الفائق في غريب الحديث
والأثر 4 - حرف الْعين
الْعين مَعَ الْبَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر هُوَ وَأَصْحَابه على إبل لحيٍّ
يُقَال لَهُم بَنو الملوح أَو بَنو المصطلق قد عبست فِي أبوالها من
السّمن فتقنع بِثَوْبِهِ ثمَّ مر لقَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تَمُدَّنَّ
عَيْنَيْكَ إلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ} .
عبس العبس لِلْإِبِلِ كالوذح للغنم وَهُوَ مَا يبس على مآخيرها من
الْبَوْل والثلط. وَمِنْه حَدِيث شُرَيْح رَحمَه الله: أَنه كَانَ
يردُّ من العبس. أَي كَانَ يردّ العَبْد البوّال فِي الْفرش الَّذِي
اُعْتِيدَ مِنْهُ ذَلِك حَتَّى بَان أَثَره على بدنه وَإِن كَانَ
شَيْئا يَسِيرا نَادرا لم يردهُ. وكما قَالُوا: وذحت الْغنم قَالُوا:
عبست [491] الْإِبِل وتعديته بفي لِأَنَّهُ أجْرى مجْرى انغمست
وَنَحْوه. إِن الله أذهب عَنْكُم عبِّيَّة الْجَاهِلِيَّة وَفَخْرهَا
بِالْآبَاءِ: مُؤمن تقيّ وَفَاجِر شقى.
عبب العبية: الكِبر وَلَا تَخْلُو من أَن تكون فعلية أَو فعوله فَإِن
كَانَت فعلية فَهِيَ من بَاب عباب المَاء وَهُوَ زخيره وارتفاعه كَمَا
قيل لَهُ الزهو من زهاه إِذا رَفعه والأبية بمعناها من الأُباب
بِمَعْنى العياب وَيجوز أَن يَكُونَا فعولة من الْعباب والأباب إِلَّا
أَن اللَّام قلبت يَاء كَمَا فِي تقضَّي الْبَازِي. وَالْأَظْهَر فِي
الأًبية أَن تكون فعولة من الإباء. والعمية أَيْضا فعيلة من العمم
وَهُوَ الطول والطول والارتفاع من وَاد وَاحِد. والمتكبر يُوصف بالترفع
والتطاول وَيجوز أَن تكون فعولة من الْعَمى لِأَنَّهُ يُوصف
(2/384)
5 - بالسدر والتخمط وركوب الرَّأْس. وَإِن
كَانَت أَعنِي العبية فعولة فَهِيَ من عبَّاه إِذا هيأه لِأَن المتكبر
ذُو تكلّف وتعبئة خلاف من يسترسل على سجيته وَلَا يتصنع. وَالْكَسْر
فِي العبية لُغَة. مُؤمن: خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف وَالْمعْنَى أَنْتُم
أَو النَّاس مُؤمن وَفَاجِر أَرَادَ: أَن النَّاس رجلَانِ إِمَّا كريم
بالتقوى أَو لئيم بِالْفُجُورِ فالنسب بمعزل من ذَلِك. إِن جهيش بن
أَوْس النَّخعِيّ رَضِي الله عَنهُ قدم عَلَيْهِ فِي نفر من أَصْحَابه
فَقَالَ: يَا نبى الله إِنَّا حيّ من مذْحج عباب سالفها ولباب شرفها
كرام غير أبرام نجباء غير دحَّض الْأَقْدَام وكأين قَطعنَا إِلَيْك من
دوية سربخ وديمومة صردح وتنوفة صحصح يضحى أعلامها قامسا ويُمسي سرابها
طامساً على حراجيج كَأَنَّهَا أخاشب بالحومانة مائلة الأرجل وَقد
أسلمنَا على أَن لنا من أَرْضنَا ماءها ومرعاها وهدابها. فَقَالَ
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اللَّهُمَّ بَارك على مذْحج وعَلى
أَرض مذْحج حى حشد رفد زهر. فَكتب لَهُم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم كتابا على شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا
رَسُول الله. وإقام الصَّلَاة لوَقْتهَا وإيتاء الزَّكَاة بِحَقِّهَا
وَصَوْم شهر رَمَضَان فَمن أدْركهُ الْإِسْلَام وَفِي يَده أَرض
بَيْضَاء وَقد سقتها الأنواء فَنصف الْعشْر وَمَا كَانَت من أَرض
ظَاهِرَة المَاء فالعشر. شهد على ذَلِك عُثْمَان بن عَفَّان وَطَلْحَة
بن عبيد الله وَعبد الله بن أنيس الْجُهَنِيّ رَضِي الله عَنْهُم. عباب
المَاء: معظمه وارتفاعه وكثرته. ثمَّ استعير فَقيل: جَاءُوا يعب
عبابهم. وَقَالَت دختنوس: [بنت حَاجِب بن زُرَارَة] ... فَلَو شهد
الزَّيْدان زيد بن مَالك ... وَزيد مَنَاة حِين عب عبابها ...
وَالْمرَاد بسالفها من سلف من مذْحج أَو سلف من عزهم ومجدهم يُرِيد
أَنهم أهل سَابِقَة وَشرف.
(2/385)
6 - واللباب: الْخَالِص. الأبرام: الَّذين
لَا يدْخلُونَ فِي الميسر وهم موسرون لبخلهم الْوَاحِد برم كَأَنَّهُ
سمى بمصدر برم بِهِ إِذا ضجر وغرض لأَنهم كَانُوا يضجرون مِنْهُ وَمن
فعله أَو بثمر الْأَرَاك وَهُوَ شَيْء لَا طعم لَهُ من حلاوة وَلَا
حموضة وَلَا معنى لَهُ. الدُّحَّض: جمع داحض أَي لَيْسُوا مِمَّن لَا
ثبات لَهُ وَلَا عَزِيمَة أَو لَيْسُوا بساقطي الْمَرَاتِب زالين عَن
علو الْمنَازل. كأين فِيهَا عدَّة لُغَات ذكرتها فِي كتاب الْمفصل
وَهِي فِي أَصْلهَا مركبة من كَاف التَّشْبِيه وأيّ. الدوّ: الصحواء
الَّتِي لَا نَبَات فِيهَا. قَالَ ذُو الرمة: ... ودَوٍّ كَكَفِّ
المُشْتَرِي غير أنَّها ... بِساطٌ لأخماس الْمَرَاسِيل واسِع ...
والدوية منسوبة إِلَيْهَا وتبدل من الْوَاو المدغمة الْألف فَيُقَال:
داوية إبدالاً غير قياسي كَقَوْلِهِم طائي وحاريّ. السربخ: الواسعة.
الديمومة: يَجْعَلهَا بَعضهم فعلولة من الدَّوَام ويفسرها بالمتقاذفة
الأرجاء الَّتِي يَدُوم فِيهَا السّير فَلَا يكَاد يَنْقَطِع وَيَزْعُم
الْيَاء منقلبة عَن وَاو تَخْفِيفًا. وَبَعْضهمْ فيعولة من دممت الْقدر
إِذا طليتها بالطحال والرماد. وَيَقُول: هِيَ المشتبهة الَّتِي لَا
معلم بهَا فمسالكها مغطاة على سالكها كَمَا يغطى الدمام أثر مَا شعبته
مِنْهَا. الصَّردح: المستوية. التنوفة: الْمَفَازَة وَيُقَال التنوفية
للْمُبَالَغَة كالأحمري. وتاؤها أصل ووزنها فعولة وَلَو زعم زاعم
أَنَّهَا تفعلة كالتهلكة والتدملة من نافت تنوف إِذا طَالَتْ
وَارْتَفَعت لردَّ زعمته أَمْرَانِ: أَحدهمَا أَن حقَّها لَو كَانَت
كَمَا زعم أَن تصح كَمَا صحت التدورة لكَون الزنة وَالزِّيَادَة
موجودتين فِي الْفِعْل وَالثَّانِي قَوْلهم: تنائف تنف أَي بعيدَة
وَاسِعَة الْأَطْرَاف قَالَ العجاج: ... رمل تنوفات فيغشى التّنفا ...
مواصلاً مِنْهَا قِفافاً قففا ...
(2/386)
7 - ذكر سِيبَوَيْهٍ أَن أفعالاً يكون
للْوَاحِد وَأَن بعض الْعَرَب يَقُول: هُوَ الْأَنْعَام وَاسْتشْهدَ
بقوله تَعَالَى {وَإنَّ لكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ
مِمَّا فِي بُطُونِهِ} وَعَلِيهِ جَاءَ قَوْله: يُضحي أعلامها قامساً.
وقمس وغمس أَخَوان. وَمِنْه قَوْلهم فى الْمثل أحوتا تقامس والقماس:
الغواص. وَالْمرَاد انغماس الْأَعْلَام فِي السراب. وَنَظِير القامس
المَاء الدافق فِي مَجِيئه بِمَعْنى الْمَفْعُول. طمس يتَعَدَّى وَلَا
يتَعَدَّى أَي يطمس سرابها القيزان. قَالَ: ... بيد ترى قِيزَانَهُنَّ
طُمَّسا ... بَوَادِياً مَراًّ ومَراًّ قُمَّسا ... [498] الحرجوج:
الطَّوِيلَة على وَجه الأَرْض. وَعَن أبي عَمْرو أَنَّهَا الضامرة
كالحرج. وَالْجِيم مكررة. الأخشب: الْجَبَل الخشن الغليظ الْحِجَارَة.
الحومانة: الأَرْض الغليظة المنقادة وَالْجمع حوامين. الهداب بِمَعْنى
الهدب: الْوَرق الذى لم ينبسط كورق الأرطى والأثل والطرفاء وَأَرَادَ
الشّجر الَّذِي هَذَا ورقه. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مذْحج أكمة ولد
عَلَيْهَا أَبُو هَذِه الْقَبِيلَة فَسُمي بهَا. وَعَن قطرب أَنَّهَا
أكمة حَمْرَاء بِالْيمن وَهِي مفعل من ذحجة إِذا سحجه وَيُقَال: ذحجته
الرّيح إِذا جررته من مَوضِع إِلَى مَوضِع. الحُشَّد: جمع حاشد يُقَال
حشدهم يحشدهم إِذا جمعهم. والرفد: جمع رافد وَهُوَ الْمعِين أَي إِذا
حزب أَمر حشد بَعضهم بَعْضًا وتساندوا وتظاهروا وصاروا يدا وَاحِدَة
وهم معاوين فِي الخطوب. الأنواء: نُجُوم الأمطار. إِنَّمَا ألزمهم نصف
الْعشْر فِيمَا سقته السَّمَاء وَمَا سقِِي سيحاً وَمَا سقته السَّمَاء
سيان فِي وجوب العُشر بِكَمَالِهِ إِلَّا مَا سُقي بغرب أَو دالية (7)
لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
(2/387)
8 - فِيمَا سقت السَّمَاء العُشر وَمَا
سُقي بالرِّشاء فَفِيهِ نصف العُشر لِأَنَّهُ أَرَادَ تأليفهم على
الْإِسْلَام. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يسْجد على عبقرى.
عبقر هُوَ ضرب من الْبسط الموشية. وعبقر: يُقَال إِنَّهَا من بِلَاد
الْجِنّ فينسب إِلَيْهَا كل شَيْء يونق ويستحسن ويستغرب كَأَنَّهُ من
صَنْعَة الْجِنّ حَتَّى قَالُوا: ظلم عبقريّ. عَليّ رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ قيل لَهُ: أَنْت أمرت بقتل عُثْمَان أَو أعنت على قَتله
فعبِدَ وضمِدَ.
عبد عبد وأبد وأمد ورمد وَعمد وضمد كلهَا بِمَعْنى غضب. قَالَ
النَّابِغَة: ... ومَنْ عصاك فعاقِبْهُ معاقبة ... تَنْهَى الظَّلُومَ
وَلَا تقعدْ على ضَمَد ... ابْن سِيرِين رَحمَه الله كَانَ يَقُول:
إِنِّي أعتبر الحَدِيث.
عبر أَرَادَ أَنه تَأَول الرُّؤْيَا بِالْحَدِيثِ كَمَا تَأَول
بِالْقُرْآنِ مِثَال ذَلِك يعبِّر الْغُرَاب بِالرجلِ الْفَاسِق والضلع
بِالْمَرْأَةِ لِأَن النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمى الْغُرَاب
فَاسِقًا. وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْمَرْأَة خلقت
مَعَ ضلع عوجاء.
عبرب الْحجَّاج قَالَ لطباخه: اتخذ لنا عبربية وَأكْثر فيجنها وروى:
دوفصها العبرب: السماق. والفيجن: السداب. والدوفص (بِالْفَاءِ) : البصل
الأملس الْأَبْيَض وبالميم الْبيض الَّذِي يلبس. العباهلة فِي (اب) .
معبلة فِي (لع) . أعبلة فِي (كد) . عَابِر فِي (كن) . إِن يعبطوا فِي
(شو) . المعابل فِي (عل) . اعتبط فِي (رب) . عبقريا فِي (غر) . عبداؤك
فِي (قح) . لعبابها فِي (سج) . لم تعبل فى (سر) . [فعبط فى (ظا) .
معبوطة فِي (سنّ) . اعتبد فِي (دب) . بعبير فِي (تو) . عَنْبَسَة فِي
(ثغ) من العب فى (كب) ] . .
(2/388)
9 - الْعين مَعَ التَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرجت إِلَيْهِ أم كُلْثُوم بنت عقبَة
وَهِي عاتق [498] فَقبل هجرتهَا وَأَقْبل أَبُو جندل يرسف فى الْحَدِيد
فَرده إِلَى أَبِيه.
عتق العاتق: الشَّابَّة أول مَا أدْركْت. ويحكى أَن جَارِيَة قَالَت
لأَبِيهَا: اشْتَرِ لي لوطا أغطي بِهِ فرعي فَإِنِّي قد عتقت. أَي
رِدَاء أستر بِهِ شعري فَإِنِّي قد أدْركْت. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي:
إِنَّمَا سميت عاتقا لِأَنَّهَا عتقت من الصِّبَا وَبَلغت أَن تزوج
كَانَ هَذَا بعد مَا صَالح قُريْشًا فَلم يخْش معرّتهم على أبي جندل
وَلم يَسعهُ رد أم كُلْثُوم إِلَى الْكفَّار لقَوْله تَعَالَى: {فَلاَ
تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الكُفَّار} . عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ
بَينا أَنا وَأَبُو عُبَيْدَة وسلمان جُلُوسًا نَنْتَظِر رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج علينا فِي الهجير مَرْعُوبًا فَقَالَ: أوه
لفراخ مُحَمَّد من خَليفَة يسْتَخْلف عتريف مترف يقتل خلفى وَخلف
الْخلف.
عترف العتريف والعتريس: الغاشم وَقيل هُوَ قلب عفريت. يتَأَوَّل على
مَا جرى من يُرِيد فِي أَمر الْحُسَيْن وعَلى أَوْلَاد الْمُهَاجِرين
وَالْأَنْصَار يَوْم الْحرَّة وهم خَلَف الخَلَف رَضِي الله عَنْهُم.
ندب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّاس إِلَى الصَّدَقَة فَقيل لَهُ: قد
منع أَبُو جهم وخَالِد بن الْوَلِيد وَالْعَبَّاس. فَقَالَ أما أَبُو
جهم فَلم ينقم منا إِلَّا أَن أغناه الله وَرَسُوله من فَضله وَأما
خَالِد فَإِنَّهُم يظْلمُونَ خَالِدا إِن خَالِدا جعل رَقِيقه وأعتده
حبسا فِي سَبِيل الله وَأما الْعَبَّاس فَإِنَّهَا عَلَيْهِ وَمثلهَا
مَعهَا. الأعتد: جمع عتاد وَهُوَ أهبة الْحَرْب من السِّلَاح وَغَيره
وَيجمع أعتدة أَيْضا. فِيهِ مَعْنيانِ: أَحدهمَا أَن يُؤَخر عَنهُ
الصَّدَقَة عَاميْنِ لحَاجَة إِلَى ذَلِك وَنَحْوه مَا يُروى عَن عمر
أَنه أخر الصَّدَقَة عَام الرَّمَادَة فَلَمَّا أَحْيَا النَّاس فِي
الْعَام الْمقبل أَخذ مِنْهُم صَدَقَة عَاميْنِ. وَالثَّانِي: أَن
يتنجز مِنْهُ صَدَقَة عَاميْنِ ويعضده مَا روى أَنه قَالَ: إِنَّا
تسلّفنا من الْعَبَّاس صَدَقَة عَاميْنِ وروى: إِنَّا تعجلنا.
(2/389)
0 - وَمثلهَا ينصب على اللَّفْظ وَيرْفَع
على الْمحل. إِن سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ غرس كَذَا وَكَذَا
ودية والنبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يناوله وَهُوَ يغْرس فَمَا عتمت
مِنْهَا ودية.
عتم أَي مَا أَبْطَأت أَن علقت يُقَال: مَا عتَّم أَن فعل إِذا لم
يلبث. قَالَ أَوْس: ... فَمَا إنّا إِلَّا مُسْتَعِدّ كَمَا تَرَى ...
أَخُو شُرَكِيّ الوِرْد غير مُعَتَّم ... لَا يغلبنكم الْأَعْرَاب على
اسْم صَلَاتكُمْ الْعشَاء وَإِنَّمَا يعتم بحلاب الْإِبِل. أَي
إِنَّمَا يُسمى حلاب الْإِبِل عتمة. والحلاب: مَا يحلب من اللَّبن.
وَالْعَتَمَة: اسْم للْوَقْت فَسمى بهَا مَا يحلب فِيهَا كَمَا سمِّيت
الصَّلَوَات بأسماء أَوْقَاتهَا الَّتِي تُصلى فِيهَا فَيُقَال: خليت
[5] الظّهْر وَالْعصر وَالْعشَاء. وَأهل البدو كَانُوا يسمون صَلَاة
الْعشَاء الْعَتَمَة فَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن
يُقتدى بهم فِي هَذِه التَّسْمِيَة الْخَارِجَة على ألسنهم وَاسْتحبَّ
التَّمَسُّك بِالِاسْمِ النَّاطِق بِلِسَان الشَّرِيعَة وَهُوَ من أعتم
الْقَوْم إِذا دخلُوا فِي الْعَتَمَة لِأَنَّك إِذا سميت اللَّبن بعتمة
فقد جعلته مَعْنَاهَا والمعاني دَاخِلَة تَحت الْأَسْمَاء مودعة
إِيَّاهَا. أَنا ابْن العواتك من سليم.
عتك هن عَاتِكَة بنت هِلَال بن فالج بن ذكْوَان وهى أم عبد منَاف بن
قصي. وعاتكة بنت مرّة بن هِلَال بن فالج بن ذكْوَان وَهِي أم هَاشم بن
عبد منَاف. وعاتكة بنت الأوقص ابْن مرّة بن هِلَال بن فالج بن ذكْوَان
وَهِي أم وهب أبي آمِنَة أم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وذكوان
من أَوْلَاد سليم بن مَنْصُور بن عِكْرِمَة بن خصفة بن قيس عييلان.
وَبَنُو سليم تَفْخَر بأَشْيَاء مِنْهَا أَن لرَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فيهم هَذِه اولادات وَمِنْهَا أَنَّهَا كَانَت مَعَه
يَوْم فتح مَكَّة وَأَنه قدم لواءهم على الألوية وَكَانَ أَحْمَر.
(2/390)
وَمِنْهَا أَن عمر كتب إِلَى الْكُوفَة
وَالْبَصْرَة وَالشَّام ومصر أَن ابْعَثُوا إِلَى من كل بلد بأفضله
رجلا فَبعث أهل الْبَصْرَة بمجاشع بن مَسْعُود السّلمِيّ وَأهل
الْكُوفَة بِعتبَة بن فرقد السّلمِيّ وَأهل الشَّام بِأبي الْأَعْوَر
السّلمِيّ وَأهل مصر بمعن بن يزِيد ابْن الْأَخْنَس السّلمِيّ. أَبُو
بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يلقب بعتيق.
عتق قيل: لقب بذلك لعتق وَجهه وجماله. وَقيل: لقَوْل رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْت عَتيق الله من النَّار وَقيل إِن تلاد
اسْمه عَتيق. وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا كَانَ لأبي قُحَافَة
ثَلَاثَة من الْوَلَد فسماهم: عتيقا ومعتقا ومعيتقا. عمر رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ قَالَ لعبد الله بن مَسْعُود حِين بلغه أَنه يقرىء
النَّاس: عتَّى حِين [يُرِيد حَتَّى حِين] : إِن الْقُرْآن لم ينزل
بلغه هُذَيْل فأقرىء النَّاس بلغه قُرَيْش.
عتى [قَالَ] الْفراء: حَتَّى لُغَة قُرَيْش وَجَمِيع الْعَرَب إِلَّا
هذيلا وثقيفا فَإِنَّهُم يَقُولُونَ عتَّى. قَالَ: وأنشدني بعض أهل
الْيَمَامَة: ... لَا أضعُ الدَّلو وَلَا أصلى ... عتى أرى جلتها تولى
صوادر مِثْلَ قِباب التَّلِّ ... وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: من الْعَرَب
من يَقُول: أقِم عني عتى آتِيك وأتى آتِيك بِمَعْنى حَتَّى آتِيك وَهِي
لُغَة هُذَيْل. وَمن معاقبة الْعين الْحَاء قَوْلهم: الدعداع فِي
الدحداح (7) والعفضاج فِي الحفضاج وتصوَّع فِي تصوَّح وَجِيء بِهِ من
عسك وحسك والعثالة بِمَعْنى الحثالة.
(2/391)
وَبَين الْعين والحاء من الْقرب مَا
لَوْلَا بحة فِي الْحَاء لكَانَتْ عينا كَمَا أَنه لَوْلَا إطباق فِي
الصَّاد لكَانَتْ سينا وَلَوْلَا إطباق فِي الظَّاء لكَانَتْ ذالاً. [5
1] ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا كَانَ إِمَام تخَاف
عترسته فَقل: اللَّهُمَّ رب السَّمَوَات السَّبع وَرب الْعَرْش
الْعَظِيم كن لي جارا من فلَان.
عترس العتريس: الْجَبَّار الغضبان وَقد عترس عترسة. والعنتريس:
النَّاقة الصلبة الجريئة فنعليل من ذَلِك. سلمَان رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ كَانَ عتب سراويله فتشمر.
عتب التعتيب: أَن تجمع الْحُجْرَة وتطويها من قُدَّام وَهُوَ من قَوْلك
عتَّب عتبات إِذا اتخذ مرقيات لِأَنَّهُ إِذا فعل ذَلِك بسراويله فقد
رَفعهَا وَيجوز أَن يكون من قَوْلهم: عتب فلَان فِي الحَدِيث إِذا جمعه
فِي كَلَام قَلِيل. الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى إِن رجلا حلف أيمانا
فَجعلُوا يعاتُّونه فَقَالَ: عَلَيْهِ كَفَّارَة.
عَتَتْ أى يرادونه فيكرر الْحلف وَلَا يقبلُونَ مِنْهُ فِي الْمرة
الْوَاحِدَة يُقَال: مَا زلت أُصاته وأُعاته أَي أخاصمه وأُراده وَهِي
مفاعلة من عته بِالْمَسْأَلَة إِذا ألح عَلَيْهِ بهَا. الزُّهْرِيّ
رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ فِي رجل أنعل دَابَّة رجل فعتبت أَو عنتت:
إِن كَانَ ينعل فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِن كَانَ ذَلِك تكلفاً
وَلَيْسَ من عمله ضمن.
عتب يُقَال للدابة المعقولة أَو الضالعة إِذا مشت على ثَلَاث
كَأَنَّهَا تقفز: عتبت عتابا قَالُوا: وَهَذَا تَشْبِيه كَأَنَّهَا
تمشي على عتبات الدرجَة فتنزو من عتبَة إِلَى عتبَة. عنتت: من الْعَنَت
وَهُوَ الضَّرَر وَالْفساد وَسمي الغمز عنتاً لِأَنَّهُ ضَرَر. وعتله
فِي (عص) . وَلَا عتيرة فِي (فر) . العترة فِي (فل) . وعترتي فِي (ثق)
.
(2/392)
3 - تعترسه فِي (صف) . عتمتها فِي (لق) .
العتلة فِي (رف) . والعتر فِي (سنّ) . [عتب فِي (جو) . عتبَة فِي (عص)
] .
الْعين مَعَ الثَّاء
النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن قُريْشًا أهل أَمَانَة من بغاها
العواثير كبته كَبه الله لمنخريه وروى: العواثر.
عثر العواثير: جمع عاثور وَهُوَ الْمَكَان الوعث لِأَنَّهُ يعثر فِيهِ
والعافور مثله من العفر وَهُوَ التُّرَاب كَأَنَّهُ يكب سالكه فيعفر
وَجهه أَو فاؤه بدل ثاء كَمَا قيل فوم فِي ثوم وفم فِي ثمَّ فاستعير
للورطة والخطة الموبقة فَقيل: وَقع فلَان فِي عاثور شرّ وعافور شَرّ
وَلَا تبغني عاثورا أَي لَا تحفر لي وَلَا تبغني شرا. وَقيل: العاثور
مصيدة تُتخذ من اللحاء. وَفِي العواثر وَجْهَان: أَحدهمَا أَنه جمع
عاثر وَهُوَ حباله الصَّائِد. وَالثَّانِي أَنه جمه عاثرة وَهِي
الْحَادِثَة الَّتِي تعثر بصاحبها من قَوْلهم: عثر بهم الزَّمَان إِذا
أدال مِنْهُم وأتعس جدَّهم وَيجوز أَن يُرَاد العواثير فَاكْتفى عَن
الْيَاء بالكسرة. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذَاك زمَان العثاعث.
عثعث هِيَ الشدائد من العثعثة [5 2] وَهِي الْإِفْسَاد. قَالَ العجاج:
... [وأمراؤ أفْسَدُوا وعَاثُوا] ... وعَثْعَثُوا فَكثر العَثْعَاثُ
... رَوَاهُ أَبُو زيد بِالْعينِ وَغَيره بِالْهَاءِ وَنَظِير العثاعث
التراتر والتلاتل للأمور الْعِظَام من الترترة والتلتلة وهما شدَّة
التحريك والعنف. ابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن نَابِغَة
[بني جعدة] امتدحه فَقَالَ [يصف جملا] ... أَتاكَ أَبُو لَيْلَى يجوبُ
بِهِ الدُّجَى ... دُجَى اللَّيْلِ جوَّابُ الفلاةِ عَثَمْثَمُ ...
(2/393)
4 - عثمثم هُوَ الْجمل الشَّديد القوى
والعجمجم مثله. الْأَحْنَف رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بلغه أَن رجلا
يغتابه فَقَالَ: عثيثة تقرم جلدا أملس.
عثث العثَّة: دويبة تلحس الصُّوف قَالَ: ... فإنْ تشتمونا على
لُؤمِكُمْ ... فقد يلحَس العُثّ مُلْس الأدَمْ ... قرم الشىء
بِأَسْنَانِهِ: قطعه مثل قرضه الْجلد الأملس مثلا لعرضه فِي بَرَاءَته
من الْعُيُوب والعثيثة لمن أَرَادَ أَن يقْدَح فِيهِ بالغيبة.
النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْأَعْضَاء إِذا انجبرت على غير
عثم صلح وَإِذا انجبرت على عثم فَالدِّيَة.
عثم يُقَال عثمت يَده فعثمت أَي جبرتها على غير اسْتِوَاء فجبرت
وَنَحْو ذَلِك وفرته فوفر ووقفته فَوقف ورجعته فَرجع. فِي الحَدِيث
أبْغض الْخلق إِلَى الله العثرى.
عثرى قيل هُوَ الَّذِي لَا فِي أَمر الدُّنْيَا وَلَا فِي أَمر
الْآخِرَة. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال جَاءَ فلَان عثرياًّ
يتبحلس إِذا جَاءَ فَارغًا وَهُوَ من قَوْلهم للعذي من النّخل أَو لما
يسقى سيحاً على خلاف بَين أهل اللُّغَة: العثريّ: لِأَنَّهُ لَا
يحْتَاج فِي سقيه إِلَى عمل بغرب أَو دالية. وَهُوَ من عثر على
الشَّيْء عثوراً وعثرا لِأَنَّهُ يهجم على المَاء بِلَا عمل من صَاحبه
كَأَنَّهُ نسب إِلَى العثر وحركت عينه كَمَا قيل فِي الحمض والرمل حمضي
ورمليّ. قَالَ مُسَيْلمَة الْكذَّاب: عثنوا لَهَا.
(2/394)
5 - عثن أَي بخِّروا لَهَا من العثان
وَهُوَ الدُّخان الَّذِي لَا لَهب لَهُ وَالضَّمِير لسجاح المتنبئة
قَالَ ذَلِك حِين أَرَادَ الإعراس بهَا عَثْرَة فى (عص) عثان فى (ف)
[عثْكَالًا فِي (خد) .] .
الْعين مَعَ الْجِيم
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْعَجْوَة من الْجنَّة وَهِي شِفَاء
من السم.
عجو هِيَ تمر بِالْمَدِينَةِ من غرس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ: ... خَلَطَتْ بِصَاع الأَقْطِ صَاعَيْنِ عجْوَةً ... إِلَى صَاع
سمن وَسطهَا يتربع ... قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كنت يَتِيما
وَلم أكن عجيا.
عجى هُوَ الَّذِي لَا لبن لأمه أَو مَاتَت فعلل بِلَبن غَيرهَا أَو
بِشَيْء آخر فأورثه ذَلِك وَهنا وَقد عجاه يعجوه إِذا علله. قَالَ
الْأَعْشَى: ... قد تَعادى عَنهُ النَّهَارُ فَمَا تعجوه إِلَّا عفافة
أَو فُوُاقُ ... [5 3] وَقَالَ النَّصْر: عجى الصَّبِي يعجى عجيً إِذا
صَار عجياً أَي محثلاً (7) . وَقيل عجت الْأُم وَلَدهَا إِذا أخرت
رضاعه عَن وقته.
عجم العجماء جَبَّار والبئر جَبَّار والمعدن جَبَّار وَفِي الرِّكَاز
الْخمس. هِيَ الْبَهِيمَة لِأَنَّهَا لَا تَتَكَلَّم. وَمِنْهَا قَول
الْحسن رَحمَه الله: صَلَاة النَّهَار عجماء لِأَنَّهَا لَا تُسمع
فِيهَا قِرَاءَة. وَكَذَلِكَ قَوْله رَحمَه الله: من ذكر الله فِي
السُّوق كَانَ لَهُ من الْأجر بِعَدَد كل فصيح فِيهَا وأعجم. قيل:
الفصيح: الْإِنْسَان والأعجم: الْبَهِيمَة.
(2/395)
6 - الْجَبَّار: الهدر يُقَال: ذهب دَمه
جباراً. وَالْمعْنَى أَن جنايتها هدر قَالُوا: هَذَا إِذا لم يكن لَهَا
سائق وَلَا قَائِد وَلَا رَاكب فَإِن كَانَ لَهَا أحدهم فَهُوَ ضَامِن
لِأَنَّهُ أَوْطَأَهَا النَّاس. وَأما الْبِئْر فَهُوَ أَن يسْتَأْجر
صَاحبهَا من يحفرها فِي ملكه فتنهار على الْحَافِر أَو يسْقط فِيهَا
إِنْسَان فَلَا يضمن. وَقيل: هِيَ الْبِئْر العادية فِي الفلاة إِذا
وَقع فِيهَا إِنْسَان ذهب هدرا. وَأما الْمَعْدن فَإِذا انهار على
الحفرة المستأجرين فهم هدر. والركاز عِنْد أهل الْعرَاق الْمَعْدن
وَمَا يسْتَخْرج مِنْهُ فِيهِ الخُمس لبيت المَال وَالْمَال المدفون
العادي فِي حكمه. والركاز عِنْد أهل الْحجاز المَال المدفون خَاصَّة
والمعادن لَيست بركاز وفيهَا مَا فى أَمْوَال المسليمن من الزَّكَاة
سَوَاء. وصف الْبَراء بن عَازِب رضى الله عَنهُ السُّجُود فَبسط
يَدَيْهِ وَرفع عجيزته وخوّى وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم يسْجد.
عجز العجيزة للْمَرْأَة خَاصَّة وَالْعجز لَهما. وعجزت إِذا عظمت
عجيزتها وَهِي عجزاء وَلَا يُقَال: عجز الرجل وَلَا رجل أعجز وَلَكِن
آليّ وَعَن الزّجاج تسويغ الأعجز وَإِنَّمَا قَالَ عجيزته على طَرِيق
الِاسْتِعَارَة كَمَا اسْتعَار الثفر للثورة وَهُوَ للحافر من قَالَ:
... [جزَى اللهُ عَنَّا الأَعورَيْن ظلامة] ... وفَرْوة الثَّوْرة
المُتضَاجمِ ... والتخوية: أَن تجْعَل بَينه وَبَين الأَرْض خواء أَي
هَوَاء وفجوة. وخواء الْفرس مَا بَين يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ من
الْهَوَاء. قَالَ أَبُو النَّجْم (7) : ... ويضل الطيرُ فِي خَوائِه
...
(2/396)
7 - قَالَت أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى
عَنْهَا: كَانَ النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينهانا أَن نعجم
النَّوَى طبخا وَأَن نخلط التَّمْر بالزبيب.
عجم أَرَادَ أَن التَّمْر إِذا طُبخ لتؤخذ حلاوته طُبخ عفوا حَتَّى لَا
يبلغ الطَّبْخ النَّوى وَلَا يُؤثر فِيهِ تَأْثِير من يعجمه أَي يلوكه
لِأَن ذَلِك يفْسد طعم الْحَلَاوَة أَو لِأَنَّهُ قوت للدّاجن فَلَا
ينضج لِئَلَّا يذهب طعمه. لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يَأْخُذ الله
شريطة من أهل الأَرْض فَيبقى عجاج لَا يعْرفُونَ مَعْرُوفا وَلَا
يُنكرُونَ مُنْكرا.
عجج [5 4] هم الرعاع من النَّاس يُقَال: جِئْت بني فلَان فَلم أصب
إِلَّا العجاج والهجاج أى الرعاع وَمن لَا خير فِيهِ الْوَاحِد عجاجة
وهجاجة قَالَ: ... يَرْضَى إِذا رَضِىَ النساءُ عَجاجَةً ... وَإِذا
تُعُمِّدَ عَمْدُه لم يغْضب ... قدم عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
خوخسرو صَاحب كسْرَى فوهب لَهُ معْجزَة فَسُمي ذَا المعجزة.
عجز هِيَ المنطقة بلغَة أهل الْيمن كَأَنَّهَا سميت بذلك لِأَنَّهَا
تلِي عجز المتنطق. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ يَوْم
الشورى: لنا حقٌّ إِن نعطه نَأْخُذهُ وَإِن نمنعه نركب أعجاز الْإِبِل
وَإِن طَال السُّرى. هَذَا مثل لركوبه الذل وَالْمَشَقَّة وَصَبره
عَلَيْهِ وَإِن تطاول ذَلِك وَأَصله أَن الرَّاكِب إِذا اعرورى
الْبَعِير ركب عَجزه من أصل (7) السنام فَلَا يطمئن وَيحْتَمل
الْمَشَقَّة. وَأَرَادَ بركوب أعجاز الْإِبِل كَونه ردفاً تَابعا
وَأَنه يصبر على ذَلِك وَإِن تطاول بِهِ. وَيجوز أَن يُرِيد: وَإِن
نمنعه نبذل الْجهد فِي طلبه فعل من يضْرب فى ابْتِغَاء
(2/397)
8 - طلبته أكباد الْإِبِل وَلَا يُبَالِي
بِاحْتِمَال طول السرى. ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا
كُنَّا نتعاجم أَن ملكا ينْطق على لِسَان عمر.
عجم أَي كُنَّا نفصح بذلك إفصاحاً. وَنَحْوه قَول عَليّ رَضِي الله
عَنهُ: كُنَّا أَصْحَاب مُحَمَّد لَا نشك أَن السكينَة تنطق على لِسَان
عمر. الْحجَّاج قَالَ لأعرابي من الأزد: كَيفَ بَصرك بالزرع قَالَ:
إِنِّي لأعْلم النَّاس بِهِ قَالَ: صفة لنا. قَالَ: الذى غلظت قصبته
وَعرضت ورقته والتف نبته وعظمت سنبلته. قَالَ: إِنِّي أَرَاك بالزرع
بَصيرًا. قَالَ: إِنِّي لما عاجيته وعاجانى.
عجى المعاجاة: تَعْلِيل الصَّبِي بِاللَّبنِ أَو غَيره. قَالَ: ...
إِذا شئتَ أبصرتَ مِنْ عَقْبهم ... يَتَامى يُعَاجَوْن كالأذْؤُب ...
جعل ذَلِك مثلا لمعاناته أَمر الزَّرْع ومزاولته لَهُ. فِي الحَدِيث:
كل ابْن آدم يبْلى إِلَّا الْعجب.
عجب هُوَ الْعَظِيم بَين الإليتين يُقَال: إِنَّه أول مَا يُخلق وَآخر
مَا يبْلى وَيُقَال لَهُ الْعَجم أَيْضا. رَوَاهُ اللحياني وروى
الْفَتْح وَالضَّم فيهمَا. وَالْمعْنَى: جَمِيع جَسَد ابْن آدم يبْلى.
لَا تدبَّروا أعجاز أُمُور قد ولت صدورها.
عجز أَي أدبارها وأواخرها. العجمة فِي (حب) . تعجزه فِي (شع) . فِي
عجلة فِي (فق) . ذُو عجر فى (زخ) .
(2/398)
عجرى ويجرى فِي (جد) معْجزَة فِي (فر) .
عجمتك فِي (حن) . [المعجم فِي (لَهُ) . فعجم فِي (ين) الْعَجْوَة فِي
(بس) عجْرَة فِي (غث) .] .
الْعين مَعَ الدَّال
[5 5] النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا عدوى وَلَا هَامة وَلَا
صفر وَلَا غول وَلَكِن السعالى.
عدا الْعَدْوى: اسْم من الإعداء كالرعوى والبقوى من الإرعاء والإبقاء.
الهامة: وَاحِدَة الْهَام من الطير وَكَانَت الْعَرَب تَقول: إِن
عِظَام الْمَوْتَى تصير هاماً فتطير. قَالَ لبيد ... فَليس النَّاس
بَعْد فِي نَقيرٍ ... وَمَا هم غَيْرُ أصْدَاء وهَامِ ... سُئِلَ روبة
عَن الصَّفر فَقَالَ: هُوَ حَيَّة تكون فِي الْبَطن تصيب الْمَاشِيَة
وَالنَّاس وَهِي أعدى من الجرب عِنْد الْعَرَب وَقيل: هُوَ تأخيرهم
الْمحرم إِلَى الصفر. السعالي: سحرة الْجِنّ الْوَاحِدَة سعلاة أَرَادَ
أَن فِي الْجِنّ سحرة كسحرة الْإِنْس لَهُم تخييل وتلبيس. ذكر قارىء
الْقُرْآن وَصَاحب الصَّدَقَة فَقَالَ رجل: يَا رَسُول الله أرأيتك
النجدة تكون فِي الرجل فَقَالَ: لَيست لَهما بِعدْل إِن الْكَلْب يهر
من وَرَاء أَهله. أى بِمثل.
عدل وَعَن الْفراء أَن عدل الشَّيْء مَا كَانَ من جنسه وعدله مَا
لَيْسَ من جنسه. تَقول: عِنْدِي عدل غلامك أَي غُلَام مثله. وعدله أَي
قِيمَته من الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير. أَرَادَ أَن النجدة غريزة
فالإنسان يُقَاتل حمية لَا حسبَة كَالْكَلْبِ يهر عَن أَهله ويذبّ
عَنْهُم طبعا. الْكَاف فِي أرأيتك مُجَرّدَة للخطاب كَالَّتِي فِي
النجاءك وَمَعْنَاهُ أَخْبرنِي عَن النجدة.
(2/399)
0 - إِن أَبيض بن حمال المأربي استقطعه صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم الْملح الَّذِي بمأرب فأقطعه إِيَّاه فَلَمَّا ولى
قَالَ لَهُ رجل: يَا رَسُول الله أَتَدْرِي مَا أقطعته إِنَّمَا أقطعت
لَهُ المَاء العدّ فرجعه مِنْهُ. وَسَأَلَهُ أَيْضا: مَاذَا يُحمى من
الْأَرَاك فَقَالَ: مَا لم تنله أَخْفَاف الْإِبِل.
عدد الْعد: الذى لَا انْقِطَاع لَهُ كَمَاء الْعين والبئر إِنَّمَا
رجعه مِنْهُ لِأَن المَاء جَمِيع النَّاس فِيهِ شُرَكَاء وَكَذَلِكَ
مَا كَانَ كلأ لِلْإِبِلِ من الْأَرَاك لكَونه بِحَيْثُ تصل إِلَيْهِ
وتهجم عَلَيْهِ فَأَما مَا كَانَ بمعزل من ذَلِك فسائغ أَن يحمى.
وَقيل: الأخفاف مسانُّ الْإِبِل قَالَ الْأَصْمَعِي: الخفّ: الْجمل
المسن. وَأنْشد: ... سَأَلت زيدا بعدَ بَكْرٍ خُفّا ... والدَّلوُ قد
تُسْمَع كَيْ تَخفّا ... وَالْمعْنَى أَن مَا قرب من المرعى لَا يُحمى
بل يُترك لمسانّ الْإِبِل وَمَا فِي مَعْنَاهَا من الضِّعَاف الَّتِي
لَا تقوى على الإمعان فِي طلب المرعى. فِي حَدِيث المبعث: أَنه صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لِخَدِيجَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا:
أَظن أَنه عرض لي شبه جُنُون فَقَالَت: كلا إِنَّك تكسب [5 6]
الْمَعْدُوم وَتحمل الْكل.
عدم يُقَال فلَان يكْسب الْمَعْدُوم إِذا كَانَ مجدوداً يرْزق مَا
يُحرمه غَيره. وَفِي كَلَامهم: هُوَ آكلكم للمأدوم وأكسبكم للمعدوم
وأعطاكم للمحروم. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما عزل حبيب بن مسلمة
عَن حمص وَولى عبد الله بن قرط قَالَ حبيب: رحم الله عمر ينْزع قومه
وَيبْعَث الْقَوْم العدى.
(2/400)
1 - عدا أَي الْأَجَانِب قَالَ: ... إِذا
كنتَ فِي قوم عدى لست مِنْهُم ... فَكل مَا علفت من خَبيثٍ وطَيّبِ ...
عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لبَعض أَصْحَابه وَقد تخلف
عَنهُ يَوْم الْجمل: مَا عدا مِمَّا بدا أَي مَا عداك بِمَعْنى: مَا
مَنعك وَمَا شغلك مِمَّا كَانَ بدا لَك من نصرتي وَمِنْه الحَدِيث:
السُّلْطَان ذُو عدوان وَذُو بدوان وَذُو تدرأ. أَي سريع الِانْصِرَاف
والملال كثير البدء فِي الْأُمُور. والتدرأ: تفعل من الدرء وَهُوَ
الدّفع أَي يدْفع نَفسه على الخطط ويتهور.
فِي الحَدِيث: سُئل رجل مَتى تكون الْقِيَامَة فَقَالَ: إِذا تكاملت
العدتان.
عدد أَي عدَّة أهل الْجنَّة وعدة أهل النَّار. عدلها فى (خد) . لعادته
وَعَادَة فِي (بج) . أعداد فِي (خب) . تعادني فِي (أك) . لَا تعدل
وَلَا تعدُّ فِي (ند) . قيمَة عدل فِي (رج) . وعدَّى فِي (سط) . وتعدو
فِي (لق) . عاديت فِي (طم) . وتعادٍ فِي (دف) [عدلوا فِي (ضو) . وَلَا
عدل فِي (صر) . عَادِية فِي (رق) . العدوّ فِي (رض) . المعدلة فى (دف)
. العدوة فِي (سح) . عدنك فِي (دح) . وأعدَّه فِي (أد) ] .
الْعين مَعَ الذَّال
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يهْلك النَّاس حَتَّى يعذروا من
أنفسهم روى بِفَتْح الْيَاء وَضمّهَا. وَالْفرق بَينهمَا نَحوه بَين
سقيته وأسقيته وغمدته وأغمدته. وَحَقِيقَة
(2/401)
2 - عذر عذرت محوت الْإِسَاءَة وطمستها من
قَوْله: ... [أمْ كُنْتَ تعرف آيَات فقد جَعَلَتْ] ... أطلالُ إلْفِكَ
بالْودْكاءِ تَعْتَذِرُ ... وَفِي مَعْنَاهُ: عَفَوْت من عَفا الدَّار.
وَالْمعْنَى حَتَّى يَفْعَلُوا مَا يتَّجه الْمحل الْعقُوبَة بهم.
الْعذر: من قَوْلهم: عذيري من أَي هَات من يعذرني مِنْهُ فِي
الْإِيقَاع بِهِ إِيذَانًا بانه أهل لِأَن يُوقع بِهِ وَإِن على من علم
بِحَالهِ فِي الْإِسَاءَة أَن يعْذر الْموقع بِهِ وَلَا يلومه. وَمِنْه
مَا جَاءَ فِي حَدِيث الْإِفْك: فاستعذر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم من عبد الله ابْن أُبي فَقَالَ وَهُوَ على الْمِنْبَر: من يعذرني
رجل قد بَلغنِي عَنهُ كَذَا وَكَذَا فَقَامَ سعد فَقَالَ: يَا رَسُول
الله أَنا أعذرك مِنْهُ إِن كَانَ من الْأَوْس ضربت عُنُقه. وَعنهُ صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه استعذر أَبَا بكر من عَائِشَة. أَي قَالَ
لَهُ: كن عذيري مِنْهَا إِن عَاقبَتهَا وَذَلِكَ فِي شَيْء عتب فِيهِ
عَلَيْهَا. إِن الله تَعَالَى نظيف يحب النَّظَافَة فنظفوا عذراتكم
وَلَا تشبهوا باليهود تجمع الأكباء فِي دورها. الْعذرَة: الفناء وَبهَا
[5 7] سميت الْعذرَة لإلقائها فِيهَا كَمَا سميت بالغائط وَهُوَ
المطمئن من الأَرْض. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْيَهُود أنتن
خلق الله عذرة. وَعَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه عَاتب قوما
وَقَالَ: مالكم لَا تنظفون عذراتكم الأكباء: جمع كبا (بِالْكَسْرِ
وَالْقصر) وَهُوَ الكُناسة وَإِذا مُدَّ فَهُوَ البخور وَألف الكبا عَن
وَاو لقَولهم: كبوت الْبَيْت أكبوه كبوا وَقد تميله الْعَرَب فَهُوَ
فِي ذَلِك أَخُو العشا فِي الشذوذ عَن الْقيَاس.
(2/402)
3 - وَفِي تنظيف الأفنية يرْوى عَن عمر
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَنه كَانَ إِذا قدم مَكَّة يطوف فِي سككها
فيمر بالقوم فَيَقُول: قمُّوا فناءكم حَتَّى مر بدار أبي سُفْيَان
فَقَالَ: يَا أَبَا سُفْيَان قموا فناءكم فَقَالَ: نعم يَا أَمِير
الْمُؤمنِينَ حَتَّى يَجِيء مهاننا الْآن فَطَافَ أَيْضا ثمَّ مر بِهِ
فَلم يصنع شَيْئا فَقَالَ: يَا أَبَا سُفْيَان أَلا تقمون فناءكم
فَقَالَ: نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. حَتَّى يَجِيء مهاننا الْآن
فَطَافَ أَيْضا وَمر بِهِ فَلم يصنع شَيْئا فَوضع الدرة بَين أذنية
ضربا فَجَاءَت هِنْد فَقَالَت: وَالله لربَّ يَوْم لَو ضَربته لاقشعر
بطن مَكَّة فَقَالَ: أجل وَالله لرب يَوْم لَو ضَربته لاقشعر بطن
مَكَّة
عذق قدم عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أصيل الْغِفَارِيّ من مَكَّة
فَقَالَ: يَا أصيل كَيفَ عهِدت مَكَّة فَقَالَ: عهدتها وَالله وَقد
أخصب جنابها وأعذق إذخرها وأسلب ثمامها وأمش سلمهَا فَقَالَ: حَسبك يَا
أصيل. ويروى أَن أبان بن سعيد رَضِي الله عَنهُ قدم عَلَيْهِ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا أبان كَيفَ تركت أهل مَكَّة قَالَ:
تَركتهم وَقد جيدوا وَتركت الْإِذْخر وَقد أعذق وَتركت الثمام وَقد
خَاص. فاغرورقت عينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وروى أَنه
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما نزل الْحُدَيْبِيَة أهْدى لَهُ عَمْرو بن
سَالم وبسربن سُفْيَان الخراعيان غنما وجزوراً مَعَ غُلَام مِنْهُم
فأجلسه وَهُوَ فِي بردة لَهُ فلتةٍ فَقَالَ: يَا غُلَام كَيفَ تركت
الْبِلَاد فَقَالَ: تركتهَا قد تيسرت قد أمشر غضاهها وأغذق إذخرها
وأسلب ثمامها وأبقل حمضها (7) فشبعت شَاتِهَا إِلَى اللَّيْل وشبع
بَعِيرهَا إِلَى اللَّيْل مِمَّا جمع من خوص وضمد وبقل. أعذق: أَي
صَارَت لَهُ أفنان كالأغذاق يُقَال: أعذقت النَّخْلَة إِذا كثرت
أعذاقها جمع عذق (بِالْكَسْرِ) وَهُوَ الكباسة وأعذق الرجل كثرت عذوقه
جمع عذق (بِالْفَتْح) وَهُوَ النَّخْلَة.
(2/403)
4 - قَالَ الأصمعى: أعذق الإدخر إِذا خرجت
ثَمَرَته. أسلب: خوَّص. وَالسَّلب: خوص الثمام. أمشَّ: خرج مَا يخرج
فِي أَطْرَافه نَاعِمًا رخصا كالمشاش. وَقيل: إِنَّمَا هُوَ أمشر أَي
أَوْرَق واخضر من مشرة الأَرْض وَهِي أول نبتها. جيدوا: أَصَابَهُم
الْجُود. خَاص: صَار لَهُ خوص وَالْمَحْفُوظ أخوص النّخل وأخوص العرفج
وَمَا كَانَت الْبِئْر [5 8] خوصاء وَقد خاصت تخوص أَي خوصت وَأما خَاص
بِمَعْنى أخوص فَلم يسمع فِيمَا أعلم إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث.
اغرورقت: افعوعلت من الْغَرق أَي غرقت فِي الدمع. الفلتة (7) : الفلوب
وَهِي الَّتِي لَا يَنْضَم طرفاها. تيسرت: أخصبت من الْيُسْر وَمِنْه
تيَسّر الرجل إِذا حسنت حَاله. الضمد: رطب الشّجر ويابسه وقديمه
وَحَدِيثه. ولد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعْذُورًا
مَسْرُورا.
عذر يُقَال عذرته وأعذرته إِذا ختنته وسررته إِذا قطعت سرته. وَفِي
حَدِيث أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت: ابْن صياد
وَلدته أمه وَهُوَ اعور مَعْذُور مسرور. إِذا وضعت الْمَائِدَة فيأكل
الرجل مِمَّا يَلِيهِ وَلَا يرفع يَده وَإِن شبع وليعذر فَإِن ذَلِك
يخجل جليسه.
(2/404)
5 - أَي فليقصر فِي الْأكل وَهُوَ يرى
صَاحبه أَنه مُجْتَهد. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه كَانَ
إِذا أكل مَعَ قوم كَانَ آخِرهم أكلا. ذَلِك إِشَارَة إِلَى رفع
الْيَد. جَاءَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى منزل أبي الْهَيْثَم بن
التيهَان وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَقد
خرج أَبُو الْهَيْثَم يستعذب المَاء فَدَخَلُوا فَلم يلبث أَن جَاءَ
أَبُو الْهَيْثَم يحمل المَاء قربَة يزعبها ثمَّ رقي عذقاً لَهُ وروى:
إِنَّه أَخذ مخرقاُ فَأتى عذقاً لَهُ فجَاء بقنو فِيهِ زهوة ورطبه
فَأَكَلُوا مِنْهُ وَشَرِبُوا من مَاء الحسى ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا
الْهَيْثَم أَلا أرى لَك هانئاً وروى: ماهنا فَإِذا جَاءَ السبى أَخذ
مناك خَادِمًا
عذب يُقَال: أعذب الْقَوْم إِذا غذبت مِيَاههمْ واستعذبوا إِذا استقوا
وَشَرِبُوا عذبا. زعبت الْقرْبَة حملتها مَمْلُوءَة. وَقيل دفعتها
لثقلها من قَوْلهم: سيل زاعب إِذا دفع بعضه بَعْضًا. المخرف: شبه
الدوخلة. الهانىء والماهن: الْخَادِم. وأصل الهنء الْإِصْلَاح والكفاية
وَمِنْه الهناء لِأَنَّهُ يصلح الجربى ويشفيها. وَيُقَال: اهتنأت
مَالِي إِذا أصلحته. وهنأهم شَهْرَيْن إِذا كفاهم مؤنتهم وَقيل للطعام
هنىء إِذا صلح بِهِ الْبدن. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَا قطع فِي
عذق مُعَلّق. أَي فِي كباسة هِيَ فِي شجرتها معلقَة لما تصرم وَلما
تحرز. عَليّ رَضِي الله عَنهُ شيَّع سَرِيَّة أَو جَيْشًا فَقَالَ:
أعذبوا عَن النِّسَاء.
عذب أَي امْتَنعُوا عَن ذكرهن فَإِنَّهُ يكسركم عَن الْغَزْو ويثبطكم
قَالَ عبيد ابْن الأبرص:
(2/405)
6 - ... وتبدلوا اليعبوب بعد إلههم ...
صنما فقروا جَدِيلَ وأَعْذِبُوا ... وَبَات الْفرس عذوباً إِذا امْتنع
من الْأكل وَالشرب. وَمِنْه الْعَذَاب لِأَنَّهُ [5 9] نكال يمْنَع
الْجَانِي من مثل مَا جنى. حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ
لرجل: إِن كنت لَا بُد نازلا بِالْبَصْرَةِ فَانْزِل عذاوتها وَلَا
تنزل سرتها.
عذا جمع عذاة وَهِي الأَرْض الطّيبَة التربة الْبَعِيدَة من المَاء
المالح والسباخ. قَالَ ذُو الرمة: ... بِأَرْضٍ هِجَانِ التُّرْبِ
وسْمِيَّة الثَّرَى ... عَذَاةٍ نَأَتْ عَنْهَا الملوحه وَالْبَحْر ...
والعذبة مثلهَا. وَقد عذوت وعذيت أحسن العذاة عَن أبي زيد. وَيُمكن أَن
يكون مِنْهَا العذى وَهُوَ الزَّرْع الَّذِي لَا يسْقِيه إِلَّا
السَّمَاء لبعده عَن المَاء وتظيره وَهُوَ ابْن عمي دنيا. سلمَان رَضِي
الله تَعَالَى عَنهُ كَاتب أَهله على ثَلَاثمِائَة وَسِتِّينَ عذقاً
وعَلى أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة خلاص فأعانه سعد بن عبَادَة بستين عذقا.
عذق هُوَ النَّخْلَة وَكَانُوا كاتبوه على أَن يغرسها لَهُم فسيلا
فَمَا أَخْطَأت مِنْهَا ودية. الْخَلَاص: مَا أخلصته النَّار من
الذَّهَب وَالْفِضَّة وَمِنْه الزّبد خلاص اللَّبن. وَفِي حَدِيث ابْن
سَلام رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِنِّي لفي عذق أُنجي مِنْهُ رطبا وروى:
أستنجي رطبا أَن سَمِعت صائحا يَقُول: قَاتل الله هَؤُلَاءِ الْعَرَب
قدم صَاحبهمْ السَّاعَة. يَعْنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فأخذني أفكل من رَأس العذق. الإنجاء والاستنجاء: الاجتناء من نجا
الشَّجَرَة وَأَن جاها واستنجاها إِذا قطعهَا وَمِنْه الِاسْتِنْجَاء
وَهُوَ قطع النَّجَاسَة. الأفكل: الرعدة.
(2/406)
وَفِي حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى
عَنْهَا: تزوجنى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا بنت تسع
وَقَالَت: إِنِّي لأُرجح بَين عذقين إِذْ جَاءَتْنِي أُمِّي فانزلتني
حَتَّى انْتَهَت بِي إِلَى الْبَاب وَأَنا أنهج فمسحت وَجْهي بِشَيْء
من مَاء وَفرقت جميمة كَانَت عليّ وَدخلت بِي على رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم. نهج وأنهج إِذا رَبًّا وعلاه البهر وأنهجه غَيره
وأنهجت الدَّابَّة سرت عَلَيْهَا حَتَّى انبهرت. وَفِي الحَدِيث: لَا
وَالَّذِي أخرج العذق من الجريمة وَالنَّار من الوثيمة. الجريمة:
النواة. والوثيمة: الْحِجَارَة المسكورة من وَثمّ يثم. الْمِقْدَاد
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ أَبُو رَاشد الحبراني: رَأَيْته
جَالِسا على تَابُوت من توابيت الصيارفة قد فضل عَنْهَا عَظِيما فَقلت:
يَا أَبَا الْأسود لقد أغذر الله إِلَيْك قَالَ: أَبَت علينا سُورَة
البحوث: {انفِرُوا خِفَافاً وثِقَالاً} . هُوَ من أعذره بِمَعْنى عذره
أَي جعلك الله مُنْتَهى الْعذر وغايته لثقل بدنك فأسقط عَنْك الْجِهَاد
ورخَّص لَك فِي تَركه. سُورَة البحوث: هِيَ سُورَة التَّوْبَة لما
فِيهَا من الْبَحْث عَن الْمُنَافِقين وكشف [510] أسرارهم وَتسَمى
المبعثرة. ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُئِلَ عَن
الْمُسْتَحَاضَة فَقَالَ: ذَاك العاذل يغذو لتستثفر بِثَوْب ولتصل
وروى: أَنه عرق عاند (7) أَو ركضة من الشَّيْطَان.
(2/407)
8 - هُوَ الْعرق الَّذِي يخرج مِنْهُ دم
الِاسْتِحَاضَة كَأَنَّهُ سمي بذلك لِأَن الْمَرْأَة تستليم إِلَى
زَوجهَا فَجعل العذل للعرق لكَونه سَببا لَهُ. يغذو: يسيل. العاند:
الَّذِي لَا يرقأ من العنقود وَهُوَ الْبَغي جُعلت الِاسْتِحَاضَة ركضة
من الشَّيْطَان وَإِن كَانَت فعل الله تَعَالَى وَلَا عمل للشَّيْطَان
فِيهَا لِأَنَّهَا ضرب من الأسقام والعلل وَقد قَالَ الله تَعَالَى فِي
مُحكم تَنْزِيله: {ومَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فبِمَا كَسَبَتْ
أيْدِيكُمْ} وَمَا كسبت أَيدي النَّاس فبنزغ الشَّيْطَان وكيده.
عذم فِي الحَدِيث: إِن رجلا كَانَ يرائي فَلَا يمر بِقوم إِلَّا عذموه.
أى أَخَذُوهُ بألسنتهم وَأَصله العضّ. إِن بني إِسْرَائِيل كَانُوا
إِذا عمل فيهم بِالْمَعَاصِي نَهَاهُم أَحْبَارهم تعذيراً فعمهم الله
بالعقاب.
عذر اى نهءوهم غير مبالغين فِي النَّهْي. وضع الْمصدر مَوضِع اسْم
الْفَاعِل حَالا كَقَوْلِهِم جَاءَ مشيا. بِعَذِرَاتٍ فِي (قح) . تعذّر
فِي (جش) . عذيري فِي (رع) . وعذيقها فِي (جذ) . [رب عذق فِي (وق) .
عاذر فِي (سح) . بَابي عذر فِي (قر) . شَدِيد العذار فِي (صد) .] .
الْعين مَعَ الرَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عرج أَو كسر أَو حُبس فليجز
مثلهَا وَهُوَ حل.
عرج عرج يعرج عرجاناً إِذا غمز من عَارض أَصَابَهُ وعرج عرجاً إِذا
كَانَ ذَلِك خلقَة.
(2/408)
9 - فليجز: من جزيت فلَانا دينه إِذا
قَضيته. وَالْمعْنَى أَن من أحصره مرض أَو عَدو فَعَلَيهِ أَن يبْعَث
بِهَدي شَاة أَو بَدَنَة أَو بقرة ويواعد الْحَامِل يَوْمًا بِعَيْنِه
يذبحها فِيهِ فَإِذا ذُبحت تحلل وَالضَّمِير فِي مثلهَا للنسيكة. كَانَ
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا عرس بلَيْل توسد لينَة وَإِذا عرس عِنْد
الصُّبْح نصب ساعده نصبا وعمدها إِلَى الأَرْض وَوضع رَأسه إِلَى كَفه.
عرس يُقَال عرَّس وأعرس إِذا نزل فِي آخر اللَّيْل وَمِنْه الإعراس
بِالْمَرْأَةِ. اللينة: المسورة سميت للينها كَأَنَّهَا مُخَفّفَة من
لينَة. أَتَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعرق من تمر.
عرق هُوَ سفيف منسوج من خوص وكل شَيْء مضفور كالنسع أَو مصطف كالطير
المتساطر فِي الجو فَهُوَ عرق. وَالْمرَاد: بزبيل من عرق. فِي ذكر أهل
الْجنَّة لَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَبُولُونَ وَإِنَّمَا هُوَ عرق
يجْرِي من أعراضهم مثل ريح الْمسك. جمع عرض وَهُوَ كل مَوضِع يعرق من
الْجَسَد وَمِنْه قيل: فلَان طيب الْعرض أَي الرّيح لِأَنَّهُ إِذا
[511] طابت مراشحه طابت رِيحه. الثّيّب يعرب (7) عَنْهَا لسانها
وَالْبكْر تستأمر فى نَفسهَا.
عرب الْإِعْرَاب والتعريب: الْإِبَانَة يُقَال: أعرب عَن لِسَانه وعرب
عَنهُ. وَمِنْه الحَدِيث: فِي الَّذِي قتل رجلا لَا إِلَه إِلَّا الله
فَقَالَ الْقَائِل: إِنَّمَا قَالَهَا متعودا فَقَالَ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: فَهَلا شققت عَن قلبه فَقَالَ الرجل ك هَل كَانَ يبين
لي ذَلِك شَيْئا فَقَالَ النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَإِنَّمَا
كَانَ يعرب (7) عَمَّا فِي قلبه لِسَانه. وَمِنْه قَول إِبْرَاهِيم
التميمى: كَانُوا يستحبون أَن يلقنوا الصبى يعرب أَن يَقُول لَا إِلَه
إِلَّا الله سبع مَرَّات.
(2/409)
0 - من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ
وَلَيْسَ لعرق ظَالِم حقّ. أَي لذِي عرق ظَالِم وَهُوَ الَّذِي يغْرس
فِيهَا غرساً على وَجه الاغتصاب ليستوجبها بذلك. وَفِي الحَدِيث: إِن
رجلا غرس فِي أَرض رجل من الْأَنْصَار نخلا فاختصما إِلَى رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقضى للْأَنْصَارِيِّ بأرضه وَقضى على الآخر
أَن ينْزع نخله. قَالَ الرَّاوِي: فَلَقَد رَأَيْتهَا يُضرب فِي
أُصُولهَا بالفئوس وَإِنَّهَا لنخل عمٌّ. أَي تَامَّة طَوِيلَة جمع
عميمة. قَالَ لبيد [يصف نخلا] : ... سُحُقٌ يُمَتِّعها الصَّفا
وسَرِيُّهُ ... عُمٌّ نَوَاعِمُ بينهنّ كُروم ... كَانَ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم يَأْمر الخُرَّاص أَن يخففوا فِي الْخرص وَيَقُول: إِن
فى المَال الْعرية وَالْوَصِيَّة.
عرى مر تَفْسِير الْعرية فِي حق. نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع
العربان وروى: عَن بيع المسكان. قَالَ أَبُو زيد: يُقَال أَعْطيته
عربانا أَو مسكانا أى عربونا.
عرب وَهُوَ أَن يَشْتَرِي شَيْئا فَيدْفَع إِلَى البَائِع على أَنه إِن
تمّ البيع احتسب من الثّمن وَإِن لم يتم كَانَ للْبَائِع لم يرتجع
مِنْهُ. وَيُقَال: أعرب فِي كَذَا وعرَّب وعربن ومسّك فَكَأَنَّهُ
سُمّي بذلك لِأَن فِيهِ إعراباً لعقد البيع أَي إصلاحا وَإِزَالَة
فَسَاد وإمساكاً لَهُ لِئَلَّا يملكهُ آخر. قَالَ عكراش بن ذُؤَيْب:
بَعَثَنِي بَنو مرّة بن عبيد بصدقات أَمْوَالهم إِلَى
(2/410)
1 - رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقدمت بِإِبِل كَأَنَّهَا عروق الأرطى وَذكر أَنه أكل مَعَه قَالَ:
فأتينا بِجَفْنَة كَثِيرَة الثَّرِيد والوذر.
عرق شبهها بعروق الأرطى فِي حمرتها وحمر الْإِبِل كرامها أَو فِي ضمرها
والضُّمر أَمارَة الْكَرم والنجابة. وَقيل فِي سمنها واكتنازها لِأَن
عروق الأرطى مكتنزة روية لَا نسرابها فِي ثرى الرمال الممطورة والوحش
تجزأ بهَا فِي حمارّة القيظ. الوذر: الْبضْع جمع وذرة. وَحكى
الْأَصْمَعِي عَن بعض الْعَرَب: جَاءُوا بثريدة ذَات حفافين من الوذر
وجناحين [512] من الأعراق تجذب أولاها فتنقعر أخراها. فِي كِتَابه صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم لقوم من الْيَهُود: إِن عَلَيْكُم ربع مَا أخرجت
نخلكم وَربع مَا صَاد عروككم وَربع المغزل.
عَرك جمع عَرك وهم الَّذين يصيدون السّمك قَالَ أُميَّة بن أبي عَائِذ
الْهُذلِيّ: ... وَفِي غَمْرةِ الآلِ خِلْتُ الصُّوَى ... عُرُوكاً على
رائسٍ يَقْسِمُونا ... ربع المغزل أَي ربع مَا غزلته نِسَاؤُكُمْ
وَهَذَا حكم خُصَّ بِهِ هَؤُلَاءِ. أرسل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمَّ
سليم تنظر إِلَى امْرَأَة فَقَالَ: شمى عوارضها وانظرى إِلَى عقبيها.
عرض هِيَ الْأَسْنَان فِي عُرض الْفَم. وَعَن الزّجاج: هِيَ
الرّبَاعِيّة والناب والضاحكان من كل جَانب الْوَاحِد عَارض. أمرهَا
بشمِّها لتبور بذلك نكهتها وبالنظر إِلَى عقبيها لتتعرف لون بَشرَتهَا
لِأَنَّهُمَا إِذا اسودا اسودّ سَائِر الْجَسَد قَالَ النَّابِغَة:
(2/411)
2 - ... لَيست من السود أعقابا إِذا انصرفت
... وَلَا تبيع بجنبيْ نَخْلَة البُرَما 1)
إِن الله يغْفر لكل مذنب إِلَّا لصَاحب عرطبة أَو كوبة.
عرطب هِيَ الْعود. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الطنبور. وَعَن النَّضر:
الأوتار كلهَا من جَمِيع الملاهي. وَعنهُ: الطبل. الكوبة: النَّرد
وَقيل الطبل. أَيعْجزُ أحدكُم أَن يكون كَأبي ضَمْضَم كَانَ إِذا خرج
من منزله قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي قد تَصَدَّقت بعرضى على عِبَادك.
عرض عرض الرجل: جَانِبه الَّذِي يصونه من نَفسه وحسبه ويُحامي عَلَيْهِ
أَن ينتقص ويثلب عَلَيْهِ. وَعرض الْوَادي: جَانِبه. أَرَادَ من تنقصني
لم أجَازه. لما كتب حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَى أهل مَكَّة كِتَابه
ينذرهم أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أطلع الله رَسُوله على
الْكتاب فَلَمَّا عُوتب حَاطِب فِيمَا كتب قَالَ: كنت رجلا عريرا فِي
أهل مَكَّة فَأَحْبَبْت أَن أَتَقَرَّب إِلَيْهِم ليحفظونى وبى عيالاتى
عِنْدهم.
عرر هُوَ فعيل بِمَعْنى فَاعل من عررته إِذا أَتَيْته تطلب معروفه أَي
غَرِيبا مُتَعَلقا بجوارهم. أَتَاهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل
فَقَالَ: إِن ابْن أخي قد عرب بَطْنه. فَقَالَ: أسق ابْن أَخِيك عسلاً.
عرى أَي فسد يُقَال: ذربت معدته وعربت وذرب الْجرْح وعرب وورب مثله.
إِنَّمَا مثلي ومثلكم كَمثل رجلٍ أنذر قوما جَيْشًا وَقَالَ: أَنا
النذير الْعُرْيَان.
عرى هُوَ رجل من خثعم حمل عَلَيْهِ يَوْم ذِي الخلصة عَوْف بن عَامر
فَقطع يَده وَيَد امْرَأَته وَكَانَ الرجل مِنْهُم إِذا أنذر قوما
وَجَاء من بلد بعيد انْسَلَخَ من ثِيَابه ليَكُون أبين للعين.
(2/412)
3 - إِن ركبا من تجار الْمُسلمين عرضوا
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَبا بكر ثيابًا بيضًا.
عرض أَي جعلوها عراضة وَهِي هَدِيَّة القادم من سَفَره. وفى حَدِيث
معَاذ من جبل رضى الله عَنهُ: إِن عمر بعث بِهِ ساعيا على بنى كلاب أَو
على سعد بن ذبيان فقسم فيهم وَلم يدع شَيْئا حَتَّى جَاءَ بحلسه
الَّذِي خرج بِهِ على رقبته فَقَالَت لَهُ امْرَأَته: أَيْن مَا جِئْت
بِهِ مِمَّا يَأْتِي الْعمَّال من عراضة أهلهم فَقَالَ: كَانَ معي
ضاغط. هُوَ الَّذِي يضغط الْعَامِل أَي يمْنَع يَده من التعاطي وَلم
يكن مَعَه إِنَّمَا قصد إرضاءه أَهله. وَعَن النبى صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: لَا كذب فِي ثَلَاث: الْحَرْب. والإصلاح بَين النَّاس وإرضاء
الرجل أَهله. وَقيل: أَرَادَ أَن الله رَقِيب عَلَيْهِ. قَالَ لَهُ صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم عدي بن حَاتِم: إِنِّي أرمي بالمعراض فيخزق قَالَ
إِن خزق فكُلْ وَإِن أصَاب بِالْعرضِ فَلَا تَأْكُل. هُوَ السهْم
الَّذِي لَا ريش لَهُ يمْضِي عرضا. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: سهم طَوِيل
لَهُ أَربع قذذ دقاق فَإِذا رمى بِهِ اعْتِرَاض. أَبُو بكر رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ أعْطى عمر سَيْفا مُحلى فجَاء عمر بالحلية قد نَزعهَا
فَقَالَ: أَتَيْتُك بِهَذَا لما يعررك من أُمُور النَّاس.
عرر عرّه وعراه بِمَعْنى قَالَ ابْن احمر:
(2/413)
.. تَرْعَى القَطاةُ الخِمْسَ قَفُّورَها
... ثمَّ تَعُرُّ المَاء فِيمَن يَعُرّ ... وَمِنْه أَن أَبَا مُوسَى
الْأَشْعَرِيّ عَاد الْحسن بن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فَدخل
عليّ فَقَالَ: مَا عرَّنا بك أَيهَا الشَّيْخ فَقَالَ: سَمِعت بوجع
ابْن أخي فَأَحْبَبْت أَن أعوده. وَالْوَجْه يعرّك ففكَّ الْإِدْغَام
وَلَا يكَاد يَجِيء مثل هَذَا فِي الاتساع وَلَكِن فِي اضطرار الشّعْر
كَقَوْلِه: ... الْحَمد لله العليّ الأجْلَلِ ... وَقَوله: ... أَني
أَجُودُ لأَقْوامٍ وإنْ ضَنِنُوا ... وَقَالَ أَبُو عبيد: أَرَادَ لما
يعروك يَعْنِي أَنه من تَحْرِيف النَّقَلة. عمر رَضِي الله عَنهُ مَا
يمنعكم إِذا رَأَيْتُمْ الرجل يخرق أَعْرَاض النَّاس ألاّ تعربوا
عَلَيْهِ قَالُوا: نَخَاف لِسَانه. قَالَ: ذَلِك أدنى أَلا تَكُونُوا
شُهَدَاء
عرب أَي أَلا تُفسدوا عَلَيْهِ كَلَامه وتهجنوه تفعُّل من عرب الْجرْح
وَالْمرَاد بِالشُّهَدَاءِ قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ
أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ} . قَالَ:
مَعْنَاهُ تستشهدون يَوْم الْقِيَامَة على الْأُمَم الَّتِي كذبت
أنبياءهم وجحدت تكذيبها. قَالَ لسلمان رَضِي الله عَنْهُمَا: أَيْن
تَأْخُذ إِذا صدرت أَعلَى المعرّقة أم على الْمَدِينَة هَكَذَا رويت
مُشَدّدَة وَالصَّوَاب التَّخْفِيف وهى طَرِيق كَانَت كَانَت قُرَيْش
تسلكها إِذا صَارَت إِلَى الشَّام تَأْخُذ [514] على سَاحل الْبَحْر
وفيهَا سلكت عير قُرَيْش حِين كَانَت وقْعَة بدر.
عرق قَالَ لعَمْرو بن معدي كرب: مَا قَوْلك فِي عِلّة بن جلد قَالَ:
أُولَئِكَ فوارس
(2/414)
أعراضنا وشفاء أمراضنا أحثنا طلبا وأقلنا
هربا قَالَ: فسعد الْعَشِيرَة: قَالَ: أعظمنا خميسا وأكثرنا رَئِيسا
وأشدنا شريسا قَالَ: فبنو الْحَارِث قَالَ. حسكة مسكة. قَالَ. فمراد
قَالَ: أُولَئِكَ الأتقياء البررة والمساعير الفخرة أكرمنا قرارا
وأبعدنا آثارا. الْأَعْرَاض: جمع عرض وَهُوَ الْجَانِب أَي يحْمُونَ
نواحينا عَن تخطف الْعَدو أَو جمع عرض وَهُوَ الْجَيْش أَو جمع عرض أَي
يصونون ببلائهم أعراضنا أَن تذم وتعاب. شِفَاء أمراضنا أَي يَأْخُذُونَ
ثَأْرنَا. الْخَمِيس: الْجَيْش لَهُ خَمْسَة أَرْكَان. الشريس: الشراسة
شبههم بالحسكة فِي تمنعهم. مسكة: تمسك من تعلّقت بِهِ فَلَا تخلصه.
المساعير: جمع مسعار وَهُوَ الَّذِي تسعر بِهِ نَار الْحَرْب. اطردوا
المعترفين. هم الَّذين يقرّون على أنفسهم بِمَا يُوجب الْحَد. خطب
رَضِي الله عَنهُ النَّاس فَقَالَ: ألالا تغَالوا صدق النِّسَاء فَإِن
الرجل يُغالي صدَاق الْمَرْأَة حَتَّى يكون ذَلِك لَهَا فِي قلبه
عَدَاوَة. يَقُول جشمت إِلَيْك عرق الْقرْبَة أَو علق الْقرْبَة.
عرق هَذَا مثل تضربه الْعَرَب فِي الشدَّة والتعب وَفِيه أقاويل ذكرتها
فِي كتاب المستقصي فِي أَمْثَال الْعَرَب.
(2/415)
قَالَ رَضِي الله عَنهُ فِي مُتْعَة
الْحَج: علمت أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلهَا
وَأَصْحَابه وَلَكِنِّي كرهت أَن يظلوا بِهن معرسين تَحت الْأَرَاك
ثمَّ يلبثُونَ بِالْحَجِّ تقطر رُءُوسهم.
عرس من أعرس بامرأته إِذا بنى عَلَيْهَا كره أَن يُحلّ الرجل من عمرته
ثمَّ يَأْتِي امْرَأَته ثمَّ يهل بِالْحَجِّ. لم يعْطف يلبون على يظلوا
وَإِنَّمَا ابتدأه. وتقطر فِي مَوضِع الْحَال. قضى رَضِي الله عَنهُ
فِي الظفر إِذا اعر نجم بقلوص.
عرجم تَفْسِيره فِي الحَدِيث فسد وَلَا تعرف حَقِيقَته وَلم يثبت عَن
أهل اللُّغَة سَمَاعا وَالَّذِي يُؤَدِّي إِلَيْهِ الِاجْتِهَاد أَن
يكون مَعْنَاهُ جسا وَغلظ من قَوْلهم للناقة الشَّدِيدَة الغليظة علجوم
وعرجوم عَن أبي عَمْرو وَأبي تُرَاب. وَأنْشد أَبُو عَمْرو: ... أفرِغْ
بشَوْل وعُشارٍ كُوم ... وكلّ سِرْدَاحٍ بهَا عُرْجُومِ ... أَو يكون
بِمَعْنى انعرج أَي اعوَّج وَمن تركيبه بِزِيَادَة الْمِيم كَمَا زيدت
فِي قَوْلهم اعرنزم إِذا تقبض وَاجْتمعَ. فقد حكى الْأَصْمَعِي استعرز
[515] أَي انقبض وَفِي احر نجم الْكَلْب إِذا تقبض وانطوى لِأَنَّهُ من
الْحَرج وَهُوَ الضّيق وَمن الحرجة وَهِي الغيضة لتأشبها وتضايقها وكما
جعل الزّجاج النُّون فِي العرجون مزيدة واشتقه من الانعراج لاستقواسه.
أَو يكون أَصله اعرنجن افعنلل من العرجون بِمَعْنى اعوج فأبدلت نونه
ميما أَو يكون لُغَة فِي احرنجم كَمَا نجم قَرَأَ ابْن مَسْعُود (عتَّى
حينٍ) وكقولهم: العفضاج فى الحفضاج.
عرب ابْتَاعَ رَضِي الله عَنهُ دَار السجْن بأَرْبعَة آلَاف وأعربوا
فِيهَا أَرْبَعمِائَة دِرْهَم. أَي أسلفوا من العربان والعربان
مَنْهِيّ عَنهُ وَإِنَّمَا فعله خَليفَة عمر.
(2/416)
7 - وَفِي حَدِيث عَطاء أَنه نهى عَن
الْإِعْرَاب فِي البيع. إِن الْخَيل أغارت بِالشَّام فأدركت العراب من
يَوْمهَا وَأدْركت الكودان ضحى الْغَد وعَلى الْخَيل رجل من هَمدَان
يُقَال لَهُ الْمُنْذر بن أبي حمضة فَقَالَ: لَا أجعَل مَا أدْرك مثل
الَّذِي لم يدْرك ففضل الْخَيل فَكتب قى ذَلِك إِلَى عمر فَقَالَ: هبلت
الوادعي أمه لقد أذكرت بِهِ أمضوها على مَا قَالَ.
عرب العراب: الْخَيل العربيات الخلص. الكودن من الكدنة يُقَال: إِنَّه
لذُو كَانَ غليظ اللَّحْم محبوك الْخلق هُوَ البرذون الهجين وَقيل:
التركي والكودنة فِي الْمَشْي البطء. عَن يَعْقُوب: هبلته أمه مدح لَهُ
كَقَوْلِه ... هَوَتْ أمُّه مَا يَبْعَثُ الصُّبْحَ غَادِياً ...
الوادعي: مَنْسُوب إِلَى ودَاعَة: بطن من هَمدَان. أذكرت بِهِ: جَاءَت
ذكرا كرا شهماً داهياً قَالَ ذُو الرمة: ... أَبونَا إِيَاس قَدَّنَا
من أَديمِه ... لوالدةٍ تُدْهِى البَنِينَ وتُذْكِرُ ... الضَّمِير فِي
أمضوها للقضية. سعد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قيل لَهُ إِن فلَانا
ينْهَى عَن الْمُتْعَة فَقَالَ: قد تَمَتعنَا مَعَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم وَفُلَان كَافِر بالعرش.
عرش يُقَال للمظلة من جريد النّخل يُطرح عَلَيْهَا الثُّمام يتخذها أهل
الْحَاجة: عَرِيش وَيجمع عرشا. وعرش وَيجمع عروشا. وَمِنْه حَدِيث ابْن
عمر رَضِي الله عَنْهُمَا: أَنه كَانَ يقطع التَّلْبِيَة إِذا نظر
إِلَى عروش مَكَّة.
(2/417)
8 - وَالْمرَاد بيُوت مَكَّة. يَعْنِي
وَفُلَان كَافِر مُقيم بِمَكَّة لمَّا يسلم ويهاجر فالباء فِي بالعرش
لَا تتَعَلَّق بِكَافِر تعلق بَاء بِاللَّه بِهِ فى [قَوْلك] : هُوَ
كَافِر بِاللَّه وَلَكِن قَوْله: بالعرش خبر ثَان للمبتدأ كَأَنَّهُ
قَالَ: فلَان كَافِر فِي الْعَرْش. حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ تُعرض الْفِتَن على الْقُلُوب عرض الْحَصِير فَأَي قلب أشربها
نكتت فِيهِ نُكْتَة سَوْدَاء وَأي قلب أنكرها نكتت فِيهِ نُكْتَة
بَيْضَاء حَتَّى تكون الْقُلُوب على قلبين قلب [516] أَبيض مثل
الصَّفَا لَا تضره فتْنَة مَا دَامَت السَّمَوَات وَالْأَرْض وقلب أسود
مربد كالكوز مجخيا وأمال كَفه لَا يعرف مَعْرُوفا وَلَا يُنكر مُنْكرا.
عرض أَي تُوضَع عَلَيْهَا وتبسط كَمَا يبسط الْحَصِير من عرض الْعود
على الْإِنَاء وَالسيف على الفخذين يعرضه ويعرضه إِذا وَضعه. وَقيل:
الْحَصِير عرق يَمْتَد مُعْتَرضًا على جنب الدَّابَّة إِلَى نَاحيَة
بَطنهَا أَو لحْمَة. مربد: من الربدة وَهِي لون الرماد. مجخياً: مائلاً
يُقَال: جخى اللَّيْل إِذا مَال ليذْهب وجخى الشَّيْخ إِذا حناه
الْكبر. قَالَ:: ... لَا خَيْرَ فِي الشَّيْخِ إذَا مَا جَخى ...
أَرَادَ أَنه لَا يعي خبراا لَا يثبت المَاء فى الْكوز المجخى. سلمَان
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ زيد بن صوحان: بت عِنْده وَكَانَ إِذا
تعارَّ من اللَّيْل قَالَ: سُبْحَانَ رب النَّبِيين وإله الْمُرْسلين
فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ: يَا زيد اكْفِنِي نَفسك يقظان أكفك نفسى
نَائِما.
عرر التعار: أَن يَسْتَيْقِظ مَعَ صَوت مَأْخُوذ من عرار الظليم
وَالْمعْنَى: لَا تعص الله فِي الْيَقَظَة وَأَنا أكفيك إِن النَّائِم
سَالم لَا يخَاف عَلَيْهِ المآثم.
(2/418)
9 - كَأَن زيدا حمد إِلَيْهِ تسبيحه فِي
حَال النّوم واستقصر نَفسه فِي أَن لم يتعود مثل ذَلِك فَأَجَابَهُ
سلمَان بِهَذَا. معَاذ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ضحَّى بكبش أعرم.
عرم هُوَ الْأَبْيَض فِيهِ نقط سود. قَالَ معقل بن خويلد الْهُذلِيّ:
... أَبَا مَعْقِلٍ لَا تُوطِئَنْكَ بغَاضَتي ... رُءُوسَ الأفاعي فِي
مَرَاصِدِها العُرْمِ ... ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا
سُئِلَ عَن قَوْله تَعَالَى: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ} فَقَالَ: من
الرَّفَث التَّعْرِيض بِذكر النِّكَاح وَهِي العرابة فِي كَلَام
الْعَرَب. [العرابة بِالْفَتْح وَالْكَسْر اسْم] من أعرب وعرَّب إِذا
أفحش قَالَ رؤبة: [يصف نسَاء جمعن العفاف عِنْد الغرباء وَالْإِعْرَاب
عِنْد الْأزْوَاج] . ... وَالْعرب فى عفافة وإعراب ... وفى حَدِيث ابْن
الزبير رَضِي الله عَنْهُمَا: لَا تحل العرابة للْمحرمِ. وَفِي حَدِيث
عَطاء رَحمَه الله تَعَالَى: إِنَّه كره الْإِعْرَاب للْمحرمِ. مَا أحب
بمعاريض الْكَلَام حمر النعم (7) .
عرض جمع معراض من التَّعْرِيض وَهُوَ خلاف التَّصْرِيح. يُقَال: عرفت
ذَاك فِي معراض كَلَامه. وَمِنْه حَدِيث عمرَان بن الْحصين إِن فى
المعاريض لمندوحة عَن الْكَذِب أَي لسعةً وفسحة. عُرْوَة بن مَسْعُود
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما اتَّصل بِهِ خبر الْمُغيرَة بن شُعْبَة
فى مخرجه
(2/419)
0 - إِلَى الْمُقَوْقس فر ركب من قومه
وَأَنه فِي مُنْصَرفه عدا عَلَيْهِم فَقَتلهُمْ وَأخذ حرائبهم قَالَ:
وَالله مَا كلمت مَسْعُود بن عَمْرو مُنْذُ عشر سِنِين وَاللَّيْلَة
ُأكَلِّمهُ فَخرج إِلَيْهِ فناداه عُرْوَة. فَقَالَ: من هَذَا فَقَالَ:
عُرْوَة فَأقبل مَسْعُود بن عَمْرو وَهُوَ يَقُول: أطرقت عراهية أم
طرقت بداهية
عرة [517] وَفِي هَذِه الْقِصَّة: إِن مَسْعُود بن عَمْرو قَالَ
لِقَوْمِهِ: وَالله لكَأَنِّي بكنانة ابْن عبد يَا ليل قد أقبل تضرب
درعه روحتي رجلَيْهِ لَا يعانق رجلا إِلَّا صرعه وَالله لكَأَنِّي
بجندب بن عَمْرو قد أقبل كالسيد عاضا على سهم مفوقا بآخر لَا يُشِير
بسهمه إِلَى أحد إِلَّا وَضعه حَيْثُ يُرِيد. قيل: أَصله عرائيه
بِإِضَافَة العراء إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم وهاء السكت فأبدلت الْهمزَة
هَاء أَي أطرقت أرضي وفنائي زَائِرًا كَمَا يطْرق الضيوف أم أُصبت
بداهية فَجئْت مستغيثاً وَقيل إِنَّمَا هِيَ عتاهية وَهِي الْغَفْلَة
أَرَادَ أوقعت هَاهُنَا غَفلَة بِغَيْر روية وَفِيه وَجْهَان آخرَانِ:
الْوَجْه الأول أَن تكون مصدرا على فعالية من عراه يعروه إِذا زَارَهُ
فأبدلت واوه همزَة ثمَّ الْهمزَة هَاء وَإِنَّمَا فعل هَذَا ليزاوج
داهية. وَلَيْسَ هَذَا بأبعد من جمع الْغَدَاة بالغدايا لأجل العشايا
وَمن الْمصير إِلَى مأمورة عَن مؤمرة لأجل مأبورة وَمن أشباه لَهما لَا
يستبعد مَا ذكرنَا مستقريها وَالْمعْنَى على هَذَا الْوَجْه من السداد
وَالصِّحَّة على مَا ترَاهُ. وَالْوَجْه الثانى أَن تكون عزاهية
(بالراى) مصدرا من عزه يعزه وَهُوَ عزه إِذا لم يكن لَهُ أرب فِي
الطّرق وَمَعْنَاهُ أطرقت بِلَا أرب وَلَا حَاجَة أم أصابتك داهية
أحوجتك إِلَى الاستغاثة الروحة من الروَّح وَهُوَ تبَاعد صُدُور
الْقَدَمَيْنِ وتداني العقبين يُرِيد إِن درعه كَانَت سابغة تبلغ ذَلِك
الْموضع من رجلَيْهِ. عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا سُئلت عَن
العراك فَقَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم يتوشحنى وينال
من رأسى.
(2/420)
1 - عَرك عركت تعرك عراكا إِذا حَاضَت
فَهِيَ عارك. التوشح: الاعتناق لِأَن المعتنق يَجْعَل يَدَيْهِ مَكَان
الوشاح قَالَ: ... جعلتُ يَدَيَّ وشَاحاً لَهُ ... وبَعْضُ الفَوَارِسِ
لَا يَعْتَنقْ ... النّيل من الرَّأْس: التَّقْبِيل. ابْن
الْحَنَفِيَّة رحمهمَا الله كل الْجُبْن عرضا.
عرض أى اعتراضه واشتره مِمَّن وجدته وَلَا تسْأَل عَمَّن عمله أَمن عمل
أهل الْكتاب أم من عمل الْمَجُوس. أَبُو سَلمَة رَحمَه الله تَعَالَى
كنت أرى الرُّؤْيَا أُعرى مِنْهَا غير أَنِّي لَا أُزمل فَلَقِيت أَبَا
قَتَادَة فَذكرت ذَلِك لَهُ.
عرو من العرواء وَهِي رعدة الْحمى. ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله
تَعَالَى إِن امْرأ لَيْسَ بَينه وَبَين آدم أَب حيّ لمعرق لَهُ فى
الْمَوْت.
عرق أَي مصيَّر لَهُ عرق [518] فِيهِ يَعْنِي أَنه أصيل فِي الْمَوْت.
النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: لَا تجْعَلُوا فِي قَبْرِي
لَبَنًا عرزمياًّ.
عرزوم عَرْزَم: جبانة [بِالْكُوفَةِ] نسب اللَّبن إِلَيْهَا وَإِنَّمَا
كرهه لِأَن فِي هَذِه الْجَبانَة إِحْدَاث النَّاس فاللبن الْمَضْرُوب
فِيهَا مستقذر. طَاوس رَحمَه تَعَالَى إِذا استعرَّ عَلَيْكُم شَيْء من
النعم فَاصْنَعُوا بِهِ مَا تَصْنَعُونَ بالوحش.
عرر أَي استعصى وندَّ من العرارة وَهِي الشدَّة. الْحسن رَحمَه الله
تَعَالَى قَالَ البتيَّ لِلْحسنِ: يَا أَبَا سعيد مَا تَقول فِي رجل
رعف فى
(2/421)
عرب الصَّلَاة قَالَ الْحسن: إِن هَذَا
يعرب النَّاس وَهُوَ يَقُول رعف وروى أَنه قَالَ مَا رُعف لَعَلَّك
تُرِيدُ رَعَف. أَي يعلمهُمْ الْعَرَبيَّة اللُّغَة الفصيحة. رعف
(بِفَتْح الْعين) وَقد جَاءَ رعف (بضَمهَا) وَهِي ضَعِيفَة وَأما رعف
فعامية ملحونة. وَعَن أبي حَاتِم سَأَلت الْأَصْمَعِي عَن رَعُف ورُعِف
فَلم يعرفهما. سعيد رَحمَه الله تَعَالَى مَا أكلت لَحْمًا أطيب من
معرفَة البرذون.
عرر هى منبت العُرف. فِي الحَدِيث من سَعَادَة الْمَرْء خفَّة عارضيه.
عرض قيل: الْعَارِض من اللِّحْيَة مَا ينْبت على عرض اللحى فَوق الذقن.
وَقيل عارضا الْإِنْسَان صفحتا خديه. وَالْمعْنَى خفَّة اللِّحْيَة.
وَقيل هُوَ كِنَايَة عَن كَثْرَة الذِّكر أَي لَا يُحَرك عارضيه إِلَّا
بِذكر الله. وَيُقَال: فلَان خَفِيف الشّفة أَي قَلِيل السُّؤَال
للنَّاس. دُفن بعض الْخُلَفَاء بعرين مَكَّة.
عرن أَي بفنائها شبَّه لعزَّه ومنعته بعرين الْأسد وَهُوَ غابته.
وَكَانَ دَفنه فِي بِئْر مَيْمُون. من عرَّض عرَّضنا لَهُ وَمن مَشى
على الكلاء قذفناه فِي المَاء وروى: ألقيناه فِي النَّهر.
عرض أَي من عرَّض بِالْقَذْفِ وَلم يُصَرح عرَّضنا لَهُ بِضَرْب خَفِيف
تأديباً لَهُ وَلم نضربه الحدّ وَمن صرَّح حددناه فَضرب الْمَشْي على
الكلاء وَهُوَ مرفأ السفن مثلا
(2/422)
لارتكابه مَا يُوجب الحدّ وتعرُّضه لَهُ
وَالْإِلْقَاء فى النَّهر لإصابته مَا تعرض لَهُ.
عر سَأَلَ رجل رجلا عَن منزله فَأخْبرهُ أَنه ينزل بَين حيين من
الْعَرَب. فَقَالَ: نزلت بَين المجرة والمعرة. يَعْنِي نزلت بَين حيين
عظيمين كثيري الْعدَد فشبههما بالمجرة لِأَنَّهَا فِيمَا يُقَال نُجُوم
تدانت فطمس بَعْضهَا بَعْضًا وبالمعرة وَهِي من نَاحيَة الشَّام
والنجوم هُنَاكَ تكْثر وتشتبك. عرق فِي (شَذَّ) . عرض لَهُ فِي (جا)
[519] . فعرَّضوا فِي (هج) . تعارّ فِي (جر) . العرص فِي (جر)
الْعَرَايَا فِي (حق) . الْعَارِض فى (صب) . بالعرش فى (رج) . استعربا
فى (دح) . [عرابا فى (رج) .] عَرِيش فى (وش) . بالعرة فِي (غر) أَعرَضت
فِي (قصّ) العرفط فِي (قل) تعرب فِي (كرّ) عريرا فِي (حل) الْعرُوض فِي
(ذُقْ) معرضًا فِي (سف) من عرضك فِي (فق) يعرها فِي (خب) . عرواء فِي
(وط) عركة فِي (سح) وعوارضها فِي (جز) العركي فِي (رم) لَعَرِيض فِي
(وس) بعرعرة الْجَبَل فِي (قر) قد اعترقها فِي (غر) وَعرضه فِي (لَو)
عرفج فِي (ضرّ) . مَعْرُوفَة فِي (سو) وَعرض فِي (ند) عريس فِي (حص)
المعتر فِي (تب) عَرْشِي فِي (ثل) من عرضهَا فِي (جو) بالعرج فِي (عق)
أَشمّ الْعرنِين فِي (قح) مَعْرُوفا فِي (أس) الاعرج فِي (فر) قد
عرفناك فِي (بص) لَا أَعرفن فِي (خي) بالعرة فِي (دم) ] .
الْعين مَعَ الزَّاي
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث بعثاً فَأَصْبحُوا بِأَرْض عزوبة
بجراء فَإِذا هم بأعرابي فِي قبَّة لَهُ غنم بَين يَدَيْهِ فَجَاءَهُ
الْقَوْم فَقَالُوا: أجزرنا فَاخْرُج لَهُم شَاة فسحطوها ثمَّ أخرج
لَهُم أُخْرَى فسحطوها ثمَّ قَالَ: مَا بَقِي فِي غنمي إِلَّا فَحل أَو
شَاة ربى فَلَمَّا أبه ر الْقَوْم احترقوا وَقد أقَال الْأَعرَابِي
غنمه فِي الْقبَّة فَقَالُوا: نَحن أَحَق بالظل من
(2/423)
4 - الْغنم أخرجهَا عَنَّا فَقَالَ:
إِنَّكُم مَتى تُخرجوا غنمي فِي الْحر ترمض وتطرح أَوْلَادهَا وَإِنِّي
رجل قد زكيت وَصليت
عزب الْعُزُوبَة: الْبَعِيدَة المضرب إِلَى الْكلأ فعولة من عزب إِذا
بعد وَدخُول التَّاء نَحْو دُخُولهَا فِي امْرَأَة فروقة وملولة أَعنِي
للْمُبَالَغَة لَا للتأنيث لِأَن فعولًا يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر
والمؤنث كَقَوْلِك: شكور وصبور لَهما وَيصدق أَن دُخُولهَا
للْمُبَالَغَة قَوْلهم للرجل: فروقة وملولة. البجراء: المرتفعة من
الأبجر الناتىء السُّرَّة. أجزرنا: أعطنا جزرة وَهِي الشَّاة الَّتِي
تُذبح. السَّحط: الذّبْح الوحيّ. أبهروا: توسطوا النَّهَار والبهرة:
الْوسط. ترمض: تحترق فِي الرمضاء. قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: يَا أبجشة
رويدك سوقا بالعوازم.
عزم جمع عوزم وَهِي المسنة وفيهَا بَقِيَّة. قَالَ سَلمَة بن زفر
الغنوي: ... وكبَّرتَ كلَّ عَجُوزٍ عَوْزم ... ضَامِدٍ جَبْهَتُها
كالكُرْكُمِ ... سوقاً: مَنْصُوب برويد كَقَوْلِك رويدا زيدا بِمَعْنى
أمهله وَلَا تعجل عَلَيْهِ وَالْكَاف للخطاب. وَيجوز أَن يكون ضميرا
وريد مُضَاف إِلَيْهِ كَقَوْلِك ضربك زيدا. سمع أَبى كَعْب رجلا يَقُول
يالفلان فَقَالَ: أعضض بِهن أَبِيك وَلم يكنِّ. فَقَالُوا لَهُ: يَا
أَبَا الْمُنْذر مَا كنت فحاشا. فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من تعزَّى بعزاء الْجَاهِلِيَّة
فأعضوه بِهن أَبِيه وَلَا تكنوا.
عزى التعزي [25] والاعتزاء بِمَعْنى وَهُوَ الانتساب وَأَن يَقُول: يَا
لفُلَان قَالَ
(2/424)
5 - ... دَعَوْا لكَلْبٍ واعتَزيْنا
لعامِرٍ ... وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: من لم يتعزَّ بعزاء
الله فَلَيْسَ منا. أى من اسْتَغَاثَ فَقَالَ: بِاللَّه أَو يَا
للمسليمن وَفِي حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ: يَا
لله للمسليمن وَفِي حَدِيثه: سَتَكُون للْعَرَب دَعْوَى قبائل فَإِذا
كَانَ ذَلِك فالسيف السَّيْف وَالْقَتْل الْقَتْل حَتَّى يَقُولُوا يَا
للْمُسلمين وَيرى أَن رجلا قَالَ بِالْبَصْرَةِ: يَا لعامر فجَاء
النَّابِغَة الْجَعْدِي بعصبةٍ لَهُ فَأَخذه شَرط أبي مُوسَى فضربوه
خمسين سَوْطًا بإجابة دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة. والعزاء والعزوة: اسْم
لدعوى المستغيث. المُرَاد بترك أَن يَقُول: اعضض بأير أَبِيك وَلَا
يكنى عَن الأير بالهن. وَأمره عَلَيْهِ السَّلَام بذلك إغراق فِي
الزّجر عَن الدَّعْوَى وإغلاظ على أَهلهَا. خير الْأُمُور عوازمها.
عزم يَعْنِي مَا وكدت عزمك عَلَيْهِ ووفيت بِعَهْد الله فِيهِ. أَو
فرائضها الَّتِي عزم الله عَلَيْك بِفِعْلِهَا. وَالْمعْنَى ذَوَات
عزمها كَقَوْلِه تَعَالَى: {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أَي الَّتِي فِيهَا
عزم وَالَّتِي فِيهَا رضَا لِأَن المعزوم عَلَيْهِ والمرضي ذُو عزم
وَذُو رضَا أَي يَصْحَبهُ الْعَزْم وَالرِّضَا.
عزل قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من رأى مقتل حَمْزَة فَقَالَ رجل
أعزل: أَنا رَأَيْته. هُوَ الَّذِي لَا سلَاح مَعَه.
(2/425)
6 - وَمِنْه حَدِيث زَيْنَب رَضِي الله
عَنْهَا أَنَّهَا لما أجارت أَبَا الْعَاصِ خرج النَّاس إِلَيْهِ
عزلاً. لما قدم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة نزل على كُلْثُوم
بن الْهدم وَهُوَ شَاك فَأَقَامَ عِنْده ثلاثلا ثمَّ اسْتعزَّ بكلثوم
فانتقل إِلَى سعد بن خَيْثَمَة.
عزز يُقَال: اسْتعزَّ بِهِ الْمَرَض وَغَيره واستعز عَلَيْهِ إِذا
اشْتَدَّ عَلَيْهِ وغلبه ثمَّ يبْنى الْفِعْل للْمَفْعُول بِهِ الَّذِي
هُوَ الْجَار مَعَ الْمَجْرُور فَيُقَال: اسْتعزَّ بِهِ وَعَلِيهِ إِذا
غلب بِزِيَادَة مرض أَو بِمَوْت وَالْمرَاد هَاهُنَا الْمَوْت. أَبُو
بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي قصَّة الْغَار إِنَّه كَانَ لَهُ
غنم فَأمر عَامر بن فهَيْرَة أَن يعزِّب بهَا فَكَانَ يروح عَلَيْهَا
مغيسقا.
عزب قَالَ يَعْقُوب: عزب فلَان بإبله إِذا ذهب بهَا إِلَى عَازِب من
الكلاء. قَالَ: وَأنْشد [النَّابِغَة] : ... [ضَلَّتْ حُلُومُهم
عَنْهُم وغَرّهُمُ] ... سَنَّ المُعَيْدِيّ فِي رَعْيٍ وتَعْزِيب ...
وَقَالَ غَيره: مَال عزب وجشر وَهُوَ الَّذِي يعزب عَن أَهله وَرجل
معزب ومجشر. وَفِيه لُغَتَانِ: عزَّب السوام وَبهَا فتعديته بِغَيْر
بَاء ظَاهِرَة لِأَنَّهُ نقل من [521] عزّب كغرّب من غرب. وَفِي
الْبَاء وَجْهَان: أَحدهمَا أَن تزداد لزِيَادَة التبعيد. وَالثَّانِي:
أَن تنزل منزلَة فِي قَوْله: ... يَجْرَحُ فِي عَرَاقِيبها نَصْلِي ...
أَي فعل بهَا التَّغْرِيب وألصقه بهَا وَيجوز أَن يكون عزَّب مُبَالغَة
فِي عزب نَحْو صدَّق فِي صدق ثمَّ يعدى بِالْبَاء. وَفِي الحَدِيث: من
قَرَأَ الْقُرْآن فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَة فقد عزَّب. أَي أبعد
الْعَهْد بأوله وَأَبْطَأ فِي تِلَاوَته. الترويح: الإراحة.
(2/426)
7 - المغسق: الدَّاخِل فِي الغسق. ابْن
مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِن الله يحب أَن يُؤْخَذ
بِرُخصِهِ كَمَا يحب أَن يُؤْخَذ بِعَزَائِمِهِ.
عزم أَي بِفَرَائِضِهِ الَّتِي أوجبهَا وَأمر بهَا. ابْن عمر رَضِي
الله تَعَالَى عَنْهُمَا إِن قوما اشْتَركُوا فِي قتل صيد وهم محرمون
فسألوا بعض أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَمَّا يجب
عَلَيْهِم فَأمر كل وَاحِد مِنْهُم بكفارة ثمَّ سَأَلُوا ابْن عمر
وَأَخْبرُوهُ بِفُتْيَا الَّذِي أفتاهم فَقَالَ: إِنَّكُم لمعزز بكم.
أَي مشدد بكم ومثقل عَلَيْكُم الْأَمر. سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ قَالَ: رَآنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا لحديبية
عزلا.
عزل أَي لَا سلَاح معي على فعل كَقَوْلِهِم: امْرَأَة فنق وناقة علط
وَيجمع على أعزال قَالَ: ... رَأَيْت الْفتية الأعزال ... ل مثل الاينق
الرعل ...
عزز عَمْرو بن مَيْمُون رَحمَه الله تَعَالَى لَو أَن رجلا أَخذ شَاة
عزوزا فحلبها مَا فرغ من حلبها حَتَّى أُصلي الصَّلَوَات الْخمس. هى
الضيقة الإحليل وَقد عزَّت عزوزاً. وَقَالَ النَّضر: عزوز بَيِّنَة
العزاز أَرَادَ أَنه يُخَفف الصَّلَاة. عَمْرو بن معد يكرب رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ قَالَ لَهُ الْأَشْعَث: أما وَالله لَئِن دَنَوْت
لأُضرطنك فَقَالَ عَمْرو: كلا وَالله إِنَّهَا لعزوم مفزَّعة.
(2/427)
8 - عزم أَي صبور صَحِيحَة العقد والاست
تكنى بِأم عزم يُرِيد أَن استه ذَات عزم وَقُوَّة وَلَيْسَت بواهية
فتضرط. والمفزعة من فزَّع عَنهُ إِذا أَزَال عَنهُ فزعه على حذف
الْجَار وإيصال الْفِعْل أَي هِيَ آمِنَة لَا يرهقها فزع أَو من
قَوْلهم للرجل الشجاع مفزع. لِأَن الأفزاع تنزل بِمثلِهِ. وَيُقَال
للجبان أَيْضا مفزّع لِكَثْرَة فزعه وَنَظِيره قَوْلهم مغلَّب. عَطاء
رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ ابْن جريح: إِن عَطاء حدَّث بِحَدِيث فَقلت
لَهُ: أتعزيه إِلَى أحد
عزى أى أتسنده من عزاهُ إِلَى أَبِيه يعزوه ويعزيه إِذا نسبه. الزهرى
رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ يتَرَدَّد إِلَى مجْلِس عبيد الله بن عبد
الله بن عتبَة وَيكْتب عَنهُ فَكَانَ يقوم لَهُ إِذا دخل أَو خرج [522]
وَيُسَوِّي عَلَيْهِ ثِيَابه إِذا ركب ثمَّ إِنَّه ظن أَنه استفرغ مَا
عِنْده فَخرج يَوْمًا فَلم يقم لَهُ فَقَالَ عبيد الله. إِنَّك بعد فى
العزاز فَقُمْ.
عزز هِيَ الأَرْض الصلبة الخشنة تكون فِي أَطْرَاف الْأَرْضين يَعْنِي
أَنَّك فِي أَطْرَاف الْعلم وَلما تبلغ الأوساط فَلَا تتْرك الْقيام لي
وتخفف الْمُحْتَاج إِلَيّ فِي خدمتي. عَزِيز فِي (عص) . العزوز فِي
(شب) . وعزل المَاء فِي (غي) . وعزازها فِي (نَص) . تعززني فِي (حب) .
عزز فِي (حل) . اعتزمنا فِي (ظلّ) [بالعزم فِي (حز) . العزائم فى (خض)
. غزل فِي (فر) . عزلاء فِي (شو) . عزاهية فِي (عر) ] .
الْعين مَعَ السِّين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن عسب الْفَحْل.
عسب أَي عَن كِرَاء قرعه. والعسب: القرع يُقَال: عسب الْفَحْل النَّاقة
يعسبها عسباً. والمستعسب: المستطرق وَهَذَا كلب يعسب إِذا ابْتغى
السفاد وَكَأَنَّهُ سمي عسباً لِأَن الْفَحْل يركب العسيب إِذا سفد
وَقد سمى مَا يُؤْخَذ عَلَيْهِ من الْكِرَاء باسمه وَقيل عسبت الرجل
إِذا أَعْطيته الْكِرَاء على ضراب فَحله.
(2/428)
9 - وَعَن أبي معَاذ: كنت تياساً فَقَالَ
لي الْبَراء بن عَازِب: لَا يحل لَك عسب الْفَحْل. وَعَن قَتَادَة:
أَنه كره عسب الْفَحْل لمن أَخذه وَلم ير بَأْسا لمن أعطَاهُ. بعث صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة فَنهى عَن قتل العسفاء والوصفاء وروى
الأسفاء.
عسف العسيف: الْأَجِير وَالْعَبْد المستهان بِهِ. قَالَ: ... أطلعت
النفسَ فِي الشَّهوَات حَتَّى ... أَعادَتْنِي عَسِيفاً عَبْدَ عَبْدِ
... وَلَا يَخْلُو من أَن يكون فعيلا بِمَعْنى فَاعل كعليم أَو
بِمَعْنى مفعول كأسير فَهُوَ على الأول من قَوْلهم: هُوَ يعسف ضيعتهم
أَي يرعاها ويكفيهم وَيُقَال: كم أعسف عَلَيْك أَي كم أعمل لَك وعَلى
الثَّانِي من العسف لِأَن مَوْلَاهُ يعسفه على مَا يُرِيد وَجمعه على
فعلاء فِي الْوَجْهَيْنِ نَحْو قَوْلهم: عُلَمَاء وأُسراء. الأسيف:
الشَّيْخ الفاني وَقيل العَبْد. وَعَن الْمبرد: يكون الأحير وَيكون
الْأَسير. وفى الحَدِيث: لاتقتلوا عسيفا وَلَا أسيفا.
عسل إِذا أَرَادَ الله تَعَالَى بعبدٍ خيرا عسله. قيل: يَا رَسُول الله
وَمَا عسله قَالَ: يفتح الله لَهُ عملا صَالحا بَين يَدي مَوته حَتَّى
يرضى عَنهُ من حوله. هُوَ من عسل الطَّعَام يعسِله ويَعْسُله إِذا جعل
فِيهِ الْعَسَل كَأَنَّهُ شبه مَا رزقه الله من الْعَمَل الصَّالح الذى
طَابَ بِهِ ذكره بَين قومه بالعسل الَّذِي يَجْعَل فِي الطَّعَام فيحلو
لي بِهِ ويطيب [523] . قَالَ لامْرَأَة رِفَاعَة الْقرظِيّ:
أَتُرِيدِينَ أَن تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَة [فَقَالَت: نعم قَالَ:] لَا
حَتَّى تذوقى عُسَيْلَته وَيَذُوق عُسَيْلَتك. قَالَت: فَإِنَّهُ يَا
رَسُول الله قد جَاءَنِي هبَّة. وروى أَن رِفَاعَة طلّق امْرَأَته
فَتَزَوجهَا عبد الرَّحْمَن بن الزبير فَجَاءَت وَعَلَيْهَا خمار
أَخْضَر فشكت إِلَى عَائِشَة وأرتها خضرَة جلدهَا. فَلَمَّا جَاءَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(2/429)
0 - وَالنِّسَاء ينصر بَعضهنَّ بَعْضًا
قَالَت عَائِشَة: مَا رَأَيْت مثل مَا تلقى الْمُؤْمِنَات لجلدها أَشد
خضرَة من ثوبها وَسمع أَنَّهَا قد أَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فجَاء وَمَعَهُ ابْنَانِ لَهُ من غَيرهَا. قَالَت: وَالله مَالِي
إِلَيْهِ من ذَنْب إِلَّا أَن مَا مَعَه لَيْسَ بأغنى عَنى من هَذِه
وَأخذت هدبة من ثوبها فَقَالَ: كذبت وَالله يَا رَسُول الله إنى
لأنفضها نفض الْأَدِيم وَلكنهَا ناشز تُرِيدُ رِفَاعَة. فَقَالَ رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَإِن كَانَ ذَلِك لم تحلي لَهُ حَتَّى
تَذُوقِي عُسَيْلَته فأبصر مَعَه ابْنَيْنِ لَهُ فَقَالَ: أبنوك
هَؤُلَاءِ قَالَ: نعم قَالَ: هَذَا الَّذِي تزعمين مَا تزعمين
فوَاللَّه لَهُم أشبه بِهِ من الْغُرَاب بالغراب. وروى أَنَّهَا
قَالَت: إِنِّي كنت عِنْد رِفَاعَة فطلقني فبتَّ طَلَاقي فَتزوّجت عبد
الرَّحْمَن بن الزبير. وَإنَّهُ وَالله مَا مَعَه إِلَّا مثل هَذِه
الهدبة وَأخذت هدبة من جلبابها. ضرب ذوق الْعسيلَة وهى تَصْغِير العسلة
وَهِي تَصْغِير العسلة من قَوْلهم: كُنَّا فِي لحْمَة ونبيذة وعسلة
مثلا لإصابة حلاوة الْجِمَاع ولذته وَإِنَّمَا صُغّر إِشَارَة إِلَى
الْقدر الَّذِي يحلل وأرادت بِالْهبةِ الْمرة الْوَاحِدَة تَعْنِي أَن
الْعسيلَة قد ذبقت بالوقاع مرّة. وَالْهِبَة: الْوَقْعَة يُقَال احذر
هبة السَّيْف أَي وقعته. شبهت مَا مَعَه بالهدبة فِي استرخائه وَضَعفه.
الجلباب: الرِّدَاء وَقيل: ثوب أوسع من الْخمار تغطي بِهِ الْمَرْأَة
رَأسهَا وصدرها. جعل جَاءَ عبارَة عَن المواقعة كَمَا جعل أَتَى وغشى.
أبنوك هَؤُلَاءِ دَلِيل على أَن الِاثْنَيْنِ جمَاعَة. كَانَ فِي كَانَ
ذَلِك تَامَّة بِمَعْنى وثبث. عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مر
بِعَبْد الرَّحْمَن بن عتاب قَتِيلا يَوْم الْجمل فَقَالَ: لهفي
عَلَيْك يعسوب قُرَيْش جدعت أنفي وشفيت نفسى.
(2/430)
عسب وَقَالَ حِين ذكر الْفِتَن: فَإِذا
كَانَ ذَلِك ضرب يعسوب الدّين بِذَنبِهِ فيجتمعون إِلَيْهِ كَمَا
يجْتَمع قزع الخريف. أَرَادَ السَّيِّد والرئيس وَأَصله الْفَحْل
يُقَال لفحل النَّحْل يعسوب. وَقَالَ الهيبان الفهمي [524] : ... كَمَا
ضُرِب اليعسوب إنْ عَاف باقرٌ ... وَمَا ذَنْبُه إِن عَافَت المَاء
باقِرُ ... يَعْنِي فَحل الْبَقر وَهُوَ يفعول من العسب بِمَعْنى
الطّرق. وَالضَّرْب بالذنب مثل الاقامة والثبات. القزع: قطع السَّحَاب.
زيد بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أمره أَبُو بكر أَن يجمع
الْقُرْآن قَالَ: فَجعلت أتتبعه من الرّقاع والعسب واللخاف. جمع عسيب
وَهُوَ السعفة. وَمِنْه حَدِيث الزُّهْرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قُبض
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن فِي العُسب والقضم
والكرانيف. اللخاف: حِجَارَة بيض الْوَاحِدَة لخفة. القضم: جمع قضيم
وَهِي جُلُود بيض. قَالَ: [النَّابِغَة] ... كأَنَّ مَجَرّ الرامسات
ذيولها ... عَلَيْهِ] قضيم بمقته الصَّوَانِعُ ... الكرانيف: أصُول
السعف الْغِلَاظ جمع كرنافة. العسلوج فِي (صب) . عساً فِي (هج) وَفِي
(دش) . عسيفاً فِي (كت) . وَفِي (ذَر) . عسيب فِي (فر) . بعساء فِي
(من) . يعسوباً فِي (سج) . عسعس فِي (جو) . [عسرانه فِي (نت) . أعْسر
فِي (لب) بعسفان فِي (ضج) . يعتسر فى (عص) ] .
(2/431)
2 - الْعين مَعَ الشين
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن زِيَاد بن الْحَارِث الصدائي
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره فاعتشى
فِي أول اللَّيْل فَانْقَطع عَنهُ أَصْحَابه وَلَزِمتهُ فَلَمَّا كَانَ
وَقت الآذان أَمرنِي فأذَّنت فَلَمَّا نزل للصَّلَاة لحقه أَصْحَابه
فَأَرَادَ بِلَال أَن يُقيم فَقَالَ لَهُ: إِن أَخا صداء هُوَ الَّذِي
أذن وَمن أذن فَهُوَ يُقيم.
عشى اعتشى: سَار وَقت الْعشَاء كاغتدى واستحر وابتكر أنْشد الجاحظ
لمزاحم الْعقيلِيّ: ... وُجوهٌ لوان المُعْتَفِين اعْتَشَوْا بهَا ...
صَدَعْنَ الدُّجَى حَتَّى يُرى اللَّيْل يَنْجَلِي. ... قَالَ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: يَا معشر الْعَرَب احمدوا الله الَّذِي رفع عَنْكُم
العشوة. أَي ظلمَة الْكفْر. قَالَ أَبُو زيد: يُقَال مضى من اللَّيْل
عشوة وَهِي سَاعَة من أَوله إِلَى الرّبع وفيهَا ثَلَاث لُغَات: الضَّم
وَالْفَتْح وَالْكَسْر. قَالَ الْكُمَيْت: ... لَا يَنْظُرُ العَشْوة
الملتخّ غيْهَبُها ... وَلَا تضيق على زُوَّارِه الحِلَلُ ... قَالَ
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للنِّسَاء: إنكن أَكثر أهل النَّار وَذَلِكَ
لأنكن تكثرن اللَّعْن وتكفرن العشير. هُوَ المعاشر كالخليل بِمَعْنى
المخالل وَالصديق بِمَعْنى المصادق. قَالَ الله تَعَالَى (7) :
{وَلَبِئْسَ العَشِيرُ} . وَالْمرَاد بِهِ الزَّوْج. قَالَ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فِي حجَّة الْوَدَاع: لَا يعشرن وَلَا يحشرن.
(2/432)
3 - عشر أَي لَا يُؤْخَذ عُشر أموالهن
وَلَا يُحشرن إِلَى الْمُصدق وَلَكِن تُؤْخَذ مِنْهُنَّ الصَّدَقَة
بمواضعهن. وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: تُؤْخَذ صدقَات
الْمُسلمين عِنْد بُيُوتهم وأفنيتهم وعَلى مِيَاههمْ. وَقيل: لَا يحشرن
إِلَى الْمَغَازِي. وَعنهُ [525] : أَن وَفد ثَقِيف اشترطوا عَلَيْهِ
أَلا يعشرُوا وَلَا يحْشرُوا وَلَا يجبوا فَقَالَ: لَا خير فِي دين لَا
رُكُوع فِيهِ. وَالتَّجْبِيَة: الرُّكُوع. قَالَ جُنْدُب الْجُهَنِيّ
رَضِي الله عَنهُ: بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غَالب ابْن
عبد الله إِلَى من بالكديد وَأمره أَن يُغير عَلَيْهِم فأتينا بطن
الكديد فنزلنا عشيشية فَبَعَثَنِي صَاحِبي ربيئة فعمدت إِلَى تل يطلعني
على الْحَاضِر فانبطحت عَلَيْهِ وَذَلِكَ قبل الْمغرب فرآني رجل
مِنْهُم منبطحاً على التل فَرَمَانِي بِسَهْم فوَاللَّه مَا أَخطَأ
جَنْبي فانتزعته فَوَضَعته [وثبتّ] ثمَّ رمى بِالْآخرِ فَوَضعه فِي
جَنْبي فنزعته وَوَضَعته وَلم أتحرك فَقَالَ لامْرَأَته: وَالله لقد
خاطه سهماى وَلَو كَانَ زائلة لتحرك.
عشى هى تضغير عَشِيَّة على غير قِيَاس يُقَال: أَتَيْته عشيشية وعشانة
وعشيشيانا. الزائلة: كل شَيْء تحرّك وَزَالَ عَن مَكَانَهُ يُقَال:
زَالَت لي زائلة أَي شخص لي شخص وَرجل رامي الزوائل أَي طب بإصباء
النِّسَاء وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي: ... وكنتُ امرا أرمي الزوائل
مَرَّةً ... فأصبحتُ قد وَدَّعْتُ رَمْيَ الزَّوَائلِ
وعَطَّلْتُ قَوْسَ الجَهلِ عَن شِرَعاتها ... وعادَتْ سهامي بَين رَثٍّ
وناصِل ... صلى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مَسْجِد بمنى فِيهِ
عيشومة.
(2/433)
4 - عشم هى نَبِي طَوِيل محدد الْأَطْرَاف
كَأَنَّهُ الأسل يتَّخذ مِنْهُ الْحصْر الدقاق. قَالَ ذُو الرمة ...
[للْجِنّ بِاللَّيْلِ فِي أَرجائها زَجَل] ... كَمَا تناوحَ يَوْم
الرّيح عَيْشُوم ... وَيُقَال: إِن ذَلِك الْمَسْجِد يُقَال لَهُ
مَسْجِد العيشومة [لِأَن] فِيهِ عيشومة خضراء أبدا فِي الخصب والجدب.
عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وقفت عَلَيْهِ امْرَأَة [عشمة] بأهدام
لَهَا فَقَالَت: حياكم الله قوما تَحِيَّة السَّلَام وأمارة
الْإِسْلَام إِنِّي امْرَأَة جحيمر طهملة أَقبلت من هكران وكوكب
أجاءتني النآئد إِلَى استيشاء الأباعد بعد الدفء والوقير فَهَل من
نَاصِر يجْبر أَو دَاع يشْكر أعاذكم الله من جوح الدَّهْر وضغم الْفقر
يُقَال للرجل وَالْمَرْأَة عشمة وعشبة إِذا أسنا ويبسا من عشم الْخبز
إِذا يبس وتكرَّج. وَفِي حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة: أَن أُمَيْمَة
(7) بنت الْحَارِث النهدية دخلت عَلَيْهِ تخاصم زَوجهَا وهب بن سَلمَة
بن جَابر الرَّاسِبِي فَقَالَت: أصلح الله الْأَمِير ينَام عني حجرَة
وَإِن دنا ولى وولانى دبره ينَام عَن الْحَقَائِق وَيَسْتَيْقِظ
للبوائق ليلِي من جراه طَوِيل وخادمي مِنْهُ فِي عويل فَقَالَ زَوجهَا:
كذبت يَا عدوة الله وأثمت وَالله مَا أقدر على أَن أقوم بشأنك فَكيف
أتعداك إِلَى غَيْرك
عشم فَقَالَت: وَالله مَا أردْت إِلَّا هَذَا فَفرق بيني وَبَينه
فوَاللَّه [526] مَا هُوَ إِلَّا عشمة من العشم وَالله مَا يقدر على
مَا يقدر عَلَيْهِ الرِّجَال. الأهدام: جمع هدم وَهُوَ الثَّوْب
الَّذِي هَدمه البلى.
(2/434)
5 - جحيمر: تَصْغِير جحمرش وَهِي الْعَجُوز
القحلة. طهملة: مسترخية اللَّحْم. هكران وكوكب: جبلان. النآئد: جمع نآد
وَهِي الداهية وَيُقَال نأدته نأداً. جعلت الاستيشاء وَهُوَ الاحتلاب
والاستخراج يُقَال استوشيت النَّاقة إِذا امتريتها واستوشى الْفرس
استخرج مَا عِنْده من الجرى عبارَة عَن الْمَسْأَلَة كَمَا يَجْعَل
الاختباط. الوقير: الْغنم الْكثير. النَّاصِر: الْمُعْطِي من نصر
الْغَيْث أَرض بني فلَان. الجوح: الِاحْتِيَاج. الضغم: العضّ. ابْن عمر
رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَتَاهُ رجل فَسَأَلَهُ فَقَالَ: كَمَا
لَا ينفع من الشّرك عمل فَهَل يضر من الْإِسْلَام ذَنْب فَقَالَ ابْن
عمر: عش وَلَا تغتر ثمَّ سَأَلَ ابْن الزبير فَقَالَ مثل ذَلِك ثمَّ
سَأَلَ ابْن عَبَّاس فَقَالَ مثل ذَلِك.
عشا هَذَا مثل للْعَرَب تضربه فِي التوصية بِالِاحْتِيَاطِ وَالْأَخْذ
بالوثيقة. وَأَصله أَن رجلا أَرَادَ التفويز بإبله وَلم يعشا ثِقَة
بعشب سيجده فَقيل لَهُ ذَلِك. وَالْمعْنَى توق الذَّنب وَلَا ترتكبه
اتِّكالا على الْإِسْلَام وَخذ بِمَا هُوَ أحوط لَك وآمن مغبة. ابْن
عُمَيْر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا من عاشية أطول أنقا وَلَا أطول
شبعا من عَالم من علم. يُقَال: عشيت الْإِبِل إِذا تعشت فَهِيَ عاشية
وَفِي أمثالهم: العاشية تهيج الآبية.
(2/435)
6 - الأنق: الْإِعْجَاب بالمرعى يُقَال:
أنق الشَّيْء فَهُوَ آنق وأنق إِذا أعجب. وأنقت الشَّيْء أنقا إِذا
أحببته وأُعجبت بِهِ. مِنْ فِي مِنْ عَالم يتَعَلَّق بأفعل الثَّانِي
عندنَا لِأَنَّهُ أقربهما وفى من علم بالشبع. وَالْمعْنَى: مَا من
عاشية أطول أنقاً من عَالم وَلَا أطول شبعاً من الْكلأ من عَالم من علم
يُرِيد أَن الْعَالم منهوم متمادي الْحِرْص. وروى: مَا من عاشية أدوم
أنقاً وَلَا أَبْطَأَ شبعاً من عاشية علم. ابْن الْمسيب رَحمَه الله
قَالَ على بن يزِيد: سمعته وَهُوَ ابْن أَربع وَثَمَانِينَ سنة وَقد
ذهبت إِحْدَى عَيْنَيْهِ. ويعشو بِالْأُخْرَى يَقُول: مَا أَخَاف على
نفسى قتنة هِيَ أَشد عَليّ من النِّسَاء. أَي ينظر نظرا ضَعِيفا
يُقَال: عشوت إِلَى النَّار أعشو. بالعشوة فِي (بُد) . العشنق وتعشيشاً
فِي (غث) . عشمة فِي (مز) . [عشري فِي (سنّ) عيشومة فِي (مص) .
العشاءين فِي (حَيّ) . وَلَا يعشرُوا فِي (ثو) . عشوات فِي (ذمّ) ] .
الْعين مَعَ الصَّاد
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غير اسْم العَاصِي وعزيز وعتلة
وَشَيْطَان وَالْحكم وغراب وشهاب وسمى المضطجع المنبعث وسمى شعب
الضَّلَالَة شعب الْهدى وَمر بِأَرْض تسمى عَثْرَة أَو عفرَة أَو غدرة
[527] فسماها خضرَة.
عَصا كره العَاصِي: لِأَن شعار الْمُؤمن الطَّاعَة. والعزيز لِأَن
العَبْد مَوْصُوف بالذل والخضوع والعزة لله تَعَالَى. وعتلة لِأَن
مَعْنَاهَا الغلظة والشدة من عتلته إِذا جذبته جذباً عنيفاً وَالْمُؤمن
مَوْصُوف بلين الْجَانِب وخفض الْجنَاح. وَالْحكم لِأَنَّهُ الْحَاكِم
وَلَا حكم إِلَّا لله.
(2/436)
7 - وشهابا لِأَنَّهُ الشعلة وَالنَّار
عِقَاب الْكفَّار وَلِأَنَّهُ يرْجم بِهِ الشَّيْطَان. وغرابا لِأَن
مَعْنَاهُ الْبعد وَلِأَنَّهُ أَخبث الطير لوُقُوعه على الْجِيَف وبحثه
عَن النَّجَاسَة. العثرة: الَّتِي لَا نَبَات فِيهَا إِنَّمَا هِيَ
صَعِيد قد علاها العثير وَهُوَ الْغُبَار. والعفرة: من عفرَة الأَرْض.
والغدرة: الَّتِي لَا تسمح بالنبات وَإِن أنبتت شَيْئا أسرعت فِيهِ
الآفة أخذت من الْغدر. عَن فضَالة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قَالَ
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حَافظ على العصرين وَمَا كَانَت
من لغتنا فَقلت: وَمَا العصران قَالَ: صَلَاة قبل طُلُوع الشَّمْس
وَصَلَاة قبل غُرُوبهَا. سماهما بالعصرين وهما الْغَدَاة والعشى قَالَ:
... أملطله العصرين حَتَّى يملنى ... ويرضى بِنصْف الدّين وَالْأنف
راغِم ... أَمر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِلَالًا أَن يُؤذن قبل
الْفجْر ليعتصر معتصرهم.
عصر أَرَادَ الَّذِي يضْرب الْغَائِط مِنْهُم فكنى عَنهُ بالمعتصر
إِمَّا من الْعَصْر أَو الْعَصْر وَهُوَ الملجأ والمستخفى.
عَصا لَا ترفع عصاك عَن أهلك. أَي لَا تغفل عَن أدبهم ومنعهم من
الْفساد والشقاق وَيُقَال للرجل الْحسن السياسة لما ولى: إِنَّه للين
الْعَصَا. قَالَ معن بن أَوْس الْمُزنِيّ: ... عَلَيْهِ شَرِِيبٌ
وَادِاعٌ لَيِّنُ العَصاَ ... يُسَاجِلُها جَمَّاتِه وتُسَاجِلُهْ ...
لما فرغ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتال أهل بدر أَتَاهُ جبرئيل على
فرس أُنْثَى حَمْرَاء عاقداً ناصيته عَلَيْهِ درعه وَرمحه فِي يَده قد
عصم ثنيته الْغُبَار فَقَالَ: إِن الله أَمرنِي أَلا أُفَارِقك حَتَّى
ترْضى فَهَل رضيت قَالَ: نعم قد رضيت فَانْصَرف.
(2/437)
8 - عصم من عصب الرِّيق فَاه وَعَصَمَهُ
إِذا لزق بِهِ على اعتقاب الْبَاء وَالْمِيم وَلَهُمَا نَظَائِر وَيجوز
أَن يُرَاد بالثنية الطَّرِيق الَّذِي أَتَى فِيهِ وَأَن الْغُبَار قد
عصمه أَي مَنعه وصده لتكاثفه واعتكاره كَمَا يُقَال: غُبَار قد سد
الْأُفق. فى المختالات المتبرجات قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا
يدْخل الْجنَّة مِنْهُنَّ إِلَّا مثل الْغُرَاب الأعصم. قيل: يَا
رَسُول الله وَمَا الْغُرَاب الأعصم قَالَ: الَّذِي إِحْدَى رجلَيْهِ
بَيْضَاء. وروى: عَائِشَة وَفِي النِّسَاء كالغراب الأعصم فِي
الْغرْبَان. [528] قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الأعصم من الْخَيل الَّذِي
فِي يَدَيْهِ بَيَاض قلَّ أَو كثر والوعول أَكْثَرهَا عصمَة. وَقَالَ
الْأَصْمَعِي: الْعِصْمَة بَيَاض فِي ذراعي الظبي والوعل. وَعَن
بَعضهم: بَيَاض فِي يَدَيْهِ أَو إِحْدَاهمَا كالسوار. وَتَفْسِير
الحَدِيث يُطَابق هَذَا القَوْل إِلَّا أَن الرجل مَوْضُوعَة مَكَان
الْيَد قَالُوا: وَهَذَا غير مَوْجُود فى الْغرْبَان فمنعناه إِذن أَنه
لَا يدْخل أحد من المختالات المتبرجات الْجنَّة وَقيل: إِن الجناحين
للطائر كاليدين للبهيمة. والأعصم من الْغرْبَان: الَّذِي فِي أحد
جناحيه ريشة بَيْضَاء وَهُوَ قَلِيل فِيهَا فعلى هَذَا يدْخل الْقَلِيل
النَّادِر مِنْهُنَّ الْجنَّة. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قضى أَن
الْوَالِد يعتصر وَلَده فِيمَا أعطَاهُ وَلَيْسَ للْوَلَد أَن يعتصر من
وَالِده.
عصر اتَّسع فِي الاعتصار فَقيل بَنو فلَان يعتصرون الْعَطاء قَالَ: ...
فَمنَّ واستَبْقَى وَلم يَعْتَصِرْ ... مِنْ فَرْعِه مَالا وَلَا
المكْسِرُ ... واعتصر النَّخْلَة إِذا ارتجعها. وَالْمعْنَى أَن
الْوَلَد إِذا نحل وَلَده شَيْئا فَلهُ أَن يَأْخُذهُ مِنْهُ فَشبه
أَخذ المَال مِنْهُ واستخراجه من يَده بالاعتصار.
(2/438)
9 - وَفِي حَدِيث الشّعبِيّ رَحمَه الله
يعتصر الْوَالِد على وَلَده فى مَاله. وَإِنَّمَا عداهُ يعلى لِأَنَّهُ
فِي معنى يرجع عَلَيْهِ وَيعود عَلَيْهِ وَيُسمى من يفعل ذَلِك عاصراً
وعصورا. وروى: يعتسر من مَال وَلَده من الاعتسار وَهُوَ الاقتسار أَي
يَأْخُذهُ مِنْهُ وَهُوَ كَارِه. الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما
أقبل نَحْو الْبَصْرَة سُئل عَن وَجهه فَقَالَ: ... عَلِقْتُهُمْ أنّي
خلقت عصبه ... قَتَادَة تعلّقت بنشبة ...
عصب الْعصبَة: اللبلاب لِأَنَّهُ يعصب بِالشَّجَرِ أَي يلتوي عَلَيْهِ
ويطيف بِهِ وَمِنْه الْعصبَة وَهِي الْجَمَاعَة الملتف بَعْضهَا
بِبَعْض. النشبة: الَّذِي ينشب فِي الشَّيْء فَلَا ينْحل عَنهُ وَمِنْه
قيل للذئب نشبة علم لَهُ. وَالْمعْنَى خلقت علقَة لخصومى فَوضع
الْعصبَة مَوضِع الْعلقَة ثمَّ شبه نَفسه فِي فرط تعلقه بهم وتشبثه
بالقتادة إِذا استظهرت فِي تعلقهَا بِمَا تتَعَلَّق بِهِ. بنشبة أَي
بِشَيْء شَدِيد النشوب فالباء فِي بنشبة هِيَ الَّتِي فى كتبت بالقلم
لَا الَّتِي فِي مَرَرْت بزيد وَعَن شمر بَلغنِي أَن الْعَرَب تَقول:
... عَلِقْتُهُم إِنِّي خُلِقْتُ نُشْبَهْ ... قَتَادَة ملوية
بعُصْبَهْ ... وَعَن أبي الْجراح: يُقَال للرجل الشَّديد المراس:
قَتَادَة لويت بعصبة. وَعَن الْحَارِث بن بدر الغداني: كنت مرّة نشبة
وَأَنا الْيَوْم عقبَة. أَي أُعقبت بِالْقُوَّةِ ضعفا. وروى: عتبَة أَي
أُعتب [529] النَّاس: أعطيهم العتبى وَالرِّضَا. أَبُو هُرَيْرَة رَضِي
الله تَعَالَى عَنهُ مرت بِهِ امْرَأَة متطيبة لذيلها عصرة (7) فَقَالَ
لَهَا: أَيْن تريدين يَا أمة الْجَبَّار فَقَالَت أُرِيد الْمَسْجِد.
(2/439)
0 - عصر هِيَ الرّيح الَّتِي تهيج بالغبار
فإمَّا أَن يُرِيد الْغُبَار الثائر من مسحب ذيلها أَو هيج الرَّائِحَة
وسطوعها من عطرها. صلَة بن أَشْيَم رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ
لأبي السَّلِيل: إياك وقتيل الْعَصَا.
عَصا أَي إياك أَن تكون قَاتلا أَو مقتولا فى شقّ عَصا المسليمن. ابْن
عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ دحْيَة إِذا قدم لم تبْق
معصر إِلَّا خرجت إِلَيْهِ.
عصر هِيَ الَّتِي دنت من الْحيض كَأَنَّهَا الَّتِي حَان لَهَا أَن
تنعصر وَإِنَّمَا خُصّ المعصر لِأَنَّهَا إِذا خرجت وَهِي محجوبة فَمَا
الظَّن بغَيْرهَا وَكَانَ دحْيَة مفرط الْجمال وَكَانَ جِبْرِيل
عَلَيْهِ السَّلَام يَأْتِي فِي صورته. عَمْرو رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ دخل عَلَيْهِ مُعَاوِيَة وَهُوَ عَاتب فَقَالَ: إِن العصوب يرفق
بهَا حالبها فتحلب العلبة فَقَالَ: أجل وَرُبمَا زبنته فدقَّت فَاه
وكفأت إناءه أما وَالله لقد تلافيت أَمرك وَهُوَ أَشد انفضاجاً من حق
الكهدل فَمَا زلت أرمه بوذائله وَأَصله بوصائله حَتَّى تركته على مثل
فلكه المدرّ. وروى: أَتَيْتُك من الْعرَاق وَإِن أَمرك كحق الكهول أَو
كالجعدبة. وروى: أَو الكعدبة. وروى: كالحجاة فِي الضعْف فَمَا زلت
أُسدى وألحم حَتَّى صَار أَمرك كفلكة الدرارة وكالطراف الممدد.
عصب العصوب: الناقلة الَّتِى لَا تدر حَتَّى تعصب فخذاهل. الزَّبْن:
أَن تدفع الحالب وَمِنْه الْحَرْب الزبون. الانفضاج: الاسترخاء.
يُقَال: انفضج بَطْنه إِذا استترخى وانفضجت القرحة إِذا انفرجت وَمِنْه
تفضَّج بدنه سمناً وانفضج وَأنْشد أَبُو زيد: ... قد طُوِيتْ بطونُها
طَيَّ الأَدَمْ ... بعد انفضاج البُدْنِ واللَّحْمِ الزِّيَمْ ...
الكهدل والكهول: العنكبوت وحقها: بَيتهَا. وَقيل: الكهدل الْعَجُوز
(2/440)
وحقها ثديها. وَقيل: الكهدل ضرب من الكمأة
وحقُّه بيضته. وَيجوز أَن تكون اللَّام مزيدة من قَوْلهم: شيخ كوهد
إِذا ارتعش ضعفا وَيُقَال: كهده إِذا أضعفه ونهكه. قَالُوا: الوذائل:
سبائك الْفضة جمع وذيلة. والوصائل: ثِيَاب حمر مخططة يجاء بهَا من
الْيمن الْوَاحِدَة وصيلة. يُرِيد أَنه زينه وَحسنه. وَعِنْدِي أَنه
أَرَادَ بالوذائل جمع وذيلة وَهِي الْمرْآة بلغَة هُذَيْل. قَالَ: ...
وبياضُ وَجْهِك لم تَحُل أَسرارُه ... مثل الوَذِيلة أَو كَشَنْفِ
الانْضُر ... مثل بهَا آراءه الَّتِي كَانَت لمعاوية أشباه الْمرَائِي
يرى فِيهَا وُجُوه صَلَاح أمره [53] واستقامة ملكه. وبالوصائل جمع
وصيلة وَهِي مَا يُوصل بِهِ الشَّيْء. يَقُول: مَا زلت أرم أَمرك
بالآراء الصائبة والتدابير الَّتِي يستصلح الْملك بِمِثْلِهَا. وَأَصله
بِمَا يجب أَن يُوصل بِهِ من المعاون والموازرات الَّتِى لَا غنى بِهِ
عَنْهَا. الْمدر: الغزال والدرارة: المغزل وأدر مغزله أداره. ضرب فلكة
الغزال مثلا لاستحكام أمره بعد استرخائه لِأَن الغزال لَا يألو إحكاماً
وتثبيتاً لفلكته لِأَنَّهَا إِذا قلقت لم تدر الدرارة وثبلتها أَن
تَنْتَهِي إِلَى مستغلظ المغزل. وَقَالَ من فسر الكهدل بالعجوز وَالْحق
بالثدي: الْمدر الْجَارِيَة الَّتِى فلك تديها وحان لَهَا أَن يدرّ
لَبنهَا والفلكة: مَا اسْتَدَارَ من ثديها شبه بفلكة المغزل. الجعدبة
والكعدبة والحجاة: النفّاخة وَقَوْلهمْ فِي علم لرجل من الْمَدِينَة
جعدبة مَنْقُول مِنْهَا. الطِّراف: بَيت من أَدَم قَالَ طرفَة: ...
رَأَيْتُ بني غَبْراءَ لَا يُنكِرونَنِي ... وَلَا أَهْلُ هَذَاكَ
الطِّرافِ المُمَدَّدِ ...
(2/441)
2 - الْقَاسِم بن مخيمرة رَحمَه الله
تَعَالَى سُئِلَ عَن العصرة للْمَرْأَة فَقَالَ: لَا أعلم رخصَة فِيهَا
إِلَّا للشَّيْخ المعقوف.
عصر هُوَ عضلها عَن التَّزَوُّج من عصرة الْغَرِيم وَهُوَ أَن يمْنَع
مَاله عَلَيْهِ. وَقد اعتصره. المعقوف: المنحني والعقف والعطف أَخَوان
يُقَال: عقفه يعقفه وَمِنْه الأعقف والعقافة: شبه المحجن. أَرَادَ أَنه
لَا يرخص إِلَّا لشيخ لَهُ بنت وَقد ضعف واحدودب فَهُوَ مُضْطَر إِلَى
استخدامها. العصل فِي (خب) . أَن يعصبوه فِي (بح) . العصفور فِي (دف) .
بعصم فِي (زه) . العصائب فِي (شو) اعصبوها فِي (ضل) . عصماء فِي (قح) .
العصل وعصلها فِي (ري) . عصب فِي (جز) . بعصلبي فِي (ين) . العصعص فِي
(رج) . [الْعصبَة فِي (عَم) ] .
الْعين مَعَ الضَّاد
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن سَمُرَة بن جُنْدُب كَانَت لَهُ
عضد من نخل فِي حَائِط رجل من الْأَنْصَار وَمَعَ الرجل أَهله فَكَانَ
سَمُرَة يدْخل إِلَى نخله فَيشق على الرجل فَطلب إِلَيْهِ أَن يناقله
فَأبى فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذكر لَهُ ذَلِك فَطلب
إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَبِيعهُ فَأبى.
فَطلب إِلَيْهِ أَن يناقله فَأبى قَالَ: فهبه لَهُ وَلَك كَذَا وَكَذَا
أمرا أرغبه فِيهِ فَأبى فَقَالَ: أَنْت مضاره وَقَالَ للْأَنْصَارِيِّ:
اذْهَبْ أَنْت فاقلع نخله.
عضد اتُّسع فِي الْعَضُد فَقيل عضد الْحَوْض وعضد الطَّرِيق لجانبه
وَيَقُولُونَ: إِذا نخرت الرّيح من هَذِه الْعَضُد: أَتَاك الْغَيْث
يُرِيدُونَ [531] نَاحيَة الْيمن ثمَّ قَالُوا للطريقة من النّخل: عضد
لِأَنَّهَا متساطرة فى وَجهه وروى: عضيد قَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا
(2/442)
3 - صَار للنخلة جذع يتَنَاوَل مِنْهُ
فَهِيَ العضيد. وَالْجمع عضدان. قَالَ: ... ترى العَضِيد الموقَر
المئخارا ... مِنْ وَقْعِه يَنْتَثِرُ انتثارا ... وَقَالَ كثير عزة:
... من الغُلْبِ مِنْ عِضْدَان هَامة شُرِّبَتْ ... لِسَقْيٍ وَجَّمتْ
للنواضِحِ بئرُها ... وَقيل: هِيَ الجبارة الْبَالِغَة غَايَة الطول.
قَالَ أَلا أنبئكم: مَا العضة قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله قَالَ:
هِيَ النميمة. وَقَالَ: إيَّاكُمْ والعضة أَتَدْرُونَ مَا العضة هى
النميمة.
عضه أَصْلهَا العضهة فعلة من العضه وَهُوَ البهت فحذفت لامه كَمَا حذفت
من السّنة والشفة وَتجمع على عضين قَالَ يُونُس: بَينهم عضة قبيحة من
العضيهة. وَفسّر بَعضهم قَوْله تَعَالَى: {جَعَلُوا القُرْآنَ عِضِين}
بِالسحرِ لِأَنَّهُ كذب وَنَحْوهَا العضة من الشّجر فِي قَوْله: ...
[إِذا ماتَ مِنْهُمُ سَيِّدٌ سُوِّدَ ابنهُ] ... ومِنْ عِضَةٍ مَا
يَنْبُتَنَّ شَكِيرُها ... وَقد جَاءَ بأصلها من قَالَ: ... يحط من
عمّائه الأُرْوِيّا يتركُ كلَّ عضْهَةٍ عِصيَّا ... انتم الْيَوْم فِي
نبوة وَرَحْمَة ثمَّ تكون خلَافَة وَرَحْمَة ثمَّ تكون كَذَا وَكَذَا
ثمَّ يكون ملك عضوض يشربون الْخمر وَيلبسُونَ الْحَرِير وَفِي ذَلِك
ينْصرُونَ على من ناواهم. وروى: مُلُوك عضوض.
عضض الْملك العضوض: الَّذِي فِيهِ عسف وظلم للرعية كَأَنَّهُ يعضُّهم
عضا. وَمِنْه قَوْلهم:
(2/443)
4 - عضَّتهم الْحَرْب وعضَّهم السِّلَاح.
العضوض: جمع عض وَهُوَ الْخَبيث الشرس. وَقد عض يعَض عضاضة. المناوأة:
المناهضة وَهِي الْعَدَاوَة من النوء وَهُوَ النهوض. نهى صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم أَن يضحى بالأعضب الْقرن وَالْأُذن.
عضب العضب فِي الْقرن: الدَّاخِل الانكسار. قَالَ الاخطل: ... إنَّ
السُّيُوفَ غُدُوَّها ورَوَاحَها ... تَرَكَتْ هَوَازِنَ مِثْلَ قرن
الأعصب ... وَيُقَال للانكسار فِي الْخَارِج القصم. قَالَ ابْن
الْأَنْبَارِي: وَقد يكون العضب فِي الْأذن إِلَّا أَنه فِي الْقرن
أَكثر. وَقد كَانَت تسمى نَاقَته العضباء وَهُوَ علم لَهَا وَلم تسم
بذلك لعضب فِي أذنها. وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن
أَصْحَابه أَسرُّوا رجلا من بني عقيل وَمَعَهُ نَاقَة يُقَال لَهَا
العضباء فَمر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي وثاق
فَقَالَ: يَا مُحَمَّد علام تأخذني وَتَأْخُذ سَابِقَة الْحَاج
فَقَالَ: نأخذك بجريرة حلفائك ثَقِيف وَكَانَ ثَقِيف قد أَسرُّوا
رجلَيْنِ من [533] أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا
مضى ناداه: يَا مُحَمَّد [يَا مُحَمَّد] فَقَالَ: مَا شَأْنك قَالَ:
إِنِّي مُسلم. قَالَ: لَو قلتهَا وَأَنت تملك أَمرك أفلحت كل الْفَلاح
فَقَالَ: يَا مُحَمَّد إِنِّي جَائِع فأطعمني إِنِّي ظمآن فاسقني
فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذِه حَاجَتك [أَو
قَالَ هَذِه حَاجته] ففدى الرجل بعد بِالرجلَيْنِ. علام تأخذني أَي لم
تأسرني وَيُقَال للأسير أخيذ وَالْأَكْثَر الأشيع حذف ألف مَا مَعَ
حُرُوف الْجَرّ نَحْو: لم وَبِمَ وفيم وإلام وعلام وحتَّام. أَرَادَ
بسابقة الْحَاج نَاقَته كَأَنَّهَا كَانَت تسبق الْحَاج لسرعتها.
بجريرة حلفائك يَعْنِي أَنه كَانَت بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم وَبَين ثَقِيف موادعة فَلَمَّا نقضوها وَلم يُنكر عَلَيْهِم بَنو
عقيل صَارُوا مثلهم فِي نقض الْعَهْد وَإِنَّمَا رده إِلَى دَار
الْكفْر بعد إِظْهَاره كلمة الْإِسْلَام لِأَنَّهُ علم أَنه غير صَادِق
وَأَن ذَلِك لرغبة أَو رهبة وَهَذَا خَاصَّة لرَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم. لَا تعضية فِي مِيرَاث إِلَّا فِيمَا حمل الْقسم.
(2/444)
5 - عضى هِيَ التَّفْرِيق من عضيت الشَّاة
أَي إِذا كَانَ فِي التَّرِكَة مَا يستضر الْوَرَثَة بقسمه كحبة
الْجَوْهَر والطيلسان وَالْحمام وَنَحْوهَا لم يقسم وَلَكِن ثمنه.
عضه نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن العاضهة والمستعضهة. قيل: هما
الساحرة والمستسحرة. عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أعضل بى أهل
الْكُوفَة مَا يرضون بأمير وَلَا يرضى بهم أَمِير وروى: غلبني أهل
الْكُوفَة أسْتَعْمل عَلَيْهِم الْمُؤمن فيضعف وأستعمل عَلَيْهِم
الْفَاجِر فيفجر.
عضل أَي ضَاقَتْ عَليّ الْحِيَل فِي أَمرهم من الدَّاء العضال. وَمِنْه
قَوْله رَضِي الله عَنهُ. أعوذ بِاللَّه من كل معضلة لَيْسَ لَهَا
أَبُو حسن وروى: معضلة.
عضل أَرَادَ الْمَسْأَلَة أَو الخطة الصعبة. والمعضلة من عضلت
الْحَامِل إِذا نشب الْوَلَد فِي بَطنهَا. وَمِنْه حَدِيث الشّعبِيّ
رَحمَه الله أَنه كَانَ إِذا سُئل عَن معضلة قَالَ: زباء ذَات وبر أعيت
قائدها وسائقها لَو ألقيت على أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم لأعضلت بهم. مثلهَا بالناقة النفور لزببها فِي الاستعصاب قَالَ:
... كَمَا نَفَرَ الازَبُّ عَن الظّعَانِ ... وَفِي أمثالهم: كل أزب
نفور. وَأَن تعضد فِي (دف) . التعضوض فِي (ذُو) . بالعضباء فِي (سر) .
ونستعضد فِي (صب) . عضباء فِي (عق) . فاعتضد فِي (قح) . تعضوض فِي (قو)
. معضدا فى (مغ) . [عضّ على ناجذه فِي (جو) . مَلأ عضدي فِي (غث) .
العضه فِي (خب) ] عَضُوضًا فِي (وَج) . [لايعض فِي الْعلم بضرس فِي
(ذمّ) . لأعضضته فِي (ضل) . وَالله لتعضوض فِي (سنّ) . فأعضّوه فِي
(وص) ] .
(2/445)
الْعين مَعَ الطَّاء
عَطاء أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أربى الرِّبَا عطو
الرجل الْمُسلم عرض أَخِيه الْمُسلم بِغَيْر حق. أَي تنَاوله
بِلِسَانِهِ. عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا كرهت أَن تصلي
الْمَرْأَة عُطُلا وَلَو أَن تعلق فِي عُنُقهَا خيطا.
عطل هِيَ العاطل وَقد عطلت عطلا وعطولا وتعطلت وعطلها: نزع حلبها.
وَمِنْه حَدِيثهَا رَضِي الله عَنْهَا: أَنَّهَا ذكرت لَهَا امْرَأَة
توفيت فَقَالَت: عطلوها. طَاوس رَحمَه الله تَعَالَى لَيْسَ فى العطب
زَكَاة.
عطب هُوَ الْقطن وَيُقَال اعتطبت بعطبة إِذا أخذت النَّار بهَا قَالَ
ابْن هرمة ... فجِئْتُ بِعُطْبَتِي أَسْعَى إِلَيْهَا ... فَمَا خابَ
اعْتِطَابي واقْتِدَاحِي ... فِي الحَدِيث: سُبْحَانَ من تعطف العزَّ
وَقَالَ بِهِ
عطف يُقَال العطاف والمعطف كالرداء والمردى واعتطفه وتعطفه كارتداه
وترداده وَعطفه الثَّوْب كرداه. وَهَذَا من الْمجَاز الْحكمِي
كَقَوْلِهِم: نهارك صَائِم. وَالْمرَاد وصف الرجل بِالصَّوْمِ وَوصف
الله بالعزّ. وَمثله قَوْله: ... يَجُرُّ رِياطَ الحَمْدِ فِي دَارِ
قَوْمه ... أَي هُوَ مَحْمُود فِي قومه. وَقَالَ بِهِ أَي وَغلب بِهِ
كل عَزِيز وَملك عَلَيْهِ أمره من القيل وَهُوَ الْملك الَّذِي ينفذ
قَوْله فِيمَا يُرِيد. عطف فِي (بر) . عطنة فِي (سف) . أعطن فِي (سنّ)
. عطفاء فِي (عق) . بعطبول فِي (مغ) . وعطنت فِي (لق) . العطلة فِي
(سح) . لَا تعطوه فِي (ذف) . [وَقد عطنوا فِي (جب) . وضربوا بعطنى فى
(غر) . إِن يُعْطوا الْقُرْآن فى (خَز) . أعطانى فى (ظب) .] .
(2/446)
الْعين مَعَ الظَّاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَينا هُوَ يلْعَب وَهُوَ صَغِير
مَعَ الصّبيان بِعظم وضاح مرَّ عَلَيْهِ يَهُودِيّ فَدَعَاهُ فَقَالَ
لَهُ: لتقتلن صَنَادِيد هَذِه الْقرْيَة.
عظم عظم وضاح: لعبة لَهُم يطرحون عظما بِاللَّيْلِ فَمن أَصَابَهُ غلب
أَصْحَابه فَيَقُولُونَ: ... عُظَيْم وَضَّاحٍ ضحن الليله ... لَا
تَضِحَنَّ بَعْدَهَا مِنْ لَيْله ... وَقَالَ الجاحظ: إِن غلب وَاحِد
من الْفَرِيقَيْنِ ركب أَصْحَابه الْفَرِيق الآخر من الْموضع الَّذِي
يجدونه فِيهِ إِلَى الْموضع الَّذِي رموا بِهِ. الصنديد والصنتيت:
السَّيِّد وهما فنعيل من الصد والصت وَهُوَ الصدم والقهر لِأَنَّهُ يصد
من يسوده ويقهره وَيُقَال صَنَادِيد الْقدر لغوالبه وَقَالُوا للكتيبة
صتيت وصتيت. فدلّ خلوّ أحد البناءين عَن النُّون على زيادتها فِي الآخر
وَأَن الْجَيْش من شَأْنه الْقَهْر وَالْغَلَبَة وَيحْتَمل أَن يُقَال
فِي الصنتيت بِأَنَّهُ من الإصنات وَهُوَ الإتقان لِأَن السَّيِّد يصلح
أُمُور النَّاس ويتقنها وَالتَّاء مكررة والزنة فعليل وَالدَّال فِي
الصنديد بدل من التَّاء. وَالْأول أوجه.
عظل عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ ذَات لَيْلَة فِي مسير لَهُ
لِابْنِ عَبَّاس: أنشدنا لشاعر الشُّعَرَاء قَالَ: وَمن هُوَ يَا
أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: الَّذِي لم يعاظل بَين القَوْل وَلم يتتبع
حوشيَّ الْكَلَام قَالَ: وَمن هُوَ قَالَ: زُهَيْر فَجعل ينشده إِلَى
أَن برق الصُّبْح. هُوَ من تعاظل الْجَرَاد وَهُوَ تراكبه. وَيَوْم
العظالي (بِالضَّمِّ) : يَوْم لبني تَمِيم لِأَنَّهُ ركب فِيهِ
الِاثْنَان وَالثَّلَاثَة الدَّابَّة الْوَاحِدَة.
(3/3)
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: تعظلوا عَلَيْهِ
إِذا تألبوا. يُرِيد أَنه فصل القَوْل تَفْصِيلًا وأوضحه وَلم يعقِّده
تعقيدا. الحوشيّ: الوحشي الغامض قيل: هُوَ مَنْسُوب إِلَى الحوش وَهُوَ
بِلَاد الْجِنّ. وَمِنْه الْإِبِل الحوشية يَزْعمُونَ أَنَّهَا الَّتِي
ضربت فِيهَا فحول إبل الْجِنّ قَالَ: ... كَأَنِّي على حُوشِيَّة أَو
نَعَامةِ ... وَعَن الرشيد: أَنه سمع أَوْلَاده يتعاطون الْغَرِيب فِي
محاورتهم فَقَالَ: لَا تحملوا أَلْسِنَتكُم على الوحشي من الْكَلَام
وَلَا تعودوها الْغَرِيب المستبشع وَلَا السفساف المتضع. واعتمدوا
سهولة الْكَلَام مَا ارْتَفع عَن طَبَقَات الْعَامَّة وانخفض عَن
دَرَجَة المتشدقين وتمثل بِبَيْت الخطفي جد جرير: ... إِذا نلْت
الْمقَالة فَلْيَكُن ... بِهِ ظَهْرُ وَحْشِيّ الْكَلَام مُحرَّما ...
[عظامى فِي (صع) . عظاماً فِي (قح) .]
الْعين مَعَ الْفَاء
عَفْو النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقطع من أَرض الْمَدِينَة مَا
كَانَ عفاء. قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال أقطعه من عفاء الأَرْض أَي
مِمَّا لَيْسَ لمُسلم وَلَا معاهد أَي مِمَّا قد عَفا لَيْسَ بِهِ أثر
لأحد وَهُوَ مصدر عَفا إِذا درس يُقَال: عفت الدَّار عفوَّا وعفاء.
وَمِنْه قَوْلهم: عَلَيْهِ العفاء إِذا دعى عَلَيْهِ ليعفو أَثَره.
وَمِنْه حَدِيث صَفْوَان: إِذا دخلت بَيْتِي فَأكلت رغيفاً وشربت
عَلَيْهِ من المَاء فعلى الدُّنْيَا العفاء وَالتَّقْدِير: مَا كَانَ
ذَا عفاء أَو نزل الْمصدر منزلَة اسْم الْفَاعِل. وَيحْتَمل أَن يكون
عفاء صفة للْأَرْض الْعَافِيَة الْأَثر: على فعال كَقَوْلِهِم للْأَرْض
البارزة: برَاز وللفاضية فضاء.
(3/4)
وَقيل العفاء: مَا لَيْسَ لأحد فِيهِ ملك
من عَفا الشَّيْء يعْفُو إِذا خلص. وَعَن الْكسَائي: عفوة. المَال
وصفوته بِمَعْنى وعفاوة المرقة وعافيها: صفوتها. من أَحْيَا أَرضًا
ميتَة فَهِيَ لَهُ وَمَا أَصَابَت الْعَافِيَة مِنْهَا فَهُوَ لَهُ
صَدَقَة. كل طَالب رزقا من طَائِر أَو بَهِيمَة أَو إِنْسَان فَهُوَ
عاف وَالْجَمَاعَة عَافِيَة. وَنَحْوه فِي الْمَعْنى حَدِيثه: إِن أم
مُبشر الْأَنْصَارِيَّة قَالَت: دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا فِي نخل لي فَقَالَ: من غرسه أمسلم أم كَافِر
قلت: لَا بل مُسلم فَقَالَ: مَا من مُسلم يغْرس غرساً أَو يزرع زرعا
فيأكل مِنْهُ إِنْسَان أَو دَابَّة أَو طَائِر أَو سبع إِلَّا كَانَت
لَهُ صَدَقَة. جَاءَ حَنْظَلَة الْأَسدي رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ:
نَافق حَنْظَلَة يَا رَسُول الله نَكُون عنْدك تذكّرنا الْجنَّة
وَالنَّار كأنا رأى عين فَإِذا رَجعْنَا عافسنا الْأزْوَاج والضيعة
ونسينا كثيرا. المعافسة: المعالجة والممارسة وَمِنْهَا اعتفس الْقَوْم
إِذا تعالجوا فى الصراع. الضَّيْعَة: الصناعية والحرفة يُقَال
للرِّجَال: ماضيعتك وَتجمع ضيَاعًا وضيعا كَمَا جمعت الْقَصعَة قصاعا
وقصعا. رأى عين: مَنْصُوب بإضمار نرى وَمثله حمد الله فى الْخَبَر.
عفر أول دينكُمْ نبوة وَرَحْمَة ثمَّ خلَافَة وَرَحْمَة ثمَّ ملك أعفر
ثمَّ ملك وجبروة يُستحل فِيهَا الْفرج وَالْحَرِير. أَي يساس بالنكر
والدهاء من فولهم للخبيث الْمُنكر عفر. وَفُلَان أَشد عفارة عفر من
فلَان وَقد عفر واستعفر: إِذا صَار عفرا. الجبروة: الجبروت.
(3/5)
كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا سجد
جافى عضديه حَتَّى يُرى من خَلفه عفرَة إبطَيْهِ. العفرة: بَيَاض
لَيْسَ بالناصع وَلَكِن كلون عفر الأَرْض وَهُوَ وَجههَا يُقَال: مَا
على عفر الأَرْض مثله وَمِنْه ظَبْي أعفر. وَفِي حَدِيثه صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: يُحشر النَّاس يَوْم الْقِيَامَة على أَرض بَيْضَاء
عفراء كقرصة النقي لَيْسَ فِيهَا معلم لأحد. النقي: الْحوَاري سمي
لنقائه من النخالة قَالَ: ... يُطْعِمُ النَّاسَ إِذا أمْحلوا ... مِنْ
نَقِيٍّ فوقَه أُدُمُهْ ... وَأما النَّفْي (بِالْفَاءِ) فَيُقَال لما
ترامت بِهِ الرَّحَى من دَقِيق: نفى الرَّحَى كَمَا يُقَال: نفى
الْمَطَر وَنفى الْقدر وَنفى قَوَائِم الْبَعِير لما ترامت بِهِ من
الْحَصَى. الْمعلم: الْأَثر.
عفص سُئِلَ عَن اللّقطَة فَقَالَ: احفظ عفاصها ووكاءها ثمَّ عرفهَا
فَإِن جَاءَ صَاحبهَا فادفعها إِلَيْهِ. قيل: فضَالة الْغنم قَالَ:
هِيَ لَك أَو لأخيك أَو للذئب. قيل: فضَالة الْإِبِل قَالَ: مَالك
وَلها مَعهَا حذاؤها وسقاؤها ترد المَاء وتأكل الشّجر حَتَّى يلقاها
ربُّها. العفاص: الْوِعَاء: يُقَال: عفاص القارورة لغلاقها وعفاص
الرَّاعِي لوعائه الَّذِي فِيهِ نَفَقَته وَهُوَ فعال من العفص وَهُوَ
الثني والعطف لِأَن الْوِعَاء ينثني على مَا فِيهِ وينعطف. الوكاء:
الْخَيط الَّذِي تشد بِهِ. أَرَادَ أَن يكون ذَلِك عَلامَة للُّقطة
فَمن جَاءَ يتعرفها بِتِلْكَ الصّفة دفعت إِلَيْهِ. ورخَّص فِي ضَالَّة
الْغنم أَي إِن لم تأخذها أَنْت أَخذهَا إِنْسَان سواك أَو أكلهَا
الذِّئْب فَخذهَا.
(3/6)
وغلَّظ فِي ضَالَّة الْإِبِل وَأَرَادَ
بحذائها أخفافها أَي أَنَّهَا تقَوِّي على قطع الْبِلَاد. وسقاؤها
أَنَّهَا على وُرُود الْمِيَاه وَكَذَلِكَ الْبَقر وَالْخَيْل
وَالْبِغَال وَالْحمير وكل مَا اسْتَقل بِنَفسِهِ. وَمِنْه قَول عمر
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لِثَابِت بن الضَّحَّاك وَكَانَ وجد
بَعِيرًا اذْهَبْ إِلَى الْموضع الَّذِي وجدته فِيهِ فَأرْسلهُ.
عفر قَالَ لَهُ رجل: يَا رَسُول الله مَا لي عهد بأهلي من عفار النّخل
فَوجدت مَعَ امْرَأَتي رجلا وَكَانَ زَوجهَا مصفرا حمشا سبط الشّعْر
وَالَّذِي رميت بِهِ خدل إِلَى السوَاد جعد قطط فلاعن بَينهمَا. أَي
مُنْذُ عفر النّخل وَذَلِكَ أَن يُعْفَى عَن السَّقْي بعد الإبار
لِئَلَّا ينتفض أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ يُسقى ثمَّ يتْرك إِلَى أَن
يعطش ثمَّ يُسقى مَأْخُوذ من تعفير الوحشية وَلَدهَا وَهُوَ أَن تقطعه
عَن الرَّضَاع أَيَّامًا ثمَّ ترْضِعه ثمَّ تقطعه ثمَّ ترْضِعه تفعل
ذَلِك تارات حَتَّى تتمّ فطامه. وَالْأَصْل: قَوْلهم لَقيته عَن عفر
إِذا لقِيه بعد انْقِطَاع اللِّقَاء خَمْسَة عشر يَوْمًا فَصَاعِدا من
اللَّيَالِي العفر وَهِي الْبيض تَقول الْعَرَب: لَيْسَ عفر
اللَّيَالِي كالد آدئ. وَفِي حَدِيث هِلَال بن أُميَّة: مَا قربت
أَهلِي من عفرن النّخل. الخدل: الغليظ وَقد خدل خدالة. لما أُخبر صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم بشكوى سعد بن عبَادَة خرج على حِمَاره يَعْفُور
وَأُسَامَة بن زيد رديفه فمرَّ بِمَجْلِس عبد الله بن أُبي وَكَانَت
الْمَدِينَة إِنَّمَا هِيَ سباخ
(3/7)
وبوغاء. فَلَمَّا دنا من الْقَوْم جَاءَت
الْعَجَاجَة فَجعل ابْن أُبي طرف رِدَائه على أَنفه وَقَالَ: يذهب
مُحَمَّد إِلَى من أخرجه من بِلَاده فَأَما من لم يُخرجهُ وَكَانَ
قدومه كثَّ منخره فَلَا يَغْشَاهُ. قَالُوا: سُمي يعفورا لعفرة لَونه
وَيجوز أَن يكون قد سُمي تَشْبِيها فِي عدوه باليعفور وَهُوَ الظبي.
البوغاء: التربة الرخوة كَأَنَّهَا ذريرة. كثَّ منخره: أَي إرغام
أَنفه. قَالَ: ... ومولاكَ لَا يُهْضَمْ لديكَ فَإِنَّمَا ... هَضِيمة
مَوْلَى القَوْمِ كَثّ المَناخِرِ ... وَكَأَنَّهُ الْإِصَابَة بالكثكث
من قَوْلهم: بِفِيهِ الكثكث. وروى: الكت بِالتَّاءِ بِمَعْنى الإرغام
وَحكى اللحياني عَن أَعْرَابِي قَالَ لآخر: مَا تصنع قَالَ: مَا كتك
وعظاك أَي مَا أرغمك وأغضبك.
عَفْو أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سلوا الله الْعَفو والعافية
والمعافاة وَاعْلَمُوا أَن الصَّبْر نصف الْإِيمَان وَالْيَقِين
الْإِيمَان كُله. الْعَفو: أَن يعْفُو عَن الذُّنُوب. والعافية: أَن
يسلم من الأسقام والبلايا ونظيرها الثاغية والرَّاغية بِمَعْنى
الثُّغاء والرُّغاء. والمعافاة: أَن يعْفُو الرجل عَن النَّاس ويعفوا
عَنهُ فَلَا يكون يَوْم الْقِيَامَة قصاص مفاعلة من الْعَفو. وَقيل
هِيَ أَن يعافيك الله من النَّاس ويعافيهم مِنْك.
عفث الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ أعفث وروى كَانَ الزبير
طَويلا أزرى أخضع أشعر أعفث وَرَوَاهُ بَعضهم فِي صفة عبد الله ابْنه
قَالَ: وَكَانَ بَخِيلًا أعفث. وَفِيه قَالَ أَبُو وجزة: ... دَعِ
الأَعْفَثَ المِهْذَارَ يهذي بشتمنا ... فَنحْن بأَنْوَاعِ
الشَّتِيَمةِ أَعْلَمُ ...
(3/8)
.. وجدت قُريْشًا كلَّها تَبْتَنِي العُلاَ
... وأَنْتَ أبَا بكر بجَهْدِك تَهْدِمُ ... الأعفث والأجلع والفرج:
الَّذِي ينْكَشف فرجه كثيرا. قَالَ قدامَة بن الأخزر الْقشيرِي فِي عبد
الله بن الحشرج: ... فبَرَّزْتَ سَبْقاً إذْ جَرَيْتَ ابنَ حَشْرج ...
وَجَاء سُكَيْتاً كلُّ أعْفَثَ أَفْحَجِ ...
وَعَن ابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَنه كَانَ كلما
تحرّك بَدَت عَوْرَته فَكَانَ يلبس تَحت إزَاره التبَّان الأخضع:
الَّذِي فِي عُنُقه خضوع خلقَة. وَقيل: الَّذِي فِيهِ جنأ. الْأَشْعر:
الْكثير شعر الرَّأْس والجسد. أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ترك
أتانين وعفوا
عَفْو هُوَ الجحش سمي بِهِ لِأَنَّهُ يعفي عَن الرّكُوب والإعمال
وَفِيه خمس لُغَات: عَفْو وعِفو وعفو وعفَاً وعِفاً. ابْن عَبَّاس
رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُئل مَا فِي أَمْوَال أهل الذِّمَّة
فَقَالَ: الْعَفو. أَي عُفيَ لَهُم عَن الْخراج والعُشر لما ضرب
عَلَيْهِم من الْجِزْيَة.
عفر ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا دخل الْمَسْجِد الْحَرَام
وَكَانَ عَلَيْهِ بردَان معافريَّان فنهد النَّاس إِلَيْهِ يسألونه.
معافر: مَوضِع بِالْيمن. وَقيل: قَبيلَة. نهد ونهض: أَخَوان.
(3/9)
عَفْو فِي الحَدِيث: إِذا عَفا الْوَبر
وَبرئ الدبر حلت الْعمرَة لمن اعْتَمر. أَي كثير ووفر يُقَال: عَفا
بَنو فلَان إِذا كَثُرُوا وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى عفوا}
الْعين مَعَ الْقَاف
عقد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عقد لحيته أَو تقلد وترا
فَإِن مُحَمَّدًا مِنْهُ بَرِيء. قيل: هُوَ معالجتها حَتَّى تتعقد
وتتجعَّد من قَوْلهم: جَاءَ فلَان عاقداً عُنُقه إِذا لواها كبرا
وَالذِّئْب الأعقد: الملتوي الذَّنب أَي من لواها وجعدها. وَقيل:
كَانُوا يعقدونها فِي الحروب فَأَمرهمْ بإرسالها. وَكَانُوا يتقلدون
الْوتر دفعا للعين فكره ذَلِك.
عقب أَنا مُحَمَّد وَأحمد والماحي يمحو الله بِي الْكفْر والحاشر احشر
النَّاس على قدمي وَالْعَاقِب. وروى: وَأَنا المقِّفي. عقبه وَقَفاهُ:
بِمَعْنى: إِذا أَتَى بعده يَعْنِي أَنه آخر الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم
السَّلَام.
عقر قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لصفية بنت حُيي حِين قيل لَهُ يَوْم
النَّفر إِنَّهَا حَائِض عقري حلقي: مَا أَرَاهَا إِلَّا حابستنا. هما
صفتان للْمَرْأَة إِذا وُصفت بالشؤم يَعْنِي إِنَّهَا تحلق قَومهَا
وتعقرهم أَي تستأصلهم من شؤمها عَلَيْهِم ومحلهما مَرْفُوع أَي هِيَ
عقرى حلقى. وَقَالَ أَبُو عبيد: الصَّوَاب عقراً حلقا أَي عقر جَسدهَا
وَأُصِيبَتْ بداء فِي حلقها.
(3/10)
وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: يُقَال عقرته: أَي
قلت لَهُ: عقرا وَهَذَا نَحْو سقَّيته وفدّيته. وَيحْتَمل أَن يَكُونَا
مصدرين على فعلى بِمَعْنى الْعقر وَالْحلق كَمَا قيل الشكوى للشكو
ودغرى لَا صفي بمعى دغراً ادغروا وَلَا تصفوا صفاًّ. مَفْعُولا أرى
الضَّمِير والمستثنى وَإِلَّا لَغْو.
عقب نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن عقب الشَّيْطَان فِي الصَّلَاة.
هُوَ أَن يضع أليتيه على عَقِبَيْهِ بَين السَّجْدَتَيْنِ وَالَّذِي
يَجعله بعض النَّاس الإقعاء. وَقيل: هُوَ أَن يتْرك عَقِبَيْهِ غير
مغسولتين فِي وضوئِهِ.
عُقُق فِي الْعَقِيقَة عَن الْغُلَام شَاتَان مثلان وَعَن الْجَارِيَة
شَاة. وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَعَ الْغُلَام عقيقته فأهريقوا
عَنهُ دَمًا وأميطوا عَنهُ الْأَذَى. الْعَقِيقَة والعقيق والعقة: شعر
رَأس الْمَوْلُود ثمَّ سميت الشَّاة الَّتِي تُذبح عِنْد حلقه عقيقة
وَهُوَ من العقّ وَالْقطع لِأَنَّهَا تُحلق. هراق وأهراق: لُغَتَانِ
بإبدال الْهَاء من الْهمزَة وزيادتها. قَالَ سَلمَة بن الْأَكْوَع
رَضِي الله عَنهُ: غزونا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
فَبينا نَحن نزل يَوْمًا جَاءَ رجل يَقُود فرسا عقوقاً مَعهَا مهرَة
فَقَالَ: مَا فِي بطن فرسي هَذِه فَقَالَ: غيب وَلَا يعلم الْغَيْب
إِلَّا الله. هِيَ الْحَامِل يُقَال: عقَّت تعقُّ عققاً وعقاقاً فَهِيَ
عقوق وأعقت فَهِيَ معقّ قَالَ رؤبة: ... بقارِحٍ أَوْ زَوْلَةٍ مُعِقِّ
... وَعَن أبي زيد: أعقت فَهِيَ عقوق وَلَا يُقَال معقّ. وَعنهُ: إِن
العقوق الْحَامِل والحائل مَعًا.
(3/11)
وَعَن يَعْقُوب: عقَّت وأعقت: إِذا نَبتَت
الْعَقِيقَة على وَلَدهَا فِي بَطنهَا.
عقر وَفد إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حُصَيْن بن مشمت
وَبَايَعَهُ وصدّق إِلَيْهِ مَاله. وأقطعه مياهاً عدَّة بِأَعْلَى
المروت ذكرهَا وَشرط لَهُ فِيمَا أقطعه: ألاّ يعقر مرعاه وَلَا ينفر
مَاله وَلَا يمْنَع فَضله وَلَا يَبِيع مَاءَهُ. عقر المرعى: قطع
شَجَره. وَفِي كتاب الْعين: النَّخْلَة تعقر أَي يقطع رَأسهَا فَلَا
يخرج من سَاقهَا شَيْء أبدا حَتَّى تيبس فَذَلِك الْعقر ونخلة عقرة
وَكَذَلِكَ من الطير تنْبت قوادمه فتصيبه آفَة فتعقر فَلَا تنْبت أبدا
فَهُوَ عقر. وتنفير المَال: أَي لَا يتْرك إبِلا ترعى فِيهِ ويذعره.
وَمنع فَضله: أَلا يخلي ابْن السَّبِيل والرعي فِيهِ مَعَ أَن فِيهِ
فضلا عَن حَاجته.
عقب من عقَّب فِي صلَاته فَهُوَ فِي صَلَاة. هُوَ أَن يُقيم فِي
مَجْلِسه عقيب الصَّلَاة يُقَال: صلى الْقَوْم وعقب فلَان بعدهمْ.
وَحَقِيقَة التعقيب اتِّبَاع الْعَمَل عملا كَقَوْلِهِم لمن يَجِيء
مرّة بعد أُخْرَى وَلمن يحدث غَزْوَة بعد غَزْوَة وسيراً بعد سير
وللفرس الَّذِي لَا يَنْقَطِع حَضَره وَلمن يعْتَذر بعد الْإِسَاءَة
وَيَقْتَضِي دينه كرّة بعد كرّة معقب يُقَال: إِن كَانَ أَسَاءَ فلَان
فقد عقَّب باعتذار وَقَالَ لبيد يصف حمارا وأتاناً: ... طَلَب
المعقِّبِ حَقَّه المظلومُ ... وَقَالَ تَعَالَى: {لاَ مُعَقِّبَ
لُحِكْمِهِ} أَي لَا أحد يتبع حكمه ردا. وَقَالَ عز وَجل: {وَلَّي
مُدْبِراً وَلَمْ يَعِّقبْ} أَي لم يتبع إدباره إقبالا والتفاتا
وَقَالُوا: تعقيبة خير من غزَاة.
(3/12)
وفى حَدِيث أنس رضى الله تَعَالَى: أَنه
سُئِلَ عَن التعقيب فِي رَمَضَان فَأَمرهمْ أَن يصلوا فِي الْبيُوت
هُوَ أَن يصلوا عقب التَّرَاوِيح.
عقر أَنا عِنْد عقر حَوْضِي أذود عَنهُ النَّاس لأهل الْيمن إِنِّي
لأضربهم بعصاي حَتَّى ترفض وَرُوِيَ: إِنِّي لبعقر حَوْضِي. يُقَال:
أعقاب الْحَوْض وأعقاره بِمَعْنى وَهِي مآخيره الْوَاحِد عقب وعقر أَي
أذودهم لأجل أَن يرد أهل الْيمن. الارفضاض التكسر والتفرق افعلال من
الرَّفْض. لعن عَاقِر الْخمر. هُوَ من الْفَاعِل الَّذِي للنسب بنى من
المعاقرة وَهِي الإدمان كَافِر فى وَاحِد السّفر والسفار من المسافرة.
عقص مَا من صَاحب غنم لَا يُؤَدِّي حَقّهَا إِلَّا جَاءَت يَوْم
الْقِيَامَة أوفر مَا كَانَت فتنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها لَيْسَ
فِيهَا عقصاء وَلَا جلحاء وَرُوِيَ: عضباء وَلَا عطفاء. العقصاء:
الملتوية الْقرن من عقص الشّعْر. والعطفاء مثلهَا من الانعطاف. الجلحاء
كالجماء من جلح الرَّأْس. العضباء: المنكسرة الْقرن أَي هِيَ سليمَة
الْقُرُون مستويتها لتَكون أجرح للمنطوح.
عقب إِن نَعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَت معقبة مخصرة ملسنة. أَي
مصيراً لَهَا عقب. مستدقة الخصر وَهُوَ وَسطهَا. مخرطة الصَّدْر مدققته
من أَعْلَاهُ على شكل اللِّسَان.
(3/13)
أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ منعته
الْعَرَب الزَّكَاة فَقيل لَهُ: اقبل ذَلِك الْأَمر مِنْهُم فَقَالَ:
لَو مَنَعُونِي عقَالًا مِمَّا أَدّوا إِلَى رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم لقاتلتهم عَلَيْهِ كَمَا أُقاتلهم على الصَّلَاة. وروى:
لَو مَنَعُونِي عنَاقًا. وروى: لَو مَنَعُونِي جدياً أذوط.
عقل هُوَ صَدَقَة السّنة إِذا أَخذ الْأَسْنَان دون الْأَثْمَان.
وَكَأن الأَصْل فِي هَذِه التَّسْمِيَة الْإِبِل لِأَنَّهَا الَّتِي
تُعقل. وَعَن مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ أَنه اسْتعْمل ابْن أَخِيه
عَمْرو بن عتبَة بن أبي سُفْيَان على صدقَات كلب فاعتدى عَلَيْهِم
فَقَالَ عَمْرو بن عداء الْكَلْبِيّ: ... سَعَى عِقالاً فَلم يَتْرَك
لنا سَبَداً ... فَكيف لَوْ قَدْ سعى عَمرٌو عِقَالين ... لأَصبَح
الحيُّ أوْبَاداً وَلم يَجِدُوا ... عِنْد التَّفَرّق فِي الهَيْجَا
جِمَالَيْنِ ... أَرَادَ مُدَّة عقال فنصبه على الظّرْف. وَعَن ابْن
أبي ذُبَاب رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: أخر عمر الصَّدَقَة عَام
الرَّمَادَة فَلَمَّا أَحْيَا النَّاس بَعَثَنِي فَقَالَ: اعقل
عَلَيْهِم عِقَالَيْنِ فاقسم فيهم عقَالًا وائتني بِالْآخرِ. أَي أوجب.
وَقيل هُوَ العقال الْمَعْرُوف. وَعَن مُحَمَّد بن مسلمة رَضِي الله
عَنهُ: أَنه كَانَ يعْمل على الصَّدَقَة فِي عهد رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ يَأْمر الرجل إِذا جَاءَ بفريضتين أَن يَأْتِي
بعقالهما وقرانهما. وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يَأْخُذ مَعَ كل
فَرِيضَة عقَالًا ورواء فَإِذا جَاءَ الْمَدِينَة بَاعهَا ثمَّ تصدق
بِتِلْكَ الْعقل والأروية. وَقيل: إِنَّمَا أَرَادَ الشَّيْء التافه
الحقير فَضرب العقال مثلا لَهُ. الأذوط: الصَّغِير الفك والذقن وَقيل:
هُوَ الَّذِي يطول حنكه الْأَعْلَى وَيقصر الْأَسْفَل.
عقب عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سَافر فِي عقب شهر رَمَضَان
وَقَالَ: إِن الشَّهْر قد تسعسع فَلَو صمنا بَقِيَّته.
(3/14)
أَبُو زيد: يُقَال جَاءَ فلَان على عقب
رَمَضَان وَفِي عقبه إِذا جَاءَ وَقد بقيت أَيَّام من آخِره. وَقَالَ
ابْن الْأَنْبَارِي: اللَّيْلَة تبقى مِنْهُ إِلَى عشر لَيَال تبقين
مِنْهُ. وَيُقَال: جَاءَ على عقب رَمَضَان وَفِي عقبه إِذا جَاءَ وَقد
مضى الشَّهْر كُله وَمِنْه صليت عقب الظّهْر تَطَوّعا أَي دبرهَا.
تسعسع أَي انحط وَأدبر وَمِنْه قَوْلهم: تسعسعت حَال فلَان وَيُقَال
للكبير قد تسعسع قَالَ رؤبة: ... يَا هِنْدُ مَا أَسْرَع مَا
تَسَعْسَعا ... وَقَالَ شمر: من روى تشعشع ذهب بِهِ إِلَى رقة الشَّهْر
وَقلة مَا بَقِي مِنْهُ من شعشعة اللَّبن وَغَيره إِذا رقق بِالْمَاءِ.
فيد دَلِيل لمن رأى صَوْم الْمُسَافِر أفضل من فطره.
عقر لما توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَامَ أَبُو بكر
فَتلا هَذِه الْآيَة: {إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهُمْ مَيِّتُونَ} فعقرت
حَتَّى خَرَرْت إِلَى الأَرْض. الْعقر: أَن يفجأه الروع فَلَا يقدر أَن
يتَقَدَّم أَو يتَأَخَّر دهشا.
عقب كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُعقِّب الجيوش فِي كل عَام. أَي
يردُّ قوما وَيبْعَث آخَرين يعاقبونهم يُقَال: قد عُقِّب الغازية
وأُعقبوا إِذا وجِّه مكانهم غَيرهم. عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ أهديت بِهِ يعاقيب وَهُوَ محرم بالعرج فَقَامَ عليّ فَقَالَ
لَهُ: لم قُمْت فَقَالَ: لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: {وَحُرِّمَ
علَيْكُمْ صَيْدُ البَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} جمع يَعْقُوب وَهُوَ
ذكر القبج. العرج: منزل بطرِيق مَكَّة.
(3/15)
ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
ذكر الْقِيَامَة وَأَن الله يظْهر للنَّاس قَالَ: فيخر الْمُسلمُونَ
للسُّجُود وتعقم أصلاب الْمُنَافِقين فَلَا يقدرُونَ على السُّجُود.
وروى: وَتبقى أصلاب الْمُنَافِقين طبقًا وَاحِدًا.
عقم العقد وَالْعقل والعقم: أَخَوَات وَقيل للْمَرْأَة العاقر معقومة
كَأَنَّهَا مشدودة الرَّحِم. وَيُقَال للْفرس إِذا كَانَ شَدِيد معاقد
الرسغ إِنَّه لشديد المعاقم. وَيُقَال لكل فقرة من فقار الظّهْر طبق
وَقيل طبقَة وَالْجمع طبق أَي تصير فقاره وَاحِدَة فَلَا تنعطف
للسُّجُود. أُبي رَضِي الله عَنهُ هلك أهل الْعقْدَة وَرب الْكَعْبَة
وَالله ماآسى عَلَيْهِم وَلَكِن آسى على من يضل.
عقد يَعْنِي وُلَاة الْحق والعقدة: الْبيعَة المعقودة لَهُم من عقدَة
الْحَبل. والعقدة: الْعقار الَّذِي اعتقده صَاحبه ملكا. ابْن عَبَّاس
رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُئل عَن امْرَأَة دخلت على قوم فأرضعت
صَبيا [رضعة] . قَالَ: إِذا عقى حرمت عَلَيْهِ وَمَا ولدت.
عقى من العقى وَهُوَ أول يخرج من بطن الْمَوْلُود أسود لزجاً قبل أَن
يطقم يُقَال: عقى يعقى عقياً وَهل عقيتم صبيكم أَي هَل سقيتموه عسلاً
ليسقط عَنهُ عقية وَإِنَّمَا شَرط العقى ليعلم أَن اللَّبن قد صَار فِي
جَوْفه. عطف على الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي (حرمت) من غير أَن يؤكده
وَهُوَ مستقبح لَوْلَا أَنه فصل بَينه وَبَين الْمَعْطُوف. لَا
تَأْكُلُوا من تعاقر الْأَعْرَاب فَإِنِّي لَا آمن أَن يكون مِمَّا
أُهل بِهِ لغير الله.
عقر هُوَ التباري فِي عقر الْإِبِل كَفعل غَالب وسحيم. وَأَرَادَ بِهِ
مَا يتعاقر فَوضع الْمصدر مَوْضِعه.
(3/16)
وَالْمعْنَى أَنهم يتعاطونه رئاء النَّاس
وَلَا يقصدون بِهِ وَجه الله فَيُشبه مَا أُهل بِهِ لغير الله. عَمْرو
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ فِي سفر فَرفع عقيرته بِالْغنَاءِ
فَاجْتمع النَّاس فَقَرَأَ فَتَفَرَّقُوا فعل ذَلِك وفعلوه غير مرّة
فَقَالَ: يابنى المتكاء إِذا أخذت فِي مَزَامِير الشَّيْطَان
اجْتَمَعْتُمْ وَإِذا أخذت فِي كتاب الله تفرقتم قُطعت رِجل رَجل
فَرَفعهَا وَصَاح فَقيل لكل مصوت: رفع عقيرته المتكاء: من المتك وَهُوَ
عرق بظر الْمَرْأَة وَالْمَرْأَة الْعَظِيمَة البظر لِأَن عرقه إِذا
عظم عظم هُوَ. وَقيل: هِيَ الَّتِي لَا تحبس بولها وَقيل المفضاة
عقص ابْن الْمسيب رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ رجل لامْرَأَته: إِن
مشطتك فُلَانَة فَأَنت طَالِق ألْبتة فَدخل عَلَيْهَا فَوَجَدَهَا تعقص
رَأسهَا وَمَعَهَا امْرَأَة أُخْرَى فَقَالَت امْرَأَته: وَالله
مامشطتنى إِلَّا هَذِه الْجَالِسَةُ وَلَكِن لم تحسن أَن تعقصه فعقصته
هَذِه. فسُئل سعيد عَن ذَلِك فَقَالَ: مَا مشطت وَلَا تركت فَلَا
سَبِيل عَلَيْهِ فِي امْرَأَته. العقص: الفتل وَقيل أَن يلوى الشّعْر
حَتَّى يبْقى ليه ثمَّ يُرسل. وَالْمعْنَى أَن الطَّلَاق علق بِجَمِيعِ
الْمشْط بِبَعْضِه فقد أَتَت بِالْبَعْضِ فَلَا سَبِيل عَلَيْهِ لمن
أَرَادَ التَّفْرِقَة بَينه وَبَين امْرَأَته لأنَّ الطَّلَاق لم يَقع.
عقب النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى المعتقب ضَامِن لما اعتقب. هُوَ
الرجل يَبِيع الشَّيْء ثمَّ يحتبسه حَتَّى ينْقد لَهُ ثمنه فَإِن تلف
تلفَ مِنْهُ وَهُوَ من تعقبت الْأَمر واعتقبته إِذا تدبرته وَنظرت
فِيمَا يَئُول إِلَيْهِ. قَالَ: ... وإنْ منطق زَلَّ عَن صَاحِبي ...
تعقّبتُ آخَرَ ذَا مُعَتقَبْ ... لِأَنَّهُ متدبر لأمر الْمَبِيع نَاظر
فِيمَا يكون عاقبته من أَخذ أَو ترك.
(3/17)
عقل فِي الحَدِيث: من اعتقل الشَّاة وَأكل
مَعَ أَهله وَركب الْحمار فقد برىء من الْكبر. هُوَ أَن يضع رجلهَا
بَين سَاقه وَفَخذه فيحلبها واعتقال الرمْح مِنْهُ. وَمِنْه: اعتقل
مقدَّم سَرْجه وتعقله إِذا أثنى عَلَيْهِ رجله. قَالَ النَّابِغَة: ...
مُتَعَقِّلِين قَوادِمَ الأكْوَارِ ... فِي ذكر الدَّجَّال: ثمَّ
يَأْتِي الخصب فيعقل الْكَرم ثمَّ يكحب ثمَّ يمحج. عقَّل الْكَرم إِذا
أخرج الحصرم أول مَا يُخرجهُ وَهُوَ الْعقيلِيّ والعقالي. وكحَّب من
الكحب وَهُوَ البروق إِذا جلّ حبُّه. والكحبة: الْحبَّة الْوَاحِدَة.
ومحج من المحج وَهُوَ الاسرخاء بالنضج.
الْعين مَعَ الْكَاف
عكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِرَجُل لَهُ عكرة فَلم يذبح
لَهُ شَيْئا وَمر بِامْرَأَة لَهَا شويهات فذبحت لَهُ فَقَالَ: إِن
هَذِه الْأَخْلَاق بيد الله فَمن شَاءَ أَن يمنحه مِنْهَا خلقا حسنا
فعل.
(3/18)
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هِيَ الْخَمْسُونَ
من الْإِبِل إِلَى الْمِائَة. وَعَن الْأَصْمَعِي: إِلَى السّبْعين
وَالْجمع عكر. قَالَ: ... فِيهِ الصواهل والريات والعَكَر ... وَرجل
معكر: لَهُ عكرة وَهِي من الاعتكار وَهُوَ الازدحام وَالْكَثْرَة.
عكرش عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سَأَلَهُ رجل فَقَالَ: عنَّت لي
عكرشة فشنقتها بجبوبة فسكنت نَفسهَا وَسكت نسيسها. فَقَالَ: فِيهَا
جفرة. العكرشة: أُنْثَى الأرانب. الشنق: الكفّ فعبَّر بِهِ عَن
الرَّمْي أَو الضَّرْب المثخن الْكَاف للمرمى عَن الْحَرَكَة. الجبوبة:
المدرة يُقَال أَخذ جبوبة من الأَرْض لُغَة أهل الْحجاز. عَن
الْأَصْمَعِي: النسيس: بَقِيَّة النَّفس. الجفرة: العناق الَّتِي قد
أكلت.
عكس الرّبيع بن خثيم رَحمَه الله اعكسوا أَنفسكُم عكس الْخَيل باللجم.
أَي كفوها وردوها وَيُقَال: عكس الْبَعِير إِذا عقل يَدَيْهِ ثمَّ ردَّ
الْحَبل من تَحت إبطه فشده بحقوه. عَن ابْن دُرَيْد: وَدون ذَلِك عكاس
ومكاس أَي مُرَادة ومراجعة.
عكر قَتَادَة رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى
{اقْتَرَبَ لِلنَّاس حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُون} لما
نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ نَاس من أهل الضَّلَالَة: يزْعم صَاحبكُم
مُحَمَّد أَن الْحساب قد اقْترب فتناهوا قَلِيلا ثمَّ عَادوا إِلَى
أَعْمَالهم أَعمال السوء فَلَمَّا أنزل الله تَعَالَى {أَتَى أَمْرُ
الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} قَالَ نَاس من أهل الضَّلَالَة: يزْعم
صَاحبكُم هَذَا أَن أَمر الله قد أَتَى فتناهى الْقَوْم قَلِيلا: ثمَّ
عَادوا إِلَى عكرهم عكر السوء. ثمَّ أنزل: {وَلَئِنْ أخَّرْنَا
عَنْهُمُ العَذَابَ إلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ} الْآيَة
(3/19)
اي الى أصل مَذْهَبهم الرَّدِيء من
قَوْلهم: رَجَعَ إِلَى عكره وعتره. وَفِي أمثالهم: عَادَتْ لعكرها لميس
ولعترها. وَأنْشد الْأَصْمَعِي: ... أمْسَتْ قُرَيش قد تَجَلّى
غَدْرُها ... وسيّئاً فيمنْ سواهَا عُذْرُها ... فلَنْ يعودَ لقريش
عِكْرُها ... مَا سَاق أَغباشَ الظلام فَجْرُها ... وَعَن أبي
عُبَيْدَة: العكر الديدن وَالْعَادَة يُقَال: مَا زَالَ ذَلِك عكره
وروى عكرهم يذهب بِهِ إِلَى الدنس والدرن وَالصَّوَاب الأول.
الْعين مَعَ اللَّام
علك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر بِرَجُل وبرمته تَفُور على
النَّار فَقَالَ لَهُ: أطابت برمتك قَالَ: نعم بِأبي أَنْت وَأمي
فَتَنَاول مِنْهَا بضعَة فَلم يزل يعلكها حَتَّى أحرم بِالصَّلَاةِ.
أَي يمضغها ويلجلجها فِي فِيهِ. وعلك وألك أَخَوان وَعَن اللحياني: علك
الْعَجِين وَملكه ودلكه بِمَعْنى. وبرمته تَفُور حَال من الضَّمِير فِي
مرَّ على سنَن قَوْله: ... وَقد أَغْتَدِي وَالطير فِي وكناتها ...
علل وَبعث صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَاصِم بن ثَابت بن أبي الأقلح
وخبيب [بن عدي فِي أَصْحَاب لَهما إِلَى أهل مَكَّة يتخبرون لَهُ خبر
قُرَيْش حَتَّى إِذا كَانُوا بالرجيع اعترضت لَهُم بَنو لحيان من
هُذَيْل فَقَالَ عَاصِم: ... مَا عِلَّتي وَأَنا جَلْدٌ نَابِلُ ...
والقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ عُنَابِلُ
تَزِلُّ عَن صَفْحَتِها المعابِلُ ... والموتُ حَقٌّ والحياةُ باطِلُ
...
(3/20)
وضارب بِسَيْفِهِ حَتَّى قُتل وأسروا خبيب
بن عدي فَكَانَ عِنْد عقبَة بن الْحَارِث فَلَمَّا أَرَادوا قَتله
قَالَ لامْرَأَة عقبَة: ابغيني حَدِيدَة أستطيب بهَا فَأَعْطَتْهُ
مُوسَى فاستدف بهَا فَلَمَّا أَرَادوا أَن يرفعوه إِلَى الْخَشَبَة
قَالَ: اللَّهُمَّ أحصهم عددا واقتلهم بدداً. أَي مَا عُذْري إِن لم
أُقاتل وَمَعِي أُهبة الْقِتَال وَهِي من الاعتلال كالعذرة من
الِاعْتِذَار. نابل: مَعَه نبل. عنابل: جمع عنبل مثل خنجر وَهُوَ أغْلظ
الأوتار وأبقاها وأملؤها للفوق وأصوبها سَهْما. المعابل: النصال العراض
الَّتِي لَا عير لَهَا جمع معبلة. الاستطابة والاستدفاف: الاستحداد من
قَوْلهم: دفَّ عَلَيْهِ إِذا نسفه أَي استأصله وَمِنْه دفف على الجريح.
البدد: جمع بدة وَهِي الْحصَّة وَأنْشد الْكسَائي: ... لما التقيت
عُمَيْرًا فِي كتييبته ... عانيت كَأسَ المَنايَا بَيْننَا بَدَداً ...
وَلَّيْتُ جَبْهَةَ خَيْلي شَطْرَ خَيْلهم ... وَوَاجَهُونا بأُسْدٍ
قَاتلُوا أُسُداً ... وَالتَّقْدِير: واقتلهم قتلا بدداً أَي قتلا
مقسوماً عَلَيْهِم بِالْحِصَصِ. وَعَن الْأَصْمَعِي: اللَّهُمَّ اقتلهم
بدداً بِفَتْح الْبَاء أَي مُتَفَرّقين
علج إِن الدُّعَاء ليلقى الْبلَاء فيعتلجان إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
يصطرعان ويتدافعان قَالَ أَبُو ذُؤَيْب يصف عيرًا وأُتنا: ...
فَلَبِثْنَ حِيناً يَعْتَلِجْنَ بِرَوْضَةٍ ... فَيجِدّ حينا فِي
العِلاَج ويَشْمَعُ ...
(3/21)
قَالَت أم قيس بنت مُحصن أُخْت عكاشة رضى
الله عَنْهُمَا: دخلت با بن لي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم لم يَأْكُل الطَّعَام فَبَال عَلَيْهِ فَدَعَا بِمَاء فرشه
عَلَيْهِ وَدخلت عَلَيْهِ با بن لى قد أعلقت عَنهُ من الْعذرَة
فَقَالَ: علام تدغرن أَوْلَاد كن بِهَذِهِ العلق وروى: أعلقت عَلَيْهِ.
علق الإعلاق: أَن تدفع بإصبعها نغا نغه وَهِي لحمات عِنْد اللهاة تعالج
بذلك عذرته وحقيقه أعلقت عَنهُ: أزالت عَنهُ الْعلُوق وَهِي الداهية.
قَالَ: ... وَسَائلةٍ بَثْعلبَةَ بْنِ سَيْر ... وقَدْ عَلِقَتْ
بثعلبةَ العَلُوقُ ... وَمن رَوَاهُ عَلَيْهِ فَمَعْنَاه أوردت
عَلَيْهِ الْعلُوق يَعْنِي مَا عَذبته من دغرها وَيُقَال: أعلقت عَليّ
إِذا أَدخل يَده فِي حنجوره يتقيأ. وَعَن بعض هُذَيْل: كنت موعوكا وحدي
وطخطخ اللَّيْل دجاجيته وَكنت صَاحب قدح وإثقاب فأزند وأقدح نَارا
وَإِنِّي لمقموع فأعلق على من الْعذرَة أَي من أجلهَا. العلق: جمع
علوق.
علهز دَعَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مُضر فَقَالَ: اللَّهُمَّ
اجْعَلْهَا عَلَيْهِم سِنِين كَسِنِي يُوسُف فابتلوا بِالْجُوعِ حَتَّى
أكلُوا العلهز. هُوَ دم كَانَ يخلط بوبر ويعالج بالنَّار وَقيل: كَانَ
فِيهِ قردان وَيُقَال للقراد الضخم العلهز وَقيل العلهز شَيْء ينْبت
بِبِلَاد بني سليم شبه الْحذاء لَهُ عنقر أَي أصل رخص كأصل البردي.
(3/22)
علج عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بعث
رجلَيْنِ فِي وَجه فَقَالَ إنَّكُمَا علجان فعالجا عَن دينكما. أَي
صلبان شَدِيدا الْأسر يُقَال رجل علج وعلج وَيُقَال للحمار الوشحي علج
لاستعلاج خلقه والعلج النَّاقة الشَّدِيدَة. والعلجوم: مثلهَا
بِزِيَادَة الْمِيم. فعالجا أَي دافعا.
علق أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رئي وَعَلِيهِ إِزَار
فِيهِ علق وَقد خيطه بالأصطبة إِذا علق الشوك أَو غَيره بِالثَّوْبِ
فخرقه فَذَلِك الْخرق علق الأصطبة مشاقة الْكَتَّان.
علب ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا رأى رجلا بِأَنْفِهِ أثر
السُّجُود فَقَالَ لَا تعلب صُورَتك. يُقَال: علبه إِذا وسمه وَأثر
فِيهِ وَسيف معلوب: مثلم وَطَرِيق معلوب للَّذي يعلب بجنبيه والعلب
الْأَثر قَالَ ابْن مقبل: ... هَلْ كنْتُ إِلَّا مِجَنًّا تَتَّقُونَ
بهِ ... قد لاحَ فِي عرض من باداكم علبي ... وَالْمعْنَى: لَا تؤث
فِيهَا بِشدَّة انتحائك على أَنْفك فِي السُّجُود.
علا مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ للبيد الشَّاعِر كم
عطاؤك قَالَ: أَلفَانِ وَخَمْسمِائة قَالَ: مَا بَال العلاوة بَين
الفودين فَقَالَ: أَمُوت الان فَيكون لَك العلاوة والفودان فرق لَهُ
وَترك عطاءه على حَاله. العلاوة: مِمَّا عولي فَوق الْجمل زَائِدا
عَلَيْهِ وَيُقَال ضرب علاوته أَي رَأسه الفودان العدلان لِأَنَّهُمَا
شقا الْجمل من قَوْلك لشقي الرَّأْس الفودان والفود نَاحيَة الْبَيْت
وَيُقَال جعلت كتابك فودين أَي طويت أَسْفَله وَأَعلاهُ حَتَّى جعلته
نِصْفَيْنِ أَرَادَ بهما الْأَلفَيْنِ وبالعلاوة خمس الْمِائَة.
(3/23)
علج عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا
توفّي عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا
بالحبشى على رَأس أَمْيَال من مَكَّة فنقله ابْن صَفْوَان إِلَى مَكَّة
فَقَالَت عَائِشَة: مَا آسى على شَيْء من أمره إِلَّا خَصْلَتَيْنِ
أَنه لم يعالج وَلم يدْفن حَيْثُ مَاتَ. أَي لم يعالج سكرة الْمَوْت
فَتكون كَفَّارَة لذنوبه لِأَنَّهُ مَاتَ فَجْأَة.
علق ابْن عُمَيْر رَحمَه الله تَعَالَى أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي
أَجْوَاف طير خضرٍ تعلق فِي الْجنَّة روى: تسرح. وروى أَرْوَاح
الشُّهَدَاء تحول فِي طير خضر تعلق من ثمار الْجنَّة. أَي تَأْكُل
وتصيب يُقَال علقت الْبَهِيمَة تعلق علوقا إِذا أَصَابَت من الْوَرق
وعلقت الْإِبِل العضاه إِذا تسنمتها وَمِنْه علق فلَان فلَانا إِذا
تنَاوله بِلِسَانِهِ.
علل النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ فِي الضَّرْب بالعصا: إِذا
علَّ فَفِيهِ قَود. أَي إِذا ثناه وَأَعَادَهُ من الْعِلَل فِي
السَّقْي.
علو عَطاء رَحمَه الله تَعَالَى ذكر مهبط آدم عَلَيْهِ السَّلَام
فَقَالَ هَبَط مَعَه بالعلاة. هِيَ السندان فعلة من الْعُلُوّ
وَكَذَلِكَ قَوْلهم للناقة علاة وَهِي المشرفة الضخمة والعليان مثلهَا
قَالَ: ... تَقْدُمُها كلُّ عَلاَةٍ عِلْيانِ ... فِي الحَدِيث فِي
حَدِيث سبيعة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا لما تعلت من نفَاسهَا تشوفت
لخطّابها. أَي قَامَت ارْتَفَعت قَالَ جرير: ... فَلَا حَملتْ بَعْدَ
الفرزدقِ حُرَّةٌ ... وَلَا ذاتُ بعل مِنْ نِفاسٍ تَعَّلَتِ ...
وَيحْتَمل أَن يكون الْمَعْنى سلمت وصحَّت وَأَصله تعللت مُطَاوع علها
الله أَي أَزَال علتها كفزَّعه وجلَّد الْبَعِير فَفعل بِهِ مَا فعل
بتقضض الْبَازِي وتظننت.
(3/24)
الْعين مَعَ الْمِيم
عمى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تعوذوا بِاللَّه من الأعميين
وَمن قترة وَمَا ولد. هما الأيهمان أَي السَّيْل والحريق لما يرهق من
يصيبانه من الْحيرَة فِي أمره قترة علم للشَّيْطَان ويكنى أَبَا قترة.
من قَاتل تَحت راية عمية يغْضب لعصبة أَو ينصر عصبَة أَو يَدْعُو إِلَى
عصبَة فقُتل قتل قتلة جَاهِلِيَّة. هِيَ الضَّلَالَة فعيلة من الْعَمى.
الْعصبَة: بَنو الْعم وكل من لَيست لَهُ فَرِيضَة مُسَمَّاة فِي
الْمِيرَاث إِنَّمَا يَأْخُذ مَا يبْقى بعد أَرْبَاب الْفَرَائِض
فَهُوَ عصبَة.
عمر قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْعُمْرَى والرقبى: إِنَّهَا
لمن أعمرها وَلمن أرقبها ولورثتهما من بعدهمَا. كَانَ الرجل بالأعمار
والأرقاب على صَاحبه فيتمتع بِمَا يعمره أَو يرقبه إِيَّاه مُدَّة
حَيَاته فَإِذا مَاتَ لم يصل مِنْهُ إِلَى ورثته شَيْء وَكَانَ للمعمر
والمرقب أَو لوَرثَته فنقضه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَأعلم أَن من
ملك ذَلِك فِي حَيَاته فَهُوَ لوَرثَته من بعده وَقد مر نحوٌ من هَذَا
فِي بَاب
(3/25)
رقب مَعَ ذكر مَا فِي الْعُمْرَى والرقبى
من الْكَلَام اللّغَوِيّ والفقهي.
عماء سَأَلَهُ أَبُو رزين الْعقيلِيّ: أَيْن كَانَ رَبنَا قبل أَن يخلق
السَّمَوَات وَالْأَرْض فَقَالَ: كَانَ فِي عماء تَحْتَهُ هَوَاء وفوقه
هَوَاء. هُوَ السَّحَاب الرَّقِيق وَقيل السَّحَاب الكثيف المطبق وَقيل
شبه الدُّخان يركب رُءُوس الْجبَال. وَعَن الْجرْمِي الضباب. وَلَا بُد
فِي قَوْله أَيْن كَانَ رَبنَا من مُضَاف مَحْذُوف كَمَا حذف من قَوْله
تَعَالَى {هَلْ ينظرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيهم الله} وَنَحْوه.
عمر قدم عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قطن بن حَارِثَة العليمي
مَعَ وَفد من كلب الْمَدِينَة فَكتب لَهُم: هَذَا كتاب من مُحَمَّد
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمائر كلب وأحلافها وَمن ظأره
الْإِسْلَام من غَيرهم مَعَ قطن بن حَارِثَة العليمي بإقام الصَّلَاة
لوَقْتهَا وإيتاء الزَّكَاة بِحَقِّهَا فِي شدَّة عقدهَا ووفاء عهدها
بِمحضر من شُهُود الْمُسلمين سعد بن عبَادَة وَعبد الله بن أنيس ودحية
بن خَليفَة الْكَلْبِيّ عَلَيْهِم فِي الهمولة الراعية الْبسَاط
والظؤار فِي كل خمسين نَاقَة غير ذَات وعورا الحمولة المائرة أهلهم (6
لاغية وَفِي الشوى الورى مُسِنَّة حَامِل أَو حَائِل وَفِيمَا سقى
الْجَدْوَل من الْعين الْمعِين العُشر من ثَمَرهَا وَمِمَّا أخرجت
أرْضهَا وَفِي العذى شطره بِقِيمَة الْأمين لَا تزاد عَلَيْهِم
وَظِيفَة وَلَا تفرق شهد الله على ذَلِك وَرَسُوله وَكتب ثَابت بن قيس
بن شماس. العمائر: جمع عمَارَة وَهِي الْحَيّ الْعَظِيم فَمن فتح
فَإِنَّهُ ذهب إِلَى التفاف بَعضهم على بعض كالعمارة وَهِي الْعِمَامَة
وَمن كسر فلأنهم عمَارَة للْأَرْض.
(3/26)
واشتقها بَعضهم من العومرة وَهِي الجلبة
وَمن اعْتَمر الْحَاج إِذا رفع صَوته مهلاًّ بِالْعُمْرَةِ لما يكون
فِيهَا من الجلبة. ظأره: عطفه. الهمولة: الَّتِي أهملت للرعي [وَلَا
تسْتَعْمل] . الْبسَاط: جمع بسط وهى الَّتِي مَعهَا وَلَدهَا. والظؤر:
جمع ظئر وَهِي الَّتِي ظئرت على غير وَلَدهَا. المائرة: الَّتِي يمتار
عَلَيْهَا. لاغية: ملغاة. الشويّ: الشَّاء. الوري: السمين. قَالَ
الطرماح: ... بُوجُوهٍ كالوذائل لم يختزن عَنْهَا ورى السنام ... أَو
صانى جبرئيل بِالسِّوَاكِ حَتَّى خفت على عمرى. هِيَ جمع عمر وَقد روى
فِيهِ الضَّم وَهُوَ لحم اللثة المستطيل بَين كل سِنِين. عمر رَضِي
الله تَعَالَى عَنهُ أَيّمَا جالب جلب على عَمُود بَطْنه فَإِنَّهُ
يَبِيع كَيفَ شَاءَ وَمَتى شَاءَ. أَي على ظَهره. وَقيل: هُوَ عرق
يَمْتَد من الرهابة إِلَى دوين السُّرَّة.
عمد وَالْمعْنَى جلب معانيا للْمَشَقَّة كَأَنَّمَا حمل المجلوب على
هَذَا الْعرق. وَسمي الظّهْر عمودا لِأَنَّهُ يعمد الْبَطن وقوامه
بِهِ. وَأما الْعرق فقد شبه لَا متداده واستطالته بعمود الخباء.
(3/27)
أَبُو ذَر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ
الْأسود خرجنَا عماراً فَلَمَّا انصرفنا مَرَرْنَا بِأبي ذَر فَقَالَ
أحلقتم الشعث وقضيتم التفث أما إِن الْعمرَة من مدركم أَي معتمرين وَلم
يَجِيء فِيمَا فِيمَا أعلم عمر بِمَعْنى اعْتَمر وَلَكِن عمر الله إِذا
عَبده وَفُلَان يعمر ربه أَي يُصَلِّي ويصوم وَعمر رَكْعَتَيْنِ أَي
صلاهما فَيحْتَمل الْعمار أَن يكون جمع عَامر من عمر بِمَعْنى اعْتَمر
وَإِن لم نَسْمَعهُ وَلَعَلَّ غَيرنَا سَمعه وَأَن يكون مِمَّا
اسْتعْمل مِنْهُ بعض التصاريف دون بعض كَمَا قيل يذر وَمَا مِنْهُ دونه
من الْمَاضِي واسمى الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَكَذَلِكَ يدع
وَيَنْبَغِي وَنَحْوه السفار وَالسّفر للمسافرين وَأَن يُقَال
للمعتمرين عمَّار لأَنهم عمروا الله أَي عبدوه. الشَّعث أَن يغبر
الشّعْر وينتتف لبعد عَهده بالتعهد من الْمشْط والدهن أَرَادَ ذَا
الشعث. التَّفث: مَا يفعل عِنْد الْخُرُوج من الْإِحْرَام من تقليم
الْأَظْفَار وَالْأَخْذ من الشَّارِب ونتف الْإِبِط والاستحداد. وَقيل
التفث: أَعمال الْحَج وَقَالَ الْأَغْلَب: ... لما وسطْتُ القَفْر فِي
جنح المَلَث ... وقَدْ قَضَيْتُ النُّسْكَ: عني والفث
فاجأَني ذِئبٌ بِه داءُ الغَرث ... وَقَالَ أُميَّة ... شاحِينَ
آبَاطَهُمْ لم يقربُوا تَفَثاً ... وَلم يَسُلُّوا لهمْ قَمْلاً
وصِئْبَانا ... قَالَ الْأَصْمَعِي: مَدَرَة الرجل بَلَده وَالْجمع مدر
وَيُقَال مَا رَأَيْت مثله فِي الْوَبر والمدر يَعْنِي أَن الْعمرَة
يبتدأ لَهَا سفر غير سفر الْحَج.
عملق خباب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رأى ابْنه مَعَ قاص فَمَا رَجَعَ
ائتزر وَأخذ السَّوْط وَقَالَ: أمع العمالقة هَذَا قرن قد طلع. هم
الْجَبَابِرَة الَّذين كَانُوا بِالشَّام على عهد مُوسَى على نَبينَا
وَعَلِيهِ السَّلَام الْوَاحِد عمليق وعملاق وَيُقَال لمن يخدع النَّاس
ويخلبهم ويتظرف لَهُم عملاق وَهُوَ يتعملق للنَّاس
(3/28)
شبه الْقصاص بأولئك الْجَبَابِرَة فِي
استطالتهم على النَّاس أَو أَرَادَ تعملقهم لَهُم. الْقرن: أهل كل عصر
يحدثُونَ بعد فنَاء آخَرين يَعْنِي أَنهم قوم حدثوا ونجموا لم يكوانوا
على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقيل أَرَادَ قرن
الْحَيَوَان شبه بِهِ الْبِدْعَة فِي نطحها النَّاس عَن السنَّة
وتبعيدهم عَنْهَا. مُحَمَّد بن مسلمة رصى الله تَعَالَى عَنهُ فِي
حَدِيث محاربته مرْحَبًا قَالَ: من شهدهما: مَا رَأَيْت حَربًا بَين
رجلَيْنِ قطّ علمتها مثلهَا قَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه
عِنْد شَجَرَة عمرية فَجعل كل وَاحِد مِنْهُمَا يلوذ بهَا من صَاحبه
فَإِذا استتر مِنْهَا بِشَيْء خذم صَاحبه مَا يَلِيهِ حَتَّى يلخص
إِلَيْهِ فَمَا زَالا يتَّخذ مانها بِالسَّيْفِ حَتَّى لم يبْق فِيهَا
غُصْن وأفضى كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَى صَاحبه.
عمر هِيَ العظمة الْقَدِيمَة الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا عمر طَوِيل.
وَيُقَال للسدر الْعَظِيم النَّابِت على الشطوط عبري وعمري وَلما سواهُ
ضال قَالَ ذُو الرمة: ... قَطَعْتُ إِذا تخَوّفَت العواطى ... ضروب
السدر عبريا وضال ... اَوْ [إِنَّمَا] قيل لَهُ العبري لنباته على
العبر والعمري لقدمه أَو الْمِيم فِيهِ معاقبة للباء كَقَوْلِهِم:
رَمَاه من كثب وكثم. يتَّخذ مانها: يتقطعانها قَالَ ... وَلَا
يَأْكُلُون اللحْمَ إِلَّا تَخَذُّما ...
عمل الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى أُتي بشراب مَعْمُول. قيل: هُوَ
الَّذِي فِيهِ اللَّبن وَالْعَسَل والثلج.
عمم عَطاء رَحمَه الله تَعَالَى إِذا تَوَضَّأت فَلم تعمم فَتَيَمم.
أَي لم تعمم أعضاءك بإيصال الْوضُوء إِلَيْهَا يَعْنِي إِذا كَانَ
عنْدك من المَاء مَالا يَفِي بطهورك فَتَيَمم.
(3/29)
فِي الحَدِيث لَا بَأْس أَن يُصَلِّي الرجل
على عمريه.
عمر أَي كميه. قَالَ: ... قَامَتْ تُصَلِّي والخِمارُ من عمر ...
الْعين مَعَ النُّون
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المؤذنون أطول النَّاس أعناقا يَوْم
الْقِيَامَة وروى: إعناقا.
عنق أَي إسراعاً إِلَى الْجنَّة والعنق: الخطو الفسيح. وَمِنْه قَوْله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يزَال الْمُؤمن معنقاً صَالحا لم يصب
دَمًا حَرَامًا فَإِذا أصَاب دَمًا حَرَامًا بلَّحَ. وَمِنْه قَوْله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن رهطاً ثَلَاثَة انْطَلقُوا
فَأَصَابَتْهُمْ السَّمَاء فَلَجَئُوا إِلَى غارٍ فَبَيْنَمَا هم فِيهِ
إِذا انقلعت صَخْرَة من قُلَّة الْجَبَل فتدهدهت حَتَّى جثمت على بَاب
الْغَار فَقَالَ الْقَوْم بَعضهم لبَعض: كفَّ الْمَطَر وَعَفا الْأَثر
وَلنْ يراكم إِلَّا الله فَلْينْظر كل رجل أفضل عمل عمله قطّ فليذكره
ثمَّ ليدعُ الله. فانفرجت الصَّخْرَة فَانْطَلقُوا معانقين. عانق وأعنق
نَحْو سارع وأسرع. وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنه كَانَ
معَاذ وَأَبُو مُوسَى مَعَه فِي سفر وَمَعَهُ أَصْحَابه فأناخوا
لَيْلَة معرسين وتوسد كل رجل ذِرَاع رَاحِلَته قَالَا: فانتبهنا فَلم
نر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد رَاحِلَته فاتبعناه
فأُخبرنا أَنه خيِّر بَين أَن يُدخل نصف أمته الْجنَّة وَبَين
الشَّفَاعَة وَأَنه اخْتَار الشَّفَاعَة فَانْطَلَقْنَا مَعًا نيق
إِلَى النَّاس نبشرهم. أَي معنقين جمع معناق.
(3/30)
بلَّح: أعيا وَانْقطع يُقَال: بلَّح الْفرس
وبلَّحت الرَّكية إِذا انْقَطع جريها وَذهب ماءها.
عنبر بعث صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرِيَّة إِلَى نَاحيَة السَّيْف
فجاعوا فَألْقى الله لَهُم دَابَّة يُقَال لَهَا العنبر فَأكل مِنْهَا
جمَاعَة السّريَّة شهرا حَتَّى سمنوا. هِيَ سَمَكَة بحريّة تتَّخذ
الترسة من جلدهَا فَيُقَال للترس عنبر قَالَ الْعَبَّاس بن مرداس: ...
لنا عارِضٌ كزهَاءِ الصَّرِيمِ ... فِيهِ الأسنة والعنبر ...
عنو اتَّقوا الله فِي النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ عنْدكُمْ عوان. جمع عانية
من العنو وَهُوَ الْإِقَامَة على الإسار يُقَال عَنَّا فيهم أَسِيرًا
والعنوة الْقَهْر والذل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {وَعَنَتِ الوُجُوُهً}
وَفِي حَدِيثه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عودوا الْمَرِيض وأطعموا الجائع
وفكوا العاني
عنن سُئِلَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الْإِبِل فَقَالَ أعنان
الشَّيَاطِين لَا تقبل إِلَّا مولِّية وَلَا تدبر إِلَّا مولِّية وَلَا
يَأْتِي نَفعهَا إِلَّا من جَانبهَا الأشأم الأعنان: النواحي جمع عنن
وعنّ يُقَال أَخذنَا كل عنّ وسنّ وفنّ أُخذ من عنَّ كَمَا أُخذ الْعرض
من عرض. وَفِي الحَدِيث أَنهم كَرهُوا الصَّلَاة فِي أعطان الْإِبِل
لِأَنَّهَا خُلقت من أعنان الشَّيَاطِين قَالَ الجاحظ: يزْعم بعض
النَّاس أَن الْإِبِل فِيهَا عرق من سفاد الْجِنّ وذهبوا إِلَى هَذَا
الحَدِيث وغلطوا وَلَعَلَّ المُرَاد وَالله وَرَسُوله أعلم أَن
الْإِبِل لكثيرة آفاتها وَأَن من شَأْنهَا أَنَّهَا إِذا أَقبلت أَن
يعتقب إقبالها الإدبار وَإِذا أَدْبَرت أَن يكون إدبارها ذَهَابًا
وفناء مستأصلا وَلَا يَأْتِي نَفعهَا يَعْنِي مَنْفَعَة الرّكُوب
والحلب إِلَّا من جَانبهَا الَّذِي ديدن الْعَرَب أَن يتشاءموا بِهِ
وَهُوَ جَانب الشمَال وَمن ثمَّ سموا الشمَال الشؤمى قَالَ يصف حمارا
وأتاناً: ... فأَنْحَى على شُؤْمَي يَدَيْهِ فَذَادَهَا ...
(3/31)
فَهِيَ إِذن للفتنة مَظَنَّة وللشياطين
فِيهَا مجَال متَّسع حَيْثُ تسببت أَولا إِلَى إغراء المالكين على
إخلالهم بشكر النِّعْمَة الْعَظِيمَة فِيهَا فَلَمَّا زواها عَنْهُم
لكفرانهم أَغَرْتُم أَيْضا على إغفال مَا لَزِمَهُم من حق جميل الصير
على المرزئة بهَا وسولت لَهُم فِي الْجَانِب الَّذِي يستملون مِنْهُ
نعمتي الرّكُوب والحلب أَنه الْجَانِب الأشأم وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة
الْأَيْمن الأبرك.
عنز لما طعن أُبي بن خلف بالعنزة بَين ثدييه انْصَرف إِلَى أَصْحَابه
فَقَالَ قتلني ابْن أبي كَبْشَة فنظروا فَإِذا هُوَ خدش فَقَالَ لَو
كَانَت بِأَهْل ذِي الْمجَاز لقتلتهم العنزة: شبه العكازة أَبُو
كَبْشَة كنية رجل خزاعي خَالف قُريْشًا فِي ترك الْأَوْثَان وَعبادَة
الشعرى العبور وَكَانَ يَقُول إِنَّهَا قطعت السَّمَاء عرضا وَلم
يقطعهَا عرضا نجم غَيرهَا وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى {وَأنَّه هُوَ
رَبُّ الشِّعْرَى} فَلَمَّا خالفهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم شبهوه بالخزاعي وَقيل هُوَ كنية جد جده لأمه وهب بن عبد منَاف بن
زهرَة. ذُو الْمجَاز: سوق للْعَرَب الضَّمِير فِي كَانَت للطعنة
عنت أَيّمَا طَبِيب تطب على قوم وَلم يعرف بالطب قبل ذَلِك فأعنت
فَهُوَ ضَامِن أَي أضرّ أفسد من الْعَنَت.
عنق عَن أم سَلمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا كنت مَعَه فَدخلت شَاة
لِجَار لنا فَأخذت قرصا تَحت دن فَقُمْت لنا إِلَيْهَا فَأَخَذته من
بَين لحييها فَقَالَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَك أَن تعنقيها إِنَّه لَا
قَلِيل من أَذَى الْجَار وروى تعنكيها.
عنق أَي أَن تأخذي بعنقها وتعصريها. والتعنيك: الْمَشَقَّة من اعتنك
الْبَعِير إِذا ارتطم فِي رمل لَا يقدر على الْخَلَاص مِنْهُ وَيُقَال
لذَلِك الرمل العانك.
(3/32)
وَيجوز أَن يكون التعنيق بِمَعْنى التخييب
من العناق وَهُوَ الخيبة والعناقة مثله يُقَال رَجَعَ مِنْهُ بالعناق
وفاز مِنْهُ بالعناقة. وبلد معنقة لَا مقَام بِهِ من جدوبته. والتعنيك
بِمَعْنى الْمَنْع والتضييق من عَنْك الْبَاب وأعنكه إِذا أغلقه والعنك
الْبَاب لُغَة يَمَانِية وَلَو روى تعنقيها (بِالْفَاءِ) من العنف
لَكَانَ وَجها قَرِيبا
عنج قيل أَي أَمْوَالنَا أفضل قَالَ الْحَرْث والماشية قيل يَا رَسُول
الله فالإبل قَالَ تِلْكَ عناجيج الشَّيَاطِين العنجوج من الْخَيل
وَالْإِبِل الطَّوِيل الْعُنُق فعلول من عنجة إِذا عطفه لِأَنَّهُ
يعْطف عُنُقه لطولها فِي كل جِهَة ويلويها لياوراكبه يعنجها إِلَيْهِ
بالعنان والزمام يُرِيد أَنَّهَا مطايا الشَّيَاطِين وَمِنْه قَوْله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن عَليّ ذرْوَة كل بعير شَيْطَانا
عنتر أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سبَّ ابْنه عبد الرَّحْمَن
فَقَالَ يَا عنتر وروى غنثر وغنثر (بِالْفَتْح وَالضَّم) العنتر
الذُّبَاب الْأَزْرَق شبهه بِهِ تحقيرا والغنثر من الغثارة وَهِي
الْجَهْل وَقيل هُوَ من الفنثرة وَهِي شرب المَاء من غير عَطش وَذَلِكَ
من الْحمق.
عنن ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ إِن رجلا كَانَ فِي
أَرض لَهُ إِذْ مرّت بِهِ عنانة ترهيأ فَسمع فِيهَا قَائِلا يَقُول
ائتي أَرض فلَان فاسقيها فيل للسحابة عنانة كَمَا قيل لَهَا عَارض
وحبىّ وَعَن وَعرض وحبا بِمَعْنى وَالْجمع عنان وَمِنْه الحَدِيث وَلَو
بلغت خطيئته عنان السَّمَاء. وَفِي كتاب الْعين عنان السَّمَاء مَا
عنَّ لَك أَي مَا بدا لَك مِنْهَا إِذا رفعت بَصرك إِلَيْهَا وروى:
أعنان السَّمَاء والأعنان والأعناء والأحناء بِمَعْنى وَهِي النواحي
يُقَال
(3/33)
نزلُوا أعناء مَكَّة الْوَاحِد عنو وَقيل
عَنَّا وَيجوز أَن يكون الأعنان جمع عنان كأساس وأجواد فِي أساس وجواد.
ترهيأت السحابة إِذا سَارَتْ سيرا رويداً وَقَالَ يَعْقُوب تمخضت قَالَ
... فَتلك عَنانة النِّقْمات أضحتْ ... تَرَهْيَأُ بالعِقاب
لِمُجْرِمِيها ... افالهمزة فِيهِ مزيدة لقَولهم ترهيأت وترهيت اذا
تبخترت فَكَأَنَّهُ من قَوْلهم رها الطَّائِر يرهو إِذا دوَّم ورنَّق
فِي الْهَوَاء وَهُوَ أَن ينشر جناحيه وَلَا يخْفق بهما على معاقبة
الْيَاء الْوَاو فِي الْبناء كَقَوْلِهِم أتيت وأتوت وعزيت وعزوت.
عنش ابْن معد يكرب رَضِي الله عَنهُ قَالَ يَوْم القادسة: يَا
معشرالمسلمين كونُوا أَسد عناشا فَإِنَّمَا الْفَارِسِي تَيْس إِذا
ألْقى نيزكه. عانش وَعَانَقَ أَخَوان قَالَ أَبُو خرَاش ... إذنلأتاه
كلّ شَاك سلاحَهُ ... يعانِشُ يَوْم الْبَأْس ساعِدُه عَبْلُ ...
وَالْمعْنَى أسداً ذَات عناش لأقرانها فوصف بِالْمَصْدَرِ كَقَوْلِهِم
فلَان عناش عدوقال سَاعِدَة بن جؤية ... عناش عَدُوٍّ لَا يزَال
مُشَمِّراً ... بِرَجْلٍ إِذا مَا الحربُ شبَّ سَعِيُرها ... وَيجوز
أَن ينْتَصب عناشا على التَّمْيِيز كَمَا يُقَال هُوَ أس جرْأَة وإقدما
النيزك نَحْو من المزراق عجمي مُعرب تَكَلَّمت بِهِ الْعَرَب قَدِيما
واتقت مِنْهُ قَالَ ذُو الرمَّة ... فيا مَنْ لِقَلْبٍ لَا يزَال كأَنه
... من الوجد شَكَّتْهُ صدورُ النَّيَازِك ... وَيُقَال نزكه ينزكه
نزكا إِذا زرقه وَمِنْه نزكه إِذا عابه وَوَقع فِيهِ
عنس النَّبِي حمه الله تَعَالَى قَالَ فِي الرجل يَقُول إِنَّه لم يجد
امْرَأَته عذراء لَا شَيْء عَلَيْهِ لِأَن الْعذرَة قد تذهبها
الْحَيْضَة والوثبة وَطول التعنيس
(3/34)
عنست وعنِّست إِذا بقيت فِي بَيت
أَبَوَيْهَا لَا تزوج حَتَّى تسن وَمِنْه العنس للناقة إِذا تمت سنّهَا
واشتدت قوتها وَعَن الْأَصْمَعِي أَنه يُقَال للرجل عانس إِذا لم
يتَزَوَّج أَرَادَ لَيْسَ بَينهمَا لعان لِأَنَّهُ لَيْسَ بقاذف
عَنَّا الشّعبِيّ رَحمَه الله لِأَن أتعنى بعنية أحب إِلَيّ أَن أَقُول
فِي مَسْأَلَة برأيي العنية بَوْل فِيهِ أخلاط تطلى بِهِ الْإِبِل
الجربي يُقَال فِي الْمثل عنية تشفى الجرب والتعني التطلى بهَا.
الْعين مَعَ الْوَاو
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمعول عَلَيْهِ يعذب. أعول على
الْمَيِّت وعول إِذا رفع صَوته بالبكاء وَقيل دُعَاء بِالْوَيْلِ
قَالَت هِنْد بنت عتبَة: إِنِّي عَلَيْك لَحَرَّي قد تَضَعَّفَنِي ...
هَمٌّ أشاب ذُؤَاَبَتَّي وتَعْويلُ ... قَالَه فِي إِنْسَان بِعَيْنِه
قد علم بِالْوَحْي أَنه يعذب وَاللَّام للْإِشَارَة كَأَنَّهُ قَالَ
هَذَا الَّذِي يبكي عَلَيْهِ يعذب أَو أَرَادَ من يُوصي نِسَاءَهُ أَن
يعولن عَلَيْهِ أَو أَرَادَ الْكَافِر لِأَن الْمُسلمين على عَهده
كَانُوا من الْمُحَافظَة على حُدُود الدّين بمَكَان وَالْمُسلمَات
بمثابتهم فَكَانَ الْمُسلم إِذا مَاتَ لم يعول عَلَيْهِ.
(3/35)
دخل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على جَابر بن
عبد الله منزله قَالَ جَابر فعمدت إِلَى عنزي لأذبحها فثغت فَسمع
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثغوتها فَقَالَ يَا جَابر لَا
تقطع درا وَلَا نَسْلًا فَقلت يَا رَسُول الله إِنَّمَا هِيَ عودة
علفناها البلح وَالرّطب فَسَمنت.
عود عَن ابْن الْأَعرَابِي لَا يُقَال عود إِلَّا لبعير أَو شَاة وَقد
جَاءَ: عود الرجل إِذا أسن وَقد استعاره للطريق الْقَدِيم من قَالَ ...
عَوْدٌ على عَوْدٍ لأقْوامٍ أُوَلْ ... يموتُ بِالتّرْكِ ويحيا
بِالْعَمَلِ ...
عوذ تزوج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم امْرَأَة من الْعَرَب فَلَمَّا أدخلت
عَلَيْهِ قَالَت أعوذ بِاللَّه مِنْك فَقَالَ لَهَا لقد عذت بمعاذ
فالحقي بأهلك. أَي عذت بمَكَان العياذ وبمن للعائذين أَن يعوذوا بِهِ
وَهُوَ الله عز وَجل وحقيقيته عذت بمعاذ أَي معَاذ وبمعاذ من عاذ بِهِ
لم يكن لأحد أَن يتَعَرَّض لَهُ. 22
عول قَالَ حَنْظَلَة كَاتبه كُنَّا عِنْد رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فوعظنا فرقت قُلُوبنَا ودمعت أَعيننَا فَرَجَعت إِلَى
أَهلِي فدنت الْمَرْأَة منى وَعيلَ أَو عيلان فأخذنا فِي الدُّنْيَا
ونسيت مَا كَانَ عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَهُوَ
وَاحِد الْعِيَال كجيد وجياد وَأَصله عيول من عَال يعول إِذا احْتَاجَ
وَسَأَلَ عَن أبي زيد. وَمِنْه حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ: إِن فِي وعَاء الْعشْرَة حَقًا لله وَاجِبا
قيل يَا أَبَا هُرَيْرَة وَمَا وعَاء الْعشْرَة قَالَ: رجل يدْخل على
عشرَة عيل وعَاء من طَعَام إِن لم يؤد حَقه حرق الله وَجهه فِي نَار
جَهَنَّم وضع العيل مَوضِع الْجَمَاعَة كَمَا قَالَ الراجز: ...
إِلَيْك أَشْكُو عرق دهرذي خَبَلْ ... وعَيِّلاً شُعْثاً صِغاراً
كالحَجَلْ ... وَلِهَذَا قَالَ عشرَة عيل لِأَن مُمَيّز الثَّلَاثَة
إِلَى الْعشْر مَجْمُوع.
(3/36)
عوى سَأَلَهُ أنيف عَن نحر الْإِبِل فَأمره
أَن يعوى رءوسها ويفتق لبتها أَي يعطفها إِلَى أحد شقيها لتبرز اللبة
وَهِي المنحر وعوى ولوى وطوى وتوى أَخَوَات قَالَ الْقطَامِي فرحلتُ
يَعملة النّجاءِ شمِلّةً ... ترمى الزّميل إِذا الزِّمام عواها ...
عور لما اعْترض أَبُو لَهب على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
عِنْد إِظْهَار الدعْوَة قَالَ لَهُ أَبُو طَالب يَا أَعور مَا أَنْت
وَهَذَا قَالَ ابْن الْأَعرَابِي لم يكن أَبُو لَهب بأعور وَلَكِن
الْعَرَب تَقول للَّذي لَيْسَ لَهُ أَخ من أَبِيه وَأمه أَعور وَقيل
مَعْنَاهُ يَا رَدِيء وكل شَيْء من الْأُمُور والأخلاق إِذا كَانَ
رديئا قيل لَهُ أَعور وَمِنْه الْكَلِمَة العوراء وَقَالَ الْأَخْفَش:
الْأَعْوَر الَّذِي عُوِّر أَي خيِّب فَلم يصب مَا طلب وَأنْشد لحصين
بن ضَمْضَم: ... ولّى فوارسهم وأفلت أعورا ... وَعَن أبي خيرة
الْأَعرَابِي: الْأَعْوَر وَاحِد الأعاور وَهِي الصئبان كَأَنَّهُ
قَالَ يَا صؤابة استصغار لَهُ واحتقار
عوه لَا يوردن ذُو عاهة على مصح عين العاهة وَهِي الآفة وَاو لقَولهم:
أعاه الْقَوْم وأعوهوا إِذا أيفت دوابهم أَو ثمارهم وقرأت فِي مناظر
النُّجُوم للقتبي فِي ذكر الثريا وَيُقَال مَا طلعت وَلَا فاءت إِلَّا
بعاهة فِي النَّاس وغربها أعيه من شرقها. وَمِنْهَا حَدِيث ابْن عمر
رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَنه نهى عَن بيع الثِّمَار حَتَّى
تذْهب العاهة وَالْمعْنَى لَا يوردن من بإبله آفَة من جرب أَو غَيره
على من إبِله صِحَاح لِئَلَّا ينزل بِهَذِهِ مَا نزل بِتِلْكَ من أَمر
الله فيظن المصح أَن تِلْكَ أعدتها فيأثم
عود قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لفاطمة بنت قيس لما طَلقهَا
لزَوجهَا انْتَقِلِي إِلَى أم كُلْثُوم فاعتدي عِنْدهَا ثمَّ قَالَ:
لَا إِن أم كُلْثُوم يكثر عوّادها ولكنى انْتَقِلِي إِلَى عبد الله
(3/37)
فَإِنَّهُ أعمى فانتقلت إِلَيْهِ حَتَّى
انْقَضتْ عدتهَا ثمَّ خطبهَا أَبُو جهم وَمُعَاوِيَة فَأَتَت النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تستأذنه فَقَالَ لَهَا: أما أَبُو جهم
فَأَخَاف عَلَيْك قسقاسة الْعَصَا وَأما مُعَاوِيَة فَرجل أخلق المَال
قَالَ فَتزوّجت أُسَامَة بن زيد بعد ذَلِك. العوَّاد الزُّوار وكل من
أَتَاك مرّة بعد أُخْرَى فَهُوَ عَائِد وروى: إِنَّهَا امْرَأَة يكثر
ضيفانها. القسقاسة: الْعَصَا نَفسهَا وَإِنَّمَا ذكرت على إثْرهَا
تَفْسِيرا لَهَا قَالَ أَبُو زيد القسقاسة والقساسة الْعَصَا من قس
النَّاقة يقسها إِذا زجرها وَعَن أبي عُبَيْدَة يُقَال فلَان يقس
دَابَّته أَي يَسُوقهَا وروى أَن أَبَا جهم لَا يضع عَصَاهُ عَن
عَاتِقه وَالْمعْنَى أَنه سيء الْخلق سريع إِلَى التَّأْدِيب
وَالضَّرْب قيل وَيجوز أَن يُرَاد أَنه مسفار لَا يلقِي عَصَاهُ فَلَا
حظَّ لَك فِي صحبته وَمن فسر القسقاسة بِالتَّحْرِيكِ فلي فِيهِ نظر.
أخلق من المَال أَي خلوٌ عَنهُ عَار وَأَصله من قَوْلهم: حجر أخلق أَي
أملس لَا يقر عَلَيْهِ شَيْء لملاسته وَهَذَا كَقَوْلِهِم لمن أنْفق
مَاله حَتَّى افْتقر: أملق فَهُوَ مملق فَإِن أَصله من الملقة وَهِي
الصَّخْرَة الملساء وروى فَإِنَّهُ رجل حَائِل أَي فَقير من الْعيلَة.
عور أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قَالَ مَسْعُود بن هنيدة
مولى أَوْس بن حجر: رَأَيْته قد طلع فِي طَرِيق معورة حزنة وَإِن
رَاحِلَته قد أذمت بِهِ وأزحفت فَقَالَ: أبن اهلك يَا مَسْعُود فَقلت
بِهَذَا الأظرب السواقط. أَعور الْمَكَان صَار ذَا عَورَة وَهِي فِي
الثغور والحروب والمساكن خلل يتخوف مِنْهُ الفتك قَالَ الله تَعَالَى
{إنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} وَمِنْه مَا أنْشدهُ الجاحظ ... دويّ
الفيافي رَابَهُ فَكَأَنَّهُ ... أَمِيم وسارِي اللَّيْل للضرّ
مُعْوِرُ ... أَي مُمكن ومصحر كالمكان ذِي الْعَوْرَة أَرَادَ فِي
طَرِيق يخَاف فِيهَا الضلال أَو فتك الْعَدو. يُقَال أذمت رَاحِلَته
إِذا تَأَخَّرت عَن ركاب الْقَوْم فَلم تلحقها وَمَعْنَاهَا صَارَت
(3/38)
إِلَى حَال تذم عَلَيْهَا وَمِنْه أذمت
الْبِئْر إِذا قل مَاؤُهَا أزحفت أَي أزحفها السّير وَهُوَ أَن
يَجْعَلهَا تزحف من الإعياء والزحف ثقل الْمَشْي وَبِغير زاحف مزحف
إِذا جرَّ فرسنه إعياء. الأظرب جمع ظرب وَهُوَ مَا دون الْجَبَل
السواقط: اللواطئ بِالْأَرْضِ لَيست بمرتفعة.
عوم عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ فِي صَدَقَة الْغنم يعتامها صَاحبهَا
شَاة شَاة حَتَّى يعْزل ثلثلها ثمَّ يصدع الْغنم صدعين فيختار الْمُصدق
من أَحدهمَا. أَي يخار لَهَا شَاة شَاة أَي بعد شَاة وانتصابها على
الْحَال أَي يعتامها وَاحِدَة ثمَّ وَاحِدَة. الصدع (بِالْفَتْح)
الْفرْقَة سميت بِالْمَصْدَرِ كَمَا قيل للمخلوق خلق وللمحمول حمل.
عول عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كتب إِلَى أهل الْكُوفَة:
إِنِّي لست بميزان لَا أعول أَي لَا أميل قَالَ الله تَعَالَى: {ذَلِك
أدنى أَلا تَعُولًوا} وَقَالَ الشَّاعِر ... مَوَازِين صِدْقٍ كلّها
غير عائل ... لما كَانَ خبر لَيْسَ هُوَ اسْمه فِي الْمَعْنى قَالَ لَا
أعول وَهُوَ يُرِيد صفة الْمِيزَان بِالْعَدْلِ وَنفى الْعَوْل عَنهُ
وَنَظِيره فِي الصِّلَة قَوْلهم: أَنا الَّذِي فعلت.
عوج أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نعيم بن قعنب أَتَيْته فَقلت
إِنِّي كنت وَأَدت فِي الْجَاهِلِيَّة فَقَالَ عَفا الله عَمَّا سلف
ثمَّ عاج رَأسه إِلَى الْمَرْأَة فَأمرهَا بِطَعَام فَجَاءَت بثريدة
كَأَنَّهَا قطاة فَقَالَ كل وَلَا أهولنك فَإِنِّي صَائِم فَجعل يهذب
الرُّكُوع العوج الْعَطف. لَا أهولنك: أَي أهمنك وَلَا أشغلن قَلْبك
استعير من الهول وَهُوَ المخافة من الْأَمر لَا يدْرِي على مَا يهجم
عَلَيْهِ مِنْهُ لِأَن المهول لَا بُد من أَن يهتم ويشتغل قلباً
(3/39)
وَنَظِيره قَوْلك: مَا راعني إِلَّا أَن
كَانَ كَذَا تُرِيدُ مَا شَعرت وَالْمعْنَى مَا شغل روعي يهذب
الرُّكُوع أَي يُتَابِعه فِي سرعَة من أهذب فِي الْخطْبَة وأهذب الْفرس
أسْرع فِي جريه واهبذ واهمذ مثله.
عور ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: قَالَ فِي قصَّة
الْعجل وَإنَّهُ من حلي تعوره بَنو إِسْرَائِيل من حلي فِرْعَوْن. أَي
استعاروه قَالَ ابْن مقبل: ... وأصبحتُ شَيخا أقْصَرَ اليومَ باطلي ...
وأدّيتُ رَيْعَان الصِّبا المتَعَوّر ... وَيَجِيء تفعَّل بِمَعْنى
استفعل مجيئاً صَالحا مِنْهُ تعجب واستعجب وَتوفى وَاسْتوْفى وتطربه
واستطربه. عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا يتَوَضَّأ أحدكُم من
الطَّعَام الطّيب وَلَا يتَوَضَّأ من العوراء يَقُولهَا هِيَ
الْكَلِمَة الشنيعة ونقيضتها العيناء.
عود شُرَيْح رَحمَه الله تعال: ى إِنَّمَا الْقَضَاء جمر فادفع
الْجَمْر عَنْك بعودين مثل الشَّاهِدين فِي دفعهما الوبال والمأثم عَن
الْحَاكِم بعودين ينحي بهما المصطلي الْجَمْر عَن مَكَانَهُ لِئَلَّا
يَحْتَرِق.
عول ابْن مخيمرة رَحمَه الله تَعَالَى سُئِلَ هَل تنْكح الْمَرْأَة على
عَمَّتهَا أَو خَالَتهَا فَقَالَ: لَا فَقيل إِنَّه دخل بهَا وأعولت
أفتفرق بَينهمَا قَالَ لَا أَدْرِي. أعال وأعول إِذا كثر عِيَاله وَعين
الْفِعْل وَاو وَالْيَاء فِي عيِّل وعيال منقلبة عَنْهَا وَقَوْلهمْ
أعيل مَنْظُور فِي بنائِهِ إِلَى لفظ عِيَال كَقَوْلِهِم أقيال وأعياد
وَالَّذِي يصدق أَصَالَة الْوَاو قَوْلهم: فلَان يعول وَلَده والاشتقاق
من عاله الْأَمر عولا إِذا غَلبه وأثقله: لِأَن الْعِيَال ثقل فادح
أَلا ترى إِلَى تسميتهم كلاًّ والكلّ: الثّقل
(3/40)
يُقَال: ألْقى كُله وأوقه وَالْمرَاد دخل
بهَا وَولدت مِنْهُ أَوْلَادًا.
عوذ فِي الحَدِيث سَارَتْ قُرَيْش بالعوذ المطافيل. أَي بالنوق
الحديثات النِّتَاج ذَوَات الْأَطْفَال.
الْعين مَعَ الْهَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر.
يُقَال عهر إِلَى الْمَرْأَة يعهر عهراً وعهوراً وعهراناً إِذا
أَتَاهَا لَيْلًا للفجور بهَا. والتركيب على مَا اسْتعْمل من تصرفه يدل
على الْإِسْرَاع فِي نزق يُقَال لِلْفَاجِرِ الَّتِي لَا تَسْتَقِر
نزقاً فِي مَكَان عيهرة وهيعرة وهيعر وهيرع وَقد تعيهرت وتهيعرت
والإهراع الْإِسْرَاع قَالَ الله تَعَالَى {فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ
يُهْرَعُونَ} وَرجل هريع: سريع الْمَشْي
(3/41)
الْعين مَعَ الْيَاء
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ يمر بالتمرة العائرة فِيمَا
يمنعهُ من أَخذهَا إِلَّا مَخَافَة أَن تكون صَدَقَة. هِيَ الساقطة لَا
يعرف لَهَا مَالك من عَار الْفرس إِذا انْطلق من مربطه مارا على وَجهه.
عير حرم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا بَين عيرٍ إِلَى ثَوْر هما جبلان
بِالْمَدِينَةِ وَقيل لَا يعرف بِالْمَدِينَةِ جبل يُسمى ثوراً
وَإِنَّمَا ثَوْر بِمَكَّة وَلَعَلَّ الحَدِيث مَا بَين عير إِلَى أحد.
عيف أُتِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بضب فَلم يَأْكُل وَقَالَ أعافه
لَيْسَ من طَعَام قومِي أَي أكرهه يُقَال عاف المَاء عيافاً كرهه قَالَ
أَبُو زيد: والعيفان: الرجل إِذا كَانَ العياف من سوسه فَإِذا لم يكن
من سوسه فَهُوَ عائف
عيم كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَعَوَّذ من الْخَمْسَة من العيمة
والغيمة وَالْأَيمَة والكزم وَالْقَرْمُ: وروى والقزم العيمة شَهْوَة
اللَّبن حَتَّى لَا يصبر عَنهُ الغيمة شدَّة الْعَطش وَكَثْرَة
الاسْتِسْقَاء للْمَاء الأيمة طول التعزب والأيم يُوصف الرجل
وَالْمَرْأَة الكزم شددة الْأكل من تكزمت الْفَاكِهَة إِذا أكلتها من
غير أَن تقشرها قَالَه ابْن الْأَعرَابِي وَالْعير يكزم من الحدج
وَهُوَ صغَار الحنظل وَقيل هُوَ الْبُخْل وَقصر الْيَد عَن المكارم
يُقَال فلَان أكزم البنان قَوْلهم: جعد البنان وَعَن الْأَصْمَعِي: مَا
كزمت أَي انقبضت.
(3/42)
القرم شدَّة شَهْوَة اللَّحْم وبالزاي
الشُّح واللؤم
عيط أذن فِي الْمُتْعَة عَام الْفَتْح قَالَ سُبْرَة الْجُهَنِيّ
فَانْطَلَقت أَنا وَرجل إِلَى امْرَأَة شَابة كَأَنَّهَا بكرَة عيطاء:
وروى أذن لنا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمُتْعَة عَام
الْفَتْح فَخرجت أَنا وَابْن عَم لي وَمَعِي برد قد بُسَّ مِنْهُ
فلقينا فتاة مثل البكرة العنطنطة فجل ابْن عمي يَقُول لَهَا: بردى
أَجود من برده قَالَت: برد هَذَا غير مفنوخ ثمَّ قَالَت برد كبرد.
والعيطاء والعنطنطة الطَّوِيل الْعُنُق بس مِنْهُ أَي نيل ونهك بالبلى
من قَوْله تَعَالَى {وَبُسَّتِ الجِبالُ بَساًّ} أَي فتتت. المفنوخ:
المنهوك من فنخه وفنَّخه إِذا ذلله وَيُقَال للضعيف إِنَّه لفنيخ
عين عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قَالَ فِيهِ فلَان يعرض بِهِ
إِنِّي لم أفر يَوْم عينين فَقَالَ فَلم تعيِّرني بذنب قد عَفا الله
عَنهُ عينان: جبل بِأحد قَامَ عَلَيْهِ إِبْلِيس فَنَادَى إِن رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد قتل.
عير كَانَ عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَشْتَرِي العير حكرة
ثمَّ يَقُول: من يربحني عقلهَا هِيَ الْإِبِل بأحمالها فعل من عَار
يعير إِذا سَار يُقَال قصيدة عائرة وَمَا قَالَت الْعَرَب بَيْتا أعير
من قَوْله: ... فَمن يَلْقَ خَيْراً يحمدَ الناسُ أمرَهُ ... وَمن
يَغْوَ لَا يعدِمْ على الغَيِّ لائماً ... وَقيل هِيَ قافلة الْحمير
فكثرت حَتَّى سميت بهَا كل قافلة كَأَنَّهَا جَمِيع عير وَكَانَ قياسها
أَن تكون فعلا (بِالضَّمِّ) كَقَوْلِهِم سقف ولدن إِلَّا أَنه
(3/43)
حوفظ على الْيَاء بالكسرة نَحْو بيض وَعين
حكرة: أَي جملَة من الحكر وَهُوَ الْجمع والإمساك وَمِنْه الاحتكار أَي
كَانَ يَشْتَرِيهَا جملَة إِذا وَردت الْمَدِينَة طلبا للربح وَقيل:
حكرة أَي جزَافا
عين عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قَاس عينا ببيضة جعل عَلَيْهَا
خُطُوطًا هِيَ الْعين تصاب بلطم أَو غَيره مِمَّا يضعف مِنْهُ الْبَصَر
فيتعرف مِقْدَار مَا نقص مِنْهَا ببيضة يُخطّ عَلَيْهَا خطوط وتنصب على
مَسَافَة تلحقها الْعين الصَّحِيحَة ثمَّ تنصب على مَسَافَة دونهَا
تلحقها العليلة ويتعرف مَا بَين المسافتين فَيكون مَا يلْزم الْجَانِي
بِحَسب ذَلِك. إِن أَعْيَان بني الْأُم يتوارثون دون بني العلات
الْأَعْيَان: الْإِخْوَة لأَب وَاحِد وَأم وَبَنُو العلاّت: الْإِخْوَة
لأَب وَاحِد وَأُمَّهَات شَتَّى والأخياف: الْإِخْوَة لأم وَاحِدَة
وآباء شَتَّى فَإِذا مَاتَ الرجل وَترك إخْوَة لأَب وَأم وإخوة لأَب
فَالْمَال لأولئك دون هَؤُلَاءِ.
عير أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِذا تَوَضَّأت فَأمر
على عيار الْأُذُنَيْنِ بِالْمَاءِ هُوَ جمع عير وَهُوَ مَا عَار ونتأ
مِنْهُمَا.
عيف الْمُغيرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قَالَ لَا تُحرم العيفة
فَقيل لَهُ وَمَا العيفة فَقَالَ الْمَرْأَة تَلد فيحصر لَبنهَا فِي
ثديها فترضعه جارتها المزة والمزتين هِيَ فعلة من العياف سميت المصة
بهَا لِأَن الْمُرضعَة تعافها وتتقذر مِنْهَا والمزّة: الْمرة من المزّ
وَهُوَ المصّ وَإِنَّمَا تفعل ذَلِك لينفتح مَا انسد من مجاري اللَّبن.
شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى: ذكره ابْن سِيرِين فَقَالَ: كَانَ
عائفاً وَكَانَ قائفاً العائف الَّذِي يزْجر الطير وَقد عافه يعيفه
عيافة.
(3/44)
والقائف: الَّذِي يعرف الْآثَار ويتبعها
وَشبه الرجل فِي وَلَده وأخيه وقاف يقوف قيافة شبهه فِي صدق حدسه
وإصابة ظَنّه بهما كَقَوْلِهِم: مَا أَنْت إِلَّا سَاحر.
عي الزُّهْرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: إِن بريداً من بعض الْمُلُوك
جَاءَهُ يسْأَله عَن رجل مَعَه مَا مَعَ الْمَرْأَة وَالرجل كَيفَ
يُورث فَقَالَ: من حَيْثُ يخرج المَاء الدافق فَقَالَ فِي ذَلِك
قَائِلهمْ ... ومُهِمَّةٍ أَعْيا القُضَاةَ عُياؤُها ... تَذَرُ
الفَقيهَ يَشُكُّ شَكَّ الجاهلِ ... عَجَّلْتَ قبلَ حَنِيذِها بشوائها
... وَقطعت محردها بِحكم فاصل ... العياء: كالمقام والعضال المحرد من
قَوْلك حردت من السنام حرداً وَهُوَ الْقطعَة يَعْنِي لم تستان
بِالْجَوَابِ ورميت بِهِ بديهة فشبهه فِي ذَلِك بِرَجُل نزل بِهِ ضيف
فَجعل قراه بِمَا افتلذ لَهُ من كَبِدهَا واقتطع من سنامها وَلم
يحْبسهُ على الحنيذ والقديد وتعجيل الْقرى مَحْمُود عِنْدهم
(3/45)
|