الفائق في غريب الحديث والأثر

حرف الثَّاء

الثَّاء مَعَ الْهمزَة
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتعْمل عبَادَة بن الصَّامِت على الصَّدَقَة فَقَالَ: اتَّقِ الله يَا أَبَا الْوَلِيد أَلا تَأتي يَوْم الْقِيَامَة على رقبتك شَاة لَهَا ثؤاج. ثؤاج هُوَ صَوت النعجة. أَلا تَأتي: فِيهِ وَجْهَان: أَحدهمَا أَن تكون لامزيدة. وَالْآخر أَن يكون أَصله لِئَلَّا تَأتي فَحذف اللَّام. على رقبتك: ظرف وَقع حَالا من الضَّمِير فِي تَأتي تَقْدِيره: مستعلية رقبتك شَاة وَنَظِيره: ... فَجاءُونَا [89] لَهُم سُكُرٌ عَلَيْنَا ... عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ فِي عَام الرَّمَادَة: لقد هَمت أَن أجعَل مَعَ كل أهل بَيت من الْمُسلمين مثلهم فَإِن ألإنسان لايهلك على نصف شبعة. فَقَالَ رجل: لَو فعلت ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا كنت فِيهَا بِابْن ثأداء.
ثأد وروى: إِن رجلا قَالَ لَهُ عَام الرَّمَادَة: لقد انكشفت وَمَا كنت فِيهَا ابْن ثأداء فَقَالَ: ذَلِك لَو أنفقت عَلَيْهِم من مَال الْخطاب الثأداء: الْأمة سميت بذلك لفسادها لؤماً ومهانة من قَوْلهم: ثئد المبرك على الْبَعِير: إِذا ابتل وَفَسَد حَتَّى لم يسْتَقرّ عَلَيْهِ. وَفِي كَلَامهم: أَقمت فلَانا على الثأداء إِذا اقلقته وبعضات ذَلِك تسميتهم إِيَّاهَا ثأطاء من الثأطة.

(1/160)


وَأما الدأثاء فَهِيَ من دئث فلَان بالإعياء حَتَّى كسل وأعيا: أَي أثقل لانها لاتخلو من ذَلِك فِي أَكثر أَوْقَاتهَا وَقد روى حَرَكَة الْهمزَة فِي قَوْله: ومَا كُنَّا بَنِي ثَأَدَاءَ لَمَّا شَفَيْنَا بالأَسِنَّةِ كلَّ وَتْرِ ... وَقد استثقل سيبوبة هَذَا الْبناء وَلم يذكر إِلَّا قرماء [و] جنفاء فِي اسْمِي موضِعين. وَالْمعْنَى: إِنَّك عملت على شاكلة الْأَحْرَار الْكِرَام فِي تفقد الْمُسلمين ومواساتهم وَالْقِيَام بِمَا يصلحهم وينعشهم. وثأط فِي (حم) . فرأب الثأي فِي (سح) فيوتر ثأركم فِي (حب) .
الثَّاء مَعَ الْبَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخيار أمتِي أَولهَا وَآخِرهَا وَبَين ذَلِك ثبج أَعْوَج لَيْسَ مِنْك وَلست مِنْهُ. أَي وسطا يُقَال: ضرب ثبجه بِالسَّيْفِ وَمضى بثبج من اللَّيْل: إِذا مضى قريب يبج من نصفه. معنى قَوْلهم: هُوَ مني هُوَ بعضى. وَالْغَرَض الدّلَالَة على شدَّة الِاتِّصَال وتمازوج الْهَوَاء واتحاد الْمذَاهب وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإنّهُ مِنِّي. وَقَوله: لَيْسَ مِنْك وَلست مِنْهُ نفي لهَذِهِ البعضية من الْجَانِبَيْنِ. عمررضي الله عَنهُ إِذا مر أحدكُم بحائط فَليَأْكُل مِنْهُ ولايتخذ ثبانا ورى: خبنة. الثبان: ماتحم ل فِيهِ الشئ بَين يَديك من وعَاء. وَقيل: هِيَ جمع ثبنه وَهِي
ثبان الحجزة تتخذها فِي إزارك تجْعَل فِيهَا الجني وَغَيره. والخبنة: مثلهَا يُقَال: ثبن الثَّوْب وخبنه وكبنه. عبَادَة رَضِي الله عَنهُ يُوشك أَن يُرى الرجل من ثبج الْمُسلمين قَرَأَ الْقُرْآن

(1/161)


على لِسَان مُحَمَّد فَأَعَادَهُ وأبدأه لايحور فِيكُم إِلَّا كَمَا يحور صَاحب الْحمار الْمَيِّت. ثبج من أوساطهم وخيارهم. على لِسَان مُحَمَّد أَي على لغته وكما كَانَ يَقْرَؤُهُ بِلَا لحن ولاتحريف. لايحور: لايرجع أَي لايصير حَاله عنْدكُمْ فِي كساد مَا يتلوه من كتاب الله إِلَّا كَحال من يعرض حمارا مَيتا فَلَا يعن لَهُ من يَشْتَرِيهِ مِنْهُ. أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ لأنس بن مَالك: مَا ثبر النَّاس مَا بطأ بهم فَقَالَ [9] أنس: الدُّنْيَا وشهواتها. أَي ماصدهم وقطعهم عَن طَاعَة الله وَمِنْه: ثبره الله ثبرا وثبورا إِذا أهلكه وَقطع دابره. د ثبر وثبر الْبَحْر: جزر وَالْأَصْل فِيهِ الثبرة وَهِي تُرَاب شَبيه بالنورة يكون بَين ظَهْري الأَرْض إذلا بلغه عرق النَّخْلَة وقف وَلم يسر فِيهِ فضعفت بطأ: على ضَرْبَيْنِ: يكون تعديته لِمَعْنى بطؤ ومبالغة فِيهِ فَيُقَال: بطؤ وبطأ بِهِ وبطأ عَن الْأَمر وَالطَّاعَة: إِذا بَالغ ثمَّ يعدى بِالْبَاء فَيُقَال: بطأت بِهِ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (وإنَّ مِنكم لَمنْ لَيُبطِّئَنَّ) الْآيَة مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ أَبُو بردة: دخلت عَلَيْهِ حِين أَصَابَته قرحَة فَقَالَ: هَلُمَّ يَابْنَ أخي فَانْظُر. فتحولت فَإِذا هِيَ قد ثبرت فَقلت: لَيْسَ عَلَيْك ياأمير الْمُؤمنِينَ بَأْس. أَي انفتحت ونضجت وسالت مدَّتهَا لِأَن عاديتها تذْهب وتنقطع عِنْد ذَلِك وَهَذَا من بَاب فعلته فَفعل يُقَال: ثبره الله مثبر أَي هلك وَانْقطع. فتحوَّلت: أَي نهضت من مَكَاني إِلَيْهِ. حَكِيم رَضِي الله عَنهُ دخلت أمه الْكَعْبَة وَهِي حَامِل فأدركها الْمَخَاض

(1/162)


فَولدت حكيماً فِي الْكَعْبَة فحُمل فِي نطع وَأخذ ماتحت مثبرها فغُسل عِنْد حَوْض زَمْزَم وأُخذت ثِيَابهَا الَّتِي ولدت فِيهَا فَجعلت لَقِي. المثبر: حَيْثُ يسْقط الْوَلَد وينفصل عَن أمه وَحَقِيقَته: مَوضِع الثبر وَهُوَ الْقطع والفصل وَمِنْه قيل: مثبر الْجَزُور لمجزرها. اللقي: الملقي وَكَانَ من عَادَة أَهله الْجَاهِلِيَّة إِلْقَاء ثِيَابهمْ إِذا حجُّوا يَقُولُونَ: هَذِه ثِيَاب قارفنا فِيهَا الآثام ن فَلَا نعود فِيهَا ويسمونها الألقاء. عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا اسْتَأْذَنت سَوْدَة رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم لَيْلَة الْمزْدَلِفَة أَن تدفع قبله وَقبل حطمة النَّاس وَكَانَت أمْرَأَة ثبطة الثبط فَأذن لَهَا. والثبط: التثبط كالفقير من الافتقار وَالْقِيَاس فِي فعلهمَا ثبط وفقر. أُثيبج فِي (رص) و (صه) . الثبجة فِي (اب) . فاضربوا ثبجة فِي (زن) .
الثَّاء مَعَ الْجِيم
ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ذكره الْحسن فَقَالَ: كَانَ أول من عُرف بِالْبَصْرَةِ صعد الْمِنْبَر فَقَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان ففسرهما حرفا حرفا وَكَانَ مثجَّا يسيل غربا هُوَ مفعل من الثج: وَهُوَ السَّيْل والصب الغزير. شبه فَصَاحَته وغزارة منظقة
ثج بِمَاء يثج ثجاًّ وَمثله قَوْلهم: مثج للْفرس الْكثير الجري وَهَذَا لبِنَاء الْآلَات فَاسْتعْمل فِيمَن يكثر مِنْهُ الْفِعْل كَأَنَّهُ آلَة لذَلِك. وَمِنْه رجل محرب ومدره ومصقع وَفرس مكر مفر. الغرب: مَا سَالَ بحدة واتصال [91] بِغَيْر انْقِطَاع. قَالَ لبيد: ... غرب المصبة مَحْمُود مصارعه ... لاهي النَّهَارِ بسَيْرِ اللّيْلِ مُحْتَقِر

(1/163)


وَمِنْه: قيل للدمع الْكَائِن بِهَذِهِ الصّفة ولعرق الْعين الَّذِي لايرقأ: غرب. حلب بِهِ ثجًّا وَلم تَعبه ثجلة فِي (بر) . بثجيجة فِي قح) . لاتثجروا فِي (بس) .
الثَّاء مَعَ الدَّال
النبث صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي ذِي الثُّدية الْمَقْتُول بالنهروان: إِنَّه مثدون الْيَد وروى مثدن مودون ومودن وموتن ومخدج. ثدية الثُّدية: تَصْغِير الثندوة بِتَقْدِير حذف الزَّائِد الَّذِي هُوَ النُّون لِأَنَّهَا من تركيب الثدي وانقلاب اليها فِيهَا واواً لضمة مَا قبلهَا ووزنها فنعلة وَلم يضر لظُهُور الِاشْتِقَاق ارْتِكَاب الْوَزْن الشاذ كَمَا لم يضر فِي إنقحل وروى: ذُو اليدية المثدون والمثدن: المخدج من قَوْلهم: امْرَأَة ثدنة أَي منقوصة الْخلق. المودون والمودن: من وَدَن الشَّيْء وأودنه إِذا نقَّصه وصغَّره. وَمِنْه: ودنه بالعصا: إِذا ضربه وودن الْأَدِيم: لينه بالبل والمعاني مُتَقَارِبَة. والموتن: من أيتنت الْمَرْأَة إِذا جَاءَت بِوَلَدِهَا يتنا وقلبت الْيَاء واوا لضم ماقبلها. وروى ابْن الْأَنْبَارِي: الوتن بِمَعْنى اليتن. وأوتنت: أيتنت.
الثَّاء مَعَ الرَّاء
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم مابعث الله نَبيا بعد لوط إِلَّا فِي ثروة من قومه.
ثرو أَي فِي كَثْرَة. يُقَال: ثرا المَال يثرو وثرا الْقَوْم يثرون. قَالَ ابْن مقبل:

(1/164)


.. وَثَرْوَةٍ مِنْ رِجَالٍ لَوْ رَأَيتَهُم ... لَقُلْتَ إحْدَى حِرَاجِ الجَرِّ مِنْ أٌقُرِ ... وَذَلِكَ لقَوْل الله تَعَالَى حِكَايَة عَن لوط: (لَوْ أنّ لي بِكمْ قُوَّة أوْ آوي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) إِذا زنت خَادِم أحدكُم فليجلدها الْحَد وَلَا يثرب وروى: ولايعيرها وروى: ولايعنفها. وَمعنى الثَّلَاثَة وَاحِدَة. الْخَادِم: الْجَارِيَة بِغَيْر تَاء تَأْنِيث لإجرائها مجْرى الْأَسْمَاء غير الْمَأْخُوذَة من الْأَفْعَال وَمثلهَا: لحية وَامْرَأَة عاتق دَعَا فِي بعض أَسْفَاره بالأزواد فَلم يُؤْت إِلَّا بالسويق فَأمر بِهِ فثرى فاكل ثمَّ قَامَ إِلَى الْمغرب فَتَمَضْمَض ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ. أَي ندى من الثرى. ثرى وَمِنْه قَول سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ: كُنَّا نطحن الشّعير وننفخه فيطير ماطار وبقى ثريناه فاكلناه. قَامَ إِلَى الْمغرب أَي قَصدهَا وَتوجه إِلَيْهَا وعزم عَلَيْهَا وَلَيْسَ المُرَاد [92] المثول وَهَكَذَا قَوْله تَعَالَى: (إذَا قُمْتُم إِلَى الصَّلاَةِ) . نهى عَن الصَّلَاة إِذا صَارَت الشَّمْس كالأثارب. فِي جمع أثرب جمع ثرب وَهُوَ الشَّحْم الرَّقِيق الْمَبْسُوط على الكرش والأمعاء شبه بهَا ضِيَاء الشَّمْس إِذا رق عِنْد الْعشي. ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ يقعى ويثرى فِي الصَّلَاة. أَي يلْزم يَدَيْهِ الثرى بَين السَّجْدَتَيْنِ لايفارق بهما الأَرْض وَذَلِكَ فِي التَّطَوُّع فِي وَقت كبره. يثرب فِي (اك) . نعما ثريا فِي (غث) . الثرثا رون فِي (وط) . ثراه فِي (حت) . غير مثرد فِي (فر) .

(1/165)


الثَّاء مَعَ الطَّاء
يمشي الثطى فِي (ذَا) . الثطاط فِي (نط) . ثطا فِي عباءة فِي (شغ) .
الثَّاء مَعَ الْعين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن امْرَأَة أَتَتْهُ فَقَالَت: يارسول الله إِن ابْني هَذَا بِهِ جُنُون يُصِيبهُ عِنْد الْغَدَاء والمساء فَمسح صَدره ودعا لَهُ فثع ثعة فَخرج جَوْفه جرو اسود يسْعَى. ثع أَي قاءقيئة يُقَال: ثع يثع وتع يتع. قَالَ: اللَّهُمَّ اسقنا فَقَامَ أَبُو لبَابَة فَقَالَ: يارسول الله إِن التَّمْر فِي المرابد. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ اسقنا حَتَّى يقوم أَبُو لبَابَة عُريَانا فيسد ثَعْلَب مربده بِإِزَارِهِ أَو بردائه. قَالَ ك فمطرنا حَتَّى قَامَ أَبُو لبَابَة فَنزع إزَاره فَجعل يسد بِهِ ثَعْلَب مربده. المربد: الْموضع الَّذِي يوضع فِيهِ التَّمْر حِين يصرم ليجفف وَهُوَ من ربده: إِذا حَبسه وَمِنْه مربد الْإِبِل وَقيل مربد الْبَصْرَة لأَنهم كَانُوا يحبسون فِيهِ الْإِبِل. ثَعْلَب والثعلب: مخرج مَائه. ولاثعول فِي (شب) . الثعارير فِي (ضَب) . المثعنجر فِي (قر) . فثعها فِي (كرّ) . ثَعْلَب بن ثَعْلَب فِي (صَحَّ) .
الثَّاء مَعَ الْغَيْن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى بأبى قُحَافَة وَكَأن رَأسه ثغامة فَأَمرهمْ أَن يغيروه.
ثغامة قَالَ أبوزيد: هِيَ شَجَرَة بَيْضَاء الْوَرق لَيْسَ فِي الأَرْض ورقة إِلَّا خضراء غير الثغامة. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: شَجَرَة تبيض كَأَنَّهَا الثَّلج.

(1/166)


أَبُو قُحَافَة: أَبُو أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنْهُمَا واسْمه عُثْمَان وَكَانَ هَذَا يَوْم فتح مَكَّة أُتي بِهِ ليبايعه على الْإِسْلَام فَبَايعهُ وَسَار إِلَى الْمَدِينَة ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ ماشبهت ماغبر من الدُّنْيَا إِلَّا بثغب ذهب صَفوه وَبَقِي كدره. هُوَ المستنقع فِي الْجَبَل. وَقد روى: ثغب وثغبان كَظهر وظهران. ثغب ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ عَمْرو بن حبشِي: كنت عِنْده فَجَاءَتْهُ امْرَأَة [مُحرمَة] فَقَالَت: أَشرت إِلَى أرانب قرماها الْكرَى فَقَالَ ابْن عَبَّاس: يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم. ثمَّ قَالَ لَهُ: أَفْتِنَا فِي دَابَّة ترعى الشّجر [93] وتشرب المَاء فِي كرش لم تثغر. فَقلت: تِلْكَ عندننا الفطيمة والتلوة والجذعة. لم تثغر: لم سقط أسنانها يُقَال: ثغر الصَّبِي فَهُوَ مثغور واتَّغر واثغر مثله.
ثغر وَمِنْه حَدِيث النَّخعِيّ: كَانُوا يحبونَ أَن يعلمُوا الصَّبِي الصَّلَاة إِذا ثغر وروى ثغر. ويحكى أَن عبد الصَّمد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس لم يثغر فط وَأَنه دخل قَبره بأسنان الصِّبَا وَمَا نفض لَهُ سنّ حَتَّى فَارق الدُّنْيَا مَعَ مَا بلغ من الْعُمر. وَيُقَال للنبات بعد السُّقُوط: اتغار واثغار أَيْضا وهما لُغَتَانِ فِي الافتعال من الثغر وَالْأَصْل اثتغار فإمَّا أَن تقلب الثَّاء تَاء وَهُوَ الْمَشْهُور فِي الِاسْتِعْمَال والقوى فِي الْقيَاس وَإِمَّا أَن تقلب التَّاء ثاء. وَمثل ذَلِك اتّار واثّار واتّرد واثَّرد. الفطيمة: المقطومة. والتلوة: الَّتِي تبِعت أمهَا وَالذكر: تلو. والجذعة: الَّتِي دخلت فِي السّنة الثَّانِيَة. وَالْمعْنَى أَنه لما قَالَ لَهَا يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم نصب نَفسه وَابْن حبشِي حكمين فَسَأَلَهُ عَن فديَة بِالصّفةِ الَّتِي وصفهَا مُعْتَبرا للمماثلة من جِهَة الْخلقَة لَان من جِهَة الْقيمَة فَذكر لَهُ هَذِه الثَّلَاثَة فَأوجب عَلَيْهَا أَحدهَا.

(1/167)


مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي فتح قيسارية وَقد ثغروا مِنْهَا ثغرة فَأخذ مُعَاوِيَة اللِّوَاء وَمضى حَتَّى ركزا اللِّوَاء على الثغرة وَقَالَ: أَنا عَنْبَسَة. أَي ثلموا مِنْهَا ثلمة. عَنْبَسَة: الْأسد من العبوس وَالنُّون زَائِدَة وَمثله عنسل من العسلان. سَوَاء الثغرة فِي (نس) .
الثَّاء مَعَ الْفَاء
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم أَمر الْمُسْتَحَاضَة أَن تستثفر وتلجم إِذا غلبها سيلان الدَّم.
ثفر الاستثفار: أَن تفعل بالخرقة فعل المستثفر بِإِزَارِهِ وَهُوَ أَن يرد طرفَة من بَين رجلَيْهِ ويغرزه فِي حجزته من وَرَائه ومأخذه من الثفر. وَمِنْه حَدِيث الزبير رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه وصف الْجِنّ الَّذين رَآهُمْ لَيْلَة استتبعه النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم قَالَ: فَإِن نَحن بِرِجَال طوال كَأَنَّهُمْ الرماح مستثفرين ثِيَابهمْ. التلجم: أَن يتوثق فِي شدّ الْخِرْقَة وَهِي تسمى لجمة وكل مَا شددت بِهِ شَيْئا وأوثقته فَهُوَ لجام ولجمة. وَيجوز أَن يُرَاد بالاستثفار: الاحتشاء بالكرسف من الثفر وَهُوَ الْفرج كَأَنَّهُ طلب مَا تسد بِهِ الثفر وبالتلجم شدّ اللجمة. مَاذَا فِي الْأَمريْنِ من الشِّفَاء: الصَّبْر والثفاء ثفاء هُوَ الْحَرْف سمي بذلك لما يتبع مذاقه من لذع اللِّسَان لحدته من [94] قَوْلهم:

(1/168)


ثفاه يثفوه ويثفيه: إِذا اتَّبعه وتسميته حرفا لحرافته. وَمِنْه: بصل حريف وهمزة الثفاء منقلبة عَن وَاو أوياء على مُقْتَضى اللغتين. قَالَ فِي غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة: من كَانَ مَعَه ثفل فليصطنع. الثفل: مارسب تَحت الشَّيْء من خثورة وكدرة كثفل الزَّيْت والعصير والمرق.
ثفل ثمَّ قيل لكل مَالا يُشرب كالخبز وَنَحْوه: ثفل. وَمِنْه: وجدت بني فلَان مثافلين: إِذا فقدوا اللَّبن فَأَكَلُوا الثفل. وَرجل ثفل ومحض. الاصطناع: اتِّخَاذ الصَّنِيع. أَبُو الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ رأى رجلا بَين عَيْنَيْهِ مثل ثفنة الْبَعِير فَقَالَ: لَو لم يكن هَذَا كَانَ خير. شبه السجادة بَين عَيْنَيْهِ بِإِحْدَى ثفنات الْبَعِير: وَهِي مابلى الأَرْض من أَعْضَائِهِ
ثفنة عِنْد البروك فيغلظ وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا جعل فقدها خيرا لَهُ مَعَ أَن الصلحاء وصفوا مثل ذَلِك وَسمي كل وَاجِد من الإِمَام زين العابدين عَلَيْهِ السَّلَام وَعلي بن عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم: ذَا الثفنات لِأَنَّهُ رأى صَاحبه يرائي بهَا. مُجَاهِد رَحمَه الله قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: (وآتواحقه يَوْمَ حَصَاده) . وَذكر الْبر ثمَّ التَّمْر إِذا حَضَرُوهُ عِنْد الجداد ألْقى لَهُم الثفاريق وَالتَّمْر. الثفروق: قمع البسرة وَالتَّمْرَة. وَعَن أبي زيد: هُوَ شَيْء كَأَنَّهُ خيط مركب فِي بطن القمعة وطرفه فِي النواة وَالْمرَاد هَاهُنَا شماريخ يتَعَلَّق بأقماعها تمرات مُتَفَرِّقَة لَا أقماع خَالِيَة من التَّمْر. الضَّمِير فِي حضروة وللمساكين. فِي الحَدِيث: حمل فلَان على الكتيبة فَجعل يثفنها.

(1/169)


ثفن أَي يضْربهَا ويطردها وَأَصله من قَوْلهم: ثفنته النَّاقة: ضَربته بثفناتها. بثفالها فِي (دس) . بالثفال فِي (دج) .
الثَّاء مَعَ الْقَاف
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم خلّفت فِيكُم الثقلَيْن كتاب الله وعترتى
ثقل الثّقل: الْمَتَاع الْمَحْمُول على الدَّابَّة وَإِنَّمَا قيل للجن وَالْإِنْس: الثَّقَلَان لِأَنَّهُمَا قطَّان الأَرْض فكأنهما أثقلاها. وَقد شبه بهما الْكتاب والعترة فِي أَن الدّين يستصلح بهما ويعمر كَمَا عمرت الدُّنْيَا بالثقلين. والعترة: الْعَشِيرَة سميت بالعترة وَهِي المرزنجوشة لِأَنَّهَا لاتنبت إِلَّا شعبًا مُتَفَرِّقَة. قَالَ ... فَمَا كُنْتُ أَخْشَى أَن أُُِقيم خِلافَهم ... بستّةِ أَبْيَات كَمَا نَبَتَ العِتْرُ ... أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ قَالَت الْأَنْصَار لقريش: منا أَمِير ومنكم أَمِير. فجَاء أَبُو بكر فَقَالَ: إِنَّا معشر هَذَا الْحَيّ من قُرَيْش أكْرم النَّاس أحسابا وأثقبه أنسابا ثمَّ نَحن بعد عترة رَسُول الله الَّتِي خرج مِنْهَا وبيضته الَّتِي تفقأت عَنهُ وَإِنَّمَا جيبت [95] الْعَرَب عَنَّا كَمَا جيبت الرَّحَى عَن قطبها.
ثقب أثقبه: أنورة من نقبت النَّار وَنجم ثاقب وَالْأَصْل فِيهِ نقوذ الضَّوْء وسطوعه وَالضَّمِير يرجع إِلَى النَّاس وَهُوَ اسْم موحد مُذَكّر كالبشر والأنام والورى

(1/170)


تفقأت: تفلقت وَمِنْه فقء الْعين. معنى وجوب الرحاء عَن القطب: أَن يقطع عَنهُ ويزال مَا يمْنَع نُفُوذه مِنْهَا بِأَن يثقب الْموضع الَّذِي يكون فِيهِ. وَلما كَانَ مَوْضِعه وسط الرَّحَى شبه بذلك مَكَان قُرَيْش من الْعَرَب يَعْنِي وَسطهَا وسرَّتها. معشر: مَنْصُوب بِفعل مُضْمر مثل: اذْكروا عني وَيُسمى النصب على الْمَدْح والاختصاص. ثقف فِي (لق) . لمثقباً فِي (نق) .
الثَّاء مَعَ الْكَاف
فِي الحَدِيث يحْشر النَّاس على ثكنهم. الثكنة: الرَّايَة أَي مَعَ راياتهم وعلاماتهم فتعلم كل أمة وَفرْقَة بعلامة تمتاز بهَا عَن غَيرهَا. والثكنة: الْجَمَاعَة أَيْضا أَي يحْشر كل أحد مَعَ الْجَمَاعَة الَّتِي هُوَ مِنْهَا. والثكنة أَيْضا: الْقَبْر أَي يحشرون على أَحْوَال ثكنهم فَحذف الْمُضَاف. الْمَعْنى: على الْأَحْوَال الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي قُبُورهم من سَعَادَة أَو شقاء. على ثكنتهم فِي (ضرّ) . ثكما الْأَمر ثكماً فِي (زو) . بأُثكول فِي (حب) . ثكن فِي (رج) .
الثَّاء مَعَ اللَّام
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ذَات غَدَاة: إِنَّه أَتَانِي اليلة آتيان فابتعثاني فَانْطَلَقت مَعَهُمَا فأتينا على رجل مُضْطَجع وَإِذا رجل قَائِم عَلَيْهِ بصخرة وَإِذا هُوَ يهوي بالصخرة فتثلغ رَأسه فتدهدى الصَّخْرَة. ثمَّ انطلقنا فأتينا على رجل مستلق وَإِذا رجل قَائِم عَلَيْهِ بكلوب وَإِذا هُوَ يَأْتِي أحد شقي وَجهه فيشرشر شدقه إِلَى قَفاهُ. ثمَّ انطلقنا فأتينا على مثل بِنَاء التَّنور فِيهِ رجال وَنسَاء يَأْتِيهم

(1/171)


لَهب من أَسْفَل فَإِذا أَتَاهُم ذَلِك ضوضوا فَانْتَهَيْنَا إِلَى دوحة عَظِيمَة فَقَالَا لي: ارق فِيهَا فارتقينا فَإِذا نَحن بِمَدِينَة مَبْنِيَّة بِلَبن ذهب وَفِضة فسما بَصرِي صُعُداً فَإِذا قصر مثل الربابة الْبَيْضَاء. ثلغ الثلغ والفلغ: الشدخ. الْكلاب والكلوب: خَشَبَة فِي رَأسهَا عقافة مِنْهَا أومن حَدِيد. وَمِنْه قيل كلاليب الْبَازِي لمخالبه. يشرشر: يشقق وَيقطع. الضوضاة: الضجيج والصياح وَهُوَ من مضاعف الرباعي كالقلقلة وَقَوْلهمْ: ضوضيت كأغزيت فِي قلب الْوَاو بَاء لوقوعها رَابِعَة. والتدهدي أَصله التدهدة فقلبت الْهَاء يَاء لاستثقال الضغيف كَمَا قيل: تقضى البازى وَهُوَ التدحرج. الدوحة: كل شَجَرَة عَظِيمَة [96] . وَيَقُولُونَ: انداحت هَذِه الشَّجَرَة إِذا عظمت ومظلة دوحة: أَي عَظِيمَة وَاسِعَة. الربابة: السحابة الْمُعَلقَة دون السَّحَاب. قَالَ: ... كَأَن الربَاب دوين السَّحَاب ... نعام تعلق بالأرجل ... لاحمى إِلَّا فِي ثَلَاث: ثلة الْبِئْر وَطول الْفرس وحلقة الْقَوْم.
ثلة أَي إِذا احتفر الرجل بِئْرا فِي مَوضِع لم يملكهُ أحد قبله ن فَلهُ أَن يحمى من حواليها مايطرخ فِيهِ ثلثهَا وَهِي ترابها الَّذِي أخرجه مِنْهَا وَإِذا ربط فرسه فِي الْعَسْكَر فَلهُ أَن يحمى مسدار رفرسه وَلِلْقَوْمِ أَن يحموا حَلقَة مجلسهم من أَن يجلس وَسطهَا أحد. وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ: الْجَالِس فِي وسط الْحلقَة مَلْعُون. عمر رَضِي الله عَنهُ رُئي فِي الْمَنَام فسُئل عَن حَاله فَقَالَ: ثُلّ عَرْشِي أَو كَاد عَرْشِي يُثّل لَوْلَا أَنِّي صادفت ربَّا رحِيما

(1/172)


ثله: هَدمه وَيكون أَيْضا بِمَعْنى أصلحه عَن قطرب. وأثله: أَمر بإصلاحه
ثل وَقد حكى: أثله: هَدمه. وَالْعرش: سَرِير الْملك. وَهَذِه كِنَايَة عَن إدبار الْأَمر وَذَهَاب الْعِزّ لِأَن الإدالة من الْملك يردفها ثل عَرْشه. تثلغ الخبزة فِي (فل) . الثلب فِي (نَص) . ثلثا واثنتين فِي (بر) وثلثهم فِي (ثو) وثلاثها فِي (ثن) . ثلثت فِي (سبّ) . ثلة فِي (ثو) .
الثَّاء مَعَ الْمِيم
ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَتَاهُ رجل بِابْن أَخِيه وَهُوَ سَكرَان فَأمر بِسَوْط فدقت ثَمَرَته ثمَّ قَالَ للجلاد اضْرِب وارجع يَديك ثمَّ قَالَ: بئس لعمر الله ولي الْيَتِيم هَذَا ماأدبت فأحسنت الْأَدَب ولاسترت الخربة. قَالَ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن إِنَّه لِابْنِ أخي وَإِنِّي لأجد لَهُ من الّلاعة مَا أَجِدهُ لوَلَدي وَلَكِن لم آله. ثَمَرَة السَّوْط: الْعقْدَة فِي طرفه وَإِنَّمَا أَمر بدقها لتلين تَخْفِيفًا عَنهُ وَكَذَلِكَ
ثَمَر أمره برجع الْيَدَيْنِ وَهُوَ أَلا يرفعهما عندا لضرب ولايمدهما ويقتصر على أَن يرجعهما رجعا. اللَّام فِي الْيَتِيم لتعريف الْجِنْس لَا للْعهد لإسناد بئس إِلَى الْمُضَاف إِلَيْهِ لِأَنَّهُ لايسند إِلَّا إِلَى مَا فِيهِ اللَّام للْجِنْس أَو إِلَى مَا أُضيف وَالَّذِي جوَّز الْفَصْل بَين بئس وفاعلة بالقسم أَنه تَأْكِيد لمضمون الْجُمْلَة فَلَيْسَ بأجبنى عَنْهُمَا. مَا أدبت: الْتِفَات إِلَى الرجل بالتقريع. الخربة: من قَوْلهم: مَا رَأينَا من فلَان خربة أَي عَيْبا وَفَسَادًا. وَمِنْه: الخارب لعيشه فِي المَال بِالسَّرقَةِ زخراب الأَرْض: فَسَادهَا لفقد الْعِمَارَة اللاعة فعلة من لاع يلاع: إِذا وجد فِي قلبه لوعة من شوقٍ أَو حزن.

(1/173)


قَالَ الْأَعْشَى ... مُلْمعٍ لاَعَةِ الفُؤَادِ إِلَى جَحْشٍ ... فَلاَهُ عَنْهَا فَبِئْسَ الْفَالِي ... [97] وَمثلهَا: امْرَأَة خافة وَعين داءة من خَافَ يخَاف ن وداء يداء وَالْمرَاد من وجد اللاعة وَهِي النَّفس فَحذف الْمُضَاف. لم آله: أَي مَعَ فرط حرقتي ومحبتي لَهُ لم أدخر عَنهُ عركا وتأديباً. ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا الرِّشْوَة الحكم سحت وَثمن الدَّم وأجره الكاهن وَأخر الْقَائِف وهدية الشَّفَاعَة وجعالة الْغَرق. ثمن ثمن الدَّم: كسب الْحجام. القيافة: أَن يعرف بفطنة وَصدق فراسة أَن هَذَا ابْن فلَان أَو أَخُوهُ وَكَانَت فِي بني مُدْلِج. الجعيلة والجعالة: الجُعل وَهُوَ مَا يَجْعَل لمن يغوص على مَتَاع أَو إِنْسَان غرق فِي المَاء. مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ دخل عَلَيْهِ عَمْرو بن مَسْعُود وَقد أسن وَطَالَ عمره فَقَالَ لَهُ كَيفَ أَنْت وَكَيف حالك فَقَالَ: مَا تسْأَل يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ عَمَّن ذبلت بَشرته وَقطعت ثَمَرَته وَكثر مِنْهُ مايجب أَن يقل وصعب مِنْهُ مايحب أَن يذل وسُحلت مريرته بِالنَّقْضِ وأجم النِّسَاء وَكن الشِّفَاء وَقل انحياشه وَكثر ارتعاشه فنومه سبات وَلَيْلَة هبات وسَمعه خفات وفهمه تارات.
ثَمَر ثَمَرَته: نَسْله شبهه بثمرة الشَّجَرَة كَمَا يُقَال: هَذَا فرع فلَان وشعبته وَيجوز أَن يُكنى بهَا عَن الْعُضْو وَيُرِيد انْقِطَاع قدرته على الْمُلَامسَة وَانْقِطَاع شَهْوَته لقَوْله وأجم النِّسَاء وَقد أنْشد بَعضهم:

(1/174)


.. إِلَى عُلَيْجين لم تُقْطَع ثِمارُهما قد طَال ماسجدا للشمْسِ وَالنَّار ... يُرِيد لم يختنا. أَرَادَ بِمَا يحب أَن يقل: السَّهْو وَالنِّسْيَان والذنين وَالْبَوْل وَغير ذَلِك. وَبِمَا يحب أَن يذل: المفاصل الجاسية الَّتِي لاتطاوعه فِي الْقَبْض والبسط سحلت مريرة أَي جعل حبله المبرم سحيلا وَهُوَ الرخو المفتول على طاق وَاحِد وَقد سحله يسحله. والمريرة والمرير: المرُّ المفتول على طاقين فَصَاعِدا وَهَذَا تَمْثِيل لضَعْفه واسترخاء قوته. أجم: عَارِف وملَّ. الانحياش: النفور من الشَّيْء فَزعًا. قَالَ ذُو الرمة: ... وبيضاء لاتنحاش منا وَأمّهَا ... إِذا مارأتنا زيل مِنْهَا زويلها ... وَلم يرد أَنه لايفزع فينحاش لِأَن السيخ مَوْصُوف الْفَزع والخشية وَمِنْه الْمثل: لقد كنت وَمَا أُخشي بالذئب. وَلكنه أَرَادَ أَنه إِذا فزّع لم يقدر على النفار والفرار. السبات: النّوم الثقيل وَمِنْه قيل للْمَيت: مسبوت وَالْأَصْل فِيهِ انْقِطَاع الْحَرَكَة الهبات: الضعْف والاسترخاء من قَوْلهم: لفُلَان هِبته أَي ضعف وهبت الْمَرَض وَرجل مهبوت الْفُؤَاد: نخب. الخفات: ضغف الِاسْتِمَاع من خفوت الصَّوْت [98] وَإِنَّمَا أخرجه على فعال لِأَنَّهُ وزن أَسمَاء الأدواء. تارات: يُكَرر عَلَيْهِ الحَدِيث مَرَّات حَتَّى يتفهمه. عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ ذكر أُحيحة بن الجلاح وَقَول أَخْوَاله فِيهِ: كُنَّا أهل ثمه ورمه حَتَّى اسْتَوَى على عممه. وَقيل الصَّوَاب الْفَتْح فِي ثمَّة ورقة. الثم: الْجمع. والرم: المرمة وَأما الثم والرم فَلَا يخلوان من أَن يَكُونَا مصدرين
ثمَّة كَالْحكمِ وَالشُّكْر وَالْكفْر أَو بِمَعْنى الْمَفْعُول كالذخر وَالْعرْف وَالْخَبَر. وَالْمعْنَى: كُنَّا

(1/175)


أهل تَرْبِيَته والمتولين لحمع أمره وَإِصْلَاح شَأْنه أَو ماكان يرْتَفع من أمره مجموعا مصلحا فَإنَّا كُنَّا المحصلين لَهُ على تِلْكَ الصّفة. العمم: صفة كشلل وسحج بِمَعْنى العميم وَهُوَ التَّام الطَّوِيل وَيجوز أَن يكون جمع عميم كسرير وسرر وَقَوْلهمْ: نخل عُمّ تَخْفيف عمم وَالْمعْنَى: اسْتَوَى على عظمه أَو قدّه التَّام أَو على عِظَامه أَو أَعْضَائِهِ التَّامَّة وَأما التَّشْدِيد [فِيهِ عِنْد من شدد] فَإِنَّهَا الَّتِي تزاد فِي الْوَقْف فِي قَوْلهم: هَذَا عمرا وَفرج وَإِنَّمَا زَادهَا مجريا للوصل مجْرى الْوَقْف كَمَا قَالَ: ببازل وجناء أَو عيهل ... ليتشا كل السجعتان. وروى بِالتَّخْفِيفِ وروى على عممه وَهُوَ مصدر العميم وَقَوْلهمْ: منْكب عمم وصف بِالْمَصْدَرِ. وروى أَن هاشما تزوج سلمى بنت زيد النجارية بعد أُحيحة فَولدت لَهُ شيبَة وَتُوفِّي هَاشم وشبَّ شيبَة فانتزعه الْمطلب من أمه فَقَالَت: ... كُنَّا ذَوي ثمَّة ورمة ... حَتَّى إذال قَامَ عَلَى أَتمّه
انتزعوه يافعاً من أُمِّه ... وَغلب الأخوال حَقّ عَمه ... علاهُ الثمال فِي (بُد) . على ثَمد فِي (خب) . ثمال حاضرتهم فِي (رج) . سنة ثمغ فِي (صر) . قَلِيل الثميلة فِي (صد) . ثماماً (خض) . فثملته فِي (ور) . وأفجر لَهُ الثمد فِي (صب) .

(1/176)


الثَّاء مَعَ النُّون
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم لاثنى فِي الصَّدَقَة. الثنى: مصدر كالقلى والشرى من ثنيت الشَّيْء: إِذا أَخَذته مرّة ثَانِيَة وثنيت
ثنى الأَرْض: إِذا كريتها مرَّتَيْنِ وَالْمعْنَى فِي أَخذ الصَّدَقَة فحُذف الْمُضَاف. وَالصَّدَََقَة: المَال الْمُتَصَدّق بِهِ وَيجوز أَن يكون بِمَعْنى التَّصْدِيق من صدق المَال: إِذا أَخذ صدقته كَالزَّكَاةِ والذكاة بِمَعْنى التَّزْكِيَة والتذكية فَلَا يقدر حذف مُضَاف أَرَادَ لاتؤخذ فِي السّنة مرَّتَيْنِ ثنى بني مَعَ لَا لنفي الْجِنْس وَعلم بنائِهِ سُقُوط التَّنْوِين. سُئل عَن الْإِمَارَة فَقَالَ: أَولهَا ملامة وثناؤها ندامة وثلاثها عَذَاب يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا من عدل. أَي ثَانِيهَا وَثَالِثهَا بِالْكَسْرِ وَأما ثَنَاء وَثَلَاث فصفتان معدولتان عَن اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ [99] وَثَلَاثَة ثَلَاثَة. قَرَأَ عَلَيْهِ أبيٌّ رَضِي الله عَنهُ فَاتِحَة الْكتاب فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا أُنزل فِي التَّوْرَاة وَلَا فِي الأنجيل وَلَا فِي الزبُور ولافي الْقُرْآن مثلهَا إِنَّهَا السَّبع المثاني من وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أَعْطَيْت. المثاني: هِيَ السَّبع. وَمن: للتبيين مثلهَا فِي قَوْله تَعَالَى: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجس من الأوْثان) . كَأَنَّهُ قيل: إِنَّهَا للآيات السَّبع الَّتِي هِيَ المثاني وَإِنَّمَا سميت مثاني لِأَنَّهَا تثنى: أَي تكَرر فِي قومات الصَّلَاة والواحدة مثنى وَيجوز أَن يكون مثناة. وَقَوله: وَالْقُرْآن الْعَظِيم: إِطْلَاق الآسم الْقُرْآن على بعضه. وَمثله قَوْله تَعَالَى: (بِمَا أَوْحَيِنَا إلَيْكَ هذَا القُرْآنَ) فِيمَن جعل المُرَاد بالقصص سُورَة يُوسُف وَقَوله: وَلَا فِي الْقُرْآن مثلهَا تَفْضِيل لآيَات الْفَاتِحَة على سَائِر آي الْقُرْآن. حَمْزَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ وَحشِي: سددت حربتي يَوْم أُحد لثنَّته فَمَا أخطأتها. الثنة: مادون السُّرَّة إِلَى الْعَانَة.

(1/177)


وحشى غُلَام طعيمة بن عدى. رزقه يَوْم أحد فَقتله وَكَانَ حَمْزَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قد قتل طعيمة يَوْم بدر. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا من أراط السَّاعَة أَن تُوضَع الأخيار وترفع الأشرار وَأَن تقْرَأ الْمُثَنَّاة على رُءُوس النَّاس لاتغير. قيل: وَمَا الْمُثَنَّاة قَالَ: مَا استكتب من غير كتاب الله. ثَنَا قيل: هُوَ كتاب وَضعه أَحْبَار بني إِسْرَائِيل بعد مُوسَى على نَبينَا وَعَلِيهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام على ماارادوا من غير كتاب الله الَّذِي أنزل عَلَيْهِم أحلُّوا فِيهِ ماشاءوا وحرموا ماشاءوا على خلاف الْكتاب وَقد وَقعت إِلَى ابْن عمر كتب يَوْم اليرموك فَقَالَ ذَلِك لمعرفته بِمَا فِيهَا. كَعْب رَضِي الله عَنهُ إِن الله عز وَجل لما مد الأَرْض مادت فثنطها بالجبال فَصَارَت كالأوتاد لَهَا ونثطها بالآكام فَصَارَت كالمثقلات لَهَا.
ثنط قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الثنط بِتَقْدِيم الثَّاء على النُّون: الشق. والنثط: والإثقال وهما حرفان غَرِيبَانِ ماجاءا إِلَّا فِي حَدِيث كَعْب وَقيل نثطها: أثبتها والنثط والمثط: غمزك الشَّيْء بِيَدِك على الأَرْض. وَفِي بعض الحَدِيث: كَانَت الأَرْض هفا على المَاء فنثطها الله بالجبال. الهف: القلق الَّذِي لايستقر من قَوْلهم: رجل هف أَي خَفِيف وَقَالَ: ... هف خَفِيف قَلِيل المَال لَيْسَ لَهُ ... إِلَّا مذلقة أَو وَفِضة سبد ... وَمِنْه سَحَابَة هف: لاماء فِيهَا ... وشهدة هف لاعسل فِيهَا. سعيد رَضِي الله عَنهُ الشُّهَدَاء ثنية. أَي الَّذين استثناهم الله عَن الصعفة الآولى] بقوله: (فَصعِقَ من فِي السَّمَوَات وَمن فِي الأَرْض إِلَّا من شَاءَ الله) . يُقَال حلف يَمِينا لَيست فِيهِ اثنية.

(1/178)


وَعَن الْأَصْمَعِي: سَأَلت ابْن عمرَان القَاضِي [1] عَن رجل وقف وفقا وَاسْتثنى مِنْهُ فَقَالَ: لايحوز الْوَقْف إِذا كَانَت فِيهِ ثنية. يثنيه عَلَيْهِ إثناء فِي (طر) . أُثناءه فِي (سح) . وطلاّع الثنايا فِي (دين) . وثنيته فِي (عص) .
الثَّاء مَعَ الْوَاو
النبث صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم توضئوا مِمَّا غيَّرت النَّار وَلَو من ثَوْر أقط. هُوَ الْقطعَة مِنْهُ لِأَن الشَّيْء إِذا قُطع عَن الشَّيْء ثار عَنهُ وَزَالَ ثَوْر والأقط: مخيض يُطبخ ثمَّ يتْرك حَتَّى يمصل. وَالْمرَاد بالتوضؤ غسل الْيَدَيْنِ كتب صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لأهل جُرش بالحمى الَّذِي أحماه لَهُم: للْفرس وَالرَّاحِلَة والمثيرة فَمن رعاه من النَّاس فَمَاله سحت. المثيرة: الْبَقَرَة الَّتِي تثير الأَرْض. سحت: هدر أَي إِن عقره عَاقِر أَهْدَرْتُهُ وَالَّذِي يلاقي بَينه وَبَين السُّحت الْمَعْرُوف أَن الدَّم المهدر مسحوت التبعة كَمَا أَن الْكسْب الْحَرَام مسحوت الْبركَة. كتب صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لأهل نَجْرَان حِين صَالحهمْ: إِن عَلَيْهِم ألفي حلَّة فِي كل صفر وَفِي كل رَجَب ألف حلَّة وَمَا قضوا من ركاب وخيل أَو دروع أُخذ مِنْهُم بِحِسَاب وعَلى نَجْرَان مثوى رُسُلِي عشْرين لَيْلَة فمادونها ولنجران وحاشيتها ذمَّة الله وَذمَّة رَسُوله على دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ وثلتهم وملتهم وبيعهم ورهبانيتهم واساقفهم وشاهدهم وغائبهم وعَلى أَلا يغزوا أُسقفاًّ من سقيفاه وَلَا وافقا من وقيفاه ولاراهبا من رهبانيته وعَلى الا يحْشرُوا ولايعشروا. مثوى رُسُلِي: أَي ثواؤهم ضيوفا لَهُم. والثوى: الضَّيْف قَالَ أَوْس: ثوى

(1/179)


لعمرك ماملت ثواء ثويها ... حليمة إِذا أَلْقَى مَرَاسِيَ مُقْعَد ... وَيُقَال: تثَّويت فلَانا: إِذا تضَّيفته. وَمِنْه حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: شيخ من طفاوة تثوَّيته فَلم أر رجلا أَشد تشميرا وَلَا أقوم على ضيف مِنْهُ. يُقَال لقطيع الضَّأْن: ثلة ولقطيع المعزى: حِيلَة فَإِذا اجْتمعَا قيل لَهما جَمِيعًا ثلَّة. وعَلى أَلا يغزوا مَعْطُوف على قَوْله: أَن عَلَيْهِم لِأَن الْمَعْنى صَالحهمْ على أَن عَلَيْهِم فَحذف على وحروف الْجَرّ يكثر حذفهَا مَعَ أنْ وأنّ. الرهبانية والأساقفة: جمع رُهْبَان وأُسقف وَقد مضى لنا فِي هَذِه التَّاء كَلَام وَسمي الأُسقف لخشوعه من الأسقف وَهُوَ الطَّوِيل المنحني. الْوَاقِف: خَادِم الْبيعَة لِأَنَّهُ وقف نَفسه على ذَلِك. السقيفي [1 1] والواقيفى: مصدران الخليفي والخطيبي. لايحشروا: لايكلفوا الْخُرُوج فِي الْبعُوث. ويعشروا: لايؤخذ عشر أَمْوَالهم. إِذا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ فأتوها وَعَلَيْكُم السكينَة فَمَا أدركتم فصلوا ومافاتكم فَأتمُّوا.
ثوب الأَصْل فِي التثويب: أَن الرجل كَانَ إِذا جَاءَ مستصرخا لوح بِثَوْبِهِ فَيكون ذَلِك دُعَاء وإنذارا ثمَّ كثر حَتَّى سُمي الدُّعَاء تثويبا قَالَ طفيل: ... وَقد منَّت الخَذوَاءُ مناًّ عليكمْ ... وشَيْطَانُ إِذا يَدعُوهُم ويثوب ...

(1/180)


وَقيل: هُوَ ترديد الدُّعَاء تفعيل منثاب: إِذا رَجَعَ وَمِنْه قيل لقَوْل الْمُؤَذّن: الصَّلَاة خير من النّوم: التثويب. عمر رَضِي الله عَنهُ كُتب إِلَيْهِ فِي رجل قيل لَهُ: مَتى عَهْدك بِالنسَاء فال: البارحة. فَقيل: من قَالَ: أم مثواي. فَقيل لَهُ: قد هَلَكت قَالَ: ماعلمت أَن الله حرَّم الزِّنَا فَكتب عمر أَن يسْتَحْلف ماعلم أَن الله حرم الزِّنَا ثمَّ يُخلى سَبيله. المثوى: مَوضِع الثواء وَهُوَ النُّزُول وَيُقَال لصَاحب المثوى: أَبُو مثوى
ثواء ولصاحبته: أم مثوى. لاأوتي بِأحد انْتقصَ من سبل الْمُسلمين إِلَى مثاباته شَيْئا إِلَّا فعلت بِهِ كَذَا. أَي إِلَى مَنَازِله لِأَنَّهُ يُثَاب إِلَيْهَا أَي يرجع بِهِ. عَمْرو رَضِي الله عَنهُ قيل لَهُ فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ: كَيفَ تجدك قَالَ: أجدني أذوب وَلَا أثوب وأجدنجوى أَكثر من رزئي. يُقَال ثاب جِسْمه بعد النهكة: إِذا عَاد إِلَى صِحَّته. النجو: الْحَدث. من رزئي: أَي مِمَّا أرزؤه من الطَّعَام بِمَعْنى أصيبه. يُقَال: مارزأته زبالا: إِذا لم يصب مِنْهُ شَيْئا. وَمِنْه قيل للمصاب: رزء ورزئيه.

(1/181)


فِي الجديث: الثيبان يرجمان والبكران ويجلدان ويغرّبان. يُقَال للرجل وَالْمَرْأَة: ثيب وَهُوَ فيعل من ثاب يثوب كسيد من سَاد يسود لمعاودتها التَّزَوُّج فِي غَالب الْأَمر وَقَوْلهمْ: تثيبت مَبْنِيّ على لفظ ثيب وَيجوز أَن يكون فيعلت كَمَا قيل فِي تدير الْمَكَان مِم ثيب فِي (أَب) . إِلَى ثَوْر فِي (عي) . مَثَاوِيَكُمْ فِي (فر) . فَلَا يثوي عِنْده فِي (جو) . [آخر الثَّاء وَالله الْحَمد والْمنَّة]

(1/182)