تاج العروس (فصل الْفَاء مَعَ اللَّام)
فأل
} الفأْلُ: ضِدُّ الطِّيَرَةِ، وَهُوَ فِيمَا يُستَحَبُّ، والطِّيَرَةُ
لَا تكونُ إلاّ فِيمَا
(30/141)
يَسوءُ، قَالَ ابنُ السِّكِّيتِ: كأَنْ
يَسْمَعَ مَريضٌ آخَرَ يقولُ: يَا سالِمُ، أَو يكون طالِب ضالَّةٍ
فيسمعَ آخرَ يَقُول: يَا واجِدُ فَيَقُول: {تفاءَلْتُ بِكَذَا،
ويَتَوَجَّهُ لهُ فِي ظَنِّهِ لِما سَمِعَهُ أَنَّه يَبرأُ من مرضِهِ
أَو يَجِدُ ضالَّتَه، وَفِي الحديثِ: كانَ يُحِبُّ الفأْلَ ويَكْرَهُ
الطِّيَرَةَ. أَو يُستعمَلُ الفاْلُ فِي الْخَيْر والشَّرِّ، وَفِيمَا
يَحسُنُ وَفِيمَا يسوءُ، قَالَ الأَزْهَرِيّ: من الْعَرَب من يجعَلُ
الفأْلَ فِيمَا يُكرَهُ أَيضاً، قَالَ أَبو زيدٍ: تفاءَلْتُ} تفاؤُلاً،
وذلكَ أَن تسمَعَ الإنسانَ وأَنتَ تُريدُ الحاجَةَ يَدْعُو يَا سعيدُ،
يَا أَفْلَحُ، أَو يَدعو باسمٍ قبيحٍ. وَفِي الحديثِ: لَا عَدْوَى
وَلَا طِيَرَةَ، ويُعجِبُني الفَأْلُ الصَّالِحُ، {والفأْلُ
الصَّالِحُ: الكلمةُ الحسنةُ، فَهَذَا يدلُّ على أَنَّ من الفاْلِ مَا
يكونُ صالِحاً، وَمِنْه مَا يكونُ غيرَ صالِحٍ، وَقد جاءَت الطِّيَرَةُ
بِمَعْنى الجِنسِ، والفأْلُ بِمَعْنى النَّوْعِ، وَمِنْه: أَصدَقُ
الطِّيَرَةِ الفَأْلُ. ج:} فؤولٌ، عَن ابْن سِيدَه، وَقَالَ
الجَوْهَرِيُّ: جمعُه {أَفؤُلٌ، وأنشدَ للكُمَيْتِ:
(وَلَا أَسأَلُ الطَّيْرَ عمّا تَقولُ ... وَلَا تَتخالَجُني}
الأَفْؤُلُ)
وَقد {تفاءَلَ بِهِ، بالهَمزِ مَمْدوداً على التَّخفيفِ والقَلْبِ،}
وتفأّلَ بِهِ، بالهَمزِ مَشدوداً، قَالَ ابنُ الأَثيرِ: وَقد أُولِعَ
النّاسُ بتركِ همزِه تَخفيفاً. {والافْتِئالُ: افْتِعالٌ مِنْهُ، قَالَ
الكُمَيْتُ يصفُ خَيلاً:)
(إِذا مَا بدَتْ تحتَ الخَوافِقِ صَدَّقَتْ ... بأَيمنِ فأْلِ
الزَّاجِرينَ} افْتِئالَها)
وَقَالَ الفرَّاءُ: {افْتألْتُ الرَّأْيَ بالهَمْزِ، وأَصلُهُ غيرُ
الهَمْزِ.} والتَّفْئيلُ: تَفعيلٌ مِنْهُ، قَالَ رُؤْبَةُ:
(30/142)
لَا يأْخُذُ {التَّفئيلُ والتَّحَزِّي
فِينا وَلَا قَذْفُ العِدا ذُو الأَزِّ وروى أَبو عَمروٍ: لَا يأْخُذُ
التَّأْفيلُ، وفسَّرَه بالسِّحْرِ، لأَنَّهُ قلبُ الشيءِ عَن وجهِه.
فِي نوادِرِ الأَعرابِ: يُقال: لَا} فَأْلَ عليكَ: أَي لَا ضَيْرَ
عليكَ، وَلَا طَيرَ عليكَ، وَلَا شَرَّ عليكَ. ورَجُلٌ {فئِلُ
اللَّحْمِ، ككَتِفٍ، أَي كثيرُهُ. (و) } الفِئالُ، ككِتابٍ: لعبَةٌ
للصِّبيانِ، أَي صِبيانِ الأَعرابِ، وذلكَ أَنَّهُم يَخبَئُونَ الشيءَ
فِي التُرابِ ثمَّ يقتسمونَه ويقولونَ فِي أَيِّهِما هوَ، وسيُذكَرُ
فِي فيل أَيضاً.
ومِمّا يُستدرَكُ عليهِ: رَجُلٌ {فَيْأَلُ اللَّحْمِ، كحَيْدَرٍ: أَي
كثيرُه.} والمُفائلُ: الَّذِي يلعبُ {بالفِئالِ، وَمِنْه قولُ
طَرَفَةَ:
(يَشُقُّ حُبابَ الماءِ حَيزومُها بهَا ... كَمَا قسَمَ التُّرْبَ}
المُفائلُ باليَدِ)
وشَمْسُ الدِّينِ بنُ! الفالانيّ من المُحدِّثين. وممّا يُستدرَكُ
عَلَيْهِ:
فَبل
فَبيلٌ، كأَميرٍ: جَدُّ أَبي عُمَر أَحمدَ بنِ خالِدِ بنِ عبدِ اللهِ
التّاجِرِ الأَندَلُسِيِّ، رحَلَ وسَمِعَ من عثمانَ بنِ السَّمّاكِ،
وَغَيره، وَعنهُ أَبو عُمر الطَّلَمَنْكِيّ، ضبطَه الحافِظُ فِي
التَّبصيرِ هَكَذَا.
(30/143)
فتل
فتلَهُ يَفتِلُه، من حَدِّ ضَرَبَ فَتْلاً: لَواهُ، كلَيِّ الحَبْلِ
والفَتيلَةِ، كفَتَّلَهُ تَفتيلاً، فَهُوَ فَتيلٌ، ومَفتولٌ، وأَنشدَ
أَبو حنيفَةَ:
(لَونُها أَحْمَرُ صافٍ ... وَهْيَ كالمِسْكِ الفَتيلِ)
قَالَ: وَهُوَ كالفَتيلِ، قَالَ أَبو الحَسَنِ: وَهَذَا يدلُّ على
أَنَّه شِعْرٌ غيرُ مَعروفٍ، إِذْ لَو كانَ مَعروفاً لما اخْتُلِفَ فِي
قافِيَتِه، فتَفَّهَمْهُ جَيِّداً. وَقد انْفَتَلَ وتَفَتَّلَ. فتَلَ
وجهَهُ عنهُم فَتلاً: صرَفَهُ، كلَفَتَه، وَهُوَ مَقلوبٌ، فانْفَتَلَ:
انْصَرَفَ، وَهُوَ مَجاز. والفَتيلُ، كأَميرٍ: حَبْلٌ دَقيقٌ من خَزَم
أَو لِيفٍ أَو عِرْقٍ أَو قِدٍّ، وَقد يُشَدُّ على العِنانِ، وَهِي
الحلْقَةُ الَّتِي عندَ مُلْتَقى الدُّجْرَيْنِ، وَهُوَ مَذْكورٌ فِي
مَوضِعِه.
الفَتيلُ: السَّحاةُ الَّتِي تكونُ فِي شَقِّ النَّواةِ، وَبِه فُسِّرَ
قولُه تَعَالَى: وَلَا يُظلَمونَ فَتيلاً أَي مِقدارَ تلكَ السَّحاةِ
الَّتِي فِي شَقِّ النَّواةِ. الفتيلُ أَيضاً: مَا فتَلْتَهُ بينَ
أَصابِعِكَ من الوَسَخِ، وَبِه فسَّرَ ابنُ عَبّاسٍ رَضِي الله
تَعَالَى عَنْهُمَا الآيةَ، وَقَالَ ابنُ السِّكِّيتِ: النَّقيرُ:
النُّكْتَةُ فِي ظَهرِ النَّواةِ، والفتيلُ: مَا كانَ فِي شَقِّ
النَّواةِ، والقِطْميرُ: القِشْرَةُ الرَّقيقَةُ على النَّواةِ، قَالَ
الأَزْهَرِيّ: وَهَذِه الأَشياءُ يُضْرَبُ بهَا مَثلاً للشيءِ
التّافِهِ الحَقيرِ القليلِ، كالفَتيلَةِ. يُقال: مَا أُغني عنكَ
فَتيلاً وَلَا فَتْلَةً، بِالْفَتْح، هَذِه عَن ثعلَب، ويُحَرَّكُ،
وَهَذِه عَن ابْن الأَعْرابِيِّ: أَي مَا أُغْني عنكَ شَيْئا، مِقدارَ
تلكَ السَّحاةِ الَّتِي بشِقِّ النَّواةِ. والفَتْلَةُ: وِعاءُ حَبِّ
السَّلَمِ والسَّمُرِ خاصَّةً، وَهُوَ الَّذِي يشبِهُ قرونَ الباقِلاّ،
(30/144)
وذلكَ أَوّلَ مَا يَطلُع، وَقد أَفْتَلَ،
السَّلَمُ والسَّمُرُ. قيل: الفَتْلَةُ: حَمْلُ السَّمُرِ والعُرْفُطِ،
وَقيل: نَوْرُ العِضاهِ إِذا انْعَقَدَ، وَقد أَفْتَلَتْ: إِذا
أَخرَجَتْ الفَتْلَةَ، وَقيل: بَرَمَةُ العُرْفُطِ خاصَّةً،
ويُحَرَّكُ، رَوَاهُ أَبو حنيفَة عَن بعضِ الرُّواةِ، قَالَ: لأَنَّ
هَيادِبَها كأَنَّها قُطْنٌ، وَهِي بَيضاءُ مثلُ زِرِّ القميصِ أَو
أَشَفَّ. الفَتْلَةُ، بِالْفَتْح: واحِد الفَتْلِ، وَهُوَ مَا يكونُ
مَفتولاً من ورَقِ الشَّجَرِ، كورَقِ الطَّرْفاءِ والأَثْلِ،
ونَحوِهما. أَو هُوَ مَا ليسَ بوَرَقٍ وَلَكِن يَقومُ مَقامَهُ، عَن
أَبي حنيفَةَ. قيل: مَا لَمْ يَنْبَسِطْ من النَّباتِ لكنَّهُ يُفتَلُ
فكانَ كالهُدبِ. منَ المَجاز: الفَتَلُ، بالتَّحريكِ: انْدِماجُ فِي
مِرْفَقِ النّاقةِ وبُيونٌ عَن الجَنْبِ، وَهُوَ الوَظيفِ والفِرْسِنِ
عَيْبٌ، والنَّعْتُ مِرْفَقٌ أَفْتَلُ بَيِّنُ الفَتْلِ، وَهِي
فَتْلاءُ، وَفِي الصِّحاحِ: هُوَ مَا بينَ المِرْفَقَيْنِ عَن جَنبَي
البَعيرِ، وقَوْمٌ فُتْلُ الأَيدي، قَالَ طرَفَةُ:
(لَهَا مِرْفَقانِ أَفْتَلانِ كأَنَّما ... أُمِرَّا بسَلْمَيْ دالِجٍ
مُتَشَدِّدِ)
وناقةٌ فَتْلاء: فِي ذِراعِها بُيُونٌ عَن الجَنْبِ، أَو الفَتْلاء:
الناقةُ الثَّقيلةُ المُتَأَطِّرَةُ الرِّجلَيْن كأنّهما) فُتِلا
فَتْلاً، وَهُوَ مَجاز. الفَتّالُ كشَدّادٍ: البُلْبُل. والفَتْل:
صِياحُه وَلِهَذَا فَهُوَ مصدرٌ، قَالَه ابْن الأَعْرابِيّ، وَهُوَ
مَجاز. ويَفْتَلُ، كَيَجْعَل: د، بطُخَيْرِسْتان من أواخرِها، نَقله
الصَّاغانِيّ. منَ المَجاز: فَتَلَ فِي ذُؤابَتِه: إِذا أزالَه عَن
رَأْيِه، وَذَلِكَ إِذا خَدَعَه، وَيُقَال: جاءَ وَقد فُتِلَتْ
(30/145)
ذُؤابَتِه: أَي خُدِعَ وصُرِفَ عَن
رَأْيِه. والفَتيلَة: الذُّبالَة، وذُبالٌ مُفَتَّلٌ، كمُعَظَّمٍ:
شُدِّدَ للكثرةِ، قَالَ امرؤُ الْقَيْس: وشَحْمٍ كهُدّابِ الدِّمَقْسِ
المُفَتَّلِ منَ المَجاز أَيْضا: مَا زالَ يَفْتِلُ من فلانٍ فِي
الذِّرْوَةِ والغارِبِ، أَي يدورُ من وراءِ خَديعتِه.
وَمِنْه حديثُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ الله تَعالى عَنهُ أنّه سألَ عائشةَ
رَضِيَ الله تَعالى عَنْهَا الخروجَ إِلَى البَصرةِ فَأَبَتْ عَلَيْهِ:
فَمَا زالَ يَفْتِلُ فِي الذِّرْوَةِ والغارِبِ حَتَّى أجابَتْه، قَالَ
الصَّاغانِيّ: الفَتْلُ فيهمَا يَفْعَله خاطِمُ الصَّعْبِ من الإبلِ،
يخْتِلُه بذلك، فَجعله مثَلاً للمُخادَعةِ والإزالَةِ عَن الرَّأْي.
ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: رجلٌ مَفْتُولُ الساعِدِ، كأنّه فُتِلَ
فَتْلاً لقُوَّتِه. وفَتِلَت الناقةُ، كفَرِحَ، فَتَلاً: امَّلَسَ
جِلدُ إبِطِها فَلم يكن فِيهِ عَرَكٌ وَلَا حازٌ وَلَا خالِعٌ، وَهَذَا
إِذا اسْترخى جلدُ إبطِها وَتَبَخْبَخَ. وَأَبُو الحسنِ عليُّ بن
الحسَنِ بن ناصِرٍ، يُعرفُ بابنِ مَفْتَلة كَمَرْحَلَةٍ، عَن عمر بن
إبراهيمَ الزَّيْديّ، وَعنهُ الدَّبِيثيُّ. وَأَبُو بكرٍ مُحَمَّد بن
عَبْد الله الأصْبَهانيُّ المَفْتوليُّ، روى عَنهُ أَبُو بَكْرِ بنُ
مَرْدُوَيْه الحافظُ. وإبراهيمُ بن مَنْصُورٍ الفَتّال، الحنَفِيُّ
الدِّمشقيُّ، أَخَذَ عَن أيُّوبَ الخَلْوَتِيّ، وغيرِه، وَعنهُ أَبُو
المواهبِ الحَنبَليُّ، تُوفيَّ سنة عَن اثْنَتَيْنِ وسبعينَ سنة
بِدِمَشْق. وفتائِلُ الرُّهْبانِ: نبتٌ ورَقُه كالسَّنا، وَزَهْرُه
أَصْفَرُ.
(30/146)
وابنُ فَتيلٍ، كأميرٍ هُوَ: هِبَةُ اللهِ
بنُ مُوسَى بن الحسَنِ المَوْصِليّ المُحدِّث عَن أبي يَعْلَى
المَوْصِليِّ، وَعنهُ أَبُو جَعْفَرٍ السِّمْنانيُّ وغيرُه. وفَتيلَةُ:
لقَبُ بِشْرِ بنِ مُبَشَّرٍ الواسِطيِّ، عَن الحكَمِ بنِ فَصيل.
فتكل
الفُتَكْلِين، كدُرَخْمِينَ أهمله الجَوْهَرِيّ، وصاحبُ اللِّسان،
وَقَالَ الفَرّاءُ: هِيَ الداهِيَةُ، كالفُتَكْليم، بِالْمِيم، كَمَا
فِي العُباب. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:
فثل
رجلٌ فِثْوَلٌّ، كقِرْشَبٍّ، أهمله الجماعةُ، وَقَالَ ابنُ بَرِّي: أَي
عَيِيٌّ، فَدْمٌ، قَالَ صاحبُ اللِّسان: وَقد انفردَ بِهِ ابنُ بَرِّي،
والصوابُ أنّه بِالْقَافِ.
فجل
فَجِلَ الشيءُ يَفْجِلُ كفَرِحَ ونَصَرَ: إِذا استرخى وغَلُظَ، قَالَ
ابنُ عَبَّادٍ: وَمِنْه اشتِقاقُ الفُجْل. وفَجَّلَه تَفْجِيلاً:
عرَّضَه. والأَفْجَلُ والفَنْجَلُ، كَجَنْدَلٍ: المُتَباعِدُ مَا بَين
القدَمَيْن والساقَيْن، قَالَ الراجز: لَا هِجْرَعاً رِخْواً وَلَا
مُثَجَّلا وَلَا أصَكَّ أَو أفَجَّ فَنْجَلا قَالَ ابنُ سِيدَه: وإنّما
قَضَيْتُ على نُونِه بالزيادةِ لقولِهم: فَجَل: إِذا استرخى. والفُجلُ،
بالضَّمّ، وبضمَّتَيْن، كِلاهما عَن أبي حنيفةَ، والمَشهورُ الكسرُ على
ألسِنَةِ العامّةِ: هَذِه الأُرُومَةُ الخَبيثَةُ الجُشَاءِ،
مَعْرُوفَة،
(30/147)
واحدتُها بالهاءِ، قَالَ مُجَهِّزُ
السفينةِ يهجو رجُلاً: أَشْبَه بشيءٍ بِجُشاءِ الفُجْلِ ثِقْلاً على
ثِقْلٍ وأيّ ثِقْلِ وَهُوَ بُستانيٌّ كثيرُ الوجودِ وشاميٌّ، يُقَال:
إنّه مُرَكَّبٌ من وَضْعِ بِزرِ السَّلْجَمِ فِي الفُجْل، وَالْعَكْس،
وكلُّه جيِّد لوَجَعِ المَفاصِلِ، واليَرَقان، وعِرْقِ النَّسا،
والنِّقْرِس، ولوجَعِ الكَبِدِ الحاصلِ من البَردِ، دَخْلُه فِي تجفيفِ
الاسْتِسْقاءِ عظيمٌ، يَمْنَعُ من نَهْشِ الأفاعي والعقارِبِ خاصّةً،
حَتَّى إنّ آكِلَه لَا يَضُرُّه لَسْعُها، من المُجَرَّباتِ إنْ وُضِعَ
قِشرُه أَو ماؤُه على عَقْرَبٍ ماتَتْ، أَو وُضِعَ على جُحرِها لم
تَسْتَطع الْخُرُوج، هُوَ بعدَ الطعامِ يَهْضِمُ ويُجَشِّئُ ويُخرجُ
الرِّياحَ ويُلَيِّنُ تَلْيِيناً لطيفاً، وقبلَه يُطفِئُه، وَأقوى مَا
فِيهِ بِزرُه ثمّ قِشرُه ثمّ ورَقُه ثمّ لَحْمُه، وسَفُّ بِزرِه
يُنْعِظُ ويَزيدُ الباهَ، ويُصلِحُ بَرْدَ الكَبِدِ وفسادَ
الاسْتِمراءِ شُرْباً، ويُزيلُ البَهَقَ طِلاءً، وَمن خواصِّ الفُجْلِ
أَيْضا: أنّه يَنْفِي ويُنَقِّي الصدرَ والمَعِدَةَ، ويُبرِئُ
السُّعالَ مصلوقاً، وماؤُه يَفْتَحُ السُّدَدَ، وعُصارةُ أغصانِه
تُفَتِّتُ الحَصى بالسَّكَنْجَبين. وأكلُه يُحَسِّنُ اللونَ ويُنبِتُ
الشعرَ المُتناثِر، وَكَذَا طِلاؤُه فِي داءِ)
الثَّعْلَب، وَإِن قُوِّرَ وطُبِخَ فِيهِ دُهنُ الوردِ أزالَ الصَّممَ
قَطُوراً، وَكَذَا دُهنُ بِزرِه، وماؤُه يَجْلُو البَياضَ كُحْلاً،
وجِرْمُه لحَلِّ المادّةِ ضِماداً، وَهُوَ يضُرُّ الرأسَ والحَلقَ،
ويُصلِحُه العَسَلُ، كَذَا فِي التذْكِرَةِ للحَكيمِ داودَ الأنْطاكيّ
رَحِمَه الله تَعالى. وحَبُّ الفُجْلِ دَواءٌ آخر وَلَيْسَ هَذَا
الفُجْلَ الَّذِي هُوَ من البُقولِ، قَالَه أَبُو حنيفةَ، وَقَالَ
الحكيمُ دَاوُد: بل هُوَ نوعٌ من أنواعِ هَذَا الفُجْلِ بَرِّيٌّ
مُستَطيلٌ كثيرُ الوجودِ فِي صَعيدِ مِصر، وَمِنْه يُتَّخَذُ دُهْنُ
الفُجْلِ من بِزرِه، ويُعرفُ بالسيمعة.
(30/148)
والفَنْجَلةُ والفَنْجَلى وعَلى الأولى
اقتصرَ الجَوْهَرِيّ، وَقَالَ: مِشيَةٌ فِيهَا اسْتِرْخاءٌ كمِشيَةِ
الشيخِ، وَقَالَ صَخْرُ بنُ عُمَيْرٍ: فإنْ تَرَيْني فِي المَشيبِ
والعِلَهْ فصِرتُ أَمْشِي القَعْوَلى والفَنْجَلَهْ وَتارَة أَنْبُثُ
نَبْثَاً نَقْثَلَهْ وروايةُ ابنِ القَطّاعِ فِي الأبنيةِ، قَالَ
الراجز: قارَبْتُ أَمْشِي الفَنْجَلى والقَعْوَلَهْ والفاجِل: القامِرُ
عَن ابْن الأَعْرابِيّ، وَفِي بعضِ النّسخ: الفاجِر، وَهُوَ غلَطٌ.
وافْتَجَلَ أَمْرَاً: اخْتلقَه واخترعه، قَالَه ابنُ عَبَّادٍ. ومِمّا
يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: الفَجّالُ، ككَتّانٍ: بائعُ الفُجلِ. وشيخُ
مشايِخنا مُحَمَّد بن عبدِ الْبَاقِي بن يوسُفَ الزُّرقانيُّ يُعرفُ
بابنِ فُجْلَةَ، وَقد مرَّتْ تَرْجَمتُه فِي زرق.
فَحل
الفَحْلُ: الذَّكَرُ من كلِّ حَيَوَانٍ، ج: فُحولٌ، بالضَّمّ،
وأَفْحُلٌ كَأَفْلُسٍ، وفِحَالٍ، بالكَسْر، وفِحالَةٌ مثل الجِمالَة،
قَالَ الشاعرُ: فِحالَةٌ تُطْرَدُ عَن أَشْوَالِها وفُحولَةٌ
كصُقورَةٍ، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: أَلْحَقوا الهاءَ فيهمَا لتأنيثِ
الجمعِ. ورجلٌ فَحيلٌ: أَي فَحْلٌ، وإنّه بَيِّنُ الفُحولةِ
والفِحالَةِ والفِحَلَةِ بكسرِهما، وهنَّ مصَادر، وَقيل لجُحا: على من
فِحالَتُك قَالَ: على أمِّي وأُخَيّاتي، يُضربُ لمن قُوَّتُه على
الضَّعِيف. وَفَحَلَ إبلَه فَحْلاً كَرِيمًا، كَمَنَعَ: اختارَ لَهَا،
كافْتَحلَ، قَالَ: نَحْنُ افْتَحَلْنا فَحْلَنا لم نَأْثِلَهْ
(30/149)
فِي الصِّحاح: فَحَلَ الإبلَ: إِذا أرسلَ
فِيهَا فَحْلاً، قَالَ أَبُو محمدٍ الفَقْعَسيُّ: نَفْحَلُها البِيضَ
القَليلاتِ الطَّبَعْ مِن كلِّ عَرّاصٍ إِذا هُزَّ اهْتَزَعْ الفَحيلُ:
فَحْلُ الإبلِ، يُقَال: فَحْلٌ فَحيلٌ أَي كريمٌ مُنجِبٌ فِي ضِرابِه،
وَأنْشد الجَوْهَرِيّ لِلرَّاعِي:
(كانتْ نَجائِبُ مُنذِرٍ ومُحَرِّقٍ ... أُمَّاتِهِنَّ وَطَرْقُهُنَّ
فَحيلا)
قَالَ الأَزْهَرِيّ: أَي وَكَانَ طَرْقُهُنَّ فَحْلاً مُنجِباً،
والطَّرْق: الفَحْلُ هُنَا، قَالَ ابنُ بَرِّي: والصوابُ فِي إنشادِ
البيتِ: نَجائبَ مُنذِرٍ، بالنَّصب، وَالتَّقْدِير: كَانَت
أمَّهاتُهُنَّ نَجائبَ مُنذِرٍ، وَكَانَ طرقهُنَّ فَحْلاً. وأَفْحَلَه
فَحْلاً: أعارَه إيّاه يَضربُ فِي إبلِه. والاسْتِفحالُ: مَا يَفْعَله
أَعْلاجُ كابُلَ وجُهّالُهم، كَانُوا إِذا رأَوْا رجلا جَسيماً من
العربِ خلَّوا بَينه وَبَين نِسائِهم ليُولَدَ فيهم مِثلُه، نَقله
الليثُ. قَالَ: وَمن قَالَ: اسْتَفْحَلْنا فَحْلاً لدوابِّنا فقد
أَخْطَأ. وَكَبْشٌ فَحيلٌ: يُشبهُ فَحْلَ الإبلِ فِي نُبلِه وعِظَمِه.
منَ المَجاز: الفَحْلُ سُهَيْلٌ، هَكَذَا تُسمِّيه العربُ على التشبيهِ
لاعتِزالِه النُّجومَ، كالفَحْلِ من الإبلِ فإنّه إِذا قَرَعَ الإبلَ
اعتزَلَها، كَذَا فِي الصِّحاح، وَفِي الأساس: يُقَال: أما ترى الفَحلَ
كَيفَ يَزْهَر، يُرادُ سُهَيْلٌ، شُبِّهَ فِي اعتزالِه الكَواكبَ
بالفَحلِ إِذا اعتزلَ الشَّوْلَ بعد ضِرابِه، وَقيل: سُمِّي بِهِ
لعِظَمِه، وَقَالَ ذُو
(30/150)
الرُّمَّة:
(وَقد لاحَ للساري سُهَيْلٌ كأنّهُ ... قَريعُ هِجانٍ دُسَّ مِنْهُ
المَساعِرُ)
الفَحْلُ بنُ عَيّاشِ بن حَسّان، الَّذِي قاتَلَ يزيدَ بنِ المُهَلَّبِ
بن أبي صُفْرَةَ الأزْدِيّ، وَتَخَالَفا فِي) ضَرْبَةٍ فَقَتَل كلٌّ
مِنْهُمَا صاحبَه، هَكَذَا فِي سائرِ النّسخ، والصوابُ أنّه القَحْلُ
بِالْقَافِ، كَمَا ضَبَطَه الحافظُ فِي التبصير، وَقد ذَكَرَه
الصَّاغانِيّ فِي العُباب على الصوابِ فِي القافِ، فتنبَّه لذَلِك.
الفَحْلُ: ذَكَرُ النخلِ الَّذِي يُلقَحُ بِهِ حَوائِلُ النخلِ،
كالفُحّال، كرُمّانٍ نقلهُما ابنُ سِيدَه، واقتصرَ الليثُ على
الأخيرةِ، قَالَ ابنُ سِيدَه: وَهَذِه خاصّةٌ بالنَّخلِ أَي لَا يُقالُ
لغيرِ الذكَرِ من النخلِ فُحّالٌ، وَقَالَ أَبُو حنيفةَ عَن أبي عمروٍ:
لَا يُقَال فَحْلٌ إلاّ فِي ذُو الرُّوح، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو نصرٍ،
قَالَ أَبُو حنيفةَ: والناسُ على خِلافِ هَذَا، وجمعُه فَحاحيلُ، وأمّا
فَحْلٌ فجمعُه فُحولٌ، قَالَ أُحَيْحةُ بنُ الجُلاح: تأَبَّري يَا
خِيرَةَ الفَسيلِ تأَبَّري من حَنَذٍ فَشُولِ إذْ ضَنَّ أَهْلُ النخلِ
بالفُحولِ وَقَالَ البَطينُ التَّيْميّ:
(يُطِفْنَ بفُحَّالٍ كأنّ ضِبابَه ... بُطونُ الموَالِي يَوْمَ عِيدٍ
تغَدَّتِ)
وَفِي الأساس: فُحولُ بَني فلانٍ وفَحاحيلُهم مُبارَكة، وَهِي ذُكورُ
النخلِ.
(30/151)
وَإِذا كَانَ الفُحّالُ فِي عُلاوَةِ
الريحِ والنخلةُ فِي سُفالَتِها أَلْقَحَها. منَ المَجاز: الفَحْلُ:
الرّاوي، ج: فُحولٌ وهم الرُّواة، كَمَا فِي المُحكَم. الفَحْل: حَصيرٌ
تُنسَجُ من فُحّالِ النخلِ أَي من خُوصِه، والجمعُ فُحولٌ، وَبِه
فُسِّرَ الحديثُ: دَخَلَ على رجلٍ من الأنصارِ وَفِي ناحيةِ البيتِ
فَحْلٌ من تلكَ الفُحولِ، فَأَمَرَ بناحيةٍ مِنْهُ فَرُشَّتْ ثمّ صلَّى
عَلَيْهِ، قَالَ شَمِرٌ: سُمِّي بِهِ لأنّه يُسَوّى من سَعَفِ
الفَحْلِ، من النخيلِ، فتكلَّمَ بِهِ على التَّجَوُّز، كَمَا قَالُوا:
فلانٌ يَلْبَسُ القُطنَ والصّوفَ، وإنّما هِيَ ثيابٌ تُغزَلُ
وتُتَّخَذُ مِنْهُمَا. فَحْلٌ: ع، بِالشَّام، كَانَ بِهِ وَقائِعُ فِي
صَدْرِ الإسلامِ مَعَ الرُّوم، وَمِنْه يَوْمُ فَحْلٍ، وللذي شَهِدَه
الفَحْلِيُّ. قلتُ: الصوابُ فِيهِ فِحْل بالكَسْر، كَمَا ضَبَطَه
نَصْرٌ فِي مُعجمِه، والحافظُ فِي التبصير، وابنُ الأثيرِ فِي
النهايةِ، فَتَنَبَّهْ لذَلِك. منَ المَجاز: الفَحْلُ: لقَبُ عَلْقَمةَ
بن عَبَدَةَ الشَّاعِر، لأنّه تزوَّجَ بأمِّ جُنْدَبٍ لمّا طلَّقَها
امرؤُ القَيسِ حِين غَلَّبَتْه عَلَيْهِ فِي الشِّعرِ، كَمَا فِي
الصِّحاح والعُباب، وَقيل: سُمِّي فَحْلاً لأنّه عارَضَ امرأَ القيسِ
فِي قصيدتِه الَّتِي يقولُ فِي أوَّلِها: خَليلَيَّ مُرَّا بِي على
أمِّ جُنْدَبِ بقولِه:) ذَهَبْتَ من الهِجْرانِ فِي غَيْرِ مَذْهَبِ
وكلُّ واحدٍ مِنْهُمَا يُعارِضُ صاحبَه فِي نَعْتِ فرَسِه، ففَضُلَ
عَلْقَمةُ عَلَيْهِ. واسْتَفْحَلَت النخلةُ: صارتْ فُحّالاً، وَقَالَ
اللِّحْيانيُّ: نَخْلَةٌ مُسْتَفْحِلَةٌ: لَا تَحْمِلُ. منَ المَجاز:
اسْتَفحلَ الأمرُ: أَي تفاقَمَ واشتدَّ. وَتَفَحَّلَ: تشبَّه بالفَحْلِ
فِي الذُكورة.
(30/152)
وفِحْلان، بالكَسْر مثنى فِحْلاٍ: ع فِي
جبلِ أُحَدٍ، كَذَا نصُّ العُباب، قَالَ القَتابيُّ الكِلابيُّ:
(يَا هَلْ تَرَوْنَ بِأَعْلَى عاسِمٍ ظُعُناً ... نَكَّبْنَ فِحْلَيْنِ
واسْتَقبلْنَ ذَا بقَرِ)
وَفِي اللِّسان: الفَحْلان: جبَلانِ صغيران، قَالَ الرَّاعِي: هَل
تُؤْنِسونَ بأَعلى عاسِمٍ ظُعُناً ورَّكْنَ فَحْلَيْنِ واسْتَقبلْنَ
ذَا بقَرِ وَفِي كتابِ نصر: الفَحْلان: جبَلانِ من أَجَأَ يَشْتَبِهانِ
إِلَى الحُمرَة. قلتُ: ولعلَّ قولَه: فِي أُحُدٍ تَصْحِيف من قولِه
أَجَأ فتنبَّهْ لذَلِك. والفِحْلتان، مُثَنَّى فِحْلَة: ع. وفِحْلٌ،
بالكَسْر وبالفَتْح وككَتِفٍ: مواضعُ، أمّا فِحْل بالكَسْر فَهُوَ
مَوْضِعٌ بِالشَّام، وَقد تقدَّمت الإشارةُ إِلَيْهِ، وأمّا بالفَتْح،
فَهُوَ جبَلٌ لهُذَيْلٍ، يصبُّ مِنْهُ وَادي شَجْوَةَ، أسفلُه لقومٍ من
بَني أًميّة. وفُحولُ الشُّعَراءِ: الغالِبونَ بالهِجاءِ من هاجاهم،
مثل جَريرٍ والفَرَزْدق، وَكَانَ يُقَال لَهما: فَحْلا مُضَرَ، وَكَذَا
كلُّ من عارَضَ شَاعِرًا فُضِّلَ عَلَيْهِ، كَعَلْقمَةَ بنِ عَبَدَةَ
الَّذِي مَرَّ ذِكرُه. والفَحْلاء: ع. فِي الأساسِ وَالْمُحِيط:
المُتَفَحِّلُ من الشجَر: المُتَعَقِّر الَّذِي يصيرُ عاقِراً، لَا
يحملُ وَلَا يُثمرُ كالفَحْلِ، وَهُوَ مَجاز. منَ المَجاز: تفَحَّلَ:
تكلَّفَ الفُحولَةَ فِي اللِّباسِ والمَطعَمِ فخَشَّنَهما، وَمِنْه
حديثُ عمرَ رَضِيَ الله تَعالى عَنهُ: أنّه لمّا قَدِمَ الشامَ
تفَحَّلَ لَهُ أُمَراءُ الشَّام. أَي تكلَّفوا لَهُ الفُحولَةَ فِي
اللِّباسِ والمَطعَمِ فخَشَّنوهُما، أَي تلَقَّوْه مُتَبَذِّلينَ
مُتَزَيِّنين، مأخوذٌ من الفَحْلِ ضِدِّ الْأُنْثَى، لأنّ التَّزَيُّنَ
والتصَنُّعَ فِي الزِّيِّ من شأنِ الإناثِ والمُتَأَنِّثين، والفُحولُ
لَا يَتَزَيَّنون.
(30/153)
وامرأةٌ فَحْلَةٌ: أَي سَليطَةٌ، نَقله
الجَوْهَرِيّ. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: الفِحْلَةُ، بالكَسْر
افْتِحالُ الإنسانِ فَحْلاً لدوابِّه، وبَعيرٌ ذُو فِحْلَةٍ: يَصْلُحُ
للافْتِحال. والفَحيلُ كالفَحْل: عَن كُراع. وَقَالَ اللِّحْيانيُّ:
فَحَلَ فلَانا بَعِيرًا، وافْتَحلَه: أعطَاهُ، كَأَفْحلَه. واختُلِفَ
فِي سعيدِ بنِ الفَحْلِ والراوي عَن سالمِ بنِ عَبْد الله بن عمرَ،
فقيلَ بالفاءِ، وَقيل بِالْقَافِ.
فحجل
الفَحْجَل، كَجَعْفَرٍ، أهمله الجَوْهَرِيّ والجماعةُ، وَقَد ذَكَرَه
النُّحاةُ فِي كتُبِهم وفَسَّروه بالأَفْحَجِ، وَعِنْدِي أنّه وَهَمٌ،
وإنّما الأَفْحَجُ هُوَ الفَنْجَلُ للمُتَباعِدِ الفَخِذَيْن، لكنّهم
لمّا ذكَروه أَوْرَدْتُه تَبَعَاً لَهُم، قَالَ شَيخنَا: وصرَّحوا فِي
بعضِ الْحَوَاشِي بأنّها دَعْوَى لَا يقومُ عَلَيْهَا دَليلٌ، والحافظُ
حُجَّةٌ على غيرِه، وَلَا بِدْعَ أنْ يُسَمَّى الأَفْحَجُ فَحْجَلاً،
كَمَا ذَكرُوهُ، وفَنْجَلاً، كَمَا زَعَمَه، ثمّ رأيتُهم صرَّحوا بِهِ
فِي مُصَنَّفاتِ الصَّرفِ، قَالَ ابنُ عُصفورٍ فِي المُمْتِع: لامُ
الفَحْجَلِ زائدةٌ لأنّه بِمَعْنى الأَفْحَج، وَقَالَ الشيخُ أَبُو
حيّانٍ: اللامُ فِي الفَحْجَلِ زائدةٌ لسقوطِها فِي الأَفْحَج، قَالَ:
وكثرةُ الاستعمالِ لَا يكونُ دَلِيلا إلاّ حيثُ يَتَسَاوى حَمْلُ كلِّ
واحدٍ مِنْهُمَا على صاحبِه، كالقَلبِ، وأمّا هُنَا فسقوطُ اللامِ مَعَ
اتحادِ الْمَعْنى دليلُ الزِّيادةِ، وَلَا يُشتَرطُ فِي دليلِ التصريفِ
والاشتِقاقِ كثرةٌ وَلَا قِلَّةٌ، قَالَ شَيْخُنا: وَهُوَ كلامٌ ظاهرٌ
يُعلَمُ بِهِ مَا فِي كلامِ المُصَنِّف من القُصورِ، انْتهى. قلتُ:
ويُحتَملُ أَن يكونَ مُرَكَّباً من فَحِجَ الرجلُ: إِذا تباعَدَ مَا
بَين ساقَيْه، وفَجِلَ: إِذا غَلُظَ واسترخى، فتكونُ أصلِيَّة،
فتأمَّلْ. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:
(30/154)
فحطل
فِحْطِل، كزِبْرِجٍ: اسمُ رجلٍ، هَكَذَا وُجِدَ فِي نسخِ المُحكَم،
وأَثْبَتَه الجَوْهَرِيّ غيرُه بتقديمِ الطاءِ على الحاءِ، وَسَيَأْتِي
ذَلِك.
فَخَل
تفَخَّلَ الرجلُ، أهمله الجَوْهَرِيّ، وَقَالَ ابْن دُرَيْدٍ: إِذا
أظهرَ الوَقارَ والحِلْمَ. أَيْضا: إِذا تهيَّأَ ولَبِسَ أَحْسَنَ
ثِيابِه، كَذَا فِي العُباب واللِّسان.
فدكل
الفَداكِل، أهمله الجَوْهَرِيّ وصاحبُ اللِّسان، وَقَالَ ابنُ
عَبَّادٍ: هِيَ عِظامُ الْأُمُور، كَمَا فِي العُباب، وَلم يَذْكُرْ
لَهَا وَاحِدًا.
فَرجل
فَرْجَلَ الرجلُ فَرْجَلةً، أهمله الجَوْهَرِيّ، قَالَ أَبُو عمروٍ:
هُوَ أَن يَتَفَحَّجَ ويُسرِع، وأنشدَ: يُقَحِّمُ الفيلَ إِذا مَا
فَرْجَلا يُمِرُّ أَخْفَافاً تَهُضُّ الجَنْدَلا وَيُقَال: هُوَ
الَّذِي يُدَرْبِجُ فِي مِشْيَتِه، وَهِي مِشيَةٌ سهلة. قَالَ ابنُ
عَبَّادٍ: الفِرْجَوْل، كبِرْذَوْنٍ: الفِرْجَون، وَسَيَأْتِي فِي
النّون.
فرزل
الفِرْزِل، بالكَسْر أهمله الجَوْهَرِيّ، وَقَالَ ابنُ عَبَّادٍ: هُوَ
القَيْد. قَالَ: أَيْضا: المِقْراض، كَذَا فِي النّسخ، وَفِي العُباب:
المِفْراصُ الَّذِي يَقْطَعُ بِهِ الحَدّادُ الحديدَ. وفَرْزَلَه
فَرْزَلةً: قيَّدَه، عَن كُراع.
ورجلٌ فُرْزُلٌ، كقُنْفُذٍ: ضخمٌ، حَكَاهُ ابْن دُرَيْدٍ، وَقَالَ ابنُ
سِيدَه: لَيْسَ بثَبْتٍ.
(30/155)
ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:
فرسل
الفراسلة: نوعٌ من المَوازين، حِجازِيّة.
فرعل
الفُرْعُل، بالضَّمّ: ولَدُ الضَّبُعِ، كَمَا فِي الصِّحاح، زادَ
الأَزْهَرِيّ: من الضَّبُعِ، وَفِي المُحكَم: هُوَ ولَدُ الوَبْرِ من
ابنِ آوى، وأنشدَ ابنُ بَرِّي لأبي النَّجم: تَنْزُو بعُثْنونٍ
كَظَهْرِ الفُرْعُلِ وأنشدَ الصَّاغانِيّ للشَّنْفَرى:
(فَقَالُوا لقد هَرَّتْ بلَيلٍ كِلابُنا ... فقُلنا: أَذِئْبٌ عَسَّ أم
عَسَّ فُرْعُلُ)
وَقَوْلهمْ فِي المثَل: أَغْزَلُ من فُرْعُلٍ، هُوَ من الغَزَل
والمُراوَدة، كَمَا فِي الصِّحاح، وَقد تقدّم.
وَهِي بهاءٍ، ج: فَراعِلُ وفَراعِلَةٌ، زادوا الهاءَ لتأنيثِ الجمعِ،
وأنشدَ ابنُ بَرِّي لأبي مِهْراسٍ:
(كأنَّ نِداءَهُنَّ قُشاعُ ضَبْعٍ ... تفَقَّدَ من فَراعِلِهِ أَكيلا)
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة: يُناطُ بأَلْحَيْها فَراعِلَةٌ غُثْرُ نَقله
الصَّاغانِيّ. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: فُرْعُلٌ، بالضَّمّ: اسمُ
رجلٍ من القُدماءِ، وَبِه فُسِّر قولُهم: أَغْزَلُ من فُرْعُلٍ، كَمَا
فِي العُباب. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:
فرغل
الفَرْغَل، كَجَعْفَرٍ: اسمٌ. والفَرْغَلُ بن أحمدَ: دَفينُ أبي تِيج
بالصَّعيدِ، وَقد زُرتُه.
(30/156)
فرفل
الفُرافِلُ، كعُلابِطٍ أهمله الجَوْهَرِيّ، وصاحبُ اللِّسان، وَقَالَ
الليثُ: فُرافِلُ: سَويقُ يَنْبُوتِ عُمانَ، هَكَذَا نَقَلَه
الصَّاغانِيّ. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:
فرقل
الفَرْقِلَّةُ، بالفَتْح وكسرِ القافِ وتشديدِ اللامِ: هَذِه الَّتِي
يُرمى بهَا الحَجَر، وَهِي عامِّيَّة، ويكنونَ بِهِ أَيْضا عَن
الواغِلِ: الَّذِي يتدَخَّلُ فِي كلِّ أمرٍ.
فزل
الفَيْزَلَةُ، أهمله الجَوْهَرِيّ، وَقَالَ الأَصْمَعِيّ: هِيَ من
الأَرَضين: السريعةُ السَّيلِ إِذا أصابَها الغَيثُ. ومِمّا
يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: الفَزْلُ: الصَّلابَةُ عَن الأَصْمَعِيّ، قَالَ:
وَمِنْه أرضٌ فَيْزَلةٌ، والياءُ زائدةٌ.
فسل
الفَسْلُ: قُضبانُ الكَرْمِ للغَرْسِ، وَهُوَ مَا أُخِذَ من أمَّهاتِه
ثمّ غُرِسَ، حَكَاهُ أَبُو حنيفَة. الفَسْلُ من الرِّجال: الرَّذْلُ
الَّذِي لَا مُروءَةَ لَهُ وَلَا جَلَدَ كالمَفْسول، كَمَا فِي
الصِّحاح، ج: أَفْسُلٌ، كَأَفْلُسٍ، وفُسولٍ، بالضَّمّ، وفِسالٌ،
ككِتابٍ، قَالَ الشَّاعِر:
(إِذا مَا عُدَّ أَرْبَعةٌ فِسالٌ ... فَزَوْجُكِ خامِسٌ وأبوكِ سادي)
يُروى ذَلِك للنابغةِ الجَعدِيِّ يهجو لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةَ.
وفُسْلٌ، وَقَالُوا فُسولَةٌ فَأَثْبَتوا الجَمعَ، كَمَا قَالُوا:
بُعولَة وفُحولَة، حَكَاهُ كُراع. قَالُوا: فُسَلاءُ، بضمِّهِنَّ،
(30/157)
والأخيرةُ نادرةٌ، وكأنّهم توَهَّموا فِيهِ
فَسيلاً، ومثلُه سَمْحٌ وسُمَحاء، كأنّهم توَهَّموا فِيهِ سَمْيَحاً،
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: والأكثرُ فِيهِ فِعالٌ، وأمّا فُعولٌ فَفَرْعٌ
داخِلٌ عَلَيْهِ، أَجْرَوْه مُجْرى الأسماءِ لأنّ فِعالاً وفُعولاً
يَعْتَقِبانِ على فَعْلٍ فِي الأسماءِ كثيرا، فحُمِلتْ الصِّفةُ
عَلَيْهِ. وَقد فَسُلَ كَرُمَ وعَلِمَ، وَحكى سِيبَوَيْهٍ: فُسِلَ مِثل
عُنِيَ، قَالَ: كأَنَّه وُضِعَ ذلكَ فِيهِ، فَسالَةً وفُسولَةً
وفَسُولاً، فَهُوَ فَسْلٌ من قَومٍ أَفْسالٍ، وفُسولٍ، وفُسْلٍ،
وفُسَلاءَ.
والفسيلَةُ: النَّخْلَةُ الصغيرَةُ، ج: فَسائِلُ وفَسيلٌ، وَفِي بعضِ
النُّسخِ فُسْلٌ، وَالَّذِي فِي الكِتابِ هُوَ الصَّوابُ، وفُسْلانٌ،
بالضَّمِّ، جَمعُ الجَمعِ عَن أَبي عُبيدٍ، وَقَالَ الأَصمعِيُّ فِي
صِغارِ النَّخْلِ: أَوَّلُ)
مَا يُقلَعُ من صِغارِ النَّخْلِ هُوَ الفَسيلُ والوَدِيُّ، وَالْجمع
فَسائلُ، وَقد يُقال للواحدةِ فَسيلَةٌ. وأَفسَلَها: انْتَزَعها من
أُمِّها واغْتَرَسَها. وفُسالَةُ الحَديدِ، بالضَّمِّ: سُحالَتُه،
وَفِي المُحْكَمِ: فُسالَةُ الحديدِ ونَحوِه: مَا تناثَرَ مِنْهُ عِنْد
الضَّرْبِ إِذا طُبِعَ. والمُفَسِّلَةُ، كمُحَدِّثَةٍ: المرأَةُ
الَّتِي إِذا أُريدَ غِشْيانُها قَالَت أَنا حائضٌ لِتَرُدَّهُ،
وَمِنْه الحديثُ: لَعَنَ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم
السَوِّفَةَ والمُفَسِّلَةَ وَهِي الَّتِي تَعْتَلُّ لِزَوْجِها
بأَنَّها حائضٌ وتُسَوِّفُه، لأَنَّه مِمّا يُفَتِّرُهُ ويَكسِرُ
نَشاطَهُ، قَالَه الزَّمَخْشَرِيُّ.
والفِسْلُ، بالكَسرِ: الأَحمَقُ، عَن أَبي عَمروٍ. وَقَالَ: وفَسَلَ
الصَّبِيَّ: إِذا فطَمَهُ، كأَنَّه لُغَةٌ فِي فَصَلَه بالصَّاد. قَالَ
الليثُ: أَفْسَلَ عَلَيْهِ مَتاعَهُ، أَي أَرْذَلَه. أَفْسَلَ عَلَيْهِ
دراهِمَهُ: إِذا زَيَّفَها، وَهِي دراهِمُ فُسولٌ، وَمِنْه حديثُ
حُذَيْفَةَ: أَنَّه اشْترى ناقَةً من
(30/158)
رَجُلينِ وشَرَطَ لهُما من النَّقْدِ
رِضاهُما، فأَخرجَ لَهما كيساً فأَفْسَلا عَلَيْهِ، ثمَّ أَخرجَ كيساً
فأَفْسَلا عَلَيْهِ، أَي أَرْذَلا وزَيَّفا مِنْهَا، وأَصلُها من
الفَسْلِ، وَهُوَ الرَّديءُ الرَّذْلُ من كلِّ شيءٍ. ومِمّا يُستدرَكُ
عَلَيْهِ: فَسَّلَه تَفسيلاً: أَرْذَلَهُ وزَيَّفَهُ. والافْتِسالُ:
أَن يُقْتَلَعَ فَسيلُ النَّخْلِ ثمَّ يُغرَسَ فِي مكانٍ آخرَ.
وفُسَيْلَةُ بنتُ واثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ، كجُهَيْنَةَ: تابِعِيَّة.
وأَبو فُسَيْلَةَ: صَحابِيٌّ، قيل: هُوَ واثِلَةُ، وَقيل: غيرُه.
فسكل
الفُسْكُلُ، كقُنْفُذٍ وزِبْرِجٍ وزُنبورٍ وبِرْذَوْنٍ، أَربَعُ
لُغاتٍ، اقْتصر الجوهريُّ منهنَّ على الأُولى: الفرَسُ الَّذِي يجيءُ
فِي الحَلْبَةِ آخِرَ الخَيْلِ، وَمِنْه قيل: رَجُلٌ فِسْكِلٌ،
كزِبْرِجٍ: رَذْلٌ، قَالَ الجَوْهَرِيُّ: والعامَّةُ تَقول: فُسْكُلٌ،
قَالَ أَبو الغَوثِ: وأَوَّلُها المُجَلِّي، وَهُوَ السّابِقُ، ثمَّ
المُصَلِّي، ثمَّ المُسَلِّي، ثمَّ التَّالِي، ثمَّ العاطِفُ، ثمَّ
المُرْتاحُ، ثمَّ المُؤَمَّلُ، ثمَّ الحَظِيُّ، ثمَّ اللَّطِيمُ، ثمَّ
السُّكَّيْتُ، وَهُوَ الفِسْكِلُ والقاشورُ. رَجُلٌ فُسْكولٌ، كزُنبورٍ
وبِرْذَوْنٍ: مُتأَخِّرٌ تابِعٌ. وَقد فَسْكَلَ وفُسْكِلَ وفَسْكَلَهُ
غيرُه: أَخَّرَهُ، عَن شَمِرٍ، لازِمٌ مُتَعَدٍّ، وَمِنْه قَول عليٍّ
رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لأولادِ أَسماءَ بنتِ عُمَيْسٍ: قدْ
فَسْكَلَتْني أُمُّكُمْ، وَقَالَ الأَخطَلُ:
(أَجُمَيْعُ قد فُسْكِلْتَ عَبداً تابِعاً ... فبَقِيتَ أَنْتَ
المُفْحَمُ المَكْعومُ)
فشل
فَشِلَ، كفَرِحَ، فشَلاً فَهُوَ فَشِلٌ: كَسِلَ وضَعُفَ وتَراخَى،
وجَبُنَ، وفَزِعَ،
(30/159)
وَمِنْه الْآيَة: إذْ هَمَّتْ طائفَتانِ
مِنكُم أَنْ تَفْشَلا، وقولُه تَعَالَى: وَلَا تَنازَعوا فتَفْشَلوا
وتَذْهَبَ ريحُكُم، قَالَ الزَّجّاجُ: أَي تَجْبُنوا عَن عَدُوِّكُمْ
إِذا اخْتَلَفْتُمْ، أَخبرَ أَنَّ اخْتِلافَهُم يُضْعِفُهُم، وأَنَّ
الأُلْفَةَ تَزيدُ فِي قُوَّتِهِم. ورَجُلٌ خَشْلٌ فَشْلٌ بفَتْحِهما،
وكَكَتِفٍ: ضَعيفٌ جبانٌ، وقولُه ككتِفٍ غَلَطٌ، وأَخذَه من عبارَةِ
المُحكَمِ وإنَّما نَصُّه: رَجُلٌ خَشْلٌ فَشْلٌ، وخَسْلٌ فَسْلٌ، أَي
بالشينِ فيهمَا، وبالسِّين أَيضاً، فهما لُغتانِ، لَا أَنَّه بالفتحِ
فيهمَا وكَكَتِفٍ كَمَا ظَنَّهُ المُصَنِّفُ، فتأَمَّلْ ذَلِك، ج:
فُشْلٌ، بالضَّمِّ، وأَنشدَ:
(وَقد أَدْرَكَتني والحَوادِثُ جَمَّةٌ ... أَسِنَّةُ قَومٍ لَا ضِعافٍ
وَلَا فُشْلِ)
ويُروى وَلَا فُسْلِ، بِالسِّين المُهملَةِ، جمع فَسْلٍ. ويُجمَعُ
الفَشِلُ على أَفْشالٍ، ذكرَه الجَوْهَرِيّ.
والفِشْلُ، بالكسْرِ: سِتْرُ الهَودَجِ، عَن ابْن الأَعْرابِيِّ، أَو
شيءٌ من أَداةِ الهودَجِ تجعَلُه المرأَةُ تحتَها فِيهِ، أَي فِي
الهودَجِ، كَمَا فِي المحكَمِ، وَلَكِن نصّ الجَوْهَرِيّ يَقْتَضِي
الفتحَ، ج: فُشولٌ، بالضَّمِّ.
وَقد أَفْشَلَت المَرأَةُ فِشْلَها، هَكَذَا فِي النُّسَخِ، وَالَّذِي
فِي الْمُحكم والعباب: افْتَشَلَتْ وتَفَشَّلَتْ وفَشَّلَتْه فِشْلاً:
علَّقَت ثَوباً على الهَودَجِ، ثمَّ أَدخلَتْه فِيهِ، وشَدَّت
أَطرافَهُ إِلَى القواعِدِ، فَكَانَ ذلكَ وِقايَةً من رؤوسِ الأَحناءِ
والأَقتابِ وعُقَدِ العُصْمِ، وَهِي الحِبالُ، قَالَه ابنُ شُمَيْل.
وتَفَشَّلَ مِنْهُم: إِذا تزَوَّجَ، عَن ابنِ السِّكِّيتِ. تَفَشَّلَ
الماءُ: سالَ. والفَيْشَلَةُ، كحَيْدَرَةٍ: الحَشَفَةُ، طرفُ الذَّكَر.
قيل: رأْسُ كُلِّ مُحَوَّقٍ، قَالَ بعضُهُم: لامُها زائدَةٌ،
كزيادَتِها فِي
(30/160)
عَبْدَل وزَيدَل، وَقد يُمكنُ أَن تكونَ
فَيْشَلَة من غير لفظِ فَيْشَةٍ، فتكونُ الياءُ فِي فيشلة زَائِدَة،
ويكونُ وزنُها فَيْعَلَة، لأَنَّ زيادَةَ الياءِ ثَانِيَة أَكثرُ من
زيادَةِ اللامِ، وتكونُ الياءُ فِي فيشَةَ عَيناً، فيكونُ اللفظانِ
مُقتَرِنينِ، والأَصلانِ مختلِفَيْنِ، ونَظيرَ هَذَا قولُهُم: رَجُلٌ
ضَيّاطٌ وضيْطارٌ، وَإِلَيْهِ مالَ ابنُ جنّيّ، والفَياشِلُ جَمعُه،
ويُجمَعُ أَيضاً بحذفِ الهاءِ، وَمِنْه قولُ جريرٍ:
(مَا كانَ يُنكَرُ فِي نَدِيِّ مُجاشِعٍ ... أَكْلُ الخَزِيرِ، وَلَا
ارْتِضاعُ الفَيْشَلِ)
الفياشِلُ: شَجَرٌ. أَيضاً: ماءٌ لِبني حُصَين. أَيضاً إكامٌ حُمْرٌ
حول ذلكَ الماءِ، وَبِه سُمِّيَ، وسُمِّيَت تِلْكَ الإكامُ بالفياشِلِ،
تَشبيهاً لَهَا بالفياشِلِ الَّتِي تقدَّمَ ذِكرُها، قَالَ القَتّالُ
الكِلابِيُّ:
(فَلَا يَسْتَرِثْ أَهلُ الفياشِلِ غارَتي ... أَتَتْكُم عِتاقُ
الطَّيرِ يَحمِلْنَ أَنْسُرا)
المِفْشَلُ، كمِنبَرٍ: سِتْرُ الهَودَجِ، عَن ابْن الأَعْرابِيّ.
قَالَ: أَيضاً من يتزَوَّج فِي الغرائبِ، لئلاّ) يَخرُجَ الولَدُ
ضاوِياً ضَعِيفا. قَالَ الفرَّاءُ: التَّفْشيلُ، والتَّمْشيلُ: مَا
يبْقى فِي الضَّرْعِ من اللَّبَنِ. فَشالُ، كسَحابٍ: ة، قربَ زَبيدَ،
على مرحلَةٍ مِنْهَا ممّا يَلِي مكَّةَ شرَّفَها الله تَعَالَى.
والأُفْشُولِيَّةُ، بالضَّمِّ: ة، بواسِط، فِي غربيِّها، بَينهمَا
نَحْو ثَلَاثَة فراسِخَ، يُنسَبُ إِلَيْهَا حبَشِيُّ بنُ محمَّد بنِ
شعيبٍ أَبو الغنائمِ النَّحَوِيُّ الضَّريرُ الأُفشولِيُّ، مَاتَ فِي
سنة. وَمِمَّا يُستدرَكُ عَلَيْهِ: فَشَلَ يَفشُلُ، ككَتَبَ يكتُبُ،
وَبِه
(30/161)
قُرئَ: فَتَفْشَلوا، وفَشَلَ يَفشِلُ،
كضرَبَ يَضرِبُ، وَبِه قرأَ الْحسن البَصريّ فَتَفْشِلوا، لغتانِ
نقلَهما الصَّاغانِيّ. والفَشْلُ: الضَّعيفُ، وَمِنْه حَدِيث
الاستسْقاءِ:
(وَلَا شيءَ مِمّا يأْكُلُ النّاسُ عندَنا ... سِوى الحَنظَلِ
العامِيِّ والعِلْهِزِ الفَشْلِ)
أَي الضعيفِ آكِلُهُ ومُدَّخِرُه، كَقَوْلِه تَعَالَى: والشَّجَرَةَ
المَلعونَةَ فِي القُرآنِ، أَي آكِلوها ومَستَوجِبوها، فنُسِبَت
اللَّعنةُ إِلَى الشَّجَرَةِ، وَهِي فِي الْحَقِيقَة لغيرِها، ويُروى
بِالسِّين أَيضاً فَلَا يَحتاجُ إِلَى التَّأْويلِ. وَقَالَ ابنُ
شُمَيْلٍ: المِفْشَلَةُ: الكَبارِجَةُ. وفَنْشَلَ لِحْيَتَهُ:
نَفَّشَها. وفَشْلٌ، بالفتحِ: قريَةٌ باليمَنِ.
فصل
الْفَصْل: الحاجِزُ بينَ الشيئينِ، كَمَا فِي المُحكَمِ،
والمُصَنِّفونَ يُتَرجِمونَ بِهِ أَثناءَ الأَبوابِ، إمّا لأَنَّه نوعٌ
من المسائلِ مَفصولٌ عَن غَيرِه، أَو لأَنَّه ترجَمَةٌ فاصلَةٌ بينَه
وبينَ غَيره، فَهُوَ بِمَعْنى مَفعولٍ أَو فاعِلٍ، قَالَه شيخُنا.
الفَصْلُ: كُلُّ مُلْتَقى عَظْمَيْنِ من الجَسَدِ، كالمَفْصِلِ،
كمَجلِس.
الفَصْلُ: الحَقُّ من القَولِ، وَبِه فُسِّرَ قولُه تَعَالَى: إنَّه
لَقولٌ فَصْلٌ أَي حَقٌّ، وَقيل: فاصِلٌ قاطِعٌ.
قَالَ الليثُ: الفَصْلُ، من الجَسَدِ: مَوضِعُ المَفصِلِ، وبينَ كلِّ
فصلَينِ وصْلٌ، وأَنشدَ:
(30/162)
(وَصْلاً وفَصْلاً وتَجميعاً ومُفترقاً ...
فَتقاً ورَتْقاً وتأْلِيفاً لإنسانِ)
الفَصْلُ عِنْد البَصرِيّينَ كالعِمادِ عندَ الكُوفِيّينَ، كَقَوْلِه
تَعَالَى: إنْ كانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ من عِندِكَ فقولُهُ: هُوَ،
فَصْلٌ وعِمادٌ، ونصَبَ الحَقَّ، لأَنَّه خبرُ كانَ، ودخلَت هُوَ
للفصْلِ. الفصلُ: القضاءُ بينَ الحَقِّ والباطِلِ، كالفَيْصَلِ،
كحَيدَرٍ، هَذَا هُوَ الأَصلُ، وَقيل: الفيصَلُ: اسمُ ذَلِك القضاءِ.
الفَصْلُ: فَطْمُ المَولودِ، كالافْتِصالِ، يُقال: فصَلَ المَولودَ عَن
الرَّضاعِ، وافْتَصَلَه: إِذا فطَمَه.
والاسمُ، الفِصالُ، ككِتابٍ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: وحَمْلُهُ
وفِصالُه ثلاثونَ شَهراً المَعنى: ومَدى حَمْلِ المَرأَةِ إِلَى
مُنْتَهى الوَقْتِ الَّذِي يُفصَلُ فِيهِ الولَدُ عَن رَضاعِها ثلاثونَ
شَهراً. الفَصْلُ: الحَجْزُ بَين الشَّيئينِ إشْعاراً بانتهاءِ مَا
قبلَه، قَالَه الراغبُ، وَفِي بعض النُّسخ الحَجْرُ بالرّاءِ.)
الفصْلُ: القَطْعُ، وإبانَةُ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ عَن الآخَر، وَقَالَ
الحَرالِّي: هُوَ اقتِطاعُ بعضٍ من كُلٍّ. فَصَلَ بَينهمَا يَفصِلُ،
بالكَسرِ، فَصلاً، فِي الكُلِّ، ممّا ذُكِر. والفاصِلَةُ: الخَرَزَةُ
الَّتِي تفصِلُ بينَ الخَرَزَتينِ فِي النِّظامِ، وَقد فصَلَ
النَّظْمَ، ظاهرُه أَنَّه من حَدِّ نَصَرَ، وَالصَّحِيح وَقد فصَّلَ
بالتَّشديدِ، فإنَّ الجَوْهَرِيّ قَالَ بعدَه: وعِقدٌ مُفَصَّلٌ، أَي
جُعِلَ بينَ كُلِّ لؤلُؤَتينِ خَرَزَةٌ، وَفِي التَّهذيبِ: فَصَّلْتُ
الوِشاحَ: إِذا كانَ نَظمُه مُفَصَّلاً، بأَن يُجعَلَ بينَ كلِّ
لؤلؤَتَيْنِ مَرجانَةٌ أَو شَذَرَةٌ من لونٍ واحِدٍ. وأواخِرُ آياتِ
التَّنزيلِ العزيزِ فواصِلُ، بمَنزِلَةِ قوافي الشِّعْرِ، جَلَّ كِتابُ
الله عزَّ وجَلَّ، الواحِدَةُ فاصِلَةٌ.
(30/163)
وحُكْمٌ فاصِلٌ، وفَيْصَلٌ: أَي ماضٍ،
وحُكومَةٌ فَيْصَلٌ كَذَلِك. وطَعنَةٌ فَيْصَلٌ: تَفصِلُ بينَ
القِرنَينِ، أَي تُفَرِّقُ بينَهُما. والفَصيلُ، كأَميرٍ: حائطٌ قصيرٌ
دونَ الحِصْنِ، أَو دونَ سورِ البلَدِ. يُقَال: وَثَّقوا سورَ
المدينَةِ بكِباشٍ وفَصيلٍ. الفَصيلُ: ولَدُ النّاقَةِ إِذا فُصِلَ عَن
أُمِّه، وَقد يُقال فِي الْبَقر أَيضاً، وَمِنْه حديثُ أَصحابِ الغارِ:
فاشترَيْتُ بِهِ فَصيلاً من البقَرِ، ج: فُصْلانٌ، بالضَّمِّ
والكَسْرِ، وَهَذِه عَن الفرَّاءِ، شبَّهوهُ بغُرابٍِ وغِرْبانٍ،
يَعْنِي أَنَّ حُكمَ فَعيلٍ أَنْ يُكَسَّرَ على فُعلانَ بالضَّمِّ،
وحُكمُ فُعالٍ أَن يُكَسَّرَ على فِعْلانٍ، لكنَّهُم قد أَدخَلوا
عَلَيْهِ فَعيلاً لمُساواتِه فِي العِدَّةِ وحُروفِ اللِّينِ. مَنْ
قَالَ: فِصالٌ، ككِتابٍ، فعلى الصِّفَةِ، كقولِهِم: الحارِثُ
والعَبّاسُ. والفَصيلَةُ: أُنثاه. والفَصيلَةٌ، من الرَّجُلِ:
عَشيرَتُه ورَهطُه الأَدْنَونَ، وَبِه فُسِّرَ قولُه تَعَالَى:
وفَصيلَتِه الّتي تؤْوِيهِ، أَو أَقرَبُ آبَائِهِ إِلَيْهِ، عَن
ثعلَبٍ، وَكَانَ يُقال للعَبّاس رَضِي الله عَنهُ فَصيلَةُ النَّبيِّ
صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم وَهِي بمَنزلَةِ المَفصِلِ من القَدَمِ.
قَالَ ابنُ الأَثير: الفَصيلَةُ من أَقرَبِ عَشيرَةِ الإنسانِ،
وأَصلُها القِطْعَةُ من لَحْمِ الفَخِذِ، حَكَاهُ عَن الهرَوِيّ. قَالَ
ثعلَبٌ: الفَصيلَةُ: القِطْعَةُ من أَعضاءِ الجَسَدِ، وَهِي دونَ
القبيلةِ. وفَصَلَ من البلَدِ فُصولاً: خرجَ مِنْهُ، قَالَ أَبو
ذؤَيبٍ:
(وَشِيكَ الفُصولِ بعيدَ الغُفُو ... لِ إلاّ مُشاحاً بِهِ أَو مُشيحا)
ويُقال: فصَلَ فُلانٌ من عِنْدِي فُصولاً: إِذا خرَجَ.
(30/164)
وفَصَل منّي إِلَيْهِ كِتابٌ: إِذا نَفَذَ،
قَالَ الله عزّ وجَلَّ: ولَمّا فَصَلَتِ العِيرُ أَي خرجَت، ففصلَ
يكونُ لازِماً ووَاقِعاً، وَإِذا كانَ واقِعاً فمَصدرُهُ الفَصل،
وَإِذا كانَ لازِماً فمَصدرُه الفُصول. فَصَلَ، الكَرْمُ: خَرَجَ
حَبُّه صَغيراً، أَمثالَ البُلْسُنِ.
والفَصْلَةُ: النَّخْلَةُ المَنقولَةُ، المُحوَّلَةُ، وَقد افْتَصَلَها
عَن مَوضِعها، وَهَذِه عَن أَبي حنيفةَ. وَقَالَ هَجَرِيٌّ: خَيرُ
النَّخْلِ مَا حُوِّلَ فَسيلُه عَن مَنبِتِه، والفَسيلَةُ
المُحَوَّلَةُ تُسَمّى الفَصْلَةُ، وَهِي)
الفَصَلاتُ. والمَفاصِلُ: مَفاصِلُ الأَعضاءِ، الواحدُ مَفْصِلٌ،
كمَنزِلٍ، وَهُوَ كلُّ مُلتَقى عظمَينِ من الجَسَدِ، وَفِي حَدِيث
النَّخْعِيِّ: فِي كلِّ مَفصِلٍ من الإنسانِ ثُلُثُ دِيَةِ الإصبَعِ،
يُريدُ مَفصِلَ الأَصابِعِ، وَهُوَ مَا بينَ كُلِّ أُنْمُلَتَينِ.
والمَفاصِل: الحِجارَةُ الصُّلْبَةُ المُتراكِمَةُ، المُتراصِفَةُ.
قيل: المَفاصِلُ: مَا بينَ الجَبَلَينِ، وَقيل: هِيَ مُنْفَصَلُ
الجَبَلِ يكونُ بَينهمَا، من رَملٍ ورَضراضٍ، وحَصىً صِغارٍ، فيَرِقّ
ويَصفو ماؤُه، وَبِه فَسَّرَ الأَصمعِيُّ قولَ أَبي ذُؤَيْبٍ:
(مَطافِيلُ أَبْكارٍ حَديثٍ نِتاجُها ... يُشابُ بماءٍ مثلِ ماءِ
المَفاصِلِ)
وأَرادَ صفاءَ المَاء لانحِدارِه من الجِبالِ لَا يَمُرُّ بتَرابٍ
وَلَا بطينٍ، وَقَالَ أَبو عُبيدَةَ: مَفاصِلُ الْوَادي: المَسايِلُ،
وَقَالَ أَبو عَمروٍ: المَفاصِلُ فِي البيتِ: مَفاصِلُ العظامِ، شبَّهَ
ذلكَ الماءَ بماءِ اللَّحمِ، كَذَا فِي العبابِ، ونقلَ السُّكَّريُّ
عَن ابْن الأَعرابّيِّ مَا يقرب من ذَلِك، قَالَ: هُوَ ماءُ اللَّحمِ
الَّذِي يَقطُرُ مِنْهُ، فشَبَّهَ حُمرَةَ الخَمْرِ بذلك، وَفِي
التَّهذيب: المَفصِلُ: كلُّ مكانٍ فِي الجَبلِ لَا تَطلُعُ عَلَيْهِ
الشَّمسُ، وأَنشدَ
(30/165)
بيتَ الهُذَلِيِّ، وقالَ أَبو العَمَيْثَل:
المفاصِلُ: صُدوعٌ فِي الجِبالِ يَسيلُ مِنْهَا الماءُ، وإنَّما يُقال
لما بينَ الجبلَيْنِ الشِّعْبُ. والمِفْصَل، كمِنبَرٍ: اللِّسانُ،
قَالَ حسّانُ رَضِي الله عَنهُ:
(كِلتاهُما حَلَبُ العَصيرِ فعاطِني ... بزُجاجَةٍ أَرْخاهُما
للمِفْصَلِ)
والفَيْصَلُ، كحَيدرٍ، والفَيْصَلِيُّ، بِزِيَادَة الياءِ، وَهَذِه عَن
ابنِ عَبّّادٍ: الحاكِمُ، لِفَصْلِه بينَ الحَقِّ والباطِلِ، قَالَ
شيخُنا: وَفِي شرحِ المِفتاحِ للسيِّدِ مَا يَقتضي أَنَّه أُطْلِقَ
عَلَيْهِ مَجازاً مُبالَغَةً، وأَصلُه القَضاءُ الفاصِلُ بَين الحقِّ
والباطِلِ. رَجُلٌ فَصَّالٌ، كشَدّادٍ: مَدّاحُ النّاسِ لِيَصِلوهُ،
وَهُوَ دَخيلٌ كَمَا فِي العُبابِ. وسَمَّوا فَصْلاً، مِنْهُم فَصلُ
بنُ القاسِمِ، عَن سفيانَ عَن زُبيدٍ عَن مُرَّةَ، وَعنهُ يَعقوبُ بنُ
يَعْقُوب. وفَصيلاً، كأَميرٍ، وسيأْتي فِي آخِرِ الحَرْفِ مَن تَسَمَّى
كَذَلِك. وأَبو الفَصْلِ البَهرانِيُّ: شاعِرٌ لَهُ ذِكْرٌ، كَمَا فِي
الْعباب والتَّبصيرِ. الفُصَلُ، كزُفَرَ: واحِدٌ، أَي فَرْدٌ فِي
الأَسماء، والصَّوابُ أَنَّه بالقافِ إِجْمَاعًا، وبالفاءِ غلَطٌ
صريحٌ، وَمَا أَدري مَن ضبطَه بالفاءِ، وَهُوَ رَجُلٌ من جُهَيْنَةَ،
ابنُ عَمِّ عُمير بن جُندُبٍ، لَهُ خبرٌ وذِكْرٌ فِي كتابِ من عاشَ
بعدَ المَوتِ، كَمَا سيأْتي ذَلِك للمصنِّف فِي قصل، روَينا بالسَّنَدِ
المُتَّصِلِ عَن إسماعيلَ بنِ أَبي خالدٍ الكوفِيِّ الحفِظِ الطَّحانِ
المُتوَفّى سنة، روى عَن ابنِ أَبي أَوْفَى وأَبي جُحَيْفَةَ وقَيْسٍ،
وَعنهُ شُعبَةُ وعُبيدُ الله وخَلْقٌ، كَذَا فِي الكاشِفِ للذَّهَبيِّ،
(30/166)
وَقَالَ ابنُ حِبّان: كُنيَتُه أَبو عبد
الله، كوفِيٌّ، واسمُ أَبي خالدٍ) سَعدٌ البَجَلِيُّ، وَقيل: هُرمُزُ
مَولَى بَجيلَةَ يَروي عَن ابْن أَبي أَوفَى، وعَمرو بنِ حُرَيْثٍ،
وأَنَسِ بنِ مالِكٍ، وَكَانَ شَيخا صالِحاً، قالَ: ماتَ عُمَيْرُ بنُ
جُندُبٍ، رَجُلٌ من جُهَيْنَةَ، وَهُوَ ابنُ عَمٍّ لَهُ، قُبَيلَ
الإسلامِ، فجَهَّزوهُ بجَهازِهِ إِذْ كشَفَ القِناعَ عَن رأْسِهِ
فَقَالَ: أَينَ القُصَلُ والقُصَلُ: أَحدُ بني عَمِّه، قَالُوا: سُبحان
الله، مَرَّ آنِفاً، فَمَا حاجَتُكَ إِلَيْهِ فَقَالَ: أُتيتُ فَقيل
لي: لأُمِّكَ الهَبَلْ، أَلا تَرى إِلَى حُفرَتِكَ تُنْثَلْ، وَقد
كادَت أُمُّكَ تَثْكَلْ، أَرأَيتَ إِن حَوَّلناكَ إِلَى مُحَوَّلْ،
ثُمَّ غُيِّبَ فِي حُفرتِكَ القُصَلْ، الَّذِي مَشى فاحْزَأَلْ، يُقال:
احْزَأَلَّ البعيرُ فِي السَّيرِ: إِذا ارتفَعَ، ثمَّّ ملأناها من
الجَندَلْ، أَتَعْبُدُ رَبَّكَ وتُصَلْ، وتَترُكَ سبيلَ مَنْ أَشْرَكَ
وأَضَلْ، فقلتُ: نعمْ، قالَ: فأَفاقَ ونكَحَ النِّساءَ، ووُلِدَ لَهُ
أَولادٌ، ولَبِثَ القُصَلُ ثَلَاثًا ثمَّ ماتَ ودُفِنَ فِي قبرِ
عُمَيْرٍ. وَهَذَا الخبرُ قد رواهُ الشَّعبِيُّ بسندِهِ: أُغْمِيَ على
رَجُلٍ من جُهَينَةَ، فلمّا أَفاقَ قَالَ: مَا فعَلَ القُصَلُ وحَكاهُ
غيرُه، وَفِي السِّياقِ بعضُ اختلافٍ، وذَكَرَ المصنِّفُ هَذَا
لغرابَتِه، وَكَانَ الأَولى ذكره فِي قصل. ومِمّن تكلَّمَ بعدَ المَوتِ
زيدُ بنُ خارجةَ الأَنصارِيُّ، كَمَا فِي شروحِ المَواهِبِ والمُوَطّأ،
وكذلكَ رِبْعِيُّ بنُ حِراشٍ، وَقد ذُكِرَ فِي ربع. والمُفَصَّلُ،
كمُعَظَّمٍ، من القرآنِ: اختُلِفَ فِيهِ، فَقيل: من سورةِ الحَجراتِ
إِلَى آخرِهِ فِي الأَصحِّ من الأَقوالِ، أَو من الجاثيَةِ، أَو من
القِتالِ، أَو من قَاف، وَهَذَا عَن الإِمَام محيي الدِّين النّواويِّ،
أَو من الصّافّاتِ، أَو من الصَّفِّ، أَو من تبارَكَ، وَهَذَا يُروَى
عَن محمَّد بن إِسْمَاعِيل بنِ أَبي الصَّيْفِ اليَمانِيِّ،
(30/167)
أَو من إنَّا فتَحْنا، عَن أَحْمد بن
كُشاشِبٍ الفقيهِ الشَّافعِيِّ الدِّزْمارِيِّ، أَو من سَبِّح اسمَ
رَبِّكَ، عَن الفِرْكاحِ فَقِيه الشّامِ، أَو من الضُّحى عَن الإمامِ
أَبي سُليمانَ الخطّابيِّ رَحِمهم الله تَعَالَى، وسُمِّيَ مُفَصّلاً
لكثرَة الفصولِ بينَ سُوَرِهِ، أَو لكثرةِ الفصْلِ بَين سُوَرِهِ
بالبَسْمَلَةِ، وَقيل: لِقِصَرِ أَعدادِ سُوَرِه من الآيِ، أَو
لِقِلَّةِ المَنسوخِ فِيهِ، وَقيل غيرُ ذَلِك، وَفِي الأَساسِ:
المُفَصَّلُ: مَا يَلِي المَثانيَ من قِصار السُّوَرِ، الطِّوالِ ثمَّ
المَثاني، ثمَّ المُفَصَّل، قَالَ شيخُنا: وَقد بسطَه الجَلالُ فِي
الإتقانِ فِي الفنِّ الثّامِنَ عشَرَ مِنْهُ. وفَصلُ الخِطابِ فِي
كَلَام الله عزّ وجلَّ، قِيلَ: هُوَ كلمةُ أَمّا بعدُ، لأَنَّها تفصِلُ
بينَ الكلامَينِ، أَو هُوَ البَيِّنَةُ على المُدَّعي واليمينُ على
المُدَّعَى عَلَيْهِ، أَو هُوَ أَنْ يُفصَلَ بينَ الحَقِّ والباطِلِ،
أَو هُوَ مَا فِيهِ قطْعُ الحُكْمِ، قَالَه الرَّاغِبُ. والتَّفصيلُ:
التَّبيينُ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: آياتٍ مُفَصّلاتٍ وقولُه
تَعَالَى: وكُلَّ شيءٍ فَصَّلناهُ تَفصيلاً، وَقَوله تَعَالَى:
أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثمَّ فُصِّلَتْ، وَقيل فِي قَوْله تَعَالَى آياتٍ
مفَصَّلاتٍ، أَي بَين كلِّ اثنتينِ فَصْلٌ، تمْضِي هَذِه وتأْتي هَذِه،
بينَ كلِّ اثنتينِ مُهْلَةٌ، وقولُه تَعَالَى:) بكِتابٍ فَصَّلْناهُ
أَي بيَّنَّاهُ، وَقيل: فصَّلْنا آياتِه بالفواصِل. وفاصَلَ شريكَه
مُفاصَلَةً: بايَنَهُ.
والفاصِلَةُ الصُّغرى فِي العَروضِ، هِيَ السَّببانِ المقرونانِ،
وَهُوَ ثلاثُ مُتَحرِّكاتٍ قبلَ ساكِنٍ نَحْو ضرَبَتْ، ومُتَفا من
مُتفاعِلُنْ، وعَلَتُنْ من
(30/168)
مُفاعَلَتُنْ. والفاصلَةُ الكُبرى أَربَعُ
حركاتٍ بعدَها ساكنٌ نَحْو ضرَبَتا، وفَعَلَتُنْ، وَقَالَ الخليلُ:
الفاصِلَةُ فِي العروضِ: أَن تجتمعَ ثلاثةُ أَحرُفٍ متحَرِّكة والرّابع
ساكنٌ، قَالَ: فَإِن اجْتَمَعَتْ أَربعةُ أَحرُفٍ متحرِّكة فَهِيَ
الفاضِلَةُ بالضَّادِ مُعجَمَةً، وسيأْتي فِي فضل. والنَّفَقَةُ
الفاصِلَةُ: الَّتِي جَاءَ ذِكرُها فِي الحديثِ أَنَّها بسبعِمائةِ
ضِعفٍ، وَهُوَ قَوْله صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم: مَن أَنفَقَ نفقَةً
فاصِلَةً فِي سَبِيل الله فبسبعِمائةٍ وَفِي رِوَايَة: فلَهُ من
الأَجْرِ كّذا، تفسيرُه فِي الحديثِ: هِيَ الَّتِي تفصلُ بينَ إيمَانه
وكُفْرِه، وَقيل: يَقطَعُها من مالِه ويَفْصِلُ بينَها وبينَ مالِ
نفسِه. والفصْلُ فِي القوافي: كُلُّ تغييرٍ اخْتَصَّ بالعَروضِ ولمْ
يَجُزْ مثلُه فِي حَشْوِ البيتِ، وَهَذَا إنَّما يكونُ بإسقاطِ حَرْفٍ
مُتَحَرِّكٍ فصاعِداً، فَإِذا كَانَ كذلكَ سُمِّيَ فَصْلاً، وَإِذا
وجَبَ مثلُ هَذَا فِي العَروضِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يقَعَ مَعهَا فِي
القصيدَةِ عَروضٌ يُخالِفُها، ويَجِبُ أَن يكونَ عَروضُ أَبياتِ
القصيدَةِ كلِّها على ذلكَ المِثالِ، وبيانُ هَذَا أَنَّ كُلَّ عَروضٍ
تَثْبُتُ أَصْلاً أَو اعْتِلالاً على مَا يكونُ فِي الحَشْوِ، نَحْو
مَفاعِلُنْ عَروضِ الطَّويلِ، لأَنَّها تلزَمُ فِي الحَشْوِ، وفاعِلُنْ
فِي عَروضِ المَديدِ، وفَعِلُنْ فِي عَروضِ البسيطِ، فكلُّ عَروضٍ جازَ
أَنْ يَدْخُلَها هَذَا التَّغييرُ سُمِّيَت باسم ذلكَ التَّغيير،
وَهُوَ الفصلُ، وَمَتى لمْ يَدْخُلْها ذلكَ التَّغييرُ سُمِّيَتْ
صحيحَةً، كَمَا فِي العُبابِ. والحَكَمُ بنُ فَصيلٍ، كأَميرٍ، عَن
خالدٍ الحَذَّاءِ، وابنُه محمَّد بنُ الحَكَمِ يرْوى عَن خالدٍ
الطَّحانِ، كَذَا فِي الإكمالِ. وعَدِيُّ بنُ الفصيلِ عَن عُمَرَ بنِ
عبد العزيزِ، وَعنهُ الأَصمعِيُّ، ثِقَةٌ.
وبُحَيْرُ بنُ الفَصيلِ، هَكَذَا فِي النُّسَخِ والصّوابُ يَحيى بنُ
الفَصيلِ، وهما رَجُلانِ، أَحدُهما: العَنَزِيُّ البَصْرِيُّ الرّاوي
عَن أَبي عَمرو بنِ العَلاءِ، وعنهُ أَبو عُبيدَةَ مَعْمَرُ بنُ
المُثَنَّى
(30/169)
اللُّغَوِيُّ، والثّاني كُوفِيٌّ روى عَن
الحٍ سنّ بنِ صالِحِ بنِ حَيِّ، وَعنهُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ
الأَحْمَسِيُّ، ذكرَهُ ابنُ ماكُولا، مُحَدِّثون. وفاتَهُ: هَيّاجُ بنُ
عِمرانَ بنِ الفَصيلِ البُرْجُمِيُّ، بَصرِيٌّ حَدَّث. ومِمّا
يُستدرَكُ عَلَيْهِ: الانْفِصالُ: الانْقِطاعُ، وهوَ مُطاوِعُ فصَلَه.
وذكَرَ الزّجّاجُ أَنَّ الفاصِلَ صِفَةٌ من صِفاتِ اللهِ عزَّ وجَلَّ،
يَفصِلُ القَضاءَ بينَ الخَلْقِ. ويَوْمُ الفَصْلِ: يَوْمُ القِيامَةِ.
وَفِي صفةِ كلامِه صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم: فصلٌ لَا نَزْرٌ وَلَا
هَذْرٌ، أَي بيِّنٌ ظاهِرٌ يَفصِلُ بينَ الحَقِّ والباطِل. وفَصَّلَ
القَصَّابُ الشّاةَ تَفصيلاً: عَضّاها. والفيصَلُ: القطيعَةُ
التّامَّةُ، وَمِنْه حديثُ ابنِ عُمَرَ: كَانَت)
الفيصلَ بيني وَبَينه. وجاءُوا بفَصيلَتِهِم، أَي بأَجْمَعِهِمْ.
وفَصيلٌ من حَجَرٍ: أَي قِطْعَةٌ مِنْهُ، فَعيلٌ بِمَعْنى مَفعولٍ.
وفُصَيْلَةُ، كجُهَيْنَةَ: اسْمٌ. والفَصْل: الطّاعونُ العامّ.
والفُصولُ: واحِدُ الفَصْلِ: ربيعِيَّة، وخريفِيَّة، وصيفِيَّة،
وشتْويَّة.
فصعل
الفِصْعِلُ، أَهملَه الجَوْهَرِيُّ، وَقَالَ شَمِرٌ: هُوَ كزِبْرِجٍ،
وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيِّ: هُوَ مِثالُ قُنفُذٍ: من أَسماء
العَقْرَبِ، والفِرْضِخُ مِثلُه، وأَنشدَ: وَمَا عَسى يَبْلُغُ لَسْبُ
الفِصْعِلِ أَو الصَّغيرُ من ولَدِها، نَقله ابنُ سِيدَه.
(30/170)
وَقَالَ ابنُ برّيّ: قد يُوصَفُ بِهِ
الرَّجُلُ اللَّئيمُ الَّذِي فِيهِ شَرٌّ، وأَنشدَ:
(قامَةُ الفُصْعُلِ الضَّئيلِ وكَفٌّ ... خِنْصَراها كُذَيْنِقا
قَصّارِ)
قالَ: وَهَذَا يمكنُ أَنْ يُريدَ العقرَبَ، وَقَالَ آخَر:
(سأَلَ الوَليدَةَ هَل سقتني بَعدَما ... شَرِبَ المُرِضَّةَ فُصْعُلٌ
حَدَّ الضُّحى)
فضل
الفَضْلُ، مَعْرُوف، وَهُوَ ضِدُّ النَّقْص، ج: فُضولٌ وَفِي التوقيفِ
للمناوي: الفَضْل: ابتِداءُ إحسانٍ بِلَا عِلّةٍ، وَفِي المُفرداتِ
للراغب: الفَضْل: الزِّيادةُ على الاقتصادِ، وَذَلِكَ ضَرْبَان،
مَحْمُودٌ: كَفَضْلِ العِلمِ والحِلم، ومَذْمُوم: كَفَضْلِ الغضَبِ على
مَا يجبُ أَن يكون عَلَيْهِ، والفَضْلُ فِي المَحمودِ أكثرُ
اسْتِعْمَالا، والفُضولُ فِي المَذمومِ، والفَضْلُ إِذا استُعملَ
بزيادةِ أحَدِ الشيئَيْنِ على الآخَرِ فعلى ثلاثةِ أَضْرَابٍ: فَضْلٌ
من حيثُ الجِنْس، وَفَضْلٌ من حيثُ النَّوْع، كَفَضْلِ الإنسانِ على
غيرِه من الحيَوان، وَفَضْلٌ من حيثُ الذَّات، كَفَضْلِ رجلٍ على آخَر،
فالأوّلانِ جَوْهَرِيّان لَا سبيلَ للناقصِ مِنْهُمَا أَن يُزيلَ
نَقْصَه، وَأَن يستفيدَ الفَضْلَ كالفرَسِ وَالْحمار، لَا يُمكنُهما
اكتِسابُ فَضيلَةِ الْإِنْسَان، والثالثُ قد يكون عرَضِيّاً فيوجَدُ
السبيلُ إِلَى اكتِسابِه، وَمن هَذَا النحوِ التَّفْضيلُ المذكورُ فِي
قَوْله تَعالى: واللهُ فَضَّلَ بَعْضَكم على بعضٍ أَي فِي المَكِنَةِ
والمالِ والجاهِ والقوّةِ، وكلُّ عَطِيّةٍ لَا يَلْزَمُ إعطاؤُها لمن
تُعطى لَهُ يُقَال لَهَا فَضْلٌ، نَحْو: واسأَلوا اللهَ من فَضْلِه
وقَوْله تَعالى: ذَلِك فَضْلُ اللهِ يُؤتيهِ من يَشَاء مُتناوِلٌ
للأنواعِ الثلاثةِ من الْفَضَائِل.
انْتهى.
(30/171)
وَقد فَضِلَ، كَنَصَرَ وعَلِمَ، الأخيرةُ
حَكَاهَا ابْن السِّكِّيت، وأمّا فَضِلَ كعَلِمَ يَفْضُلُ كَيَنْصُر)
فمُرَكّبةٌ مِنْهُمَا، أَي من البابَيْنِ شاذَّةٌ لَا نَظيرَ لَهَا،
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: هَذَا عِنْد أصحابِنا إنّما يجيءُ على لُغتَيْن،
قَالَ: وَكَذَلِكَ نَعِمَ يَنْعُم، ومِتَّ تَمُوتُ، ودِمْتَ تَدُوم،
وكِدْتَ تَكُود، كَمَا فِي الصِّحاح، قَالَ شيخُنا: وَالَّذِي فِي
كتابِ الفَرْقِ لابنِ السَّيد: أنّ هَذِه اللُّغَاتِ الثلاثَ إنّما
هِيَ فِي الفَضْلِ الَّذِي يُرادُ بِهِ الزيادةِ، فأمّا الفَضْلُ
الَّذِي هُوَ بِمَعْنى الشرَفِ فَلَيْسَ فِيهِ إلاّ لغةٌ واحدةٌ، وَهِي
فَضَلَ يَفْضُلُ كَقَعَدَ يَقْعُدُ، وَمن روى قولَ الشَّاعِر: وَجَدْنا
نَهْشَلاً فَضِلَتْ فُقَيْماً بكسرِ الضادِ فقد غَلِطَ، وَلم يُفَرِّقْ
بَين المَعنيَيْن، وَقَالَ الصَّيْمَرِيُّ فِي كتابِ التَّبصِرةِ لَهُ:
فَضَلَ يَفْضُلُ كَنَصَرَ يَنْصُرُ من الفَضْلِ الَّذِي هُوَ
السُّؤْدُد، وفَضِلَ يَفْضُلُ بكسرِهما فِي الْمَاضِي وضمِّها فِي
المضارعِ من الفَضْلَةِ وَهِي بقيّةُ الشيءِ، انْتهى، وَقَالَ ابْن
السِّكِّيت عَن أبي عُبَيْدة: فَضِلَ مِنْهُ شيءٌ قليلٌ، فَإِذا
قَالُوا يَفْضُلُ ضمُّوا الضَّاد، فأعادوها إِلَى الأصلِ، وَلَيْسَ فِي
الكلامِ حرفٌ من السالمِ يُشبهُ هَذَا، قَالَ: وَزَعَمَ بعضُ
النَّحْوِيِّينَ أنّه يُقَال: حَضِرَ القاضيَ امْرَأَة ثمّ يقولونَ
يَحْضُرُ، وتحقيقُه فِي بُغيَةِ الآمالِ لأبي جَعْفَرٍ اللَّبْلِيِّ.
ورجلٌ فاضِلٌ: ذُو فَضْلٍ. وفَضّالٌ، كشَدّادٍ، ومِنْبَرٍ، ومِحْرابٍ،
ومُعَظَّمٍ: كثيرُ الفَضْلِ والمعروفِ والخيرِ والسَّماح. وَهِي
مِفْضالَةٌ ومُفْضِلَةٌ: ذاتُ فَضْلٍ سَمْحَةٌ. والفَضيلَةُ: خِلافُ
النَّقيصةِ، وَهِي الدرجَةُ الرَّفيعةُ فِي الفَضْلِ، والاسمُ من ذَلِك
الفاضِلَة، والجمعُ الفَواضِل.
(30/172)
وفَضَّلَه على غيرِه تَفْضِيلاً: مَزّاهُ
أَي أثبتَ لَهُ مَزِيّةٍ، أَي خَصْلَة تُمَيِّزُه عَن غيرِه، أَو
فَضَّلَه: حَكَمَ لَهُ بالتَّفْضيل، أَو صَيَّرَه كَذَلِك، وقَوْله
تَعالى: وفَضَّلْناهم على كثيرٍ ممّن خَلَقْنا تَفْضِيلاً قيل فِي
التَّفْسِير: إنّ فَضيلَةَ ابنِ آدَمَ أنّه يمشي قَائِما وأنّ
الدّوابَّ والإبلَ والحَميرَ وَمَا أَشْبَهها تمشي مُنْكَبَّةً، وابنُ
آدَمَ يتناولُ الطعامَ بيدَيْه وسائرُ الحيَوانِ يَتَنَاولُه بِفِيهِ.
والفِضالُ ككِتابٍ، والتَّفاضُل: التَّمازي فِي الفَضْل، وَهُوَ
التفاعُلُ من المَزِيَّة، والتَّفاضُلُ بَين القومِ: أَن يكونَ بعضُهم
أَفْضَلَ من بعضٍ. وفاضَلَني فَفَضَلْتُه أَفْضُلُه فَضْلاً: غالَبَني
فِي الفَضْلِ فَغَلَبْتُه بِهِ، وكنتُ أَفْضَلَ مِنْهُ. وَتَفَضَّلَ
عَلَيْهِ: تمَزَّى، وَمِنْه قَوْله تَعالى: يريدُ أنّ يَتَفَضَّلَ
عَلَيْكُم أَي يكونَ لَهُ الفَضْلُ عَلَيْكُم فِي القَدْرِ
والمَنزِلةِ. أَو تفَضَّلَ عَلَيْهِ: إِذا تطَوَّلَ وأحسنَ وأنالَه من
فَضْلِه، قَالَ الشَّاعِر:
(مَتى زِدْتُ تَقْصِيراً تَزِدْني تفَضُّلاً ... كأنِّي بالتَّقصيرِ
أَسْتَوْجِبُ الفَضْلا)
كَأَفْضلَ عَلَيْهِ إفْضالاً، قَالَ حَسّانُ رَضِيَ الله تَعالى
عَنهُ:)
(أولادُ جَفْنَةَ حَوْلَ قَبْرِ أَبيهمُ ... قَبْرِ ابنِ مارِيَةَ
الكَريمِ المُفْضِلِ)
أَو تفَضَّلَ الرجلُ: ادَّعى الفَضْلَ على أَقْرَانِه، وَبِه فُسِّرَ
قَوْله تَعالى: يريدُ أنّ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُم، كَمَا فِي الصِّحاح.
وأَفْضَلَ عَلَيْهِ فِي الحَسَبِ: حازَ الشرَفَ، قَالَ ذُو الإصْبَع:
(لاهِ ابنُ عَمِّكَ لَا أَفْضَلْتَ فِي حَسَبٍ ... عنّي وَلَا أَنْتَ
دَيّاني فَتَخْزوني)
الدَّيَّانُ هُنَا: الَّذِي يَلِي أَمْرَكَ ويَسُوسُكَ، وأرادَ
فَتَخْزونِيَ فَأَسْكَنَ للقافِيَةِ لأنّ القصيدةَ كلَّها مَرْدُوفةٌ.
(30/173)
أَفْضَلَ عَنهُ: إِذا زادَ، قَالَ أَوْسٌ
يصفُ قَوْسَاً:
(كَتُومٌ طِلاعُ الكَفِّ لَا دُونَ مِلْئِها ... وَلَا عَجْسُها هم
مَوْضِعِ الكَفِّ أَفْضَلا)
والفَواضِل: الأيادي الجَسيمَةُ أَو الجميلةُ وَهَذِه عَن ابْن
دُرَيْدٍ، يُقَال: فلانٌ كثيرُ الفَواضِل.
وفَواضِلُ المالِ: مَا يأتيكَ من غَلَّتِه ومَرافِقِه من رَيْعِ
ضياعِه، وأرباحِ تِجاراتِه، وألْبانِ ماشِيَتِه وأَصْوَافِها،
وَلِهَذَا قَالُوا: إِذا عَزَبَ المالُ قَلَّتْ مَرافِقُ صاحبِها
مِنْهَا، وَكَذَلِكَ الإبلُ إِذا عَزَبَتْ قَلَّ انتفاعُ رَبِّها
بدَرِّها، قَالَ الشاعرُ:
(سَأَبْغيكَ مَالا بالمدينةِ إنَّني ... أرى عازِبَ الأموالِ قَلَّتْ
فَواضِلُه)
والفَضْلَة: البقيّةُ من الشيءِ كالطعامِ وغيرِه إِذا تُرِكَ مِنْهُ
شيءٌ، وَمِنْه قولُهم لبقيّةِ الماءِ فِي الماءِ فِي المَزادَةِ،
ولبقيّةِ الشرابِ فِي الإناءِ: فَضْلَةٌ، وَمِنْه قولُ العامّةِ:
الفَضْلَةُ للفَضيل، كالفَضْلِ، بالفَتْح، والفُضالَة، بالضَّمّ، وَفِي
الحَدِيث: فَضْلُ الإزارِ فِي النَّار، هُوَ مَا يجُرُّه على الأرضِ
تكَبُّراً، وَفِي آخَر: لَا يَمْنَعُ فَضْلَ الماءِ ليَمنعَ بِهِ
الكَلأَ، أَي ليسَ لأحَدٍ أَن يَغْلِبَ على البِئرِ المُباحَةِ ويمنعَ
الناسَ مِنْهُ، حَتَّى يَحُوزُه فِي إناءٍ وَيَمْلِكَه. وَقد فَضَلَ
مِنْهُ شيءٌ، كَنَصَرَ وسَمِعَ.
قَالَ اللِّحْيانيُّ فِي نوادره: فَضِلَ مثل حَسِبَ نادرٌ. الفَضْلَةُ:
الثيابُ الَّتِي تُبْتَذَلُ للنَّوم، لأنّها فَضَلَتْ عَن ثيابِ
التَّصَرُّف. الفَضْلَةُ: الخَمْرُ، ذَكَرَه أَبُو عُبَيْدٍ فِي بابِ
أسماءِ الخَمرِ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: مَا يَلْحَقُ من الخمرِ بعدَ
القِدَم، قَالَ ابنُ سِيدَه: وإنّما سُمِّيت فَضْلَةً لأنّ صَميمَها
هُوَ الَّذِي بَقِيَ، وفَضَلَ، قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
(30/174)
(فَمَا فَضْلَةٌ من أَذْرِعاتٍ هَوَتْ بهَا
... مُذَكَّرَةٌ عَنْسٌ كهادِيَةِ الضَّحْلِ)
كالفِضالِ، ككِتابٍ، وأنشدَ الأَزْهَرِيّ:
(والشارِبونَ إِذا الذَّوارِعُ أُغْلِيَتْ ... صَفْوَ الفِضالِ بطارِفٍ
وتِلادِ)
ج: فَضَلاتٌ، مُحَرَّكَةً، وفِضالٌ، بالكَسْر، قَالَ الشَّاعِر:)
(فِي فِتْيَةٍ بُسُطِ الأَكُفِّ مَسامِحٍ ... عِنْد الفِضالِ قَديمُهم
لم يَدْثُرِ)
والفَضْلُ: جبَلٌ لهُذَيْلٍ، نَقله الصَّاغانِيّ. الفَضْلُ بنُ عبّاسٍ
بنِ عبدِ المُطَّلِبِ: ابنُ عمِّ النبيِّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم،
ورَديفُه بعَرَفَةَ: صحابيٌّ رَضِيَ الله تَعالى عَنهُ، روى عَنهُ
أَخُوهُ، وَأَبُو هُرَيْرةَ، وأرسلَ عَنهُ طائفةٌ، ماتَ بطاعونِ
عَمَواس. وفاتَه: الفَضْلُ بن ظالِمِ بنُ خُزَيْمةَ، قَالَ ابنُ
الكَلبيِّ: لَهُ وِفادَة. واسمُ جماعةٍ مُحَدِّثين، مِنْهُم: سَمِيُّه
وسَمِيُّ أَبِيه الفَضْلُ بنُ العبّاسِ الحلَبِيُّ، من شيوخِ
النَّسائيِّ، ثِقَةٌ، والفَضلُ بنُ دُكَيْنٍ، والفَضْلُ بنُ جَعْفَرٍ،
والفَضْلُ بنُ الحسنِ الضَّمْريّ، والفَضْلُ بنُ دَلْهَم القَصّاب،
والفَضْلُ بنُ سَهْل الْأَعْرَج، والفَضْلُ بنُ الصَّبَاحِ البغداديّ،
والفَضْلُ بنُ عُبَيْد اللهِ بن أبي رافِعٍ، والفَضْلُ بن عَنْبَسةَ
الواسِطيُّ، والفَضْلُ بن عِيسَى بن أَبان، والفَضْلُ بنُ الفَضْلِ
المَدَنيُّ، والفَضْلُ بنُ مُبَشِّرٍ الأنصاريُّ، والفَضْلُ بنُ
مُساوِرٍ البَصريُّ، والفَضْلُ بن مُوسَى السِّينانيُّ، والفَضْلُ بن
(30/175)
المُوَفَّق، والفَضْلُ بنُ يَزيد،
والفَضْلُ بنُ يعقوبَ البَصْريُّ، وَغير هَؤُلَاءِ. وكزُبَيْرٍ:
فُضَيْلُ بنُ عِياضِ بن مَسْعُودٍ، أَبُو عليٍّ التَّميميُّ
الخُراسانِيُّ الزاهِد، شيخُ الحرَمِ روى عَن مَنْصُورٍ وحُصَيْنٍ
وصَفْوَانَ بن سُلَيْمٍ، وَخَلْقٍ، وَعنهُ القَطّانُ وابنُ مَهْدِيّ،
ولُوَيْنٌ وَخَلْقٌ، وروى لَهُ الجماعةُ سوى ابنِ ماجَةَ، مَاتَ
بالحرَمِ فِي المُحَرَّمِ سنة وَقد جاوَزَ الثَّمانين. الفُضَيْلُ بن
عِياضٍ التّابِعِيُّ الضَّعِيف، هُوَ خَوْلانِيٌّ مَجْهُول. الفُضَيْلُ
بنُ عِياضٍ الصَّدَفِيُّ الثِّقَة، مِصريٌّ مقبولٌ، مَاتَ قبل سنة
عشرينَ وَمِائَة. الفُضَيْل: جماعةٌ من المُحدِّثين، كفُضَيْلِ بن
حُسَيْنٍ الجَحْدَرِيِّ، وفُضَيْلِ بن سُلَيْمانَ النُّمَيْريِّ، وابنِ
أبي عَبْد الله المدَنِيِّ، وابنِ عبدِ الوَهّابِ السُّكَّريّ، وابنِ
عَمْرِوٍ الفُقَيْميّ، وابنِ غَزْوَانَ الضَّبِّيّ، وابنِ فَضالَةَ
الهَوْزَنيِّ، وابنِ مَرْزُوقٍ الكُوفيِّ، وابنِ مَيْسَرةَ
العُقَيْليِّ، وَغَيرهم. فَضالَةُ، كَسَحَابَةٍ، ويُضمُّ، جماعةٌ من
المُحدِّثين، مِنْهُم: فَضالَةُ بنُ خالدٍ الجُهَنيُّ، عَن عَلْقَمةَ
المُزَنيّ، وفَضالَةُ بنُ إبراهيمَ النَّسَويُّ، عَن الليثِ،
وَفَضَالَةُ بنُ الفَضْلِ الطُّهَوِيُّ، عَن أبي بكرِ بنِ عَيّاشٍ،
وَفَضَالةُ بن أبي فَضالَة الأنصاريّ، عَن عليٍّ، وَعنهُ عبدُ الرحمنِ
بن محمدِ بن عَقيلٍ، وفَضالَةُ بنُ مُفَضَّلِ بن فَضالَةَ ابْن أبي
أُميّةَ البَصْريّ، وعَمُّه المُبارَكُ بنُ فَضالَة مُحدِّثون،
وفَضالَةُ بن عُبَيْدِ بن نافِذِ بن قَيْسٍ الأنصاريّ الأَوْسيّ أَبُو
محمدٍ: شَهِدَ بَدْرَاً والحُدَيْبِيَةَ ووَلِيَ قضاءَ دمشقَ، روى
عَنهُ أَبُو عليّ الجَنْبِيُّ، وَحَنَشٌ الصَّنْعانيّ، وَمُحَمّد بنُ
كَعْبٍ، وعِدَّةٌ، مَاتَ سنة، فَضالَةُ بن هِلالٍ المُزَنِيُّ، لَهُ
حديثٌ، ذَكَرَه أَبُو عمر بن عبدِ البَرِّ فِي الاستيعابِ، فَضالَةُ
(30/176)
بنُ هِندٍ الأسْلَميُّ، روى عَنهُ عبدُ)
الرحمنِ بنُ حَرْمَلةَ، فَضالَةُ بنُ عَبْد الله، لم أَجِدْ لَهُ
ذِكراً فِي معاجِمِ الصَّحابةِ فليُنظَرْ ذَلِك: صَحابِيُّون رَضِيَ
الله تَعالى عَنْهُم. وفاتَه فَضالَةُ بنُ عمر بنِ المُلَوَّحِ،
ذَكَرَه ابنُ هشامٍ، وفَضالَةُ بنُ دينارٍ الخُزاعيُّ لَهُ إدراكٌ، روى
لَهُ التِّرْمِذِيُّ، وفَضالَةُ الظَّفَرِيُّ، لَهُ حديثٌ عِنْد بَنيه،
وفَضالَةُ بنُ حارِثَةَ، أَخُو أَسْمَاءَ، روى لَهُ النَّسائيُّ،
وفَضالَةُ بنُ شَريك الأسَديُّ الشَّاعِر، أدركَ الجاهليّةَ، وفَضالَةُ
بن النعمانِ بن قيسٍ الأنصاريُّ، أَخُو سِماكٍ، شَهِدَ أُحُداً، قَالَه
ابنُ سَعْد، فَضالَة: رجلٌ آخرُ غيرُ مَنْسُوبٍ من مَوالي رسولِ الله
صلّى الله عَلَيْهِ وسلَّم يُقَال: إنّه ماتَ بِالشَّام. فُضَيْلةُ
كجُهَيْنَةَ: امرأةٌ، قَالَ:
(فَلَا تَذْكُرا عِندي فُضَيْلةَ إنّها ... مَتى مَا يُراجِعْ ذِكْرَها
القلبُ يَجْهَلِ)
فُضالَة، كثُمامَة، ع، قَالَ سَلْمَى بن المُقْعَدِ الهُذَليُّ:
(عَلَيْكَ ذَوِي فُضالَةَ فاتَّبِعْهُمْ ... وَذَرْني إنّ قُرْبي
غَيْرُ مُخْلي)
المِفْضَل، كَمِنْبَرٍ وَمِكْنَسَةٍ وعنُقٍ وَهَذِه عَن الفَرّاءِ:
الثوبُ تَتَفَضَّلُ فِيهِ المرأةُ ببيتِها. والتفَضُّل: التوَشُّحُ
وَأَن يُخالِفَ اللابِسُ بَين أَطْرَافِ ثَوْبَيْه على عاتِقَيْه،
هَكَذَا فِي النّسخ، وَالصَّوَاب: على عاتقِه. ورجلٌ فُضُلٌ وامرأةٌ
فُضُلٌ بضمَّتَيْن، كجُنُبٍ، كَذَلِك مُتَفَضِّل أَي فِي ثوبٍ واحدٍ،
أنشدَ ابْن الأَعْرابِيّ: يَتْبَعُها تِرْعِيَّةٌ جافٍ فُضُلْ إِن
رَتَعَتْ صَلَّى وإلاّ لم يُصَلْ وشاهِدُ الأُنثى قولُ الْأَعْشَى:
(30/177)
(ومُسْتَجيبٍ تَخالُ الصَّنْجَ يُسمِعُه
... إِذا تُرَدِّدُ فِيهِ القَيْنَةُ الفُضُلُ)
وَقَالَ الجَوْهَرِيّ: تفَضَّلَتْ المرأةُ فِي بَيْتِها: إِذا كَانَت
فِي ثوبٍ واحدٍ كالخَيْعَلِ ونحوِه، وَقَالَ غيرُه: تفَضَّلَت المرأةُ:
لَبِسَتْ ثيابَ مَهْنَتِها، وَقَالَ امرؤُ القَيس:
(فَجِئْتُ وَقد نَضَتْ لنَومٍ ثيابَها ... لَدَى السِّتْرِ إلاّ
لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ)
وَقَالَ أَيْضا:
(وتُضْحي فَتيتُ المِسكِ فوقَ فِراشِها ... نَؤومُ الضُّحى لم
تَنْتَطِقْ عَن تفَضُّلِ)
أَي ليستْ بخادمٍ تَنْتَطِقُ، وَهِي فُضُلٌ تجيءُ وَتذهب. وإنّه لحسَنُ
الفِضْلَةِ، بالكَسْر، من التفَضُّلِ فِي الثوبِ الواحدِ عَن أبي زيدٍ،
مثل الجِلْسَةِ والرِّكبَة. وفَضّالٌ، كشَدّادٍ، ابنُ جُبَيْرٍ
التابِعيُّ.) وَفَضْلان: اسمُ رجل. والفاضِلَةُ هِيَ الفاصِلَةُ
الكُبرى، هَكَذَا يُسمّيه بعضُهم، لفَضْلِ حرفٍ فِيهَا، وَقد ذُكِرَت
فِي فصل. والفُضولِيُّ، بالضَّمّ: المُشتَغِلُ بِمَا لَا يَعْنِيه،
وَقَالَ الرَّاغِب: الفُضول: جَمْعُ الفَضْلِ، وَقد استُعمِلَ الجمعُ
استعمالَ المُفردِ فِيمَا لَا خَيْرَ فِيهِ، وَلِهَذَا نُسِبَ إِلَيْهِ
على لفظِه، فَقيل: فُضولِيٌّ، لمن يَشْتَغِلُ بِمَا لَا يعنيه لأنّه
جُعِلَ عَلَمَاً على نوعٍ من الكلامِ فنُزِّلَ مَنْزِلةَ المُفرَد،
والفُضولِيُّ فِي عُرفِ الفُقَهاءِ: مَن لَيْسَ بمالكٍ وَلَا وَكيلٍ
وَلَا وَلِيٍّ، زادَ الصَّاغانِيّ: وَفَتْحُ الفاءِ مِنْهُ خطأٌ. قَالَ
ابْن الأَعْرابِيّ: الفُضولِيُّ: الخَيّاط، وَكَذَا القَرارِيُّ.
والفُضَالَى، كسُمانَى: المُتَفَضِّلون أَي المُتَطَوِّلون. ورجلٌ
مِفْضالٌ على قَوْمِه، وَهِي بهاءٍ، ذُو فَضْلٍ ومعروفٍ سَمْحٌ، وَهِي
كَذَلِك ذاتُ فَضْلٍ سَمْحَةٌ، وَقد تقدّم آنِفاً: المِفْضالُ بِمَعْنى
كثيرِ الفَضْلِ فِي صِيَغِ المُبالَغة.
(30/178)
وأَفْضَلْتُ مِنْهُ الشيءَ واسْتَفْضَلْتُ
بِمَعْنى واحدٍ، أَي تركتُ مِنْهُ وأَبْقَيْتُه، والاسمُ مِنْهُمَا
الفَضْلَة، قَالَ الشَّاعِر:
(كِلا قادِمَيْها تُفْضِلُ الكَفُّ نِصْفَه ... كجِيدِ الحَبارى
رِيشُهُ قد تزَلَّعا)
فِي الحَدِيث: شَهِدْتُ فِي دارِ عَبْد الله بن جُدْعانَ حِلْفاً لَو
دُعيتُ إِلَى مِثلِه فِي الإسلامِ لأَجَبْتُ، يَعْنِي حِلْف الفُضول،
وَهُوَ أنّ هاشِماً وزُهْرَةَ وَتَيْماً دخلُوا على عَبْد الله بن
جُدْعانَ فتحالَفوا بَينهم على دَفْعِ الظُّلمِ، وأخْذِ الحقِّ من
الظالمِ، سُمِّي بذلك لأنّهم تحالَفوا أَن لَا يتْركُوا عِنْد أحدٍ
فَضْلاً يَظْلِمُه أَحَدَاً إلاّ أَخَذُوهُ لَهُ مِنْهُ. وَقيل: سُمِّي
بِهِ تَشْبِيها بحِلفٍ كَانَ قَدِيما بمكّةَ أيّامَ جُرْهُم على
التَّناصُفِ والأخذِ للضعيفِ من القويِّ، والغَريبِ من القاطِن،
وسُمِّي حِلفَ الفُضولِ لأنّه قامَ بِهِ رِجالٌ من جُرْهُم كلُّهم
يُسمّى الفَضْل: الفَضلُ بنُ الْحَارِث، والفضلُ بنُ وداعةَ، والفَضلُ
بنُ فَضالَةَ، فَقيل: حِلفُ الفُضولِ جَمْعَاً لأسماءِ هَؤُلَاءِ،
كَمَا يُقَال: سَعْدٌ وسُعودٌ، وَهَذَا الحِلْفُ كَانَ عَقَدَه
المُطَيَّبون، وهم خَمْسُ قبائلَ، وَقد ذُكِرَ فِي حلف، وَقد أَوْسَعَ
الكلامَ فِيهِ السُّهَيليُّ فِي الرَّوض، والثَّعالِبيُّ فِي المُضافِ
والمَنسوبِ، وابنُ قُتَيْبةَ فِي المَعارِف، وغيرُهم. ومِمّا
يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: رجلٌ مَفْضُولٌ: مَغْلُوبٌ، قد فَضَلَه غيرُه،
وَمِنْه قولُهم: قد يُوجدُ فِي المَفْضولِ مَا لَا يوجدُ فِي الفاضِلِ،
وَقَالَ الشاعرُ:
(شِمالُكَ تَفْضُلُ الأَيْمانَ إلاّ ... يَمينَ أبيكَ نائِلُها
الغَزِيرُ)
أَي تَغْلِبُ.
(30/179)
والفُضلُ، بالضَّمّ وبضمتَيْن: مَصْدَرانِ
بِمَعْنى الزِّيادة، وَبِهِمَا يُروى الحديثُ: إنّ للهِ مَلَائِكَة
سَيّارَةً فُضلاً أَي زِيَادَة على الملائكةِ المُرَتَّبينَ مَعَ
الْخَلَائق. وذاتُ الفُضولِ، بالضَّمّ)
ويُفتَح: اسمُ دِرعِه صلّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وسلَّم، سُمِّيتْ
لفَضْلَةٍ كَانَت فِيهَا وَسَعَةٍ. وفُضولُ الْغَنَائِم: مَا فَضَلَ
مِنْهَا حِين تُقسَم، قَالَ ابنُ عَنَمَة:
(لكَ المِرْباعُ مِنْهَا والصَّفايا ... وحُكْمُكَ والنَّشيطَةُ
والفُضولُ)
وَقَالَ الليثُ: الفِضالُ، بالكَسْر، الثوبُ الواحدُ يَتَفَضَّلُ بِهِ
الرجلُ يَلْبَسُه فِي بَيْتِه، وأنشدَ:
(فَأَلْقِ فِضالَ الوَهْنِ مِنْهُ بوَثْبَةٍ ... حَوارِيَّةٍ قد طالَ
هَذَا التَّفَضُّلُ)
وامرأةٌ فُضُلٌ، بضمّتَيْن: مُخْتالَةٌ تُفْضِلُ من ذَيْلِها. وَقد
سمَّوْا مُفَضَّلاً، كمُعَظَّمٍ، وفَضْلُون، ومُنْيَةُ فَضالَة: قريةٌ
بمِصر. وَفِي شَرْحِ المِفتاحِ للقُطْبِ الشِّيرازيِّ: اعْلَم أنّ
فَضْلاً يُستعمَلُ فِي مَوْضِعٍ يُستبعَدُ فِيهِ الْأَدْنَى ويُرادُ
بِهِ استِحالَةُ مَا فوقَه، وَلِهَذَا يقعُ بَين كَلامَيْن مُتغايِرَي
الْمَعْنى، وأكثرُ استعمالِه ومَجيئِه بعد نَفْيٍ، انْتهى. وفاضَلَ
بَين الشيئَيْن. والأشياءُ تَتَفَاضَل. ومالُ فلانٍ فاضِلٌ: أَي كثيرٌ:
يَفْضُلُ عَن القُوت. وَفِي يدِه فَضْلُ الزِّمام: أَي طرَفُه.
واسْتَفضلَ أَلْفَاً: أَخَذَه فاضِلاً عَن حقِّه.
(30/180)
والفُضْلى، كبُشْرى: تأنيثُ الأَفْضَل.
وَالْقَاضِي الفاضِلُ عُرِفَ بِهِ أَبُو عليٍّ عبدُ الرحيمِ بن عليٍّ
بن الحسينِ بن أَحْمد بن الفرَجِ بن أَحْمد اللَّخْمِيُّ
العَسْقَلانيُّ البَيْسانِيُّ صاحبُ دَواوينِ الْإِنْشَاء، ووزيرُ
السُّلطانِ صلاحِ الدِّينِ يوسُفَ بن أيُّوبٍ، وُلِدَ سنة، سَمِعَ من
السِّلَفيِّ وابنِ عَساكِر، وتوفّيَ سنة، ودُفِنَ هُوَ والشاطِبيُّ فِي
قَبْرٍ واحدٍ بالقَرافَة. والملِكُ المُفَضَّلُ قُطْبُ الدينِ بن
العادِلِ أبي بكرٍ مُحَمَّد بن أيُّوب، لَهُ ذُرِّيَّةٌ بمِصرَ يُقَال
لَهُم: القُطْبِيَّة.
فطحل
الفِطَحْل، كهِزَبْرٍ، هَكَذَا ضَبَطَه الجَوْهَرِيّ وغيرُه، وزادَ
شُرّاحُ الفَصيحِ أنّه يُقَال بفتحتَيْنِ وسكونِ الْحَاء: دهرٌ لم
يُخلَقْ فِيهِ الناسُ بعدُ، وَفِي الصِّحاح زمَنٌ بدلَ دَهْر. أَو
زمَنُ الفِطَحْل: زمنُ نُوحٍ عَلَيْهِ السلامُ وعَلى نبيِّنا. أَو زمنٌ
كَانَت الحِجارةُ فِيهِ رِطاباً، وَهَكَذَا أجابَ بِهِ رُؤْبَةُ حِين
سُئِلَ عَنهُ، وَفِي الصِّحاح: قَالَ الجَرْمِيُّ: سَأَلْتُ أَبَا
عُبَيْدةَ عَنهُ فَقَالَ: الأعرابُ تَقول زمَنٌ كَانَت الحجارةُ فِيهِ
رَطْبَةً، انْتهى. وَقَالَ بعضُهم: زمَنُ الفِطَحْلِ إِذْ السِّلامُ
رِطابُ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: أَتَيْتُكَ عامَ الفِطَحْلِ
والهِدَمْلَةِ يَعْنِي زَمَنَ الخِصْبِ والرّيف، وأنشدَ أَبُو
عُبَيْدةَ للعَجّاجِ كَمَا فِي الصِّحاح، والصوابُ لرُؤبَةَ كَمَا فِي
العُباب، ونبَّه عَلَيْهِ أَبُو سَهلٍ الهرَوِيُّ، ويُروى أنّ رُؤْبةَ
بنَ العَجّاجِ نَزَلَ مَاء من الْمِيَاه، فأرادَ أنّ يتزوَّجَ امْرَأَة
فقالتْ لَهُ المرأةُ: مَا سِنُّكَ مَا مالُكَ مَا كَذَا فَأَنْشأَ
يَقُول: لمّا ازْدَرَتْ نَقْدِي وقَلَّتْ إبْلي تأَلَّقَتْ واتَّصلَتْ
بعُكْلِ تَسْأَلُني عَن السِّنين كَم لي فقلتُ لَو عُمِّرْتُ عُمْرَ
الحِسْلِ أَو عُمَرَ نُوحٍ زَمَنَ الفِطَحْلِ
(30/181)
والصَّخْرُ مُبْتَلٌّ كطِينِ الوَحْلِ أَو
أنَّني أُوتيتُ عِلمَ الحُكْلِ عِلْمَ سُلَيْمانَ كلامَ النَّمْلِ كنتُ
رَهينَ هَرَمٍ أَو قَتْلِ الفِطَحْلُ: السَّيْل، عَن شَمِر. أَيْضا:
التّارُّ الْعَظِيم، عَن ابنِ عَبَّادٍ. أَيْضا: الضخمُ من الإبلِ،
كسِبَحْلٍ، عَن الفَرّاءِ وشَمِر. فَطْحَلٌ، كَجَعْفَرٍ، وَعَلِيهِ
اقتصرَ الجَوْهَرِيّ، زادَ الصَّاغانِيّ فُطْحُلٌ مِثَال قُنْفُذٍ
وبُرْقُعٍ: اسْم رجل، وَأنْشد ثَعْلَب، قلتُ: وَهُوَ لجُبَيْرِ بن
الأَضْبَط:
(تَباعَدَ منّي فُطْحُلٌ إذْ سَأَلْتُه ... أَمينَ فزادَ اللهُ مَا
بَيْنَنا بُعْدا)
وَفِي الصِّحاح: إِذْ دَعَوْتُه، وبخطِّه فِي الهامشِ: إِذْ رَأَيْتُه،
ووقعَ فِي نسخِ المُحكَمِ: تَباعَدَ منّي) فُحْطُلٌ، بتقديمِ الحاءِ،
وَقد أشرْنا إِلَيْهِ.
فعل
الفِعْلُ، بالكَسْر: حَرَكَةُ الْإِنْسَان، وَقَالَ الصَّاغانِيّ: هُوَ
إحداثُ كلِّ شيءٍ من عمَلٍ أَو غيرِه، فَهُوَ أَخَصُّ من العمَل. أَو
كِنايةٌ عَن كلِّ عمَلٍ، مُتَعَدٍّ أَو غيرِ مُتعَدٍّ، كَمَا فِي
المُحكَم، وَقيل: هُوَ الهَيئَةُ العارِضَةُ للمُؤَثِّرِ فِي غيرِه
بسببِ التأثيرِ أوّلاً، كالهَيئَةِ الحاصِلَةِ للقاطِعِ بسببِ كَوْنِه
قاطِعاً، قَالَه ابنُ الكَمالِ. وَقَالَ الراغبُ: الفِعْلُ: التأثيرُ
من جهةِ مُؤَثِّرٍ، وَهُوَ عامٌّ لما كَانَ بإيجادِه أَو بغيرِه، ولمَا
كَانَ لعِلمٍ أَو بغيرِه، ولِما كَانَ بقَصدٍ أَو غيرِه، وَلما كَانَ
من الإنسانِ أَو الحيَوانِ أَو
(30/182)
الجَماد، والعمَلُ مِثلُه والصَّنْعُ
أخَصُّ مِنْهُمَا، انْتهى. وَقَالَ الحَرَالِّيُّ: الفِعْل: مَا ظَهَرَ
عَن داعِيَةٍ من المُوقِع، كَانَ عَن عِلمٍ أَو غيرِ عِلمٍ، لتَدَيُّنٍ
كَانَ أَو غيرِه، وَقَالَ الجُوَيْنيُّ: الفِعْل: مَا كَانَ فِي زمَنٍ
يَسيرٍ بِلَا تَكْرِيرٍ، والعمَل: مَا تكَرَّرَ وطالَ زمَنُه
واستَمَرَّ، ورُدَّ بِحَدِيث: مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ. والفِعلُ عِنْد
النُّحاة: مَا دَلَّ على معنى فِي نفسِه مُقتَرِنٍ بأحدِ الأزمنةِ
الثلاثةِ، وَقَالَ السَّعْدُ فِي شرحِ التَّصريف: الفِعل: بالكَسْر:
اسمٌ لكلمةٍ مَخْصُوصةٍ. وبالفَتْح مصدرُ فَعَلَ، كَمَنَعَ، وفَعَلَ
بِهِ يَفْعَلُ فَعْلاً وفِعْلاً، فالاسمُ مَكْسُورٌ والمصدرُ
مَفْتُوحٌ، وَقَالَ قومٌ: المَكسورُ هُوَ الاسمُ الحاصِلُ بالمصدرِ،
قَالَ ابنُ كَمال: وَلَكِن اشتهرَ بَين الناسِ كسرُ الفاءِ فِي
الْمصدر، قَالَ شيخُنا وَفِيه نظَرٌ، وَقيل: لَا نَظيرَ لَهُ لفَعَلَه
يَفْعَلُه فِعْلاً إلاّ سَحَرَه يَسْحَره سِحْراً، وَقد جاءَ خَدَعَ
يَخْدَعُ خَدْعَاً وخِدْعاً، وصَرَعَ يَصْرَعُ صَرْعَاً وصِرْعاً،
وَقَرَأَ بعضُهم: وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِم فِعْلَ الخَيْرات. الفَعْل:
كِنايةٌ عَن حَياءِ الناقةِ وَعَن فَرْجِ كلِّ أُنثى. الفَعال،
كسَحابٍ: اسمُ الفِعلِ الحسَنِ من الجُودِ والكرَمِ ونحوِه، قَالَه
الليثُ. الفَعال: الكرَم، قَالَ هُدْبَةُ:
(ضَرُوباً بلَحْيَيْهِ على عَظْمِ زَوْرِه ... إِذا القومُ هَشُّوا
للفَعالِ تقَنَّعا)
أَو يكون الفَعالُ فِعْلُ الواحدِ
(30/183)
خاصّةً فِي الخيرِ والشرِّ، يُقَال: فلانٌ
كريمُ الفَعال، وفلانٌ لئيمُ الفَعال، قَالَه ابْن الأَعْرابِيّ، قَالَ
الأَزْهَرِيّ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَلَا أَدْرِي لم قَصَرَ الليثُ
الفَعالَ على الحسَنِ دونَ الْقَبِيح. قَالَ المُبَرِّدُ: الفَعالُ
يكونُ فِي المَدحِ والذَّمِّ وَهُوَ مُخَلَّصٌ لفاعِلٍ واحدٍ، وَإِذا
كَانَ من فاعِلَيْنِ فَهُوَ فِعالٌ، بالكَسْر، قَالَ الأَزْهَرِيّ:
وَهَذَا هُوَ الجيِّد، قلتُ: وَهُوَ إذَن مَصْدَرُ فاعَلَ. وَهُوَ
أَيْضا جَمْعُ فِعْلٍ، كقِدْحٍ وقِداحٍ، وبِئْرٍ وبِئارٍ، كَمَا فِي
الصِّحاح. الفِعال: نِصابُ الفَأْسِ والقَدُومِ ونحوِه، كالمِطرَقةِ،
قَالَ ابنُ بَرِّي: الفَعالُ مفتوحٌ أَبَدَاً إلاّ الفِعالَ لخشبَةِ
الفَأْسِ،)
فإنّها مَكْسُورةُ الفاءِ، يُقَال: يَا بابوسُ أَوْلِجِ الفِعالَ فِي
خُرْتِ الحَدَثانِ، والحَدَثانِ: الفأسُ الَّتِي لَهَا رأسٌ واحدةٌ،
وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: الفِعال: العُودُ الَّذِي فِي خُرْتِ
الفأسِ يُعمَلُ بِهِ، وَقَالَ ابنُ مُقْبِلٍ فِي نِصابِ القَدُومِ،
وسَمّاه فَعالاً:
(وَتَهْوي إِذا العِيسُ العِتاقُ تَفاضَلَتْ ... هَوِيَّ قَدُومِ
القَيْنِ حالَ فَعالُها)
قَالَ ابنُ فارسٍ: لَا أَدْرِي كَيفَ صِحَّتُها، وَأنْشد ابْن
الأَعْرابِيّ:
(أَتَتْهُ وَهْيَ جانِحَةٌ يَداها ... جُنوحَ الهِبْرَقِيِّ على
الفَعالِ)
ج: فُعُلٌ، ككُتُبٍ. والفَعَلةُ، مُحَرَّكَةً: صفةٌ غالِبةٌ على
عمَلَةِ الطِّين والحَفْرِ ونحوِه لأنّهم يَفْعَلون، قَالَ ابْن
الأَعْرابِيّ: والنَّجّارُ يُقَال لَهُ: فاعِلٌ. قلتُ: وَقد خُصَّ بِهِ
الآنَ من يَعْمَلُ بالطِّينِ ويحفُرُ الأساسَ. الفَعِلَةُ، كفَرِحَةٍ:
العادَة. منَ المَجاز: افْتَعلَ عَلَيْهِ كَذِبَاً وزُوراً: أَي
اخْتَلقَه، قَالَ ذُو الرُّمَّة:
(غَرائِبُ قد عُرِفْنَ بكلِّ أُفْقٍ ... من الآفاقِ تُفْتَعَلُ
افْتِعالا)
وَقَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: افْتَعلَ فلانٌ
(30/184)
حَدِيثا: إِذا اخترقَه، وَأنْشد:
(ذِكْر شيءٍ يَا سُلَيْمى قد مضى ... ووُشاةٍ يَنْطِقونَ المُفْتَعَلْ)
قَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: سُئِلَ الدُّبَيْريُّ عَن جُرحِه فَقَالَ:
أَرَّقَني وجاءَ بالمُفْتَعَل، بالفَتْح، أَي على صِيغةِ اسمِ
المَفعول، أَي جاءَ بأمرٍ عَظِيم، قيل لَهُ: أَتقولُه فِي كلِّ شيءٍ
قَالَ: نَعَمْ أقولُ جاءَ مالُ فلانٍ بالمُفْتَعَل، وجاءَ
بالمُفْتَعَلِ من الخطَأِ. وَيُقَال: عذَّبَني وجَعٌ أَسْهَرني فجاءَ
بالمُفْتَعَل: إِذا عانى مِنْهُ أَلَمَاً لم يَعْهَدْ مثلَه فِيمَا مضى
لَهُ. وفَعالِ، كقَطامِ قد جاءَ بِمَعْنى افْعَلْ. وفُعالَةُ بالضَّمّ
فِي قولِ عَوْفِ بن مالكٍ:
(تَعَرَّضَ ضَيْطَارو فُعالَةَ دُونَنا ... وَمَا خَيْرُ ضَيْطَارٍ
يُقَلِّبُ مِسْطَحا)
كِنايةٌ عَن خُزاعَةَ، وَهِي قبيلةٌ معروفةٌ. ومِمّا يُسْتَدْرَك
عَلَيْهِ: الفَعال، بالفَتْح: مصدرٌ كَذَهَب ذَهَابًا، نَقله
الجَوْهَرِيّ. ويُجمعُ الفِعلُ على أَفْعَالٍ، كقِدْحٍ وأَقْدَاحٍ.
وقَوْله تَعالى: وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ أرادَ المرّةَ
الواحدةَ، كأنّه قَالَ: قَتَلْتَ النَّفسَ قَتْلَتَكَ، وقرأَ
الشَّعْبيُّ: فِعْلَتَكَ بالكَسْر، على معنى وقَتَلْتَ القِتْلَةَ
الَّتِي قد عَرَفْتَها لأنّه قَتَلَه بوَكزَةٍ، هَذَا عَن الزَّجَّاج،
قَالَ: والأوّلُ أَجْوَدُ.
(30/185)
وَكَانَت مِنْهُ فَعْلَةً حَسَنَةً أَو
قبيحةً. واشْتَقُّوا من الفَعْلِ المُثُلَ للأبنِيَةِ الَّتِي جاءَتْ
عَن العربِ مثل: فُعالَةٍ، وفُعولَةٍ، وأُفْعولَةٍ، ومِفْعِيلٍ،
وفِعْليلٍ، وفُعْلولٍ، وفِعْوَلٍّ، وفِعَّلٍ، وفُعُلٍ، وفُعْلَةٍ،
ومُفْعَنْلِلٍ،)
وفِعِّيلٍ، وفِعْيَلٍّ. وَكَنَى ابنُ جِنّي بالتَّفْعيلِ عَن تَقْطِيعِ
البيتِ الشِّعريِّ لأنّه إنّما بأجزاءٍ مادَّتُها كلُّها فعل كقَولِك:
فَعُولُنْ مَفاعِيلُنْ، وفاعِلاتُنْ فاعِلُنْ، وفاعِلاتُنْ
مُسْتَفْعِلُن، وَغير ذَلِك من ضُروبِ مُقَطَّعاتِ الشِّعر. وَيُقَال:
شِعرٌ مُفْتَعَلٌ: إِذا ابْتَدعَه قائِلُه وَلم يَحْذُه على مثالٍ
تقَدَّمَه فِيهِ مَنْ قَبْلَه، وَكَانَ يُقَال: أَعْذَبُ الأغاني مَا
افْتُعِلَ، وأَظْرَفُ الشِّعرِ مَا افْتُعِلَ. وقَوْله تَعالى: وكُنّا
فاعِلين أَي قادرينَ على مَا نريدُه. وقَوْله تَعالى: وَالَّذين هم
للزكاةِ فاعِلون أَي مُؤْتون، قَالَه الزَّجَّاج، وَقيل: مَعْنَاهُ
الَّذين هم للعمَلِ الصالحِ فاعِلون. وَتقول: إنّ الرُّشَا تَفْعَلُ
الأفاعيلَ، وتُنْسي إبراهيمَ وَإِسْمَاعِيل، الأفاعيل: جَمْعُ أُفْعول
أَو إفْعال: صِيغةٌ تَخْتَصُّ بِمَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ، قَالَه
السَّعْدُ فِي حَواشي الكَشّاف، وَهُوَ عربيٌّ، وَقيل: مُوَلَّدٌ.
وَقَالَ الرَّاغِب: وَالَّذِي من جِهةِ الفاعِلِ يُقَال لَهُ مَفْعُولٌ
ومُنْفَعِلٌ، وَقد فَصَلَ بعضُهم بَينهمَا فَقَالَ: المَفْعولُ يُقَال
إِذا اعتُبِرَ بفِعْلِ الفاعِل، والمُنْفَعِلُ إِذا اعتُبرَ قَبُولُ
الفِعلِ فِي نَفْسِه، فَهُوَ أعَمُّ من المُنْفَعِل لأنّ المُنْفَعِلَ
يُقَال لما يقصدُ الفاعِلُ إِلَى إيجادِهِ وإنْ توَلَّدَ مِنْهُ،
كحُمرَةِ اللَّونِ من خجَلٍ يَعْتَري من رُؤيةِ إنسانٍ،
(30/186)
والطَّرَبِ الحاصلِ من الغناءِ، وتحرُّكِ
العاشقِ لرُؤيَةِ مَعْشُوقِه، وَقيل: لكلِّ فِعْلٍ انْفِعالٌ إلاّ
للإبْداعِ الَّذِي هُوَ من اللهِ عزَّ وجَلَّ، فَذَلِك هُوَ إيجادٌ من
عدَمٍ لَا من مادَّةٍ وَجَوْهَرٍ، بل ذَلِك هُوَ إيجادُ الجَوْهَر.
فَعمل
الفعْمَلُ، كجَعْفَرٍ، أَهملَه الجَوْهَرِيّ وصاحبُ اللِّسان، وَقَالَ
الأَزْهَرِيّ: هُوَ الفَعْمُ أَي المُمْتلئُ، واللامُ زائدةٌ، وإنَّما
ذكرَه المُصنِّفُ هُنَا تبعا للصاغانيِّ رِعايَةً للَّفظِ، قَالَ
شيخُنا: ومالَ جماعةٌ إِلَى تصحيحِ أَصالَةِ اللامِ. قلتُ: وَهُوَ غيرُ
ظاهرٍ، والصّوابُ زِيادَتُها، وَعَلِيهِ الأَكثَر.
ففل
{الفَوْفَلُ، بالضَّمِّ والفتحِ، أَهمله الجَوْهَرِيُّ، وَفِي الْعباب:
قَالَ أَبو زِيادٍ: شجرَةُ الفَوْفَلِ: نَخْلَةٌ كنَخْلَةِ
النّارَجِيلِ تَحمِلُ كَبائسَ فِيهَا الفَوْفَلُ أَمثالَ التَّمْرِ،
وَمِنْه أَسوَدُ وَمِنْه أَحمَرُ، وَلَيْسَ من نباتِ أَرضِ العرَبِ،
وَفِي تذكرَةِ داودَ: ثَمَرٌ كالجَوْزِ الشَّامِيِّ، مُستديرٌ عَفِصٌ
قابِضٌ، يوجَدُ فِي شجَرٍ كالنّارَجيلِ، جَيِّدٌ للأَورامِ الحارَةِ
الغليظَةِ، طِلاءً، ولالتهاب العينِ، ضِمادً واكْتِحالاً، وَفِيه
خاصِّيّةٌ عظيمَةٌ لتَجْفيفِ المَنِيِّ وهَضْمِ الطَّعامِ. وَقد
سَمَّوا} فَوْفَلَةَ، وأَوردَه صَاحب اللِّسانِ بعد تركيبِ فول.
فَقل
الفَقْلُ، أَهمله الجَوْهَرِيّ، وَقَالَ النَّضْرُ فِي كتابِ
الزَّرْعِ: هُوَ التَّذْرِيَةُ، بلغَة أَهل اليَمنِ، يُقال: فَقَلوا
مَا دِيسَ من كُدْسِهِمْ، وَهُوَ رَفْعُ الدِّقِّ بالمِفْقَلَةِ،
كمِكْنَسَةٍ، وَهِي الحِفراةُ ذاتُ الأَسنانِ، ثمَّ نثْرُه، قَالَ:
والدِّقُّ مَا قد دِيسَ ولمْ يُذْرَ، قالَ: وَهَذَا الحَرفُ غريبٌ.
وأَرضٌ كثيرَةُ الفَقْلِ، أَي كثيرَةُ الرَّيْعِ. وَقد أَفْقَلَتْ
إفْقالاً: ظهرَ فِيهَا الفَقْلُ.
(30/187)
والفُقْلُ، بالضَّمِّ: سَمَكَةٌ مَسمومَةٌ
لَا تُؤْكَلُ، ولجمعُ فِقَلَةٌ، كعِنَبَةٍ، قَدُّها كإصْبَعٍ، قَالَه
الخارَزَنْجِيُّ فِي تكملَةِ العَيْنِ.
فقحل
فَقْحَلَ، أَهمله الجَوْهَرِيّ والصَّاغانِيُّ، وَقَالَ الفرَّاءُ: أَي
أَسْرَعَ الغَضَب فِي غير مَوضِعِه. وَمِنْه الفُقْحُلُ، بالضَّمِّ:
الرَّجُلُ السَّريعُ الغَضَب. وفَقْحَلٌ، كجَعْفَرٍ: حَيٌّ من بني
شَيْبانَ.
فَكل
الأَفْكَلُ، كأَحْمَدَ: الرَّعْدَةُ تَعلو الإنسانَ، تكونُ من البردِ
والخوفِ، وَلَا فِعلَ لَهُ، وَمِنْه حديثُ ابنُ سَلام: فأَخَذَنِي
أَفْكَلُ، وَفِي حديثِ ابنِ عَبّاسٍ: أَوحى الله تَعَالَى إِلَى
البَحْرِ أَن أَطِعْ مُوسى بضَرْبِه لكَ، فباتَ وَله أَفْكَلُ. وأَنشدَ
ابنُ برّيّ:
(فباتَتْ تُغَنِّي بغِرْبالِها ... غِناءً رُوَيْداً لَهُ أَفْكَلُ)
وَقَالَ الشَّنْفَرى:
(دَعَسْتُ على غَطْشٍ وبَغْشٍ وصُحْبَتي ... سُعارٌ وإرْزيزٌ ووَجْرٌ
وأَفْكَلُ)
قَالَ ابنُ فارسٍ: وَيَقُولُونَ: لَا يُبْنى مِنْهُ فِعْلٌ، وليسَ
كَذَلِك، فإنَّهم قَالُوا: هُوَ مَفْكولٌ، أَي أَصابَهُ الأَفْكَلُ.
والأَفْكَلُ: الشِّقْراقُ، لأَنَّهم يتشاءَمُونَ بِهِ، فَإِذا عَرَضَ
لَهُم كَرِهوهُ وفَزِعوا مِنْهُ وارتعدوا.
والأَفْكَلُ: الجَماعَةُ، وَقد جاءُوا بأَفْكَلِهِم، أَي بجَماعَتِهِم،
عَن ابنِ عَبّادٍ. والأَفْكَلُ: فرَسُ نَزالِ بنِ عَمروٍ المُرادِيِّ.
أَيضاً: لقَبُ الأَفْوَهِ الأَوْدِيِّ، الشّاعِرِ، لِرَعْدَةٍ كَانَت
فِيهِ. أَيْضا: أَبو بَطْنٍ، من العرَبِ،
(30/188)
وحينئذٍ لَا يَنصَرِفُ فِي المَعرِفَةِ
للتَّعريفِ ووَزْنِ الفِعْلِ، ويَنصَرِفُ فِي النَّكِرَةِ، وبَنُوهُ
يُسَمَّونَ الأَفاكِل، قَالَه ابْن دُرَيْدٍ. يُقال: عِندَهُ أَفاكِيلُ
من كَذَا: أَي أَفواجٌ مِنْهُ، عَن ابْن عَبّادٍ.
وأَخَذَتْ بِي ناقَتي أَفْكَلاً من السَّيْرِ، كَذَا فِي المُحيطِ،
وَفِي بعضِ النُّسَخِ من السَّبْقِ. قَالَ ابْن الأَعْرابِيِّ:
افْتَكَلَ فلانٌ فِي فِعلِه، واحْتَفَلَ، بمَعنىً واحِدٍ. ومِمّا
يُستدرَكُ عَلَيْهِ: أَفْكَل: مَوضِعٌ، قَالَ الأَفْوَهُ:
(تَمَنّى الحِماسُ أَن تَزورَ بلادَنا ... وتُدْرِكَ ثأْراً من رَغانا
بأَفْكَلِ)
كَمَا فِي اللِّسانِ.
فلل
{فَلَّهُ} يَفُلُّهُ {فَلاًّ،} وفَلَّلَه {تَفليلاً: ثَلَمَهُ،}
فتَفَلَّلَ {وانْفَلَّ} وافْتَلَّ، الأَخيران مُطاوِعا فَلَّهُ،
{وتَفَلَّلَ مُطاوِع} فَلَّلَه، وَلذَا قَالَ شيخُنا: فِيهِ نَخليطٌ
بالنِّسبَةِ لِقواعِدِ الصَّرْفِيِّينَ، ويُحمَلُ كلامُه على اللَّفِّ
والنشرِ المُشَوَّشِ، انْتهى، وَقَالَ بعضُ الأَغفالِ: لوْ تَنطَحُ
الكُنادِرَ العُضُّلا قَضَّتْ شؤونَ رأْسِهِ {فافْتَلاّ وَفِي حَدِيث
أُمِّ زَرْ: شَجَّكِ، أَو} فَلَّكِ، أَو جمعَ كُلاًّ لكِ، أَرادَتْ
{بالفَلِّ الكَسْرَ والضَّرْبَ، تقولُ: إنَّها مَعَه بَين شَجِّ رأْسٍ،
أَو كَسْرِ عُضْوٍ، أَو جَمْعٍ بينَهُما، وَقيل: أَرادت بالفَلِّ
الخُصُومَةَ. (و) } فَلَّ القَومَ {يَفُلُّهُم فَلاًّ: هزمَهُم}
فانْفَلُّوا {وتَفَلَّلوا، أَي انهَزَموا. وقَومٌ} فَلٌّ: مُنهزِمونَ،
يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِد والجَمعُ، قَالَ ابنُ برّيّ: وَمِنْه قولُ
الجَعدِيِّ:
(30/189)
وأُراهُ لمْ يُغادِرْ غيرَ {فَلُّ أَي}
المَفلول، وَفِي قصيدِ كَعْبٍ: أَنْ يَتْرُكَ القِرْنَ إلاّ وهوَ
{مَفلولُ أَي مَهزوم: ج:} فُلولٌ، بالضَّمِّ، {وأَفلالٌ، هَكَذَا فِي
لنُّسخ، والصّوابُ} فُلاّلٌ كرُمّانٍ، فَفِي المُحكَمِ قَالَ أَبو
الحَسَنِ: لَا يَخلو من أَن يكونَ اسْمَ جَمعٍ أَو مَصدراً، فَإِن كانَ
اسْمَ جَمعٍ فقِياسُ واحِدِه أَنْ يكونَ {فالاًّ، كشارِبٍ وشَرْبٍ،
ويكونَ} فالٌّ فاعِلاً بمَعنى مَفعولٍ، لأَنَّه هُوَ الَّذِي {فُلَّ،
بل هُوَ جَمع فالٍّ، لأَنَّ جَمعَ الجَمعِ نادِرٌ، وأَمّا فُلاّلٌ
فجَمعُ فالٍّ لَا مَحالَةَ، لأَنَّ فَعلاً لَيْسَ مِمّا يُكَسَّرُ على
فُعَّالٍ، فتأَمَّلْ. وسَيْفٌ} فَليلٌ، {ومَفلولٌ،} وأَفَلُّ،
{ومُنْفَلٌّ: أَي مُنثَلِمٌ، قَالَ عنترَةُ:
(وسيفي كالعَقيقَةِ وَهُوَ كِمْعِي ... سِلاحي لَا} أَفَلَّ وَلَا
فُطارا)
وسَيْفٌ أَفَلُّ، بيِّنُ {الفُلَلِ: ذُو} فُلولٍ. {وفُلولُهُ: ثُلَمُه،
وَهِي كَسورٌ فِي حَدِّه، واحدُها فَلٌّ، وَقد قيلَ:} الفُلولُ مَصدَر،
والأَوّلُ أَصَحُّ، قَالَ النّابغَةُ الذُّبيانِيّ: بِهِنَّ فُلولبٌ من
قِراعِ الكَتائبِ وَفِي حديثِ سيفِ الزُّبَيرِ: فِيهِ {فَلَّةٌ}
فُلَّها يومَ بَدْرٍ، {الفَلَّةُ: الثُّلْمَةُ فِي السَّيفِ.}
والفَليلُ: نابُ البعيرِ المُنكَسِرُ، وَفِي الصِّحَاح إِذا انْثَلَم.
(و) {الفَليلُ: الجَماعَةُ،} كالفَلِّ، والجمعُ فُلولٌ، قَالَ أَعشى
باهِلَةَ:
(30/190)
(فجاشَتِ النَّفْسُ لمّا جاءَ {فَلُّهُمُ
... وراكِبٌ جاءَ من تَثليثَ مُعتَمِرُ)
) أَي جماعَتُهمُ المُنهزِمون. الفَليلُ: الشَّعْرُ المُجتمعُ،}
كالفَليلَةِ، قَالَ ابنُ سِيدَه: فإمّا أَنْ يكونَ من بابِ سَلَّةٍ
وسَلٍّ، وإمّا أَنْ يكونَ من الجَمعِ الَّذِي لَا يُفارِقُ واحِدَهُ
إلاّ بالهاءِ، قَالَ الكُمَيْتُ:
(ومُطَّرِدِ الدِّماءِ وحيثُ يُلْقَى ... مِنَ الشَّعْرِ المُضَفَّرِ
{كالفَليلِ)
والجَمعُ} فَلائلُ، وأَنشدَ ابنُ بريّ لابنِ مُقبل: تَحَدَّرَ رَشْحاً
لِيتُهُ {وفَلائِلُهْ وَفِي حَدِيث معاوِيَةَ: أَنه صَعِدَ على
المِنبَرِ وَفِي يَده فَليلَةٌ وطَريدَةٌ،} الفَليلَةُ: الكُبَّةُ من
الشَّعَر، وقالَ الزَّمَخشَريُّ: وكأَنَّ المُرادَ الكُبَّةُ من
الدِّمَقْسِ. الفَليلُ: اللِّيفُ، هُذَلِيَّةٌ. {والفَلُّ: مَا ندَرَ
عَن الشيءِ كسُحالَةِ الذَّهَبِ، وبُرادَةِ الحديدِ، وشَرَرِ النّارِ،
وَفِي بعض النُّسخ وشِرارِ النّاسِ، وَهُوَ غَلَطٌ، والجَمعُ فُلولٌ.
(و) } الفَلُّ: الأَرْضُ الجَدْبَةُ، ويُكسَرُ، أَو هِيَ الَّتِي
تُمطَرُ وَلَا تُنبِتُ، عَن أَبي عُبيدَةَ، أَو مَا أَخْطأَها المَطَرُ
أَعواماً، أَو مَا لم تُمْطَرْ بينَ أَرْضَيْنِ مَمْطورَتينِ، وَهِي
الخَطيطَةُ، وَقد ردَّهُ أَبو عُبيدَةَ، وصَوَّبَ أَنَّها الَّتِي
تُمطَرُ وَلَا تُنبِتُ، وقيلَ: هِيَ الَّتِي لمْ يُصِبْها مَطَرٌ، أَو
هِيَ الأَرضُ القَفْرَةُ لاشيءَ بهَا، {وفلاةٌ مِنْهَا، والجَمعُ
كالواحِد، وَقد تُكَسَّرُ على} أَفلال، قَالَ الرَّاجِزُ: مَرْتُ
الصَّحارَى ذُو سُهوبٍ أَفلالْ! وأَفْلَلنا: وَطِئناها، وَقَالَ
الفرَّاءُ: أَفَلَّ الرَّجُلُ صارَ بأَرضٍ فَلم يُصِبْهُ مَطَرٌ
(30/191)
وأَنشدَ:
( {أَفَلَّ وأَقْوى فَهْوَ طاوٍ كأَنَّما ... يُجاوِبُ أَعلى صَوتِهِ
صَوْتُ مِعْوَلِ)
(و) } الفِلُّ، بالكَسْرِ: الأَرضُ لَا نباتَ بهَا وَلم تُمطَرْ، قَالَ
عبد الله بن رَواحَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ:
(شَهدْتُ فلَمْ أَكْذِبْ بأَنَّ مُحَمَّداً ... رسولُ الَّذِي فوقَ
السَّمواتِ مِنْ عَلُ)
(وأَنَّ أَبا يَحيى ويَحيى كِلَيْهِما ... لهُ عمَلٌ فِي دينِه
مُتَقَبَّلُ)
(وأَنَّ الّتي بالجِزْعِ مِنْ بطْنِ نَخلَةٍ ... ومَنْ دانَها {فِلٌّ
من الخَيرِ مَعْزِلُ)
أَي خالٍ من الخيرِ، ويُروى: ومَنْ دونَها، أَي الصَّنَمُ المَنصوبُ
حولَ العُزَّى.
قَالَ الصَّاغانِيُّ: وتُروى القِطعَةُ الَّتِي مِنْهَا هَذِه
الأَبياتُ لِحَسّانَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهِي موجودةٌ فِي
أَشعارِهِما. وَقَالَ أَبو صالحٍ مَسعودُ بنُ قَيْدٍ، وَاسم قَيْدٍ،
يَصِفُ إبِلا: حَرَّقَها حَمْضُ بِلادٍ فِلِّ وغَتْمُ نَجْمٍ غيرِ
مُسْتَقِلِّ فَمَا تكادُ نِيبُها تُوَلِّي)
الغَتْمُ: شِدَّةُ الحَرِّ الَّذِي يأْخُذُ بالنَّفَسِ. الفِلُّ: مَا
رَقَّ من الشَّعَرِ.} واستَفَلَّ الشيءُ: أخّذَ مِنْهُ أَدنى جُزءٍ
كعُشرِهِ. وَقيل: {الاستِفلالُ أَن يُصيبَ من المَوضِعِ العَسِرِ
شَيْئا قَلِيلا من موضعِ طلَبِ حَقٍّ أَو صِلَةٍ، فَلَا يَسْتَفِلُّ
إلاّ شَيْئا يَسِيرا.} وأَفَلَّ الرَّجُلُ، ذهبَ مالُهُ، من الأَرضِ!
الفَلِّ.
(30/192)
{وفَلَّ عَنهُ عَقلُه} يَفِلُّ: ذهبَ ثمَّ
عادَ. قَالَ أَبو عَمروٍ: {الفُلَّى، كرُبَّى: الكتيبةُ المُنهَزِمَةُ،
وكذلكَ الفُرَّى.} والفُلْفُلُ، كهُدْهُدٍ وزِبْرِجٍ، ونسبَ
الصَّاغانِيّ الكَسرَ للعامَّةِ، ومنعَه صاحِبُ المِصباحِ أَيضاً
وصَوَّبوا كلامَهُ: حَبٌّ هِندِيٌّ مَعروفٌ، وَهُوَ مُعَرَّبُ
بِلْبِلْ، بالكَسْرِ، لَا يَنبُتُ بأَرضِ العَرَبِ، وَقد كثُرَ مَجيئُه
فِي كَلَامهم. قَالَ أَبو حنيفَةَ: أَخبرَني مَنْ رأَى شجرَهُ فَقَالَ:
مثلُ شجَرِ الرُّمّانِ سَواء، زادَ داوُدُ الحَكيمُ: وأَرْفَع، وبينَ
الورَقَتينِ مِنْهُ شِمراخانِ مَنْظومانِ، والشِّمراخُ فِي طولِ
الإصبَعِ، وَهُوَ أَخضَر، فيُجْتَنى ثمَّ يُشَرُّ فِي الظِّلِّ
فيَسْوَدُّ ويَنكَمِشُ، وَله شَوكٌ كشَوكِ الرُّمّان، وَإِذا كَانَ
رَطباً رُبِّبَ بالماءِ والمِلحِ، حتّى يُدرِكَ، ثمَّ يؤْكَلُكما
تؤْكَلُ البُقولُ المُرَبَّبَة على الموائدِ فيكونُ هاضُوماً،
واحِدَتُهُ! فُلْفُلَةٌ. وَقَالَ داوُد الحكيمُ فِي التَّذْكَرَةِ:
ورقُه رَقيقٌ أَحْمَرُ مِمّا يَلِي الشَّجَرةَ، أَخضرُ من الجهةِ
الأُخرى، وعُودُه سَبْطٌ، وَهُوَ أَبيَضُ وأَسودُ، والأَبيضُ أَصلَحُ
فِي الاستعمالِ، وكلاهُما إمّا بُستانِيٌّ أَو بَرّيٌّ، وثمرتُه
عناقِيدُ كالعِنَبِ، حارٌ يابِسٌ، نافِعٌ لِقَلعِ البلغَمِ اللَّزِجِ
مَضْغاً بالزِّفْتِ، ويَجلو الصَّوتَ، ولِتسخينِ العَصَبِ والعَضلاتِ
تَسخيناً لَا يُوازيه غيرُه، ولِلمَغْصِ والنَّفْخِ، واسْتِعمالُه فِي
اللَّعوقِ لِلسُّعالِ البارِدِ وأَوجاعِ الصَّدْرِ وضِيقِ النَّفَسِ،
وينفَعُ فِي الأَكحالِ فيَجلو الظُّلْمَةَ والبَياضَ، ويُذكي ويُقَوِّي
الحِفْظَ، وَلَا شيءَ مثلُه فِي تَحمير الأَلوانِ. من المَشهورِ أَنَّ
قليلَهُ يَعْقِلُ البَطْنَ، وكثيرَه يُطلِقُ ويُجَفِّفُ الرُّطوباتِ،
ويُدِرُّ البَولَ، ويُبَدِّدُ المَنِيَّ بعدَ الجِماعِ، ويُفسِدُ
الزَّرْعَ بقُوَّةٍ، وَقد جاءَ فِي قولِ امرئِ القيسِ:
(30/193)
(تَرى بَعَرَ الصِّيرانِ فِي عَرَصاتِها
... وقِيعانِها كأَنَّه حَبُّ {فُلْفُلِ)
وَقَالَ المُرَقِّشُ الأَكبرُ، وَقيل: الأَصغَرُ:
(فكأَنَّ حَبَّةَ فُلْفُلٍ فِي جَفنِهِِ ... مَا بينَ مَضْجَعِها إِلَى
إمسائِها)
وأَمّا الدَّارَ فُلْفُلَ وَهُوَ شجَرُ} الفُلْفُلِ أَوَّلَ مَا
يُثْمِرُ، قَالَ شيخُنا: صَرَّحَ جماعَةٌ بأَنَّ شجرَ دارَ فُلْفُلَ
غيرُ شجَرِ الفُلْفُلِ، فيَزيدُ فِي الباءَةِ ويُحدِرُ الطَّعامَ، أَي
يَهضِمُه، ويُزيلُ المَغَصَ والنَّفْخَ، ويَنفَعُ من نَهشِ الهَوامِّ
طِلاءً بالدُّهْنِ. قلتُ: ويُعرَفُ الدَّارَ فُلْفُلَ بمِصْرَ بعِرْقِ
الذَّهَبِ، وبالفارسيَّةِ بُلْبُلْ دَرازْ. الفُلْفُل، كهُدْهُدٍ:
الخادِمُ الكَيِّس، زادَ منلا عليّ فِي ناموسِه: وكزِبْرِجٍ أَيْضا
مثلُ ذَلِك، بل)
هُوَ الْأَكْثَر فِي استعمالِه. قَالَ شَيْخُنا: كَذَا قَالَ وَفِيه
تأمُّلٌ. الفُلْفُل: اللِّيف. فُلْفُلٌ: اسمُ رجلٍ. {وَتَفَلْفَلَ
الرجلُ: قارَبَ بَين الخُطا وتبَخْتَر، وَبِه فُسِّرَ الحديثُ عَن أبي
عبدِ الرحمنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: خَرَجَ علينا عليٌّ، رَضِي الله
تَعالى عَنهُ، وَهُوَ} يَتَفَلْفَلُ. وَكَانَ كَيِّسَ الفِعلِ، وروى:
يَتَقَلْقَل، وروى عَبْدُ خَيرٍ: أنّه خرجَ وَهُوَ يَتَفَلْفَلُ
فسألْتُه عَن الوِترِ، فَقَالَ: نِعْمَ سَاعَة الوِترِ هَذِه، هَكَذَا
فسَّره النَّضْرُ.
قَالَ ابْن الأَعْرابِيّ: {تَفَلَفَلَ شاصَ فاهُ بالسِّواكِ، وَبِه
فُسِّرَ الحديثُ، وفسَّره النَّضرُ أَيْضا هَكَذَا.
ونقلَ ابنُ الأثيرِ عَن الخَطّابيِّ يُقَال: جاءَ فلانٌ}
مُتَفَلْفِلاً، إِذا جاءَ والمِسْواكُ فِي فيهِ يَشُوصُه.
(30/194)
وَقَالَ القُتَيْبيُّ: لَا أعرفُ
يَتَفَلْفَلُ بِمَعْنى يَسْتَاك، قَالَ: ولعلَّه يَتَتَفَّل لأنّ مَن
استاكَ تَفَلَ، {كَفَلْفَلَ فيهمَا، عَن النَّضْر. تَفَلْفَلَ:
قادِمَتا الضَّرع إِذا اسْوَدَّتْ حَلَمَتاهُما، ووُجِدَ فِي بعضِ نسخِ
الصِّحاح: حَلَمَتاها قَالَ ابنُ مُقبِلٍ يصفُ نَاقَة:
(فمَرَّتْ على أَظْرَابِ هِرٍّ عَشِيَّةً ... لَهَا تَوْأَبانِيّانِ
لم} يَتَفَلفَلا)
التَّوْأَبانِيّان: قادِمتا الضَّرْع. قَالَ ابنُ شُمَيْلٍ:
{الفِلِّيَّة، بالكَسْر كالعِلِّيَّة: الأرضُ الَّتِي لم يُصبْها مطَرُ
عامِها حَتَّى يُصيبَها المطرُ من العامِ القابِل، ج:} الفَلالِيُّ.
وثوبٌ {مُفَلْفَلٌ، بالفَتْح، أَي على صيغةِ المَفعول: مُوَشَّى،
داراتُ وَشْيِه كصعاريرِ الفُلْفُل، أَي تحكي استدارَتَه وصِغَرَه.
وشَرابٌ مُفَلْفَلٌ: يَلْذَعُ لَذْعَةً، قَالَ:
(كأنَّ مَكاكِيَّ الجِواءِ غُدَيَّةً ... صُبِحْنَ سُلافاً من رَحيقٍ
مُفَلْفَلِ)
ذَكَّرَ على إرادةِ الشَّرَاب. وَقيل: خَمْرٌ مُفَلْفَلٌ أُلقيَ فِيهِ
الفُلْفُلُ فَهُوَ يَحْذِي اللِّسان وطعامٌ مُفَلْفلٌ كَذَلِك.
وَشَعَرٌ مُفَلْفلٌ: شديدُ الجُعودةِ. كَشَعَرِ الأَسْوَد. وأَديمٌ
مُفَلْفلٌ: نَهَكَه الدِّباغُ فَظَهَرَ فِيهِ مِثل الفُلْفُل.}
والأَفَلُّ: سَيْفُ عَدِيٍّ بن حاتِمٍ، الطائِيّ، رَضِيَ الله تَعالى
عَنهُ، وَفِيه يَقُول:
(إنّي لأَبْذُلُ طارِفي وتِلادي ... إلاّ {الأفَلَّ وشِكَّتي
والجَرْوَلا)
} وفِلفِلان، بالكَسْر: ة بأَصْبَهان، مِنْهَا: أَبُو يَعْقُوب إسحاقُ
بنُ إِسْمَاعِيل بنِ السَّكَن، عَن إسحاقَ بن سَلْمَانَ
(30/195)
الرّازِيّ، صاحبِ جَريرٍ، وَعنهُ أَبُو
مُحَمَّد بنُ فارسٍ. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: {الفَلُّ: الخُصومةُ
والنزاعُ والشِّقاقُ، وَبِه فُسِّرَ أَيْضا حديثُ أمِّ زَرْعٍ كَمَا
تقدَّم، وَالْمعْنَى كَسَرَكَ بخُصومتِه.} والتَّفْليلُ: تفَلُّلٌ فِي
حدِّ السِّكِّين، وَفِي غروبِ الأسنانِ، وَفِي السَّيفِ، وَفِي حديثِ
عائشَةَ تصفُ أَبَاهَا رضيَ الله تَعالى عَنْهُمَا: وَلَا {فَلُّوا
لَهُ صَفاةً. أَي كسروا لَهُ حَجَرَاً، كَنَتْ بِهِ عَن قُوَّتِه فِي
الدِّين.} واسْتَفَلَّ غَرْبَه: أَي كَسَرَه. {وَتَفَلَّلَتْ
مَضارِبُه: تكَسَّرَت.} والفَلُّ: ثَوْبٌ من) مُشاقَةِ الكَتّان.
{وانْفَلَّ سِنُّه: انْثَلَم، قَالَ: عُجَيِّزٌ عارِضُها} مُنْفَلُّ
طعامُها اللُّهْنَةُ أَو أَقَلُّ وقومٌ {فِلالٌ، بالكَسْر:
مُنْهَزِمون، نَقله الجَوْهَرِيّ.} وأَفَلَّت الأرضُ: صارتْ {فَلاًّ
عَن أبي حنيفَة، وَأنْشد:
(وَكَمْ عَسَفَتْ من مَنْهَلٍ مُتَخاطِئٍ ... } أَفَلَّ وأَقْوَى
فالجِمامُ طَوامي)
{والفَليل: العُرْف، وَبِه فسَّرَ السُّهَيْليُّ فِي الرَّوْضِ قولَ
ساعدةَ بنِ جُؤْيَّةَ:
(وغُودِرَ ثاوِياً وتَأَوَّبتْهُ ... مُذَرَّعَةٌ أُمَيْمَ لَهَا}
فَليلُ)
نَقَلَه شَيْخُنا، وأمّا السُّكَّريُّ فإنّه فسَّرَه بالشَّعَر
المَكْبوب. {وَتَفَلْفَلَ شَعْرُ الأسْوَد: اشتدَّتْ جُعودَتُه، كَمَا
فِي المُحكَم. وربّما سُمِّي ثمَرُ البَرْوَقِ} فُلْفُلاً، تَشْبِيها
بِهَذَا الفُلْفُلِ، قَالَ: وانْتَفضَ البَرْوَقُ سُوداً! فُلْفُلُه
(30/196)
وأهلُ اليمنِ يُسمُّونَ ثَمَرَ الغافِ
فُلْفُلاً. {وَفَلْفلَ} وَتَفَلْفَلَ: مَشى مُتَبَخْتِراً. {وفلاّنُ،
كرُمّانٍ: ناحيةٌ ببلادِ السُّودان.} وفِيلال، بالكَسْر: اسْم
سِجِلْماسَةَ، لمدينةٍ فِي الغَرب. {وفُلْفُلُ المَاء: نبتٌ يجاورُ
الماءَ، سَبْطٌ ناعمُ الورَق، لَهُ حَبٌّ فِي عناقيد.} وفَلافِلُ
السُّودان: حَبٌّ مُستَدير أَمْلَسُ فِي غُلُفٍ، ذِي أَبْيَاتٍ، مثل
الصَّنوبر. {وفُلْفُلُ القُرود: حبُّ اللِّيم. وفُلْفُلُ الصَّقالِبَة:
فنجكشت.} والفُلُّ، بالضَّمّ: عبارَة عَن ياسَمين مُضاعَفٍ، إمّا
بالتركيبِ أَو بِشَقِّ أصلِه، ويُوضَعُ فِيهِ الياسمين، وَهُوَ زهرٌ
نَقِيُّ البَياض، والتَّدَلُّك بورَقِه يُطَيِّبُ الْبدن. {وفُلْفُلَةُ
بنُ عَبْد الله الجُعْفِيّ: تابِعيٌّ يروي عَن ابنِ مَسْعُودٍ، وَعنهُ
القاسمُ بنُ حسّان، ثِقةٌ. وَفِي المثَل: من قَلَّ ذَلَّ، وَمن أَمِرَ}
فَلَّ. وَغدا {فِلاًّ من الطعامِ، بالكَسْر: أَي خالِياً.} والفَليلَة:
شَعَرُ زُبْرَةِ الأسَدِ، قَالَ مالكُ بنُ نُوَيْرَةَ:
(يَا لَهْفَ مِن عَرْفَاءَ ذاتِ {فَليلَةٍ ... جاءَتْ إليَّ على ثلاثٍ
تَخْمَعُ)
} والفُلْفِيلَة: بالضَّمّ: نهرٌ صغيرٌ يَنْشَقُّ من النِّيل.
ف ن أل
! الفِنْئِلُ كزِبْرِجٍ، أهمله الجَوْهَرِيّ، وَقَالَ الفَرّاءُ: هِيَ
المرأةُ القصيرةُ، كَذَا نَقَلَه الأَزْهَرِيّ فِي ثلاثيِّ
التَّهْذِيب، وَفِي كتابِ الوافِر، وَهُوَ بِالْقَافِ. قَالَ ابْن
الأَعْرابِيّ: الفِنْئِل: رَقَبَةُ الْفِيل، نَقله الأَزْهَرِيّ
أَيْضا.
(30/197)
فنجل
الفُنْجُل، كقُنْفُذٍ، أهمله الجَوْهَرِيّ، وَفِي اللِّسان: هُوَ
عَناقُ الأَرْض، ويُروى بالعَين، وَقد تقدّمَ عَن ابنِ خالَوَيْه.
الفَنْجَلُ من الرِّجال، بالفَتْح: الأَفْحَج، وَهُوَ المُتباعِدُ
الفَخِذَيْن الشديدُ الفَحَجِ، عَن ابْن الأَعْرابِيّ، وَأنْشد: اللهُ
أعطانِيكَ غيرَ أَحْدَلا وَلَا أَصَكَّ أَو أَفَجَّ فَنْجَلا
والفَنْجَلةُ: تَباعُدُ مَا بينَ الساقَيْنِ والقَدمَيْن. أَيْضا:
مِشيَةٌ ضعيفةٌ كالفَنْجَلى، وَهِي مِشيةُ الشيخِ، وَقَالَ ابْن
الأَعْرابِيّ: الفَنْجَلَة: أَن يمشي مُتَفاجَّاً، وَقد فَنْجَلَ، وَقد
تقدّمَ فِي فجل.
فندل
فَنْدَلةُ، أهمله الجَوْهَرِيّ والجماعةُ، وَهُوَ والِدُ الوزيرِ
الكاتبِ أبي بكرٍ مُحَمَّد، كَذَا فِي النّسخ، وَفِي بعضِها أبي بَكْرِ
بن مُحَمَّد، وَهُوَ غلَطٌ، والصوابُ أنّه جَدُّ الوزيرِ أبي بكرٍ
مُحَمَّد بن عبدِ الغَنِيِّ، روى عَن الأَعْلَمِ الشَّنْتَمَرِيّ،
ذَكَرَه أَبُو حيّان، كَذَا فِي التبصير. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:
فِنْدَلاوَة: بُلَيْدَةٌ قربَ سَبْتَةَ مِنْهَا يوسُفُ بن دُرْناسِ بن
عِيسَى الفِنْدَلاوِيّ الْفَقِيه المالكيّ، سَمِعَ مِنْهُ الحافظُ
أَبُو الْقَاسِم بنُ عَسَاكِر، وغيرُه، وَقَتَله الفِرَنْجُ بدمشقَ
سنة، كَذَا فِي اللُّبابِ للبَلْبيسيِّ.
فنشل
المُفَنْشِل، أهمله الجَوْهَرِيّ وصاحبُ اللِّسان، وَأوردهُ
الصَّاغانِيّ فِي فشل فَقَالَ: هُوَ المُفَنْشي، يُقَال: أَتَانَا
مُفَنْشِلاً لِحْيَتَه ومُنَفْشِلاً، بتقديمِ النُّون: أَي
مُفَنْشِياً، وَالَّذِي فِي العُباب: أَتَانَا مُنَفْشِلاً بلِحيَتِه
ومُنَفْشِيَاً: أَي مُنَفِّشاً.
(30/198)
فول
{الفُول، بالضَّمّ كَتَبَه بالحُمرَةِ بِنَاء على أنّه قد أهمله
الجَوْهَرِيّ، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل ذَكَرَه فِي آخر ترتيبِ فيل،
وَوَجَدْتُ فِي هامشِه مَا نصُّه: كَذَا وَجَدْتُه قد ذكر الفُولَ فِي
فيل، وصوابُه أَن يُذكَرَ فِي فول، وَهُوَ حَبٌّ كالحِمَّصِ، وَهُوَ
الباقِلَّى عندَ أهلِ الشامِ حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ، أَو مُخْتَصٌّ
باليابِس، الواحدةُ فُولَةٌ، خالَفَ هُنَا اصْطِلاحَه.} والفُولَة،
بالضَّمّ: د، بفَلَسْطِين، نَقله الصَّاغانِيّ. ومِمّا يُسْتَدْرَك
عَلَيْهِ: {الفَوَّال، بِالتَّشْدِيدِ: بائِعُ الفُول. وَأَبُو عَبْد
الله مُحَمَّد الفَوّال: من مَشايخِ ابنِ عرَبيّ. وعَبْد الله بنُ
إبراهيمَ بنِ} الفَوّالَةِ، عَن ابنِ كاسٍ النَّخَعيِّ، وَعنهُ ابنُ
الحاجِّ فِي الخِلَعِيَّات.
فهلل
فَهْلَلُ، كَجَعْفَرٍ، مَمْنُوعًا من الصَّرفِ فِي قولِهم: هُوَ
الضَّلالُ بنُ فَهْلَلَ: من أسماءِ الباطِلِ مثل ثَهْلَل، كَمَا فِي
الصِّحاح والعُباب، وروى ابْن السِّكِّيت فِيهِ الضمَّ أَيْضا، وَقَالَ
هُوَ الَّذِي لَا يُعرَف، ثمّ كَونه مَمْنُوعًا صرَّحَ بِهِ
الجَوْهَرِيّ والصَّاغانِيّ وقبلَهُما ابْن السِّكِّيت، قَالَ: لَا
يَنْصَرِفُ، وَقَالَ شَيْخُنا: لَا وَجْهَ لمَنعِه، بل وَلَا قائِلَ
بِهِ لأنّ العَلَميَّةَ على تَسْلِيمِها فِيهِ لَا تَسْتَقِلُّ وحدَها
بالمَنع، وَلَا عِلّةَ أُخرى تُوجِبُ المَنعَ، فتأمَّلْ، انْتهى. وَقد
تقدّم مِثلُ ذَلِك فِي ثهل، وبهل. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:
الفَهْلَوِيَّة منسوبةٌ إِلَى فَهْلَة، مُعرَّب بَهْلَة: اسمٌ يقعُ على
خَمْسَةِ بُلْدانٍ: أَصْبَهان، والرَّيّ، وماه، ونَهاوَنْدَ،
وأَذْرَبِيجان، وكلامُ الفُرسِ قَدِيما كَانَ يجْرِي على خمسةِ
أَلْسِنةٍ: الفَهْلَوِيَّة، والدَّرِّيَّة، والفارِسيّة، والخُوزِيَّة،
والسُّرْيانيّة، حقَّقَه ابنُ الكَمال والشيخُ عبدُ القادرِ البغداديّ.
(30/199)
والفَهْلَوان: الشديدُ المُصارِع، وَقد
سُمِّي هَكَذَا جماعةٌ من المُحدِّثين.
فيل
{الْفِيل، بالكَسْر: حَيَوَانٌ م مَعْرُوف، ج:} أَفْيَالٌ، {وفُيولٌ،}
وفِيَلَةٌ كعِنَبَةٍ، قَالَ ابْن السِّكِّيت: وَلَا تقُلْ أَفْيِلَة،
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: يجوز أَن يكونَ أصلُ {فِيل فُعْلاً، فكُسِر من اجلِ
الْيَاء، كَمَا قَالُوا أَبْيَض وبِيض، وَقَالَ الأخْفَشُ: هَذَا لَا
يكونُ فِي الواحدِ، وإنّما يكونُ فِي الْجمع، وَهِي بهاءٍ، وصاحبُها}
فَيَّالٌ، هَكَذَا فِي النّسخ، والصوابُ وصاحِبُه، قَالَ لَبيدٌ رَضِيَ
الله تَعالى عَنهُ:
(لَو يَقومُ الفِيلُ أَو فَيَّالُهُ ... زَلَّ عَن مِثلِ مَقامي
وَزَحَلْ)
{والمَفْيولاء: أولادُه كَمَا فِي العُباب، قَالَ شَيْخُنا: يُنظَرُ
هَل لَهُ مُفرَدٌ فيُلحَقَ بمَفْعولاءَ الوارِدِ جَمْعَاً، أَو غيرُ
ذَلِك.} والفِيلُ أَيْضا: الثقيلُ الخَسيسُ، وَهُوَ مَجاز.
{واسْتَفْيَلَ الجمَلُ: صارَ} كالفيلِ فِي عِظَمِه، نَقله
الزَّمَخْشَرِيّ، وَحَكَاهُ ابنُ جِنِّي فِي بابِ اسْتحوَذَ وأخَواته،
وأنشدَ لأبي النَّجم: يُديرُ عَيْنَيْ مُصْعَبٍ {مُسْتَفْيِلِ}
وَتَفَيَّلَ النباتُ: اكْتَهلَ، عَن ثَعْلَب. (و) {تفَيَّلَ الشَّبَاب:
زادَ، عَن اللَّيْث، وَأنْشد: حَتَّى إِذا مَا حانَ مِن} تفَيُّلِهْ
تفَيَّلَ فلانٌ: سَمِنَ، وَقَالَ العَجّاجُ: كلُّ جُلالٍ يَمْنَعُ
المُحَبَّلا عَجَنَّسٌ قَرْمٌ إِذا {تفَيَّلا أَي إِذا سَمِنَ كأنّه
فِيلٌ. وفال رَأْيُه} يَفِيلُ! فَيْلُولَةً، وَفِي بعضِ
(30/200)
النّسخ {فُيُولَةً، وَمثله فِي الأساس،}
وفَيْلَةً، كَذَا فِي النّسخ، وَفِي العُباب {فَيالَةً: أَخْطَأَ
وضَعُفَ، يُقَال: مَا كنتُ أُحِبُّ أَن يُرى فِي رَأْيِكَ فَيالَةً،
كَمَا فِي اللِّسان، وَفِي الأساس:} فُيولَةً: أَي ضَعْفَاً،
{كَتَفَيَّلَ، نَقله ابنُ سِيدَه والزَّمَخْشَرِيّ.
} وفَيَّلَ رَأْيَه: قبَّحَه وخطَّأَه، قَالَ أُميّةُ ابنُ أبي عائِذٍ
الهُذَليُّ:
(فَلَو غَيْرَها مِن وُلْدِ كَعْبِ بنِ كاهِلٍ ... مَدَحْتَ بقولٍ
صادقٍ لم {تُفَيَّلِ)
أَي لم} يُفَيَّلْ رَأْيُك، وَفِي هَذَا دليلٌ على أنّ المُضافَ إِذا
حُذِفَ رُفِضَ حُكمُه، وصارَت المُعاملَةُ إِلَى مَا صِرتَ إِلَيْهِ
وحصلتَ عَلَيْهِ، أَلا ترى أنّه تَرَكَ حرفَ المُضارَعةِ المُؤْذِنَ
بالغَيبَةِ وَهُوَ الْيَاء، وَعَدَلَ إِلَى الخطابِ البَتّةَ فَقَالَ:
{تُفَيَّل بِالتَّاءِ، أَي لم تُفَيَّلْ أنتَ. ورجلٌ فِيلُ الرأيِ
والفِراسَةِ بالكَسْر والفتحِ وككَيِّسٍ وَهَذَا عَن ابْن السِّكِّيت،}
وفالُه {وفائِلُه،} وفالٌ من غيرِ إضافةٍ: أَي ضعيفُه، أَي الرَّأْي،
مُخطِئُ الفِراسَة، ج: {أَفْيَالٌ، وَيُقَال أَيْضا: فَيْأَلُ
الرَّأْي، كَحَيْدَرٍ، وَقد ذُكِرَ فِي فأل)
وشاهدُ الفِيلِ قَوْلُ الكُمَيْت:
(بَنِي رَبِّ الجَوادِ فَلَا} تَفِيلوا ... فَمَا أَنْتُم
فَنَعْذِرَكُم لفِيلِ)
رَبُّ الجَواد: رَبيعةُ الفرَس، وشاهدُ {الفالِ قَوْلُ جَرير:
(رَأَيْتُكَ يَا أُخَيْطِلُ إذْ جَرَيْنا ... وجُرِّبَتِ الفِراسَةُ
كنتَ} فالا)
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدةَ: {الفائِلُ من المُتَفَرِّسينَ: الَّذِي
يظُنَّ ويخطئُ، قَالَ: وَلَا يُعَدُّ} فائِلاً حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى
الفرَسِ فِي حالاتِه كلِّها وَيَتَفرَّسُ فِيهِ،
(30/201)
فَإِن أَخْطَأ بعد ذَلِك فَهُوَ فارِسٌ
غيرُ {فائِلٍ. وَفِي رَأْيِه} فَيَاَلَةٌ، كَسَحَابَةٍ، {وفُيولَةٍ،
بالضَّمّ: أَي ضَعفٌ، وَفِي الحديثِ: إنْ تَمَّمُوا على فَيالَةِ هَذَا
الرأيِ انْقطعَ نِظامُ المُسلِمين قَالَه عليٌّ يصفُ أَبَا بكرٍ رَضِيَ
الله تَعالى عَنْهُمَا، وأنشدَ ابنُ بَرِّي لأُفْنونٍ التَّغْلبيِّ:
(فالوا علَيَّ وَلم أَمْلِكْ} فَيالَتَهُمْ ... حَتَّى انْتَحَيْتُ على
الأرْساغِ والثُّنَنِ)
{والمُفايَلةُ} والفِيال، بالكَسْر والفتحِ غيرَ مَهْمُوزين عَن
اللَّيْث، قَالَ: فَمن فَتَحَ جَعَلَه اسْما، وَمن كَسَرَ جَعَلَه
مَصْدَراً: لُعبةٌ لفِتيانِ العربِ، وَقيل: لصِبيانِهم بالتُّرابِ
يَخْبَئونَ الشيءَ فِيهِ، ثمّ يَقْسِمونَه، ثمّ يقولُ الخابِئُ
لصاحبِه: فِي أيِّ القِسْمَيْنِ هُوَ، وتقدّم فِي فأل، فَإِذا أخطأَ
قيل لَهُ: {فالَ رَأْيُكَ، وَقَالَ طَرَفَةُ:
(يَشُقُّ حُبابَ الماءِ حَيْزُومُها بهَا ... كَمَا قَسَمَ التُّرْبَ}
المُفايِلُ باليَدِ)
وَقَالَ بعضُهم: يُقَال لهَذِهِ اللُّعبةِ الطُّبَنُ والسُّدَّرُ.
وَقَالَ ابنُ بَرِّي: والفِئالُ من الفَأْلِ بالظَّفَر، وَمن لم
يَهْمِزْ جَعَلَه من فالَ رَأْيُه: إِذا لم يَظْفَرْ، قَالَ: وذكرَه
النَّحاسُ فَقَالَ: {الفِيالُ من} المُفايلَةِ، وَلم يقلْ من
المُفاءَلة. قلتُ: وَقد هَمَزَ شَمِرٌ الفِيال، وَقد تقدّم. {والفائِل:
اللحمُ الَّذِي على خُرْبِ الوَرِكِ، نَقله أَبُو عُبَيْدٍ، أَو
عِرْقٌ، وَفِي الصِّحاح: وَكَانَ بعضُهم يجعلُ} الفائِلَ عِرْقاً فِي
الفَخِذِ، نَقله عَن أبي عُبَيْدٍ، وأنشدَ للراجزِ، وَهُوَ هِمْيان:
(30/202)
كأنَّما يَيْجَعُ عِرْقاً أَبْيَضِهْ
ومُلْتَقى {فائِلِهِ ومأْبَضِهْ وهما عِرقانِ فِي الفَخِذِ. قيل:}
الفائِلَتان: مُضْغَتان من لحمٍ أسفلُهما على الصَّلَوَيْنِ من لَدُنْ
أدنى الحَجَبَتَيْنِ إِلَى العَجْبِ، مُكْتنَنِفَتا العُصْعُصَ
مُنحَدِرَتانِ فِي جانِبَيِ الفَخِذَيْن، وهما من الفرَسِ كَذَلِك، أَو
هما عِرقانِ مُستَبْطِنانِ حاذِيَ الفَخِ، وَقَالَ الأَصْمَعِيّ فِي
كتابِ الفرَس: وَفِي الوَرِكِ)
الخُرْبَةُ وَهِي نُقْرَةٌ فِيهَا لحمٌ لَا عَظْمَ فِيهَا، وَفِي تلكَ
النُّقرةِ الفائِلُ، قَالَ: وَلَيْسَ بَين تلكَ النُّقرةِ وبينَ
الجَوفِ عَظمٌ إنّما هُوَ جِلْدٌ ولحمٌ، وأنشدَ للأعشى:
(قد نَخْضِبُ العَيْرَ من مَكْنُونِ {فائلِه ... وَقد يَشِيطُ على
أرماحِنا البَطَلُ)
قَالَ: ومَكْنُونُ الفائلِ دَمُه، يَقُول: نَحن بُصَراءُ بمَوضِعِ
الطَّعنِ، انْتهى. وروى أَبُو عمروٍ: قد نَطْعَنُ العَيرَ فِي، وروى
الأَصْمَعِيّ: قد نَخْضِبُ العَيرَ مِن، وَقد خُطِّئَ أَبُو عمروٍ فِي
روايتِه، كَذَا فِي العُباب.} والفال: لغةٌ فِيهِ، قَالَ الصَّاغانِيّ:
عِرقٌ يخرجُ من فَوَّارَةِ الوَرِكِ، وأنشدَ الجَوْهَرِيّ لامرئِ
القَيس:
(سَليمِ الشَّظى عَبْلِ الشَّوى شَنِجِ النَّسا ... لهُ حَجَبَاتٌ
مُشْرِفاتٌ على {الفالي)
أرادَ على الفائلِ فَقَلَبه، وَهُوَ عِرقٌ فِي الفَخِذَيْنِ يكونُ فِي
خُربَةِ الوَرِكِ ينحدِرُ فِي الرِّجل. ورجلٌ} فَيِّلُ اللَّحْم،
ككَيِّسٍ وَهَمَزه بعضُهم، وَقد تقدَّم: أَي كثيرُه.! وفالُ: ة، بفارِس
فِي آخِرِ نَوَاحِيهَا من جهةِ الْجنُوب، وَهِي مُعَرَّبَةُ بَال
(30/203)
بَين الفاءِ وَالْبَاء، وَهِي بَين شيرازَ
وهُرْمُز، لَهَا قلعةٌ حَصينةٌ، وَهِي كثيرةُ الْفَوَاكِه، مِنْهَا
القُطبُ مُحَمَّد بن مَسْعُودِ بن محمودٍ {الفالِيُّ، مُؤَلِّفُ
التَّقريبِ وغيرِه كاللُّبابِ وشرحِ الكَشّاف، ووالِدُه العَلاّمةُ
صَفِيُّ الدينِ مَسْعُودٌ المُفَسِّر، مَاتَ سنة، العَلاّمةُ مَجْدُ
الدينِ إسماعيلُ بن إبراهيمَ بن فَضْلِ اللهِ بن ربيعٍ الفاليّ قَاضِيا
شيراز، الأخيرُ روى عَن السِّراجِ مُكْرَمِ بن أبي العَلاءِ الفاليّ،
أَيْضا جماعةٌ ذَكَرَهم الذَّهَبيُّ والحافظُ، فَمنهمْ العَلاّمةُ
فَخْرُ الدينِ أَحْمد بن أبي غَسّان كاملِ بن محمودٍ، أَخذ عَن عمِّه
والدِ القُطبِ الْمَذْكُور، وَأَبوهُ مَجْدُ الدينِ أَبُو غسّان مَاتَ
سنة، وَالْقَاضِي سِراجُ الدينِ مُكْرَم بن أبي الْعَلَاء الفاليّ
وغيرِه، وَمن وَلَدِ مكرم هَذَا جماعةٌ حَدَّثوا} بفال. فالُ أَيْضا:
د، بخُوزِسْتانَ قريبةٌ من أَيْذَجَ، مِنْهُ أَبُو الحسنِ عليُّ بن
أحمدَ بن عليّ بن سَلَّك الأديب، كَذَا فِي النّسخ، والصوابُ
المُؤَدِّب، عَن أبي عمر القاسمِ بن جَعْفَرٍ الهاشِميِّ وغيرِه،
وَعنهُ أَبُو بكرٍ الْخَطِيب، وَأَبُو جَعْفَرٍ الطُّيُوريّ، مَاتَ
سنة، أَو هُوَ {فالَةُ بزيادةِ هاءٍ، قَالَه الذهَبيُّ.} وفِيلان،
بالكَسْر: ع، قُربَ بابِ الأبوابِ المعروفِ بدَرْبَنْدَ. {وفِيل،
بالكَسْر: اسمُ خُوارِزْمَ أوّلاً، هَكَذَا كَانَ يُقَال لَهُ ثمّ قيلَ
لَهُ المنصورَةُ وَقد ذُكِرَ فِي نصر، ثمّ كُرْكانَجْ بالضَّمّ، كَذَا
فِي العُباب. (و) } فِيلُ بنُ عَرادَةَ: مُحدِّثٌ من
(30/204)
أهلِ البَصرةِ، كُنيَتُه أَبُو سهلٍ، يروي
عَن جَرادِ بن طارقٍ، وَعنهُ الصَّعِقُ العَيْشيُّ، ذَكَرَه ابنُ
حِبّانَ فِي ثِقاتِ التَّابِعين. وفِيلٌ أَيْضا: مَوْلَى زيادِ بن أبي
سُفْيانَ. وَأَبُو {الفِيل الخُزاعيُّ صحابيٌّ، روى)
عَنهُ عَبْد الله بنُ جُبَيْرٍ صحابيٌّ أَيْضا، رَضِيَ الله تَعالى
عَنْهُمَا، فِي النَّهْيِ عَن سَبِّ ماعزٍ. ومِمّا يُسْتَدْرَك
عَلَيْهِ: لَيْلَةٌ مِثلُ لَوْنِ الفِيل: أَي سَوْدَاءُ لَا يُهتَدى
لَهَا، وألوانُ الفِيَلَةِ كَذَلِك.} وفَيَّلَ الرجلُ فِي رأيِه
{تَفْيِيلاً: إِذا لم يُصِبْ، وَمِنْه قولُ عليٍّ يصفُ أَبَا بكرٍ
رَضِيَ الله تَعالى عَنْهُمَا: وكنتَ آخِراً حينَ} فَيَّلوا. أَي حِين
فالَ رَأْيُهم، ويُروى: حينَ فَشِلوا. {والفَيّالُ، كشَدّادٍ: صاحبُ
الفِيل.
وفالَ الرجلُ: تعَظَّمَ فصارَ} كالفِيل، أَو تجَهَّم. وَذُو الفِيلِ
البَجَليُّ قَتَلَتْه بَنو نَصْرِ بنِ مُعاوِيَةَ، قَالَ شاعرُهم:
(وَذَا الفيلِ المُقَنَّعِ قد تَرَكْنا ... غَداةَ القاعِ مُنْجَدِلاً
بقَفْرِ)
وبِركَةُ الفِيل: إِحْدَى بِرَكِ مِصرَ، وَيُقَال: بِركةُ
{الأَفْيِلَة، وَقد تقدّم فِي برك. والشِّهابُ أحمدُ بنُ عليّ بن
إبراهيمَ بن سُلَيْمانَ الكُرديُّ الفِيليُّ، من أصحابِ الشيخِ أبي
الحسَنِ عليّ بن قُفْلٍ، روى عَن أبي المَكارِمِ الدِّمياطيِّ، وابنِ
الصَّابونيّ، وغيرِه بالإجازةِ، وَمَات سنة قَالَ القُطبُ الحلَبيُّ
فِي تاريخِ مِصر: هُوَ نِسبةٌ إِلَى جامعِ} الفِيَلَةِ ظاهرَ مِصر
لأنّه وُلِدَ بِهِ.! وفالي: عِدّةُ قُرى بالهِند، خَرَجَ مِنْهَا
أكابرُ العُلَماء.
(30/205)
|