الفائق في غريب الحديث
والأثر حرف الْمِيم
الْمِيم مَعَ الْهمزَة
ماق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يكتحل من قبل موقه مرّة
وَمن قبل ماقه مرّة. قَالَ أَبُو الدقيش: مؤق الْعين: مؤخرها ومأقها
مقدمها. وَقَالَ: آماق الْعين مآخيرها. ومآقيها مقادمها وَعَن أبي
خيرة: كل مدمع مؤق من مقدم الْعين ومؤخرها. قَالَ اللَّيْث: وَوَافَقَ
الحَدِيث قَول أبي الدقيش. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: مأقى ومؤقى
وَكِلَاهُمَا يصلح أَن يكون وَاحِد المآقي. وَمن المأقى حَدِيثه صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّه كَانَ يمسح المأقيين. وَقَالَ أَبُو
حَيَّة النميري: ... إِذا قلتُ يفنى مَاؤُها اليومَ أصبَحتْ ... غَداً
وَهِي ريَّا المأْقِيَيْنِ نضوحُ ... وَيُقَال: مئق مأقاً ومأقةً
فَهُوَ مئق إِذا بَكَى. وَقدم علينا فلَان فامتأقنا إِلَيْهِ وَهُوَ
شبه التباكي إِلَيْهِ لطول الْغَيْبَة أَخذ ذَلِك من المؤق لِأَنَّهُ
مجْرى الدمع. وَالْيَاء فِيمَا حَكَاهُ الْأَصْمَعِي مزيدة وَفِي بعض
نسخ الْكتاب عِنْد قَوْله: وَلَيْسَ فِي الْكَلَام فعلى كَمَا ترى
إِلَّا بِالْهَاءِ يَعْنِي زبنية وعفرية وَلَا فَعلى وَلَا فُعلى
قَالُوا مأقى فمأقى [وَزنه] فعلى ومؤقى [وَزنه] فعلى وهما نادران لَا
نَظِير لَهما وَيجوز تَخْفيف الْهمزَة فِي جَمِيعهَا. وَقد روى المقي
فِي معنى الآماق. قَالَ بعض بني نمير: ... لعَمْرِي لئِن عَيْني من
الدَّمْعِ أَنزحت ... مُقَاها لقد كانَتْ سَرِيعاً جُمُومها ...
وَيَنْبَغِي أَن يكون مقلوبا من الموق كالفقي من الفوق. وَلَيْسَ لزاعم
أَن يزْعم أنَّ مأقى غير مَهْمُوز مَأْخُوذ من المقي على وزن فَاعل
كقاضٍ لأَنهم يهمزونه
(3/341)
فِي الشَّائِع وَفِي مؤقى هَذَا وَأَنه ترك
مِثَال غَرِيب إِلَى مثله فِي الغرابة.
الْمِيم مَعَ التَّاء
متخ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَتَى بِأبي شميلة وَهُوَ
سَكرَان فَقبض قَبْضَة من تُرَاب فَضرب بهَا وَجهه ثمَّ قَالَ:
اضْرِبُوهُ فضربوه بالثياب وَالنعال والمتيخة وَرُوِيَ: أَتَى بشارب
فَأَمرهمْ بجلده فَمنهمْ من جلده بالعصا وَمِنْهُم من جلده بالنعل
وَمِنْهُم من جلده بالمتِّيخة. وَرُوِيَ: خرج وَفِي يَده متيخة فِي
طرفها خوص مُعْتَمدًا على ثَابت بن قيس. عَن أبي زيد: المتيخة
والمتيخة: الْعَصَا. وَعَن بَعضهم المتيخة المطرق من سلم على مِثَال
سكينَة بتَشْديد التَّاء. والمطرق: اللين الدَّقِيق من القضبان وَيكون
المتيخ من الغبيراء وَهُوَ مَا لَان ولطف من المطارق وكل مَا ضرب بِهِ
متِّيخة من درَّة أَو جَرِيدَة أَو غير ذَلِك من متخ الله رقبته ومتخه
بِالسَّهْمِ إِذا ضربه وَقَالُوا فِي المتيخة: إِنَّهَا من تاخ يتوخ.
وَلَيْسَ بِصَحِيح لِأَنَّهَا لَو كَانَت مِنْهُ لصحَّت الْوَاو
كَقَوْلِك: مسورة ومروحة ومحوقة وَلكنهَا من طيَّخة الْعَذَاب إِذا ألح
عَلَيْهِ وديخه إِلَى ذلَّله لِأَن التَّاء أُخْت الطَّاء وَالدَّال
كَمَا اشتق سِيبَوَيْهٍ قَوْلهم: جمل تربوت من التدريب وَلَيْسَ لهَذَا
الشَّأْن إِلَّا الحذَّاق من أَصْحَابنَا الغاصة على دقائق علم
الْعَرَبيَّة ولطائفه الَّتِي يجفو عَنهُ وَعَن إِدْرَاكهَا أَكثر
النَّاس.
متع عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان:
بَينا أَنا جَالس فِي أَهلِي حِين متع النَّهَار إِذا رَسُوله
فَانْطَلَقت حَتَّى أَدخل عَلَيْهِ وَإِذا هُوَ جَالس فِي رمال سَرِير.
(3/342)
متع أَي تَعَالَى النَّهَار من الشَّيْء
الماتع وَهُوَ الطَّوِيل. وَمِنْه: أمتع الله بك. قَالَ الْمسيب بن
علس: ... وكأنَّ غِزْلاَن الصَّرَائِم إذْ ... مَتَعَ النَّهَار
وأَرْشَقَ الحَدَقُ ... وَمِنْه حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله
تَعَالَى عَنْهُمَا: قَالَ شيخ من الأزد: انْطَلَقت حاجًّا فَإِذا ابْن
عَبَّاس والزحام عَلَيْهِ يُفتي النَّاس حَتَّى إِذا متع الضُّحَى وسئم
فَجعلت أجد بِي قدعاً عَن مَسْأَلته فَسَأَلته عَن شراب كنَّا نتَّخذه.
قَالَ: يَابْنَ أخي مَرَرْت على جزور ساحّ وَالْجَزُور نافقة أَفلا
تقطع مِنْهَا فدرة فتشويها قلت: لَا. قَالَ: فَهَذَا الشَّرَاب مثل
ذَلِك. القدع: الجُبن والانكسار. يُقَال: قدعته فقُدع وانقدع. ساحٍّ:
سَمِينَة. نافقة: ميتَة. فدرة: قِطْعَة. حَتَّى أَدخل: يجوز رَفعه
ونصبه يُقَال: سرت حَتَّى أدخلها حِكَايَة للْحَال الْمَاضِيَة
وَحَتَّى أدخلها بِالنّصب باضمار أَن. الرُّمال: الْحَصِير المرمول فِي
وَجه السرير. فِي: هَا هُنَا كَالَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى: {فِي
جُذُوعِ النخْل}
متح أُبي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قيس بن عبَادَة: أتيت
الْمَدِينَة للقاء أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يكن
أحدٌ أحبَّ إليّ لِقَاء من أُبي بن كَعْب فجَاء رجل فحدَّث فَلم أر
الرِّجَال متحت أعناقها إِلَى شَيْء متوحها إِلَيْهِ فَإِذا الرجل أُبي
بن كَعْب. أَي مدَّت أعناقها من متح الدَّلْوَ. وَقَوله: متوحها لَا
يَخْلُو من أَن يكون موقعه موقع قَوْله: {وَالله أَنْبَتَكُمْ مِنَ
الأَرْض نبَاتا} أَي فنبتُّم نباتا.
(3/343)
فمتحت متوحها من قَوْلهم: متح النَّهَار
وَاللَّيْل إِذا امتدّ وفرسخ متَّاح: ممتد أَو أَن يكون المتوح
كالشُّكور والكفور. وَإِن روى أعناقها بِالرَّفْع فوجهه ظَاهر.
وَالْمعْنَى مثل امتدادها أَو مثل مدّها إِلَيْهِ. وَفِي حَدِيث ابْن
عَبَّاس: قَالَ أَبُو خيرة: قلت لَهُ: أأقصر الصَّلَاة إِلَى الأُبُلّة
قَالَ: تذْهب وَترجع من يَوْمك قلت: نعم. قَالَ: لَا وَإِلَّا يَوْمًا
متَّاحاً. أَي لَا تقصر إِلَّا فِي مسيرَة يَوْم طَوِيل وَكَأَنَّهُ
أَرَادَ الْيَوْم مَعَ ليلته. وَهَذِه سفرة مَالك. وَعَن الشَّافِعِي
أَرْبَعَة برد والبريد أَرْبَعَة فراسخ. وَنَحْوه مَا رووا عَن ابْن
عَبَّاس: إِنَّه قَالَ: يأهل مَكَّة لَا تقصرُوا فِي أدنى من أَرْبَعَة
بُرُد من مَكَّة إِلَى عسفان. وَعند السّفر مقدَّرٌ بِثَلَاثَة أَيَّام
ولياليها. وَعَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى: يَوْمَانِ وَأكْثر
[الْيَوْم] الثَّالِث فِي رِوَايَة الْحسن بن زِيَاد [اللؤْلُؤِي
رَحمَه الل] هـ. كَعْب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكر الدَّجَّال
فَقَالَ: يُسخَّرُ مَعَه جبل ماتع خلاطه ثريد. أَي طَوِيل شَاهِق.
الْمِيم مَعَ الثَّاء
مثل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مثل بالشَّعَر فَلَيْسَ لَهُ
خلاق عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة. يُقَال: مثلت بِالرجلِ أمثل بِهِ
مثلا ومثلة إِذا سودّت وَجهه أَو قطعت أَنفه وَمَا أشبه ذَلِك. قيل:
مَعْنَاهُ حلقه فِي الخدود وَقيل: نتفه وَقيل: خضابه. وَمِنْه
الحَدِيث: نهي أَن يمثَّل بالدواب وَأَن يُؤْكَل الممثول بهَا.
(3/344)
وَفِي حَدِيث آخر: لَا تمثِّلوا بنامية
الله. أَي بخلقه. وَقيل: هُوَ من الْمثل وَهُوَ أَن يقتل كُفؤًا بكفء
وبواء ببواء. وَقيل: المُرَاد التَّصْوِير والتمثيل بِخلق الله من
قَوْلهم: مثل الشَّيْء [بالشَّيْء] ومُثل بِهِ إِذا سوى بِهِ وَقدر
تَقْدِيره. وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي لسلم بن معبد الْوَالِبِي: ...
جزَى اللهُ الموَالِي مِنْك نَصفا ... وكلّ صحابةٍ لهمُ جَزَاءُ
بفِعْلهم فإنْ خيرا فَخير ... وَإِن شرا كَمَا مثل الْحذاء ...
مثل من سره أَن يمثل لَهُ النَّاس قيَاما فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من
النَّار. المثول: الانتصاب. وَمِنْه: فلَان متماثل ومتماسك بِمَعْنى
وَمِنْه تماثل الْمَرِيض. وَقَالُوا: الماثل من الأضداد يكون المنتصب
واللاطئ بِالْأَرْضِ. وَمِنْه قَول الْأَعرَابِي: ماثلت الْقَوْم فِي
الْمجْلس وَأَنا غير مشته لمقاعدتهم. فَليَتَبَوَّأ: لَفظه الْأَمر
وَمَعْنَاهُ الْخَبَر كَأَنَّهُ قَالَ: من سرَّه ذَلِك وَجب لَهُ أَن
ينزل منزله من النَّار وَحقّ لَهُ ذَاك.
الْمِيم مَعَ الْجِيم
مجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن المجر. هُوَ مَا فِي
الْبُطُون وَهَذَا كنهيه عَن الملاقيح أَي عَن بيعهَا. وَيجوز أَن
يُسمى بيع المجر مجراً اتساعاً فِي الْكَلَام. وَكَانَ من بياعات أهل
الْجَاهِلِيَّة وَكَانُوا يَقُولُونَ: مَا جرت مِمَّا جرة وأمجرت
إمجارا. وَفِي الحَدِيث كل مجر حرَام وَأنْشد اللَّيْث: ... أَلَمْ يكُ
مَجْراً لَا يحِلُّ لمُسلم ... نَهَاهُ أَمِير الْمصر عَنهُ وعامله ...
(3/345)
ولايقال لما فِي الْبَطن مجراً إلاَّ إِذا
أثقلت الْحَامِل. قَالَ أَبُو زيد: نَاقَة ممجر إِذا جَازَت وَقتهَا
فِي النِّتَاج وَحِينَئِذٍ تكون مثقلة لَا محَالة. وَمِنْه قَوْلهم
للجيش الْكثير: مجرٌ وَمَا لفُلَان مجر أَي عقل رزين. وَأما اللمجر
محركا فدَاء فِي الشَّاة. يُقَال: شَاة ممجار وممجر وغنم مماجير وَهِي
الَّتِي إِذا حملت هزلت وَعظم بَطنهَا فَلَا تَسْتَطِيع الْقيام بِهِ
فَرُبمَا رمت بِوَلَدِهَا وَقد أمجرت ومجرت. وَعَن ابْن لِسَان
الْحمرَة: الضَّأْن مَال صدق إِذا أفلتت من المجر. شكت فَاطِمَة إِلَى
عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا مجل يَديهَا من الطَّحْن فَقَالَ
لَهَا: لَو أتيت أَبَاك فَأَتَتْهُ. هُوَ أَن تغلظ الْيَد وَيخرج
فِيهَا نبخ من الْعَمَل. وَقد مجلت مجلا ومجلت مجلا. وَمِنْه حَدِيثه
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن جبرئيل عَلَيْهِ السَّلَام نقر فِي رَأس
رجل من الْمُسْتَهْزِئِينَ فتمجَّل رَأسه قَيْحا ودماً. أَي امْتَلَأَ
كالمجل. وَمِنْه قَول الْعَرَب: جَاءَت الْإِبِل كَأَنَّهَا المجل أَي
ممتلئة كامتلاء المجل.
مجج كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَأْكُل القثاء والقثد بالمجاج. أَي
بالعسل لِأَن النَّحْل تمجه وكل مَا تحلب من شَيْء فَهُوَ مجاجة
ومجاجتة. وَعَن أبي ثروان العكلي: أقويت فَلم أطْعم إِلَّا لثى
الْإِذْخر ومجاجة صمغ الشّجر.
(3/346)
وَعَن بَعضهم: إِنَّه اللَّبن لِأَن
الضَّرع يمجه.
مجع ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله دخل على سُلَيْمَان بن عبد الْملك
فمازحه بِكَلِمَة فَقَالَ: إيَّايَ وَكَلَام المجعة وروى: المجاعة.
المجاعة والمجانة: أختَان وَقد تماجنا وتماجعا إِذا ترافثا قَالَ أَبُو
تُرَاب: سَمِعت ذَلِك من جمَاعَة من قيس. وَرجل مجع وَامْرَأَة مجعة
وَأنْشد الجاحظ لحنظلة بن عَرَادَة: ... مجِعٌ خبيثٌ يعاطى الكَلبَ
طعْمتَه ... فَإِن رأى غَفَلَة مِنْ جَاره ولَجَا ... والمجعة: نَحْو
قردة وفيلة: وَلَو روى بِالسُّكُونِ فَالْمُرَاد إيَّايَ وَكَلَام
الْمَرْأَة الغزلة الماجنة أَو أرْدف المجع بِالتَّاءِ للْمُبَالَغَة
كَقَوْلِهِم فِي الهجاج هجاجةٌ. قَوْلهم: إيَّايَ وَكَذَا: مَعْنَاهُ
إيَّايَ ونحِّ كَذَا عني فاختصر الْكَلَام اختصاراً وَقد لخصت هَذَا
فِي كتاب الْمفصل.
مجج فِي الحَدِيث: لَا تبع الْعِنَب حَتَّى يظْهر مججه. أَي نضجه.
الْمِيم مَعَ الْحَاء
مَحل النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فى حَدِيث الشَّفَاعَة:
فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيم فَيَقُولُونَ: يَا أَبَانَا قد اشتدَّ علينا
غمُّ يَوْمنَا فسل رَبك أَن يقْضِي بَيْننَا فَيَقُول: إِنِّي لست
هُنَاكُم أَنا الَّذِي كذبت ثَلَاث كذبات. فَقَالَ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم: وَالله مَا مِنْهَا كذبة إِلَّا وَهُوَ يماحل
بهَا عَن الْإِسْلَام.
(3/347)
مَحل أَي يدافع ويجادل على سَبِيل الْمحَال
وَهُوَ الكيد وَالْمَكْر من قَوْله تَعَالَى: {وَهُوَ شديدُ المِحال} .
وَيُقَال: إِنَّه لحول قُلَّب دحل مَحل أَي محتال ذُو كيد عَن
الْأَصْمَعِي. والكذبات: قَوْله: بل فعله كَبِيرهمْ وَكَذَا قَوْله:
إِنِّي سقييم. وَقَوله فِي امْرَأَته: إِنَّهَا أُخْتِي وَكلهَا
تَعْرِيض ومماحلة مَعَ الْكفَّار.
مَحْض عَن سعر بن ديسم وَقيل سعن: كنت فِي غنم لي فجَاء رجلَانِ على
بعير فَقَالَا: إِنَّا رَسُولا رَسُول الله إِلَيْك لتؤدي صَدَقَة
غنمك. فَقلت: مَا عليَّ فِيهَا فَقَالَا: شَاة فأعمد إِلَى شَاة قد
عرفت مَكَانهَا ممتلئة مَحْضا وشحماً ويروى: مخاضا وشحما. فأخرجتها
إِلَيْهِمَا فَقَالَا: هَذِه شَاة شَافِع وَقد نَهَانَا رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن نَأْخُذ شافعاً. ويروى: كنت فِي غنم لي
فجَاء يَعْنِي مصدّق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجِئْته
بِشَاة ماخض خير مَا وجدت فَلَمَّا نظر إِلَيْهَا قَالَ: لَيْسَ حقُّنا
فِي هَذِه. فَقلت: فَفِيمَ حقُّك قَالَ: فِي الثنيَّة والجذعة اللجبة.
الْمَحْض: اللَّبن. الْمَخَاض: مصدر مخضت الشَّاة مَخاضاً ومِخاضاً
إِذا دنا نتاجها أَي امْتَلَأت حملا. الشافع: ذَات الْوَلَد. اللجبة:
الَّتِي لَا لبن لَهَا.
مَحل عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إنَّ من
وَرَائِكُمْ أموراً متماحلة ردحاً وبلاء مكلحا مبلحا. وروى: ردحا.
(3/348)
مَحل المتماحل: الْبعيد الممتد. يُقَال:
سبسب متماحل وَأنْشد يَعْقُوب: ... بعيدٌ من الحادِي إِذا مَا
تَرَقَّصت ... بَنَاتُ الصُّوَى فِي السَّبْسَبِ المُتَمَاحِلِ ...
الرُّدح: جمع رداح والردَّح جمع رادحة وَهِي الْعِظَام الثِّقال
الَّتِي لَا تكَاد تَبْرَح. مكلحاً: يَجْعَل النَّاس كالحين لشدَّتِه.
مبلحاً: من بلَّح إِذا انْقَطع من الإعياء وأبلحه السّير. ابْن
مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إنَّ هَذَا الْقُرْآن شَافِع مشفّع
وماحلٌ مُصدق. الماحل: السَّاعِي يُقَال: محلت بفلان أمحل بِهِ وَهُوَ
من الْمحَال. وَفِيه مطاولة وإفراط من المتماحل وَمِنْه الْمحل وَهُوَ
الْقَحْط. والمتطول الشَّديد يَعْنِي إنَّ من اتبعهُ وَعمل بِمَا فِيهِ
فَهُوَ شَافِع لَهُ مَقْبُول الشَّفَاعَة فِي الْعَفو عَن فرطاته وَمن
ترك الْعَمَل بِهِ نم على إساءئه وَصدق عَلَيْهِ فِيمَا يرفع من
مساويه.
محن الشّعبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى المحنة بِدعَة. هِيَ أَن يَأْخُذ
السُّلْطَان الرجل فيمتحنه فَيَقُول: فعلت كَذَا وَفعلت كَذَا فَلَا
يزَال بِهِ حَتَّى يتسقطه.
(3/349)
الْمِيم مَعَ الْخَاء
مخر سراقَة بن جعْشم رَضِي الله عَنهُ قَالَ لِقَوْمِهِ: إِذا أَتَى
أحدكُم الْغَائِط فَليُكرم قبْلَة الله وَلَا يستدبرها وليتق مجَالِس
اللَّعْن: الطَّرِيق والظل وَالنّهر واستمخروا الرّيح واستشبوا على
أسوقكم وَأَعدُّوا النَّبَل. استمخر الرّيح وتمخرها كاستعجل الشَّيْء
وتعجله إِذا اسْتَقْبلهَا بِأَنْفِهِ وتنسمها. وَمِنْه الحَدِيث: إِن
أَبَا الْحَارِث بن عبد الله بن سائب لقى نَافِع بن جُبَير بن مطعم
فَقَالَ لَهُ: من أَيْن قَالَ: خرجت أتمخر الرّيح. قَالَ: إِنَّمَا
يتمخر الْكَلْب. قَالَ: فأستثنشي. قَالَ: إِنَّمَا يستنشي الْحمار.
قَالَ: فَمَا أَقُول قَالَ: قل أتنسم. قَالَ: إِنَّهَا وَالله حسك فِي
قَلْبك علينا لقتلنا ابْن الزبير. قَالَ أَبُو الْحَارِث: ألزقتك
وَالله عبد منَاف بالد كادك ذهب هَاشم بِالنُّبُوَّةِ وعبدشمس بالخلافة
وَتَرَكُوك بَين فرثها والجيَّة أنفٌ فِي السَّمَاء وسرم فِي المَاء
قَالَ: إِذا ذكرت عبد منَاف فالطه. قَالَ: بل أَنْت وَنَوْفَل فالطوا.
الدكداك من الرمل: مَا التبد بِالْأَرْضِ فَلم يرْتَفع من دككته
ودكدكته: إِذا دققته. الجيَّة بِوَزْن النِّيَّة والجية بِوَزْن
المرَّة من الْمَجِيء: مستنقع المَاء. لطئ بِالْأَرْضِ: لصق بهَا فَخفف
الْهمزَة. وَمِنْه الحَدِيث: إِذا بَال أحدكُم فليتمخر الرّيح.
وَإِنَّمَا أَمر باستقبال الرّيح لِأَنَّهُ إِذا استدبرها وجد ريح
البرَاز. وَتقول الْعَرَب للأحمق: إِنَّه وَالله لَا يتوجَّه أَي لَا
يسْتَقْبل الرّيح إِذا قعد لِحَاجَتِهِ. استشبوا: انتصبوا يُرِيد
الاتِّكاء عَلَيْهَا عِنْد قَضَاء الْحَاجة من شبوب الْفرس وَهُوَ أَن
يرفع يَدَيْهِ ويعتمد عل رجلَيْهِ. النبل: حِجَارَة الِاسْتِنْجَاء.
(3/350)
زِيَاد لما قدم الْبَصْرَة والياً
عَلَيْهَا قَالَ: مَا هَذِه المواخير الشَّرَاب عَلَيْهِ حرَام حَتَّى
تسوى بِالْأَرْضِ هدماً وحرقاً. هِيَ بيُوت الخمارين جمع ماخور قَالَ
جرير: ... فَمَا فِي كتاب الله هَدْمُ دِيَارنَا ... بتهديم مَاخُورٍ
خبيثٍ مَدَاخِلُه ... وَهُوَ تعريب مي خُور. وَقَالَ ثَعْلَب: قيل لَهُ
الماخور لتردد النَّاس فِيهِ من مخرت السَّفِينَة المَاء.
الْمِيم مَعَ الدَّال
مدر النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فى حَدِيث غَزْوَة بطن بواط: إِن
جَابر بن عبد الله وجبار بن صَخْر تقدَّما فَانْطَلقَا إِلَى الْبِئْر
فَنَزَعَا فِي الْحَوْض سجلا أَو سَجْلَيْنِ ثمَّ مَدَاره ثمَّ نزعا
فِيهِ ثمَّ أفهقاه وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول
طالع فأشرع نَاقَته فَشَرِبت فشنق لَهَا ففشحت وبالت ثمَّ عدل بهَا
فأناخها. قَالَ جَابر: وَأَرَادَ الْحَاجة فاتبعته بإدواة فَلم ير
شَيْئا يسْتَتر بِهِ وَإِذا شجرتان بشاطئ الْوَادي فَانْطَلق إِلَى
إِحْدَاهمَا فَأخذ بِغُصْن من أَغْصَانهَا فَقَالَ: انقادي عليَّ
بِإِذن الله فانقادت مَعَه كالبعير المخشوش وَقَالَ: يَا جَابر انْطلق
إِلَيْهِمَا فاقطع من كل وَاحِدَة مِنْهُمَا غصنا. فَقُمْت فَأخذت حجرا
فَكَسرته وحسرته فانذلق لي فَقطعت من كلِّ وَاحِدَة مِنْهُمَا غصنا.
مدر الْحَوْض: أَن يُطلى بالمدر لِئَلَّا يتسرب مِنْهُ المَاء. أفهقاه:
ملآه. شنق لَهَا: عاجها بالزمام. فشجت: تفاجّت.
(3/351)
حسرته: أكثرت حكَّه حَتَّى نهكته ورقَّقته
من حسر الرجل بعيره إِذا نهكه بالسير وَذهب ببدانته. وَلَو روى بالشين
من حشرت السنان فَهُوَ محشور إِذا دققته وألطفته وَمِنْه الْحَشْر من
الآذان: مَا لطف كَأَنَّمَا بري برياً لجادت رِوَايَة. المخشوش: المقود
بخشاشه. انذلق: صَار لَهُ ذلق أَي حد.
مدى فِي كتاب لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليهود تيماء: إِن لَهُم
الذِّمَّة وَعَلَيْهِم الْجِزْيَة بِلَا عدا النَّهَار مدى وَاللَّيْل
سدّى. وَكتب خَالِد بن سعيد المدى: الْغَايَة أَي النَّهَار ممدودا
دَائِما غير مُنْقَطع من قَوْلهم: هَذَا أَمر لَهُ طول وَمُدَّة وَمد
ية وتمادّ وتمادٍ بِمَعْنى وماديت فلَانا إِذا ماددته وَلَا أَفعلهُ
مدى الدَّهْر أَي طواله. وَقيل للغاية مدى لامتداد الْمسَافَة
إِلَيْهَا. سدى: أَي مخلى متروكا على حَاله فِي الدَّوَام والاتصال.
انتصبا على الْحَال وَالْعَامِل فيهمَا مَا فِي الظّرْف من معنى
الْفِعْل يَعْنِي أَن ذَلِك لَهُم وَعَلَيْهِم بِلَا ظلم واعتداء أبدا
مَا دَامَ اللَّيْل وَالنَّهَار.
مدد كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: سُبْحَانَ الله عدد خلقه
وزِنَة عَرْشه ومداد كَلِمَاته. مداد الشَّيْء ومده: مَا يمدّ بِهِ أَي
يُكثر ويُزاد. وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ذكر
الْحَوْض ينثعب فِيهِ مِيزَابَانِ من الْجنَّة مِدَادهمَا الْجنَّة.
أَي تمدُّهما أنهارها. وَالْمرَاد قدر كَلِمَاته وَمثلهَا فِي
الْكَثْرَة.
(3/352)
لَا تسبُّوا أَصْحَابِي فَإِن أحدكُم لَو
أنْفق مَا فِي الأَرْض وروى ملْء الأَرْض ذَهَبا مَا أدْرك مُدَّ أحدهم
وَلَا نصيفه. هُوَ ربع الصَّاع. وروى: مدّ بِالْفَتْح وَهُوَ الْغَايَة
من قَوْلهم: لَا يبلغ فلَان مدَّ فلَان أَي لَا يلْحق شأوه. النَّصيف:
النِّصف كالعشير وَالْخَمِيس والسبيع والثمين والتسيع قَالَ: ... لم
يَغْذُها مد وَلَا نصيف ...
مدى عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أجْرى للنَّاس المديين والقسطين.
المدى: مكيال يَأْخُذ جريبا مُحَمَّد من الطَّعَام وَهُوَ أَرْبَعَة
أَقْفِزَة وَجمعه أمداء. وَأنْشد أَبُو زيد: كِلْنَا عَلَيْهِنَّ
بمُدْىٍ أَجْوَفا ... لم يَدَعِ النَّجَّارُ فِيهِ مَنْقَفا ...
والقسط: نصف صَاع يُرِيد مديين من الطَّعَام وقسطين من الزَّيْت.
مدد عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَائِل كلمة الزُّور وَالَّذِي يمد بحبلها
فِي الْإِثْم سَوَاء. أَي يَأْخُذ بحبلها مادًّا لَهُ. ضربه مثلا
لحكايته لَهَا وتنميته إِيَّاهَا. وَأَصله مدُّ الماتح رشاء الدَّلْو
كَأَنَّهُ شبه قَائِلهَا بالمائح الَّذِي يمْلَأ الدَّلْو. وحاكيها
والمشيد بهَا بالماتح الَّذِي يَنْزِعهَا. وَهَذَا كَقَوْلِهِم:
الراوية أحد الْكَاذِبين.
(3/353)
الْمِيم مَعَ الذَّال
مذى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغيرَة من الْإِيمَان والمذاء
من النِّفَاق وروى: المذال. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المماذي: القنذع
وَهُوَ الَّذِي يَقُود على أَهله. والمماذل مثله. وهما من المذى
والمذل. فالمذاء: أَن يجمع بَين الرجل وَالْمَرْأَة ليماذي كل وَاحِد
مِنْهُمَا صَاحبه. تَقول الْعَرَب للْمَرْأَة: ماذيني وسافحيني. وَقيل:
هُوَ أَن يُخلى بَينهمَا من أمذيت فرسي ومذيته إِذا أَرْسلتهُ يرْعَى.
وَقَالَ النَّضر: يُقَال: أمذ بعنان فرسك. وأمذيت بفرسي ومذيت بِهِ
يَدي إِذا خليت عَنهُ وَتركته. والمذال: أَن يمذل الرجل عَن فرَاشه أَي
يقلق ويشخص. والمذل والماذل: الَّذِي تطيب نَفسه عَن الشَّيْء يتْركهُ
ويسترخي عَنهُ. وَقيل: هُوَ أَن يقلق بسره فَيطلع عَلَيْهِ الرِّجَال.
وَعَن أبي سعيد الضَّرِير: عو المذاء بِالْفَتْح ذهب إِلَى اللين
والرخاوة من أمذيت الشَّرَاب إِذا أكثرت مزاجه فَذَهَبت بشدته وحدته.
مذقر عبد الله بن خباب رَحمَه الله تَعَالَى عَلَيْهِ: قَتله
الْخَوَارِج على شاطئ نهر فَسَالَ دَمه فِي المَال فَمَا امذقرَّ.
قَالَ: فَأَتْبَعته بَصرِي كَأَنَّهُ شِرَاك أَحْمَر. وروى: فَمَا
ابذقرَّ بِالْبَاء. امذقرَّ اللَّبن: اخْتَلَط بِالْمَاءِ. رجل وَمِنْه
ممذقر: مخلوط النّسَب وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي: ... إِنِّي امرو لست
بمُمْذَقِرِّ ... مَحْضُ النجار طيّب عُنْصِري ... وابذقرَّ: مثله أَي
لم يمتزج دَمه بِالْمَاءِ وَلكنه مرَّ فِيهِ كالطريقة وَلذَلِك شبهه
بالشراك الْأَحْمَر. وَقيل: امذقرَّ وابذعرَّ بِمَعْنى قَالَ يَعْقُوب:
ابذقرُّوا وابذعروا واشفتروا: تفَرقُوا.
(3/354)
وَالْمعْنَى لم تتفرق أجزاؤه فِي المَاء
فيمتزج بِهِ وَلكنه مرَّ فِيهِ مجتمعاً متميزاً عَنهُ
الْمِيم مَعَ الرَّاء
مرق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قيل لأبي سعيد الْخُدْرِيّ: هَل
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يذكر الْخَوَارِج فَقَالَ:
سمعته يذكر قوما يتفقهون فِي الدّين يحقر أحدكُم صلَاته عِنْد صلَاته
وصومه عِنْد صَوْمه يَمْرُقُونَ من الدّين كَمَا يَمْرُق السهْم من
الرميَّة فَأخذ سَهْمه فَنظر فِي نصله فَلم ير شَيْئا ثمَّ نظر فِي
رصافه فَلم ير شَيْئا ثمَّ نظر فِي القذذ فتمارى أيرى شَيْئا أم لَا
قيل: يَا رَسُول الله ألهم آيَة أَو عَلامَة يعْرفُونَ بهَا فَقَالَ:
نعم التسبيد فيهم فَاش. ويروى: أَنه ذكر الْخَوَارِج فَقَالَ:
يَمْرُقُونَ كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية فَينْظر فِي قذذه فَلَا
يُوجد فِيهِ شَيْء ثمَّ ينظر فِي نضيِّه فَلَا يُوجد فِيهِ شَيْء ثمَّ
ينظر فِي نصله فَلَا يُوجد فِيهِ شَيْء فد سبق الفرث وَالدَّم آيَتهم
رجل أسود فِي إِحْدَى يَدَيْهِ مثل ثدي الْمَرْأَة وَمثل الْبضْعَة
تدَرْدر. المروق: الْخُرُوج وَمِنْه المرق وَهُوَ المَاء الَّذِي
يسْتَخْرج من اللَّحْم عِنْد الطَّبْخ للائتدام بِهِ. الرَّميَّة: كل
دَابَّة مرمية. مرّ التسبيد فِي (سبّ) . النَّضي: الْقدح قبل أَن ينحت.
التَّدردر والتدلدل: أَن يَجِيء وَيذْهب. الرجل الْأسود: ذُو الثدية:
شبههم فِي دُخُولهمْ فِي الإسم ثمَّ خُرُوجهمْ مِنْهُ لم يَتَمَسَّكُوا
من علائقه بِشَيْء بِسَهْم
(3/355)
أصَاب الرَّمية وَنفذ مِنْهَا لم يتَعَلَّق
بِهِ شَيْء من فرثها ودمها لفرط سرعَة نُفُوذه.
مرخ كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا
يَوْمًا فَدخل عَلَيْهِ عمر فقطّب وتشزَّن لَهُ. فَلَمَّا انْصَرف عَاد
إِلَى انبساطه الأول فَقَالَت لَهُ عَائِشَة: يَا رَسُول الله كنت
منبسطا فَلَمَّا جَاءَ عمر انقبضت. فَقَالَ: يَا عَائِشَة إِن عمر
لَيْسَ مِمَّن يمرخ مَعَه. أَي لَا يسْتَعْمل مَعَه الليان من قَوْلك:
أمرخت الْعَجِين إِذا أكثرت مَاءَهُ ومرَّخته بالدهن. وَشَجر مريخ ومرخ
وقطف أَي رَقِيق لين وَمِنْه المرخ.
مراء لَا تماروا فِي الْقُرْآن فَإِن مراء فِيهِ كفرٌ. المراء على
معنين: أَحدهمَا من المرية. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: فِي قَوْله
تَعَالَى: {أَفَتُمارُونَه} أفتجاحدونه. وَالثَّانِي: من المري وهومسح
الحالب الضَّرع ليستنزل اللَّبن. وَيُقَال للمناظرة مماراة لِأَن
المتناظرين كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا يسْتَخْرج مَا عِنْد صَاحبه ويمتريه
فَيجب أَن يُوَجه معنى الحَدِيث على الأول. ومجازه أَن يكون فِي لفظ
الْآيَة رِوَايَتَانِ مشتهرتان من السَّبع أَو فِي مَعْنَاهَا وَجْهَان
كِلَاهُمَا صَحِيح مُسْتَقِيم وحقٌّ ناصع. فمناكرة الرجل صاحيه
ومجاحدته إِيَّاه فِي هَذَا مِمَّا يزل بِهِ إِلَى الْكفْر. والتنكير
فِي قَوْله: فَإِن مراء إيذانٌ بِأَن شَيْئا مِنْهُ كفر فضلا عَمَّا
زَاد عَلَيْهِ.
(3/356)
وَعَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ: إيَّاكُمْ وَالِاخْتِلَاف والتنطع فَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْل
أحدكُم: هَلُمَّ وتعال. وَعَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ:
اقْرَءُوا الْقُرْآن مَا اتفقتم فَإِذا اختلفتم فَقومُوا عَنهُ. وَلَا
يجوز تَوْجِيهه على النَّهْي عَن المناظرة والمباحثة فإنَّ فِي ذَلِك
سدًّا لباب الِاجْتِهَاد وإطفاءً لنُور الْعلم وصدًّا عَمَّا تواطأت
الْعُقُول والْآثَار الصَّحِيحَة على ارتضائه والحثِّ عَلَيْهِ. وَلم
يزل الموثوق بهم من عُلَمَاء الْأمة يستنبطون مَعَاني التَّنْزِيل
ويستثيرون دفائنه ويغوصون على لطائفه وَهُوَ الحمَّال ذُو الْوُجُوه
فَيَعُود ذَلِك تسجيلا لَهُ ببعد الْغَوْر واستحكام دَلِيل الإعجاز
وَمن ثمَّ تكاثرت الْأَقَاوِيل واتَّسم كل من الْمُجْتَهدين بِمذهب فِي
التَّأْوِيل يعزى إِلَيْهِ.
مرث أَتَى السِّقاية فَقَالَ: اسقوني. فَقَالَ الْعَبَّاس: انهم قد
مرثوه وأفسدوه. وروى: إِنَّه جَاءَ عباساً فَقَالَ: اسقونا فَقَالَ:
إِن هَذَا شراب قد مغث ومرث أَفلا نسقيك لَبَنًا وَعَسَلًا فَقَالَ:
اسقونا مِمَّا تسقون مِنْهُ النَّاس. أَي وضَّروه بِأَيْدِيهِم الوضرة.
تَقول الْعَرَب: أدْرك عناقك لَا يمرِّثوها. قَالَ المفضّل: التمريث
أَن يمسحها الْقَوْم بِأَيْدِيهِم وفيهَا غمر فَلَا ترأمها أمُّها من
ريح الْغمر. والمغث: نَحْو من المرث.
مرر كره من الشَّاء سبعا: الدَّم والمرارة وَالْحيَاء والغدَّة
والذَّكر والأنثيين والمثانة. قَالَ اللَّيْث: المرارة لكل ذِي روح
إِلَّا الْبَعِير فَإِنَّهُ لَا مرَارَة لَهُ. وَقَالَ القتبي: أَرَادَ
الْمُحدث أَن يَقُول الامر وَهُوَ المصارين فَقَالَ المرارة وَأنْشد:
(3/357)
.. فَلَا تُهْدي الأَمَرَّ وَمَا يَلِيهِ
... وَلَا تُهْدِنَّ مَعْرُوق الْعِظَام ... الْحيَاء: الْفرج من
ذَوَات الظلْف والخفّ وَجمعه أحيية سمي بِالْحَيَاءِ الَّذِي هُوَ مصدر
حييّ إِذا استحيا قصدا إِلَى التورية وَأَنه مِمَّا يستحيى من ذكره.
مرج كَيفَ أَنْتُم إِذا مرج الدّين وَظَهَرت الرَّغبة وَاخْتلف الإخوان
وحُرِّقَ الْبَيْت الْعَتِيق. مرج وجرج أَخَوان فِي معنى القلق
وَالِاضْطِرَاب. يُقَال: مرج الْخَاتم فِي يَدي وسكِّين جرج النّصاب.
ومرجت العهود والأمانات: إِذا اضْطَرَبَتْ وفسدت. وَمِنْه المرجان
لِأَنَّهُ أخف الحبّ والخفة والقلق من وادٍ وَاحِد. الرَّغْبَة:
السُّؤَال أَي يقلُّ الاستعفاف وَيكثر الاستكفاف. يُقَال: رغبت إِلَى
فلَان فِي كَذَا إِذا سَأَلته إِيَّاه. اخْتِلَاف الإخوان: أَن
يَخْتَلِفُوا فِي الْفِتَن ويتحزَّبوا فِي الْأَهْوَاء والبدع حَتَّى
يتباغضوا ويتبرأ بَعضهم من بعض.
مرى إِن نَضْلَة بن عَمْرو الْغِفَارِيّ لقِيه بمريين وهجم على شوائل
لَهُ فَسَقَاهُ من أَلْبَانهَا. المريّ: النَّاقة الغزيرة من المري
وَهُوَ الْحَلب. وَفِي زنتها وَجْهَان: أَحدهمَا أَن تكون فعولًا
كَقَوْلِهِم فِي مَعْنَاهَا حَلُوب. ونظيرها بغيّ على مَا ذهب إِلَيْهِ
الْمَازِني وشايعه عَلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاس. وَالثَّانِي: أَن يكون
فعيلا كَمَا قَالَ ابْن جني وَالَّذِي نصر بِهِ قَوْله وردَّ مَا
قَالَاه: أَنَّهَا لَو كَانَت فعولًا لقيل بغوّ كَمَا قيل: نهوٌّ عَن
الْمُنكر. وَفِي حَدِيث الْأَحْنَف: كَانَ إِذا وَفد مَعَ أَمِير
الْعرَاق على مُعَاوِيَة لبس ثيابًا غلاظا فِي السّفر وسَاق مريًّا
كَانَ يَسُوقهَا ليشْرب ويسقى من لَبنهَا. الشوائل والشوَّل: جمع
شَائِلَة وَهِي الَّتِي شال لَبنهَا أَي قلَّ وخفَّ.
(3/358)
وَقيل: هِيَ الَّتِي صَار لَبنهَا شولا أَي
قَلِيلا وَقد شوَّلَت وَلَا يُقَال: شالت من قَوْلهم لثلث الْقرْبَة
وَنَحْوه من المَاء: شول: وَقد شوَّلت الْقرْبَة كَمَا يُقَال: جزَّعت
من الجزعة. وَقَالَ النَّضر: شوَّلت الْإِبِل أَي قلَّت أَلْبَانهَا
وكادت تضيع فَهِيَ عِنْد ذَلِك شول. وَأما الشول فَجمع شائل وَهِي
الَّتِي شالت ذنبها بعد اللقَاح.
مرز عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَرَادَ أَن يشْهد جَنَازَة رجل
فمرزه حُذَيْفَة. كَأَنَّهُ أَرَادَ أَن يصدَّه عَن الصَّلَاة
عَلَيْهَا لِأَن الْمَيِّت كَانَ عِنْده منافقاً. والمرز: القرص الرفيق
لَيْسَ بالأظفار فَإِذا اشتدّ فأوجع فَهُوَ قرص. وَمِنْه امرزلي من
هَذَا الْعَجِين مرزة وامترز عرضه إِذا نَالَ مِنْهُ. والمرزتان:
الهنتان الناتئتان فَوق الشحمتين.
مرط قدم مَكَّة فأذّن أَبُو مَحْذُورَة فَرفع صَوته فَقَالَ: أما خشيت
يَا أَبَا مَحْذُورَة أَن تنشقَّ مريطاؤك. هِيَ مَا بَين الضلع إِلَى
الْعَانَة. وَقيل: جلدَة رقيقَة فِي الْجوف. وَهِي فِي الأَصْل مصغرة
مرطاء وَهِي الملساء من قَوْلهم للَّذي لَا شعر عَلَيْهِ: أمرط.
وَسَهْم أمرط: لَا قذذ عَلَيْهِ.
مرحل أُتِي بمروط فَقَسمهَا بَين الْمُسلمين وَدفع مِرْطًا بَقِي إِلَى
أم سليط الْأَنْصَارِيَّة وَكَانَت تزفر الْقرب يَوْم أُحد تَسْقِي
الْمُسلمين. هِيَ أكسية من صوف وَرُبمَا كَانَت من خزٍّ. وَفِي حَدِيث
عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: إِنَّهَا قَالَت لما نزلت هَذِه
الْآيَة: {ولْيَضْرِبْن بخُمُرِهِنّ على جُيُوبهن} انْقَلب رجال
الْأَنْصَار إِلَى نِسَائِهِم فتلوها عَلَيْهِنَّ
(3/359)
مرحل فَقَامَتْ كل امْرَأَة تزفر إِلَى
مرْطهَا المرحَّل فصدعت مِنْهُ صدعة فَاخْتَمَرْنَ بهَا فَأَصْبَحْنَ
فِي الصُّبْح على رءوسهن الْغرْبَان وعنها: خرج رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم ذَات غَدَاة عَلَيْهِ مرط مرحَّل من شعر أسود. تزفر:
تحمل. والزَّفر: الْحمل قَالَ الْكُمَيْت: ... تَمْشِي بهَا رُبْدُ
النَّعَا ... مِ تَمَاشِي الآمِ الزَّوَافِرِ ... المرحَّل: الْمُوشى
وشياً كالرحال. شبَّهت الْخمر فِي سوادها بالغربان فسمتها غرباناً
مجَازًا كَمَا قَالَ: ... كغِرْبانِ الكُرُوم الدَّوَالِج
يُرِيد العناقيد.
مرأة عليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما تزوَّج فَاطِمَة ذهب إِلَى
يَهُودِيّ يَشْتَرِي ثيابًا فَقَالَ لَهُ: بِمن تزوجت فَقَالَ: بابنة
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقَالَ: أنبيكم هَذَا قَالَ: نعم.
قَالَ: تزوجت امْرَأَة. أَي كَامِلَة فِيمَا يخْتَص بِالنسَاء. كَمَا
يُقَال: فلَان رجل. وكقول الْهُذلِيّ: ... لَعَمْرُ أَبي الطَّيرِ
المُرِبَّة بالضَّحَى ... على خالدٍ لقد وَقعت على لحم ... أَي على لحم
لَهُ شَأْن.
مرث الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لِابْنِهِ: لَا تُخاصم
الْخَوَارِج بِالْقُرْآنِ خاصمهم بِالسنةِ. قَالَ ابْن الزبير:
فخاصمتهم بهَا فكأنهم صبيان يمرثون سخبهم. يُقَال: مرث الصبيُّ الودعة
إِذا مصَّها وكدمها بدردره. وَيُقَال لما يَجْعَل فِي فِيهِ المراثة.
قَالَ عَبدة بن الطَّبِيب: ... فرجَعْتُهم شَتَّى كأنَّ عَمِيدَهم ...
فِي المَهْدِ يَمْرُث وَدْعَتَيْه مُرْضِعُ ... والمرث والمرذ والمرد
والمرس: أَخَوَات.
(3/360)
السخب: جمع سخاب. وَقد فسر. يَعْنِي أَنهم
قد بهتُوا وعجزوا عَن الْجَواب. وَبَيت عَبدة ملاحظ للْحَدِيث
كَأَنَّهُ مِنْهُ.
مرش الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ إِذا حكَّ أحدكُم فرجه وَهُوَ فِي
الصَّلَاة فليمرشه من وَرَاء الثَّوْب. أَي فليتناوله باطراف الأظافير
وَهُوَ نَحْو من المرز.
مرى ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ هما المرَّيان:
الْإِمْسَاك فِي الْحَيَاة والتبذير فِي الْمَمَات. المرَّي: تَأْنِيث
الْأَمر كالجلي تَأْنِيث الْأَجَل أَي الخصلتان المفضلتان فِي المرارة
على سَائِر الْخِصَال الْمرة: أَن يكون الرجل شحيحاً بِمَا لَهُ مادام
حَيا صَحِيحا وَأَن يبذره فِيمَا لَا يجدي عَلَيْهِ من الْوَصَايَا
المبنية على هوى النَّفس عِنْد مشارفته ثنية الْوَدَاع.
مرر ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ الْوَحْي إِذا
نزل سَمِعت الْمَلَائِكَة صَوت مرار السلسلة على الصَّفَا. أَي صَوت
انجرارها واطرادها على الصخر. وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة قَول غيلَان
الربعِي: ... تَكُر بعد الشَوط من مِرَارِها ... كَرَ مَنِيح الخَصْلِ
فِي قِمَارها ... قَالَ: وَسَأَلت أَعْرَابِيًا عَن مرارها. فَقَالَ
مراحها واطرادها. قَالَ: وَإِذا اطرد الرّجلَانِ فِي الْحَرْب فهما
يتماران وكل وَاحِد مِنْهُمَا يمار صَاحبه أَي يطارده. وَقد جَاءَ فِي
حَدِيث آخر: كإمرار الْحَدِيد على الطست الْجَدِيد. وَهَذَا ظَاهر.
مرع سُئِلَ عَن السلوى فَقَالَ: هُوَ المرعة. عَن أبي حَاتِم المرعة:
طائرة طَوِيلَة الرجلَيْن تقع فِي الْمَطَر من السَّمَاء وَالْجمع مُرع
قَالَ: ... بِهِ مُرَعٌ يخْرجن من خَلْفِ وَدْقِهِ ... مَطَافِيلُ
جُونٌ رِيشُهَا مُتَصَبِّبُ ...
(3/361)
وفيهَا لُغَتَانِ سُكُون الرَّاء وَفتحهَا.
وَيُقَال فِي جمع المُرع مرعان. وَيَنْبَغِي أَن يكون على لُغَة من
يَقُول: مُرعةٌ ومُرعٌ كرطبة وَرطب. وَهِي من المراعة يمعنة الخصب
لخروجها فِي أثر الْغَيْث.
مرد مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ تمرَّدت عشْرين وجمعت عشْرين
ونتفت عشْرين وخضبت عشْرين فَأَنا ابْن ثَمَانِينَ. يُقَال: تمرد فلَان
زَمَانا إِذا مكث أَمْرَد.
مرس وحشيّ قَالَ فِي قصَّة مقتل حَمْزَة: كنت أطلبه يَوْم أُحد بَينا
أَنا أَلْتَمِسهُ إِذْ طلع عليٌّ عَلَيْهِ السَّلَام فطلع رجل حذرٌ
مرسٌ كثير الِالْتِفَات فَقلت: مَا هَذَا صَاحِبي الَّذِي ألتمس.
فَرَأَيْت حَمْزَة يفري النَّاس فريا فَكَمَنْت لَهُ إِلَى صَخْرَة
وَهُوَ مُكبِّسٌ لَهُ كتيت فَاعْترضَ لَهُ سِبَاع ابْن أم أَنْمَار
فَقَالَ لَهُ: هلمّ إليّ فاحتمله حَتَّى إِذا برقتْ قدماه رمى بِهِ
فبراك عَلَيْهِ فسحطه سحط الشَّاة ثمَّ أقبل إِلَيّ مكبسا حِين رَآنِي
وَذكر مَقْتَله لما وطئ عل حرف فزلّت قدمه. المرس: الشَّديد المراس
للحرب. يفري: يشق الصُّفُوف. المكبس: المطرق المقطب. وَقد كُبِّس
وَفُلَان عَابس كابس. وَقيل: هُوَ الَّذِي يقتحم النَّاس فيُكبسهم.
الكتيت: الهدير. السحط: الذّبْح الْوَحْي.
مرّة فِي الحَدِيث: لَا تحل الصَّدَقَة لَغَنِيّ وَلَا لذِي مرّة سوي.
الْمرة: الْقُوَّة والشدة.
(3/362)
الْمِيم مَعَ الزَّاي
مزع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا تزَال الْمَسْأَلَة
بِالْعَبدِ حَتَّى يلقى الله وَمَا فِي وَجهه مزعة. وروى: وَمَا فِي
وَجهه لحادة من لحم. وروى: وَوَجهه عظمٌ كُله. وَقَالَ: إِن الرجل
ليسأل حَتَّى يخلق وَجهه فَيلقى الله يَوْم الْقِيَامَة وَلَيْسَ لَهُ
وَجه. المزعة: الْقطعَة من اللَّحْم أَو الشَّحْم. يُقَال: مَا لَهُ
مزعة وَلَا جزعة. وَيُقَال: للحمة الَّتِي يُضرَّى بهَا البوازي مزعة.
والمزعة والمزقة بِالْكَسْرِ البتكة من الريش. اللحادة: الْقطعَة
أَيْضا وَمَا أَرَاهَا إِلَّا اللحاتة بِالتَّاءِ وَمنا اللَّحت وَهُوَ
أَلا تدع عِنْد الْإِنْسَان شَيْئا إِلَّا أَخَذته واللَّتح مثله.
وَإِن صحَّت فوجهها أَن تكون الدَّال مبدلة من التَّاء كدولج فِي تولج.
مزر إِن نَفرا من أهل الْيمن قدمُوا عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَسَأَلُوهُ عَن المزر وَقَالُوا: إِن أَرْضنَا بَارِدَة عشمة وَنحن
قومٌ نحترث وَلَا نقوى على أَعمالنَا إِلَّا بِهِ. فَقَالَ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كلُّ مُسكر حرَام. المزر: نَبِيذ الشّعير.
العشمة: الْيَابِسَة. عشم الْخبز وعجوز عشمة.
(3/363)
مزع عَن معَاذ بن جبل رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ. استبَّ رجلَانِ عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَغَضب أَحدهمَا غَضبا شَدِيدا حَتَّى تخيل إِلَيّ أَن أَنفه يتمزع من
شدَّة غَضَبه فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنِّي لأعْلم كلمة لَو
قَالَهَا لذهب عَنهُ مَا يجد من الْغَضَب. فَقَالَ: مَا هِيَ يَا
رَسُول الله قَالَ: يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الشَّيْطَان
الرَّجِيم. التمزُّع: التقطُّع والتشقق. يُقَال: إِنَّه ليكاد يتمزَّع
من الْغَضَب أَي يتطاير شققا وَنَحْوه يتَمَيَّز وينقدّ. وَعَن
الْأَصْمَعِي: قسم المَال ومزعه ووزعه بِمَعْنى. وَيُقَال: تمزَّعته
وتوزعته. قَالَ جرير: ... هَلا سأَلْتَ مجاشعا زَبَد اُسْتِها ...
أَيْن الزُّبْيُر ورَحْلُه المتمزعُ ... وَقَالَ آخر: ... بني صامتٍ
هلاّ زجرتمْ كِلابَكُم ... عَن اللَّحْم بالخَبْرَاءِ أَن يُتَمَزَّعَا
... وَعَن أبي عبيد: احسبه يترمَّع أَي يرعد من شدَّة الْغَضَب.
وَمِنْه قيل ليافوخ الصَّبِي: رماعة.
مزق ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا إِن طائراً مزق عَلَيْهِ.
يُقَال: مزق الطَّائِر بسلحه إِذا رمى بِهِ من قَوْلهم: نَاقَة مزاق
وَهِي السريعة الَّتِي يكَاد جلدهَا يتمزق عَنْهَا ومصداق هَذَا
قَوْله: ... حَتَّى تَكاد تَفَرَّى عنْهُما الأهَب ... وَقَالَ بعض
المولّدين: ... كَأَنَّمَا يَخْرجُ من إهابه ...
(3/364)
مزز أَبُو الْعَالِيَة رَحمَه الله
تَعَالَى اشرب النَّبِيذ وَلَا تمزز. التمزز والتمصر: أَخَوان وَفِي
مَعْنَاهُمَا التمزر والتمصُّص. قَالَ يصف خمرًا: ... تكونُ بَعْدَ
الحَسْوِ والتمَّزُّرِ ... فِي فَمِه مِثْلَ عَصِير السُّكرِ ... قَالَ
أَبُو عُبَيْدَة: هُوَ التذُّوق شَيْئا بعد شَيْء. وَالْمعْنَى اشربه
لتسكين الْعَطش دفْعَة كَمَا تشرب المَاء وَلَا تتلذذ بمصِّه قَلِيلا
كَمَا يصنع المعاقر إِلَى أَن يسكر.
مزز النَّخعِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: كَانَ أَصْحَابنَا
يَقُولُونَ فِي الرَّضَاع: إِذا كَانَ المَال ذَا مز فَهُوَ من نصِيبه.
وَعنهُ: إِذا كَانَ المَال ذَا مز ففرِّقه فِي الْأَصْنَاف
الثَّمَانِية وَإِذا كَانَ قَلِيلا فأعطه صنفا وَاحِدًا. أَي ذَا فضل
وَكَثْرَة. وَقد مزّ مزازة وَهُوَ مزيز. يُقَال: لهَذَا على هَذَا
مِزٌّ ومزيز أَي فضل وَزِيَادَة. طَاوس رَحمَه الله تَعَالَى المزة
الْوَاحِد تُحرِّم. هِيَ المصَّةُ. يُقَال للمصوص: المزوز يَعْنِي فِي
الرَّضَاع.
(3/365)
الْمِيم مَعَ السِّين
الْمسْح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَمسحُوا بِالْأَرْضِ
فَإِنَّهَا بكم برَّة. هُوَ أَن تباشرها بِنَفْسِك فِي الصَّلَاة من
غير أَن يكون بَيْنك وَبَينهَا شَيْء تُصلي عَلَيْهِ. وَقيل: هُوَ
التَّيَمُّم. برَّة: يَعْنِي مِنْهَا خُلقتم وفيهَا معاشكم وَهِي بعد
الْمَوْت كفاتكم. وصف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسيح الضَّلَالَة وَهُوَ
الدَّجَّال فَقَالَ: رجل أجلى الْجَبْهَة مَمْسُوح الْعين الْيُسْرَى
عريض النَّحر فِيهِ دفا. قَالَ: سُمِّي مسيحا من قَوْلهم: رجل مَمْسُوح
الْوَجْه ومسيح وَذَلِكَ ألاَّ يبْقى على أحد شقَّي وَجهه عين وَلَا
حَاجِب إِلَّا اسْتَوَى والدجال على هَذِه الصّفة. وَعَن أبي
الْهَيْثَم هُوَ الْمَسِيح على فعيل كسكيت وَأَنه الَّذِي مُسح خلقه
أَي شُوّه. وَأما الْمَسِيح صَلَاة الله عَلَيْهِ فَعَن ابْن عَبَّاس
أَنه سُمي لِأَنَّهُ كَانَ لَا يمسح بِيَدِهِ ذَا عاهة إِلَّا برأَ.
وَعَن عَطاء: كَانَ أَمسَح الرِّجل لَا أَخْمص لَهُ. وَعنهُ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: خرج من الْبَطن ممسوحا بالدهن. وَقَالَ ثَعْلَب: كَانَ
يمسح الأَرْض أَي يقطعهَا. وَقيل: هُوَ بالعبرانية مشيحاً فعُرِّب
كَمَا قيل فِي موشى مُوسَى. الدَّفا: الانحناء. وشَاة دفواء: مَال
قرناها مِمَّا يَلِي العلباوين. قَالَ ذُو الرمة: ... يحاذِرْنَ من
أَدْفَى إِذا مَا هُوَ انتحى ... عليهنَّ لم ينج الفرود المشايح ...
مسد أذنِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قطع المسد والقائمتين والمنجدة.
المسد: الْحَبل الممسود أَي المفتول من نَبَات ولحاء شجر وَنَحْوه.
(3/366)
القائمتان: قائمتا الرَّحل. المنجدة: عَصا
خَفِيفَة يستنجد بهَا الْمُسَافِر فِي سوق الدَّوَابّ وَغَيره. وَقيل:
شُبهت بالقضيب الَّذِي يكون مَعَ النَّجَّاد يُصلح بِهِ حَشْو
الثِّيَاب. وَقيل: هِيَ الْعود الَّذِي يُحشي بِهِ حقيبة الرحل لتنجد
وترتفع. وَالْمعْنَى أَنه رخَّص فِي قطع هَذِه الْأَشْيَاء من شجر
الْحرم لِأَنَّهَا تُرفق المارَّة والمسافرين وَلَا تضر بأصول الشّجر.
مستق كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلبس البرانس والمساتق وَيُصلي
فِيهَا. المستقة: فرو طَوِيل الكمين تُفتح التَّاء وتُضمُّ. وَهُوَ
تعريب مشته. وَفِي حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه كَانَ
يُصَلِّي ويداه فِي مُستقة. وَعَن سعد: إِنَّه صلى بِالنَّاسِ فِي
مستقة يَدَاهُ فِيهَا.
مسك عبد الرَّحْمَن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رأى وَمَعَهُ بِلَال
يَوْم بدر أُميَّة بن خلف فَصَرَخَ بِأَعْلَى صَوته يَا أنصار الله
أُمية رَأس الْكفْر قَالَ عبد الرَّحْمَن: فأحاطوا حَتَّى جعلونا فِي
مثل المسكة وَأَنا أذب عَنهُ. فأخلف رجل بِالسَّيْفِ فَضرب رجل ابْنه
فَوَقع وَصَاح أُمية فَقلت: انج بِنَفْسِك وَلَا نجاء بِهِ فهبتوهما
حَتَّى فرغوا مِنْهُمَا. المسكة: السوار أَي أحاطوا بِنَا وحلَّقوا
حولنا فكأننا مِنْهُم فِي مثل سوارٍ. قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال:
لمَّا رأى العدوَّ أخلف بِيَدِهِ إِلَى السَّيْف أَي ضرب بهَا إِلَيْهِ
من الْخلف وَكلما ردَّ يَده إِلَى مؤخره ليَأْخُذ شَيْئا من حقيبته فقد
أخلف بهَا. وَيُقَال لما وَرَاء الرجل: خَلفه. هِبته بِالسَّيْفِ
وهبجه: ضربه.
مسح ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا لَا تُمسح الأَرْض إِلَّا
مرّة وَتركهَا خير من مائَة نَاقَة كلهَا أسود المقلة. هُوَ أَن يمسحها
الْمُصَلِّي ليسوي مَوضِع سُجُوده فَرَأى ترك ذَلِك وَاحْتِمَال
المشقَّة أولى.
(3/367)
الضَّمِير فِي تَركهَا للمرة أَو للمسحة.
كلّ: مُذَكّر اللَّفْظ فَلذَلِك قَالَ أسود وَمِنْه قَوْلهم: كل أذن
سامع وكل عين نَاظر وَهَذَا نَحْو حمله على التَّوْحِيد وَالْجمع.
الْمِيم مَعَ الشين
مشق طَلْحَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ رأى عمر عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ
ممشَّقين وَهُوَ محرم فَقَالَ: مَا هَذَا قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْس يَا
أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّمَا هُوَ مشقٌ. هُوَ الْمغرَة. والممشق:
الْمَصْبُوغ بالمشق. وَمِنْه حَدِيث جَابر بن عبد الله رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ: كُنَّا نلبس الممشق فِي الْإِحْرَام وَإِنَّمَا هُوَ
مدر. يجوز لبس المصبغ للْمحرمِ إِذا لم يكن بالطِّيب كالورس والزعفران
والعصفر وَإِنَّمَا كرهه عمر لِئَلَّا يرَاهُ النَّاس فيلبسوا مَا لَا
يجوز لبسه.
مَشى فِي الحَدِيث: إِن إِسْحَاق أَتَاهُ إِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا
السَّلَام فَقَالَ لَهُ إِنَّا لم نرث من أَبينَا مَالا وَقد أثريت
وأمشيت فأفئ عليّ. مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْك فَقَالَ إِسْحَاق: يَا
إِسْمَاعِيل ألم ترض أَنِّي لم أستعبدك حَتَّى تجيئني فتسألني المَال.
أَي كثرت مَا شيتك قَالَ النَّابِغَة: ... وكلّ فَتى وإنْ أَثْرَى
وأَمْشَى ... ستَخْلِجُه عَن الدُّنْيَا المَنُون ... قيل: كَانُوا
يستعبدون أَوْلَاد الْإِمَاء.
مشع نهى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتمشع بروث أَو عظم. أَي يستنجي
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تمشع الرجل وامتشع إِذا أَزَال الْأَذَى
عَنهُ.
(3/368)
وَهُوَ من قَوْلهم: امتشع مَا فِي الضَّرع
وامتشنه أَي أَخذه أجمع.
مشر إِنِّي إِذا أكلت اللَّحْم وجدت فِي نَفسِي تمشيرا. أَي نشاطا
للجماع من قَول الْأَصْمَعِي: المشر والأشر وَاحِد وَهُوَ المرح. وأمشر
إمشاراً إِذا انبسط فِي الْعَدو. وَعَن شمر: أَرض ماشرة وناشرة اهتز
نباتها.
مَشى خير مَا تداويتم بِهِ المشيّ. يُقَال لدواء الْمَشْي: المشو
وَالْمَشْي.
الْمِيم مَعَ الصَّاد
مصمص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقَتْل فِي سَبِيل الله
ممصمصة. أَي مطهرة من دنس الْخَطَأ من قَوْلهم: مصمصت الْإِنَاء
بِالْمَاءِ إِذا رقرقته فِيهِ وحركته حَتَّى يظْهر وَمِنْه مصمصة
الْفَم وَهُوَ غسله يتحريك المَاء فِيهِ كالمضمضة. وَقيل: هِيَ
بالصَّاد غير الْمُعْجَمَة بِطرف اللِّسَان وبالضاد بالفم كُله كالقبص
وَالْقَبْض. وَفِي حَدِيث أبي قلَابَة: إِنَّه روى عَن رجل من أَصْحَاب
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كُنَّا نَتَوَضَّأ مِمَّا غيَّرت
النَّار ونمصمص من اللَّبن وَلَا نمصمص من التمرة. أنَّث خبر الْقَتْل
لِأَنَّهُ فِي معنى الشَّهَادَة أَو أَرَادَ خصْلَة ممصمصة فَأَقَامَ
الصّفة مقَام الْمَوْصُوف.
(3/369)
مصع زيد بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ كتب إِلَى مُعَاوِيَة يستعطفه لأهل الْمَدِينَة وَفِي الْكتاب:
إِنَّهُم حَدِيث عَهدهم بالفتنة قد مصعتهم وَطَالَ عَلَيْهِم الجذم
والجدب وَأَنَّهُمْ قد عرفُوا أَنه لَيْسَ عِنْد مَرْوَان مَال يجادونه
عَلَيْهِ إِلَّا مَا جَاءَهُم من عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ. أَي
ضربتهم وحركتهم من مصعه بِالسَّيْفِ إِذا ضربه. وَمِنْه المماصعة:
المجالدة. وَفِي حَدِيث ابْن عُمَيْر: إِنَّه قَالَ: فِي الموقوذة إِذا
طرفت بِعَينهَا أَو مصعت بذنبها. أَي ضربت بِهِ وحركته. وَمِنْه حَدِيث
مُجَاهِد: الْبَرْق مصع ملك يَسُوق السَّحاب. أَي ضربه للسحاب وتحريكه
لَهُ لينساق. الجذم: الْقطع يُرِيد انْقِطَاع الْميرَة عَنْهُم.
المجاداة: مفاعلة من جدا إِذا سَأَلَ أَي يسائلونه.
مصر زِيَاد قَالَ على الْمِنْبَر: إِن الرجل ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ
لَا يقطع بهَا ذَنْب عنز مُصَور لَو بلغت إِمَامه سفك دَمه. هِيَ
الَّتِي انْقَطع لَبنهَا إِلَّا قَلِيلا فَهُوَ يتمصَّر وَلَا يكون
الامن الْمعز وَجَمعهَا مصائر والمصر: الْحَلب بإصبعين. وَمِنْه
قَوْلهم: لبني فلَان غلَّةٌ يمتصرونها أَي لَا تجدي عَلَيْهِ تِلْكَ
الْكَلِمَة وَهُوَ يهْلك بهَا إِن نشرت عَنهُ.
مصخ فِي الحَدِيث: فلَان وَالله لَو ضربك بأُمصوخ من عيشومة لقتلك.
هُوَ الخوصة يُقَال: ظَهرت أما صيخُ الثُّمام. والعيشومة: وَاحِدَة
العيشوم وَهُوَ نبت دَقِيق طَوِيل محدد الْأَطْرَاف كَأَنَّهُ الأسل
يتَّخذ مِنْهُ الْحصْر الدقاق.
(3/370)
الْمِيم مَعَ الضَّاد
مُضر حُذَيْفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكر خُرُوج عَائِشَة رَضِي
الله تَعَالَى عَنْهَا فَقَالَ: يُقَاتل مَعهَا مُضر مضَّرها الله فِي
النَّار. وأزد عُمان سلت الله أَقْدَامهَا وَإِن قيسا لن تنفكَّ تبغي
دين الله شرًّا حَتَّى يركبهَا الله بِالْمَلَائِكَةِ فَلَا يمتنعوا
ذَنْب تلعة. مضرها أَي جمعهَا. كَمَال يُقَال: جند الْجنُود وَكتب
الْكَتَائِب. وَقَالَ بَعضهم: أهلكها من قَوْلهم: ذهب دَمه خضرًا مضراً
أَي هدرا. سلت: قطع من سلتت الْمَرْأَة حناءها. ذَنْب التلعة:
أَسْفَلهَا أَي يذلها الله حَتَّى لَا تقدر على أَن تمنع ذيل تلعة.
مضض فِي الحَدِيث وَلَهُم كلب يتمضمض عراقيب النَّاس. من المض وَهُوَ
المص إِلَّا أَنه أبلغ مِنْهُ.
الْمِيم مَعَ الطَّاء
مطى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا مشت أمتِي الْمُطَيْطَاء
وَخدمَتهمْ فَارس وَالروم كَانَ بأسهم بَينهم. هِيَ ممدودة ومقصورة
بِمَعْنى التمطى وَهُوَ التَّبَخْتُر وَمد الْيَدَيْنِ. وأصل نمطى تمطط
تفعل من المط وَهُوَ الْمَدّ. وَهِي من المصغرات الَّتِي لم يسْتَعْمل
لَهَا مكبر نَحْو كعيت وَجَمِيل وكميت. والمريطاء وَقِيَاس مكبرها
ممدودة مرطياء بِوَزْن طرمساء ومقصورة مرطيا بِوَزْن هر بِذِي على أَن
الْيَاء فيهمَا مبدلة من الطَّاء الثَّالِثَة.
(3/371)
أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَتَى
على بِلَال وَقد مطى بِهِ فِي الشَّمْس فَقَالَ لمواليه: قد ترَوْنَ
أَن عبدكم هَذَا لَا يطيقكم فبيعونيه. قَالُوا: اشتره فَاشْتَرَاهُ
بِسبع أواقي فَأعْتقهُ فأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحدثه
فَقَالَ: الشّركَة. فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي قد أَعتَقته. المط
وَالْمدّ والمطو وَاحِد. وَمِنْه المطو فِي السّير. قَالَ امْرُؤ
الْقَيْس: مَطَوْتُ بهم حَتَّى يَكِلَّ غَزِيُّهم ... وحتَّى الجِيَادُ
مَا يُقَدْنَ بأَرسَانِ ... وَكَانُوا إِذا أَرَادوا تعذيبه بطحوه على
الرمضاء.
مطر فِي الحَدِيث خير نِسَائِكُم العطرة المطرة. أَي المتنظِّفة
بِالْمَاءِ. وَمِنْه قَول عَامر بن الظرب لامْرَأَته: مري ابْنَتك أَلا
تنزل مفازة إِلَّا وَمَعَهَا مَاء فَإِنَّهُ للأعلى جلاء وللأسفل نقاء
أَخذ من لفظ الْمَطَر كَأَنَّهَا مطرَت فَهِيَ مطرة أَي صَارَت ممطورة
مغسولة.
الْمِيم مَعَ الظَّاء
مظظ أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مر بِعَبْد الرَّحْمَن ابْنه
وَهُوَ يماظ جاراً لَهُ فَقَالَ: لَا نماظ جَارك فَإِنَّهُ يبْقى
وَيذْهب النَّاس. أَي ينازعه وبلازه وَإِن فِي فلَان لمظاظةً وفظاظةً
إِذا كَانَ شَدِيد الْخلق. وتماظ الْقَوْم: تلاحوا وتعاضوا بألسنتهم.
الزُّهْرِيّ كَانَ بَنو إِسْرَائِيل من أهل تهَامَة أَعْتَى النَّاس
على الله وَقَالُوا قولا لَا يَقُوله أحد فعاقبهم الله فعقوبتهم ترونها
الْآن بأعينكم فَجعل رِجَالهمْ القردة
(3/372)
وبرَّهم الذّرة وكلابهم الْأسد ورمَّانهم
المظّ وعنبهم الْأَرَاك وجوزهم الضَّبر ودجاجهم الغرغر. المظّ: رمان
الْبر. وَهُوَ من المماظَّة وَهِي مُلَازمَة المنازع لتضامِّ حبِّه
وتلازمه أَلا ترى إِلَى قَول الْأَعرَابِي. ... كأزر الرمانة المحتشية
... وقالو المولَّد: ... لَا يقدر الرمَّان يجمع حبه ... فِي جَوْفِه
إِلَّا كَمَا نَحن ... وَلِهَذَا سمي رمانا فعلان من الرّم وَهُوَ
إصْلَاح الشَّيْء وضمّ مَا تشَّعثَ مِنْهُ وانتشر. الضَّبر: جوز الْبر.
الغرغر: دَجَاج الْحَبَش وَلَا ينْتَفع بِلَحْمِهِ.
الْمِيم مَعَ الْعين
معس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مر على أَسمَاء بنت عُمَيْس
وَهِي تمعس إهاباً لَهَا. معس الْأَدِيم ومعكه إِذا دلكه. وحدَّث
الْأَصْمَعِي أَن امْرَأَة من الْعَرَب بعثت بِنْتا لَهَا إِلَى جارتها
فَقَالَت: تَقول لَك أُمِّي: أعطيني نفسا أَو نفسين من الدّباغ أمعس
بِهِ منيئتي فَإِن أفدة.
معي الْمُؤمن يَأْكُل فِي معي وَاحِد وَالْكَافِر فِي سَبْعَة أمعاء.
قَالُوا: ذُكر لَهُ رجل أكول قد أسلم فقلَّ أكله فَقَالَ ذَلِك.
(3/373)
وَقيل هُوَ تَمْثِيل لرضا الْمُؤمن باليسير
من الدُّنْيَا وحرص الْكَافِر على التكثر مِنْهَا. والاوجه أَن يكون
هَذَا تحضيضا لِلْمُؤمنِ على قلَّة الْأكل وتحامي مَا يجرُّه الشِّبَع
من قسوة الْقلب والرّين وَطَاعَة الشَّهْوَة البهيمية وَغير ذَلِك من
أَنْوَاع الْفساد. وَذكر الْكَافِر وَوَصفه بِكَثْرَة الْأكل إغلاظ على
الْمُؤمن وتأكيد لما رُسم لَهُ وحضّه عَلَيْهِ وناهيك زاجرا قَوْله
تَعَالَى: {ويَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ} . ألف المعي
منقلبة عَن يَاء لقَولهم فِي تثنيته: معيان. وَلما حكى بَعضهم أَنه
قَالَ: معى ومعى كأنى وإنى وثنى وثنى.
معط إِن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قَالَت لَهُ: لَو آخذت
ذَات الذَّنب منا بذنبها قَالَ: إِذن أدعها كَأَنَّهَا شَاة معطاء.
هِيَ الَّتِي معط صوفها لهزال أَو مرض. وَيُقَال: أَرض معطاء: لَا نبت
فِيهَا. ورمال مُعط. قَالَ ابْن ميادة: ... من دونهَا المُعْطُ من
نينان والكثب ... أعمل إِذن لكَونهَا مُبتَدأَة وَكَون الْفِعْل
مُسْتَقْبلا وَمعنى أدعها أجعلها كَمَا اسْتعْمل التّرْك بِهَذَا
الْمَعْنى وَالْكَاف مفعول ثَان.
مَعَك ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَو كَانَ المعك رجلا
لَكَانَ رجل سوء. هُوَ المطل يُقَال: معكني ديني أَي مطلنيه وَرجل
مَعَك: مطول. وَمِنْه حَدِيث شُرَيْح رَحمَه الله تَعَالَى: المعك طرف
من الظُّلم.
معمع ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَانَ يتبع الْيَوْم
المعمعانيَّ فيصومه. مَنْسُوب إِلَى المعمعان وَهُوَ شدَّة الْحر
والمعمعة: صَوت الْحَرِيق. وَمِنْه حَدِيث بكر بن عبد الله: من أَرَادَ
أَن ينظر إِلَى أعبد النَّاس مَا رَأينَا وَلَا أدركنا
(3/374)
الَّذِي هُوَ أعبد مِنْهُ فَلْينْظر إِلَى
ثَابت بن قيس إِنَّه ليظل فِي الْيَوْم المعمعاني الْبعيد مَا بَين
الطَّرفَيْنِ يراوح مَا بَين جَبهته وقدميه.
معن أنس رَضِي الله عَنهُ بلغ مُصعب بن الزبير عَن عريف الْأَنْصَار
أَمر فَبعث إِلَيْهِ وهمَّ بِهِ. قَالَ أنس: فَقلت لَهُ: أنْشدك الله
فِي وَصِيَّة رَسُول الله فَنزل عَن فرَاشه وَقعد على بساطه وتمعَّنَ
عَلَيْهِ وروى: وتمعَّك عَلَيْهِ وَقَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم على الرَّأْس وَالْعين وَأطْلقهُ. هُوَ من المعان
وَهُوَ الْمَكَان يُقَال: مَوضِع كَذَا معَان من فلَان وَجمعه معن أَي
نزل على دسته وَتمكن على بساطه تواضعا. أَو من قَوْلهم للأديم: معن
ومعين أَي انبطح سَاجِدا على بساطه كالنطع الْمَمْدُود. كَقَوْلِهِم:
رَأَيْته كَأَنَّهُ جلس من خشيَة الله. أَو من الْمعِين وَهُوَ المَاء
الْجَارِي على وَجه الأَرْض. وَقد معن: إِذا جرى. ويروى: تمعَّك
عَلَيْهِ أَي تقلَّبَ عَلَيْهِ وتمرَّغ. أَو من أمعن بحقِّه وأذعن إِذا
أقرَّ أَي انْقَادَ وخشع انقياد الْمُعْتَرف. أَو من المعن وَهُوَ
الشَّيْء الْيَسِير أَي تصاغر وتضاءل.
معج مُعَاوِيَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما ركب الْبَحْر إِلَى قبرس
حمل مَعَه قرظة فَلَمَّا دفعت المراكب معج الْبَحْر معجة تفرّق لَهَا
السفن. أَي ماج واضطرب من معج الْمهْر إِذا اشتقّ فِي عدوه يَمِينا
وَشمَالًا. وَالرِّيح تمعج فِي النَّبَات. وَمِنْه: فعل ذَلِك فِي معجة
شبابه وموجة شبابه.
معر فِي الحَدِيث: مَا أمعر حاجٌّ قطّ. أَي مَا افْتقر وَأَصله من معر
الرَّأْس وَهُوَ قلَّة شعره وَأَرْض معرة: مُجْدِبَة.
(3/375)
الْمِيم مَعَ الْغَيْن
مغط النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي صفته عَن بَاب مَدِينَة
الْعلم عَلَيْهِمَا السَّلَام: لم يكن بالطويل الممغَّط وَلَا الْقصير
المتردد وَلم يكن بالمطهَّم وَلَا المكلثم أَبيض مشرب أدعج الْعين أهدب
الأشفار جليل المشاش والكتد شثن الكفّ والقدمين دَقِيق المسربة. إِذا
مَشى تقلَّع كَأَنَّمَا يمشي فِي صبب وروى: كَأَنَّمَا ينحطُّ من صبب.
وَإِذا الْتفت التف جَمِيعًا لَيْسَ بالسبط وَلَا الْجَعْد القطط وروى:
كَانَ أَزْهَر لَيْسَ بالأبيض الأمهق وروى: شبح الذراعين وروى: ضرب
اللَّحْم بَين الرجلَيْن ويروى: إِنَّه كَانَت فِي عينه شكْلَة ويروى:
إِنَّه كَانَ أسجر الْعَينَيْنِ. ويروى: كَانَ فِي خاصرتيه انفتاق
ويروى: كَانَ مفاض الْبَطن ويروى: كَانَ أسمر. وَعَن بعض الصَّحَابَة
رَضِي الله عَنْهُم: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وافر
السَّبلة. وَعَن جَابر بن سَمُرَة رضى الله عَنهُ: إِنَّه كَانَ
أَخْضَر الشمط ويروي: كَانَ أَبيض مقصدا ويروي: معضدا وروى: لم يكن
بعطبول وَلَا بقصير. وَعَن عَائِشَة رضى الله تَعَالَى عَنْهَا: كَانَ
أفلج الْأَسْنَان أشنبها وَكَانَ سهل الْخَدين صلتهما فع الأوصال
وَكَانَ أَكثر شَيْبه فِي فودى رَأسه وَكَانَ إِذا رضى وسر فَكَأَن
وَجهه الْمَرْأَة وَكَأن الْجدر تلاحك وَجهه وَكَانَ فِيهِ شَيْء من
صور يخطو تكفؤا وَيَمْشي الهويني يبذ الْقَوْم إِذا سارع إِلَى
الْخَيْر أَو مَشى إِلَيْهِ ويسوقهم إِذا لَهُم يُسَارع إِلَى شَيْء
بمشيه الهوينا وروى: كَانَ من أزمتهم فِي الْمجْلس.
(3/376)
الممغط: الْبَائِن الطول يُقَال: مغطت
الْحَبل وكل شَيْء لين إِذا مددته فانمغط وَمِنْه: انمغط النَّهَار
إِذا امْتَدَّ. وَعَن أبي تُرَاب بالغين وَالْعين. المتردد: الَّذِي
تردد بعض خلقه على بعض فَهُوَ مُجْتَمع. قيل فِي المطهم: هُوَ البارع
الْجمال التَّام كل شَيْء مِنْهُ على حِدته. وَقيل: هُوَ السمين
الْفَاحِش السمين. وَقيل: المنتفخ الْوَجْه الَّذِي فِيهِ جهامة من
السّمن. وَقيل: النحيف الْجِسْم الدقيقة. وَقيل: الطهمة والصحمة فِي
اللَّوْن أَن تجَاوز سمرته إِلَى السوَاد وَوَجهه مطهم إِذا كَانَ
كَذَلِك. المكلثم: المستدير الْوَجْه. وَقَالَ شمر: الْقصير الحنك
الداني الْجَبْهَة المستدير الْوَجْه وَلَا يكون إِلَّا مَعَ كَثْرَة
اللَّحْم أَرَادَ أَنه كَانَ أسيلا مسنون الْخَدين. مشرب: أشْرب بياضه
حمره. الدعجة: شدَّة سَواد الْعَينَيْنِ. جليل المشاش: عَظِيم رُءُوس
الْعِظَام كالركبتين والمرفقين والمنكبين. الكتد: الْكَاهِل. الشثن:
الغليظ وَقد شثن وشثن وشنث وَهُوَ مدح فِي الرِّجَال لِأَنَّهُ أَشد
لعصبهم وأصبر لَهُم على المراس. تقلع: ارْتَفع قدمه على الأَرْض
ارتفاعةً كَمَا تنقلع عَنْهَا وَهُوَ نفي للاختيال فِي الْمَشْي.
الأمهق: اليقق الَّذِي لَا يخالطه شَيْء من الْحمرَة وَلَيْسَ بنير
كلون الجص. الشبح. العريض. الضَّرْب: الْخَفِيف اللَّحْم.
(3/377)
الشكلة: كَهَيئَةِ الْحمرَة فِي بَيَاض
الْعين وَأما الشهلة فحمرة فِي سوادها. والشجرة: كالشكلة. انفتاق:
استرخاء. المفاض: أَن يكون فِيهِ امتلاء. وَالْعرب تَقول: اندحاق
الْبَطن فِي الرجل من عَلَامَات السودد وَهُوَ مَذْمُوم فِي النِّسَاء.
وَقد وصف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالخمص فِي الحَدِيث الآخر فالتوفيق
بَينهمَا أَن يكون ضامر أَعلَى الْبَطن مفاض أَسْفَله وَكَذَلِكَ وَصفه
بالسُّمرة. وَمَا روى أَنه كَانَ أَبيض مُشربا فكأنَّ الْوَجْه أَن
تكون السمرَة فِيمَا يبرز للشمس من بدنه وَالْبَيَاض فِيمَا تواريه
الثِّيَاب. السَّبلة: مَا أُسبل من مقدَّم اللِّحية على الصَّدْر.
اخضرار شمطه بالطيب والدّهن المروح. وَمِنْه مَا روى: إِنَّه قد شمط
مقدّم رَأسه ولحيته فَإِذا ادَّهن وامتشط لم يتَبَيَّن وَإِذا شعث
رَأسه رَأَيْته متبينا. الْمَقْصد: الَّذِي لَيْسَ بجسيم وَلَا قصير
وَالْقَصْد مثله. والمُعضَّد: الموثَّق الْخلق وَالْمَحْفُوظ المقصَّد.
العطبول: الطَّوِيل. الصَّلت: الأملس النقي. الفعم: الممتلئ المُلاحكة
والملاحمة: أختَان. يُقَال: لوحك فقار النَّاقة فَهُوَ ملاحك أَي لوحم
بَينه وأُدخل بعضه فِي بعض وَكَذَلِكَ الْبُنيان وَنَحْوه وَالْمعْنَى
أَن جدر الْبَيْت تُرى فِي وَجهه كَمَا ترى فِي الْمرْآة لوضاءته.
الصُّور: الْميل.
مغر إنَّ أَعْرَابِيًا جَاءَ حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَعَ
أَصْحَابه فَقَالَ: أَيّكُم ابْن عبد الله فَقَالُوا: هُوَ الأمغر
المرتفق.
(3/378)
مغر هُوَ الَّذِي فِي وَجهه حمرَة مَعَ
بَيَاض صَاف وشَاة ممغار: إِذا خالط لَبنهَا دم. وَفِي حَدِيثه صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قصَّة الْمُلَاعنَة: إِن جَاءَت بِهِ أُميغر
سبطاً فَهُوَ لزَوجهَا وَإِن جَاءَت بِهِ اديعج جَعدًا فَهُوَ الذى
يتهم. فَجَاءَت بِهِ أُديعج جَعدًا. السبط: التَّام الْخلق. الْجَعْد:
الْقصير. المرتفق: المتكئ لِأَنَّهُ يسْتَعْمل مرفقه. وَمِنْه قيل
للمتكأ: المرفقة كَمَا قيل مصدغة ومخدة من الصدغ والخدِّ لما يُوضع
تحتهما.
مغل صَوْم شهر الصَّوْم وَثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر صَوْم الدَّهْر
وَمذهب بمغلة الصَّدْر. قيل: وَمَا ومغلة الصَّدْر قَالَ: حس
الشَّيْطَان وروى: مغلَّة. هِيَ النغل وَالْفساد وَأَصلهَا داءٌ يُصِيب
الْغنم فِي أجوافها. وَعَن أبي زيد: الْمغل القذى فِي الْعين وَفِي مثل
أَنْت ابْن مغل أَي تُتقى كَمَا يُتَّقى القذى أَن يَقع فِي الْعين
وَقد مغلت عينه إِذا فَسدتْ وَفُلَان صَاحب مغالة إِذا كَانَ ذَا وشاية
ومُغل بِهِ عِنْد السُّلْطَان وأمغل والمغلة من الغل.
مغث عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَت أم عيَّاشٍ: كنت أمغث
لَهُ الزَّبِيب غدْوَة فيشربه عَشِيَّة وأمغثه عَشِيَّة فيشربه غدْوَة.
هُوَ المرس والدلك بالأصابع تُرِيدُ أَنَّهَا كَانَت تنقع لَهُ
الزَّبِيب وَلَا تلبثه أَكثر من هَذِه الْمدَّة لِئَلَّا يتَغَيَّر.
مغر عبد الْملك قَالَ لجرير: مغِّرْنا يَا جرير. أَي أنشدنا كلمة ابْن
مغراء وَهُوَ أَوْس بن مغراء أحد شعراء مُضر.
(3/379)
الْمِيم مَعَ الْفَاء
مفج فِي الحَدِيث: قَالَ بَعضهم: أَخَذَنِي الشراة فَرَأَيْت مساوراً
قد اربدًّ وَجهه. ثمَّ أومي بالقضيب إِلَى دجَاجَة كَانَت تبختر بَين
يَدَيْهِ وَقَالَ: تسمعي يَا دجَاجَة. ضلَّ عليٌّ واهتدى مفاجة.
يُقَال: مفج وثفج إِذا حمق وَرجل ثفاجةٌ مفاجة أَي أَحمَق.
الْمِيم مَعَ الْقَاف
مقل النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا وَقع الذُّباب فِي الطَّعَام
وروى: بِالشرابِ فامقلوه فإنَّ فِي أحد جناحيه سُمًّا وَفِي الآخر
شِفَاء وَإنَّهُ يقدّم السمّ وَيُؤَخر الشِّفَاء. الْمقل والمقس:
أَخَوان وهما الغمس وَهُوَ يماقله ويماقسه ويقامسه أَي يغاطه. وَمِنْه
المقلة حَصَاة الْقسم لِأَنَّهَا تمقل بِالْمَاءِ.
مقط عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قدم مَكَّة فَسَأَلَ من يعلم مَوضِع
الْمقَام وَكَانَ السَّيْل احتمله من مَكَانَهُ فَقَالَ الْمطلب بن أبي
ودَاعَة السَّهْمِي: أَنا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد كنت قدَّرته
وذرعته بمقاط عِنْدِي. هُوَ حَبل صَغِير يكَاد يقوم من شدَّة إغارته
وَالْجمع مقط قَالَ الرَّاعِي يصف حميراً: ... كَأَنَّهَا مُقُطٌ ظلَّت
على قَيم ... من ثُكْدَ واغتمست فِي مائِهِ الكَدِرِ ... وَمِنْه قيل:
مقطت الْإِبِل ومقطتها إِذْ قطرتها وشددت بَعْضهَا إِلَى بعض ومقطه
بالأيمان إِذا حلفه بهَا.
مقا عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ذكرته عَائِشَة
رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَت: مقوتموه مقو الطست ثمَّ قَتَلْتُمُوهُ.
(3/380)
مقاه يمقوه ويمقيه إِذا جلاه. وَيُقَال:
امق هَذَا مقوك مَالك أَي صنه صيانتك مَالك.
مقل ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ فِي مسح الْحَصَى
فِي الصَّلَاة مرَّةً وَتركهَا خير من مائَة نَاقَة لمقلة. أَي من
مائَة مختارة يختارها الرجل على مقلته أَي على عينه وَنَظره. وَجَاء
فِي حَدِيث ابْن عمر: من مائَة نَاقَة كلهَا أسود المقلة. وقك ذكر.
الْمِيم مَعَ الْكَاف
مكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أقرُّوا الطير على مكناتها وروى:
مكناتها. المكنات: بِمَعْنى الْأَمْكِنَة يُقَال: النَّاس على مكناتهم
وسكناتهم ونزلاتهم وربعاتهم أَي على أمكنتهم ومساكنهم ومنازلهم
ورباعهم. وَقيل المكنة من التَّمَكُّن كالتَّبعة والطَّلبة من التتبُّع
والتطلّب. يُقَال: إِن بني فلَان لذوو أمكنة من السُّلْطَان أَي ذَوُو
تمكّن. والمكنات: الْأَمْكِنَة أَيْضا جمع الْمَكَان على مُكن ثمَّ على
مُكنات كَقَوْلِهِم: حُمُر وحُمُرات وصُعُد وصُعُدات. وَالْمعْنَى إنَّ
الرجل كَانَ يخرج فِي حَاجته فَإِن رأى طيراً طيَّره فَإِن أَخذ ذَات
الْيَمين ذهب وَإِن أَخذ ذَات الشمَال لم يذهب فَأَرَادَ اتركوها على
موَاضعهَا ومواقعها وَلَا تطيروها نهيا عَن الزّجر. أَو على موَاضعهَا
الَّتِي وَضعهَا الله بهَا من أَنَّهَا لَا تضرُّ وَلَا تَنْفَع. أَو
أَرَادَ لَا تذعروها وَلَا تريبوها بِشَيْء تنهض بِهِ عَن أوكارها.
وإنكار أبي زِيَاد الْكلابِي المكنات وَقَوله: لَا يعرف للطير مكنات
وَإِنَّمَا هِيَ الوكنات وَهِي الأعشاش ذهابٌ مِنْهُ إِلَى النَّهْي
عَن التحذير. وَكَذَلِكَ قَول من فسَّر المكنات بالبيض وَهِي فِي
الأَصْل لبيض الضَّبّ فاستعير. قَالَ الْأَزْهَرِي: المكن لبيض الضبّ
الْوَاحِدَة مكنة كلبن ولبنة وَكَأَنَّهُ الأَصْل والمكن مخفف مِنْهُ.
مكك لَا تمككوا غرماءكم وورى: على غرمائكم.
(3/381)
مكك هُوَ ابْن امتكاك الفصيل فِي الضَّرع
وَهُوَ امتصاصه واستنفاده أَي لَا تستقصوا مَا لَهُم وَلَا تنهكوهم
والتعدية بعلى لتضمين معنى الإلحاح.
مكس لَا يدْخل صَاحب مكس الْجنَّة. هُوَ الجباية الَّتِي يَأْخُذهَا
الماكس والماكس: العشار.
مكن العطاردي رَحمَه الله قيل لَهُ: أَيّمَا أحب إِلَيْك ضبّة مكون أم
بياح مربب فَقَالَ: ضبة مكون. يُقَال: أمكنت الضبة ومكنت فَهِيَ مكون
إِذا جمعت المكن فِي بَطنهَا. البياح: ضرب من السّمك صغَار أَمْثَال
شبر قَالَ يصف الضبّ: ... شَدِيد اصفرار الكليتين كأنَّما ... يطلي
بوَرْس بَطْنه وشَوَاكِلُهْ ... فَذَلِك أشهى عندنَا من بياحكم ... لحى
الله شَاربه وقبح آكله ...
الْمِيم مَعَ اللَّام
ملح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئل عمر عَن إملاص الْمَرْأَة
الْجَنِين. فَقَالَ الْمُغيرَة بن شُعْبَة: قضى فِيهِ رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم بِغُرَّةٍ. الإملاص: الإزلاق. قَالَ الْأَصْمَعِي.
يُقَال للناقة إِذا أَلْقَت وَلَدهَا وَلم تشعر ألقته مليصا ومليطاً
والناقة مملص ومملط أَرَادَ الْمَرْأَة الْحَامِل تُضرب فَتسقط
وَلَدهَا فعلى الضَّارِب غُرَّة.
مليح ضحى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بكبشين أملحين وروى: إِنَّه خطب فِي
أضحى فَأمر من كَانَ ذبح قبل الصَّلَاة أَن يُعِيد ذبحا ثمَّ انكفأ
إِلَى كبشين أملحين وتفرَّق النَّاس إِلَى غنيمَة فتجزَّعوها.
(3/382)
وَعنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا دخل
أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النارالنار أَتَى بِالْمَوْتِ فِي صُورَة
كبشٍ أَمْلَح ثمَّ نُودي: يأهل الْجنَّة وَيَأْهِلُ النَّار
فَيَشْرَئِبُّونَ لصوته ثمَّ يذبح على الصِّرَاط فَيُقَال: خُلُود لَا
موت. الملحة فِي الألوان: بَيَاض تشقه شعيرات سودٌ وَهِي من لون الْملح
وَمِنْه قيل للكانونين شَيبَان وملحان لَا بيضاض الأَرْض من الجليت
وَهُوَ الثَّلج الدَّائِم والضريب. وَفِي حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله
عَنْهُمَا: إِنَّه بعث رجلا يَشْتَرِي لَهُ أضْحِية فَقَالَ: اشْتَرِ
كَبْشًا أَمْلَح واجعله أقرن فحيلا. أَي مشبها للفحول فِي خلقه.
وَقَالَ الْمبرد: فَحل فحيل: مستحكم الفحلة. فتجزَّعوها: أَي توزَعوها
من الْجزع وَهُوَ الْقطع. اشرأبَّ: رفع رَأسه وَكَانَ الأَصْل فِيهِ
المقامح وَهُوَ الرافع رَأسه عِنْد الشُّرب ثمَّ كثر حَتَّى عمَّ. قدم
عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفد هوَازن يكلمونه فِي سبي أَو طاس
أَو حنين فَقَالَ رجل من بني سعد: يَا مُحَمَّد إِنَّا لَو كُنَّا
ملحنا لِلْحَارِثِ بن أبي شمير أَو للنعمان بن الْمُنْذر ثمَّ نزل
مَنْزِلك هَذَا منَّا لحفظ ذَلِك لنا وَأَنت خير المكفولين فاحفظ
ذَلِك. قَالَ الْأَصْمَعِي: ملحت فُلَانَة لفُلَان إِذا أرضعت لَهُ.
والمِلح والمَلح: الرَّضَاع بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح. والممالحة:
المراضعة وَهُوَ من الْملح بِمَعْنى الحُرمة وَالْحلف لِأَنَّهُ سَبَب
لثبوتها وَالْأَصْل فِيهِ الْملح المطيب بِهِ الطَّعَام لِأَن أهل
الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يطرحونه فِي النَّار مَعَ الكبريت ويتحالفون
عَلَيْهِ ويسمُّون تِلْكَ النَّار الهولة وموقدها المهوِّل قَالَ
أَوْس: ... إِذا استَقْبَلَتْهُ الشمسُ صدَّ بِوَجْهِهِ ... كَمَا
صَدَّ عَن نَار المُهَوِّلِ حَاِلفُ ... وَمِنْه حَدِيثه: لَا تُحرِّم
الملحة والملحتان وروى: الإملاجة والإملاجتان.
(3/383)
أملجت بِالْجِيم مثل أملحت. وملح الصَّبِي
أُمه وملجها: رضعها: والملج النِّكَاح أَيْضا. ويحكى أَن أَعْرَابِيًا
استعدى على رجل والى الْبَصْرَة فَقَالَ: إِن هَذَا شَتَمَنِي: قَالَ:
وَمَا قَالَ لَك قَالَ: قَالَ لي ملجت أمك. قَالَ الْوَالِي: مَا تَقول
قَالَ: كذب إِنَّمَا قلت: لمجت أمك أَي رضعتها. وَمِنْه حَدِيث عبد
الْملك: إِن عَمْرو بن سعيد قَالَ لَهُ يَوْم قَتله: أذكرك ملح
فُلَانَة. يَعْنِي امْرَأَة أرضعتها. إِنَّمَا قَالُوا ذَلِك لأنَّ
ظئره حليمة كَانَت من سعد بن بكر. قَالَ عبيد بن خَالِد: كنت رجلا
شاباًّ بِالْمَدِينَةِ فَخرجت فِي بردين وَأَنا مسبلهما فطعنني رجل من
خَلْفي إِمَّا بإصبعه وَإِمَّا بقضيب كَانَ مَعَه فَالْتَفت فَإِذا
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقلت: إِنَّمَا هِيَ ملحاء.
قَالَ: وَإِن كَانَت ملحاء أما لَك فيَّ أُسْوَة. هِيَ تَأْنِيث الأملح
وَهِي بردة بَيْضَاء فِيهَا خطوط من سَواد. يُقَال: ثوب أَمْلَح وبردة
ملحاء. الصَّادق يُعْطي ثَلَاث خِصَال: الملحة والمحبة والمهابة. هِيَ
الْبركَة يُقَال: ملح الله فِيهِ وَهُوَ مملوح فِيهِ. وَأَصلهَا من
قَوْلهم: تملَّحت الْمَاشِيَة إِذا بدا فِيهَا السِّمن من الرّبيع
وَإِن فِي المَال لملحة من الرّبيع وتمليحا إِذا كَانَ فِيهِ شَيْء من
بَيَاض وشحم.
مَلأ ضرب أَصْحَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْأَعرَابِي حِين بَال
فِي الْمَسْجِد فَقَالَ: أَحْسنُوا ملأكم. أَي خَلقكُم. وَمِنْه حَدِيث
الْحسن رَحمَه الله: قَالَ عُبَيْدَة بن أبي رائطة: أتيناه فازدحمنا
على مدرجته مدرجة رثَّة فَقَالَ: أَحْسنُوا ملاءكم أَيهَا المرءون
وَمَا على الْبناء شفقاً وَلَكِن عَلَيْكُم فاربعوا.
(3/384)
المرءون: جمع مرء. وَعَن يُونُس: ذَهَبْنَا
إِلَى رؤبة فَلَمَّا رآنا قَالَ: أَيْن يُرِيد المرءون انتصب شفقاً
بِفعل مُضْمر كَأَنَّهُ أَرَادَ مَا على الْبناء أشْفق شفقاً. اربعوا:
أَبقوا. فِي قصَّة جوَيْرِية بنت الْحَارِث بن المصطلق: قَالَ:
وَكَانَت امْرَأَة ملاحة. أَي ذَات ملاحة وفعال مُبَالغَة فِي فعيل
نَحْو كريم وكرام وكبير وكبار وفعال مشددا أبلغ مِنْهُ.
ملس بعث رجلا إِلَى الْجِنّ فَقَالَ لَهُ: سر ثَلَاثًا ملساً حَتَّى
إِذا لم تَرَ شمسا فاعلف بَعِيرًا أَو أشْبع نفسا حَتَّى تَأتي فتيات
قعسا ورجالا طلسا وثساء خلسا. الملس: الخفة والإسراع يُقَال: ملس يملس
ملساً قَالَ: ... أَتَعْرِفُ الدَّار كَأَن لم تونس ... بملس فِيهَا
الرّيح كل مَملَس ... وانتصابه على أَنه صفة للثلاث ذَات ملس: يُرِيد
سر ثَلَاث لَيَال تسرع فيهنّ أَو صفة لمصدر سر كَمَا قَالَ سيبوية فِي
قَوْلهم: سَارُوا رويداً أَو على أَنه ضرب من السّير فنصب نَصبه أَو
على أَنه حَال من الْمَأْمُور أَو على إِضْمَار فعله كَقَوْلِهِم:
إِنَّمَا أَنْت سيرا. القعس: نتوّ الصَّدر خلقَة. الطُّلسة: كالغبرة.
خلسا: سمراً قد خالط بياضهن سَواد من قَوْلهم شعرٌ مخلسٌ وخليس.
والخلاسيّ: الْوَلَد بَين أبوين أسود وأبيض والديك بَين دجاجتين هندية
وفارسية وَفِي واحدته ثَلَاثَة أوجه: أَن يكون فعلاء تَقْديرا وَأَن
يكون خليساً أَو خلاسيَّة على تَقْدِير حذف الزائدتين كَأَنَّك جمعت
خلاسا وَالْقِيَاس خُلُس نَحْو نذر وكُنز فِي جمع نَذِير وكناز فَخفف.
ملل عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَيْسَ على عَرَبِيّ ملك ولسنا
بنازعين من يَد رجل شَيْئا
(3/385)
أسلم عَلَيْهِ ولكنَّا نقوِّمهم الملَّة
على آبَائِهِم خمْسا من الْإِبِل. الْملَّة: الدِّيَة. عَن ابْن
الْأَعرَابِي وَجَمعهَا ملل. قَالَ: وأنشدني أَبُو المكارم: ...
غَنَائِم الفِتْيَان أَيَّام الوَهَل ... ومِنَ عَطَايا الرؤساء
والملَل ... يُرِيد هَذِه الْإِبِل بَعْضهَا غَنَائِم وَبَعضهَا من
الصلات وَبَعضهَا من الدِّيات أَي جمعت من هَذِه الْوُجُوه لي. وَسميت
مِلَّة لِأَنَّهَا مَقْلُوبَة عَن الفود كَمَا سميت غيرَة لِأَنَّهَا
مُغيرَة عَنهُ من مللت الخبزة فِي النَّار وَهُوَ قلبكها حَتَّى تنضج
وَمِنْه التململ على الْفراش وَقد استعيرت هُنَا لما يجب أَدَاؤُهُ على
أبي المسبي من الْإِبِل. وَكَانَ من مَذْهَب عمر فِيمَن سُبي من
الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة فأدركه الْإِسْلَام وَهُوَ عِنْد من سباه
أَن يُرَدَّ حُراًّ إِلَى نسبه وَتَكون قِيمَته عَلَيْهِ يُؤَدِّيهَا
إِلَى السابي وَذَلِكَ خمسٌ من الْإِبِل. أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله
تَعَالَى عَنهُ لما افتتحنا خَيْبَر إِذا أنَاس من يهود مجتمعون على
خبْزَة لَهُم يملُّونها فطردناهم عَنْهَا فأخذناها فاقتسمناها
فَأَصَابَنِي كسرة وَقد كَانَ بَلغنِي أَنه من أكل الْخبز سمن فَلَمَّا
أكلتها جعلت أنظر فِي عطفي هَل سمنت. يُقَال: ملّ الخبزة فِي الملَّة
وَهِي الرماد والجمرة إِذا أنضجها وَكَذَلِكَ كل شَيْء تنضجه فِي
الْجَمْر. وَقَالَ فِي صفة الحرباء: ... كأنَّ ضَاحِيَه فِي النَّار
مَمْلُول ... وامتَلَّ الرجل امتلالا إِذا اختبز فِي الْملَّة.
ملق ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سَأَلته امْرَأَة:
أأنفق من مَا لي مَا شِئْت قَالَ: نعم أملقي مَالك مَا شِئْت. يُقَال:
أملق مَا مَعَه إملاقاً وملقه ملقاً إِذا لم يحْبسهُ وَأخرجه من يَده.
وَهُوَ من قَوْلهم: أملق من الْأَمر وأملس أَي أفلت أَي أفلت. وأملق
الخضاب: املاس وَذهب. وَخَاتم قلق وملق. قَالَ أَوْس:
(3/386)
وَلما رأيتُ العُدْمَ قَيَّدَ نَائِلِي ...
وأَمْلَقَ مَا عِنْدِي خُطُوبٌ تَنَبَّلُ ... وَقَوْلهمْ: أملق إِذا
افْتقر: جارٍ مجْرى الْكِنَايَة لِأَنَّهُ إِذا أخرج مَاله من يَده
ردفه الْفقر فَاسْتعْمل لفظ السَّبَب فِي مَوضِع الْمُسَبّب.
ملك أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ الْبَصْرَة إِحْدَى الْمُؤْتَفِكَات
فَانْزِل فِي ضواحيها. وَإِيَّاك والمملكة. ملك الطَّرِيق وَملكه
وملاكه ومملكته وَسطه.
ملط الْأَحْنَف رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: كَانَ أملط. يُقَال: رجل
أمرط لَا شعر على جسده وصدره إِلَّا قَلِيل فَإِن ذهب كُله إِلَّا
الرَّأْس واللحية فَهُوَ أملط وَقد ملط ملطاً وملطة. يُقَال: سهم أمرط
واملط ومارط ومالط إِذا ذهب ريشه.
ملح الْحسن رَحمَه الله: ذُكرت لَهُ النورة فَقَالَ: أتريدون أَن يكون
جلدي كَجلْد الشَّاة المملوحة. هِيَ الَّتِي حُلق صوفها. يُقَال: ملحت
الشَّاة إِذا سمطتها أَيْضا. وَمِنْه حَدِيث عبد الْملك قَالَ لعَمْرو
بن حُرَيْث: أَي الطَّعَام أَكلته أحبّ إِلَيْك قَالَ: عنَاق قد أُجيد
تمليحها وأُحكم نضجها. قَالَ: مَا صنعت شَيْئا أَيْن أَنْت عَن عمروس
راضع قد أجيد سمطه وَأحكم نضجه اختلجت إِلَيْك رجله فأتبعتها يَده
يجْرِي بشريجين من لبن وَسمن. وَهُوَ الملحة لِأَنَّهَا إِذا سمطت
وجرِّدت من الصُّوف ابْيَضَّتْ وَقيل: تمليحها اتسمينها من الْجَزُور
المملح وَهُوَ السمين. والعمروس: الْحمل.
(3/387)
الاختلاج: الاجتذاب. الشريجان: الخليطان
وَهَذَا شريج هَذَا وشرجه أَي مثله. الْمُخْتَار لما قتل عمر بن سعد
جعل رَأسه فِي ملاح. قَالَ النَّضر: الملاح المخلاة بلغَة هُذَيْل.
وَأنْشد: ... ربَّ عَاتٍ أتَوْا بِهِ فِي وثَاق ... خاضع أوْ بِرَأسِه
فِي مِلاَحِ ... وَقيل: هُوَ سِنَان الرمْح أَيْضا: أَي جعل رَأسه فِي
مخلاة وعلقها أَو نَصبه على رَأس رمح.
ملط فِي الحَدِيث: يقتضى فِي الْمَلْطِي بدمها. الْمَلْطِي والملطاة
وَفِي كتاب الْعين: الملطاء بِوَزْن الحرباء. وَعَن أبي عبيد:
الْمَلْطِي القشرة بَين لحم الرَّأْس وعظمه وَهِي السمحاق. كَأَن
الْعظم قد ملط بِهِ كَمَا تملط الْحَائِط بالطين. وَقيل لَهُ سمحاق
لرقته وَيُقَال للغيم الرَّقِيق سماحيق وسماحيق السلي. ثمَّ إِنَّهُم
قَالُوا للشجة الَّتِي تقطع اللَّحْم كُله وتبلغ هَذِه القشرة ملطي
وسمحاق تَسْمِيَة لَهَا باسم القشرة وَالْمِيم فِي الْمَلْطِي من أصل
الْكَلِمَة بِدَلِيل قَوْلهم: الملط وَالْألف إلحاقية كَالَّتِي فِي
معزى ودفلى والملطاة كالحفراة والعزهاة. وَالْمعْنَى أَن الْحُكُومَة
فِيهَا سَاعَة يشج لَا يستأني لَهَا وَلَا ينْتَظر مصير أمرهَا.
وَقَوله: بدمها فِي مَوضِع الْحَال وَلَا يتَعَلَّق بيقضى وَلَكِن
بعامل مُضْمر كَأَنَّهُ قيل: يقْضى فِيهَا ملتبسة بدمها وَذَلِكَ فِي
حَال الشج وسيلان الدَّم.
(3/388)
الْمِيم مَعَ النُّون
منح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من منح منحة ورق أَو منج لَبَنًا
كَانَ لَهُ كَعدْل رَقَبَة أَو نسمَة. منحة الْوَرق: الْقَرْض ومنحة
اللَّبن أَن يعير أَخَاهُ نَاقَته أَو شاته فيحتلبها مدّة ثمَّ يردّها.
وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْعَارِية مُؤَدَّاة والمنحة
مَرْدُودَة وَالدّين نقضي والزعيم غَارِم. وَمِنْه قَوْله صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم: أفضل الصَّدَقَة المنيحة تَغْدُو بعساء وَتَروح بعساء.
وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من منح منحة وكوفا فَلهُ
كَذَا وَكَذَا. وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من منحه
الْمُشْركُونَ أَرضًا فَلَا أَرض لَهُ. وَمِنْه قَوْله: هَل من رجل
يمنح من إبِله نَاقَة أهل بَيت لَا درَّ لَهُم تَغْدُو برفد تروح برفد
إِن أجرهَا لعَظيم. وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى
عَنْهُمَا: إِن رجلا قَالَ لَهُ: إِن فِي حجري يَتِيما وَإِن إبِلا فِي
إبلي فَأَنا أمنح من إبلي وأُفقر. فَمَا يحلُّ لي من إبِله فَقَالَ:
إِن كنت ترد نادتها تهنأ جَرْبَاهَا وَتَلوط حَوْضهَا فَاشْرَبْ غير
مُضر بِنَسْل وَلَا نَاهِك حَلبًا أَو فِي حلب. العساء: العساس: جمع
عسّ. الوكوف: الغزيرة. منحة الْمُشْركين: أَن يعير الذِّمِّيّ الْمُسلم
أَرضًا ليزدرعها فخراجها على الذِّمِّيّ لَا يسْقطهُ مِنْهُ منحته
الْمُسلم وَالْمُسلم لَا شَيْء عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ لَا أَرض لَهُ فِي
أَنه لَا خراج عَلَيْهِ. الرَّفد: الْقدح. الإفقار: الْإِعَارَة
للرُّكُوب. النادّة: النافرة.
(3/389)
تلوط: تطيِّن. النَّهك: اسْتِيعَاب مَا فِي
الضَّرع. الكمأة من المنِّ وماؤها شفاءٌ للعين. شبهها بالمنّ الَّذِي
كَانَ ينزل على بني إِسْرَائِيل وَهُوَ الترنجبين لِأَنَّهُ كَانَ
يأتيهما عفوا من غير تَعب وَهَذِه لَا تحتاح إِلَى زرع وَلَا سقِِي
وَلَا غَيره وماؤها نَافِع للعين مخلوطاً بِغَيْرِهِ من الْأَدْوِيَة
لَا مُفردا. إِذا تمنَّى أحدكُم فليكثر فَإِنَّمَا يسْأَل ربه. لَيْسَ
هَذَا بمناقض لقَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تَتَمَنَّوا مَا فَضَّلَ الله
بِهِ بَعْضَكمْ عَلَى بَعْض} فَإِن ذَلِك نهي عَن تمني الرجل مَال
أَخِيه بغياً وحسداً وَهَذَا تمن على الله خيرا فِي دينا ودنياه وَطلب
من خزانته فَهُوَ نَظِير قَوْله: {وَاسْأَلُوا الله مِنْ فَضْلِه} .
مَا من النَّاس أحد أَمن علينا فِي صحبته وَلَا ذَات يَده من ابْن أبي
قُحَافَة. أَي أَكثر منَّة أَي نعْمَة. وَأما قَوْله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: ثَلَاثَة يشنأهم الله: الْفَقِير المختال والبخيل المنان
وَالْبيع الْمُحْتَال. وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ثَلَاثَة لَا
يكلمهم الله يَوْم الْقِيَامَة المنان الَّذِي لَا يُعْطي شَيْئا
إِلَّا مِنْهُ والمنفق سلْعَته بِالْحلف الْفَاجِرَة والمسبل إزَاره
فَمن الِاعْتِدَاد بالصنيعة. عَن مُسلم الْخُزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ:
كنت عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومنشد ينشده: ... لَا
تأمنن وَإِن أمسبت فِي حَرَم ... حَتَّى تُلاَقيَ مَا يَمْنِي لَكَ
المَانِي ... فالخيرُ والشرُّ مَقْرُونَانِ فِي قَرَنٍ ... بكلِّ ذَلِك
يأتيكَ الجَدِيدَانِ ... فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:
لَو أدْرك هَذَا الْإِسْلَام فَبكى أبي فَقلت
(3/390)
منى أتبكى لِمُشْرِكٍ مَاتَ فِي
الْجَاهِلِيَّة قَالَ أبي: وَالله مَا رَأَيْت مُشركَة تلقفت من مُشْرك
خيرا من سُوَيْد بن عَامر. منى إِذا قدر وَمِنْه الْمنية
وَالتَّمَنِّي.
منح جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كنت منيح أَصْحَابِي يَوْم بدر.
هُوَ أحد السِّهَام الثَّلَاثَة الَّتِي لَا أنصباء لَهَا وَهِي
السَّفيح والمنيح والوغد وَمن قيل بعض أهل الْعَصْر.: ... لي فِي
الدُّنْيَا سِهَام ... لَيْسَ فِيهِنَّ رَبِيح ... وأساميهنّ وَغْد ...
وسَفِيح ومَنِيح ... أَرَادَ أَنه لم يُضرب لَهُ سهم لصغره.
منى عُرْوَة بن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا رَآهُ الْحجَّاج
قَاعِدا مَعَ عبد الْملك بن مَرْوَان فَقَالَ لَهُ: أتُقعد ابْن
العمشاء مَعَك على سريرك لَا أمّ لَهُ فَقَالَ عُرْوَة: أَنا لَا أم ل
ي وَأَنا ابْن عَجَائِز الْجنَّة وَلَكِن إِن شِئْت أَخْبَرتك من لَا
أم لَهُ يَابْنَ المتمنية فَقَالَ عبد الْملك: أَقْسَمت عَلَيْك أَن
تفعل فَكف عُرْوَة. المتمنية: عي الفريعة بنت همَّام أم الْحجَّاج
وَهِي القائلة: ... هَل مِنْ سبيلٍ إِلَى خَمْرٍ فأشربَها ... أم من
سبيلٍ إِلَى نَصْرِ بنِ حَجَّاجِ ... وقصَّتها مستقصاة فِي كتاب
المستقصي. مُجَاهِد رَحمَه الله تَعَالَى: إِن الْحرم حرمٌ مناه من
السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع وَأَنه رَابِع أَرْبَعَة عشر
بَيْتا فِي كل سَمَاء بَيت وَفِي كل أَرض بَيت لَو سَقَطت لسقط
بَعْضهَا على بعض. أَي قَصده وحذاؤه وَقد سبق. الْحسن رَحمَه الله
تَعَالَى لَيْسَ الْإِيمَان بالتمني وَلَا بالترجي وَلَا بالتجلي
وَلَكِن مَا وقر فِي الْقلب وصدَّقته الْأَعْمَال.
(3/391)
قَالُوا: هُوَ من تمني إِذا قَرَأَ وأنشدوا
لمن رثى عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: ... تَمَنَّى
كتابَ الله أَوَّلَ ليلةٍ ... وَآخِرهَا لَاقَى حمام المقَادِرِ ...
أَي لَيْسَ بالْقَوْل الَّذِي تظهره بلسانك فَقَط وَلَكِن يجب أَن
تتبعه معرفَة الْقلب.
الْمِيم مَعَ الْوَاو
موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعوف بن مَالك: أمسك ستًّا
تكون قبل السَّاعَة: أوَّلهن موت نَبِيكُم وموتان يَقع فِي النَّاس
كقعاص الْغنم وهدنة تكون بَيْنكُم وَبَين بني الْأَصْفَر فيغدرون بكم
فتسيرون إِلَيْهِم فِي ثَمَانِينَ غابة تَحت كل غابة اثْنَا عشر ألفا
وروى غَايَة. الموتان: بِوَزْن الْبطلَان: الْموَات الْوَاقِع. وَأما
الموتان بِوَزْن الْحَيَوَان فضدّه. يُقَال: اشْتَرِ من الموتان وَلَا
تشتر مِنْهُ الْحَيَوَان. وَمن قيل للموات من الأَرْض: الموتان. وَفِي
الحَدِيث: موتان الأَرْض لله وَرَسُوله فَمن أَحْيَا مِنْهَا شَيْئا
فَهُوَ لَهُ. القعاص: دَاء يقعص مِنْهُ الْغنم. الغابة: الأجمة شبَّه
بهَا كَثْرَة السِّلَاح. الغابة: الرَّايَة.
(3/392)
موه عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ إِذا
أجريت المَاء على المَاء جزى عَنْك. عين المَاء واوٌ ولامه هَاء
وَلذَلِك صُغِّر وكُسِّر بمويه وأمواه وَقد جَاءَ أمواء. قَالَ: ...
وبَلْدَةٍ قَالِصة أمواؤها ... أَي إِذا صببت على الْبَوْل فِي الأَرْض
فَجرى عَلَيْهِ طهر الْمَكَان. جزى: قضى.
موت اللَّبن لَا يَمُوت. يَعْنِي إِذا فَارق الثَّدي وشربه الصَّبِي.
موق لما قدم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشَّام عرضت لَهُ مخاضة فَنزل
عَن بعيره وَنزع موقيه وخاض المَاء. أَي خُفَّيه قَالَ النمر بن تولب:
... فَتَرى النِّعَاجَ العُفْر تمشي خَلفه ... مشي العباديين فِي
الأمواق ...
ميل مُصعب بن عُمَيْر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما أسلم قَالَت لَهُ
أمه: وَالله لَا ألبس خمارا وَلَا أستظل أبدا وَلَا آكل وَلَا أشْرب
حَتَّى تدع مَا أَنْت عَلَيْهِ وَكَانَت امْرَأَة مَيْلَة. فَقَالَ
أَخُوهُ أَبُو عُزَيْر بن عُمَيْر: يَا أمه دعيني وإياه فَإِنَّهُ
غُلَام عاف وَلَو أَصَابَهُ بعض الْجُوع لترك مَا هُوَ عَلَيْهِ فحبسه.
ميِّلة: ذَات مَال يُقَال: مَال يمال فَهُوَ مالٌ وميِّل على فعل
وفيعل. فسَّروا الْعَافِي بالوافر اللَّحْم من عَفا الشَّيْء إِذا كثر
وَالصَّحِيح أَن يكون من العفوة وَهِي الصفوة والعفاوة والعافي: صفوة
المرقة وَوجدنَا مَكَانا عفوا أَي سهلا وَالْمرَاد ذُو الصفوة والسهولة
من الْعَيْش يَعْنِي أَنه ألف التَّنْعِيم فَيعْمل فِيهِ الْجُوع
ويضجره.
(3/393)
موه أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى
عَنهُ ذكر هَاجر فَقَالَ: تِلْكَ أمكُم يَا بني مَاء السَّمَاء
وَكَانَت أمة لأمِّ إِسْحَاق سارّة. قيل: يُرِيد الْعَرَب لأَنهم
ينزلون الْبَوَادِي فيعيشون بِمَاء السَّمَاء فكأنهم اولاده.
مور ابْن الْمسيب رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ أَبُو حَازِم: إِن نَاسا
انْطَلقُوا إِلَيْهِ يسألونه عَن بعير لَهُم فجئه الْمَوْت فَلم يَجدوا
مَا يذكونه بِهِ إِلَّا عَصا فشقوها فنحروه بهَا فَسَأَلُوهُ وَأَنا
مَعَهم فَقَالَ: وَإِن كَانَت مارت فِيهِ موراً فكلوه وَإِن كُنْتُم
إِنَّمَا ثرَّدتموه فَلَا تأكلوه. أَي قطعته ومرَّت فِي لَحْمه يُقَال:
مار السنان فِي المطعون. قَالَ: ... وَأَنْتُم أناسٌ تَقْمِصُون من
القَنَا ... إِذا مَارَ فِي أكتافكم وتأَطَّرَا ... وَتقول: فلَان لَا
يدْرِي مَا سائرٌ من مائر فالمائر: السَّيْف الْقَاطِع الَّذِي يمور
فِي الضريبة موراً والسَّائر: بَيت الشّعْر المرويّ الْمَشْهُور:
التثريد: ألاَّ يكون مَا يُذكى بِهِ حادًّا فيتكسر المذبح ويتشظَّى من
غير قطع.
الْمِيم مَعَ الْهَاء
مهن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطب يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ:
مَا على أحدكُم لَو اشْترى ثَوْبَيْنِ ليَوْم جمعته سوى ثوبي مهنته.
أَي بذلته وَقد روى الْكسر وَهُوَ عِنْد الْأَثْبَات خطأ قَالَ
الْأَصْمَعِي: المهنة بِفَتْح الْمِيم: الْخدمَة وَلَا يُقَال مهنة
بِكَسْر الْمِيم وَكَانَ الْقيَاس لَو قيل مثل جلْسَة وخدمة إِلَّا
أَنه جَاءَ على فعلة وَاحِدَة. ومهنهم يَمْهَنُهُم ويُمهنهم: خدمهم.
(3/394)
وَفِي حَدِيث سلمَان: أكره أَن أجمع على
ماهني مهنتين. أَرَادَ مثل الطَّبْخ وَالْخبْز فِي وَقت وَاحِد.
مهل أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أوصى فِي مَرضه فَقَالَ:
ادفنوني فِي ثوبيَّ هذَيْن فَإِنَّمَا هما للمهل وَالتُّرَاب وروى:
للمهلة وروى: للمهلة بِالْكَسْرِ. ثلاثتها الصديد والقيح الَّذِي يذوب
فيسيل من الْجَسَد وَمِنْه قيل للنُّحاس الذائب: المُهل. وَعَن ابْن
مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: إِنَّه سُئِلَ عَن الْمهل فأذاب فضَّةً
فَجعلت تميع وتلوَّن فَقَالَ: هَذَا من أشبه مَا أَنْتُم راءون بالمهل.
التميع: تفعل من ماع الشَّيْء إِذا ذاب وسال. عَليّ رَضِي الله عَنهُ:
إِذا سِرْتُمْ إِلَى الْعَدو فمهلا مهلا فَإِذا وَقعت الْعين على
الْعين فمهلاً مهلا. السَّاكِن: الرِّفق والمتحرك: التَّقَدُّم.
وَمِنْه تمَّهل: فِي كَذَا إِذا تقدم فِيهِ.
مهى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ لعتبة بن سُفْيَان وَقد أثنى
عَلَيْهِ فَأحْسن: أمهيت با أَبَا الْوَلِيد. أمهيت أَي بالغت فِي
الثَّنَاء من أمهى الْحَافِر إِذا بلغ المَاء وَمِنْه أمهى الْفرس فِي
جريه إِذا بلغ الشأو هُوَ قلب أُمَّاهُ ووزنه أفلع.
مهه ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ يُونُس بن جُبَير:
سَأَلته عَن رجل طلَّق امْرَأَته وَهِي حَائِض. قَالَ: يُراجعها ثمَّ
يطلِّقها فِي قُبُل عدَّتها. قلت: فَتعْتَد بهَا قَالَ: فَمه أَرَأَيْت
إِن عجز واستحمق. أَرَادَ فَمَا فَألْحق هَاء السكت وَهِي مَا
الاستفهامية. استحمق: صَار أَحمَق وفَعَل فِعْل الحمقى كاستنوك واستنوق
الْجمل وَالْمعْنَى:
(3/395)
إِن تطليقه إِيَّاهَا فِي حَال الْحيض عجزٌ
وحمقٌ فَهَل يقوم ذَلِك عذرا لَهُ حَتَّى لَا يعْتد بتطليقته.
مهى ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله قَالَ: إِن رجلا سَأَلَ ربَّه أَن
يرِيه موقع الشَّيْطَان من قلب ابْن آدم فَرَأى فِيمَا يرى النَّائِم
جَسَد رجل ممهى يرى دَاخله من خَارجه وَرَأى الشَّيْطَان فِي صُورَة
ضفدع لَهُ خرطوم كخرطوم الْبَعُوضَة قد أدخلهُ من مَنْكِبه الْأَيْسَر
إِلَى قلبه يوسوس إِلَيْهِ فَإِذا ذكر الله خنسه. أَي صُفِّي فَأشبه
المها وَهُوَ البلور. أَو هُوَ مقلوب من مموه وهومفعل من أصل المَاء
أَي مجعول مَاء. خنسه. أَخّرهُ.
الْمِيم مَعَ الْيَاء
ميل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تهْلك أُمتي حَتَّى يكون
التمايل والتَّمايز والمعامع. أَي ميل بَعضهم على بعض وتظالمهم وتميُّز
بَعضهم عَن بعض وتحزبهم أحزاباً لوُقُوع العصبية. والمعامع: الحروب
والفتن من معمعة النَّار.
ميط عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانُوا أَبُو عُثْمَان النهديُّ
يكثر أَن يَقُول: لَو كَانَ عمر ميزاناً مَا كَانَ فِيهِ ميط شعرةٍ.
مَال وماد وماط أَخَوَات. قَالَ الْكسَائي: مَاطَ عليَّ فِي حكمه يميط
وَفِي حكمه
(3/396)
عليَّ ميط أَي جور. وَقَالَ أَبُو زيد مثل
ذَلِك وَأنْشد لحميد الأرقط: ... حَتَّى شفى السّيفُ قُسُوط القَاسِطِ
... وضِغْن ذِي الضِّغْنِ ومَيْطَ المائط ... وَقَالَ أَيمن بن خريم:
... إنَّ للفتنة ميطا بَيْننَا ... فرويد الميط مِنْهَا يعتدل ...
ميث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أمرالناس بِشَيْء وَهُوَ على
الْمِنْبَر فَقَامَ رجال فَقَالُوا: لَا تَفْعَلهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ
مث قُلُوبهم كَمَا يماث الْملح فِي المَاء اللهمَّ سلِّط عَلَيْهِم
غُلَام ثَقِيف اعلموا أَن من فَازَ بكم فقد فَازَ بالقدح الأخيب. ماثه
يميثه ويموثه: أذابه. وَقيل لأعرابي من بني عذرة: مَا بَال قُلُوبكُمْ
كَأَنَّهَا قُلُوب طير تنماث كَمَا ينماث الْملح فِي المَاء أما
تجلدون. فَقَالَ: إِنَّا نَنْظُر إِلَى محاجر أعين لَا تنْظرُون
إِلَيْهَا. الْقدح الأخيب: الَّذِي لَا نصيب لَهُ.
ميل الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ لأنس: عُجِّلت
الدُّنْيَا وغُيِّبت الْآخِرَة أما وَالله لَو عاينوها مَا عدلوا وَلَا
ميلوا. يُقَال: إِنِّي لأميل بَين أَمريْن وأمايل بَينهمَا أَيهمَا آتى
وَأيهمَا أُفضل. قَالَ عمرَان بن حطَّان: ... لما رَأَوْا مخرجا من كفر
قَومهمْ ... مضوا فَمَا مَيَّلوا فِيهِ وَلَا عَدَلوا ... ابْن عَبَّاس
رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَت لَهُ امْرَأَة إِنِّي أمتشط
الميلاء. فَقَالَ عِكْرِمَة: رَأسك تبع لقلبك فَإِن استقام قَلْبك
استقام رَأسك وَإِن مَال قَلْبك مَال رَأسك. هِيَ مشطة مَعْرُوفَة
عِنْدهم.
ميع ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا سُئِلَ عَن فَأْرَة وَقعت
فِي السّمن. فَقَالَ: إِن كَانَ مَائِعا فألقه كُله وَإِن كَانَ جامسا
فألق الْفَأْرَة وَمَا حولهَا وكُلْ مَا بَقِي. كل ذائب جَار فَهُوَ
مَائِع وَمِنْه ماع الْفرس إِذا جرى وميعته: نشاطه وحركته وميعة
الشَّبَاب: شرته وَقلة وقاره.
(3/397)
الجامس: الجامد.
ميسوسن كَانَ فِي بَيته الميسوسن فَقَالَ: أَخْرجُوهُ فَإِنَّهُ رِجْس.
هُوَ شراب تَجْعَلهُ النِّسَاء فِي شعورهن كلمة معربة.
مير ابْن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله: دَعَا بِإِبِل فأمارها. أَي
حملهَا ميرة
ميز النَّخعِيّ رَحمَه الله استماز رجل من رجل بِهِ بلَاء فابتُلي
بِهِ. أَي تحاشى وتباعد. قَالَ النَّابِغَة: ... وَلَكِنَّنِي كنتُ
امْرَأً ليَ جانِبٌ ... من الأَرْض فِيهِ مستماز وَمذهب ...
(3/398)
|