الفائق في غريب الحديث والأثر

حرف الْجِيم

الْجِيم مَعَ الْهمزَة
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي المبعث حِين رأى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: فجئثت مِنْهُ فرقا فَأَتَت خَدِيجَة ابْن عَمها ورقة بن نَوْفَل وَكَانَ نَصْرَانِيّا قد قَرَأَ الْكتب فَحَدَّثته وَقَالَت: إِنِّي أَخَاف أَن يكون قد عُرض لَهُ فَقَالَ: لَئِن كَانَ ماتقولين حَقًا إِنَّه ليَأْتِيه الناموس الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى. جئث الرجل: قلع من مَكَانَهُ فَزعًا والثاء بدل من فَاء جئف الشَّيْء بِمَعْنى جعف:
جئث إِذا قلع من أَصله قَالَ زيد الفوارس [1 2] : ... ولوا تكبتهم الرِّماحُ كأَنّهُمْ أَثْلٌ جأَفْتَ أُصولَه أوْ أثأَبُ ... وَمثله قَوْلهم فِي فروغ الدَّلْو ثروع. وَفِي أثاث أثاف. وَعَكسه فمّ فِي ثُمَّ وجدف فِي جدث. وروى فجثثت وَهُوَ أَيْضا من جث واجتث: إِذا قلع. فرقا: منتصب على أَنه مفعول لَهُ. عرض لَهُ: من قَوْلهم عرضت لَهُ الغول وَعرضت بِالْكَسْرِ عَن أبي زيد أَي أَخَاف أَن يكون قد أَصَابَهُ مس من الْجِنّ. الناموس: جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام شبه بناموس الْملك وَهُوَ خاصته الَّذِي يطلعه على مايطويه من سرائره من غَيره. وَقيل هُوَ صَاحب سر الْخَيْر خَاصَّة. الجاجيء فِي (رج) .

(1/183)


الحيم مَعَ الْبَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْسَ فِي الْجَبْهَة وَلَا فِي النخة وَلَا فِي الكسعة صَدَقَة.
جبه الْجَبْهَة: الْخَيل سميت بذلك لِأَنَّهَا خِيَار الْبَهَائِم كَمَا يُقَال: وَجه السّلْعَة لخيارها وَوجه الْقَوْم وجبهتهم لسيدهم. وَقَالَ بَعضهم: هِيَ خِيَار الْخَيل. النخة والنخة: الرَّقِيق وَقيل: الْبَقر العوامل وَقيل: الْإِبِل العوامل من النخ وَهُوَ السُّوق الشَّديد. الكسعة: الْحمير من الكسع وَهُوَ ضرب الإدبار. وَمِنْه: اتبع آثَارهم يكسعهم بِالسَّيْفِ. أخرجُوا صَدقَاتكُمْ فَإِن الله تَعَالَى قد أراحكم من الْجَبْهَة والسجة والبجة الْجَبْهَة: المذلة من جبهة: إِذا استقبله بالأذى. والسجة: المذقة من السجاج وَهُوَ اللَّبن المذيق. والبجة [الدَّم] الفصيد من البج وَهُوَ البط والطعن غير النَّافِذ وَالْمعْنَى: قد أنعم الله عَلَيْكُم بالتخليص من مذلة الْجَاهِلِيَّة وضيقتها وأعزكم بلإسلام ووسع لكم الرزق وأفاء عَلَيْكُم الْأَمْوَال فَلَا تفرطوا فِي أَدَاء الزَّكَاة فَإِن عللكم مزاحة. وَقيل: هِيَ أصنام كَانُوا يعبدونها. وَالْمعْنَى: تصدقوا شكرا على مارزقكم الله من الْإِسْلَام وخلع الأنداد. حَضرته امْرَأَة فَأمرهَا بِأَمْر فتأبت عَلَيْهِ فَقَالَ: دَعُوهَا فَإِنَّهَا جبَّارة. هِيَ العاتية المتكبرة. وَمِنْه قيل للْملك: جَبَّار وَجبير لكبريائه.

(1/184)


وَفِي حَدِيثه: أَنه ذكر الْكَافِر فِي النَّار فَقَالَ: صرسه مثل أحد وكثافة جلده أَرْبَعُونَ ذِرَاعا بِذِرَاع الْجَبَّار. وَهُوَ من قَول النَّاس: ذِرَاع الْملك وَكَانَ هَذَا ملكا من مُلُوك الْأَعَاجِم تَامّ الذِّرَاع. قَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز زعمت الْمَرْأَة الصَّالِحَة خَوْلَة بنت حَكِيم امْرَأَة عُثْمَان بن مَظْعُون أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرد ذَات يَوْم وَهُوَ مختضن أحد ابْني ابْنَته وَقد يَقُول: وَالله إِنَّكُم لتجبنون وتبخلون وتجهلون وَإِنَّكُمْ لمن ريحَان الله وَإِن آخر وَطْأَة وَطئهَا الله بوج. مَعْنَاهُ: إِن الْوَلَد [1 3] يُوقع أَبَاهُ فِي الْجُبْن خوفًا من أَن يقبل فيضيع وَلَده بعده
حبن وَفِي الْبُخْل إبْقَاء على مَاله لَهُ وَفِي الْجَهْل شُغلا بِهِ عَن طلب الْعلم. الْوَاو وَإِنَّكُمْ للْحَال كَأَنَّهُ قَالَ: مَعَ أَنكُمْ من ريحَان الله: أَي من رزق الله. يُقَال: سُبْحَانَ الله وريحانه: أَي أسبحه وأسترزقه. وَقَالَ النمر: سَلاَمُ الإِلهِ وَرَيْحَانُه ... وَرَحْمَتُه وسَمَاءٌ دِرَرْ ... [وَبعده ... غَمَامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العِبَادِ ... فأَحْيَا البِلاَدَ وطاب الشحر ... وَهُوَ مخفف عَن ريحَان فيعلان من الرّوح لِأَن انتعاشه بالزرق. وَيجوز أَن يُرَاد بالريحان: المشموم لِأَن الشمامات تسمى تحايا وَيُقَال: حَيَّاهُ الله بطاقة نرجس وبطاقة ريحَان فَيكون الْمَعْنى: وَإِنَّكُمْ مِمَّا كرم الله بِهِ الأناسئ وحياهم بِهِ أَو لأَنهم يشمون ويقبَّلون فكأنهم من جملَة الرياحين الَّتِي أنبتها الله. وَمِنْه حَدِيث عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام: أَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: أَبَا الريحانتين أوصيك بريحانتي خيرا فِي الدُّنْيَا قبل أَن ينهد ركناك. فَلَمَّا مَاتَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ عَليّ: هَذَا أحد الرُّكْنَيْنِ فَلَمَّا مَاتَت فَاطِمَة قَالَ: هَذَا الرُّكْن الآخر.

(1/185)


الْوَطْأَة: مجَاز عَن الطَّحْن والإبادة. قَالَ: وَوَطِئْتَنَا وَطْأَةً عَلَى حَنَقٍ وَطْأَ المُقَيَّدِ نابت الهَرْمِ ... وَج: وَادي الطَّائِف. قَالَ ... ياسقى وَج وجنوب وَج ... واحتله غيث دراك الثج ... وَالْمرَاد غزَاة حنين وحنين: وَاد قبل وَج لِأَنَّهَا آخر غزَاة أوقع بهَا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على الْمُشْركين. وَأما غزوتا الطَّائِف وتبوك فَلم يكن فيهمَا قتال وَوجه عطف هَذَا الْكَلَام على ماسبقه التأسف على مُفَارقَة أَوْلَاده لقرب وَفَاته لِأَن غَزْوَة حنين كَانَت فِي شَوَّال سنة ثَمَان ووفاته فِي شهر ربيع الأول من سنة إِحْدَى عشرَة. كَأَنَّهُ قَالَ: وَإِنَّكُمْ لمن ريحَان الله وَأَنا مفارقكم عَن قريب. قَالَ لَهُ رجل: إِنِّي مَرَرْت بجبوب بدر فأذا أَنا بِرَجُل أَبيض رَضْرَاض وَإِذا رجل اسود بيدَيْهِ مرزنة من حَدِيد يضْربهُ بهَا الضَّرْبَة بعد الضَّرْبَة فيغيب فِي الأَرْض ثمَّ يَبْدُو رتوة فيتبعه فيضربه فيغيب ثمَّ يَبْدُو رتوة. فَقَالَ ذَاك أَبُو جهل يفعل بِهِ ذَلِك إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. جبب: الجبوب: مَا غلظ من وَجه الأَرْض وَقيل للمدرة: جبوبة لِأَنَّهَا قِطْعَة من الجبوب. وَمِنْهَا حَدِيثه: إِنَّه قَالَ لرجل يقبر مَيتا: ضع تِلْكَ الجبوبة مَوضِع كَذَا الرضراض الَّذِي يترضرض لنعمته وَكَثْرَة لَحْمه يُقَال: بدن رَضْرَاض وكفل رَضْرَاض. المرزبة [1 4] والإرزبة: الميتدة من رزب على الأَرْض ورزم: إِذا لزم فَلم يبرح قَالَ: ... ضَرْبُكَ بالمِرْزَبَةِ الْعود النخر ...

(1/186)


الرتوة: قرب الْمسَافَة من قَول الْمَاشِي: رتوت رتوة إِذا مَشى مشياً قَلِيلا وَمِنْه رتوت الدلوا: إِذا مددتها بِرِفْق ورتا بِرَأْسِهِ وَهُوَ شبه الْإِيمَاء. قَالَ سَلمَة بن الْأَكْوَع: قدمنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم [بِئْر] الْحُدَيْبِيَة فَقعدَ على جباها فسقينا وَاسْتَقَيْنَا ثمَّ أَن الْمُشْركين راسُّونا الصُّلْح حَتَّى مَشى بَعْضنَا إِلَى بعض فاصطلحنا. الجبا: بِالْفَتْح مَا حول الْبِئْر وبالكسر: مَا جُمع فِي الْحَوْض من المَاء. جبى راسونا: فاتحونا من قَوْلهم: بَلغنِي رسٌّ من خبر ورسُّ الْحمى ورسيسها: أول مَا تَمَسّ. عبد الرَّحْمَن رَضِي الله عَنهُ لما بدا لَهُ أَن يُهَاجر أودع مطعم بن عدي جبجبة فيا نوى من ذهب. هِيَ زنبيل من جُلُود. وَمِنْهَا حَدِيث عُرْوَة: كَانَت تَمُوت لَهُ الْبَقَرَة فيأمر أَن تتَّخذ من جلدهَا جباجب. النَّوَى: جمع نواة وَهِي قِطْعَة وَزنهَا خَمْسَة دَرَاهِم سميت بنواة التَّمْر ة ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ وَذكر النفخ فِي الصُّور فَيقومُونَ فيجبون تجبية رجل وَاجِد قيَاما لرب الْعَالمين. قيل لكل وَاحِد من الرَّاكِع والساجد: مجب لِأَنَّهُ يجمع بانحنائه بَين أَسْفَل بَطْنه وأعالي فَخذيهِ. أُسامة رَضِي الله عَنهُ ذكر سَرِيَّة خرج فِيهَا قَالَ: فصبحنا حيًّا من جُهَيْنَة فَلَمَّا رأونا جبئوا من أخبيتهم وَانْفَرَدَ لي وَلِصَاحِب السّريَّة رجل فأشرع عَلَيْهِ الْأنْصَارِيّ
جبأ وَرمحه وَسجد فَالْتَفت وَقَالَ: لآ إلله إِلَّا الله فَرفع عَنهُ الْأنْصَارِيّ وأدركته فَقتلته.

(1/187)


فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أقتلت رجلا يَقُول: لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ أُسَامَة: فَلَا أقَاتل رجلا يَقُول: لاإله إِلَّا الله حَتَّى أَلْقَاهُ. فَقَالَ سعد: وَأَنا لَا أُقاتلهم حَتَّى يقاتلهم ذُو البطين. وَكَانَ لأسامة بطن مندح. وروى أَنه كَانَ فِي سَرِيَّة أميرها غَالب بن عبد الله وَأَنَّهُمْ قد أحاطوا لَيْلًا بحاضر فَعم وَقد عطنوا مَوَاشِيهمْ فَخرج إِلَيْهِم الرِّجَال فَقَاتلُوا سَاعَة ثمَّ ولوا قَالَ أُسَامَة: فَخرجت فِي أثر رجل مِنْهُم فَجعل يتهكم بِي حَتَّى إِذا دَنَوْت مِنْهُ وَلحمَته بِالسَّيْفِ قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله فَم أُغمد عَنهُ سَيفي حَتَّى أوردته شعوب. جبئوا: خَرجُوا يُقَال: جبأ عَلَيْهِ الْأسود من جُحْره وجبأت عَلَيْهِ الضبع من وجارها: وَهُوَ الْخُرُوج من مكمن. فَرفع عَنهُ: أَي رمحه أَو يَده فَحذف لِأَنَّهُ مَفْهُوم. الضَّمِير فِي أَلْقَاهُ يرجع إِلَى الله فِي قَوْله: لَا إِلَه إِلَّا الله. أَرَادَ بِذِي البطين: أُسَامَة لاندتحاج بَطْنه وَهُوَ اتساعه واستفاضته. وَمِنْه: اندحَّ [1 5] الْكلأ. الْحَاضِر: الْحَيّ إِذا حضر وَالدَّار الَّتِي بهَا مجتمعهم. قَالَ: ... فِي حَاضر لجب ابالليل سامره ... فِيهِ الضواهل والرَّاياتُ والعَكَرُ ... وَهُوَ أَيْضا خلاف البادي فِي قَوْله: لَهُم حاضِرٌ فَعْمٌ وَبَادٍ كأَنَّهُ ... قَطِينُ الإِلهِ عزَّةً وتَكَرُّمَا ... وَقد يُقَال أَيْضا للمكان المحضور: حَاضر فَيَقُولُونَ: زلنا حَاضر بني فلَان. الفعم: الضخم الجم. عطَّنوا: من العطن. التهكم: الِاسْتِهْزَاء وَالِاسْتِخْفَاف. لحْمَته: ضَربته. وَمَعْنَاهُ أصبت لحْمَة.

(1/188)


شعوب: علم للمنية كذ كاء للشمس وَقد يدْخل عَلَيْهَا لَام التَّعْرِيف فَيُقَال: أَدْرَكته الشعوب وَهِي جينئذ صفة غالبة إِذا لم تدخل عَلَيْهَا اللَّام انصرفت فَقيل: أَدْرَكته شعوبٌ. كَقَوْلِك: منية ومصيبة وَهِي من الشّعب بِمَعْنى التضفريق. ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا نها الْجب. قيل: وماالجب فَقَالَت امْرَأَة عِنْده: هُوَ المزادة يخيط بَعْضهَا إِلَى بعض وَكَانُوا ينتبذون فِيهَا حَتَّى ضربت. هِيَ من الْجب وَهُوَ الْقطع لِأَنَّهَا الَّتِي فريت لَهَا عدَّة آدمة. وَعَن الْأَصْمَعِي فِي المزادة هِيَ الَّتِي تفأم بجلد ثَالِث بَين الجلدين لتتسع وَتسَمى المجبوبة أَيْضا. وَيُقَال: استجب السقاء: إِذا غلظ وضرى وَمَعْنَاهُ صَار جُبًّا كاستحجر الطين. جَابر كَانَ الْيَهُود يَقُولُونَ: إذال نكح الرجل امْرَأَة مجبية جَاءَ وَلَده أَحول فَنزلت: (نِسَاؤُكم حَرْثٌ لَكُمْ) غير أَن ذَلِك فِي صمام وَاحِد وروى فِي سمام أَي مكبة على الْوَجْه. الصمام: مَا يسد الفرجة فَسُمي بِهِ الْفرج وَيجوز أَن يكون مَعْنَاهُ فِي مَوضِع صمام والسمام: السم يُقَال: سمّ الإبرة وسمامها وَيجوز أَن يكون الصَّاد بَدَلا من السِّين شاذا عَن الْقيَاس أَعنِي أَنه لَيْسَ بعْدهَا أحد الْحُرُوف الْأَرْبَعَة الَّتِي هِيَ الْغَيْن وَالْخَاء وَالْقَاف والطاء كَمَا شَذَّ صلهب فِي معنى سلهب. عِكْرِمَة كَانَ يسْأَله خَالِد الْحذاء فَسكت خَالِد فَقَالَ لَهُ: مَالك أجبلت أَي انْقَطَعت وَأَصله أَن يبلغ معول الْحَافِر الْجَبَل ولايعمل. جبل مَسْرُوق رَضِي الله عَنهُ الممسك بِطَاعَة الله إِذا جبت النَّاس عَنْهَا كالكار بعد الفار.

(1/189)


التجبيب: الْفِرَار البليغ بغاية الْإِسْرَاع. المجبور فِي (بص) . وجهروة فِي (عف) . جَبَّار فِي (عج) . ولاتجبوا فِي (عش) . من أجبى فِي (أَب) . مجبأة فِي (قصّ) . وجبار الْقُلُوب فِي (دح) . فِي جبوته فِي (حب) . من الجبت فِي (طي) جب طلعة فِي (جف) .
الْجِيم مَعَ الثَّاء
[1 6] النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من دَعَا دُعَاء الْجَاهِلِيَّة فَهُوَ من جثى جَهَنَّم.
جثى أَي من جماعاتها. والجثوة: مَا جُمع من تُرَاب وَغَيره فاستُعيرت. وروى جثى وَهُوَ جمع جاثٍ من قَوْله تَعَالَى: (حَوْلَ جهنَّم جِثِيّا) نهى عَن الْمُجثمَة.
جثم هِيَ الْبَهِيمَة تجثم ثمَّ ترمي حَتَّى تُقتل. فجثثت فِي (جا) . تجثمها فِي (جف) .
الْجِيم مَعَ الْحَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِامْرَأَة مجح فَسَأَلَ عَنْهَا فَقَالُوا: هَذِه أمة لفُلَان. فَقَالَ: أيلم بهَا فَقَالُوا: نعم فَقَالَ: لقد هَمَمْت أَن ألعنه لعنا يدْخل مَعَه فِي قَبره كَيفَ يستخدمه وَهُوَ لايحل لَهُ أم كَيفَ يورثه وَهُوَ لايحل لَهُ
جح الجح: جرو الحنظل والبطيخ فَشبه بِهِ الْجَنِين فَقيل للحامل مجح. الضَّمِير فِي يستخدمه ويورثه رَاجع إِلَى الْوَلَد وَهُوَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ يرجع إِلَى الِاسْتِخْدَام والتوريث. وَالْمعْنَى: أَن أمره مُشكل إِن كَانَ وَلَده لم يحل لَهُ استعباده وَإِن كَانَ ولد غَيره لم يحل لَهُ توريثه. خُذُوا الْعَطاء مَا كَانَ عَطاء فَإِذا تجاحفت قُرَيْش على الْملك وَكَانَ عَن دين أحدكُم فَدَعوهُ.

(1/190)


أَي تقاتلت من الإجحاف وَيُقَال: الجحف: الضَّرْب بِالسَّيْفِ. والمجاحفة المزاحفة.
جحف عَن دين أحدكُم: أَي مجاوزاً لدين أحدكُم مباعداً لَهُ. عَائِشَة إِذا حَاضَت الْمَرْأَة حرم الجحران. الْمَعْنى: أَن أَحدهمَا حرَام قبل الْمَحِيض فَإِذا حَاضَت حرما مَعًا وَقيل الجحران وَالْحجر
حجر كعقب الشَّهْر وعقبانه. مَيْمُونَة كَانَ لَهَا كلب فَأَخذه دَاء يُقَال لَهُ الجحام فَقَالَت وارحمتا لمسمار هُوَ دَاء يَأْخُذ فِي رُءُوس الْكلاب فتكوى بَين أعينها وَفِي عُيُون الأناسي فترم.
جحام مِسْمَار اسْم كلبها. الْحسن استؤذن فِي قتال أهل الشَّام حِين خرج ابْن الْأَشْعَث فَقَالَ فِي كَلَام لَهُ: وَالله إِنَّهَا لعقوبة فَمَا أَدْرِي أمستأصلة أم مجحجحة فَلَا تستقبلوا عُقُوبَة الله بِالسَّيْفِ وَلَكِن بالاستكانة والتضرع. أَرَادَ أم متوقفة كافَّة عَن الاستئصال يُقَال: جحجح عَن الْأَمر وجحجح عَلَيْهِ:
مجحجح إذالم يقدم عَلَيْهِ. جحيمر فِي (عش) . جحظ فِي (سح) . ولاجحراء فِي (طم) . فاجتحفها فِي (صب) . الْجَحِيم فِي (قع) . فجحجح فِي (جخ) .
الْجِيم مَعَ الْخَاء
النبث صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا سجد جخى. أَي تقوس ظَهره متجافياً عَن الأَرْض من قَوْلهم: جخى الشَّيْخ: إِذا انحنى
جحى من الْكبر قَالَ ... لاخير فِي الشَّيْخ إِذا ماجخى ...

(1/191)


وروى: جخ: أَي فتح عضديه وروى: كَانَ إِذا صلى جخَّ وَفسّر بالتحول من مَكَان إِلَى مَكَان. ابْن عمر نَام وَهُوَ جَالس حَتَّى سُمع [1 7] جخيفه ثمَّ قَامَ فصلى وَلم يتَوَضَّأ. جخف جخف النَّائِم: إِذا نفخ وَزَاد على الغطيط. فِي الحَدِيث: إِن أردْت الْعِزّ فجخجخ فِي جشم. أَي صَحَّ فِيهِ ونادهم. وَقيل: احلل فِي معظهم وسوادهم كَأَنَّهُ ليل قد تجخجخ: أَي تراكمت ظلمته قَالَ الْأَغْلَب: ... إنْ سَرَّكَ العِزُّ فجَخْجِخْ فِي جُشَمْ ... أَهْلِ الْعَدِيدِ والبناءِ والكَرَمْ ... وروى بِالْحَاء أَي توقف فيهم. وَمن روى ... فجحجح بجشم فَهُوَ من قَوْلهم: جحجحت بفلان أَي أتيت بِهِ جحجاحا: سيدا. مجخيا فِي (عر) . جخراء فِي (طم) .
الْجِيم مَعَ الدَّال
النبث صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كتب مُعَاوِيَة إِلَى الْمُغيرَة بن شُعْبَة: أَن اكْتُبْ إليَّ بِشَيْء سمعته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَكتب إِلَيْهِ: إِنِّي سمعته وَيَقُول إِذا انْصَرف من الصَّلَاة: لاإله إِلَّا الله وَحده لاشريك لَهُ لَهُ الْملك واله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير. اللَّهُمَّ لامانع لما أَعْطَيْت وَلَا معطي لما منعت ولانفع ذَا الْجد مِنْك الْجد وروى: لما أنطيت لامنطي. الْجد: الْحَظ والإقبال فِي الدنا. وَالْجد بِالضَّمِّ: الصّفة وَمثله الحلو والمر وناقة غبر أسفار. وَمِنْه قَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم: قُمْت على بَاب الْجنَّة قإذا عَامَّة من يدخلهَا

(1/192)


الْفُقَرَاء وَإِذ أَصْحَاب الْجد محبوسون. مِنْك: من قَوْلهم: هَذَا من ذَاك أَي بدل ذَاك وَمن قَوْله: فليتَ لنا من مَاء زَمْزَم شَرْبةً ... أَي بدل مَاء زَمْزَم. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: (ولوْ نشَاء لجعلنامنكم مَلَائِكَة فِي الأَرْض يخلقون) . وَالْمعْنَى: أَن المحظوظ لاينفعه حَظه بذلك أَي بدل طَاعَتك وعبادتك وَيجوز أَن تكون من على أصل مَعْنَاهَا أَعنِي الِابْتِدَاء وتتعلق إِمَّا مابينفع وَإِمَّا بالجد. وَالْمعْنَى: المجدود لاينفعه مِنْك الْجد الَّذِي منحته وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ أَن تمنحه اللطف والتوفيق فِي الطَّاعَة أولاينفع من جده مِنْك جده وَإِمَّا يَنْفَعهُ التَّوْفِيق مِنْك الإنطاء: الْإِعْطَاء بلغَة بني سعد. إِنِّي عندالله مَكْتُوب خَاتم النَّبِيين وَإِن آدم لَمُنْجَدِل فِي طينته. انجدل: مُطَاوع جدله إِذا أَلْقَاهُ على الأَرْض وَأَصله الْإِلْقَاء على الجدالة وَهِي الأَرْض الصلبه وَهَذَا على سَبِيل
جدل فعل مناب فعل وَقد سبق نَظِيره. الطينة: الْخلقَة من قَوْلهم: طانه الله طينتك والجارُّ الَّذِي هُوَ فِي لَيْسَ بمتعلق بمنجدل وَإِنَّمَا هُوَ خير ثَان لِأَن وَالْوَاو مَعَ مابعدها فِي مَحل النصب على الْحَال من الْمَكْتُوب. وَالْمعْنَى كتبت خَاتم الْأَنْبِيَاء فِي الْحَال الَّتِي آدم مطروح على الأَرْض حَاصِل فِي أثْنَاء الْخلقَة لما يفرغ من تَصْوِيره وإجراء الرّوح فِيهِ. نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن جدَاد اللَّيْل. وَعَن حصاد اللَّيْل هُوَ بِالْفَتْح وَالْكَسْر: صرام النّخل وَكَانُوا يَجدونَ بِاللَّيْلِ ويحصدون خشيَة حُضُور الْمَسَاكِين وفرارا من التَّصَدُّق عَلَيْهِم فنُهوا عَن ذَلِك بقوله تَعَالَى: (وآتُوا حَقه يَوْم حَصَاده) . [1 8]
جدَاد

(1/193)


أوصى من خَيْبَر بجاد مائَة وسق اللأشعريين وبجاد مائَة وسق للشنائيين.
جاد أَي بِنَخْل يجدُّ مِنْهُ مائَة وسق من التَّمْر وَهُوَ من بَاب قَوْلهم: ليل: نَائِم. وَمِنْه حَدِيثه: اربطوا الْفرس فَمن ربط فرسا فَلهُ جادُّ مائَة وَخمسين وسْقا. قيل: كَانَ هَذَا فِي بَدْء الْإِسْلَام وَفِي الْخَيل إِذا ذَاك غَزَّة [وقله] الشنئ: مَنْسُوب إِلَى شنُوءَة بِحَذْف الْوَاو وَفتح الْعين وَهَكَذَا النسبه إِلَى كل ماثالثه وَاو أوياء سَاكِنة وَفِي آخِره تَاء تَأْنِيث كَقَوْلِهِم: عضبيّ وحنفيّ نسبهم إِلَى بني عضوبة وَبني حنيفَة. وروى للشنويين وَهَذَا فِيمَن خفف شنؤءة بقلب همزتها واوا. أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ إِن قوم خفاف بن ندبة السّلمِيّ ارْتَدُّوا وَأبي أَن يرْتَد
جداء وَحسن ثباته على الْإِسْلَام فَقَالَ فِيهِ شعرًا قوافيه ممدودة مُقَيّدَة: ... لَيْسَ لشئ غير تقوى جداء ... وكل خلق عمروه للفناء
إِن أَبَا بكر هُوَ الْغَيْث إِذا ... لم تزرغ الأمطارُ بَقلا بماءْ
المُعْطِيَ الْجُرْدَ بأَرسانها ... والناعجاتِ المسرعات النخاء
وَالله لايدرك أَيَّامه ... ذُو طرة ناش ولاذو رِدَاءْ ... مَنْ يَسْعَ كي يدركَ أَيامَه ... يجتهِدُ الشدَّ بأرضٍ فضاءْ ... الجداء: من أجدى عَلَيْهِ كالغناء من أغْنى عَنهُ. الإزراغ: البل البليغ وَمِنْه الرزغة وَهِي الردغة الْمُعْطِي: نصب على الْمَدْح. الناعجات: الْإِبِل السراع وَقد نعجت وَقيل الْكِرَام الحسان الألوان من النعج

(1/194)


يجْتَهد الشدّ: أَي يجتهده ويبلغ أقْصَى مَا يُمكن مِنْهُ من قَوْلهم: اجْتهد رَأْيه. عمر رَضِي الله عَنهُ جَدب السمر بعد الْعَتَمَة. الجدب: الْعَيْب والتنقص قَالَ:
جَدب وَمن وَجْهٍ تَعَلَّلَ جادِبُه وَمِنْه الجدب. خرج إِلَى الاسْتِسْقَاء فَصَعدَ الْمِنْبَر فَلم يزدْ على الاسْتِغْفَار حَتَّى نزل فَقيل لَهُ: انك لم تستسق. فَقَالَ: لقد اسْتَسْقَيْت بِمَجَادِيح السَّمَاء. هُوَ جمع مجدح: وَهُوَ ثَلَاثَة كواكب كَأَنَّهَا أنفية فَشبه بالمجدح وَهُوَ خَشَبَة لَهَا ثَلَاثَة أعيار الجدح يجدح بهَا الدَّوَاء: أَي يُضرب وَالْقِيَاس مجادح فزيدت الْيَاء لإشباع الكسرة كَقَوْلِهِم: الصياريف والدراهيم. وَهُوَ على قِيَاس قَوْله سِيبَوَيْهٍ جمع على غير وَاحِد. والمجدح عِنْد الْعَرَب من الأنواء الَّتِي لاتكاد تخطئ وَإِنَّمَا جمعه لِأَنَّهُ اراده وماشاكله من سَائِر الآنواء الصادقة. وَالْمعْنَى: أَن الستغفار عِنْدِي بِمَنْزِلَة الاسْتِسْقَاء بالأنواء الصادقة عنْدكُمْ لقَوْله [1 9] تَعَالَى: (فقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا ربكُم إِنَّهُ كانَ غفَّارا يُرسلِ السماءَ عَلَيْكُم مِدْرَاراً) . سَأَلَ الْمَفْقُود الَّذِي اشتهوته الْجِنّ: ماكان طعامهم قَالَ: الفول ومالم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ. قَالَ: فماكان شرابهم قَالَ الجدف.

(1/195)


جَاءَ فِي الحَدِيث: إِنَّه مالايغطى من الشَّرَاب كَأَنَّهُ الَّذِي جُدف عَنهُ الغطاء: أَي نحى وجذف من قَوْلهم: رجل مجدوف الكمين إِذا كَانَ قصير الكمين محذوفهما وجذفت السَّمَاء بالثلج [وجدفت] : رمت بِهِ وَقيل: هُوَ كل مَا رُمي بِهِ عَن الشَّرَاب من زبد أَو قذى. وَقيل: هُوَ نَبَات إِذا رعته لإبل لم تحتج إِلَى المَاء كَأَنَّهُ بجدف الْعَطش. جدف وَالتَّقْدِير: أَي شَيْء كَانَ طعامهم أَو شرابهم. وَإِن نصبا كَانَ فِي مَحل الرّفْع وَفِي الْفِعْل ضمير هـ. وَالتَّقْدِير: أَي شَيْء كَانَ هُوَ طعامهم أَو شرابهم والجدف جَائِز فِيهِ الرّفْع وَالنّصب. عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام وقف على طَلْحَة يَوْم الْجمل وَهُوَ صريع فَقَالَ: أعزز عليَّ أَبَا مُحَمَّد أَن أَرَاك مجلا تَحت نُجُوم السَّمَاء فِي بطُون الأودية شفيت نَفسِي وَقتلت معشري إِلَى الله أَشْكُو عجري ونجري المجدل: الْمَطْرُوح جدل العجر: العقد فِي العصب وَمِنْه عجر الْعَصَا. والبجر: الْعُرُوق المتعقدة فِي الْبَطن خَاصَّة وَقيل: العجر النفخ فِي الظُّهُور والبجر فِي الْبُطُون فَوضعت مَوضِع الهموم والأشجان على سَبِيل الِاسْتِعَارَة. سعد رميت يَوْم بدر سُهَيْل بن عَمْرو فَقطعت نساه فانبعثت جدية الدَّم. جدى هِيَ أول دفْعَة مِنْهُ. ابْن عمر كَانَ لايبالي أَن يُصَلِّي فِي الْمَكَان الجدد والبطحاء وَالتُّرَاب. الجدد: المستوي الصلب

(1/196)


والبطحاء: المسيل الَّذِي فِيهِ حَصى صغَار. أنس كَانَ الرجل إِذا قَرَأَ الْبَقَرَة وَآل عمرَان جدَّ فِينَا. أَي عظم فِيمَا بَيْننَا. وَمِنْه جدالله وَهُوَ عَظمته. جدد مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ لصعصعة بن صوحان: أَنْت رجل تَتَكَلَّم بلسانك فَمَا مر عَلَيْك جدلته وَلم تنظر فِي أرز الْكَلَام وَلَا استقامته. فَقَالَ لَهُ صعصعة: وَالله إِنِّي لأترك الْكَلَام حَتَّى يختمر فِي صَدْرِي فَمَا أزهف بِهِ ولأالهب فِيهِ ن حَتَّى أقوم أوده وَأنْظر فِي اعوجاجه فآخذ صَفوه وأع كدره. أَرَادَ انه يتَكَلَّم بِكُل مايعن لَهُ من غير روية فشبهه بالصائد الَّذِي يَرْمِي جدل فيجدل كلما أكثبه من الْوَحْش الْمَارَّة عَلَيْهِ. جدل الْأرز ك من [11] قَوْلك: أرز الشَّيْء: ثَبت فِي مَكَانَهُ فَاجْتمع. وَمِنْه: الآرزة وَالْمرَاد التئام الْكَلَام. الإزهاف: الاستقدام يُقَال: أزهفت قدما يَعْنِي مااقدمه قبل النّظر فِيهِ وَيجوز أَن يكون من أزهف فلَان فِي الحَدِيث إِذا زَاد فِيهِ وَقَالَ ماليس بحقّ وَقد صحَّف من رَوَاهُ بالراء. والإلهاب: الْإِسْرَاع. عاشئة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت فِي الْعَقِيقَة: تذبح يَوْم السَّابِع وتقطع جدولا ولايكسرلها عظم. أَي أَعْضَاء تَامَّة. قَالَ الْمبرد: الجدل: الْعظم يفصل بِمَا عَلَيْهِ من اللَّحْم.

(1/197)


يَوْم السَّابِع: أَي يَوْم اللَّيْل السَّابِع. كَعْب رَضِي الله عَنهُ شَرّ الحَدِيث التجديف. جدف هُوَ كفران النِّعْمَة واستقلالها وَحَقِيقَته نِسْبَة النِّعْمَة إِلَى التقاصر من قَوْلهم: فميص مجدوف الكمين وَمِنْه الحَدِيث لاتجدفوا بنعم الله. وَمِنْه الحَدِيث الْأَوْزَاعِيّ: سُئل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَي الْعَمَل شَرّ قَالَ: التجديف. قيل وَمَا التجديف قَالَ: أَن يَقُول الرجل: لَيْسَ لي وَلَيْسَ عِنْدِي لِأَن جحود النِّعْمَة من كفرانها. مُجَاهِد قَالَ فِي تَفْسِير قَول الله تَعَالَى: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِه) : على جديلته. جديلة هِيَ الطَّرِيقَة والناحية. وَقَالَ شمر: مارأيت تصحيفا أشبه بِالصَّوَابِ مِمَّا قَرَأَ مَالك بن سليما ن [عَن مُجَاهِد فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِه) . أَي على جديلته] فَإِنَّهُ صحف قَوْله ك على جديلته فَقَالَ: على حد يَلِيهِ. ابْن سِيرِين رتحنه الله كَانَ يخْتَار الصَّلَاة على الْجد إِن قدر عَلَيْهِ فَإِن لم يقدر [عَلَيْهِ] فقائما فَإِن لم يقدر فقاعدا. جد الْجد بِمَعْنى الْجدّة: وَهِي الشاطئ يَعْنِي أَن رَاكب السَّفِينَة يُصَلِّي على الشاطئ فَإِن لم يقدر صلى فِي السَّفِينَة فائما وَإِلَّا فقاعدا. عَطاء قَالَ فِي الْجد جديموت فِي الْوضُوء: لابأس بِهِ. هُوَ صرَّار اللَّيْل وَفِيه شبه من الْجَرَاد قَالَ ذُو الرمة:

(1/198)


.. كأنا تغنى بَيْننَا كل لَيْلَة
جدا جد صَيْفٍ من صَرِير الْأَوَاخِر ... فِي الحَدِيث: فوردنا على جدجد متدمن. قيل: هُوَ الْبِئْر الْكَثِيرَة المَاء. أَو جَدْعَاء (شَرّ) . وجدا فِي _ (حَيّ) . وجداية فِي (ضغ) . الْجدر فِي (شَرّ) يجادونه فِي (مص) . جادسة فِي (خم) . الْجَدِيد فِي (صل) .
الْجِيم مَعَ الذَّال
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم من تعلم الْقُرْآن ثمَّ نَسيَه لقى الله تَعَالَى وَهُوَ أَجْذم. أَي مَقْطُوع الْيَد. جذم وَمِنْه قَول عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام: من نكث بيعَته لَقِي الله وَهُوَ أَجْذم لَيست لَهُ يَد. وَقيل: الجذم الأجذوم والمجذم: الْمُصَاب بالجذام وَقيل: هُوَ الْمُنْقَطع الْحجَّة. فِي حَدِيث المبعث إِن ورقة بن نَوْفَل قَالَ: ياليتني فِيهَا جذع. أَرَادَ لَيْتَني فِي نبوّته شَاب أقوى على نصرته أَو لَيْتَني أدركتها فِي عصر الشبيبة جذع حَتَّى كنت على الْإِسْلَام لاعلى النَّصْرَانِيَّة. عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أسلم وَالله أَبُو بكر وَأَنا جذعمة أَقُول فَلَا يُسمع قولي فَكيف أكون أَحَق بمقام أبي بكر

(1/199)


هِيَ الجدعة وَالْمِيم زَائِدَة للتوكيد كَالَّتِي فِي [111] زرقم وستهم. وَفِي التَّاء وَجْهَان: أَحدهمَا الْمُبَالغَة وَالثَّانِي التَّأْنِيث على تَأْوِيل النَّفس أَو الجثة. جذعم أَمر نَوْفًا الْبكالِي أَن يَأْخُذ من مزورده جذيذا. جذذ هُوَ السويق لِأَنَّهُ يجذ أَي يكسر ويجش والشربة مِنْهُ: جذيذة. وَمِنْهَا حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ ك قَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين: أَصْبَحْنَا ذَات يَوْم بِالْبَصْرَةِ وندري على مَا نَحن عَلَيْهِ من صومنا فَخرجت حَتَّى أتيت أنس بن مَالك فَوَجَدته قد أَخذ جذيذة كَانَ يَأْخُذهَا قبل أَن تغذو فِي حَاجته ثمَّ غَدا. يجوز أَن تكون مَا أستفهامية قد دخل عَلَيْهِ الْجَار وأبقيت كَمَا هِيَ غير محذوفة الْألف وَإِن كَانَ الْحَذف هُوَ الْأَكْثَر اسْتِعْمَالا وَعَلِيهِ زَائِدَة للتوكيد. وَيجوز أَن تكون مَوْصُولَة وَيجْرِي نَدْرِي مجْرى نطلع ونقف فيعدى تعديته. حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ حَدثنَا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم حديثين قد رَأَيْت أَحدهمَا وَأَنا أنْتَظر الآخر: حَدثنَا أَن الْأَمَانَة نزلت فِي جذر قُلُوب الرِّجَال ثمَّ نزل الْقُرْآن فَعَلمُوا من الْقُرْآن وعلّموا من السّنة. ثمَّ حَدثنَا عَن رفع الْأَمَانَة فَقَالَ ينَام الرجل النومة فتقبض الْأَمَانَة من قلبه فيظل أَثَرهَا كأثر الوكت ثمَّ ينَام النومة فتقبض الْأَمَانَة من قله فيظل أَثَرهَا كأثر المجل كجمر دحرجته على رجلك ترَاهُ منتبرا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْء وَلَقَد أَتَى عليّ زمَان وَمَا أُبَالِي أَيّكُم بَايَعت لَئِن كَانَ مُسلما ليردنه على إسلامته وَلَئِن كَانَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا ليردنه عليّ ساعيه فَأَما الْيَوْم فَمَا كنت لأبايع إِلَّا فلَانا وَفُلَانًا. جذر الجذر بِالْفَتْح وَالْكَسْر: الأَصْل. قَالَ زُهَيْر: ... وسامِعَتَيْن تَعْرفُ العِتْقَ فِيهِما ... إِلَى جَذْرِ مَدْلوكِ الْكُعُوبِ مُحَدَّدِ ... الْفرق بَين الوكت والمجل: أَن الوكت: النقط فِي الشَّيْء من غير لَونه يُقَال:

(1/200)


بِعَيْنِه وكته ووكت الْبُسْر: إِذا بَدَت فِيهِ نقط الإرطاب. والمجل: غلظ الْجلد من الْعَمَل لاغير وَيدل عَلَيْهِ قَوْله: ترَاهُ منتبرا: أَي متتفخا وَلَيْسَ فِيهِ شئ. بَايَعت: من البيع. السَّاعِي: وَاجِد السعاة: وهم الْوُلَاة على الْقَوْم يَعْنِي أَن الْمُسلمين كانوامتحققين بِالْإِسْلَامِ فيتحفظون بِالصّدقِ وَالْأَمَانَة والملوك ذَوي عدل فَمَا كنت أُبَالِي من أعامل إِن كَانَ مُسلما رجعه إليّ بِالْخرُوجِ عَن الْحق عمله بِمُقْتَضى الْإِسْلَام وَإِن كَانَ غير مُسلم أنصفني مِنْهُ الْوَالِي. الْحباب قَالَ يَوْم سَقِيفَة بني سَاعِدَة حِين اخْتلف الْأَنْصَار فِي الْبيعَة: أَنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أَمِير ومنكم أَمِير. الجذل: عود ينصب لِلْإِبِلِ الجربى تَحْتك بِهِ [112] فتستشفى. والمحكك: الَّذِي كثر بِهِ الاحتكاك حَتَّى صَار مملسا. جذل والعذق ك بِالْفَتْح ك المخلة. والمرجب: المدعوم بالرجبة وَهِي خَشَبَة ذَات شعبتين وَذَلِكَ إِذا طَال وَكثر حمله. وَالْمعْنَى: إِنِّي ذُو رَأْي يستشفى بالاستضاءة بِهِ كثيرا فِي مثل هَذِه الْحَادِثَة وَأَنا فِي كَثْرَة التجارب وَالْعلم بموارد الْأَحْوَال فِيهَا وَفِي أَمْثَالهَا ومصادرها كالنخلة الْكَثِيرَة الْحمل ثمَّ رمى بِالرَّأْيِ الصائب عِنْده فَقَالَ: منا أَمِير ومنكم أَمِير. قَتَادَة قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: (والرَّكبُ أَسْفل مِنْكُم) . أَبُو سُفْيَان انجذم بالعير فَانْطَلق فِي ركب نَحْو الْبَحْر. حذم والمجذية فِي (خو) . يتجاذون فِي (رب) . يجذل فِي (شي) . والجذم فِي (مص) . والجذعة فِي (ثغ) . حسمى جذام فِي (كف) .

(1/201)


الْجِيم مَعَ الرَّاء
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم: من شرب من آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة فَكَأَنَّمَا يجرجر فِي جَوْفه نَار جَهَنَّم.
جرجر أَي يُرَدِّدهَا فِيهِ من جرجر الْفَحْل: إِذا ردذد الصَّوْت فِي حنجرته. مَا من عبد نَام بِاللَّيْلِ إِلَّا على رَأسه جرير مَعْقُود فَإِن هُوَ تعارَّ وَذكر الله حلت عقدَة فَإِن هُوَ قَامَ وَتَوَضَّأ وَصلى حُلَّت عقدَة. وروى: يعْقد الشَّيْطَان على قافية رَأس أحدكُم ثَلَاث عقد فَإِذا قَامَ من اللَّيْل فَتَوَضَّأ وَصلى انْحَلَّت عقدَة.
جرر هُوَ حَبل من أَدَم. تعارّ: سهر بِصَوْت وَمِنْه عرار الظليم وَهُوَ صياحه. وَفِي مَعْنَاهُ: حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: من أصبح على غير وتر أصبح وعَلى رَأسه جرير سَبْعُونَ ذِرَاعا. وَمن الْجَرِير قَوْله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لبني عبد الْمطلب وهم ينزعون على زَمْزَم: انزعوا على سِقَايَتكُمْ فلولا أَن يغلبكم النَّاس عَلَيْهَا لنزعت مَعكُمْ حَتَّى يُؤثر الْجَرِير بظهري. وَمِنْه الحَدِيث: إِن رجلا كَانَ يجر الْجَرِير فَأصَاب صَاعَيْنِ من تمر فَتصدق بِأَحَدِهِمَا فَلَمَزَهُ المُنَافِقُونَ. مَعْنَاهُ: أَنه كَانَ يستقى المَاء. القافية: الْقَفَا. قَالَت عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: نصبت على بَاب حُجْرَتي عباءة وعَلى مجر بَيْتِي سترا مقدمه من غَزْوَة خَيْبَر أَو تَبُوك فَدخل الْبَيْت فهتك العرص حَتَّى وَقع إِلَى الأَرْض. المجر والعرص وَاحِد وهما الْجَائِز الَّذِي تُوضَع عَلَيْهِ أَطْرَاف الْعَوَارِض.

(1/202)


وروى بالضاد وَقيل: لِأَنَّهُ يوضع على الْبَيْت عرضا وَيُقَال: عرَّضت السّقف تعريضاً. مُقَدّمَة: نصب على الظّرْف أَي وَقت مقدمه. لَيْسَ لِابْنِ آدم حق فِيمَا سوى هَذِه الْخِصَال: بَيت يكنه وثوب يواري عَوْرَته وجرف الْخبز وَالْمَاء ويروى: جلف.
جرف وهما جمع جرفة وجلفة وَهِي الكسرة من جرفته السّنة وجلفته. الْخِصَال: الْخلال وَلَيْسَت الْأَشْيَاء الْمَذْكُورَة بخلال وَلَكِن المُرَاد إكنان بَيت ومواراة ثوب وَأكل جرف وَشرب مَاء فَحذف ذَلِك كَقَوْلِه تَعَالَى {واسْأَل الْقَرْيةَ} . وروى: كل شَيْء سوى جلف الطَّعَام وظل بَيت وثوب يستر فضل بِسُكُون لَام جلف. وَقيل: هُوَ الْخبز اليابيس غير المأدوم. وَأنْشد: ... الفَقْر خَيْرٌ مِنْ مَبِيتٍ بِتُّهُ ... بِجُنُوبِ زَخَّةَ عِنْدَ آلِ مُعَارِكِ
جَاءُوا بجِلْفٍ مِنْ شَعِير يَابِسٍ ... بَيْنِي وبَيْنَ غُلاَمِهِم ذِي الْحَارِكِ ... لَا تجار أَخَاك وَلَا تشاره.
جرى أَي لَا تطاوله وَلَا تغالبه فعل المجاري فِي السباق. والمشاراة: الملاجة وَمِنْهَا: استشراء الْفرس فِي عدوه. ورويا مشددين قيل: المجارَّة من الْجَرِير وَهُوَ أَن يجني كل وَاحِد مِنْهُمَا على صَاحبه وَقيل: المماطلة وَأَن يلوي بِحقِّهِ ويجره من وَقت إِلَى وَقت. والمشارة من الشَّرّ. دخلت امْرَأَة النَّار من جرّا هرة لم تطعمها حَتَّى مَاتَت هزلا. أَي من أجلهَا. قَالَ أَبُو النَّجْم: ... فَاضَتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ من جَرَّاها ... .

(1/203)


قَالَ عَمْرو بن خَارِجَة الْأَشْعَرِيّ: شهِدت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حجَّة وَكنت بَين جِرَانِ نَاقَته وَهِي تَقْصَعُ بجرتها ولغامها يسيل بَين كَتِفي.
جرن وَهُوَ الْعُنُق: مَا بَين المذبح إِلَى المنحر. القصع: المضغ بعد السدع وَهُوَ الدسع وَهُوَ نزع الجرة من الكرش إِلَى الْفَم يُقَال: دسعت بجرتها ثمَّ قصعت بهَا. اللغام: الزّبد ولغم الْبَعِير: رمى بِهِ. أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: مر النَّاس فِي معسكرهم بالجرف فَجعل ينْسب الْقَبَائِل حَتَّى مر ببني فَزَارَة فَقَامَ لَهُ رجل مِنْهُم فَقَالَ أَبُو بكر: مرْحَبًا بكم: قَالُوا: نَحن يَا خَليفَة رَسُول الله أحلاس الْخَيل وَقد قدناها مَعنا. فَقَالَ أَبُو بكر: بَارك الله فِيكُم.
جرف الجرف: مَوضِع وَأَصله مَا تجرَّفته السُّيُول من الأودية. ينْسب الْقَبَائِل: من قَوْلهم: نسبت فلَانا إِذا قلت: مَا نسبك قَالَ أَبُو وجزة: ... مَا لن يَنْسُبْنَ وَهْناً كلَّ صَادِقةٍ ... أَي يشخصن القطا فَيَقُول: قطا قطا فَجعل ذَلِك نسبا لَهُ. حلْس الدَّابَّة: كالمرشحة يكون تَحت اللبد فَيُشبه بِهِ الرجل اللَّازِم لظهر الْفرس. عمر رَضِي الله عَنهُ: تجردوا بِالْحَجِّ وَإِن لم تُحرموا.
جرد أَي جيئوا بِالْحَجِّ مُفردا وَإِن لم تقرنوا الْإِحْرَام بِالْعُمْرَةِ يُقَال: جرد فلَان الْحَج وتجرد بِهِ: إِذا أفرده وَلم يقرنه بِالْعُمْرَةِ.

(1/204)


أَتَى مَسْجِد قبَاء فَرَأى فِيهِ شَيْئا [114] من غُبَار وعنكبوت فَقَالَ لرجل: ائْتِنِي بجريدة وَاتَّقِ العواهين. قَالَ: فَجِئْته بهَا فَربط كُمَّيه بوذمة ثمَّ أَخذ الجريدة فَجعل يتتبع بهَا الْغُبَار. الجريدة: السعفة الَّتِي جرد عَنْهَا الخوص أَي قُشر. العواهن: مَا يَلِي القلبة من السعف وَإِنَّمَا نهى عَنْهَا لِئَلَّا يضر قطعهَا القلبة. الوذمة: السَّير. كَانَ يَأْخُذ بِيَدِهِ الْيُمْنَى أُذُنه الْيُسْرَى ثمَّ يجمع جراميزه ويثب فَكَأَنَّمَا خُلق على ظهر فرسه.
جرمز أَي أَطْرَافه. وَمِنْه تحرفر الرجل من واجرنمز: إِذا اجْتمع وتقبض وَهُوَ لم يُسمع واحده كالعباديد والحذافير وَقيل: الجرموز: الرّكْبَة فَإِن صحَّ كَانَ الْمَعْنى أَنه جمع رُكْبَتَيْهِ وَمَا يتَّصل بهما. وَمِنْه حَدِيث الْمُغيرَة: إِنَّه لما بُعث إِلَى ذِي الحاجبين قَالَ: قَالَت لي نَفسِي: لَو جمعت جراميزك فَوَثَبت وَقَعَدت مَعَ العلج. عبد الرَّحْمَن: قَالَ الْحَارِث بن الصِّمَّة: رَأَيْته يَوْم أُحد فِي جر الْجَبَل فعطفت إِلَيْهِ.
جرر هُوَ أَسْفَله. قَالَ: ... وقدْ قَطَعْتُ وَادِياً وجَرّا ... وَكَأَنَّهُ مَا نجز على الأَرْض من سفحه. وَقَوْلهمْ: ذيل الْجَبَل. يحْتَج لَهُ. ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: جردوا الْقُرْآن ليربو فِيهِ صغيركم وى ينأى عَنهُ كبيركم فَإِن الشَّيْطَان يخرج من الْبَيْت تقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة.
جرد قيل: أَرَادَ تجريده عَن النقط والفواتح والعشور لِئَلَّا ينشأ نشىء فَيرى أَنَّهَا من الْقُرْآن. وَقيل: هُوَ حث على أَلا يتَعَلَّم مَعَه غَيره من كتب الله لِأَنَّهَا تُؤْخَذ عَن النَّصَارَى وَالْيَهُود وهم غير مأمونين.

(1/205)


وَقيل: إِن رجلا قَرَأَ عِنْده فَقَالَ: استعيذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم فَقَالَ: ذَلِك. وَفِيه وَجه أسلوب الْكَلَام ونظمه عَلَيْهِ أدل: وَهُوَ أَن يَجْعَل اللَّام من صلَة جردوا وَيكون الْمَعْنى: اجعلوا الْقُرْآن لهَذَا وخصوه بِهِ واقصروه عَلَيْهِ دون النسْيَان والإعراض عَنهُ من قَوْلهم: جرد فلَان لأمر كَذَا وتجرد لَهُ. وتخلصه: خصوا الْقُرْآن بِأَن ينشأ على تعلمه صغاركم وبألا يتباعد عَن تِلَاوَته وتدبره كباركم فَإِن الشَّيْطَان لَا يقر فِي مَكَان يقْرَأ فِيهِ. أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: لَو رَأَيْت الوعول تجرش مَا بَين لابيتها مَا هجتها وَلَا مستها لِأَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حرم شَجَرهَا أَن تعضد أَو تخبط.
جرش أَي ترعى وتقضم وَالْأَصْل فِيهِ جرش الْملح وَغَيره وَهُوَ أَلا ينعم دقه فَهُوَ جريش ثمَّ استعير لموْضِع القضم. وَأما الجرس فَهُوَ أَن ينقر الطير الْحبّ فَيسمع لَهُ جرس أَي صَوت وَمِنْه: نحل جوارس. [115] اللابتان: حرتا الْمَدِينَة. مستها: أَي مستها. وَفِيه وَجْهَان: أَحدهمَا أَن تحذف السِّين وتلقي حركتها على الْمِيم. وَالثَّانِي: أَن تحذفها حذفا من غير أَن تلقيها عَلَيْهَا فَتَقول: مستها بِالْفَتْح وَمثله ظِلْتُ وظَلْت فِي ظَللت. ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا شهد فتح مَكَّة وَهُوَ ابْن عشْرين سنة وَمَعَهُ فرس حرون وجمل جرور وبردة فلوت ورمح ثقيل فَرَآهُ رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَهُوَ يختلي لفرسه فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن عبد الله وَإِن عبد الله.
جرر الجرور: لَا ينقاد كَأَنَّهُ يجر قائده أَو يُجر بالشطن جراً. الفلوت: الَّتِي لَا تنضم عَلَيْهِ لصغرها كَأَنَّهَا تَنْفَلِت عَنهُ.

(1/206)


يختلي: يجتز الخلى وَهُوَ الرطب ولامه يَاء لقَولهم: خليت الخلى. قَالَ ابْن مقبل: ... تَمَطَّيْتُ أَخْلِيهِ اللِّجَامِ وبَذَّنِي ... وشَخْصِي يُسَامى شَخْصَه ويُطَاوِلُه ... أَي أجعَل اللجام فِي فِيهِ مَكَان الخلي. إِن عبد الله إِن عبد الله: وَيجوز أَن يَكُونَا جملتين محذوفتي الْخَبَر وَيجوز أَن تكون الثَّانِيَة خَبرا كَقَوْلِهِم: عبد الله عبد الله. عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا رَأَتْ امْرَأَة شلاء: فَقَالَت: رَأَيْت أُمِّي فِي الْمَنَام وَفِي يَدهَا شحمة وعَلى فرجهَا جَرِيدَة وَهِي تَشْكُو الْعَطش فلأردت أَن أسقيها فَسمِعت مناديا يُنَادي: أَلا من سَقَاهَا شلت يَمِينهَا فَأَصْبَحت كَمَا تَرين.
جرد تَصْغِير جردة: وَهِي الْخِرْقَة الْخلق من قَوْلهم: ثوب جرد. وهب رَحمَه الله: قَالَ طالوت لداود: أَنْت رجل جريء وَفِي جبالنا هَذِه جراجمة يحتربون النَّاس.
جرجم هم اللُّصُوص من جرجمه: إِذا صرعه وَقِيَاس الْوَاحِد جرجمي. يحتربون: يستلبون من حربته: إِذا أخذت مَاله. الشّعبِيّ رَحمَه الله: قَالَ سُوَيْد: قلت لَهُ: رجل قَالَ إِن تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق. قَالَ: هُوَ كَمَا قَالَ. قلت: إِن عِكْرِمَة يزْعم أَن الطَّلَاق بعد النِّكَاح. قَالَ: جرمز مولى ابْن عَبَّاس.
جرمز أَي حاد عَن الصَّوَاب ونكص. الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى: قَالَ عِيسَى بن عمر: أَقبلت مجرنمزاً حَتَّى اقعنبيت بَين يَدَيْهِ فَقلت: يَا أَبَا سعيد مَا قَول الله: {والنخلَ باسقاتٍ لَهَا طَلْعُ نَضيد} قَالَ: هُوَ الطبيع فِي كفراه. أَي متقبضا.

(1/207)


قعنبيت: استوفزت حاعلا يَدي على الأَرْض. الطبيع: لب الطّلع سمي لامتلائه من قَوْلك: هَذَا طبع الأناء أَي ملؤه وطبع الْقرْبَة. والكفرى: قشر الطّلع. عبد الْملك قَالَ فِي خطبَته: وَقد عظتكم فَلم تزدادوا على الموعظة إِلَّا استجراحا.
جرح هُوَ استفعال من الْجرْح وهوالطعن على الرجل ورد شَهَادَته أَي لم تزدادوا إِلَّا فَسَادًا تستحقون بِهِ أَن يطعن عَلَيْكُم كَمَا يفعل بِالشَّاهِدِ. وَمِنْه قَول ابْن عون رَحمَه الله: استجرحت هَذِه الْأَحَادِيث. أَي كثرت حَتَّى دعت أهل الْعلم إِلَى جرح بَعْضهَا. وَلَا يستجرينكم فِي (جف) . بِيَدِهِ جَرِيدَة فِي (زو) . جردية فِي (ري) . مجرسة فِي (سر) . جردا فِي (سُقْ) . فِي مَوضِع الْجَرِير فِي (غف) . من الجريمة فِي (عذ) . المتجرد فِي (شَذَّ) . وه فِي (بر) . جراثيم الْعَرَب فِي (رك) . حَار جَار فِي (شب) . جرنمها فِي (صر) . أجرد فِي (قع) . واجرٍ فِي قن. وَلَا يجر عَلَيْهِ فِي (هض) . جرستك الدهور فِي (حن) . وَلم تجرد فِي (سر) . ثمَّ جرجم فِي (لَو) . ثمَّ يجرجر فِي (كو) . جرزا فِي دو. وعَلى جرته فِي (حن) بجريعة الذقن فِي (كف) . بجريرة حلفائك فِي (عض) . جراثيم فِي (رف) .
الْجِيم مَعَ الزَّاي
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم قَالَ لأبي بردة بن نيار فِي الْجَذعَة الَّتِي أمره أَن يُضحي بهَا: وَلَا تجزي عَن أحد بعْدك.
جزأ أَي لَا تُؤدِّي عَنهُ الْوَاجِب وَلَا تقضيه من قَوْله تَعَالَى: {لَا تَجْزِي نَفْسُ عنْ نَفْسٍ شَيْئاً} . وَإِنَّمَا وضع الْجَزَاء مَوضِع الْأَدَاء لِأَن مُكَافَأَة الصَّنِيع كقضاء الْحق.

(1/208)


أَمر بِإِخْرَاج الْيَهُود وَالنَّصَارَى من جَزِيرَة الْعَرَب.
جزر قَالَ الْأَصْمَعِي: هِيَ من أقْصَى عدن أبين إِلَى ريف الْعرَاق فِي الطول. وَأما الْعرض فَمن جدة وَمَا والاها من سَاحل الْبَحْر إِلَى أَطْرَاف الشَّام. وَقيل: مَا بَين حفر أبي مُوسَى إِلَى أقْصَى الْيمن فِي الطول. وَأما الْعرض فَمَا بَين رمل بيرين إِلَى مُنْقَطع السماوة. وَقيل: سميت جَزِيرَة لِأَن الْبَحْرين: بَحر فَارس وبحر الْحَبَش والرافدين قد أحاطت بهَا. قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي وصف دُخُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ دُخُوله لنَفسِهِ مَأْذُون لَهُ فِي ذَلِك فَكَانَ إِذا أَوَى إِلَى منزله جزأ دُخُوله ثَلَاثَة أَجزَاء: جُزْءا لله وجزء لأَهله وجزءًا لنَفسِهِ. ثمَّ جزأ جزأه بَينه وَبَين النَّاس فَيرد ذَلِك بالخاصة على الْعَامَّة وَلَا يدّخر عَنْهُم شَيْئا.
جزأ يُرِيد أَن الْعَامَّة كَانَت لَا تصل إِلَيْهِ فِي منزله وَلكنه كَانَ يُوصل إِلَيْهَا حظها من ذَلِك الْجَزَاء بالخاصة الَّتِي تصل إِلَيْهِ فتوصله إِلَى الْعَامَّة. لنَفسِهِ: من صلَة الدُّخُول. ومأذون: خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف وَالْجُمْلَة فِي مَوضِع خبر كَانَ وَيجوز أَن تستتر فِي كَانَ ضمير الشَّأْن ويرتفع الدُّخُول بِالِابْتِدَاءِ ومأذون خَبره وَيجوز أَن يكون لنَفسِهِ خبر كَانَ ومأذون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف وَالْجُمْلَة لَا مَحل لَهَا لِأَنَّهَا بدل عَن قَوْله كَانَ دُخُوله لنَفسِهِ. وقف على وَادي محسر فقرع رَاحِلَته فخبت حَتَّى جزعه.
جزع أَي قطعه عرضا وَمِنْه جزع الْوَادي. [117]

(1/209)


ذكر خُرُوج الدَّجَّال وَأَنه يَدْعُو رجلا ممتلئاً شَابًّا فيضربه بِالسَّيْفِ فيقطعه جزلتين رمية الْغَرَض ثمَّ يَدعُوهُ فَيقبل يَتَهَلَّل وَجهه يضْحك.
جزل أَي قطعتين يُقَال: ضرب الصَّيْد فجزله جزلتين: إِذا قطعه باثنتينء. رمية بالغرض: يُرِيد أَن بعد مَا بَين القطعتين رمية غَرَض وَتَقْدِير الْكَلَام كَأَنَّهُ قَالَ: فيفصل بَين نصفيه فصلا مثل رمية الْغَرَض لِأَنَّهُ معنى قَوْله: فيقطعه جزلتين أَو فيفصل بَين نصفيه وَاحِد. وَاحِد. قَالَ: لَا يحل لأحد مِنْكُم من مَال أَخِيه شَيْء إِلَّا بِطيب نَفسه. فَقَالَ لَهُ عَمْرو بن يثربي: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت إِن لقِيت غنم ابْن عمي أجتزر مِنْهَا شَاة فَقَالَ: إِن لقيتها نعجة تحمل شفرة وزنادا بخبت الجميش فَلَا تهجها.
جرز اجتزار الشَّاة: اتخاذها جزرة وَهِي من الْغنم كالجزور من الْإِبِل. خبت: علمٌ لصحراء بَين مَكَّة والحجاز. قَالَ [جُنْدُب] : ... زَعَم العواذِلُ أَن نَاقَة جُنْدُب ... بجُبُوبِ خَبْتٍ عُرِّيت وأجَّمت ... وَامْتِنَاع صرفهَا للتأنيث والعلمية وَيجوز أَن تصرف لسكون الْوسط. والجميش: صفة لَهَا فعيل بِمَعْنى مفعولة من الجمش وَهُوَ الْحلق كَأَنَّهَا حلق نباتها. وَيجوز أَن تُضَاف خبت إِلَى الجميش. والجميش: النَّبَات. وَالْمعْنَى: إِنَّك إِن ظَفرت بِشَاة ابْن عمك وَهِي حاملة مَا تحْتَاج إِلَيْهِ فِي ذَبحهَا واتخاذها من سكين ومقدحة وَأَنت مقو فِي أَرض قفر فَلَا تعترض لَهَا. عمر رَضِي الله عَنهُ أَتَاهُ رجل بالمصلى عَام الرَّمَادَة من مزينة فَشَكا إِلَيْهِ سوء الْحَال وإشراف عِيَاله على الْهَلَاك فَأعْطَاهُ ثَلَاث أَنْيَاب جزائر وَجعل عَلَيْهِنَّ غَرَائِر فِيهِنَّ رزم من دَقِيق ثمَّ قَالَ لَهُ: سر فَإِذا قدمت فانحر نَاقَة فأطعمهم.

(1/210)


بودكها ودقيقها ونوِّز. فَلبث حينا ثمَّ إِذا هُوَ بالشيخ الْمُزنِيّ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: فعلت مَا أَمرتنِي بِهِ وأتى الله بالحيا فَبِعْت ناقتين واشتريت للغيال صبَّةً من الْغنم فَهِيَ تروح عَلَيْهِم. الجزائر: جمع جزور وَهِي النَّاقة قبل أَن تنحر فَإِذا نحرت فَهِيَ جزور بِالضَّمِّ. الرزمة من الدَّقِيق: نَحْو ثلث الغرارة وربعها وَهِي من رزم الشَّيْء: إِذا جمعه كالقطعة والصرمة من قطع وصرم يُقَال أَيْضا للثياب الْمَجْمُوعَة وَبَقِيَّة التَّمْر فِي الجلة: رزمة. نوَّزْ: قلل عَن شمر. الحيا: الخصب ولامه ياءٌ وَهُوَ من الْحَيَاة. الصبة: مَا بَين الْعشْر إِلَى الْأَرْبَعين. تَسْمِيَة النَّاقة المسنة بالناب لطول نابها كَمَا يُسمى الطليعة عينا والناب مُذَكّر [118] مذطر فلوحظ الأَصْل حَيْثُ قيل: ثَلَاثَة أَنْيَاب على التَّذْكِير كَمَا قَالُوا فِي تصغيرها: نييب لذَلِك. ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ اشْترى من دهقان أَرضًا على أَن يَكْفِيهِ جزيتهَا.
جزى الْجِزْيَة: الْخراج الَّذِي ضرب على الْكفَّار جَزَاؤُهُ أَي أَدَاؤُهُ فاستعيرت الْخراج الأَرْض المحتوم أَدَاؤُهُ. وَالْمعْنَى أَنه شَرط عَلَيْهِ أَن يُؤَدِّي عَنهُ الْخراج فِي السّنة الَّتِي وَقع فِيهَا البيع. أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ كَانَ يسبِّح بالنوى المجزَّع وروى بِالْكَسْرِ.
جزع قيل: هُوَ الَّذِي حك بعضه حَتَّى ابيضَّ وتُرك الْبَاقِي على لَونه فَصَارَ على لون الْجزع وكل مَا اجْتمع فِيهِ سَواد وَبَيَاض فَهُوَ مجزَّع. وَمِنْه جزَّع الْبُسْر إِذا أرطب إِلَى نصفه.

(1/211)


وَالْمعْنَى أَنه اتخذ سبْحَة من النَّوَى يسبح بهَا. خوَّات رَضِي الله عَنهُ: خرجت زمن الخَنْدَق عينا إِلَى بني قُرَيْظَة فَلَمَّا دَنَوْت من الْقَوْم كمنت ورمقت الْحُصُون سَاعَة ثمَّ ذهب بِي النّوم فَلم أشعر إِلَّا بِرَجُل قد احتملني فَلَمَّا رقي بِي إِلَى حصونهم قَالَ لصَاحب لَهُ: أبشر بجرزة سَمِينَة فتناومت فَلَمَّا شغل عني انتزعت مغولا كَانَ فِي وَسطه فَوَجَأْت بِهِ كبده فَوَقع مَيتا.
جزر هِيَ الشَّاة الْمعدة للجزر أَي الذّبْح. المغول: شبه الخنجر يشده الفاتك على وَسطه للاغتيال. قَتَادَة رَحمَه الله قَالَ فِي الْيَتِيم: تكون لَهُ الْمَاشِيَة يقوم وليه على صَلَاحهَا وعلاجها ويصيب من جززها ورسلها وعوارضها.
جز جمع جزة وَهِي مَا جز من صوف الشَّاة. يُقَال: أَعْطِنِي جزة أَو جزتين أَي صوف شَاة أَو شَاتين وَفُلَان عاضٌّ على جزّة: إِذا كَانَ عَظِيم اللِّحْيَة. الرُّسُل: اللَّبن. الْعَوَارِض: جمع عَارض وَهُوَ مَا عرض لَهُ داءٌ فذكي. يُقَال: بَنو فلَان يَأْكُلُون الْعَوَارِض. النَّخعِيّ رَحمَه الله التَّكْبِير جزم وَالْقِرَاءَة جزم وَالتَّسْلِيم جزم.
جزم الْجَزْم: الْقطع وَمِنْه قيل لضرب من الْكِتَابَة: جزم لِأَنَّهُ جزم عَن الْمسند وَهُوَ خطّ حمير أَي قطع عَنهُ وَأخذ مِنْهُ. وَالْمعْنَى الْإِمْسَاك عَن إشباع الحركات والتعمق فِيهَا وقطعها أصلا فِي مَوَاضِع الْوَقْف والإضراب عَن الْهَمْز المفرط وَالْمدّ الْفَاحِش وَأَن يختلس الْحَرَكَة وَيعْمل على طلب الاسترسال والتسهل فِي الْجُمْلَة وعَلى وتيرة قَول الْأَصْمَعِي: إِن الْعَرَب تزوف على اللإعراب وَلَا تعمق فِيهِ.

(1/212)


الْحجَّاج قَالَ لأنس بن مَالك: وَالله لأقلعنك قلع الصمغة ولأجزرنك جزر الضَّرْب ولأعصبنك عصب السلمة. فَقَالَ أنس: من يَعْنِي الْأَمِير قَالَ: إياك أصمّ الله صداك. فَكتب أنس بذلك إِلَى عبد الْملك. فَكتب إِلَى الْحجَّاج: يَابْنَ المستفرمة بحب الزَّبِيب لقد هَمَمْت أَن أركلك ركلة تهوي مِنْهَا إِلَى نَار جَهَنَّم قَاتلك الله أُخيفش الْعَينَيْنِ أصك الرجلَيْن أسود الْجَاعِرَتَيْنِ.
حزر جزر الْعَسَل: انْتِزَاعه من الخلية وقطعه عَنْهَا وَمِنْه جزر النّخل: إِذا أفْسدهُ بِقطع ليفه وشحمه. وَالضَّرْب: الْعَسَل الْأَبْيَض الغليظ وَقد استضرب وَهُوَ يسهل على العاسل استقصاء شوره بِخِلَاف الرَّقِيق فَإِنَّهُ ينماع ويسيل وَلَو رُوِيَ الصرب بالصَّاد وَهُوَ الصمغ الْأَحْمَر لجادت رِوَايَته. عصب السلمة: ضم أَغْصَانهَا بِحَبل ثمَّ ضربهَا حَتَّى يسْقط وَرقهَا. أَصمّ الله صداك: أَي أهْلكك حَتَّى لَا يكون لَك صَوت يسمعهُ الصدى فَيُجِيبهُ. المستفرمة: من الفرم والفرمة وَهُوَ شَيْء كَانَت البغايا يتخذنه من عجم الزَّبِيب وَمن الْأَشْيَاء العفصة للتضييق وَهُوَ التفريم والتفريب وَمِنْه قَول امرىء الْقَيْس يصف خيلا: ... مُسْتَفْرِمَات بالحصَى جَوَافِلا ... الركلة: الرفسة بِالرجلِ. وَمِنْهَا: مركلا الْفرس لموقعي رجْلي الْفَارِس من جَنْبَيْهِ. الجاعرتان: حَيْثُ يضْرب الْفرس أَو الْحمار بِذَنبِهِ من فَخذيهِ.

(1/213)


ابْن عُمَيْر رَضِي الله عَنْهُمَا: إِن رجلا كَا يداين النَّاس وَكَانَ لَهُ كلتب ومتجاز فَكَانَ يَقُول: إِذا رَأَيْت الرجل مُعسر فأنظره فغفر الله لَهُ.
جزا أهل الْمَدِينَة يسمون المتقاضي المتجازي وَيَقُولُونَ: أمرت فلَانا يتجازى ديني على فلَان. أجزرنا فِي (عز) . فتجزعوها فِي (مل) . فجزَّلها فِي (كن) . فليجز فِي (عر) . من جزئه فِي (حَيّ) . بقناح جُزْء فِي (قن) .
الْجِيم مَعَ السِّين
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم إيَّاكُمْ وَالظَّن فَإِن الظَّن أكذب الحَدِيث وَلَا تجسسوا وَلَا تحسسوا.
جسس هُوَ بِالْجِيم: تعرف الْخَبَر بتلطف ونيقة وَمِنْه الجاسوس وجس الطَّبِيب الْيَد وَبِالْحَاءِ: تطلب الشَّيْء بحاسة كالتسمع على الْقَوْم. الشّعبِيّ رَحمَه الله: ... اجسر جسار سميتك الفسفاش إِن لم تقطع ...
جسر جسَّار: فعَّال من الجسارة يَعْنِي سَيْفه جعله علما لَهُ. والفشفاش: المنتفج الْكذَّاب وفشفش: أفرط فِي الْكَذِب وَأَصله فشفشة الوطب وَهِي فشّه. نوف رَحمَه الله تَعَالَى: ذكر عوجا وَقتل مُوسَى لَهُ قَالَ: فَوَقع على نيل مصر فجسرهم سنة. أَي اعْترض على النّيل فعقد لَهُم من شخصه جِسْرًا من جسر الجسر: إِذا عقده وَالْأَصْل فجسر لَهُم فَحذف الْجَار وأوصل الْفِعْل كَقَوْلِه:

(1/214)


.. وَلَقَد جنيتُك أكْمُؤًا وعَسَاقِلا ... وَمِنْه قَول ذِي الرمة: ... فَلَا وَصْلَ إِلَّا أَن تُقَارِب بَيْننَا ... قَلَائِص يجسرون الفَلاَة بِنَا جَسْرا ... الْجَسَّاسَة فِي (زو) . جِسَامًا فِي (قح) . لجاسد فِي (شن) .
الْجِيم مَعَ الشين
النَّبِي صلى الله تَعَالَى وَآله وَسلم أولم على بعض نِسَائِهِ بجشيشة.
جشش هِيَ الْحِنْطَة المجشوشة تطبخ بِلَحْم أَو تمر. عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ حَفْص بن أبي الْعَاصِ: كُنَّا نَأْكُل عِنْد عمر وَكَانَ يجيئنا بِطَعَام جشب غليظ فَكَانَ يَأْكُل وَيَقُول: كلوا فَكُنَّا نعذر.
جشب الجشب: الغليظ الخشن وَقد جشب جشابة. وَمِنْه: ... تُوِليكَ كَشْحاً لَطيفاً لَيْسَ مِجْشَابَا ... التعذير: التَّقْصِير مَعَ طلب إِقَامَة الْعذر. عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: بَلغنِي أَن أُنَاسًا مِنْكُم يخرجُون إِلَى سوادهم إِمَّا فِي تِجَارَة وَإِمَّا فِي جباية وَإِمَّا فِي جشر فيقصرون الصَّلَاة فَلَا تَفعلُوا فَإِنَّمَا يقصر الصَّلَاة من كَانَ شاخصا أَو بِحَضْرَة عَدو.
جشر الجشر: فعل بِمَعْنى مفعول وَهُوَ المَال الَّذِي يجشر أَي يخرج إِلَى المرعى فيُبات فِيهِ وَلَا يراح إِلَى الْبيُوت وَيُقَال للَّذين يجشرونه: جشر أَيْضا كَأَنَّهُ جمع جاشر. وَيُقَال: جشر المَال عَن أَهله فَهُوَ جاشر وجشر. وَمِنْه قَوْله: لَا يَغُرنكُمْ جشركم من صَلَاتكُمْ. وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا يطيلون الْغَيْبَة عَن الْبيُوت فيرونها سفرا فيقصرون الصَّلَاة.

(1/215)


شاخصاً: أَي مُسَافِرًا. بِحَضْرَة عَدو: يَعْنِي أَنه كَانَ يقصر وَإِن كَانَ مُقيما إِذا كَانَ فِي قتال عَدو. وَمن الجشر حَدِيث صلَة بن أَشْيَم قَالَ: خرجت إِلَى جشر لنا وَالنَّخْل سلب وَكنت سريع الاستجاعة فَسمِعت وجبة فَإِذا سبّ فِيهِ دوخلة رطب فَأكلت مِنْهَا فَلَو أكلت خبرزا وَلَحْمًا مَا كَانَ أشْبع لي مِنْهُ. سلب: لَا حمل عَلَيْهَا الْوَاحِد سليب. الاستجاعة: قُوَّة الْجُوع واستجاع من جَاع كاستعلى من علا واستبشر من بشر. الوجبة: صَوت السُّقُوط. السب: الثَّوْب الرَّقِيق. وَقيل: الشقَّة الْبَيْضَاء. الدوخلة: سفيفة من خوص. معَاذ رَضِي الله عَنهُ لما خرج إِلَى الْيمن شيعه رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم فَبكى معَاذ جشعاً لفراق رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم.
جشع أَي جزعاً مَعَ شدَّة حرص على الْإِقَامَة مَعَه. تجشمنى فَإِنِّي جاشمة فِي (لب) .
الْجِيم مَعَ الظَّاء
كل جظّ فِي (ضع) .
الْجِيم مَعَ الْعين
. النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن لونين من التَّمْر: لون الجعرور ولون الحبيق.
جعر الجعرور: ضرب من الدَّقل يحمل أَشْيَاء صغَارًا لَا خير فِيهَا. وَمِنْه قيل لصغار النَّاس: جعارير. الحبيق: ضرب رديٌّ أَيْضا. وَالْمرَاد النَّهْي عَن أَن يؤخذا فِي الصَّدَقَة.

(1/216)


وَمِنْه حَدِيث الزُّهْرِيّ: لَا يَأْخُذ الْمُصدق الجعرور ولامصران الفارة وَلَا عذق حبيق. قَالَ الْأَصْمَعِي: عذق حبيق وعذق ابْن حبيق: ضرب من الدقل. مر مُصعب بن عُمَيْر وَهُوَ منجعف فَقَالَ: رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ.
جعف جعفت الرجل: صرعته فانجعف. بُعث عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رَسُولا إِلَى أهل مَكَّة فَنزل على أبي سُفْيَان ابْن حَرْب وبلَّغه رسَالَته فَقَالَ أهل مَكَّة لأبي سُفْيَان: مَا أَتَاك بِهِ ابْن عمك قَالَ: أَتَانِي بشرّ سَأَلَني أَن أخلي مَكَّة لجعاسيس مُضر.
جعسس قَالَ الْأَصْمَعِي: الجعسوس بِالسِّين والشين: وصف بالقماءة والصغر وَقيل بِالسِّين: اللَّئِيم وبالشين: الدَّقِيق الطَّوِيل. وَقَالَ الرَّاعِي: ... ضعافُ القُوَى لَيْسُوا كَمَنْ يبتني العُلا ... جعاسيسُ قَصَّارُون دون المَكَارمِ ... كَانَ الْعَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يسم إبِله فِي وُجُوههم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم: يَا عَم إِن لكل شَيْء حُرمة وَإِن حُرْمَة الْبدن الْوَجْه. قَالَ: لَا جرم يَا رَسُول الله لأباعدن ذَلِك عَنهُ. فَكَانَ يسمهَا على جواعرها.
جعر قَالَ الْمبرد: للورك حُرُوف سِتَّة فحرفاها المشرفان على الخاصرتين: الحجبتان وحرفاها المشرفان على الفخذين: الغرابان وحرفاها اللَّذَان يبتدان الذَّنب: الجاعرتان. ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا ذُكر عِنْده الجعائل فَقَالَ: لَا أغزو على أجر وَلَا أبيع أجْرى من الْجِهَاد.

(1/217)


جعل جمع جعَالَة بِالْفَتْح وَالْكَسْر أَو جعيلة وَهِي جُعل يَدْفَعهُ الْمَضْرُوب عَلَيْهِ الْبَعْث إِلَى من يَغْزُو عَنهُ قَالَ [الْأَسدي:] ... فأَعْطَيْتُ الجُعالة مُسْتَمِيتاً ... وَمِنْه حَدِيث مَسْرُوق رَحمَه الله: إِنَّه كَانَ يكره الجعائل. ابْن زِيَاد كتب إِلَى عمر بن سعد بن أبي وَقاص: أَن جعجع بالحسين.
جعجع أَي أنزلهُ بجعجاع وَهُوَ الْمَكَان الخشن الغليظ وَهَذَا تَمْثِيل لإلجائه إِلَى خطبٍ شاق وإرهاقه. وَقيل: المُرَاد إزعاجه لِأَن الجعجاع مناخ سوء لَا يقرّ فِيهِ صَاحبه وَمِنْه: جعجع الرجل: إِذا قعد على غير طمأنينة. جعظ فِي ضع. جعظري فِي غل. الجعثن فِي صب. الجعاد فِي نط. جعد فِي فر. جعيلة فِي ثمَّ. كالجعدبة فِي عص. انجعافها فِي خو.
الْجِيم مَعَ الْفَاء
. النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم فِي صفة الدَّجَّال: جفال الشّعْر.
جفل هُوَ الْكثير الشّعْر المجتمعه. وَمِنْه الجفالة: الْجَمَاعَة من النَّاس. وَتقول الْعَرَب على لِسَان الضائنة: أُولد رخالا وأجز جفالا وأُحلب كثباً عجالا [وَلم تَرَ مثلي مَالا] . وَفِي حَدِيث آخر: إِنَّه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم رأى رجلا جافل الشّعْر فَقَالَ: أما وجد هَذَا شَيْئا يسكّن بِهِ شعره هُوَ المستطار الشّعْر المتفرقة. وَمِنْه حَدِيث السَّحَاب الجفل: الْخَفِيف الَّذِي تطير بِهِ

(1/218)


الرّيح وكل خَفِيف جافل وجفل وجفيل. صُومُوا ووفروا أَشْعَاركُم فَإِنَّهَا مجفرة.
جفر أَي مقطعَة للنِّكَاح يُقَال: جفر الْفَحْل عَن الضراب جفورا: إِذا انْقَطع عَنهُ. وَكنت آتيكم فأجفرتكم: أَي قطعتكم. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله تعال عَلَيْهِ وَآله وَسلم: إِن عُثْمَان بن مَظْعُون قَالَ لَهُ: إِنِّي رجل يشق على الْعزبَة فِي المغازى أفتأذن لي فِي الخصاء قَالَ: لَا وَلَكِن عَلَيْك بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ مجفر. أَي قَاطع للشهوة. وَمِنْه حَدِيث على عَلَيْهِ السَّلَام: نه رأى رجلا فِي الشَّمْس فَقَالَ: قُم عَنْهَا فَإِنَّهَا مبخرة مجفرة تَتْفُل الرّيح وتبلى الثَّوْب وَتظهر الدَّاء الدفين. وَعَن عمر رَضِي الله عَنهُ إيَّاكُمْ ونومة الْغَدَاة فَإِنَّهَا مبخرة مجفرة وروى مجعرة. أَي ميبسة للطبيعة.
جفف حِين سُحر جعل سحره فِي جف طلعة وَدفن تَحت راعوئة الْبِئْر. وروى: فِي جب طلعة. جفّها: وعاؤها إِذا جف وجبّها: جوفها وَمِنْه جبّ الْبِئْر وَهُوَ جرابها. الراعوفة: صَخْرَة تتْرك ناتئة فِي أَسْفَل الْبِئْر فَإِذا نقّوها جلس عَلَيْهَا المنقي. وَقيل تكون فِي بعض الْبِئْر لَا يُمكن قطعهَا فتُترك وَهِي من رعف: إِذا تقدم. فِي لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة نهى عَنْهَا ونادى مناديه بذلك فأجفئوا الْقُدُور. وروى: فجفئوا. وروى: فَأمر بالقدور فكفئت. وروى فأكفئت.
جفأ جفأ الْقدر وكفأها وأجفأها وأكفأها: قَلبهَا. قَالَ عبد الله بن الشخير رَضِي الله عَنهُ: قدمت عَلَيْهِ فِي رَهْط من بني عَامر فسلمنا

(1/219)


عَلَيْهِ فَقَالُوا: أَنْت والدنا وَأَنت سيدنَا وَأَنت أطول طولا وَأَنت الْجَفْنَة الغرّاء. فَقَالَ: قُولُوا بقولكم وَلَا يستجرينكم الشَّيْطَان. وروى: وَلَا يستهوينكم.
جفن شبهوه بالجفنة الغراء وَهِي الْبَيْضَاء من الدسم نعتاً لَهُ بإنه مضياف مطعام أَو أَرَادوا: أَنْت ذُو الْجَفْنَة وَمِنْه قَوْله: ... يَا جَفْنَة بإذاء الحَوْض قد كفئوا ... ومَنْطِقاً مثل وَشْى اليُمْنَةِ الحبره ... وَقَول امرىء الْقَيْس: ... رُبَّ طَعْنَةٍ مُثْعَنْجِرَه ... وجَفْنَةٍ مُسْحَنْفِرَه ... تُدْفَن غَدا بأَنْقرَه ... بقولكم: أَي بِمَا هُوَ عادتكم من القَوْل المسترسل فِيهِ على السجية دون الْمُتَكَلف المتعمل للتزيد فِي الثَّنَاء. وَقيل: بقول أهل الْإِسْلَام ومخاطبتهم بِالنَّبِيِّ وَالرَّسُول لِأَن مَا خاطبوه بِهِ من تَحِيَّة أهل الْجَاهِلِيَّة لملوكهم. استجريت جرياَّ وتجرّيته: أَي اتخذته وَكيلا وَهُوَ من الجري لِأَنَّهُ يجْرِي مجْرى مُوكله. وَالْمعْنَى: لايتخذنكم كالأجرياء فِي طاعتكم لَهُ واتباعكم خطواته. خلق الله الأَرْض السُّفْلى من الزّبد الْجفَاء وَالْمَاء الكباء.
جَفا الْجفَاء: مَا جفأه السَّيْل أَي رمى بِهِ وَيجوز أَن يُراد بِهِ الجافي وَهُوَ الغليظ من قَوْلهم: ثوب جافٍ وَرجل جَاف. والكباء: الكابي وَهُوَ الْمُرْتَفع الْعَظِيم من قَوْلهم: فلَان كابي الرماد. وكبا الْغُبَار: ارْتَفع وكبت العلبة: امْتَلَأت حَتَّى تفيض.

(1/220)


من اتخذ قوسا عَرَبِيَّة وجفيرها نفى الله عَنهُ الْفقر.
جفر الجفير: الواسعة من الكنائن وَمِنْه: الْفرس المجفر وَتَقْدِير قَوْله: وجفيرها: وجفير سهامها فَحذف وَخص الْعَرَبيَّة كَرَاهَة زِيّ الْعَجم. وروى أَنه رأى رجلا مَعَه قَوس فارسية فَقَالَ: ألقها. قَالَت حليمة رَضِي الله عَنْهَا الَّتِي أَرْضَعَتْه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ يشب فِي الْيَوْم شباب الصَّبِي فِي الشَّهْر فَبلغ سِتا وَهُوَ جفر. هُوَ الَّذِي قوي على الْأكل واتَّسع جَوْفه وَقد استجفر. وَهُوَ من أَوْلَاد الْمعز: مَا بلغ أَرْبَعَة أشهر وفُصل. وَمِنْه حَدِيث عمر: إِنَّه قضى فِي الضبع كَبْشًا وَفِي الظبى شَاة وَفِي اليربوع جفراً أَو جفرة. أَي أوجب ذَبحهَا على المجرم إِذا قتل شَيْئا من ذَلِك. عمر رَضِي الله عَنهُ كَيفَ يصلح بلد جلُّ أَهله هَذَانِ الجفَّان: كذب بكر أَو بخل تَمِيم. هَذَا لقب لبكر وَتَمِيم. قيل. لِأَنَّهُ لم يكن فِي الْعَرَب قبيلتان أَكثر عددا مِنْهُمَا.
جفف والجف: الْجمع الْكثير. وَعَن الْمبرد: حيَّان فيهمَا جفاءٌ من الجفّ وَهُوَ الجافي. حمل يَهُودِيّ امْرَأَة مسلمة على حمَار فَلَمَّا خرج بهَا من الْمَدِينَة جفلها عَن رَحلهَا ثمَّ تجثمها لينكحها فَأتى بِهِ عمر فَقَالَ: مَا على هَذَا عاهدناكم فَقتله.

(1/221)


جفل جفلها: طرحها من قَوْلهم: طعنه فجفله إِذا قلعه من الأَرْض وَالرِّيح تجفل الجهام أَي تذْهب بِهِ. وَمِنْه حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: إِن رجلا قَالَ لَهُ: آتِي الْبَحْر فأجده قد جفل سمكًا كثيرا فَقَالَ: كل مَا لم تَرَ شَيْئا طافيا. أَي رمى بِهِ إِلَى السَّاحِل. تجثمها: من تجثم الطَّائِر أثناه إِذا علاها للسفاد. انْكَسَرت قلُوص من إبل الصَّدَقَة فجفنها.
جفن أأطعمها فِي الجفان وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي: ... يَا رُبَّ شَيْخٍ فيهم عِنِّين ... عَن الطِّعَانِ وَعَن التَّجْفِينِ. ... عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ لما حُوصر أَشَارَ عَلَيْهِ طَلْحَة أَن يلْحق بجنده من أهل الشَّام فيمنعوه. فَقَالَ: مَا كنت لأدع الْمُسلمين بَين جفين يضْرب بَعضهم رِقَاب بعض.
جف الجف والجف ة: الْجَمَاعَة الْكَثِيرَة وَيجوز أَن يُرِيد بَين مثل جفَّين وهما بكر وَتَمِيم فِي كَثْرَة الْعدَد. أَبُو قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ كنت مَعَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم فِي سفرة فنعس على ظهر بعيره حَتَّى كَاد ينجفل فدعمته.
جفل هُوَ مُطَاوع جفله إِذا طَرحه وألقاه. ابْن عَازِب رَضِي الله عَنهُ سُئل عَن يَوْم حنين فَقَالَ: انطق جفاءٌ من النَّاس وحُسَّر إِلَى هَذَا الْحَيّ من هوزان وهم قوم رُمَاة فَرَمَوْهُمْ برشق من نبل كانها رجل جَراد فانكشفوا.

(1/222)


جفأ أَرَادَ سرعَان الْخَيل تَشْبِيها بجفاء السَّيْل. والحسر: جمع حاسر وَهُوَ الَّذِي لَا جنَّة لَهُ يَعْنِي أَنهم قَلِيلُونَ وحاسرون. رجل الْجَرَاد: الْجَمَاعَة مِنْهُ. لم تجفئوا فِي (حف) . الجفرة فِي (عك) . جفّ طلعة فِي (طب) . مجفرة فِي (زو) . من بدا جَفا فِي (بُد) . [فِي جفَاء الحقو فِي (حق) .] أجفلة فِي (زف) . جفة فِي (نف) . جَفْنَة عبد الله فِي (جك) . جفوفا فِي (بل) .
الْجِيم مَعَ اللَّام
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم نهى عَن لُحُوم الْجَلالَة.
جلل كنى عَن الْعذرَة بالجلة وَهِي البعرة فَقيل لآكلتها: جلالة وجالَّة وَقد جلّ الجلة واجتلها: التقطها مَاء مجلول: وَقعت فِيهِ الجلة. وَمِنْه حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن رجلا سَأَلَهُ عَن لُحُوم الْحمر فَقَالَ: أطْعم أهلك من سمين مَالك فَإِنِّي كرهت لَك جوالَّ الْقرْيَة. وَمِنْه حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا: إِن رجلا قَالَ لَهُ: إِنِّي أُرِيد أَن أصحبك. فَقَالَ: لَا تصحبنى على جلال. كره ركُوبه لِأَن الجلة فِي عرقه.
جلهم اسْتَأْذن عَلَيْهِ أَبُو سُفْيَان فحجبه ثمَّ أذن لَهُ فَقَالَ: مَا كدت تَأذن لي حَتَّى تَأذن لحجارة الجلهمتين فَقَالَ: يَا أَبَا سُفْيَان أَنْت كَمَا قَالَ الْقَائِل: كل الصَّيْد فِي جَوف الفرا. الجلهمة بِالضَّمِّ: القارة الضخمة. وَعَن أبي عبيد: أَنه أَرَادَ الجهلة وَهِي جَانب الْوَادي فَزَاد ميماً وَالرِّوَايَة عَنهُ بِالْفَتْح.

(1/223)


وَالْمعْنَى أَنَّك تؤخرني وَلَا تَأذن لي حَتَّى تَأذن قبلي لناس كثير هم فِي كَثْرَة حجارتها. أَو لَا تَأذن لي أصلا كَمَا لَا تَأذن للحجارة. الفرأ: حمَار الْوَحْش يَعْنِي أَن كل صيد دونه وَإِنَّمَا قصد تألفه بِهَذَا الْكَلَام وَكَانَ من الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم. لَا جلب وَلَا جنب وَلَا شغار فِي الْإِسْلَام.
جلب الجلب: بِمَعْنى الجلبة وَهِي التصويت. وَالْجنب: مصدر جنب الْفرس إِذا اتَّخذهُ جنيبة. وَالْمعْنَى فيهمَا فِي السباق أَن يتبع فرسه رجلا يجلب عَلَيْهِ ويزجره وَأَن يجنب إِلَى فرسه فرسا عرياً فَإِذا شَارف الْغَايَة انْتقل إِلَيْهِ لِأَنَّهُ أودع فَسبق عَلَيْهِ. وَقيل: الجلب فِي الصَّدَقَة: أَي يجلبوا إِلَى الْمُصدق أنعامهم فِي مَوضِع ينزله فَنهى عَنهُ إِيجَابا لتصديقها فِي أفنيتهم. وَقد مر الشّغَار فِي (أَب) . أعْطى بلاب بن الْحَارِث معادن الْقَبِيلَة جلسيها وغوريها.
جلس النِّسْبَة إِلَى الجلس وَهُوَ نجد سمى بذلك لارتفاعه من قَوْلهم للغلظ من الأَرْض والجبل المشرف والناقة المرتفعة: جلس. وَجلسَ: إِذا أنجد وَقَالَ الشماخ: ... فمرَّتْ على مَاء العُذَيْبِ وعَيْنُها ... كَوَقْبِ الصَّفا جَلْسِيُّها قَدْ تَغَوَّرا ... فِي حَدِيث الْإِسْرَاء: أحذنى جِبْرَائِيل وَمِيكَائِيل فصعدا بِي فَإِذا بنهرين جلواخين قلت: يَا جِبْرَائِيل مَا هَذَانِ النهران قَالَ: سقيا أهل الدُّنْيَا.

(1/224)


جلخ الجلواخ: الْوَاسِع قَالَ بعض بنى غطفان: ... ألأليت شعري هَل أبيتن لَيْلَة ... بأبطح جلواخ بأَسْفَلِهِ نَخْلُ ... قَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه لما نزلت: {إِنَّا فَتَحْنَا لكَ فَتحاً مُبِينا} : هَذَا يَا رَسُول الله أَنْت قد غفر لَك وَبَقينَا نَحن فِي جلج لَا ندرى مَا يصنع بِنَا.
جلج الجلج: بِمَعْنى الْحَرج وَهُوَ القلق أَي بَقينَا فِي غير اسْتِقْرَار ويقين من أمرنَا. وَقيل: هُوَ جمع جلجلة وَهِي الرَّأْس: أَي فِي عدد رُءُوس كَثِيرَة من الْمُسلمين. وَمِنْه حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه كتب إِلَى عَامله على مصر خُذ من كل جلجلة من القبط كَذَا وَكَذَا. أَخذ أسعد بن زُرَارَة رَضِي الله عَنهُ بِيَدِهِ صلى الله عَلَيْهِ وى لَهُ وَسلم قَالَ: يأيها النَّاس أَتَدْرُونَ على مَاذَا تُبَايِعُونَ مُحَمَّدًا صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِنَّكُم تبايعونه على أَن تَحَارَبُوا الْعَرَب والعجم وَالْجِنّ وَالْإِنْس مجلية قَالُوا: نَحن حَرْب لمن حَارب وَسلم لمن سَالم.
جلا أَي حَربًا مجلية عَن الأوطان تَقول الْعَرَب: اخْتَارُوا فإمَّا سلم مخزية وَإِمَّا حَرْب مجلية. وَقيل: لَو رويت مجلبة فَهِيَ من أجلب الْقَوْم وأجلبوا: إِذا اجْتَمعُوا. قدم سُوَيْد بن الصَّامِت مَكَّة فتصدى لَهُ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ سُوَيْد: لَعَلَّ الَّذِي مَعَك مثل الَّذِي معى قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا الَّذِي مَعَك قَالَ: مجّلة لُقْمَان.
جلل كل كتاب حِكْمَة عِنْد الْعَرَب مجلَّة. قَالَ النَّابِغَة:

(1/225)


.. مَجَلتُهُمْ ذَاتُ الإْلهِ ودِينُهم ... قَوِيم فَمَا يَرجُونَ غَيْرَ الْعَوَاقِبِ ... وَكَأَنَّهَا مفعلة من جلَّ لجلال الْحِكْمَة وَعظم خطرها ثمَّ إِمَّا أَن يكون مصدرا كالمذلة فَسُمي بهَا كَمَا سُمي بِالْكتاب الَّذِي هُوَ مصدر كتب وَإِمَّا أَن يكون بِمَعْنى مَكَان الْجلَال. لَا يدْخل شَيْء من الْكبر الْجنَّة. قَالَ قَائِل: يَا رَسُول الله إنى أحب أَن أَتَجَمَّل بجلاز سوطى وشع نَعْلي. فَقَالَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم: إِن ذَلِك لَيْسَ من الْكبر إِن الله جميل يحب الْجمال وَإِن الْكبر من سفه الْحق وَغَمص النَّاس.
جلز الجلاز: مَا يجلز بِهِ السَّوْط أَو الْقوس وَغَيرهمَا من عقب وَغَيره وَهُوَ أَن يُدار عَلَيْهِ ويلوي. وَمِنْه قيل للمستدير فِي أَسْفَل السنان كالحلقة: جلز [126] وللعقد الْمَعْقُود مستديراً جلز جلاز. كنى بقوله: لَا يدْخل شَيْء من الْكبر الْجنَّة عَن أَنه لَا يدخلهَا أحد المتكبرين لِأَنَّهُ إِذا نفى أَن يدخلهَا شَيْء مِنْهُ فقد نصب دَلِيلا على أَن صَاحبه غير داخلها لَا محَالة. جميل: أَي جميل الْأَفْعَال حسنها وَالْعرب كَمَا تصف الشَّيْء بِفِعْلِهِ فَإِنَّهَا تصفه بِفعل مَا هُوَ من سَببه. من سفه الْحق: أَي فعل من سفهه وَمَعْنَاهُ جَهله. وَغَمص النَّاس: أَي استحقرهم. لما خرج أَصْحَابه إِلَى الْمَدِينَة وتخلف هُوَ وَأَبُو بكر ينْتَظر إِذن ربه فِي الْخُرُوج اجْتمع الْمُشْركُونَ فِي دَار الندوة يتشاورون فِي أمره فاعترضهم إِبْلِيس فِي صُورَة شيخ جليل عَلَيْهِ بت. فَقَالَ أَبُو جهل: إِنِّي مشير عَلَيْكُم بِرَأْي. قَالَ: وَمَا هُوَ قَالَ:

(1/226)


نَأْخُذ من كل قَبيلَة غُلَاما شَابًّا نهداً ثمَّ يُعطى سَيْفا صَارِمًا فَيَضْرِبُونَهُ ضَرْبَة رجلٍ وَاحِد حَتَّى يقتلوه ثمَّ وديناه وقطعنا عَنَّا شأفته وَاسْتَرَحْنَا مِنْهُ. فَقَالَ الشَّيْخ: هَذَا وَالله الرأى
جلل جلّ الرجل فَهُوَ جليل: إِذا أسن وَكبر وَمِنْه قَوْلهم: جلَّ عَمْرو عَن الطوق بِدَلِيل قَوْلهم: كبر عَمْرو. قَالَ كثير: ... وجُنَّ اللواتي قُلْنَ عزةُ جلَّتِ ... الْبَتّ: كسَاء غليظ مربع. النهد: الْعَظِيم الْخلق الْمُرْتَفع. قَالَ: ... من بعد مَا كنتُ صُمُلاًّ نَهْدا ... الشأفة: قرحَة تخرج بالقدم فتكوى فتذهب وَقد شئفت رجله. وَالْمعْنَى: قَطعنَا أَصله كَمَا تقطع الشأفة. قَالَ الْبَراء رَضِي الله عَنهُ: لما صلح رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم الْمُشْركين بِالْحُدَيْبِية صَالحهمْ على أَن يدْخل هُوَ وَأَصْحَابه مَكَّة من قَابل ثَلَاثَة أَيَّام وَلَا يدْخلُونَهَا إِلَّا بجلبان السِّلَاح. قَالَ: فَسَأَلته مَا جلبان السِّلَاح. قَالَ: القراب بِمَا فِيهِ.
جلب الجلبان والجربان والقراب: شبه جراب يضع فِيهِ الرَّاكِب سَيْفه مغموداً وَسَوْطه وأداته وينوطه وَرَاء رَحْله.

(1/227)


وَقيل: هُوَ مخفف بِوَزْن الجلبان الَّذِي هُوَ الْملك وَلَعَلَّه سمى جلبان لجمعه السِّلَاح ومدار هَذَا التَّرْكِيب على معنى الْجمع. وجربان من لفظ الجراب وَإِنَّمَا اشترطو عَلَيْهِ ذَلِك ليَكُون علما للسلم. قد ابي بن خلف فِي فدَاء إبنه وكا أُسر يَوْم بدر فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِن عِنْدِي فرسا أُجلها كل يَوْم فرقا من ذرة أَقْتلك عَلَيْهَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بل أَنا أَقْتلك عَلَيْهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
جلل أُجلها: أعلفها علفا جَلِيلًا من قَوْلهم: أَتَيْته فَمَا أجلَّني وَلَا أحشاني: أَي مَا أَعْطَانِي من جلة مَاله وَلَا حَاشِيَته. [127] وَقَوله: فرقا بَيَان لذَلِك الْجَلِيل وَهُوَ مكيال يسع سِتَّة عشر رطلا. عَلَيْهَا: فِي الأول حَال عَن الْفَاعِل وَفِي الثَّانِي عَن الْمَفْعُول. أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فِي قصَّة المهاجرة: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لي: ألم يَأن للرحيل فَقلت: بلَى فارتحلنا حَتَّى إِذا كُنَّا بِأَرْض جلدَة.
جلد هِيَ الصلبة. وَمِنْهَا حَدِيث عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام: إِنَّه كَا ينْزع الدَّلْو بتمرة وَيشْتَرط أَنَّهَا جلدَة. وَذَلِكَ أَن الرّطبَة إِذا صلبت طابت جدا. وَمِنْه الْمثل: أطيب مُضْغَة صيحانية مصلبة. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. كتب إِلَى مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يسْأَله أَن يَأْذَن لَهُ فِي غَزْو الْبَحْر فَكتب إِلَيْهِ: إِنِّي لَا أحمل الْمُسلمين على أَعْوَاد نجرها النجار وجلفظها الجلفاط يحملهم عدوهم إِلَى عدوهم.

(1/228)


جلفط هُوَ الَّذِي يسد دروز السفن ويصلحها بِالطَّاءِ غير الْمُعْجَمَة وَأَرَادَ بالعدو الْبَحْر أَو النواتي لأَنهم كَانُوا علوجا يعادون الْمُسلمين. قَالَت أم صبية الجهنية رَضِي الله عَنْهَا: كُنَّا نَكُون على عهد رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم وعهد أبي بكر وضدرا من خلَافَة عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فِي الْمَسْجِد نسْوَة قد تجاللن وَرُبمَا غزلنا فِيهِ فَقَالَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: لأردنكن حرائر. فأخرجنا مِنْهُ.
جلل تجاللن: اسنن. حرائر: أَي كَمَا يجب أَن تكون الْحَرَائِر من ضرب الْحجب عَلَيْهِنَّ وألاَّ يبرزن بروز الْإِمَاء. عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام من أحبنا أهل الْبَيْت فليعد للفقر جلباباً أَو قَالَ: تجفافا.
جليب الجلباب: الرِّدَاء وَقيل: الملاءة الَّتِي يشْتَمل بهَا. وَالْمعْنَى: فليُعدّ وقاءً مِمَّا يُورد عَلَيْهِ الْفقر والتقلل ورفض الدُّنْيَا من الْحمل على الْجزع وَقلة الصَّبْر على شظف الْعَيْش وخشونة الْحَال. وَمِنْه حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِن امْرَأَة سَأَلته أَن يَكْسُوهَا فَقَالَ: إِنِّي أخْشَى أَن تَدعِي جِلْبَاب الله الَّذِي جلببك بِهِ. قَالَت: وَمَا هُوَ قَالَ: بَيْتك. قلت: أجنَّك من أَصْحَاب مُحَمَّد تَقول هَذَا أجنَّك: أَصله من أجل أَنَّك أَو لأجل أَنَّك فَحذف الْجَار كَقَوْلِه: ... أَجْلَ أنَّ اللهَ قد فَضَّلَكُم ... فَوْقَ من أَحْكَأَ صُلْباً بإِزَار ... وخففت أَن ضَرْبَيْنِ من التَّخْفِيف: أَحدهمَا حذف الْهمزَة وَالثَّانِي حذف إِحْدَى النونين فوليت النُّون الْبَاقِيَة اللَّام وهما متقاربتا المخرجين فقُلبت اللَّام نوناً وأُدغمت فِي النُّون وَحقّ المدغم أَن يسكن فَالتقى ساكنان هِيَ وَالْجِيم فحركت الْجِيم بِالْكَسْرِ فَصَارَ أَجنَّك.

(1/229)


ذكر الْمهْدي من ولد الْحسن رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ رجل: أجلى الجبين أقنى الْأنف ضخم الْبَطن أزيل الفخذين أفلج الثنايا بفخذه الْيُمْنَى شامة.
جلا الجلا: ذهَاب شعر الرَّأْس إِلَى نصفه [128] والجلح: دونه والجله: فَوْقه. القنا: احديداب فِي قَصَبَة الْأنف. الزبير رَضِي الله عَنهُ كَانَ أجلع فرجا.
جلع هما بِمَعْنى وَاحِد وَهُوَ الَّذِي لَا يزَال يَبْدُو فرجه. والأجلع أَيْضا: الَّذِي تنضم شفتاه. لما الْتَقَيْنَا يَوْم بدر سلط الله علينا النعاس فوَاللَّه إِن كنت لأتشدد فيجلد بِي ثمَّ أتشدد فيجلد بِي.
جلد أَي يصرعنى النّوم. يُقَال: جلدت بِهِ الأَرْض: إِذا صرعته كَمَا يُقَال: ضربت بِهِ الأَرْض. إِن: مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَاللَّام فِي لأتشدد هِيَ الفارقة بَين إِن المخففة والنافية. أَبُو أَيُّوب رَضِي الله عَنهُ من بَات على سطح أجلح فَلَا ذمَّة لَهُ.
جلح هُوَ الَّذِي لم يحْجر بجدار وَلَا غَيره. ابْن معَاذ رَضِي الله كَانَ رجلا ضخما جلعابا. وروى: جلحابا.
جلعب هما الطَّوِيل: وَقيل: الضخم الْجِسْم. أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا كَانَت تكره للمحد أَن تكتحل بالجلاء.
جلاء هُوَ الإثمد لِأَنَّهُ يجلو الْبَصَر وَأما الحُلاء بِالْحَاء وَالضَّم فحكاكة حجر على حجرٍ قَالَ أَبُو المثلم الْهُذلِيّ: ... وأكْحُلْكَ بِالصَّابِ أَو بالحُلاَء ... ففَقِّح لِذَلِكَ أَوْ غَمِّض ...

(1/230)


وَهُوَ الحلوء أَيْضا يُقَال: حلأت لَهُ حلوءًا: إِذا حككت حجرا على حجر ثمَّ جعلت الحكاكة على كفك وصدأت بِهِ الْمرْآة ثمَّ كحلته بِهِ وَقد غُلّط رَاوِي بَيت الْهُذلِيّ بِالْجِيم لِأَنَّهُ متوعد فَلَا يكحل بِمَا يجلو الْبَصَر. عَطاء رَحمَه الله قَالَ ابْن جريج: سَأَلته عَن صَدَقَة الْحبّ فَقَالَ: فِيهِ كُله الصَّدَقَة وَذكر الذّرة والدخن والجلجلان والبلسن والإحريض والتقدة.
جلجل الجلجلان: السمسم. والبلسن: العدس وَهُوَ البلس بِضَمَّتَيْنِ عَن ابْن الْأَعرَابِي. والإحريض: العصفر وثوب محرَّض. والتقدة بِالتَّاءِ: الكزبرة وبالنون الكرويا. فِي الحَدِيث: إِن الله ليؤدي الْحُقُوق إِلَى أَهلهَا حَتَّى يقص للشاة الجلحاء من الشَّاة القرناء نطحتها.
جلحاء الجلحاء: الْجَمَّاء. لَا أجلنظي فِي (بج) . أَجلي فِي (زه) . مجللا فِي (حَيّ) . أجلو الله فِي (حل) . وَلَا جلحاء فِي (عق) . من جلبابها فِي (عس) . فجُلد بِالرجلِ فِي (رت) . جلعدا فِي (قصّ) . على أجالدهم فِي (قس) . وجليل فِي (صب) . جلاّل فِي (لق) . ذَا الجلب فِي (لب) . جلحاء فِي (قذ) . جليل المشاش فِي (مغ) .
الْجِيم مَعَ الْمِيم
. النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم قَالَ فِي الشُّهَدَاء: وَمِنْهُم أَن تَمُوت الْمَرْأَة بِجمع.
جمع يُقَال: مَاتَت بجُمْع وجِمْع: أَي حاملة أَو غير مطموثة. وَمِنْه حَدِيثه: أَيّمَا امْرَأَة مَاتَت بِجمع [129] لم تُطمث دخلت الْجنَّة.

(1/231)


وَحَقِيقَة الجُمْع والجِمْع أَنَّهُمَا بِمَعْنى الْمَفْعُول كالذخر وَالذّبْح. وَمِنْه قَوْلهم: ضربه بجُمع كَفه أَي بمجموعها وَأخذ فلَان بِجمع ثِيَاب فلَان. فَالْمَعْنى: مَاتَت مَعَ شَيْء مَجْمُوع فِيهَا غير مُنْفَصِل عَنْهَا: حملٍ أَو بكارة وَأما قَول ذِي الرمة: ... ورَدْناه فِي مَجْرى سُهَيْل يَمَانِياً ... بصُعْر البرى من بَين جمع وخادج ... فَلَا بُد فِيهِ من تَقْدِير مُضَاف مَحْذُوف أَي ذَات جمع. وضاة الْمُغيرَة فَذهب يخرج ذِرَاعَيْهِ فصاق عَلَيْهِ كُمَّا جمَّازته فَأخْرج يَده من تحتهَا.
جمز الجمازة: مدرعة قَصِيرَة من صوف. قَالَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِن سَمُرَة بن جُنْدُب بَاعَ خمرًا قَاتل الله سَمُرَة ألم يعلم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لعن الله الْيَهُود حُرمت عَلَيْهِم الشحوم فجملوها فَبَاعُوهَا.
جمل جمل الشَّحْم يجمله: أذابه. وَالْمعْنَى أَنه خلل الْخمر ثمَّ بَاعهَا فَكَانَ ذَلِك مضاهياً لفعل يهود فِي إذابتهم الشَّحْم حَتَّى يصير ودكا ثمَّ بيعهم لَهُ متوهمين أَنه خرج عَن حكم الأَصْل بالإذابة. قَالَ أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قلت: يَا رَسُول الله كم الْأَنْبِيَاء قَالَ: مائَة ألف وَعِشْرُونَ ألفا. قلت: كم الرُّسُل من ذَلِك قَالَ: ثَلَاثمِائَة وَثَلَاثَة عشر جمَّاءً غفيراً قلت: من أَوَّلهمْ قَالَ: آدم. قلت: أَنَبِي مُرْسل قَالَ: نعم خلقه الله بِيَدِهِ وَنفخ فِيهِ من روحه ثمَّ سوَّاه قِبَلا. وروى قبلا وقبلا.

(1/232)


جمم ذكر سِيبَوَيْهٍ: الْجَمَّاء الْغَفِير فِي بَاب: مَا يُجعل من الْأَسْمَاء مصدرا كطرًّا وقاطبة وَكَأَنَّهُ قَالَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم: هم كَذَا وَكَذَا جمعا لَهُم وحصرا واستغراقاً. والكلمتان من الجموم وَهُوَ الِاجْتِمَاع وَالْكَثْرَة وَمن الغفر وَهُوَ التغطية فجعلتا فِي مَوضِع الشُّمُول والإحاطة. وَعَن الْمَازِني: لم تقل الْعَرَب الْجَمَّاء إِلَّا مَوْصُوفا وَيُقَال: جَاءُوا جماًّ غفيراً والجماء الْغَفِير والجمَّ الْغَفِير. وَعَن بَعضهم: جم الْغَفِير وجماء الْغَفِير وجماء الغفيرة وجماء الغفيري. قِبَلا وقُبَلا: مُقَابلَة ومشاهدة وقَبَلا: اسْتِقْبَالًا واستئنافاً يُقَال: لَا آتِيك إِلَى عشر من ذِي قبل: من قبل أَي من زمانٍ نشاهده وَمن ذِي قبل أَي من زمَان يستقبلنا. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِن أهل الْكُوفَة لما وفدوا إِلَيْهِ العلباء بن الْهَيْثَم السدُوسِي فَرَأى عمر هَيْئَة رثَّة وَمَا يصنع فِي الْحَوَائِج. قَالَ: لكل أنَاس فِي جميلهم خبر وروى فى بعيرهم.
جمل وَهُوَ مثل يضْرب فِي معرفَة القومبصاحبهم [13] يُرِيد أَن قومه لم يسودوه إِلَّا لمعرفتهم بِشَأْنِهِ وَكَانَ العلباء دميما أَعور باذَّ الْهَيْئَة وَكَانَ الرجل إِذا حزب أمرٌ. سَأَلَ الحطيئة عَن عبس ومقاومتها قبائل قيس فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كُنَّا ألف فارسٍ كأننا ذهبة حَمْرَاء لَا نستجمر وَلَا نحالف.
جمر أَي لَا نسْأَل غَيرنَا أَن يتجمعوا إِلَيْنَا لاستغنائنا بِأَنْفُسِنَا من الْجمار بِفَتْح الْجِيم: وَهُوَ الْجَمَاعَة وتجمرت الْقَبَائِل: اجْتمعت. لَا تجمروا الْجَيْش فتفتنوهم. وَهُوَ أَن يحسبوا فِي الثغر وَلَا يُؤذن لَهُم فِي القفول.

(1/233)


الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ بِعْ الْجمع بِالدَّرَاهِمِ ثمَّ ابتع بِالدَّرَاهِمِ جنيبا.
جمع الْجمع: صنوف من التَّمْر تجمع. والجنيب: نوع مِنْهُ جيد وَكَانُوا يبيعون صَاعَيْنِ من الْجمع بِصَاع من الجنيب فَقَالَ ذَلِك تَنْزِيها لَهُم عَن الرِّبَا. ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أمرنَا أَن نَبْنِي الْمَسَاجِد جُمًّا والمدائن شُرفا.
جم الجم: الَّتِي لَا شُرف لَهَا من الشَّاة الْجَمَّاء وَهِي خلاف القرناء. والشرف: الَّتِي لَهَا شُرف. أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: توفّي رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَالْوَحي أجمُّ مَا كَانَ لم يفتر عَنهُ. أَي أَكثر مَا كَانَ من جم الشىء جموما. مُعَاوِيَة رَضِي الله تعاله عَنهُ: قَالَ لَهُ ابْن الزبير: إِنَّا لَا نَدع مَرْوَان يَرْمِي جَمَاهِير قُرَيْش بمشاقصه وَيضْرب صفاتها بمعوله وَلَوْلَا مَكَانك لَكَانَ أخف على رقابنا من فراشة وَأَقل فِي أَنْفُسنَا من خشاشة وأيم الله لَئِن ملك أَعِنَّة خيل تنقاد لَهُ ليركبن مِنْك طبقًا تخافه. فَقَالَ مُعَاوِيَة: يَا معشر قُرَيْش مَا أَرَاكُم منتهين حَتَّى يبْعَث الله عَلَيْكُم من لَا تعطفه قرَابَة وَلَا يذكر رحما يسومكم خسفاً ويوردكم تلفا. قَالَ ابْن الزبير: إِذن وَالله نطلق عقال الْحَرْب بكتائب تمور كَرجل الْجَرَاد على جافتها الأسل لَهَا دوِي كَدَوِيِّ الرّيح تتبع غطريفا من قُرَيْش لم تكن أمه براعية ثلة. فَقَالَ مُعَاوِيَة: أَنا ابْن هِنْد أطلقت عقال الْحَرْب فَأكلت ذرْوَة السنام وشربت عنفوان المكرع إِذْ لَيْسَ للآكل إِلَّا الفلذة وللشارب إِلَّا الرنق والطرق.

(1/234)


جمهر جُمْهُور النَّاس: معظمهم وَجمعه جَمَاهِير وَقد يُقَال لَهُ: جرهوم وجراهيم. المشقص: من النصال: مَا طَال وَعرض. وَعَن الْأَصْمَعِي أَنه الطَّوِيل غير العريض. الصفاة والصفوانة: الْحجر الأملس. الفراشة: الَّتِي تتهافت فِي النَّار. الخشاشة: وَاحِدَة الخشاش وَهِي الْهَوَام. الطَّبَق: جمع طبقَة وَهِي منزلَة فَوق منزلَة. قَالَ الله تَعَالَى: {لَتْركَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَق} . وَمِنْه طبق الظّهْر وَهُوَ فقاره. وَالْمعْنَى: ليركبن مِنْك أحوالا ومنازل فِي الْعَدَاوَة مخوفة. سامه خسفاً: إِذا ألزمهُ إِيَّاه قسراً وإجباراً من سوم العالة وَهُوَ أَن تكره ويداوم عَلَيْهَا حَتَّى تشرب يُقَال: سَام نَاقَته سوما. والخسف: حبس الدَّابَّة على غير علف فوُضع مَوضِع الإذلال. نطلق: مَنْصُوب يإذن لكَونهَا مبيدا غير مُعْتَمدَة وَكَون الْفِعْل مُسْتَقْبلا غير حَاضر. رجل الْجَرَاد: الْقطعَة مِنْهُ الَّتِي قوي بَعْضهَا بِبَعْض عَن الْمبرد. الغطريف: السَّيِّد. الثلَّة: الْجَمَاعَة من الضَّأْن. العنفوان: الأول وَزنه فعلوان من اعتنف الشَّيْء إِذا ابتدأه وَلَو جعل الْعين بَدَلا من الْهمزَة لم يبعد لقَولهم: أنفوان وائتنف الشَّيْء. الفلذة: الْقطعَة من الكبد. الرَّنْق: الرَّنِق وَهُوَ الكدر. الطّرق: المَاء الَّذِي طرقته الدَّوَابّ اي خاضته وبالت فِيهِ وبعرت فَتغير واصفرَّ سُمي بِالْمَصْدَرِ. ضرب ذَلِك مثلا لعزه ومذلتهم وتقدمه وتخلفهم.

(1/235)


عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا بلغَهَا أَن الْأَحْنَف قَالَ شعرًا يلومها فِيهِ فَقَالَت: لقد استفرغ حلم الْأَحْنَف هجاؤه إيَّايَ أبي كَانَ يستجم مثابه سفهه إِلَى الله أَشْكُو عقوق أبنائى
جمم استجم الْبِئْر: تَركهَا أَيَّامًا لَا يَسْتَسْقِي مِنْهَا حَتَّى يجْتَمع مَاؤُهَا كَأَنَّهُ طلب جمومها. والمثابة: الْموضع الَّذِي يثوب مِنْهُ المَاء. أَرَادَت أَنه يحلم عَن النَّاس وَلَا يتسافه عَلَيْهِم فَكَأَنَّهُ كَانَ يجمع سفهه. أَبي: أَي بسببي وَمن أَجلي. عَاصِم رَحمَه الله لقد أدْركْت أَقْوَامًا يتخذون هَذَا اللَّيْل جملا يشربون النَّبِيذ وَيلبسُونَ المعصفر مِنْهُم زر بن حُبَيْش وَأَبُو وَائِل.
حمل هِيَ عبارَة عَن قيام اللَّيْل والتهجد. فِي الحَدِيث إِن آدم عَلَيْهِ السَّلَام رمى إِبْلِيس بمنى فأجمر بَين يَدَيْهِ فسميت الْجمار بِهِ الْجمار.
جمر أَي أسْرع. قَالَ لبيد: ... فَإِذا حَرَّكْتُ غَرْزِي أَجْمَرت ... كَانَ فِي جبل تهَامَة جُمَّاع قد غصبوا الْمَارَّة منمنكنانة وَمُزَيْنَة وَحكم والقارة.
جمع الجمّاع: الأُشابة من قبائل شَتَّى. قَالَ ابْن الأسلت: ... مِنْ بَيْن جمْعٍ غَيْر جُمَّاع ...

(1/236)


إِذا وضعت الجوامد فَلَا شُفْعَة.
جمد هِيَ الْحُدُود جمع جامد. من جمع فِي (غل) . جمز فِي (ذل) . جملاء فِي (سنّ) . بخبت الجميش فِي (جز) . جمالِيًّا فِي (صه) . جَمْعَاء فِي (فط) . وَإِذا استجمرت فِي (نث) . مجمعا فِي نس. وَلَا تجمّروهم فِي (كف) . جُمَّاع فِي (شع) . جامساً فِي (مي) . جمس فِي (سنّ) . أجمر مَا كَانُوا فِي (خم) .
الْجِيم مَعَ النُّون.

جنح النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم: أَمر بالتجنح فِي الصَّلَاة فَشَكا نَاس إِلَيْهِ الضعْف فَأَمرهمْ أَن يستعينوا بالركب. التجنح والاجتناح فِي السُّجُود. أَن يعْتَمد على راحتيه مجافيا لذراعيه غير مفترشهما من [132] قَول ابْن الرّقاع يصف ثَوْر الْوَحْش: ... يبيتُ يَحْفِر وَجْهَ الأَرْض مُجْتَنِحا ... إِذا اطمأنَّ قَلِيلا قامَ فانْتَقلا ... وَفِي حَدِيثه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم: إِنَّهُم شكوا إِلَيْهِ الِاعْتِمَاد فِي السُّجُود فرخَّص لَهُم أَن يستعينوا بمرافقهم على ركبهمْ. ذكر الشُّهَدَاء فَقَالَ: والمجنوب فِي سَبِيل الله شَهِيد.
جنب هُوَ الَّذِي بِهِ ذَات الْجنب. دخل مَكَّة فَبعث الزبير على إِحْدَى المجنبتين وَبعث خَالِد بن الْوَلِيد على الْيُسْرَى وَبعث أَبَا عُبَيْدَة على الْحَبْس أَو الحسَّر.

(1/237)


المجنبتان: جنَاحا الْعَسْكَر. الْحَبْس: الرجالة وَسموا بذلك لحبسهم الخيالة ببطء مَسِيرهمْ كَأَنَّهُ جمع حبوس أَو لأَنهم يتخلفون عَنْهُم وتحبسهم الرجلة عَن بلوغهم كَأَنَّهُ جمع حبيس. والحسر: جمع حاسر وَهُوَ الَّذِي لَا بَيْضَة عَلَيْهِ. لَا يضر الْمَرْأَة الْحَائِض وَالْجنب إِلَّا تنقض شعرهَا إِذا أصَاب المَاء سور الرَّأْس. روى شوى رَأسهَا. الْجنب: يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث وَالْوَاحد والاثنان وَالْجمع. وَقد يُقَال: جنبون وجنبات وأجناب. سور الرَّأْس: أَعْلَاهُ. والشوى: جمع شواة وَهِي فروته. عَن عَليّ بن الْحُسَيْن عَلَيْهِمَا السَّلَام: جنأ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم بِيَدِهِ فِي يَوْم حارّ وَقَالَ: من أحب أَن يظله الله من فَور جَهَنَّم يَوْم الْقِيَامَة فَلْينْظر غريما أَو ليَدع مُعسرا.
جنأ يُرِيد حناها والأجنا: الَّذِي فِي كَاهِله انحناء على صَدره وَلَيْسَ بالاحدب. وتيس أجنأ: الَّذِي انحنى قرناه على جَنْبَيْهِ وصليف عُنُقه. عَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم رجم يَهُودِيّا وَيَهُودِيَّة فقد رَأَيْته يجانىء عَلَيْهَا يَقِيهَا الْحِجَارَة بِنَفسِهِ. وروى: فعلق الرجل يجنىء عَلَيْهَا. يُقَال: جنأ عَلَيْهِ إِذا عطف جنوءاً وأجنأه عَلَيْهِ وَمِنْه المجنأ وَهُوَ الترس

(1/238)


والقبر المجنأ: المسنم. وجانأه: بِمَعْنى أجنأه كباعده وأبعده وعالاه وَأَعلاهُ وَالْمعْنَى: يعْطف عَلَيْهَا نَفسه. عمر رَضِي الله عَنهُ أفطر فِي شهر رَمَضَان وَهُوَ يرى أَن الشَّمْس قد غربت ثمَّ نظر فَإِذا الشَّمْس طالعة. فَقَالَ:: لَا نقضيه مَا تجانفنا فِيهِ لإثم.
جنف التجانف: الْميل والجنف والإجناف كَذَلِك. وَمِنْه حَدِيث عُرْوَة: يردُّ من صَدَقَة الجانف فِي مَرضه مَا يرد من وَصِيّه المحنف عِنْد مَوته. ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ: الجان مسيخ الْجِنّ كَمَا مسخت القردة من بنى اسرائيل.
جنن هُوَ الْعَظِيم من الْحَيَّات. وَمِنْه حَدِيث ابْن وَاثِلَة رَحمَه الله: أقبل جَان فَطَافَ [133] بِالْبَيْتِ سبعا ثمَّ انْقَلب حَتَّى إِذا كَانَ بِبَعْض دور بني سهم عرض لَهُ شَاب من بني سهم أَحْمَر أكشف أَزْرَق أَحول أعْسر فَقتله فثارت بِمَكَّة غبرة حَتَّى لم تبصر لَهَا الْجبَال. الأكشف: الَّذِي لَهُ فِي قصاص الناصية شَعرَات ثائرة وَقد يتشاءم بِهِ. وَمِنْه حَدِيث الْقَاسِم رَحمَه الله: إِنَّه سُئل عَن قتل الجان فَقَالَ: أَمر بقتل الأيم مِنْهُنَّ. الأيم والأين: مَا لطف مِنْهَا. وَيجمع على جنان وَنَظِيره غَائِط وغيطان وحائط وحيطان. زَمَنه الحَدِيث فِي كسح زَمْزَم أَن الْعَبَّاس قَالَ: يَا رَسُول الله إِن فِيهَا جنَّانا كَثِيرَة. وَمِنْه حَدِيث آخر: إِنَّه نهى عَن قتل الْجنان الَّتِي تكون فِي الْبَيْت. عَليّ بن الْحُسَيْن عَلَيْهِمَا السَّلَام. مدحه الفرزدق فَقَالَ: ... فِي كَفه جهنى رِيْحُهُ عَبِقٌ ... مِنْ كَفِّ أَرْوَعَ فِي عِرْنِيِنه شمم ...
جنه قَالَ القتيبى: الْجُهَنِىّ: الخيزران. ومعرفتي بِهَذِهِ الْكَلِمَة عَجِيبَة وَذَلِكَ أَن رجلا

(1/239)


من أَصْحَاب الْغَرِيب سَأَلَني عَنهُ فَلم أعرفهُ فَلَمَّا أخذت من اللَّيْل مضجعي أَتَانِي آتٍ فِي الْمَنَام فَقَالَ لي: أَلا أخْبرته عَن الْجُهَنِيّ قلت: لم أعرفهُ. قَالَ: هُوَ الخيزران فَسَأَلته شَاهدا فَقَالَ: هَدِيَّة طرفنه. فِي طبق مجنَّه. فهببت وَأَنا أَكثر التَّعَجُّب فَلم ألبث إِلَّا يَسِيرا حَتَّى سَمِعت من ينشد: ... فِي كَفه جهنى ... ... . ... وَكنت أعرفهُ: فِي كَفه خيزران ... . مُجَاهِد رَحمَه الله قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {مَتَاعا لكم وللسيارة} أجناب النَّاس كلهم.
حنب هم الغرباء الْوَاحِد جُنُب. قَالَت الخنساء: ... ابكي أَخَاك لأَيْتَامٍ وأَرْملة ... وابكي أَخَاك إِذا جاورْتِ أجنابا ...
جنق الْحجَّاج: نصب على الْبَيْت منجنيقين ووكل بهما جانقين فَقَالَ أحد الجانقين عَن رميه: ... خَطَّارَةٌ كالجملِ الفَنِيقِ ... أَعْدَدتُها للمَسْجِد العَتِيق ... الجانق: الرَّامِي بالمنجنيق وَقد جنق يجنق. وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو عَليّ الْفَارِسِي: الْمِيم فِي منجنيق أصل وَالنُّون الَّتِي تلِي الْمِيم زَائِدَة فَأَما جنق فَفِيهِ بعض حُرُوف المنجنيق وَلَيْسَ مِنْهُ كَقَوْلِهِم: لأل وَلَيْسَ من اللُّؤْلُؤ والمنجنيق مُؤَنّثَة وَلِهَذَا قَالَ خطارة شبهها بالفحل ووصفها بِمَا يُوصف بِهِ من الخطران وَهُوَ تحريكه ذَنبه للصيال أَو للنزاء. والفنيق: الْفَحْل وَيجمع على فنق وافناق. فِي الحَدِيث الْجَانِب المستغزر يُثَاب من هِبته. الْجَانِب: الْغَرِيب. والمستغزر من استغزر الرجل: إِذا طلب أَكثر ماى أعْطى. وَالْمرَاد أَن الرجل الْغَرِيب إِذا أهْدى إِلَيْك شَيْئا لتكافئه وتزيده فأثبه من هديته وزده.

(1/240)


لَا جنب فِي (جلّ) . جناب الهضب فِي (نَص) . بالجنبة فِي (كس) . [أخفوا] الجنن فِي (زن) . ظهر الْمِجَن فِي (كل) . جانبيه فِي (قح) .
الْجِيم مَعَ الْوَاو
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم: قَالَ حمل بن مَالك بن النَّابِغَة: إِنِّي كنت بَين جارتين لي فَضربت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى بمسطح فَأَلْقَت جَنِينا مَيتا وَمَاتَتْ فَقضى بدية المقتولة على عَاقِلَة القاتلة وَجعل فِي الْجَنِين غُرَّة عبدا أَو أمة.
جور كنوا عَن الضرة بالجارة تطيرا من الضَّرَر. وَحكى أَنهم كَانَ يكْرهُونَ أَن يَقُولُوا: ضرَّة وَيَقُولُونَ: إِنَّهَا لَا تذْهب من رزقها بِشَيْء. وَمِنْه حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: إِنَّه كَانَ ينَام بَين جارتيه. المسطح: عَمُود الخباء لِأَنَّهُ يسطح بِهِ أَي يمد. الْعَاقِلَة: الْقَرَابَة الَّتِي تعقل عَن الْقَاتِل أَي تُعْطِي الدِّيَة من قبله. غرَّة: أَي رَقِيقا أَو مَمْلُوكا ثمَّ أبدل مِنْهُ عبدا أَو أمة. قَالَ ابْن الْأَحْمَر: ... إنْ نَحن إلاّ أُناس أهل سَائمةٍ ... مَا إنْ لَنَا دونهَا حَرْث وَلَا غُرَر ... أَي أرقاء. وَقَالَ آخر: ... كلُّ قَتيلٍ فِي كُلَيْبِ غُرّه ... أَي هم كالمماليك فِي جنبه وَإِنَّمَا قيل للرقيق غرَّة لِأَنَّهُ غرَّة مَا يملك: أَي خَيره وأفضله. وَقيل: أُطلق اسْم الْغرَّة وَهِي الْوَجْه على الْجُمْلَة كَمَا قيل: رَقَبَة وَرَأس فَكَأَنَّهُ قيل: جعل فِيهِ نسمَة عبدا أَو أمة. وَقيل: أَرَادَ الْخِيَار دون الرذُّال. وَعَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء: لَوْلَا أَن رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ بالغرة

(1/241)


معنى لقَالَ: فِي الْجَنِين عبدا أَو أمة وَلكنه عَنى الْبيَاض وَلَا يقبل فِي الدِّيَة إِلَّا غُلَام أَبيض أَو جَارِيَة بَيْضَاء. قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: كَانَ إِذا دخل علينا لبس مجولا.
جول هُوَ ثوب يثنى ويخاط أحد شقيه وَيجْعَل لَهُ جيب يلبس ويجال بِهِ فِي الْبَيْت. إِن رجلا قَالَ لَهُ: يَا رَسُول الله إِنَّا قوم نتساءل أَمْوَالنَا. فَقَالَ: يسْأَل الرجل فِي الْجَائِحَة والفتق فَإِذا اسْتغنى أَو كرب استعف. الْجَائِحَة: اسْم فاعلة من حَاجته تجوحه: إِذا استأصلته وَهِي الْمُصِيبَة الْعَظِيمَة فِي المَال الَّتِي تهلكه. وَمِنْه حَدِيثه: إِنَّه أَمر بِوَضْع الجوائح. قيل: هِيَ كل مَا أذهب الثَّمَرَة أَو بَعْضهَا من أَمر سماوي بِغَيْر جِنَايَة آدَمِيّ. وَتَقْدِيره بِوَضْع ذَوَات الجوائح أَي بِوَضْع صدقَات ذَات الجوائح فَحذف الاسمان وَنَظِيره قَوْله: ... وناقتي النَّاجِي إِلَيْك بَريدها ... قَالَ أَبُو على: أَي ذُو سير [135] ريدها. الفتق: أَن تقع الْحَرْب بَين فريقين فَتَقَع بَينهم الدِّمَاء والجراحات فيتحملها رجل ليصلح بَينهم فَيسْأَل فِيهَا حَتَّى يُؤَدِّيهَا. وَقيل: هُوَ الجدب والشدة. كرب: قرب من ذَلِك. قَالَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم: اسْتَحْيوا من الله. ثمَّ قَالَ: الاستحياء من الله أَلا تنسوا الْمَقَابِر والبلى وَألا تنسوا الْجوف وَمَا وعى والا تنسوا الرَّأْس وَمَا احتوى

(1/242)


جَوف مَا وعاه الْجوف وَهُوَ دَاخل الْبَطن: الْمَأْكُول والمشروب. وَمَا احتواه الرَّأْس: السّمع وَالْبَصَر وَاللِّسَان. وَالْمعْنَى: الْحَث على الْحَلَال من الرزق وَاسْتِعْمَال هَذِه الْجَوَارِح فِيمَا رضى الله اسْتِعْمَالهَا فِيهِ. دخل صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم على عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا وَعِنْدهَا رجل فَقَالَت: إِنَّه أخي من الرضَاعَة. فَقَالَ: انظرن مَا إخوانكن فَإِنَّمَا الرضَاعَة من المجاعة.
جوع هِيَ الْجُوع وَفِي وَزنهَا وَمَعْنَاهَا المخمصة. وَالْمعْنَى أَن الرَّضَاع إِنَّمَا يعْتَبر إِذا لم يشْبع الرَّضِيع من جوعه إِلَّا اللَّبن وَذَلِكَ فِي الْحَوْلَيْنِ فَأَما رضَاع من يشبعه الطَّعَام فَلَا. جَاءَهُ قوم حُفَاة عُرَاة مجتابي النمار أُزراً بَينهم عامتهم من مُضر فَتغير وَجه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما رأى بهم من الْفَاقَة ثمَّ حث على الصَّدَقَة.
جوب أَي مقتطعى النمار وَهِي أكيسة من صوف واحدتها نمرة. أُزراً بَينهم: انتصابه على الْحَال من الضَّمِير فِي عُرَاة وَجعله حَالا من قوم غير ضَعِيف لِأَنَّهُ مَوْصُوف. أَتَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت: إِنِّي رَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن جَائِز بَيْتِي قد انْكَسَرَ. فَقَالَ: خيرٌ يرد الله غائبك. فَرجع زَوجهَا ثمَّ غَابَ وَرَأَتْ مثل ذَلِك فَلم تَجِد النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم فَوجدت أَبَا بكر فَأَخْبَرته فَقَالَ: يَمُوت زَوجك. فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: هَل قصصتها على أحد قَالَت: نعم. قَالَ: هُوَ كَمَا قيل لَك.

(1/243)


جوز الْجَائِز الَّذِي تُوضَع عَلَيْهِ أَطْرَاف الْعَوَارِض وَجمعه أجوزة وجوزان. الضِّيَافَة ثَلَاثَة أَيَّام فَمَا زَاد فَهُوَ صَدَقَة وجائزته يَوْمه وَلَيْلَته وَلَا يثوى عِنْده حَتَّى يحرجه. يثوى من الثواء: وَهُوَ الْإِقَامَة. الإحراج: التَّضْيِيق. وَالْمعْنَى أَنه يحتفل لَهُ فِي الْيَوْم الأول وَيقدم إِلَيْهِ مَا حَضَره فِي الثَّانِي وَالثَّالِث وَهُوَ فِيمَا وَرَاء ذَلِك مُتَبَرّع إِن فعل فَحسن وَإِلَّا فَلَا بَأْس بِهِ كالمتصدق وعَلى الضَّيْف أَلا يُطِيل الْإِقَامَة عِنْده حَتَّى يضيق عَلَيْهِ. فِي الرَّهْط العرنيين: قدمُوا الْمَدِينَة فاجتووها فَقَالَ: لَو خَرجْتُمْ إِلَى إبلنا فأصبتم من أبوالها وَأَلْبَانهَا فَفَعَلُوا فصحوا فمالوا على الرعاء فَقَتَلُوهُمْ وَاسْتَاقُوا الْإِبِل وَارْتَدوا عَن الْإِسْلَام فَبعث فِي طَلَبهمْ قافة فأُتي بهم فَأمر فقُطعت أَيْديهم وأرجلهم وسَمَّل أَعينهم. وروى وَسمر أَعينهم. قَالَ أنس: فَلَقَد رَأَيْت أحدهم يكدم الأَرْض بِفِيهِ حَتَّى مَاتُوا عطشا.
جوى اجتواء الْمَكَان: خلاف تنعمه وَهُوَ أَلا تستمرىء طَعَامه وَشَرَابه وَلَا يوافقك. الْقَافة: جمع قائف وَهُوَ الَّذِي يقوف الْآثَار أَي يقفوها. سمل أَعينهم: أَي فقأها بحديدة محماة أَو غَيرهَا. وسمرها: أحمى لَهَا مسامير فكحلهم بهَا.

(1/244)


الكدم: العض. قيل: وَقع الترخيص فِي إِصَابَة بَوْل الْإِبِل للتداوى لهَؤُلَاء خَاصَّة ذَلِك فِي صدر الْإِسْلَام ثمَّ نُسخ. وَقيل: للمتداوي أَن يُصِيبهُ كَأَكْل الْميتَة لكسر عَادِية الْجُوع. وَأما الْمثلَة بهم فلأنهم كَانُوا مثلُوا بيسار مولى رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم فَقطعُوا يَده وَرجله وغرزوا الشوك فِي لِسَانه وَعَيْنَيْهِ فَأدْخل الْمَدِينَة مَيتا فجازاهم لقَوْله تَعَالَى: {فعَاقِبوا بمثلِ مَا عُوقبتم بِهِ} . نزل فِي قَتْلَى أُحد ومثلة الْمُشْركين بهم وَقَول الْمُسلمين عِنْد ذَلِك: لَئِن أظهرنَا الله عَلَيْهِم لنمثلن بهم أعظم مِمَّا مثلُوا. قَالَ لَهُ رجل: يَا رَسُول الله: أَي اللَّيْل أجوب دَعْوَة قَالَ: جَوف اللَّيْل الغابر.
جوب أجوب: كَأَنَّهُ فِي التَّقْدِير من جابت الدعْوَة بِوَزْن فعلت كطالت أَي صَارَت مستجابة كَقَوْلِهِم فِي فَقير وشديد: كَأَنَّهُمَا من فقر وشدد وَلَيْسَ ذَلِك بمستعمل. وَيجوز أَن يكون من جبت الأَرْض: إِذا قطعتها بالسير على معنى أمضى دَعْوَة وأنفذ إِلَى مظان التقبل والإجابة. عمر رَضِي الله عَنهُ لما قدم الشَّام أقبل على جمل عَلَيْهِ جلد كَبْش جونيّ وزمامه من خلب النّخل.
جون الجون: الْأسود وَقد يُقَال للأحمر: جون كَمَا يُقَال لَهُ: أسود. قَالَ فِي صفة الشقشقة: ... فِي جَوْنَةٍ كَقَفَدَانِ العطَّارْ ... وَالْيَاء للْمُبَالَغَة كَقَوْلِهِم: أحمرى وأسودى.

(1/245)


الخلب: الليف. عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام لِأَن أطلى بجواء قدر أحب إِلَى من أطلى بزعفران.
جوا جواء الْقدر: سوادها. وَهُوَ من قَوْلهم: كَتِيبَة جأواء. الْعين همزَة وَاللَّام وَاو. وَأَصله جئاء إِلَّا أَنه استثقلت همزتان بَينهمَا ألف فقلبت الأولى واوا كَمَا فِي ذوائب. سَأَلَهُ رجل عَن الْوتر فَلم يرد عَلَيْهِ شَيْئا وَقَامَ من جوز اللَّيْل ليُصَلِّي وَقد طرَّت النُّجُوم فَقَالَ: وَاللَّيْل إِذا عسعس وَالصُّبْح إِذا تنفس. أَيْن السَّائِل عَن الْوتر نعم سَاعَة الْوتر هَذِه
جوز جوز اللَّيْل: وَسطه. طرَّت النُّجُوم: طلعت [137] . وروى طرَّت: أَي أَضَاءَت من طررت السَّيْف: إِذا صقلته. ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أقْرض رجلا دَرَاهِم فَأَتَاهُ بهَا فَقَالَ حِين قَضَاهُ: إِنِّي قد تجودَّتها لَك من عطائي. فَقَالَ عبد الله: اذْهَبْ بهَا فاخلطها ثمَّ ائتنا بهَا من عرضهَا. التجود: تخير الأجود. الْعرض: الْجَانِب أَي خُذْهَا من جَانب من جوانبها من غير تخير. حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لقد تركنَا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم وَنحن متوافرون وَمَا منا أحد لَو فتش إِلَّا فتش عَن جَائِفَة أَو منقلة إِلَّا عمر وَابْن عمر.
جَوف ضرب الْجَائِفَة. وَهِي الطعنة الْوَاصِلَة إِلَى الْجوف والمنقلة: وَهِي الَّتِي ينْقل مِنْهَا الْعِظَام مثلا للمعايب.

(1/246)


وَفِي مَعْنَاهُ قَول جَابر: مَا منا أحد إِلَّا وَقد مَالَتْ بِهِ الدُّنْيَا إِلَّا عمر وَابْن عمر. سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن لكل امرىء جوانيا وبرانيا فَمن يصلح جوانيه يصلح الله برانيه وَمن يفْسد جوانيه يفْسد الله برانيه.
جوى الجواني: نِسْبَة إِلَى الجوّ وَهُوَ الْبَاطِن من قَوْلهم: جوّ الْبَيْت لداخله. والبراني: إِلَى الْبر وَهُوَ الظَّاهِر من قَوْلهم للصحراء البارزة: بروبرية وللباب الْخَارِج: براني. وَزِيَادَة الْألف وَالنُّون للتَّأْكِيد. وَالْمعْنَى أَن لكل امرىء سرًّا وشأناً بَاطِنا وعلناً وشأناً ظَاهرا. ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سِتَّة لَا يدْخلُونَ الْجنَّة فَذكر الجوَّاظ والجعثل والقتَّات. فَقيل لَهُ: مَا الجعثل فَقَالَ: الْفظ الغليظ.
جوظ جاظ الرجل جوظاً وجوظانا: إِذا اختال من سمن وَثقل فِي يدنه. وَمِنْه الجوَّاظ. وَقيل: هُوَ الجموع المنوع. الجعثل: مقلوب العثجل وَهُوَ الْعَظِيم الْبَطن. القتَّات: النمَّام شُرَيْح رَحمَه الله خَاصم إِلَيْهِ مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة رَحمَه الله غُلَاما لزياد فِي برذوية بَاعهَا وكفل لَهُ الْغُلَام فَقَالَ مُحَمَّد: حيل بيني وَبَين غريمي وَاقْتضى مَالِي مسمَّى واقتسم مَال غريمي دوني. فَقَالَ شُرَيْح: إِن كَانَ مجيزاً كفل لَك غرم وَإِن كَانَ اقْتضى لَك مَالك مسمَّى فَأَنت أَحَق وَإِن كَانَ الْغُرَمَاء أخذُوا مَاله دُونك فَهُوَ بَيْنكُم بِالْحِصَصِ.
جوز أَرَادَ بالمجيز: الْمَأْذُون لَهُ فِي التِّجَارَة لِأَنَّهُ يُجِيز الشَّيْء أَي يمضيه وينفذه بِسَبَب الْإِذْن لَهُ وَيُقَال للْوَلِيّ وَالْوَصِيّ: مجيز أَيْضا.

(1/247)


وَمِنْه حَدِيثه الآخر: إِذا بَاعَ المجيزان فَالْبيع للْأولِ وَإِذا أنكح المجيزان فَالنِّكَاح للْأولِ. اقْتضى مَالك مُسَمّى: أَي أَن تقاضاه وَقَبضه على اسْمك وعَلى أَنه لَك فَأَنت أَحَق بِهِ وَإِن كَانَ الْغُرَمَاء أخذو المَال دُونك فَأَنت غَرِيم كبعضهم وَلَك فِيهِ حصةٌ على قدر مَالك. عَطاء رَحمَه الله: سُئِلَ عَن المجاور إِذا ذهب للخلاء أيمر تَحت سقف قَالَ: لَا. قيل: أفيمر تَحت قبوٍ مقبوّ من لبن أَو حِجَارَة لَيْسَ فِيهِ عتب وَلَا خشب قَالَ: نعم.
جور المجاور: الْمُعْتَكف. القبو: الطاق. مقبو: مَعْقُود. وَمِنْه: كَانَ يُقَال لضم الْحَرْف قبو وحرف مقبو. العتب: الدرج. الْحجَّاج أَتَى بدرع حَدِيد فعُرضت عَلَيْهِ فِي الشَّمْس وَكَانَت الدرْع صَافِيَة فَجعل لَا يرى صفاءها فَقَالَ لَهُ الرجل وَكَانَ فصيحا: الشَّمْس جونة. وروى عرضهَا عَلَيْهِ فِي الشَّمْس فَقَالَ لَهُ الْحجَّاج: الشَّمْس جونة.
جون أَي نحها عَن الشَّمْس فقد قهرت لون الدرْع. والجونة هُنَا: الْبَيْضَاء الشَّدِيدَة الْبيَاض والجون من الأضداد. أاجيفوا فِي خم. لم تجز عَلَيْهِ فِي رح. الْمجِيد فِي ضم. جيدوا فِي عذ. ذِي الْمجَاز فِي عَن. أجون فِي قع. إِلَّا جوراً فِي نط. جَوْلَة فِي وَج. جوح الدَّهْر فِي عش. فجوب فِي فر. فسرت إِلَيْهِ جوادا فِي ذَر.

(1/248)


قِطْعَة الْجَائِز فِي رض. جوّفوه فِي قر. لَيْسَ لَك جول فِي حد. أجواز الْإِبِل فِي ضح. وتستجيل فِي صب.
الْجِيم مَعَ الْهَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ بِالْحُدَيْبِية فَأَصَابَهُمْ عَطش قَالَ: فجهشنا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
جهش يُقَال: جهش إِلَيْهِ وأجهش: إِذا فزع اليه كَأَنَّهُ يُرِيد الْبكاء فزع الصَّبِي إِلَى أَبَوَيْهِ. بَينا هُوَ فِي مسير لَهُ نزل بِأَرْض جِهَاد. وروى: بَينا هُوَ يسير على أَرض حرز مُجْدِبَة مثل الأيم فَقَالَ النَّاس: احبطوا فتفر ق النَّاس فجَاء بِعُود وَجَاء ببعرة حَتَّى ركموا فَكَانَ سواداً فَقَالَ: هَذَا مثل مَا تحقرون من أَعمالكُم.
جهد الْجِهَاد والجرز بِمَعْنى وَهِي الَّتِي لَا نَبَات بهَا وَلَا مَاء. الأيم: الْحَيَّة شبه بِهِ الأَرْض فِي ملامستها. السوَاد: السخص. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا رأيناكم جهرناكم.
جهر أَي وجدناكم عظاماً فِي الْأَعْين معجبة أجسامكم يُقَال: جهرني فلَان: راعني بجسمه وهيئته وجهرته: رَأَيْته كَذَلِك. مُحَمَّد بن مسلمة رَضِي الله عَنهُ: قصد يَوْم أُحد رجلا قَالَ: فجاهضني عَنهُ أَبُو سُفْيَان.
جهض أَي مَا نعنى وعاجلني بذلك. من قَوْلهم: أجهضته عَن كَذَا إِذا نحيته عَنهُ بعجلة. فِي الحَدِيث: من استجهل مُؤمنا فَعَلَيهِ إثمه. أَي حمله على الْجَهْل والسفه بشىء أغضبهُ فَأخْرجهُ من خُلُقه.

(1/249)


فجهجأه فِي حش. أجهضوهم فِي حو. لَا تُجهده فِي دع. واجتهر فِي سح. أجهشت فِي سا.
الْجِيم مَعَ الْيَاء
النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم عَن ابْن عمر: بعث رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم سَرِيَّة فَلَقوا الْعَدو فجاض الْمُسلمُونَ جيضة فَأتيت الْمَدِينَة فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله نَحن الْفَرَّارُونَ فَقَالَ: بل أَنْتُم العكاّرون وأنافئتكم. وروى: فَحَاص النَّاس حَيْصَة.
جيض وَمعنى الْكَلِمَتَيْنِ وَاحِد هُوَ الحيدودة حذرا. العكَّار: الكَّرار. ذهب فِي قَوْله: أنافئتكم إِلَى قَوْله تَعَالَى: {أَو مُتحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ} . يُمهد بذلك عذرهمْ فِي الْفِرَار. الْبَراء بن مَالك رَضِي الله عَنهُ: شهِدت الْمَدِينَة فكفونا أول أَو النَّهَار فَرَجَعت من الْعشي فوجدتهم فِي حَائِط فَكَأَن نَفسِي جَاشَتْ فَقلت: لَا وألت أفراراً من أول النَّهَار وجبنا آخِره فانقحمت عَلَيْهِم.
جَيش جَاشَتْ: ارْتَفَعت من الارتياع وغلت. وألت: نجوت. فَجَاشَ فِي خب. جيشات فِي دح. الجية فِي مخ. فتجيشت فِي حَيّ. [آخر الْجِيم وَللَّه الْحَمد والْمنَّة.]

(1/250)