النهاية في غريب الحديث
والأثر حرف الظاء
بَابُ الظَّاءِ مَعَ الْهَمْزَةِ
(ظَأَرَ)
فِيهِ «ذكرَ ابْنَه إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: إنَّ
لَهُ ظِئْراً فِي الجنَّة» الظِّئْر: المُرْضِعَةُ غَيرَ ولَدها.
ويقَعُ عَلَى الذَّكَر والأُنْثَى.
وَمِنْهُ حَدِيثُ سَيف القَيْن «ظِئْرُ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللُه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» هُوَ زَوجُ مُرْضِعَته.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الشَّهِيدُ تَبْتَدِرُه زَوْجَتَاه
كظِئْرَيْن أضَلتَّا فَصِيلَيهما» .
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أعْطى رُبَعَةً يَتْبعُها ظِئْرَاها»
أَيْ أمُّها وَأَبُوهَا.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ كَتَب إِلَى هُنَيٍّ وَهُوَ فِي
نَعَم الصَّدَقة: أَنْ ظَاوِرْ. قَالَ:
«فكُنَّا نجمَعُ النَّاقَتَين والثلاثَ عَلَى الرُّبَع» . هَكَذَا رُوي
بِالْوَاوِ. والمعروفُ فِي اللُّغة:
ظَائِرْ، بِالْهَمْزِ.
والظِّئَار: أَنْ تعْطَف الناقةُ عَلَى غَير وَلَدِها. يُقَالُ:
ظَأَرَها يَظْأَرُها ظَأْراً، وأَظْأَرَها وظَاءَرَها.
وَالِاسْمُ الظِّئَار، وَكَانُوا إِذَا أَرَادُوا ذَلِكَ شَدُّوا أنْفَ
النَّاقة وعَينَيْها، وحَشَوْا فِي حَيائها خِرْقَة ثُمَّ خَلُّوه
بِخِلاَلَين وتَركُوها كَذَلِكَ يَومَين فتَظُنُّ أنَّها قَدْ مُخِضَت
للولادَةِ، فَإِذَا غمَّها ذَلِكَ وأكْرَبَها نَفَّسوا عَنْهَا
واستَخْرجُوا الخِرْقة مِنْ حَيائِها، وَيَكُونُونَ قَدْ أعَدُّوا
لَهَا حُواراً مِنْ غَيرها فيلطخُونه بِتِلْكَ الْخِرْقة ويُقدِّمُونه
إِلَيْهَا، ثُمَّ يفتَحُون أنْفَها وعَينيها فَإِذَا رَأت الحُوار
وشَمَّته ظَنَّت أَنَّهَا وَلدته فَتَرْأمُه وتَعطِف عَلَيْهِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ قَطَن «ومَن ظَأَرَهُ الإسْلام» أَيْ عَطَفه
عَلَيْهِ.
وَحَدِيثُ عَلِيٍّ «أَظْأَرُكُم عَلَى الحقِّ وَأَنْتُمْ تَفِرُّون
مِنْهُ» .
(3/154)
(هـ) وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ
اشْتَرى نَاقَةً فرَأى بِهَا تَشْريمَ الظِّئَار فَرَدَّهَا» .
وَحَدِيثُ صَعْصَعة بْنِ ناجِية جَدِّ الْفَرَزْدَقِ «قَدْ أصَبْنا
ناقَتَيك، ونَتَجْناهُما، وظَأَرْنَاهُما عَلَى أوْلادِهِما» .
بَابُ الظَّاءِ مَعَ الْبَاءِ
(ظَبَبَ)
(س) فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ «فَوَضَعْتُ ظَبِيبَ السَّيف فِي بَطْنِه»
قَالَ الحَرْبي:
هَكَذَا رُوِيَ. وَإِنَّمَا هُوَ «ظُبَة السَّيْفِ» وَهُوَ طرَفه،
ويُجْمع عَلَى الظُّبَاة والظُّبين. وَأَمَّا الضَّبِيب بالضَّاد
فَسَيلانُ الدَّمِ مِنَ الفَمِ وغَيره. وَقَالَ أَبُو مُوسَى: إِنَّمَا
هُوَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تقدَّم فِي مَوْضعه.
(ظَبِيَ)
(هـ) فِيهِ أَنَّهُ بَعث الضَّحّاك بنَ سُفيان إِلَى قَوْمه وَقَالَ:
إِذَا أَتَيْتَهُم فاربِضْ فِي دارِهم ظَبْياً» كَانَ بَعَثه
إِلَيْهِمْ يَتَجَسَّس أخْبارهم، فَأَمَرَهُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ
بحيثُ يرَاهُم، فَإِنْ أرادُوه بِسُوءٍ تَهَيأ لَهُ الهَرَب، فَيَكُونُ
كالظَّبْي الَّذِي لَا يرْبِضُ إِلَّا وَهُوَ متَباعِد، فَإِذَا
ارْتَابَ نَفَر. وظَبْياً منصوبٌ عَلَى التَّفسير «1» .
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ أَهْدى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَبْيَةٌ فِيهَا خَرَز فأعْطَى الآهِلَ مِنْهَا
والعَزَبَ» الظَّبْيَة: جرابٌ صغيرٌ عَلَيْهِ شَعَر. وَقِيلَ: هِيَ
شِبْه الخَرِيطَة والكِيس.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أسَيد «قَالَ: الْتَقَطْتُ
ظَبْيَةً فِيهَا ألْف ومائَتَا دِرْهم وقُلْبَان مِنْ ذَهب» أَيْ
وَجَدْت.
وَمِنْهُ حَدِيثُ زَمْزَمَ «قِيلَ لَهُ: احْفِر ظَبْيَةَ، قَالَ: وَمَا
ظَبْيَةُ؟ قَالَ: زَمْزَم» سُمِّيت بِهِ تَشْبيها بالظَّبْيَة:
الخَريطَة، لجمْعها مَا فِيهَا.
وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْم «مِنْ ذِي المَرْوَة إِلَى
الظَّبْيَة» وَهُوَ موضِعٌ فِي دِياِر جُهَينة
__________
(1) زاد الهروي: «وقال القتيبي: قال ابن الأعرابي: أراد أقِمْ فِي
دَارِهم آمِنًا لَا تَبْرحْ، كَأَنَّكَ ظبيٌ فِي كِنَاسِه قدْ أمِن
حَيْثُ لَا يرى أنيسا» .
(3/155)
أقْطَعَه النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَوسَجَةَ الجُهَنيّ. فأمَّا عِرْقُ الظُّبْيَة
بِضَمِّ الظَّاءِ: فموضعٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أميالِ مِنَ الرَّوحَاء،
بِهِ مَسْجدٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «نَافِحُوا
بالظُّبَا» هِيَ جَمْعُ ظُبَة السَّيْفِ، وَهُوَ طَرَفه وحَدَّه.
وأصْلُ الظُّبَة: ظُبَوٌ، بوَزْن صُرَد، فَحُذِفَتِ الواوُ وعُوِّض
مِنْهَا الهاءُ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ قَيْلة «فأصَابَت ظُبَتُهُ طَائفةً مِنْ قُرُون
رَأسِه» وَقَدْ تكرَّرت فِي الْحَدِيثِ مُفْرَدَة ومَجْموعة.
بَابُ الظَّاءِ مَعَ الرَّاءِ
(ظَرِبَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ «اللَّهم عَلَى الآكامِ والظِّرَاب
وبُطونِ الْأَوْدِيَةِ» الظِّرَاب: الجِبَاَلُ الصِّغار، واحدُها:
ظَرِب بوزْن كَتِف. وَقَدْ يُجْمَع فِي الِقَّلة عَلَى أَظْرُب «1» .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَيْنَ
أهْلُك يَا مسْعُود؟ فَقَالَ: بِهَذِهِ الأَظْرُب السَّواقِط»
السَّواقطُ: الخاشِعَةُ المُنْخَفِضَةُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «رأيتُ كأنَّي عَلَى ظَرِب» ويُصَغَّر
عَلَى ظُرَيْب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي أُمامة فِي ذِكْرِ الدجَّال «حَتَّى ينزلَ
عَلَى «2» الظَّرِيب الأْحَمر» .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «إِذَا غَسَقَ
الليلُ عَلَى الظِّرَاب» إنَّما خَصَّ الظِّرَاب لِقِصَرِها. أَرَادَ
أَنَّ ظُلْمَة الَّليل تَقْرُب مِنَ الْأَرْضِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي
الْحَدِيثِ.
(س) وَفِيهِ «كَانَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فرسٌ يُقَالُ لَهُ
الظَّرِب» تَشْبيها بالجُبَيل لقُوّته. وَيُقَالُ ظُرِّبَتْ حَوافِرُ
الدَّابة: أَيِ اشْتدّت وصَلبَت.
(ظَرَرَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَدِيٍّ «إِنَّا نَصِيد الصَّيد فَلَا نَجِد مَا
نْذَكِّي بِهِ إلاَّ الظِّرَار وشِقَّةَ العَصا» الظِّرَار: جَمْعُ
ظُرَر، وَهُوَ حَجَر صُلْب مُحَدَّد، ويُجْمع أَيْضًا على أَظِرَّة.
__________
(1) قال الهروي: «ويجمع أيضا على ظُرُب، مثل: كتاب، وكُتُب» .
(2) في ا: «عند» .
(3/156)
وَمِنْهُ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «فأخذتُ
ظِرَاراً مِنَ الأَظِرَّة فذَبَحْتُها بِهِ» وَيَجْمَعُ أَيْضًا عَلَى
ظِرَّان، كصُرَد وصِرْدَان.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَديّ أَيْضًا «لَا سِكِّيَن إلاَّ الظِّرَّان» .
(ظَرُفَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «إِذَا كَانَ اللِّصُّ
ظَرِيفاً لَمْ يُقْطَع» أَيْ إِذَا كَانَ بَلِيغًا جَيِّد الْكَلَامِ
احتَجَّ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا يُسْقِط عَنْه الحَدّ. والظَّرْف فِي
اللِّسَانِ: البَلاَغَةُ، وَفِي الوجْه: الحُسْنُ، وَفِي القَلْب:
الذَّكاءُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ «قَالَ: كَيْفَ ابنُ زِيَاد؟ قَالُوا:
ظَرِيف، عَلَى أَنَّهُ يَلْحَنُ، قَالَ:
أَوَلَيْسَ ذَلِكَ أَظْرَفَ لَهُ؟» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ سِيرين «الكلامُ أكثرُ منْ أَنْ يكْذِب ظَرِيف»
أَيْ أَنَّ الظَّرِيف لَا تضيقُ عَلَيْهِ مَعَاني الْكَلَامِ، فَهُوَ
يكْنِى ويُعَرِّض وَلَا يكذِب.
بَابُ الظَّاءِ مَعَ الْعَيْنِ
(ظَعَنَ)
(س) فِي حَدِيثِ حُنَين «فَإِذَا بِهَوازِنَ عَلَى بَكْرَة آبائِهم
بظُعُنِهِم وشَائِهم ونعمِهم» الظُّعُن: النِّساء، واحِدَتها:
ظَعِينَة. وأصلُ الظَّعِينَة: الرَّاحلَةُ الَّتِي يُرحَل ويُظْعَنُ
عَلَيْهَا:
أَيْ يُسار. وَقِيلَ لِلْمَرْأَةِ ظَعِينَة، لِأَنَّهَا تَظْعَنُ مَعَ
الزَّوج حَيثُما ظَعَنَ، أَوْ لأنَّها تُحْمَل عَلَى الرَّاحِلَة إِذَا
ظَعَنَتْ. وَقِيلَ الظَّعِينَة: المَرأةُ فِي الْهَوْدَجِ، ثُمَّ قِيلَ
للهَودَج بِلَا امْرَأة، وللِمَرأة بِلَا هَودَج:
ظَعِينَة. وَجَمْعُ الظَّعِينَة: ظُعْن وظُعُن وظَعَائِن وأَظْعَان.
وظَعَنَ يَظْعَنُ ظَعْناً وظَعَناً بِالتَّحْرِيكِ إِذَا سارَ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ أَعْطَى حَلِيمة السَّعْديّة بَعيرا
مُوَقَّعَاً للظَّعِينَة» أَيْ للهَودَج.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ جُبَير «لَيْسَ فِي جَمَل ظَعِينَة
صَدقةٌ» إنْ رُوي بالإضافةِ فالظَّعِينَة المرأةُ، وَإِنْ رُوي
بالتَّنوين، فَهُوَ الْجَمَلُ الَّذِي يُظْعَنُ عَلَيْهِ، وَالتَّاءُ
فِيهِ للمُبَالغة. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ.
(3/157)
بَابُ الظَّاءِ مَعَ الْفَاءِ
(ظَفَرَ)
(هـ) فِي صِفَةِ الدجَّال «وَعَلَى عَينِه ظَفَرة غَليظَةٌ» هِيَ
بِفَتْحِ الظَّاءِ وَالْفَاءِ: لَحمةٌ تنْبُت عِنْدَ المَآقِي، وَقَدْ
تَمْتدُّ إِلَى السَّواد فتُغَشِّيه.
(س) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ «لَا تَمَسُّ الْمُحِدُّ إِلَّا
نُبْذَةً مِنْ قُسْطِ أَظْفَار» وَفِي رِوَايَةٍ «مِنْ قُسْطٍ
وأَظْفَار» الأَظْفَار: جِنْسٌ مِنَ الطِّيبِ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ
لَفْظِهِ. وَقِيلَ وَاحِدُهُ: ظُفْر. وَقِيلَ: هُوَ شَيْءٌ مِنَ
الْعِطْرِ أَسْوَدُ. وَالْقِطْعَةُ مِنْهُ شَبِيهَةٌ بالظُّفْر.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْإِفْكِ «عِقْد مِنْ جَزْع أَظْفَار» وَهَكَذَا
رُوي، وأريدَ بِهِ العِطر المذكورُ أَوَّلًا، كأنَّه يؤخَذُ ويُثْقَب
ويُجْعَل فِي العِقْد وَالْقِلَادَةِ. وَالصَّحِيحُ فِي الرِّوَايَاتِ
أَنَّهُ «مِنْ جَزْع ظَفَارِ» بِوَزْنِ قَطامِ، وَهِيَ اسمُ مَدِينةٍ
لِحِمْير باليَمن. وَفِي المثَل: مَنْ دَخَل ظَفَارِ حَمَّر. وَقِيلَ:
كلُّ أَرْضٍ ذَات مَغْرَةٍ «1» ظَفَارِ.
(س) وَفِيهِ «كَانَ لِبَاسُ آدَم عَلَيْهِ السَّلَامُ الظُّفُرَ» أَيْ
شيءٌ يُشْبِه الظُّفُرَ فِي بَيَاضِهِ وَصَفَائِهِ وَكَثَافَتِهِ.
بَابُ الظَّاءِ مَعَ اللَّامِ
(ظَلَعَ)
(هـ) فِيهِ «فَإِنَّهُ لَا يَرْبَعُ عَلَى ظَلْعِكَ مَن لَيْسَ
يَحْزَنُه أمْرُك» الظَّلْع بالسُّكُون:
العَرَج. وَقَدْ ظَلَعَ يَظْلَعُ ظَلْعاً فَهُوَ ظَالِع. الْمَعْنَى
لَا يُقيم عَلَيك فِي حَالِ ضَعْفِك وعَرَجِك إلاَّ مَن يَهْتَمّ
لأمْرِك وشَأنِك، ويَحْزُنُه أمْرُك وشَأنُك. ورَبَع فِي الْمَكَانِ:
إِذَا أقَام بِهِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْأَضَاحِي «وَلاَ العَرْجَاءُ البَيِّن ظَلْعُها» .
(س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ يَصفُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما
«عَلَوْتَ إذا ظَلَعُوا» أَيِ انْقَطَعُوا وتأخَّرُوا لتَقْصِيرهم،
وَحَدِيثِهِ الْآخَرِ «ولْيَسْتَأْنِ بذاتِ النَّقْبِ والظَّالِع» أَيْ
بِذَاتِ الْجَرَبِ والعرجاء.
__________
(1) المغرة، ويحرّك: طين أحمر. (القاموس، مغر) .
(3/158)
وَفِيهِ «أُعطِي قَوْمًا أخافُ ظَلَعَهُم»
هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ: أَيْ مَيْلَهم عَنِ الحقِّ وضَعْفَ إيمَانِهم.
وَقِيلَ ذَنْبَهم. وأصلُه دَاءٌ فِي قَوائِم الدَّابة تَغْمِزُ مِنْهُ.
ورجُل ظَالِع: أَيْ مَائِل مُذْنِب.
وَقِيلَ: إنَّ المائِل بالضَّاد.
(ظَلَفَ)
فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ «فَتَطَؤُه بأَظْلَافِها» الظِّلْف للبَقَر
والغَنَم كالحافِر للفَرس والبَغْل، والخُفِّ للبَعِير. وَقَدْ
تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ. وَقَدْ يُطْلق الظِّلْف عَلَى ذاتِ الظِّلْف
أنْفُسها مَجَازا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ رُقَيقَة «تتابَعَتْ عَلَى قُرَيش سِنُو جَدْب
أقْحَلَت الظِّلْف» . أَيْ ذَات الظِّلْف.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «مَرَّ عَلَى راعٍ
فَقَالَ لَهُ: عَلَيْكَ الظَّلَف مِنَ الأْرض لَا تُرَمِّضْها»
الظَّلَف بِفَتْحِ الظَّاءِ وَاللَّامِ: الغَليظُ الصُّلْب مِنَ
الْأَرْضِ ممَّا لاَ يَبين فِيهِ أثَرٌ. وَقيل اللَّيَّن مِنْهَا ممَّا
لَا رَمْل فِيهِ وَلَا حِجَارة. أمَرَه أَنْ يَرْعَاها فِي الأرِض
الَّتِي هَذِهِ صِفَتُها لِئَلَّا تَرْمَضَ بحَرِّ الرَّمْل وخُشُونةُ
الحِجَارة فتَتْلَفَ أَظْلَافها.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ «كَانَ يُصيبُنا ظَلَفُ العَيْش بِمَكَّةَ»
أَيْ بُؤْسُه وشدَّته وخُشُونَتُه، مِنْ ظَلَف الأْرِض.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مُصْعَب بْنِ عُمَير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «لمَّا
هَاجَر أصابَه ظَلَفٌ شَديدٌ» .
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «ظَلَفَ الزُّهْدُ
شَهَواتِه» أَيْ كَفَّها ومَنَعها.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ بِلَالٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «كَانَ يُؤَذِّنُ
عَلَى ظَلِفَات أَقْتَابٍ مُغَرَّزَةٍ فِي الجدارِ» هِيَ الخَشَبات
الأرْبَعُ الَّتِي تكونُ عَلَى جَنْبَي البَعير، الواحدةُ: ظَلِفَة،
بِكَسْرِ اللَّامِ.
(ظَلَلَ)
(س) فِيهِ «الجنَّة تحتَ ظِلَال السُّيُوف» هُوَ كِنايةٌ عَنِ
الدُّنُوّ مِنَ الضِّرَاب فِي الجهادِ حَتَّى يَعْلُوَه السَّيفُ
ويَصِيرَ ظِلُّه عَلَيْهِ. والظِّلّ: الفَيْءُ الحاصِلُ مِنَ الحاجِزِ
بَيْنَكَ وَبَيْنَ الشَّمْسِ أيَّ شَيْءٍ كانَ. وَقِيلَ: هُوَ مَخْصوصٌ
بِمَا كَانَ مِنْهُ إِلَى زَوَالِ الشَّمْسِ، وَمَا كَانَ بَعْدَهُ
فَهُوَ الفَيْءُ.
(3/159)
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُم
اللهُ فِي ظِلِّه» .
(س) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «سَبْعَة فِي ظِلِّ العَرْش» أَيْ فِي ظِلِّ
رَحْمَتِه.
(هـ س) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «السُّلطانُ ظِلُّ اللَّهِ فِي
الْأَرْضِ» لِأَنَّهُ يدفَعُ الأذَى عَنِ النَّاسِ كَمَا يَدْفَع
الظِّلُّ أَذَى حَرِّ الشمسِ «1» . وَقَدْ يُكَنَّى بالظِّلِّ عَنِ
الكَنَف والناحِية.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ فِي الجنَّة شَجَرةً يَسيِر الراكبُ
فِي ظِلِّها مائةَ عامٍ» أَيْ فِي ذَرَاها وناحِيتِها.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الظِّل فِي الْحَدِيثِ. وَلَا يخرجُ عَنْ أحدِ
هَذِهِ الْمَعَانِي.
[هـ] وَمِنْهُ شِعْرُ الْعَبَّاسِ، يمدَحُ النَّبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مِنْ قَبْلِها طِبْت فِي الظِّلَال وَفِي ... مُسْتَودَعٍ حيثُ
يُخْصَفُ الوَرَقُ
أَرَادَ ظِلَال الجنَّة: أَيْ كُنْتَ طَيِّباً فِي صُلْبِ آدمَ، حيثُ
كَانَ فِي الجنَّة. وَقَوْلُهُ «مِنْ قَبْلِها» . أَيْ مِنْ قَبْلِ
نُزُولِكَ إِلَى الأرضِ، فكَنَى عَنْهَا وَلَمْ يتَقدَّم لَهَا ذكرٌ،
لبَيان الْمَعْنَى.
وَفِيهِ «أَنَّهُ خَطَب آخرَ يَوم مِنْ شَعْبان فَقَالَ: أيُّها الناسُ
قَدْ أَظَلَّكُم شهرٌ عَظِيمٌ» يَعْنِي رَمضانَ: أَيْ أقبَل عَلَيكم
ودَنَا مِنْكُمْ، كأنَّه ألقَى عَلَيْكُمْ ظِلَّه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ «فلمَّا أَظَلَّ قادِماً
حَضَرَني بَثِّي» .
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ ذَكَرَ فِتَناً كأنَّها الظُّلَل» هِيَ كلُّ مَا
أَظَلَّك، واحِدَتُها: ظُّلَّة. أَرَادَ كأنَّها الجبالُ أَوِ
السُّحُب.
[هـ] وَمِنْهُ «عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ»
وَهِيَ سَحَابة أَظَلَّتْهُم، فَلجأُوا إِلَى ظِلِّها مِنْ شِدَّة
الحرِّ
__________
(1) قال الهروي في تفسير هذا الحديث: «قيل: سِتْرُ الله، وقيل: خاصّةُ
الله، يقال: أظلَّ الشهرُ، أي قرب، وقيل: معناه العزّ والمنعة» . وقد
حكى السيوطي في الدر هذا التفسير عن الفارسى.
(3/160)
فأطبَقَت عَلَيْهِمْ وأهْلَكَتْهم.
وَفِيهِ «رأيتُ كَأَنَّ ظُلَّة تَنْطِفُ السَّمْنَ والعَسَل» أَيْ
شِبْهَ السَّحابة يَقْطُر مِنْهَا السَّمْن والعَسَل.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «البقرةُ وآلُ عِمْرَانَ كأنَّهما ظُلَّتَان أَوْ
غَمَامَتَان» .
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «الْكَافِرُ يَسْجُد لِغَيرِ اللَّهِ،
وظِلُّه يَسْجد لِلَّهِ» قَالُوا: مَعْنَاهُ:
يسجُد لَهُ جسْمُه الَّذِي عَنْهُ الظِّلُّ.
(ظَلَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ ابْنِ زِمْل «لَزِمُوا الطَّريق فَلَمْ يَظْلِمُوه»
أَيْ لَمْ يَعْدِلُوا عَنْهُ. يُقَالُ:
أخَذَ فِي طَرِيقٍ فَمَا ظَلَمَ يَمِينًا وَلَا شِمَالا.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أُمِّ سّلَمة «إنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ
ثَكَما الأمْرَ فَمَا ظَلَمَاه» أَيْ لَمْ يَعْدِلاَ عَنْه. وأصلُ
الظُّلْم: الجَوْرُ ومُجاوزَةُ الحدِّ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْوُضُوءِ «فَمَنْ زَادَ أَوْ نَقَص فَقَدْ أسَاءَ
وظَلَمَ» أَيْ أساءَ الأَدب بِتَرْكِه السُّنَّة والتَّأَدُّبَ بأدَب
الشَّرْع، وظَلَمَ نَفْسه بِمَا نَقَصَها مِنَ الثَّواب بتَرْدَادِ
المرّاتِ فِي الوُضُوء.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ دُعي إِلَى طَعَام وَإِذَا البَيتُ مُظَلَّم
فانْصَرَف وَلَمْ يَدْخُل» المُظَلَّم: المُزَوّق.
وَقِيلَ: هُوَ المُمَوّه بِالذَّهَبِ والفضَّة.
قَالَ الْهَرَوِيُّ: أَنْكَرَهُ الْأَزْهَرِيُّ بِهَذَا الْمَعْنَى.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «هُوَ مِنَ الظَّلْم، وَهُوَ مُوهَةُ
الذَّهب [والفِضّة] «1» وَمِنْهُ قِيلَ للماءِ الجارِي عَلَى الثَّغْر:
«ظَلْم» .
وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:
تَجْلُو غَوارِبَ «2» ذِي ظَلْم إِذَا ابْتَسَمَت ... كأنَّه مُنْهَلٌ
بالرَّاحِ مَعْلُولُ
وَقِيلَ الظَّلْم: رقَّة الأسنانِ وشِدَّة بَياضِها.
__________
(1) من الفائق 2/ 101.
(2) الرواية في شرح ديوانه ص 7 «عَواِرَض» . وهي رواية المصنف في «عرض»
وستجيء.
(3/161)
(هـ) وَفِيهِ «إِذَا سَافَرْتُم فأتَيتُم
عَلَى مَظْلُوم فأغِذُّوا السَّير» المَظْلُوم: البَلَدُ الَّذِي لَمْ
يُصِبْه الغَيثُ ولاَ رِعْيَ فِيهِ للدَّوابّ. والإغْذَاذ: الإْسَراُع.
(س) وَفِي حَدِيثِ قُسٍّ «ومَهْمَهٍ فِيهِ ظُلْمَان ظِلْمَان» هِيَ
جَمْعُ ظَلِيم، وهُو ذَكَر النَّعام.
بَابُ الظَّاءِ مَعَ الْمِيمِ
(ظَمَأَ)
قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ «الظَّمَأ» وَهُوَ شِدَّةُ
العَطَش. يقال: ظَمِئْتُ أَظْمَأ فأنا ظَامِئ، وَقَوْمٌ ظِمَاء،
وَالِاسْمُ: الظِّمْء بِالْكَسْرِ. والظَّمْآن: العَطْشَان، والأُنثى
ظَمْأَى. والظِّمْء بِالْكَسْرِ: مَا بَيْنَ الوِرْدَين، وَهُوَ حَبْس
الْإِبِلِ عَنِ الْمَاءِ إِلَى غَايَةِ الوِرْد.
والجمعُ: الأَظْمَاء.
(س) وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ «حِينَ لَمْ يَبْق مِنْ عُمْرِي إلاَّ
ظِمْء حِمَار» أَيْ شَيْءٌ يَسِيرٌ، وَإِنَّمَا خصَّ الحِمَار
لِأَنَّهُ أقَلُّ الدَّواب صَبْرا عَنِ الماءِ. وظِمْء الْحَيَاةِ:
مِنْ وَقْت الوِلاَدة إِلَى وَقْت الْمَوْتِ.
وَفِي حَدِيثِ مُعاذ «وَإِنْ كَانَ نَشْرِ أرضٍ يُسْلِم عَلَيْهَا
صاحبُها فَإِنَّهُ يُخْرِجُ مِنْهَا مَا أَعْطَى نَشْرُهَا: رُبْعَ
الْمَسْقَوِيِّ وَعُشْرَ المَظْمَئِيِّ» المَظْمَئِيّ: الَّذِي تُسْقيه
السَّمَاءُ، والمَسْقَوِيّ: الَّذِي يُسْقَى بالسَّيْح، وهُما
مَنْسُوبَانِ إِلَى المَظْمَأ والمَسْقَى، مَصدَرَيْ أسْقَى وأَظْمَأ.
وَقَالَ أَبُو مُوسَى: المَظْمِيّ، أصلُه: المَظْمَئِيّ، فتُرك
هَمْزُهُ، يَعْني فِي الرِّواية. وأورَدَه الجَوْهَرِي فِي المُعْتَل،
وَلَمْ يذكُره فِي الْهَمْزَةِ، وَلَا تَعَرَّضَ إِلَى ذِكر تَخْفِيفه.
بَابُ الظَّاءِ مَعَ النُّونِ
(ظَنَبَ)
(س) فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ «عَارِيَةُ الظُّنْبُوب» هُوَ حَرْف
العَظْمِ اليَابِسُ مِنَ السَّاق: أَيْ عَرِىَ عَظْمُ سَاقها مِنَ
اللَّحْمِ لهُزالها.
(ظَنُنَ)
(هـ) فِيهِ «إيَّاكم والظَّنّ، فإنَّ الظَّنّ أكذبُ الْحَدِيثِ»
أَرَادَ الشكَّ يعْرِضُ
(3/162)
لَكَ فِي الشَّيء فتُحَقّقه وتَحْكم بِهِ،
وَقِيلَ أرادَ إِيَّاكُمْ وسُوءَ الظَّنّ وتحقيقَه، دُون مَبادي
الظُّنُون الَّتِي لَا تُمْلَك وخواطِر القُلُوب الَّتِي لَا تُدْفَع.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقّق» .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «احْتَجِزوا مِنَ
النَّاس بِسُوءِ الظَّنِّ» أَيْ لَا تَثِقُوا بكلِّ أحَدٍ فَإِنَّهُ
أَسْلَمُ لَكُم.
وَمِنْهُ المثَل: الحَزْمُ سُوءُ الظَّنّ.
(هـ) وَفِيهِ «لَا تَجُوز شهادَةُ ظَنِين» أَيْ مُتَّهم فِي دِيِنه،
فَعِيل بِمَعْنَى مفْعُول، مِنَ الظِّنَّة: التُّهَمَة.
(س [هـ] ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «وَلَا ظَنِين فِي وَلاءٍ»
هُوَ الذَّي يَنْتَمي إِلَى غَير مَوَاليه، لَا تُقْبل شَهادتُه
للتُّهمة.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ سِيرِين «لَمْ يَكُنْ عليٌّ يُظَّنُّ فِي
قّتْل عُثْمان» أَيْ يُتَّهم. وأصلُه يُظْتَنُّ، ثُمَّ قُلبت التَّاءُ
طَاءً مُهْمَلَةً، ثُمَّ قُلبت ظَاءً مُعْجَمَةً، ثُمَّ أُدْغِمَتْ.
ويُرْوى بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ المُدْغَمة.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَرْفِ الطَّاءِ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكر الظَّنّ والظِّنَّة، بِمَعْنَى الشَّك
وَالتُّهَمَةِ. وَقَدْ يَجِيء الظَّنّ بِمَعْنَى العِلْم.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُسَيد بْنِ حُضَير «فَظَنَنَّا أَنْ لَمْ يجد
عليهما» أي علمنا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أُسَيد بْنِ حُضَير «فظَنَنَّا أَنْ لَمْ يَجُد
عَلَيْهِمَا» أَيْ عَلِمنا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُبَيدة «قَالَ أَنَسُ بْنُ سِيرين: سأَلْته عَنْ
قوله تعالى: «أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ» * فأشارَ بيَده، فظَنَنْت مَا
قَالَ» أَيْ عَلِمْت.
(هـ) وَفِيهِ «فَنَزَلَ عَلَى ثَمَدٍ بوادِي الحُدَيبِيَة ظَنُونِ
الْمَاءِ يَتَبرَّضه تَبرُّضاً» الماءُ الظَّنُون: الَّذِي تَتَوهمه
وَلَسْتَ مِنْهُ عَلَى ثِقَة، فَعُول بِمَعْنَى مَفْعُولٍ. وَقِيلَ:
هِيَ الْبِئْرُ الَّتِي يُظَنُّ أَنَّ فِيهَا مَاءً وليسَ فِيهَا ماءٌ.
وَقِيلَ: البئرُ القليلةُ الْمَاءِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ شَهْرٍ «حجَّ رجُلٌ فمرَّ بماءٍ ظَنُون» وَهُوَ
رَاجعٌ إِلَى الظَّنِّ: الشَّكِّ والتُّهْمَة.
(3/163)
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «إنَّ المُؤْمن
لَا يُمْسي وَلَا يُصْبح إلاَّ ونَفسُه ظَنُون عِنْدَهُ» أَيْ
مُتَهَمَة لدَيه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ «السَّوْآءُ بِنْتُ
السَّيِّدِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الحَسْنَاء بنْتِ الظَّنُون» أَيِ
المُتَّهَمَة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «لَا زكاةَ فِي
الدَّيْن الظَّنُون» هُوَ الَّذِي لَا يَدْرِي صَاحِبُهُ أيَصِل
إِلَيْهِ أَمْ لَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ، وَقِيلَ عُثْمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
«فِي الدَّيْن الظَّنُون يُزَكِّيه إِذَا قبَضَه لِمَا مَضَى» .
(س) وَفِي حَدِيثِ صِلَة بْنِ أَشْيَم «طلَبْتُ الدُّنيا منْ مَظَانّ
حَلالَها» المَظَانّ: جَمْعُ مَظِنَّة بِكَسْرِ الظَّاءِ، وَهِيَ موضعُ
الشَّيْءِ ومَعْدِنُه، مَفْعِلة، مِنَ الظَّنِّ بِمَعْنَى العِلم.
وَكَانَ القياسُ فَتْحَ الظَّاءِ، وإنَّما كُسِرت لِأَجْلِ الهاءِ.
الْمَعْنَى: طلَبتُها فِي المواضِع الَّتِي يُعلم فِيهَا الْحَلَالُ.
بَابُ الظَّاءِ مَعَ الْهَاءِ
(ظَهَرَ)
فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «الظَّاهِرُ» هُوَ الَّذِي ظَهَرَ فوقَ
كلِّ شَيْءٍ وعَلاَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ:
هُوَ الَّذِي عُرِف بطُرُق الاسْتِدْلال العَقْلي بِمَا ظَهَرَ لَهُمْ
مِنْ آثارِ أَفْعَالِهِ وأوصافهِ.
(س) وَفِيهِ ذِكْرُ «صَلَاةِ الظُّهْر» وهو اسمٌ لنصْفِ النهارِ،
سُمِّي به مِنْ ظَهِيرَة الشَّمْسِ، وَهُوَ شدَّةُ حرِّها. وَقِيلَ:
أُضِيَفت إِلَيْهِ لأَّنه أَظْهَرُ أوقاتِ الصَّلَاةِ للأَبْصَارِ.
وَقِيلَ: أَظْهَرُها حَرَّاً.
وَقِيلَ: لأنَّها أَوَّلُ صلاةٍ أُظْهِرَتْ وصُلِّيَت.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكر «الظَّهِيرَة» فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ شدةُ
الْحَرِّ نصْف النَّهار. وَلَا يقالُ فِي الشِّتاء ظَهِيرَة.
وأَظْهَرْنا إِذَا دخَلْنا فِي وَقْتِ الظُّهْر، كأصْبَحْنا وأمْسَينا
فِي الصَّباح والمَسَاء. وتُجمع الظَّهِيرَة عَلَى الظَّهَائِر.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أَتَاهُ رجُل يشكُو النِّقْرِسَ
فَقَالَ: كَذَبَتْك الظَّهَائِرُ» أَيْ عَلَيْكَ بِالْمَشْيِ فِي حَرِّ
الهواجر.
(3/164)
وَفِيهِ ذِكْرُ «الظِّهَار» فِي غَيْرِ
مَوْضِع. يُقَالُ: ظَاهَرَ الرجُلُ من امْرَأتِه ظِهَاراً. وتَظَهَّرَ،
وتَظَاهَرَ إِذَا قَالَ لَهَا: أنتِ عَلَيَّ كظَهْرِ أُمي. وَكَانَ فِي
الْجَاهِلِيَّةِ طَلَاقًا. وَقِيلَ: أنَّهم أرَادُوا: أنْتِ عليَّ
كبَطْنِ أُمي: أَيْ كَجِمَاعهِا، فَكَنوْا بالظَّهْر عَنِ البَطْن
للمُجَاورة. وَقِيلَ: إنَّ إتيانَ المرأةِ وظَهْرُها إِلَى السَّمَاءِ
كَانَ حَرَامًا عِنْدَهُمْ. وَكَانَ أهلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ:
إِذَا أُتِيَتِ المرأةُ وَوَجْهُهَا إِلَى الْأَرْضِ جَاءَ الولدُ
أحْول، فلِقَصْد الرَّجُل المُطَلَّق مِنْهُمْ إِلَى التَّغْليظ فِي
تحْرِيم امْرَأتِه عَلَيْهِ شبَّهها بالظَّهْر، ثُمَّ لَمْ يَقْنَع
بِذَلِكَ حَتَّى جَعَلَهَا كظَهْرِ أمِّه. وَإِنَّمَا عُدِّي الظِّهَار
بِمِنْ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا ظَاهَرُوا الْمَرْأَةَ تَجنَّبُوها
كَمَا يَتَجَنَّبُونَ المُطَلَّقة ويحتَرِزُون مِنْهَا، فكأنَّ
قَوْلَهُ: ظَاهَرَ مِنَ امْرَأَتِهِ: أَيْ بَعُدَ واحترزَ مِنْهَا،
كَمَا قِيلَ: آلَى مِنَ امْرَأَتِهِ، لمَّا ضُمِّن مَعْنَى التباعُد
عُدّي بِمِنْ.
(هـ) وَفِيهِ ذكر «قرَيش الظَّوَاهِر» وهم الذين نَزَلوا بظُهُور جِبال
مَكَّةَ. والظَّوَاهِر:
أشرَاف الْأَرْضِ. وقُرَيشُ البِطاحِ، وَهُمُ الَّذِينَ نَزَلُوا بطَاح
مَكَّةَ.
(هـ) وَمِنْهُ كِتَابُ عُمَرَ إِلَى أَبِي عُبيدة رَضِيَ اللَّه
عَنْهُمَا «فَاظْهَرْ بِمَنْ مَعَك مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهَا»
يَعْنِي إِلَى أرضٍ ذكَرها: أَيِ اخرُج بِهِمْ إِلَى ظَاهِرِها.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «كَانَ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصلِّي الْعَصْرَ وَلَمْ تَظْهَرِ
الشَّمْسُ بعدُ مِنْ حُجْرتها» أَيْ لَمْ تَرْتَفِع وَلَمْ تَخْرُجْ
إِلَى ظَهْرِها.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ «لَمَّا قِيلَ: يَا ابْنَ
ذاتِ النِّطاقين تمثَّل بِقَوْلِ أَبِي ذُؤَيب.
وَتِلْكَ شَكاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُها «1» يُقَالُ: ظَهَرَ عَنِّي
هَذَا العيبُ، إِذَا ارْتفعَ عَنْكَ، وَلَمْ يَنَلْك مِنْهُ شَيءٌ.
أراد أن نِطاقَها لا يغضّ منه فيعيّربه، ولكنَّه يرفَع مِنْهُ ويزيدُه
نُبْلا.
(هـ) وَفِيهِ «خَيرُ الصَّدقة مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» أَيْ مَا
كَانَ عَفْواً قَدْ فَضَل عَنْ غِنىً.
وَقِيلَ: أَرَادَ مَا فَضَلَ عَنِ العِيال. والظَّهْر قَدْ يُزادُ فِي
مِثْل هَذَا إشْباعاً لِلْكَلَامِ وتَمْكِيناً، كأنَّ صدَقَته
مُسْتَنِدَة إِلَى ظَهْرٍ قَوِيٍّ من المال.
__________
(1) انظر تعليقنا ص 497 من الجزء الثانى.
(3/165)
وَفِيهِ «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ
فاسْتَظْهَرَه» أَيْ حَفِظَه. تَقُولُ: قرأتُ القُرآنَ عَنْ ظَهْرِ
قَلْبِي: أَيْ قَرَأتُه مِنْ حِفْظِي.
(س) وَفِيهِ «مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ آيَةٌ إلاَّ لَهَا ظَهْر
وبطنٌ» قِيلَ ظَهْرُها: لفظَها، وبطْنها:
مَعْنَاهَا. وَقِيلَ: أَرَادَ بالظَّهْر مَا ظَهَرَ تأويلُه وعُرِف
مَعْنَاهُ، وبالبَطْن مَا بَطَن تفسيرُه. وَقِيلَ قَصَصُه فِي
الظَّاهِر أخْبارٌ، وَفِي الْبَاطِنِ عِبَرٌ وَتَنبيهٌ وتحذيرٌ،
وَغَيْرُ ذلك. وقيل: أَرَادَ بالظَّهْر التَّلاوةَ، وبالبَطْن
التَّفهُّمَ والتَّعظيم.
وَفِي حَدِيثِ الخَيل «وَلَمْ يَنْس حقَّ اللَّهِ فِي رِقابها وَلَا
ظُهُورِها» حقُّ الظُهُور: أَنْ يَحْمِل عَلَيْهَا مُنْقَطَعاً بِهِ
أَوْ يُجاهد عَلَيْهَا.
وَمِنْهُ الحديث الآخر «ومن حَقِّها إفْقارُ ظَهْرِها» (س) وَفِي
حَدِيثِ عَرْفجة «فتناولَ السَّيْفَ مِنَ الظَّهْر فحذَفَه بِهِ»
الظَّهْر: الإبلُ الَّتِي يُحمِل عَلَيْهَا وتُرْكب. يُقَالُ: عِنْدَ
فُلَانٍ ظَهْرٌ: أَيْ إبلٌ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أتأذَنُ لَنَا فِي نَحْر ظَهْرِنا؟» أَيْ
إِبِلِنَا الَّتِي نركَبُها، وتُجمع عَلَى ظُهْرَان، بِالضَّمِّ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فجعَلَ رجالٌ يستأذنُونه فِي ظُهْرَانهم فِي
عُلْو الْمَدِينَةِ» وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِيهِ «فَأَقَامُوا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهم وَبَيْنَ أَظْهُرِهِم»
قَدْ تَكَرَّرَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي الْحَدِيثِ، والمرادُ بِهَا
أنَّهم أَقَامُوا بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الاسْتِظْهَار والاستِناد
إِلَيْهِمْ، وزِيدَت فِيهِ ألفٌ ونونٌ مفتوحةٌ تَأْكِيدًا، وَمَعْنَاهُ
أنَّ ظَهْراً مِنْهُمْ قُدَّامَه وظَهْرا مِنْهُمْ وراءَه، فَهُوَ
مكنُوفٌ مِنْ جانِبَيه، وَمِنْ جَوَانِبِهِ إِذَا قِيلَ بَيْنَ
أَظْهُرِهم، ثُمَّ كَثُر حَتَّى استُعْمِل فِي الْإِقَامَةِ بَيْنَ
القَوْم مُطْلَقًا.
وَفِي حَدِيثُ عَلِيٍّ «اتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا
حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الْغَارَاتُ» أَيْ جَعَلتمُوه وراءَ
ظُهُورِكم، فَهُوَ مَنْسوب إِلَى الظَّهْر، وكسرُ الظَّاءِ مِنْ
تَغْييرات النَّسب.
(هـ) وَفِيهِ «فعَمَدَ إِلَى بعيرٍ ظَهِير فَأَمَرَ بِهِ فرُحِل»
يَعْنِي شَديد الظَّهر قَويّاً عَلَى الرِّحْلة.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ ظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَين يَوْمَ أُحُد» أَيْ
جَمَعَ ولَبِسَ إِحْدَاهُمَا فوقَ الأخْرَى.
وكأنَّه مِنَ التَّظَاهُر: التَّعَاوُنِ والتَّساعُد.
(3/166)
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «أَنَّهُ بَارَزَ
يَوْمَ بَدْر وظَاهَرَ» أَيْ نَصَر وأَعَان.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فظَهَرَ الّذين كان بَينَهُم وَبَيْنَ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْد، فَقَنَت شَهرا
بَعْدَ الرُّكوع يَدْعو عَليهم» أَيْ غَلبوهم. هَكَذَا جَاءَ فِي
رِواية. قالوا: والأشبه أن يكون مغيّر، كَمَا جَاءَ فِي الرِّواية
الأُخْرَى «فَغَدرُوا بِهِمْ» .
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ أمرَ خُرَّاصَ النَّخل أَنْ يَسْتَظْهِرُوا» أي
يَحْتَاطوا لأرْبابها ويَدَعُوا لَهُمْ قَدْر مَا يَنُوبُهم ويَنْزل
بِهِمْ مِنَ الأضْيافِ وأبْناءِ السَّبيل.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى «أَنَّهُ كَسَا فِي كَفَّارَةِ
الْيَمِينِ ثَوْبَيْنِ، ظَهْرَانِيّاً وَمُعَقَّدًا» الظَّهْرَانيّ:
ثوبٌ يُجاءُ بِهِ مِنْ مَرّ الظَّهْرَان. وَقِيلَ: هُوَ منْسُوب إِلَى
ظَهْرَان: قَريةٍ مِنْ قُرَى البَحْرَين.
والمعقَّد: بُرْد مِنْ بُرُود هَجَر.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ «مَرّ الظَّهْرَان» فِي الْحَدِيثِ. وَهُوَ
وَادٍ بَيْنَ مَكَّةَ وعُسْفَان. واسمُ القَرْية الْمُضَافَةِ
إِلَيْهِ: مَرُّ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّابِغَةِ الجَعْدي «أَنْشَدَهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بلغَنْا السَّماءَ مَجْدُنا وسَنَاؤُنا ... وإنَّا لنَرْجُو فَوقَ
ذَلِكَ مَظْهَرا
فغَضِب وَقَالَ لِي: أَيْنَ المَظْهَر يَا أبَا لَيلى؟ قَالَ: إِلَى
الجَّنة يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أجَلْ إِنْ شاءَ اللَّهُ»
المَظْهَر: الَمْصَعد.
(ظَهَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «1» «فدَعَا بصُنْدُوق
ظَهْم» الظَّهْم: الخَلَق.
كَذَا فُسّر فِي الْحَدِيثِ. قَالَ الأزهَرِي: لَمْ أسْمَعه إلاَّ
فِيه.
__________
(1) في الهروي: «عبد الله بن عمر» .
(3/167)
|