تاج العروس (فصل الهاءِ) مَعَ الْمُثَنَّاة
الْفَوْقِيَّة)
هبت
: (الهَبِيتُ: الجَبَانُ الذّاهِبُ العَقْلِ) كَذَا فِي الصّحاح
(كالمَهْبوتِ) .
(5/136)
(وَقد هُبِتَ) الرَّجُلُ (كعُنِىَ) أَي
نُخِبَ، فَهُوَ مَهْبُوتٌ وهَبِيتٌ، لَا عَقْلَ لَهُ، قَالَ طَرَفَةُ:
فالهَبِيتُ لَا فُؤادَ لَهُ
والثَّبِيتُ قَلْبُهُ قِيَمُهْ
(وهَبَتَهُ يَهْبِتُهُ: ضَرَبَهُ) ، حَكَاهُ أَبو عُبَيْد، وَقَالَ
عبدُ الرّحمنِ بنُ عَوْفٍ، فِي أُمَيصةَ بنِ خَلَف وابْنِه
(فَهَبَتُوهُمَا حَتّى فَرَغُوا مِنْهُمَا) يَني المُسْلِمِينَ يَوْمَ
بَدْرٍ، أَي ضَرَبُوهُمَا بالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلُوهُمَا.
وَقَالَ شَمِرٌ: الهَبْتُ: الضَّرْبُ بالسَّيْفِ، فكَأَنَّ مَعْنَى
قَوْلِه: فَهَبَتُوهُمَا بالسَّيْفِ، أَيْ ضَرَبُوهُما حَتَّى
وَقَذُوهُما، يُقَالُ: هَبَتَه بالسَّيْفِ يَهْبِتُه هَبْتاً.
(و) هَبَتَهُ (: هَبَطَهُ) ، وهما أَخَوانِ، (و) فِي حَدِيث عُمَرَ
رَضِيَ الله عَنْه (أَنَّ عُثْمَانَ بنَ مَظْعُونٍ لمّا ماتَ على
فِرَاشِه هَبَتَه المَوْتُ عِنْدِي مَنْزِلَةً حَيْثُ لَمْ يَمُتْ
شَهِيداً، فلمّا مَاتَ سيّدُنَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
على فرَاشه (وأَبو بَكْر رَضِي الله عَنهُ على فراشِه) عَلِمْتُ أَنَّ
مَوْتَ الأَخْيار على فُرُشِهِمْ) .
قالَ الفَرّاءُ: هَبَتَه المَوْتُ عِنْدِي مَنْزِلَةً، يعنِي
(طَأْطَأَهُ) ذالِكَ (وحَطَّهُ) ، أَي حَطّ من قَدْرِه عِنْدِي.
وكُلُّ مَحْطُوطٍ شَيْئاً فَقَدْ هُبِتَ بِه، فهُوَ مَهْبُوتٌ، قالَ
الفَرّاءُ: وأَنشدَني أَبو الجرّاح:
وأَخْرَقَ مَهْبُوثِ التَّراقِي مُصَعَّدِ الْ
بَلاعِيمِ رِخْوِ المَنْكِبَيْنِ عُنَابِ
قالَ: والمَهْبُوتُ التَّراقِي: المَحْطُوطُهَا النَّاقِصُها.
(و) فُلانٌ فِي عَقْلِه هَبْتَةٌ (الهَبْتَةُ: الضَّعْفُ) .
والهَبْتُ: حُمْقٌ وتَدْلِيهٌ، وَفِيه هَبْتَةٌ، أَي ضَرْبَةُ حُمْقٍ،
وقِيلَ: فِيهِ هَبْتَةٌ، للَّذِي فِيه كالغَفْلَةِ، وليسَ
بمُسْتَحْكِمِ العَقْلِ، وأَنشدَ ثَعْلبٌ:
تُرِيكَ قَذًى بِهَا إِنْ كانَ فِيهَا
بُعَيْدَ النَّوْمِ نَشْوَتُهَا هَبِيتُ
(5/137)
قَالَ ابنُ سَيّده: لم يُفَسِّرْهُ،
وعِنْدي أَنّه فَعِيلٌ فِي مَعْنَى فَاعل، أَي نَشْوَتُهَا شَيْءٌ
يَهْبِتُ أَي يُحَمِّقُ وَيُحَيِّر ويُسَكِّنُ ويُنَوِّم.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
هَبَتَ الرَّجُلَ يَهْبتُهُ هَبْتاً: ذَلَّلَهُ.
والهَبِيتُ: الَّذِي بِهِ الخَوْلَعُ، وَهُوَ الفَزَعُ والتَّلَبُّدُ.
وَفِي حَدِيث مُعَاوِيَة: (نَوْمُه سُبَاتٌ، وليْلةُ هُبَاتٌ) وَهُوَ
من الهَبْتِ بِمَعْنى اللِّينِ والاسْتِرْخاءِ، والمَهْبُوت:
الطَّائِرُ يُرْسَلُ علَى غَيْرِ هِدَايَةٍ، قَالَ بنُ دُرَيْد:
وأَحْسَبُها مُوَلَّدةً.
هتت
: ( {الهَتُّ: سَرْدُ الكلامِ) .
} هَتَّ القُرْآنَ {هَتًّا: سَرَدَه سَرْداً، وفُلانٌ} يَهُتُّ الحديثَ
هَتًّا إِذا سَرَدَه وتَابَعَه، وَفِي الحَدِيث: (كانَ عَمْرُو بن
شُعْيْب وفُلانٌ {يَهُتَّانِ الكَلامَ) .
وَقَالَ الأصْمَعِيّ: يُقال للرَّجُلِ إِذا كَانَ جَيّدَ السِّيَاقِ
للحَدِيثِ: هُوَ يَسْرُدُهُ سَرْداً،} ويهُتُّه هَتًّا.
(و) عَن ابنِ الأَعرابِيّ: الهَتُّ (: تَمْزِيقُ الثِّيَابِ
والأَعْراضِ) ، ونَصُّ عِبَارَته: تَمْزِيقُ الثَّوْبِ والعِرْضِ.
(و) الهَتُّ: (الصَّبُّ) ، {هَتَّ المَزَادَةَ إِذا صَبَّهَا،
والسَّحَابَةُ} تَهُتُّ المَطَرَ، إِذا تابَعَت صَبَّه، {وهَتَّ
الشَّيْءَ} يَهُتُّه هَتًّا: صَبَّ بعضَه فِي إِثْرِ بعضٍ.
(و) الهتُّ (: حَطُّ المَرْتَبَةِ فِي الإِكْرَامِ) ، قَالَه ابنُ
الأَعرابيّ.
(و) الهَت (: مُتابَعَةُ المَرْأَةِ فِي الغَزْلِ) {هَتَّت المرأَةُ
غَزْلَهَا} تَهُتُّه غَزَلَت بَعضَه فِي إِثْرِ بعضٍ.
وَعَن الأَزهَرِيّ: المرْأَةُ {تَهُتُّ الغَزْلَ، إِذا تابَعَتْهُ،
قَالَ ذُو الرُّمّة:
سُقْيَا مُجَلِّلَةٍ يَنهَلُّ رَيِّفُها
مِن باكِرٍ مُرْثعِنِّ الوَدْقِ} مَهْتُوتِ
(و) الهَتُّ (: حَتُّ وَرَقِ الشَّجَرِ) ، أَي أَخْذُه.
(و) الهَتُّ: (الكَسْرُ) ، هَتَّ الشَّيءَ يَهتُّه هَتًّا فَهُوَ
مَهْتُوتٌ! وهَتِيتٌ: وَطِئه
(5/138)
وَطْأً شدِيداً فكَسَرَه. وتَرَكَهُمْ
هَتًّا بَتًّا، أَي كَسَرَهُم، وقيلَ: قَطَعَهُم.
والهَتُّ: كَسْرُ الشَّيْءِ حتّى يَصِيرَ رُفَاتاً.
وَفِي الحَدِيث: (أَقْلِعُوا عَن المَعَاصِي قبْلَ أَنْ يَأَخُذَكُمُ
الله فَيَدَعَكُمْ {هَتًّا بَتًّا) الهَتُّ: الكَسْرُ، والبَتُّ
القَطْعُ، أَي قَبْلَ أَنْ يَدَعَكُم هَلْكَى مَطْرُوحِينَ
مَقْطُوعِينَ.
(} كالهَتْهَتَةِ) ، هَتَّهُ وهَتْهَتَهُ سَوَاءٌ.
(و) قَالَ الأَزْهَرِيّ: {الهَتْهَتَةُ: الْتِوَاءُ اللِّسَانِ عندَ
الكَلامِ.
وَقَالَ الحَسَنُ البَصْرِيّ فِي بعض كلامِه: (وَالله مَا كَانُوا}
بالهَتَّاتِينَ، ولكِنّهُمْ كانُوا يَجْمَعُونَ الكلامَ ليُعْقَلَ
عَنْهُم) .
يُقَال: (رَجُلٌ {مِهَتٌّ) ، بِكَسْر فَفتح، (} وهَتَّاتٌ (
{وهَتْهاتٌ) :) مِهْذَارٌ (خَفِيفٌ كَثِيرُ الكَلامِ) .
(و) عَن ابنِ الأَعْرَابِيّ: قَوْلهم: أَسْرَعُ من} المُهَتْهِتَةِ،
يُقَال: (هَتْهَتَ فِي كلامِه) إِذا (أَسْرَعَ) ، {كهَتَّ.
(و) أَمثالهم: (إِذَا وَقَفْتَ البَعِيرَ على الرَّدْهَةِ، فَلا تَقُلْ
لَهُ} هَتْ) وبعضُهُم يَقُول: فَلَا {تُهَتْهِتْ بِهِ.} هَتْهَتَ
(بَعِيرَهُ: زَجَرَه عِنْد الشُّرْبِ {بِهَتْ} هَتْ) قَالَهُ أَبو
الهَيْثِمِ، قَالَ: وَمعنى المَثَل: إِذا أَرَيْتَ الرَّجُلَ رُشْدَه
فَلَا تُلِحَّ عَلَيْهِ، فانّ الإِلْحَاح فِي النَّصِيحَةِ يَهْجُمُ
بكَ على الظِّنَّة.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ، مَا فِي اللّسَانِ والنّهانية وغيرِهما:
هَتُّ قَوَائِمِ البَعِيرِ: صَوْتُ وَقْعِها.
وهَتَّ البَكْرُ يَهِتُّ {هَتِيتاً والهَتُّ شِبْهُ العَصْرِ
للصَّوْتِ. قَالَ الأَزْهَرِيّ: يقالُ للبَكْرِ:} يَهِت هَتِيتاً، ثمَّ
يَكِشُّ كَشِيشاً، ثمَّ يَهْدِر (إِذا بَزَل هَديراً) .
وهَتَّ الهَمْزَةَ يَهُتُّها هَتًّا تكَلَّمَ بِها.
قَالَ الخليلُ: الهَمْزةُ صوتٌ مَهْتُوتٌ فِي أَقْصَى الحَلْقِ يَصيرُ
هَمْزَةً، فإِذا رُفِّهَ عَن الهَمْز كانَ نَفْساً يُحَوَّلُ إِلى
مَخْرَجِ الهاءِ؛ فلذالك استخَفَّتِ العَربُ إِدخالَ الهاءِ على أَلِفِ
المَقْطُوعَةِ،
(5/139)
نَحْو أَرَاقَ وهَرَاقَ، وأَيْهَاتَ
وهَيْهاتَ، وأَشباهُ ذَلِك كثيرٌ.
قَالَ سيبويهِ: من الحروفِ المَهْتُوتُ، وَهُوَ الهاءُ؛ وذالك فِيهَا
من الضَّعْفِ والخَفَاءِ.
وَفِي التَّكْمِلَةِ: الحرفُ المَهْتُوتُ هُوَ التَّاءُ؛ لضَعْفِه
وخَفَائِه.
وَفِي حَدِيث إِراقَة الْخمر: (فَهَتَّهَا فِي البَطْحَاءِ) أَي صَبّها
على الأَرْضِ حَتّى سُمعَ لَهَا هَتِيتٌ، أَي صَوْتٌ.
هرت
: (الهَرْتُ: الطَّعْنُ) فِي العِرْضِ.
هَرَتَ عِرْضَهُ وهَرَدَهُ وهَرَطَهُ، كُلّها لُغَاتٌ.
(و) الهَرْتُ (: الطَّبْخُ البَالِغُ) يُقَال: هَرَتَ اللَّحْمَ:
أَنْضَجَهُ وطَبَخَهُ حَتَّى تَهَرَّأَ، وَفِي الحَديثِ (أَنّه أَكَلَ
كَتِفاً مُهَرَّتَةً ومَسَحَ يَدَه فَصَلَّى) لَحْمٌ مُهَرَّتٌ
ومُهَرَّدٌ إِذا نَضِجَ، أَراد: قَد تَقَطَّعَتْ من نُضْجِهَا، وَقيل:
إِنّهَا مُهَرَّدَةٌ، بالدَّال.
(و) الهَرْتُ (: التَّمْزِيقُ) فِي الثّيابِ قَالَ ابْن سَيّده: هَرَتَ
عِرْضَهُ وثَوْبَهِ (يَهْرِتُ ويَهْرُتُ) هَرْتاً: مَزَّقَه وطَعَنَ
فِيهِ، فَهُوَ هَرِيتٌ.
وَقَالَ الأَزْهَرِيّ: هَرَتَ ثَوْبَهُ هَرْتاً إِذا شَقَّهُ.
(و) الهَرَتُ محرَّكَة: سَعَةُ الشِّدْقِ.
(الهَرِيتُ: الواسعُ) الشِّدْقَيْنِ.
(وَقد هَرِتَ كَفَرِحَ) ، وَهُوَ أَهْرَتُ الشِّدْقِ، وهَرِيتُهُ.
قَالَ الأَزْهَرِيّ: ويُقَالُ للخَطِيبِ من الرِّجَالِ: أَهْرَتْ
الشِّقْشِقَةِ، وَمِنْه قولُ ابْن مُقْبِل:
عادَ الأَذِلَّةُ فِي دَارٍ وكانَ بِهَا
هُرْتُ الشَّقاشِقِ ظَلاّمُونَ للجُزُرِ
وَفِي حديثِ رَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ: (لَا تُحَدِّثْنا عَن مُتَهَارِتٍ)
أَي مُتَشَدِّقٍ مُكاثِر، مِن هَرَتِ الشِّدْقِ وَهُوَ سَعَتُهُ.
ورَجُلٌ أَهْرَتُ، وفَرَسٌ هَرِيتٌ
(5/140)
وأَهْرَتُ: مُتَّسِعُ مَشَقِّ الفَمِ،
وجَمَلٌ هَرِيتٌ، كَذَلِك، وحَيَّةٌ هَرِيتُ الشِّدْقِ، ومَهْرُوتَتُه،
أَنشدَ يَعْقُوب فِي صِفَةِ حَيَّة:
مَهْرُوتَةُ الشِّدْقَيْنِ حَوْلاءُ النَّظَرْ
(و) امْرَأَةٌ هَرِيتٌ، وَهِي (المُفْضَاةُ) .
(و) الهَرِيتُ (: الأَسَدُ) ، والهَرَتُ: مصدَرُ الأَهْرَتِ الشِّدْقِ،
وأَسَدٌ أَهْرَتُ بَيِّنُ الهَرَتِ، (كالهَرِتِ) ككَتِفٍ، (والهَرُوتِ)
كصَبُورٍ (والهَرَّاتِ) ككَتّانٍ، والمُهَرَّتِ، كمُعَظَّم، زَاده فِي
اللسانِ، قَالَ الأَزْهَرِيّ: أَسَدٌ هَرِيتُ الشِّدْقِ، أَي مَهْرُوتٌ
ومُنْهَرِتٌ، وَهُوَ مَهْرُوتُ الفَمِ، وكلابٌ مُهَرَّتَةُ الأَشْداقِ.
والهَرْتُ: شَقُّكَ الشيْءَ لتُوَسِّعَه. وَهُوَ أَيضاً: جَذْبُكَ
الشِّدْقَ نحوَ الأُذُنِ، وَفِي التّهذيب: الهَرْتُ: هَرْتُكَ
الشِّدْقَ نحوَ الأُذُنِ.
(ورَجُلٌ) هَرِيتٌ: (: لَا يَكْتُمُ سِرًّا، وَيَتَكَلَّم) مَعَ ذَلِك
(بالقَبِيح) .
وَمِمَّا بَقِي عَلَيْهِ:
هَارُوتُ: وَهُوَ اسْم مَلَكٍ أَو مَلِكٍ، والأَعْرَف الأَوّل، قَالَ
شيخُنا: والمشهورُ أَنه اسْم أَعجميّ، وَهُوَ الأَصْوبُ، زَاد
الصّاغانيّ: ودليلُ عُجْمَتِه مَنْعُ الصَّرف، وَلَو كَانَ من الهَرْتِ
كَمَا زَعَمَ بعضُ النَّاس لانْصَرَفَ.
هرمت
: (الهَرَامِيتُ) ، أَهمله الجوهريّ، وَقَالَ النِّضْر: هِيَ
(الرَّكَايا) ، وأَنشد للرّاعي:
ضُبارِمَةٌ شُدْقٌ كأَنَّ عُيُونَهَا
بَقايَا نِطَافٍ مِنْ هَرَامِيتَ نُزَّحُ
وَقَالَ شَيخنَا: قلت: هُوَ من الجُمُوع الَّتِي لَا مُفْرَدَ لَهَا،
فِي الأَصَحّ، أَو مُفْرَدُها هِرْمِيتٌ أَو هُرْمُوتٌ أَو التّاءُ
فِيهَا زائدةٌ، لأَنّهَا من الْهَرم، تَصَارِيف. انْتهى.
وَالَّذِي فِي اللِّسان مَا نَصُّه: هَرَامِيتُ: آبارٌ مُجْتَمِعةٌ
يناحِيَةِ الدَّهناءِ، زَعَمُوا أَنّ لقْمانَ بنَ عادِ احْتَفرها،
(5/141)
وَعَن الأَصمعيّ: عَن يَسَارِ ضَرِيَّةَ،
وَهِي قَرْيَةٌ (فِيهَا) رَكايَا يُقَال لَهَا: هَرَاميتُ، وحولها
جِفَارٌ، وأَنشد:
بَقايا جِفَارٍ من هَرَامِيتَ نُزَّح
قلت: فذكرُ المُصَنّف إِياها بالّلام غيرُ صَوَابٍ.
هفت
: (هَفَتَ) الشَّيْءُ (يَهْفِتُ هَفْتاً، وهُفَاتاً) ، الأَخير بالضمّ،
وَمثله فِي سائرِ نسَخِ الصِّحاح وتصحّف على شيخِنا فِي نسخَتِه من
الصِّحَاح بالهَفَتَانِ على فَعَلاَن، فاستدركه على المصنِّفِ، وَهُوَ
غيرُ صَوَاب إِذا (تطَايَرَ لِخِفَّتِهِ) .
(و) هَفَتَ الرَّجُلُ (: تَكَلَّمَ كثيرا بِلَا رَوِيَّة) وَلَا
إِعْمَالِ فِكْرٍ فِيهِ.
وكَلامٌ هَفْتٌ، إِذا كَثُرَ بِلَا رَوِيَّةِ فِيهِ.
(و) هَفَتَ (الشَّيْءُ: انْخَفَضَ واتَّضَعَ) ومصدره الهَفْتُ
والهُفَاتُ، هَكَذَا فِي سَائِر النّسخ، ومثلُه فِي اللّسان وغيرِه،
وقرأْتُ فِي كِتابِ التَّهْذيبِ لِابْنِهِ القَطَّاعِ مَا نصُّه:
وَهَفَتَ الشَّيْءُ، وانْهَفَتَ: نَقَصَ.
(و) هَفَتَ يَهْفِتُ هَفْتاً: (دَقَّ) .
(والهَفْتُ: المُطْمَئنُّ من الأَرْضِ) فِي سَعَة، مثل الهَجْل، قَالَه
الأَزهريّ، قَالَ: وسَمِعْت أَعْرَابِيًّا يَقُول: رَأَيْتُ جِمَالاً
يَتهادَرْنَ فِي ذَلِك الهَفْتِ.
(و) الهَفْتُ أَيضاً (: مَطَرٌ يُسْرِعُ انْهِلالُه) وَقد هَفَتَ
الثَّلْجُ والرَّذاذُ ونحوُهما. قَالَ العَجّاج:
كَأَنَّ هَفْتَ القِطْقِطِ المَنْثورِ
بعْدَ رَذاذِ الدِّيمَةِ المَمْطورِ
علَى قَراهُ فِلَقُ الشُّذورِ
القِطْقِطُ: أَصغَرُ الْمَطَر، وقَرَاه: ظَهْرُه، يَعْنِي الثَّوْرَ،
والشُّذُور: جمعُ الشَّذْر، وَهُوَ الصغِيرُ من اللُّؤْلؤ.
وَقد تَهافَتَ.
(و) الهَفْتُ (: الحُمْقُ الوافرُ) ، ونَصُّ ابنِ الأَعْرَابيّ:
الحُمْقُ الجَيِّدُ.
(5/142)
(والمَهْفُوت: المُتَحَيِّرُ) كالمَهْبُوتِ
وَقد تقدَّم.
(و) الهَفْتُ: تَساقُطُ الشَّيْءِ قِطْعَةً بعد قِطعَةٍ، كَمَا
يَهْفِتُ الثَّلْجُ والرّذاذُ.
وَفِي الحَدِيث (يَتَهَافَتون فِي النَّار) (التَّهَافُتُ: التسَاقُطُ)
قِطْعَةً قِطْعَةً، من الهَفْتِ وَهُوَ السُّقوط، وأَكثرُ مَا يُستعمل
التَّهَافُتُ فِي الشَّرّ.
وتَهافَتَ الفَرَاشُ على النَّارِ: تَسَاقطَ.
وتَهَافَتَ القَوْمُ تَهَافُتاف، إِذا تَساقَطُوا مَوْتاً.
(و) تَهَافَتُوا عليهِ، التّهافُتُ: (التَّتابُع) .
(والهَفَاتُ كسَحَابِ: الأَحْمَقُ) ، قرأْتُ فِي هَامِش نُسْخَة
الصّحاح مَا نَصُّه: الَّذِي أَحفَظُه فِي غريبِ المُصَنَّف: الهَفَاة:
اللَّفاةُ الأَحْمَقُ بتخفيفِ الفاءِ فيهمَا، وَكَذَا قرأْتهما على
شَيخنَا أَبي أُسامَةَ، رَحمَه الله، ويكتبانِ بالهاءِ؛ لأَنَّ الوقْفَ
عَلَيْهِمَا بالهَاءِ، وَكَذَا قَالَه أَبو جَعْفَر الجُرْجانيّ،
ورأَيْتُه مَكْتُوباً بخطِّ أَبي سعيد السُّكَّرِيّ الهَفَاة
واللَّفَاةُ: الأَحْمَقُ، بالهاءه فِي الحَرْفينِ جَمِيعًا، وبخطّ
مُحَمَّد بن أَبِي الجُوع مَكْتُوباً بالتّاءِ فِي الحَرْفَيْنِ
جَمِيعًا، وَعَلَيْهِمَا علامةُ التَّخْفِيفِ، وَفِي الْحَاشِيَة
بِخَطِّهِ أَيضاً قَالَ أَبو إِسْحَاقَ النَّجَيْرَمِيّ: الهَفَاةُ من
الهَفْوَةِ بالهاءِ، وبالتَّاءِ من الهَفْتِ، وَوجد بخطّ الأَزهريّ فِي
كِتَابه: أَبو عُبَيْد عَن الأَحْمر: الهَفاتُ اللَّفاتُ: الأَحْمَقُ،
بالتَّاءِ. كَمَا أَورده الجوهريّ، إِلاّ أَنَّ الفاءَ مُخَفّفة.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
تَهَافَتَ الثَّوْبُ تَهَافُتاً، إِذا تَسَاقَطَ وبَلِيَ.
وَعَن اللَّيْث: حَبٌّ هَفُوتٌ، إِذا صارَ إِلى أَسْفَلِ القِدْرِ،
وانْتَفَخَ سَرِيعاً.
وَيُقَال: وَرَدَتْ هَفِيتَةٌ من النّاس، للَّذين أَقْحَمَتْهُم
السَّنَةُ، وَهَذَا فِي الصّحاح.
(5/143)
هلت
: (الهَلْتُ: القَشْرُ) بالسِّكِّينِ، سَلَتع الدَّمَ وهَلَتَه.
وهَلَتَ دَمَ البَدَنَةِ، إِذا خَدَشَ جِلْدَهَا بسِكِّينٍ حَتّى
يَظْهَرَ الدَّمُ، كلّ ذالك ع ناللِّحْيَانيّ.
(و) قَالَ ابنُ الفَرَج: سمعتُ واقِعاً يَقُول: (انْهَلَتَ يَعْدُو) ،
و (انْسَلَتَ) يَعْدو، معنى واحدٌ. وَقَالَ الفَرّاءُ: سَلَتَه
وهَلَتَه.
(والهَلْتَى، كسَكْرَى: نَبْتٌ) إِذا يَبِسَ صارَ أَحْمَرَ، وإِذا
أُكِل ونَبَتَ سُمِّيَ الجَمِيمَ، وَقَالَ الأَزْهَرِيّ: هَلْتَي، على
فَعْلَي: شَجَرَةٌ، وَهُوَ كنَبَاتِ الصِّلِّيَانِ إِلاّ أَنَّ لَونَه
إِلى الحُمْرَةِ.
وَفِي المُحْكَم: الهَلْتَى: نَبْتٌ. قَالَ أَبو حنيفةَ: قَالَ أَبو
زِيَادِ: من الطَّرِيفَةِ الهَلْتَي، وَهُوَ نَبْتٌ أَحْمَرُ يُنْبُتُ
نَباتَ الصِّلِّيَان والنَّصِيِّ، ولونُه أَحمَرُ فِي رُطُوبَتِه،
ويَزْدادُ حُمْرَةً إِذا يَبِس، وَهُوَ مائِيّ لَا تَكادُ الماشِيَةُ
تأْكُلُهُ مَا وَجَدَتْ شيْئاً من الكَلإِ يَشْغَلُهَا عَنهُ.
(والهُلاَتَةُ) بِالضَّمِّ (: غُسَالَةُ السَّخْلَة السَّوداءه من
غِرْسِه) ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الجِلْدُ الَّذِي يَنْزِلُ فِيهِ،
نَقَلَهُ الصّاغَانّي.
(والهَلْتَاتُ) بالفَتح بتاءَين منقوطتينِ من فَوق (: الجَمَاعَةُ) من
النّاس (يُقِيمُون ويَظْعَنُون) ، هاذه روايةُ أَبي زيد، ورواهَا ابنُ
السِّكّيت بالثاءِ المثلَّثة، كَذَا فِي اللِّسَان.
هلقت
: (جُوعٌ هِلَّقْتٌ) ، بِكَسْر فتشديد (كَجِرْدَحْل) ، أَهمله
الجوهريّ، وقالط أَبو عَمْرو: أَي (شَدِيدٌ) مثل هِلَّقْسٍ، كَذَا فِي
التّكْملة.
هَمت
: (هَمَتَ الثَّرِيدُ) ، إِذا (تَوارَى فِي الدَّسَمِ) ، وَذَلِكَ إِذا
عَلاه.
(وأَهْمَتَ الكَلاَمَ، والضَّحِكَ: أَخْفَاه) ، قَالَ شَيخنَا: قيل:
إِنّه من الهَمْسِ، فالتاءُ بدلٌ من السّين، كَمَا فِي أَمثاله
السّابقة.
(5/144)
هنبت
: (الهَنْبتَةُ) ، أَهمله الجَوْهَرِيّ وَصَاحب اللّسان، وَقَالَ
الصَّاغَانيّ: هُوَ (الاسْترْخَاءُ والتَّوانِي) .
وَقد هَنْبَتَ الرَّجُل، إِذا اسْتَرْخَى وتَوانَى، وَمثله فِي تهذيبِ
ابنِ القَطّاع فِي الرُّباعيّ.
وَقد يُقَالُ: إِنّ النُّونَ زائدةٌ وأَصْلُه الهَبْتَة، وَهُوَ
الضَّعْفُ، وَقد تقدَّم آنِفا.
هنت
: هنتات: قَبيلة من البَرْبَر.
هوت
: ( {الهُوتَةُ) بالضّم (ويُفْتَح: الأَرْضُ المُنْخَفِضَةُ)
المُطْمَئنّة، وَفِي الدُّعاءِ: (صَبَّ الله عَلَيْهِ} هَوْتَةً
ومَوْتَةً) قَالَ ابْن سِيدَه: وَلَا أَدْرِي مَا هَوْتَة هُنا، وَفِي
حَدِيث عُثْمَان رضِيَ الله عَنهُ (وَدِدْتُ أَنّ مَا بَيْننا وبينَ
العَدُوّ هَوْتَةٌ لَا يُدْرَك قَعْرُها إِلى يومِ القِيامَة) قَالَ
ابنُ الأَثِير: الهَوْتَةُ بالضّم والفَتْح الهُوَّةُ من الأَرضِ،
وَفِي الوَهْدَةُ العَمِيقَةُ، أَرادَ بذلك حِرْصاً على سلامَة
المُسْلِمين، وحَذَراً من الْقِتَال، وَهُوَ مثل قولِ عمرَ، رَضِي الله
عَنْهُ: (وَدِدْتُ أَنّ مَا وراءَ الدَّرْبِ جَمْرَةٌ واحدةٌ ونارٌ
تَوَقَّدُ يَأْكُلونَ مَا وَراءَه، وتأْكُلُ مَا دُونَه) كَذَا فِي
النِّهَايَة.
وَقَالَ ابنُ الأَعرابيّ: يُقَال للمَهْواةِ: هُوتَةٌ وهُوَّةٌ
وهَوْتَةٌ.
(ج هُوتٌ) أَي بالضَّمّ، وضَبَطَه الصّاغَانيّ بضَمّ ففَتْح، وَقد
يُقَال: إِنّه اسمُ جِنْسِ جَمْعِيّ يُقَال بالفَتْح والضّمِّ.
( {وهَوَّتَ بِه} تَهْوِيتاً: صَاحَ) ، لُغَة فِي هَيَّتَ، كَمَا
سيأْتي، وَفِي الحَدِيث: (لما نَزَلَ قَولُه تَعَالَى: {وَأَنذِرْ
عَشِيرَتَكَ الاْقْرَبِينَ} (سُورَة الشُّعَرَاء، الْآيَة: 214) باتَ
النَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفَخِّذُ عَشيرَتَه فقَال
المُشْرِكُونَ: باتَ! يُهَوِّتُ) أَي يُنادي عَشِيرَتَه.
(5/145)
وَمِمَّا يُستدرك عَلَيْهِ:
قَوْلهم: مَضَى {هِيتَاءٌ من اللّيْل، أَي وَقْتٌ مِنْهُ. قَالَ أَبو
عليّ: هُوَ عِنْدِي فِعْلاءٌ، مُلْحق بسِرْدَاحِ، وَهُوَ مأْخوذٌ من
الهَوْتَة، وَهِي الوَهْدَةُ وَمَا انخفَضَ عَن صَفْحَةِ المُسْتَوَى.
وَقيل لأُمّ هِشَام البَكريّة: أَينَ مَنْزِلُكِ؟ قَالَت:} بِهَاتَا
{الهُوتَةِ، قيل: وَمَا الهُوتَةُ؟ قَالَت: بِهَاتا الوُكْرَةِ قيلَ:
وَمَا الوُكْرَةُ؟ قالَتْ: بهَاتَا الصُّدّاد، قيل: وَمَا الصُّدَّادُ؟
قَالَت: بهَاتَا المَوْرِدَةِ. قَالَ ابنُ الأَعرابيّ: وهَذَا كلّه
الطرِيقُ المُنحَدِر إِلى الماءِ.
وَيَهْيَهْتُ بالإِبِلِ، إِذا قلتَ لَهَا: ياهٍ ياهٍ.
والعربُ تَقول للكَلْبِ إِذا أَغرَوْه بالصَّيْد: هَيْتَاهْ.
هَيْتَاهْ، قَالَ الراجِز يذكُرُ الذِّئبَ:
جاءَ يُدِلُّ كَرِشَاءِ الغَرْبِ
وقُلْتُ هَيْتاهُ فتاهَ كلْبِي
كَذَا فِي اللِّسَان.
هيت
: (} هَيَّت بِه) {تَهْيِيتاً، وهَوَّتَ: صَوَّتَ بهِ، و (صاحَ،
ودَعَاه) فَقَالَ لَهُ:} هَيْتَ {هَيْتَ، قَالَ:
قد رَابَنِي أَنَّ الكَرِيَّ أَسْكَتَا
لَو كانَ مَعْنِيًّا بهَا لَهَيَّتَا
} والتَّهْيِيتُ: الصوتُ بالنَّاسِ، وَهُوَ فِيمَا قالَ أَبو زَيْد:
أَنْ يَقُولَ: يَا هَياه.
وَيُقَال: هَيَّتَ بالقَوْمِ تَهْيِيتاً، وهَوَّتَ بِهِم (تَهْوِيتاً)
إِذا نَادَاهم وهَيَّتَ النَّذِيرُ.
والأَصلُ فيهِ حِكايةُ الصَّوْت، كأَنّهم حَكَوْا فِي (هوَّتَ) هَوْتَ
هَوْتَ (وَفِي {هَيَّتَ} هَيْتَ! هَيْتَ، يُقَال) هَوَّتَ بِهمْ،
وهَيَّتَ بِهمْ إِذا نادَاهم،
(5/146)
والأَصلُ فِيهِ حِكايةُ الصَّوْتِ،
(وَقيل:) هُوَ أَنْ يَقُولَ: ياهْ يَاهْ، وَهُوَ نداءُ الرّاعي لصاحبهِ
من بَعيدٍ.
(و) {هَيْتَ: تعَجُّبٌ، تقولُ العربُ: هَيْتَ لِلْحِلْمِ: وهَيْتَ لَكَ
(وهِيتَ لَك) أَي أَقْبِلْ، وَقَالَ الله عزَّ وَجَلّ حِكَايَة عَن
زَلِيخَا، أَنها قالَتْ لما راوَدَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السّلامُ عَن
نفْسه: {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} (سُورَة يُوسُف، الْآيَة: 23)
(مُثلَّثَةَ الآخر) ، قَالَ الزّجّاج: وأَكثَرُها هَيْتَ لَكَ، بِفَتْح
الهاءِ والتّاءِ (وَقد يُكْسَر أَوّلُه) رُوى ذَلِك عَن عليّ رَضِي
الله عَنهُ (، أَي هَلُمَّ) ، وَرويت عَن ابنِ عَبَّاس رَضِي الله
عَنْهُمَا هِئْتُ لَك بالهَمْزِ وكسرِ الهاءِ من الهعيْئة، كأَنّها
قَالَت: تَهَيّأْت لكَ، قَالَ: فأَمّا الفتحُ من} هَيْتَ؛ فلأَنّها
بمنزلةِ الأَصْواتِ، لَيْسَ لَهَا فِعْلٌ يَتصرّفُ مِنْهَا، وفُتِحتِ
التَّاءُ لسكونِهَا وَسُكُون الْيَاء، واختِيرَ الفتْحُ لأَنّ قبلَها
يَاء، كَمَا فَعلُوا فِي أَيْنَ، وَمن كسر التَّاءَ فلأَنَّ أَصلَ
التقاءِ السّاكِنيْنِ حَرَكَة الكَسْرِ، وَمن قَالَ: هَيْتُ، ضمَّها؛
لأَنَّهَا فِي مَعْنَى الغايَات، كأَنها قَالَت: دُعائِي لَك، فَلَمَّا
حُذِفَت الإِضافةُ، وتضَمَّنَت هَيْتُ مَعْنَاهَا بُنِيَتْ على
الضَّمِّ، كَمَا بُنِيتْ حَيثُ، وقراءَةُ عليّ رَضِي الله عَنهُ (
{هِيتُ لَكَ) بِمَنْزِلَة} هَيْتُ لَك، والحُجّة فيهمَا وَاحِدَة.
وَقَالَ الفرّاءُ فِي هيْتَ لكَ يُقَال إِنهَا لغةُ حَوْرانَ، سَقطَتْ
إِلى مَكَّةَ، فتَكلَّموا بِهَا، قَالَ: وأَهلُ المدينةِ يَقرَؤُون:
هِيتَ لَك، يكسرون الهَاءَ وَلَا يَهْمزون قَالَ: وذُكِرَ عَن عليَ
وابنِ عبّاسٍ أَنهما قرآ: هِئْتُ لكَ، يرادُ بِهِ فِي المَعْنَى
تَهيَّأْتُ لَك، وأَنشد الفرّاءُ فِي القراءَةِ الأُولى (لشاعر) فِي
عَليّ رَضِي الله عَنهُ:
أَبْلِغْ أَمِيرَ المُؤمِنِي
نَ أَخا العِرَاقِ إِذا أَتَيْتَا
إِنَّ العِراقَ وأَهْلَه
سِلَمٌ إِليْكَ {فَهَيْتَ} هَيْتاً
(5/147)
وَمَعْنَاهُ هَلُمَّ هَلُمَّ، أَو هَلُمَّ
وتَعالَ، يَسْتَوِي فِيهِ الواحدُ والجمعُ، والمُؤَنَّثُ والمذَكر،
إِلاّ أَنّ العَددَ فِيمَا بَعْدَه، تقولُ: هَيْتَ لكُمَا، وهَيتَ
لَكُنَّ.
قَالَ ابنُ بَرّيّ: وذكرَ ابنُ جِنّى أَنّ هَيْتَ فِي البَيتِ بمَعْنى
أَسْرِعْ، وَقَالَ: وَفِيه أَربعُ لُغاتٍ: هَيْتَ بِفَتْح الهاءِ
والتاءِ، وهِيتَ بِكَسْر الهاءِ وَفتح التاءِ، {وهَيْتُ بِفَتْح الهاءِ
وَضم التاءِ،} وهِيتُ بِكَسْر الهاءِ وضمّ التاءِ.
قَالَ الفَرّاءُ فِي المَصَادِر: مَن قَرَأَ هَيْت لَك: هَلُمَّ لَك،
قالَ: وَلَا مَصْدَرَ لِهَيْتَ، وَلَا يَصَرَّفُ، وَعَن الأَخْفش:!
هَيْتَ لَك، مَفْتُوحَة، مَعْنَاهَا: هَلُمَّ لَك، قَالَ: وكسَرَ
بعضُهم التّاءَ، وَهِي لغةٌ، فَقَالَ: هَيْتِ لَكَ، ورفعَ بعضٌ
التّاءَ، فَقَالَ: هَيْتُ لكَ، وكسرَ بعضُهم الهاءَ وَفتح التاءَ،
فَقَالَ: هِيتَ لَك، كلّ ذَلِك بِمَعْنى واحدٍ.
وروى الأَزهَرِيْ عَن أَبي زيد قَالَ: هَيْتَ لَكَ بالعِبْرَانية
هَيْتاً لَجْ، أَي تعال، أَعرَبَه القرآنُ، كلّ ذَلِك فِي لسانِ
الْعَرَب، وَالَّذِي نقَله عَن ابْن جِنّى فَعَن كِتَابه المُحْتسب.
وَيفهم مِنْهُ أَيضاً أَنَّ قَول المصنّف: ويُكْسَر أَولُه، أَي مَعَ
تَثلِيثِ الآخِر، كَمَا قَالَه شيخنَا.
وَقد أَوْضح البَيضاويّ قراءَاتِ الكلمةِ ومَن قرَأَ بهَا، وحقّق ذَلِك
العَلاّمة ابنُ الجَزَريّ فِي نَشْرِ، وأَشار إِلى بعضِهَا أَبو عليّ
الفارِسِيّ فِي الحُجَّة، وغلَّطَ بعضَها، وأَوَّلَ البعضَ، وأَوْصَلوا
القراءَاتِ إِلى سَبْعٍ، وصَرّحوا بأَنّها كُلَّها لُغاتٌ.
واختَلَفَ أَهلُ الغريبِ فِي هَذِه الكلِمَة: هَل هِيَ عربِيَّةٌ أَو
مُعرَّبة؟ وَهل مَعْناها تَعالَ، كَمَا جَزَم بِهِ الفرّاءُ
والكسَائِيّ، وَغَيرهمَا، وَقَالُوا: هِيَ لغةُ الحجازِ، وَلذَلِك
مُجاهِدٌ: هِيَ كلمَةُ حَثَ وإِقبَال، أَو غير ذَلِك؟ وهلْ هِيَ اسمٌ
أَو فِعْلٌ؟ أَو هِيَ علَى أَنْحاءٍ كَثِيرَة: مِنْهَا مَا هُوَ فِي
السَّبْعَةِ، وَمِنْهَا مَالا، وأَشار أَبو حيّان فِي بَحْرِ إِلى أَنه
لَا يَبْعُد أَن تكون مُشْتَقَّةً من اسْم، كل ذَلِك عَن شرح شَيخنَا.
(5/148)
( {وهِيتُ بِالْكَسْرِ) مَعَ ضمِّ التاءِ
(د، بالعِراقِ) على شاطىءِ الفُرات، بهَا تُوفِّيَ (عبدُ الله) بن
المُبَارك، رَحمَه الله تَعَالَى، وَهِي فَوق الأَنبار، ذتُ نَخْلٍ
كثير وخَيْرَاتٍ واسعةِ، على جِهَةِ البَرِّيَّة من غربِيّ الفُراتِ،
سُمِّيَتْ بسمِ بانِيها، وَهُوَ} هِيتُ بنُ البَلَنْدَي، كَذَا فِي
المَرَاصِدِ، وأَصلُها من الهُوّة، قَالَه الأَصمعيّ، قَالَ:
طِرْ بِجَنَاحَيْكَ فَقَدْ دُهِيتَا
حَرانَ حَرَّانَ {فَهِيتاً} هِيتَا
وَقيل: مَعْنَاهُ اذْهَبْ فِي الأَرض. وقالَ أَبو عَلِيّ: ياءُ هِيتَ
الَّتِي هِيَ أَرضٌ واوٌ.
وَفِي التَّهْذِيبِ: وقالَ بعضُ النّاسِ: سُمِّيَتْ هِيتَ؛ لأَنَّها
فِي هُوَّة من الأَرْضِ انقَلَبَت الواوُ (إِلى) الياءِ لكسرة الهاءِ،
فقولُ بعضِهِم: فِيهِ نَظَرٌ، وتوجيهُ شيخِنا إِيّاهُ بمخَالَفةِ
الِاشْتِقَاق، منظورٌ فِيهِ.
(و) تقولُ: ( {هاتِ) يَا رَجلُ (بكَسْرِ التّاءِ) مَعْنَاهُ:
(أَعْطِنِي) ، هَكَذَا فِي سائرِ النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْنَاهَا، وَقد
تَصَحَّفَ على شيخِنا، فأَجَالَ فِيهِ فِكْرَتَه، فتارَةً قَال:
أَعْطَى على صِيغَة الْمَاضِي، وتارَةً جعله صِيغَة أَمرٍ، وَغير
بعَيْنهِ نَصّ لِسَان الْعَرَب والتَّهْذِيب، والمُحْكَم مَضْبُوطاً.
وَزَاد فِي الصّحاح: وللاثنين:} هَاتِيَا، مثل آتِيَا، وللجَمْعِ:
{هاتُوا، وللمرأَةِ:} - هَاتِي بالياءِ، وللمَرْأَتَيْنِ: {هاتِيَا،
وللنّساءِ:} هاتِينَ، مثل عاطِينَ.
وتَقُول: هَات لَا {هَاتَيْتَ، وَلَا يُنْهَى بِهَا.
وَقَالَ الخليلُ: أَصلُ هاتِ من آتَى يُؤْتِي إِيتَاءً، فقلِبَت
الأَلفُ هَاء.
قلْت: فإِذَنْ مَحَلُّه المعتَلّ لاهناً، وَقد أَشارَ إِلى ذَلِك
شيخُنا أَيضاً.
(} والهِيتُ) بِالْكَسْرِ (: الغَامِضُ) القَعْرِ (من الأَرْضِ) ، عَن
ابْن دُريد، قَالَ رُؤْبَةُ:
(5/149)
والحُوتُ فِي هِيتَ إِذاها هِيتُ
قَالَ الأَزْهَرِيّ: وإِنّما قَالَ رُؤْبةُ:
وصاحبُ الحْوتِ وأَيْنَ الحُوتُ
فِي ظُلُماتٍ تَحْتَهُنَّ هِيتُ
قَالَ ابْن الأَعْرَابِيّ: {هِيتُ، أَي هُوَّةٌ من الأَرْض، قَالَ:
ويقالُ لَهَا: الهُوتَةُ، وَمِنْه سُمِّيَتْ هِيتُ.
(و) بلاَ لامٍ (: مُخَنّثٌ نَفَاه النَّبِيُّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
من المَدِينَة) المُشَرَّفَة، وهُما اثْنَان، أَحدُهما هِيتٌ، وَالْآخر
ماتِعٌ، وَقد جاءَ ذِكرُهما فِي الحَدِيثِ.
(أَو هُوَ بالنُّونِ والمُوَحّدَةِ) هِنْبٌ، فصحَّفِ أَرابُ الحديثِ.
قَالَ الأَزْهَرِيّ: رَوَاهُ الشَّافِعيُّ وغيرُه هِيتٌ، قَالَ:
وأَظُنُّهُ صَوَابا (وَقد تقدَّمَ) طرفٌ من الْكَلَام فِي هنب.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
هَيْت، بالفتْح: قريةٌ بِمصْر من أَعْمَال المُنُوفِيّة، وَقد
دَخَلْتُهَا. |