النهاية في غريب الحديث والأثر

حرف الطاء

بَابُ الطَّاءِ مَعَ الْهَمْزَةِ

(طَأْطَأَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ «تَطَأْطَأْتُ لَكُمْ «1» تَطَأْطُؤَ الدُّلاة» أَيْ خَفَضْتُ لَكُمْ «2» نَفْسي كَمَا يخْفضها المستَقُون بالدِّلاء، وتواضَعْت لَكُمْ وانْحَنْيت. والدُّلاة: جَمْعُ دَالٍ، وَهُوَ الَّذِي يَسْتَقِي الدَّلْوَ، كَقَاضٍ وَقُضَاةٍ.

بَابُ الطَّاءِ مَعَ الْبَاءِ

(طَبَبَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ احْتَجَم حِينَ طُبَّ» أَيْ لمَّا سُحِر. وَرجل مَطْبُوب: أَيْ مَسْحُور، كَنَوْا بالطِّبّ عَنِ السِّحر، تَفَاؤُلاً بالبُرْء، كَمَا كَنَوْا بالسَّليم عَنِ اللَّدِيغ «3» .
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فلعَلَّ طِبّاً أصَابه» أَيْ سحْرا.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «إِنَّهُ مَطْبُوب» .
وَفِي حَدِيثِ سَلْمان وَأَبِي الدَّرداء «بَلَغني أَنَّكَ جُعِلت طَبِيباً» الطَّبِيب فِي الأصْل: الحاذقُ بالأمُور العارفُ بِهَا، وَبِهِ سُمِّي الطَّبِيب الَّذِي يُعِالج المَرْضى. وَكُنِّيَ بِهِ هَاهُنَا عَنِ القضَاءِ والحُكْم بَيْنَ الخُصُوم، لِأَنَّ مَنْزلةَ الْقَاضِي مِنَ الخُصُوم بمنْزلة الطَّبِيب مِنْ إصْلاح البَدن. والمُتَطَبِّب الَّذِي يُعاني الطِّبَّ وَلَا يَعْرفه مَعْرفة جَيِّدة.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ الشَّعْبي «ووَصْفَ مُعاويةَ فَقَالَ: «كَانَ كَالْجَمَلِ الطَّبِّ» يَعْنِي الحاذِقَ بالضِّراب. وَقِيلَ الطَّبُّ مِنَ الْإِبِلِ: الذَّي لَا يَضَعُ خَفَّه إَلاَّ حَيْثُ يُبصر، فاسْتَعارَ أحَدَ هذين المعنيين لأفعاله وخلاله.
__________
(1) فى الهروى «لهم» .
(2) فى الهروى «لهم» .
(3) في الهروي: «وقال أبو بكر: الطِبُّ: حرف من الأضداد، يقال طبٌّ لعلاج الداء، وطبٌّ للسحر، وهو من أعظم الأدواء» . اهـ وانظر الأضداد لابن الأنباري ص 231.

(3/110)


(طَبَجَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ كَانَ فِي الحيِّ رجُلٌ لَهُ زَوجَة وأمٌّ ضَعِيفة، فشكَت زَوجَتُه إِلَيْهِ أمَّه، فَقَامَ الأَطْبَج إِلَى أمِّه فألقَاهَا فِي الْوَادِي» الطَّبَج: اسْتِحكام الحمَاقَة. وَقَدْ طَبِجَ يَطْبَجُ [طَبَجاً] »
فَهُوَ أَطْبَج.
هَكَذَا ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ بِالْجِيمِ. وَرَوَاهُ غيرُه بِالْخَاءِ. وَهُوَ الأحْمقَ الَّذِي لَا عَقْل لَهُ وكأنَّه الأشْبَه.

(طَبَخَ)
(هـ) فِي الْحَدِيثِ «إِذَا أرادَ اللهُ بعَبدٍ سُوءًا جَعَل مالَه فِي الطَّبِيخَيْنِ» قِيلَ هُما الجَصُّ والآجُرُّ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ.
(س) وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ «فاطَّبَخْنَا» هُوَ افْتَعَلْنا مِنَ الطَّبْخ، فَقُلِبَتِ التَّاءُ طَاءً لأجْل الطَّاءِ قَبْلَهَا. والاطِّبَاخ مخصُوص بِمَنْ يَطْبَخُ لِنَفْسِهِ، والطَّبْخ عامٌّ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ «ووقَعَت الثالثةُ فَلَمْ تَرْتَفع وَفِي النَّاسِ طَبَاخٌ» أصْلُ الطَّبَاخ:
القُوَّة والسِّمَن، ثُمَّ استُعْمِل فِي غَيْرِهِ، فَقِيلَ فُلَانٌ لَا طَبَاخَ لَهُ: أَيْ لَا عقلَ لَهُ وَلَا خيرَ عِنْدَهُ.
أَرَادَ أَنَّهَا لَمْ تُبْقِ فِي النَّاسِ مِنَ الصَّحابة أَحَدًا. وَعَلَيْهِ يُبْنى حديثُ الأَطْبَخ الَّذِي ضَربَ أمَّه، عِنْدَ مَنْ رَوَاهُ بِالْخَاءِ.

(طَبَسَ)
(س) فِي حَدِيثِ عُمَرَ «كيفَ لِي بالزُّبير وَهُوَ رَجُل طِبْسٌ» الطِّبْس:
الذِّئبُ، أرادَ أَنَّهُ رجُل يُشْبِه الذِّئْبَ فِي حِرْصِه وشَرَهِه. قَالَ الحرْبي. أظنُّه أَرَادَ لَقِسٌ:
أَيْ شَرِهٌ حريصٌ.

(طَبْطَبَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ كَرْدَم «وَمَعَهُ دِرَّة كَدرَّة الكُتّابِ، فَسَمِعَتِ الْأَعْرَابَ يَقُولُونَ: الطَّبْطَبِيَّة الطَّبْطَبِيَّة» قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هِيَ حكايةُ وقْع السِّياط. وَقِيلَ: حكايةُ وقْع الأقْدَام عِنْدَ السَّعي. يريدُ أَقْبَلَ الناسُ إليه يَسْعَون ولأقْدَامِهم طَبْطَبَة: أي صوتٌ. ويحتمل
__________
(1) زيادة من الهروي، وقال: وقال ابن حمُّويه: سُئل شَمِر عن الطَّبْج، بالجيم وسكون الباء فقال: هو الضرب على الشىء الأجوف كالرأس وغيره.

(3/111)


أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهَا الدَّرَّة نَفْسَها، فَسَمَّاهَا طَبْطَبِيَّة، لِأَنَّهَا إِذَا ضُرِبَ بِهَا حكَت صَوت طَبْ طَبْ، وَهِيَ منصوبَةٌ عَلَى التَّحذير، كَقَوْلِكَ: الأسدَ الأسَدَ، أَيِ احذَرُوا الطَّبْطَبِيَّة.

(طَبَعَ)
(هـ) فِيهِ «مَنْ تَرَكَ ثَلاثَ جُمَع مِنْ غَيْرِ عُذْر طَبَعَ اللهُ عَلَى قَلْبه» أَيْ خَتَم عَلَيْهِ وغشَّاه ومنَعه ألطافَه. والطَّبْع بِالسُّكُونِ: الخَتْم، وبالتَّحريك: الدَّنَسُ. وأصلُه مِنَ الوَسَخ والدنَس يَغْشَيان السَّيف. يُقَالُ طَبِعَ السيفُ يَطْبَعُ طَبَعاً. ثُمَّ استُعمِل فِيمَا يُشْبِه ذَلِكَ مِنَ الأوزَارِ والآثامِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمَقَابِحِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ طَمَع يَهْدي إِلَى طَبَعٍ» أَيْ يُؤَدِّي إِلَى شَيْن وعَيْب. وَكَانُوا يَروْن أَنَّ الطَّبَع هُوَ الرَّينْ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: الرَّين أيسرُ مِنَ الطَّبَع، والطَّبَع أيسرُ مِنَ الإْقَفال، وَالْإِقْفَالُ أشدُّ ذَلِكَ كُلّه.
وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلُهُ تَعَالَى: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ وقوله: طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ
وقوله:
«أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ «لَا يتزوَّج مِنَ الَعَرب فِي المَوالِي إِلَّا الطَّمِعُ الطَّبِع» .
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «اخْتِمْه بآمينَ، فإنَّ آمينَ مثلُ الطَّابَع عَلَى الصَّحيفة» الطَّابَع بِالْفَتْحِ: الخاتَم. يريدُ أَنَّهُ يُخْتم عَلَيْهَا وتُرْفع كَمَا يَفعل الإنسانُ بِمَا يَعزُّ عَلَيْهِ.
(هـ) وَفِيهِ «كُلّ الخِلال يُطْبَعُ عَلَيْهَا المؤمنُ إلاَّ الخِيانَة والكذبَ» أَيْ يُخْلق عَلَيْهَا. والطِّبَاع: مَا رُكّب فِي الْإِنْسَانِ مِنْ جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ الَّتِي لَا يَكَادُ بزوالها «1» مِنَ الخَير والشَّرِّ. وَهُوَ اسمٌ مُؤَنَّثٌ عَلَى فِعَال، نَحْوَ مِهاد وَمِثَالٍ، والطَّبَع: الْمَصْدَرُ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ «وسُئِل عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ فَقَالَ: هُوَ الطِّبِّيع فِي كُفُرَّاه» الطِّبِّيع بِوَزْنِ القِنْديل: لُبُّ الطَّلْع. وكُفُرَّاه وكافُوره: وعَاؤُه.
(س) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «أَلْقَى الشَّبكةَ فطَبَّعَها سَمكا» أَيْ ملأَها. يُقَالُ تَطَبَّعَ النَّهْرُ:
أَيِ امتْلأ. وطَبَّعْتُ الإناء: إذا ملأته.
__________
(1) الذي في الهروي: التي لا يزايلها» .

(3/112)


(طَبَقَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ «اللَّهُمَّ اسْقِنا غَيثاً طَبَقاً» أَيْ مالِئاً لِلْأَرْضِ مُغَطْيِّاً لَهَا. يُقَالُ غَيثٌ طَبَقٌ: أَيْ عامٌّ واسعٌ.
(هـ) ومنه الحديث «لله مائةُ رْحمةٍ، كُلُّ رْحمةٍ مِنْهَا كطِبَاق الْأَرْضِ» أَيْ كغِشَائها.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «لَوْ أنَّ لِي طِبَاقَ «1» الْأَرْضِ ذَهباً» أَيْ ذَهباً يُعم الْأَرْضَ فيكونُ طَبَقاً لَهَا.
(هـ) وَفِي شِعْرِ الْعَبَّاسِ:
إِذَا مَضَى عالَم بدَا طَبَقٌ يَقُولُ: إِذَا مَضَى قَرْنٌ بَدَا قَرْنٌ. وَقِيلَ للقَرْن طَبَق، لِأَنَّهُمْ طَبَق لِلْأَرْضِ ثُمَّ ينْقَرضُون وَيَأْتِي طَبَق آخَر.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قُرَيشٌ الكَتَبةُ الحَسَبةُ مِلْحُ هَذِهِ الأمَّة، عْلم عَالمِهم طِبَاقُ الْأَرْضِ» .
[هـ] وَفِي رِوَايَةٍ «علمُ عالِم قُرَيشٍ طَبَقُ الْأَرْضِ» (س) وَفِيهِ «حِجابُه النُّور لَوْ كُشِفَ طَبَقُه لأَحْرَق سُبحاتُ وجْهه كلَّ شَيْءٍ أدْرَكه بَصُره» الطَّبَق: كلُّ غِطاء لَازِمٍ عَلَى الشَّيْءِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي أشْراط السَّاعة «تُوصَل الأَطْبَاق وتُقْطَع الأرْحام» يَعْنِي بالأَطْبَاق البُعَداء والأجانِبَ، لِأَنَّ طَبَقَات النَّاسِ أصنافٌ مُخْتَلِفة.
(س) وَفِي حَدِيثُ أَبِي عَمْرٍو النَّخَعِيِّ «يَشْتَجِرُونَ اشْتِجَارَ أَطْبَاق الرَّأْسِ» أَيْ عِظَامه فَإِنَّهَا مُتَطَابِقَة مُشْتبكة كَمَا تَشْتَبك «2» الأصابعُ. أرادَ الْتِحَام الحرْب والاخْتلاطَ فِي الْفِتْنَةِ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ «أَنَّهُ أُخْبِرَ بأمْرٍ فَقَالَ: إحْدى المُطْبِقَات» يُرِيدُ إحْدى الدَّواهي والشَّدائد الَّتِي تُطْبِقُ عَلَيْهِمْ. وَيُقَالُ للدَّواهي بَنَاتُ طَبَقٍ.
__________
(1) في الهروي: «أطباق الأرض» .
(2) في ا: «مشَّبكة كما تُشَّبك» . والمثبت من الأصل واللسان.

(3/113)


[هـ] وَفِي حَدِيثُ عِمران بْنِ حُصَين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّ غُلاَما أَبَقَ لَهُ فَقَالَ: لأقطعَنَّ مِنْهُ طَابِقاً إنْ قَدَرْتُ عَلَيْهِ» أَيْ عُضْوا، وجَمعهُ طَوَابِق. قَالَ ثَعْلب: الطَّابِق والطَّابَق: العُضو مِنْ أعْضاءِ الْإِنْسَانِ كاليَدِ والرّجْلِ وَنَحْوَهُمَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «إِنَّمَا أُمِرْنْا فِي السَّارق بقَطْع طَابَقِهِ» أَيْ يَدِهِ.
وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ «فخبَزْت خُبْزا وشَويتُ طَابَقاً مِنْ شَاةٍ» أَيْ مِقْدَار مَا يَأْكُلُ مِنْهُ اثْنانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّهُ كَان يُطَبِّقُ فِي صَلاته» هُوَ أَنْ يَجْمع بَيْنَ أَصَابِعِ يَدَيه ويَجْعَلَهما بَيْنَ ركْبتيه فِي الرُّكُوعِ والتشَهُّد.
(هـ) وَفِي حَدِيثِهِ أَيْضًا «وتَبَقى أصلابُ المُنَافقين طَبَقاً وَاحِدًا» الطَّبَق: فَقار الظَّهْرِ، واحدتُها طَبَقَة، يُرِيدُ أَنَّهُ صَار فَقارُهم كُلُّه كالفَقَارة الواحدَة، فَلَا يقْدِرُون عَلَى السُّجود.
(هـ س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ «قَالَ لمُعَاوية: وايمُ اللَّهِ لَئِنْ مَلكَ مَرْوان عِنان خَيْلٍ تَنْقادُ لَهُ [فِي عُثْمان «1» ] ليَركَبَنَّ مِنْكَ طَبَقاً تخافُه» يُرِيدُ فَقَار الظَّهْرِ: أَيْ ليَرْكَبَن مِنْكَ مَرْكباً صَعْبَاً وَحَالًا لَا يُمكنك تَلاَفيها. وَقِيلَ أَرَادَ بالطَّبَق الْمَنَازِلَ وَالْمَرَاتِبَ: أَيْ ليرْكَبَنَّ مِنْكَ منزِلة فَوْقَ منْزِلة فِي العَدَاوة.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ مَسْأَلَةً فأفْتَاه، فَقَالَ: طَبَّقْتَ» أَيْ أصَبْت وَجْهَ الفُنْيَا. وأصلُ التَّطْبِيق إصابةُ المَفْصَل، وَهُوَ طَبَق الْعَظْمَيْنِ: أَيْ مُلْتَقَاهُمَا فَيَفْصِلُ بَيْنَهُمَا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع «زَوْجي عيَايَاءُ طَبَاقَاء» هُوَ المُطْبَق عَلَيْهِ حُمقا. وَقِيلَ هُوَ الَّذِي أُمُورُهُ مُطْبَقَة عَلَيْهِ: أَيْ مُغَشَّاة. وَقِيلَ هُوَ الذَّي يَعْجِز عَنِ الْكَلَامِ فتَنْطَبِقُ شَفتاه.
(هـ) وَفِيهِ «أنَّ مَرْيم عَلَيْهَا السلامُ جاعَت فجاءَ طَبَقٌ مِنْ جَرَادٍ فصادَت مِنْهُ» أَيْ قَطِيعٌ مِنَ الْجَرَادِ.
وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «إِنِّي كُنْتُ عَلَى أَطْبَاق ثلاثٍ» أَيْ أحْوالٍ، واحدُها طَبَق.
__________
(1) سقط من الهروي.

(3/114)


(س) وَفِي كِتَابِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ «كَمَا وافقَ شنٌّ طَبَقَهْ» هَذَا مثلٌ للعَرَب يُضْرَب لكلِّ اثْنَيْنِ أَوْ أمْرَين جمعتْهما حالةٌ واحدةٌ اتَّصف بِهَا كلٌّ مِنْهُمَا. وأصلُه فِيمَا قِيلَ:
إِنَّ شَنَّاً قبيلةٌ مِنْ عَبْد القَيْس، وطَبَقاً حيٌّ مِنْ إِيَادٍ، اتفَقُوا عَلَى أمْرٍ فَقِيلَ لَهُمَا ذَلِكَ، لِأَنَّ كلَّ واحدٍ مِنْهُمَا وافَقَ شَكله ونَظيِره.
وَقِيلَ شَنٌّ: رجلٌ مِنْ دُهاة العربِ، وطَبَقَة: امرأةٌ مِنْ جِنْسه زُوَّجت مِنْهُ، وَلَهُمَا قصَّة.
وقيل الشَّنَ: وعاء من أَدَم تَشَنَّن: أَيْ أخْلَق فَجَعَلُوا لَهُ طَبَقاً مِنْ فَوْقِه فَوَافَقَهُ، فَتَكُونُ الْهَاءُ فِي الْأَوَّلِ لِلتَّأْنِيثِ، وَفِي الثَّانِي ضَمِيرُ الشَّنّ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّهُ وصَفَ مَنْ يَلي الأمرَ بَعْدَ السُّفْياني فَقَالَ:
يكونُ بَيْنَ شثٍّ وطُبَّاق» هُمَا شَجَرتانِ تكونانِ بالحجازِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَرْفِ الشِّينِ.
وَفِي حَدِيثِ الحجَّاج «فقال الرجل: قُمْ فاضْرِب عُنُق هَذَا الْأَسِيرِ، فَقَالَ: إِنَّ يَدِي طَبِقَة» هِيَ الَّتِي لَصِق عَضُدُها بجنْبِ صَاحِبِهِ فَلَا يَسْتطيع أَنْ يُحرِّكها.

(طَبَنَ)
(هـ) فِيهِ «فطَبِنَ لَهَا غُلامٌ رُوميٌّ» أصلُ الطَّبَن والطَّبَانَة: الفِطْنةُ. يُقَالُ: طَبِنَ لِكَذَا طَبَانَة فَهُوَ طَبِنٌ: أَيْ هَجَمَ عَلَى بَاطِنِهَا وخَبر أمْرَها وَأَنَّهَا مِمَّنْ تُوَاتِيه عَلَى المُراوَدَة. هَذَا إِذَا رُوي بِكَسْرِ الباءِ، وَإِنْ رُوي بِالْفَتْحِ كَانَ مَعْنَاهُ خَيَّبها وأفْسَدَها.

(طَبَا)
فِي حَدِيثِ الضَّحَايَا «وَلَا المُصْطَلَمَة أَطْبَاؤُها» أَيِ المَقْطوعة الضُّرُوع. والأَطْبَاء:
الأخْلاف، واحدُها: طُبْي بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ. وَقِيلَ «1» يُقال لِمَوْضِعِ الأخْلاف مِنَ الْخَيْلِ والسِّباع: أَطْبَاء.
كَمَا يُقَالُ فِي ذَوات الخُفِّ والظِّلْف: خِلْف وضَرْع.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ «قَدْ بَلَغَ السَّيلُ الزُّبَى وجاوزَ الحزامُ الطُّبْيَيْنِ» هَذَا كِنَايَةٌ عَنِ المُبالغةِ فِي تَجاوُز حَدّ الشَّرِّ وَالْأَذَى، لِأَنَّ الْحِزَامَ إِذَا انْتَهى إِلَى الطُّبْيَيْنِ فَقَدِ انْتَهَى إلى أبْعَد غاياته، فكيف إذا جاوَزه!
__________
(1) في الأصل: «وقد يقال» والمثبت من او اللسان. وتقوِّيه عبارة الهروي في حديث عثمان: «ويقال» .

(3/115)


وَمِنْهُ حَدِيثُ ذِي الثُّدَيَّة «كَأَنَّ إِحْدَى يَدَيه طُبْيُ شاةٍ» .
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ «إِنَّ مُصْعَبا اطَّبَى القلوبَ حَتَّى مَا تَعْدِلُ بِهِ» أَيْ تَحبَّب إِلَى قُلُوبِ النَّاسِ وقَرَّبَها مِنْهُ. يُقَالُ طَبَاه يَطْبُوه ويَطْبِيه إِذَا دَعاه وصَرَفه إِلَيْهِ واخْتارَه لنَفْسه. واطَّبَاه يَطَّبِيه، افْتَعَل مِنْهُ، فقُلِبَت التاءُ طَاءً وأُدْغمت.

بَابُ الطَّاءِ مَعَ الْحَاءِ

(طَحَرَ)
(س) فِي حَدِيثِ النَّاقَةِ القَصْواء «فسَمِعْنا لَهَا طَحِيراً» الطَّحِير:
النَّفَس الْعَالِي.
وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بنِ يَعْمَر «فَإِنَّكَ تَطْحَرُها» أَيْ تُبْعِدها وتُقْصِيها. وَقِيلَ أَرَادَ تَدْحَرُها، فَقُلِبَ الدَّالُّ طَاءً، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. والدحْرُ: الإبْعَادُ. والطَّحْر أيضا: الجماع والتمدّد.

(طحرب)
(هـ) وَفِي حَدِيثِ سَلْمان وَذَكَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فقال: «تدْنُو الشمسُ من رُؤوس الناسِ وَلَيْسَ عَلَى أحدٍ مِنْهُمْ طُحْرُبَة» الطُّحْرُبَة بِضَمِّ الطَّاءِ وَالرَّاءِ، وَبِكَسْرِهِمَا «1» وَبِالْحَاءِ والخاءِ: اللباسُ. وَقِيلَ الخِرْقة. وأكثرُ مَا يستعملُ فِي النَّفْي.

(طَحَنَ)
فِي إِسْلَامِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «فأخْرَجَنا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَفَّيْنِ، لَهُ كَدِيدٌ كَكَدِيدِ الطَّحِين» . الْكَدِيدُ: التُّرَابُ النَّاعِمُ. والطَّحِين: المَطْحُون، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ.

بَابُ الطَّاءِ مَعَ الْخَاءِ

(طَخْرَبَ)
فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ «وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ طُخْرُبَة» وَقَدْ تقدَّم فِي الطَّاءِ مَعَ الْحَاءِ.

(طَخَا)
[هـ] فِيهِ «إِذَا وجَدَ أحدُكم طَخَاءً عَلَى قَلْبه فلْيأكل السَّفرجَلَ» الطَّخَاء: ثِقَلٌ وَغَشْي، وأصلُ الطَّخَاء والطَّخْيَة «2» : الظلمة والغيم.
__________
(1) في الدر النثير: «زاد الفارسي: وبالفتح» . اه ويوافقه ما فى القاموس (طحرب) .
(2) الطخية، مثلثة الطاء. القاموس (طخا) .

(3/116)


(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ للقلبِ طَخَاء كطَخَاء القَمر» أَيْ مَا يُغَشِّيه مِنْ غَيم يُغَطِّي نُوره.

بَابُ الطَّاءِ مَعَ الرَّاءِ

(طَرَأَ)
(س) فِيهِ «طَرَأَ عليَّ حِزْبي مِنَ القُرْآن» أَيْ ورَدَ وأقبَل. يُقَالُ طَرَأَ يَطْرَأُ مَهْمُوزًا إِذَا جَاءَ مُفَاجَأَةً، كَأَنَّهُ فَجِئَهُ الْوَقْتُ الَّذِي كَانَ يُؤَدِّي فِيهِ ورْدَه مِنَ القِراءةِ، أَوْ جَعَل ابتدَاءه فِيهِ طُرُوءاً مِنْهُ عَلَيْهِ. وَقَدْ يُتْرَكُ الْهَمْزُ فِيهِ فَيُقَالُ طَرَا يَطْرُو طُرُوّاً. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

(طَرِبَ)
(س) فِيهِ «لَعن اللَّهُ مَنْ غيَّر المَطْرَبَة والمقْرَبة» المَطْرَبَة: واحدةُ المَطَارِب، وَهِيَ طُرُق صغَار تَنْفُذ إِلَى الطُرق الكِبارِ. وَقِيلَ هِيَ الطُّرُق الضَّيِّقة المُتَفرِّقة. يُقَالُ طَرَّبْتُ عَنِ الطَّرِيقِ:
أَيْ عَدَلْتُ عَنْهُ.

(طَرْبَلَ)
(هـ) فِيهِ «إِذَا مرَّ أحدُكم بطِرْبَال مائِل فليُسْرع المَشْيَ» هُوَ البنَاء المُرْتفع كالصَّومَعة والمنْظَرة مِنْ مَناَظر العَجَم. وَقِيلَ: هُوَ عَلَمٌ يُبْنَى فوقَ الجبَل، أَوْ قطْعة مِنْ جبَل.

(طَرَثَ)
فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ «حَتَّى ينْبُت اللَّحم عَلَى أجْسادهم كَمَا تنْبُت الطَّرَاثِيث عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ» هِيَ جمعُ طُرْثُوث، وَهُوَ نَبْت يَنْبَسِط عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كالفُطُر.

(طَرِدَ)
(هـ) فِيهِ «لَا بأسَ بِالسِّبَاقِ مَا لَمْ تُطْرِدْهُ ويُطْرِدْك» الإِطْرَاد: هُوَ أَنْ تَقُولَ:
إِنْ سَبَقْتَني فلَك علىّ كذا، وإن سبقك فَلِي عَلَيْكَ كَذَا.
وَفِي حَدِيثِ قِيَامِ اللَّيْلِ «هُو قُرْبة إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ومَطْرَدَة الدَّاء عَنِ الْجَسَدِ» أَيْ أَنَّهَا حالةٌ مِنْ شَأنها إبعادُ الدَّاء، أَوْ مكانٌ يختصُّ بِهِ ويُعْرَف، وَهِيَ مَفْعَلة مِنَ الطَّرْد.
وَفِي حَدِيثِ الإسْراء «فَإِذَا نَهرَان يَطَّرِدَان» . أَيْ يَجْريان، وَهُمَا يَفْتعلان، مِنَ الطَّرْد.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كنتُ أُطَارِد حَيَّةً» أَيْ أُخَادِعُها لأصيدَها. وَمِنْهُ طِرَاد الصَّيْدِ.

(3/117)


وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَطْرَدْنَا المْعَترِفين» يُقَالُ أَطْرَده السُّلْطَانُ وطَرَّدَه إِذَا أخْرَجَه عَنْ بلَده. وحَقيقَتُه أَنَّهُ صيَّرَه طَرِيدا. وطَرَدْتُ الرجلَ طَرْداً إِذَا أبْعَدْته، فَهُوَ مَطْرُود وطَرِيد (هـ) وَفِي حَدِيثِ قَتادَة «فِي الرَّجُلِ يتوضَّأُ بالماءِ الرَّمِدِ وَبِالْمَاءِ الطَّرِد» هُوَ الَّذِي تَخُوضُه الدَّواب، سُمِّي بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَطَّرِدُ فِيهِ بخَوضه، وتَطْرُدُه أَيْ تَدفَعُه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «أَنَّهُ صَعِد المنْبَر وَفِي يَدِهِ طَرِيدَة» . أَيْ شُقَّةٌ طَوِيلَةٌ مِنْ حَرير.

(طَرُرَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ «فنشَأت طُرَيْرةٌ مِنَ السَّحاب» الطُّرَيْرَة: تَصْغِير الطُّرَّة، وَهِيَ قِطْعة مِنَ السَّحَاب تَبْدُو «1» مِنَ الْأُفُقِ مُسْتَطِيلَةً. وَمِنْهُ طُرَّة الشَّعَر والثَّوْب:
أَيْ طَرَفه.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ أعْطى عُمَر حُلَّة وَقَالَ: لَتُعْطينَّها بعضَ نسائِك يتَّخِذْنها طُرَّات بينَهُنَ» أَيْ يُقَطِّعَنها ويتَّخِذْنها مَقَانع «2» . وطُرَّات: جَمْعُ طُرَّة.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يَتَخِذْنَها طُرَّات أَيْ قِطَعاً، مِنَ الطَّرِّ: وَهُوَ القَطْع.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّهُ كَانَ يَطُرُّ شاربَه» أَيْ يَقُصُّه.
(س) وَحَدِيثُ الشَّعْبِي «يُقْطع الطَّرَّار» هُوَ الَّذِي يشقّ كمّ الرّجل ويسلّ ما فيه، ومن الطَّرِّ: القَطْع والشَّق.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «أَنَّهُ قَامَ مِنْ جَوْز اللَّيل وَقَدْ طُرَّت النجومُ» أَيْ أضَاءَت.
وَمِنْهُ «سيفٌ مَطْرُور» أَيْ صَقِيل.
وَمَنْ رَوَاه بِفَتْحِ الطَّاء أَرَادَ: طَلَعت. يُقَالُ طَرَّ النباتُ يَطُرُّ إِذَا نَبَت، وَكَذَلِكَ الشَّارب.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَطَاءٍ «إِذَا طَرَرْتَ مَسْجِدَك بمَدَرٍ فِيهِ رَوُثٌ فَلَا تُصَلّ فِيهِ حتى
__________
(1) في الهروي: «تبدأ» .
(2) في الهروي: «ستورا» . قال في القاموس (قنع) : والمِقْنَع والمقْنَعة- بكسر ميمهما- ما تُقَنِّع به المرأة رأسها.

(3/118)


تَغْسِلَه السَّمَاءُ» أَيْ إِذَا طَيَّنَتْه وزَيَّنْتَه. مِنْ قَوْلِهِمْ رجُل طَرِير: أَيْ جَميلُ الوَجْه.
وَفِي حَدِيثِ قُس.
ومَراداً لمَحشر الخلْق طُرّاً أَيْ جَمِيعًا، وَهُوَ منصوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ أَوِ الْحَالِ.

(طَرَزَ)
فِيهِ «قَالَتْ صَفِيَّة لزَوجَات النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ فيكُنَّ مِثْلي؟
أَبِي نبيٌّ، وَعَمِّي نبيٌّ، وَزَوْجِي نبيٌّ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمها لِتَقول ذَلِكَ لهُنَّ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: لَيْسَ هَذَا مِنْ طِرَازِك» أَيْ لَيْسَ هَذَا مِنْ نَفْسِك وقَرِيحَتِك. والطِّرَاز فِي الأصْل:
الموْضعُ الَّذِي تُنْسجُ فِيهِ الثَّيابُ الجِيَادُ. وَيقال للإنسانِ إِذَا تكلَّم بِشَيْءٍ جَيّد اسْتِنْباطاً وقَريحَةً: هَذَا مِنْ طِرَازِه.

(طَرَسَ)
(س) فِيهِ «كَانَ النَّخَعي يأتِي عبِيدَةَ فِي الْمَسَائِلِ، فَيَقُولُ عُبَيْدَةُ: طَرِّسْها يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ» طَرِّسْها: أَيِ اُمْحُها. يَعْنِي الصَّحِيفة. يُقَالُ طَرَّسْتُ الصَّحيفة إِذَا أنعمتَ مَحْوَها.

(طَرْطَبَ)
(س [هـ] ) فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ وَقَدْ خَرَج مِنْ عِنْدِ الحجَّاج فَقَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى أُحَيْوِلَ يُطَرْطِبُ شُعَيرات لَهُ» يُريد يَنْفُخُ بشَفَتَيه فِي شَاربه غَيظاً أَوْ كبْراً «1» والطَّرْطَبَة:
الصَّفِير بالشَّفَتين للضَّأن.
أَخْرَجَهُ الْهَرَوِيُّ عَنِ الْحَسَنِ، وَالزَّمَخْشَرِيُّ عَنِ النَّخَعي «2» .
(س) وَفِي حَدِيثِ الأَشْتر «فِي صِفَة امْرأة أَرَادَهَا ضَمْعَجًا طُرْطُبّاً» الطُّرْطُبّ:
العَظيمةُ الثَدْيَيْنِ.

(طَرَفَ)
(هـ) فِيهِ «فَمَالَ طَرَفٌ مِنَ المُشركين عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أَيْ قِطْعَةٌ مكنهم وَجَانِبٌ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ.
(هـ) وَفِيهِ «كَانَ إِذَا اشْتَكى أحدُهم لَمْ تنْزل البُرْمَةُ حَتَّى يَأتِيَ عَلَى أحَدِ طَرَفَيْهِ» أي حتى
__________
(1) في الأصل: «أي كِبْرا» . وفي اللسان: «وكِبرا» . واعتمدنا ما فى اوالفائق 2/ 82.
(2) إنما أخرجه الزمخشريّ عن الحسن. انظر الفائق 2/ 82.

(3/119)


يُفِيقَ مِنْ عِلَّته أَوْ يَمُوت، لِأَنَّهُمَا مُنْتهى أَمْرِ الْعَلِيلِ. فَهُمَا طَرَفَاه: أَيْ جَانِبَاه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ «قَالَتْ لابْنها عَبْدِ اللَّهِ: مَا بِي عَجَلةٌ إِلَى الْمَوْتِ حتَّى آخُذَ عَلَى أحَدِ طَرَفَيْك: إمَّا أَنْ تُسْتَخْلفَ فَتَقُرَّ عَيْني، وإمَّا أَنْ تُقْتَلَ فأحْتَسِبَك» .
وَفِيهِ «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ جُعِل فِي سَرَبٍ وَهُوَ طِفْل، وجُعِل رزْقُه فِي أَطْرَافه» أَيْ كَانَ يَمُصُّ أصابِعَه فيَجِدُ فِيهَا مَا يُغَذّيه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ قَبيصَة بْنِ جَابِرٍ «مَا رأيتُ أقْطَعَ طَرَفاً مِنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ» يُريد أمْضى لِساناً مِنْهُ. وطَرَفَا الْإِنْسَانِ لِسَانه وذَكَره.
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: «لَا يُدْرَي أيُّ طَرَفَيْه أطْوَل» .
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ طاوُس «إنَّ رَجُلًا واقَعَ الشَّرَاب الشَّديدَ فَسُقِي فَضَرِي، فَلَقد رأيتُه فِي النِّطَع وَمَا أدْرِي أيُّ طَرَفَيْه أسْرَع» أَرَادَ حَلْقَه ودُبُرَه: أَيْ أصابَهُ القَيءُ والإسهالُ فَلَمْ أدْر أيّهُما أسْرَع خُرُوجا مِنْ كَثْرتِه.
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ «قَالَتْ لِعَائِشَةَ: حُمَادَياتُ النِّسَاءِ غَضُّ الأَطْرَاف» أرادَت قَبْضَ الْيَدِ والرِّجل عَنِ الحَرَكَة والَّسير. يَعْنِي تَسْكين الأَطْرَاف وَهِيَ الأعْضَاء.
وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: هِيَ جَمْعُ طَرْف الْعَيْنِ، أَرَادَتْ غَضّ البَصَر.
قَالَ الزَّمخشري: «الطَّرْف لَا يُثَنّي وَلَا يُجمَع لِأَنَّهُ مَصْدر، وَلَوْ جُمِعَ فَلَمْ يُسْمع فِي جَمْعه أَطْرَاف، وَلَا أَكَادُ أشُكّ أَنَّهُ تَصْحيف، والصوابُ «غَضُّ الإطْرَاق» : أَيْ يَغْضُضْن مِنْ أبْصَارِهِنَّ مُطرِقاتٍ رَامِيَاتٍ بأبْصارهنَّ إِلَى الْأَرْضِ» «1» .
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ نَظَر الفُجْأة قَالَ: «أَطْرِفْ بَصَرك» أَيِ اصرِفْه عمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ وامْتَدَّ إِلَيْهِ. ويُرْوى بِالْقَافِ وسَيُذكر.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ زِيَادٍ «إنَّ الدُّنْيَا قَدْ طَرَفَتْ أعيُنَكم» أَيْ طَمحَتَ بأبْصَارِكم إِلَيْهَا، مِنْ قَولِهم امرأةٌ مَطْرُوفَة بالرِّجال، إِذَا كَانَتْ طَمَّاحة إِلَيْهِمْ. وَقِيلَ طَرَفَتْ أعينُكم: أَيْ صَرَفَتها إِلَيْهَا.
__________
(1) انظر الفائق 1/ 586.

(3/120)


وَمِنْهُ حَدِيثُ عَذَابِ الْقَبْرِ «كَانَ لَا يَتَطَرَّفُ مِنَ البَوْل» : أَيْ لَا يَتَبَاعد، مِنَ الطَّرَف: النَّاحِيَةِ.
(س) وَفِيهِ «رأيتُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ مِطْرَفَ خَزٍّ» المِطْرَف بكَسر الْمِيمِ وَفَتْحِهَا وَضَمِّهَا:
الثوبُ الَّذِي فِي طَرَفَيْه عَلَمان. وَالْمِيمُ زائدةٌ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِيهِ «كَانَ عَمْرٌو لمُعَاوية كالطِّرَاف المَمْدُود» «1» الطِّرَاف: بيتٌ مِنْ أَدَم مَعْروف مِنْ بُيُوت الأعْرَاب.
(س) وَفِي حَدِيثِ فُضَيل «كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَصْلَعَ، فطُرِفَ لَهُ طَرْفَة» أصْلُ الطَّرْف: الضَّرب عَلَى طَرَفِ العَين، ثُمَّ نُقِل إِلَى الضرْب عَلَى الرَّأس.

(طَرَقَ)
(هـ س) فِيهِ «نَهي المُسافرَ أَنْ يأتيَ «2» أهْلَه طُرُوقاً» أَيْ ليْلا. وَكُلُّ آتٍ باللَّيل طَارِق. وَقِيلَ أصْلُ الطُّرُوق: مِنَ الطَّرْق وَهُوَ الدَّق. وسُمِّي الآتِي بِاللَّيْلِ طَارِقاً لحَاجته إِلَى دَقّ الْبَابِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «إِنَّهَا خَارِقة طَارِقَة» أَيْ طَرَقَتْ بِخَير. وجمعُ الطَّارِقَة: طَوَارِق.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أعوذُ بِكَ مِنْ طَوَارِق اللَّيل إلاَّ طَارِقاً يَطْرُقُ بخَير» .
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الطُّرُوق فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِيهِ «الطِّيَرَةُ والعِيافةُ والطَّرق مِنَ الجِبْت» الطَّرق: الضَّرب بِالْحَصَا الَّذِي يَفْعله النِّسَاءُ. وَقِيلَ هُوَ الخطُّ فِي الرَّمْل. وَقَدْ مرَّ تَفْسِيرُهُ فِي حَرْفِ الْخَاءِ.
(هـ) وَفِيهِ «فرَأى عَجُوزا تَطْرُقُ شَعَرا» هُو ضَرْب الصُّوف والشَّعَر بالقَضِيب لينْتَفِش.
__________
(1) فى ا «الممدّد» والمثبت من الأصل واللسان.
(2) في الأصل: «عن أن يأتي» وأسقطنا «عن» حيث لم ترد فى اواللسان والهروى.

(3/121)


(هـ) وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ «فِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَة الفَحْل» أَيْ يَعْلو الفَحلُ مِثْلها فِي سِنِّها. وَهِيَ فَعُولة بِمَعْنَى مَفْعُولة. أَيْ مَرْكُوبة للفَحْل. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ يُصْبِح جُنُبا مِنْ غَير طَرُوقَة» أَيْ زَوجَةٍ. وَكُلُّ امْرأةٍ طَرُوقَة زَوْجها. وكلُّ نَاقَةٍ طَرُوقَة فحلِها.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَمِنْ حقِّها إِطْرَاق فَحْلِها» أَيْ إِعَارَتُهُ للضِّراب. واسْتِطْرَاق الفَحل:
اسْتِعَارتُه لِذَلِكَ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنْ أَطْرَقَ مُسْلما فَعَقَّت لَهُ الفَرَس» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «مَا أُعْطي رجُل قَطُّ أفْضَل مِنَ الطَّرْق، يُطْرِقُ الرجلُ الفَحلَ فيُلْقِحُ مائةٍ، فيَذْهب حَيْرِيَّ دَهْرٍ» : أَيْ يَحْوِي أجْره أَبَدَ الآبِدين. والطَّرْق فِي الأصْل: ماءُ الفَحْل.
وَقِيلَ هُوَ الضِّراب ثُمَّ سُمِّى بِهِ الْمَاءُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «1» «والبَيْضَةُ منسُوبَة إِلَى طَرْقِها» أَيْ إِلَى فَحْلِهَا.
(هـ) وَفِيهِ «كأنَّ وجُوهَهم المجَانُّ المُطْرَقَة» أَيِ التِّراس التَّي أُلْبِسَت العَقَب شَيْئًا فوقَ شَيْءٍ.
وَمِنْهُ طَارَقَ النَّعل، إِذَا صَيَّرها طَاقاً فوقَ طاقٍ، وركَّب بعضَها فوقَ بَعْضٍ. ورَواه بعضُهم بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ للتَّكْثير. وَالْأَوَّلُ أشْهر.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «فَلبِسْتُ خُفَّين مُطَارَقَيْن» أَيْ مُطْبقين واحِدا فَوق الْآخَرِ. يُقَالُ أَطْرَقَ النَّعلَ وطَارَقَها. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ نَظَرِ الفُجْأة «أَطْرِقْ بصَرَك» الإِطْرَاق: أَنْ يُقْبل ببَصره إِلَى صَدْرِه ويَسْكُت سَاكِتا.
[هـ] وَفِيهِ «فأَطْرَقَ سَاعة» أَيْ سَكت.
وَفِي حَدِيثٍ آخر «فأَطْرَقَ رأسَه» أي أمَاله وأسْكَنه.
__________
(1) أخرجه الهروي من حديث عمرو. وضبط عمرو- بالقلم- بفتح العين وتسكين الميم. ولفظ الحديث فيه «البيضة منسوبة إلى طرقها» .

(3/122)


وَمِنْهُ حَدِيثُ زِيَادٍ «حَتَّى انْتَهكوا الحَرِيم، ثُمَّ أَطْرَقُوا ورَاءكم» : أَيِ اسْتَتَروا بِكُمْ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ النَّخَعي «الوُضوءُ بالطَّرْق أحَبُّ إليَّ مِنَ التيمُّم» الطَّرْق: الماءُ الَّذِي خَاضَته الإبلُ وبالَت فِيهِ وبَعَرت.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الزُّبير «وَلَيْسَ للشَّارب إلاَّ الرَّنْقُ والطَّرْق» .
وَفِيهِ «لَا أرَى أَحَدًا بِهِ طِرْق يَتخَلَّف» الطِّرْق بِالْكَسْرِ: القُوّة. وَقِيلَ الشَّحْم. وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعمل فِي النَّفْي.
وَفِي حَدِيثِ سَبْرة «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَد لِابْنِ آدَمَ بأَطْرُقِهِ» هِيَ جَمْعُ طَرِيق عَلَى التَّأْنِيث، لِأَنَّ الطَّرِيق تُذَكر وتُؤَنْث، فجمعُه عَلَى التَّذكير: أَطْرِقَة، كرغِيفٍ وأرْغِفَة، وَعَلَى التَّأْنِيثِ:
أَطْرُق، كيَمين وأيُمن.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ هِنْدٍ:
نَحنُ بَنَات طَارِق نَمْشي علَىَ النَّمَارِقْ.
الطَّارِق: النَّجْم، أَيْ آبَاؤُنا فِي الشَّرَف والعُلُو كالنَّجْم.

(طَرَا)
(هـ) فِيهِ «لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارى عِيسى بنَ مَرْيَمَ» الإِطْرَاء: مُجَاوَزةُ الحَدِّ فِي المَدْح، والكَذِبُ فِيهِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَانَ يَسْتَجْمِر بالأَلُوَّةِ غيرِ المُطَرَّاة» الأَلوَّة: الْعُودُ.
والمُطَرَّاة: الَّتِي يُعْمل عَلَيْهَا ألْوََانُ الطِّيب غَيْرَهَا كالعَنْبَرِ والمِسْك والكافُور.
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ «عَسَل مُطَرَّى» أَيْ مُرَبّي بالأَفاوِيه.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ أكَل قَدِيدا عَلَى طِرِّيَانٍ» قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ الَّذِي تُسَميه العامَّة الطِّرْيَان.
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيت: هُوَ الَّذِي يُؤْكَلُ عَلَيْهِ.

بَابُ الطَّاءِ مَعَ الزَّايِ

(طَزِجَ)
فِي حَدِيثِ الشِّعبي «قَالَ لِأَبِي الزّنادِ: تَأتِينا بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ قسَيِةَّ، وتأخُذها مِنَّا طَازِجَة» القَسِيَّة: الرَّديئَة. والطَّازِجَة: الخَالِصَة المُنَّقاة، وكأنَّه تَعْريب تَازَه، بِالْفَارِسِيَّةِ.

(3/123)


بَابُ الطَّاءِ مَعَ السِّينِ

(طَسَأَ)
فِيهِ «إِنَّ الشَّيَطان قَالَ: مَا حَسَدْت ابْنَ آدَمَ إلاَّ عَلَى الطُّسْأَة «1» والحَقْوة» الطُّسْأَة: التُّخَمَة والهَيْضَةُ. يُقَالُ طَسِئَ إِذَا غَلَب الدَّسَم عَلَى قَلْبه. وطَسِئَتْ نفْسَه فهي طَاسِئَة منه.

(طسس)
في الحديث الْإِسْرَاءِ «واختَلَفَ إِلَيْهِ مِيكَائِيلُ بثلاثِ طِسَاس مِنْ زمزم» الطِّسَاس: جمع طَسّ طِسّ، وهو الطَّسْت الطِّسْت، والتاءُ فِيهِ بَدلٌ مِنَ السِّينِ، فجُمع عَلَى أصْله، ويُجْمع عَلَى طُسُوس أَيْضًا.

(طَسَقَ)
فِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ حُنَيف فِي رَجُلين مِنْ أهْل الذِّمة أسْلَما:
ارْفَع الجِزْية عن رُؤُسِهما، وخُذِ الطَّسْق مِنْ أرْضَيْهما» الطَّسْق: الوَظِيَفة مِنْ خَرَاج الأرضِ المقرَّر عَلَيْهَا، وَهُوَ فَارِسي مُعَرَّب.

(طَسَمَ)
(س) فِي حَدِيثِ مَكَّةَ «وسُكَّانها طَسْم وجَدِيسٌ» هُمَا قَومٌ مِنْ أهْل الزمَّان الأوَّل. وَقِيلَ طَسْم: حيٌّ مِنْ عَادٍ.

بَابُ الطَّاءِ مَعَ الشِّينِ

(طَشَشَ)
(هـ) فِيهِ «اَلحَزَاءَة يَشْرَبُها أكَايسُ النِّساءِ للطَّشَّة» هِيَ دَاءٌ يُصِيبُ النَّاسَ كَالزُّكَامِ، سُمِّيَتْ طَشَّة لِأَنَّهُ إِذَا اسْتَنْثَرَ صَاحِبُهَا طَشَّ كَمَا يَطِشُّ المَطَر، وَهُوَ الضعيفُ القليلُ مِنْهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الشَّعْبيّ وسَعيد فِي قَوْلِهِ تعالى وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مَاءً «2» قَالَ: طَشٌّ يَوْمَ بدرٍ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ «أَنَّهُ كَانَ يَمْشِي فِي طَشٍّ وَمَطَرٍ» .
__________
(1) ضبطت في الأصل بفتح الطاء. هنا وفي صفحة 417 من الجزء الأول. والصواب الضم.
(2) الآية 24 من سورة الروم. وانظر آية الأنفال 11.

(3/124)


بَابُ الطَّاءِ مَعَ الْعَيْنِ

(طَعِمَ)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى تُطْعِمَ» يُقَالُ أَطْعَمَتِ الشَّجَرة إِذَا أَثْمَرَتْ، وأَطْعَمَتِ الثمرةُ إِذَا أدْركت. أَيْ صارَت ذَات طَعْم وَشَيْئًا يُؤْكل مِنْهَا. ورُوي «حَتَّى تُطْعَمَ» أَيْ تُؤْكل، وَلَا تُؤْكل إِلَّا إِذَا أدْركت.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الدَّجّال «أخْبرُوني عَنْ نَخْل بَيْسَانَ هَل أَطْعَمَ؟» أَيْ هَل أثْمَرَ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «كرِجْرِجَة الماءِ لَا تُطْعِمُ» أَيْ لَا طَعْمَ لَهَا. يُقَالُ أَطْعَمَتِ الثَّمَرَةُ إِذَا صار لها طَعْم. والطَّعْم بالفتح: ما يُؤَدِّيه ذَوقُ الشَّيْءِ مِنْ حَلاوةٍ وَمَرَارَةٍ وَغَيْرِهِمَا، وَلَهُ حاصلٌ ومَنْفَعة. والطُّعْم بِالضَّمِّ: الأكلُ. ويُروى «لَا تَطَّعِم» بِالتَّشْدِيدِ. وَهُوَ تَفْتَعِلُ مِنَ الطَّعْم، كتَطَّرد مِنَ الطَّرْدِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «1» فِي زمْزَم «انَّها طَعَامُ طُعْمٍ وشِفاءُ سُقم» أَيْ يَشبَعُ الإنسانُ إِذَا شَرِبَ ماءَها كَمَا يَشْبع مِنَ الطَّعَام.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْكِلَابِ «إِذَا وَرَدْن الحَكَر الصَّغير فَلَا تَطْعَمْهُ» أَيْ لَا تَشْرَبه.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ بَدْرٍ «مَا قَتلنا أَحَدًا بِهِ طَعْمٌ، مَا قَتَلْنا إِلَّا عَجَائز صُلعاً» هَذِهِ اسْتعارة:
أَيْ قَتَلْنَا مَنْ لَا اعْتِدَاَد بِهِ وَلَا مَعْرفة لَهُ وَلَا قَدْر. وَيَجُوزُ فِيهِ فَتْحُ الطَّاءِ وَضَمُّهَا، لِأَنَّ الشيءَ إِذَا لَمْ يكُن فِيهِ طُعْمٌ وَلَا لَهُ طَعْمٌ فَلَا جَدْوى فِيهِ لِلْآكِلِ وَلَا مَنْفَعة.
(هـ) وَفِيهِ «طَعَام الْوَاحِدِ يكْفِي الِاثْنَيْنِ، وطَعَام الِاثْنَيْنِ يكْفِي الأْرَبعة» يَعْنِي شِبَعُ الواحدِ قُوتُ الِاثْنَيْنِ، وشِبَعُ الِاثْنَيْنِ قُوتُ الْأَرْبَعَةِ. ومثلُه قَوْلُ عُمَر عَامَ الرَّمادة: لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أُنْزِل عَلَى أَهْلِ كلِّ بَيْتٍ مِثْلَ عَدَدهم، فإنَّ الرَّجُلَ لَا يَهْلِك عَلَى نِصْفِ بَطْنه.
__________
(1) أخرجه الهروي من قول ابن عباس.

(3/125)


(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَة ثُمَّ قَبَضه جَعَلها لِلَّذي يقومُ بعدَه» الطُّعْمَة بِالضَّمِّ: شِبه الرِّزْق، يُريدُ بِهِ مَا كَانَ لَهُ مِنَ الفيءِ وَغَيْرِهِ. وجمعُها طُعَم.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مِيرَاثِ الْجَدِّ «إِنَّ السُّدُس الآخرَ طُعْمَة» أَيْ أَنَّهُ زيادَةٌ عَلَى حَقِّه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ «وقِتَالٌ عَلَى كَسب هَذِهِ الطُّعْمَة» يَعْنِي الْفَيْءَ وَالْخَرَاجَ. والطِّعْمَة بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ: وَجْه المَكسب. يُقَالُ هُوَ طَيِّب الطُّعْمَة وخَبيث الطُّعْمَة، وَهِيَ بِالْكَسْرِ خاصَّةً حالةُ الْأَكْلِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلمة «فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بعدُ» أَيْ حَالَتِي فِي الْأَكْلِ.
(هـ س) وَفِي حَدِيثِ المُصَرَّاة «مَنِ ابْتاع مُصَرَّاةً فَهُوَ بخيْر النَّظَرين، إِنْ شَاءَ أمْسَكَها وَإِنْ شاءَ رَدَّها وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ طَعَام لَا سَمْراء» الطَّعَام: عامٌّ فِي كُلِّ مَا يُقْتَات مِنَ الحنْطَة والشَّعير وَالتَّمْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَحَيْثُ اسْتَثْنَى مِنْهُ السَّمْراء وَهِيَ الحنْطة فَقَدْ أَطْلَقَ الصَّاعَ فِيمَا عَدَاها مِنَ الأَطْعِمَة، إِلَّا أنَّ العُلماء خصُّوه بِالتَّمْرِ لأمْرَيْن: أحدُهما أَنَّهُ كَانَ الْغَالِبَ عَلَى أَطْعِمَتِهِم، وَالثَّانِي أنَّ مُعْظَم رِوَايَاتِ هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا جاءَت صَاعًا مِنْ تَمر، وَفِي بَعْضِهَا قَالَ «مِنْ طَعَام» ثُمَّ أعقَبه بالاستِثْناء فَقَالَ «لَا سَمْراء» ، حَتَّى إِنَّ الفُقَهاء قَدْ تَرَدَّدُوا فِيمَا لَوْ أَخْرَجَ بَدَلَ التَّمْرِ زَبِيبًا أَوْ قُوتاً آخَرَ، فَمِنْهُمْ مَنْ تَبِع التَّوقيف، وَمِنْهُمْ مَنْ رَآه فِي مَعْنَاهُ إِجْرَاءً لَهُ مُجْرى صَدَقَةِ الفِطْر. وَهَذَا الصاعُ الَّذِي أَمَرَ بردِّه مَعَ المُصَرَّاة هُوَ بَدَلٌ عَنِ اللَّبن الَّذِي كَانَ فِي الضَّرْع عِنْدَ العَقْد. وَإِنَّمَا لَمْ يجب ردّعين اللّبن أو مثله أو قيمت لأنَّ عَين اللَّبن لَا تَبْقى غَالِبًا، وَإِنْ بَقِيَتْ فَتَمْتزج بِآخَرَ اجْتمع فِي الضَّرْع بَعْدَ الْعَقْدِ إِلَى تَمَامِ الْحَلْبِ. وَأَمَّا المِثْلِيَّةُ فلأنَّ القَدْر إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا بمِعيارِ الشَّرع كَانَتِ الْمُقَابَلَةُ مِنْ بَابِ الرِّبا، وَإِنَّمَا قُدّرَ مِنَ التَّمر دُون النَّقْد لفَقْدِه عندهُم غَالِبًا، وَلِأَنَّ التَّمْرَ يُشارك اللَّبن فِي المَالِيَّة والقُوتِيَّة. وَلِهَذَا المَعنى نصَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَوْ رَدَّ المُصَرَّّاة بِعَيب آخَرَ سِوَى التَّصْرِيَةِ رَد مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْر لأجْل اللَّبن.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «كُنَّا نخْرِج زَكَاةَ الْفِطْرِ «1» صَاعًا مِنْ طَعَام، أَوْ صَاعًا
__________
(1) فى اواللسان «صدقة الفطر» . والمثبت من الأصل. وهو موافق لاصطلاح الشافعيين.

(3/126)


مِنْ شَعِيرٍ» قِيلَ أَرَادَ بِهِ البُرّ. وَقِيلَ التَّمر، وَهُوَ أشْبَه، لِأَنَّ البُرَّ كَانَ عِنْدهم قَلِيلًا لَا يَتَّسِع لإخْراج زَكَاةِ الفِطر. وَقَالَ الخليلُ: إنَّ الْعَالِيَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنَّ الطَّعَام هُوَ البُرُّ خاصَّة.
(س) وَفِيهِ «إِذَا اسْتَطْعَمَكُم الإمامُ فأَطْعِمُوه» أَيْ إِذَا أُرْتِجَ عَلَيْهِ فِي قِرَاءةِ الصَّلاةِ واسْتَفْتَحكم فافْتَحُوا عَلَيه ولَقِّنُوه، وَهُوَ مِنْ بَاب التَّمثِيل تَشْبيهاً بالطَّعَام، كأنَّهم يُدْخِلُون القِراءةَ فِي فِيهِ كَمَا يُدْخَل الطَّعَام.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «فاسْتَطْعَمْتُه الحديثَ» أَيْ طلبتُ مِنْهُ أَنْ يُحَدِّثني وَأَنْ يُذِيقَني طَعْمَ حَدِيثه.

(طَعَنَ)
(هـ) فِيهِ «فَنَاء أمَّتي بالطَّعْنِ والطَّاعُون» الطَّعْن: القتلُ بالرِّماح. والطَّاعُون:
المرضُ العامُّ والوَباء الَّذِي يَفْسد لَهُ الهَواءُ فتفسُدُ بِهِ الأمْزِجَة والأبْدَان. أرادَ أنَّ الغَالِب عَلَى فَنَاء الأَّمِة بالفِتَن الَّتِي تُسْفَك فِيهَا الدِّماءُ، وبالوَبَاء «1» .
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الطَّاعُون فِي الْحَدِيثِ. يُقَالُ طُعِنَ الرجُل فَهُوَ مَطْعُون، وطَعِين، إِذَا أصابَه الطَّاعُون.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «نَزلتُ عَلَى أَبِي هَاشِم بْنِ عُتْبة وَهُوَ طَعِين» .
وَفِيهِ «لَا يكونُ المُؤْمِن طَعَّاناً» أَيْ وقَّاعاً فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ بالذَّم والغِيَبة وَنَحْوِهِمَا.
وَهُوَ فَعَّال، مِنْ طَعَنَ فِيهِ وعَليه بالقَول يَطْعَنُ- بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ- إِذَا عَابه. وَمِنْهُ الطَّعْن فِي النَّسَب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ رجَاء بْنِ حَيْوَة «لَا تُحَدِّثْنا عَنْ مُتَهَارِتٍ وَلَا طَعَّان» .
(س) وَفِيهِ «كَانَ إِذَا خُطِب إِلَيْهِ بعضُ بَنَاتِه أَتَى الخِدْر فَقَالَ: إنَّ فُلانا يَذْكُرُ فُلَانَةً، فَإِنْ طَعَنَتْ فِي الخِدْر لَمْ يُزَوّجْها» أَيْ طَعَنَتْ بأصْبُعها ويَدِها عَلَى السِّتر المُرْخى عَلَى الخِدْر. وَقِيلَ طَعَنَتْ فِيهِ: أَيْ دَخَلَته. وقد تقدم في الخاء.
__________
(1) الذي في الهروي في شرح هذا الحديث: «أراد- والله أعلم- بالطعن أن تصيب الإنسان نظرة من الجن فربما مات منه. وقيل الطعن أن يُقتل بالحديد، كأنه قال: فَناء أمَّتي بالفتن التي تسفَك فيها الدماء، وبالطاعون الذريع» .

(3/127)


(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ طَعَنَ بأَصْبُعِه فِي بَطْنِهِ» أَيْ ضَربه بِرَأْسِهَا.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «وَاللَّهِ لَوَدَّ مُعاوية أَنَّهُ مَا بَقِيَ من بني هاشم نافِخُ ضَرَمَة إلاَّ طَعَنَ فِي نَيْطه» يُقَالُ طَعَنَ فِي نَيْطه: أَيْ فِي جَنازته. وَمَنِ ابْتَدَأ بشيءٍ أَوْ دَخَله فَقَدْ طَعَنَ فِيهِ. ويُروى «طُعِنَ» عَلَى مَا لَمْ يُسَم فاعِله. والنَّيْط: نِياطُ القَلْب وَهُوَ عِلاقَتُه.

بَابُ الطَّاءِ مَعَ الْغَيْنِ

(طَغَمَ)
(س) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «يَا طَغَام الأحْلامِ» أَيْ يَا مَنْ لَا عَقْل لَهُ وَلَا مَعْرفة.
وقيل هم أوغاد الناس وأراذلهم.

(طغي)
(س) فِيهِ «لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بالطَّوَاغِي» .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «وَلَا بالطَّوَاغِيت» فالطَّوَاغِي جَمْعُ طَاغِيَة، وَهِيَ مَا كَانُوا يَعْبُدُونه مِنَ الأصْنام وَغَيْرِهَا.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «هَذِهِ طَاغِيَة دَوْس وخَثْعَم» أَيْ صنَمْهم ومَعْبُوُدهم، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بالطَّوَاغِي مَن طَغَى فِي الكُفْر وجاوَزَ القَدْر فِي الشَّرِّ، وَهُمْ عُظَمَاؤُهُمْ ورُؤسَاؤهم. وَأَمَّا الطَّوَاغِيت فَجَمْعُ طَاغُوت وَهُوَ الشَّيْطَانُ أَوْ مَا يُزَيِّن لَهُمْ أَنْ يَعْبُدوه مِنَ الْأَصْنَامِ. وَيُقَالُ للصَّنم طَاغُوت. والطَّاغُوت يَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا.
(س) وَفِي حَدِيثِ وَهْب «إنَّ للْعِلم طُغْيَاناً كطُغْيَان الْمَالِ» أَيْ يَحْمِل صاحبَه عَلَى التَّرَخُّصِ بِمَا اشْتَبه مِنْهُ إِلَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُ، وَيَتَرفَّع بِهِ عَلَى مَنْ دُونه، وَلَا يُعْطى حقَّه بِالْعَمَلِ بِهِ كَمَا يَفْعَل ربُّ الْمَالِ. يُقَالُ: طَغَوْتُ وطَغَيْتُ أَطْغَى طُغْيَاناً وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

بَابُ الطَّاءِ مَعَ الْفَاءِ

(طَفَحَ)
(هـ) فيه «مَنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا غُفِر لَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ طِفَاحُ الْأَرْضِ ذُنُوبا» أَيْ مِلْؤُها حَتَّى تَطْفَحُ: أَيْ تَفِيض.

(3/128)


(طَفَرَ)
(س) فِيهِ «فطَفَرَ عَنْ رَاحِلته» الطَّفْر: الوُثُوب، وقيل: هو وَثْبٌ في ارْتفَاع.
والطَّفْرَة: الوثبة.

(طفف)
(هـ) فيه «كلّكم بنو آدم طَفُّ الصّاعِ، لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إلاَّ بالتَّقْوَى» أَيْ قَريبٌ بعضُكم مِنْ بَعْضٍ. يُقَالُ: هَذَا طَفُّ المِكْيال وطِفَافُهُ وطَفَافُهُ: أَيْ مَا قَرُب من ملئه. وقيل: هو ماعلا فَوْقَ رَأسِه. وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا: طُفَاف بِالضَّمِّ. وَالْمَعْنَى كُلُّكُم فِي الاْنِتساب إِلَى أبٍ واحدٍ بمنزلةٍ واحدةٍ فِي النْقصِ والتقَّاصُر عَنْ غَايَةِ التَّمام. وشبَّههُم فِي نُقْصانِهم بالمَكِيل الَّذِي لَمْ يَبْلُغ أَنْ يَمْلأ المِكْيال، ثُمَّ أعْلمهُم أَنَّ التَّفاضُل لَيْسَ بالنَّسَب ولكنْ بالتَّقْوَى.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي صِفَةِ إِسْرَافِيلَ «حَتَّى كأنَّه طِفَافُ الْأَرْضِ» أَيْ قُرْبها.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «قَالَ لرجُل: مَا حبَسَكَ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ؟ فَذَكَر لَهُ عُذْرا، فَقَالَ عُمَرُ:
طَفَّفْتُ» أَيْ نَقَصْتَ. والتَّطْفِيف يَكُونُ بِمَعْنَى الْوَفَاءِ والنَّقص.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «سَبَقْتُ الناسَ، وطَفَّفَ بِيَ الفَرس مَسْجدَ بَني زُرَيْق» أَيْ وَثَبَ بِي حَتَّى كادَ يُساوي المسْجدَ. يُقَالُ: طَفَّفْتُ بفُلاَنَ موضعَ كَذَا: أَيْ رَفَعْتُه إِلَيْهِ وحَاذَيْتْه بِهِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفة «أَنَّهُ اسْتَسقَى دهِقْاناً فَأَتَاهُ بقَدَحٍ فضَّة فحذَفه بِهِ، فَنَكَّس الدِّهْقان وطَفَّفَه القدحُ» أَيْ عَلا رَأْسَه وتَعدَّاه.
وَفِي حَدِيثِ عرضِ نَفْسِه عَلَى الْقَبَائِلِ «أَمَّا أحدُهما فطُفُوفُ البَرِّ وأرْض العَرَب» الطُّفُوف:
جمعُ طَفّ، وَهُوَ سَاحِل البَحْر وَجَانِبُ البرِّ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ مَقْتَلِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّهُ يُقْتَل بالطَّفِّ» سُمّي بِهِ لِأَنَّهُ طَرَف البرِّ ممَّا َيلي الفُرَات، وَكَانَتْ تَجْري يَوْمَئِذٍ قَرِيبًا مِنْهُ.

(طَفِقَ)
(هـ) فِيهِ «فطَفِقَ يُلْقي إِلَيْهِمُ الجَبوبَ» طَفِقَ: بِمَعْنَى أخَذَ فِي الفِعْل وجَعَل يَفْعَل، وَهِيَ مِنْ أَفْعَالِ المُقارَبةِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ، والجَبُوب: المَدَرُ.

(3/129)


(طَفُلَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الاستسقَاء «وَقَدْ شُغَلت أمُّ الصَّبِيّ عَنِ الطِّفْل» أَيْ شُغِلَت بِنَفْسها عَنْ وَلَدها بِمَا هِيَ فِيهِ مِنَ الجَدْب.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ
. وَقَوْلُهُمْ: وَقَع فُلان فِي أمْر لَا يُنَادَي وَلِيدُه، والطِّفْل: الصَّبِيُّ وَيَقَعُ عَلَى الذَّكر والأُنْثى والجماعة. ويقال طِفْلَة وأَطْفَال.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْحُدَيْبِيَةِ «جَاءُوا بالعُوذ المَطَافِيل» أَيِ الْإِبِلِ مَع أوْلاَدِها. والمُطْفِل:
النَّاقةُ القريبَة العَهْد بِالنِّتَاجِ مَعَهَا طِفْلُهَا. يُقَالُ: أَطْفَلَتْ فَهِيَ مُطْفِل. ومُطْفِلَة. وَالْجَمْعُ مَطَافِل ومَطَافِيل بِالْإِشْبَاعِ. يريدُ أنَّهم جَاءُوا بأجمْعَهم كِبَارِهم وصغَارِهم.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «فأقْبَلْتُمْ إليَّ إقبالَ العُوذ المَطَافِل» فجمَع بغيرِ إِشْبَاعٍ.
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَرِه الصلاةَ عَلَى الجَنَازة إِذَا طَفَلَتِ الشمسُ للغُرُوب» أَيْ دَنَتْ مِنْهُ. واسمُ تِلْكَ السَّاعة: الطَّفَل. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِي شِعْرِ بِلَالٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وطَفِيل قِيلَ: هُمَا جَبلاَن بنَواحِي مَكَّةَ. وَقِيلَ: عَيْنَان.

(طَفَا)
(هـ) فِيهِ «اقتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ والأبْتَرَ» الطُّفْيَة: خَوصَةُ الْمُقْلِ فِي الْأَصْلِ، وَجَمْعُهَا طُفًى. شَبَّهَ الْخَطَّيْنِ اللَّذين عَلَى ظَهْر الحيَّة بخُوصَتَين مِنْ خُوص المُقْل.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «اقْتُلوا الجَانَّ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ» .
(هـ) وَفِي صِفَةِ الدَّجّال «كَأَنَّ عَيْنَةُ عِنَبَةٌ طَافِيَة» هِيَ الحَبَّة الَّتِي قَدْ خَرجَت عَنْ حَدّ نَبتَةِ أخَوَاتها، فَظَهَرت مِنْ بَيْنِها وارْتَفعَت. وَقِيلَ: أرَادَ بِهِ الحَّبَة الطَّافِيَة عَلَى وجْه الماءِ، شَبَّه عينَة بِهَا.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(3/130)


بَابُ الطَّاءِ مَعَ اللَّامِ

(طَلَبَ)
فِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ «قَالَ سُرَاقةُ: فاللهَ لَكُما أَنْ أُرّد عَنْكما الطَّلَبَ» هُوَ جمعُ طَالِب، أَوْ مَصْدَر أُقيم مُقَامه، أَوْ عَلَى حَذْف الْمُضَافِ: أَيْ أهْل الطَّلَب.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ فِي الْهِجْرَةِ «قَالَ لَهُ: أمْشي خَلْفَك أخْشَى الطَّلَب» .
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ نُقَادَة الأَسِدي «قلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اطْلُبْ إليَّ طَلِبَةً فَإِنِّي أُحب أَنْ أُطْلِبَكَها» الطَّلِبَة: الحاجَةُ. والإِطْلَاب: إنجازُها وقَضاؤها. يُقَالُ: طَلَبَ إليَّ فأَطْلَبْتُه: أَيْ أسْعَفْته بِمَا طَلَبَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ «لَيْسَ لِي مُطْلِبٌ سِواك» .

(طَلَحَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ إِسْلَامِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «فَمَا بَرِح يُقاتِلهم حَتَّى طَلَحَ» أَيْ أعْيَا، يُقَالُ:
طَلَحَ يَطْلَحُ طُلُوحاً فَهُوَ طَلِيح، وَيُقَالُ: نَاقَةٌ طَلِيح، بِغَيْرِ هَاءٍ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ سَطيح «عَلَى جَمل طَلِيح» أَيْ مُعْيٍ.
وَفِي قَصِيدِ كَعْبٍ:
وَجِلْدُهَا مِنْ أَطومٍ لَا يُؤيّسُهُ ... طِلْحٌ بضَاحِيَة المَتْنَينِ مَهْزولُ
الطِّلْح بِالْكَسْرِ: القُرَاد، أَيْ لَا يُؤثِّر القُرادَ فِي جلْدها لِملاَسَتِه.
(س) وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ ذكْر «طَلْحَة الطَّلَحَات» هُوَ رجُل مِنْ خُزَاعة اسمُه طَلْحَة بْنُ عُبَيد اللَّهِ بْنِ خَلَفٍ، وَهُوَ الَّذِي قِيلَ فِيهِ:
رَحِم اللَّهُ أعْظُماً دَفَنُوها ... بِسجِسْتَانَ طَلْحَة الطَّلَحَات «1»
وَهُوَ غَيْرُ طَلْحَة بْنِ عُبَيد اللَّهِ التَّيميّ الصَّحابي. قِيلَ إنَّه جَمَعَ بَيْن مِائَةِ عَرَبِيٍّ وَعَرَبِيَّةٍ بِالْمَهْرِ وَالْعَطَاءِ الْوَاسِعَيْنِ، فَوُلد لكُلِّ واحدٍ مِنْهُمْ ولَدٌ سُمِّي طَلْحَة فأضيفَ إِلَيْهِمْ. والطَّلْحَة فِي الأصْل:
واحِدَة الطَّلْح، وَهِيَ شَجَر عِظام مِنْ شَجَر العِضَاه.
__________
(1) البيت لعبيد الله بن قيس الرقيّات. ديوانه ص 20 ط بيروت 1958 م والرواية فيه «نضَّر الله» .

(3/131)


(طَلَخَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ كَانَ فِي جَنَازة فَقَالَ: أيُّكم يَأْتِي الْمَدِينَةَ فَلَا يَدَع فِيهَا وثَنَاً إلا كَسره وَلا صُورة إلاَّ طَلَخَها» أَيْ لَطخَها بالطِّين حَتَّى يَطْمِسَها، مِنَ الطَّلْخ، وَهُوَ الَّذِي يَبْقَى فِي أسْفل الحَوْض والغَدِير.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ سَوَّدَها، مِنَ اللَّيْلَةِ المُطْلَخِمَّة، عَلَى أَنَّ الميمَ زَائِدَةٌ.

(طَلِسَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ أمَرَ بِطَلْسِ الصُّوَر الَّتِي فِي الْكَعْبَةِ» أَيْ بِطَمْسها ومَحْوها.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّ قَوْلَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَطْلِسُ مَا قَبْله مِنَ الذُّنُوبِ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّهُ قَالَ لَهُ: لَا تدَعْ تِمْثَالاً إلاَّ طَلَسْتَه» أَيْ مَحْوته.
وَقِيلَ: الأصلُ فِيهِ الطُّلْسَة، وَهِيَ الْغُبْرَةُ إِلَى السَّوَادِ. والأَطْلَس: الْأَسْوَدُ والوسِخُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَأتي رِجَالًا طُلْساً» أَيْ مُغْبَرَّة «1» الألْوان، جمعُ أَطْلَس.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّهُ قطعَ يَدَ مُوَلَّد أَطْلَسَ سَرَق» أرادَ أَسْوَدَ وسِخا. وَقِيلَ الأَطْلَس: اللِّص، شُبِّه بالذِّئب الَّذِي تَسَاقط شَعَره.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّ عَامِلًا وفَدَ عَلَيْهِ أشْعَث مُغْبرًّا عَلَيْهِ أَطْلَاس» يَعْنِي ثِياباً وَسِخَة. يُقَالُ: رجُل أَطْلَس الثَّوب: بَيِّن الطُّلْسَة.

(طَلَعَ)
(هـ س) فِيهِ فِي ذِكْرِ الْقُرْآنِ «لكُل حَرْفٍ حَدٌّ، ولكلِّ حدٍّ مُطَّلَعٌ» أَيْ لِكلِّ حَدٍّ مَصْعَد يُصْعَد إِلَيْهِ مِنْ مَعْرفة عِلْمِه. والمُطَّلَع: مَكان الاطِّلَاع مِنْ موضِع عالِ. يُقَالُ:
مُطَّلَع هَذَا الجَبل مِنْ مَكَانِ كَذَا: أَيْ مَأْتَاه ومَصْعَدُه.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ: إنَّ لِكلِّ حَدٍّ مُنْتَهكاً ينْتَهكه مُرْتَكِبُه: أَيْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وجلَّ لَمْ يُحرّم حُرمةً إلاَّ عَلِم أَنْ سَيَطَّلِعُهَا مُسْتَطْلِعٌ.
ويجوزُ أَنْ يَكُونَ «لِكُلِّ حدٍّ مَطْلَع» بِوَزْنِ مَصْعَدٍ وَمَعْنَاهُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «لَوْ أَنَّ لِي مَا فِي الأرضِ جَمِيعًا لافْتَدَيتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ المُطَّلَع»
__________
(1) في ا: «مغبَّروا» .

(3/132)


يُريدُ بِهِ الَموْقِف يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَوْ مَا يُشْرِفُ عَلَيْهِ مِنْ أمْر الْآخِرَةِ عَقِيب الموتِ، فشبَّهه بالمُطَّلَع الَّذِي يُشَرَفُ عَلَيْهِ مِنْ موضعٍ عالٍ.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَزَا بَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَلَائِع» هُمُ القومُ الَّذِينَ يُبْعَثُون لِيطلِعُوا طِلْعَ العَدُوِّ، كالجَوَاسِيس، واحدُهم طَلِيعَة، وَقَدْ تُطْلق عَلَى الجَمَاعة. والطَّلَائِع: الجَماعَات.
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ ذِي يَزَن «قَالَ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ: أَطْلَعْتُك طِلْعَهُ» أَيْ أعْلَمتُكه.
الطِّلْع بِالْكَسْرِ: اسمٌ، مِنَ اطَّلَعَ عَلَى الشَّيْءِ إِذَا عَلِمه.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «إنَّ هَذِهِ الأنفُسَ طُلَعَة» الطُّلَعَة بِضَمِّ الطَّاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ: الكثيرةُ التَّطَلُّع إِلَى الشَّيْءِ: أَيْ أنها كثيرةالميل إِلَى هَواهَا وَمَا تَشْتَهيه حَتَّى تُهْلِك صاحبَها.
وَبَعْضُهُمْ يَرْويه بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ، وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. وَالْمَعْرُوفُ الْأَوَّلُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الزِّبْرِقان «أبْغَضُ كنَائِني إليِّ الطُّلَعَة الخُبَأَةُ» أَيِ الَّتِي تَطْلُعُ كَثِيرًا ثُمَّ تَخْتَبئُ.
وَفِيهِ «أَنَّهُ جَاءَهُ رجلٌ بِهِ بَذَاذَة تَعْلُو عَنْهُ العَيْن، فَقَالَ: هَذَا خَيْرٌ مِنْ طِلَاعِ الْأَرْضِ ذَهباً» أَيْ مَا يَمْلؤُها حَتَّى يَطْلُعَ عَنْهَا ويَسِيل.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «لَوْ أنَّ لِي طِلَاع الأرضِ ذَهَبًا» (هـ) وَحَدِيثُ الْحَسَنِ «لَأَنْ أعْلَمَ أنِّي بَرِيءٌ مِنَ النِّفاقِ أحبُّ إليَّ مِنْ طِلَاع الأرضِ ذَهَبًا» .
وَفِي حَدِيثِ السُّحور «لَا يَهيدَنَّكُم الطَّالِع» يَعْنِي الفَجْرَ الكاذِبَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ كِسْرى «أَنَّهُ كَانَ يسجدُ للطَّالِع» هُوَ مِنَ السِّهَامِ الَّذِي «1» يُجاوزُ الهدَف ويعْلوه. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي حَرْفِ السِّينِ.

(طَلْفَحَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ «إِذَا ضَنُّوا عَلَيْكَ بالمُطَلْفَحَة فَكُلْ رَغِيَفَك» أي إذا
__________
(1) في الأصل: «التي» والمثبت من اواللسان، ومما سبق في مادة (سجد) :

(3/133)


بَخِل الأُمَراءُ عَلَيْكَ بالرُّقَاقة الَّتِي هِيَ مِنْ طَعَامِ المُتْرَفين والأغْنياء فاقنَع برَغِيفك. يُقَالُ: طَلْفَحَ الخبزَ وفَلْطَحَهُ إِذَا رَقَّقه وبَسَطه.
وَقَالَ بعضُ المُتَأخِّرين: أَرَادَ بالمُطَلْفَحَة الدَّرَاهمَ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ، لِأَنَّهُ قَابَلَهُ بِالرَّغِيفِ.

(طَلَقَ)
(هـ) فِي حَدِيثُ حُنين «ثُمَّ انتَزَع طَلَقاً مِنْ حَقَبه فَقَّيد بِهِ الْجَمَلَ» الطَّلَق بِالتَّحْرِيكِ: قَيْدَ مِنْ جُلُود.
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «الحيَاءُ والإيمانُ مَقْرُوَنان فِي طَلَقٍ» الطَّلَق هَاهُنَا: حَبْل مَفْتُول شَدِيدُ الفَتْل: أَيْ هُمَا مُجْتَمِعان لَا يَفْتَرِقَان، كَأَنَّهُمَا قَدْ شُدَّا فِي حَبْل أَوْ قَيدٍ.
وَفِيهِ «فرفَعْت فَرَسي طَلَقاً أَوْ طَلَقَيْنِ» هُوَ بِالتَّحْرِيكِ: الشَّوط وَالْغَايَةُ الَّتِي تَجْرِي إِلَيْهَا الفَرَس.
(س) وَفِيهِ «أَفْضَلُ الْإِيمَانِ أَنْ تُكَلِّم أَخَاكَ وَأَنْتَ طَلِيق» أَيْ مُسْتَبشِرٌ مُنْبَسط الوَجْه.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنْ تَلْقَاهُ بوَجْه طَلِق» يُقَالُ: طَلُقَ الرَّجُلُ بِالضَّمِّ يَطْلُقُ طَلَاقَة، فَهُوَ طَلِق، وطَلِيق «1» : مُنْبَسط الوجْه مُتَهلِّلة.
(س) وَفِي حَدِيثِ الرَّحِم «تَتَكلَّم بلساَنٍ طَلْق» يُقَالُ رَجُل طَلْقُ اللِّسَانِ وطِلْقُهُ وطُلُقُهُ وطَلِيقُه «2» : أَيْ مَاضي القَول سَريع النُّطْق.
(س) وَفِي صِفَةِ لَيْلَةِ القدْر «لَيْلَةٌ سَمْحةٌ طَلْقَة» أَيْ سَهْلة طَيِّبة. يُقَالُ يَوْمٌ طَلْقٌ، وليلةٌ طَلْقٌ وطَلْقَة، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا حرٌّ وَلَا بَرْد يُؤْذِيَان.
(هـ) وَفِيهِ «الْخَيْلُ طِلْقٌ» الطِّلْق بِالْكَسْرِ: الحَلال. يُقَالُ أعْطَيتُه مِنْ طِلْق مَالِي: أَيْ مِنْ صَفْوه وطَيِّبه، يَعْنِي أَنَّ الرِّهَانَ عَلَى الخيْل حَلالٌ.
(هـ) وَفِيهِ «خيرُ الْخَيْلِ الأقْرَحُ، طَلْقُ اليَد اليُمْنى» أَيْ مُطْلَقُها ليس فيها تحْجِيل.
__________
(1) قال في القاموس: طَلُق ككَرُم، وهو طلق الوجه، مثلّثة، وككتف وأمير.
(2) قال في القاموس: طِلَقْ اللسان، بالفتح والكسر، وكأمير، وبضمتين، وكصرد، وكتف.

(3/134)


وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ وَزَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «الطَّلَاق بالرِّجال والعِدَّة بالنِّساءِ» أَيْ هَذَا مُتَعَلَّق بِهَؤُلَاءِ، وَهَذِهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَؤُلَاءِ. فالرجُل يُطَلِّقُ وَالْمَرْأَةُ تَعْتَدُّ. وَقِيلَ: أَرَادَ أنَّ الطَّلَاق يتعلَّق بالزَّوج فِي حُرِّيَّته وَرِقِّه. وَكَذَلِكَ العِدَّة بِالْمَرْأَةِ فِي الحالتين.
وفيه الفُقَهاء خلافٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْول: إِنَّ الحرَّة إِذَا كَانَتْ تَحْت العَبْد لَا تَبِين إلاَّ بِثَلَاثٍ، وتَبينُ الأمَةُ تَحْتَ الحِرّ باثنَتَين.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الحرَّة تَبين تَحت العَبد باثنتَين، وَلَا تَبين الأمَةُ تَحت الحرِّ بأقلَّ مِنْ ثَلَاثٍ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِذَا كَانَ الزوجُ عَبداً والمرأةُ حُرَّةً، أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ كَانَا عَبدَين فإنَّها تَبين باثنتَين.
وَأَمَّا العدَّة فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إنْ كَانَتْ حُرَّة اعتدَّت بِالْوَفَاءِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وبالطَّلَاق ثَلَاثَةَ أطْهارٍ أَوْ ثلاثَ حِيَضٍ، تَحْتَ حُرٍّ كَانَتْ أَوْ عَبْدٍ. وَإِنْ كَانَتْ أمَة اعتدَّت شَهْرَيْنِ وَخَمْسًا، أَوْ طُهْرَيْنِ أَوْ حَيْضَتَيْنِ، تَحْتَ عَبْدٍ كَانَتْ أَوْ حرٍّ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ وَالرَّجُلُ الَّذِي قَالَ لزَوجته: «أنتِ خَلِيَّة طَالِق» الطَّالِق مِنَ الْإِبِلِ:
الَّتِي طُلِقَتْ فِي المَرْعَى. وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا قَيْدَ عَلَيْهَا. وَكَذَلِكَ الخَلِيَّة. وَقَدْ تقدَّمت فِي حَرْفِ الْخَاءِ.
وطَلَاق النساءِ لِمعنَيين: أحدهما حَلّ عَقْد النكاج، والآَخر بمعْنى التَّخلية والإرْسال.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ «إِنَّكَ رَجُلٌ طِلِّيق» «1» أَيْ كَثِيرُ طَلَاق النِّساء. والأجودُ أَنْ يُقَالَ: مِطْلَاق ومِطْلِيق وطُلَقَة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «إِنَّ الحَسنَ مِطْلَاق فَلَا تُزَوِّجُوه» .
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «أَنَّ رجُلا حجَّ بأمِّه فحَمَلها على عَاتِقه،
__________
(1) في ا: «طلق» .

(3/135)


فَسَأَلَهُ، هَلْ قَضى حقَّها؟ قَالَ: لاَ، وَلَا طَلْقَةً وَاحِدَةً» الطَّلْق: وجَعُ الوِلاَدة. والطَّلْقَة:
المرَّة الْوَاحِدَةُ.
(س) وَفِيهِ «أَنَّ رَجُلًا اسْتَطْلَقَ بطنُهُ» أَيْ كَثُرَ خُرُوج مَا فِيهِ، يُريدُ الإسْهالَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ حُنين «خرجَ إِلَيْهَا ومعَه الطُّلَقَاء» همُ الَّذين خَلَّى عَنْهُمْ يَوْمَ فَتْح مَكَّةَ وأَطْلَقَهُم فَلَمْ يَسْتَرِقَّهم، واحدُهم: طَلِيق، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعول. وَهُوَ الْأَسِيرُ إِذَا أُطْلِقَ سَبيله.
(س) ومنه الحديث «الطُّلَقَاء من قُرَيش والعُنَقاَء مِنْ ثَقِيف» كَأَنَّهُ ميَّزَ قُريشاً بِهَذَا الِاسْمِ، حيث هو أحْسَنُ من العُنقَاء. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

(طَلُلَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّ رجُلاً عضَّ يَدَ رَجُل فانتَزَعها مِنْ فِيهِ فسَقَطت ثَنَايا العاضِّ، فَطَلَّهَا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أَيْ أهْدَرَها. هَكَذَا يُروى «طَلَّهَا» بِالْفَتْحِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ:
طُلَّ دمُهُ، وأُطِلَّ، وأَطَلَّهُ اللهُ. وأجازَ الأوَّلَ الكِسَائِيُّ «1» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَن لَا أكَل وَلَا شَرِب وَلَا اسْتَهلَّ، ومثلُ ذَلِكَ يُطَلُّ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْد المُطَّلِب «فَأَطَلَّ عَلَيْنَا يَهُودي» أَيْ أشْرَف.
وحَقِيَقُته: أوْفَى عَلَيْنَا بطَلَلِهِ، وَهُوَ شَخْصُه.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلّي عَلَى أَطْلَال السَّفينة «هِيَ جَمْعُ طَلَل، ويُريد بِهِ شِرَاعَها.
وَفِي حَدِيثِ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ «ثُمَّ يُرْسِل اللَّهُ مَطرا كأنَّه الطَّلّ» الطَّلّ: الَّذِي يَنْزِل مِنَ السَّماء فِي الصَّحْو. والطَّلّ أيضا: أضْعفُ المَطَر. «2»
__________
(1) عبارة الهروي: وقال الكسائي: يجوز طَلَّ الدمُ نفسُه.
(2) القائل هو المبرّد، كما ذكر الهروي.

(3/136)


(طَلَمَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ مَرَّ برجُلٍ يُعالج طُلْمَة لأصْحابه فِي سَفر» الطُّلْمَة: خُبْزَة تُجْعل فِي المَلَّة، وَهِيَ الرَّمادُ الحارُّ. وأصلُ الطَّلْم: الضَّربُ بِبَسْط الكفِّ.
وَقِيلَ الطُّلْمَة: صفِيحة مِنْ حجارةٍ كالطَّابَق يُخْبَز عَلَيْهَا.
وَفِي شِعْرِ حسَّان فِي رِوَايَةٍ:
تُطَلِّمُهُنَّ بالخُمُرِ النِّساءُ والمشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ «تُلَطِّمُهُنّ» «1» وَهُوَ بِمَعْنَاهُ.

(طَلَا)
(هـ) فِيهِ «مَا أَطْلَى نبيٌّ قطُّ» أَيْ مَا مَالَ إِلَى هَواهُ. وأصلُه مِنْ مَيل الطُّلَى، وَهِيَ الْأَعْنَاقُ، وَاحِدَتُهَا: طُلَاة. يُقَالُ: أَطْلَى الرَّجُلُ إِطْلَاءً إِذَا مالَت عُنُقه إِلَى أحَد الشِّقَّين.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّهُ كَانَ يَرْزُقُهم الطِّلَاء» الطِّلَاء بِالْكَسْرِ والمدِّ:
الشَّرابُ المطبوخُ مِنْ عَصِير العِنَب، وَهُوَ الرُّبُّ. وأصلُه القَطِرانُ الخَاثرِ الَّذِي تُطْلَي بِهِ الإبِلُ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ أوَّلَ مَا يُكْفَأُ الإسْلاَمُ كَمَا يُكفأُ الإناءُ فِي شَرَاب يُقال لَهُ الطِّلَاء» هَذَا نَحْوُ الْحَدِيثِ الآخَر «سَيَشْرب ناسٌ مِنْ أمَّتي الخَمْر يُسَمُّونها بغَير اسْمِها» يُريدُ أَنَّهُمْ يَشرَبون النَّبِيِذَ المُسْكِر المَطْبُوخ وَيُسَمُّونَهُ طِلَاءً، تَحرُّجاً مِنْ أَنْ يُسَمُّوه خَمْرا.
فَأَمَّا الَّذِي فِي حَدِيثِ عليٍّ فليسَ مِنَ الخَمْر فِي شيءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ الرُّبُّ الحَلالُ. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الطِّلَاء فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِي قصَّة الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ «إنَّ لَهُ لحَلاوةً وإنَّ عَلَيْهِ لَطُلَاوَة» أَيْ رَونَقا وحُسْناً.
وَقَدْ تُفتح الطاء.
__________
(1) وهى رواية الديوان ص ا، ط ليدن. وصدر البيت: تظلُّ جيادُنا مُتَمَطِّراتٍ

(3/137)


بَابُ الطَّاءِ مَعَ الْمِيمِ

(طَمِثَ)
فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «حَتَّى جِئْنَا سَرِفَ فَطَمِثْتُ» يُقَالُ طَمِثَتِ المرأةُ تَطْمَثُ طَمْثاً إِذَا حاضَت، فَهِيَ طَامِث، وطَمَثَتْ إِذَا دَمِيَتْ بالافْتِضاض والطَّمْث «1» : الدَّم والنِّكاح. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ.

(طَمَحَ)
(س) فِي حَدِيثِ قَيْلة «كُنْت إِذَا رَأيتُ رجُلا ذَا قِشْر طَمَحَ بَصري إِلَيْهِ» أَيِ امتدَّ وعَلاَ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فخرَّ إِلَى الْأَرْضِ فطَمَحَتْ عَيْنَاهُ إِلَى السَّمَاءِ» .

(طَمِرَ)
(هـ) فِيهِ «رُبَّ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لَا يُؤبَه لَهُ» الطِّمْر:
الثوبُ الخَلَق.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ «فيَقُول العَبْد: عِنْدي العظَائمُ المُطَمَّرَات» أَيِ المُخبَّأت مِنَ الذُّنوب. والأمُور المُطَمِّرَات بِالْكَسْرِ: المُهْلِكات، وَهُوَ مِنْ طَمَرْتُ الشيءَ إِذَا أخْفَيتَه. وَمِنْهُ المَطْمُورَة: الحَبْسُ.
وَفِي حَدِيثُ مُطَرِّف «مَنْ نامَ تحتَ صَدَفٍ مَائلٍ وَهُوَ يَنْوي التَّوكُّل فلْيَرْمِ نفسَه مِنْ طَمَارِ وَهُوَ يَنْوي التَّوَكُّلَ» طَمَار: بِوَزْنِ قَطَام: الْمَوْضِعُ المُرْتَفع العَالي. وَقِيلَ هُوَ اسْمُ جَبَل: أَيْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعرِّض نَفْسَهُ للمَهالِك وَيَقُولَ قَدْ توكَّلْت.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ نَافِعٍ «كُنْتُ أقولُ لِابْنِ دَأْب إِذَا حدَّث: أقِمِ المِطْمَر» هُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ: الْخَيْطُ الَّذِي يُقَوَّم عَلَيْهِ البِناءُ، ويُسَمَّى التُّرَّ «2» أَيْ أَقُولُ: قَوِّم الْحَدِيثَ واصْدُق فيه.
__________
(1) قال في المصباح: «طَمَث الرجل امرأته طَمْثا، من بابي ضرب وقتل: افتَّضها وافترعها. وطَمَثت المرأةُ طَمْثاً، من باب ضرب: إذا حاضت. وطَمِثت تَطْمَث، من باب تعب، لغة» . وقال صاحب القاموس: «طَمَثت، كنَصَر وسَمِع: حاضت» .
(2) بالفارسية. كما ذكر الهروي.

(3/138)


(طَمُسَ)
(س) فِي صِفَةِ الدَّجال «أَنَّهُ مَطْمُوس العَيْن» أَيْ مَمْسُوحها مِنْ غَيْرِ بَخَص.
والطَّمْس: استِئْصال أثَرِ الشَّيْءِ.
وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ مَذْحِج «ويُمْسِي سَرَابُها طَامِساً» أَيْ أنَّه يذْهَب مرَّة ويعُود أخْرى.
قَالَ الخطَّابي: كَانَ الأشبَه أَنْ يَكُونَ «سَرَابُها طَامِيا» وَلَكِنْ كَذَا يُروى.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الطَّمْس فِي الْحَدِيثِ.

(طَمْطَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أَبِي طَالِبٍ «إِنَّهُ لَفي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّار، ولولاَيَ لكانَ فِي الطَّمْطَام» الطَّمْطَام فِي الْأَصْلِ: مُعْظَمُ مَاءِ الْبَحْرِ، فَاسْتَعَارَهُ هَاهُنَا لمُعْظم النَّار، حَيْثُ اسْتَعار ليَسيرها الضَّحْضَاح، وَهُوَ الماءُ القليلُ الَّذِي يَبْلُغ الكَعْبَيْن.
[هـ] وَفِي صِفَةِ قُرَيْشٍ «لَيْسَ فِيهِمْ طُمْطُمَانِيَّة حِمْيَر» شبَّه كَلَامَ حِمْيَر لِمَا فِيهِ مِنَ الأْلَفاظ المُنْكَرة بِكَلَامِ العَجَم. يُقَالُ: رجلٌ أعْجَمُ طِمْطِمِيٌّ. وَقَدْ طَمْطَمَ فِي كَلَامِهِ.

(طَمِمَ)
فِي حَدِيثِ حُذيفة «خَرَج وَقَدْ طَمَّ شَعَرَه» أَيْ جَزَّه واسْتَأصَله.
ومنه حديث سلمان «أنه ربي مَطْمُوم الرَّأْسِ» .
(س) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «وَعِنْدَهُ رجُل مَطْمُوم الشَّعَرِ» .
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «لَا تُطَمّ امرأةٌ أَوْ صَبِيٌُ تَسمَعُ كلامَكم» أَيْ لَا تُزَاعُ»
وَلَا تُغْلب بكَلِمة تَسمَعُها مِنَ الرَّفَث. وأصلُه مِنْ طَمَّ الشيءُ إِذَا عظُم. وطَمَّ الماءُ إِذَا كثُر، وَهُوَ طَامّ.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ والنَّسَّابة «مَا مِن طَاَّمّة إلاَّ وفوقَها طَامَّة» أَيْ مَا مِنْ أمْرٍ عَظِيم إِلَّا وفوقَه مَا هُوَ أعْظَمُ مِنْهُ. وَمَا مِنْ دَاهِيةٍ إلاَّ وفوقَها داهيةٌ.

(طَمَا)
(هـ) فِي حَدِيثِ طَهْفة «مَا طَمَا البحرُ «2» وَقَامَ تِعَارُ» أَيِ ارْتفعَ بأمْواجِه.
وتِعَار: اسمُ جَبَل.
__________
(1) في ا: «تُراع» بالراء.
(2) في الهروي: «بحر» .

(3/139)


بَابُ الطَّاءِ مَعَ النُّونِ

(طَنِبَ)
(هـ) فِيهِ «مَا بَين طُنُبَيِ المَدِينة أحوجُ منِّي إِلَيْهَا» أَيْ مَا بَين طَرَفيها.
والطُّنُب: أحدُ أَطْنَاب الخَيمة، فاسْتعارَه للطَّرَف والنَّاحِية.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّ الأشعثَ بْنَ قَيس تزوّج امرأةً على حُكْمِها فردَّها عمر إِلَى أَطْنَاب بَيِتها» أَيْ إِلَى مَهْرِ مِثْلها. يُريد إِلَى مَا بُنِيَ عَلَيْهِ أمْرُ أَهْلِها وامتدَّت عَلَيْهِ أَطْنَاب بُيُوتِهم.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَا أُحِبُّ أَنَّ بَيْتِي مُطَنَّب ببَيْت محمَّد، إِنِّي أحْتَسِب خُطايَ» مُطَنَّب: أَيْ مَشْدُودٌ بالأَطْنَاب، يَعْنِي مَا أُحبُّ أَنْ يَكُونَ بَيْتي إِلَى جانِب بيْته، لِأَنِّي أحْتَسِب عندَ اللَّهِ كثرةَ خُطايَ مِنْ بَيْتِي إِلَى المَسْجِد.

(طَنَفَ)
فِي حَدِيثِ جُرَيج «كَانَ سُنَّتُهُم إِذَا تَرهَّب الرجُل مِنْهُمْ ثُمَّ طُنِّفَ بالفُجُور لَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ إِلَّا القَتْل» أَيِ اتُّهم. يُقَالُ: طَنَّفْتُهُ فَهُوَ مُطَنَّف: أَيِ اتْهَمْتُه فَهُوَ مُتَّهَم.

(طَنْفَسَ)
قَدْ تَكَرَّرَ فِيهِ ذِكْرُ «الطُّنْفُسَة» وَهِيَ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ وَبِضَمِّهِمَا، وَبِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ: البساطُ الَّذِي لَهُ خَمْل رَقيق، وجمعُه طَنَافِس.

(طَنِنَ)
(س) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «ضَرَبه فأَطَنَّ قِحفه» أَيْ جَعَله يَطِنُّ مِنْ َصْوت القَطْع. وأصلُه مِنَ الطَّنِين وهوَ صَوْتُ الشَّيْءِ الصُّلْب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مُعاذ بْنِ الجَمُوح «قَالَ: صَمَدْتُ يَوْمَ بَدْر نَحْوَ أَبِي جَهْلٍ، فلمَّا أمْكَنَني حَمْلْتُ عَلَيْهِ وضربْتُه ضَرْبَةً أَطْنَنْتُ قدمَه بِنْصْفِ ساقه، فو الله مَا أُشَبِّهُهَا حِينَ طاحَت إِلَّا النَّوَاةَ تطيحُ مِنْ مِرْضَخَة النَّوى» أَطْنَنْتُها: أَيْ قَطعتُها. استعَاره مِنَ الطَّنِين: صَوْتِ القَطْع والمِرضَخة:
الآَلُة الَّتِي يُرَضَخ بِهَا النَّوى: أَيْ يُكْسَر.
(س) وَفِي الْحَدِيثِ «فَمَنْ تَطَّنَّ؟» أَيْ مَنْ تَتهمُ، وأصلُه تَظْتَنُّ، مِنَ الظِّنَّة: التُّهمَةَ، فَأُدْغِمَ الظَّاء فِي التَّاء، ثُمَّ أبْدل مِنْهُمَا طَاء مشَدَّدة، كَمَا يُقَالُ مُطَّلم فِي مُظْتَلم.
أوْرَده أَبُو مُوسَى فِي هَذَا الْبَابِ، وذكَر أَنَّ صَاحِب «التَّتَّمة» أوْرَده فيه الظاهر لفظه. قال:

(3/140)


وَلَوْ رُوي بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ لجازَ. يُقَالُ: مُطْلِم ومظّلِمٌ، ومضطَلِم، كَمَا يُقَالُ: مُدَّكِرٌ ومُذَّكِر ومُذْدكر.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ سِيرِين «لَمْ يَكُنْ عليٌّ يُطَّنُّ فِي قَتْل عُثْمان» أَيْ يُتَّهم. ويُرْوى بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ. وسَيَجيءُ فِي بَابِهِ.

(طَنَا)
فِي حَدِيثِ الْيَهُودِيَّةِ الَّتِي سَّمت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «عَمَدَتْ إِلَى سُمٍّ لَا يُطْنِي» أَيْ لَا يَسْلَمُ عَلَيْهِ أَحَدٌ. يُقَال: رَمَاه اللَّهُ بأفْعَى لَا تُطْنِي، أَيْ لَا يُفْلِت لَدِيُغها.

بَابُ الطَّاءِ مَعَ الْوَاوِ

(طَوَبَ)
(هـ) فِيهِ «إِنَّ الإسْلامَ بَدَأَ غَرِيبًا وسَيعود [غَرِيبًا] «1» كَمَا بَدَأ، فطُوبَى للغُرَباء» طُوبَى: اسمُ الجنَّة. وَقِيلَ هِيَ شَجَرةٌ فِيهَا، وأصلُها: فُعْلى، مِنَ الطِّيبِ، فَلَمَّا ضُمَّت الطاءُ انْقَلَبَتِ الْيَاءُ وَاواً. وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِيهِ «طُوبَى للشَّام لأنَّ الملَائكةَ باسِطَةٌ أجْنِحَتَها عَلَيْهَا» الْمُرَادُ بِهَا هَاهُنَا فُعْلَى مِنَ الطِّيب، لَا الْجَنَّةُ وَلَا الشَّجَرة.

(طَوُحَ)
(س [هـ] ) فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي يَوْمِ اليَرْمُوك «فَمَا رُئي مَوُطنٌ أكثَرُ قِحْفَا سَاقِطًا، وَكَفًّا طَائِحَة» أَيْ طَائرةً مِنْ مِعْصَمها سَاقطَة. يُقَالُ طَاحَ الشَّيْءُ يَطُوحُ ويَطِيحُ إِذَا سَقَط وهَلَك، فَهُوَ عَلَى يَطِيح مِنْ بَابِ فَعِل يَفْعِل، مِثْلَ حسِب يَحْسِب. وَقِيلَ هُوَ مِنْ بَابِ بَاعَ يَبِيع.

(طَوَدَ)
فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ تصِفُ أَبَاهَا «ذَاك طَوْدٌ مُنِيف» أَيْ جَبَل عالٍ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

(طَوِرَ)
فِي حَدِيثِ سَطيح فإنَّ ذَا الدَّهْرَ أَطْوَار دَهَارِيرُ
__________
(1) زيادة من اواللسان.

(3/141)


الأَطْوَار: الحالاَتُ المُخْتَلِفة والتَّارَات، والحدُودُ، وَاحدُها طَوْر: أَيْ مَرَّةً مُلْك ومَرَّةً هُلْك ومَرَّةً بُؤْس وَمَرَّةً نُعْم.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّبِيذ «تَعدَّى طَوْرَه» أَيْ جاوزَ حَدَّه وَحَالَهُ الَّذِي يَخُصُّه ويَحلّ فِيهِ شُرْبُه.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «وَاللَّهِ لَا أَطُور بِهِ مَا سَمَر سَمِيرٌ» أَيْ لَا أقْرَبُه أَبَدًا.

(طَوُعَ)
(هـ) فِيهِ «هَوًى مُتَّبَعٌ وشُحٌ مُطَاعٌ» هُوَ أَنْ يُطِيعَه صاحِبَه فِي مَنْع الحُقُوق الَّتِي أوجَبها اللهُ عَلَيْهِ فِي مالِه. يُقَالُ: أَطَاعَه يُطِيعُه فَهُوَ مُطِيع. وطَاعَ لَهُ يَطُوع ويَطِيع فَهُوَ طَائِع، إِذَا أذْعَن وانقادَ، والاسمُ الطَّاعَة.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فإنْ هُم طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ» وَقِيلَ: طَاعَ: إِذَا انْقَاد، وأَطَاعَ: اتَّبَع الأمْرَ وَلَمْ يُخَالفه. والاسْتِطَاعَة: القُدْرة عَلَى الشَّيء. وَقِيلَ: هِيَ اسْتِفْعال مِنَ الطَّاعَة.
(س) وَفِيهِ «لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِية اللَّهِ» يُريد طَاعَة وُلاَةِ الْأَمْرِ إِذَا أمِرُوا بِمَا فِيهِ مَعْصِية كالقَتْل والقَطْع وَنَحْوَهُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الطَّاعَة لَا تَسْلم لصاحِبِها وَلَا تخْلُص إِذَا كَانَتْ مَشُوَبًة بِالْمَعْصِيَةِ، وَإِنَّمَا تَصِحُّ الطَّاعَة وَتَخْلُصُ مَعَ اجْتِنَابِ الْمَعَاصِي، وَالْأَوَّلُ أشْبَه بِمَعْنَى الْحَدِيثِ، لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ مُقَيَّدا فِي غَيْرِهِ، كَقَوْلِهِ «لَا طَاعَةَ لمَخْلُوق فِي مَعْصية اللَّهِ» وَفِي رِوَايَةٍ «مَعْصية الخَالِق» .
وَفِي حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ البَدْرِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «فِي ذِكْرِ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
» أصلُ المُطَّوِّع: المُتَطَوِّع، فأدْغِمَت التاءُ فِي الطَّاءِ، وَهُوَ الَّذِي يَفْعَلُ الشَّيْءَ تبرُّعا مِنْ نَفْسه. وَهُوَ تفُّعل مِنَ الطَّاعة.

(طَوُفَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الهِرّة «إنَّما هِيَ مِنَ الطَّوَّافين عَلَيكم والطَّوَّافات» الطَّائِف:
الخادمُ الَّذِي يَخْدُمُك برفْقٍ وعنَاية، والطوَّاف: فَعَّال مِنْهُ، شَبَّهها بالخَادمِ الَّذِي يَطُوف عَلَى مَولاهُ ويدورُ حَوله، أخْذاً مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ.
وَلَمَّا كَانَ فِيهِنَّ ذكورٌ وإناثٌ قَالَ: الطَّوَّافُون والطَّوَّافَات.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَقَدْ طَوَّفْتُمَا بِي اللَّيلَة» يُقَالُ: طَوَّفَ تَطْوِيفا وتَطْوَافا.

(3/142)


وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَطُوفُ بالبَيتِ وَهِيَ عُرْيَانَةٌ فَتَقُول: مَنْ يُعِيرني تَطْوافا؟» تَجْعله عَلَى فَرْجِهَا. هَذَا عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ: أَيْ ذَا تَطْوَاف. وَرَوَاهُ بعضُهم بِكَسْرِ التَّاء. وَقَالَ:
هُوَ الثَّوب الَّذِي يُطَاف بِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَراً أَيْضًا.
وَفِيهِ ذِكْرُ «الطَّوَاف بِالْبَيْتِ» وَهُوَ الدَّوَرَانُ حَوْلَهُ. تَقُولُ: طُفْتُ أَطُوفُ طَوْفا وطَوَافا، والجمعُ الأَطْوَاف.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ لَقِيط «مَا يَبْسُط أحدُكم يَده إلاَّ وقَع عَلَيْهَا قَدَحٌ مُطَهَّرَة من الطَّوَاف والأذَى» الطَّوْف: الحَدَث مِنَ الطَّعام. المعنَى أنَّ مَن شَرِب تلْك الشَّربَة طَهُر مِنَ الحَدَث وَالْأَذَى «1» . وأَنَّثَ القَدَح لِأَنَّهُ ذَهَب بِهَا إِلَى الشَّرْبة.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «نُهى عَنْ مُتَحَدِّثَيْن عَلَى طَوْفِهما» أَيْ عِنْدَ الغَائِط.
[هـ] وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «لَا يُصَلِّ «2» أحدُكم وَهُوَ يُدَافع الطَّوْف» ورَواه أَبُو عُبيد عَنِ ابْنِ عبَّاس.
وَفِي حَدِيثِ عَمْرو بْنِ الْعَاصِ، وذَكَر الطاعونَ فَقَالَ «لَا أرَاه إلاَّ رِجْزاً أَوْ طُوفَانا» أرادَ بالطُّوفَان البَلاءَ، وَقِيلَ الْمَوْتَ.

(طَوُقَ)
(هـ) فِيهِ مَنْ ظَلَم شِبْرا مِنْ أرضٍ طَوَّقَه اللهُ مِن سَبْع أرْضَيِن» أَيْ يَخْسِف اللهُ بِهِ الأرضَ فتَصير البُقْعَة المغْصُوبة مِنْهَا فِي عُنُقه كالطَّوْق.
وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يُطَوَّقَ حَمْلَها يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْ يُكلَّف، فَيَكُونُ مِنْ طَوْقِ التَّكْليف لاَ مِنْ طَوْقِ التَّقْليد.
(هـ) وَمِنَ الأَوّل حَدِيثُ الزَّكَاةِ «يُطَوَّقُ مالَه شُجَاعاً أقْرَعَ» أَيْ يُجْعل لَهُ كالطَّوْق فِي عُنقه.
__________
(1) بعده في الهروي: «وهو الحيض» .
(2) في الأصل وا: «لا يصلِّي» وفي اللسان: «لا يصلِّينَّ» والمثبت من الهروي.

(3/143)


وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «والنخلُ مُطَوَّقَة بثَمرها» أَيْ صَارَت أعذاقُها لهَا كالأَطْوَاق فِي الأعْنَاق.
وَمِنَ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي قَتادة ومُرَاجَعة النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّوم «فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ودِدْت أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ» أَيْ ليتَه جُعِل ذَلِكَ دَاخِلًا فِي طَاقَتِي وقُدْرَتي، وَلَمْ يَكُنْ عَاجِزًا عَنْ ذَلِكَ غَيْرَ قَادرٍ عَلَيْهِ لضَعْف فِيهِ، وَلَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ خافَ الْعَجْزَ عَنْهُ لِلْحُقُوقِ الَّتِي تَلْزَمُه لنسَائه، فَإِنَّ إدَامَة الصَّوم تُخِلُ بحظُوظهنّ مِنْهُ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ.
كُلُّ امْرِئٍ مُجَاهِدٌ بطَوْقِه أَيْ أقْصى غَايَتِه، وَهُوَ اسمٌ لِمْقدار مَا يُمْكِن أَنْ يَفْعَله «1» بمشَقَّة مِنْهُ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.

(طَوُلَ)
(س) فِيهِ «أُوتيتُ السَّبْعَ الطُّوَلَ» الطُّوَل، بِالضَّمِّ: جمعُ الطُّولَى، مِثْلَ الكُبَر فِي الكُبْرى.
وَهَذَا البنَاءُ يلزمُه الْأَلِفُ واللامُ والإضافةُ. والسَّبع الطُّوَل هِيَ البَقَرة، وَآلُ عِمران، والنِّساء، والمَائِدة، والأنْعَام، والأعْراف، والتَّوبة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمة «أَنَّهُ كَانَ يقرأُ فِي المَغْرب بِطُولَى الطُّولَيَيْن» الطُّولَيَيْن: تَثْنِية الطُّولَى، ومُذكَّرُها الأَطْوَل: أَيْ أَنَّهُ كَانَ يقْرأ فِيهَا بأَطْوَل السُّوَرَتين الطَّوِيلَتَيْن. تَعْني الأنْعَام والأعْرَافَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ اسْتِسْقَاءِ عُمَرَ «فطَالَ العبَّاسُ عَمَر» أَيْ غَلَبه فِي طُول القَامة، وَكَانَ عُمَرُ طَوِيلا مِنَ الرِّجال، وَكَانَ العبَّاس أشدَّ طُولًا مِنْهُ.
ورُوَي أَنَّ امْرأًة قالَت: رأيتُ عبَّاساً يَطُوف بالبيتِ كأَنَّه فُسْطَاط أبْيَضُ، وكانَت رَأتْ علىّ ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ فَرَعَ الناسَ طُولا، كَأَنَّهُ رَاكبٌ مَعَ مُشَاة، فَقَالَتْ: مَنْ هَذَا فأُعْلِمْتَ، فَقَالَتْ: إنَّ النَّاسَ ليَرْذُلُونَ. وَكَانَ رَأْسُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى مَنْكِب أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، ورَأسُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى مَنْكِب العبَّاس، ورأسُ العبَّاس إِلَى مَنكب عَبْدِ المطلب.
__________
(1) فى ا «يفعل» .

(3/144)


(س) وَفِيهِ «اللَّهُمَّ بِكَ أُحاول وَبِكَ أُطَاوِل» أُطَاوِلُ: مُفاعَلة مِنَ الطَّوْل بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الفَضْل والعُلُوّ عَلَى الأعْداء.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الرَّبُّ بفَضْله» أَيْ تَطَوَّلَ «1» ، وَهُوَ مِنْ بَابِ: طارَقْتُ النَّعْل، فِي إطْلاقها عَلَى الوَاحد.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ قَالَ لأزْواجه: أوَّلُكُنَّ لُحوقاً بِي أَطْوَلُكُنَّ يَداً، فاجْتَمَعْن يَتَطَاوَلْنَ، فَطَالَتْهُنَّ سودةُ، فماتَت زينَبُ أوَّلَهُنّ» أرادَ أمَدَّكُنَّ يَدًا بالعَطاء، مِنَ الطَّوْل، فظَنَنَّه مِنَ الطَّوْل. وكانَت زينَبُ تَعْمَلُ بيدِها وتَتَصدقَّ بِهِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ كَانَا يَتَطَاوَلَانِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطَاوُلَ الفَحْلَين» أَيْ يَسْتَطِيلَان عَلَى عَدوّه ويتَبارَيان فِي ذَلِكَ ليكونَ كُلُّ واحدٍ منهُمَا أبْلَغ فِي نُصْرَته مِنْ صَاحِبه، فشُبّه ذَلِكَ التَّبَارِي والتَّغَالب بتَطَاوُلِ الفَحْلَين عَلَى الْإِبِلِ، يَذُبُّ كلُّ وَاحِدٍ منهُما الفُحُولَ عَنْ إِبِلِهِ ليَظْهر أيُّهما أكثرُ ذَبًّا.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُثْمَانَ «فتَفرَّق الناسُ فِرَقاً ثَلَاثًا: فصامِتٌ صَمْتُهُ أنفذُ مِنْ طَوْلِ غَيره» ويُروى «مِنْ صَوْل غَيْرِهِ» أَيْ إمْسَاكه أشدُّ مِنْ تَطَاوُلِ غَيره. يُقَالُ: طَالَ عليه، واسْتَطَالَ، وتَطَاوَلَ، إذا علاوه وتَرْفَّعَ عَلَيْهِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أرْبَى الرِّبا الاسْتِطَالَة فِي عِرْضِ النَّاسِ» أَيِ اسْتِحْقَارُهُمْ، وَالتَّرَفُّعُ عَلَيْهِمْ، والوَقيعةُ فِيهِمْ.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْخَيْلِ «ورجلٌ طَوَّلَ لَهَا فِي مَرْج فقَطَعَتْ طِوَلَها» .
(هـ) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «فأَطَالَ لَهَا فقَطعت طِيَلَها» الطِّوَل والطِّيَل بِالْكَسْرِ: الحبْل الطَّوِيل يُشَدُّ أَحَدُ طَرَفَيه فِي وتِد أَوْ غَيره والطَّرَف الْآخَرُ فِي يَد الفَرس ليَدُورَ فِيهِ ويَرْعَى وَلَا يَذْهَب لوجْهِه. وطَوَّلَ وأَطَالَ بِمَعْنًى: أَيْ شدّها في الحبل.
__________
(1) فى الهروى: «أى أشرف» .

(3/145)


وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لِطِوَلِ الفَرسِ حِمًى» أَيْ لصَاحِب الفَرَس أَنْ يَحْمِيَ الموضعَ الَّذِي يَدُورُ فِيهِ فَرَسُه المشدُودُ فِي الطِّوَل إِذَا كانَ مبُاحا لاَ مالِكَ لَهُ.
وَفِيهِ «أَنَّهُ ذَكَرَ رجُلا مِنْ أصْحابه قُبِض فكُفِّن فِي كَفَنٍ غيِر طَائِل» أَيْ غَيرِ رَفِيع وَلَا نَفِيس. وأصلُ الطَّائِل: النَّفْع والفائِدة.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَتْل أَبِي جَهْلٍ «ضَرْبْتُه بسَيفٍ غَيرِ طَائِل» أَيْ غَيْرِ ماضٍ وَلَا قَاطِع، كَأَنَّهُ كَانَ سَيفاً دُوناً بينَ السُّيوف.

(طَوَا)
(س) فِي حَدِيثِ بَدْرٍ «فَقَذِفُوا فِي طَوِيٍّ مِنْ أَطْوَاء بدْرَ» أَيْ بِئْرٍ مَطْوِيَّة مِنْ آبارِها. والطَّوِيّ فِي الأْصل صِفةٌ، فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُول، فَلِذَلِكَ جَمعُوه عَلَى الأَطْوَاء، كَشرِيف وأشْراف، ويَتيِم وأيْتَام، وَإِنْ كَانَ قَدِ انْتَقَل إِلَى بَابِ الاْسمَّية.
وَفِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «قَالَ لَهَا: لَا أُخْدِمُكِ وأَتْرُكُ أَهْلَ الصُّفَّة تَطْوَى بُطوُنهم» يُقَالُ: طَوِيَ من الجُوع يَطْوَى طَوًى فَهُوَ طَاوٍ: أَيْ خالِي البَطْن جَائِعٌ لَمْ يَأْكُلْ.
وطَوَى يَطْوِي إِذَا تعمَّد ذَلِكَ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «يَبِيتُ شْبعانَ وجارُه طَاوٍ» .
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «يَطْوِى بَطْنَه عَنْ جَارِه» أَيْ يُجِيع نَفْسه ويُؤْثِر جارَه بطَعامِه.
(س) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «أَنَّهُ كَانَ يَطْوِي يوميْن» أَيْ لَا يَأْكُل فِيهِمَا وَلَا يَشْرَب. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وبِناء الْكَعْبَةِ «فتَطَوَّتْ موضِعَ الْبَيْتِ كالحَجَفَة» أَيِ استَدَارَت كالتُّرْس. وَهُوَ تَفَعَّلَت، مِنَ الطَّيّ.
وَفِي حَدِيثِ السَّفَر «اطْوِ لنَا الأرْض» أَيْ قَرِّبْها لَنَا وسَهِّل السَّيْر فِيهَا حَتَّى لَا تَطُولَ عَلَيْنَا، فكأنَّها قَدْ طُوِيَتْ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ الأرضَ تُطْوَى باللَّيل مَا لَا تُطْوَى بالنَّهار» أَيْ تُقْطَع مسافَتُها، لأنَّ الْإِنْسَانَ فِيهِ أنشطُ مِنْهُ فِي النَّهار، وأقدرُ عَلَى المَشْي والسَّير لعدَمِِ الحرِّ وَغَيْرِهِ.

(3/146)


وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكر «طُوًى» وَهُوَ بِضَمِّ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ الْمُخَفَّفَةِ: موضعٌ عِنْدَ بَابِ مَكَّةَ يُستحبُّ لِمَنْ دَخَل مَكَّةَ أَنْ يَغْتسل بِهِ.

بَابُ الطَّاءِ مَعَ الْهَاءِ

(طَهُرَ)
(هـ) فِيهِ «لَا يَقْبلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُور» الطُّهُور بِالضَّمِّ: التَّطَهُّر، وبالفَتح الماءُ الَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ، كالوَضُوء والوُضُوء، والسَّحُور والسُّحُور. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الطَّهُور بِالْفَتْحِ يقَع عَلَى الْمَاءِ والمصْدَر مَعاً، فَعَلى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يكونَ الْحَدِيثُ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَضَمِّهَا، والمرادُ بِهِمَا التَّطَهُّر.
وَقَدْ تَكَرَّرَ لفظُ الطَّهَارَة فِي الْحَدِيثِ عَلَى اختلافِ تصرُّفِه. يُقَالُ: طَهَرَ يَطْهُرُ طُهْراً فَهُوَ طَاهِر.
وطَهُرَ يَطْهُرُ، وتَطَهَّرَ يَتَطَهَّرُ تَطَهُّراً فَهُوَ مُتَطَهِّر. وَالْمَاءُ الطَّهُور فِي الفِقْه: هُوَ الَّذِي يَرفَعُ الحدَث ويُزيل النَّجَسَ، لِأَنَّ فَعُولا مِنْ أبْنية المُبَالغة، فكأنَّه تنَاهى فِي الطَّهَارَة. والماءُ الطَّاهِر غَيْرُ الطَّهُور: هُوَ الَّذِي لَا يَرْفَع الحدَث وَلَا يُزِيل النَّجَسَ، كالمُسْتَعْمل فِي الوُضوء والغُسْل.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مَاءِ الْبَحْرِ «هُوَ الطَّهُور ماؤُه الحِلُّ مَيْتَتُه» أَيِ المُطَهِّر.
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمة «إِنِّي أُطيلُ ذَيلِي وأمْشِي فِي الْمَكَانِ القَذِر، فَقَالَ لَهَا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُطَهِّرُه مَا بَعْدَهُ» هُوَ خاصٌّ فِيمَا كَانَ يَابِسًا لَا يَعْلَق بالثَّوب مِنْهُ شَيءٌ، فأمَّا إِذَا كَانَ رَطْباً فَلَا يَطْهُرُ إلاَّ بالغَسْل. وَقَالَ مَالِك: هُوَ أَنْ يَطأَ الأرضَ القَذِرة، ثُمَّ يَطَأَ الأرضَ اليابسَة النَّظِيفَة، فإنَّ بعضَها يُطَهِّر بَعْضًا. فَأَمَّا النَّجاسةُ مِثْل الْبَوْلِ وَنَحْوِهِ تُصِيب الثَّوب أَوْ بَعْضَ الجَسد فإنَّ ذَلِكَ لَا يُطَهِّرُه إلاَّ الماءُ إجْماعا. وَفِي إسْنادِ هَذَا الْحَدِيثِ مَقَالٌ.

(طَهَمَ)
(هـ) فِي صِفَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ «لَمْ يَكُنْ بالمُطَهَّم» المُطَهَّم: المُنْتَفِخُ الوجْه. وَقِيلَ:
الفَاحِشُ السِّمَن. وَقِيلَ: النحيفُ الجْسمِ، وهو من الأضدَادِ «1» .
__________
(1) في الهروي: «قال أحمد بن يحيى: اختلف الناس في تفسير هذا الحرف، فقالت طائفة: هو الذي كلّ عضو منه حَسَنٌ على حِدَته. وقالت طائفة: المطهَّم: الفاحش السِّمَن. وقيل: هو المنتفخ الوجه، ومنه قول الشاعر: ووجْهٌ فيه تَطْهيمُ أي انتفاخ وجَهامة. وقالت طائفة: هو النحيف الجسم. قال أبو سعيد: الطُّهْمة والطُّخْمة في اللون: تجاوز السُّمرة إلى السواد، ووجهٌ مطهَّمُ، إذا كان كذلك» .

(3/147)


(طَهْمَلَ)
(س) فِيهِ «وقَفَت امرأةٌ عَلَى عُمَر فَقَالَتْ: إِنِّي امرأةٌ طَهْمَلَة» هِيَ الجَسِيمة القَبِيحة. وَقِيلَ الدَّقِيقة. والطَّهْمَل: الَّذِي لَا يُوجَدُ لَهُ حَجْمٌ إِذَا مُسّ.

(طَهَا)
[هـ] فِي حَدِيثِ أُمِّ زَرْع «وَمَا طُهَاةُ أَبِي زَرْع» تَعْنِي الطَّبَّاخين، واحدُهُم: طَاهٍ.
وأصلُ الطَّهْو: الطَّبْخ الجَيدُ المُنضَجُ. يُقَالُ: طَهَوْتُ الطَّعام إِذَا أنْضَجْتَه وأتْقَنْتَ طَبْخَه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «وَقِيلَ لَهُ: أسَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فَقَالَ: إلاَّ «1» مَا طَهْوِي؟» أَيْ ماَ عَمَلي إِنْ لَمْ أسْمَعْه؟ يَعْنِي أَنَّهُ لَمْ يَكُن لِي عَمَل غَيْرَ السَّمَاع، أَوْ أَنَّهُ إنْكار لِأَنْ يكونَ الأْمُر عَلَى خِلافِ مَا قالَ. وَقِيلَ هُوَ بِمَعْنَى التَّعجُّب، كَأَنَّهُ قَالَ: وإلاَّ فأيُّ شَيْءٍ حِفْظِي وإحْكامي مَا سَمِعْتُ «2» !

بَابُ الطَّاءِ مَعَ الْيَاءِ

(طَيِبَ)
قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ «الطَّيِّب والطَّيِّبَات» وَأَكْثَرُ مَا تَرِدُ بِمَعْنَى الحَلال، كَمَا أنَّ الخبيثَ كنايةٌ عَنِ الحَرام. وَقَدْ يَرِدُ الطَّيِّب بِمَعْنَى الطَّاهِرِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ قَالَ لعمَّار «3» : مَرْحباً بالطَّيِّب المُطَيَّب» أَيِ الطَّاهِرِ المُطَهَّر.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «لمَّا ماتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بِأَبِي أنتَ وأمِّي طِبْتَ حَيًّا ومَيِّتاً» أَيْ طَهُرْتَ.
(هـ) «والطَّيِّبَات فِي التَّحيّات» أَيِ الطَّيِّبات مِنَ الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ وَالْكَلَامِ مَصْرُوفَاتٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.
__________
(1) في الهروي: «إذاً» .
(2) زاد الهروي على هذه التوجيهات، قال: «وقال أبو العباس عن ابن الأعرابي: الطَّهْي: الذَّنْبُ في قول أبي هريرة. وطَهَى طَهْياً إذا أذنب. يقول: فما ذنبي؟ إنما هو شيء قاله رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» . وَقَدْ حكى السيوطي في الدر النثير هذا التوجيه عن الفارسي، عن ابن الأعرابى أيضا.
(3) أخرجه الهروي من قول عمار نفسه.

(3/148)


(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ أمَر أَنْ تُسَمَّى المدينةُ طَيْبَة وطَابَة» هُمَا مِنَ الطِّيب، لِأَنَّ الْمَدِينَةَ كَانَ اسمُها يَثْرِبَ، والثَّرب «1» الفَساد، فنَهى أَنْ تُسَمَّى بِهِ وسمَّاها طَيْبَة وطَابَة، وَهُمَا تأنيثُ طَيْب وطَاب، بِمَعْنَى الطِّيب. وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الطَّيِّب بِمَعْنَى الطَّاهِرِ، لخُلُوصِها مِنَ الشِّرك وَتَطْهِيرِهَا مِنْهُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «جُعِلت لِيَ الأرضُ طَيِّبَة طَهوراً» أَيْ نَظِيفة غَيْرَ خَبِيثة.
وَفِي حَدِيثِ هَوازِنَ «مَنْ أحبَّ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ مِنْكُمْ» أَيْ يُحَلِّله ويُبيحَه. وطَابَت نفسُه بِالشَّيْءِ إِذَا سَمَحت بِهِ مِنْ غَيْرِ كَراهة وَلَا غَضَب «2» .
(هـ) وَفِيهِ «شهدتُ غُلاماً مَعَ عُمُومَتي حِلْفَ المُطَيَّبِين» اجتمعَ بَنُو هَاشِمٍ وبَنُو زُهْرة وتَيْمٌ فِي دارِ ابْنِ جُدْعان فِي الجاهليَّة، وجَعلوا طِيباً فِي جَفْنةٍ وغَمَسوا أَيْدِيَهُمْ فِيهِ، وتحالَفُوا عَلَى التَّناصُر والأخذِ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالم، فسُمُّوا المُطَيَّبِين. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَرْفِ الْحَاءِ.
(هـ) وَفِيهِ «نَهَى أَنْ يَسْتَطِيبَ الرجُلُ بِيَمِينِهِ» الاسْتِطَابَة والإِطَابَة: كِنايةٌ عَنِ الاسْتِنْجاء. سُمِّي بِهَا مِنَ الطِّيب، لِأَنَّهُ يُطَيِّب جَسَده بِإِزَالَةِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الخَبَث بالاسْتِنْجاء: أَيْ يُطَهِّره. يُقَالُ مِنْهُ: أَطَابَ واسْتَطَابَ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِيهِ «ابْغِني حَديدةً أَسْتَطِيبُ «3» بِهَا» يريدُ حَلْقَ العانةِ، لِأَنَّهُ تنظيفٌ وإزالَةُ أَذًى.
(هـ) وَفِيهِ «وَهُمْ سَبْيٌ طِيَبَة» الطِّيَبَة- بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ- فِعَلة، مِنَ الطِّيب، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ سَبْيٌ صحيحُ السِّباء لَمْ يَكُنْ عَنْ غَدْر وَلَا نَقْض عَهْد.
وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا «رأيتُ كَأَنَّنَا فِي دارِ ابْن زَيدٍ وأُتِينا برُطَب ابنِ طَابٍ» هُوَ نوعٌ مِنْ أنْواع تَمْر الْمَدِينَةِ مَنْسوب إِلَى ابْنِ طَابٍ: رجلٍ مِنْ أهلِها. يُقَالُ: عِذقُ ابنِ طَابٍ، ورُطَب ابْنِ طَابٍ، وَتَمْرُ ابن طَابٍ.
__________
(1) في الهروي: «التثَرُّب» .
(2) في بعض النسخ بالصاد المهملة. قاله مصحح الأصل.
(3) في الهروي: «أستَطِبْ» .

(3/149)


(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ جَابِرٍ «وَفِي يَدِهِ عُرْجُون ابنِ طَابٍ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمان وَهُوَ مَحْصُور، فَقَالَ: الآنَ طَابَ امْضَرْبُ» أَيْ حلَّ القِتال. أَرَادَ: طَابَ الضَّرْبُ، فأبدلَ لَامُ التَّعْريف مِيمًا، وَهِيَ لُغةٌ معروفةٌ.
وَفِي حَدِيثِ طَاوُسٍ «أَنَّهُ سُئل عَنِ الطَّابَة تُطبخُ عَلَى النِّصْف» الطَّابَة: العصِير، سُمّي بِهِ لطِيبِهِ وإصْلاحْه، عَلَى النِصف: هُوَ أَنْ يُغْلي حَتَّى يَذْهَب نِصفه.

(طَيِرَ)
(هـ س) فِيهِ «الرُّؤيا لأوّلِ عَابر، وَهِيَ عَلَى رِجْل طَائِرٍ» كلُّ حَركةٍ مِنْ كَلِمَةٍ أَوْ جارٍ يَجْري فَهُوَ طَائِر مَجَازًا، أَرَادَ: عَلَى رِجل قَدَر جارٍ، وقضَاء ماضٍ، مِنْ خيرٍ أَوْ شرٍ، وَهِيَ لِأَوَّلِ عابرٍ يَعْبُرها: أَيْ أَنَّهَا إِذَا احتَمَلت تأوِيلَين أَوْ أَكْثَرَ فَعَبَرها مَنْ يعْرف عِبارتها وقَعَت عَلَى مَا أوَّلَها، وانْتفى عَنْهَا غَيرُه مِنَ التأْويل.
وَفِي حَدِيثٍ آخر «الرّؤيا على رِجل طَائِرٍ مالم تُعبر» أَيْ لَا يَسْتقِرّ تأْويلُها حَتَّى تُعْبَر.
يريدُ أَنَّهَا سَرِيعَةُ السُّقُوط إِذَا عُبِرَت. كَمَا أنَّ الطَّيْر لَا يَسْتَقِرّ فِي أكْثَر أَحْوَالِهِ، فكيفَ يكونُ مَا عَلَى رِجله؟
وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ «تركَنا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا طَائِر يَطِير بجَنَاحيه إلاَّ عِنْدنا مِنْهُ عِلم» يعْني أَنَّهُ اسْتَوفى بيانَ الشَّرِيعة وَمَا يُحْتاج إِلَيْهِ فِي الدِّينِ، حَتَّى لَمْ يبْق مُشْكِل.
فضرَب ذَلِكَ مَثَلا. وَقِيلَ: أرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرك شَيْئًا إلاَّ بَيَّنه حَتَّى بَيَّنَ لَهُمْ أحْكام الطَّيْر وَمَا يَحِلُّ مِنْهُ وَمَا يَحْرُم، وكيفَ يُذْبَح، وَمَا الذَّي يُفْدِي مِنْهُ المُحْرِم إِذَا أصَابَه، وأشْباه ذَلِكَ، وَلَمْ يُرِد أنَّ فِي الطَّيْر علْمَا سِوَى ذَلِكَ علَّمهم إيَّاه، أَوْ رَخَّص لَهُمْ أَنْ يَتَعَاطَوْا زَجْرَ الطَّيْر كَمَا كَانَ يَفْعَله أهُل الْجَاهِلِيَّةِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ والنَّسَّابة «فمِنْكم شَيَبةُ الحْمد مُطْعِمُ طَيْر السَّمَاءِ؟ قَالَ: لَا» شَيبةُ الْحَمْدِ: هُوَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمٍ، سُمِّي مُطْعِمَ طَيْر السَّمَاءِ، لِأَنَّهُ لَمَّا نَحَرَ فِدَاء ابْنِه عبدِ اللَه أبِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مائَة بَعِيرٍ، فَرّقها عَلَى رُؤُوسِ الجِبالِ فأكلتْها الطَّيْر.
(هـ) وَفِي صِفَةِ الصَّحَابَةِ «كأنَّما على رُؤُوسهم الطَّيْر» وصَفَهم بالسُّكون والوَقَار، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ طَيْشٌ وَلَا خِفَّةٌ، لِأَنَّ الطَّيْر لَا تَكَادُ تَقَعُ إِلَّا عَلَى شيءٍ سَاكِن.

(3/150)


وَفِيهِ «رجُلٌ مُمْسِكٌ بعِنَانِ فَرَسِه فِي سَبيل اللَّه يَطِيرُ عَلَى مَتْنِه» أَيْ يُجْرِيه فِي الجهَاد.
فاستَعار لَهُ الطَّيَرَان.
وَمِنْهُ حَدِيثُ وابِصَة «فَلَمَّا قُتِل عُثْمانُ طَارَ قَلْبي مَطَارَه» أَيْ مالَ إِلَى جِهَةٍ يَهْواها وتعلَّق بِهَا. والمَطَار: موضعُ الطَّيَرَان.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «أَنَّهَا سَمعت مَنْ يَقُول: إنَّ الشُّؤْمَ فِي الدَّارِ والمرْأَة، فطَارَت شِقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّماء وشِقَّةٌ فِي الْأَرْضِ» أَيْ كَأَنَّهَا تفَرّقت وتقَطَّعت قَطَعاً، مِنْ شدَّة الغَضَب.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُرْوة «حَتَّى تَطَايَرَت شُؤون رَأْسِه» أَيْ تَفْرّقت فصَارَت قِطعاً.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «خُذْ مَا تَطَايَرَ مَنْ شَعَر رَأْسِك» أَيْ طَالَ وتَفَرّق.
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ الْعَلَاءِ الْأَنْصَارِيَّةِ «اقْتَسَمْنا المُهَاجرين فطَارَ لَنَا عُثْماُن بنُ مَظْعُون» أَيْ حصَل نصِيبُنا مِنْهُمْ عُثْمان.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ رُوَيْفِع «إنْ كانَ أحدُنا فِي زَمَان رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَطِيرُ لَهُ النَّصْلُ وللآخَر القِدْحُ» معناهُ أنَّ الرَّجُلين كانَا يَقْتَسِمَان السَّهْم فَيَقَعُ لِأَحَدِهِمَا نَصْلُه وَلِلْآخَرِ قِدْحُه. وطَائِر الْإِنْسَانِ: مَا حَصَل لَهُ فِي عِلْم اللَّهِ مِمَّا قُدِّر لَه.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «بالمَيْمون طَائِرُه» أَيْ بالمُبارَك حَظُّه. ويَجُوز أَنْ يَكُون أصلُه مِنَ الطَّيْر السَّانِح والبارِحِ.
وَفِي حَدِيثِ السَّحور والصَّلاة ذكْر «الفجْر المُسْتَطِير» هُوَ الَّذِي انتَشَر ضَوءُه واعْتَرض فِي الأُفُق، بِخِلَافِ المُسْتَطِيل.
وَمِنْهُ حَدِيثُ بَنِي قُرَيظة:
وهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ بالبُوَيْرَةِ مُسْتَطِير
أَيْ مُنْتَشِر متفرِّق، كَأَنَّهُ طَارَ فِي نَوَاحِيهَا.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «فَقَدنا رَسول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَة، فَقُلْنا: اغتِيل

(3/151)


أَوِ اسْتُطِيرَ» أَيْ ذُهِبَ بِهِ بِسُرْعَةٍ كَأَنَّ الطَّيْر حَمَلته، أَوِ اغْتَالَه أحدٌ. والاسْتِطَارَة والتَّطَايُر:
التَّفَرُّقُ والذَّهابُ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «فأَطَرْتُ الحُلَّةَ بينَ نِسَائِي» أَيْ فَرّقتُها بينَهُنّ وقسَّمْتها فيهنَّ.
وَقِيلَ الهمزةُ أصْلِيَّةٌ. وَقَدْ تقدَّم.
(س) وَفِيهِ «لَا عَدْوى وَلَا طِيَرَةَ» الطِّيَرَة بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ، وَقَدْ تُسَكّن: هِيَ التَّشَاؤُمُ بِالشَّيْءِ. وَهُوَ مَصْدَرُ تَطَيَّرَ. يُقَالُ: تَطَيَّرَ طِيَرَةً، وتَخَير خِيَرَةً، ولم يجيء مِنَ الْمَصَادِرِ هَكَذَا غَيْرُهُمَا. وأصلُه فِيمَا يُقال: التَّطَيُّر بالسَّوَانِح والبَوارِح مِنَ الطَّيْر وَالظِّبَاءِ وغَيرهما. وَكَانَ ذَلِكَ يَصُدّهم عَنْ مَقَاصِدِهِمْ، فَنَفَاهُ الشَّرْعُ، وأبطله ونهى عنه، وأخبره أنَّه لَيْسَ لَهُ تأثِيرٌ فِي جَلْب نفْعٍ أَوْ دَفعٍ ضَرٍّ. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ اسْماً وفِعْلاً.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ثَلاثٌ لَا يَسْلَم أحدٌ منهنَّ: الطِّيَرَة والحَسَدُ والظَّنُّ. قِيلَ: فَمَا نَصْنَع؟ قَالَ:
إِذَا تَطَيَّرْتَ فامْضِ، وَإِذَا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ، وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّق» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «الطِّيَرَة شِرْكٌ، وَمَا مِنَّا إلاَّ، ولكَنَّ اللَّهَ يُذهِبُه بالتَّوكُّل» هَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مَقْطُوعاً. وَلَمْ يَذْكُرِ المُسْتَثْني: أَيْ إلاَّ وقَد يَعْتَرِيه التَّطَيُّر وتَسْبق إِلَى قَلْبه الكَراهَةُ.
فحُذف اخْتِصاراً واعْتِماداً عَلَى فَهْم السَّامع.
وَهَذَا كحديِثه الْآخَرِ «مَا فِينَا إِلَّا َّمنْ هَمَّ أوْ لَمَّ، إلاَّ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا» فأظْهرَ المُسْتَثْنى.
وَقِيلَ إنَّ قَوله: «وَمَا مِنَّا إلاَّ» مِن قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ أدْرَجَه فِي الْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا جَعَل الطِّيَرَة مِنَ الشِّرْك، لأنَّهُم كَانُوا يَعْتَقِدُون أَنَّ التَّطَيُّر يَجْلب لَهُمْ نفْعاً أَوْ يَدْفَع عَنْهُمْ ضرٍّا إِذَا عَمِلوا بمُوجبه، فكأنَّهم أشْرَكُوه مَعَ اللهِ فِي ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ: «وَلَكِنَّ اللهَ يُذْهُبه بالتَّوكُّل» مَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا خَطر لَهُ عارِضُ التَّطَيُّر فتَوكَّل عَلَى اللَّهِ وسلَّم إِلَيْهِ وَلَمْ يَعْمَل بِذَلِكَ الخَاطر غَفره اللَّهُ لَهُ وَلَمْ يُؤاخِذْه بِهِ.
(هـ) وَفِيهِ «إِيَّاكَ وطِيَرَاتِ الشَّبَابِ» أَيْ زَلَّاتِهِمْ وَغِرَّاتِهِمْ «1» ، جَمْعُ طِيَرَة.
__________
(1) في الأصل واللسان: «وعَثَراتِهم» وأثبتنا ما في الهروى وا.

(3/152)


(طَيِشَ)
فِي حَدِيثِ الْحِسَابِ «فطَاشَتِ السِّجِلاَّت وثَقُلَت البِطَاقةُ» الطَّيْش: الخِفَّة.
وَقَدْ طَاشَ يَطِيشُ طَيْشاً، فَهُوَ طَائِش.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمة «كَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَة» أَيْ تخِفُّ وتَتَنَاول مِنْ كُل جَانِب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ جَرِيرٍ «وَمِنْهَا العَصِل الطَّائِش» أَيِ الزالُّ عَنِ الهَدَف كَذَا وَكَذَا.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ شُبْرُمة «وسُئِل عَنِ السُّكْر فَقَالَ: إِذَا طَاشَت رِجْلاه واخْتَلَط كلامُه» .

(طَيِفَ)
فِي حَدِيثِ المَبْعَث «فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: قَدْ أصَاب َهذا الغُلامَ لَمَمٌ أَوْ طَيْف مِنَ الجنِّ» أَيْ عَرَض لَهُ عارِضٌ مِنْهُمْ. وأصْلُ الطَّيْف: الجُنْوُنُ. ثُمَّ اسُتْعمِل فِي الغَضب، ومَسِّ الشَّيْطَانِ ووسْوسَته. وَيُقَالُ لَهُ طَائِف، وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَيْفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ يُقَالُ طَافَ يَطِيفُ ويَطُوفُ طَيْفاً وطَوْفاً، فَهُوَ طَائِف، ثُمَّ سُمّي بالمَصْدر. وَمِنْهُ طَيْف الخيَال الَّذِي يَرَاه النائمُ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فطَافَ بِي رجُلٌ وَأَنَا نائِمٌ» .
(س) وَفِيهِ «لَا تزَال طَائِفَة مِنْ أمَّتي عَلَى الْحَقِّ» الطَّائِفَة: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاس. وتقعُ عَلَى الوَاحد، كَأَنَّهُ أرادَ نَفْساً طَائِفَة. وسُئل إِسْحَاقُ بْنُ راهُويه عَنْهُ فَقَالَ: الطَّائِفَة دُون الألْف، وسيَبْلُغ هَذَا الأمرُ إِلَى أَنْ يَكُونَ عَدَدُ المُتَمَسِّكِيَن بِمَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصْحابه أَلْفًا، يُسَلّي بِذَلِكَ أَنْ لَا يُعْجبَهم كَثْرَةُ أَهْلِ الْبَاطِلِ.
وَفِي حَدِيثِ عِمْران بْنِ حُصَين وغلامِه الْآبِقِ «لأقْطَعَنَّ مِنْهُ طَائِفاً» هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ:
أَيْ بَعْضَ أطرافِه. والطَّائِفَة: القِطْعةُ مِنَ الشَّيْءِ. وَيُرْوَى بِالْبَاءِ وَالْقَافِ. وَقَدْ تقدَّم.

(طَيَنَ)
(هـ) فِيهِ «مَا مِن نَفْسٍ منفُوسةٍ تموتُ فِيهَا مِثْقَالُ نمْلَة مِنْ خَير إلاَّ طِينَ عَلَيْهِ يومَ الْقِيَامَةِ طَيْناً» أَيْ جُبل عَلَيْهِ. يُقَالُ طَانَه اللَّهُ عَلَى طِينَتِهِ: أَيْ خَلقه عَلَى جِبِلَّته. وطِينَةُ الرجُل: خَلْقُه وأصْلُه. وطَيْناً مصْدَر مِنْ طَانَ. ويُروى «طِيمَ عَلَيْهِ» بِالْمِيمِ. وَهُوَ بمَعْنَاهُ.

(طَيَا)
(هـ) فِيهِ «لمَّا عَرَض نَفْسَه عَلَى قَبَائِلِ العَرَب قَالُوا لَهُ: يَا مُحَمَّدُ اعْمِدْ لِطِيَّتِك» «1» أَيِ امْضِ لوجْهِك وقصْدِك. والطِّيَّة: فِعْلة، مِنْ طَوَى. وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا هَاهُنَا لأجل لفظها.
__________
(1) الطَّية، بالتشديد والتخفيف. كما ذكر الهروي والسيوطي فى الدر.

(3/153)