النهاية في غريب الحديث والأثر

حرف الدال

بَابُ الدَّالِ مَعَ الْهَمْزَةِ

(دَأَبَ)
فِيهِ «عَلَيْكُمْ بقِيام اللَّيْلِ فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكم» الدَّأْبُ: العادةُ والشَّأنُ، وَقَدْ يُحرَّك، وَأَصْلُهُ مِنْ دَأَبَ فِي العملِ إِذَا جَدَّ وتَعِب، إلَّا أَنَّ الْعَرَبَ حَوَّلَت مَعْنَاهُ إِلَى العادةِ والشأنِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَكَانَ دَأْبِي ودَأْبُهُمْ» وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ البَعير الَّذِي سَجَدَ لَهُ «فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: إِنَّهُ يَشْكُو إلَيَّ أَنَّكَ تُجيعُهُ وتُدْئِبُهُ» أَيْ تَكُدُّه وتُتْعِبُه. دَأَبَ يَدْأَبُ دَأْباً ودُءُوباً وأَدْأَبْتُهُ أَنَا.

(دَأْدَأَ)
فِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ صَوم الدَّأْدَاء» قِيلَ هُوَ آخِرُ الشَّهْرِ. وَقِيلَ يومُ الشَّك.
والدَّآدِي: ثلاثُ ليالٍ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ قَبْلَ لَيَالِي الْمَحَاقِ. وَقِيلَ هِيَ هِيَ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَيْسَ عُفْرُ اللَّيَالِي كالدَّآدِئِ» الْعُفْرُ: الْبِيضُ الْمُقْمِرَةُ، والدَّآدِئُ: المُظْلمَةُ لاخْتِفاء الْقَمَرِ فِيهَا.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «وَبْرٌ تَدَأْدَأَ مِنْ قُدوم ضَأْنٍ» أَيْ أقْبَل عَلَيْنَا مُسْرِعا، وَهُوَ مِنَ الدِّئْدَاء: أشدِّ عَدْو البَعير. وَقَدْ دَأْدَأَ وتَدَأْدَأَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تدَهْدَه فقُلبت الْهَاءُ همْزة: أَيْ تَدَحْرَجَ وسَقط عَلَيْنَا.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أحُد «فَتَدَأْدَأَ عَنْ فَرَسِهِ» .

(دَأَلَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ خُزيمة «إِنَّ الْجَنَّةَ مَحْظورٌ عَلَيْهَا بِالدَّآلِيلِ» أَيْ بالدَّوَاهِي والشَّدَائِدِ، واحدُها دُؤْلُولٌ. وَهَذَا كَقَوْلِهِ «حُفَّتِ الجَنَّة بِالْمَكَارِهِ» .

(2/95)


بَابُ الدَّالِ مَعَ الْبَاءِ

(دَبَبَ)
فِي حَدِيثِ أشْراط السَّاعَة ذكْر «دَابَّة الْأَرْضِ» قِيلَ إنَّها دَابَّةٌ طُولُها ستُّونَ ذِرَاعاً، ذاتُ قَوائمَ ووَبَر. وَقِيلَ هِيَ مختلِفة الخِلقةِ تُشبِهُ عِدَّةً مِنَ الْحَيَوَانَاتِ، يَنْصّدعُ جبلُ الصَّفَا فتَخْرُجُ مِنْهُ ليْلة جَمْع والنَّاس سائرُون إِلَى مِنًى. وَقِيلَ مِن أَرْضِ الطَّائِفِ وَمَعَهَا عَصا مُوسى وخاتَم سُلَيْمَانَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، لَا يُدْرِكُها طالبٌ، وَلَا يُعْجزُها هَاربٌ، تضْرِبُ المؤمنَ بِالْعَصَا وتكْتُب فِي وَجْهِهِ مُؤمنٌ، وتطبعُ الكافرَ بِالْخَاتَمِ وَتَكْتُبُ فِي وَجْهِهِ كافرٌ.
[هـ] وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهى عَنِ الدُّبَّاء والحَنْتَم» الدُّبَّاءُ: القَرْعُ، واحدها دُبَّاءَةٌ، كانوا ينْتبذُون فِيهَا فتُسرع الشّدّةُ فِي الشَّرَابِ. وتحريمُ الانْتباذ فِي هَذِهِ الظُّرُوف كَانَ فِي صدْر الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخ، وَهُوَ المذهبُ. وَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ إِلَى بَقاء التَّحرِيم. ووَزْن الدُّبَّاء فُعَّالٌ، ولامُه هَمْزَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُعرف انقلابُ لَامِهِ عَنْ وَاوٍ أَوْ يَاءٍ، قَالَهُ الزَّمخشري، وَأَخْرَجَهُ الْهَرَوِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى أَنَّ الْهَمْزَةَ زَائدةٌ، وَأَخْرَجَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي الْمُعْتَلِّ عَلَى أَنَّ هَمْزَتَهُ منقلبةٌ، وَكَأَنَّهُ أشْبه.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِنسِائه. لَيْتَ شِعْرِي أيَّتُكُنَّ صاحبةُ الجَمل الْأَدْبَبِ. تنَبَحُها كِلابُ الحَوْأبِ» أَرَادَ الْأَدَبَّ فأظهرَ الإدغامَ لِأَجْلِ الحَوْأب. والْأَدَبُّ: الكثيرُ وبَرِ الْوَجْهِ.
(هـ) وَفِيهِ «وَحَمَلَهَا عَلَى حمارٍ مِنْ هَذِهِ الدَّبَّابَة» أَيِ الضِّعَافِ الَّتِي تَدِبُّ فِي المشْيِ وَلَا تُسْرِع.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «عِنْدَهُ غُلَيِّمٌ يُدَبِّبُ» أَيْ يَدْرُجُ فِي المشْي رُوَيداً.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «كيفَ تصْنعُون بالحُصُون؟ قَالَ: نَتَّخِذُ دَبَّابَاتٍ يدخُل فِيهَا الرِّجَالُ» الدَّبَّابَةُ: آلةٌ تُتَّخذُ مِنْ جُلودٍ وخشَب يدخُل فِيهَا الرجالُ ويُقرّبونها مِنَ الحِصْنِ المُحاصَر ليَنْقُبُوه، وتَقيهم مَا يُرْمَوْنَ بِهِ مِنْ فَوْقِهِمْ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «اتَّبِعُوا دُبَّةَ قُريش وَلَا تُفارقوا الْجَمَاعَةَ» . الدُّبَّةُ بِالضَّمِّ:
الطريقةُ والمذهبُ.
(هـ) وَفِيهِ لَا يدخلُ الْجَنَّةَ دَيْبُوبٌ وَلَا قَلاَّع» هُوَ الَّذِي يَدِبُّ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ،

(2/96)


وَيَسْعَى لِلْجَمْعِ بيْنهم. وَقِيلَ هُوَ النَّمَّام؛ لِقَوْلِهِمْ فِيهِ إِنَّهُ لَتَدِبُّ عَقَارِبُه، وَالْيَاءُ فِيهِ زَائدة.

(دَبَجَ)
فِيهِ ذِكرُ «الدِّيبَاجِ» فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَهُوَ الثِّيابُ المُتَّخذة مِنَ الإبْرِيسَم، فَارِسِيٍّ مُعرَّبٌ، وَقَدْ تُفْتَحُ دالُه، ويُجْمَع عَلَى دَيَابِيجَ ودَبَابِيجَ بِالْيَاءِ وَالْبَاءِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ دبَّاجٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّخَعِيِّ «كَانَ لَهُ طيْلَسَان مُدَبَّجٌ» هُوَ الَّذِي زُيّنَت أَطْرَافُهُ بِالدِّيبَاج.

(دَبَحَ)
(هـ) فِيهِ «إِنَّهُ نَهَى أَنْ يُدَبِّحَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ» هُوَ الَّذِي يُطَأْطِئُ رأسَه فِي الرُّكُوعِ حَتَّى يكُون أخْفَضَ مِنْ ظَهْرِه. وَقِيلَ دَبَّحَ تَدْبِيحاً إِذَا طَأطأَ رأسَه، ودَبَّحَ ظَهْرَه إِذَا ثَنَاه فارتفَع وسَطُه كَأَنَّهُ سَنَامٌ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: رَوَاهُ الليثُ بالذالِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ تصحيفٌ وَالصَّحِيحُ بِالْمُهْمَلَةِ.

(دَبَرَ)
(س) فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «كَانُوا يَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: إِذَا بَرأ الدَّبَرُ وعَفَا الأثَرُ» الدَّبَرُ بِالتَّحْرِيكِ: الجُرْح الَّذِي يَكُونُ فِي ظَهْرِ الْبَعِيرِ. يُقَالُ دَبِرَ يَدْبَرُ دَبَراً. وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَقْرَحَ خُفّ الْبَعِيرِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَةٍ: أَدْبَرْتِ وأنْقَبْتِ» أَيْ دَبِرَ بَعيرك وحَفِيَ.
يُقَالُ: أَدْبَرَ الرَّجُل إِذَا دَبِرَ ظهرُ بَعِيرِهِ، وأنْقَب إِذَا حَفِيَ خُفُّ بَعِيرِهِ.
(هـ س) وَفِيهِ «لَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَدَابَرُوا» أَيْ لَا يُعْطي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ أخَاه دُبُرَهُ وقفَاه فيُعْرض عَنْهُ ويهْجُره.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ثلاثةٌ لَا يَقْبِل اللَّهُ لَهُمْ صَلَاةً: رَجُلٌ أَتَى الصَّلَاةَ دِبَاراً» أَيْ بَعْدَ مَا يفوتُ وقتُها. وَقِيلَ دِبَارٌ جَمْعُ دُبُر، وَهُوَ آخرُ أوقاتِ الشَّيء، كَالْأَدْبَارِ في قوله تعالى «وَأَدْبارَ السُّجُودِ»
وَيُقَالُ فلانٌ مَا يَدْرِي قِبَالَ الأمرِ مِنْ دِبَارِهِ: أَيْ مَا أوّلُه مِنْ آخِره. وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَأْتِي الصلاةَ حِينَ أَدْبَرَ وقتُها.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا يَأْتِي الْجُمُعَةَ إِلَّا دَبْراً» يُرْوَى بِالْفَتْحِ والضَّم، وَهُوَ منصوبٌ عَلَى الظَّرف.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «وَمِنَ النَّاسِ مَن لَا يَأْتِي الصَّلَاةَ إِلَّا دُبْراً» .

(2/97)


وَحَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «هُمُ الَّذِينَ لَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا دُبُراً» .
(هـ) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «لَا يَأْتِي الصَّلَاةَ إِلَّا دَبْرِيّاً» يُرْوَى بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِهَا، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى الدَّبْرِ: آخِرِ الشَّيْءِ، وَفَتْحُ الْبَاءِ مِنْ تَغْييرات النَّسَب، وانتِصابُه عَلَى الحَال مِنْ فَاعل يَأْتِي.
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «وابْعَث عَلَيْهِمْ بَأْسًا تًقْطع بِهِ دَابِرَهُمْ» أَيْ جَميعَهم حَتَّى لَا يَبقَى مِنْهُمْ أحدٌ. ودَابِرُ الْقَوْمِ: آخِرُ مَنْ يَبْقَى مِنْهُمْ ويجيءُ فِي آخِرِهِمْ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أيُّما مُسْلمٍ خَلَفَ غَازِيًا فِي دَابِرَتِهِ» أَيْ مَنْ بقيَ بَعْده.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «كُنْتُ أرجُو أَنْ يَعيشَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَدْبُرَنَا» أَيْ يَخْلُفَنا بَعْدَ مَوْتِنَا. يُقَالُ دَبَرْتُ الرَّجُلَ إِذَا بَقِيتَ بعْده.
وَفِيهِ «إِنَّ فُلاناً أعْتَقَ غُلاما لَهُ عَنْ دُبُرٍ» أَيْ بَعْد مَوْتِهِ. يُقَالُ دَبَّرْتُ الْعَبْدَ إذَا علَّقْتَ عِتْقَه بموتِك، وَهُوَ التَّدْبِيرُ: أَيْ أنه يَعْتِقُ بعد ما يُدَبِّرُهُ سيِّده ويَمُوت. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «إِذَا زَوَّقْتُمْ مَساجدَكُم وحَلَّيتُم مَصاحفَكم فَالدَّبَارُ عَلَيْكُمْ» هُوَ بِالْفَتْحِ: الهَلاكُ.
(س) وَفِي الْحَدِيثِ «نُصِرتُ بالصَّبا، وأهلِكَتْ عادٌ بِالدَّبُورِ» هُوَ بِالْفَتْحِ: الرّيحُ الَّتِي تُقابِل الصَّبا والقَبُول. قِيلَ سُمِّيت بِهِ لِأَنَّهَا تَأْتِي مِنْ دُبُرِ الْكَعْبَةِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَدْ كَثُر اخْتِلَافُ العُلَماء فِي جِهَاتِ الرِّياح وَمَهابِّها اخْتِلَافًا كَثِيرًا فلم نُطِل بذكر أقوالهم.
(هـ س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لَهُ أَبُو جَهْل يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ صريعٌ:
«لِمَنِ الدَّبَرَة» أَيِ الدَّولةُ والظَّفَرُ والنُّصْرَةُ، وتُفتح الباءُ وتُسكَّنُ. وَيُقَالُ عَلَى مَن الدَّبَرَة أَيْضًا:
أَيِ الهَزيمةُ.
(هـ) وَفِيهِ «نَهى أَنْ يُضَحَّى بِمُقَابَلةٍ أَوْ مُدَابَرَةٍ» الْمُدَابَرَةُ: أَنْ يُقطعَ مِنْ مُؤخَّر أُذُن الشَّاة شَيْءٌ ثُمَّ يُتْرَكُ مُعَلَّقاً كَأَنَّهُ زَنَمةٌ.
(هـ) وَفِيهِ «أَمَا سَمعْته مِنْ مُعاذ يُدَبِّرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أَيْ يُحَدِّثُ بِهِ عَنْهُ.
قَالَ ثَعْلَبٌ: إِنَّمَا هُوَ يُذَبِّرُه، بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ: أَيْ يُتْقِنُه. قَالَ الزَّجّاج: الذَّبْرُ: القراءةُ.

(2/98)


(هـ) وَفِيهِ «أَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ» هُوَ بِسُكُونِ الْبَاءِ: النَّحْلُ «1» .
وَقِيلَ الزَّنابير. والظُّلّة: السَّحَابُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ سُكَينة «جَاءَتْ إِلَى أمِّها وَهِيَ صَغِيرَةٌ تَبْكي، فَقَالَتْ: مَا بِكِ؟ قَالَتْ: مرَّت بِي دُبَيْرَةٌ فَلَسَعَتْني بِأُبَيْرةٍ» هِيَ تَصْغِيرُ الدَّبْرَةِ: النَّحلة.
(هـ س) وَفِي حَدِيثِ النَّجاشي «مَا أحِبُّ أَنْ يَكُونَ دَبْرَى لِي ذَهَبًا وأنِّي آذَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ» هُوَ بِالْقَصْرِ: اسْمُ جبلٍ. وَفِي رِوَايَةٍ «مَا أحِبُّ أَنَّ لِي دَبْراً مِنْ ذَهَبٍ» الدَّبْرُ بِلِسَانِهِمْ: الجبلُ، هَكَذَا فُسِّر، وَهُوَ فِي الْأُولَى مَعْرِفَةٌ، وَفِي الثَّانِيَةِ نَكِرةٌ.
وَفِي حَدِيثِ قَيْس بْنِ عَاصِمٍ «إِنِّي لأُفْقِرُ البَكْرَ الضَّرْعَ والنابَ الْمُدْبِرَ» أَيِ الَّتِي أَدْبَرَ خَيرُها.

(دَبَسَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ يُصَلي فِي حائطٍ لَهُ فَطَارَ دُبْسِيٌّ فَأَعْجَبَهُ» الدُّبْسِيُّ:
طَائِرٌ صَغِيرٌ. قِيلَ هُوَ ذَكَرُ اليَمامِ، وَقِيلَ إِنَّهُ منسوبٌ إِلَى طَيْرٍ دُبْسٍ، والدُّبْسَةُ: لَوْنٌ بَيْنَ السَّوَادِ وَالْحُمْرَةِ. وَقِيلَ إِلَى دِبْسِ الرُّطَبِ، وَضُمَّتْ دَالُهُ فِي النَّسَبِ كدُهْرِيٍّ وسُهْلِيٍّ. قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.

(دَبَلَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ خَيْبَرَ «دَلَّه اللَّهُ عَلَى دُبُولٍ كَانُوا يَتَرَوَّوْن مِنْهَا» أَيْ جَداول ماءٍ، واحدُها دَبْلٌ، سُمِّيت بِهِ لِأَنَّهَا تُدْبَلُ: أَيْ تُصْلَحُ وتُعمَّر.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ مَرَّ فِي الجاهليَّةِ عَلَى زِنْباعِ بْنِ رَوْحٍ، وَكَانَ يَعْشُر مَن مَرَّ بِهِ، وَمَعَهُ ذَهَبةٌ، فجعَلها فِي دَبِيلٍ وألقَمَها شارِفاً لَهُ» الدَّبِيلُ: مِن دَبَلَ اللُّقْمةَ ودَبَّلَهَا إِذَا جَمَعَهَا وعظَّمها، يُرِيدُ أَنَّهُ جَعَلَ الذَّهَبَ فِي عَجِينٍ وألقّمَه النَّاقَةَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَامِرِ بْنِ الطُّفَيل «فأخّذَتْهُ الدُّبَيْلَة» هِيَ خُرَاجٌ ودُمَّلٌ كَبِيرٌ تَظْهَرُ فِي الجَوفِ فتَقْتل صاحبَها غَالِبًا، وَهِيَ تَصْغِيرُ دُبْلَة. وَكُلُّ شَيْءٍ جُمِعَ فَقَدَ دُبِلَ.

(دَبَنَ)
(س) فِي حَدِيثِ جُندب بْنِ عامرٍ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي الدِّبْنِ» الدِّبْنُ: حَظِيرةُ الغنمِ إِذَا كَانَتْ مِنَ القَصَبِ، وَهِيَ مِنَ الخَشَب زَرِيبةٌ، ومن الحِجارة صِيرة.
__________
(1) في الدر النثير: قلت «عليك بغسل الدبر» اختلف فيه فقيل بعين مهملة، والدبر: النحل، وقيل بمعجمة يعني الاستنجاء، وهو الأرجح.

(2/99)


(دَبَةٌ)
فِيهِ ذِكْرُ «دَبَةٍ» هِيَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْبَاءِ الْمُخَفَّفَةِ: بلدٌ بَيْنَ بَدْرٍ والأصافِر، مَرَّ بِهَا النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسيره إِلَى بَدْرٍ.
(دَبًا) فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كيفَ الناسُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: دَبًا يَأْكُلُ شِدادُه ضِعافَه حَتَّى تقومَ عَلَيْهِمُ السَّاعَةُ» الدَّبَا مقصورٌ: الجَرادُ قَبْلَ أَنْ يَطِيرَ. وَقِيلَ هُوَ نَوعٌ يُشْبِه الجَراد، واحدتُه دَبَاةٌ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «قَالَ لَهُ رجلٌ: أصبتُ دَبَاةً وَأَنَا مُحْرِم، قَالَ:
اذْبَحْ شُوَيهَةً» .

بَابُ الدَّالِ مَعَ الثَّاءِ

(دَثَثَ)
(س) فِيهِ «دُثَّ فُلانٌ» أَيْ أَصَابَهُ التواءٌ فِي جَنْبِه. والدَّثُّ: الرَّميُ والدَّفعُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي رِئَالٍ «كنتُ فِي السُّوسِ، فَجَاءَنِي رجُلٌ بِهِ شِبْهُ الدَّثانِية» أَيِ الْتِواءٌ فِي لِسانِه، كَذَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ.

(دَثَرَ)
[هـ] فِيهِ «ذَهبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ» الدُّثُورُ: جَمْعُ دَثْرٍ، وَهُوَ المالُ الكثيرُ، ويقعُ عَلَى الواحدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ طَهْفة «وَابْعَثْ راعْيَها فِي الدَّثْرِ» وَقِيلَ أَرَادَ بِالدَّثْرِ هَاهُنَا الخِصْبَ والنَّباتَ الْكَثِيرَ.
وَفِي حَدِيثِ الْأَنْصَارِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ «انتُمُ الشِّعارُ وَالنَّاسُ الدِّثَار» هُوَ الثَّوبُ الَّذِي يَكُونُ فوقَ الشِّعَارِ، يَعْنِي أَنْتُمُ الخاصَّةُ والناسُ العامَّةُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ إِذَا نَزَل عَلَيْهِ الوحيُ يَقُولُ دَثِّرُونِي دَثِّرُونِي» أَيْ غَطُّوني بِما أدْفَأُ بِهِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذكرُه فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ «إنَّ القلبَ يَدْثُرُ كَمَا يَدْثُرُ السَّيف، فَجِلاؤُه ذكرُ اللهِ» أَيْ يَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ السَّيْفُ. وَأَصْلُ الدُّثُورِ: الدُّرُوسُ، وَهُوَ أَنْ تَهُبَّ الرِّياحُ عَلَى الْمَنْزِلِ فَتُغَشِّيَ رُسُومَهُ بِالرَّمْلِ وَتُغَطِّيَهَا بالتراب.

(2/100)


وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «دَثَرَ مكانُ الْبَيْتِ فَلَمْ يَحُجَّه هودٌ عَلَيْهِ السلامْ» .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الحَسن «حادِثُوا هَذِهِ القلوبَ بذكْرِ اللهِ فَإِنَّهَا سريعةُ الدُّثُورِ» يَعْنِي دُروسَ ذِكْرِ اللَّهِ واِّمحاءهُ مِنْهَا. يَقُولُ: اجْلُوها واغْسلوا الرَّيْنَ والطَّبَعَ الَّذِي عَلاها بِذِكْرِ اللَّهِ.
ودُثُورُ النُّفوس»
: سُرعةُ نِسْيانِها.

(دَثَنَ)
فِيهِ ذِكْرُ غَزْوة «دَاثِنٍ» وَهِيَ ناحيةٌ مِنْ غَزَّة الشَّامِ أوقَع بِهَا الْمُسْلِمُونَ بالرُّوم، وَهِيَ أوَّل حَرْب جَرَتْ بَيْنَهُمْ.
وَفِيهِ ذِكْرُ «الدَّثِينَةِ» وَهِيَ بِكَسْرِ الثاءِ وسكونِ الياءِ: ناحيةٌ قُربَ عَدَن لَهَا ذِكْرٌ فِي حَدِيثِ أَبِي سَبْرَةَ النَّخَعِيِّ.

بَابُ الدَّالِ مَعَ الْجِيمِ

(دَجَجَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا فِي الحَجِّ لَهُمْ هَيأةٌ أنْكَرها، فَقَالَ:
هَؤُلَاءِ الدَّاجُّ وليْسوا بالحاجِّ» الداجُّ: أتْباع الحاجِّ كالخَدَم والأُجَراء والجمَّالِين؛ لِأَنَّهُمْ يَدِجُّونَ عَلَى الْأَرْضِ: أَيْ يَدِبُّون ويَسعَون فِي السَّير. وهذانِ اللفظانِ وَإِنْ كَانَا مُفْرَدَين فَالْمُرَادُ بِهِمَا الجمعُ، كَقَوْلِهِ تعالى «مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ» .
وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ: أينَ نَزَلَت؟ قَالَ: بالشِّقِّ الأيسرِ مِنْ مِنًى، قَالَ: ذاكَ مَنْزِلُ الدَّاجِّ فَلَا تَنْزِلْه» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا تَرَكتُ مِنْ حاجَّة وَلَا دَاجَّةٍ إِلَّا أتيتُ» هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِالتَّشْدِيدِ. قَالَ الخَطَّابي: الحاجَّة: الْقَاصِدُونَ البيتَ، والدَّاجَّةُ: الرَّاجِعُونَ، والمشهُور بِالتَّخْفِيفِ.
وَأَرَادَ بالحاجةِ الحاجةَ الصغيرةَ، وبِالدَّاجَة الحاجةَ الكبيرةَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَرْفِ الْحَاءِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ وهْب «خَرَجَ جالوتُ مُدَجَّجاً فِي السِّلاح» يُرْوَى بِكَسْرِ الْجِيمِ وفتْحِها:
أَيْ عَلَيْهِ سِلاحٌ تامٌّ، سُمِّي بِهِ لِأَنَّهُ يَدِجُّ: أَيْ يَمشي رُوَيْدًا لِثِقَله. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يتغطَّى بِهِ، مِنْ دَجَّجَتِ السَّمَاءُ إِذَا تَغَيَّمَتْ. وَقَدْ تكرر فى الحديث.
__________
(1) فى الأصل: النفس. والمثبت من اواللسان والهروى

(2/101)


(دَجَرَ)
(س) فِي حَدِيثِ عُمَرَ «قَالَ اشْتَرِ لَنَا بالنَّوَى دَجْراً» الدَّجْرُ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ:
اللُّوبِياء. وَقِيلَ: هُوَ بالفتحِ والكسرِ، وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَهِيَ خَشَبةٌ يُشَدُّ عَلَيْهَا حديدةُ الفدَّانِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ أَكَلَ الدَّجْرَ ثُمَّ غَسَل يَدَهُ بالثِفَالِ» .

(دَجَلَ)
(س) فِيهِ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَطَب فاطمةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:
إِنِّي وعَدْتُها لِعَلِيٍّ ولستُ بِدَجَّالٍ» أَيْ لستُ بخدَّاع وَلَا مُلَبِّس عَلَيْكَ أمرَك. وَأَصْلُ الدَّجْلِ:
الخَلْطُ. يُقَالُ: دَجَّلَ إِذَا لَبَّسَ ومَوَّهَ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «يكونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ» أَيْ كَذَّابون مُمُوِّهُون. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الدَّجَّال فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ الَّذِي يَظهرُ فِي آخِرِ الزمانِ يَدَّعِي الأُلُوهيَّة. وفَعَّال مِنْ أبْنية الْمُبَالَغَةِ:
أَيْ يَكْثُرُ مِنْهُ الكَذِبُ والتَّلْبِيس.

(دَجَنَ)
فِيهِ «لَعن اللهُ مَنْ مَثَّل بِدَوَاجِنِهِ» هِيَ جَمْع دَاجِنٍ، وَهِيَ الشاةُ الَّتِي يَعْلُفها النَّاسُ فِي مَنازِلهم. يُقَالُ شاةٌ دَاجِنٌ، ودَجَنَتْ تَدْجُنُ دُجُوناً. والْمُدَاجَنَةُ: حُسْنُ المُخَالطةِ. وَقَدْ يقعُ عَلَى غيرِ الشَّاءِ مِنْ كُلِّ مَا يألَف الْبُيُوتَ مِنَ الطَّيْرِ وَغَيْرِهَا. وَالْمُثْلَةُ بِهَا أَنْ يَخْصِيَها ويَجْدَعَها.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عِمران بْنِ حُصَين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «كَانَتِ العَضْبَاء دَاجِناً لَا تُمْنَعُ مِنْ حَوْضٍ وَلَا نَبْتٍ» هِيَ نَاقَةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الإفكِ «تَدْخُل الدَّاجِنُ فتأكُلُ عَجِينَها» .
وَفِي حَدِيثِ قُسٍّ:
يَجْلُو دُجُنَّاتِ الدَّياجي والبُهَمْ الدُّجُنَّات: جَمْعُ دُجُنَّةٍ، وَهِيَ الظُّلْمة. والدَّياجي: اللَّيالي المُظْلمَةُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. «إنَّ اللَّهَ مَسحَ ظَهْرِ آدمَ بِدَجْنَاءَ» هُوَ بالمَدِّ والقَصْر: اسْمُ مَوضِع، ويُرْوى بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ.

(دَجَا)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ بَعثَ عُيَيْنَة بنَ بَدْرٍ حِينَ أسْلَم النَّاسُ ودَجَا الإِسلامُ فأغَارَ عَلَى بَنِي عَدِيّ بْنِ جُنْدب وأخَذَ أَمْوَالَهُمْ» دَجَا الإسلامُ: أَيْ شَاعَ وكثُر، مِنْ دَجَا الليلُ إِذَا تَمَّت ظُلْمَتُه وألْبَس كُلَّ شَيْءٍ. ودَجَا أمرُهُم عَلَى ذَلِكَ: أَيْ صلح.

(2/102)


[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَا رُؤي مثلُ هَذَا مُنْذُ دَجَا الإسلامُ» وَفِي رِوَايَةٍ «مُنْذُ دَجَتِ الإسلامُ» فأنَّثَ عَلَى مَعْنَى الملَّة.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنْ شقَّ عَصا الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ فِي إسلامٍ دَاجٍ» ويُرْوى «دَامجٍ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «يُوشِكُ أَنْ تَغْشَاكُم دَوَاجِي ظُلَلِه» أَيْ ظُلَمُها، واحدُها دَاجِيَةٌ.

بَابُ الدَّالِ مَعَ الْحَاءِ

(دَحَحَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ «كَانَ لَهُ بَطْنٌ مُنْدَحٌّ» أَيْ مُتَّسِع، وَهُوَ مُطاوِعُ دَحَّهُ يَدُحُّهُ دَحّاً.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَطَاءٍ «بَلَغَنِي أَنَّ الأرضَ دُحَّتْ مِنْ تَحْت الْكَعْبَةِ دَحّاً» وَهُوَ مثْلُ دُحَيت.
وَفِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ نَوْفَلٍ، وذكْرِ سَاعَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ «فَنَامَ عُبيدُ اللَّهِ فَدُحَّ دَحَّةً» الدَّحُّ: الدَّفعُ وَإِلْصَاقُ الشَّيْءِ بِالْأَرْضِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الدَّسّ.

(دَحْدَحَ)
فِي صِفَة أبْرهَةَ صَاحِبِ الفِيل «كَانَ قَصيراً حَادراً دَحْدَاحاً» الدَّحْدَحُ والدَّحْدَاحُ: القَصيرُ السَّمِينُ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَجَّاجِ، قَالَ لِزَيْدِ بْنِ أرْقَم «إِنَّ مُحَّمدِيَّكُم هَذَا لَدَحْدَاحٌ» .

(دَحَرَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عرفَة «مَا مِنْ يَوْمٍ إِبْلِيسُ فيه أَدْحَرُ ولا أدْحَقُ منه في يوم عَرَفة» الدَّحْرُ: الدَّفْعُ بعُنْفٍ عَلَى سَبِيل الإهَانَةِ والإِذْلالِ، والدَّحْقُ: الطَّرْدُ والإِبْعاد. وأفْعِل الَّذِي للتَّفْضِيل مِنْ دُحِرَ ودُحِقَ، كأَشْهَر وأجَنَّ مِنْ شُهِر وَجُنَّ. وَقَدْ نُزّل وصْفُ الشَّيْطَانِ بأنه أَدْحَرُ وأدْحَق مَنْزلة وصفِ الْيَوْمُ بِهِ لوقُوع ذَلِكَ فِيهِ؛ فَلِذَلِكَ قَالَ منْ يَوْمِ عَرَفَةَ، كأنَّ الْيَوْمَ نَفْسِه هُوَ الْأَدْحَرُ الأدْحَقُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ ذِي يَزَن «ويُدْحَرُ الشَّيْطَانُ» .

(دَحَسَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ سَلْخ الشَّاة «فَدَحَسَ بِيَدِه حَتَّى تَوَارَتْ إِلَى الإبْطِ،

(2/103)


ثُمَّ مَضَى وصلَّى وَلَمْ يَتَوضأ» أَيْ دسَّها بَيْنَ الْجِلْدِ واللَّحم كَمَا يَفْعَلُ السَّلاَّخ.
وَفِي حَدِيثِ جَرير «أَنَّهُ جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بيتٍ مَدْحُوسٍ مِنَ النَّاسِ فَقَامَ بالْبَاب» أَيْ مَمْلُوءٍ، وكُلُّ شَيْءٍ مَلأَته فَقَدْ دَحَسْتَهُ. والدَّحْسُ والدسُّ مُتَقاربان.
وَمِنْهُ حَدِيثُ طَلْحَةَ «أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ دَارَه وَهِيَ دِحَاسٌ» أَيْ ذَات دِحَاسٍ. وَهُوَ الإمتلاءُ وَالزِّحَامُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَطَاءٍ «حقٌّ عَلَى النَّاس أَنْ يَدْحَسُوا الصُّفوف حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَهُمْ فُرَجٌ» أَيْ يَزْدحِموا فِيهَا ويَدُسُّوا أَنْفُسَهُمْ بَيْنَ فُرَجها. وَيُرْوَى بخَاء مُعْجَمَةٍ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ.
وَفِي شعْر العَلاء بْنِ الحَضْرَمي؛ أَنْشَدَهُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وَإِنْ دَحَسُوا بِالشَّرِّ فَاعْفُ تَكَرُّمًا ... وَإِنْ خَنَسُوا عَنْكَ الْحَدِيثَ فَلَا تَسَلْ
يُرْوَى بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ، يُريدُ إِنْ فَعلوا الشَّرَّ مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ.

(دَحْسَمَ)
(س هـ) فِيهِ «كَانَ يُبايعُ الناسَ وَفِيهِمْ رجُلٌ دُحْسُمَانٌ» الدُّحْسُمَانُ والدُّحْمُسَانُ: الأسْودُ السَّمينُ الغليظُ. وَقِيلَ: السَّمِينُ الصحيحُ الجسْم، وَقَدْ تَلْحق بِهِمَا يَاءُ النَّسب كأحْمَرِيٍّ.

(دَحَصَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ «فَجَعَلَ يَدْحَصُ الأرضَ بِعقَبَيْه» أَيْ يَفْحَصُ ويَبْحَثُ بِهِمَا ويُحَرِّكُ التُّرَابَ.

(دَحَضَ)
[هـ] فِي حَدِيثِ مَوَاقِيتِ الصَّلاة «حِينَ تَدْحَضُ الشمسُ» أَيْ تَزُول عَنْ وَسَط السَّمَاءِ إِلَى جِهَة المَغْرِب، كأنَّها دَحَضَتْ، أَيْ زَلَقَتْ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْجُمُعَةِ «كَرِهْتُ أَنْ أُخْرِجَكم فتَمْشُون فِي الطِّين والدَّحْض» أَيِ الزَّلَق.
وَحَدِيثُ وَفد مَذْحِجٍ «نُجَباء غيرُ دُحَّضِ الأقْدامِ» الدُّحَّضُ: جَمْع دَاحِضٍ، وهُمُ الَّذِينَ لَا ثبَاتَ لَهُمْ وَلَا عَزيمة فِي الأُمور.

(2/104)


(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذرٍّ «إنَّ النَّبِيَّ «1» صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ دُون جسْرِ جَهنَّم طَرِيقًا ذَا دَحْضٍ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «قَالَ لِابْنِ عَمْرو: لَا تَزَالُ تأْتينا بهَنَةٍ تَدْحَضُ بِهَا فِي بَوْلك» أَيْ تَزْلَق. وَيُرْوَى بِالصَّادِ: أَيْ تَبْحَثُ فِيهَا بِرِجْلِك.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ فِي صفةِ المطرِ «فَدَحَضت التِّلاَعَ» أَيْ صَيَّرتْها مَزْلَقة. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

(دَحَقَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَرفة «مَا مِنْ يَوْمٍ إِبْلِيسُ فِيهِ أَدْحَرُ وَلَا أَدْحَقُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرفة» وَقَدْ تَقدّم فِي دَحَرَ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ حِينَ عَرَضَ نَفْسَه عَلَى أحْياءِ العَرَب «بِئْس مَا صَنَعْتُم، عَمَدْتُم إِلَى دَحِيقٍ قَوْم فأجَرْتُموه» أَيْ طَرِيدِهم. والدَّحْقُ: الطَّردُ والإبعَادُ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «سَيَظْهرُ بَعْدِي عَلَيْكُمْ رجُلٌ مُنْدَحِقُ الْبَطْنِ» أَيْ واسِعُها، كأنَّ جَوانبها قَدْ بَعَد بعضُها مِن بعْض فاتَّسَعَت.

(دَحَلَ)
[هـ] فِي حَدِيثِ أَبِي وَائِل «قَالَ: وَرَدَ عَلَيْنَا كتابُ عمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذَا قَالَ الرَّجُلُ للرَّجُل لَا تَدْحَلْ فَقَدْ أمَّنَه» يُقَالُ دَحَلَ يَدْحَلُ إِذَا فَرّ وهرَب: مَعْناه إِذَا قَالَ لَهُ لَا تَفِرّ وَلَا تَهْرُبْ فَقَدْ أعْطاهُ بِذَلِكَ أَمَانًا. وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ أَنَّ مَعْنَى لَا تَدْحَل بالنَّبَطِيَّة: لَا تَخَف.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ مِصْرادٌ أفَأُدْخِل المِبْوَلة مَعي فِي البَيْت؟ فَقَالَ نَعم، وادْحَلْ فِي الكِسْر» الدَّحْلُ: هُوّة تكونُ فِي الأرضِ وَفِي أسَافِل الأوْدِية، يكونُ فِي رأسِها ضِيقٌ ثُمَّ يَتَّسع أسْفَلُها، وكِسْر الْخِبَاءِ: جَانِبُه، فَشَبَّه أَبُو هُرَيْرَةَ جَوَانِبَ الْخِبَاءِ وَمَدَاخِلَهُ بِالدَّحْلِ. يَقُولُ: صِرْ فِيهِ كَالَّذِي يَصِيرُ فِي الدَّحْلِ. ويُروى: وادْحُ لَهَا فِي الكِسْر:
أَيْ وَسِّع لَهَا مَوضِعًا في زاوية منه.
__________
(1) فى اوالهروى: «ان خليلى» .

(2/105)


(دَحَمَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ سُئل هَلْ يَتَنَاكحُ أهلُ الجَنَّة فِيهَا؟ فَقَالَ: نَعم دَحْماً دَحْماً» هُو النّكاحُ والْوَطءُ بدَفْع وإزْعاج. وإنْتِصَابُه بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ: أَيْ يَدْحَمُونَ دَحْماً. والتَّكرير لِلتَّأْكِيدِ وَهُوَ بِمنْزلة قَوْلك لَقيتُهم رَجُلاً رَجُلاً: أَيْ دَحماً بَعْد دَحْم.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الدَّرْداء وَذَكَرَ أهْلَ الجنَّة فَقَالَ: «إنَّما تَدْحَمُونَهُنَّ دَحْماً» .

(دَحْمَسَ)
(س) فِي حَدْيث حَمْزَةَ بْنِ عَمْرو «فِي لَيْلةٍ ظَلْماءَ دُحْمُسَةٍ» أَيْ مُظْلِمة شَدِيدَةِ الظُّلْمة.
(س [هـ] ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ كَانَ يُبَايعُ الناسَ وَفِيهِمْ رَجُلٌ دُحْمُسَانٌ» وَفِي رِوَايَةٍ «دُحْمُسَانِيٌّ» أَيْ أسوَدُ سمينٌ. وَقَدْ تقدَّم.

(دَحَنَ)
(س) فِي حَدِيثِ ابْنِ جُبَير، وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَباس «خَلق اللَّه آدمَ مِنْ دَحْنَاء ومَسحَ ظَهْرَه بنَعْمانِ السَّحابِ» دَحْنَاءُ: اسْم أرضٍ، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ. وَقَدْ تقَدَّم.

(دَحَا)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَليٍّ وصَلاته عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اللَّهُمَّ يَا دَاحِيَ المَدْحُوَّاتِ» ورُوي «الْمَدْحِيَّات» الدَّحْوُ: البَسْطُ، والْمَدْحُوَّاتُ: الأرَضُونَ. يُقال دَحَا يَدْحُو ويَدْحَى: أَيْ بَسَط ووَسَّع.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «لَا تَكُونُوا كَقَيضِ بَيضٍ فِي أَدَاحِيَّ» الْأَدَاحِيُّ: جَمْع الْأُدْحِىِّ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَبِيضُ فِيهِ النَّعامة وتُفَرِّخ، وَهُوَ أُفْعُول، مِنْ دَحَوْتُ، لِأَنَّهَا تَدْحُوهُ برِجْلِها، أَيْ تَبْسُطه ثُمَّ تبيضُ فِيهِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «فَدَحَا السَّيلُ فِيهِ بالبَطْحاء» أَيْ رَمَى وألْقى.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ «كُنْتُ أُلَاعِبُ الحسنَ والحُسَين بالمَدَاحى» هِيَ أحجارٌ أمثالُ القِرَصَةِ، كَانُوا يَحْفرُون حَفِيرَة ويَدْحُونَ فِيهَا بِتِلْك الأحْجار، فَإِنْ وَقَع الحجرُ فِيهَا فَقَدْ غَلب صَاحِبُهَا، وَإِنْ لَمْ يقَعْ غُلِبَ. والدَّحْوُ: رَمْي الَّلاعِب بالحَجرِ والجوْزِ وَغَيْرِهِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الْمُسَيَّبِ «أَنَّهُ سُئل عَنِ الدَّحْوِ بالحجارَةِ فَقَالَ: لَا بأسَ بِهِ» أَيِ المُرَاماة بِهَا والمسابَقة.

(2/106)


وَفِي الْحَدِيثِ «كَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْتِيه فِي صُورة دِحْيَةَ الكَلْبي» هُوَ دِحْيَةُ بنُ خَلِيفَة أحدُ الصَّحَابَةِ، كانَ جَميلا حَسَن الصُّورَة. ويَروى بِكَسْرِ الدَّالِّ وَفَتْحِهَا. والدِّحْيَةُ: رئيسُ الجُنْد ومُقَدَّمُهم. وكأنَّه مِنْ دَحَاهُ يَدْحُوهُ إِذَا بَسَطه ومَهَّدَه؛ لِأَنَّ الرَّئيسَ لَهُ البَسْطُ وَالتَّمْهِيدُ. وقَلْبُ الْوَاوِ فِيهِ ياءٍ نظيرُ قَلْبها فِي صِبْية وفِتْية. وأنْكَر الْأَصْمَعِيُّ فِيهِ الكَسْرَ.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «يَدْخل البَيْتَ المعْمُور كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُون ألْفَ دِحْيَةٍ مَعَ كُلِّ دِحْيَةٍ سَبْعُونَ ألفَ مَلَكٍ» .

بَابُ الدَّالِ مَعَ الْخَاءِ

(دَخَخَ)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ صَيَّادٍ: خَبَأتُ لَكَ خَبِيئاً «1» ، قَالَ: هُوَ الدُّخُّ» الدُّخُّ بِضَمِّ الدَّال وَفَتْحِهَا: الدُّخان. قَالَ:
عِنْدَ رِوَاقِ البَيتِ يَغْشَى الدُّخَّا وفُسِّر فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ «يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ» وَقِيلَ إِنَّ الدَّجَّال يَقْتُله عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بجَبَل الدُّخَان. فيَحْتَمل أَنْ يَكُونَ أرادَه تَعْريضاً بقَتْله؛ لِأَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ كَانَ يَظُنّ أَنَّهُ الدَّجَّال.

(دَخَرَ)
فِيهِ «سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ»
الدَّاخِرُ: الذليلُ المُهَان.

(دخسْ)
(هـ) فِي حَدِيثِ سَلخ الشَّاةِ «فَدَخَسَ بيَده حَتَّى توَارَت إِلَى الإبْطِ» أَيْ أدْخَلَها بَيْنَ اللَّحم والجِلْدِ. ويُروى بالحاءِ، وَقَدْ تَقدَّم. وَكَذَلِكَ مَا فِيهِ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ والعَلاَء بْنِ الحَضْرَمِيّ. ويُروى بِالْخَاءِ أَيْضًا.

(دَخَلَ)
(س) فِيهِ «إِذَا أَوَى أحدُكم إِلَى فِرَاشِه فلينْفُضْه بِدَاخِلَةِ إزَارِه فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَه عَلَيْهِ» دَاخِلَةُ الْإِزَارِ: طَرَفُه وحاشِيتُه مِنْ دَاخل. وإنَّما أمَره بِدَاخِلَتِهِ دُونَ خَارِجَته لِأَنَّ المؤْتَزر يَأْخُذُ إِزَارَهُ بِيَمِينِهِ وشمَاله فيُلْزِق مَا بِشمَاله عَلَى جَسَدِه وَهِيَ دَاخِلَةُ إزَاره، ثُمَّ يضَع مَا بِيَمينه فَوْقَ دَاخِلَتِهِ، فَمَتَى عاجَله أمرٌ وخَشِيَ سُقوطَ إزَاره أمْسَكه بِشِمَالِهِ ودفَع عن نَفْسه بيمينه،
__________
(1) جاء في اللسان وتاج العروس بلفظ: «ما خبأت لك؟ قال: هو الدخ» . وفي الفائق 1/ 393. «إني خبأت لك خبيئا، فما هو؟ قال: الدخ» .

(2/107)


فَإِذَا صَار إِلَى فِرَاشه فحلَّ إزارَه فَإِنَّمَا يَحُلّ بِيَمِينِهِ خارجَة الإزَارِ، وتَبْقَى الدَّاخِلَةُ مُعَلَّقَةً وَبِهَا يقَع النَّفْضُ؛ لِأَنَّهَا غَيرُ مَشْغُولَةٍ بِالْيَدِ.
(هـ) فَأَمَّا حَدِيثُ العَائن «أَنَّهُ يَغْسل دَاخِلَةُ إزَارِه» فإنْ حُمِل عَلَى ظَاهِره كَانَ كَالْأَوَّلِ، وَهُوَ طَرَفُ الإزارِ الَّذِي يَلِي جَسَد المُؤْتَزِر، وَكَذَلِكَ:
(هـ) الْحَدِيثُ الْآخَرُ «فليَنْزِع دَاخِلَة إِزَارِهِ» وَقِيلَ: أَرَادَ يَغْسِلُ العائِنُ مَوْضِعَ داخِلة إزارِه مِنْ جَسَده لَا إزارَه. وَقِيلَ: دَاخِلَةُ الإزارِ: الوَرِك. وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ مذاكِيرَه، فكَنَى بِالدَّاخِلَةِ عَنْهَا، كَمَا كُنِيَ عَنِ الفَرْج بالسَّرَاويل.
وَفِي حَدِيثِ قَتادة بْنِ النُّعْمَانِ: «كنتُ أرَى إسلامَه مَدْخُولًا» الدَّخَلُ بِالتَّحْرِيكِ: العَيْبُ والغِشُّ والفَسادُ. يَعْنِي أَنَّ إيمانَه كَانَ مُتَزَلْزِلاً فِيهِ نِفَاقٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «إِذَا بَلَغَ بَنُو أَبِي الْعَاصِ ثَلَاثِينَ كَانَ دينُ اللَّهِ دَخَلًا، وعبادُ اللَّهِ خَوَلا» وحقيقتُه أَنْ يُدْخِلوا فِي الدِّينِ أُموراً لَمْ تَجْرِ بِهَا السُّنَّةُ.
وَفِيهِ: «دَخَلَتِ العُمْرَةُ فِي الحَجّ» مَعْنَاهُ أَنَّهَا سَقَطَ فرضُها بوُجوب الْحَجِّ ودَخَلَتْ فِيهِ وَهَذَا تأويلُ مَنْ لَمْ يَرَها واجبَة. فَأَمَّا مَنْ أوْجَبَها فَقَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّ عَمَل العُمْرَة قَدْ دَخَلَ فِي عَمَل الْحَجِّ، فَلَا يَرَى عَلَى القارِن أكثَر مِنْ إِحْرَامٍ وَاحِدٍ وطَوَافٍ وسَعْيٍ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهَا قَدْ دَخَلَتْ فِي وَقْت الْحَجِّ وشُهورِه، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْتَمِرُون فِي أشهُر الْحَجِّ، فأبْطَلَ الإسلامُ ذَلِكَ وأجَازَهُ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «مِن دُخْلَةِ الرَّحِم» يُرِيدُ الخاصَة والقَرَابة، وتُضَم الدَّالُ وتُكْسَر (هـ) وَفِي حَدِيثِ الحسَن «إِنَّ مِنَ النِّفاقِ اختلافَ الْمَدْخَلِ والمخْرَج» أَيْ سوءَ الطَّريقة والسِّيرة.
وَفِي حَدِيثِ مُعاذ وذكْرِ الحُور الْعِينِ «لَا تُؤْذِيه فَإِنَّهُ دَخِيل عِنْدَكِ» . الدَّخِيلُ:
الضَّيفُ والنَّزيلُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عديٍّ «وَكَانَ لنا جاراً أو دَخِيلًا» «1» .
__________
(1) في الدر النثير: قال ابن الجوزيّ «في الدخيل صدقة» هو الجاورس اه. والجاورس- بفتح الواو- حب يشبه الذرة، وهو أصغر منها، وقيل نوع من الدّخن. (المصباح المنير- جرس)

(2/108)


(دَخَنَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ ذَكَر فِتنةً فَقَالَ: دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي» يَعْنِي ظُهورَها وإثَارَتها، شَبَّهَها بالدُّخَانِ المُرْتَفع. والدَّخَنُ بِالتَّحْرِيكِ: مَصْدَرُ دَخِنَتِ النارُ تَدخَن إِذَا أُلْقي عَلَيْهَا حَطَب رَطْب فكثُر دُخَانُهَا. وَقِيلَ أَصْلُ الدَّخَنِ أَنْ يكونَ فِي لَوْن الدَّابّة كُدُورة إِلَى سَوادٍ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «هُدْنةٌ عَلَى دَخَنٍ» أَيْ عَلَى فَسادٍ واختلافٍ، تَشْبِيهًا بِدُخَانِ الحَطَب الرَّطْب لما بينهم من الفساد الباطنِ تَحْتَ الصَّلاح الظَّاهِرِ. وَجَاءَ تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا تَرجعُ قُلُوبُ قومٍ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ: أَيْ لَا يَصْفُو بعضُها لِبَعْضٍ وَلَا يَنْصَعُ حُبُّها، كالكُدُورةِ الَّتِي فِي لَوْن الدَّابّة.

بَابُ الدَّالِ مَعَ الدَّالِ

(دَدَ)
(هـ) فِيهِ «مَا أَنَا مِنْ دَدٍ وَلاَ الدَّدُ مِنِّي» الدَّدُ: اللَّهْوُ واللَّعبُ، وَهِيَ محذوفُة اللَّامِ وَقَدِ استُعْملت متَمَّمةً: دَدًا كَندًى، ودَدَنٌ كَبَدَنٍ، وَلَا يَخْلُو الْمَحْذُوفُ أَنْ يَكُونَ يَاءً، كَقَوْلِهِمْ يَدٌ فِي يَدْيٍ، أَوْ نُوناً كَقَوْلِهِمْ لَدُ فِي لَدُنْ. وَمَعْنَى تنْكير الدَّدِ فِي الْجُمْلَةِ الْأُولَى: الشيِّاعُ والاسْتِغْرَاقُ، وَأَنْ لَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنْهُ إِلَّا وَهُوَ مُنزَّه عَنْهُ: أَيْ مَا أَنَا فِي شيءٍ مِنَ اللَّهو واللَّعِب. وتَعريفه فِي الْجُمْلَةِ الثانيةِ لِأَنَّهُ صَارَ مَعْهوداً بِالذِّكْرِ، كَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا ذَلِكَ النوعُ مِني، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُل وَلَا هُوَ مِنِّي؛ لِأَنَّ الصَّرِيحَ آكَدُ وأبْلغُ. وَقِيلَ اللامُ فِي الدَّدِ لاسْتغْراق جِنْسِ اللَّعِب. أَيْ وَلَا جنسُ اللَّعب مِنِّي، سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي قَلْتُه أَوْ غيرُه من أنواع اللَّعب واللَّهو. واختيار الزَّمَخْشَرِيُّ الْأَوَّلَ، وَقَالَ: لَيْسَ يَحسُن أَنْ تَكُونَ لِتَعْريف الجنسِ [لِأَنَّ الْكَلَامَ يَتَفَكَّكُ] «1» ويَخرجُ عَنِ التِئامِه. وَالْكَلَامُ جُمْلتان، وَفِي الْمَوْضِعَيْنِ مضافٌ محذوفٌ تَقْدِيرُهُ: مَا أَنَا مِنْ أَهْلِ دَدٍ وَلَا الدَّدُ من أشغالى.
[باب الدال مع الراء]

(دَرَأَ)
(هـ) فِيهِ «ادْرَءُوا الحُدُود بالشُّبُهات» أَيِ ادْفَعوا. دَرَأَ يَدْرَأُ دَرْءاً إِذَا دفَع.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَدْرَأُ بِكَ فِي نُحورهم» أَيْ ادْفَع بِكَ فِي نُحورِهِم لِتَكْفِيَني أمْرهُم. وإنَّما خَصَّ النُّحُورَ لِأَنَّهُ أسْرع وأقْوَى فِي الدَّفْع والتَّمكُّن مِنَ المَدْفوع.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِذَا تَدَارَأْتُمْ فِي الطَّرِيقِ» أَيْ تَدافَعْتُم واخْتَلَفْتُم.
__________
(1) الزيادة من الفائق 1/ 394

(2/109)


(هـ) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «كَانَ لَا يُدَارِي وَلَا يُمارِي» أَيْ لَا يُشاغب وَلَا يُخالِف، وَهُوَ مهْموز. ورُوي فِي الْحَدِيثِ غَيْرَ مَهْمُوزٍ ليُزاوج يُماري، فَأَمَّا المُدَارَاةُ فِي حُسْن الخُلُق والصُّحْبَة فغَير مهْمًوز، وَقَدْ يُهْمَزُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُصَلِّي فجَاءت بَهْمَةٌ تَمُرّ بَيْنَ يديْه، فَمَا زَالَ يُدَارِئُهَا» أَيْ يُدَافعُها، ويُروى بغيْر هَمْزٍ، مِنَ المُدَارَاة. قَالَ الخَطَّابي: وليْس منْها.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَبَائِلِ «قَالَ لَهُ دَغْفَل:
صَادَف دَرْءُ السَّيْل دَرْءاً يَدْفَعُهْ «1» يقالُ للسَّيْل إِذَا أتَاك مِنْ حيْث لَا تَحْتَسِبهُ: سَيْل دَرْءٌ أَيْ يَدْفَع هَذَا ذَاك وذَاك هَذَا.
ودَرَأَ عَلَيْنَا فُلان يَدْرَأُ إِذَا طَلَع مُفَاجأة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الشَّعْبي فِي المُخْتَلعة: «إِذَا كَانَ الدَّرْءُ مِنْ قِبَلها فَلاَ بأسَ أَنْ يَأخُذ مِنْهَا» أَيِ الْخِلَافُ والنُّشُوز.
(هـ) وَفِيهِ «السُّلطان ذُو تُدْرَإ» أَيْ ذُو هُجُوم لَا يَتَوَقَّى وَلَا يَهَاب، فَفِيه قُوَّة عَلَى دَفْع أعْدائه، والتَّاء زَائِدَةٌ كَمَا زيدَت فِي تُرْتَب وتَنْضُب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْداس:
وقَدْ كُنْتُ فِي القَوْم ذَا تُدْرَإٍ ... فَلم أُعْطَ شَيْئاً وَلَمْ أُمْنَعِ
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ صَلَّى المَغْرب، فلمَّا إنْصَرَف دَرَأَ جُمْعَةً مِنْ حَصَى الْمَسْجِدِ وألْقَى عَلَيْهَا رِدَاءَهُ واسْتَلْقَى» أَيْ سَوَّاها بِيَدِه وبَسَطها. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: يَا جَارِيَةُ ادْرَئِي لِي الوسَادة:
أَيِ ابْسُطِي.
(س) وَفِي حَدِيثِ دُرَيد بْنِ الصِّمَّة فِي غَزوة حُنَينٍ «دَرِيئَةٌ أمامَ الخَيْلِ» الدَّرِيئَةُ مَهْمُوزَةٌ: حَلْقة يُتَعَلم عَلَيْهَا الطَّعنُ. والدَّريَّة بِغَيْرِ هَمْز: حَيوانٌ يَسْتَتر بِهِ الصَّائد فيَتْرُكُه يَرْعَى مَعَ الوَحْشِ، حَتَّى إِذَا أنِسَت بِهِ وأمْكَنَتْ مِنْ طَالِبها رمَاها. وقيل على العكْسِ منهما في الهمز وتَرْكِهِ.
__________
(1) تمامه في الهروي: يَهِيضُهُ حِيناً وحينا يصدعه

(2/110)


(دَرَبَ)
(س) فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «لَا تَزالُون تَهْزِمُون الرُّوم، فَإِذَا صَارُوا إِلَى التَّدْرِيبِ وقَفَتِ الحَربُ» التَّدْرِيبُ: الصَّبْرُ فِي الحَرب وقْتَ الفِرَارِ. وأصْلُه مِنَ الدُّرْبَة:
التَّجْرِبة. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الدُّرُوبِ وَهِيَ الطُّرقُ، كالتَّبْويبِ منَ الأبْواب: يَعْنِي أَنَّ المسَالك تَضِيقُ فَتَقِفُ الحربُ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرٍو «وأَدْرَبْنَا» أَيْ دخَلْنا الدَّرْبَ، وكُلُّ مَدْخلٍ إِلَى الرُّوم دَرْبٌ. وَقِيلَ هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ للنَّافِذِ مِنْهُ، وبالسُّكون لغَير النَّافِذِ.
وَفِي حَدِيثِ عِمران بْنِ حُصَين «فَكَانَتْ نَاقَةً مُدَرَّبَةً» أي مُخَرَّجَةً مُؤَدَّبَةً قد ألِفَتِ الركُوبَ والسَّيْرَ: أَيْ عُوِّدت المشْيَ فِي الدُّرُوبِ فَصَارَتْ تَألَفُها وتَعْرفُها فَلَا تَنْفِرُ.

(دَرَجَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ «قَالَ لبَعض المُنافقين وَقَدْ دَخَلَ المَسْجد: أَدْرَاجَك يَا مُنافق مِنْ مَسْجِد رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» الْأَدْرَاجُ: جَمْعُ دَرَجٍ وَهُوَ الطَّريق: أَيِ اخْرُجْ مِنَ الْمَسْجِدِ وخُذْ طَريقَك الَّذِي جئتَ مِنْهُ. يُقَالُ رجَع أَدْرَاجَهُ. أَيْ عَادَ مِنْ حيثُ جَاءَ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ ذِي البِجَادَين، يُخاطبُ ناقةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
تَعَرَّضي مَدَارِجاً وسُومِي ... تَعَرُّضَ الجَوْزَاءِ للنُّجُومِ
هَذَا أَبُو القاسمِ فاسْتَقِيمي الْمَدَارِجُ: الثّنَايَا الغِلاظُ، وَاحِدَتُها مَدْرَجَةٌ، وَهِيَ المواضعُ الَّتِي يُدْرَجُ فِيهَا: أَيْ يُمْشَى.
وَفِي خُطْبَةِ الْحَجَّاجِ «لَيْسَ هَذَا بعُشِّكِ فَادْرُجِي» «1» ، أَيِ اذْهَبِي، وَهُوَ مَثلٌ يُضْرَبُ لِمَنْ يَتعرّضُ إِلَى شَيْءٍ لَيْسَ منْه، وللمُطْمَئِنّ فِي غير وقْتِه فيؤمَرُ بالْجِدِّ والحركةِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ كَعْبٍ «قَالَ لَهُ عُمر: لِأَيِّ ابْنيْ آدَمَ كَانَ النَّسْلُ. فَقَالَ: لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا نَسْلٌ، أَمَّا المَقْتُولُ فَدَرَجَ، وَأَمَّا القاتِل فَهلك نَسْلُهُ فِي الطُّوفان» دَرَجَ أَيْ مَاتَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «كُنَّ يَبْعثن بِالدِّرَجَةِ فِيهَا الكُرْسُف» هَكَذَا يُروى بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِ الرَّاءِ. جَمْعُ دُرْجٍ، وَهُوَ كَالسَّفَطِ الصَّغير تضعُ فِيهِ المرأةُ خِفَّ مَتاعها وطيبَها. وَقِيلَ: إنَّما هُوَ بِالدُّرْجَةِ تَأْنِيثُ دُرْجٍ. وَقِيلَ إِنَّمَا هِيَ الدُّرْجَة بِالضَّمِّ، وجمعُها الدُّرَجُ، وَأَصْلُهُ شَيْءٌ يُدْرَجُ:
__________
(1) في الفائق 3/ 231: ليس أوان عشك فادرجى

(2/111)


أَيْ ُيَلُّف، فيُدخل فِي حَيَاء النَّاقة؛ ثُمَّ يُخْرج ويُتْرك عَلَى حُوار فتَشُمُّه فتَظُنُّه ولدَها فتَرْأَمُه.

(دَرَدَ)
(هـ) فِيهِ «لَزِمْتُ السِّواك حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُدْرِدَنِي» أَيْ يَذْهَبَ بأسْنَاني.
والدَّرَدُ: سُقُوُط الأسْنَانِ.
وَفِي حَدِيثِ البَاقِر «أَتَجْعَلُونَ فِي النَّبِيذ الدُّرْدِيَّ؟ قِيلَ: وَمَا الدُّرْدِيُّ؟ قَالَ: الرُّؤبَةُ» أَرَادَ بِالدُّرْدِيِّ الخَمِيرَة الَّتِي تُتْرك عَلَى العَصِير والنَّبِيذ لِيَتَخَمَّرَ، وأصْله مَا يَرْكُدُ فِي أسْفلِ كُلِّ مائعٍ كالأشْرِبة والأدْهَان.

(دَرْدَرَ)
فِي حَدِيثِ ذِي الثُّدَيَّة «لَهُ ثُدَيَّةٌ مثْل البَضْعَة تَدَرْدَرُ» أَيْ تَرَجْرَجُ تَجِيء وَتَذْهَبُ. وَالْأَصْلُ تَتَدَرْدَرُ، فَحَذَفَ إِحْدَى التاءَين تَخْفِيفاً.

(دَرَرَ)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَبْح ذوَات الدَّرِّ» أَيْ ذَوَاتِ اللَّبَن. ويجوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرَ دَرَّ اللَّبَنُ إِذَا جَرى.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا يُحْبَسُ دَرُّكُمْ» أَيْ ذَواتُ الدَّرِّ، أرادَ أنَّها لَا تُحْشَر إِلَى المُصَدِّق، وَلَا تُحْبَس عَنِ المَرْعَى إِلَى أَنْ تَجْتمع الماشِيَةُ ثُمَّ تُعَدَّ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْإِضْرَارِ بِهَا.
وَفِي حَدِيثِ خُزَيْمَةَ «غاضَتْ لَهَا الدِّرَّةُ» هِيَ اللَّبن إِذَا كَثُر وسَال.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أَنَّهُ أوْصَى عُمَّالَه فَقَالَ: أَدِرُّوا لِقْحَةَ الْمُسْلِمِينَ» أَرَادَ فَيئَهُم وخَراجَهم، فَاسْتَعَارَ لَه اللِّقْحَةَ والدِّرَّةَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ «دِيَماً دِرَراً» هُوَ جَمْعُ دِرَّةٍ. يُقَالُ للسَّحاب دِرَّة: أَيْ صَبٌّ واندِفَاقٌ. وَقِيلَ الدِّرَرُ الدَّارُّ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: «دِيناً قِيَماً» أَيْ قَائِمًا.
(هـ) وَفِي صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذكْر حاجِبَيْه «بَيْنَهما عِرْقٌ يُدِرُّهُ الغضب» أى يمتلىء دَمًا إذا غَضِبَ كما يَمتلِىء الضَّرعُ لبَنًا إِذَا دَرَّ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أبِي قِلابَة «صَلَّيْتُ الظُّهرَ ثُمَّ ركِبْتُ حِمَارًا دَرِيراً» الدَّرِيرُ: السَّرِيعُ الْعَدْوِ مِنَ الدَّوَابِّ، المُكْتَنز الخَلْق.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَمْرٍو. قَالَ لِمُعَاوِيَةَ «تَلافيْتُ أمْرَك حَتَّى تركتُه مِثْلَ فَلكة الْمُدِرِّ» الْمُدِرُّ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ: الغَزَّال. وَيُقَالُ للمِغْزل نفْسه الدَّرَارَة والْمِدَرَّة، ضَربه مَثَلًا لإحْكامِه أمْرَه

(2/112)


بَعْدَ اسْتِرْخَائِهِ. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَرَادَ بِالْمُدِرِّ الْجَارِيَةَ إِذَا فَلَّك ثَدْيَاها ودَرَّ فِيهَا الْمَاءُ. يَقُولُ: كَانَ أمرُك مُسْتَرْخِياً فأقمتُه حَتَّى صَارَ كأنَّه حلمَةُ ثَدي قَدْ أَدَرَّ. والأوّلُ الوجْهُ.
(هـ) وَفِيهِ «كَمَا تَروْن الكَوكَبَ الدُّرِّيَّ فِي أُفُقِ السماءِ» أَيِ الشديدَ الإنارِة، كَأَنَّهُ نُسِبَ إِلَى الدُّرِّ، تَشْبِيهًا بصفائِه. وَقَالَ الفَرّاء: الكَوكبُ الدُّرِّيِّ عِنْدَ الْعَرَبِ هُوَ العظيمُ المقدارِ. وَقِيلَ هُوَ أحدُ الْكَوَاكِبِ الْخَمْسَةِ السيَّارةِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الدَّجَّالِ «إحدَى عينَيْه كَأَنَّهَا كوكبٌ دُرِّيٌّ» .

(دَرَسَ)
(س) فيه «تَدَارَسُوا القرآنَ» أي اقْرَأُوه وتَعَهَّدُوه لِئَلَّا تَنْسَوه. يُقَالُ:
دَرَسَ يَدْرُسُ دَرْساً ودِرَاسَةً. وأصلُ الدِّرَاسَةِ الرياضةُ والتَّعَهُّد لِلشَّيْءِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْيَهُودِيِّ الزَّانِي «فوضَع مِدْرَاسَهَا كفَّه عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ» الْمِدْرَاسُ صَاحِبُ دراسةِ كُتُبهم. ومِفْعل ومِفْعالٌ مِنْ أبْنيةِ المبالغةِ.
فَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ «حَتَّى أَتَى المِدْرَاسَ» فَهُوَ الْبَيْتُ الَّذِي يَدْرُسُونَ فِيهِ. ومِفْعالٌ غريبٌ فِي الْمَكَانِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عِكْرمة فِي صِفة أَهْلِ الْجَنَّةِ «يَركبون نُجُباً ألينَ مَشْياً مِنَ الفِراشِ المَدْرُوسِ» أَيِ المُوَطَّأ الممَّهد.
وَفِي قَصِيدِ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ فِي رِوَايَةٍ:
مُطرَّحُ البَزِّ والدِّرْسَانِ مأكولُ الدِّرْسَانُ: الْخُلْقَانُ مِنَ الثِّيَابِ، وَاحِدُهَا دَرْسٌ ودِرْسٌ. وَقَدْ يَقَع عَلَى السَّيف والدِّرع والمِغْفر.

(دَرَعَ)
(س) فِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ «فَإِذَا نَحْنُ بِقَوْمٍ دُرْع، أنصافُهم بيضٌ وأنصافُهم سُودٌ» الْأَدْرَعُ مِنَ الشَّاءِ الَّذِي صدْره أَسْوَدُ وسائرُه أبيضُ. وَجَمْعُ الأَدْرَعِ دُرْعٌ، كَأَحْمَرَ وَحُمْرٍ، وَحَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَلَمْ يُسمع مِنْ غيرِه، وَقَالَ: واحدتُهَا دُرْعَةٌ، كغُرْفة وغُرَف.
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ «لَيالٍ دُرْع» أَيْ سُود الصُّدور بِيضُ الْأَعْجَازِ.

(2/113)


وفى حديث خالد «جعل أدعو له وأعْتُدَه حُبُساً فِي سَبِيلِ اللَّهِ» الْأَدْرَاعُ: جَمْعُ دِرْعٍ، وَهِيَ الزَّرَدِيَّة.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ «فغَلَّ نَمِرةً فَدُرِّع مِثْلَها مِنْ نَارٍ» أَيْ أُلْبِس عِوَضَها دِرْعاً مِنْ نَارٍ. ودِرْعُ المرأةِ: قَمِيصُهَا. والدُّرَّاعَةُ، والْمِدْرَعَةُ، والْمِدْرَعُ واحدٌ. وادَّرَعَهَا إِذَا لَبَسها. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكرها فِي الْحَدِيثِ.

(دَرَكَ)
فِيهِ «أعوذُ بِكَ مِنْ دَرْكِ الشَّقاء» الدَّرْكُ: اللَّحاقُ والوصُولُ إِلَى الشَّيْءِ، أَدْرَكْتُهُ إِدْرَاكاً ودَرَكاً.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَوْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَث وَكَانَ دَرَكاً لحاجتهِ» «1» .
وَفِيهِ ذِكْرُ الدَّرَك «الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ» الدَّرَكُ بِالتَّحْرِيكِ، وَقَدْ يُسَكَّن. واحدُ الْأَدْرَاكِ، وَهِيَ مَنازل فِي النَّارِ. والدَّرَكُ إِلَى أَسْفَلَ «2» ، والدَّرَج إِلَى فَوْق.

(دَرْكَلَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ مرَّ عَلَى أَصْحَابِ الدِّرَكْلَةِ» هَذَا الحرفُ يُرْوَى بِكَسْرِ الدَّالِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وسكونِ الْكَافِ، ويُروى بِكَسْرِ الدالِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وكسرِ الكافِ وَفَتْحِهَا، ويُروى بِالْقَافِ عوَض الْكَافِ، وَهِيَ ضَرْب مِنْ لَعِبِ الصِّبْيَانِ، قَالَ ابْنُ دُرَيْد: أحسبُها حَبَشيَّةً.
وَقِيلَ هُوَ الرَّقْصُ.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ قَدِم عَلَيْهِ فِتْيةٌ مِنَ الحَبَشةِ يُدَرْقِلون» أَيْ يَرْقُصون.

(دَرَمَ)
(س) فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «إِنَّ الْعَجَّاجَ أَنْشَدَهُ:
سَاقًا بَخَنْدَاةً وَكَعْبًا أَدْرَما الْأَدْرَمُ الَّذِي لَا حَجْم لِعظامه. وَمِنْهُ «الأَدْرَمُ» الَّذِي لَا أَسْنَانَ لَهُ، يريد أنّ كَعْبَها مستومع الساق ليس بناتىء فَإِنَّ استواءَهُ دليلُ السمَن، ونُتُوءَه دليلُ الضَّعف.

(دَرْمَكَ)
(س) فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ «وتُرْبَتُها الدَّرْمَكُ» هُوَ الدَّقيقُ الحوّارَى.
وَمِنْهُ حَدِيثُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ «فقدمَت ضافِطةٌ مِنَ الدَّرْمَكِ» وَيُقَالُ لَهُ الدَّرْمَكَةُ، وكأنها واحدته فى المعنى.
__________
(1) فى اواللسان: وكان دركا له في حاجته.
(2) في الأصل الأسفل. والتصويب من اواللسان والهروى.

(2/114)


وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ صَيَّادٍ عَنْ تُرْبة الجنَّة فَقَالَ: «دَرْمَكَةٌ بَيْضَاء» .

(دَرْمَقَ)
(س) فِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ صَفْوانَ «الدّرهمُ يُطْعِمُ الدَّرْمَقَ ويكْسُو النَّرْمَق» الدَّرْمَقُ هُوَ الدَّرْمَك، فَأُبْدِلَ الْكَافُ قَافاً.

(دَرَنَ)
(س) فِي حَدِيثِ الصَّلَوَاتِ الخمْس «تُذْهبُ الخَطايَا كَمَا يُذْهِب المَاءُ الدَّرَنَ» الدَّرَنُ: الوسخُ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الزَّكَاةِ «وَلَمْ يُعْط الهَرِمةَ وَلَا الدَّرِنَة» أَيِ الجَرْباء. وأصلُه مِنَ الْوَسَخِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ «وَإِذَا سَقط كَانَ دَرِيناً» الدَّرِينُ: حُطَام المَرْعَى إِذَا تنَاثرَ وسَقط عَلَى الأرضِ.

(دَرْنَكَ)
(س) فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «سَترْتُ عَلَى بَابي دُرْنُوكاً» الدُّرْنُوكُ: سِترٌ له خَمْلٌ، وَجَمْعُهُ دَرَانِك.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «قَالَ عَطَاءٌ: صَلَّينا مَعَهُ عَلَى دُرْنُوكٍ قَدْ طَبَّقَ البيْتَ كُلَّه» وَفِي رِوَايَةٍ «دُرْمُوك» بِالْمِيمِ، وَهُوَ عَلَى التَّعاقُب.

(دَرَهَ)
فِي حَدِيثِ المَبْعَث «فَأَخْرَجَ عَلقَةً سَوْدَاء، ثُمَّ أَدْخَلَ فِيهِ الدَّرَهْرَهَةَ» هِيَ سِكِّينٌ مُعْوَجَّةُ الرَّأسِ، فارِسيٌّ مُعَرّب. وَبَعْضُهُمْ يَرْويه «البَرَهْرَهَة» بِالْبَاءِ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ.

(دَرَى)
(هـ) فِيهِ «رأسُ العَقْل بَعْدَ الإيمانِ بِاللَّهِ مُدَارَاةُ النَّاسِ» المُدَارَاة غيرُ مهموزٍ:
مُلايَنَة النَّاسِ وحُسنُ صُحْبَتهم واحْتِمَالُهم لِئَلَّا يَنْفِرُوا عَنْكَ. وَقَدْ يُهْمز.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ لَا يُدَارِي وَلَا يُمارِي» هَكَذَا يُروى غَيْرَ مَهْموزٍ. وأصلُه الهمزُ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَفِيهِ «كَانَ فِي يَده مِدْرًى يَحُك بِهِ رأسَه» الْمِدْرَى والْمِدْرَاةُ: شَيْءٌ يُعْمل مِنْ حَديد أَوْ خَشبٍ عَلَى شَكْل سِنّ مِنْ أسْنان المشْطِ وأطْوَل مِنْهُ يُسرَّح بِهِ الشَّعَر المُتَلبِّد، ويَسْتَعْمله مَنْ لَا مُشط لَهُ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أُبَيٍّ «إِنَّ جَارِيَةً لَهُ كَانَتْ تَدَّرِي رأسَه بِمِدْرَاهَا» أَيْ تُسرِّحُه. يُقَالُ

(2/115)


ادَّرَتِ المرأةُ تَدَّرِي ادِّرَاءً إِذَا سرَّحت شَعَرها بِهِ، وأصْلُها تَدْتَرِي؛ تَفْتعِل، مِنِ اسْتِعمالِ المِدْرَى، فأدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الدَّالِ.

بَابُ الدَّالِ مَعَ الزَّايِ

(دَزَجَ)
(س) فِيهِ «أدْبَر الشَّيْطَانُ وَلَهُ هَزَجُ ودَزَجٌ» قَالَ أَبُو مُوسَى. الهزجُ صوْت الرَّعْد والذِّبّان، وتهزَّجَت القَوسُ: صَوَّتَتْ عِنْدَ خُروج السَّهم مِنْهَا، فيَحتمل أَنْ يكونَ معناهُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْآخَرِ «أدْبَر وَلَهُ ضُراطٌ» قَالَ: والدَّزَجُ لَا أَعْرِفُ مَعْنَاهُ هَاهُنَا، إِلَّا أنَّ الدَّيْزَجَ مُعرَّبُ دَيْزَهْ، وَهُوَ لونٌ بيْن لَوْنَيْن غَيْرُ خالصٍ. قَالَ: وَيُرْوَى بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وسُكُونها فِيهِمَا. فالهَرْجُ سُرعةُ عَدْو الفَرس وَالِاخْتِلَاطُ فِي الْحَدِيثِ، والدَّرْجُ مَصْدَرُ دَرَجَ إِذَا مَاتَ وَلَمْ يُخَلّف نَسلا عَلَى قَوْلِ الْأَصْمَعِيِّ. ودَرَجَ الصَّبيُّ: مَشَى. هَذَا حكايةُ قَوْلِ أَبِي مُوسَى فِي بَابِ الدَّالِ مَعَ الزَّاي، وَعَادَ قَالَ فِي بَابِ الْهَاءِ مَعَ الزَّايِ «أدْبَر الشيطانُ ولَهُ هَزَجٌ ودَزَجٌ» وَفِي رِوَاية «وزَجٌّ» وَقِيلَ: الهَزَجُ: الرَّنَّةُ، والدَّزَجُ دُونه.

بَابُ الدَّالِ مَعَ السِّينِ

(دسرْ)
فِي حَدِيثِ عُمَرَ «إِنَّ أخْوَفَ مَا أخافُ عَلَيْكُمْ أَنْ يُؤخَذَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ الْبَرِيءُ عِنْدَ اللَّهِ فَيُدْسَرُ كَمَا يُدْسَرُ الجَزور» الدَّسْرُ: الدَّفع. أَيْ يُدفَع ويكَبّ للقَتل كَمَا يُفعل بالجَزور عندَ النَّحر.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وسُئل عَنْ زَكاةِ العَنْبر فَقَالَ «إِنَّمَا هُوَ شيءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ» أَيْ دَفَعه وَأَلْقَاهُ إِلَى الشَّطِّ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَجَّاجِ «إِنَّهُ قَالَ لِسنَان بْنِ يَزيد النَّخَعي [عَلَيْهِ لعنةُ اللَّهِ] «1» : كيفَ قَتَلْتَ الحُسَينَ؟ فَقَالَ: دَسَرْتُهُ بالرُّمْحِ دَسْراً، وهَبَرْتُه بِالسَّيْفِ هَبْراً» أَيْ دَفَعْته بِهِ دَفْعاً عَنِيفاً.
فَقَالَ الْحَجَّاجُ: أَمَا وَاللَّهِ لَا تَجْتمِعان فِي الْجَنَّةِ أَبَدًا.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «رَفعَها بِغَيْرِ عَمَدٍ يَدْعَمُها وَلَا دِسَارٍ يَنْتظِمُها» الدِّسَارُ: المِسْمار، وجمعه دُسُرٌ.
__________
(1) سقط من اواللسان والهروى

(2/116)


(دَسَسَ)
فِيهِ «اسْتجِيدوا الخالَ فَإِنَّ العِرْقَ دَسَّاسٌ» أَيْ دَخَّالٌ، لِأَنَّهُ يَنْزِعُ فِي خَفاء ولُطْفٍ. دَسَّهُ يَدُسُّهُ دَسّاً إِذَا أدْخَلَه فِي الشَّيْءِ بقَهْر وقُوّة.

(دَسَعَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ «أَلَمْ أجْعَلْكَ تَرْبَع وتَدْسَع» تَدْسَعُ: أَيْ تُعْطِي فتُجْزِل.
والدَّسْعُ الدَّفعُ، كَأَنَّهُ إِذَا أَعطى دَسَعَ: أَيْ دَفَع.
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِلْجَوَّادِ «هُوَ ضَخْم الدَّسِيعَة» أَيْ واسِعُ العَطِيّة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ كِتَابِهِ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ «وَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ أَيْدِيهِمْ عَلَى مَن بَغَى عَلَيْهِمْ أَوِ ابْتَغى دَسِيعَةَ ظُلم» أَيْ طَلَب دَفْعاً عَلَى سَبِيلِ الظُّلم، فَأَضَافَهُ إِلَيْهِ، وَهِيَ إِضَافَةٌ بِمَعْنَى مِنْ. وَيَجُوزُ أَنْ يُراد بِالدَّسِيعَةِ العَطِية: أَيِ ابْتَغَى مِنْهُمْ أَنْ يدفَعوا إِلَيْهِ عَطِيَّة عَلَى وَجْهِ ظُلمِهم: أَيْ كونِهم مَظْلُومِينَ أَوْ أَضَافَهَا إِلَى ظُلمِه لِأَنَّهُ سببُ دَفْعِهم لَهَا.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ظَبْيَانَ وَذِكْرُ حِمْيَرَ «فَقَالَ: بَنَوُا المَصانِعَ، واتَّخَذوا الدَّسَائِعَ» يُريد العَطايا. وَقِيلَ الدَّسَائِعُ: الدَّساكرُ. وَقِيلَ الجِفانُ والمَوائد.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ وَذَكَرَ مَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ فَقَالَ: «دَسْعَةٌ تَمْلأَ الفَمَ» يُرِيدُ الدّفَعة الْوَاحِدَةَ مِنَ القَيْء. وجَعَله الزَّمَخْشَرِيُّ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: هِيَ مِنْ دَسَعَ البعيرُ بِجِرَّته دَسْعاً إِذَا نَزَعها مِنْ كَرِشِه وَأَلْقَاهَا إِلَى فِيه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مُعاذ «قَالَ مَرّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أسْلِخْ شَاةً فَدَسَعَ يَده بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ دَسْعَتَيْنِ» أَيْ دَفَعَها دَفْعتين.
وَمِنْهُ حَدِيثُ قَسٍّ «ضَخْم الدَّسِيعَة» الدَّسِيعَةُ هَاهُنَا مجْتَمعُ الكتِفين. وَقِيلَ هِيَ العُنُق.

(دَسْكَرَ)
فِي حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ وهِرَقْلَ «إِنَّهُ أذِن لعُظَماء الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ» الدَّسْكَرَةُ: بِناءٌ عَلَى هيئةِ القَصْرِ، فِيهِ مَنازلُ وبُيوتٌ للخَدَم والحَشَم، وَلَيْسَتْ بعَرَبيَّةٍ مَحْضةٍ.

(دَسَمَ)
[هـ] فِيهِ «أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ ذَاتَ يَوْمٍ وَعَلَيْهِ عِمامةٌ دَسْمَاءُ» أَيْ سَوداء.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «خَرَج وَقَدْ عَصَبَ رأسَه بعِصابةٍ دَسِمَةٍ» .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ «رَأَى صَبِيّا تأخُذُه العينُ جَمالاً، فَقَالَ: دَسِّمُوا نُونَتَه» أَيْ سَوِّدوا النُّقْرة الَّتِي فِي ذَقَنِهِ لِتَرُدّ الْعَيْنَ عَنْهُ.

(2/117)


(هـ) وفى حديث أبى الدرداء «أرضبتم إِنْ شَبعْتم عَامًا ثُمَّ عَامًا لَا تَذْكرون اللَّهَ إلاَّ دَسْماً «1» » يُرِيدُ ذِكراً قَلِيلًا، مِنَ التَّدْسِيمِ وَهُوَ السَّواد الَّذِي يُجعلُ خَلفَ أُذُنِ الصَّبِيّ لكَيْلا تصِيبَه العينُ وَلَا يكونُ إِلَّا قَلِيلًا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ مِنْ دَسَمَ المطرُ الأرضَ إِذَا لَمْ يَبْلُغ أَنْ يَبُلَّ الثَّرَى. والدَّسِيمُ: القليلُ الذِكرِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ هنْد «قَالَتْ يَوْمَ الفتح لأبى سفيان: اقتلوا هذا الدَّسِمَ الأحْمش» أَيِ الأسودَ الدَّنِيءَ.
(هـ) وَفِيهِ «إِنَّ لِلشَّيْطَانِ لغوقا ودِسَاماً» الدِّسَامُ: مَا تُسَدُّ بِهِ الأذُن فَلَا تَعِي ذكْراً وَلَا مَوعِظةً. وَكُلُّ شَيْءٍ سَدَدْته فَقَدْ دَسَمْتَهُ. يَعْنِي أنَّ وَساوسَ الشَّيْطَانِ مَهْمَا وَجَدَتْ مَنْفذاً دخلَت فِيهِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ فِي المُسْتَحاضة «تَغْتسلُ مِنَ الأُولى إِلَى الْأُولَى وتَدْسِمُ مَا تَحْتَهَا» أَيْ تَسُدُّ فَرْجَها وَتَحْتَشِي، مِنَ الدِّسَامِ: السِّدَادِ.

بَابُ الدَّالِ مَعَ الْعَيْنِ

(دَعَبَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ فِيهِ دُعَابَةٌ» الدُّعَابَةُ: المُزَاحُ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ قَالَ لِجَابِرٍ: فهَلاَّ بِكراً تُدَاعِبُهَا وتُدَاعِبُك» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ وذُكِرَ لَهُ عَلِيٌّ للخِلافةِ فَقَالَ «لَوْلَا دُعَابَةٌ فِيهِ» .

(دَعْثَرَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الغَيل «إِنَّهُ لَيُدْرِك الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ» أَيْ يَصْرَعَهُ ويُهْلِكُه.
وَالْمُرَادُ النَّهْيُ عَنِ الغِيلةِ، وَهُوَ أَنْ يجَامِع الرَّجل امرأتَه وَهِيَ مرْضِعٌ «2» وَرُبَّمَا حَملت، وَاسْمُ ذَلِكَ اللَّبن الغَيْلُ بِالْفَتْحِ، فَإِذَا حَمَلَتْ فَسَدَ لَبنها، يُرِيدُ أنَّ مِنْ سُوءِ أثَره فِي بَدَن الطِّفل وإفْسَاد مِزَاجِهِ وإرخَاء قُوَاهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يزَالُ ماثِلاً فِيهِ إِلَى أَنْ يشتَدَّ ويَبْلغ مبلَغ الرِّجالِ، فَإِذَا أرَاد مُنَازَلة قِرْنٍ فِي الْحَرْبِ وَهَن عَنْهُ وانْكَسَر. وسَبَبُ وَهْنِهِ وَانْكِسَارِهِ الْغَيْلُ.
__________
(1) في الهروي: «قال ابن الأعرابي: يكون هذا مدحاً ويكون ذماً؛ فإذا كان مدحاً فالذكر حشو قلوبهم وأفواههم، وإذا كان ذماً فإنما هم يذكرون الله ذكراً قليلا ... الخ» اه. وانظر شارح القاموس (دسم) .
(2) فى الأصل: مرضعة. والمثبت من اواللسان

(2/118)


(دَعَجَ)
(هـ) فِي صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فِي عَيْنَيْه دَعَجٌ» الدَّعَجُ والدُّعْجَةُ: السَّوادُ فِي العَين وَغَيْرِهَا، يُرِيدُ أَنَّ سَوادَ عَيْنَيهِ كَانَ شديدَ السَّواد. وَقِيلَ: الدَّعَجُ: شِدَّةُ سَواد العَين فِي شِدَّة بَياضِها.
(س) وَفِي حَدِيثِ المُلاَعَنة «إنْ جَاءَتْ بِهِ أَدْعَجَ» وَفِي رِوَايَةٍ «أُدَيْعِجَ جَعْداً» الْأُدَيْعِجُ: تَصْغيرُ الْأَدْعَجِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْخَوَارِجِ «آيتُهم رجلٌ أَدْعَج» وَقَدْ حَمل الخطَّابيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى سَوادِ اللَّون جَمِيعِهِ، وَقَالَ: إِنَّمَا تَأَوَّلْنَاهُ عَلَى سَوَادِ الجلْدِ، لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي خَبَرٍ آخَرَ «آيتُهم رجلٌ أسْودُ» .

(دَعْدَعَ)
فِي حَدِيثِ قُسٍّ «ذَاتُ دَعَادِعَ وزَعازِعَ» الدَّعَادِعُ: جَمْعُ دَعْدَع، وَهِيَ الْأَرْضُ الجَرْداء الَّتي لَا نَبَات بِهَا.

(دَعَرَ)
فِي حَدِيثِ عُمَرَ «اللَّهُم ارزقْني الغِلْظَة والشِّدَّة عَلَى أعْدائك وأهْل الدَّعَارَةِ والنِّفاقِ» الدَّعَارَةُ: الفَسَادُ والشَّرُّ. ورَجلٌ دَاعِرٌ: خَبيثٌ مُفْسِدٌ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ فِي بَنِي اسْرَائيلَ رجلٌ دَاعِرٌ» ويُجْمعُ عَلَى دُعَّارٍ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَديٍّ «فأيْن دُعَّارُ طَيٍّ» أَرَادَ بِهِمْ قُطَّاع الطَّريقِ.

(دَعَسَ)
(هـ) فِيهِ «فَإِذَا دَنَا العَدُوُّ كَانَتِ المُدَاعَسَةُ بالرِّماح حَتَّى تقَصَّد» المُدَاعَسَةُ:
المُطَاعَنةُ. وتَقَصَّدُ: تَتَكسَّر.

(دَعَعَ)
فِي حَدِيثِ السَّعْي «أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُدَعُّونَ عَنْهُ وَلَا يُكْرَهُون» الدَّعُّ:
الطّرْدُ والدَّفع.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «اللَّهُمَّ دُعَّهما إِلَى النَّارِ دَعّاً» .

(دَعَقَ)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «وَذَكَرَ فِتْنةً فَقَالَ: حَتَّى تَدْعَق الخَيلُ فِي الدِّماء» أَيْ تَطأ فِيهِ. يُقَالُ دَعَقَت الدَّوابُّ الطَّرِيق إِذَا أثّرتْ فِيهِ.

(دَعْلَجَ)
فِي حَدِيثِ فِتْنَةِ الأزْد «إِنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا يُدَعْلِجَان بِاللَّيْلِ إِلَى دَارِكَ لِيَجْمَعَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْغَارَّيْنِ» أَيْ يَخْتَلِفَانِ.

(2/119)


(دَعَمَ)
فِيهِ «لِكُلِّ شيءٍ دِعَامَةٌ» الدِّعَامَةُ بِالْكَسْرِ: عِمَادُ البيْتِ الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ، وَبِهِ سُمِّي السَّيد دِعَامَةً.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ «فمالَ حَتَّى كَادَ يَنْجَفِلُ فأتَيْتُه فَدَعَمْتُهُ» أَيْ أسْنَدْتُه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ عَبَسة «شيخٌ كبيرٌ يَدَّعِمُ عَلَى عَصًا لَهُ» أصْلُها يَدْتَعِمُ، فأدْغَم التَّاءَ فِي الدَّالِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الزُّهْرِي «أَنَّهُ كَانَ يَدَّعِمُ عَلَى عَسْرَائِهِ» أَيْ يَتَّكِئُ عَلَى يَدِهِ العَسْراء، تأنيثُ الْأَعْسَرِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ووصَف عُمَرَ بْنَ الخطَّاب فَقَالَ «دِعَامَةٌ لِلضَّعِيفِ» .

(دَعْمَصَ)
(س) فِي حَدِيثِ الْأَطْفَالِ «هُمْ دَعَامِيصُ الْجَنَّةِ» الدَّعَامِيصُ: جَمْعُ دُعْمُوصٍ، وَهِيَ دُوَيْبَّة تكونُ فِي مُسْتَنقَع الْمَاءِ. والدُّعْمُوصُ أَيْضًا: الدَّخَّال فِي الأمورِ: أَيْ أَنَّهُمْ سَيَّاحُون فِي الْجَنَّةِ دَخَّالُونَ فِي مَنازِلها لَا يُمنَعون مِنْ مَوْضِعٍ، كَمَا أنَّ الصِّبْيان فِي الدُّنْيَا لَا يُمْنَعون مِنَ الدُّخُول عَلَى الحُرَم وَلَا يَحْتَجِبُ مِنْهُمْ أحدٌ.

(دَعَا)
(س هـ) فِيهِ «أَنَّهُ أمَرَ ضِرَار بْنَ الأزْور أَنْ يَحْلُبَ نَاقَةً وَقَالَ لَهُ: دَع دَاعِيَ اللبَنِ لَا تُجْهِدْه» أَيْ أبْقِ فِي الضَّرْع قَلِيلًا مِنَ اللبَنِ وَلَا تَسْتَوْعِبْه كلَّه، فَإِنَّ الَّذِي تُبْقيه فِيهِ يَدْعُو مَا وراءَه مِنَ اللبَنِ فيُنْزلُه، وَإِذَا اسْتُقْصِي كُلُّ مَا فِي الضَّرْع أَبْطَأَ دَرُّه عَلَى حالبِه.
وَفِيهِ «مَا بالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» هُوَ قَوْلُهُمْ: يالَ فُلان، كَانُوا يَدْعُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عِنْدَ الأمرِ الْحَادِثِ الشديدِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أرقَمَ «فَقَالَ قومٌ يالَ الأنصارِ، وَقَالَ قَوْمٌ يالَ المُهاجرين، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنةٌ» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَدَاعَتْ عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ» أَيِ اجْتَمَعُوا ودَعَا بعضُهم بَعْضًا.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ثَوبان «يُوشكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأممُ كَمَا تَدَاعَى الأكَلَةُ على قصعتها» .

(2/120)


(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَمَثَل الجسَد إِذَا اشْتَكَى بعضُه تَدَاعَى سائرُه بالسَّهَر والحُمَّى» .
كأنَّ بعضَه دَعَا بَعْضًا.
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ «تَدَاعَتِ الحِيطانُ» أَيْ تَسَاقَطَتْ أَوْ كَادَتْ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «كان يُقَدِّم الناسَ على سابِقَتِهم في أُعْطِياتِهم، فَإِذَا انْتَهَتِ الدَّعْوَة إِلَيْهِ كبَّرَ» أَيِ النِّدَاءُ والتَّسْميةُ، وَأَنْ يُقال دُونَك يَا أميرَ المؤمنينَ. يُقَالُ دَعَوْتُ زَيْدًا إِذَا ناديتَه، ودَعَوْتُهُ زَيْدًا إِذَا سمّيتَه. وَيُقَالُ: لِبَنِي فُلان الدَّعْوَةُ عَلَى قَوْمِهِمْ إِذَا قُدِّموا فِي العَطاءِ عَلَيْهِمْ.
(هـ) وَفِيهِ «لَوْ دُعِيتُ إِلَى مَا دُعِيَ إِلَيْهِ يوسفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لأجَبْتُ» يُرِيدُ حِينَ دُعِيَ لِلْخُرُوجِ مِنَ الحَبْسِ فَلَمْ يَخْرُج، وَقَالَ: «ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ» يَصِفُهُ بِالصَّبْرِ والثَّبَاتِ: أَيْ لَوْ كنتُ مَكَانَهُ لخرَجْتُ وَلَمْ ألْبَث. وَهَذَا مِنْ جِنْسِ تواضُعه في قوله: لا تُفَضِّلوني على يونس ابن مَتَّى.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ فِي الْمَسْجِدِ: مَنْ دَعَا إِلَى الجَمَل الْأَحْمَرِ؟ فَقَالَ:
لَا وَجَدْت» يُريدُ مَنْ وَجَدَه فَدَعَا إِلَيْهِ صاحبَه، لِأَنَّهُ نهَى أَنْ تُنْشَدَ الضّالّةُ فِي الْمَسْجِدِ.
(س) وَفِيهِ «لَا دِعْوَةَ فِي الإسلامِ» الدِّعْوَةُ فِي النَّسَب بِالْكَسْرِ، وَهُوَ أَنْ يَنْتَسِبَ الإنسانُ إِلَى غيرِ أَبِيهِ وعشِيرته، وَقَدْ كَانُوا يَفْعَلونه، فَنَهى عَنْهُ وَجَعَلَ الوَلَد للفِراشِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَيْسَ مِنْ رجُل ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُه إلاَّ كَفَر» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حرامٌ» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ» وَقَدْ تَكَرَّرَتِ الأحاديثُ فِي ذَلِكَ.
والِادِّعَاءُ إِلَى غيرِ الأبِ مَعَ العِلم بِهِ حرامٌ، فَمَنِ اعْتَقدَ إباحةَ ذَلِكَ كَفَر لمُخالفةِ الإجماعِ، وَمَنْ لَمْ يَعتقِد إباحَته فَفِي مَعْنَى كُفْرِه وجْهانِ: أحدُهما أَنَّهُ أشْبَه فعلُه فِعْلَ الْكُفَّارِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ كافرٌ نِعْمَةَ اللَّهِ وَالْإِسْلَامَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «فَلَيْسَ منَّا» أَيْ إِنِ اعْتَقَدَ جَوازَه خَرج مِنَ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتقِدْه فَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَتخَّلق بأخْلاقنا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ «المُسْتَلاَطُ لَا يَرِثُ ويُدْعَى لَهُ ويُدْعَى بِهِ» . المُسْتَلاَط:
المُسْتَلْحَق فِي النَّسَب. ويُدْعَى لَهُ: أَيْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ، فَيُقَالُ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ، ويُدْعَى بِهِ أَيْ يُكَنَّى فيقالُ هُوَ أَبُو فُلَانٍ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَرث؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَلَدٍ حقيقيّ.

(2/121)


(س) وَفِي كِتَابِهِ إِلَى هِرَقْلَ «أَدْعُوك بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ» أَيْ بِدَعْوَتِهِ، وَهِيَ كلمةُ الشَّهادَةِ الَّتِي يُدْعَى إِلَيْهَا أَهْلُ المِلَل الكافِرَة، وَفِي رِوَايَةٍ: بِدَاعِيَةِ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ مَصْدر بِمَعْنَى الدَّعْوة، كالعافيَة والعَاقبة.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَير بْنِ أفْصَى «لَيْسَ فِي الخَيْلِ دَاعِيَةٌ لِعَامل» أَيْ لَا دَعْوَى لِعَامِل الزَّكاة فِيهَا، وَلَا حَقَّ يَدْعُو إِلَى قَضَائه، لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكاةُ.
(هـ) وَفِيهِ «الْخِلَافَةُ فِي قُرَيش، والحُكْم فِي الأنْصارِ، والدَّعْوَةُ فِي الحَبَشة» أَرَادَ بِالدَّعْوَة الأذَانَ، جَعَلَهُ فِيهِمْ تَفْضِيلاً لِمُؤذِّنه بِلاَلٍ «1» .
وَفِيهِ «لَوْلاَ دَعْوَةُ أخِينَا سُلَيْمَانَ لأصْبح مُوثَقًا يلْعبُ بِهِ وِلْدَانُ أهلِ المَدِينة» يَعْنِي الشيطانَ الَّذِي عرَض لَهُ فِي صَلاته، وأرادَ بِدَعْوَة سليمانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْلَهُ «وَهَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي» وَمِنْ جُمْلة مُلْكه تَسْخيرُ الشَّياطين وانْقِيادُهُم لَهُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «سأخْبركُم بأوَّل أمْرِي: دَعْوَة أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وبِشارةُ عِيسَى» دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى «رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ» وَبِشَارَةُ عِيسَى قَوْلُهُ «وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ مُعَاذٍ لمَّا أصَابَه الطَّاعُون قَالَ: «لَيْسَ برِجْزٍ وَلَا طاعُون، ولكنَّهْ رحمةُ رَبِّكُمْ، ودَعْوَةُ نَبيِّكم» أرادَ قولَه «اللَّهم اجْعلْ فنَاء أمَّتِي بالطَّعنِ والطَّاعُون» .
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَإِنَّ دَعْوَتَهُم تُحيطُ مِنْ ورائِهم» أَيْ تَحُوطُهم وتكْنُفُهم وتَحْفَظُهم، يُرِيدُ أهلَ السُّنَّةِ دُونَ أَهْلِ البِدْعَةِ. والدَّعْوَةُ: المرَّة الواحدةُ مِنَ الدُّعَاء.
وَفِي حَدِيثِ عَرَفَةَ «أكْثَرُ دُعَائِي ودُعَاء الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي بِعَرفاتٍ «لَا إلَه إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» إِنَّمَا سُمِّي التَّهلِيلُ وَالتَّحْمِيدُ والتَّمْجِيد دُعَاءً لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِه فِي استِيْجابِ ثَواب اللهِ وجَزَائِه، كالحَديثِ الْآخَرِ «إِذَا شَغَل عبْدِي ثَناؤُه عَليَّ عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أعطى السائِلين» .
__________
(1) في الهروي: وجعل الحكم في الأنصار لكثرة فقهائها.

(2/122)


بَابُ الدَّالِ مَعَ الْغَيْنِ

(دَغَرَ)
(هـ) فِيهِ «لَا تُعَذِّبْنَ أوْلاَدكُنَّ بِالدَّغْرِ» الدَّغْرُ: غَمْزُ الحَلْقِ بالأصْبَعِ، وَذَلِكَ أَنَّ الصَّبِيَّ تأخُذه العُذْرَة، وَهِيَ وجعٌ يَهيجُ فِي الحَلْق مِنَ الدَّمِ، فتُدْخِلُ المرأةُ فِيهِ إصْبَعَها فَتَرْفَعُ بِهَا ذَلِكَ المَوضعَ وتَكْبِسُه.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ قَالَ لِأُمِّ قيسٍ بنت محصن «علام تَدْغَرْنَ أولاد كنّ بِهَذِهِ العُلُقِ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «لَا قَطْعَ فِي الدَّغْرَةِ» قِيلَ هِيَ الخُلْسَةُ، وَهِيَ مِنَ الدَّفْعِ، لأنَّ المخْتِلس يَدْفَع نَفْسَه عَلَى الشَّيْءِ ليَخْتَلِسَه.

(دَغْفَقَ)
(هـ) فِيهِ «فَتَوضَّأنا كُلّنا مِنْهَا ونّحنُ أربَعَ عشْرَةَ مِائَةٍ نُدَغْفِقُهَا دَغْفَقَةً» .
دَغْفَقَ الْمَاء إِذَا دَفَقَهُ وَصبَّه صَبَّا كَثِيرًا واسِعاً. وَفُلَانٌ فِي عَيشٍ دَغْفَقٍ: أَيْ وَاسِع.

(دَغَلَ)
(هـ) فِيهِ «اتَّخَذوا دِينَ اللَّهِ دَغَلًا» أَيْ يَخْدعُون بِهِ النَّاسَ. وَأَصْلُ الدَّغَلِ:
الشَّجَرُ المُلْتَفُّ الَّذِي يَكْمُنُ أَهْلُ الفَسادِ فِيهِ، وقيلَ هُوَ مِنْ قَولهم أَدْغَلْتُ فِي هَذا الْأَمْرِ إِذَا أدْخَلْتَ فِيهِ مَا يُخَالفُه ويُفْسُده.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «ليسَ المؤْمن بالمُدْغِل» هُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَدْغَلَ.

(دَغَمَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ ضَحَّى بكَبْشٍ أَدْغَمَ» هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ أَدْنَى سَوادٍ، وَخُصُوصًا فِي أرْنَبَتِه وَتَحْتَ حنَكه.

بَابُ الدَّالِ مَعَ الْفَاءِ

(دَفَأَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ أُتي بأسِير يُرْعَد، فَقَالَ لِقَوْمٍ: اذْهَبوا بِهِ فَأَدْفُوهُ، فذَهَبوا بِهِ فقَتلوه.
فَوداه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإِدْفَاءَ مِنَ الدَّفْءِ، فحَسِبوه الْإِدْفَاء بِمَعْنَى الْقَتْلِ فِي لُغَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ. وَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْفِئُوهُ بِالْهَمْزِ فَخَفَّفَهُ بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ، وَهُوَ تَخْفِيفٌ شاذٌّ، كَقَوْلِهِمْ لاَ هَناك المَرْتَع، وتخفيفُه الْقِيَاسِيُّ أَنْ تُجعل الْهَمْزَةَ بَيْنَ بَيْن، لَا أنْ تُحذَف، فارْتَكَب

(2/123)


الشُّذوذ لِأَنَّ الْهَمْزَ لَيْسَ مِنْ لُغَةِ قُريش. فأمَّا الْقَتْلُ فَيُقَالُ فِيهِ أَدْفَأْتُ الجَريحَ، ودَافَأْتُهُ، ودَفَوْتُه، ودافَيْته، ودَافَفْتُه إِذَا أجْهَزْتَ عَلَيْهِ.
(هـ) وَفِيهِ «لَنَا مِنْ دِفْئِهِمْ وصِرامِهم» أَيْ مِنْ إِبِلهم وغنمِهم. الدِّفْءُ: نِتاج الْإِبِلِ وَمَا يُنْتفع به منها، سمّاها دَفْءً لِأَنَّهَا يُتَّخذ مِنْ أوْبارِها وأصوَافها مَا يُسْتَدْفَأُ بِهِ.

(دَفْدَفَ)
فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ «وإنْ دَفْدَفَتْ بهم الهما ليج» أى أسرعت، وهو من الدّفيف: السّير اللّبّن، بِتَكْرِيرِ الْفَاءِ.

(دَفَرَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ قَيْلة «أَلْقِي إِلَيَّ ابْنَةَ أَخِي يَا دَفَارِ» أَيْ يَا مُنْتِنَةُ. والدَّفْرُ: النَّتْن، وَهِيَ مَبْنية عَلَى الْكَسْرِ بوَزْن قَطامِ. وَأَكْثَرُ مَا يَرِدُ فِي النِّداء.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، لمَّا سَأَلَ كَعْبا عن ولاة الأمر فأخبره فقال: «وا دَفْرَاهُ» أى وا نتناه من هذا الأمر. وقيل أراد وا ذلّاه. يُقَالُ دَفَرَهُ فِي قَفاه إِذَا دَفَعه دفْعاً عَنِيفا.
وَمِنَ الْأَوَّلِ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «إِنَّمَا الحاجُّ الأشْعَثُ الْأَدْفَرُ الْأَشْعَرُ» .
(هـ) وَمِنَ الثَّانِي حَدِيثُ عِكْرمة فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى «يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا» قَالَ: يُدْفَرُونَ فِي أقْفِيَتِهم دَفْراً.

(دَفَعَ)
(س) فِيهِ «إِنَّهُ دَفَعَ مِنْ عَرفات» أَيِ ابْتَدأ السَّيْر ودَفَعَ نفسَه مِنْهَا ونَحَّاها، أَوْ دَفَع ناقَتَه وحَمَلها عَلَى السَّيْر.
وَمِنْهُ حَدِيثُ خَالِدٍ «أَنَّهُ دَافَعَ بِالنَّاسِ يَوْمَ مُؤتةَ» أَيْ دَفَعَهُمْ عَنْ مَوْقفِ الْهَلَاكِ. ويُروى بِالرَّاءِ، مِنْ رُفِع الشيءُ إِذَا أُزِيل عَنْ موضِعه.

(دَفَفَ)
فِي حَدِيثِ لُحوم الْأَضَاحِيِّ «إِنَّمَا نَهَيْتُكم عَنْهَا مِنْ أجْل الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ» الدَّافَّةُ: الْقَوْمُ يَسيرون جَمَاعَةً سَيْراً لَيْسَ بِالشَّدِيدِ. يُقَالُ: هُمْ يَدِفُّونَ دَفِيفاً. والدَّافَّة: قَوْمٌ مِنَ الْأَعْرَابِ يَرِدُون المِصْر، يُريد أَنَّهُمْ قَوم قَدِموا الْمَدِينَةَ عِنْدَ الأضْحَى، فنَهاهم عَنِ ادِّخار لُحوم الْأَضَاحِيِّ لِيُفُرِّقوها ويتصدَّقوا بِهَا، فيَنْتفِع أُولَئِكَ الْقَادِمُونَ بِهَا.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «قَالَ لِمَالِكِ بْنِ أَوْسٍ: قَدْ دَفَّت عَلَيْنَا مِنْ قَومِكَ دَافَّة» .

(2/124)


(هـ) وَحَدِيثُ سَالِمٍ «إِنَّهُ كَانَ يَليِ صَدَقةَ عُمر، فَإِذَا دَفَّتْ دَافَّة مِنَ الْأَعْرَابِ وجَّهها فيهم» .
(هـ) وحديث الأحنف «قال لمعلوية: لَوْلا عَزْمةُ أمِير الْمُؤْمِنِينَ لأخْبَرْتُه أنَّ دَافَّةً دَفَّت» .
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لنَجائبَ تَدِفُّ بِرَكْبانِها» أَيْ تَسِير بِهِمْ سَيْراً لَيِّناً.
(س) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «طَفِقَ الْقَوْمُ يَدِفُّونَ حَولَه» .
(هـ) وَفِيهِ «كُلْ مَا دَفَّ وَلَا تأكْل مَا صَفَّ» أَيْ كُلْ مَا حَرَّك جَناحَيْه فِي الطَّيَران كالحَمام وَنَحْوِهِ، وَلَا تَأْكُلْ مَا صَفَّ جناحَيه كالنُّسور والصُّقور.
وَفِيهِ «لَعَلَّهُ يَكُونُ أوْقَرَ دَفَّ رَحْله ذَهَبًا وَوَرِقاً» دَفَّ الرَّحْل: جانِبُ كُور البَعير، وَهُوَ سَرْجُه.
وَفِيهِ «فَصْلُ مَا بَيْن الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ الصَّوتُ والدُّفُّ» هُوَ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ مَعْرُوفٌ، وَالْمُرَادُ بِهِ إِعْلَانُ النِّكَاحِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّهُ دَافَّ أَبَا جَهْل يَوْمَ بَدْرٍ» أَيْ أجْهَز عَلَيْهِ وحَرَّرَ قَتْله.
يُقَالُ: دَافَفْتُ عَلَى الْأَسِيرِ، وَدَافَيْتُهُ، ودَفَّفْتُ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «أقْعصَ ابْنَا عَفْراء أَبَا جهْل ودَفَّفَ عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ» وَيُرْوَى بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِمَعْنَاهُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ خَالِدٍ «أَنَّهُ أسَر مِنْ بَني جَذِيمة قَوما، فَلَمَّا كَانَ الليلُ نادَى مُنادِيه:
مَنْ كَانَ مَعَهُ أسيرٌ فَلْيُدَافِّهِ» أَيْ يَقْتُلْه. ورُوي بِالتَّخْفِيفِ بِمَعْنَاهُ، مِنْ دافَيْتُ عَلَيْهِ.
(هـ) وَفِيهِ «إنَّ خُبَيْباً قَالَ وَهُوَ أسِير بِمَكَّةَ: ابْغُوني حَدِيدَةً أسْتَطيبُ بِهَا، فأُعْطِيَ مُوسَى فَاسْتَدَفَّ بِهَا» أَيْ حَلَقَ عانَته واسْتأصَل حَلْقَها، وَهُوَ مِنْ دَفَفْتُ عَلَى الْأَسِيرِ.

(دَفَقَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ «دُفَاقُ العَزائل» الدُّفاق: المطَر الْوَاسِعُ الْكَثِيرُ.
والعَزائل: مَقْلُوب العَزالِي، وَهُوَ مَخارج الْمَاءِ مِنَ المَزادة.

(2/125)


وَفِي حَدِيثِ الزِّبْرِقان «أبْغَضُ كَنائِني إليَّ الَّتِي تَمْشِي الدِّفِقَّى» هِيَ بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ والقَصْرِ: الْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ.

(دَفَنَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «قُمْ عَنِ الشَّمْسِ فَإِنَّهَا تُظْهِر الدَّاءَ الدَّفِين» هُوَ الدَّاءُ المسْتَتِرُ الَّذِي قَهَرَتْه الطَّبيعة. يَقُولُ: الشمسُ تُعِينُه عَلَى الطَّبيعة وتُظْهره بِحَرِّها.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ تَصِفُ أَبَاهَا «واجْتَهر دُفُنَ الرَّواء» الدُّفُنُ جَمْعُ دَفِينٍ، وَهُوَ الشَّيْءُ الْمَدْفُونُ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ شُريح «كَانَ لَا يَرُدُّ العَبْد مِنَ الِادِّفَانِ، ويَرُدُّه مِنَ الْإِبَاقِ الباتِّ» الِادِّفَانُ: هُوَ أَنْ يَخْتَفِي الْعَبْدُ عَنْ مَواليه الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ، وَلَا يَغِيب عَنِ المِصْرِ، وَهُوَ افْتِعال مِنَ الدَّفْن؛ لِأَنَّهُ يَدْفِنُ نفسَه فِي الْبَلَدِ: أَيْ يكْتُمها. والإبَاق: هُوَ أَنْ يَهْرُب مِنَ المِصْر. وَالْبَاتُّ:
الْقَاطِعُ الَّذِي لَا شُبهة فِيهِ.

(دَفَا)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ أبْصَر فِي بَعْضِ أسفارِه شَجَرَةً دَفْوَاء تُسَمَّى ذاتَ أنْوَاط» الدَّفْوَاء:
الْعَظِيمَةُ الظَّليلة، الْكَثِيرَةُ الفُروع والأغْصان.
(هـ) وَفِي صِفة الدَّجال «إنَّه عَرِيضُ النَّحْر فِيهِ دَفًا» الدَّفَا مَقْصُورٌ: الإنْحِناء. يُقَالُ رجُلٌ أَدْفَى، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي المعْتَل. وَجَاءَ بِهِ الْهَرَوِيُّ فِي الْمَهْمُوزِ فَقَالَ: رَجُلٌ أَدْفَأ، وَامْرَأَةٌ دَفْآء.

بَابُ الدَّالِ مَعَ الْقَافِ

(دَقَرَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عُمَرَ «قَالَ لأِسْلم مَوْلاه: أخَذَتْك دِقْرَارَةُ أهلِك» الدِّقْرَارَةُ:
وَاحِدَةُ الدَّقَارِيرِ، وَهِيَ الْأَبَاطِيلُ وَعَادَاتُ السُّوءِ، أَرَادَ أنَّ عَادَةَ السُّوءِ الَّتِي هِيَ عادةُ قَوْمك، وَهِيَ العُدُول عَنِ الحقِّ والعَملُ بِالْبَاطِلِ قَدْ نَزَعَتْك وعَرَضَت لَكَ فَعَمْلت بِهَا. وَكَانَ أسْلم عَبْدًا بُجَاويَّا.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ خَيْر «قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى عمَّارٍ دِقْرَارَة، وَقَالَ إِنِّي مَمْثُونٌ» الدِّقْرَارَة:
التُّبَّانُ، وَهُوَ السَّراويل الصَّغِيرُ الَّذِي يَسْتُر الْعَوْرَةَ وحْدَها. والممْثُون: الَّذِي يَشْتكِي مَثانَتَه.

(2/126)


وفي حديث مسيره إلى بدر «إنه جزع الصُّفَيْراء ثُمَّ صَبَّ فِي دَقْرَان» هُوَ وادٍ هُنَاكَ.
وصَبَّ: انْحَدر.

(دَقَعَ)
(هـ) فِيهِ «قَالَ لِلنِّسَاءِ: إنكُنَّ إِذَا جُعْتُنَّ دَقِعْتُنَّ» الدَّقْعُ: الخُضُوع فِي طَلَب الْحَاجَةِ، مَأخوذ مِنَ الدَّقْعَاء وَهُوَ التُّراب: أَيْ لَصِقْتُنَّ بِهِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا تَحِلّ الْمَسْأَلَةُ إِلَّا لذِي فَقْر مُدْقع» أَيْ شَدِيدٍ يُفْضِي بِصَاحِبِهِ إِلَى الدَّقْعَاءِ. وَقِيلَ هُوَ سُوء إحْتِمال الفَقْر.

(دَقَقَ)
فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ «قَالَ: فَإِنْ لَمْ أجِدْ؟ قَالَ لَهُ: اسْتَدِقَّ الدُّنْيَا واجْتَهِدْ رَأيك» أَيِ احْتَقِرْها واسْتَصْغِرْها. وَهُوَ اسْتَفْعل، مِنَ الشَّيْءِ الدَّقِيق الصَّغِيرِ.
وَمِنْهُ حديث الدعاء «اللهم اغْفِر لي ذَنْبِي كلَّه؛ دِقَّهُ وجِلَّهُ» .
وَفِي حَدِيثِ عَطَاءٍ فِي الكَيْل «قَالَ: لَا دَقَّ وَلَا زَلْزَلة» هُوَ أَنْ يَدُقَّ مَا فِي المِكيال مِنَ المَكِيل حَتَّى يَنْضَمَّ بعضُهُ إِلَى بَعْضٍ.
وَفِي مُنَاجَاةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ «سَلْنِي حَتَّى الدُّقَّة» قِيلَ هِيَ بتَشْديد الْقَافِ: المِلْح الْمَدْقُوقُ، وَهِيَ أَيْضًا مَا تَسْفِيه الرِّيح وتَسْحَقُه مِنَ التُّراب.

(دَقَلَ)
فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كنثر الدَّقَل» هو ردئ التَّمر ويابِسُه، وَمَا ليْس لَهُ اسْم خاصٌّ فَتراه ليُبْسه ورَدَاءته لَا يجْتَمِع وَيَكُونُ مَنْثُورا. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِيهِ «فصَعد القِرْدُ الدَّقَل» هُوَ خَشَبةٌ يُمَدُّ عَلَيْهَا شِرَاع السَّفِينة، وتُسَمِّيها البَحرِيَّة: الصَّارِي.

(2/127)


بَابُ الدَّالِ مَعَ الْكَافِ

(دَكْدَكَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ ووَصَف مَنْزِله فَقَالَ «سَهلٌ ودَكْدَاكٌ» الدَّكْدَاكُ:
مَا تَلَبَّدَ مِنَ الرَّمْلِ بِالْأَرْضِ وَلَمْ يَرتَفِع كَثيرا: أَيْ أنَّ أرضَهم ليْسَت ذَاتَ حُزونة، ويُجْمع عَلَى دَكَادِكَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمْرو بْنِ مُرَّة:
إِلَيْكَ أجُوب القُورَ بَعْد الدَّكَادِكِ

(دَكَكَ)
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «ثُمَّ تَدَاكَكْتُمْ عليَّ تَدَاكَك الْإِبِلِ الهِيم عَلَى حِيَاضِها» أَيِ ازْدَحَمْتُم. وَأَصْلُ الدَّكِّ: الكَسْر.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَا أعْلَم النَّاسِ بِشَفاعةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَتَدَاكَّ الناسُ عَلَيْهِ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى «كتَب إِلَى عُمر إنَّا وَجدْنا بالعِراق خَيْلًا عراضا دُكّا» أى عراض الظّور قِصَارَها. يُقَالُ فرَس أَدَكُّ، وخَيْل دُكٌّ، وَهِيَ البرَاذين.

(دَكَلَ)
فِي قَصِيدَةٍ مُدح بِهَا أصحابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
عَلِيٌّ لَهُ فَضْلانِ فَضْلُ قَرابَةٍ ... وفَضْلٌ بِنَصْل السَّيْفِ وَالسُّمُرِ الدُّكْل
الدُّكْل والدُّكْن وَاحِدٌ، يريدُ لَوْنَ الرِّمَاح.

(دَكَنَ)
(س) فِي حَدِيثِ فاطمةَ «أنَّها أوقَدَت القِدْر حَتَّى دَكِنَتْ ثِيابُها» دَكِنَ الثَّوب إِذَا اتَّسَخ واغْبَرَّ لَوْنُه يَدْكَنُ دَكَناً.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ خَالِدٍ فِي القَمِيص «حتَّى دَكِنَ» .
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «فبَنَيْنا لَهُ دُكَّاناً مِنْ طِينٍ يَجْلِسُ عَلَيْهِ» الدُّكَّانُ: الدَّكَّة الْمَبْنِيَّةُ للجُلوس عَلَيْهَا، وَالنُّونُ مُخْتَلف فِيهَا، فمنهمُ مَنْ يَجْعَلُها أصْلاً، وَمِنْهُمْ مَنْ يجْعَلُها زَائِدَةً.

(2/128)


بَابُ الدَّالِ مَعَ اللَّامِ

(دَلَثَ)
[هـ] فِي حَدِيثِ مُوسَى وَالْخَضِرِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ «وَإِنَّ الِانْدِلَاثَ والتّخطرف من النقحام والتَّكَلُّف» الِانْدِلَاثُ: التَّقَدُّم بِلَا فِكْرة وَلَا رَوِيَّة.

(دلج)
(س هـ) فِيهِ «عَليكم بالدُّلْجَةِ» هُوَ سَيْر اللَّيْلِ. يُقال أَدْلَجَ بالتَّخفيف إِذَا سَار مِنْ أَوَّلِ اللَّيْل، وادَّلَجَ- بِالتَّشْدِيدِ- إِذَا سارَ مِنْ آخِرِهِ. والاسْم منْهُما الدُّلْجَة والدَّلْجَة، بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهما فِي الْحَدِيثِ. وَمِنْهُمْ مَن يَجْعَل الْإِدْلَاجَ لِلَّيل كُلِّه، وَكَأَنَّهُ الْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، لِأَنَّهُ عَقَّبه بِقَوْلِهِ «فإنَّ الْأَرْضَ تُطْوى باللَّيل» . وَلَمْ يُفَرّق بَيْنَ أوّلِه وآخِره. وأنشدُوا لِعَليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
اصْبر عَلَى السَّيرِ والْإِدْلَاج فِي السَّحَرِ ... وَفِي الرَّوَاح عَلَى الحَاجَات والبُكَرِ
فَجَعَلَ الْإِدْلَاجَ فِي السَّحَر.

(دَلَحَ)
(هـ) فِيهِ «كُنَّ النِّساء يَدْلَحْنَ بالقِرَب عَلَى ظُهُورِهِنَّ فِي الغَزْو» والدَّلْحُ: أَنْ يَمْشِي بِالْحِمْلِ وَقَدْ أثْقَلَه. يُقَالُ دَلَحَ البَعير يَدْلَحُ. وَالْمُرَادُ أنَّهنَّ كُنَّ يَسْتَقِين الْمَاءَ ويَسْقِين الرِّجال.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ وَوَصف الْمَلَائِكَةَ فَقَالَ: «وَمِنْهُمْ كَالسَّحَائِبِ الدُّلَّحِ» جمع دَالِحٍ.
(هـ) ومنه حديث «إنَّ سَلْمان وَأَبَا الدَّرْداء اشْتَرَيا لَحْما فَتَدَالَحَاهُ بينَهما عَلَى عُود» أَيْ وضَعَاه عَلَى عُودٍ واحْتَملاه آخِذَيْن بِطَرَفَيْه.

(دَلْدَلَ)
(س) فِي حَدِيثِ أَبِي مَرْثَد «فَقَالَتْ عَنَاقُ البَغِيُّ: يَا أهْل الخِيام هَذَا الدُّلْدُلُ الَّذِي يَحْمِل أسْرَارَكم» الدُّلْدُلُ: القُنْفُذ. وَقِيلَ ذَكَر القنَافذ، يَحْتمل أنَّها شَبَّهَتْه بالقُنْفُذ لِأَنَّهُ أكثَر مَا يَظْهر فِي اللَّيل، وَلِأَنَّهُ يُخْفي رَأسَه فِي جَسَدِهِ مَا اسْتَطاع. ودَلْدَلَ فِي الْأَرْضِ: ذهَب. ومَرَّ يُدَلْدِلُ ويَتَدَلْدَلُ فِي مَشْيه إِذَا اضْطَرب.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ اسْم بَغْلَتِه عَلَيْهِ السَّلَامُ دُلْدُلًا» .

(دَلَسَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ «رَحِم اللَّهُ عُمَر لَوْ لَمْ يَنْهَ عَنِ الْمُتْعَةِ لَاتَّخَذَهَا النَّاسُ

(2/129)


دَوْلَسِيّاً» أَيْ ذَرِيَعة إِلَى الزِّنَا مُدَلِّسَةً. التَّدْلِيسُ: إخْفاء العَيْب. وَالْوَاوُ فِيهِ زَائِدَةٌ.

(دَلَعَ)
[هـ] فِيهِ «أَنَّهُ كَانَ يَدْلَعُ لسَانه لِلْحَسَنِ» أَيْ يُخْرِجه حَتَّى تُرى حُمْرتهُ فيَهَشُّ إِلَيْهِ، يُقَالُ دَلَعَ وأَدْلَعَ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّ امْرَأة رَأَتْ كَلْبًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ قَدْ أَدْلَعَ لِسَانه مِنَ العَطش» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «يُبْعَث شَاهِدُ الزُّور يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُدْلِعاً لسَانَه فِي النَّار» .

(دَلَفَ)
فِي حَدِيثِ الجَارُود «دَلَفَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَسِرَ لِثَامه» أَيْ قَرُب مِنْهُ وأقْبلَ عَلَيْهِ، مِنَ الدَّلِيفِ وَهُوَ المَشْي الرُّوَيْد.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ رُقَيْقَة «ولْيَدْلِفْ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ بَطْن رَجُل» .

(دَلَقَ)
(هـ) فِيهِ «يُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أقْتَاب بَطْنه» الِانْدِلَاقُ: خُروج الشَّيء مِنْ مَكَانِهِ، يُرِيد خُروج أمْعَائه مِنْ جَوْفه.
وَمِنْهُ «انْدَلَقَ السَّيف مِنْ جَفْنِهِ» إِذْ شَقَّه وخَرج مِنْهُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «جِئْتُ وَقَدْ أَدْلَقَنِي البَرْد» أَيْ أخْرَجَنِي.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ حَلِيمَةَ السَّعْدية «ومعَها شَارِفٌ دَلْقَاء» أَيْ مُتَكَسّرةُ الْأَسْنَانِ لكِبَرها، فَإِذَا شَرِبَت الْمَاءَ سَقَط مِن فِيها. وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا الدَّلُوقُ، والدِّلْقِم، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ.

(دَلَكَ)
فِيهِ ذِكر «دُلُوك الشَّمْسِ» فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْحَدِيثِ، وَيُرَادُ بِهِ زَوالها عَنْ وسَط السَّماء، وغُروبها أَيْضًا. وأصْل الدُّلُوكِ: الميْل.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَب إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: «بلَغَني أَنَّهُ أُعِدَّ لَك دَلُوكٌ عُجِن بخَمر، وإنِّي أظُنُّكم آلَ المُغِيرة ذَرْء النَّارِ» الدَّلُوكُ بِالْفَتْحِ: اسْمٌ لِمَا يَتَدَلَّكَ بِهِ مِنَ الْغَسُولَاتِ، كالعَدَس، والأشْنَان، وَالْأَشْيَاءِ المُطَيِّبة.
وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ وسُئل «أيُدَالِكُ الرَّجُل امْرَأته؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا كَانَ مُلْفَجًا» الْمُدَالَكَةُ:
المُماطَلَة، يَعْنِي مطْلَه إيَّاها بالمَهْر.

(دَلَلَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فِي صِفَةِ الصَّحَابَةِ «ويَخْرجون مِنْ عِنْدِهِ أَدِلَّة» هُوَ جَمْعُ

(2/130)


دَلِيلٍ: أَيْ بِمَا قَدْ عُلِّموه فَيَدُلُّونَ عَلَيْهِ النَّاس، يَعْنِي يَخْرُجون مِنْ عِنْدِهِ فُقَهاء، فجعَلهم أَنْفُسَهُمْ أَدِلَّةً مُبَالَغَةً.
(هـ) وَفِيهِ «كَانُوا يَرْحَلُون إِلَى عُمَرَ فينظُرون إِلَى سَمْته ودَلِّهِ فَيَتَشَبَّهُونَ بِهِ» وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الدَّلِّ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ والهدْيٌ والسَّمْتُ عبارةٌ عَنِ الْحَالَةِ الَّتِي يكونُ عَلَيْهَا الإنسانُ مِنَ السَّكينة والوَقار، وحُسْن السِّيرة والطَّريقة واستقامةِ المَنْظر وَالْهَيْئَةِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ سَعْدٍ «بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ بالبيتِ إِذْ رأيتُ امْرَأَةً أعْجَبني دَلُّهَا» أَيْ حُسْنُ هَيْأتِها. وَقِيلَ حُسنُ حَدِيثِهَا.
(س) وَفِيهِ «يَمْشِي عَلَى الصِّرَاطِ مُدِلًّا» أَيْ مُنْبَسِطًا لَا خَوْفَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِنَ الْإِدْلَالِ والدَّالَّة عَلَى مَنْ لَكَ عِنْدَهُ منْزِلةٌ.

(دَلَمَ)
فِيهِ «أميرُكم رجلٌ طُوالٌ أَدْلَمُ» الْأَدْلَمُ: الأسودُ الطويلُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَجَاءَ رجلٌ أَدْلَمُ فَاسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قِيلَ هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ مُجَاهِدٍ فِي ذِكْرِ أَهْلِ النَّارِ «لَسَعَتْهم عَقاربُ كأمثالِ الْبِغَالِ الدُّلْمِ» أَيِ السُّود، جَمْعُ أَدْلَم

(دَلَهَ)
(س) فِي حَدِيثِ رُقَيْقة «دَلَّهَ عقْلِي» أَيْ حَيَّرَه وأدْهشَه. وَقَدْ دَلِهَ يَدْلَهُ.

(دَلَا)
فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ «تَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ» التَّدَلِّي: النزولُ مِنَ العُلُوِّ. وقابُ القَوِس: قَدْرُه. وَالضَّمِيرُ فِي تَدَلَّى لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ «تَطَأْطَأْتُ لكم تَطأْطُأَ الدُّلَاةِ» هُمْ جمعُ دَالٍ- مِثل قاضٍ وقُضاة- وَهُوَ النازِعُ بالدَّلو المُسْتقى بِهِ الْمَاءُ مِنَ الْبِئْرِ. يُقَالُ أَدْلَيْتُ الدَّلْوَ ودَلَيْتُهَا إِذَا أرْسَلْتَها فِي البئرِ. ودَلَوْتُهَا أَدْلُوهَا فَأَنَا دالٍ: إِذَا أخرجْتَها، الْمَعْنَى تواضَعتُ لَكُمْ وتَطامنْت كَمَا يَفعل المُسْتقى بِالدَّلْوِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ «إِنْ حَبَشِيًّا وَقَعَ فِي بئرِ زمزمَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَدْلُوا ماءَها» أَيْ يَستَقُوه.

(2/131)


(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ استِسقاء عُمَرَ «وَقَدْ دَلَوْنَا بِهِ إِلَيْكَ مُسْتَشْفعين بِهِ» يَعْنِي العباسَ.
أَيْ توسَّلْنا، وَهُوَ مِنَ الدَّلْوِ لأنهُ يُتوصَّلُ بِهِ إِلَى الْمَاءِ. وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ أقْبَلْنا وسُقْنا، مِنَ الدَّلْوِ:
وَهُوَ السَّوقُ الرَّفِيقُ.

بَابُ الدَّالِ مَعَ الْمِيمِ

(دَمِثَ)
فِي صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «دَمِثٌ لَيْسَ بِالْجَافِي» أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ كَانَ لَيِّنَ الخُلُق فِي سُهولة. وَأَصْلُهُ مِنَ الدَّمْثِ، وَهُوَ الْأَرْضُ السَّهلةُ الرِّخْوةُ، والرَّملُ الَّذِي لَيْسَ بمُتَلبِّدٍ. يُقَالُ دَمِثَ المكانُ دَمَثاً إِذَا لانَ وسَهُلَ. فَهُوَ دَمِثٌ ودَمْثٌ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ مالَ إِلَى دَمْثٍ مِنَ الأرضِ فبالَ فِيهِ» وَإِنَّمَا فَعل ذَلِكَ لِئَلَّا يَرْتدَّ عَلَيْهِ رَشاشُ البَول.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «إِذَا قَرأتُ آلَ حم وقعْتُ فِي رُوضاتٍ دَمِثَاتٍ» جَمْعُ دَمِثَةٍ.
وَحَدِيثُ الْحَجَّاجِ فِي صفةِ الغَيثِ «فلبَّدتِ الدِّمَاثَ» أَيْ صَيَّرتْها لَا تَسُوخُ فِيهَا الأرجُلُ.
وَهِيَ جَمْعُ دَمْثٍ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنْ كَذبَ عَلَيَّ فَإِنَّمَا يُدَمِّثُ مَجْلِسَهُ مِنَ النَّارِ» أَيْ يُمَهِّدُ وَيُوَطِّئُ.

(دَمَجَ)
(هـ) فِيهِ «مَنْ شقَّ عَصا الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ فِي إسلامٍ دَامِجٍ فَقَدْ خلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقه» الدَّامِجُ: المجتمعُ. والدُّمُوجُ: دُخولُ الشيءِ فِي الشَّيْءِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ زَيْنَبَ «أَنَّهَا كَانَتْ تَكْرَه النَّقْطَ والأطرافَ إِلَّا أَنْ تَدْمُجَ اليدَ دَمْجاً فِي الخِضاب» أَيْ تعُمّ جميعَ الْيَدِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «بَلِ انْدَمَجْتُ عَلَى مكنونِ عِلمٍ لَوْ بُحْتُ بِهِ لاضْطَربتم اضْطِرابَ الأرْشِيَةِ فِي الطَّوِىِّ البعيدةِ» أَيِ اجتمعتُ عَلَيْهِ، وَانْطَوَيْتُ وَانْدَرَجْتُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «سبحانَ مَنْ أَدْمَجَ قوائمَ الذَّرّة والهَمَجَة» .

(دَمَرَ)
(هـ) فِيهِ «مَنِ إطَّلَع فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنهِم فَقَدْ دَمَرَ» وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ سَبَقَ

(2/132)


طَرْفُهُ اسْتِئْذَانَه فَقَدْ دَمَرَ عَلَيْهِمْ» أَيْ هَجَمَ ودخلَ بغيرِ إِذْنٍ، وَهُوَ مِنَ الدَّمَارِ: الهَلاَك؛ لِأَنَّهُ هُجُوم بِمَا يُكْرَهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ إِسَاءَةَ المُطَّلِع مثلُ إِسَاءَةِ الدَّامِر.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «فدَحَا السَّيْلُ بالبَطْحاء حَتَّى دَمَّرَ المكانَ الَّذِي كَانَ يُصَلَّى فِيهِ» أَيْ أهْلَكه. يُقال: دَمَّرَهُ تَدْمِيراً، ودَمَّرَ عَلَيْهِ بِمَعْنًى. ويُرْوى «حَتَّى دَفَنَ الْمَكَانَ» والمرادُ مِنْهُمَا دُرُوسُ الْمَوْضِعِ وذهابُ أثَره. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

(دَمَسَ)
فِي أرَاجِيز مُسَيْلِمَة «واللَّيل الدَّامِس» أَيِ الشَّدِيدِ الظُّلْمة.
(هـ) وَفِيهِ «كَأَنَّمَا خَرَج مِنْ دَيْمَاسٍ» هُوَ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: الكِنُّ: أَيْ كَأَنَّهُ مُخَدَّرٌ لَمْ يَرَ شَمْسًا. وَقِيلَ هُوَ السَّرَبُ المُظْلم. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مُفَسَّرًا أَنَّهُ الحَمَّامُ.

(دَمَعَ)
[هـ] فِي ذِكْرِ الشِّجَاج «الدَّامِعَةُ» هُوَ أَنْ يَسِيلَ الدَّمُ مِنْهَا قَطْراً كَالدَّمْعِ، وَلَيْسَتِ الدَّامغة بِالْغَيْنِ المُعْجَمة.

(دَمَغَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «دَامِغُ جَيْشَاتِ الأبَاطِيلِ» أَيْ مُهْلِكُها، يُقَالُ:
دَمَغَهُ يَدْمَغُهُ دَمْغاً إِذَا أصابَ دِمَاغَهُ فقَتَلَهُ.
(هـ) وَمِنْهُ ذِكْرُ الشِّجَاج «الدَّامِغَة» أَيِ الَّتِي انَتَهَتْ إِلَى الدِّمَاغِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ: «رأيتُ عَيْنَيْهِ عَيْنَيْ دَمِيغٍ» يُقَالُ رجلٌ دَمِيغٌ ومَدْمُوغٌ إِذَا خَرَجَ دِمَاغُهُ.

(دَمَقَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ خَالِدٍ «كَتَبَ إِلَى عُمَرَ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ دَمَقُوا فِي الْخَمْرِ وتزَاهَدُوا فِي الحَدّ» أَيْ تَهَافَتُوا فِي شُرْبها وانْبَسَطوا وأكثرُوا منهُ. وأصلُهُ مِنْ دَمَقَ عَلَى القَوْم إِذَا هَجَمَ بِغَيرِ إذْنٍ، مِثْلُ دَمَرَ.

(دَمَكَ)
فِي حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «كَانَا يَبْنِيَانِ البيتَ فيرفَعَانِ كلَّ يومٍ مِدْمَاكاً» الْمِدْمَاكُ: الصَّفُّ مِنَ اللَّبِن والْحِجَارَةِ فِي البِنَاء. عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ: مِدْمَاكٌ، وَعِنْدَ أَهْلِ العِراقِ: سافٌ، وَهُوَ مِنَ الدَّمْكِ: التَّوْثيق. والْمِدْمَاكُ: خَيْطُ الْبَنَّاءِ وَالنَّجَّارِ أَيْضًا.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ بناءُ الْكَعْبَةِ فِي الجاهِليَّةِ مِدْمَاكُ حِجَارة ومِدْمَاكُ عِيدانٍ مِنْ سَفِينةٍ انكسرَتْ» .

(2/133)


(دَمَلَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ سَعْدٍ «كَانَ يَدْمُلُ أرضَه بالعُرَّة» أَيْ يُصْلِحُها ويُعَالِجُها بِهَا، وَهِيَ السِّرْقين. مِنْ دَمَلَ بَيْن القَوم إِذَا أصْلَحَ بَيْنَهُمْ. وانْدَمَلَ الجُرحُ إِذَا صَلُح.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ «دَمِل جُرْحه عَلَى بَغْيٍ فِيهِ وَلَا يَدْرِي بِهِ» أَيِ انْخَتم عَلَى فَساد وَلَمْ يَعْلم بِهِ.

(دَمْلَجَ)
(س) فِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ مَعْدان «دَمْلَجَ اللهُ لُؤْلُؤَةً» دَمْلَجَ الشَّيْءَ إِذَا سوَّاهُ وأحْسنَ صَنْعَتَه. والدُّمْلُجُ والدُّمْلُوجُ: الحجرُ الأملسُ والمِعْضَدُ مِنَ الحُلِيِّ.

(دَمْلَقَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ ظَبْيان وذكَر ثُمود «رَمَاهُم اللهُ بِالدَّمَالِقِ» أَيْ بالحِجَارة المُلْسِ.
يُقَالُ دَمْلَقْتُ الشَّيْءَ ودَمْلكْتُه إِذَا أدَرْتَه ومَلَّسْتَه.

(دَمَمَ)
(س) فِي حَدِيثِ البهَيِّ «كَانَتْ بأُسَامة دَمَامَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
قَدْ أحْسنَ بنَا إذا لَمْ يَكُنْ جَارِيَةً» الدَّمَامَةُ بِالْفَتْحِ: القِصَرُ والقُبْحُ، ورجُلٌ دَمِيمٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمُتْعَةِ «وَهُوَ قَريبٌ مِنَ الدَّمَامَة» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «لَا يُزوّجَنّ أحدُكم ابْنَته بِدَمِيمٍ» .
وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ «وتَطْلِي المُعْتَدّةُ وجْههَا بِالدِّمَامِ وتَمسحُه نَهَارًا» الدِّمَامُ: الطِّلاَء.
وَمِنْهُ: دَمَمْتُ الثَّوْبَ إِذَا طليتَه بالصِّبغ. ودَمَّ البيتَ طيَّنَه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّخَعِي «لَا بأسَ بالصَّلاة فِي دِمَّة الغَنَمِ» يُريدُ مَرْبِضَها، كَأَنَّهُ دُمَّ بالبَوْلِ والبَعَرِ: أَيْ أُلْبِسَ وطُلِيَ. وَقِيلَ أرادَ دِمْنَة الغَنَم، فَقلب النُّونَ مِيماً لوقُوعِها بَعْدَ الْمِيمِ ثُمَّ أدْغمَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هَكَذَا سمِعتُ الفَزَاريّ يُحدثُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْكَلَامِ بالدِّمنَة بِالنُّونِ.

(دَمَنَ)
(هـ) فِيهِ «إيَّاكُم وخَضْراءَ الدِّمَنِ» الدِّمَنُ جَمْعُ دِمْنَةٍ: وَهِيَ مَا تُدَمِّنُهُ الإبلُ والغنَمُ بأبْوالِها وأبْعَارِها: أَيْ تُلبّده فِي مَرابِضها، فَرُبَّمَا نَبت فِيهَا النَّبَاتُ الحَسن النَّضِيرُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فيَنْبُتُون نَباتَ الدِّمْنِ فِي السَّيل» هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِكَسْرِ الدَّالِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، يُرِيدُ الْبَعْرَ لِسُرْعَةِ مَا ينبت فيه.

(2/134)


وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَأَتَيْنَا عَلَى جُدْجُدٍ مُتَدَمِّنٍ» أَيْ بِئْرٍ حَوْلَهَا الدِّمْنَةُ.
وَحَدِيثُ النَّخَعِيِّ «كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالصَّلَاةِ فِي دِمْنَةِ الْغَنَمِ» .
(هـ) وَفِيهِ «مُدْمِنُ الخَمْر كعابِد الوَثنِ» هُوَ الَّذِي يُعاقر شُربها ويلازمُه وَلَا ينْفك عَنْهُ. وَهَذَا تَغليظٌ فِي أمْرِها وتَحْريمها.
(هـ) وَفِيهِ «كَانُوا يتَبايعُون الثِّمارَ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صلاحُها، فَإِذَا جَاءَ التَّقاضِي قَالُوا أَصَابَ الثمرَ الدَّمَانُ» هُوَ بِالْفَتْحِ وتخفيفِ الْمِيمِ: فسادُ الثَّمَر وعَفَنُه قَبْلَ إدْرَاكه حَتَّى يَسْوَدَّ، مِنَ الدِّمْنِ وَهُوَ السِّرْقين. ويُقال إِذَا طَلعت النَّخلةُ عَنْ عَفَنٍ وَسَوَادٍ قِيلَ أصابَها الدَّمَانُ. وَيُقَالُ الدَّمال بِاللَّامِ أَيْضًا بِمَعْنَاهُ، هَكَذَا قيَّده الْجَوْهَرِيُّ وغيرُه بِالْفَتْحِ. وَالَّذِي جَاءَ فِي غَرِيبِ الخطَّابي بالضمِّ، وَكَأَنَّهُ أَشْبَهُ، لِأَنَّ مَا كَانَ مِنَ الأدْواء والعاهاتِ فَهُوَ بالضَّم، كالسُّعال والنُّحاز والزُّكام. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:
القُشام والمُراض، وهُما مِنْ آفَاتِ الثَّمرة، وَلَا خلافَ فِي ضَمِّهِمَا. وَقِيلَ هُما لُغَتان. قَالَ الخطَّابي:
ويُروى الدَّمَارُ بِالرَّاءِ، وَلَا مَعْنًى لَهُ.

(دَمَا)
(هـ) فِي صِفَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «كَأَنَّ عُنُقَه جِيدُ دُمْيَةٍ» الدُّمْيَةُ: الصُّورة المُصوَّرةُ، وَجَمْعُهَا دُمًى؛ لِأَنَّهَا يُتُنوّقُ فِي صنْعتها ويُبالَغ فِي تَحسينها.
وَفِي حَدِيثِ العَقيقة «يُحلَق رأسُه ويُدَمَّى» وَفِي رِوَايَةٍ «ويُسَمَّى» كَانَ قَتَادَةُ إِذَا سُئل عَنِ الدَّمِ كَيْفَ يُصْنع بِهِ قَالَ: إِذَا ذُبِحَت العقيقةُ أخِذَت مِنْهَا صُوفَةٌ واسْتُقبلت بِهَا أوداجُها، ثُمَّ تُوضعُ عَلَى يَافُوخِ الصَّبِي ليَسيل عَلَى رأسِه مثلُ الخيطِ، ثُمَّ يُغْسل رأسُه بعدُ ويُحلَقُ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ. وَقَالَ: هَذَا وهَمٌ مِنْ همَّامٍ. وَجَاءَ بِتَفْسِيرِهِ فِي الْحَدِيثِ عَنْ قَتَادَةَ وَهُوَ منسوخٌ. وَكَانَ مِنْ فِعْلِ الجاهِليِّة. وَقَالَ يُسمَّى أصحُّ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِذَا كَانَ قَدْ أمَرهم بإماطَة الأذَى اليابِس عَنْ رَأْسِ الصَّبي فَكَيْفَ يأمرُهم بِتَدْمِيَةِ رَأْسِهِ؟ والدَّمُ نَجِسٌ نَجَاسَةً مُغَلَّظةً.
وَفِيهِ «إِنَّ رجُلاً جَاءَ مَعَهُ أرْنبٌ فوضعَها بَيْنَ يديِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ:
إِنِّي وجدْتُها تَدْمَى» أَيْ أنَّها تَرْمِي الدَّم، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَرْنَبَ تَحِيضُ كَمَا تَحِيضُ الْمَرْأَةُ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ «قالَ: رَمَيْتُ يَوْمَ أُحُدٍ رَجُلًا بسهمٍ فقتَلْتُه، ثُمَّ رُمِيتُ بِذَلِكَ السَّهم أعْرِفُه، حَتَّى فعَلْتُ ذَلِكَ وفعَلُوه ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فقلتُ هَذَا سهمٌ مُباركٌ مُدَمًّى، فجعلْته

(2/135)


فِي كِنَانَتي، فَكَانَ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ» الْمُدَمَّى مِنَ السِّهَامِ: الَّذِي أَصَابَهُ الدَّمُ فَحَصَلَ فِي لَونِه سوادٌ وحُمْرةٌ ممَّا رُمِيَ بِهِ العَدُوُّ، ويُطْلقُ عَلَى مَا تَكَرَّرَ الرَّمْيُ بِهِ، والرُّماةُ يتَبَرَّكُون بِهِ. وَقَالَ بعضُهم: هُوَ مأخُوذٌ مِنَ الدَّامِيَاءِ وَهِيَ البَركةُ.
وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «فِي الدَّامِيَة بَعير» الدَّامِيَةُ: شَجَّةٌ تَشُقُّ الْجِلْدَ حَتَّى يَظْهرَ مِنْهَا الدمُ، فَإِنْ قَطَر مِنْهَا فَهِيَ دَامعَةٌ.
وَفِي حَدِيثِ بيْعة الْأَنْصَارِ والعَقَبة «بَلِ الدَّمُ الدَّمُ، والهدْمُ الهّدمُ» أَيْ أَنَّكُمْ تُطْلَبُون بدَمي وأطْلَب بدَمكُم، ودَمي ودَمُكُم شيءٌ وَاحِدٌ. وسَيَجِيءُ هَذَا الحديثُ مُبيَّناً فِي حَرْفَي اللَّامِ وَالْهَاءِ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي مرْيم الحَنفي: لأَنَا أَشدُّ بَغْضاً لَكَ مِنَ الأرْضِ لِلدَّمِ» يَعْنِي أَنَّ الدَّمَ لاَ تَشْربهُ الأرضُ وَلَا يَغُوصُ فِيهَا، فَجعل امْتِناعها مِنْهُ بُغْضا مَجَازًا. وَيُقَالُ: إِنَّ أَبَا مرْيم كَانَ قَتل أَخَاهُ زَيْدًا يَوْمَ الْيَمَامَةِ.
وَفِي حَدِيثِ ثُمامة بْنِ أُثالٍ «إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ» أَيْ مَنْ هُوَ مُطَالِبٌ بدَمٍ، أَوْ صَاحِبُ دَمٍ مَطْلُوبِ. ويُروى ذَا ذِمٍّ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ: أَيْ ذَا ذِمامٍ وحُرْمة فِي قَوْمِهِ. وَإِذَا عَقد ذِمَّةً وُفّيَ لَهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ قَتْلِ كعْب بْنِ الأشْرف «إِنِّي لأسْمَع صَوتاً كَأَنَّهُ صوتُ دَمٍ» أَيْ صوْتُ طَالِبِ دَمٍ يَسْتَشْفِي بقَتْله.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَة «والدَّمِ مَا هُوَ بِشاعِرٍ» يعْني النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذِهِ يَمينٌ كَانُوا يَحْلُفون بِهَا فِي الجاهليَّة، يَعْنِي دَمَ مَا يُذْبحُ عَلَى النُّصُب.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا والدِّمَاء» أَيْ دِمَاء الذَّبائح، ويُروى «لَا والدُّمَى» جَمْعُ دُمْيَةٍ، وَهِيَ الصُّورةُ، وَيُرِيدُ بِهَا الأصنام.

(2/136)


بَابُ الدَّالِ مَعَ النُّونِ

(دَنْدَنَ)
(هـ س) فِيهِ «أَنَّهُ سَأَلَ رَجُلًا مَا تَدْعُو فِي صلاتِك؟ فَقَالَ: أدْعُو بِكَذَا وَكَذَا، وأسْألُ رَبِّي الجنَّة، وأتَعوّذُ بِهِ مِنَ النَّار، فَأَمَّا دَنْدَنَتُكَ ودَنْدَنَةُ مُعاذٍ فَلَا نُحْسِنُها، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: حَوْلَهُمَا نُدَنْدِنُ» وَرُوِيَ «عَنْهُمَا نُدَنْدِنُ» الدَّنْدَنَةُ: أَنْ يتَكلم الرَّجُلُ بِالْكَلَامِ تُسمع نَغْمَته وَلَا يُفْهَم، وَهُوَ أَرْفَعُ مِنَ الْهَيْنَمَةِ قَلِيلًا. وَالضَّمِيرُ فى حولها لِلْجَنَّةِ وَالنَّارِ: أَيْ حَوْلَهُمَا نُدَنْدِنُ وَفِي طَلَبِهِمَا، وَمِنْهُ دَنْدَنَ الرَّجُلُ إِذَا اخْتَلَفَ فِي مَكَانٍ واحدٍ مَجِيئًا وذَهاباً. وَأَمَّا عَنْهُمَا نُدَنْدِنُ فَمَعْنَاهُ أَنَّ دَنْدَنَتَنَا صادرةٌ عَنْهُمَا وكائنةٌ بِسَبَبِهِمَا. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

(دَنَسَ)
فِي حَدِيثِ الْإِيمَانِ «كَأَنَّ ثيابَهُ لَمْ يَمسَّها دَنَسٌ» الدَّنَسُ: الوسخُ. وَقَدْ تَدَنَّسَ الثَّوبُ: اتَّسخ.

(دَنَّق)
[هـ] فِي حَدِيثِ الْأَوْزَاعِيِّ «لَا بأسَ للأسِير إِذَا خَافَ أَنْ يُمثَّل بِهِ أَنْ يُدَنِّقَ لِلْمَوْتِ» أَيْ يُدْنو منهُ. يُقَالُ دَنَّقَ تَدْنِيقاً إِذَا دَنا، ودَنَّقَ وجهُ الرَّجل إِذَا اصْفَرّ مِنَ المَرض، ودَنَّقَتِ الشَّمسُ إِذَا دنَت مِنَ الغُروب، يُريد لَهُ أَنْ يُظْهر أَنَّهُ مُشْفٍ عَلَى الموتِ لِئَلَّا يُمثَّلَ بِهِ.
وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ «لَعَنَ اللهُ الدَّانَقَ وَمَنْ دَنَّقَ الدَّانَق» هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا:
سُدْسُ الدِّينار والدِّرهَم «1» ، كَأَنَّهُ أَرَادَ النَّهيَ عَنِ التَّقْدِير والنَّظَر فِي الشَّيء التَّافِهِ الحقِيرِ.

(دَنَا)
(هـ س) فِيهِ «سَمُّوا اللهَ ودَنُّوا وسَمِّتُوا» أَيْ إِذَا بدَأتُم بالأكْلِ كُلُوا مِمَّا بيْن أَيديكُم وقَرُبَ مِنْكُمْ، وَهُوَ فَعّلُوا، مِنْ دَنَا يَدْنُو. وسَمِّتُوا: أَيِ ادعُوا للمُطْعِم بالبَركةِ.
وَفِي حَدِيثِ الحُديْبِيَة «علامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دينِنا» أَيِ الخَصْلَة المذمُومة، والأصلُ فِيهِ الهمزُ، وَقَدْ تخففُ، وَهُوَ غيرُ مَهمُوز أَيْضًا بِمَعْنَى الضَّعِيفِ الْخَسِيسِ.
وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ «الجَمْرَة الدُّنْيَا» أَيِ القَرِيبة إِلَى مِنىً، وَهِيَ فُعْلى مِنَ الدُّنُوِّ، والدُّنْيَا أَيْضًا اسمٌ لِهَذِهِ الحياةِ لبُعد الْآخِرَةِ عَنْهَا. والسماءُ الدُّنْيَا لِقُرْبها مِنْ ساكِني الأرضِ. وَيُقَالُ سماءُ الدُّنْيَا عَلَى الْإِضَافَةِ.
__________
(1) كذا فى الأصل وا واللسان وشرح القاموس. والذي في الصحاح والمصباح والقاموس «الدانق: سدس الدرهم» وهو ما ذكره اللسان أيضا.

(2/137)


وَفِي حَدِيثِ حبْس الشَّمْسِ «فَادَّنَى مِنَ القَرْية» «1» هَكَذَا جَاءَ فِي مُسلِم، وَهُوَ افْتَعل، مِنَ الدنُوِّ. وأصلُه ادْتَنا، فأُدْغِمَتِ التاءُ فِي الدَّال.
وَفِي حَدِيثِ الْأَيْمَانِ «ادْنُه» هُوَ أمرٌ بالدُّنُوِّ: القُرب، والهاءُ فِيهِ لِلسَّكْتِ جيءَ بِهَا لبَيان الْحَرَكَةِ. وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ.

بَابُ الدَّالِ مَعَ الْوَاوِ

(دَوْبَلَ)
(س) فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ: لأرُدَّنّك إرِّيسًا مِنَ الأرَارسَة تَرعى الدَّوَابِلَ» هِيَ جَمْعُ دَوْبَلٍ، وَهُوَ ولدُ الخِنْزِير والحمَارِ، وَإِنَّمَا خَصَّ الصِّغَار لِأَنَّ راعيَها أوضَعُ مِنْ رَاعِي الْكِبَارِ، وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ.

(دَوَجَ)
(س) فِيهِ «مَا تركتُ حَاجَةً وَلَا دَاجَةً إِلَّا اقْتَطَعْتُهَا» الدَّاجَةُ إتباعُ الحاجَة، وعينُهَا مجهولةٌ فحُمِلت عَلَى الْوَاوِ؛ لِأَنَّ المُعْتَلَّ الْعَيْنِ بِالْوَاوِ أكثرُ مِنَ اليَاء، ويُروى بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ.

(دَوَحَ)
(هـ) فِيهِ «كَمْ مِنْ عَذْقٍ دَوَّاحٍ فِي الْجَنَّةِ لِأَبِي الدَّحْداح» الدَّوَّاحُ: العظيمُ الشديدُ العُلوِّ، وكُلُّ شَجَرَةٍ عَظِيمَةٍ دَوْحَة. والعَذْق بِالْفَتْحِ: النخلةُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الرُّؤْيَا «فَأَتَيْنَا عَلَى دَوْحَةٍ عظيمةٍ» أَيْ شَجَرَةٍ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «إِنَّ رَجُلًا قَطَعَ دَوْحَةً مِنَ الحَرم فأمَره أَنْ يُعتق رَقَبَةً» .

(دَوَخَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ وفْد ثَقيف «أَدَاخَ الْعَرَبَ ودَان لهُ النَّاسُ» أَيْ أذلَّهم. يُقَالُ دَاخَ يَدُوخُ إِذَا ذَلَّ، وأَدَخْتُهُ أَنَا فَدَاخ.

(دَوْخَلَ)
(س) فِي حَدِيثِ صِلَة بْنِ أَشْيم «فَإِذَا سِبٌّ فِيهِ دَوْخَلَّةُ رُطَب فأكلتُ مِنْهَا» هِيَ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ: سَفِيفَةٌ مِنْ خُوصٍ كالزِّبِّيل، والقَوْصَرَّة يُتْركُ فِيهَا التَّمرُ وَغَيْرُهُ، وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ.

(دَوَدَ)
(س) فِيهِ «إِنَّ المؤذِّنين لَا يُدَادُونَ» أَيْ لَا يأكُلُهم الدُّودُ. يُقَالُ دَادَ الطعامُ، وأَدَادَ، ودَوَّدَ فَهُوَ مُدَوِّدٌ بِالْكَسْرِ، إِذَا وَقَعَ فِيهِ الدُّودُ.
__________
(1) في الأصل واللسان: بالقرية. وما أثبتناه من ا. والذى فى مسلم باب تحليل الغنائم من كتاب الجهاد: فأدني للقرية.

(2/138)


(دَوَرَ)
(هـ) فِيهِ «أَلَا أُخْبِرُكُم بِخَير دُورِ الأنْصارِ؟ دُورِ بَنِي النَّجارِ ثُمَّ كَذَا وَكَذَا» الدُّورُ جَمْعُ دَارٍ وَهِيَ المنازلُ المسكونَة والمحالُّ، وَتُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى دِيَارٍ، وَأَرَادَ بِهَا هَاهُنَا القبائلَ، وكُلُّ قبيلةٍ اجْتَمَعَتْ فِي مَحلَّةٍ سُميت تِلْكَ المحَلة دَاراً، وسُمي ساكنُوها بِهَا مَجَازًا عَلَى حَذْفِ المُضاف:
أَيْ أهْل الدُّور.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَا بَقِيَتْ دَارٌ إلاَّ بُنِي فِيهَا مسْجِدٌ» أَيْ قبيلَةٌ.
فَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «وَهَلْ تَركَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ دَارٍ» فَإِنَّمَا يُريد بِهِ المنزلَ لَا القَبيلَة.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ «سلامٌ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ» سَمَّى موضعَ الْقُبُورِ دَاراً تَشْبِيهًا بِدَارِ الأْحياءِ لاجتماعِ الموتَى فِيهَا.
وَفِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ «فأسْتَأذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ» أَيْ فِي حضْرة قُدْسه. وَقِيلَ فِي جَنَّته، فَإِنَّ الْجَنَّةَ تُسَمَّى دَارَ السَّلَامِ. وَاللَّهُ هُوَ السَّلَامُ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
ياليلة مِنْ طُولِها وعَنَائِهَا ... عَلَى أنَّها مِنْ دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ
الدَّارَة أخصُّ مِنَ الدَّار.
وَفِي حَدِيثِ أَهْلِ النَّارِ «يحترقُون فِيهَا إلاَّ دَارَاتِ وجُوههم» هِيَ جَمْعُ دَارَةٍ وَهُوَ مَا يُحيطُ بالوَجْه مِنْ جَوَانِبه، أرادَ أنَّها لَا تأكُلُها النَّارُ لِأَنَّهَا مَحلُّ السجُود.
(هـ) وَفِيهِ «إِنَّ الزمانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِه يومَ خلَق اللهُ السمواتِ والأرضَ» يُقَالُ دَارَ يَدُورُ، واسْتَدَارَ يَسْتَدِيرُ بِمَعْنَى إِذَا طافَ حَوْلَ الشَّيْءِ وَإِذَا عادَ إِلَى الموضِع الَّذِي ابْتَدَأ مِنْهُ. وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ العَرَب كَانُوا يُؤَخّرون المحرَّم إِلَى صَفَر وَهُوَ النَّسِيء ليُقاتِلوا فِيهِ، ويفعلُون ذَلِكَ سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ، فينْتقِلُ المحرَّم مِنْ شَهرٍ إِلَى شهرٍ حَتَّى يَجْعَلُوه فِي جَمِيعِ شُهور السَّنة، فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ السَّنةُ كَانَ قَدْ عَاد إِلَى زَمَنِه المخصوصِ بِهِ قبلَ النَّقلِ، وَدَارَتِ السَّنةُ كهيئتِها الأُولَى.
وَفِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ «قَالَ لَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَقَدْ دَاوَرْتُ بَنِي إسرائيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فضَعُفوا» هُوَ فاعَلْتُ، مِنْ دَارَ بِالشَّيْءِ يَدُورُ بِهِ إِذَا طافَ حولَه. ويُروى راودْتُ.

(2/139)


وَفِيهِ «فَيَجْعَلُ الدَّائِرَةَ عَلَيْهِمْ» أَيِ الدَّولةَ بالغَلَبة والنَّصر.
(هـ) وَفِيهِ «مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ مَثلُ الدَّارِيِّ» الدَّارِيُّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ: العطَّارُ. قَالُوا لِأَنَّهُ نُسِبَ إِلَى دَارِين، وَهُوَ موضعٌ فِي الْبَحْرِ يُؤتى مِنْهُ بالطِّيب.
وَمِنْهُ كَلَامُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «كَأَنَّهُ قِلْعٌ دَارِيٌّ» أَيْ شِراعٌ منسوبٌ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ البحْرِي.

(دَوَسَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع «ودَائِسٌ ومُنَقٍّ» الدَّائِسُ: هُوَ الَّذِي يَدُوسُ الطَّعامَ ويدُقّه بالفدّانِ ليُخْرِجَ الحبَّ مِنَ السُّنبل، وَهُوَ الدِّيَاسُ، وقُلبَتِ الواوُ يَاءً لِكَسْرَةِ الدَّالِ.

(دَوَفَ)
(س) فِي حَدِيثِ أُمِّ سُلَيم «قَالَ لَهَا وَقَدْ جَمَعت عَرَقَه: مَا تَصْنَعين؟ قَالَتْ عَرَقُكَ أَدُوفُ بِهِ طِيبِي» أى أخاط، يُقَالُ دُفْتُ الدَّواءَ أَدُوفُهُ إِذَا بَلَلْتَه بماءٍ وخلطْتَه، فَهُوَ مَدُوفٌ ومَدْوُوفٌ عَلَى الْأَصْلِ، مِثْلُ مَصُون ومَصْوُون، وَلَيْسَ لَهُمَا نظيرٌ. وَيُقَالُ فِيهِ دافَ يَدِيفُ بِالْيَاءِ، والواوُ فِيهِ أكثرُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ سلمانَ «أَنَّهُ دَعا فِي مَرَضِهِ بِمسْك فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَدِيفِيهِ فِي تَوْرٍ مِنْ ماءٍ» .

(دَوْفَصَ)
(س) فِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ «قَالَ لطبَّاخِه: أكْثر دَوْفَصَهَا» قِيلَ هُوَ البَصل الأبيضُ الأملسُ.

(دَوَكَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ خَيْبَرَ «لأُعْطِينَّ الرايةَ غَدًا رجُلاً يُحِبُّه اللَّهُ ورسولُه ويُحِب اللهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَح اللهُ عَلَى يَدَيْهِ، فباتَ الناسُ يَدُوكُونَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ» أَيْ يخُوضُون ويمُوجون فِيمَنْ يَدْفَعُها إِلَيْهِ. يُقَالُ وقعَ الناسُ فِي دَوكَةٍ ودُوكَةٍ: أَيْ فِي خوضٍ واختلاطٍ.

(دَوَلَ)
فِي حَدِيثِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ «إِذَا كَانَ المغْنَمُ دُوَلًا» جَمْع دُولَةٍ بِالضَّمِّ، وَهُوَ مَا يَتَدَاوَلُ مِنَ المالِ، فَيَكُونُ لقومٍ دُونَ قَوْمٍ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ «حدِّثني بحديثٍ سمعتَه مِنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَتَدَاوَلْهُ بينَك وبينَه الرجالُ» أَيْ لَمْ تتَنَاقَلْه الرجالُ ويَرْويه وَاحِدٌ عَنْ واحدٍ، إِنَّمَا تَرْويه أنتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(2/140)


وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ ثَقِيف «نُدَالُ عَلَيْهِمْ ويُدَالُونَ عَلَيْنَا» الْإِدَالَة: الغَلَبة. يُقَالُ: أُدِيلَ لَنَا عَلَى أعْدائنا، أَيْ نُصِرْنا عَلَيْهِمْ، وَكَانَتِ الدَّوْلَةُ لَنَا. والدَّوْلَةُ: الإنْتقَالُ مِنْ حالِ الشِّدّة إِلَى الرَّخاء «1» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي سُفْيَانَ وهِرْقَل «نُدالُ عَلَيْهِ ويُدالُ عَلَيْنَا» أَيْ نغلبهُ مَرَّةً ويغلبُنا أُخْرَى.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَجَّاجِ «يُوشِك أَنْ تُدَالَ الْأَرْضُ مِنَّا» أَيْ تُجْعل لَهَا الكرَّةُ والدولةُ عَلَيْنَا فَتَأْكُلُ لحُومَنا كَمَا أكَلْنا ثِمَارها، وتشرَبُ دِماءَنا كَمَا شَرِبْنَا مِيَاهَهَا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ الْمُنْذِرِ «قَالَتْ: دَخَل عَلَيْنَا رسولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ عليٌّ وَهُوَ ناقِهٌ، وَلَنَا دَوَالٍ مُعَلَّقَةٌ» الدَّوَالِي جمعُ دَالِيَةٍ، وَهِيَ العِذْقُ مِنَ البُسْر يُعَلّقُ، فَإِذَا أرْطبَ أُكلَ، والواوُ فِيهِ مُنْقلبة عَنِ الألِف. وَلَيْسَ هَذَا موضِعَها، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا لِأَجْلِ لَفْظها.

(دَوْلَجَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّ رجُلا أتاهُ فَقَالَ: أتَتْنِي امرأةٌ أُبايُعها، فأدخلتُها الدَّوْلَجَ وضربتُ بيدِي إِلَيْهَا» الدَّوْلَجُ: المخدْعُ، وَهُوَ البيتُ الصغيرُ دَاخِلَ الْبَيْتِ الْكَبِيرِ. وأصلُ الدَّوْلَجِ وَوْلَجٌ، لِأَنَّهُ فَوْعَلٌ، مِنْ وَلَج يَلِجُ إِذَا دَخَل، فأبْدلوا مِنَ الْوَاوِ تَاءً فَقَالُوا تَوْلج، ثُمَّ أبدَلوا مِنَ التَّاءِ دَالًا فَقَالُوا دَوْلج. وَكُلُّ مَا وَلَجْتَ فِيهِ مِنْ كَهْفٍ أَوْ سَرَبٍ وَنَحْوِهِمَا فَهُوَ تَوْلج ودَوْلَج، وَالْوَاوُ فِيهِ زَائِدَةٌ. وَقَدْ جَاءَ الدَّوْلَجُ فِي حَدِيثِ إِسْلَامِ سَلمانَ، وَقَالُوا: هُوَ الكِناسُ مأوَى الظّبَاء.

(دَوَمَ)
(هـ) فِيهِ «رأيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي ظِلِّ دَوْمَةٍ» الدَّوْمَةُ واحدةُ الدَّوْمِ، وَهِيَ ضِخامُ الشَّجَرِ. وَقِيلَ هُوَ شجَرُ المُقْل.
(س) وَفِيهِ ذِكْر «دَوْمَةُ الجَنْدَلِ» وَهِيَ موضعٌ، وتُضَم دالُها وتفتح.
__________
(1) أنشد الهروي للخليل بن أحمد:
وفّيْتُ كلّ صديق ودَّنى ثمناً ... إلاّ المؤمِّلَ دُولاَتي وأيامى

(2/141)


وَفِي حَدِيثِ قصْر الصَّلَاةِ ذِكْرُ «دَوْمَيْنِ» وَهِيَ بِفَتْحِ الدالِ وكسرِ الميمِ. وَقِيلَ بِفَتْحِهَا:
قريةٌ قريبةٌ مِنْ حِمْص.
(س) وَفِي حَدِيثِ قُس وَالْجَارُودِ «قَدْ دَوَّمُوا العمائمَ» أَيْ أدارُوها حَوْلَ رؤسهم.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْجَارِيَةِ الْمَفْقُودَةِ «فَحَملَني عَلَى خافيةٍ مِنْ خَوَافِيه ثُمَّ دَوَّمَ بِي فِي السَّمَاءِ» أَيْ أَدَارَنِي فِي الجَوِّ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «أَنَّهَا كَانَتْ تَصِفُ مِنَ الدُّوَامِ سَبْعَ تمراتٍ عجوةَ فِي سَبْعِ غَدَوات عَلَى الرِّيق» الدُّوَامُ بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيفِ: الدُّوارُ الَّذِي يَعْرِض فِي الرَّأْسِ. يُقَالُ دِيمَ بِهِ وأُدِيم.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُبال فِي الْمَاءِ الدَّائِم» أَيِ الراكِد السَّاكِنِ، مِنْ دَامَ يَدُومُ إِذَا طَالَ زَمَانُهُ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «قَالَتْ لِلْيَهُودِ: عَلَيْكُمُ السامُ الدَّام» أَيِ الموتُ الدَّائِم، فَحَذَفَتِ الياءَ لأجْل السَّامِّ.

(دَوَا)
(هـ) فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع «كلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ» أَيْ كلُّ عَيْب يكونُ فِي الرجالِ «1» فَهُوَ فِيهِ. فجعَلَت العَيبَ دَاءً. وَقَوْلُهَا لَهُ دَاءٌ خبرٌ لكلّ. ويحتمل أن يكون صفةً لداء، وداءٌ الثانية خبرٌ لكل: أَيْ كلُّ داءٍ فِيهِ بليغٌ مُتَناهٍ، كَمَا يُقَالُ إِنَّ هَذَا الفَرَسَ فَرَسٌ.
(هـ س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وأيُّ دَاءٍ أَدْوَى مِنَ البُخْلِ» أَيْ أيُّ عَيب أقبحُ مِنْهُ: وَالصَّوَابُ أدْوَأُ بِالْهَمْزِ، وَمَوْضِعُهُ أوّلُ الْبَابِ، وَلَكِنْ هَكَذَا يُرْوَى، إِلَّا أَنْ يُجْعل مِنْ بَابِ دَوِيَ يَدْوَى دَوًى فَهُوَ دَوٍ، إِذَا هَلَك بِمَرَضٍ بَاطِنٍ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ العَلاءِ بنِ الحَضْرمي «لَا دَاء وَلَا خِبْثةَ» هُوَ العيبُ الْبَاطِنُ فِي السِّلعةِ الَّذِي لَمْ يطَّلِعْ عَلَيْهِ المشترِي.
(س) وَفِيهِ «إِنَّ الخَمْر دَاءٌ وَلَيْسَتْ بِدَوَاءٍ» اسْتَعْمَلَ لفظَ الدَّاءِ فِي الْإِثْمِ كَمَا اسْتَعْمَله فِي العَيب.
(هـ) وَمِنْهُ قَوْلُهُ «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قبلَكم، البَغْضاءُ والحَسَدُ» فَنَقل الدَّاءَ مِنَ الأجْسام
__________
(1) في الأصل: الرجل. والمثبت من اواللسان والهروى.

(2/142)


إِلَى المعَاني، وَمِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا إِلَى أَمْرِ الْآخِرَةِ. وَقَالَ: وَلَيْسَتْ بِدَوَاءٍ وَإِنْ كَانَ فِيهَا دَوَاءٌ مِنْ بَعْضِ الْأَمْرَاضِ عَلَى التَّغْليب والمُبالَغةِ فِي الذَّم. وَهَذَا كَمَا نُقِلَ الرَّقُوبُ، والمُفْلسُ، والصُّرَعةُ، وَغَيْرُهَا لضَرْبٍ مِنَ التَّمثِيل والتَّخييل.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «إِلَى مَرْعىً وبِىٍّ ومَشْرَبٍ دَوِيٍّ» أَيْ فِيهِ دَاءٌ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى دَوٍ، مِنْ دَوِيَ بِالْكَسْرِ يَدْوَى.
(س) وَفِي حَدِيثِ جُهَيش «وكأَيِّنْ قَطَعْنا إِلَيْكَ مِنْ دَوِّيَّة سَرْبَخٍ» الدَّوُّ: الصحراءُ الَّتِي لَا نَباتَ بِهَا، والدَّوِّيَّةُ مَنْسوبة إِلَيْهَا، وَقَدْ تُبدَلُ مِنْ إحدَى الْوَاوَيْنِ أَلِفٌ، فيقالُ دَاوِيَّة عَلَى غَيْرِ قياسٍ، نَحْوَ طَائِيٍّ فِي النَّسَب إِلَى طَيّ.
وَفِي حَدِيثِ الْإِيمَانِ «نسمعُ دَوِيَّ صَوْتِه وَلَا نَفْقه مَا يقولُ» الدَّوِيُّ: صَوت لَيْسَ بِالْعَالِي، كصوتِ النَّحلِ وَنَحْوِهِ.
وَمِنْهُ خُطْبَةُ الْحَجَّاجِ:
قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بصلبىّ ... أرْوَعَ خَرَّاجٍ مِنَ الدَّاوِيِّ «1»
يَعْنِي الفَلَوَات، جَمْعُ دَاوِيَّةٍ، أَرَادَ أَنَّهُ صاحبُ أسْفارٍ ورِحَل، فَهُوَ لَا يَزَال يَخرُجُ مِنَ الفَلَوات ويَحتَملُ أَنْ يكونَ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ بصيرٌ بالفلَوات فَلَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا.

بَابُ الدَّالِ مَعَ الْهَاءِ

(دَهْدَأَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا «فَيَتَدَهْدَى الحجرُ فيَتْبَعُه فيأخُذُه» أَيْ يتَدَحْرجُ.
يُقَالُ دَهْدَيْتُ الحَجَرَ ودهْدَهْتُه.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَمَا يُدَهْدِهُ الجُعَلُ خيرٌ مِنَ الَّذين ماتُوا فِي الجَاهليَّة» هُوَ الذي يُدَحْرِجُه من السِّرْجين.
__________
(1) بعده: مهاجر ليس بأعرابىّ

(2/143)


وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «كَمَا يُدَهْدِهُ الجُعَلُ النَّتْنَ بأنْفه» .

(دَهَرَ)
(هـ) فِيهِ «لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فَإِنَّ الدَّهْر هُوَ اللَّهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «فإنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ» كَانَ مِنْ شأنِ العرَب أَنْ تَذُمَّ الدَّهْرَ وتَسُبَّهُ عِنْدَ النَّوازِل والحَوَادِث، وَيَقُولُونَ أبَادَهُم الدَّهْرُ، وأصَابَتُهم قَوَارِعُ الدَّهْرِ وحَوادِثُه، ويُكْثرُون ذِكْرَه بِذَلِكَ فِي أشْعارِهم. وذكَرَ اللُّه عَنْهُمْ فِي كِتابهِ العَزِيز فَقَالَ: «وَقالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ»
والدَّهْرُ اسمٌ للزَّمان الطَّويل ومُدَّة الحياةِ الدُّنيا، فنَهاهُم النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَمِّ الدَّهْرِ وسبِّه: أَيْ لَا تَسُبُّوا فاعِلَ هَذِهِ الأشْياء، فإنَّكم إِذَا سَبَبْتُموُه وَقَعَ السَّبُّ عَلَى اللَّهِ تعالَى لأنَّه الفعَّالُ لِمَا يُريد لاَ الدَّهرُ، فيكونُ تقديرُ الرِّوَايَةِ الأُولىَ: فَإِنَّ جَالِبَ الحَوادِثِ ومُنزِّلها هُوَ اللهُ لَا غَيْرُ، فوضعَ الدَّهْرَ موضِعَ جَالِبِ الحَوَادِثِ لاشْتِهارِ الدَّهْرِ عندَهُم بِذَلِكَ، وتقديرُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: فَإِنَّ اللهَ هُوَ جَالبٌ للحَوادِث لَا غَيْرُه الجَالبُ، رَدًّا لاعْتِقَادِهم أَنَّ جَالِبَها الدَّهْرُ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ سَطيح.
فإنَّ ذَا الدَّهْرَ أطْوارٌ دَهَارِيرُ حَكَى الْهَرَوِيُّ عَنِ الْأَزْهَرِيِّ أَنَّ الدَّهَارِيرَ جَمْعُ الدُّهُورِ، أرادَ أَنَّ الدَّهْرَ ذُو حالَينِ مِنْ بُؤْس ونُعْمٍ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ دَهْرٌ دَهَارِيرُ: أَيْ شَدِيدٌ، كَقَوْلِهِمْ ليلةٌ لَيلاَءُ، ويومٌ أَيْوَمُ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الدَّهَارِيرُ تَصَارِيفُ الدَّهْرِ ونوائبُه، مُشتقٌ مِنْ لَفْظ الدَّهر، لَيْسَ لَهُ واحدٌ مِنْ لَفْظِه كعَبَادِيدَ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ مَوْتِ أَبِي طَالِبٍ «لَوْلَا أنَّ قُرَيشاً تقولُ دَهَرَهُ الجَزَعُ لَفَعلتُ» يُقَالُ دَهَرَ فُلانا أمْرٌ إِذَا أصابَه مكروهٌ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أمِّ سُلَيم «مَا ذاكِ دَهْرُكِ» يُقَالُ مَا ذَاكَ دَهْرِي، ومَا دَهْرِي بِكَذَا:
أَيْ همَّتي وإرَادَتِي.
(س) وَفِي حَدِيثِ النَّجَاشِيِّ «فَلَا دَهْوَرَة اليومَ عَلَى حرْبِ إِبْرَاهِيمَ» الدَّهْوَرَةُ: جَمعُك الشيءَ وقَذْفُك إِيَّاهُ فِي مَهْوَاةٍ، كَأَنَّهُ أرادَ: لَا ضَيْعَة عَلَيْهِمْ وَلَا يُتْرَكُ حفظُهُم وتعَهُّدُهم.
والواوُ زائدةٌ.

(2/144)


(دَهَسَ)
(هـ) فِيهِ «إِنَّهُ أقبَلَ مِنَ الحُدَيبِية فنَزَل دَهَاساً مِنَ الأرضِ» الدَّهَاسُ والدَّهْسُ: مَا سهُل ولاَنَ مِنَ الْأَرْضِ، وَلَمْ يبلُغ أَنْ يكونَ رَمْلاً.
وَمِنْهُ حَدِيثُ دُرَيد بْنِ الصِّمَّةِ «لَا حَزْنٌ ضَرِسٌ وَلَا سَهلٌ دَهْسٌ» .

(دَهَقَ)
فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «كَأْساً دِهاقاً»
أَيْ مملُوءةً. أَدْهَقْتُ الكأسَ إذَا ملأتَها.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «نُطفةً دِهَاقاً وعَلَقةً مُحاقاً» أَيْ نُطفة قَدْ أُفْرغَت إِفْراغاً شَدِيدًا، مِنْ قَوْلِهِمْ أَدْهَقْتُ الْمَاءَ إِذَا أفْرَغته إِفْرَاغًا شَدِيدًا، فَهُوَ إِذًا مِنَ الأضْدَاد.

(دَهْقَنَ)
فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ «أَنَّهُ اسْتسقَى مَاءً فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ بماءٍ فِي إناءٍ مِنْ فضَّة» الدِّهْقَانُ بِكَسْرِ الدَّالِ وَضَمِّهَا: رئيسُ القَرْية ومُقدَّم التُّنَّاء وَأَصْحَابِ الزِّراعة، وَهُوَ مُعَرَّبٌ، ونُونُه أصليةٌ، لِقَوْلِهِمْ تَدَهْقَنَ الرجلُ، وَلَهُ دَهْقَنَةٌ بموضِع كَذَا. وَقِيلَ النونُ زائدةٌ وَهُوَ مِنَ الدَّهْق: الإمْتِلاءِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «أهْداهَا إلىَّ دِهْقَانٌ» وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

(دَهَمَ)
(هـ) فِيهِ لمَّا نزلَ قَوْلُهُ تَعَالَى «عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ» قَالَ أبُو جَهْل: أَمَا تَستَطِيعُون يَا معْشَر قُرَيشٍ وأنتُم الدَّهْمُ أَنْ يَغْلِبَ كُلُّ عَشرةٍ منكُم وَاحِدًا» الدَّهْمُ: العددُ الكثيرُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مُحَمَّدٌ فِي الدَّهْمِ بِهَذَا القَوْز» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ بَشِيرِ بْنِ سَعْد «فأدْرَكَه الدَّهْمُ عِنْدَ اللَّيلِ» .
[هـ] وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «مَنْ أَرَادَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِدَهْمٍ» أَيْ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ وَغَائِلَةٍ، مِنْ أمرٍ يَدْهَمُهُمْ:
أي يفْجأُهم.
وَمِنْهُ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ وسَبَق إِلَى عَرَفة فَقَالَ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مِنْ قَبْلِ أَنْ يَدْهَمَكَ الناسُ» .
أي يَكثُروا عليك ويَفْجَأوكَ. ومثلُ هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُستَعْمَل فِي الدُّعاء إلاَّ لِمَنْ يقولُه مِنْ غَيْرِ تَكلُّف.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «لَمْ يَمنعْ ضوءَ نُورِها ادْهِمَامُ سَجْفِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ» الِادْهِمَامُ مَصْدَرُ

(2/145)


ادْهَمَّ أى اسودّ، والِادْهِيمَامُ: مَصْدَرُ ادْهَامَّ، كالاحْمرار والاحميرارِ فِي احْمرَّ واحْمارَّ.
وَفِي حَدِيثِ قُس «وَرَوْضَةٌ مُدْهَامَّة» أَيْ شديدَة الخُضْرةِ المُتنَاهية فِيهَا، كأنَّها سَوْداء لِشدَّة خُضْرَتِها.
(هـ) وَفِيهِ «إِنَّهُ ذَكَرَ الفِتَن حَتَّى ذَكَر فِتْنةَ الأحْلاس ثُمَّ فِتْنةَ الدُّهَيْمَاءِ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ «أَتَتْكُمُ الدُّهَيْمَاءُ تَرْمِي بالرَّضْفِ» هِيَ تصغِيرُ الدَّهْمَاءِ، يُرِيدُ الفِتْنَة المُظْلِمةَ، والتَّصغيرُ فِيهَا للتَّعظِيم. وَقِيلَ أَرَادَ بِالدُّهَيْمَاءِ الدَّاهِيَةَ، وَمِنْ أَسْمَائِهَا الدُّهَيْمُ، زَعمُوا أَنَّ الدُّهَيْمَ اسمُ نَاقَةٍ كَانَ غَزَا عَلَيْهَا سَبعةُ إِخْوَةٍ فقُتِلوا عَنْ آخِرِهِمْ، وحُملوا عَلَيْهَا حَتَّى رَجعت بِهِمْ، فصَارت مَثَلًا فِي كُلِّ داهيةٍ.

(دَهْمَقَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عُمَرَ «لَوْ شئتُ أَنْ يُدْهَمَقَ لِي لَفَعلْتُ» أَيْ يُليَّن لِي الطَّعامُ ويُجوَّد.

(دَهَنَ)
فِي حَدِيثِ صَفِيَّةَ ودُحيْبَة «إنَّما هَذِهِ الدَّهْنَاء مُقَيّد الجَمَل» هُوَ موضِعٌ معروفٌ بِبِلَادِ تَميمٍ. وَقَدْ تكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ سَمُرَة «فيخرُجُون مِنْهُ كَأَنَّمَا دُهِنُوا بِالدِّهَانِ» هُوَ جَمْعُ الدُّهْنِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ «وَكُنْتُ إِذَا رَأَيْتُهُ كَأَنَّ عَلَى وَجْهِهِ الدِّهَان» .
وَفِي حَدِيثِ هِرَقْلَ «وَإِلَى جَانِبِهِ صُورَةٌ تُشْبِهُهُ إِلَّا أنَّه مُدْهَانُّ الرَّأسِ» أَيْ دَهِينُ الشَّعر، كالمُصفارّ والمُحْمارّ.
وَفِي حَدِيثِ طَهْفَة «نَشِف المُدْهُن» هُوَ نُقْرةٌ فِي الجَبَل يَجْتمع فِيهَا المطَرُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَأَنَّ وَجْهَه مُدْهُنَةٌ» هِيَ تَأْنِيثُ الْمُدْهُن، شبَّه وجْهَه لإشْراقِ السُّرُور عَلَيْهِ بصَفاء المَاء المُجْتَمع فِي الحَجَر. والْمُدْهُن أَيْضًا والْمُدْهُنَة: مَا يُجْعل فِيهِ الدُّهْن، فَيَكُونُ قَدْ شبَّهه بصفَاء الدُّهْن. وَقَدْ جَاءَ فِي بعْض نُسخ مُسْلمٍ «كأنَّ وجْهه مُذْهَبَة» بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْبَاءِ المُوَحَّدة، وسيُذْكر فِي الذال.

(ده)
(س) في حديث الكاهن «إلّا دَهٍ فلا دَهٍ» هَذَا مَثَلٌ مِنْ أمْثال العَرَب

(2/146)


قَديمٌ، معناهُ إِنْ لَمْ تَنَلْه الْآنَ لَمْ تَنَلْه أَبَدًا. وَقِيلَ أصلُه فارسيٌّ: أَيْ إِنْ لَمْ تُعْط الْآنَ لَمْ تُعْط أَبَدًا.

بَابُ الدَّالِ مَعَ الْيَاءِ

(دَيَثَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «ودُيِّثَ بالصَّغار» أَيْ ذُلِّل.
وَمِنْهُ «بعيرٌ مُدَيَّثٌ» إِذَا ذُلِّل بالرياضَة.
(س) وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ «كَانَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فِيهِ كالدِّيَاثَةِ وَاللَّخْلَخَانِيَّةِ» الدِّيَاثَةُ: الالْتِوَاء فِي اللِّسان، ولعلَّه مِنَ التَّذليل والتَّلْيين.
وَفِيهِ «تحرُمُ الْجَنَّةُ عَلَى الدَّيُّوثِ» هُوَ الَّذِي لَا يَغَارُ عَلَى أهله. وقيل هو سريانىّ معرّب.

(دجر)
فِي كَلَامِ عَلِيٍّ «تَغْريدُ ذَوَاتِ المَنْطِق فِي دَيَاجِيرِ الأوْكارِ» الدَّيَاجِيرُ: جَمْعُ دَيْجُورٍ وَهُوَ الظلامُ. والياءُ والواوُ زائدتانِ.

(دَيَخَ)
فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ تَصِفُ عُمر «ففنَّخَ الكَفَرَة ودَيَّخَهَا» أَيْ أَذَلَّهَا وقَهَرَها.
يُقَالُ دَيَّخَ ودَوَّخَ بِمَعْنًى واحدٍ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ «بَعْدَ أَنْ يُدَيِّخَهُمُ الأسْرُ» وبعضُهم يَرْوِيهِ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَهِيَ لغةٌ شاذَّةٌ.

(دَيَدَ)
فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «خرجتُ لَيْلَةً أطوفُ فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ عُدت فوجدتُها ودَيْدَانُهَا أَنْ تَقُولَ ذَلِكَ» الدَّيْدَانُ والدَّيْدَنُ: العادةُ.

(دَيَذَ)
(س) فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّورِيّ «منعتُهم أَنْ يَبيعوا الدَّاذِيَّ» هُوَ حَبٌّ يُطْرحُ فِي النَّبيذِ فيَشْتَدّ حَتَّى يُسْكِر.

(دَيَفَ)
فِيهِ «وتُدِيفُونَ فِيهِ مِنَ القُطَيْعاء» أَيْ تَخْلطون، وَالْوَاوُ فِيهِ أكثرُ مِنَ الياءِ.
ويُرْوَى بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَلَيْسَ بِالْكَثِيرِ.

(دَيَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وسُئِلَت عَنْ عَمَل رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبادتِه

(2/147)


فَقَالَتْ: «كَانَ عملُه دِيمَةً» الدِّيمَةُ: المَطًرُ الدائمُ فِي سُكُونٍ، شَبَّهت عَمَلَه فِي دوامِه مَعَ الاقْتِصادِ بِدِيمَةِ المطرِ. وأصلُه الواوُ فانْقَلبت يَاءً لِلْكَسْرَةِ قَبْلَها، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا هُنَا لِأَجْلِ لَفْظِها.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ وَذَكَرَ الفتَن فَقَالَ: «إِنَّهَا لآتِيَتُكم دِيَماً» أَيْ إِنَّهَا تملأُ الأرضَ فِي دَوامٍ. ودِيَمٌ جَمْعُ دِيمَةٍ: المطرُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ جُهَيش بْنِ أَوْسٍ «ودَيْمُومَةٍ سَرْدَح» هِيَ الصَّحْراءُ البعيدةُ وَهِيَ فَعْلُولة، مِنَ الدوامِ: أَيْ بعيدةُ الأرْجاء يَدومُ السَّيرُ فِيهَا. وياؤُها مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ. وَقِيلَ هِيَ فَيْعَلُولَةٌ، مِنْ دَمَمْتُ القِدْرَ إِذَا طَليتَها بالرَّمادِ: أَيْ أَنَّهَا مُشْتَبِهَةٌ لَا عَلَمَ بِهَا لِسَالِكِهَا.

(دَيَنَ)
فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «الدَّيَّانُ» قِيلَ هُوَ القهَّارُ. وَقِيلَ هُوَ الحاكمُ وَالْقَاضِي، وَهُوَ فعَّالٌ، مِنْ دَانَ الناسَ: أَيْ قَهَرَهم عَلَى الطاعةِ، يُقَالُ دِنْتُهُمْ فَدَانُوا: أَيْ قَهَرتُهم فأطاعُوا.
وَمِنْهُ شِعْر الْأَعْشَى الحِرْمازي، يُخاطبُ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
يَا سَيَّدَّ الناسِ ودَيَّانَ العَرَبْ «1» وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ عليُّ دَيَّانَ هَذِهِ الأمةِ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أريدُ مِنْ قُرَيْشٍ كَلمةً تَدِينُ لَهُمْ بِهَا العربُ» أَيْ تُطِيُعهم وتَخْضَع لَهُمْ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الكَيِّسُ مَن دَانَ نَفْسَه وعَمِل لِمَا بَعْدَ المَوتِ» أَيْ أذَلَهَّا واستعْبَدَها، وَقِيلَ حاسَبَها.
(هـ) وَفِيهِ «أنَّه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ عَلَى دِينِ قَومِهْ» لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الشَّرْك الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ كَانَ عَلَى مَا بَقِي فِيهِمْ مِنْ إِرْثِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السلامُ مِنَ الْحَجِّ والنِّكاح والميرَاثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أحْكَام الْإِيمَانِ. وَقِيلَ هُوَ مِنَ الدِّينِ: العَادَة، يُريد بِهِ أخْلاقَهم في الكرم والشّجاعة وغيرها.
__________
(1) الرجز بتمامه في اللسان (ذرب) ونسبه إلى أعشى بني مازن، ثم قال: وذكر ثعلب عن ابن الأعرابي أن هذا الرجز للأعور بن قراد بن سفيان، من بني الحرماز، وهو أبو شيبان الحرمازي، أعشى بني حرماز

(2/148)


وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ «كَانَتْ قُرَيش وَمَنْ دَانَ بِدِينِهِمْ» أَيِ اتَّبَعَهُمْ فِي دِينِهِمْ وَوَافَقَهُمْ عَلَيْهِ واتَّخَذَ دِينَهُمْ لَهُ دِيناً وعِبَادةً.
وَفِي دُعاء السَّفَرِ «أسْتَودعُ اللهَ دِينَكَ وأمانَتَك» جَعَل دِينَه وأمانَته مِنَ الودَائِع؛ لِأَنَّ السَّفَر تُصِيبُ الْإِنْسَانَ فِيهِ المشقَّةُ والخوفُ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبباً لإهْمَال بَعْض أُمور الدِّين، فَدعَا لَه بالمَعُونة والتَّوفِيق. وَأَمَّا الأمانَةُ هاهُنا فيُريدُ بِهَا أهلَ الرَّجل ومالَه وَمَنْ يُخْلِفُه عِنْدَ سَفَره.
وَفِي حَدِيثِ الْخَوَارِجِ «يَمْرُقُون مِنَ الدِّينِ مُروقَ السَّهم مِنَ الرَّمِيَّة» يُريدُ أَنَّ دُخُولهم فِي الإسْلاَم ثُمَّ خُرُوجَهم مِنْهُ لَمْ يَتَمَسَّكوا مِنْهُ بِشَيْءٍ، كالسَّهم الَّذِي دخَل فِي الرَّميَّةِ ثُمَّ نَفَذ فِيهَا وخَرَج مِنْهَا وَلَمْ يَعْلَقْ بِهِ مِنْهَا شيءٌ. قَالَ الخَطَّابي: قَدْ أجْمَعُ عُلماءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الخَوارِجَ عَلَى ضَلالَتهِم فرقةٌ مِنْ فِرق المُسلمين، وأجازُوا مُنَاكَحَتهم، وأكْلَ ذَبَائحهم، وقَبولَ شَهادَتهم. وسُئل عَنهُم عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقِيلَ: أكُفَّارٌ هُم؟ قَالَ: منَ الكُفْر فَرُّوا، قِيلَ: أفَمُنَافِقُونُ هُمْ؟ قَالَ:
إنَّ المُنَافِقينَ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا
، وهؤُلاء يذكُرُون اللَّهَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. فَقِيلَ: مَا هُمْ؟
قَالَ: قومٌ أصابَتْهُم فِتنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا. قَالَ الخطَّابي: فمعْنى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمرُقُون مِنَ الدِّينِ، أرادَ بِالدِّينِ الطَّاعَة: أَيْ أَنَّهُمْ يَخْرجون مِنْ طَاعَةِ الإمَام المُفْتَرَضِ الطَّاعَة، ويَنْسَلِخُون مِنْهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ سَلمانَ «إِنَّ اللَّهَ لَيَدِينُ للجَمَّاء مِنْ ذَاتِ القَرْنِ» أَيْ يَقْتَصُّ ويَجْزي.
والدِّينُ: الجَزَاءُ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عمرو «لا تَسُبُّوا السُّلطَانَ، فإنْ كان لا بُدَّ فقولُوا: اللَّهُمَّ دِنْهُمْ كَمَا يَدِينُونَنَا» أَيِ اجْزِهم بِمَا يُعَامِلُوننا بِهِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «إِنَّ فُلَانًا يَدِينُ وَلَا مَالَ لهُ» يُقَالُ دَانَ واسْتَدَانَ وادَّانَ مُشَدَّداً:
إِذَا أخَذَ الدَّيْنَ واقْتَرض، فَإِذَا أعْطى الدَّيْنَ قِيلَ أَدَانَ مُخَفَّفاً.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ عَنْ أسَيْفِعِ جُهَينة «فَادَّانَ مُعْرِضاً» أَيِ اسْتَدَانَ مُعْرِضاً عَنِ الوَفَاءِ.

(2/149)


وَفِيهِ «ثلاثةٌ حقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُم، مِنْهُمُ الْمِدْيَانُ الَّذِي يُريدُ الأَدَاءَ» الْمِدْيَانُ: الكَثيرُ الدَّيْن الَّذِي عَلَته الدُّيُونُ، وَهُوَ مِفعال مِنَ الدَّين للمبَالغة.
(س) وَفِي حَدِيثِ مَكْحُولٍ «الدَّيْنُ بَيْنَ يَدَي الذَّهب والفِضَّة، والعُشْرُ بَيْنَ يَدَي الدَّيْن فِي الزَّرْع والإبِلِ والبَقَر والغَنَم» ، يَعْنِي أَنَّ الزَّكاةَ تُقَدَّم عَلَى الدَّينِ، والدَّين يُقَدَّم عَلَى المِيرَاثِ.

(دِيوَانٌ)
(هـ) فِيهِ «لَا يجمَعَهُم دِيوَانُ حَافِظٌ» الدِّيوَانُ: هُوَ الدَّفتر الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ أسماءُ الْجَيْشِ وأهْل العَطَاء. وأوَّلُ مَنْ دَوَّنَ الدَّوَاوِينَ عُمَر، وَهُوَ فارسيٌّ مُعرَّبٌ.

(2/150)