تهذيب اللغة (ونبدأ الْآن بِأَبْوَاب المضاعف من حرف
الْعين)
(بَاب الْعين والحاء)
قَالَ اللَّيْث: قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد: الْعين والحاء لَا يأتلفان
فِي كلمة وَاحِدَة أَصْلِيَّة الْحُرُوف، لقرب مخرجيهما، إلاّ أَن
يؤلَّف فعلٌ من جمعٍ بَين كَلِمَتَيْنِ، مثل حيَّ عَلَى فَيُقَال
مِنْهُ: حَيْعَلَ.
قلت: وَهُوَ كَمَا قَالَه الْخَلِيل. وَقد رُوي فِي بَاب الخماسي حرفان
ذكرتهما فِي أول الرباعي من الْعين، وَلَا أَدْرِي مَا صحّتهما لأنِّي
لم أحفظْهما للثقات.
(بَاب الْعين مَعَ الْهَاء)
أهمل الْخَلِيل الْعين مَعَ الْهَاء فِي المضاعف وَقد قَالَ الْفراء
فِي بعض كتبه: عهعهتُ بالضأن عهعهة، إِذا قلت لَهَا: عَهْ، وَهُوَ زجرٌ
لَهَا. وَقَالَ غَيره: هُوَ زجرٌ لِلْإِبِلِ لتحتبس.
قلت: وَلَا أعلمني سمعته من الْعَرَب.
(بَاب الْعين مَعَ الْخَاء)
قَالَ النَّضر بن شُمَيل فِي كتاب (الْأَشْجَار) : الخُعخعُ: شَجَرَة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الدُّقيش: هِيَ كلمةُ معاياة وَلَا أصل لَهَا.
قلت: وَقد ذكر ابْن دُرَيْد الخُعخع فِي (كِتَابه) أَيْضا، وَأَرْجُو
أَن يكون صَحِيحا؛ فإنّ ابْن شُميل لَا يَقُول إلاّ مَا أتقنَه. ورُوي
عَن عَمْرو بن بَحر أنّه قَالَ: يُقَال خَعَّ الفَهْد يَخِعّ. قَالَ:
وَهُوَ صوتٌ تسمعه من حَلقِه إِذا انبهَرَ عِنْد عَدْوِه. قلت: كأنّه
حِكَايَة صَوته إِذا انبهر، وَلَا أَدْرِي أهوَ من كَلَام الفهّادين
أَو مِمَّا تكلّمت بِهِ الْعَرَب. وَأَنا بَرِيء من عُهدته.
(الْعين مَعَ الْعين: مهمل الْوَجْهَيْنِ)
(بَاب الْعين وَالْقَاف)
عق، قع: مستعملان.
عق: رَوَت أم كُرْزٍ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ
فِي الْعَقِيقَة (عَن الْغُلَام شَاتَان مثلان، وَعَن الْجَارِيَة
شَاة) . وروى عَنهُ سُلَيْمَان بن عَامر أَنه قَالَ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم (مَعَ الْغُلَام عقيقتُه فأهريقوا عَنهُ دَمًا، وأميطوا عَنهُ
الْأَذَى) . قَالَ أَبُو عبيد فِيمَا أَخْبرنِي بِهِ عبد الله بن
مُحَمَّد بن هاجك عَن أَحْمد بن عبد الله بن جَبَلة عَنهُ أَنه قَالَ:
قَالَ الأصمعيّ وَغَيره: الْعَقِيقَة أَصْلهَا الشَّعر الَّذِي يكون
على رَأس الصبيّ حِين يُولَد. وإنَّما سُمِّيت الشاةُ الَّتِي تُذبَح
عَنهُ فِي تِلْكَ الْحَال عقيقةً لأنّه يحلَق عَنهُ ذَلِك الشعرُ عِنْد
الذَّبح. وَلِهَذَا قَالَ فِي الحَدِيث: (أميطوا عَنهُ الْأَذَى)
يَعْنِي
(1/47)
بالأذى ذَلِك الشّعْر الَّذِي يُحلق عَنهُ.
قَالَ: وَهَذَا مِمَّا قلتُ لَك إنّهم ربّما سمَّوا الشَّيْء باسم
غَيره إِذا كَانَ مَعَه أَو من سَببه، فسمِّيت الشَّاة عقيقة لعقيقة
الشَعَر.
قَالَ أَبُو عبيد: وَكَذَلِكَ كل مَوْلُود من الْبَهَائِم فإنَّ
الشّعْر الَّذِي يكون عَلَيْهِ حِين يُولد عقيقة وعِقّة. وَأنْشد
لزهير:
أذلك أم أقبُّ الْبَطن جأبٌ
عَلَيْهِ من عقيقته عفاءُ
فَجعل العقيقةَ الشّعْر لَا الشاةَ. وَقَالَ الآخر يصف العَيْر:
تحسَّرت عِقَّةٌ عَنهُ فأنسلها
واجتاب أخْرى جَدِيدا بَعْدَمَا ابتقلا
يَقُول: لما تربّع ورَعى الربيعِ وبُقُولَه أنسَلَ الشّعْر الْمَوْلُود
مَعَه، وَأنْبت آخر فاجتابه، أَي لبسه فاكتساه.
قلت: وَيُقَال لهَذَا الشّعْر عقيق، بِغَيْر هَاء، وَمِنْه قَول
الشّماخ:
أطار عقيقَهُ عَنهُ نُسالاً
وأُدمجَ دَمْجَ ذِي شطن بديع
أَرَادَ شعره الَّذِي ولد وَهُوَ عَلَيْهِ، أَنه أنسله عَنهُ، أَي
أسْقطه.
قلت: وأصل العَقّ الشَّق وَالْقطع، وسمِّيت الشعرةُ الَّتِي يخرج
الْمَوْلُود من بطن أمّه وَهِي عَلَيْهِ عقيقة، لِأَنَّهَا إنْ كَانَت
على رَأس الإنسيّ حُلقت عَنهُ فَقطعت، وَإِن كَانَت على بَهِيمَة
فإنّها تُنسلها. وَقيل للذبيحة عقيقة لِأَنَّهَا تذبح ويشق حلقومها
ومرِيُّها ووَدَجاها قطعا، كَمَا سمّيت ذَبِيحَة بالذَّبح وَهُوَ الشق.
وَأَخْبرنِي أَبُو الْفضل الْمُنْذِرِيّ عَن الحرَّاني عَن ابْن
السّكيت أَنه قَالَ: يُقَال عقّ فلانٌ عَن وَلَده، إِذا ذبح عَنْه
يَوْم أسبوعه. قَالَ: وعقّ فلانٌ أَبَاهُ يعقُّه عقاً.
وأعقّ الرجلُ، أَي جَاءَ بالعُقوق. وَقَالَ الْأَعْشَى:
فإنّي وَمَا كلّفتموني وربّكم
ليعلَمُ من أَمْسَى أعقَّ وأحربا
أَي جَاءَ بالحَرَب. قَالَ: وَيُقَال أعقَّت الفرسُ فَهِيَ عَقُوق،
وَلَا يُقَال مُعِقّ. وَهِي فرس عقوق، إِذا انفتَقَ بطنُها واتَّسَع
للوَلَد. قَالَ: وكلُّ انشقاقٍ فَهُوَ انعقاق، وكل شقّ وَخرْقٍ فَهُوَ
عَقٌّ، وَمِنْه قيل للبرق إِذا انشقّ: عقيقة.
وَقَالَ غَيره: عقّ فلانٌ وَالِديهِ يعقُّهما عقوقاً، إِذا قطعهمَا
وَلم يصل رَحمَه مِنْهُمَا. وَقَالَ أَبُو سُفْيَان بن حَرْب لحمزةَ
سيّد الشُّهَدَاء ح يَوْم أحد حِين مرَّ بِهِ وَهُوَ مقتولٌ: (ذُقْ
عُقَق) ، مَعْنَاهُ ذُقْ الْقَتْل يَا عاقّ كَمَا قتلت، يَعْنِي من
قتلتَ يَوْم بدر. وَجمع العاقّ الْقَاطِع لرحمه عَقَقةٌ.
وَيُقَال أَيْضا رجلٌ عَقٌّ. وَقَالَ الزَّفَيانُ الراجز:
أَنا أَبُو المِرقالِ عقّاً فَظَّ
لمن أعادي مَحِكا مِلظّا
وَقيل: أَرَادَ بالعَقّ المُرَّ، من المَاء العُقاق، وَهُوَ القُعاع.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن مُحَمَّد بن يزِيد الثُّمالي أَنه قَالَ
فِي قَول الْجَعْدِي:
بَحرُكَ عذبُ المَاء مَا أعقّهُ
(1/48)
سَيبُك والمحروم مَنْ لم يُسقَهُ
قَالَ: أَرَادَ مَا أقعَّه. يُقَال مَاء قُعاع وعُقَاقٌ إِذا كَانَ
مُراً غليظاً. وَقد أقعَّه الله وأعقَّه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِيمَا رَوَى عَنهُ أَحْمد بن يحيى
الْبَغْدَادِيّ: العُقُق: الْبعدَاء الْأَعْدَاء. قَالَ: والعُقُق
أَيْضا: قاطعو الْأَرْحَام.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي (نوادره) : يُقَال عاققتُ فلَانا أعاقُّه
عِقاقاً، إِذا خالفته. قَالَ: والعُقَّة: الحفرة فِي الأَرْض،
وَجَمعهَا عُقّات.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي فِي بَاب السَّحَاب: الانعقاق
تشقُّق الْبَرْق. وَمِنْه قيل للسيف: كالعقيقة، شبِّه بعقيقة الْبَرْق.
قَالَ: وَمِنْه التَّبوُّج وَهُوَ تكشُّف الْبَرْق. وَقَالَ غَيره:
يُقَال عقّت الريحُ المُزْنَ تعُقُّه عَقّاً، إِذا استدرّته كأنّها
تشُقُّه شقاً. وَقَالَ الهذليُّ يصف غيثاً:
حَار وعقَّت مُزنَهُ الرّيح وانْ
قارَ بِهِ العَرْضُ وَلم يُشمَلِ
حَار، أَي تحيّر وَتردد، يَعْنِي السَّحَاب، واستدرته ريح الْجنُوب
وَلم تهب بِهِ الشمَال فتقشعه. وَقَوله (وانقار بِهِ الْعرض) أَي كأنّ
عرض السَّحَاب انقار، أَي وَقعت مِنْهُ قِطْعَة، وَأَصله من قُرت جيبَ
الْقَمِيص فانقار، وقرتُ عينَه إِذا قلعتَها.
وَيُقَال سحابةٌ معقوقة، إِذا عُقّت فانعقّت، أَي تبعّجت بِالْمَاءِ.
وسحابة عقّاقة، إِذا دَفقَت ماءها. وَقد عَقَّت. وَقَالَ عبد بني
الحسحاس يصف غيثاً:
فمرَّ على الأنْهاءِ فانثجَّ مُزْنُه
فعقَّ طَويلا يسْكب المَاء ساجيا
وَيُقَال اعتقَّت السحابة بِمَعْنى عَقَّتْ.
وَقَالَ أَبُو وَجْزة:
واعتقَّ منبعجٌ بالوبل مبقُورُ
وَيُقَال للمعتذر إِذا أفرط فِي اعتذاره: قد اعتقَّ اعتقاقاً.
وروى شمر عَن بعض أَصْحَابه أَن معقِّر بن حمارٍ الْبَارِقي كُفَّ
بَصَره، فَسمع يَوْمًا صَوت راعدةٍ، وَمَعَهُ بنتٌ لَهُ تَقُوده،
فَقَالَ لَهَا: مَاذَا تَرين؟ فَقَالَت: أرى سَحماء عَقَّاقة،
كَأَنَّهَا حُوَلاءُ نَاقَة. فَقَالَ لَهَا: وائِلى بِي إِلَى جَانب
قَفْلة، فإنَّها لَا تنْبت إلاَّ بمنجاةٍ من السَّيْل. والقَفْلة: نبتة
مَعْرُوفَة.
قلت: وَالْعرب تَقول لكل مسيلِ ماءٍ شقّه ماءُ السَّيْل فِي الأَرْض
فأنهره ووسَّعه: عقيق.
وَفِي بِلَاد الْعَرَب أَرْبَعَة أعِقَّة، وَهِي أَوديَة عاديَّة
شقَّتها السُّيول. فَمِنْهَا عقيق عَارض الْيَمَامَة، وَهُوَ وادٍ
وَاسع مِمَّا يَلِي العَرَمة تندفق فِيهِ شعاب الْعَارِض، وَفِيه عيونٌ
عذبة المَاء. وَمِنْهَا عقيق بِنَاحِيَة الْمَدِينَة فِيهِ عيونٌ ونخيل
وَمِنْهَا عقيق آخر يدفُق سيله فِي غوريّ تِهامة، وَهُوَ الَّذِي ذكره
الشَّافِعِي فَقَالَ: (وَلَو أهلوا من العقيق كَانَ أحبَّ إليَّ) .
وَمِنْهَا عقيق القَنَان، تجْرِي إِلَيْهِ مياهُ قُللِ نجد وجباله.
وَذكر الباهليّ عَن الأصمعيّ أَنه قَالَ: الأعقّة الأودية.
وَيُقَال للصَّبِيّ إِذا نَشأ فِي حَيَ من أَحيَاء الْعَرَب حَتَّى
شبَّ وقويَ فيهم: عُقّت تَمِيمَة
(1/49)
فلانٍ فِي بني فلَان. وَالْأَصْل فِي ذَلِك
أَن الصبيَّ مَا دَامَ طِفلاً تعلِّق عَلَيْهِ أمُّه التمائمَ، وَهِي
الخَرزُ تعوِّذه بهَا من الْعين، فَإِذا كبِر قُطعتْ عَنهُ. وَمِنْه
قَول الشَّاعِر:
بِلَاد بهَا عَقَّ الشَّبَاب تميمتي
وأوَّلُ أرضٍ مسَّ جلدي ترابُها
وروى أَبُو عُمر عَن أَحْمد بن يحيى عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ:
الْعَقِيقَة: المزادة. والعقيقة: النَّهر. والعقيقة. العِصابةُ سَاعَة
تشَقُّ من الثَّوْب. والعقيقة: خَرزة حَمْرَاء. والعقيقة: نواة رخوة من
نوى الْعَجْوَة تُؤْكَل. قَالَ: والعقيقة: سهم الِاعْتِذَار. قَالَ
أَبُو الْعَبَّاس: قلت لِابْنِ الْأَعرَابِي: وَمَا سهم الِاعْتِذَار؟
فَقَالَ: قَالَت الْأَعْرَاب: إنَّ أصل هَذَا أَن يُقتل رجلٌ من
الْقَبِيلَة فيطالَب الْقَاتِل بدمه، فيجتمع جماعةٌ من الرؤساء إِلَى
أَوْلِيَاء الْقَتِيل ويعرضون عَلَيْهِم الدِّيَة ويسألونهم الْعَفو
عَن الدَّم. قَالَت الْأَعْرَاب: فَإِن كَانَ وليُّه أبيّاً حمياً أَبى
أَخذ الدِّيَة، وَإِن كَانَ ضَعِيفا شاورَ أهلَ قبيلته، فَيَقُولُونَ
للطالبين: إنَّ بَيْننَا وَبَين خالقنا عَلامَة لِلْأَمْرِ وَالنَّهْي.
قَالَ: فَيَقُول الْآخرُونَ: مَا علامتكم؟ فَيَقُولُونَ: نَأْخُذ
سَهْما فنركِّبه على قَوس ثمَّ نرمي بِهِ نَحْو السَّمَاء، فَإِن رجَعَ
إِلَيْنَا ملطَّخاً بِالدَّمِ فقد نُهينا عَن أَخذ الدِّيَة، وَإِن
رَجَعَ إِلَيْنَا كَمَا صعد فقد أمرنَا بِأخذ الدِّيَة.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ أَبُو المكارم وَغَيره:
فَمَا رجَع هَذَا السهمُ قَطْ إِلَّا نقِيّاً، وَلَكِن لَهُم بِهَذَا
عُذرٌ عِنْد جُهالهم.
قَالَ: وَقَالَ الأسعر الجعفيّ من أهل الْقَتِيل وَكَانَ غَائِبا عَن
هَذَا الصُّلْح:
عقُّوا بِسَهْم ثمَّ قَالُوا سالموا
يَا لَيْتَني فِي الْقَوْم إذْ مَسحوا اللِّحى
قَالَ: وعلامة الصُّلح مَسْحُ اللحى.
قُلت: وَأَخْبرنِي عبد الْملك الْبَغَوِيّ عَن الرّبيع عَن الشَّافِعِي
أَنه أنْشدهُ:
عقُّوا بِسَهْم وَلم يشعُر بِهِ أحد
ثمَّ استفاءوا وَقَالُوا حَبَّذا الوَضحُ
أخبر أَنهم آثروا إبلَ الدِّيَة وَأَلْبَانهَا على دم قاتلِ صَاحبهمْ.
والوضح: اللبنُ هَاهُنَا.
وَيُقَال للدلو إِذا طلعت من الركيّة ملأى: قد عَقّت عقّاً. وَمن
الْعَرَب من يَقُول عقتْ تعقِيَة، وَأَصلهَا عقّقت، فلمّا توالى ثَلَاث
قافات قلبوا إِحْدَاهَا يَاء كَمَا قَالُوا تظنَّيت من الظَّن. وَأنْشد
ابنُ الْأَعرَابِي فِيمَا أَخْبرنِي المنذرّي عَن ثَعْلَب عَنهُ:
عَقتْ كَمَا عقت دَلوف العِقْبان
شبّه الدَّلْو إِذا نزعت من الْبِئْر وَهِي تعُّق هَوَاء الْبِئْر
طالعةً بسرعةٍ بالعقاب إِذا انقضَّتْ على الصَّيدِ مسرعة.
وروى الحرّاني عَن ابْن السّكيت أَنه قَالَ: الْعَقِيقَة: صُوف
الجَذَع. والجنيبة: صوف الثَّنِيّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: العِقاق: الْحَوَامِل من كل ذَات حافر. والواحدة
عَقوق.
وَقَالَ ابْن المظفّر: يُقَال أعقت الفرَسُ والأتانُ فَهِيَ مُعِقٌّ
وعَقوق، وَذَلِكَ إِذا نَبتَت الْعَقِيقَة فِي بَطنهَا على الْوَلَد
الَّذِي حملتْه. وَأنْشد لرؤبة:
(1/50)
قد عتق الأجدعُ بعد رقِّ
بقارحٍ أَو زولةٍ مُعِقِّ
وَأنْشد لَهُ أَيْضا فِي لُغَة من يَقُول أعقّت فَهِيَ عقوق وَجَمعهَا
عُقُق:
سرا وَقد أوّنَ تأوين العُقُق
والعقاق والعَقَق: الحَمْل. قَالَ عديّ:
وَتركت العَيْر يدمي نَحره
ونحوصاً سَمْحجاً فِيهَا عَقَقْ
وَقَالَ أَبُو خِرَاش:
أبَنَّ عَقاقاً ثمَّ يَرْمَحْنَ ظَلْمَه
إباءً وَفِيه صَولةٌ وذَ مِيل
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أظهرت الأتان عَقاقاً بِفَتْح الْعين، إِذا
تبيَّن حملهَا
قلت: وَهَكَذَا قَالَ الشَّافِعِي العَقاق بِهَذَا الْمَعْنى فِي آخر
كتاب الصَّرف.
وَأما الأصمعيّ فَإِنَّهُ يَقُول: العقاق مصدر العَقُوق ورُوي عَن أبي
عَمْرو أَنه كَانَ يَقُول: عقّت فَهِيَ عقوق، وأعقّت فَهِيَ مُعِقّ.
قلت: واللَّغة الفصيحة أعقَّتْ فَهِيَ عقوق، قَالَه ابْن السكِّيت
وَغَيره.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِي كتاب (الأضداد) : زعم بعض شُيُوخنَا أَنه
يُقَال للْفرس الْحَامِل عقوق.
قَالَ: وَيُقَال للحائل أَيْضا عَقوق. قَالَ أَبُو حَاتِم: وأظنُّ
هَذَا على التفاؤل. قلت: وَهَذَا يروَى عَن أبي زيد.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: عقيقة الصبيّ: غُرْلته إِذا خُتِن.
وَقَالَ اللَّيْث: نوى العَقوقِ نوى هشٌّ رِخوٌ ليِّن المَمْضَغْة
تَأْكُله الْعَجُوز وتلوكه، وتُعلفُه العَقوقُ إلطافاً بهَا، وَلذَلِك
أضيفَ إِلَيْهَا، وَهُوَ من كَلَام أهل الْبَصْرَة وَلَا تعرفه
الأعرابُ فِي باديتها.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الْعَقِيقَة: نواةٌ رِخوةٌ ليِّنة كالعجوة
تُؤْكَل.
وَقَالَ شمر: عِقان الكروم والنخيل: مَا يخرج من أُصُولهَا. وَإِذا لم
تقطع العِقَّان فَسدتْ الْأُصُول. وَقد أعقَّت النخلةُ والكَرْمة، إِذا
أخرجت عِقَّانَها.
والعَقْعَق: طَائِر مَعْرُوف، وصوته العَقْعقة.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب السائرة فِي الرجل يسْأَل مَا لَا يكون ومالا
يُقدر عَلَيْهِ: (كلَّفْتَني الأبلق العقوق) ، ومثلهُ: (كلَّفتني بيضَ
الأنوق) . والأبلق ذكر، والعقوق الْحَامِل، وَلَا يحمل الذّكر. وَأنْشد
اللحياني:
طلب الأبلقَ العقوقَ فَلَمَّا
لم يجده أَرَادَ بيض الأنوق
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : اهتلبَ السَّيْف من غمده، وامترقه،
واعتقَّه، واجتلطه، إِذا استّله. وَأما قَول الفرزدق:
قفي ودِّعينا يَا هنيد فإنني
أرى الحيَّ قد شاموا العقيق اليمانيا
فَإِن بَعضهم قَالَ: أَرَادَ شاموا الْبَرْق من نَاحيَة الْيمن.
والعَقُوق: مَوضِع. وَأنْشد ابْن السّكيت:
وَلَو طلبوني بالعَقُوق أتيتهم
بألفٍ أؤدِّيه إِلَى القومِ أقرعا
يُرِيد: ألف بعير. وَأنْشد لكثيِّر يصف امْرَأَة:
(1/51)
إِذا خرجت من بَيتهَا راقَ عَينها
مُعَوِّذها وأعجبتها العقائق
يَعْنِي إنَّ هَذِه الْمَرْأَة إِذا خرجت من بَيتهَا راقها معوّذ النبت
حوالَي بَيتهَا. والمعوّذ من النبت: مَا ينْبت فِي أصل شجرٍ أَو حجر
يستره. وَقيل العقائق: الغُدْران، وَقيل: هِيَ الرِّمال الْحمر.
وعَقّه: بطن من النَّمِر بن قاسط. قَالَ الأخطل:
وموقَّعِ أَثَرُ السِّفار بخَطْمه
من سُود عَقّة أَو بني الجوّالِ
وَبَنُو الجَوَّال فِي بني تغلب.
وَقَالَ اللَّيْث: انعقَّ الْبَرْق، إِذا انسرَب فِي السَّحَاب.
قع: أَبُو عمر عَن أَحْمد بن يحيى عَن عَمْرو بن أبي عَمْرو عَن أَبِيه
قَالَ: القُعقُع بِضَم القافين: العَقعَق. وَقَالَ اللَّيْث: القعقع
طَائِر وصوته القعقعَة. قَالَ: وَهُوَ طَائِر أبلق ببياض وسوادٍ، ضخمٌ،
من طير البرّ، طَوِيل المنقار.
قلت: وَسمعت البحرانيين يَقُولُونَ للقَسْب من التَّمْر إِذا يبس
وتقعقع: تمرٌ سَحٌّ وتمر قعقاع.
وقُعَيقِعان: مَوضِع بِمَكَّة اقتتل عِنْده قبيلانِ من قُرَيْش، فسمِّي
قعيقعان لتقعقع السِّلَاح فِيهِ. قَالَ اللَّيْث: وبالأهواز جبل يُقَال
لَهُ قعيقعان. قَالَ: وَمِنْه نحتت أساطين مَسْجِد الْبَصْرَة.
والقعقاع: طَرِيق يَأْخُذ من الْيَمَامَة إِلَى مَكَّة مَعْرُوف.
وَيُقَال للجلد الْيَابِس والتِّرسَةِ إِذا تخشخشت فحكيت صَوت حركاتها
قد قعقعت قعقعة وَمِنْه قَول النَّابِغَة:
كَأَنَّك من جمال بني أقيش
يُقعقع خلف رِجليه بشنِّ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِيمَا يروي عَنهُ أَحْمد بن يحيى: القعقعة
والعقعقة، والخشخشة والشخشخة، والخفخفة والفخفخة والنشنشة والشنشنة،
كلّه حَرَكَة القرطاس والثَّوب الْجَدِيد. وَمن أَمْثِلَة الْعَرَب:
(من يجْتَمع يتقعقع عَمَده) الْمَعْنى: غبط بِكَثْرَة الْعدَد واتساق
الْأَسْبَاب فَهُوَ بعَرَض الزَّوال والانتشار. وَهَذَا كَقَوْل لبيد
يصف تغيُّر الزَّمَان بأَهْله:
إِن يُغْبَطوا يُهبَطوا وَإِن أمروا
يَوْمًا يَصيروا للهُلْك والنَّكَدِ
وَيُقَال للرجل إِذا مَشى فَسمِعت لمفاصل رجلَيْهِ تَقعقُعاً: إنّه
لقَعْقَعانيّ. وَكَذَلِكَ العَيْر إِذا حَمَل على الْعَانَة فتقعقع
لحياهُ: قعقعانيّ. وَقَالَ رؤبة:
شاحِيَ لَحْيَىْ قُعْقُعانيُّ الصَّلقْ
قعقعة المِحورِ خُطّاف العَلَقْ
وأسَدٌ ذُو قعاقع، إِذا مَشى فَسمِعت لمفاصله قعقعة.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: خمْس قعقاع وحثحاث، إِذا كَانَ بَعيدا
والسَّيرُ فِيهِ متعباً لَا وتيرة فِيهِ، أَي لَا فتور فِيهِ.
وَكَذَلِكَ طَرِيق قعقاع ومتقعقع، إِذا بعُد وَاحْتَاجَ السائر فِيهِ
إِلَى الجِدّ. وسمّي قعقاعاً لِأَنَّهُ يقعقع الرِكاب ويتعبها. وَقَالَ
ابْن مقبل
(1/52)
يصف نَاقَته:
عَمَل قَوَائِمهَا على متقعقع
عَتِبِ الْمَرَاتِب خَارج متنشِّر
وبالشُّريف من بِلَاد قيس مَوَاضِع يُقَال لَهَا القعاقع.
وَيُقَال قعقعتُ القارورةَ وزعزعتها، إِذا أَرَغْت نزع صمامها من
رَأسهَا. وَيُقَال للَّذي يُحَرك قداح الميسر ليجيلها: المقعقع.
وَقَالَ ابْن مقبِل:
بقدحين فازا من قداح المقعقِع
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للمهزول: صَار عظاماً تتقعقع. قَالَ: وكل
شيءٍ دَقَّتُهُ صوتٌ واحِد فَإنَّك تَقول يقعقع. وَإِذا قلت لمثل
الأدَم الْيَابِسَة وَالسِّلَاح قلت يتقعقع.
قلت: وَقَول النَّابِغَة يدل على خلاف مَا قَالَ: لِأَنَّهُ قد قَالَ:
يقعقع خلف رجلَيْهِ بشنِّ
والشّنّ من الأدَم، وكأنّه أَرَادَ أَنه يقعقع فيتقعقع.
وَيُقَال: أقعَّ القومُ، إِذا حفروا فأنبطوا مَاء قُعاعاً. ومياه
الملاَّحات كلهَا قُعاع.
وَيُقَال للْقَوْم إِذا كَانُوا نزولاً ببلدٍ فاحتملوا عَنهُ: قد
تقعقعت عَمَدهم. وَقَالَ جرير:
تقَعْقع نَحْو أَرْضكُم عمادِي
وَقَالَ أَبُو زيد: القعقعة: تتَابع صَوت الرَّعْد فِي شدّة. وجماعه
القعاقع.
ويقا للحمَّى النافض قعقاع. وَقَالَ مزرِّد أَخُو الشماخ:
إِذا ذُكرت سلمى على النأي عادَني
ثُلاجيّ قعقاعٍ من الْورْد مردِمِ
وَقَالَ بعض الطائيِّين: يُقَال قعّ فلَان فلَانا يقُعُّه قعاً، إِذا
اجترأ عَلَيْهِ بالْكلَام
والقعاقع: الْحِجَارَة الَّتِي ترمى بهَا النّخل لينتثر من ثمره.
والمقعقِع: الَّذِي يقعقع القداح من الميسر.
وَقَالَ ابْن هرمة:
وقعقعت القداح ففزت مِنْهَا
بِمَا أَخذ السَّمينُ من القداح
وَرُوِيَ عَن السُدِّي أَنه قَالَ: سميِّ الْجَبَل الَّذِي بِمَكَّة
قعيقعان لأنّ جُرهماً كَانَت تجْعَل فِيهِ قسيها وجعابها ودَرَقها،
فَكَانَت تُقِعقِعُ وتصوِّت.
(بَاب الْعين مَعَ الْكَاف)
عك، كع: مستعملان
عك: أَبُو عبيد عَن الْفراء: يُقَال عككتُه أعكُّه عكّاً، إِذا حَبسته
عَن حَاجته. وَكَذَلِكَ يُقَال عجسته عَن حَاجته. وَيُقَال عكته الْحمى
عكّاً، إِذا لَزِمته حَتَّى تُضْنيَه. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: عككته
أعكه عكاً، إِذا استعدته الحديثَ كي يكرره مرَّتَيْنِ.
وروى ابْن حبيب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أعكّت العُشَراء من الْإِبِل
تُعِكَ. وَالِاسْم العِكَّة، وَهِي أَن تستبدل لَوناً غير لَوْنهَا،
وَكَذَلِكَ إِذا سمنت فأخصبت. وَقَالَ فِي قَول رؤبة:
مَاذَا ترى رَأْي أخٍ قد عَكَّا
قَالَ: عك الرجل، إِذا احْتبسَ وَأقَام.
(1/53)
قَالَ الْأَصْمَعِي: عكَّني بالْقَوْل
عكّاً، إِذا ردهُ عَلَيْك متعنّتاً. ورجلٌ مِعَكٌّ، إِذا كَانَ ذَا
لدَدٍ والتواء وخُصومة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْعَرَب تَقول: ائتزر فلَان إزرةَ عكَّ
وَكَّ؛ وَهُوَ أَن يُسبل طرَفيْ إزَاره. وَأنْشد:
إِن زرته تَجدهُ عَكَّ ركا
مشيته فِي الدَّار هاكَ ركَّا
قَالَ: هاك ركّ: حِكَايَة تبختره.
أَبُو عُبيد الله عَن أبي زيد: إِذا سكنت الرّيح مَعَ شدَّة الْحر قيل:
يَوْم عكِيك، وَيُقَال يومٌ عكٌّ أكٌّ، وَقد عكَّ يَوْمنَا. قَالَ:
وَقَالَ غَيره: العُكَّة والعكيك: شدّة الْحر. وَقَالَ ساجع الْعَرَب:
(إِذا طلعت العُذْرة، لم يبْق بعُمان بُسْرة، وَلَا لأكَار بُرَّة،
وَكَانَت عكة نُكْرة، على أهل الْبَصْرَة) .
والمِعَكّ من الْخَيل: الَّذِي يجْرِي قَلِيلا ثمَّ يحْتَاج إِلَى
الضَّرْب، قَالَه اللَّيْث.
وَقَالَ أَبُو عبيد: العَكَوّك السمين، وَقَالَ غَيره: هُوَ الْقصير
المقتدر الخَلق. وَقَالَ الراجز:
عكوَّك إِذا مَشى دِرحايه
والعُكة: زُقيق صَغِير يُجعَل فِيهِ السّمن. ويُجمَع عُكَكا وعِكاكاً.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الغَسَّانيّ عَن سَلمَة، أَنه قَالَ: سَمِعت
أَبَا القمقام الْأَعرَابِي يَقُول: غبت غيبَة عَن أَهلِي فقدِمت،
فقدَّمَتْ إليَّ امْرَأَتي عكّتين صغيرتين من سمن، ثمَّ قَالَت: حلِّني
اكسُني، فَقلت:
تسلأ كلّ حُرَّةٍ نِحْيين
وَإِنَّمَا سَلأتِ عُكَّتَينِ
ثمَّ تَقول اشترِ لي قرطين
وَقَالَ اللَّيْث: عكُّ بن عَدنان هم اليومَ فِي الْيمن، وَقَالَ بعض
النسَّابين، إِنَّمَا هُوَ معدّ بن عدنان، فأمّا عَكّ فَهُوَ ابْن
عُدثان بالثاء، وهم من ولد قحطان، وعدنان من ولد إِسْمَاعِيل ج.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال عُكَّ إِذا حُمَّ، وعَكَّ إِذا
غَلى من الحرّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: العَكَّة: رَملَة حميت عَلَيْهَا الشَّمْس. وَأما
قَول العجاج:
عكٌّ شديدُ الأَسْر قُسبُريُّ
قَالَ أَبُو زيد؛ العَكُّ: الصُّلب الشَّديد الْمُجْتَمع.
وَقَالَ اللَّيْث: العَكَّة من الحرّ: فَورةٌ شَدِيدَة فِي القيظ،
وَهُوَ الْوَقْت الَّذِي تركد فِيهِ الرّيح؛ وَفِي لغةٍ: أكَّة.
كع: ابْن حبيب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجل كَعُّ الْوَجْه، أَي رَقِيق
الْوَجْه؛ ورجلٌ كُعكُعٌ: جبان. وَقد تكعكع وتكأكأ، إِذا ارتدع ورجلٌ
كَعٌّ كاعٌّ، إِذا كَانَ جَبَانًا ضَعِيفا. وَقد كعّ يكعّ كعُوعاً.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال كَعِعتُ أكَعُّ وكعَعتُ بِالْفَتْح أكِعُّ.
وَكَذَلِكَ زَلِلت وزَلَلتُ، وشَحِحْتُ وشحَحْتُ أشَحُّ وأشِحُّ.
وَقَالَ العجَّاج:
كعكعتُه بِالرَّجمِ والتنجُّه
وَقَالَ ابْن المظفّر: رجل كعُّ كاعٌّ، وَهُوَ الَّذِي لَا يمْضِي فِي
حزم وَلَا عزم، وَهُوَ الناكص على عَقِبَيْهِ. والكاعُّ: الضَّعِيف
(1/54)
الْعَاجِز. وَأنْشد:
إِذا كَانَ كَعُّ الْقَوْم للرَّحْلِ لَازِما
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال كعكعته فتكعكع. وَأنْشد لمتمِّم بن
نُوَيْرَة:
ولكنَّني أمضي على ذاكَ مُقدِماً
إِذا بَعضُ مَن يلقى الخطوبَ تكعكعا
قَالَ: وأصل كعكعت: كعَّعْت، فاستثقلت الْعَرَب الْجمع بَين ثَلَاث
أحرف من جنس وَاحِد ففرقوا بَينهَا بِحرف مكرَّر وَمثله كفكفتُه عَن
كَذَا، وَأَصله كفَّفته.
وَقَالَ غَيره: أكَعَّه الفَرَقُ إكعاعاً، إِذا حبَسَه عَن وَجهه.
والكَعْك: الْخبز الْيَابِس. قَالَ اللَّيْث: أظنّه معرباً. وَأنْشد:
يَا حَبّذا الكعك بلحمٍ مثرودْ
وخُشْكَنانٌ معْ سويقٍ مَقنود
(بَاب الْعين وَالْجِيم)
عج، جع، مستعملان
عج: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (أفضل
الحجّ العَجّ والثَّجّ)
وَقَالَ أَبُو عبيد: العجّ: رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ، والثّجّ:
سيلان دِماء الْهَدْي. وَيُقَال عج الْقَوْم يَعِجّون، وضجُّوا
يَضِجُّون، إِذا رفعوا أَصْوَاتهم بالدُّعاء والاستغاثة.
وَقَالَ اللَّيْث: سمِّي العجّاج الرّجاز عجَّاجاً بقوله:
حَتَّى يعج ثخناً من عجعجا
قَالَ اللَّيْث: لما لم يستقم لَهُ فِي القافية عجَّا وَلم يصحَّ معنى
عجَّجا ضاعفه فَقَالَ: عجعجا وهم فُعَلاء لذَلِك.
قَالَ: والتعجيج: إثارة الْغُبَار، وَهُوَ العَجَاج. وَيُقَال عجَّجت
الْبَيْت دخاناً حَتَّى تعجَّج. والعَجَاج: غُبَار تثور بِهِ الرّيح،
الْوَاحِدَة عَجاجة. وَفعله التعجيج.
وَفِي (النَّوَادِر) : عجّ الْقَوْم وأعجُّوا، وأَهجُّوا، وخجُّوا
وأخجُّوا، إِذا أَكْثرُوا فِي فنونِهِ الركوبَ.
اللحياني: رجل عجْعاجٌ بجباج، إِذا كَانَ صيَّاحاً.
وَقَالَ أَبُو زيد: أعجَّت الرّيح، إِذا اشْتَدَّ هبوبها وأثارت
الْغُبَار. قَالَ: والعجعجة فِي قضاعة كالعنعنة فِي تَمِيم، يحولون
الْيَاء جيماً كَقَوْلِه:
المطعمون اللَّحْم بالعَشجِّ
وبالغداة كِسَر البَرْنجِّ
يُقلَع بالودِّ وبالصِّيصجِّ
أَرَادَ: بالعشيّ، والبرنيّ، والصِّيصيّ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: النُّكب من
الرِّيَاح أَربع: فنكباء الصِّبَا والجَنوب مهياف ملواح، ونكباء
الصَّبا وَالشمَال مَعجاجٌ مِصراد لَا مَطر فِيهَا وَلَا خير، ونكباء
الشمَال والدَّبور قَرّة، ونكباء الدَّبور والجنوب حارّة.
قَالَ: والمَعجاج هِيَ الَّتِي تثير الْغُبَار.
وَيُقَال: عجّ الْبَعِير فِي هديره يعجّ، فَإِن كرَّر هديره قيل عجعج.
وَيُقَال للناقة إِذا زجرتها عاجْ. وَقد عجعجت بهَا.
(1/55)
أَبُو عبيد عَن الْفراء: العجَاجة:
الْإِبِل الْكَثِيرَة. وَقَالَ شمر: لَا أعرف الْعَجَاجَة بِهَذَا
الْمَعْنى. قَالَ ابْن حبيب: العَجَاج من الْخَيل: النجيب المسنّ.
وروى شمر بِإِسْنَاد لَهُ عَن عبد الله بن عَمْرو عَن رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يَأْخُذ
الله شريطته من أهل الأَرْض، فَيبقى عَجَاجٌ لَا يعْرفُونَ مَعْرُوفا
وَلَا يُنكرون مُنكَراً) . قَالَ شمر: العَجَاج من النَّاس نَحْو
الرَّجَاج والرَّعاع. وَأنْشد:
يرضى إِذا رَضِي النِّسَاء عجاجةٌ
وَإِذا تُعُمّدَ عَمْدُه لم يَغضَبِ
عَمْرو عَن أَبِيه: عجّ، إِذا صَاح. وجَعّ، إِذا أكل الطين.
وَقَالَ غَيره: طَرِيق عاجٌّ زاجٌّ، إِذا امْتَلَأَ.
جع: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: جعَّ فلانٌ فلَانا، إِذا
رَمَاه بالجَعْو، وَهُوَ الطِّين. وَكتب عبيد الله بن زِيَاد اللعين
إِلَى عُمر بن سَعْد: أَن جعجعْ بالحسين بن عَليّ رَضِي الله
عَنْهُمَا. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَعْنَاهُ ضيِّق عَلَيْهِ. قَالَ:
والجعجَع: الْموضع الضَّيق الخشِن.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيُّ: الجعجعة الحَبْس. قَالَ: وإنّما
أَرَادَ بقوله (جعجع بالحسين) أَي احبسه. وَمِنْه قَول أَوْس بن حَجَر:
إِذا جعجعوا بَين الإناخة وَالْحَبْس
قَالَ: والجعجاع: المَحبِس: وَأنْشد:
205 - وَبَاتُوا بجعجاعٍ حَدِيث المعرَّجِ
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ غَيره: الجعجاع: الأَرْض الغليظة. وَقَالَ
أَبُو قيس بن الأسلت:
مَنْ يَذُقِ الحربَ يَجدْ طعمها
مُرّاً وتتركْه بجعجاعِ
سَلَمة عَن الْفراء قَالَ: الجعجعة: التَّضْيِيق على الْغَرِيم فِي
الْمُطَالبَة. والجعجعة: التشريد بالقوم.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجعجع: صَوت
الرَّحى، وَمِنْه مثل الْعَرَب: (جَعجعة وَلَا أرى طِحْناً) ، يضْرب
للَّذي يعِد وَلَا يَفِي، قَالَ: والجعجعة: أصوات الْجمال إِذا
اجْتمعت.
وَقَالَ اللَّيْث: جعجعت الْإِبِل، إِذا حرّكتَها لإناخة أَو نُهوض.
وَأنْشد:
عَوْد إِذا جُعجِعَ بعد الهبِّ
وفحلٌ جعجاعٌ: شَدِيد الرُّغاء. وَقَالَ حُميد بن ثَوْر:
يطفْنَ بجعجاعٍ كأنّ جرانه
نَجيبٌ على جالٍ من الْبِئْر أجوفِ
وَيُقَال: تجعجع الْبَعِير وَغَيره، إِذا ضرَب بِنَفسِهِ الأَرْض
باركاً، لمرضٍ يُصِيبهُ أَو ضرب يُثخنه. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فأبدّهنَّ حتوفهنَّ فهارب
بذَمائه أَو باركٌ متجعجعُ
وَقَالَ إِسْحَاق بن الْفرج: سَمِعت أَبَا الرّبيع الْبكْرِيّ يَقُول:
الجعجع والجفجف من الأَرْض المتطامِن، وَذَلِكَ أنَّ المَاء يَتجفجف
فِيهِ فَيقوم، أَي يَدُوم. قَالَ: وأردته أَن يَقُول يتجعجعَ فَلم
يقُلْها فِي
(1/56)
المَاء. وَقَالَ: جعجعَ الْمَاشِيَة
وجفجفها، إِذا حبسَها.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَمْرو: الجَعجاع: الأَرْض. قَالَ: وكلُّ
أرضٍ جعجاع. قَالَ شمر: وأنشدنا ابْن الْأَعرَابِي:
نحلُّ الديار وَرَاء الديا
رِ ثمَّ نجعجع فِيهَا الجُزُرْ
قَالَ: نجعجعها: نحبسها على مكروهها.
وَيُقَال: جعجعَ بهم، أَي أناخَ بهم وألزمهم الجعجاع. قَالَ: وجعجعَ
البعيرُ إِذا برك. وَأنْشد:
حتّى أنخنا عزَّه فجعجعا
أَي استناخ. وجعجعَ القومُ، أَي أناخوا
(بَاب الْعين والشين)
عش، شع: مستعملان
عش: أخبرنَا الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ:
العَشُّ: المهزول. وَقَالَ بعضُ رجاز الْعَرَب:
تضحك مني أَن رأتني عَشَّا
لبست عَصْريْ عُصُرٍ فامتشَّا
بشاشَتي وعمَلاً ففشّا
وامرأةٌ عَشَّةٌ: ضئيلة الخَلْقِ
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الأعرابيّ: عشَّ بدنُ الْإِنْسَان، إِذا ضَمر
ونَحَل، وأعشّهُ الله قَالَ: والعَشُّ: الْجمع وَالْكَسْب.
وَقَالَ اللَّيْث: عش الرجل معروفه يَعُشُّه، إِذا أقلَّه وَقَالَ
رؤبة:
حَجَّاج مَا سَجْلُكَ بالمعشوشِ
قَالَ: وسقاه سجلاً عشاً، أَي قَلِيلا. وَأنْشد:
يُسقَينَ لَا عَشّاً وَلَا مصرَّدا
قَالَ: وَقَالَ أَبُو خَيرة العدويّ: العشّةُ: الأَرْض الغليظة. قَالَ:
وأعششنا، أَي وقعنا فِي أرضٍ عشَّة. وعشَّش الخُبزُ، إِذا يبس وتكرَّج،
فَهُوَ معشِّش.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أعششتُ الْقَوْم، إِذا نزلتَ بهم على كَره
حَتَّى يَتَحَوَّلُوا من أَجلك. وَأنْشد للفرزدق يصف القطا:
فَلَو تُركتْ نَامَتْ وَلَكِن أعشَّها
أَذَى من قِلاصٍ كالحنيّ المعطَّفِ
وَقَالَ أَبُو مَالك: قَالَ أَبُو الصَّقْر: أعششتُ الْقَوْم إعشاشاً،
إِذا أعجلتهم عَن أَمرهم.
وأعشاش: موضعٌ مَعْرُوف فِي ديار بني تَمِيم، ذكره الفرزدق فَقَالَ:
عزَفت بأعشاشٍ وَمَا كدت تعزِف
وأنكرتَ من حَدراء مَا كنت تعرف
وشجرةٌ عَشَّةٌ: دقيقة الأغصان لئِيمة المنبت. وَقَالَ جرير:
فَمَا شجراتُ عِيصكَ فِي قُريشٍ
بعشّات الفروعِ وَلَا ضواحي
وعشّشت النَّخْلَة، إِذا قلَّ سَعَفُها ودقَّ أسفلُها. قَالَ: وعشَشتُ
القميصَ إِذا رقعته، فانعشَّ.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو زيد: يُقَال جَاءَ بِالْمَالِ من عَشِّهِ
وبَشِّه، وعَسِّه وبسِّه. أَي من حَيْثُ شَاءَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فرسٌ عَشُّ القوائم: دَقِيق القوائم.
(1/57)
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ:
العَشعَش: العُشُّ إِذا تراكبَ بعضُه على بعض.
وَقَالَ اللَّيْث: العُشّ للغراب وَغَيره على الشَّجر إِذا كثُف
وضَخُم، وَيجمع عِشَشة.
وَقَالَ ابْن الْفرج: قَالَ الْخَلِيل: المعَشُّ الْمطلب. قَالَ:
وَقَالَ غَيره: المعَسُّ: الْمطلب.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: قَالَ أَبُو خيرة: أرضٌ عشة: قَليلَة الشّجر فِي
جَلَد عَزَاز، وَلَيْسَ بجبلٍ وَلَا رمل. وَهِي لينَة فِي ذَاك. قَالَ:
وعشَّه بالقضيب عشاً: ضربه ضربات.
أَبُو عبيد: من أمثالهم: (لَيْسَ هَذَا بعشِّك فادرجي) . يضْرب مثلا
لمن يرفع نَفسه فَوق قدره. ونحوٌ مِنْهُ: (تلمَّسْ أعشاشك) ، أَي
تلمَّس التجنِّي والعلل فِي ذويك. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة لرجلٍ
أَتَاهُ: (لَيْسَ هَذَا بعشك فاردجي) فَقيل لَهُ: لمن يُضرَب هَذَا؟
فَقَالَ: لمن يُرفع لَهُ بخيال. فَقيل: مَا مَعْنَاهُ؟ فَقَالَ: لمن
يطرد.
شع: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: شعَّ القومُ إِذا
تفَرقُوا. وَأنْشد للأخطل:
عِصَابَة سَبْىٍ شعَّ أَن يتَقسَّما
أَي تفرَّقوا حذار أَن يُتَقسَّموا
قَالَ: والشَّعُّ: العَجَلة. قَالَ: وانشعَّ الذِّئْب فِي الْغنم،
وانشلَّ فِيهَا، وانشنَّ، وأغار فِيهَا واستغار، بِمَعْنى وَاحِد.
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال لبيت العنكبوت الشَّعّ وحُقَّ الكَهُول.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الشَّعشع والشعشان: الطَّوِيل. وَقَالَ
فِي مَوضِع آخر: الشَّعشاع الْحسن، وَيُقَال الطَّوِيل. وَقَالَ ذُو
الرُّمة:
إِلَى كلِّ مشبوح الذراعين تُتقى
بِهِ الْحَرْب شعشاع وَآخر فَدغمِ
وَقَالَ اللَّيْث: الشعشعان من كلِّ شيءٍ: الطويلُ الْعُنُق. وَيُقَال
شعشعتُ الشرابَ، إِذا مزجته بِالْمَاءِ. وَيُقَال للثريدة الزُّريقاء:
شعشِعها بالزيت.
وروى شمر بِإِسْنَاد لَهُ حَدِيث وَاثِلَة بن الْأَسْقَع، أَن النبيّ
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ثرد ثريدة ثمَّ شعشعها ثمَّ لبقها ثمَّ
صَعَنَبها) قَالَ شمر: وَقَالَ ابْن الْمُبَارك: شعشعها: خلط بَعْضهَا
بِبَعْض كَمَا يُشعشع الشَّرَاب بِالْمَاءِ إِذا مزج بِهِ. قَالَ:
وَيَقُول الْقَائِل للثريدة الزريقاء: شعشعها بالزيت. قَالَ شمر:
وَقَالَ بَعضهم: شعشع الثريدة إِذا رفع رَأسهَا، وَكَذَلِكَ صعلكها
وصعنبها. قَالَ: وروى أَبُو دَاوُد عَن ابْن شُمَيْل: شعشع الثريدة
إِذا أَكثر سَمنَها. قَالَ: وَقَالَ بَعضهم شعشعها طوّل رَأسهَا، من
الشعشاع، وَهُوَ الطَّوِيل من النَّاس.
قلت: وروى أَبُو عبيد هَذَا الْحَرْف فِي حَدِيث وَاثِلَة: (ثمَّ
سغسَغَها) بِالسِّين والغين أَي رَوَاهَا دسماً. وَهَكَذَا قَالَه ابْن
الْأَعرَابِي.
وَيُقَال: شَعَّ بولَه يشُّعه، فرَّقه، فشع يشِعُّ إِذا انْتَشَر.
وشععنا عَلَيْهِم الْخَيل نشُعُّها.
أَبُو عبيدٍ عَن الْفراء: الشَّعَاع: المتفرق، يُقَال: تطايَر القومُ
شعاعاً، إِذا تفَرقُوا. وتطايرت الْعَصَا شعاعاً، إِذا تكسرتْ قِصَداً.
وشَعاعُ السنبل: سَفاه إِذا يبس
(1/58)
مَا دَامَ على السنبل وبَعْدَ انتشاره.
وأشعَّ السُّنبلُ، إِذا اكتنزَ حَبُّه وانتشر سفاه.
وَيُقَال: ذهبت نَفسِي شَعَاعاً، إِذا انْتَشَر رأيها فَلم تتجه لأمرٍ
حزم.
وشَعَاع الدَّم: مَا انْتَشَر إِذا استنَّ من خَرق الطَّعنة. وَأنْشد
ابْن السّكيت:
طعنتُ ابْن عبدِ الْقَيْس طعنةَ ثائرٍ
لَهَا نَفذٌ لَوْلَا الشُّعاع أضاءها
يَقُول: لَوْلَا انتشار سَنَن الدَّم لأضاءها النفذ حتَّى تُستبان.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال سقيته لَبناً شَعاعاً أَي ضَيَاحاً أُكثر
مَاؤُهُ.
قلت: والشعشعة: المَزْج مَأْخُوذ مِنْهُ. وكلُّ مَا مرَّ فِي الشعَاع
فَهُوَ بِفَتْح الشين، وَأما ضوء الشَّمْس فَهُوَ الشعاع بِضَم الشين،
وَجمعه شُعُعٌ وأشِعّة، وَهُوَ مَا تَرَى من ضوئها عِنْد ذُرورِها مثل
القضبان.
عمرٌ وَعَن أَبِيه قَالَ: الشُّعشُع: الْغُلَام الْحسن الْوَجْه
الْخَفِيف الرُّوح، بِضَم الشينين.
(بَاب الْعين وَالضَّاد)
عض، ضع: مستعملان
عض: أَبُو عبيد: مَا عندنَا أَكال وَلَا عَضَاض، أَي مَا يُعَضّ
عَلَيْهِ وَأنْشد شمر:
أخْدَرَ سَبْعاً لم يذُق عَضاضا
وَقَالَ ابْن بزرج: مَا أَتَانَا من عَضاضٍ وعَضوضٍ ومعضوص، أَي مَا
أَتَانَا بِشَيْء نعضُّه. قَالَ: وَإِذا كَانَ القومُ لابِنِينَ فَلَا
عَلَيْهِم أَلا يَرَوا عَضاضاً.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (من
تَعزَّى بعَزَاء الْجَاهِلِيَّة فأعِضُّوه بهَنِ أَبِيه وَلَا
تَكْنُوا) معنى قَوْله (أعضّوه بهَنِ أَبِيه) أَي قُولُوا لَهُ اعضَضْ
بأير أَبِيك، وَلَا تكنوا عَن الأير بالهن. وَأمر صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم بذلك تأديباً لمن دَعَا دَعْوَة الْجَاهِلِيَّة.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر قَالَ: العِضُّ من الرِّجال: الداهي المنكَر
وَقَالَ القطاميّ:
أَحَادِيث من عادٍ وجُرهُمَ جمّة
يثَوِّرها العِضّانِ زيدٌ ودَغْفَلُ
أَرَادَ بالعِضَّين: زيدا النمريّ ودَغفلاً النسّابة، وَكَانَا عالمي
الْعَرَب بأنسابها وأيامها وحِكَمها.
وَيُقَال: بَرِئت إِلَيْك من العِضاض، إِذا باعَ دابّةً وبرىء إِلَى
مشتريها من عَضِّها النَّاس. والعيوب تَجِيء على فِعال بِكَسْر
الْفَاء.
وَسمعت الْعَرَب تَقول: بِئْر عَضوض وَمَاء عَضوض، إِذا كَانَ بعيد
القعر يُستَقى مِنْهُ بالسانية.
وَقَالَ ابْن بزرج: يُقَال مَا كَانَت عَضُوضاً وَلَقَد أعضّت، وَمَا
كَانَت جُدًّا وَلَقَد أجدَّت، وَمَا كَانَت جَرُوراً وَلَقَد أجَرّت.
والعضُّ بالأسنان، وَالْفِعْل عَضِضْتُ وأعَضُّ، الْأَمر مِنْهُ عَضَّ
واعضَضْ.
ومُلْك عَضوض: شَدِيد فِيهِ عَسْف وعُنْف. والعَضُوض من أَسمَاء
الدَّوَاهِي.
الحرانيّ عَن ابْن السّكيت قَالَ: العِضُّ: العِضاهُ بِكَسْر الْعين.
وَبَنُو فلانٍ مُعِضُّون، إِذا كَانَت إبلُهم ترعى العِضَّ. وأرضٌ
(1/59)
مُعِضّة: كَثِيرَة العِضّ. وبعيرٌ عاضّ.
وَقَالَ أَبُو زيد فِيمَا رَوَى عَنهُ ابْن هانىء: العِضاه اسمٌ يَقع
على شجرٍ من شجر الشَّوك لَهُ أسماءٌ مُخْتَلفَة يجمعها العِضاه،
والعِضاه الْخَالِص مِنْهُ: مَا عظُم واشتدّ شوكه. وَمَا صغُر من شجر
الشوك فَإِنَّهُ يُقَال لَهُ العِضّ والشِّرْس. قَالَ: وَإِذا اجْتمعت
جموعُ ذَلِك قيل لما لَه شوكٌ من صغاره عِضٌّ وشِرسٌ، وَلَا يُدعَيان
عِضاهاً. فَمن العِضاه السمرُ، والعُرفُط، والسَّيَال، والقَرَظ،
والقَتَاد الأعظَم، والكَنَهبُل، والسِّدْر، والغافُ، والغَرَب
فَهَذِهِ عضاهٌ أجمع. وَمن عِضاه الْقيَاس وَلَيْسَ بالعضاه الْخَالِص:
الشَّوحط، والنَبْع، والشِّريان، والسَّرَاء، والنَّشَم، والعُجُرم،
والتألب، والغَرَف. فَهَذِهِ كلُّها تُدعى عضاه الْقيَاس وَلَيْسَت
بالعضاه الْخَالِص وَلَا بالعِضِّ.
وَمن العِضِّ والشِّرس القتاد الْأَصْغَر، وَهِي الَّتِي ثمرتُها
نُفّاخة كنُفّاخة العُشَر، إِذا حُرّكت انفقأت. وَمِنْهَا الشُّبْرم،
والشِّبرِق، والحاجُ، واللَّصَف، والكلبة، والعِتْر، والثغْرُ.
فَهَذِهِ عِض وَلَيْسَت بعضاه. وَمن شجر الشوك الَّذِي لَيْسَ بِعِضِّ
وَلَا عِضاه: الشُّكاعَى، والحُلاَوَى، والحاذُ، والكُبّ، والسُّلَّج.
وَفِي (النَّوَادِر) : هَذَا بلدٌ بِهِ عِضٌّ وأعضاض وعَضاض، أَي شجرٌ
ذُو شوك.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العُضّ بِضَم الْعين: عَلَف
الْأَمْصَار، مثل الكُسْب والنَّوى المرضوخ. قَالَ: وَقَالَ الْمفضل:
العُضُّ: الْعَجِين. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: العُضّاض عِرنين الْأنف.
وَأنْشد غَيره:
لما رَأَيْت العبدَ مشرحِفَّا
أعدَمته عُضَّاضَهُ والكفّا
سَلمَة عَن الْفراء، قَالَ: العُضَاضيُّ: الرجل الناعم اللّين،
مَأْخُوذ من العُضاض، وَهُوَ مَا لانَ من الْأنف.
وَيُقَال: أعضَّ الحجّام المِحجمَةَ قَفاهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال عضّ الرجل بِصَاحِبِهِ يعَضُّه، إِذا
لَزِمَه.
وَقَالَ النَّضر: إنّه لعِضُّ مالٍ، إِذا كَانَ حسنَ الْقيام عَلَيْهِ
وفلانٌ عِضُّ سفَر: قويٌّ عَلَيْهِ. وعِضُّ قتال. وَأنْشد
الْأَصْمَعِي:
إنّا إِذا قُدنا لقومٍ عَرضا
لم نُبقِ من بغْي الأعادي عِضّا
ابْن شُمَيْل: عاضّ الْقَوْم الْعَيْش مُنْذُ الْعَام فَاشْتَدَّ
عِضاضهم، أَي اشْتَدَّ عَيشهم. وإنّه لعِضاض عَيْش، أَي صَبورٌ على
الشدّة. وغَلَقٌ عِضٌّ: لَا يكَاد ينفتح.
الْأَصْمَعِي: مَاء عَضوض: بعيد القعر. ونحوَ ذَلِك قَالَ النَّضر.
وقوس عَضوض، إِذا لزِق وترها بكبدها.
وَقَالَ أَبُو زيد: الْبِئْر العضوض، هِيَ الضيّقة. وَقَالَ أَبُو
عَمْرو: هِيَ الْكَثِيرَة المَاء.
وَقَالَ أَبُو خيرة: امْرَأَة عَضوض: لَا ينفُذ فِيهَا الذّكر من
ضِيقها. وفلانٌ عِضُّ فلَان وعضيضة، أَي قِرْنه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العَضعَض: العِضُّ الشَّديد.
قَالَ: والضَّعضَع: الضَّعِيف.
(1/60)
والتَّعضوض: تمر أسود، التَّاء فِيهِ لَيست
بأصلية. وَفِي الحَدِيث أنّ وفْد عبد الْقَيْس قدِموا على النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ فِيمَا أهدَوا لَهُ قِرَبٌ من تعضوض.
وَأنْشد الرياشيُّ فِي صفة النّخل:
أسود كاللَّيل تدجّى أخضره
مخالط تعضوضه وعُمُره
بَرنيَّ عَيدانٍ قليلٍ قِشَره
والعُمُر: نخل السكّر.
قلت: وَقد أكلت التعضوض بِالْبَحْرَيْنِ فَمَا أعلمني أكلتُ تَمْراً
أحمَتَ حلاوةً مِنْهُ، ومنبته هَجَر وقُراها.
ضع: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الضّعُّ: تَأْدِيب النَّاقة
والجمل إِذا كَانَا قضيبَين. قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: هُوَ أَن يُقَال
لَهُ ضَعْ ليتأدّب.
قَالَ: والضَّعضع: الضَّعِيف.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: رجلٌ ضَعضاع: لَا رَأْي لَهُ وَلَا حَزْم.
والضعضاع: الضَّعِيف من كل شَيْء.
وَقَالَ غَيره: تضعضعَ فلانٌ، إِذا خضع وذل. وَقد ضعضعه الدَّهْر.
وَالْعرب تسمِّي الْفَقِير متضعضِعاً. وَقد تضعضع، إِذا افْتقر.
قلت: وأصل الْبَاب من الْوَضع.
(بَاب الْعين وَالضَّاد)
عص، صع: مستعملان
عص: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العَصُّ هُوَ
الأَصْل الْكَرِيم، وَكَذَلِكَ الأَصّ. قَالَ: والعَصعَص: عَجْب
الذنَبِ، بِفَتْح الْعين وَجمعه عَصاعص.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي مَوضِع آخر: هُوَ العُصعُص والعَصعَص
والعُصَص والعُصُص، لغاتٌ كلُّها صَحِيحَة. وَهُوَ العُصعوص أَيْضا.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: عصَّ الشيءُ، إِذا اشتدّ.
صع: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّعصَع: المتفرِّق. وَقَالَ
أَبُو حَاتِم: الصَّعصَع: طَائِر أبرشُ يصيد الجنادب، وَجمعه صعاصع.
وَقَالَ الأصمعيّ: الصَّعصعة: التَّفْرِيق. والصَّعصعة: التحريك.
وَأنْشد لأبي النَّجْم:
تحسبه يُنْحِى لَهَا المعاولا
ليثاً إِذا صعصعته مُقَاتِلًا
أَي حرَّكتَه لِلْقِتَالِ. وَقَالَ أَبُو النَّجْم أَيْضا فِي
التَّفْرِيق:
ومُرثعِنّ وَبْلُهُ يصعصِعُ
أَي يفرّق الطَّيرَ وينفّرُه.
قلت: وَأَصله من صاعه يَصُوعه، إِذا فرَّقه.
وَقَالَ أَبُو سعيد: تصعصع وتضعضع بِمَعْنى وَاحِد، إِذا ذلَّ وخضع.
قَالَ: وَسمعت أَبَا الْمِقْدَام السّلمِيّ يَقُول: تصرّع الرجل
لصَاحبه وتضرّع، إِذا تذلَّل واستخذى.
وَقَالَ أَبُو السميدع: تصعصع الرجُل، إِذا جبُن. قَالَ: والصَّعصعة:
الفَرَق.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: صعصعهم حرَّكهم. وَقَالَ أَيْضا: إِذا فرَّق مَا
بَينهم.
(1/61)
وَقَالَ الأصمعيُّ: الزعزعة، والصعصة،
بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو الْحسن اللِّحياني: صعصعَ رأسَه بالدُّهن وصَغْصغَه،
إِذا روّاه وروّغه.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الصعصعة: نَبت يُستمشَى بِهِ.
وَقَالَ إِسْحَاق بن الْفرج: قَالَ أَبُو الْوَازِع: قَالَ اليمامي:
هُوَ نبْتٌ يشرب مَاؤُهُ للمَشْي.
(بَاب بِالْعينِ وَالسِّين)
عس، سع: مستعملان.
عس: قَالَ الله تَعَالَى: {ُِالْكُنَّسِ وَالَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ
وَالصُّبْحِ إِذَا} (التّكوير: 17 18) قَالَ ابْن جُريج: قَالَ
مُجَاهِد فِي قَوْله: {الْكُنَّسِ وَالَّيْلِ إِذَا} قَالَ: هُوَ
إقباله. وَقَالَ قَتَادَة: هُوَ إدباره وَإِلَيْهِ ذهب الكلبيّ.
قَالَ الْفراء: اجْتمع المفسِّرون على أَن معنى عسعس أدبَر. قَالَ:
وَكَانَ بعض أَصْحَابنَا يزْعم أَن عسعَسَ مَعْنَاهُ دنا من أوّله
وأظلم. وَكَانَ أَبُو الْبِلَاد النحويّ ينشد بَيْتا:
عسعسَ حتَّى لَو يَشَاء ادَّنا
كَانَ لَهُ من ضَوئِه مَقْبِسُ
قَالَ: ادَّنا: إذْ دنا، فأدغم. قَالَ الْفراء: وَكَانُوا يُرَون أنّ
هَذَا الْبَيْت مَصْنُوع.
وَكَانَ أَبُو حَاتِم وقطرب يذهبان إِلَى أنَّ هَذَا الْحَرْف من
الأضداد. وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة يَقُول ذَلِك أَيْضا: عسعس الليلُ
أَي أقبل، وعسعسَ إِذا أدبر. وَأنْشد:
مدّرعات اللّيل لمّا عسعَسا
أَي أقبلَ. وَقَالَ الزِّبرقان:
وردتُ بأفراس عتاقٍ وفتيةٍ
فوارِطَ فِي أعجازِ ليل معسعسِ
أَي مُدبر.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق بن السريّ: عسعس الليلُ إِذا أقبل، وعسعس إِذا
أدبر. قَالَ: والمعنيان يرجعان إِلَى أصلٍ وَاحِد، وَهُوَ ابْتِدَاء
الظلام فِي أوّله وإدباره فِي آخِره.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العسعسة: ظلمَة اللَّيْل
كلّه، وَيُقَال إدباره وإقباله. قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَهَذَا هُوَ
الِاخْتِيَار.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العَسوس
النَّاقة الَّتِي إِذا ثارت طوفت ثمَّ دَرَّت.
ونحوَ ذَلِك قَالَ أَبُو عبيد. وَقَالَ آخَرُونَ: نَاقَة عسوس، إِذا
ضجرت وساء خلقُها عِنْد الْحَلب. وَأنْشد أَبُو عبيدٍ لِابْنِ أحمرَ
الْبَاهِلِيّ:
وراحت الشَّولُ وَلم يحبُها
فحلٌ وَلم يعتسَّ فِيهَا مُدِرّ
قَالَ شمِر: قَالَ الهُجَيمي: لم يعتسَّها: لم يطْلب لَبنهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: المَعَسُّ، الْمطلب. وَأنْشد قولَ الأخطل:
مُعقَّرة لَا تنكرُ السيفَ وسْطَها
إِذا لم يكن فِيهَا مَعَسٌّ لحالبِ
أَبُو زيد: عسست الْقَوْم أعُسُّهم، إِذا أطعمتَهم شَيْئا قَلِيلا،
وَمِنْه أَخذ العَسوس
(1/62)
من الْإِبِل.
وَقَالَ الْفراء: العَسُوس من النَّاس: الَّتِي لَا تُبالي أَن تدنُوَ
من الرِّجَال.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: إنّه لعسوسُ من الرّجال إِذا قلَّ خَيره. وَقد
عَسَّ عليّ بخيره، وإنَّ فِيهِ لعُسُساً قَالَ: والاعتساس والاعتسام:
الِاكْتِسَاب.
وَقَالَ ابْن المظفر: العَسُّ: نَفض اللَّيل عَن أهل الرِّيبة؛ يُقَال
عسّ يعُسُّ عَسًّا فَهُوَ عاسّ. قَالَ: والعاسّ اسمٌ يَقع على
الْوَاحِد وَالْجمع.
قلت: العاسّ وَاحِد وَجمعه العَسَس، كَمَا يُقَال خَادِم وخدَم، وحارس
وحرس.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العُسُّ: القَدح الَّذِي يعبّ فِيهِ
الِاثْنَان وَالثَّلَاثَة والعِدّة. قَالَ: والرِّفد أكبر مِنْهُ.
وَقَالَ أَيْضا: العُسُس: التُّجار الحُرصاء، والعُسُس: الْآنِية
الْكِبَار.
قَالَ: والعَسِيس: الذِّئْب الْكثير الْحَرَكَة.
أَبُو عبيد: من أمثالهم فِي الحثّ على الْكسْب قَوْلهم: (كلبٌ عَسَّ
خيرٌ من كلبٍ ربَضَ) ، وَبَعْضهمْ يَقُول: (كلبٌ عاسٌّ خير من كلب
رابضٍ) . والعاسُّ: الطَّالِب، يُقَال عَسّ يعُسُّ إِذا طلب. والذِّئب
العَسوس: الطَّالِب للصَّيد.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للذِّئب العَسعَسُ لأنّه يعُسّ بِاللَّيْلِ
ويَطلُب، وَقَالَ لَهُ العسعاس. والقنافذ يُقَال لَهَا العَساعِس؛
لكثرةِ تردُّدها بِاللَّيْلِ.
وَيُقَال: عسعس فلانٌ الأمرَ، إِذا لبَّسه وعمّاه، وَأَصله من عسعسة
اللَّيْل.
وَيُقَال: جَاءَ بِالْمَالِ من عَسِّهِ وبَسِّه، أَي من طلبه وجهده.
قَالَ: وعَسْعَسُ: موضعٌ مَعْرُوف فِي بِلَاد الْعَرَب. وعسعسٌ: اسْم
رجل.
وَقَالَ اللَّيْث: عسعست السحابةُ، إِذا دنت من الأَرْض، لَا يُقَال
ذَلِك إلاّ بِاللَّيْلِ فِي ظلمَة وبَرق.
وَقَالَ أَبُو الْوَازِع: العُسُّ: الذّكر. وَأنْشد:
لاقت غُلَاما قد تشظّى عُسُّهُ
مَا كَانَ إلاّ مَسُّه فدسُّهُ
قَالَ: عُسُّه: ذكَره.
وَيُقَال: اعتسستُ الشَّيْء، واحتسستُهُ، واقتسستُه، واشتممته،
واهتممته، واختششته. وَالْأَصْل فِي هَذَا أَن تَقول: شمِمتُ بلد كَذَا
وخَشَشته، إذَا وطئته فعَرفتَ خِبرته.
وَيُقَال: عسَّ عليَّ خَبَرُ فلَان، أَي أَبْطَأَ.
سع: أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: السَّعِيع:
الشَّيلَم. قَالَ: وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: السَّعيع: الرَّدِيء من
الطَّعَام.
وَقَالَ ابْن بُزرج: طعامٌ مسعوع من السَّعيع، وَهُوَ الَّذِي أصابَه
السَّهام.
وَفِي حَدِيث عمر أَنه سَافر فِي عقب رَمَضَان فَقَالَ: (إنّ الشَّهْر
قد تَسعسَعَ فَلَو صُمْنا بقيّته) قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله (تَسَعسعَ)
، أَي أدبرَ وفَنِيَ إلاّ أقلَّه. وَكَذَلِكَ يُقَال للْإنْسَان إِذا
كبِر حتّى يهرمَ ويولّيَ: قد تسعسَعَ. وَأنْشد لرؤبة يذكر امْرَأَة
تخاطب صَاحِبَة لَهَا، فَقَالَ يذكرهَا:
(1/63)
قَالَ وَمَا تألو بِهِ أَن ينفعا
يَا هندُ مَا أسرعَ مَا تسعسعا
يَعْنِي أنّها أخبرتْ صاحبتَها عَن رؤبة أَنه قد أدبَر وفني.
ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: السعسعة الفَنَاء. ونحوَ ذَلِك
قَالَ ابنُ الْأَعرَابِي. وَقَالَ الْفراء: سعسعتُ بالعَناقِ، إِذا
زجرتَها فَقلت لَهَا: سَعْ سَعْ.
وَقَالَ غَيره: سعسع شعرَه وسغسغه، إِذا روّاه بالدُّهن.
أَبُو الْوَازِع: تسعسعت حَاله، إِذا انحطّت. وتسعسعت فَمه، إِذا
انحسرت شفتُه عَن أَسْنَانه.
شمر عَن أبي حَاتِم: تسعسع الرجلُ، إِذا اضطربَ وأسنَّ. وَلَا يكون
التسعسُع إلاّ باضطراب مَعَ الْكبر. وَقد تسعسعَ عُمره. وَقَالَ عَمْرو
بن شأس:
وَمَا زَالَ يُزْجِي حبَّ ليلى أمامَه
وليدَين حَتَّى عُمْره قد تسعسعا
وكلُّ شَيْء بلي وتغيّر إِلَى الْفساد فقد تسعسع.
وَقَالَ شمر: من روى حَدِيث عمر: (إنَّ الشَّهْر قد تشعشع) ، وَذهب
بِهِ إِلَى رقَّة الشَّهر وقلَّة مَا بَقِي مِنْهُ، كَمَا يُشعشَع
اللبنُ وَغَيره إِذا رُقِّق بِالْمَاءِ، كَانَ وَجها.
(بَاب الْعين وَالزَّاي)
عز، زع: مستعملان
عز: الْعَزِيز من صِفَات الله جلّ وعزّ وأسمائه الْحسنى. وَقَالَ أَبُو
إِسْحَاق بن السريّ: الْعَزِيز فِي صفة الله تَعَالَى: الْمُمْتَنع،
فَلَا يغلبه شَيْء. وَقَالَ غَيره: هُوَ القويّ الْغَالِب على كلّ
شَيْء، وَقيل: هُوَ الَّذِي لَيْسَ كمثله شَيْء.
وَيُقَال مَلكٌ أعزّ وعزيزٌ، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِى فِى} (ص: 23)
مَعْنَاهُ غلبني. وَقَرَأَ بَعضهم: (وعازني فِي الْخطاب) أَي غالبني.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: يُقَال
عزّه يعزُّه، إِذا غَلبه وقهره. وَأنْشد فِي صفة جمل:
يَعُزُّ على الطَّرِيق بمنكِبَيْهِ
كَمَا ابتركَ الخليعُ على القِداح
يَقُول: يغلب هَذَا الجملُ الإبلَ على لُزُوم الطَّرِيق، فشبَّه حرصَه
على لُزُوم الطَّريقِ وإلحاحَه على السَّير، بحِرص هَذَا الخليعِ على
الضَّرب بِالْقداحِ، لعلَّه أَن يسترجعَ بعضَ مَا ذهبَ من مَاله.
والخليع: المخلوع المقمور مَاله.
وَأما قَول الله عزّ وجلّ: {اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا} (يس: 14)
فَمَعْنَاه قوّيناه وشدّدناه. وَقَالَ الْفراء: وَيجوز (عزَزنا)
مخفّفاً بِهَذَا الْمَعْنى، كَقَوْلِك شدَدنا قَالَ: وَيُقَال عَزَّ
يَعَزّ، بِفَتْح الْعين من يَعزّ، إِذا اشتدّ. وَيُقَال عزّ كَذَا
وَكَذَا، جامعٌ فِي كل شَيْء، إِذا قلّ حتَّى لَا يكَاد يُوجد. وَهُوَ
يَعِزُّ بِكَسْر الْعين عِزَّةً فَهُوَ عَزِيز.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يُقَال عزّ الرجل يعِزّ عِزًّا وعِزّة إِذا
قوىَ بعد ذلّة. وعززت عَلَيْهِ
(1/64)
أعِزّ عِزًّا وعَزَازة. قَالَ: وعَزَّت
النَّاقة تعُزُّ عُزوزاً فَهِيَ عَزُوزٌ، إِذا كَانَت ضيّقة الإحليل.
قَالَ: وأعززتُ الرجل: جعلتُه عَزِيزًا. وأعززته: أكرمته وأحببته.
وَأَخْبرنِي الإياديّ أَنه وجد شمراً يضعِّف قَول أبي زيد فِي قَوْله
أعززته أَي أحببته.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: شَاة عَزوز: ضيّقة الإحليل لَا تُدرّ حتَّى تحلب
بِجهْد. وَقد أعزّت، إِذا كَانَت عَزُوزاً.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال تعزَّزَتْ، لهَذَا الْمَعْنى. أَبُو عبيد عَن
أبي زيد: إِذا استبانَ حملُ الشَّاة وعظُم ضرعُها قيل رمّدت، وأعزّت
وأضرعَت، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَول الله عزّ وجلّ: {الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الاَْعَزُّ
مِنْهَا} (المنَافِقون: 8) وقرىء: (ليَخُرجَنَّ الْأَعَز مِنْهَا
الْأَذَل) أَي ليخرجن الْعَزِيز مِنْهَا ذليلا، فَأدْخل الْألف
وَاللَّام على الْحَال.
وَقَالَ: جلّ وعزّ: {فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ
وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى
الْكَافِرِينَ} (المَائدة: 54) يَقُول: يتذللون للْمُؤْمِنين وَإِن
كَانُوا أعزة، ويتعززون على الْكَافرين وَإِن كَانُوا فِي شرف الأحساب
دونهم.
وَالْعرب تَقول: (إِذا عزّ أَخُوك فهُنْ) ، الْمَعْنى إِذا غلبك وقهرَك
فَلم تقاومْه فتواضعْ لَهُ؛ فَإِن اضطرابك عَلَيْهِ يزيدك ذُلاًّ.
وَمن كَلَام الْعَرَب: (مَن عَزّ بَزّ) وَمَعْنَاهُ من غَلَب سَلب.
والعَزَاز: الأَرْض الضُّلبة.
وَيُقَال للمطر الوابل إِذا ضربَ الأرضَ السهلةَ بغيبتها فشدّدها حتَّى
لَا تَسُوخ فِيهَا القوائم وَيذْهب وعوثتها: قد شدّد مِنْهَا وعزّزَ
مِنْهَا. وَقَالَ:
عزّزَ مِنْهُ وَهُوَ معطي الإسهالْ
ضربُ السوارى متْنَه بالتَّهتال
وَيُقَال أعززنا: أَي وقَعنا فِي الأَرْض العَزاز، كَمَا يُقَال
أسهلنا، أَي وقعنا فِي أَرض سهلة.
وَفِي الحَدِيث أنّه (استُعِزَّ برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ) . قَالَ أَبُو عَمْرو: واستُعِزَّ
بفلان، أَي غُلِب، يُقَال ذَلِك فِي كل شيءٍ من مرضٍ أَو عاهة. قَالَ:
واستعزَّ الله بفلانٍ. واستَعزَّ فلانٌ بحقّي، أَي غلبني. وفلانٌ
مِعزازُ الْمَرَض، إِذا كَانَ شديدَ الْمَرَض. وَيُقَال لَهُ أَيْضا
إِذا مَاتَ: استُعِزَّ بِهِ.
وَفِي حَدِيث ابْن عمر (أنّ قوما اشْتَركُوا فِي لحم صيدٍ وهم مُحرمون،
فسألوا بعض أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عمّا يجب
عَلَيْهِم، فَأمر كلّ واحدٍ مِنْهُم بكفّارة ثمَّ سَأَلُوا عمر
وَأخبروه بِفُتْيَا الَّذِي أفتاهم، فَقَالَ: إِنَّكُم معزَّزٌ بكم) ،
أَي مشدّد بكم، ومثقَّل عَلَيْكُم الْأَمر.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العِزُّ: الْمَطَر
الشَّديد الوابل. قَالَ: والعَزَّاء: الشدّة. وَقَالَ الْفراء: يُقَال
للْأَرْض العَزَاز عَزّاءُ أَيْضا.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: العَزَاز: مَا غلظ من الأَرْض وأسرع سيلُ مطره،
يكون من القِيعان والصَّحاصح وأسناد الْجبَال والآكام وَظُهُور
القِفاف. وَقَالَ العجّاج:
(1/65)
من الصَّفا العاسي ويَدهَسْنَ الغَدَرْ
عَزَازَه ويهتمِرْن مَا انْهمَرْ
وتعزَّز لحمُ النَّاقة، إِذا اشتدّ وصلُب.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي مسَائِل الْوَادي: أبعدها سيلا الرَّحَبة،
ثمَّ الشُّعبة، ثمَّ التَّلْعة، ثمَّ المِذْنب، ثمَّ العَزَازة.
وَقَالَ الفرّاء: العَزَّة: بنت الظَّبية، وَبهَا سمِّيت الْمَرْأَة
عَزّة.
وَقَالَ أَبُو عبيدةَ فِي كتاب (الْخَيل) : العزيزاء وهما عُزَيزاوا
الْفرس: مَا بَين جَاعِرَتَيْهِ. وَقَالَ أَبُو مَالك: العُزَيزاء:
عصبَة رقيقَة مركّبة فِي عظم الخَوْران إِلَى الورك. وَأنْشد فِي صفة
الْفرس:
أمِرَّت عُزيزاهُ ونيطت كُرومهُ
إِلَى كفلٍ رابٍ وصُلْبٍ موثِّقِ
قَالَ: والكرمة: رَأس الْفَخْذ المستديرُ كأنّه جَوْزة، وموضعها
الَّذِي تَدور فِيهِ من الورك القَلْت.
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: يُقَال للعنز إِذا زُجرتْ: عَزْ عَزْ، وعزعزتُ
بهَا فَلم تَعَزعَز، أَي لم تتنحَّ.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: العَزعزُ الْغَلَبَة. قَالَ: والزَّعزع
الفالوذ.
قَالَ: وعزّ المَاء يعزّ، وعزّت القَرحة تَعِزّ، إِذا سَالَ مَا فِيهَا
وَكَذَلِكَ مَذَع وبَذَعَ، وصَهَى، وهمى، وفزّ، إِذا سَالَ وَيُقَال
عَزُزت النَّاقة، إِذا ضَاقَ إحليلُها وَلها لبنٌ كثير.
قلت: أظهر التَّضْعِيف فِي عَزُزت، وَلَيْسَ ذَلِك بِقِيَاس.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {الْكُبْرَى أَفَرَءَيْتُمُ اللَّاتَ
وَالْعُزَّى} (النّجْم: 19) جَاءَ فِي التَّفْسِير أَن اللاتَ صنَم
كَانَ لثقيف، وَأَن العُزَّى سمُرةٌ كَانَت لغطَفانَ يعبدونها،
وَكَانُوا بنَوْا عَلَيْهَا بَيْتا وَأَقَامُوا لَهَا سَدَنة، فَبعث
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِد بن الْوَلِيد إِلَيْهَا، فهدم
الْبَيْت وأحْرق السَّمُرة.
والعُزَّى: تَأْنِيث الأعزّ، مثل الْكُبْرَى والأكبر. والأعزُّ
بِمَعْنى الْعَزِيز، والعُزَّى بِمَعْنى العزيزة.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: إنّما فلانٌ عنزٌ عَزُوزٌ لَهَا دَرٌّ
جَمٌّ، إِذا كَانَ كثير المَال شحيحاً والعزوز: الضيّقة الإحليل.
وَقَالَ ابْن شُميل: شاةٌ عَزوزٌ بيِّنة العِزاز.
زع: يُقَال للرِّيح الشَّدِيدَة الَّتِي تقلع الْأَشْجَار وتحرّكها
تحريكاً شَدِيدا: ريح زَعزعانٌ وزَعْزَعٌ وزَعزاع، كل ذَلِك مسموع من
الْعَرَب، والجميع الزعازع. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
وراحتْه بَلِيلٌ زَعزَعُ
وزعزعتُ الشيءَ، إِذا أرَغْتَ إِزَالَته من مُثَبَّته فحرّكتَه
تحريكاً. وَقَالَ:
لزُعزِعَ من هَذَا السَّريرِ جوانبُه
والزَّعزاعة: الكتيبة الْكَثِيرَة الْخَيل. وَقَالَ زهَيرٌ يمدح رجلا:
يُعطِي جزيلاً ويسمو غير متّئدٍ
بِالْخَيْلِ للْقَوْم فِي الزَّعزاعة الجُولِ
أَرَادَ فِي الكتيبة الَّتِي يتحرَّك جُولها، أَي ناحيتها، وتترمّز.
فأضاف الزعزاعة إِلَى الجول.
وزعزعت الإبلَ، إِذا سُقتَها سَوْقاً عنيفاً. وسَيرٌ زَعزَعٌ: شَدِيد.
أَبُو عَمْرو والأصمعيّ: الزَّعازع والزّلازل
(1/66)
هِيَ الشدائد.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال للفالوذ الزَّعزَع،
والمُزَعزَع، والملوَّص، والمزَعفَر، واللَّمْص.
(بَاب الْعين والطاء)
عط، طع: مستعملان.
عط: أَبُو الْعَبَّاس عَن (ابْن) الْأَعرَابِي قَالَ: الأعطّ:
الطَّوِيل. قَالَ: والعطعطة: صِياح المُجّان.
وَقَالَ اللَّيْث: العطعطة: حِكَايَة أصوات المُجّان إِذا قَالُوا عِيط
عِيط عِنْد الْغَلَبَة. فَيُقَال: هم يعطعطون.
الحَرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: العُطعُط: الجَدْي، وَيُقَال لَهُ
العُتعُتُ أَيْضا.
والعَطُّ: شَقُّ الثَوب. يُقَال عَطّ ثوبَه فانعطَّ. وعَطِّطْه، أَي
شقِّقْه.
وَيُقَال: ليثٌ عَطَاط: جسيمٌ شَدِيد. قَالَ ذَلِك أَبُو عَمْرو،
وَأنْشد قَول المتنخل:
وَذَلِكَ يَقتُل الفِتيانَ شفعاً
ويسلُب حُلّةَ اللَّيث العَطَاطِ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: انعطَّ العُود انعطاطاً، إِذا تننَّى من غير
كسر يَبين.
وَقَالَ غَيره: العَطُّ فِي الْفِعْل، والعَتُّ فِي القَوْل.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: عطَّ فلانٌ فلَانا إِلَى الأَرْض يعُطُّه
عَطًّا، إِذا صَرَعه. ورجلٌ معطوط معتوت، إِذا غُلِبَ قولا وفعلاً.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: العُطُطُ: الملاحف المقطّعة.
طع: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الطَّعُّ: اللَّحس. قَالَ:
والطَّعطَع من الأَرْض: المطمئن.
وَقَالَ اللَّيْث: الطعطعة: حِكَايَة صَوت اللاطع والناطع والمتمطِّق،
وَذَلِكَ إِذا ألصقَ لسانَه بِالْغَارِ الْأَعْلَى ثمَّ لَطع من طيب
شَيْء أكله.
(بَاب الْعين وَالدَّال)
عد، دع: مستعملان
عد: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّ أبيضَ بن
حَمَّالٍ المأْرِبيّ قدِمَ عليهِ، فاستقطعه الْملح الَّذِي بمأرب،
فأقطعَه إيّاه، فَلَمَّا ولَّى قَالَ رجلٌ: يَا رَسُول الله أَتَدْرِي
مَا أقطعته؟ إِنَّمَا أَقْطعت لَهُ المَاء العِدَّ. قَالَ: فرجعَه
مِنْهُ.
قَالَ ابْن المظفّر: العِدّ: مَوضِع يتَّخذه النَّاس يجْتَمع فِيهِ
مَاء كثير، والجميع الْأَعْدَاد. قَالَ: والعِدُّ: مَاء يُجمَع
ويُعَدّ.
قلت: غلط الليثُ فِي تَفْسِير العِدّ، وَالصَّوَاب فِي تَفْسِير العِدّ
مَا رَوَاهُ أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ أَنه قَالَ: المَاء العِدّ:
الدَّائِم الَّذِي لَا انْقِطَاع لَهُ، مثل مَاء الْعين وَمَاء
الْبِئْر. وَجمع العِدّ أعداد، وَأنْشد لذِي الرمة يذكر امْرَأَة حضرتْ
مَاء عِدّاً بَعْدَمَا
(1/67)
نشّت مِياه الغُدران فِي القيظ، فَقَالَ:
دعت ميَّةَ الأعدادُ واستبدلت بهَا
خَناطيل آجالٍ من العِين خُذَّلِ
استبدلت بهَا، يَعْنِي منازلها الَّتِي ظعنت عَنْهَا حَاضِرَة أعداد
الْمِيَاه، فخالفها إِلَيْهَا الْوَحْش وأقامت فِي منازلها.
قَالَ شمر: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: العِدّ الْقَدِيمَة من الركايا.
قَالَ: وَمِنْه قَوْلهم: حسَبٌ عِدٌّ، أَي قديم. وَأنْشد:
فوردَتْ عِدًّا من الْأَعْدَاد
أقدمَ من عادٍ وَقوم عادِ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عدنان: سَأَلت أَبَا عُبَيْدَة عَن المَاء العِدّ
فَقَالَ لي: المَاء العِدّ بلغَة تَمِيم: الْكثير. قَالَ: وَهُوَ بلغَة
بكر بن وَائِل: المَاء الْقَلِيل. قَالَ: بَنو تَمِيم يَقُولُونَ:
المَاء العدّ مثل كاظمة جاهليٌّ إسلاميّ لم يَنزَح قطّ. قَالَ:
وَقَالَت لي الْكلابِيَّة: المَاء العِدّ الرَّكيّ. يُقَال أمِن
العِدِّ هَذَا أم من مَاء السَّمَاء؟ وأنشدتني:
وَمَاء لَيْسَ من عِدِّ الركايا
وَلَا حلَب السماءِ قد استقيت
وَقَالَت: ماءُ كلِّ ركية عِدٌّ، قلَّ أَو كثُر.
وَقَالَ أَبُو زيد: حسبٌ عِدٌّ، أَي قديم. وَقَالَ الحطيئة:
والحسَبُ العِدُّ
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال انْقضت عِدّةُ الرجل، إِذا انْقَضى أجَله،
وَجَمعهَا العِدَد. وَمثله انْقَضتْ، مُدّته، وَهِي المُدَد.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: هَذَا عِدادُه وعِدُّه،
ونِدُّه ونديده، وبِدّه وبديده، وسِيُّه، وزِنُّه وزَنّه، وحَيدُه
وحِيدُه، وغَفْره وغَفَره، ودِنُّه، أَي مثله.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَا زَالَت
أُكْلة خَيبر تُعادُّني، فَهَذَا أوانَ قطعَتْ أبهَري) : قَالَ أَبُو
عبيد: قَالَ الأصمعيّ: هُوَ من العِداد، وَهُوَ الشَّيْء الَّذِي
يَأْتِيك لوقتٍ، مثل الحُمَّى الرِّبْع والغِبّ؛ وَكَذَلِكَ السمّ
الَّذِي يقتل لوقتٍ. وَأنْشد:
يلاقي من تذكُّر آل ليلى
كَمَا يلقى السَّليمُ من العِدادِ
وَمعنى قَوْله (تعادُّني) أَي تراجعني بألم السمّ فِي أَوْقَات
مَعْدُودَة، كَمَا قَالَ النَّابِغَة فِي حيّة عضّت رجلا فَقَالَ:
تطلّقه حينا وحيناً تراجعُ
وَأما قَول الهذليّ فِي الْعداد:
هَل أنتِ عارفةُ الْعداد فتُقصِرِي
فَمَعْنَاه هَل تعرفين وَقت وفاتي.
وَقَالَ ابْن السّكيت: إِذا كَانَ لأهل الْمَيِّت يومٌ أَو لَيْلَة
يجْتَمع فِيهِ النِّساء للنياحة عَلَيْهِ فَهُوَ عِدادٌ لَهُم.
وَيُقَال: فلانٌ عِدادُه فِي بني فلانٍ إِذا كَانَ ديوانُه مَعَهم.
ثَعْلَب عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: العِداد والبِداد: المناهدة.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: فلانٌ عِدُّ فلانٍ وبِدُّه أَي قِرنه،
والجميع
(1/68)
أعدادٌ وأبداد. والعدائد: النظراء، واحدهم
عديد.
أَبُو عُبَيْدَة عَن الْأَصْمَعِي: عِداد الْقوس: صَوتهَا. وَقَالَ
غَيره: العِدّة جمَاعَة قلّت أَو كثرت يُقَال: رَأَيْت عدّة رجال وعدّة
نسَاء. والعِدّة: مصدر عددت الشَّيْء عدا وعدة. وَالْعدة عدّة
الْمَرْأَة شهوراً كَانَت أَو أَقراء أَو وضع حَمْل كَانَت حملتْه من
الَّذِي تعتدّ مِنْهُ. يُقَال: اعتدَّت الْمَرْأَة عِدَّتَها من وَفَاة
زَوجهَا وَمن تطليقه إِيَّاهَا اعتداداً. وَجمع العِدّة عِدَد، وأصل
ذَلِك كلّه من العَدّ.
والعَدَدُ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَىْءٍ}
(الجنّ: 28) لَهُ مَعْنيانِ: أَحدهمَا: أحصى أَي أحَاط علمُه بِكُل
شَيْء عددا أَي معدوداً، فَيكون نَصبه على الْحَال. يُقَال عددت
الدَّرَاهِم عدًّا. وَمَا عُدَّ فَهُوَ مَعْدُود وعَدَد، كَمَا يُقَال
نفضتُ ثَمَر الشّجر نفْضاً، والمنفوض نَفَض. وَيجوز أَن يكون معنى
قَوْله {لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَىْءٍ} (الجنّ: 28) أَي أَحْصَاهُ
إحصاءً. فالعدد اسْم من العدّ أقيم مقَام الْمصدر الَّذِي هُوَ معنى
الإحصاء، كَمَا قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
ورُضْتُ فذلّتْ صعبةً أيَّ إذلالِ
والعديد: الْكَثْرَة، يُقَال مَا أَكثر عديدَ بني فلَان. وَبَنُو فلانٍ
عديدُ الْحَصَى، إِذا كَانُوا لَا يُحصَون كَثْرَة كَمَا لَا يُحصَى
الْحَصَى. وَيُقَال: هَذِه الدَّرَاهِم عَديدُ هَذِه الدراهِم، إِذا
كَانَت بعددها.
وَيُقَال: إنَّهم ليتعادُّون على عشرَة آلَاف أَي يزِيدُونَ عَلَيْهَا
فِي الْعدَد. وَيُقَال هم يتعادُّون كَذَا وَكَذَا رَجلاً ويتعدّدون
بمعناها.
وَقَالَ اللَّيْث: هم يتعدَّدون على عشرةِ آلَاف، أَي يزِيدُونَ
عَلَيْهَا فِي الْعدَد. وَيُقَال: هم يتعادُّون، إِذا اشْتَركُوا
فِيمَا يعادُّ بِهِ بعضُهم بَعْضًا من المكارم وَغَيرهَا. والعُدَّة:
مَا أعِدَّ لأمرٍ يحدُث، مثل الأُهبة. يُقَال أَعدَدْت لِلْأَمْرِ
عُدَّتَه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: العِدَّان: الزَّمان. وَأنْشد قَول الفرزدق:
ككِسرى على عِدَّانه أَو كقيصرا
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال كَانَ ذَلِك فِي عِدّان شبابه وعِدَّان
مُلكه، وَهُوَ أفضلُه وأكثرُه. قَالَ: واشتقاقه من أَن ذَلِك كَانَ
مهيّأً مُعَدًّا.
قلت: وَأما العِدَّانُ الَّذِي هُوَ جمع عتود، فَهُوَ مفسَّر فِي
أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من الْعين.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: العديدة: الحِصَّة، والعدائد: الحِصَص فِي
قَول لبيد:
تطير عدائد الأشراك شفعاً
ووتراً والزعامةُ للغلامِ
قَالَ شمر: وَقيل العدائد الَّذين يعادُّ بعضُهم بَعْضًا فِي
الْمِيرَاث. وأمّا قَول أبي دُوَاد فِي صفة الْفرس:
وطِمِرَّةٍ كِهراوة ال
أعزابِ لَيْسَ لَهَا عَدائدْ
فَمَعْنَاه لَيْسَ لَهَا نَظَائِر.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العَدْعَدة: العَجَلة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه: العُدّ
(1/69)
والعُدّة: البَثْر يخرج على وُجُوه
المِلاَح، يُقَال قد استَمْكَتَ العُدّ فاقْبَحْه، أَي ابيضّ رَأسه من
الْقَيْح فافضخه حَتَّى تمسح عَنهُ قيْحه.
وَقَالَ أَبُو العمثيل: العِداد: يَوْم الْعَطاء وَيَوْم العَرْض.
وَأنْشد شمر لجهم بن سَبَل:
من الْبيض العقائل لم يقصِّر
بهَا الْآبَاء فِي يَوْم العِدادِ
قَالَ شمر: أَرَادَ فِي يَوْم الفخار ومعادّة بَعضهم بَعْضًا.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال أتيتُ فلَانا فِي يَوْم عِدَاد، أَي
يَوْم جُمُعَة أَو فِطر أَو عيد. وَالْعرب تَقول: مَا يأتينا فلانٌ
إِلَّا عِدادَ الْقَمَر الثريا، وإلاَّ قِرانَ الثريا؛ أَي مَا يأتينا
فِي السّنة إِلَّا مرّة.
وأنشدني الْمُنْذِرِيّ وَذكر أنَّ أَبَا الْهَيْثَم أنْشدهُ:
إِذا مَا قَارن القمرُ الثريا
لثالثةٍ فقد ذهبَ الشتاءُ
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: وَإِنَّمَا يقارن الْقَمَر الثريا ليلةَ
ثالثةٍ من الهِلال، وَذَلِكَ أوّلَ الرّبيع وَآخر الشتَاء.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال بِهِ عِدادٌ من اللَّمَم وَهُوَ شبه
الْجُنُون يَأْخُذ الْإِنْسَان فِي أَوْقَات مَعْلُومَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال مَا نراكَ إلاّ عِدّةَ الثريا الْقَمَر، أَي
فِي عِدّة نزُول الْقَمَر بِالثُّرَيَّا.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للبغل عَدْ عَدْ، إِذا زجرتَه. قَالَ:
وعَدَسْ مثله.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: العدعدة: صَوت القطا، وكأنّه حِكَايَة.
وَقَالَ طَرَفة:
أرى الْمَوْت أعدادَ النُّفُوس وَلَا أرى
بَعيدا غَدا مَا أقربَ اليومَ من غدِ
يَقُول: لكلّ إنسانٍ مِيتةٌ فَإِذا ذهبت النُّفُوس ذهبت مِيَتُهم
كلُّها.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ} (البَقَرَة: 203) قَالَ الشَّافِعِي:
المعدودات ثَلَاثَة أَيَّام بعد يَوْم النَّحر. ورُوي هَذَا عَن ابْن
عَبَّاس، وَهُوَ قَول الضَّحّاك.
أَبُو الْهَيْثَم عَن ابْن بزرج: يُقَال فلانٌ إنّما يَأْتِي أَهله
العَدَّة، وَهِي من الْعداد، أَن يَأْتِي أَهله فِي الشَّهْر والشهرين.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله عزّ وَجل: {فِى صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم
1764 - أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ} (البَقَرَة: 203) قَالَ: هِيَ أَيَّام
التَّشْرِيق. وَقَالَ الزّجّاج: كلُّ عددٍ قلّ أَو كثُر فَهُوَ
مَعْدُود، وَلَكِن معدودات أدَلُّ على القِلّة؛ لِأَن كلَّ قَلِيل يجمع
بِالْألف وَالتَّاء نَحْو دريهمات. وَقد يجوز أَن يَقع الْألف
وَالتَّاء للتكثير.
دع: قَالَ الله جلّ وعزّ: {يَلْعَبُونَ يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ
جَهَنَّمَ} (الطُّور: 13) قَالَ المفسِّرون وَهُوَ قَول أهل اللُّغة
يدَعُّونَ: يدفَعون إِلَى نَار جهنَّم دفعا عنيفاً. والدّعُّ: الدفْع.
وَقَالَ مُجَاهِد: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ} قَالَ: دَفْراً فِي
أقفيتهم. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الدَّفر: الدّفع.
وَكَذَلِكَ قَوْله: {بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِى يَدُعُّ الْيَتِيمَ}
(المَاعون: 2) ، أَي يَعنُف بِهِ دفعا وانتهاراً.
(1/70)
وَيُقَال: دعدعَ فلانٌ جفنتَه، إِذا ملأها
من الثَّرِيد وَاللَّحم. ودعدَعَ السيلُ الواديَ. إِذا ملأَهُ. وَقَالَ
لبيد:
فدعدعَا سُرَّة الرِّكاء كَمَا
دعدعَ ساقي الْأَعَاجِم الغَرَبا
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الدَّعداع والدَّحداح: الرجل الْقصير.
وَقَالَ غَيره: الدعدعة: أَن يَقُول الرَّاعِي للمِعْزَى: داعْ داعْ،
وداعٍ داعٍ، وَهُوَ زجرٌ لَهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لِلرَّاعِي: دُعْ دُعْ، إِذا
أمرتَه بالنعيق بغنمه.
وَقَالَ غَيره: دَعدِعْ بهَا. وَمِنْه قَول الفرزدق:
دَعدِعْ بأعنُقِك التَّوائِم إنّني
فِي باذخ يَا ابنَ المراغة عالى
والدَّعدعة أَيْضا: أَن يَقُول الرجل للعاثر: دَعْ. وَمِنْه قَول رؤبة:
وإنْ هوَى العاثرُ قُلْنَا دعدَعا
قَالَ أَبُو سعيد: مَعْنَاهُ دع العِثار.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: إِذا دُعيَ للعاثر قيل لعاً لَك عَالِيا.
وَمثله دَعْ دَعْ. وَأنْشد:
لحا الله قوما لم يَقُولُوا لعائرِ
وَلَا لِابْنِ عَمٍ ناله العَثْرُ دَعْ دَعَا
قلتُ: جعل لعاً ودَعْ دَعَا دُعاءً لَهُ بالانتعاش.
وروى ابْن هانىء عَن أبي زيد: دعدعتُ بالصبيّ دعدعة إِذا عثَر فَقلت
لَهُ دع أَي ارتفعْ.
وَقَالَ اللَّيْث نحوَه، وَقَالَ: الدَّعدعة: أَن تَقول للعاثر: دَعْ
دَعْ، أَي قُم وانتعش.
وَقَالَ شمْر فِي قَول رؤبة:
وَإِن هوى العاثر قُلْنَا دَعْ دَعَا
لَهُ وعالَينا بتنعيشٍ لَعَا
قَالَ: قَالَ الأصمعيّ: مَعْنَاهُ إِذا وقَع منا واقعٌ نَعَشْناه وَلم
ندَعْه يَهلِك. قَالَ: وَقَالَ غَيرهمَا: دَعْ دَعَا، مَعْنَاهُ أَن
يَقُول لَهُ: رفَعَك الله، وَهُوَ مثل لعاً.
وروى الشاه عَن المؤرّج بَيت طرفَة بِالدَّال:
وعذاريكم مقلّصة
فِي دُعَاع النّخل تصطرمه
وفسَّر الدّعاعَ مَا بَين النخلتين. وَهَكَذَا رَأَيْته بِخَط شِمر
رِوَايَة عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: والدُّعاع: متفرّق النّخل.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو منجوف: الدُّعاع: النَّخل المتفرّق. وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَة: مَا بَين النَّخْلَة إِلَى النَّخْلَة دُعاع.
قلتُ: وَرَوَاهُ بعضُهم: (فِي ذُعاع النّخل) بِالذَّالِ، أَي فِي
متفرِّقه، من ذعذعت الشَّيْء، إِذا فرّقتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الدّعدعة: عَدْوٌ فِي التواءٍ وبُطء. وَأنْشد:
أسْقى على كلِّ قومٍ كَانَ سعيُهم
وسطَ الْعَشِيرَة سعياً غير دعداعِ
أَي غير بطيء. قَالَ: والدَّعدع: نبتٌ يكون فِيهِ ماءٌ فِي الصَّيف
يَأْكُلهُ البقرُ. وَأنْشد:
رعَى القَسْوَرَ الجونيّ من حول أشمس
وَمن بطن سقمان الدعادع سِدْيَما
(1/71)
يصف فحلاً. وَأنْشد شمر للطرمّاح، يصف
امْرَأَة:
لم تعالج دمحقاً بائتاً
شُجِّ بالطخف لِلَدْم الدَّعاعْ
قَالَ: الطَّخْف: اللَّبن الحامض. واللَّدْم: اللَّعْق. والدَّعَاع:
عِيَال الرجل الصغار. يُقَال أدعَّ الرجُلُ، إِذا كثر دَعاعُه.
قَالَ شِمر: والدُّعاع بِضَم الدَّال: حبُّ شَجَرَة برّيّة. وَأنْشد
للطرمّاح أَيْضا:
أُجُد كالأتانِ لم ترتعِ الف
ثَّ وَلم ينْتَقل عَلَيْهَا الدُّعاعْ
والفَثُّ: حبُّ شَجَرَة برّيّة أَيْضا. والأتان: صَخْرَة المَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّعاعة: حبّة سَوْدَاء يأكلها فُقَرَاء
الْبَادِيَة إِذا أجدبوا. قَالَ: وَيُقَال لنملةٍ سَوْدَاء تشاكل هَذِه
الحبّة دُعاعةٌ، والجميع دُعاع. ورجلٌ دَعّاع فثَّاثٌ؛ يجمع الدُّعاع
والفَثَّ ليأكلهما.
قلت: هما حبّتان بريّتان إِذا جاعَ البدويّ فِي الْقَحْط دقّهما
وعجنهما واختبزهما فأكلهما.
وَقَالَ اللَّيْث: الدعدعة: أَن تحرِّك مكيالاً أَو جُوالقاً أَو غير
ذَلِك حَتَّى يكتنز. وَأنْشد للبيد:
المطمعون الجَفْنة المدعدَعه
دَعْد: من أَسمَاء الْعَرَب. وَقَالَ بعض الْأَعْرَاب: يُقَال لأمّ
حُبَين: دعد.
قَالَ الأزهريّ: لَا أعرفهُ. وَحكى أَبُو الوزاع ذَلِك عَن بعض
الْأَعْرَاب.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: قَالَ أعرابيٌّ: كم تدعُّ ليلتكم هَذِه من
الشَّهْر؟ أَي كم تُبقى سواهَا. وَأنْشد:
لسنا لأضيافكم بالدُّعُع
(بَاب الْعين وَالتَّاء)
عت، تع: مستعملان.
عت: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: العُتْعُت: الجَدْي. وَقَالَ
أَبُو عَمْرو: يُقَال للشابّ الشَّديد القويّ عُتعُت. وَأنْشد:
لما رَأَتْهُ مُؤْدَناً عِظْيَرّا
قَالَت أريدُ العُتعُتَ الذِّفِرّا
فَلَا سَقَاهَا الوابلَ الجِوَرّا
إلهُها وَلَا وقَاها العَرّا
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: العَتُّ: غَطُّ الرجل بالْكلَام وغيرِه.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: وَمَا زلتُ أُعاتُّه وأُصاتُّه عِتاتاً
وصِتاتاً، وَهِي الخُصومة. وَيُقَال عتّه عتّاً، إِذا ردَّ عَلَيْهِ
قَوْله. وتعتَّت فِي الْكَلَام تعتُّتًّا، إِذا تردَّدَ فِيهِ.
عَمْرو عَن أَبِيه: العتعَت: الجَدْي، بِالْفَتْح.
وَقَالَ بن الأعرابيّ: هُوَ العُتعُت، والعُطعُط، والعَرِيض، والإمَّر،
والهِلَّع، والطَّلِيّ، واليَعْر، واليَعْمور، والرَّعّام، والعرّام،
والرغّام، واللَّسَّاد.
وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: (عَتَّى حِين) فِي مَوضِع: {عَنْهُمْ حَتَّى}
(الصَّافات: 174) .
(1/72)
تع: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن
الْأَعرَابِي قَالَ: التَّعُّ: الاسترخاء. ورُوي عَن عَمْرو عَن أَبِيه
أنّه قَالَ: التَّعتَع: الفأفاء، وَهُوَ التعتعة فِي الْكَلَام.
وَيُقَال تُعتِعَ فلانٌ، إِذا رُدَّ عَلَيْهِ قولهُ. وَلَا أَدْرِي مَا
الَّذِي تعتعَه؟ وَقد تَعتَعَ البعيرُ وغيرُه، إِذا ساخَ فِي الخبارى
أَو فِي وُعُوثة الرمال. وَقَالَ الشَّاعِر:
يُتعتع فِي الخَبار إِذا عَلاه
ويعثُر فِي الطَّرِيق الْمُسْتَقيم
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: تَعتَعْتُ الرجلَ وتلتلْتُه، وَهُوَ أَن تُقبِل
بِهِ وتُدبر بِهِ وتعنفُ عَلَيْهِ فِي ذَلِك. وَهِي التعتعة والتلتلة.
(بَاب الْعين والظاء)
اسْتعْمل (من) وجهيه:
عظ: قَالَ يُونُس بن حبيب فِيمَا قَرَأت لَهُ بِخَط شِمر: يُقَال عظَّ
فلانٌ فلَانا بِالْأَرْضِ، إِذا ألزقَه بهَا، فَهُوَ معظوظ بِالْأَرْضِ
قَالَ: والعِظاظ شبه المِظَاظ، يُقَال عاظَّه وماظَّه عِظاظاً ومِظاظاً
إِذا لاحاه ولاجّه.
وَقَالَ أَبُو سعيد: العِظاظ والعضاض وَاحِد، ولكنَّهم فرّقوا بَين
اللَّفْظَيْنِ لمّا فرقوا من المعنَيين. وَيُقَال عضَّته الحُروب،
وعظَّتْه بِمَعْنى وَاحِد.
عَمْرو عَن أَبِيه: عظعظَ فِي الْجَبَل، وعصعص وبَرْقَط، وبقَّط،
وعتَّب، إِذا صعِد فِيهِ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: المعظعِظ من السِّهَام: الَّذِي يضطرب إِذا
رُمي بِهِ. وَأنْشد لرؤبة:
وعظعظَتْ سِهامُهم عِظعَاظا
وعظعظ الكلبُ، إِذا نكص عَن الصَّيد وحاد فِي الْقِتَال.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي فِي بَاب ادّعاء الرجل علما لَا يُحسِنه:
يُقَال (لَا تَعظيني وتَعظعَظي) ، أَي لَا توصيني وأوصِي نفسَك. وَقيل
معنى تعظعظي، أَي كُفّي وارتدعي عَن وعظك، إيّاي. وَقيل معنى تعظعظي،
اتّعظي، أَصله من الْوَعْظ، نَقله إِلَى المضاعف.
(بَاب الْعين والذال)
اسْتعْمل من وجهيه:
ذع: قَالَ اللَّيْث: الذعذعة: التَّفْرِيق.
قلت: وَأَصله من بَاب ذاع يذيع، وأذعته أَنا، فَنقل إِلَى المكرر
المضاعف، كَمَا يُقَال نخنخ بعيره فتنخنخ من الإناخة.
وَيُقَال ذعذع فلانٌ مالَه، إِذا بذّره. وذعذعت الرِّيحُ التُّرَاب،
إِذا فرَّقته وذرَته وسَفَتْه، كلُّ ذَلِك مَعْنَاهُ وَاحِد وَقَالَ
النَّابِغَة:
غَشِيتُ لَهَا منازلَ مُقْوِياتٍ
تذعذِعها مُذعذِعةٌ حَنونُ
ورجلٌ ذَعذاع، إِذا كَانَ مِذياعاً للسرِّ نمّاماً لَا يكتُم سرًّا.
وتذعذعَ شعرُه، إِذا تشعَّثَ وتمرَّط.
وَقَالَ بَعضهم: رجلٌ مُذعذَع، إِذا كَانَ دعيًّا.
(1/73)
قلت: وَلم يَصحَّ فِي هَذَا الْحَرْف من
جهةِ مَن يوثقْ بِهِ، وَالْمَعْرُوف بِهَذَا الْمَعْنى رجل مدغدغ.
وقرأت بِخَط أبي الْهَيْثَم:
وعذاريكم مقلّصة
فِي ذُعاع النَّخلِ تجترمه
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الرِّوَايَة (فِي ذُعاع النَّخل) . قَالَ:
ودُعاع تَصْحِيف. قَالَ: والذَّعاع: الفِرَق، واحدتها ذَعاعة. قَالَ:
والذَّعاع النَّخل المتفرّق. قَالَ: وَيُقَال الدُّعاع: مَا بَين
النخلتين، بِضَم الدَّال.
(بَاب الْعين والثاء)
عث، ثع: مستعملان
عث: أَبُو عبيد: العَثعَث: الْكَثِيب من السهل، وَجمعه العثاعث.
وَقَالَ رؤبة:
أقفرت الوعساءُ والعَثاعِثُ
وَقَالَ غَيره: يُقَال عثعثَ فلانٌ متاعَه وحثحثَه وبثبثه، إِذا بذَّره
وفرَّقه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أَحْمد بن يحيى أَنه قَالَ: العثعث الْفساد.
قَالَ: وعثعثَ متاعَه، إِذا حرَّكه. قَالَ وذُكر لعليَ زمانٌ فَقَالَ:
(ذَاك زمن العَثَاعث) ، أَي الشدائد.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : عثعثَ بِالْمَكَانِ وغثغث بِهِ، إِذا
أَقَامَ بِهِ، بِالْعينِ والغين. وَيُقَال: أَطْعمنِي سَوِيقاً حُثًّا
وعُثٌّ ا، إِذا كَانَ غير ملتوت بدسم.
والعُثُّ: السُّوس، الْوَاحِدَة عُثّة. وَقد عُثَّ الصُّوف، إِذا أكله
العُثّ.
وَيُقَال للْمَرْأَة الزَّريّة: مَا هِيَ إلاّ عُثَّة.
وَقَالَ ابْن حبيب: العِثاث: رفع الصَّوت بالغِناء والترنُّمُ فِيهِ.
يُقَال عَثَّثَ وعاثَّ عِثاثاً. وَقَالَ كثيّر يصف قوساً:
هتوفاً إِذا ذاقها النازعون
سَمِعتَ لَهَا بعد حَبضٍ عِثاثاً
وَقَالَ بعضُهم: هُوَ شبه ترنُّم الطَّست إِذا ضُرِب.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: العِثَاث: الأفاعي الَّتِي يَأْكُل بعضُها
بَعْضًا فِي الجدب. وَيُقَال للحيّة: العَثَّاء والنكْزاء.
وَفِي (النَّوَادِر) : تعاثثت فلَانا وتعاللته. وَيُقَال اعتثه عِرقُ
سَوء واغتثَّه عِرقُ سَوء، إِذا تعقّله عَن بُلُوغ الْخَيْر والشّرف.
ثع: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّ امْرَأَة
أَتَتْهُ بولدٍ لَهَا فَقَالَت: إنّ ابْني هَذَا بِهِ جنونٌ يُصيبُه
فِي الْأَوْقَات. فَمسح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدرَه ودعا
لَهُ فثعَّ ثَعَّةً فَخرج من جَوْفه جِرْوٌ أسودٌ يسعَى. قَالَ أَبُو
عبيد: فَقَوله ثعَّ ثعةً أَي قاء قيئة. وَقد ثَعَعت يَا رجل.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ يُقَال: ثع يثعّ، وانثعّ
ينثعّ، وهاع يَهَاع، وأتاع يُتيع، كلّ ذَلِك إِذا قاء.
قلت: وَقد جَاءَ هَذَا الْحَرْف فِي بَاب التَّاء وَالْعين من (كتاب
اللَّيْث) ، وَهُوَ خطأ، وَصَوَابه بالثاء.
وَقَالَ المبرّد: الثعثعة والثغثغة: كلامٌ فِيهِ لُثغة.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ الثَّعثَع:
اللُّؤْلُؤ قَالَ: وَيُقَال لِلصَّدَف ثَعثَع، وللصوف الْأَحْمَر
ثَعثع. قَالَ أَبُو
(1/74)
عَمْرو: وَسَأَلت المبرّد عَنْهَا فروى عَن
الْبَصرِيين نَحوا ممّا قَالَ ثَعْلَب وعَرَفه.
(بَاب الْعين وَالرَّاء)
عر، رع: مستعملان
عر: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَأَطْعِمُواْ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}
(الحَجّ: 36) قَالَ أهل اللُّغة وَهُوَ قَول أهل التَّفْسِير القانع:
الَّذِي يسْأَل. والمعترُّ: الَّذِي يُطيف بك يطْلب مَا عنْدك سَأَلَك
أَو سكت عَن السُّؤَال.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: يُقَال عَرَوت
فلَانا واعتريته، وعَررته واعتررته، إِذا أتيتَه تطلب معروفَه.
وَقَالَ: وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكمْ مِّنْهُمْ
مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ} (الفَتْح: 25) قَالَ شَمِر: قَالَ عبد الله بن
مُحَمَّد بن هانىء: المَعَرَّة: الْجِنَايَة كجناية العَرّ، وَهُوَ
الجرب. وَأنْشد:
قل للفوارسِ من غَزِيّة إنّهم
عِنْد اللِّقَاء مَعرَّةُ الأبطالِ
قَالَ: وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال عَرَّه بشَرَ، أَي ظَلمه وسَبَّه
وأخذَ مَاله.
وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار: المَعَرَّة فِي تَفْسِير
الْآيَة الغُرْم. يَقُول: لَوْلَا أَن تصيبوا مِنْهُم مُؤمنا بِغَيْر
علم فتغرموا ديتَه، فأمّا إثمُه فإنّه لم يَخْشَه عَلَيْهِم.
وَقَالَ شمر: المَعَرَّة: الْأَذَى. ومَعرَّة الحبيش: أَن ينزلُوا
بقومٍ فيأكلوا من زُرُوعهمْ شَيْئا بِغَيْر علم، وَهُوَ الَّذِي
أَرَادَهُ عمر بقوله: (اللَّهم إنّي أَبْرَأ إِلَيْك من مَعرَّة
الْجَيْش) .
فأمّا قَول الله جلّ وعزّ: {مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ
وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ
فَتُصِيبَكمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ} (الفَتْح: 25) فالمعرة
الَّتِي كَانَت تصيب الْمُؤمنِينَ أَنهم لَو كبسوا أهل مكّة، وَبَين
ظهرانيهم قومٌ مُؤمنُونَ لم يتميَّزوا من الْكفَّار، لم يأمنوا أَن
يطؤوا الْمُؤمنِينَ بِغَيْر علم فيقتلوهم فتلزمهم دياتهم، وتلحقهم
سُبَّةٌ بأنَّهم قتلوا مَن هم على دينهم إِذْ كَانُوا مختلطين بهم.
يَقُول الله: لَو تميَّز الْمُؤْمِنُونَ من الْكفَّار لسلَّطناكم
عَلَيْهِم وعذّبناهم عذَابا أَلِيمًا. فَهَذِهِ المعرّة الَّتِي صانَ
الله الْمُؤمنِينَ عَنْهَا، وَهِي غُرم الدِّيات ومَسَبّة الكُفّار
إيَّاهُم.
وَأما مَعرَّة الْجَيْش الَّتِي تبرَّأ عمر مِنْهَا، فَهِيَ وطأتهم مَن
مَرُّوا بِهِ من مُسلم أَو مُعاهَد، وإصابتهم إيَّاهُم فِي حريمهم
وَأَمْوَالهمْ ومزارعهم بِمَا لم يؤذَنْ لَهُم فِيهِ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أنّه قَالَ: المعَرَّة
الشدّة. والمعرّة: كوكبٌ فِي السَّمَاء دون المجرَّة. والمعرَّة:
الدِّيَة. والمَعرَّة: قتال الْجَيْش دون إِذن الْأَمِير. والمعرّة:
تلوُّن الْوَجْه من الْغَضَب.
قلت: روى أَبُو العبّاس هَذَا الْحَرْف بتَشْديد الرَّاء. فَإِن كَانَ
من تمعَّر وجهُه أَي تغيّرَ فَلَا تَشْدِيد فِيهِ. وَإِن كَانَ مفعلة
من العَرّ فَهِيَ مشدّدة كأخواتها.
وَفِي حَدِيث حَاطِب بن أبي بَلتَعة أنّه لمَّا كتب إِلَى أهل مَكَّة
كتابَه يُنذرهم أمْرَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أطلعَ الله عزّ
وجلّ رسولَه على الْكتاب، فَلَمَّا عُوتِب حاطبٌ فِيمَا كتب قَالَ:
(كنتُ رجلا عريراً فِي أهل مَكَّة،
(1/75)
فأحببتُ أَن أتقرّب إِلَيْهِم ليحفظوني فِي
عيالاتي عِنْدهم) . أَرَادَ بقوله (كنت فيهم عريراً) أَي غَرِيبا
مجاوراً لَهُم، وَلم أك من صميمهم وَلَا لي فيهم شُبكة رحم. والعرير
فعيل بِمَعْنى فَاعل، وَأَصله من قَوْلك عررته عَرًّا فَأَنا عارٌّ
وعرير، إِذا أتيتَه تطلب معروفه. واعتررته بِمَعْنَاهُ.
وَفِي حَدِيث سَلمان الفارسيّ أَنه (كَانَ إِذا تعارَّ من اللَّيْل
قَالَ: سبحانَ ربِّ النبيِّين) قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الكسائيّ:
تعارّ، إِذا اسْتَيْقَظَ. يُقَال تعارّ يتَعارُّ تَعَارًّا، إِذا
اسْتَيْقَظَ من نَومه. قَالَ: وَلَا أَحسب يكون ذَلِك إِلَّا مَعَ
كَلَام.
قَالَ أَبُو عبيد: وَكَانَ بعض أهل الْعلم يَجعله مأخوذاً من عِرار
الظليم، وَهُوَ صَوته. وَلَا أَدْرِي أهوَ من ذَلِك أم لَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال عَرَّ الظَّليم يَعِرُّ عِراراً. وَقَالَ
أَبُو الجرَّاح: عارّ الظليم يُعارّ عِراراً، وزمرت النعامة زِماراً.
وَفِي حَدِيث أبي بكر أَنه أعطي سَيْفا محلًّى، فَنزع عمرُ الحليةَ
وَأَتَاهُ بهَا وَقَالَ: (أَتَيْتُك بِهَذَا لما يَعْرُرُك من أُمُور
النَّاس) . قَالَ أَبُو عبيد: أُراه: لما يَعرُوك، أَي لما يَأْتِيك.
وَلَو كَانَ من العَرّ لقَالَ: لما يعرُّك.
قلت: عرّه وعَرَاه بِمَعْنى وَاحِد، إِذا أَتَاهُ. وَقَالَ ابْن
أَحْمَر:
ترعى القطاةُ الخمِسَ قَفُّورَها
ثمَّ تعرُّ الماءَ فِيمَن يعُرّ
أَي تَأتي الماءَ وتَردُه.
وَفِي حَدِيث سعد أَنه (كَانَ يدمُل أرضَه بالعُرَّة وَيَقُول: مِكتَل
عُرّةٍ مِكتَل بُر) . قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: أَرَادَ
بالعُرّة عذِرَةَ النَّاس. قَالَ: وَمِنْه قيل: عرَّ فلانٌ قومَه بشَرَ
إِذا لطَخهم بِهِ. قَالَ أَبُو عبيدِ: وَقد يكون عرَّهم بشرَ من
العَرّ، وَهُوَ الجرب، أَي أعداهم شرُّه. وَقَالَ الأخطل:
ونَعررْ بقومٍ عَرّةً يكرهونها
ونحيا جَمِيعًا أَو نموت فنقتلُ
وَيُقَال: لقيتُ مِنْهُ شَرًّا وعَرًّا، وَأَنت شرٌّ مِنْهُ وأعرّ.
أَبو عبيد عَن الأمويّ: العَرّ: الجرَب. يُقَال عَرَّت الإبلُ تَعِرُّ
عرًّا فَهِيَ عارّة. قَالَ: والعَرُّ: قَرح يخرج مِن أَعْنَاق
الفُصلان، يُقَال قد عُرَّتْ فَهِيَ معرورة.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: كلُّ شيءٍ بَاء بشيءٍ
فَهُوَ لَهُ عَرار. وَأنْشد قَول الأعشَى:
فقد كَانَ لَهُم عَرار
وَمن أَمْثَال الْعَرَب: (باءت عَرارِ بكَحْلٍ) و (عَرَارِ بكَحْلَ)
غير مُجْرًى. وَأنْشد ابْن حبيب فِيمَن أَجْرى:
باءت عرار بكحلٍ والرِّفاقُ مَعًا
فَلَا تمنَّوْا أمانيَّ الأضاليلِ
قَالَ: وكحل وعرار: ثَوْر وبقرة كَانَا فِي سِبْطينِ من بني
إِسْرَائِيل فعُقِر كحل وعقرت بِهِ عرارِ، فوقعتْ حربٌ بَينهمَا حتَّى
تفانَوا، فضُرِبا مثلا فِي التَّسَاوِي. وَقَالَ الآخر:
(1/76)
باءت عرارِ بكَحْلَ فِيمَا بَيْننَا
والحقُّ يعرفُه ذَوُو الْأَلْبَاب
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال تزوّج
فلانٌ فِي عرارة نساءٍ يلدن الذُّكور وَفِي شَرِيّةِ نساءٍ يلدن
الْإِنَاث.
وَقَالَ أَبُو عبيد: العَرارة: الشدّة. وَأنْشد قولَ الأخطل:
إنّ العرارةَ والنُّبوحَ لدارمٍ
والمستخِفُّ أخوهم الأثقالا
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: العَرار: بهَار البَرّ.
قلت: الْوَاحِدَة عَرارة، وَهِي الحَنْوة الَّتِي يتيمَّن الْعَجم من
الفُرس بهَا. وأُرى أنّ فرس كلحبة اليربوعيّ سمِّيت العرارة بهَا.
وَهُوَ الْقَائِل:
يسائلني بَنو جُشَمَ بنِ بكر
أغرَّاء العرَارةُ أم بهيمُ
وَقَالَ بعضُهم: العرارة: الجرادة، وَبهَا سمِّيت الْفرس. وَقَالَ بشر:
عرارةَ هَبْوةٍ فِيهَا اصفرار
والعُرَّة: الأُبْنة فِي الْعَصَا، وَجَمعهَا عُرَر.
وَقَالَ اللَّيْث: حمارٌ أعرُّ، إِذا كَانَ السِّمَن مِنْهُ فِي صَدره
وعنقه أكثرَ مِنْهُ فِي سَائِر خَلْقه.
قَالَ: والعَرّ والعَرَّة، والعَرار والعَرارة: الْغُلَام والجاريةُ
المُعْجَلانِ عَن الْفِطَام. والمعرور: المقرور. ورجلٌ معْرور: أَتَاهُ
مَا لَا قِوام لَهُ مَعَه. وعُرعرة الْجَبَل: أَعْلَاهُ. وعُرعُرة
السَّنام: غاربه. وعُراعر الْقَوْم: ساداتهم، أُخِذ من عُرعرة الْجَبَل
وَقَالَ المهَلهِل:
خَلَعَ الملوكَ وَسَار تَحت لوائه
شجرُ العُرَى وعَراعرُ الأقوامِ
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: عُرعرة الْجَبَل: غلظه ومعظمه.
قَالَ: وَكتب يحيى بن يعمر إِلَى الحجّاج: (إِنَّا نزلنَا بعُرعرة
الْجَبَل والعدوُّ بحضيضه) . فعرعرته: غِلظه وحَضيضُه: أصلُه.
قَالَ أَبُو عبيد: وَمن عُيوب الْإِبِل العَرَر، وَهُوَ قِصَر السَّنام
يُقَال بعيرٌ أعرّ وناقة عرّاء.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العَرعَر: شجرٌ يُقَال لَهُ السَّاسَم،
وَيُقَال لَهُ الشَّيزَى. وَيُقَال هُوَ شجرٌ يُعمَل مِنْهُ القطران.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: عَرعارِ: لُعبةٌ لصبيان الْأَعْرَاب. قَالَ
الْكُمَيْت:
وبلدةٍ لَا ينَال الذئبُ أفرخَها
وَلَا وَحَى الوِلْدِة الداعِينَ عَرعارِ
أَي لَيْسَ بهَا ذئبٌ لبُعدها عَن الناسِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال عرعرت القارورةَ، إِذا نزعتَ
مِنْهَا سِدَادَها. وَيُقَال ذَلِك إِذا سددتها. وَيُقَال عَرعَرَتُها:
سِدادها. قَالَ: وعُرعُرتها: وكاؤها.
وعُرعُرة الْإِنْسَان: جلد رَأسه.
قَالَ الأصمعيّ: يُقَال لِلْجَارِيَةِ الْعَذْرَاء عرّاء. وَقَالَ
أَبُو عَمْرو فِي قَول الشَّاعِر يذكر امْرَأَة:
وركبَتْ صَومَها وعُرعُرَها
أَي سَاءَ خلقهَا وَقَالَ غَيره: مَعْنَاهُ أنّها ركبت القَذِر من
أفعالها. وَأَرَادَ بعرعرتها
(1/77)
عُرّتها. وَكَذَلِكَ الصَّوم عُرَّة
النعام.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال فِي مثل: (عُرَّ فقرَه بِفِيهِ
لعلَّه يُلهيه) . يَقُول: خَلِّه وغَيَّه إِذا لم يُطِعْك فِي
الْإِرْشَاد فلعلَّه أَن يَقع فِي هَلكة تُلهيه عَنْك وتشغله. وَقَالَ
قيس بن زُهَيْر:
يَا قَومنَا لَا تعرُّونا بداهية
يَا قَومنَا واذْكُرُوا الْآبَاء والقُدَما
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: يُقَال عُرّ فلانٌ، إِذا لقّب بلقبٍ يعرُّه.
قَالَ: وعَرَّ، إِذا نقصَ، وعَرَّه يعُرُّه، إِذا لقَّبه بِمَا
يَشينُه. وعَرّ يعُرُّ، إِذا صادفَ نوبتَه من المَاء وَغَيره.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العُرَّى: المَعِيهة من النِّسَاء.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العَرَّة: الخَلَّة
القبيحة. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العِرار الْقِتَال، يُقَال عاررتُه
إِذا قاتلتَه.
رع: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الرَّعّ السّكُون.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المترعرِع هُوَ المتحرِّك.
قلت: وسمعتُ العربَ تَقول للقصَب الرَّطب إِذا طَال فِي منبته: قَصَبٌ
رعراع. وَمِنْه قيل للغلام الَّذِي شبَّ وامتدّت قامته: رعراعٌ
ورَعْرَع، والجميع رَعارع. وَمِنْه قَول لبيد:
ألاَ إنَّ إخوانَ الشَّباب الرَّعارعُ
وَيُقَال رعرعَ الفارسُ دابّتَه، إِذا كَانَ ريّضاً فركِبه ليروضَه
ويُذلَّه. وَقَالَ أَبُو وَجْزة السعديّ:
تَرِعاً يرعرعه الغلامُ كأنّه
صَدَعٌ يُنَازع هِزَّةً ومِراحا
وَقَالَ شِمر فِيمَا قَرَأت بخطِّه: الرَّعاع كالرَّجاج من النَّاس،
وهم الرُّذَالُ والضُّعفاء، وهم الَّذين إِذا فزِعوا طاروا. قَالَ:
وَقَالَ أَبُو العميثل: يُقَال للنعامة رَعَاعة، لِأَنَّهَا كأنّها
أبدا منخوبة فزعة.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الرعرعة: اضْطِرَاب المَاء الصافي الرَّقيق على
الأَرْض، وَمِنْه قيل غلامٌ رعرَع. قَالَ: وَيُقَال ترعرعت سِنُّه
وتزعزعت، إِذا نَغَضت.
(بَاب الْعين وَاللَّام)
عل، لع: مستعملان
عل: قَالَ أَبُو زيد فِي كتاب (النَّوَادِر) : يُقَال هما أَخَوان من
عَلّة، وهما ابْنا عَلّةٍ، إِذا كَانَت أُمَّاتهما شتّى وَالْأَب
وَاحِد وهم بَنو العَلاَّت، وهم من عَلاَّت، وهم إخوةٌ من عَلَّةٍ
وعَلاَّتٍ. كلُّ هَذَا من كَلَامهم. وَنحن أخَوَانِ من عَلّة، وَهُوَ
أخي من عَلّة: من ضَرّتين، وَلم يَقُولُوا من ضَرّة. والعَلّة:
الرابَّة. وَبَنُو العَلاَّت: بَنو رجلٍ واحدٍ من أُمَّهاتٍ شتّى.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: هم بَنو عَلّةٍ وَأَوْلَاد عَلّة. وَقَالَ أَوْس
بن حَجَر:
وهمْ لمقلِّ المَال أولادُ عَلّةٍ
وَإِن كَانَ مَحْضا فِي العمومة مُخْوَلا
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: تعلَّلتُ بِالْمَرْأَةِ تعلُّلاً، أَي لهوتُ
بهَا. وَيُقَال علَّلَنا فلانٌ بأغانيهِ، إِذا غنّاهم بأغنيّة بعد
أُخْرَى.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العليلة: الْمَرْأَة المطيَّبة
(1/78)
طيبا بعد طِيب. قَالَ: وَمِنْه قَول امرىء
الْقَيْس:
وَلَا تُبعِدِيني من جَنَاكِ المُعلَّلِ
أَي المطيَّب مرّة بعد أُخْرَى. وَمن رَوَاهُ (المعلِّل) فَهُوَ
الَّذِي يعلِّل مُترشِّفه بالريق.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المعلِّل: المُعِين بالبرّ بعد البرّ.
قَالَ: والمعلِّل: دَافع جابي الخَراج بالعِلل.
وَفِي الحَدِيث: (يتوارث بَنو الْأَعْيَان من الْأَخَوَات دون بني
العَلاّت) ، أَي يتوارث بَنو الْإِخْوَة للْأَب والأمّ دون الْإِخْوَة
للْأَب.
والعِلال هُوَ الْحَلب قبل استيجاب الضَّرع للحلب بِكَثْرَة اللَّبن.
وَقَالَ بعض الْأَعْرَاب فِيهِ:
العَنز تعلم أنّى لَا أكرّمها
عَن العِلالِ وَلَا عَن قِدر أضيافي
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: العُلالة والعُراكة والدُّلاكة:
مَا حلبتَه قبل الفِيقة الأولى وَقبل أَن تَجْتَمِع الثَّانِيَة.
وَيُقَال لأوّل جري الْفرس بُداهتُه، وللذي يكون بعده عُلالته. وَقَالَ
الْأَعْشَى:
إلاّ عُلالةَ أَو بُدا
هةَ سابحٍ نهد الجُزاره
علَّ ولعلَّ حرفان وُضِعا للترجّي فِي قَول النحويّين. وأثبِتَ عَن
ابْن الأنباريّ أَنه قَالَ: لعلّ يكون ترجياً، وَيكون بِمَعْنى كي،
وَيكون ظنّاً كَقَوْلِك: لعلّي أحجّ العامَ، مَعْنَاهُ أظنُّني سأحجّ.
وَيكون بِمَعْنى عَسَى لَعَلَّ عبد الله يقوم مَعْنَاهُ عَسى عبد الله.
وَيكون بِمَعْنى الِاسْتِفْهَام كَقَوْلِك: لعلَّك تَشْتمنِي فأعاقبَك،
مَعْنَاهُ هَل تَشْتمنِي؟
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الْحُسَيْن بن فهم أنّ مُحَمَّد بن سلاّم
أخبرهُ عَن يُونُس أَنه سَأَلَهُ عَن قَول الله تَعَالَى: {فَلَعَلَّكَ
بَاخِعٌ نَّفْسَكَ} (الْكَهْف: 6) ، و {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا
يُوحَى إِلَيْكَ} (هود: 12) قَالَ: مَعْنَاهُ كأنّك فَاعل ذَلِك إِن لم
يُؤمنُوا. قَالَ: ولعلّ لَهَا مَوَاضِع فِي كَلَام الْعَرَب، من ذَلِك
قَوْله: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النُّور: 27) و {وُوِلَعَلَّهُمْ
يَتَّقُونَ} (طاه: 113) و {وُوِلَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ} (طاه: 44)
قَالَ: مَعْنَاهُ كي تَذكرُوا، وكي يتقوا، كَقَوْلِك: ابعثْ إليّ
بدابّتك لعلّي أركبها، بِمَعْنى كي.
قَالَ: وَتقول انطلقْ بِنَا لعلّنا نتحدّث، أَي كي نتحدّث.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت: فِي لعلّ لُغَات، يَقُول بعض الْعَرَب
لعلّي، وَبَعْضهمْ لعلّني، وَبَعْضهمْ لعَنِّي، وَبَعْضهمْ عَلِّي،
وَبَعْضهمْ علَّني، وَبَعْضهمْ لأنّي، وَبَعْضهمْ لأنّني، وَبَعْضهمْ
لوَنَّني. وَقَالَ العجاج حاكياً قَول ابْنَته:
يَا أبتا عَلَّكَ أَو عساكا
وَيُقَال: تعاللتُ نَفسِي وتلوَّمْتها، أَي استزدتها.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا وَردت الإبلُ الماءَ فالسَّقْية الأولى
النَّهَل، وَالثَّانيَِة العَلَل.
قلت: وسمعتُ الْعَرَب تَقول: عَلَّت الْإِبِل تَعِلّ، إِذا شربت الشربة
الثَّانِيَة، وَقد عللتُها أَنا أعُلُّها، بِضَم الْعين.
(1/79)
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن
الأعرابيّ: علّ الرجلُ يَعِلُّ من الْمَرَض، وعلّ يعِلّ ويَعُلُّ من
عَلَل الشَّراب. وَقد اعتلَّ العليل عِلَّةً صعبة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال عرضَ عليَّ سَومَ عالَّةٍ، إِذا عرضَ
عَلَيْك الطّعامَ وَأَنت مُستغنٍ عَنهُ، وَهُوَ كَقَوْلِهِم: عَرْضَ
سابِرِيَ.
أَبُو عبيد: العَلُّ: الْكَبِير المُسِنّ. والعَلُّ: القُراد. وَالْجمع
أعلال. قَالَه الأصمعيّ، قَالَ: وَبِه شبِّه الرجل الضَّعِيف، فَيُقَال
كأنّه عَلّ.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: اليعلول: الْمَطَر بعد الْمَطَر، وَجمعه
اليعاليل. قَالَ: واليعاليل أَيْضا: حَباب المَاء. قَالَ: وَقَالَ
الْأَصْمَعِي: اليعلول: غَدِير أَبيض مطّرد. قَالَ: وَهُوَ السَّحاب
المطَّرد أَيْضا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: العُلعُل: اسْم ذكر الرجُل. والعُلعل: ذكر
القَنَابر. والعُلعُل: طرف الضِّلع الَّتِي تُشرف على الرَّهابة وَهِي
طرف الْمعدة. قَالَ: ويُجمع العلعلُ مِنْهَا كلهَا على عُلُل وعَلالل.
قَالَ: والعُلُل أَيْضا: جمع العَلول، وَهُوَ مَا يعلَّل بِهِ
الْمَرِيض من الطَّعَام الْخَفِيف، فَإِذا قوِيَ أكله فَهُوَ الغُلُل
جمع غَلول.
وَقَالَ اللِّحياني: عاللت الناقةَ عِلالاً، إِذا حلبتَها صباحاً
وَمَسَاء وَنصف النَّهَار وَقَالَ أَبُو زيد: العُلالة: أَن تحلب
النَّاقة أوّلَ النَّهَار وآخرَه وتحلب وسط النَّهَار، فَتلك الحلبة
الْوُسْطَى هِيَ العُلالة، وَقد يُدعَى كلُّهن عُلالة.
وَقَالَ الْفراء: يُقَال إِنَّه لفي عُلعُولِ شرَ وزُلزُول شَرّ، أَي
فِي قتال واضطراب. وَقَالَ أَبُو سعيد: تَقول الْعَرَب: أَنا عَلاَّنُ
بأرضِ كَذَا كَذَا، أَي جَاهِل.
قَالَ: وَامْرَأَة علاّنة: جاهلة. قَالَ: وَهِي لُغَة مَعْرُوفَة.
قلت: لَا أعرف هَذَا الْحَرْف وَلَا أَدْرِي من رَوَاهُ عَن أبي سعيد.
وَقَالَ الْفراء: الْعَرَب تَقول للعاثر: لعاً لَك وَتقول عَلْ
ولَعَلْ، وعَلَّك ولعلَّك وَاحِد. وَقَالَ الفرزدق:
إِذا عثَرت بِي قلت عَلّكِ وانْتهى
إِلَى بَاب أَبْوَاب الْوَلِيد كلالُها
وَأنْشد أَيْضا:
فهنّ على أكتافهم ورماحهم
يقلن لمن أدركن تَعْساً وَلَا لَعَلْ
قلت: شُدِّدت اللَّام فِي قَوْلهم عَلَّكِ لأَنهم أَرَادوا عَلْ لَك.
وَكَذَلِكَ لعلَّك إِنَّمَا هُوَ لَعَلْ لَك.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للبعير ذِي السَّنامين: يَعلول،
وقِرعَوْس، وعُصفوريّ.
لع: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: لعلع فلانٌ عظمَ فلانٍ، إِذا كَسره.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: فلَان يتلعلع من الْجُوع والعطش، أَي
يتضوّر.
واللَّعلَع: السراب. ولعلعتُه: بصيصُه. ولَعلَعٌ: مَاء فِي الْبَادِيَة
مَعْرُوف، وَقد وردتُه.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: اللُّعَاع: أوّل النبت، وَقد ألعَّتْ الأرضُ.
(1/80)
سلمةُ عَن الفرّاء: خرجنَا نتلعَّى، أَي
نَأْكُل اللُّعاع. كَانَ ذَلِك فِي الأَصْل نتلعَّع فكثرت العَيناتُ
فقلبت إحداهَا يَاء، كَمَا قَالُوا تظنّيت من الظنّ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: عسلٌ
متلعِّع، وَهُوَ الَّذِي إِذا رفعتَه امتدَّ مَعَك فَلم يتقطَّع
للزُوجته. قَالَ: واللُّعاعة: كل نباتٍ ليّن من أَحْرَار الْبُقُول
فِيهِ مَاء كثير لزِج. وَيُقَال لَهُ النّعاعة أَيْضا. وَأنْشد:
كادَ اللُّعاع من الحَوذانِ يَسحَطُها
ورِجرِجٌ بَين لَحييها خَناطيلُ
وَقَالَ اللَّيْث: امرأةٌ لَعَّة: مليحة عفيفة. ورجلٌ لعَّاعة يتكلَّف
الألحانَ من غير صَوَاب. وَرُوِيَ عَن المؤرِّج أَنه قَالَ: اللعلاع:
الجبان.
وَقَالَ أَبُو الْحسن اللِّحياني: فِي الْإِنَاء لُعاعة، أَي جِزعة من
الشَّرَاب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ببلدِ بني فلانٍ لُعاعةٌ حَسَنَة، ونُعاعةٌ
حَسَنَة، وَهُوَ نبتٌ ناعم فِي أوّل مَا ينْبت. وَمِنْه قيل: (إنّما
الدُّنيا لُعاعة) .
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: اللُّعَاعة: الهِندِبَاء، يمدّ
وَيقصر. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللُّعاعة: الْكلأ الْخَفِيف، رُعي أَو
لم يُرْعَ.
(بَاب الْعين وَالنُّون)
عَن، نع: مستعملان
عَن: أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن سَلمَة عَن
الْفراء أَنه قَالَ: العَنّة والعُنّة: الِاعْتِرَاض بالفضول. قَالَ:
وشاركه شِركة عنان، أَي فِي شيءٍ عنّ لَهما، أَي عرض.
الحرانيّ عَن ابْن السّكيت: يُقَال شَاركهُ شِركة عنان، وَذَلِكَ إِذا
اشْتَركَا فِي مالٍ مَعْلُوم وبانَ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا بِسَائِر
مَاله دونَ صَاحبه، وكأنّ أَصله أنَّه عنّ لَهما شيءٌ فاشتركا فِيهِ،
أَي عَرَض.
قَالَ: وشاركه شِركة مُفَاوَضَة، وَذَلِكَ أَن يكون مالُهما جَمِيعًا
من كلّ شيءٍ يملكانه بَينهمَا.
وَقَالَ غَيره: سمِّيت شركَة الْعَنَان عناناً لمعارضة كل واحدٍ
مِنْهُمَا صَاحبه بمالٍ مثل مَال صَاحبه، وعَملٍ فِيهِ مثلِ عمله بيعا
وَشِرَاء. يُقَال عانّه عِناناً ومُعانّةً، كَمَا يُقَال عَارضه
يُعَارضهُ عِراضاً ومعارضة.
والعَنن: الِاعْتِرَاض، اسمٌ من عَنّ. قَالَ ابْن حلِّزة:
عَنناً بَاطِلا وظلماً كَمَا تُع
تَرَ عَن حَجرة الربيض الظباءُ
وسمِّي عِنانُ اللجام عناناً لاعتراض سَيْرَيه على صفحتي عنق الدّابة
عَن يَمِينه وشماله.
قلت: والشِّركة شركتان: شركَة الْعَنَان وَشركَة الْمُفَاوضَة. فأمّا
شِركة العِنَان فَهُوَ أَن يُحضر كلُّ واحدٍ من الشَّرِيكَيْنِ
دَنَانِير أَو دَرَاهِم مثل مَا يُخرج الآخر وَيخلطانها وَيَأْذَن كلُّ
واحدٍ مِنْهُمَا لصَاحبه بأنْ يتّجر فِيهِ، وَلم يخْتَلف الْفُقَهَاء
فِي جَوَاز هَذِه الشّركَة وأنهما إنْ ربحا فِيمَا تجَرا فِيهِ
(1/81)
فَالرِّبْح بَينهمَا، وَإِن وُضِعا فعلى
رُؤُوس أموالهما. وَأما شركَة الْمُفَاوضَة فَأن يشتركا فِي كل شيءٍ
يملكانه أَو يستفيدانه من بعد. وَهَذِه الشّركَة عِنْد الشَّافِعِيَّة
بَاطِلَة.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أعننت اللجامَ، إِذا علمتَ لَهُ عِناناً.
وَقَالَ يَعْقُوب بن السّكيت: قَالَ الْأَصْمَعِي: أعننت الْفرس
وعَنَنته، بِالْألف وَغير الْألف، إِذا عمِلت لَهُ عناناً، وَأهل
الْعرَاق يَقُولُونَ: أعَنَّ الفارسُ، إِذا شدَّ عنانَ دابّته إِلَيْهِ
ليَثنِيَه عَن السّير، فَهُوَ مُعِنَّ وعَنَّ دابّته عَنًّا: جعل لَهَا
عِنانا. وَجمع العِنان أعِنّة.
والعَنُون من الدوابّ: الَّتِي تُباري فِي سَيرهَا الدوابَّ فتقدُمها.
قَالَ النَّابِغَة
كأنّ الرحلَ شُدَّ بِهِ خَذوفٌ
من الجَونات هاديةٌ عَنونُ
والخَذوف: السَّمينة من حُمر الْوَحْش.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود أَنه قَالَ: (وَكَانَ رجلٌ فِي أرضٍ
لَهُ إذْ مرّت بِهِ عَنَانةٌ تَرَهْيَأُ) . قَالَ أَبُو عبيد:
العَنانة: السحابة، وَجَمعهَا عَنانٌ. قَالَ: وَفِي بعض الحَدِيث: (لَو
بلغَتْ خطيئتُه عَنَان السَّحاب) . وَرَوَاهُ بَعضهم: (أعنانَ
السَّمَاء) . فَإِن كَانَ الْمَحْفُوظ أعنانَ السَّمَاء فَهِيَ
النَّواحي. وأعنان كلّ شيءٍ: نواحيه، قَالَه يُونُس النحويّ، الواحدُ
عَنٌّ وَمِنْه يُقَال: أخذَ فِي كلِّ عَنّ وسَنَ وفَنَ.
وَقَالَ اللَّيْث: عَنان السَّمَاء: مَا عنَّ لَك مِنْهَا إِذا نظرتَ
إِلَيْهَا، أَي مَا بدا لَك مِنْهَا. وَأما قَوْله:
جَرَى فِي عَنانِ الشِّعريينِ الأماعزُ
فَمَعْنَاه جرى فِي عِراضها سَرابُ الأماعز حِين يشتدُّ الحرُّ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: يُقَال عَنَّ
الرجلُ يعِنُّ عَنًّا وعنناً، إِذا اعترضَ لَك من أحد جانبيك من عنْ
يَمِينك أَو من عَن شمالك بمكروه.
قَالَ: والعَنّ المصدَر، والعَنَن اسْم، وَهُوَ الْموضع الَّذِي يَعِنّ
فِيهِ العانّ.
قَالَ: وسمِّي العِنان من اللجام عِناناً لِأَنَّهُ يعترضُه من ناحيتيه
وَلَا يدْخل فمَه مِنْهُ شَيْء.
قَالَ: وسمِّي عُنوان الْكتاب عنواناً لِأَنَّهُ يعِنُّ لَهُ من
ناحيتيه. قَالَ: وَأَصله عُنَّان، فَلَمَّا كثرت النونات قلبت
إِحْدَاهَا واواً. قَالَ: وَمن قَالَ عُلوان جعل النونَ لاماً؛ لأنّها
أخفّ وَأظْهر من النُّون.
قَالَ: وَيُقَال للرجل الَّذِي لَا يصرِّح بالشَّيْء بل يعرِّض: قد جعل
كَذَا وَكَذَا عنواناً لِحَاجَتِهِ. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
وتعرف فِي عنوانها بعضَ لحنها
وَفِي جوفها صمعاء تحكي الدَّواهيا
قَالَ: وكلَّما استدللت بِشَيْء تُظْهِره على غَيره فَهُوَ عنوانٌ
لَهُ. وَقَالَ حسان بن ثَابت يرثي عُثْمَان ح:
ضحَّوا بأشمطَ عُنوانُ السُّجودِ بِهِ
يقطِّع اللَّيْل تسبيحاً وقرآنا
قَالَ: وَيُقَال للحظيرة من الشّجر يحظَّر بهَا على الْغنم وَالْإِبِل
فِي الشتَاء للتتذرى بهَا
(1/82)
من برد الشَّمَال عُنّة. وَجَمعهَا عُنَنٌ
وعِنان، مثل قُبّة وقباب.
قَالَ: وسمِّي العِنِّينُ عِنّيناً لِأَنَّهُ يعنّ ذكرهُ لقبل المرأةِ
من عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله فَلَا يَقْصِدهُ.
قَالَ: وعَنَنتُ الكتابَ، وعَنَّنته، وعلونتُه بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: امْرَأَة عِنّينة، وَهِي الَّتِي لَا تُرِيدُ
الرِّجَال. قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْأَحْمَر: عنونت الْكتاب
وعنّنته.
وَقَالَ اللِّحياني: عنّنت الْكتاب تعنيناً، وعنَّيتُه تعنيةً، إِذا
عنونته.
وَقَالَ غَيره: فلانٌ عَنّانٌ على آنف الْقَوْم، إِذا كَانَ سباقاً
لَهُم. وفلانٌ عنّانٌ عَن الْخَيْر وخَنَّاسٌ وكزَّام، أَي بطيءٌ
عَنهُ.
وعنعنة بني تَمِيم: إبدالهم الْهمزَة عينا، كَمَا قَالَ ذُو الرمَّة:
أعَنْ توسَّمتَ مِن خَرقاء منزِلةً
ماءُ الصبابة من عينيكَ مسجُومُ
وَقَالَ جرانُ الْعود:
فَمَا أُبن حتّى قُلْنَ يَا لَيْت عَنَّنا
ترابٌ وعَنَّ الأرضَ بِالنَّاسِ تخْسَفُ
وَقَالَ الْفراء: لُغَة قُرَيْش وَمن جاورهم أنَّ، وَتَمِيم وَقيس
وأسدٌ وَمن جاورَهم يجْعَلُونَ ألف أنَّ إِذا كَانَت مَفْتُوحَة عينا،
يَقُولُونَ: أشهد عَنَّك رسولُ الله، فَإِذا كسروا رجَعوا إِلَى
الْألف. قَالَ: الْعَرَب تَقول: لأَنَّك تَقول ذَاك، ولَعَنَّك تَقول
ذَاك، مَعْنَاهُمَا لعلَّك.
وَيُقَال مَلأ فلانٌ عِنَان دابّته، إِذا أعداه وحَمَله على الحُضْر
الشَّديد. وَأنْشد ابْن السّكيت:
حرف بعيد من الْحَادِي إِذا مَلَأت
شمسُ النَّهَار عِنانَ الأبْرَقِ الصَّخِبِ
قَالَ: أَرَادَ بالأبرق الصَّخِب الجندب. وعِنانه: جَهده. يَقُول:
يَرمَضُ فيستغيث بالطيران فَتَقَع رجلُه فِي جناحيه فَتسمع لَهما
صَوتا. وَلَيْسَ صَوته من فِيهِ؛ وَلذَلِك يُقَال صرَّ الجندب.
وللعرب فِي العِنان أَمْثَال سائرة. يُقَال: ذَلّ عنانُ فلَان، إِذا
انْقَادَ. وفلانٌ أبيُّ العِنان، إِذا كَانَ ممتنِعا. وَيُقَال أَرْخِ
من عِنانه، أَي رفِّه عَنهُ. وهما يجريان فِي عِنانٍ إِذا استَويا فِي
فضلٍ أَو غَيره. وَقَالَ الطرمَّاح:
سَيعْلَمُ كلُّهم أَنِّي مُسِنٌّ
إِذا رفَعوا عناناً عَن عِنانِ
الْمَعْنى سَيعْلَمُ الشُّعَرَاء كلُّهم أَنِّي قارِح.
وَجرى الفرسُ عِناناً، إِذا جرى شوطاً. وَيُقَال: اثنِ عليَّ عنانَه،
أَي رُدَّه عليّ وثنيت على الْفرس عِنانَه، إِذا ألجمتَه. وَقَالَ ابْن
مُقبل يذكر فرسا:
وحاوطني حتَّى ثنيتُ عنانَه
على مُدبر العِلْباء ريانَ كاهلُه
حاوَطني، أَي داورني وعالجني. ومدبِر عِلبائه: عُنُقه. أَرَادَ أنّه
طَوِيل الْعُنُق، فِي علبائه إدبار.
وَيُقَال للرجل الشريف الْعَظِيم السُّودَد: إِنَّه لطويل الْعَنَان.
وفرسٌ طَوِيل الْعَنَان، إِذا ذُمَّ بقصر عُنُقه. فَإِذا قَالُوا قصير
العِذار فَهُوَ
(1/83)
مدحٌ، لِأَنَّهُ وصف حينئذٍ بسعة جَحفلته.
وَيُقَال امْرَأَة معنَّنة، إِذا كَانَت مجدولةً جدلَ الْعَنَان، غيرَ
مسترخية الْبَطن.
وَرجل مِعَنٌّ، إِذا كَانَ عِرِّيضاً مِتْيَحا. وَامْرَأَة مِعَنّة:
تعتَنُّ وتعترض فِي كل شَيْء. وَرُوِيَ عَن بعض الْعَرَب أَنه قَالَ:
إنَّ لنا لكَنَّهْ
مِعَنَّةً مِفَنَّهْ
سِمعنَّةً نِظرَنَّه
أَي تعتنُّ وتفتنُّ فِي كل شَيْء.
وَيُقَال: إنّه ليَأْخُذ فِي كل عَنَ وفنَ، بِمَعْنى وَاحِد.
وسمِعتُ العربَ تَقول: كُنَّا فِي عُنَّةٍ من الْكلأ وفُنّة، وثُنة،
وعانكة من الْكلأ، بِمَعْنى وَاحِد، أَي كُنَّا فِي كلأ كثير وخِصب.
ابْن شُمَيْل: العانُّ، من صفة الْجبَال: الَّذِي يعتَنُّ لَك فِي
صَوبِك وَيقطع عَلَيْك طريقك. يُقَال: بموضِع كَذَا عانٌّ يعتنُّ
للسالك.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العُنُن: المعترضون بالفضول،
الْوَاحِد عانٌّ وعَنُون. قَالَ: والعُنُن جمع العِنِّين وَجمع المعنون
أَيْضا. وَيُقَال عُنَّ الرجل وعُنِّن وعُنِنَ وأُعْنِنَ، فَهُوَ
عَنِين مَعنونٌ مُعَنٌّ مُعَنّن.
قَالَ والتعنين: الْحَبْس فِي المطبق الطَّوِيل.
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال للمجنون: معنون ومهروع، ومخفوع، ومعتوه،
وممتوه، ومُمَتّهٌ، إِذا كَانَ مَجْنُونا.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: لعنّك لبني تَمِيم. قَالَ: وَبَنُو تيم الله
بن ثَعْلَبَة يَقُولُونَ: رَعَنَّك تَقول ذاكَ ولغَنَّك، بِمَعْنى
لعلَّك، بالغين.
وَقَالَ اللَّيْث: العُلوان لُغَة فِي العنوان غير جيّدة. قَالَ:
وَيُقَال عننت الكتابَ عنّاً. قَالَ: وعَنْونته. قَالَ: وَهُوَ فِيمَا
ذُكر مشتقٌ من الْمَعْنى. قَالَ: وعَنّيتُه تعنيةً، كلُّها لُغَات.
وَقَالَ النحويون: (عَن) حرفُ صفةٍ، وَهُوَ اسْم. و (مِن) من الْحُرُوف
الخافضة. وَالدَّلِيل على ذَلِك أَنَّك تَقول أَتَيْته من عَن يَمِينه
وَمن عَن شِمَاله، وَلَا تقدم (عَنْ) على (مِن) . وَقَالَ الشَّاعِر:
من عَن يَمِين الحُبَيَّا نظرةٌ عَجَل
وَتقول: أخذت الشَّيْء مِنْهُ، وحدّثني فلَان عَن فلَان. وَيُقَال
تنحَّ عني وانصرفْ عنّي، وَخذ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: الْعَرَب تزيد عَنْك فِي كَلَامهَا، يُقَال: خُذ
ذَا عَنْك، الْمَعْنى خُذ ذَا، و (عَنْك) زِيَادَة. وَقَالَ الجعديّ
يُخَاطب ليلى:
دَعي عنكِ تَشتامَ الرِّجَال وأقبلي
علَى أذلغيّ يمْلَأ استكِ فيشلا
أَرَادَ يمْلَأ استَك فيشلةً، فَخرج فيشلاً نصبا على التَّفْسِير.
نع: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: النَّعْ: الضَّعْف.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: النَّعَّة ضَعفُ الغُرمول بعد قوّته.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: النُّعنع: الْفرج الدَّقِيق الطَّوِيل.
وَأنْشد:
(1/84)
سَلُوا نساءٍ أَشْجَع
أيُّ الأيُور أنفَعْ
أالطويل النُّعْنُعْ
أم الْقصير القَرصَع
قَالَ: والقرصَع: الْقصير المعجَّر.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال للطويل من الرِّجَال نُعنُع.
وَقَالَ غَيره: تنعنعت الدارُ، إِذا نأت وبعُدت.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: النُّعاعة: بقلة ناعمة. وَقَالَ شِمْر:
لم أسمع نُعاعة إلاّ للأصمعي. قَالَ: ونُعاعة: مَوضِع. وَأنْشد:
لَا عَيْش إلاّ إبلٌ جُمّاعه
موردها الجَيْأة أَو نُعاعه
وَيُقَال لبَظر الْمَرْأَة إِذا طَال نُعنُع ونُغنُعُ.
وَقَالَ الْمُغيرَة بن حبناء:
وإلاّ جُبتُ نُعنُعَها بقولٍ
يُصيّره ثمانٍ فِي ثمانِ
قَوْله ثَمَان فِي مَوضِع النصب، وَهُوَ على لُغَة من يَقُول: رَأَيْت
قاضٍ وَهَذَا قاضٍ ومررت بقاض.
(بَاب الْعين وَالْفَاء)
عف، فع: مستعملان
عف: أَبُو عبيد: العُفافة: بقيّة اللَّبن فِي الضَّرع بَعْدَمَا
يُمتَكُّ أَكْثَره. قَالَ: وَهِي العُفّة أَيْضا. وَقَالَ الْأَعْشَى:
وتَعادَى عَنهُ النهارَ فَمَا تع
جوه إلاّ عُفافةٌ أَو فُواقُ
وَقَالَ غَيره العُفافة: الْقَلِيل من اللَّبن فِي الضَّرع قبل نزُول
الدِّرّة.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ:
العُفافة: أَن تَأْخُذ الشَّيْء بعد الشَّيْء، فَأَنت تعتفُّه.
وروى عَمْرو عَن أَبِيه: العَفْعَف: ثَمَر الطَّلح.
وَقَالَ أَبُو زيد: العُفافة: الرَّمث يرضعه الفصيل فِي قَول بَعضهم.
قَالَ: وَبَعْضهمْ يَقُول: العُفافة أَن تتْرك الناقةُ على الفصيل بعد
مَا ينفض مَا فِي ضرْعهَا فتجمع لَهُ اللبنَ فُواقاً خَفِيفا.
وَقَالَ ابْن الْفرج: يُقَال للعجوز عُفّة وعُثّة. قَالَ: والعُفّة:
سَمَكَة جرداء بَيْضَاء صَغِيرَة إِذا طُبخت فَهِيَ كالأرُزّ فِي
طعمها.
وَيُقَال عفّ الْإِنْسَان عَن الْمَحَارِم يَعِفُّ عِفّةً وعَفافاً،
فَهُوَ عَفيفٌ وَجمعه أعِفّاء وَامْرَأَة عفيفة الْفرج ونسوةٌ عفائف.
فع: أَبُو الْعَبَّاس عَن سَلمَة عَن الْفراء: يُقَال للقصّاب
فَعفَعانيّ، وهَبْهَبيّ، وسطّار. قَالَ: ورجلٌ فَعفَع وفُعافِعٌ، إِذا
كَانَ خَفِيفا. وَيُقَال للجدي فَعفَع. قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ:
الفعفعيُّ: القصّاب وَأنْشد غَيره لصخر الغيّ:
فنادَى أَخَاهُ ثمّ طَارَ بشَفرةٍ
إِلَيْهِ اجتزارَ العفعفيّ المُناهِبِ
عَمْرو عَن أَبِيه: الفعفع: زجرُ الْغنم.
قلت: وَهِي الفعفعة.
(1/85)
وَقَالَ المؤرج: رجلٌ فعفاعٌ وَعواعٌ
لَعلاعٌ رَعراعٌ، أَي جبان.
(بَاب الْعين وَالْبَاء)
عب، بِعْ
عب: جَاءَ فِي الْخَبَر: (مُصُّوا الماءَ مَصًّا وَلَا تعُبُّوه
عَبًّا) . والعبُّ: أَن يشرب المَاء وَلَا يتنفّس. وَقيل: (الكُباد من
العبّ) ، وَهُوَ وجع الكبد.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: العبُّ أَن
يشرب المَاء دغرقة بِلَا غَنْث. والدغرقة: أَن يصبَّ الماءَ مرّة
وَاحِدَة. والغَنْث: أَن يقطّع الجَرْع.
وَقَالَ الشافعيّ: الحَمَام من الطَّير: مَا عبّ وهدَر. وَذَلِكَ أنّ
الْحمام يعُبُّ المَاء عبًّا وَلَا يشرب كَمَا يشرب سَائِر الطير
نقراً.
أَبُو عُبَيْدَة: فرسٌ يعبوب: جوادٌ بعيد القَدْر فِي الجري. قَالَ:
وَقَالَ المنتجع: هُوَ الطَّوِيل. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: اليعبوب:
كلُّ جدول ماءٍ سريع الجري، وَبِه شبّه الْفرس اليعبوب.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَنهُ أَنه قَالَ: العُنْبَب:
كَثْرَة المَاء. وَأنْشد:
فصبّحتْ والشَّمس لم تَقضَّبِ
عينا بغضيانَ ثجوجَ العُنْبَبِ
قلت: عُنبَب فُنْعَل من العبّ، وَالنُّون لَيست بأصلية، وَهِي كنون
عُنْصَل وجندب.
عَمْرو عَن أَبِيه: العَبعَبة: الصُّوفة الْحَمْرَاء.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العَبعَب: كساءٌ مخطَّط. وَأنْشد:
تخلُّجَ المجنونِ جَرَّ العَبعَبا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِيمَا روى أَبُو عبيد عَنهُ: العَبْعَب الشابّ
التَّامْ وروى عَمْرو عَن أَبِيه: العَبعَب: نَعْمة الشّباب.
وَأَخْبرنِي الْإِيَادِي عَن شِمر أَنه قَالَ: العَبعَب والعَبعاب:
الطَّوِيل من الرِّجَال.
وَقَالَ اللَّيْث: العَبعَب من الأكسية: الناعم الرَّقِيق.
قلت: وَرَأَيْت فِي الْبَادِيَة ضربا من الثُّمام يُلْثِي صمغاً حلواً
يُؤخَذ من قضبانه ويؤكل، يُقَال لَهُ لَثَى الثُّمام، فَإِن أَتَى
عَلَيْهِ الزمانُ تناثرَ فِي أصُول الثُّمام، فَيُؤْخَذ بترابه
وَيجْعَل فِي ثوب ويصبُّ عَلَيْهِ المَاء ويُشْخَل بِهِ أَي يصفّى ثمَّ
يُغلَى بالنَّار حَتَّى يخثُر ثمَّ يُؤْكَل. وَمَا سَالَ مِنْهُ فَهُوَ
العبيبة. وَقد تعبَّبتُها أَي شربتها.
وَيُقَال: هُوَ يتعبّب النَّبِيذ، أَي يتجرَّعه.
وروى مُحَمَّد بن حبيب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: العُبَب:
عِنَب الثَّعْلَب. قَالَ: وشجرُهُ يُقَال لَهُ الرَّاء، مَمْدُود.
وَقَالَ ابْن حبيب: هُوَ العُبَب، وَمن قَالَ عِنَب الثَّعْلَب فقد
أَخطَأ.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: الفَنا مَقْصُور: عِنَب
الثَّعْلَب. فَقَالَ عنبٌ وَلم يقلْ عُبَب.
وَقد وجدتُ بَيْتا لأبي وجزة السعديّ يدلُّ على قَول ابْن الأعرابيّ،
وَهُوَ قَوْله:
إِذا تربَّعتِ مَا بينَ الشُّريف إِلَى
أَرض الفَلاَح أولاتِ السَّرح والعُبَبِ
(1/86)
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم أَنه قَالَ: (إنّ الله عزّ وجلّ وضَعَ عَنْكُم عُبِّيَّة
الْجَاهِلِيَّة وتعظُّمَها بِآبَائِهَا) . أَبُو عبيد: العُبِّيَّة
والمِبِّيّة: الكِبْر.
قلت: وَلَا أَدْرِي أهوَ فعليّة من العَبّ، أم هُوَ من العَبْوِ وَهُوَ
الضَّوْء.
أَبُو عبيد: العُباب: معظَم السَّيْل وارتفاعه وكثرته.
عَمْرو عَن أَبِيه: عبعَبَ، إِذا انهزم. قَالَ: وعُبَّ الشَّيْء، إِذا
شُرِب. وعَبَّ، إِذا حسُن وجهُه بعد تغيُّر.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: عُبْ عُب، إِذا أمرتَه أَن يسْتَتر.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : رجلٌ عَبعابٌ قبقاب، إِذا كَانَ واسعَ
الْحلق والجوف جليلَ الْكَلَام.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العُبُب: الْمِيَاه المتدفّقة.
بِعْ: عَمْرو عَن أَبِيه: بعّ الماءَ بعًّا، إِذا صبّه. قَالَ:
وَيُقَال أتيتُه فِي عَبعَب شبابه وعِهِبَّى شبابه. قَالَ والبَعبَع:
صبُّ المَاء المُدارَكُ.
قلت: لِأَنَّهُ أَرَادَ حِكَايَة صَوته إِذا خرج من الْإِنَاء وَنَحْو
ذَلِك.
قَالَ اللَّيْث: وَقَالَ أَبُو زيد: البعابعة: الصعاليك الَّذين لَا
مالَ لَهُم وَلَا ضَيعة.
قَالَ: والبُعّة من أَوْلَاد الْإِبِل: الَّذِي يُولد بينَ الرُّبع
والهُبَع. وَقَالَ الْفراء مثله.
وَقَالَ اللَّيْث: بعّ السحابُ يُبعّ بعًّا وبعَاعاً، إِذا لجّ بمطره.
وَقَالَ أَبُو عبيد: ألْقى عَلَيْهِ بَعاعَه، أَي ثِقْله. وأخرجت
الأَرْض بَعاعُها، إِذا أنبَتت أنواعَ العُشْب أيامَ الرّبيع.
وَأَلْقَتْ السحابةُ بَعاعَها، أَي ماءها وَثقل مطرها. وَقَالَ امْرُؤ
الْقَيْس:
وَألقى بصَحراء الغَبيطِ بَعاعَه
نزولَ الْيَمَانِيّ ذِي العِياب المحمَّلِ
شمر عَن أبي عَمْرو: العُباب: كَثْرَة المَاء.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العُباب: الْمَطَر الْكثير وَقَالَ
المَرّار:
عوامد للحمى متصيّفات
إِذا أَمْسَى لصيفته عُباب
وَقَالَ رؤبة:
كأنّ فِي الأقتاد ساجاً عوهقا
فِي المَاء يفرُقنَ العُبابَ الغلفقَا
الغَلْفَق جعله نعتاً للْمَاء الْكثير. وَيُقَال للعِرمِضِ فَوق المَاء
غلفق.
(بَاب الْعين وَالْمِيم)
عَم، مَعَ
عَم: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه اخْتصم
إِلَيْهِ رجلانِ فِي نخلِ غرسَه أحدُهما فِي أَرض الآخر، قَالَ
الرَّاوِي للْحَدِيث: (فَلَقَد رَأَيْت النّخل يُضرَب فِي أُصُولهَا
بالفؤوس وإنّها لَنخلٌ عُمٌّ) .
قَالَ أَبُو عبيد: العُمُّ: التامّة فِي طولهَا والتفافها، واحدتها
عميمة. قَالَ: وَمِنْه قيل للْمَرْأَة عميمة إِذا كَانَت وثيرة.
وَأنْشد للبيد فِي صفة نخيل طَالَتْ:
سُحُق يمتِّعها الصَّفا وسَرِيُّه
عُمٌّ نواعم بينهنَّ كروم
(1/87)
الصَّفا: نهر بالبحرَين. والسريّ: خليجٌ
ينخلج مِنْهُ.
وَيُقَال: اعتمَّ النبتُ اعتماماً، إِذا التفّ وَطَالَ. ونبتٌ عميم.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
مؤزَّرٌ بعَميمِ النبت مُكتهِلُ
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ:
العَمُّ الْجَمَاعَة من الحيّ. والعمّ: أَخ الْأَب. والعَمَم: الجِسم
التامّ، يُقَال: إنّ جسمَه لعَممٌ، وإنّه لعَمَمُ الجِسم.
وَيُقَال اسْتَوَى شبابُ فلانٍ على عَمَمه وعُمُمِه، أَي على طوله
وَتَمَامه.
أَبُو عبيد عَن أبي عمر قَالَ: العماعم: الْجَمَاعَات، وَاحِدهَا عَمٌّ
على غير قِيَاس. قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الكسائيّ: استعمَّ الرجلُ
عَمّاً، إِذا اتخذَ عَمًّا. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال تعمَّمتُ
الرجل، إِذا دَعوته عَمّاً. وَمثله تخوَّلتُ خالاً. وَيجمع العمّ
أعماماً وعُموماً وعُمومة.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه
أنشدَهُ:
عَلاَمَ بنَتْ أختُ اليرابيع بيتَها
عليَّ وَقَالَت لي بليلٍ تعمَّمِ
مَعْنَاهُ أنّه لما رَأَتْ الشيبَ بِرَأْسِهِ قَالَت لَهُ: لَا تأتنا
خِلْماً وَلَكِن ائتِنا عَمًّا
الحرّاني عَن ابْن السّكيت: يُقَال هما ابْنا عَمٍ وَلَا يُقَال هما
ابْنا خَال، وَيُقَال هما ابْنا خَالَة وَلَا يُقَال ابْنا عمَّة.
وَفِي حَدِيث عُرْوَة بن الزُّبير أَنه ذكر أُحَيحةَ بن الجُلاَح وقولَ
أَخْوَاله فِيهِ: (كنّا أهلَ ثُمِّهِ ورُمِّه، حَتَّى اسْتَوَى على
عُمُمِّه) قَالَ: قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله (حَتَّى اسْتَوَى على
عُممِّه) أَرَادَ على طوله واعتدال شبابه، يُقَال للنبات إِذا طَال: قد
اعتمّ.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو منجوف: يُقَال قد عَمَّمناك أمرنَا، أَي
ألزمناك.
قَالَ شمر: والمعمَّم: السيّد الَّذِي يقلّده القومُ أمورَهم، ويلجأ
إِلَيْهِ عوامُّهم. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب الهذليّ:
وَمن خير مَا جمع الناشىء ال
معمَّم خِيرٌ وزندٌ وَرِيُّ
قَالَ: والعَمَمُ من الرِّجَال: الْكَافِي الَّذِي يعمُّهم بِالْخَيرِ.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
بَحر جريرُ (بن شقٍ) من أرومته
وخالدٌ من بنيه المِدره العممُ
قَالَ: والعمم أَيْضا فِي الطُّول والتمام. وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
وقَصَب رؤد الشبابِ عَمَمُه
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: خَلْق عَمَمٌ، أَي تامّ.
وَفِي حَدِيث عَطاء: (إِذا توضَأتَ فَلم تعمُمْ فتيمَّم) ، قَالَ شمر:
قَوْله (فَلم تعمُمْ) ، يَقُول: إِذا لم يكن فِي المَاء وضوءٌ تامٌّ
فتيمَّم. وَأَصله من الْعُمُوم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: عُمَّ، إِذا طُوّل. وعَمَّ، إِذا طَال.
قَالَ: وعمعم الرجُل، إِذا كثُر جيشُه بعد قلّة.
وَمن أمثالهم: (عَمَّ ثؤباءُ الناعسِ) ، يضْرب للحدَث يحدُث ببلدة ثمَّ
يتعدّاه إِلَى سَائِر البُلدان. وَأَصله أَن الناعسَ يتثاءب فِي
الْمجْلس فيُعدى ثؤباؤه أهلَ مجلسِه.
وَيُقَال رجل عُمِّيّ ورجلٌ قُصريّ. فالعُمّيّ:
(1/88)
العامّ، والقُصريّ: الخاصّ.
والعِمامة من لِبَاس الرَّأْس مَعْرُوفَة، وَجَمعهَا العمائم. وَقد
تعممّها الرجل واعتمّ بهَا. وَإنَّهُ لحسَن العِمَّة. وَقَالَ ذُو
الرمة:
واعتمَّ بالزَّبد الجَعْد الخراطيمُ
وَالْعرب تَقول للرجل إِذا سُوِّد: قد عُمِّم. وَذَلِكَ أنَّ العمائم
تيجانُ الْعَرَب. وَكَانُوا إِذا سوّدوا رجلا عمَّموه عِمَامَة
حَمْرَاء. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
رأيتُك هرَّيتَ العمامةَ بَعْدَمَا
رأيتكَ دهراً فاصعاً لم تعصَّبِ
وَكَانَت الفرسُ إِذا ملّكت رجلا توّجوه، فَكَانُوا يَقُولُونَ للْملك
مَتوّج.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فرسٌ معمَّم، إِذا انحدرَ بَيَاض ناصيته
إِلَى منبتها، وَمَا حولهَا من الرَّأْس والناصية معمَّم أَيْضا.
قَالَ: وَمن شيات الْخَيل: أدرعُ معمَّم، وَهُوَ الَّذِي يكون بياضُه
فِي هامته دون عُنُقه.
وَالْعرب تَقول رجلٌ مُعَمٌّ مُخْوَلٌ، إِذا كَانَ كريم الْأَعْمَام
والأخوال، وَمِنْه قَول امرىء الْقَيْس:
بجيدِ مُعَمَ فِي الْعَشِيرَة مُخْوَلِ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال فِيهِ مُعِمٌّ مُخْوِل أَيْضا.
قلت: وَلم أسمعهُ لغيره، وَلَكِن يُقَال رجل مِعَمٌّ مِلَمٌّ، إِذا
كَانَ يعمُّ الناسَ فضلُه ومعروفُه ويَلُمّهم، أَي يجمعهُمْ وَيصْلح
أمورَهم.
وَقَالَ اللَّيْث: العامّة: عيدانٌ يُشَدُّ بعضُها إِلَى بعض ويُعبَر
عَلَيْهَا.
قلت: خفّف ابنُ الْأَعرَابِي الْمِيم من العامَة بِمَعْنى المِعْبَر،
وَجعله مثل هَامة الرَّأْس وقامَة العَلَق، فِي حروفٍ مخفّفة الْمِيم،
وَهُوَ الصَّوَاب.
وَقَوله الله عزّ وجلّ: {} (النّبَإِ: 1) أَصله عَن مَا يتساءلون،
فأدغمت النُّون من عَن فِي الْمِيم من مَا وشُدِّدتَا ميماً، وحذفت
الْألف فرقا بَين الِاسْتِفْهَام وَالْخَبَر فِي هَذَا الْبَاب.
والخبرُ كَقَوْلِك: عَمَّا أَمرتك بِهِ، الْمَعْنى عَن الَّذِي أَمرتك
بِهِ. وَأما قَول ذِي الرّمّة:
بَراهنّ عَمَّا هنّ إِمَّا بَوادىءٌ
لحاجٍ وَإِمَّا راجعاتٌ عوائدُ
فَإِن الْفراء قَالَ: مَا صلَة، وَالْعين مبدلة من ألف أنْ. الْمَعْنى
براهنّ يَعْنِي الركاب أنْ هن إمّا بَوادىءُ لحَاجَة فِي سفر مُبْتَدأ،
وَإِمَّا أَن عُدْن راجعات من السّفر، وَهِي لُغَة تَمِيم، يَقُولُونَ
عَن هُنّ.
وَأما قَول الآخر يُخَاطب امْرَأَة اسْمهَا عَمَّى:
فقِعدَكِ عَمَّى الله هلاَّ نعيتِهِ
إِلَى أهل حيَ بالقنافذ أوردوا
فإنّ عَمَّى اسْم امْرَأَة، أَرَادَ يَا عَمَّى. وقِعدَكِ وَالله
يمينان.
وَقَالَ المسيّب بن علَس يصف نَاقَة:
وَلها إِذا لحِقتْ ثمائلها
جَوزٌ أعمُّ ومِشفَرٌ خَفِقُ
قَالَ أَبُو عَمْرو: الجَوز الأعمّ: الغليظ التامّ. والجوز: الْوسط.
قَالَ: ومِشفَرٌ خَفِق: أهدَلُ، فَهُوَ يضطرب إِذا عَدَتْ.
(1/89)
مَعَ: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن
الْأَعرَابِي قَالَ: المعُّ الذَّوَبان.
أَبُو عبيد: المعمعانيّ: الْيَوْم الشَّديد الحرّ. قَالَ: والمعمعة:
حِكَايَة صَوت لَهب النّار إِذا شُبّت بالضِّرام. وَمِنْه قَول امرىء
الْقَيْس:
كمعمعة السَّعَف الموقَدِ
وَيُقَال للحرب مَعمعة: وَلها مَعْنيانِ: أَحدهمَا أصوات المقاتِلة،
وَالْآخر اسْتعَار نارها.
وَقَالَ شمِر: امرأةٌ مَعمَعٌ، وَهِي الذكيّة المتوقِّدَة.
وَفِي حديثٍ مَرْفُوع: (لَا تَهْلك أمّتي حتّى يكون التمايُل
والتّمايُز والمعامع) ، يُرِيد بالمعامع الحروبَ وهَيْج الْفِتَن
والتهابَ نيرانها، وَالْأَصْل فِيهِ معمعة النَّار، وَهُوَ سرعَة
تلهُّبِها. وَمثله معمعة الحَرّ.
وَمثل هَذَا قَوْلهم: (الْآن حينَ حَمِيَ الْوَطِيس) .
والمَعمعة: الدَّمْشقة، وَهُوَ عَملٌ فِي عجَل.
وأمّا (مَعَ) فَهِيَ كلمةٌ تضم الشيءَ إِلَى الشي، وَأَصلهَا مَعاً،
وستراها فِي معتّل الْعين بأوضحَ من هَذَا التَّفْسِير إِن شَاءَ الله.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا أَكثر الرجلُ من قَول (مَعَ) قيل يُمعمِع
معمعةً. قَالَ: ودِرهم مَعمعيٌّ: كتب عَلَيْهِ (مَع مَع) .
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: مَعمَع الرجلُ، إِذا لم يحصُل على مَذْهَب،
فَهُوَ يَقُول لكلّ: أَنا مَعَك وَمِنْه قيل لمن هَذِه صفتُه: إمّعٌ
وإمَّعَة.
(1/90)
بِسم الله الرحمان الرَّحِيم
هَذِه أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من حُرُوف الْعين أهملت (الْعين مَعَ
الْحَاء) فِي الثلاثي الصَّحِيح إِلَى آخر وجوهها.
بَاب الْعين مَعَ الْهَاء)
ع هـ خَ
ع هـ غ
أهملت وجوهها كلّها.
بَاب الْعين وَالْهَاء مَعَ الْقَاف)
عهق، هقع: مستعملان.
عقه، هعق، قعه، قهع: مُهْملَة.
عهق: قَالَ اللَّيْث: العهيقة: النشاط. وَأنْشد:
إنّ لرَيعان الشَّبَاب عَيهقا
قلت: الَّذِي سمعناه من الثِّقَات الغَيْهقة بالغين مُعْجمَة، بِمَعْنى
النشاط. وَأَخْبرنِي أَبُو الْفضل المنذريّ عَن أبي الْحسن الصَّيداويّ
عَن الرياشيّ عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: الغَيهق: النشاط، بالغين.
وَأنْشد:
كأنّما بِي مِن إرانِي أَولَقُ
وللشَّباب شِرَّةٌ وغيهق
قَالَ: فالغَيهق بالغين مَحْفُوظ صَحِيح، وَأما العيهقة بِالْعينِ
فَإِنِّي لَا أحفظها لغير اللَّيْث، وَلَا أَدْرِي أَهِي لغةٌ حفظت عَن
الْعَرَب، أم الْعين تَصْحِيف. وَالله أعلم.
ورُوي عَن أبي عَمْرو أَنه قَالَ: العِيهاقُ: الضَّلال. وَلَا أَدْرِي
مَا الَّذِي عوهقَك، أَي الَّذِي رمَى بك فِي العِيهاق.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: العَوهق:
الخُطّاف. والعَوهق: الْغُرَاب الجبليّ، وَيُقَال هُوَ الشِّقِرّاق.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: العوهق: اللازَوَرْد الَّذِي يُصبغ بِهِ.
والعوهق من شجر النَّبْع الَّذِي يتَّخذ مِنْهُ القسيُّ أجودُه.
وَأنْشد لبَعض الرجاز يصف قوساً:
وكلّ صفراءَ طَروحٍ عَوهقِ
والطَّروح من القسي: الَّتِي تُبعِد السهمَ إِذا رُمِي بِهِ عَلَيْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: العوهق: الْغُرَاب الْأسود الجسيم. والعوهق: اسْم
جمل للْعَرَب نُسبت إِلَيْهِ النجائب. وَقَالَ رؤبة:
قوراء فِيهَا من بَنَات العَوْهَق
(1/91)
قَالَ: والعوهق لونٌ كلون السَّمَاء
مُشرَبٌ سواداً. قَالَ: والعوهقانِ: كوكبان بحذاء الفرقدين على نسقٍ
طريقتهما مِمَّا يَلِي القطب. وَأنْشد:
بِحَيْثُ باري الفرقدانِ العوهقا
عِنْد مَسَكِّ القطبِ حَيْثُ استوسقا
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ فِي موضعٍ آخر قَالَ:
الغَقَقَة العواهق. قَالَ: وَهِي الخطاطيف الجبلية. والعوهق أَيْضا:
اللازورد. والعوهق: لون الرماد.
قلت: وكلُّ مَا ذكرت فِي العوهق من الْوُجُوه صَحِيح بِلَا شكّ.
هقع: أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: رجلٌ هُقَعةٌ: يكثر الاتّكاء
والاضطجاعَ بَين الْقَوْم. وَقَالَ شمر: لَا أعرف هُقَعة بِهَذَا
الْمَعْنى.
قلت: هُوَ صَحِيح وَإِن أنكرهُ شمِر. أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن
(ابْن) الأعرابيّ عَن ابْن السّكيت عَن الْفراء قَالَ يُقَال للأحمق
الَّذِي إِذا جلس لم يكد يبرح: إِنَّه لهُكَعة. وَقَالَ بعض الْعَرَب:
اهتكعَ فلَانا عِرقُ سَوءٍ، واهتقَعه، واهتنَعه، واختضمه، وارتكسه،
إِذا تعقَّله وأقْعَده عَن بُلُوغ الشّرف وَالْخَيْر.
وروى أَبُو عبيد عَن الْفراء أَنه قَالَ: الهَكعة النَّاقة الَّتِي
استرخت من الضَّبَعة. وَقد هكِعَت هَكعاً.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هَقِعت النَّاقة هَقَعاً فَهِيَ هَقِعة،
وَهِي الَّتِي إِذا أَرَادَت الْفَحْل وَقعت من شدّة الضَّبَعة. قلت:
فقد استبان لَك أَن الْقَاف وَالْكَاف لُغَتَانِ فِي الهَقِعة
والهَكِعة.
وَيُقَال: قَشط فلانٌ عَن فرسه الجُلَّ وكشَطه، إِذا كشفه. وَهُوَ
القُسط والكُشط للعُود. وَقد تعاقبت الْقَاف وَالْكَاف فِي حُرُوف
كَثِيرَة لَيْسَ هَذَا موضعَ استقصاءٍ لذكرها. فَمَا قَالَه الأمويّ
فِي الهقعة صَحِيح لَا يضُرُّه إِنْكَار شمر إيّاه.
وَقد روى شمر عَن ابْن شُمَيْل أَنه قَالَ: يُقَال سانَّ الْفَحْل
الناقةَ حَتَّى اهتقعها، يتقوَّعها ثمَّ يَعِيسها. قلت: معنى اهتقعها،
أَي نوَّخها ثمَّ علاها وتسدّاها.
وروى أَبُو عبيد عَن الْفراء وَغَيره: اهتُقِع لونُه وامتُقِع لَونه،
إِذا تغيّر لونُه. وَقَالَ غَيره: تَهقَّع فلانٌ علينا، وتترَّع
وتطبَّخ، بِمَعْنى وَاحِد، أَي تكبّر وَعدا طَورَه. وَقَالَ رؤبة:
إِذا امْرُؤ ذُو سَورَةٍ تهقّعا
والاهتقاع فِي الحمّى: أَن تدع المحمومَ يَوْمًا ثمَّ تهتقعه، أَي
تعاوده فتُثْخنه. وكل شيءٍ عاودك فقد اهتقعك.
والهَقْعة: منزلٌ من منَازِل الْقَمَر، وَهِي ثَلَاثَة كواكب تكون فَوق
مَنكبي الجوزاء كأنّها أثافٍ، وَبهَا شُبّهت الدائرة الَّتِي تكون
بجنْب الدوابّ فِي مَعَدِّه ومَركَلِه، وَهِي دَائِرَة يُتشاءم بهَا.
يُقَال هُقِع الفرسُ فَهُوَ مهقوع. وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة:
إِذا عَرِق المهقوع بِالْمَرْءِ أنعظت
حليلته وازداد حَرًّا عجانُها
(1/92)
والهيقعة: حِكَايَة أصوات السيوف فِي معركة
الْقِتَال إِذا ضُرب بهَا. وَقد ذكره الهذليُّ فِي شعره فَقَالَ:
الطعْن شغشغةٌ وَالضَّرْب هيقعةٌ
ضربَ المعوِّل تَحت الدِّيمة العضَدا
شبّه أصواتَ الْمُضَاربَة بِالسُّيُوفِ بِضَرْب العَضَّاد للشجر بفأس
لبِنَاء عالَةٍ يستكنُّ بهَا من الْمَطَر.
قهقع: روى ابْن شُمَيْل عَن أبي خَيرة قَالَ: يُقَال قهقع الدُّبُّ
قهقاعاً، وَهُوَ حِكَايَة صَوت الدبّ فِي ضحكه، وَهُوَ حِكَايَة
مؤلّفة.
(بَاب الْعين مَعَ الْكَاف)
هكع، عهك: مستعملان
كهع، كعه، هعك، عكه: مُهْملَة.
هكع: روى أَبُو الْعَبَّاس عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الهُكاعيّ
مَأْخُوذ من الهُكاع، وَهُوَ شَهْوَة الْجِمَاع. قَالَ: والهُكاع
أَيْضا: النّوم بعد التَّعَب. وَقَالَ أعرابيّ: مررتُ بإراخٍ هُكَّعٍ
فِي مئرانها، أَي نِيام فِي مأواها، وَأنْشد ابْن السّكيت قَول
الهذَليّ:
وتبوّأ الأبطالُ بعد حَزاحزٍ
هكْعَ النواحز فِي مناخ الموحِفِ
قَالَ: مَعْنَاهُ أَنهم تبوءوا مراكزهم فِي الْحَرْب بعد حزاحز كَانَت
لَهُم حَتَّى هكعوا بعد ذَلِك وهُكوعهم: بروكهم لِلْقِتَالِ كَمَا تهكع
النواحز من الْإِبِل فِي مباركها، أَي تسكن وتطمئنّ.
وَقَالَ الطِرمّاح يذكر بقر الْوَحْش:
ترى العِينَ فِيهَا من لدنْ مَتَع الضُّحى
إِلَى اللَّيْل فِي الغَضْيا وهُنَّ هكوعُ
قَالَ بَعضهم هنّ هُكوع أَي نِيام، وَقَالَ بَعضهم: مُكِبّاتٌ إِلَى
الأَرْض، وَقيل مطمئنّات. والمعاني مُتَقَارِبَة.
وَالْبَقر تهكع فِي كِناسها عِنْد اشتداد الحرّ نصفَ النَّهَار.
والهُكاع: السُّعالُ أَيْضا.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: هكعَ عظمه، إِذا انْكَسَرَ بَعْدَمَا جَبَر.
سلمةُ عَن الْفراء قَالَ: الهكِعة من النوق: الَّتِي قد استرخت من شدّة
الضَّبَعة. وناقةٌ مِهكاعٌ: تكَاد يُغشَى عَلَيْهَا من الضَّبَعة.
وَيُقَال: هكَع الرجلُ إِلَى الْقَوْم، إِذا نزل بهم بَعْدَمَا يُمسِي.
وَقَالَ الشَّاعِر:
وَإِن هكعَ الأضيافُ تَحت عشيّةٍ
مصدَّقة الشَّفّان كاذِبة القطرِ
وهكَع اللَّيْل هكوعاً، إِذا أرْخى سُدوله. وَرَأَيْت فلَانا هاكعاً،
أَي مُكِبّاً. وَقد هكع إِلَى الأَرْض، إِذا أكبَّ.
عهك: أهمله اللَّيْث وَغَيره. وَوجدت حرفا قرأته فِي (نَوَادِر
الْأَعْرَاب) ، يُقَال: تَركتهم فِي عيهكة وعوهكة، ومَعْوَكة وعَوِيكة،
ومَحْوَكة. وَقد تعاوكوا، إِذا اقتتَلوا.
(بَاب الْعين وَالْهَاء مَعَ الْجِيم)
اسْتعْمل وجوهه: عهج، عجه، هجع، جعه.
عهج: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ:
(1/93)
العَوهج: الظَّبية الطَّوِيلَة الْعُنُق.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للناقة الْفتية عَوهَج. وَيُقَال للنعامة
عوهج. وَقَالَ العجاج:
فِي شملةٍ أَو ذَات زِفَ عوهجا
كَأَنَّهُ أَرَادَ الطَّويلة الرجلَيْن.
وروى أَبُو تُرَاب للأصمعيّ أَنه قَالَ: العَهج والعوهج: الطَّوِيلَة.
عجه: أهمله اللَّيْث.
وقرأت فِي كتاب (الْجِيم) لِابْنِ شُمَيْل: عجهت بَين فلَان وَفُلَان،
مَعْنَاهُ أَنه أصابهما حَتَّى وَقعت الفُرقة بَينهمَا.
قَالَ: وَقَالَ أعرابيّ: أندرَ الله عينَ فلَان، لقد عجَّهَ بَين
نَاقَتي وَوَلدهَا.
قلت: وَهَذَا حرفٌ غَرِيب لَا أحفظه لغير النَّضر، وَهُوَ ثِقَة.
هجع: يُقَال أتيت فلَانا بعد هَجْعة، أَي بعد نومَة خَفِيفَة من أوّل
اللَّيْل. وَقد هجع يهجع هجوعاً، إِذا نَام. وقومٌ هجوع، ونسوةٌ هُجَّع
وهواجع.
وروى ابْن حبيب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للرجل الأحمق الغافل
عَمَّا يُرَاد بِهِ: هِجْع وهِجعة، وهُجَعة، ومِهجَع وَأَصله من
الهُجوع وَهُوَ النّوم.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: مضى هجيعٌ من اللَّيْل وهزيعٌ، بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هجَع غَرَثُه وهَجَأَ، إِذا سكن.
قَالَ: وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: هجع جوعُ الرجل يهجع هَجعاً، أَي
انْكَسَرَ جوعُه وَلم يشْبع بعدُ. قَالَ: وهجأ فلَان غَرَثَه وهجعَ
غرثَه، وهجأ غرثُه أَيْضا. قَالَ: وأهجع غرثَه وأهجأه، إِذا سكَّن
ضَرَمه.
قَالَ: وهجّع القومُ تهجيعاً، إِذا نوّموا.
قلت: وسمِعت أَعْرَابِيًا من بني تَمِيم يَقُول: هجعنا هجعةً خَفِيفَة
وقتَ السَّحَر.
جعه: الجِعَة من الْأَشْرِبَة. وَهُوَ عِنْدِي من الْحُرُوف
النَّاقِصَة، وَقد أخرجتُه فِي معتل الْعين وَالْجِيم فأوضحته.
ع هـ ش: أهملت وجوهها.
وأهمل سَائِر وجوهه.
(بَاب الْعين وَالْهَاء مَعَ الضَّاد)
اسْتعْمل من وجوهه: عضه.
وأهمل سَائِر وجوهه.
عضه: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (أَلا
أنبئكم مَا العِضَهُ؟) . قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله. قَالَ: (هِيَ
النَّميمة) . قَالَ أَبُو عبيد: وَكَذَلِكَ هِيَ فِي الْعَرَبيَّة.
وَأنْشد قَوْله:
أعوذُ بربي من النافثا
ت فِي عُقَد العاضه المُعْضِه
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه
قَالَ: (إيَّاكُمْ والعِضَهَ، أَتَدْرُونَ مَا العِضَه؟ هِيَ النميمة)
. وروى اللَّيْث فِي كِتَابه (لعن رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
العاضهة والمستعضهة) ، وَفَسرهُ: الساحرة والمستسحرة.
وروى أَبُو عبيد عَن الكسائيّ أَنه قَالَ: العِضَهُ الْكَذِب، وَجمعه
عِضُونَ، وَهُوَ من العضيهة. قَالَ: وَيُقَال: يَا لِلعضيهة،
(1/94)
وياللأَفيكة، وَيَا لِلْبَهِيتة.
قَالَ شمر وَغَيره من النحويِّين: كسرت هَذِه اللَّام على معنى اعجبوا
لهَذِهِ العضيهة. وَإِذا نُصِبت اللَّام فمعناها الاستغاثة، يُقَال
ذَلِك عِنْد التعجُّب من الْإِفْك العظِيم.
وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {الَّذِينَ جَعَلُواْ الْقُرْءَانَ عِضِينَ}
(الحِجر: 91) فقد اخْتلف أهل الْعَرَبيَّة فِي اشتقاق أَصله
وَتَفْسِيره: فَمنهمْ من قَالَ وَاحِدهَا عِضَة، وَأَصلهَا عِضْوة، من
عضَّيتُ الشَّيْء، إِذا فرَّقتَه، جعلُوا النُّقصانَ الْوَاو.
الْمَعْنى أنَّهم فرَّقوا يُعنَى الْمُشْركُونَ أقاويلَهم فِي
الْقُرْآن، أَي فجعلوه مرّةً كَذِباً، ومرّة سِحراً، ومرّةً شعرًا،
وَمرَّة كِهَانة. وَمِنْهُم من قَالَ: أصل العِضَة عِضْهة، فاستثقلوا
الجمعَ بَين هاءين فَقَالُوا عِضَة، كَمَا قَالُوا شَفَة وَالْأَصْل
شَفْهة، وَكَذَلِكَ سَنَة وَأَصلهَا سَنْهة.
وَقَالَ الْفراء: العِضُون فِي كَلَام الْعَرَب السِّحر، وَذَلِكَ أنّه
جعله من العِضْه.
وَرُوِيَ عَن عِكْرِمَة أَنه قَالَ: العِضْهُ السِّحر بِلِسَان
قُرَيْش. وهم يَقُولُونَ للساحر عاضه.
وَالْكسَائِيّ ذهب إِلَى هَذَا.
وروى أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة أَنه قَالَ: الحيّة العاضِهُ
والعاضهة: الَّتِي تقتُل إِذا نهست من ساعتها.
وَقَالَ ابْن السّكيت: العضيهة: أَن تعضه الإنسانَ وتقولَ فِيهِ مَا
لَيْسَ فِيهِ. قَالَ: وَإِذا كَانَ الْبَعِير يرْعَى العِضاهَ قلت
بعيرٌ عَضِهٌ. وَإِذا نسبت إِلَى العضاه قلت عِضاهيٌّ. قَالَ: وأرضٌ
مُعضِهة: كَثِيرَة العِضاه. وَأنْشد:
وقرَّبوا كلَّ جُماليَ عَضِهْ
قلت: وَاخْتلفُوا فِي عضاه الشّجر. فأمّا النحويون فَإِنَّهُم
يَقُولُونَ: العضاهُ من الشّجر: مَا فِيهِ شوك.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: العضاه
وَاحِدهَا عِضَة، وَيُقَال عِضَهٌ، وَيُقَال عِضْهة. قَالَ: وَهِي كل
شَجَرَة جَازَت الْبُقُول كَانَ لَهَا شوك أَو لم يكن. قَالَ:
والزَّيتون من العِضاه.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ أَنه قَالَ: العِضاه كلُّ شجرٍ لَهُ شوك.
قَالَ: ومِن أعرفِ ذَلِك الطَّلح، والسَّلَم، والعُرفُط.
وروى ابْن هانىء عَن أبي زيد أَنه قَالَ: العِضَاهُ اسمٌ يَقع على شجرٍ
من شجر الشوك لَهُ أسماءٌ مُخْتَلفَة يجمعها العِضاه. قَالَ: وَوَاحِد
العِضاه عضاهة وعِضْهة وعِضَة. قَالَ: وإنّما العضاه الخالصُ مِنْهُ
مَا عظُم واشتدَّ شوكه. قَالَ: وَمَا صغُر من الشوك فإنّه يُقَال لَهُ
العِضُّ والشِّرس. قَالَ: والعِضُّ والشِّرس لَا يُدعَيانِ عِضاهاً.
قلت: وَقد مرَّ هَذَا فِي بَاب العض بِأَكْثَرَ من هَذَا الشَّرْح.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب: (فلَان ينتجب عِضاهَ فلَان) ، مَعْنَاهُ أنّه
ينتحل شِعره والانتجاب: أَخذ النَّجَب من الشّجر، وَهُوَ قِشره.
وَمن أمثالهم السائرة:
وَمن عِضَةٍ مَا يَنْبُتنَّ شَكيرُها
وَهُوَ كَقَوْلِهِم. (الْعَصَا من العُصَيّة) وَقَالَ الشَّاعِر:
(1/95)
إِذا مَاتَ مِنْهُم ميِّتٌ سُرِق ابنُه
وَمن عِضَةٍ مَا يَنبتنَّ شكيرها
يُرِيد أنّ الابنَ يشبه الأبَ، فَمن رأى هَذَا ظنّه هَذَا، فكأنَّ
الابْن مَسْرُوق. والشَّكير: مَا ينبُت فِي أصل الشَّجَرَة.
ع هـ ص: أهملت وجوهها.
ع هـ س: أَيْضا مُهْملَة الْوُجُوه.
(بَاب الْعين وَالْهَاء مَعَ الزَّاي)
اسْتعْمل من وجوهه: هزع، عزه.
هزع: أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: مضى هزيعٌ من اللَّيْل كَقَوْلِك: مضى
جَرْسٌ وجَرشٌ وهَدِىء كلّه بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ أَبُو عَمْرو: تهزّعت الْمَرْأَة فِي مِشيتها، إِذا اضْطَرَبَتْ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: وأنشدنا قولَ الراجز فِي صفة امْرَأَة:
إِذا مَشَتْ سَالَتْ وَلم تُقَرصِعِ
هزّ القَناةِ لَدْنةَ التهزُّعِ
قَالَ: قرصعت فِي مشيتهَا، إِذا قرمطت خُطاها.
وَقَالَ الأصمعيّ: مرّ فلانٌ يَهزَع ويَمْزَع، أَي يُسرع.
وَفرس مهتزِع: سريع. وَسيف مهتزع: جيّد الاهتزاز. وَأنْشد ابنُ
السّكيت:
من كلِّ عَرّاصٍ إِذا هِزَّ اهتَزَعْ
مثل قُدامَى النَّسرِ مَا مَسَّ بَضَعْ
أَرَادَ بالعرّاص السَّيفَ البرّاق المضطرب. وَقَوله (إِذا هُزّ اهتزع)
أَي إِذا اهتزَّ. وسيفٌ مهتزِعٌ: جيّد الاهتزاز إِذا هُزّ. وفرسٌ
مهتزِع: شَدِيد العَدْو.
أَبُو تُرَاب: قَالَ الْأَصْمَعِي: مر فلانٌ يَهْزع ويَقْزِع، أَي
يَعرُج، وَهُوَ أَن يعدوَ عدوا شَدِيدا أَيْضا. وَأنْشد ابْن السّكيت
لرؤبة يصف الثور وَالْكلاب:
وَإِن دنتْ من أرضه تهزَّعا
أَرَادَ أنّ الكلابَ إِن دنت من قَوَائِم الثور تهزَّعَ، أَي أسرعَ فِي
عدوه.
وَقَالَ الأصمعيّ وَغَيره: انهزَعَ عَظمُه انهزاعاً، إِذا انْكَسَرَ،
وَقد هزّعه تهزيعاً. وَأنْشد:
لَفتاً وتهزيعاً سَوَاءَ اللَّفْتِ
أَي سِوى اللَّفت، وَهُوَ اللَّيُّ دونَ الْكسر.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت: يُقَال: مَا فِي كِنَانَته أهزع، أَي مَا
فِيهَا سهم.
قَالَ: فيتكلم بِهِ بِحرف الْجحْد. إلاّ أَنَّ النمر بن تولب قَالَ:
فَأرْسل سَهْما لَهُ أهزعا
فشكَّ نواهقَه والفَما
وَقَالَ اللَّيْث: الأهزع من السِّهام: مَا يبْقى فِي الكنانة وَحده،
وَهُوَ أردؤها.
قَالَ: وَيُقَال مَا فِي الجَعْبة إلاَّ سهمُ هِزَاعٍ أَي وحدَه.
وَأنْشد:
وبقيتُ بعدهُم كسهمِ هِزَاعِ
وَقَالَ العجاج:
لَا تَكُ كالرامي بغَيرِ أَهزَعا
(1/96)
يَعْنِي كمن ليسر فِي كِنَانَته أهزع وَلَا
غَيره، فَهُوَ يتكلّف الرَّمْي بِلَا سهمٍ مَعَه.
قَالَ: والتهزُّع: العُبوس والتنكُّر. يُقَال تهزَّعَ فلانٌ لفُلَان.
قَالَ: واشتقاقه من هزيع اللَّيل، وَهِي ساعةٌ ذاتُ وَحْشَة.
عزه: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: رجلٌ عِزهاةٌ وعِنْزَهوةٌ،
كِلَاهُمَا العازفَ عَن اللَّهو قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: فِيهِ
عِنْزهوة، أَي كِبْر.
قلت: وَالنُّون وَالْوَاو وَالْهَاء الْأَخِيرَة زائدات فِي العنزهوة.
وَقَالَ اللَّيْث: جمع العِزهاةِ عِزْهُونٍ، تسْقط مِنْهُ تِلْكَ
الْهَاء وَالْألف الممالة، لِأَنَّهَا زَائِدَة فَلَا تستخلِف فَتْحة،
وَلَو كَانَت أَصْلِيَّة مثل ألف مثنَّى لاستخلَفت فَتْحة كَقَوْلِك
مُثَنَّوْن. قَالَ: وكلُّ ياءٍ ممالة مثل يَاء عِيسَى وياء مُوسَى
فَهِيَ مَضْمُومَة بِلَا فَتْحة، تَقول فِي جمع مُوسَى وَعِيسَى
عِيسُونَ ومُوسُونَ. وَتقول فِي جمع أعشى أعشَوْن، وَيحيى يحيَون
لِأَنَّهُ على بِنَاء أفعل وَيفْعل، فَلذَلِك فتحت فِي الْجمع.
(بَاب الْعين وَالْهَاء مَعَ الطَّاء)
اسْتعْمل من وجوهه: هطع
وأهمل بَاقِي وجوهه.
هطع: قَالَ الله عزّ وجلّ {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِى رُءُوسِهِمْ}
(إِبْرَاهِيم: 43) . سمِعتُ أَبَا الْفضل المنذريّ يَقُول: المهطِع:
الَّذِي ينظر فِي ذلَ وخشوع. والمُقْنِعُ: الَّذِي يرفع رَأسه وَينظر
فِي ذلّ. وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن السريّ فِي قَوْله {مُهْطِعِينَ}
(إِبْرَاهِيم: 43) : مسرٍ عين. وَأنْشد:
بدجلة أهلُها وَلَقَد أَرَاهُم
بدجلةَ مُهطِعين إِلَى السماعِ
أَي مُسرِعين وَهُوَ قَول أبي عُبَيْدَة.
وَيُقَال: أهطعَ الْبَعِير فِي سيره واستهطع إِذا أسْرع. وَقَالَ بعض
المفسّرين فِي قَوْله {مُهْطِعِينَ} (إِبْرَاهِيم: 43) قَالَ:
محمِّجين. والتحميج: إدامةُ النّظر مَعَ فتح الْعَينَيْنِ. وَإِلَى
هَذَا ذهب أَبُو الْعَبَّاس.
وَقَالَ اللَّيْث: بعير مهطِع: فِي عُنُقه تصويب. وَيُقَال للرجل إِذا
قرّ وذلّ: قد أربخَ وأهطَع. وَأنْشد اللَّيْث:
تَعَبّدني نِمْر بن سعد وَقد أُرى
ونمر بن سَعدٍ لي مطِيعٌ ومُهطِعُ
قَالَ: وهطَع يهطَع، إِذا أقبل على الشَّيْء ببصره.
وَقَالَ شمِر: لم أسمع (هاطع) إلاّ لطُفيل، وَهُوَ الناكس. وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَة: أهطع وهَطَع، إِذا أسرعَ مُقبلا خَائفًا، لَا يكون
إِلَّا مَعَ خوف.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الهَطِيع: الطَّرِيق الْوَاسِع.
قلت: وَلم أسمع الهَطِيع بِمَعْنى الطَّرِيق لغيره، وَهُوَ من
مَنَاكِيره الَّتِي يتفرد بهَا.
(بَاب الْعين وَالْهَاء مَعَ الدَّال)
اسْتعْمل من وجوهه: عهد، عده، هدع، دهدع
(1/97)
عهد: وَفِي الحَدِيث أَن عجوزاً زارت
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ، فَأقبل عَلَيْهَا
وتخفَّى بهَا، فعاتّبتْهُ عائشةُ فِي إقباله عَلَيْهَا فَقَالَ:
(إِنَّهَا كَانَت تَأْتِينَا أزمانَ خَدِيجَة، وإنَّ حُسْنَ الْعَهْد
من الْإِيمَان) . قَالَ أَبُو عبيد: الْعَهْد فِي أَشْيَاء مُخْتَلفَة:
فَمِنْهَا الحِفاظ ورعاية الْحُرْمَة، وَهُوَ هَذَا الَّذِي فِي هَذَا
الحَدِيث. قَالَ: وَمِنْهَا الوصيّة، كَقَوْل سعد حِين خَاصم عَبْدَ
بنَ زَمْعة فِي ابْن أمَة زمْعة فَقَالَ: (هُوَ ابْن أخي، عَهِدَ إليَّ
فِيهِ أخي) ، أَي أوصى. قَالَ: وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {أَيُّهَا
الْمُجْرِمُونَ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ} (يس: 60) يَعْنِي الوصيّة.
قَالَ: والعَهد: الْأمان، قَالَ الله جلّ وعزّ: {لاَ يَنَالُ عَهْدِي
الظَّالِمِينَ} (البَقَرَة: 124) ، وَقَالَ: {فَأَتِمُّو صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ} (التّوبَة: 4) . قَالَ: وَمن
الْعَهْد أَيْضا الْيَمين يحلفُ بهَا الرجل يَقُول: عليّ عهدُ الله.
قَالَ: وَمن الْعَهْد أَيْضا أَن تَعهد الرجلَ على حالٍ أَو فِي مَكَان
فَتَقول: عَهدي بِهِ فِي مكانٍ كَذَا وَكَذَا، وبحالِ كَذَا وَكَذَا.
قَالَ: وَأما قَول النَّاس: أخذتُ عَلَيْهِ عَهد الله وميثاقَه، فَإِن
العهدَ هَاهُنَا الْيَمين، وَقد ذَكرْنَاهُ.
قلت: والعهد: الْمِيثَاق، وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {وَأَوْفُواْ
بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ} (النّحل: 91) .
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: العَهْد: جمع
العَهْدة، وَهُوَ الْمِيثَاق وَالْيَمِين الَّتِي تستوثق بهَا ممّن
يعاهدك؛ وإنَّما سمّي اليهودُ وَالنَّصَارَى أهل الْعَهْد للذمّة
الَّتِي أُعطُوها والعُهْدة المشترطة عَلَيْهِم وَلَهُم. قَالَ: والعهد
والعهدة وَاحِد. تَقول: برئتُ إِلَيْك من عُهدة هَذَا العَبْد، أَي
مِمَّا يدركك فِيهِ من عيبٍ كَانَ معهوداً فِيهِ عِنْدِي قَالَ:
وَيُقَال استعهَدَ فلانٌ من فلَان، أَي كتب عَلَيْهِ عُهدة وَأنْشد
لجرير يهجو الفرزدقَ حِين تزوّجَ بنتَ زِيق:
وَمَا استعهدَ الأقوامُ من ذِي خُتونةٍ
من النَّاس إلاّ مِنْك أَو من مُحاربِ
قَالَ: وإنّما قيل (وليّ الْعَهْد) لِأَنَّهُ وليّ الْمِيثَاق الَّذِي
يُؤْخَذ على مَن بايَعَ الْخَلِيفَة.
قَالَ: والعَهدة، بِفَتْح الْعين: أوّل مطرٍ، وجمعُها العِهاد.
والوَلِيّ: الَّذِي يَليهَا من الأمطار، أَي يتّصل بهَا من الأمطار.
قَالَ: والعَهْد: مَا عهدتَه فثافنتَه. تَقول: عهدي بفلانٍ وَهُوَ
شابٌّ، أَي أَدْرَكته فرأيته كَذَلِك. وَكَذَلِكَ المَعْهَد.
وَقَالَ اللَّيْث: المعهَد: الْموضع الَّذِي كنتَ عهِدتَه أَو عهِدتَ
بِهِ هوى لَك. والجميع الْمعَاهد. قَالَ: والمعاهَدة والاعتهاد
والتَّعاهُد والتعهُّد وَاحِد، وَهُوَ إِحْدَاث الْعَهْد بِمَا عهِدته.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العِهاد: أوائِلُ الوسميّ، وَاحِدهَا
عَهد. وَقَالَ أَبُو زيد: العَهْد الْمَطَر الأوّل، وَجَمعهَا العِهاد.
يُقَال أرضٌ معهودة، إِذا عمَّها الْمَطَر. قَالَ: وَالْأَرْض
المعهَّدة تعهيداً: الَّتِي تصيبها النُّفضة من الْمَطَر. والنُّفضة:
المَطْرة تصيب الْقطعَة من الأَرْض وتخطىء الْقطعَة. يُقَال أَرض
منفّضة تنفيضاً.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال مَتى عهدُك بفلان؟ أَي مَتى رؤيتك إيّاه؟
وعَهده: رُؤْيَته وَيُقَال
(1/98)
أَنا أُعهِدُك من هَذَا الْأَمر، أَي أَنا
كفيلك وَأَنا أُعهدك من إباقِه، أَي أُبرِّئك من إباقه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَحْمَر: يُقَال فِي كَرَاهَة المعايب:
(المَلَسَى لَا عُهدة لَهُ) ، قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ أنّه خرجَ
من الْأَمر سالما وانقصَى عَنهُ، لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ.
قلت: وفسّره غَيره فَقَالَ: المَلَسَى أَن يَبِيع الرجلُ سلْعَة يكون
قد سرقَها فيمَّلِسُ ويغيب عَن مشتريها ساعةَ يقبض ثمنهَا، فَإِن
استُحقّت فِي يدَي المُشْتَرِي لم يتهيَّأ لَهُ أَن يتبع البَائِع
بِضَمَان عهدتها، لِأَنَّهُ امَّلسَ هَارِبا واستخفى. وعُهدتها: أَن
يبيعَها وَبهَا عيبٌ تُردُّ من مثله، أَو يكون فِيهَا استحقاقٌ
لمَالِكهَا، والمَلَسَى ذَهابٌ فِي خُفية، كَأَنَّهَا صفةٌ لفَعْلته.
وَقَالَ اللِّحياني: يُقَال فِي عقله عُهدةٌ، أَي ضعف. وَفِي خطِّه
عُهدة، إِذا لم يُقِم حروفَه.
وَقَالَ أَبُو سعيد: العَهِد: الَّذِي يحبُّ الولايات والعهود. وَقَالَ
الْكُمَيْت:
نامَ المهلَّب عَنْهَا فِي إمارته
حَتَّى مضَت سَنَةٌ لم يَقْضِها العَهِدُ
قَالَ: وَكَانَ المهلَّب يحبُّ العهود.
وَأنْشد أَبُو زيد:
فهنَّ مُناخاتٌ يُجلَّلنَ زِينَة
كَمَا اقتانَ بالنَّبت العِهادُ المحوَّف
قَالَ أَبُو مَالك: المحوَّف الَّذِي قد نَبتَت حافاتُه، واستدار بِهِ
النَّبَات. والعِهاد: مواقع الوسميّ من الأَرْض.
وَقَالَ النَّضر بن شُمَيْل: قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد: فَعَلَ لَهُ
مَعْهُود ومشهود وَلَيْسَ لَهُ موعُود. قَالَ: مشهود يَقُول هُوَ
الساعةَ، والمعهود مَا كَانَ من أمس، والموعود مَا يكون غَدا
أَبُو حَاتِم عَن أبي زيد: تعهدّت ضيعتي وكلّ شَيْء، وَلَا يُقَال
تعاهدت.
قلت: وَقد أجَاز الفرّاء تعاهدت، رَوَاهُ عَنهُ ابْن السّكيت.
وَيُقَال: عاهدتُ الله ألاّ أفعل كَذَا وَكَذَا. وَمِنْه الذميُّ
المعاهَد الَّذِي أُومنَ على شُروط استُوثِقَ مِنْهُ بهَا، وعَلى جزيةٍ
يؤدِّيها، فَإِن لم يفِ بهَا حلَّ سفكُ دَمه.
وَقَالَ أَبُو زيد: من أمثالهم: (مَتى عهدُك بأسفلِ فِيك) ، وَذَلِكَ
إِذا سألتَه عَن أمرٍ قديم لاعهدَ لَهُ بِهِ.
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يُقتل مؤمنٌ بِكَافِر،
وَلَا ذُو عهدٍ فِي عَهْدِه) ، مَعْنَاهُ لَا يقتل مؤمنٌ بكافرٍ بتّةً
لِأَنَّهُمَا غير متكافىء الدَّم، وإنّما يتكافأ دِمَاء الْمُؤمنِينَ.
ثمَّ قَالَ: وَلَا يقتل ذُو الْعَهْد من الكفّار، أَي ذُو الذمّة
والأمان، مَا دامَ على عَهده الَّذِي عُوهِد عَلَيْهِ، فَنهى النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قتل الْمُؤمن بالكافر، أيَّ كَافِر كَانَ.
وَنهى عَن قتل الذمّي المعاهَد الثَّابِت على عَهده.
عده: العَيْدَه: السيّء الخلُق من الْإِبِل وَغَيره. قَالَ رؤبة:
وخَبْطَ صِهميم الْيَدَيْنِ عَيدهِ
وَيُقَال: فِيهِ عَيدهَةٌ وعيدهيّة، أَي كِبْر. وكلُّ من لَا ينقاد
للحقّ ويتعظّم فَهُوَ عَيدَه
(1/99)
ٌ وعَيداه. وَقَالَ الشَّاعِر:
وَإِنِّي على مَا كَانَ من عَيْدهِيّتي
ولُوثة أعرابيّتي لأرِيبُ
هدع: قَالَ الباهليّ: الهَودع: النعام.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: هِدَعْ زجرٌ للبَكر تسكّنه. وَيُقَال إِن رجلا
أتَى السُّوقَ ببكرٍ لَهُ يَبِيعهُ، فساومَه بِهِ رجل فَقَالَ: بكم
البَكر؟ قَالَ: إنّه جمل. قَالَ: هُوَ بَكر فَبَيْنَمَا هُوَ يماريه
إذْ نفر الْبكر فَقَالَ صَاحبه، هِدَعْ وَإِنَّمَا يُقَال هِدَعْ
للبَكر ليسكن، فَقَالَ: (صَدَقني سِنُّ بكرِه) .
دهع: قَالَ اللَّيْث: دَهاعِ ودَهْدَاع: زجرٌ للعُنوق. وَيُقَال دَهدعَ
بهَا راعيها دَهدعة، وَكِلَاهُمَا مجروران. وَيُقَال دَهَّع بهَا
أَيْضا.
(بَاب الْعين وَالْهَاء مَعَ التَّاء)
اسْتعْمل من وجوهه: عته، عهت.
عته: أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الْمَعْتُوه
والمخفوق: الْمَجْنُون. قَالَ: وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: قَالَ المفضّل:
رجل معتّه، إِذا كَانَ مَجْنُونا مضطرباً فِي خَلْقه. وَرجل معتّه،
إِذا كَانَ عَاقِلا معتدلاً فِي خَلْقه.
قَالَ أَبُو العبّاس: وَقَالَ الأصمعيّ نَحوا من ذَلِك.
وَقَالَ أَبُو سعيد الضَّرِير: تعتّه فلانٌ فِي كَذَا وَكَذَا، وتأرّب،
إِذا تنوَّقَ وبالغَ. وفلانٌ يتعتّه لَك عَن كثيرٍ ممّا تَأتيه، أَي
يتغافل عَنْك فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمَعْتُوه: المدهوش من غير مَسِّ جُنون قَالَ:
والتعتُّه: التجنُّن وَأنْشد لرؤبة:
عَن التصابي وَعَن التعتُّهِ
وَقَالَ غَيره: عُتِه فلانٌ فِي الْعلم، إِذا أولعَ بِهِ وحَرَص
عَلَيْهِ. وعُتِه فلَان فِي فلَان، إِذا أولع بإيذائه ومحاكاة كَلَامه
وحركاته وَيُقَال هُوَ عَتيهُه، وَجمعه العُتَهاء. وَهُوَ العَتاهة
والعتاهية: مصدر عُتِهَ، مثل الرفاهة والرَّفاهيَة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَا كانَ فلانٌ معتوهاً
وَلَقَد عُتِه عتْهاً.
عهت: روى أَبُو الوزاع عَن بعض الْأَعْرَاب: فلانٌ متعهِّتٌ، إِذا
كَانَ ذَا نِيقة وتخيُّر؛ وَكَأَنَّهُ مقلوب عَن المتعتِّه.
ع هـ ظ
ع هـ ذ
ع هـ ث
أهملت وجوهها.
(بَاب الْعين وَالْهَاء مَعَ الرَّاء)
اسْتعْمل من وجوهه: عهر، هرع، هعر.
عهر: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْوَلَد للفِراش
وللعاهر الْحجر) ، العاهر: الزَّانِي.
قَالَ أَبُو زيد: وَيُقَال للْمَرْأَة الْفَاجِرَة عاهرة، ومُعاهِرة،
ومسافحة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وللعاهر
الْحجر) ، أَي لَا حقّ لَهُ فِي النّسَب؛ وَهُوَ كَقَوْلِك: لَهُ
التُّراب، وبِفيه الأثلَب، أَي لَا شَيْء لَهُ.
وروى أَبُو عُمر عَن أَحْمد بن يحيى وَمُحَمّد بن يزِيد أَنَّهُمَا
قَالَا: يُقَال للْمَرْأَة
(1/100)
الْفَاجِرَة العَيهَرَةُ. قَالَا:
وَالْيَاء فِيهَا زَائِدَة، وَالْأَصْل عَهَرة مثل ثَمَرَة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن المفضّل بن سَلمَة أَنه قَالَ: لَقِي عبدُ
الله بن صَفْوَان بن أُميَّة أَبَا حاضرٍ الأسيِّديّ أسيّد بن عَمْرو
بن تَمِيم فراعَه جمالُه فَقَالَ لَهُ: مِمَّن أَنْت؟ قَالَ: من بني
أسيِّد بن عَمْرو، وَأَنا أَبُو حَاضر. فَقَالَ: أُفَّةً لَك: عُهيرَةٌ
تيّاس. قَالَ أَبُو طَالب: والعُهَيرة: تَصْغِير العَهِر. قَالَ:
والعَهر: العاهر، وَهُوَ الزّاني.
وَقَالَ ابْن شُميل: قَالَ رؤبة: العاهر: الَّذِي يتبع الشرَّ، زَانيا
كَانَ أَو سَارِقا.
وَقَالَ اللَّيْث: العَيْهرة من النِّسَاء: الَّتِي لَا تستقرُّ
نَزَقاً فِي مكانٍ فِي غير عِفّة.
هعر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال هيعرت الْمَرْأَة وتهيعرت، إِذا كَانَت
لَا تستقرُّ فِي مَكَان.
قلت: كأنَّه عِنْد اللَّيْث مقلوب من العيهرة، لِأَنَّهُ جعل
مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا.
هرع: أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: يُقَال: للمجنون:
مهروع مخفوع ممسوس.
وَقَالَ غَيره: الهَرِعة من النِّسَاء: الَّتِي تُنزِل حِين يخالطها
الرجل قبلَه شَبَقاً وحِرصاً على جمَاعه إِيَّاهَا. والهَيْرَع: الرجل
الجَبان وَمِنْه قَول ابْن أَحْمَر:
ولستُ بهَيْرَعٍ خَفِقٍ حَشَاهُ
إِذا مَا طيّرتْه الريحُ طارا
وَأما قَول الله عزّ وجلّ: {وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ}
(هُود: 78) فإنّ أَبَا الْفضل أَخْبرنِي عَن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن
يحيى أَنه قَالَ: الإهراع: إسراعٌ فِي طمأنينة. ثمَّ قيل لَهُ: إسراع
فِي فَزَع؟ فَقَالَ: نعم.
وَقَالَ الكسائيّ: الإهراع: إسراعٌ فِي رِعدة. وَقَالَ المهلهل:
فَجَاءُوا يُهرَعون وهم أسارَى
نَقُودهم على رغم الأنوفِ
وَقَالَ اللَّيْث: (يُهرَعون وهم أُسارى) ، أَي يساقون ويعجّلون.
يُقَال هُرِعوا وأهرِعوا قَالَ: وَإِذا أشرعَ القومُ رماحَهم ثمَّ
مضَوا بهَا قيل: هرّعوا بهَا. وَقد تهرَّعت الرِّماحُ، إِذا أَقبلت
شَوارع. وَأنْشد قَوْله:
عِنْد البديهة والرماح تهرّع
قَالَ: ورجلٌ هَرِع: سريع الْبكاء.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي وَأبي عَمْرو: الهَرِع: الْجَارِي، وَقد
هَرع وهَمع، إِذا سَالَ. قَالَا: وريحٌ هَيْرَعٌ: تَسْفِي التُّرَاب.
وروى أَبُو تُرَاب لأبي عمرٍ وَقَالَ: المهروع: المصروع من الْجهد.
وَقَالَهُ الكسائيّ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الهَيرع والهَيْلع: الضَّعِيف، وَقَالَ
الباهليّ: هِيَ الفَرَعة والهَرَعَة، للقملة الصَّغِيرَة.
وَقَالَ أَبُو سعيد: هِيَ الفَرْعة والهَرْعَة.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أُهرِع الرجلُ إهراعاً، إِذا أَتَاك وَهُوَ
يُرعَد من الْبرد. وَقد يكون الرجلُ مُهرَعاً من الحمَّى والغَضَب،
وَهُوَ حِين يُرعَد. والمُهرَع أَيْضا: الْحَرِيص جَاءَ بِهِ كلِّه
أَبُو عبيد فِي بَاب مَا جَاءَ فِي لفظ مفعول بِمَعْنى فَاعل.
هعر: قَالَ بعضُهم: الهَيْعرونُ: الدَّاهية. وَيُقَال للعجوز المسنَّة
هَيعرون، كأنَّها
(1/101)
سمِّيت بالداهية.
قلت: وَلَا أحقُّ الهَيعَرون وَلَا أُثبته، وَلَا أَدْرِي مَا صحّته.
(بَاب الْعين وَالْهَاء مَعَ اللَّام)
اسْتعْمل من وجوهه: عله، عهل، لهع، هلع.
عله: أَبُو عبيد قَالَ: العَلِهُ: الَّذِي يتردّد متحيّراً، والمتبلّد
مثله. وَمِنْه قَول لبيد يصف بقرة وحشيةً أكل السباعُ ولدَها:
عَلِهت تبلَّدُ فِي نِهاء صُعائدٍ
سَبعاً تُؤاماً كَامِلا أيامُها
وَقَالَ غَيره: فرسٌ عَلْهَى: نشيطة نزقة.
وَقَالَ اللَّيْث: العَلْهان: مَن تنازعه نفسُه إِلَى الشرّ. والفعلُ
عَلِهَ عَلَهاً. قَالَ: والعَلْهان: الجائع، وَالْمَرْأَة عَلْهَى.
قَالَ: والعَلَه أَصله الحِدّة والانهماك وَأنْشد:
وجُردٍ يَعْلَهُ الدَّاعِي إِلَيْهَا
مَتى ركب الفوارسُ أَو مَتى لَا
قَالَ: والعَلْهان. الظَّليم. والعالِهُ: النّعامة. قَالَ: والعَلَه
أَيْضا: خُبثُ النفْس وأذى الخُمار.
وَقَالَ أَبُو سعيد: رجلٌ عَلْهان عَلاَّن. فالعَلْهان: الجازع
والعَلاَّن: الجائع.
وَقَالَ شمر: قَالَ خَالِد بن كُلْثُوم: العَلْهاء: ثَوْبَان يُندَف
فيهمَا وبر الْإِبِل يَلْبسهُمَا الشُّجاع تَحت الدِّرع يتوقّى بهما من
الطعْن. وَقَالَ عَمْرو بن قمئة:
وتَصَدَّى لِتَصرَعَ البَطَلَ الأر
وَعَ بَين العَلْهاء والسِّربالِ
وَقَالَ شمر فِي كِتَابه فِي السِّلَاح: من أَسمَاء الدروع الْعلمَاء
بِالْمِيم، قَالَ: وَلم أسمعهُ إِلَّا فِي بَيت زُهَيْر بن جَنَاب:
وتصدَّى لتصرعَ البَطلَ الأر
وَعَ بَين العَلْماء والسِّربالِ
قَالَ: تصدَّى يَعْنِي الْمنية لتصيب البطل المتحصِّن بدرعه وثيابه.
وقرأت القَوْل الأول لَهُ بخطِّه أَيْضا فِي كِتَابه (غَرِيب الحَدِيث)
فظننتُ أَنه رَوَاهُ مرّة بِالْهَاءِ وَمرَّة بِالْمِيم.
عهل: أَبُو عبيد: العيهل: السريعة من الْإِبِل.
وَقَالَ اللَّيْث مثله. قَالَ: وَامْرَأَة عيهلة: لَا تستقرّ نَزقاً
تَرَدَّدُ إقبالاً وإدباراً. قَالَ: وَيُقَال للْمَرْأَة عيهل وعيهلة،
وَلَا يُقَال للناقة إِلَّا عيهل. وَأنْشد:
ليَبكِ أَبَا الجدعاء ضيفٌ مُعيَّلٌ
وأرملةٌ تغشى الدَّواخنَ عَيهلُ
وَأنْشد غَيره:
فَنعم مُناخ ضِيفانٍ وتَجْر
ومُلقَى زِفر عيهلةٍ بَجَالِ
وَقَالَ شمر: نَاقَة عَيْهلة: ضخمة عَظِيمَة. قَالَ: وَلَا يُقَال جمل
عيهل، وَيُقَال نَاقَة عيهلة وعَيهل، وَقَالَ عبد الله بن الزبير
الأسديّ:
جُماليّة أَو عَيْهل شَدْقمية
بهَا من نُدوب النِّسعِ والكُور عاذرُ
لهع: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: فِي فلانٍ لهيعةٌ، إِذا
كَانَ فِيهِ فَتْرَة وكسل.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّهِع من الرِّجَال:
(1/102)
المسترسل إِلَى كلَ. وَقد لَهِعَ لَهَعاً،
فَهُوَ لَهِعٌ ولهيع.
وَقَالَ غَيره: رجلٌ فِيهِ لَهيعةٌ ولهاعةٌ، أَي غَفلَة. وَقيل:
اللهِيعة: التَّواني فِي الشِّرَاء وَالْبيع حتَّى يُغبَن.
وَقَالَ الأصمعيّ: تَلَهْيَعَ فِي كَلَامه، إِذا أفرطَ، وَكَذَلِكَ
تَبلتَعَ. قَالَ: وَدخل مَعْبَد بن طَوق العنبريّ على أَمِير فتكلَّم
وَهُوَ قائمٌ فَأحْسن، فَلَمَّا جلس تَلهيَعَ فِي كَلَامه فَقيل لَهُ:
يَا معبد، مَا أظرفك قَائِما وأمْوَقك جَالِسا فَقَالَ: إِذا قُمت
جَدَدْت، وَإِذا جلستُ هزلت.
هلع: قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَأَوْعَى إِنَّ الإِنسَانَ} (المعَارج:
19) . أَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي طَالب عَن أَبِيه عَن الْفراء أَنه
قَالَ: الهَلُوع: الضَّجور، وصفتُه كَمَا قَالَ الله تَعَالَى ذكره:
{هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً} (المعَارج: 20) {جَزُوعاً
وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً} (المعَارج: 21) . فَهَذِهِ صفة
الهَلُوع. وَقد هَلِعَ يَهلَعُ هَلَعاً.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن سَلمَة عَن الْفراء أَنه قَالَ: نَاقَة
هِلواعٌ، وَهِي الَّتِي تضجر فتسرع بالسير.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الهَلُوع: الَّذِي يفزع ويجزع من الشَّرّ.
وَقَالَ اللَّيْث: نَاقَة هِلواعٌ: حَدِيدَة سريعة مِذعان. قَالَ
الطِّرِمَّاح:
قد تبطّنتُ بهِلواعةٍ
عُبْرِ أسفارٍ كَتوم البُغامْ
وَقد هَلْوَعَتْ هَلْوعةً، إِذا مَضَت وجدَّت.
قَالَ: والهوالع من النَّعام، الْوَاحِدَة هَالِع وهالعة، وَهِي
الحديدة فِي مُضيِّها. وَأنْشد الباهليُّ قَول المسيَّب بن عَلَس يصف
نَاقَة شبَّهها بالنعامة:
صَكَّاء ذِعلبة إِذا استدبرتَها
حَرَج إِذا استقبلتها هِلواعِ
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: نَاقَة هِلواعٌ: فِيهَا نَزَق وخِفّة.
وَقَالَ غَيره: هِيَ النَّفور وَقَالَ الباهليّ: قَوْله (صَكّاء)
شبّهها بالنعامة ثمَّ وصفَ النعامة بالصَّكَك، وَلَيْسَ الصكَّاء من
صفة النَّاقة.
أَبُو عبيد عَن أبي زَيد: يُقَال: مَا لَهُ هِلّع وَلَا هِلّعة، أَي
مَاله جدي وَلَا عَنَاق.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الهَوْلع: الجَزَع.
وَقَالَ أَبُو الْوَازِع عَن الأشجعيّ: رجلٌ هَمَلَّع وهَوَلَّعٌ،
وَهُوَ من السُّرعة.
وَقَالَ غَيره: ذئبٌ هُلَعٌ بُلَع. والهُلَع: الْحَرِيص على الشَّيْء.
والبُلَع من الابتلاع.
(بَاب الْعين وَالْهَاء مَعَ النُّون)
اسْتعْمل من وجوهه: عهن، هنع، نهع.
عهن: أَبُو الْعَبَّاس: عَن سَلمَة عَن الْفراء: فلَان عاهن، أَي
مسترخٍ كسلان. وَقَالَهُ ابْن الْأَعرَابِي. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس:
أصل العاهن أَن يتقصَّف الْقَضِيب من الشَّجَرَة وَلَا يَبِين مِنْهَا
فَيبقى معلَّقاً مسترخياً. قَالَ: والعاهن فِي غير هَذَا: الطَّعام
الْحَاضِر، والشَّراب الْحَاضِر.
وَقَالَ أَبُو عبيد: العاهن: الْحَاضِر. وَأنْشد قَول كثير:
(1/103)
وَإِذ معروفُها لَك عاهنُ
قلت: وَرَأَيْت فِي الْبَادِيَة شَجَرَة لَهَا وردة حمراءُ يسمُّونها
العِهْنة.
والعِهْنُ: الصُّوف الْمَصْبُوغ ألواناً، وَجمعه عُهونٌ. وَمِنْه
قَوْله جلَّ وعزَّ: {الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ} (القَارعَة: 5) .
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال لكلّ صُوفٍ عِهنٌ، والقطعة عِهنة وَأنْشد
أَبُو عبيدٍ:
فاضَ فِيهِ مثلُ العهون من الرَّوْ
ضِ وَمَا ضَنَّ بالإخاذ غُدُرْ
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: يُقَال للسَّعَفات اللواتي
يَلِينَ القِلَبةَ العَواهن فِي لُغَة أهل الْحجاز قَالَ: وأمّا أهل
نجد فيسمُّونها الخَوَافي.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو الشيبانيّ: العَواهن: عُروق فِي رحم
النَّاقة. وَقَالَ ابنُ الرِّقاع:
أوكَتْ عَلَيْهِ مَضِيقاً من عواهنها
كَمَا تضمَّنَ كشحُ الحُرَّةِ الحبَلاَ
(عَلَيْهِ) : على الْجَنِين. وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي:
عَواهنها: مَوضِع رَحمهَا من بَاطِن، كعواهن النّخل.
وَقَالَ أَبُو الْجراح: عَهَنت عواهنُ النّخل تَعهَنُ، إِذا يبِست.
قَالَ: وَهِي الجرائد.
وَقَالَ أَبُو زيد: رمَى بالْكلَام على عواهنه، إِذا لم يبال أصابَ أم
أَخطَأ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العِهَان والإهان،
والعُرهون والعُرجون، والفِتاق، والعَسَق، والطَّريدة، واللَّعِين،
والضِّلَع والعُرجُدُّ، وَاحِد.
قلت: والكلُّ أصل الكِباسة
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وَيُقَال إِنَّه ليَحْدِسُ الكلامَ على
عواهنه، وَهُوَ أَن يتعسَّف الكلامَ وَلَا يتأتّى. وَيُقَال إنّه
لعِهْنُ مالٍ، إِذا كَانَ حسنَ الْقيام عَلَيْهِ. وَيُقَال: خُذْ من
عاهن المَال وآهنِه، أَي من عاجله وحاضره. وَيُقَال عَهنتُ على كَذَا
أعْهَنُ، الْمَعْنى أَي أُثبِّى مِنْهُ مَعرِفةً.
هنع: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الهَنْعَة من سمات الْإِبِل فِي منخفض
الْعُنُق؛ يُقَال بعير مهنوع، وَقد هُنِع هَنْعاً.
والهَنْعة: كوكبان أبيضان بَينهمَا قِيدُ سَوط يَطلُعان على إِثْر
الهَقْعة فِي المجرَّة. وَقَالَ بَعضهم: الهَنْعة قَوس الجوزاء يرمِي
بهَا ذراعَ الْأسد، وَهِي ثَمَانِيَة أنجم فِي صُورَة قَوس.
والهَنَع: تطامنٌ والتواءٌ فِي عُنق الْبَعِير. وَقد هَنِع هَنْعاً.
وظليمٌ أهنَع ونعامةٌ هَنْعاء، وَهُوَ التواءٌ فِي عُنُقهَا حَتَّى
يقصر لذَلِك عَمَّا يفعل الطَّائِر الطَّوِيل الْعُنُق من بَنَات
المَاء والبرّ.
وَفِي الحَدِيث ذكر رجل فِيهِ هَنَعٌ قَالَ شمر: الهَنَع: أَن يكون
فِيهِ انحناءٌ قَلِيل مثل الجنأ. وَقَالَ رؤبة:
والجنّ وَالْإِنْس إِلَيْهَا هُنَّعُ
أَي خُضوع.
وَقَالَ أَبُو زيد: الهَنْعاء من النوق: الَّتِي انحدرت قَصَرتُها
وأشرفَ حاركُها. وَقَالَ بعض الْعَرَب: نَدْعُو الْبَعِير الْقَائِل
بعنقه إِلَى الأَرْض أهنَع، وَهُوَ عيبٌ. قَالَ: والهَنَع فِي العُفر
من الظّباء خاصّة دون الأُدْم، وَذَلِكَ أنّ فِي أَعْنَاق العُفْر
قِصَراً. قَالَه ابْن الْأَعرَابِي.
(1/104)
نهع: قَالَ اللَّيْث: نهع يَنهَع نُهوعاً،
إِذا تهوَّع للقيء وَلم يَقْلِسْ شَيْئا.
قلت: هَذَا حرف مُريبٌ وَلَا أحقّه.
عفه: أهمله اللَّيْث وَغَيره. وروَى بَعضهم بَيت الشَّنفرَى:
عُفاهيّة لَا يُقصر السِّترُ دونَها
وَلَا تُرتجى للبيت مَا لم تُبَيِّتِ
قيل العُفاهيّة: الضَّخمة، وَقيل هِيَ مثل العُفاهمة. يُقَال عَيش
عُفاهمٌ، أَي ناعم.
قلت: أمّا العُفاهية فَلَا أعرفهَا، وَأما العُفاهمة فمعروف صَحِيح.
(بَاب الْعين وَالْهَاء مَعَ الْبَاء اسْتعْمل من وجوهه: هبع، عهب
هبع: أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الهُبَع: الحُوار الَّذِي يُنْتج فِي
الصَّيف فِي آخر النِتاج، وَالْأُنْثَى هُبَعة. وسمِّي هُبَعاً
لِأَنَّهُ يهبَع إِذا مشَى، أَي يمدُّ عنقَه ويتكاره ليدرك أمّه.
وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
كأنَّ أوبَ ضَبْعِه المَلاَّذِ
ذَرعُ اليمانينَ سَدَى المِشواذِ
يستهبع المُواهِقَ المحاذي
عافيهِ سَهواً غير مَا إجراذِ
قَوْله (يستهبع المواهق) أَي يُبطره ذَرْعَه فيحمله على أَن يهبع.
والمواهقُ: المبارى.
وَقيل الحُمُر كلُّها تَهبَع فِي مشيتهَا، أَي تمدّ عنقَها.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الْعَرَب تَقول: مَاله هُبَع وَلَا رُبَع.
فالرُّبع: مَا نُتج فِي أوّل الرّبيع. والهُبَع: مَا نتج فِي الصَّيف.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: سَأَلت جبر بن حبيب: لمَ سُمِّي الهُبَع
هُبَعاً؟ فَقَالَ لأنّ الرِّباعَ تنْتج فِي رِبْعيّة النّتاج، أَي فِي
أَوله، ويُنتَج الهُبَع فِي الصيفية، فَإِذا ماشَى الرِّباعَ أبطرْنَهُ
ذَرْعَه لأنَّها أقوى مِنْهُ فهَبَع، أَي اسْتَعَانَ بعنقه فِي مِشيته.
عهب: أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: أتيتُه فِي
رُبَّى شبابه، وحِدْثَى وعِهِبَّى شبابه وعِهِبَّاء شبابه، يقصر ويمد.
وَأنْشد:
على عِهِبَّى عَيشِها المخرفَجِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال عَوهَبَه وعَوهَقَه، إِذا ضلَّله. وَهُوَ
العِيهابُ والعِيهاق.
وَقَالَ اللَّيْث: العيهب: الضَّعيف من الرِّجَال عَن طلبِ وِتره.
وَأنْشد:
حللتُ بِهِ وِتري وأدركتُ ثُؤرتي
إِذا مَا تناسَى ذَحلَه كلُّ عَيهبِ
وَقَالَ أَبُو زيد: عَهِبتُ الشيءَ أعهبَه، وغَهِبته أغهَبه، إِذا
جهلته. وَأنْشد:
وكائن ترى من آمل جمع همةٍ
تقضَّت لياليه وَلم تقضَ أنحبُهُ
لُمِ المرءَ إِن جاءَ الْإِسَاءَة عَامِدًا
وَلَا تُحْفِ لوماً إنْ أَتَى الذنبَ يَعهبُه
أَي يجهله. وكأنَّ العيهب مَأْخُوذ من هَذَا.
(1/105)
قلت: وَالْمَعْرُوف فِي هَذِه الْحُرُوف
الْغَيْن، وَقد أوضحتُه فِي بَابه.
(بَاب الْعين وَالْهَاء مَعَ الْمِيم)
اسْتعْمل مِنْهُ: عهم، عَمه، همع، مهع.
همع: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: هَمَعت عينُه إِذا سَالَتْ دموعها.
وَقَالَ: غَيره: تهمَّع الرجلُ إِذا تباكى. وسحابٌ هَمِعٌ: ماطر.
وَإِذا سقط الطَّلُّ على الشّجر ثمَّ سَالَ قيل: هَمَع. وَقَالَ
العجَّاج:
بادَرَ مِن ليل وطَلَ أهمعا
اللَّيْث: الهَيْمَع: الموتُ الوحِيُ. قَالَ: وذبحه ذبحا هيمعاً، أَي
سَرِيعا.
قلت: هَكَذَا قَالَ اللَّيْث الهيمع بِالْعينِ وَالْيَاء قبل الْمِيم.
وَقَالَ أَبُو عبيد: سَمِعت الْأَصْمَعِي يَقُول الهِمْيع: الْمَوْت.
وَأنْشد للهذلي:
من المُربِعين وَمن آزلٍ
إِذا جنَّه الليلُ كالناحط
قبله:
إِذا وَرَدُوا مِصرهم عُوجلوا
من الْمَوْت بالهِميعِ الذَّاعطِ
هَكَذَا رَوَاهُ الروَاة بِكَسْر الْهَاء وَالْيَاء بعد الْمِيم.
قلت: وَهُوَ الصَّوَاب. قلت: والهيمع عِنْد البصراء تَصْحِيف.
مهع: وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: المَهْع،
الْمِيم قبل الْهَاء: تلوُّن الْوَجْه من عارضٍ فادح. وأمّا المَهْيَع
فَهُوَ مَفعَل من هاع يهيع، وَالْمِيم لَيست بأصليّة.
عَمه: قَالَ الله جلّ وعزّ: {فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}
(البَقَرَة: 15) قَالَ أهل اللُّغَة: العَمِه والعامه: الَّذِي يتردّد
متحيّراً لَا يَهْتَدِي لطريقه ومذهبِه. وَقَالَ رؤبة:
ومَهمهٍ أطرافُه فِي مَهمهِ
أعمى الهُدى بالجاهلين العُمَّهِ
وَمعنى يعمهون يتحيّرون. وَقد عَمِه يعمَه عَمَهاً. وَقَالَ بَعضهم:
العَمَه فِي الرَّأْي والعَمَى فِي الْبَصَر.
قلت: وَيكون العَمَى عَمَى الْقلب، يُقَال رجلٌ عَمٍ، إِذا كَانَ لَا
يبصر بِقَلْبِه.
عهم: أَبُو عبيد: نَاقَة عَيْهم عيهل، وَهِي السَّريعة.
وَقَالَ غَيره: عَيهم: مَوضِع بالغَور من تِهامة.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العَهْميُّ الضَّخم
الطَّوِيل.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: العَيهمانُ: الرجل الَّذِي لَا يُدلج، ينَام على
ظهر الطَّرِيق. وَأنْشد:
وَقد أُثيرُ العَيهَمانَ الراقدا
قَالَ: والعياهيم: نَجَائِب الْإِبِل، وَقيل العياهيم الشدادُ من
الْإِبِل، الْوَاحِد عَيهم وعيهوم. وَيُقَال للفِيل الذّكر عَيْهم.
وَقَالَ اللَّيْث: نَاقَة عيهامة: مَاضِيَة. قَالَ: وعيهمتها: سرعتها.
وَجَمعهَا عياهيم. وَقَالَ ذُو الرمّة:
هَيْهَات خَرقاءُ إلاّ أَن يُقرِّبَها
ذُو الْعَرْش والشَّعشعاناتُ العياهيمُ
(1/106)
وَقَالَ غَيره: العَيهوم: الْأَدِيم الأملس. وَأنْشد لأبي دُوَاد:
فتعفَّت بعد الرَّباب زَمَانا
فَهِيَ قَفرٌ كأنَّها عيهومُ
وَقيل شبّه الدَّار فِي دروسها بالعَيْهم من الْإِبِل، وَهُوَ الَّذِي
أنضاه السَّيرُ حتّى بلاّه، كَمَا قَالَ حُميد بن ثَوْر:
عَفَتْ مِثْلَمَا يَعفُو الطَّليحُ وأصبحتْ
بهَا كِبرياءُ الصَّعب وَهِي رَكوبُ |