَكَذَلِكَ كل فعلى إِذا كَانَت اسئما كالتقوى والرعوى والشروى وَإِذا كَانَت صفة لم تقلب ياؤها كَقَوْلِهِم: امْرَأَة صديا وخزيا قَالَ: ... فهُنَّ يَعْلُكْن حَدَائدَاتهَا ... جُنْحُ النَّوَاصي نَحْوَ أَلوِيَاتِهَا
كالطَّيْرِ تَبْقِي مُتَدَاوِماتِهَا ... [69] أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ يُوشك أَن يسْتَعْمل عَلَيْكُم بقعان أهل الشَّام
بقع أَرَادَ خبثاؤهم فشبههم فِي خبثهمْ بالبقع من الْغرْبَان الَّتِي هِيَ أخبثها وأقذرها وَقيل: أَرَادَ المولدين بَين الْعَرَب والروميات لجمعهم بَين سَواد لون الْآبَاء وَبَيَاض لون الْأُمَّهَات. وَفِي حَدِيث الْحجَّاج: إِن بَعضهم قَالَ لَهُ فى فِي خيل ابْن الْأَشْعَث: رَأَيْت قوما بقعاً. قَالَ: ماالبقع قَالَ: رقعوا ثِيَابهمْ من سوء الْحَال. ابْن الْمسيب رَحْمَة الله قَالَ: لايصلح بقط الْجنان.
بقط أَي لايجوز إِعْطَاء الْبَسَاتِين على الثُّلُث وَالرّبع وَإِنَّمَا سمي هَذَا بقطاً لِأَنَّهُ خلط الْملك وتصييره مشَاعا من قَوْلهم: بقط الأقط: إِذا بكله. ابْن ميسرَة رَحمَه الله إِن حكيما من الْحُكَمَاء كتب ثَلَاثمِائَة وَثَلَاثِينَ مُصحفا حكما

(1/124)


فبثها فِي النَّاس فَأوحى الله تَعَالَى: إِنَّك قد مَلَأت الأَرْض بقاقا وَإِن الله لم يقبل من بقاقك شَيْئا.
بقق هُوَ كَثْرَة الْكَلَام يُقَال: بق علينا فلَان يبْق بقاقا كَقَوْلِك: فك الرَّهْن يفك فكاكا إِذا انْدفع بِكَلَام كثير وَمِنْه بقت الْمَرْأَة: كثر وَلَدهَا. وَتكلم أَعْرَابِي فَأكْثر فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ: أحسن أسمائك أَن تدعى مبقّا. لقًّا وبقا فِي (لق) . / باقعة فِي (نس) . عين بقة فِي (حزّ) . وبقر خواصرهما فِي (شَرّ) .
الْبَاء مَعَ الْكَاف
النَّبِي صلى لله عَلَيْهِ وَآله وَسلم أُتي بشارب خمر فَقَالَ: بكتوه فبكتوه.
بَكت التبكيت: استقباله بِمَا يكره من ذمّ وتقريع وَأَن تَقول لَهُ: يافاسق أما اتَّقَيْت بَكت أما استحيت وَمِنْه قيل للْمَرْأَة المعقاب: مبكتب لِأَنَّهَا كلما وضعت أُنثى اسْتقْبلت زَوجهَا بمكروه. نَحن معاشر الْأَنْبِيَاء [فِينَا] بكء.
بكأ أَي قلَّة كَلَام مثل بكء النَّاقة أَو الشَّاة / وَهُوَ قلَّة لَبنهَا يُقَال: بكأت وبكؤت بكأ بكاء وبكأ وبكوءا فَهِيَ بكيء وبكيئة. وَفِي حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ إِنَّه سَأَلَ جَيْشًا: هَل يثبت لكم الْعَدو قدر حلب شارة بكيئةٍ فَقَالُوا: نعم فَقَالَ: غلّ الْقَوْم. أَي خانوا فِي القَوْل وَمَعْنَاهُ يكذّبهم فِيمَا زَعَمُوا من قلَّة ثبات الْعَدو لَهُم. عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَت ضرباته مبتكرات لاعونا.
بكر الضَّرْبَة المبتكرة: هِيَ الَّتِي ضُربت مرّة وَاحِدَة وَلم تعاود لشدتها وإتيانها على نفس الْمَضْرُوب شبهت بالجارية المبتكرة وَهِي المفتضة لِأَنَّهَا الَّتِي بنى مرّة وَاحِدَة.

(1/125)


والعوان: الَّتِي وَقعت مختلسة فأخوجت إِلَى المعاودة شبهت بِالْمَرْأَةِ الْعوَان وَهِي الثّيّب. وَمِنْه حَرْب عوان وحاجة عوان وَيجوز أَن يُرَاد أَنه كَانَ يوقعها [7] على صفة فِي الشدَّة لم يسْبقهُ إِلَى مثلهَا أحد من الْأَبْطَال. مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى من أَسمَاء مَكَّة بكة وَهِي أم رحم وَهِي أم الْقرى وَهِي كوثى وَهِي الباسة وروى الناسة.
بكك: قيل: سميت بكة لبتاك النَّاس فِيهَا وَهُوَ ازدحامهم. وَقيل: لِأَنَّهَا تبك أَعْنَاق الْجَبَابِرَة وَمن ألحد فِيهَا بظُلْم أَي تدقها. وَهِي الباسة أَو الناسة لِأَنَّهَا تبسهم أَي تطردهم. وتنّسهم أَي تزجرهم وتسوقهم. وَأم رحم: أصل الرَّحْمَة يُقَال: رَحمَه رحما ورُحما. قَالَ الله تَعَالَى: {وأَقْرَبَ رُحْماً} قرئَ باللغتين وَقَالَ زُهَيْر: ... ومِنْ ضَريبِته التَّقْوَى ويَعْصِمُهُ ... من شيىء منسيء العثرات وَالله والرُّحُمُ ... وَقيل فِي أم الْقرى: لِأَنَّهَا أول الأَرْض وَأَصلهَا وَمِنْهَا دُحيت. وكوثى: بقْعَة بِمَكَّة وَهِي محلّة بني عبد الدَّار وَقَالَ ... لَعن اللهُ مَنْزِلاً بَطْنَ كُوثَى ... ورماه بالفَقْرِ والإمْعَارِ
لَيْسَ كُوثَى العِرَاقِ أَعْنِي ولكِنْ ... كُوثَةَ الدَّارِ دَارِ عَبْدِ الدَّارِ ... يُرِيد بكوثى الْعرَاق قَرْيَة ولديها إِبْرَاهِيم صلوَات الله عَلَيْهِ. الْحجَّاج كتب إِلَى عَامل لَهُ بقارس: ابْعَثْ إليَّ بِعَسَل أبكار من عسل خلاَّر من الدستفشار الَّذِي لم تمسه النَّار. أَرَادَ أبكار النَّحْل وَهِي أَفتاؤها لِأَن الْعَسَل إِذا كَانَ مِنْهَا كَانَ أطيب وَقيل أَرَادَ أَن أبكار الْجَوَارِي يلينه. وَالْأول أصح لِأَنَّهُ قد روى: ابْعَثْ إِلَيّ بِعَسَل من عسل خُلاّر من النَّحْل الْأَبْكَار.

(1/126)


خُلاّر: مَوضِع بِفَارِس. الدستفشار: كلمة فارسية أَي مماعصرته الْأَيْدِي وعالجته. بكر وابتكر فِي (غس) . أبكار أَوْلَادكُم فِي (نب) إِن تبكعني بهَا فِي (قر) . فبعكته فِي (قر) . وبكره فِي (رج) . بكلت فِي (لب) . مِم بكر فِي (اب) . من بك فِي (خص) شَاة بكئ فِي (نو) .
الْبَاء مَعَ اللَّام
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول الله تَعَالَى: أَعدَدْت لعبادي الصَّالِحين مَالا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت وَلَا خطر على قلب بشر بله مَا أطعلتهم عَلَيْهِ.
بله بله: من أَسمَاء الْأَفْعَال كرويد ومه وصه يُقَال: بله زيدا بِمَعْنى دَعه بله واتركه. وَقد يوضع مَوضِع الْمصدر فَيُقَال: بله زيدٍ كَأَنَّهُ قيل: ترك زيد ويقلب فِي هَذَا الْوَجْه فَيُقَال: بهل زيد لِأَن حَال الْإِعْرَاب مَظَنَّة التَّصَرُّف. وَمَا أطلعتهم عَلَيْهِ: يصلح أَن يكون مَنْصُوب الْمحل ومجروره على مُقْتَضى اللغتين. وَقد روى بَيت كَعْب ابْن مَالك الْأنْصَارِيّ: تَذَرُ الجَماجِمَ ضَاحِياً هاماماتُها ... بَلْهَ الأَكُفَّ كَأَنَّهَا لم تُخْلَقِ ... على الْوَجْهَيْنِ. الْمَعْنى: رَأَتْهُ وسمعته فَحذف لاستطالة الْمَوْصُول بالصلة ونظيرة فوله تَعَالَى: {أَهَذَا الذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً} بلوا أَرْحَامكُم وَلَو بِالسَّلَامِ.
البل لما رَأَوْا بعض الْأَشْيَاء [71] يتَّصل ويختلط بالنداوة وَيحصل بَينهمَا التَّجَافِي والتفرق باليبس واستعاروا البل المعني الْوَصْل واليبس لِمَعْنى القطيعة فَقَالُوا فِي الْمثل: لاتؤبس الثرى بيني وَبَيْنك. قَالَ: فَلَا تُؤْبِسوا بَيْنِي وَبَيْنَكم الثَّرَى فإنّ الذِي بيني وَبَيْنكُم مُثْرِى فإنّ الذِي بيني وَبَيْنكُم مُثْرِى ... .

(1/127)


وَفِي حَدِيث عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى _ إِذا استشن مَا بَيْنك وَبَين الله فبابلله لله بِالْإِحْسَانِ إِلَى عباده. إِن أهل الْجنَّة أَكْثَرهم البلة. البله هم الَّذين خلوا عَن الدهاء والنكر والخبث وغلبت عَلَيْهِم سَلامَة الصُّدُور وهم عقلاء. وَعَن الزبْرِقَان بن بدر: خير أَوْلَادنَا الأبله الْعُقُول قَالَ النمربن تولب: ... ولَقَدْ لَهَوْتُ بطَفْلةٍ ميَّالةٍ ... بَلْهاءَ تُطْلِعُني عَلَى أَسْرَارِها ... وَفِي المقامات الَّتِي أنشأتها فِي عظة النَّفس فِي صفة الصَّالِحين: هَينُونَ لَينُونَ غير غير أَن لاهوادة فِي الْحق وَلَا إدهان بله خلا أَن غوصهم على الْحَقَائِق يغمر الْأَلْبَاب والأذهان. من أحب أَن يرق قلبه فليد من أكل البلس.
البلس: هُوَ التِّين وروى البلس والبلسن وهما العدس وَقيل حب يُشبههُ وَالنُّون فِي البلسن مزيدة مثلهَا فِي خلبن ورعشن من الخلابة والرعشة. ذكر الدَّجَّال فَقَالَ: رَأَيْته بيلمانياًّ أقمر هجانا إِحْدَى عَيْنِيَّة كَأَنَّهَا كَوْكَب دري ورقوى فيلما نيا وفيلما.
بلم: الْبَيْلَمَانِي: الضخم المنتفخ من قَوْلك: أبلم الرجل إِذا انتفخت شفتاه وَرَأَيْت شَفَتَيْه مبتلمتين وأبلمت النَّاقة: ورم حياؤها وَيُقَال لطوط البردى: البيلم لطول انتفاخه. الفيلماني والفيلم: الْعَظِيم الجثة يُقَال: رَأَيْت امْرأ فيلماً: أَي عَظِيما. وَقَالَ الْهُذلِيّ: ... ويَحْمِي المُضَافَ إِذا مَا دَعا ... إِذا فَرَّ ذُو الِّلمَّةِ الفَيْلَمُ ...

(1/128)


وَالْألف وَالنُّون وَالْيَاء الْمُشَدّدَة المزيدات على الفيلم مبالغات فِي مَعْنَاهُ. الْأَقْمَر: الْأَبْيَض والهجان تَأْكِيد لَهُ. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أرسل إِلَى أبي عُبَيْدَة رَسُولا فَقَالَ لَهُ حِين رَجَعَ: كَيفَ رَأَيْت ابا عُبَيْدَة فَقَالَ: رأيب بللا من عَيْش. فقصر من رزقه ثمَّ أرسل إِلَيْهِ وَقَالَ للرسول حِين قدم عَلَيْهِ: كَيفَ رَأَيْته قَالَ: رَأَيْت حفوفا. فَقَالَ: رحم الله أَبَا عُبَيْدَة بسطنا لَهُ فَبسط وقبضنا لَهُ فَقبض.
بَلل جعل البلل والحفوف وَهُوَ اليبس عبارَة عَن الرخَاء والشدة لِأَن الخصب مَعَ وجود المَاء والجدب مَعَ فَقده. يُقَال: حفَّت أَرْضنَا: إِذا يبس بقلها. وَعَن أَعْرَابِي: أَتَوْ نَا بعصيدة قد حفت فَكَأَنَّهَا عقب فِيهَا شقوق. الْعَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ فِي زَمْزَم: لَا أحلهَا لمفتسل: وَهِي لشارب حل وبل. قيل [72] بل إتباع لحل وَقيل: هُوَ الْمُبَاح بلغَة حمير. وَعَن الزبير بن بكار: مَعْنَاهُ الشِّفَاء من بل الْمَرِيض وأبل. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ستفتحون أَرض الْعَجم وستجدون فِيهَا بُيُوتًا يُقَال لَهَا البلانات فَمن دَخلهَا وَلم يسْتَتر فَلَيْسَ منا.
بلان وَاحِدهَا بلان وَهُوَ الْحمام من بل بِزِيَادَة الْألف وَالنُّون لِأَنَّهُ يبل بِمِائَة أَو: بعرقة من دخله. وَلَا فعل لَهُ إِنَّمَا يُقَال: دَخَلنَا البلانات عَن أبي الْأَزْهَر. ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُئل عَن الْوضُوء من اللَّبن فَقَالَ: ماأباليه بالة اسمح يسمح لَك.
بِلَا أَي مبالاة وأصلحا بالية: كعافية. أَسمح وسَمَح وساَمَح: إِذا ساهل فِي الْأَمر يُقَال: أسمحت قرونته وَفِي أمثالهم: إِذا لم تَجِد عزا فسمح.

(1/129)


البلغين: عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت لعَلي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَوْم الْجمل: قد بلغت منا البلغين. قيل: هِيَ الدَّوَاهِي كَقَوْلِهِم: البرحين وَالتَّحْقِيق فيهمَا أَن يُقَال: كَأَنَّهُ قيل: خطبٌ بلغ أَي بليغ وَأمر برح أَي مبرح كَقَوْلِهِم: لحم زيم وَمَكَان سوي وديناً قيمًا ثمَّ جمعا جمع السَّلامَة إِيذَانًا بِأَن الخطوب فِي شدَّة نكايتها بِمَنْزِلَة الْعُقَلَاء الَّذين لَهُم قصد وتعمد. وَفِي إِعْرَاب نَحْو هَذَا طَرِيقَانِ: أَحدهمَا أَن يجْرِي الْإِعْرَاب على النُّون ويقر ماقبلها يَاء وَالثَّانِي أَن يفتح النُّون أبدا ويعرب ماقبلها فَيُقَال: هَذِه البلغون وَلَقِيت البلغين وَأَعُوذ بِاللَّه من البلغين قَالَت ذَلِك حِين جهدتها الْحَرْب. وأبلسوا فِي (أش) . البُلُسُ والبُلسنُ فِي (جلّ) . من الْبَلَاغ فِي (رف) . بلح فِي (عَن) . الأبلمة فِي (قد) . بالة فِي (خش) . بِذِي بلَى وبذي بليان فِي (بن) . بَلَاقِع فِي (خش) . أَبْلَج الْوَجْه فِي (بر) . وبلتها فِي (صَحَّ) . مُبلحاً فِي (مح) . البلقعة فِي (قي) . لميلة الإرعاد فِي (زو) . والبلت فِي (شن) . مَا نبض ببلال فِي (صب) . وَمَا ابتلت قدماه فِي (حن) .
الْبَاء مَعَ النُّون
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت عَائِشَة رضى الله عَنْهَا: مارأيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَتَّقِي الأَرْض بِشَيْء إِلَّا فِي يَوْم مطير ألقينا تَحْتَهُ بِنَاء.
بِنَا معنى الْبناء: ضم الشَّيْء إِلَى الشَّيْء وَمِنْه قيل للنطع مِبناة ومَبناة وَبِنَاء لِأَنَّهُ أديمان فَصَاعِدا ضمَّ بَعْضهَا إِلَى بعض وَوصل بِهِ. فِي يَوْم مطير أَي مُطر فِيهِ فاتّسع فِي الظّرْف بإجرائه مجْرى الْمَفْعُول الصَّحِيح كَمَا قيل: وَيَوْم شهدناه إِلَّا أَن الضَّمِير استكنَّ هُنَا لانقلابه مَرْفُوعا. وبرزفى

(1/130)


شهدناه لِأَنَّهُ انْقَلب مَنْصُوبًا وَالنّصب أخوالجر. خَالِد رَضِي الله عَنهُ تَعَالَى عَنهُ خطب النَّاس فَقَالَ: إِن عمر استعملني على الشَّام وَهُوَ لَهُ مُهِمّ فَلَمَّا ألْقى الشَّام بوانيه وَصَارَ بثنية وَعَسَلًا عزلني وَاسْتعْمل غَيْرِي فَقَالَ رجل: هَذَا وَالله هُوَ الْفِتْنَة. فَقَالَ خَالِد: أما وَابْن الْخطاب حَتَّى فَلَا وَلَكِن ذَاك إِذا كَانَ النَّاس بِذِي بلَى وَذي بلَى وروى: بِذِي بليان البواني: أضلاع الزُّور لتضامها الْوَاحِدَة بانية وَيُقَال: ألْقى الْبَعِير بوانيه كَمَا يُقَال: ألْقى بركه وَألقى كلكله: إِذا استناخ فاستعاره لاطمئنان الشَّام وقرار أُموره. البثنية: حِنْطَة حب منسوبة إِلَى البثنة [73] وَهِي بِلَاد من ارْض دمشق. والبثنة: الأَرْض السهلة اللينة أَي كثر فِيهَا الْحِنْطَة وَالْعَسَل حَتَّى كَأَن كُله حِنْطَة وَعسل. وَالْمرَاد ظُهُور الخصب وَالسعَة فِيهِ. يُقَال لمن بَعُد حَتَّى لايدري أَيْن هُوَ: صَار بِذِي بلَى وَذي بليان من بل فِي الأَرْض إِذا ذهب. وَالْمعْنَى ضيَاع أُمُور النَّاس بعده وتشتت كلمتهم. عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا كنت أَلعَب مَعَ الْجَوَارِي بالبنات فَإِذا رأين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انقمعن فيسربهن إِلَى
بنت الْبَنَات: التماثيل الَّتِي يلْعَب بهَا الصبايا. انقمعن: دخلن الْبَيْت وتغيبن. يسر بِهن: يرسلهن من السرب وَهُوَ جمَاعَة النِّسَاء. شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ لَهُ أَعْرَابِي وَأَرَادَ أَن يعجل عَلَيْهِ بالحكومة: تبنن.
بنن أَي تثبت والبنين: الْعَاقِل الْمُثبت وَهُوَ من بَاب أبن بِالْمَكَانِ بنن أبيني عبد الْمطلب فِي (غل) . وبنسوا فِي (نس) . بنة الْعَزْل فِي (با) . ابْن أبي كَبْشَة فِي (عَن) .

(1/131)


الْبَاء مَعَ الْوَاو
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لايدخل الْجنَّة من لايأمن جَارة بوائقه.
بوق: أَي غوائله وشروره يُقَال: باقته بائقة تبوقه بوقا. جَاءَ وهم يبوكون حسي تَبُوك بقدح ... فَقَالَ: مازلتم تبوكونها بعد فسيت تَبُوك.
بوك: وَهُوَ أَن يحركوا فِيهِ الْقدح يخرج المَاء وَمِنْه حَدِيثه: إِن بعض المناقفين باك عينا كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وضع فِيهَا سَهْما. وَمِنْه حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا إِنَّه كَانَت لَهُ بندقة من مسك وَكَانَ يبلها ثمَّ يبوكها بَين رَاحَته فتفوح روائحها. أَي يحركها بتدويره بَين راحتيه. قَالَ عَلْقَمَة الثَّقَفِيّ رَضِي الله عَنهُ: كنت فِي الْوَفْد الَّذين قدمُوا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَضرب لنا قبتين فَكَانَ بِلَال رَضِي الله عَنهُ يأتينا بفطرنا وَنحن مسفرون جدا حَتَّى وَالله مَا نحسب إِلَّا أَن ذَاك شَيْء يبتار بِهِ إسْلَامنَا وَكَانَ يأتينا بِطَعَامِنَا للسحور وَنحن مسدفون فَيكْشف الْقبَّة فيسدف لنا طعامنا.
بور: بارة يبور مثل خَبره يُخبرهُ واختبره فِي الْبناء وَالْمعْنَى. الإسداف: الدُّخُول فِي السدفة وَهِي الضَّوْء وَقَوله: يسدف لنا طعامنا أَي يدْخل فِي السدفة فيضئ لنا. أَرَادَ أَنه كَانَ يعجل الفطور وَيُؤَخر السّحُور امتحانا لَهُم. بفطرنا: أَي بِطَعَام فطرنا فَحذف. وَمن الابتيار حَدِيث عون قَالَ: بَلغنِي أَن دَاوُد سَأَلَ سُلَيْمَان صلوَات الله عَلَيْهِمَا

(1/132)


وَهُوَ بيتار علمه. فَقَالَ: أَخْبرنِي مَا شَرّ شَيْء قَالَ: امْرَأَة سوء إِن أعطيتهَا باءت وفخرت وَإِن منعتها شكت ونفرت.
بَاء الْبَاء: الْكبر. كَانَ بَين حيين من الْعَرَب قتال وَكَانَ لأحد الْحَيَّيْنِ طول على الآخر فَقَالُوا: لانرضى إِلَّا أَن يقتل بِالْعَبدِ منا الْحر مِنْكُم وبالمرأة الرجل فَأَمرهمْ أَن يتباءوا. هُوَ أَن يتقاصوا [74] فِي قتلاهم على التَّسَاوِي فيُقتل الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ. يُقَال: هم بَوَاء أَي ألفاء فِي الْقصاص وَالْمعْنَى ذَوُو بَوَاء قَالَت ليلى الأخيلية:
بوأ ... فَإِن تكن الْقَتْلَى بَوَاء فأنكم ... فَتى ماقتلتم آلَ عَوْفِ بنِ عامِرِ ... وَمِنْه الحَدِيث: الْجِرَاحَات بَوَاء: أَي سَوَاء وَكثر حَتَّى قيل: هم فِي هَذَا الْأَمر بَوَاء: أَي سَوَاء. قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبادة بن الصَّامِت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِن عَلَيْك السّمع وَالطَّاعَة فِي عسرك ويسرك وَلَا تنَازع الْأَمر أَهله إِلَّا أَن تُؤمر بِمَعْصِيَة بواحا أَو قَالَ: براحا.
بوح يُقَال: باح الشَّيْء إِذا ظهر _ بواحا وبؤوحا فَجعل البواح صفة لمصدر مَحْذُوف تَقْدِيره إِلَّا أَن تُؤمر أمرا بواحاً أَي بائحا ظَاهرا. براحا بِمَعْنَاهُ من الأَرْض البراح وَهِي البارزة. لَيْسَ للنِّسَاء من باحة الطَّرِيق شَيْء وَلَكِن لَهُنَّ حجرتا الطَّرِيق. باحة الطَّرِيق: وَسطه وَكَذَلِكَ باحة الدَّار: وَسطهَا وَهِي عرصتها. الْحُجْرَة: النَّاحِيَة

(1/133)


كَانَ جَالِسا فِي ظلّ حجرَة قد كَاد ينباص عَنهُ الظل.
بوص: أَي ينقبض عَنهُ ويسبقه من باص إِذا سبق وَفَاتَ. وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ إِنَّه كَانَ أَرَادَ أَن يسْتَعْمل سعيد بن عَامر فباص مِنْهُ أَي فَاتَهُ مستترا. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن الْجِنّ ناحت عَلَيْهِ فَقَالَت: ... عَلَيْك سلامٌ من أميرٍ وباركتْ ... يَدُ الله فِي ذَاك الأَدِيم الممزّق
قضيت أمورا ثمَّ غادر {ت بَعْدَها ... بَوَائِجَ فِي أَكْمَامِهَا لم تُفَتّقِ
فمنْ يسع أَو يركب جناحي نعَامَة ... ليدرك ماقدمت بالْأَمْس يسْبق
أَبَعْدَ قَتيلٍ بالمَدِيَنةِ أَظْلَمتْ ... لَهُ الارض تهتز العضاه بأسوق ...
بوج: البوائج: البوائق الأكمام: الأغطية حمع كم أَي كَانَت الْفِتَن فِي أيامك مستورة فَانْكَشَفَتْ / الأسوق: حمع سَاق أنكر على الشحر اخضرارها واهتزازها أَي كَانَ يجب أَن تجفَّ وَتذهب رطوبتها بِمَوْتِهِ الْأَحْنَف رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ نعى إِ ليه شَقِيق بن ثَوْر فَاسْتَرْجع وشقّ عَلَيْهِ ونُعي إِلَى حسكة الحبطي فَمَا ألْقى لذَلِك بَالا فَغَضب من حَضَره من بني تَمِيم فَقَالَ: إِن شقيقاً كَانَ رجلا حَلِيمًا فَكنت أَقُول: إِن وَقعت فتْنَة عصم الله بِهِ قومه إِن حسكة كَانَ رجلا مشيَّعاً فَكنت أخْشَى أَن تقع فتْنَة فيجر بني تَمِيم إِلَى هلكة.
بَال: إِلْقَاء البال لِلْأَمْرِ: الاكثراث لَهُ والاحتفال بِهِ. قيل المشيع هُنَا: العجول من شيعت النَّار: إِذا ألقيت عَلَيْهَا مَا [75] يذكيها وَلَيْسَ يبعد أَن يُرَاد بِهِ الشجاع وديدن الشجعان اقتحام المهالك والتخفف إِلَى

(1/134)


الحروب والفتن وَقلة تدبر العواقب ولايخلو من هَذَا دأبه أَن يورط نَفسه وَقَومه.

(1/135)


عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى رفع إِلَيْهِ رجل قَالَ لرجل: انك تبوكها يَعْنِي امْرَأَة ذكرهَا فَأمر بضربه فَجعل الرجل يَقُول: أأضرب فلاطا.
بوك وروى من وَجه آخر: إِن ابْن أبي خُنَيْس الزبيرِي سَاب قُريْشًا فَقَالَ لَهُ: علام تَبُوك يتيمتك فِي حجرك فَكتب سُلَيْمَان بن عبد الْملك إِلَى ابْن حزم: إِن البوك. سفاد الْحمار فَاضْرِبْهُ الْحَد. فَلَمَّا قدم ليضْرب قَالَ: إِنَّا لله أُضرب فلاطا قَالَ ابْن حزم وَكَانَ لايعرف الْغَرِيب لاتعجلوا على أَن يكون فِي هَذَا حدٌّ آخر. الفلاط: المفاجأة وأفلطه: فاجأه لُغَة هذيلية قَالَ المنتخل الْهُذلِيّ ك ... بهِ أَحْمِي المُضافَ إِذا دَعَانِي ... ونَفْسِي ساعةَ الفَزَعِ الفِلاَطِ ... وَقَالَ أَيْضا: ... أَفْلَطها اللَّيْلُ بعيرٍ فتَسْ ... عى ثوبُها مُجْتَنِبُ المْعدِلِ ... وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَنَّهُ لم يعلم أَن الْكَلِمَة كَانَت قذفا. بوغاء فِي (رج) . بائر فِي (هِيَ) . فأولئكم بور فِي (شَرّ) . بَوَاء فَليَتَبَوَّأ فِي (مث) . والبور فِي (ند) . بآئلة وبيلتي فِي (فو) . بوّالا فِي (شص) . حَتَّى باص فِي (ول) وبوغاء فِي (عف) . بيص فِي (حَيّ) .
الْبَاء مَعَ الْهَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتي بشارب خمر فخُفق بالنعال وبُهز بِالْأَيْدِي.
بهز البهز: الدّفع العنيف وَمِنْه قيل لأَوْلَاد العلات: بَنو بهز لتدافعهم وَقلة ترافدهم وَبِه سمي ابْن حَكِيم بَهْزًا سَار لَيْلَة حَتَّى ابهارَّ اللَّيْل ثمَّ سَار حَتَّى تهور اللَّيْل.
بهر ابهارَّ: انتصف من البهرة وَهِي وسط كل شَيْء وَإِنَّمَا قيل للوسط بهرة لِأَنَّهُ خير مَوضِع فَكَأَنَّهُ يهز ماسواه. تهوَّر مستعار من تهور الْبناء وَهُوَ انهدامه وَالْغَرَض إدباره وَمثله قَوْلهم: تقوّض اللَّيْل / قَالَ لرجل: أَمن البهش أَنْت
بهش: اراد أَمن أهل بِلَاد البهش وَهِي بِلَاد الْحجاز لِأَن البهش ينْبت بهَا وَهُوَ الْمقل مادام رطبا فَإِذا يبنس فَهُوَ خشل وَهُوَ من بهش إِلَيْهِ إِذا أقبل باستبشار لِأَن الْبَنَات إقباله ورونقه فِي رطوبته وغضاضته وإدباره وإنكاسه فِي يبسه وجفوفه وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ إِن رجلا قَرَأَ عَلَيْهِ حرفا أنكرهُ فَقَالَ: من أَقْرَأَك هَذَا فَقَالَ: أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ. فَقَالَ: إِن أَبَا مُوسَى لم يكن أهل البهش. أَرَادَ أَن الْقُرْآن نزل باللغة الحجازية وَهُوَ يمني. وَمِنْه حَدِيث أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ _[76] إِنَّه لما خرج إِلَى مَكَّة أَخذ شَيْئا من البهش فتزوده. يُحشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة عُرَاة حُفَاة غُرلاً بهما قيل: وَمَا البهم قَالَ: لَيْسَ مَعَهم شئ.

(1/136)


البهم: حمع الأبهم وَهُوَ البهيم أَي المصمت الَّذِي لايخالط لَونه لون آخر. بهم: وَيجوز أَن يكون جمع بهيم مخففاً كسبل جمع سَبِيل. وَالْمعْنَى: لَيْسَ مَعَهم شَيْء من أَعْرَاض الدُّنْيَا. شبه خلو جَسَد العاري عَن عرض يكون مَعَه بخلو نقبة الْفرس عَن شية مُخَالفَة لَهَا. والأبهم والبهيم أَيْضا: الْحجر المصمت الَّذِي لاخرق قيه. قَالَ العجاج: ... فَهَزَمْتَ ظَهْرَ السِّلاَمِ الأَبْهَم ... وَمن هَذَا جوّز أَن يكون وَصفا لأبدانهم بِالصِّحَّةِ والسلامة من الْأَمْرَاض والعاهات الدُّنْيَوِيَّة إِلَّا أَنه فَاسد من وَجْهَيْن آخَرين. الغُرل: جمع أغرل وَهُوَ الأقلف. سمع رجل حِين فُتحت جَزِيرَة الْعَرَب أَو مَكَّة يَقُول: أبهوا الْخَيل فقد وضعت الْحَرْب أَوزَارهَا. فَقَالَ: لاتزالون تقاتلون الْكفَّار حَتَّى تقَاتل بَقِيَّتكُمْ الدَّجَّال.
بهَا إبهاء الْخَيل: تعرية ظُهُورهَا عِنْد ترك الْغَزْو من قَوْلهم: أبهى الْبَيْت إِذا تَركه غير مسكون. وأبهى الْإِنَاء إِذا فرَّغه. كَانَ يدلع لِسَانه لِلْحسنِ فَإِذا رأى الصَّبِي حمرَة لسانة بهش إِلَيْهِ.
بهش أَي أقبل إِلَيْهِ وخف بارتياح واستبشار. قَالَ الْمُغيرَة: ... سَبَقْتَ الرِّجالَ الْبَاهِشِينَ إِلَى الْعلَا ... فِعَالاً مجدا والفعال سباق ... وَمِنْه حَدِيث: إِنَّه أرسل أَبَا لبَابَة إِلَى الْيَهُود فبهش إِلَيْهِ النِّسَاء وَالصبيان يَبْكُونَ فِي وَجهه. كَانَ أَو أَبُو لبَابَة يهودياًّ فَأسلم فَلهَذَا ارتاحوا حِين أبصروه مستغيثين إِلَيْهِ.

(1/137)


وَمِنْه حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: أَبُو بشامة قلت لَهُ: إِنِّي قتلت حَيَّة وَأَنا محرم فَقَالَ: هَل بهشت إِلَيْك قلت: لَا قَالَ: لابأس بقبل الأفعو وَلَا برمي الحدو فَمَا نسيت خلاف كَلَامه لكلامنا. أَي هَل أَقبلت إِلَيْك تريدك قلب ألف أَفْعَى وَاو هَذِه لُغَة لأهل الْحجاز إِذا وفقوا على الْألف يَقُولُونَ: هَذِه حبلو وَلَقِيت سعدو وَمِنْهُم من يقلبها يَاء فَيَقُول: حبلي وسعدي وَأما الحدأ فَإِنَّهُ لما وقف عَلَيْهِ فسُكنت همزته خففها تَخْفيف همزَة رَأس وكأس ثمَّ عاملها مُعَاملَة الْألف فِي أَفْعَى. فِي قصَّة حنين: خَرجُوا بدريد بن الصمَّة يتهنسون بِهِ وروى يتبيهسون بِهِ فَقَالَ: بِأَيّ وَاد أَنْتُم قالو: بأوطاس قَالَ: نعم مجَال الْخَيل لاحزن ضرس وَلَا سهل دهس مَالِي أسمع بكاء الصَّغِير ورغاء الْبَعِير ونهاق الْحمير ويعار الشَّاء قيل: سَاق مَالك بن عَوْف مَعَ النَّاس الظعن وَالْأَمْوَال. فَقَالَ ماهذا يامالك قَالَ: ياأبا قُرَّة أردْت أَن أحفظ النَّاس وَأَن يقاتلوا عَن أَهْليهمْ وَأَمْوَالهمْ فأنقض بِهِ وَقَالَ: رويعي ضَأْن وَالله مَاله وللحرب وَهل يرد المنهزم شئ وَقَالَ أَنْت مَحل بقومك وفاضح من عورتك. لوتركت الظعن فِي بلادها وَالنعَم فِي مراتعها ثمَّ لقِيت الْقَوْم بِالرِّجَالِ على متون الْخَيل والرجالة بَين أَضْعَاف الْخَيل أَو مُتَقَدّمَة درية أَمَام الْخَيل كَانَ الرَّأْي ثمَّ قَالَ: هَذَا يَوْم لم أشهده وَلم أغب عَنهُ ثمَّ أنشأ يَقُول: ... ياليتني فِيهَا جذع ... لأخب فِيهَا وَأَضَعْ
أقُودُ وَطْفَاء الزَّمَعْ ... كأنّها شَاةٌ صدع ...
بهنس
البهنس التبهنس والتبيهس: مشْيَة البيهس وَهُوَ الْأسد ومشية تبختر وَالنُّون وَالْيَاء

(1/138)


زائدتان بِدَلِيل تصريفي وَقيل اشتقاق البيهس من البهس وَهُوَ الجرأة وَالْمعْنَى: يَمْشُونَ بِهِ على تؤدة كمش المتبختر وَقيل: إِنَّمَا يتهبون بِهِ وَهُوَ من قَوْلهم: لضعيف الْبَصَر متهب لايدري أَيْن يطَأ مأخذه من الهبوة. وروى يُقَاد بِهِ فِي شجار وَهُوَ مركب للنِّسَاء. ضرس: خشن. دهس: لين. أُحفظ: من الحفيظة وَهِي الْغَضَب: أَي أذمرهم للحرب. أنقض بِهِ: نقر بِلِسَانِهِ فِي فِيهِ كَمَا يزجى الْحمار وَالشَّاة فعلهَا استجهالاً لَهُ. مَحل بقومك: مخرج لَهُم من الامن كمن يخرج من الْحرم أَو من الْأَشْهر الْحرم أَو من حُرْمَة هُوَ فِيهَا أَو منزل بهم بلية فَحذف الْمَفْعُول. الدرية بِغَيْر يسْتَتر بِهِ الصَّائِد عِنْد رمي الْوَحْش من رداه: إِذا ختله وَهِي الدريئة أَيْضا بِالْهَمْز من الدرء وَهُوَ الدّفع لِأَنَّهُ يدْرَأ دراء درءا حَتَّى يقرب من الرَّمية أَي يَجْعَل الرحالة ستر دون الْخَيل. الْوَضع: سير حثيث يُقَال: أوضع الرَّاكِب الْبَعِير وَوضع الْبَعِير. الوطفاء من الوطف: وَهُوَ كَثْرَة الشّعْر. الزمع: زَوَائِد من وَرَاء الظلْف. الصدع: الْخَفِيف. عمر رَضِي الله عَنهُ رفع إِلَيْهِ غُلَام ابتهر جَارِيَة فِي شعره فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَيْهِ فَلم يُوجد أنبت فدرأ عَنهُ الْحَد
الابتهار الابتهار: أَن يَقُول: فجرت وَلم يفجر من الشَّيْء الباهر وَهُوَ الظَّاهِر. الابتهار والابتيار: أَن يَقُول وَقد فعل من البؤرة وَهِي الحفرة قَالَ الْكُمَيْت: [78] ... قَبِيحٌ بمْثلِيَ نَعتُ الفتا ... ة إِمَّا ابتهار وَإِمَّا ابتيارا ... ونه حَدِيث الْعَوام بن حَوْشَب رَضِي الله عَنهُ: الابتهار بالذنب أعظم من ركُوبه لِأَن فِيهِ تبجحا بالذنب وَلَا يتبجح بِهِ إِلَّا مَعَ استحسانه واستحسان ماقضى الْإِسْلَام بقبحه يضْرب إِلَى الْكفْر.

(1/139)


عبد الرَّحْمَن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رأى رجلا يحلف عِنْد الْمقَام فَقَالَ: أرى النَّاس قد بهئوا بِهَذَا الْمقَام.
بهأ: أَي أنسوا بِهِ حَتَّى قلت هيبته فِي صُدُورهمْ فَلم يهابوا الْحلف على الشئ الحقير عِنْده. وَمِنْه حَدِيث مَيْمُون بن مهْرَان رَحمَه الله: إِنَّه كتب إِلَى يُونُس بن عبيد: عَلَيْك بِكِتَاب الله فَإِن النَّاس قد بهئوا بِهِ واستخفوا وَاسْتَحَبُّوا أعليه الْأَحَادِيث أَحَادِيث الرِّجَال. ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا من شَاءَ باهلته أَن الله لم يذكر فِي كِتَابه جدَّا وَإِنَّمَا هُوَ أَب.
البهلة: المباهلة: مفاعلة من البهلة وَهِي اللَّعْنَة ومأخذها من الإبهال وَهُوَ الإهمال والتخلية لِأَن اللَّعْن والطرد والإهمال من وادٍ وَاحِد وَمعنى المباهلة أَن يجتمعو إِذا اخْتلفُوا فيقولو بهلة: بهلة الله على الظَّالِم منا. عَمْرو رَضِي الله عَنهُ إِن ابْن الصعبة ترك مائَة بهار فِي كل بهار ثَلَاثَة قناطير ذهب وَفِضة.
البهار: البهار: ثَلَاثمِائَة رَطْل وَهُوَ مايحمل على الْبَعِير بلغَة أهل الشَّام قَالَ بريق الْهُذلِيّ: ... بِمُرْتَجزٍ كأنَّ عَلَى ذُرَاهُ ... ركاب الشَّامِ يَحْمِلْنَ البُهَارَا. ... ابْن الصعبة: طَلْحَة بن عبيد الله أضافة إِلَى أمه وَهِي الصعبة بنت الْحَضْرَمِيّ وَكَانَت قبل عبيد الله تَحت أبي سُفْيَان بن حَرْب فَلَمَّا طَلقهَا تبعتها نَفسه قفال: ... فَإِنِّي وصعبة فِيمَا ترى ... بعيدان والود ود قريب
فَأن لايكن نسبٌ ثاقبٌ ... فَعِنْدَ الفتاةِ جمالٌ وطِيبُ ... وَإِنَّمَا أضافة إِلَيْهَا غضا مِنْهُ لِأَنَّهَا لم تكن فِي ثقابة نسب. الْحجَّاج كَانَ أَبُو الْمليح على الابلة فأُتي بلؤلؤ بهرجٍ فَكتب فِيهِ إِلَى الْحجَّاج فَكتب فِيهِ أَن يُخَمّس وروى نبهرج.

(1/140)


بهرج وهما الْبَاطِل الرَّدِيء وبهرج السُّلْطَان دَمه: إِذا أهدره وَهِي كلمة فارسية قد استعملها الْعَرَب وتصرفوا فِيهَا قَالَ: ... محارم اللَّيْل لَهُ بهرج ... وَفِي الحَدِيث _ وتنقل الْأَعْرَاب بأبهائها إِلَى ذِي الخلصة.
بهو جمع بهو وَهُوَ بَيت من بيُوت الْأَعْرَاب يكون أَمَام الْبيُوت ذُو الخلصة: بَيت فِيهِ صنم كَانَ يُقَال لَهُ: الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة وَقيل: هُوَ الْكَعْبَة اليمانية. أبهر الْقَوْم فِي (عز) . بهلة الله فِي (خف) . قطعت أَبْهَري فِي (اك) بهر جتني فِي (ضَب) . وعلاه الْبَهَاء فِي (بر) . تبهر فِي (تب) . ابهار اللَّيْل فِي (هج) . البهيم فِي (زخ) . المبهمات فِي (ذمّ) . فبها ونعمت فِي (نع) . أنابها فِي (خص) . هَذِه الْبَهَائِم فِي (اب) .
الْبَاء مَعَ الْيَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة بيد أَنهم أَو توا الْكتاب من قبلنَا وأُوتيناه من بعدهمْ. قيل مَعْنَاهُ: غير أَنهم وَأنْشد:
بيد ... عمدا فعلت ذَاك بيد أَنِّي ... إِدْخَال إِنْ هَلَكْتُ لَمْ تَرَنِّي ... [79] وَفِي حَدِيثه: أَنا أفْصح الْعَرَب بيد أَنِّي من قُرَيْش ونشأت فِي بني سعد ابْن بكر وروى: ميدأني. لاتقوم السَّاعَة حَتَّى يظْهر الْمَوْت الْأَبْيَض قَالُوا: يارسول الله وَمَا الْمَوْت الْأَبْيَض قَالَ: موت الْفُجَاءَة.

(1/141)


الْبيَاض معنى الْبيَاض فِيهِ خلوُّه عَمَّا يحدثه من لايغافص من تَوْبَة واستغفار وَقَضَاء حُقُوق لَازِمَة وَغير ذَلِك من قَوْلهم: بيضت الْإِنَاء إِذا فرغته وَهُوَ من الاضداد. عَلَيْكُم بالحجامة لايتبيغ بأحدكم الدَّم فيقتله.
البيغ قيل: هُوَ قلب يتبغى من الْبَغي. وَعَن ابْن الْأَعرَابِي: تبيغ الدَّم وتبوغ: ثار وَهُوَ من البوغاء وَهُوَ التُّرَاب إِذا ثار. لايخطب أحدكُم على خطْبَة أَخِيه لَا يبع على بيع أَخِيه.
البيع البيع هَا هُنَا: الاشتراء قَالَ طرفَة: ... ويَأْتِيك بالأَخْبَارِ من لم تَبِعْ لَهُ بَتَاتاً وَلم تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِدِ ... أَلا إِن التبين من الله والعجلة من الشَّيْطَان فَتَبَيَّنُوا
التبين هُوَ التثبت والتأني. قَالَ لامْرَأَة وَذكرت زَوجهَا أهوَ الَّذِي فِي عَيْنَيْهِ بَيَاض فَقَالَت: لَا. ذهب إِلَى الْبيَاض الَّذِي حول الحدقة وظنته الْمَرْأَة الْكَوْكَب فِي الْعين. قَالَ لأبي ذَر رَضِي الله عَنهُ: كَيفَ تصنع إِذا مَاتَ النَّاس حَتَّى يكون الْبَيْت بالوصيف
الْبَيْت أَرَادَ بِالْبَيْتِ الْقَبْر وَأَن مَوَاضِع الْقُبُور تضيق لِكَثْرَة الْمَوْتَى حَتَّى يبْتَاع الْقَبْر بالوصيف. كَانَ لَا يبيت مَالا وَلَا يقيله. يَعْنِي أَن مَال الصَّدَقَة إِذا وافاه مسَاء أَو صباحاً لم يلبثه إِلَى اللَّيْل أَو إِلَى القائلة بل كَانَ يعجّل قسمته.

(1/142)


عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تزَوجنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على بَيت قِيمَته خَمْسُونَ درهما وروى: على بتّ. الْبَيْت: فرش الْبَيْت وَهُوَ مَعْرُوف عِنْدهم. يَقُولُونَ ك تزوج فلَان امْرَأَة على بَيت. البتّ: الكساء وَقيل ك الطيلسان من خزٍ. بيعا فِي (خب) . بياح فِي (مك) . الْبيَاض أَكثر فِي (رس) . يبين فِي (فد) . بيسان فِي (زو) . بيص فِي (حَيّ) . بيعَة فِي (سُقْ) . والأبيض فِي (حم) بَيْتك فِي (فض) . بَين إِحْدَى ثَلَاث فِي (خب) . [آخر كتاب الْبَاء وَالله الْحَمد والْمنَّة]

(1/143)