تهذيب اللغة (أَبْوَاب الْعين وَالضَّاد)
ع ض ص
ع ص س
ع ض ز
مهملات الْوُجُوه.
عضط: قَالَ ابْن دُرَيْد: العِضيَوط: الَّذِي يُحدث إِذا جامَعَ،
وَيُقَال لَهُ العِذْيَوطُ. وَيُقَال للأحمق: أذوَط وأضْوَط.
(بَاب الْعين وَالضَّاد مَعَ الدَّال)
اسْتعْمل من وجوهه:
عضد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {يُكَذِّبُونِ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ
بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا
بِئْايَاتِنَآ أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا} (القَصَص: 35) قَالَ
الزّجاج: أَي سنُعينك بأخيك. قَالَ: وَلَفظ الْعَضُد على
(1/286)
جِهَة الْمثل، لأنّ اليدَ فَوْقهَا عضدها؛
وكلّ معينٍ فَهُوَ عَضُد. وعاضَدَني فلانٌ على فلانٍ، أَي عاونَني.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أهل تهَامَة يَقُولُونَ العُضُد والعُجُز.
فيؤنّثونهما، وَتَمِيم تَقول العَضُد والعَجز ويذكِّرون، وَفِيه
لُغَتَانِ أخريان عَضْدٌ وعُضْد. وَقَالَ جلّ وعزّ: {وَمَا كُنتُ
مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً} (الْكَهْف: 51) . وقرىء: (وَمَا كنت)
، أَي مَا كنت يَا مُحَمَّد لتتّخذ المضلِّين أنصاراً.
وعضُد الرجل: أنصارُه وأعوانه. والاعتضاد: التقوِّي والاستعانة.
وَقَالَ اللَّيْث: العضُد: مَا بَين المَرفِق إِلَى الْكَتف، وهما
العَضُدَان، والجميع الأعضاد. وفلانٌ يَعضُد فلَانا، أَي يُعِينه.
قَالَ: واليَعْضِيد: بقلةٌ من بقول الرّبيع فِيهِ مرَارَة.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: عَضُد الْحَوْض: من إزائه إِلَى مؤخّره.
والإزاء: مصبُّ المَاء فِيهِ. قَالَ اللَّيْث: وَجمعه أعضادٌ. وَأنْشد
للبيد:
راسخ الدِّمْنِ على أعضاده
ثلمتْهُ كلُّ ريحٍ وسَبَلْ
يصف الحوضَ الَّذِي قد طَال عهدُه بالواردة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المعضّد: الثَّوْب المخطَّط. قَالَ: وَقَالَ أَبُو
زيد: يُقَال لأعلى ظَلِفَتي الرَّحْل ممّا يَلِي العَرَاقِي العَضُدان،
وأسفلهما الظَّلِفتان، وهما مَا سَفَلَ من الحِنْوَين: الواسط
والمؤخرة.
وَقَالَ اللَّيْث: للرَّحْل العَضُدان، وهما خشبتان لصيقتانِ بِأَسْفَل
الواسط. قَالَ: وعِضادتا الإبزيم من الْجَانِبَيْنِ، وَمَا كَانَ نَحْو
ذَلِك فَهُوَ العِضادة.
قلت: وعضادتا الْبَاب: الخشبتان المنصوبتان عَن يَمِين الدَّاخِل
وشِماله.
وَيُقَال فلانٌ عَضُدُ فلانٍ، وعِضادته، ومُعاضِده، إِذا كَانَ يعاونه
ويرافقه. وَقَالَ لبيد:
أَو مِسحَلٌ سَنِقٌ عِضادةُ سَمحجٍ
بسَراتها نَدَبٌ لَهُ وكُلومُ
يَقُول: هُوَ يَعضُدها يكون مرّةً عَن يَمِينهَا ومرّةً عَن يسارها لَا
يفارقها: والعاضد: الَّذِي يمشي إِلَى جَانب دابّةٍ عَن يَمِينه أَو
عَن يسَاره. وَقد عَضَد يعضُد عُضوداً، وَالْبَعِير معضود. وَقَالَ
الراجز:
ساقَتُها أربعةٌ كالأشطانْ
يَعضُدها اثْنَان ويتلوها اثنانْ
وَيُقَال اعضُدْ بعيرك وَلَا تَتْلُه. وعضَد البعيرُ البعيرَ، إِذا
أخذَه بِعضُده فصرعه، وضَبَعَه إِذا أَخذه بضَبْعه. وحمار عَضِدٌ
وعاضد، إِذا ضمَّ الأتُن من جوانبها.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العضادتان: العودان اللَّذَان فِي النِّير
الَّذِي يكون على عُنُق ثَوْر العَجَلة. قَالَ: والواسط: الَّذِي يكون
وسطَ النِّير.
وَقَالَ الكسائيّ: يُقَال للدُّملج المِعضَدَةُ، وَجَمعهَا مَعاضد.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا صَار للنخلة جِذعٌ يتَنَاوَل مِنْهُ
المتناوِل فَتلك النَّخلةُ
(1/287)
العَضِيد، وَجَمعهَا عِضْدانٌ. وَقَالَ
غَيره: عَضَدَ القتبُ البعيرَ عضْداً، إِذا عضَّه فعقَره. وَقَالَ ذُو
الرمة:
وهُنَّ على عَضْدِ الرِّحال صوابرُ
وعضَدَتها الرِّحالُ، إِذا ألحّتْ عَلَيْهَا. وأعضاد الْبَيْت: نواحيه.
والعَضَد: مَا عُضِدَ من الشَّجر، بِمَنْزِلَة المعضود.
وَقَالَ النَّضر: أعضاد الْمزَارِع: جُدورها. والعَضَد: دَاء يَأْخُذ
الْبَعِير فِي عَضُده، وَمِنْه قَول النَّابِغَة:
شَكَّ المُبيطِرِ إذْ يَشفي من العَضَدِ
ورجلٌ عُضاديٌّ: ضخم العضُد.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: عضَدتُ الرجلَ أعضُده، إِذا أصبتَ عَضُده،
وَكَذَلِكَ إِذا أعنتَه وَكنت لَهُ عَضُداً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: اليَعضِيد: التَّرْخَجْقُوق.
وَقَالَ ابْن السّكيت: امرأةٌ عَضَادٌ. وَقَالَ المؤرّج: وَيُقَال
للرجل الْقصير عَضَاد. وَأنْشد قَول الهذليّ:
لَهَا عُنُق لم تُبْلِهِ جَيْدريَّةٌ
عَضَادٌ وَلَا مكنوزةُ اللَّحم ضَمْرَزُ
عَمْرو عَن أَبِيه: ناقةٌ عَضادٌ، وَهِي الَّتِي لَا تردُ النَّضيح
حَتَّى يَخلُوَ لَهَا، تنصرمُ عَن الْإِبِل. وَيُقَال لَهَا القَذُور.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الْعَرَب تَقول: فلانٌ يفُتُّ فِي
عَضُد فلانٍ ويَقدح فِي سَاقه. قَالَ: فالعَضُد: أهل بَيته. وساقُه:
نَفسُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: إِذا نحرت الرِّيح من هَذِه العضُد أَتَاك
الْغَيْث، يَعْنِي نَاحيَة الْيَمين.
الأصمعيّ: السَّيْف الَّذِي يُمتَهَنُ فِي قطع الشّجر يُقَال لَهُ
المِعضَد. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المعضاد: سيف يكون مَعَ القصّابين
يُقطَع بِهِ الْعِظَام.
ع ض ت
ع ض ظ
ع ض ذ
ع ض ت
أهملت وجوهها غير حرف واحدٍ.
فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : امْرَأَة تَعضوضة. قلت: أَرَاهَا
الضيِّقة. والتَّعضوض: نوع من التَّمر.
قلت: وَالتَّاء فيهمَا لَيست بأصلية، وَهِي مثل ترنوق المَسِيل.
(بَاب الْعين وَالضَّاد مَعَ الرَّاء)
عرض، عضر، ضرع، رضع: مستعملة
عرض: قَالَ لله جلَّ وعزَّ: {وَلاَ تَجْعَلُواْ اللَّهَ عُرْضَةً
لاَِيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ} (البَقَرَة: 224) قَالَ
سَلمَة عَن الْفراء: يَقُول: لَا تجْعَلُوا الْحلف بِاللَّه مُعْتَرضًا
مَانِعا لكم أَن تَبرُّوا، فَجعل العُرضة بِمَعْنى الْمُعْتَرض. ونحوَ
ذَلِك قَالَ أَبُو إِسْحَاق الزجّاج.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: يُقَال جعلتُ فلَانا عُرضةً لكذا وَكَذَا، أَي
نصبتُه لَهُ.
قلت: وَهَذَا قريبٌ مِمَّا قَالَه النحويون، لِأَنَّهُ إِذا نُصِب فقد
صَار مُعْتَرضًا مَانِعا.
قلت: وَقَوله عُرضَة: فُعلة مِن عَرضَ يَعرِض.
(1/288)
وكلُّ مانعٍ منعَكَ من شُغل وَغَيره من
الْأَمْرَاض فَهُوَ عارضٌ، وَقد عَرضَ عارضٌ، أَي حَال حائلٌ وَمنع
مَانع. وَمِنْه قيل لَا تَعرِضْ لفلانٍ، أَي لَا تعترضْ لَهُ فتمنعَه
باعتراضك أَن يقْصد مُرادَه وَيذْهب مذهبَه. وَيُقَال سلكتُ طريقَ
كَذَا فَعرض لي فِي الطَّريق عارضٌ، أَي جبلٌ شامخ قطع عليَّ مذهبِي
على صَوْبي.
وَقَالَ أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: فلانٌ عُرضة للشَّرّ، أَي قويٌّ
عَلَيْهِ. وفلانة عُرضةٌ للأزواج، أَي قويَّة على الزَّوْج.
قلت: وللعُرضة معنى آخر، وَهُوَ الَّذِي يَعرِض لَهُ الناسُ بالمكروه
ويقَعون فِيهِ. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
وإنْ يَتركوا رَهْط الفَدَوْكسِ عُصبةً
يتامَى أيامَى عُرضةً للقبائل
أَي نَصباً للقبائل يعترضهم بالمكروه مَن شَاءَ.
وَقَالَ اللَّيْث: فلانٌ عُرضَةٌ للنَّاس: لَا يزالون يَقعون فِيهِ.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَاذَا الاَْدْنَى
وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا} (الأعرَاف: 169) قَالَ أَبُو عبيد:
جَمِيع مَتَاع الدُّنيَا عَرَضٌ، بِفَتْح الرَّاء. يُقَال: إنّ
الدُّنيا عَرضٌ حَاضر، يَأْكُل مِنْهَا البَرُّ والفاجر. وَأما العَرْض
بِسُكُون الرَّاء فَمَا خالفَ الثمنَين: الدَّنانيرَ وَالدَّرَاهِم، من
مَتَاع الدُّنيا وأثاثها، وَجمعه عُروض. فَكل عَرْضٍ داخلٌ فِي
العَرَض، وَلَيْسَ كلُّ عَرَضٍ عَرْضاً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال عَرَضْتُ لفلانٍ من حقِّه ثوبا فَأَنا
أعرِضه عَرضاً، إِذا أعطيتَه ثوبا أَو مَتَاعا مكانَ حقِّه. و (من) فِي
قَوْلك عرضت لَهُ من حقّه بِمَعْنى الْبَدَل، كَقَوْل الله عزّ وجلّ:
{إِسْرَاءِيلَ وَلَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَا مِنكُمْ مَّلَائِكَةً فِى
الاَْرْضِ يَخْلُفُونَ} (الزّخرُف: 60) يَقُول: لَو نشَاء لجعلنا بدلكم
فِي الأَرْض مَلَائِكَة.
وَقَالَ اللَّيْث: عَرضَ فلانٌ من سِلعته، إِذا عارضَ بهَا: أعْطى
وَاحِدَة وأخذَ أُخْرَى. وَأنْشد قَول الراجز:
هَل لكِ والعارِضُ منكِ عائضُ
فِي مائَة يُسْئِر مِنْهَا القابضُ
قلت: وَهَذَا الرجز لأبي مُحَمَّد الفقعسيّ يُخَاطب امْرَأَة خطبَها
إِلَى نَفسهَا ورغّبها فِي أَن تنكحه بِمِائَة من الْإِبِل يَجعلها
لَهَا مهْرا. وَفِيه تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَالْمعْنَى: هَل لكِ فِي
مائَة من الْإِبِل يُسئر مِنْهَا قابضُها الَّذِي يَسُوقهَا لكثرتها.
ثمَّ قَالَ: والعارض مِنْك عائض، أَي المعطِي بدل بُضْعكِ عَرْضاً
عائض، أَي آخذ عِوضاً يكون كِفاءً لما عَرَضَ مِنْك. يُقَال عِضْتُ
أَعاضُ، إِذا اعتضتَ عوضا، وعُضْتُ أعوض، إِذا عوَّضت عوضا، أَي دفعت.
فَقَوله عائض من عِضْت لَا من عُضْت.
وَقَالَ اللَّيْث: العَرَض من أَحْدَاث الدَّهْر من الْمَوْت
وَالْمَرَض وَنَحْو ذَلِك. وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي:
العَرَض: الْأَمر يَعرِضُ للرجل يُبتَلَى بِهِ. قَالَ: وَقَالَ أَبُو
زيد: يُقَال أَصَابَهُ سهمُ عَرَضٍ، مُضَاف، وَحَجَر عَرَض، إِذا
تُعُمِّد بِهِ غيرُه فَأَصَابَهُ. فَإِن سقَطَ عَلَيْهِ حجرٌ من غير
أَن يَرمِيَ بِهِ أحدٌ فَلَيْسَ بعَرَض. ونحوَ ذَلِك قَالَ النَّضر.
(1/289)
وَيُقَال: مَا جَاءَك من الرَّأْي عَرَضاً
خيرٌ مِمَّا جَاءَك مُستكرَهاً، أَي مَا جَاءَك من غير تروية وَلَا
فكر. وَيُقَال: عُلِّق فلانٌ فلانةَ عَرَضاً، إِذا رَآهَا بَغْتَة من
غير أنْ قصَدَ لرؤيتها فَعَلِقَها.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْله: (عُلِّقْتُها عرضا) : أَي كَانَت
عَرَضاً من الْأَعْرَاض اعترضَني من غير أَن أطلبه. وَأنْشد:
وإمّا حُبّها عَرَضٌ وإمّا
بشاشة كلّ علقٍ مستفادِ
يَقُول: إِمَّا أَن يكون الَّذِي بِي من حبِّها عَرَضاً لم أطلبه، أَو
يكون عِلْقاً.
وَقَالَ اللِّحياني: العَرَض: مَا عَرَضَ للْإنْسَان من أمرٍ يحبِسُه،
من مرضٍ أَو لُصوص. قَالَ: وَسَأَلته عُراضةَ مالٍ، وعَرْض مالٍ،
وعَرَض مالٍ فَلم يُعطِنيهِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: عرضْت الجُندَ عَرْضاً. قَالَ: وَقَالَ يُونُس:
فاتَه العَرَض بِفَتْح الرَّاء، كَمَا يُقَال قبضَ الشَّيْء قَبْضاً،
وَقد أَلْقَاهُ ودخَلَ فِي القَبَض.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: العَرْضَ: خِلاف الطُّول. وَيُقَال
عَرَضتُ العُودَ على الْإِنَاء أَعرُضُه. وَقَالَ غير الأصمعيّ:
أعرِضُه. وَفِي الحَدِيث: (وَلَو بعودٍ تَعرُضُه عَلَيْهِ) ، أَي تضعه
معروضاً عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: العَرْض: الْجَبَل. وَأنْشد:
كَمَا تَدَهْدَى من العَرْض الجلاميدُ
ويشبّه الْجَيْش الكثيف بِهِ فَيُقَال: ماهو إلاّ عَرْضٌ، أَي جبل.
وَأنْشد:
إنّا إِذا قُدنا لقومٍ عَرْضا
لم نُبقِ من بَغْي الأعادي عِضّا
والعَرْض: السَّحاب أَيْضا، يُقَال لَهُ عَرْض إِذا استكثَفَ. قَالَه
ابْن السّكيت وَغَيره.
يُقَال عرضتُ المتاعَ وَغَيره على البيع عَرْضاً. وَكَذَلِكَ عَرْض
الجُنْدِ والكِتاب. وَيُقَال لَا تَعرِضَ عَرْض فلَان، أَي لَا تذكرهُ
بِسوء.
وَيُقَال عَرضَ الفرسُ يَعرِض عرضا، إِذا مرَّ عارضاً فِي عَدْوه.
وَقَالَ رؤبة:
يَعرِض حتَّى يَنصِبَ الخيشوما
وَذَلِكَ إِذا عدَا عارضاً صدرَه ورأسَه مائلاً.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه ذكر أهل الجنّة
فَقَالَ: (لَا يُبولُون وَلَا يتغوَّطون، إِنَّمَا هُوَ عَرَق يَجرِي
فِي أعراضهم مثل ريح المِسْك) قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأمويّ: وَاحِد
الأعراضِ عِرْض، وَهُوَ كل مَوضِع يعرق من الْجَسَد. يُقَال فلَان طيّب
العِرْض، أَي طيّب الرّيح. قَالَ أَبُو عبيد: الْمَعْنى هَاهُنَا فِي
العِرْض أَنه كل شَيْء فِي الْجَسَد من المَغَابن، وَهِي الْأَعْرَاض.
قَالَ: وَلَيْسَ العِرض فِي النّسَب من هَذَا بِشَيْء.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: العِرض: بدن
كلِّ الْحَيَوَان. والعِرضُ: النَّفْس.
قلت: فَقَوله (عَرَق يجْرِي من أعراضهم) ، مَعْنَاهُ من أبدانهم على
قَول ابْن الأعرابيّ، وَهُوَ أحْسَنُ من أَن يُذهب بِهِ إِلَى أَعْرَاض
المغابن.
وَقَالَ الأصمعيّ: رجل خَبِيث العِرض، إِذا
(1/290)
كَانَ مُنتِن الرِّيح. وسِقاءٌ خبيثُ
العِرض، أَي مُنْتن الرّيح.
وَقَالَ اللحياني: لبَن طيِّب العِرض، وَامْرَأَة طيّبة الْعرض، أَي
الرِّيح. قَالَ: والعِرْض: عِرض الْإِنْسَان ذُمَّ أَو مُدِحَ، وَهُوَ
الجَسد. قَالَ: ورجلٌ عِرضٌ وامرأةٌ عِرضة، وعِرَضْنٌ وعِرَضْنَة، إِذا
كَانَ يعْتَرض الناسَ بِالْبَاطِلِ.
وَأخْبرنَا السعديّ عَن الْحُسَيْن بن الْفرج عَن عَليّ بن عبد الله
قَالَ: قَالَ سُفْيَان فِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ: (لَيُّ الْوَاجِد يُحِلُّ عِرضَه وعقوبته) قَالَ: عِرضُه أَن
يُغَلَّظ لَهُ. وعقوبته الحَبْس.
قلت: معنى قَوْله (يُحلُّ عِرضه) أَن يُحِلّ ذمّ عِرضه لأنّه ظَالِم،
بَعْدَمَا كَانَ محرَّماً مِنْهُ لَا يحلّ لَهُ اقتراضه والطعن
عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: عِرض الرجل: حَسَبه. وَقَالَ غَيره: العِرْض: وَادي
الْيَمَامَة. وَيُقَال لكلِّ وادٍ فِيهِ قُرًى ومياهٌ: عِرْض. وَقَالَ
الراجز:
أَلا ترى فِي كل عِرضٍ مُعْرِضِ
كلَّ رَدَاحٍ دَوْحة المحوَّضِ
وَقَالَ الأصمعيّ: أخصبَ ذَلِك العِرض، وأخصبت أعراضُ الْمَدِينَة،
وَهِي قُراها الَّتِي فِي أَوديتهَا. وَقَالَ شمر: أَعْرَاض
الْيَمَامَة هِيَ بطونُ سوادِها حَيْثُ الزّرعُ وَالنَّخْل.
وعَرَضَ الجيشَ عَرْضاً. وَقد فَاتَهُ العَرَض، وَهُوَ الْعَطاء
والطمع. وَقَالَ عديّ بن زيد:
وَمَا هَذَا بِأول مَا أُلَاقِي
من الحَدَثان والعَرَض القريبِ
أَي الطَّمع الْقَرِيب. يُقَال أَخذ القومُ أطماعَهم، أَي أَرْزَاقهم.
وأمَّا العُرْض فَهُوَ ناحيةُ الشَّيْء من أَي جهةٍ جئتَه. يُقَال
استعرض الخوارجُ النَّاس، إِذا قتلوهم من أيّ وجهٍ أمكنَهم. وَقيل:
استعرضوهم أَي قتلوا من قدَروا عَلَيْهِ أَو ظفِروا بِهِ وَيُقَال
اضربْ بِهَذَا عُرضَ الْحَائِط، أَي ناحيته وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة:
عُرْضا أنفِ الْفرس: مُبْتَدأ مَا انحدرَ من قَصَبَة الْأنف فِي حافتيه
جَمِيعًا.
وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن عَليّ أَنه قَالَ: (كُلِ الجُبُنَّ عُرْضاً)
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَعْنَاهُ اعترضْه واشترِه ممَّن وجدتَه، وَلَا
تسْأَل عَن عَمَلِه، أعمِلَه مسلمٌ أَو غَيره. وَهُوَ مَأْخُوذ من عُرض
الشَّيْء، وَهُوَ ناحيته.
وَقَالَ اللِّحياني: ألقِهِ فِي أيّ أَعْرَاض الدَّار شئتَ. الْوَاحِد
عُرْضٌ وعَرْض وَقَالَ: خُذْهُ من عُرض النَّاس وعَرْضهم، أَي من أيّ
شقَ شئتَ. وكلُّ شَيْء أمكنكَ من عُرضِه فَهُوَ مُعْرِض لَك، يُقَال
أعرضَ لَك الظَّبيُ فارمِه، أَي ولاّك عُرضَه، أَي ناحيته.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: العُرض: الْجَانِب من كل شَيْء. والعُرُض
مثقَّل: السَّير فِي جَانب، وَهُوَ محمودٌ فِي الْخَيل مَذْمُوم فِي
الْإِبِل. وَمِنْه قَوْله:
معترضاتٍ غيرَ عُرضيَّاتِ
أَي يَلزَمْن المَحَجّة.
قَالَ: والعَرَض: مَا يَعرِض للْإنْسَان من الهموم والأشغال. يُقَال
عَرَض لي يَعرِض، وعَرِضَ يَعرَض، لُغَتَانِ. قَالَ:
(1/291)
والعِرْض: بدن كلّ الْحَيَوَان.
وَقَالَ اللَّيْث: العَروض: طريقٌ فِي عُرض الْجَبَل، والجميع عُرُضٌ،
وَهُوَ مَا اعترضَ فِي عُرض الْجَبَل. قَالَ: وعُرض الْبَحْر وَالنّهر
كَذَلِك.
وَيُقَال جَرَى فِي عُرض الحَدِيث، وَيُقَال فِي عُرض النَّاس، كلُّ
ذَلِك يُوصَف بِهِ الوسَط. قَالَ لبيد:
فتوسَّطَا عُرضَ السَّرِيّ وصدّعا
مَسجورةً متجاوراً قُلاَّمُهَا
قَالَ: وَيُقَال نظرتُ إِلَيْهِ عَن عُرُض، أَي جَانب. وَأنْشد:
ترَى الريشَ عَن عُرضِهِ طامياً
كعَرضك فوقَ نِصالٍ نصالا
يصف مَاء صَار ريشُ الطَّائِر فوقَه بعضُه فَوق بعض، كَمَا تعرِضُ
نصلاً فَوق نصل.
وَفِي حَدِيث عمر أَنه خطب فَقَالَ: (ألاَ إنَّ الأُسَيفِعَ أُسَيفِعَ
جُهينة رضيَ عَن دينه وأمانته بِأَن يُقَال سابِقُ الحاجّ، فادّانَ
مُعرِضاً قد رِينَ بِهِ) . قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد فِي
قَوْله (فادّانَ مُعرِضاً) يَعْنِي استدانَ مُعرضاً، وَهُوَ الَّذِي
يعترضُ النَّاس فيستدِين ممَّن أمكنَه.
وروى أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ فِي قَوْله (فادّانَ مُعْرِضاً) ، أَي
أَخذ الدَّينَ وَلم يُبالِ ألاّ يؤدّيَه.
وَقَالَ شمر فِي مؤلَّفه: المُعرِض هَاهُنَا بِمَعْنى الْمُعْتَرض
الَّذِي يعْتَرض لكل من يُقْرضه. قَالَ: وَالْعرب تَقول: عَرَض لي
الشيءُ وَأعْرض وتعرَّضَ واعترضَ بِمَعْنى وَاحِد. قَالَ شمر: وَمن
جَعَل المُعرِضَ مُعرضاً هَاهُنَا بِمَعْنى الْمُمكن فَهُوَ وجْهٌ
بعيد، لأنَّ معرِضاً مَنْصُوب على الْحَال لِقَوْلِك ادّان، فَإِذا
فسَّرته أَنه يَأْخُذ مِمَّن يمكنُه فالمُعْرِض هُوَ الَّذِي يُقرِضه،
لأنّه هُوَ الْمُمكن. قَالَ شمر: وَيكون المُعْرِضُ من قَوْلك أعرضَ
ثَوبُ المُلْبِس، أَي اتّسَعَ وعَرُض. وَأنْشد لطائيٍ فِي أعرض
بِمَعْنى اعْترض:
إذاأعرضَتْ للناظرِينَ بدا لهمْ
غِفارٌ بِأَعْلَى خدِّها وغِفارُ
قَالَ: وغِفارٌ: مِيسمٌ يكون على الخدّ.
قَالَ: وَيُقَال أعرضَ لَك الشيءُ، أَي بدا وظهَرَ. وَأنْشد:
إِذا أعْرَضَتْ داويّةٌ مُدلهمَّةٌ
وغرّدَ حاديها فَرَيْنَ بهَا فِلْقَا
أَي بَدَت.
وَقَالَ الفرَّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ
يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً} (الْكَهْف: 100) أَي أبرزْناهَا
حتّى رأوها. قَالَ: وَلَو جعلتَ الْفِعْل لَهَا زدتَ ألفا فقلتَ
أعرضَتْ، أَي استبانتْ وظهرتْ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ فِي
بَيت ابْن كُلْثُوم:
وأعرضتِ اليمامةُ واشمخرَّتْ
أَي أبدتْ عُرضَها. وَيُقَال ذَلِك لجَبَلها وَهُوَ عارضُها.
وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي قَوْله (فادّان مُعْرِضاً) أَي استدانَ
مُعْرِضاً عَن الْأَدَاء مولِّياً عَنهُ. قَالَ: وَلم نجدْ أعرضَ
بِمَعْنى اعْترض فِي
(1/292)
كَلَام الْعَرَب. وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي
قَوْله (فادّانَ مُعْرِضاً) قَالَ: يعرِض إِذا قيل لَهُ لَا تستدِنْ
فَلَا يَقبَل.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ يُقَال عَرّضْتُ أَهلِي عُراضةً؛ وَهِي
الهديّةُ تُهديها لَهُم إِذا قدِمتَ من سفَر. وَأنْشد للراجز:
يَقدُمُها كلُّ عَلاةٍ عِلْيانْ
حَمراء من مُعَرَّضات الغِربانْ
يَعْنِي أَنَّهَا تَقْدُم الْإِبِل فيسقُط الغرابُ على حِملها إِن
كَانَ تَمرا فيأكله، فكأنّها أهدته لَهُ.
قَالَ: وَيُقَال قوسٌ عُرَاضة، أَي عريضة. وَيُقَال لِلْإِبِلِ: إنّها
العُراضاتُ أثرا. وَقَالَ ساجعهم: (وأرْسِل العُراضاتِ أثرا، يَبغينك
فِي الأَرْض مَعْمراً) ، أَي أرسل الإبلَ العريضة الْآثَار عَلَيْهَا
رُكبانُها ليرتادوا لَك منزلا تنتجعه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال تعرَّضَ لي فلانٌ، وعَرَض لي يَعرِض،
وَاعْترض لي يشتُمني وَيُؤْذِينِي، وَمَا يُعْرِضك لفُلَان.
وَيُقَال عَتودٌ عَروض، وَهُوَ الَّذِي يَأْكُل الشجرَ بعُرْضِ شِدقه.
قَالَ: وَيُقَال للماعز إِذا نَبَّ وَأَرَادَ السِّفاد عَريض، وَجمعه
عِرْضان. وَيُقَال عريض عَروض، إِذا اعترضَ المرعَى بشِدقه فَأَكله.
وَيُقَال تعرَّضَ فلانٌ فِي الْجَبَل، إِذا أخذَ فِي عَرُوضٍ مِنْهُ
فاحتاجَ أَن يَأْخُذ فِيهِ يَمِينا وَشمَالًا. وَمِنْه قَول عبد الله
ذِي البِجادين المزَنيّ يُخَاطب نَاقَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم وَهُوَ يَقُودهَا على ثنّيةٍ رَكوبة، فَقَالَ:
تعرَّضي مَدَارجاً وسُومِي
تعرُّضَ الجوزاءِ للنجوم
وَهُوَ أَبُو الْقَاسِم فاستقيمي
وَيُقَال: تعرَّضتُ الرِّفاقَ أسألهم، أَي تصدَّيت لَهُم أسألهم.
وَقَالَ اللِّحياني: يُقَال تعرَّضت معروفَهم ولمعروفهم، أَي تصدَّيت.
وَيُقَال استُعمل فلانٌ على العَروض، يُعنَى مكةُ والمدينةُ واليمن.
وَيُقَال أَخذ فِي عَروضٍ مُنكرَة، يَعْنِي طَرِيقا فِي هَبوط.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال تعرَّضَ فلانٌ بِمَا أكره. وَيُقَال تعرَّضَ
وصلُ فلانٍ، أَي دخَلَه فَسَاد. وَأنْشد:
فاقطعْ لُبانةَ مَن تَعرَّضَ وصلُه
وَقيل: معنى (مَنْ تعَرَّضَ وصلُه) : أَي زاغَ وَلم يستَقِمْ، كَمَا
يتعرَّض الرجل فِي عَروض الْجَبَل يَمِينا وَشمَالًا.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس يصف الثريا:
إِذا مَا الثريَّا فِي السَّمَاء تعرَّضَتْ
تعرُّضَ أثناءِ الوشاحِ المفصَّلِ
أَي لم تستقم فِي سَيرهَا ومالت كالوشاح المعوَّج أثناؤه على جَارِيَة
توشَّحت بِهِ.
وَيُقَال اعترضَ الشيءُ، إِذا مَنَع، كالخشبة المعترضة فِي الطَّرِيق
تمنع السالكين سلوكَها. واعترضَ فلانٌ عِرضَ فلانٍ، إِذا وَقع فِيهِ
وتنقَّصه فِي عِرضه وحَسَبه. وَيُقَال اعْترض لَهُ بسهمٍ، إِذا أقبلَ
بِهِ قُبْلَه فَأَصَابَهُ. واعترضَ الفرسُ فِي رَسَنه، إِذا لم يستقمْ
لقائده. وَقَالَ الطرمّاح:
وأماني المليك رُشدي وَقد كن
تُ أخَا عُنجهيّةٍ واعتراضِ
(1/293)
وَيُقَال اعترضَ الجندُ على قائدهم.
واعتَرَضَهم الْقَائِد، إِذا عرضَهم وَاحِدًا وَاحِدًا، وَقَول الراجز:
معترضاتٍ غيرَ عُرضيّات
يَقُول: اعترَاضهنَّ من النشاط، لَيْسَ اعترَاضَ صعوبة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العُرُض محرّك: السَّير فِي جَانب. قَالَ:
وَهُوَ محمودٌ فِي الْخَيل مذمومٌ فِي الْإِبِل. قَالَ: وَمِنْه
قَوْله:
معترضاتٍ غيرَ عُرضيّات
أَي يلزَمن المحَجَّة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال عارضَ فلانٌ فلَانا: إِذا أخذَ فِي طريقٍ
وَأخذ فِي غَيره فَالْتَقَيَا. وعارضَ فلانٌ فلَانا، إِذا فعلَ مثلَ
فعله وأتى إِلَيْهِ مثل الَّذِي أتَى إِلَيْهِ. وَيُقَال عارضتُ فلَانا
فِي السَّير، إِذا سِرْت حيالَه وحاذيتَه. وعارضتُه بمتاعٍ أَو دابّةٍ
أَو شيءٍ مُعارضةً، إِذا بادلتَه بِهِ. وعارضتُ كتابي بِكتابه. وفلانٌ
يُعارضني، أَي يباريني. وَيُقَال سِرنا فِي عِراض الْقَوْم، إِذا لم
تستقبلهم وَلَكِن جئتهم من عُرضهم.
وَقَالَ أَبُو عبيد: أُلقحتْ نَاقَة فلانٍ عِراضاً، وَذَلِكَ أَن
يُعارضها الْفَحْل مُعَارضَة فيضربها من غير أَن تكون فِي الْإِبِل
الَّتِي كَانَ الفحلُ رسيلاً فِيهَا. وَقَالَ الرَّاعِي:
فلائص لَا يُلقَحن إلاَّ يَعارةً
عِراضاً وَلَا يُشرَينَ إلاَّ غواليا
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَول البَعِيث:
مَدحنا لَهَا رَوقَ الشَّباب فعارضَتْ
جَنَاب الصِّبا فِي كاتم السرِّ أعجما
قَالَ: عارضَتْ: أخذَت فِي عُرضٍ، أَي ناحيةٍ مِنْهُ. جَناب الصِّبا:
إِلَى جَنْبه. وَقَالَ اللحياني: بعير مُعارِضٌ، إِذا لم يستقم فِي
القطار. وَيُقَال جَاءَت فلانةُ بولدٍ عَن عِراض ومعارضة، إِذا لم يعرف
أَبوهُ وَيُقَال للسَّفيح: هُوَ ابْن المعارَضة. والمُعارَضة: أَن
يُعَارض الرجُلُ الْمَرْأَة فيأتيهَا بِلَا نِكَاح وَلَا مِلْك.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال عرَّض لي فلانٌ تعريضاً، إِذا
رَحرحَ بالشَّيْء وَلم يبيِّن وَقَالَ غَيره: عرّضت الشيءَ: جعلتُه
عريضاً. والمعَاريض من الْكَلَام: مَا عُرِّض بِهِ وَلم يصرَّح.
والتعريض فِي خِطبة الْمَرْأَة فِي عِدّتها: أَن يتكلَّم بِكَلَام
يُشْبه خِطبتها وَلَا يصرِّح بِهِ، وَهُوَ أَن يَقُول لَهَا: إنّك
لجميلة، وَإِن فيكِ لبقيّةً، وَإِن النِّسَاء لمِنْ حَاجَتي. والتعريض
قد يكون بِضرب الْأَمْثَال وَذكر الألغاز، وَهُوَ خلافُ التَّصْرِيح
فِي جُملة الْمقَال. وعَرَّض الْكَاتِب تعريضاً، إِذا لم يبيِّن
الحروفَ وَلم يقوِّم الخطّ. وَمِنْه قَول الشَّمَّاخ:
بتيماءَ حَبرٌ ثمَّ عَرَّضَ أسطُرا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: عَرَّضَ الرجلُ: إِذا صَار ذَا عارضة.
والعارضة: قوّة الْكَلَام وتنقيحه، والرأي الجيِّد. وعَرَّضَ فلانٌ،
إِذا دامَ على أكل العَرِيض، وَهُوَ الإمَّر. وإبلٌ معرَّضة: سِمَتُها
العِراض فِي عَرض الْفَخْذ لَا فِي طوله. يُقَال مِنْهُ عَرَضتُ
الْبَعِير وعرّضته تعريضاً.
والعَرِيض من المِعزَى: مَا فوقَ الفطيم وَدون الجَذَع. وَقَالَ
بَعضهم: العريض من
(1/294)
الظباء: الَّذِي قَارب الإثناء. والعريض
عِنْد أهل الْحجاز خاصَّةً: الخصيُّ، وَجمعه عِرضان. وَيُقَال أعرضْتُ
العِرضانَ، إِذا خَصَيْتَها. وَيُقَال أعرضتُ العِرضانَ، إِذا جَعلتهَا
للْبيع وَلَا يكون العريض إِلَّا ذكرا.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: إِذا رعَى الجَفْرُ من أَوْلَاد المِعزَى
وقَوِيَ فَهُوَ عريضٌ، وَجمعه عِرضانٌ. وروى ثَعْلَب عَن ابْن
الْأَعرَابِي قَالَ: إِذا أجذَع الجدْيُ والعَناق سمِّي عريضاً
وعَتُوداً، وَجمعه عِرضان. قَالَ: والعارض جَانب العِراق. والعارض:
السَّحابُ المُطِلّ.
وَقَالَ اللَّيْث: أعرضْتُ الشيءَ، أَي جعلتُه عَريضاً. واعترضت عُرْضَ
فلانٍ، إِذا نحوتَ نحوَه. قَالَ: ونظرتُ إِلَى فُلَانَة مُعارَضةً،
إِذا نظَرتَ فِي عُرضٍ. ورجلٌ عِرِّيضٌ: إِذا كَانَ يتعرَّض للنَّاس
بالشرِّ. قَالَ: والعَروض: عرُوض الشّعْر، والجميع الأعاريض، وَهُوَ
فواصل أَنْصَاف الشّعْر، سمِّي عرُوضا لِأَن الشعرَ يُعرَض عَلَيْهِ،
فالنصف الأوّل عرُوض؛ لأنّ الثَّانِي يُبنَى على الأول. وَالنّصف
الْأَخير الشَّطر. قَالَ: وَمِنْهُم من يَجْعَل الْعرُوض طرائقَ
الشّعْر وعموده، مثل الطَّوِيل، تَقول: هُوَ عروضٌ وَاحِد. وَاخْتِلَاف
قوافيه يسمَّى ضروباً. قَالَ: ولكلَ مقَال. والعَروض عَرُوض الشّعْر
مُؤَنّثَة، وَكَذَلِكَ عَروض الجَبل.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: عَتودٌ عَروضٌ، وَهُوَ الَّذِي يَأْكُل
الشَّيْء بعُرض شِدقه. وأخَذ فِي عَروضٍ منكَرة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: عَرَفتُ ذَلِك فِي عَروض كَلَامه، أَي فَحوى
كَلَامه وَمعنى كَلَامه. وَقَالَ التغلبي:
لكلّ أناسٍ من مَعدَ عِمارةٌ
عَروضٌ إِلَيْهَا يلجئون وجانبُ
قَالَ: وَتقول هِيَ عَروض الشِّعر. وَأخذ فلانٌ فِي عَروض مَا
تُعجِبني، أَي فِي نَاحيَة. وَيُقَال هَذِه ناقةٌ فِيهَا عُرضِيَّةٌ،
إِذا كَانَت ريِّضَاً لم تُذَلَّل. وَيُقَال ناقةٌ عُرضيّةٌ وجَملٌ
عُرْضيٌّ. وَقَالَ الشَّاعِر:
واعرورتِ العُلُطَ العُرضيَّ تركضه
أم الفوارسِ بالدِّيداء والرَّبَعَه
وَفِي حَدِيث عمر حِين وصف نفسَه بالسياسة وحُسن النَّظر لرعيّته
فَقَالَ: (إنّي أضمُّ العَنود، وأُلْحِقُ العَطوف، وأزجر العَروض) ،
قَالَ شمر: العَروض العُرْضيّة من الْإِبِل: الصَّعبة الرَّأْس
الذَّلول وسطُها الَّتِي يُحمل عَلَيْهَا ثمَّ تساق وسطَ الْإِبِل
المحمّلة، وَإِن ركبهَا رجلٌ مضَتْ بِهِ قُدماً وَلَا تَصَرَّف
لراكبها. قَالَ: وإنّما قَالَ: (أزجُر العَروضَ) لِأَنَّهَا تكون آخر
الْإِبِل. قَالَ: وَتقول ناقةٌ عَروض وفيهَا عَروض، وناقة عُرْضية.
وَقَالَ ابْن السّكيت: ناقةٌ عَروضٌ، إِذا قبِلتْ بعض الرياضة وَلم
تستحكم. قَالَ شمر: وَأما فِي قَول حميد:
فَمَا زالَ سَوطي فِي قِرابي ومِحجني
وَمَا زلتُ مِنْهُ فِي عَروضٍ أذودُها
أَي فِي ناحيةٍ أداريه وَفِي اعْتِرَاض. وَقَالَ فِي قَول ابْن أَحْمَر
يصف جَارِيَة:
ومنَحتُها قولي على عُرْضيّة
عُلُطٍ أُدارىء ضِغنَها بتودُّدِ
(1/295)
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: شبّهها بناقةٍ
صعبةٍ فِي كَلَامه إيَّاها ورفقِه بهَا. وَقَالَ غَيره: منحتُها:
أعَرتُها وأعطيتها. وعُرضيّة: صعوبة، كأنّ كلامَه ناقةٌ صَعبة.
وَيُقَال إِنَّه أَرَادَ كلَّمتها وَأَنا على ناقةٍ صعبة فِيهَا
اعْتِرَاض. والعُرضيُّ: الَّذِي فِيهِ جفاءٌ وَاعْتِرَاض. وَقَالَ
العجّاج:
ذُو نَخْوةٍ حُمَارسٌ عُرضيُّ
وَقَالَ اللَّيْث: المِعراض: سهمٌ يُرمَى بِهِ بِلَا ريش يَمضِي
عَرْضاً. والمَعرَض: الْمَكَان الَّذِي يُعرَض فِيهِ الشَّيْء. وثوبٌ
مِعرضٌ: تُعرَض فِيهِ الْجَارِيَة والعارضة: عارضة الْبَاب. وفلانٌ
شَدِيد الْعَارِضَة: ذُو جَلَد وصرامة. والعوارض: سقائف الْمحمل.
والعوارض: الثنايا، سمِّيت عوارضَ لأنّها فِي عُرض الْفَم. وَقَالَ
الْأَصْمَعِي: الْعَوَارِض: الْأَسْنَان الَّتِي بعد الثَّنايا، يُقَال
فُلَانَة نقيّة الْعَوَارِض.
وَقَالَ اللحياني: الْعَوَارِض من الأضراس. وَقَالَ غَيره: الْعَارِض:
مَا بَين الثنيّة إِلَى الضرس. وقِيل: عَارض الْفَم: مَا يَبْدُو
مِنْهُ عِنْد الضحك. وَقَالَ كَعْب:
تجلو عوارض ذِي ظَلْم إِذا ابتَسَمتْ
كأنّه مُنهَلٌ بِالرَّاحِ معلولُ
يصف الثنايا وَمَا بعْدهَا.
وَفِي الحَدِيث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعثَ أم
سُلَيم لتنظرَ إِلَى امْرَأَة فَقَالَ: (شمِّي عوارضَها) ، قَالَ شمر:
الْعَوَارِض هِيَ الْأَسْنَان الَّتِي فِي عُرض الْفَم، وَهِي مَا بَين
الثَّنايا والأضراس، وَاحِدهَا عَارض. وَقَالَ جرير:
أتَذْكُر يومَ تَصقُلُ عارضَيها
بفَرعِ بَشامةٍ سُقِيَ البَشامُ
وَقَالَ شمر: الْعَارِض أَيْضا: الخدُّ. يُقَال أخذَ الشَّعَرَ من
عارضيه، أَي خدَّيه. وَإِنَّمَا أمرَ النَّبِي بشمَ عوارضها لتَبورَ
بذلك ريحَ فمها، أطيّب أَمْ خَبِيث.
وَقَالَ اللِّحياني: عارضا الْوَجْه وعَروضاه: جانباه. وَقَالَ
الأصمعيّ: يُقَال بَنو فلَان أكَّالون للعوارض، جمع الْعَارِضَة، وَهِي
الشَّاة أَو الْبَعِير يصيبُه داءٌ أَو سبُعٌ أَو كسر.
وَقَالَ شمر: يُقَال عَرضَتْ من إبل فلَان عارضةٌ، أَي مرِضت. قَالَ:
وَبَعْضهمْ يَقُول عَرِضت. قَالَ شمر: وأجوده عَرَضَت. وَأنْشد:
إِذا عَرِضَتْ مِنْهَا كَهاةٌ سمينةٌ
فَلَا تُهدِ مِنْهَا واتَّشِق وتَجَبجَبِ
اللَّيْث: يُقَال فلانٌ يعدو العِرَضْنةَ، وَهُوَ الَّذِي يشتقُّ فِي
عَدْوه.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال اشْتَرِ بِهَذَا عُرَاضة لأهْلك، أَي هديّة،
مثل الحنّاء وَنَحْوه.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي العُراضة: الهديّة التَّعْرِيض مَا كَانَ من
مِيرةٍ أَو زادٍ بعد أَن يكون على ظهر بعير. يُقَال عَرِّضونا من
مِيرتكم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: العُراضة: مَا أطعمَه الراكبُ من استطعَمَه من
أهل الْمِيَاه. وَقَالَ هِميان:
وعرَّضوا المجلسَ مَحْضا ماهجاً
أَي سقَوهم. وَيُقَال: عَرَفت ذَلِك فِي
(1/296)
مِعراض كَلَامه، ومعاريض كَلَامه وفحواه
أَي فِي عرُوض كَلَامه. وَمِنْه قَول عِمرانَ بن حُصَين: (إنّ فِي
المعاريض لمَندوحةً عَن الْكَذِب) . وَيُقَال عرضَتِ الشَّاةُ الشوكَ
تعرُضه، إِذا تناولتْه وأكلتْه. وَيُقَال رَأَيْته عَرْضَ عين، أَي
ظَاهرا من قريب.
والمعَرَّضة من النِّسَاء: الْبكر قبل أَن تُحجَب، وَذَلِكَ أَنَّهَا
تُعرَض على أهل الحيِّ عَرضةً ليرغِّبوا فِيهَا من رَغِب، ثمَّ
يحجبونها. وَقَالَ الْكُمَيْت:
لياليَنا إذْ لَا تزالُ تَروعُنا
مُعرَّضةٌ منهنَّ بِكر وثيِّبُ
وَيُقَال استُعرِضت النَّاقة بِاللَّحْمِ، فَهِيَ مستَعرَضَة، كَمَا
يُقَال قُذِفت بِاللَّحْمِ ولُدِسَت، إِذا سمنتْ. وَقَالَ ابْن مقبل:
قَبَّاء قد لحقَتْ خسيسةَ سنِّها
واستُعرِضت ببضيعها المتبتِّرِ
قَالَ: خسيسة سِنِّها: حِين بَزَلتْ، وَهِي أقصَى أسنانها.
وَيُقَال: كَانَ لي على فلانٍ نَقدٌ فأعسرته واعترضتُ مِنْهُ، أَي
أخذتُ العَرْض. وَإِذا طلب قومٌ عِنْد قومٍ دَمًا فَلم يُقِيدوهم
قَالُوا: نَحن نَعْرِض مِنْهُ فاعترِضوا مِنْهُ، أَي اقْبَلُوا الدّيةَ
عَرْضاً.
وَيُقَال انْطلق فلانٌ يتعرَّض بجَمله السوقَ، إِذا عرضَه على البيع.
وَيُقَال تَعرَّضْ بِهِ، أَي أقمْه فِي السُّوق. وفلانٌ معتَرَضٌ فِي
خُلقه، إِذا ساءك كلُّ شيءٍ من أمره. وعَرضَ الرَّامِي القوسَ، إِذا
أضجعها ثمَّ رمَى عَنْهَا عَرْضاً.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {تَجْهَلُونَ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً
مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُواْ هَاذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا
بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم} (الْأَحْقَاف: 24) أَي قَالُوا: الَّذِي
وُعدنا بِهِ سحابٌ فِيهِ الْغَيْث. فَقَالَ الله: {مُّمْطِرُنَا بَلْ
هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم} (الْأَحْقَاف: 24) .
وَيُقَال للرِّجْل الْعَظِيم من الْجَرَاد: عَارض؛ يُقَال مرَّ بِنَا
عارضٌ قد مَلأ الْأُفق.
وَقَالَ أَبُو زيد: الْعَارِض: السحابة ترَاهَا فِي ناحيةِ السَّمَاء،
وَهُوَ مثل الجُلْب، إلاّ أنّ الْعَارِض يكون أبيضَ والجُلْبُ إِلَى
السَّواد، والجُلب يكون أضيقَ من الْعَارِض وأبعَدَ. والعوارض من
الْإِبِل: الَّتِي تَأْكُل العِضاهَ عُرُضاً، أَي تَأْكُله حيثُما
وَجدته.
وَقَول ابْن مُقبل:
مهاريق فَلُّوجٍ تعرَّضْنَ تاليا
أَرَادَ: تعرّضهنّ تالٍ يقرؤهن؛ فَقلب.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال مَا يَعْرُضك لفُلَان، وَلَا يُقَال مَا
يُعَرِّضك. وَيُقَال: هَذِه أرضٌ مُعْرِضة: يستعرضها المَال ويعترضها،
أَي هِيَ أرضٌ مُعْرِضة فِيهَا نبتٌ يرعاه المَال إِذا مرَّ فِيهَا.
ضرع: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: الضَّرْع ضرع الشَّاة والناقة.
والضَّرَع: الضَّعِيف.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} (الأنعَام:
63) قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الْمَعْنى تَدْعون مُظهرِينَ الضَّرَاعة،
وَهِي شدّة الْفقر إِلَى الشَّيْء والحاجةِ إِلَيْهِ. وانتصابهما على
الْحَال وَإِن كَانَا مصدرين.
وَأما قَول الله تَعَالَى: {فَلَوْلا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ} (الأنعَام: 43)
فَمَعْنَاه تخشَّعُوا
(1/297)
وتذلَّلوا وخضعوا.
وَقَالَ شمر: يُقَال ضَرِعَ فلَان لفُلَان وضَرَع لَهُ، إِذا مَا
تخشَّعَ لَهُ وَسَأَلَهُ أَن يُعطيَه. قَالَ: وَيُقَال قد أضرَعْتُ
لَهُ مَالِي، أَي بذلْتُه لَهُ. وَقَالَ الْأسود:
وَإِذا أخِلاَّئي تنكَّبَ وُدُّهم
فأبُو الكُدادةِ مالُه ليَ مُضْرَعُ
أَي مبذول. وَقَالَ الْأَعْشَى:
سائلْ تميماً بِهِ أيامَ صفقتهم
لمّا أَتَوْهُ أُسارى، كلُّهم ضَرَعا
أَي ضرعَ كلُّ واحدٍ مِنْهُم وخضع. قَالَ: وَيُقَال ضَرَع لَهُ
واستضرعَ. قَالَ: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: لفلانٍ فرسٌ قد ضَرِع بِهِ،
أَي غلبَه، وَهُوَ فِي حديثٍ لِسَلْمان. وتضرَّع الظلُّ: قلَّ وقَلَص.
وَقَالَ يُوسُف بن عَمرو:
فمِلنَ قُدَيداً بكرَة، وظلالُه
تضرَّعُ فِي فَيءِ الغَداةِ تضرُّعا
مِلْنَ قُديداً، أَي من قُديد.
والضَّريع: الشَّراب الرَّقِيق. وَقَالَ يصف ثغراً:
حَمشُ اللِّثاتِ شتيتٌ وَهُوَ معتدلٌ
كأنّه بضريع الدَّنِّ مصقولُ
والضريع: لغةٌ فِي الضرَع الضَّعِيف. وَقَالَ:
ومطويّةٍ طيَّ القَليبِ رفعتُها
بمستنبِحٍ جِنْحَ الظلام ضريعِ
المطويّة عَنى بِهِ الأُذن. والمستنبح: الَّذِي ينبح نبحَ الْكلاب طلبا
للقِرى.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: ضرّعت الشمسُ أيْ دنت للغروب. وَقَالَ
غَيره: رجلٌ ضارع، أَي نحيف ضاويّ. وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ رأى ولدَيْ جعفرٍ الطيّار فَقَالَ:
(مَالِي أراهما ضارعين) . الضارع: الضاوِيُّ النحيف. وَمِنْه قَول
الْحجَّاج لسَلم بن قُتَيْبَة: (مَالِي أراكَ ضارعَ الْجِسْم؟) .
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: الضريعة من الْغنم: الْعَظِيمَة الضَّرع.
وَقَالَ أَبُو زيد: الضَّرْع جِماع، وَفِيه الأطْباءُ وَهِي الأخلاف،
وَاحِدهَا طِبْيٌ وخِلْف، وَفِي الأطْباء الأحاليل، وَهِي خُروق
اللَّبَن.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ قَالَ: ضرَّعتِ القِدرُ تضريعاً، إِذا حانَ
أَن تُدرِك. وَقَالَ الأصمعيّ: التضرُّع: التلوّي والاستغاثة.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ ضَرَعٌ، وَهُوَ الغُمر من الرِّجَال الضعيفُ.
وَأنْشد:
فَمَا أَنا بالواني وَلَا الضَّرَعِ الغُمْرِ
وَيُقَال جسدُك ضارعٌ، وجَنْبك ضارع وَأنْشد:
من الحُسْن إنعاماً وجنبُك ضارعُ
قَالَ: وقومٌ ضَرَع ورجلٌ ضَرَع. وَأنْشد:
وأنتُم لَا أُشاباتٌ وَلَا ضَرَعُ
قَالَ: وأضرعت الناقةُ فَهِيَ مُضْرِعٌ، إِذا قرُبَ نِتاجُها.
قَالَ: والمضارعة للشَّيْء: أَن يضارعَه كأنّه مثلُه أَو شِبْهه.
وَقَالَ الْأَزْهَرِي: والنحويون يَقُول للْفِعْل الْمُسْتَقْبل:
مضارِع؛ لمشاكلتِهِ الْأَسْمَاء فِيمَا يلْحقهُ من الْإِعْرَاب.
(1/298)
وَيُقَال هَذَا ضِرْع هَذَا وصِرعه، بالضاد
وَالصَّاد، أَي مثله. والضُّروع والصُّروع: قُوَى الحَبْل، وَاحِدهَا
ضِرعٌ وصِرعٌ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: جَاءَ فلانٌ يتضرَّع لي ويتأرض، ويتصدّى
ويتأتّى، أَي يتعرّض.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {ءَانِيَةٍ لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ}
(الغَاشِيَة: 6) قَالَ الْفراء: الضريع: نبتٌ يُقَال لَهُ الشِّبرِق،
وَأهل الْحجاز يسمُّونه الضَّريعَ إِذا يَبِس. وَهُوَ اسمٌ. وَجَاء فِي
التَّفْسِير أَن الكفَّار قَالُوا: إنَّ الضَّريع لتَسمَنُ عَلَيْهِ
إبلُنا. فَقَالَ الله: {ضَرِيعٍ لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِى مِن
جُوعٍ} (الغَاشِيَة: 7) .
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للجِلدة الَّتِي على الْعظم تَحت اللَّحم من
الضَّلَع: هِيَ الضَّريع.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الضَّريع: العَوسَج الرَّطب،
فَإِذا جفَّ فَهُوَ عَوسَجٌ، فَإِذا زادَ جُفوفُه فَهُوَ الخَزيز.
قَالَ: والضارع: المتذلِّل الغنيّ. والضَّرَع: الرجُل الجَبان.
والضَّرَع: المتهالك من الْحَاجة للغنيّ. والضَّرَع: الْجمل الضَّعِيف.
عضر: أهمله اللَّيْث. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أبي عمرٍ
وَقَالَ: العاضر: الْمَانِع، وَكَذَلِكَ الغاضر، بِالْعينِ والغين.
رضع: قَالَ الله جلّ وعزّ: {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ
أَرْضَعَتْ} (الحَجّ: 2) وَاخْتلف النحويون فِي علّة دُخُول الْهَاء
فِي المرضِعة، فَقَالَ الْفراء: المرضِعة: الْأُم. والمُرضِع: الَّتِي
مَعهَا صبيٌّ تُرضِعُه. قَالَ: وَلَو قيل فِي الأمّ مُرضِع لأنَّ
الرَّضَاع لَا يكون إلاّ من الْإِنَاث، كَمَا قَالُوا امْرَأَة حَائِض
وطامث، كانَ وَجها. قَالَ: وَلَو قيل فِي الَّتِي مَعهَا صبيٌّ مرضعةٌ
كَانَ صَوَابا. وَقَالَ الْأَخْفَش: أَدخل الْهَاء فِي الْمُرضعَة
لِأَنَّهُ أَرَادَ وَالله أعلم الفِعلَ. وَلَو أَرَادَ الصّفة لقَالَ
مُرضِع. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الَّذِي قَالَه الْأَخْفَش لَيْسَ
بخطأ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ابْن اليزيدي عَن أبي زيد قَالَ: المُرضعة:
الَّتِي ترْضع. قَالَ و (كلُّ مُرْضِعةٍ) : كلّ أمَ. قَالَ: والمرضع:
الَّتِي قد دنا لَهَا أَن تُرضِع وَلم تُرضِع بعد. والمُرضِع: الَّتِي
مَعهَا الصبيُّ الرَّضِيع.
وَقَالَ اللَّيْث: قَالَ الْخَلِيل: امرأةٌ مرضع: ذاتُ رَضِيع، كَمَا
يُقَال امرأةٌ مُطفِل: ذَات طِفْل، بِلَا هَاء، لِأَنَّك لَا تَصِفُها
بفعلٍ مِنْهَا واقعٍ أَو لَازم، فَإِذا وصفتَها بفعلٍ هِيَ تَفْعَلهُ
قلت مُفْعِلة، كَقَوْل الله تَعَالَى: {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ
عَمَّآ أَرْضَعَتْ} (الحَجّ: 2) وصفَها بِالْفِعْلِ فَأدْخل الْهَاء
فِي نعتها. وَلَو وصفَها بأنَّ مَعهَا رضيعاً قَالَ مُرضِع.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (انظرنَ
مَا إخْوانكنّ، فإنّما الرضَاعَة من المَجَاعة) ، وَتَفْسِيره أَن
الرَّضاعَ الَّذِي يحرِّم رِضَاعُ الصَّبِي؛ لِأَنَّهُ يُشْبِعه
ويَغذوه ويسكِّن جَوعتَه، فأمّا الْكَبِير فرضاعُه لَا يحرّم؛
لِأَنَّهُ لَا ينفعُه من جوعٍ وَلَا يُغنيه من طَعَام، وَلَا يَغْذوه
اللَّبن كَمَا يغذو الصغيرَ الَّذِي حياتُه بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول رضُع الرجل يرضُع رضاعة فَهُوَ رَضِيع راضع،
أَي لئيم، والجميع الراضعون. وَالْعرب تَقول: لئيم راضع. وَيُقَال
نُعِتَ بِهِ لأنّه يرضَع ناقتَه من
(1/299)
لؤمه لئلاَّ يُسمَع صوتُ الشَّخب فيطلب
لبنه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الراضع والرَّضِع: الخسيس من
الْأَعْرَاب، الَّذِي إِذا نزل بِهِ الضَّيْف رضِع شاتَه بفمه لئلاَّ
يسمعهُ الضَّيف. يُقَال مِنْهُ رَضِع يرضَع رَضْعاً وَقَالَ بَعضهم:
لَو عيَّرتُ رجلا بالرضع لخَشِيتُ أَن يَحُور بِي داؤه. قَالَ:
والرَّضَع: صِغار النّخل، واحدهُ رَضَعة. وَامْرَأَة مُرضِع: مَعهَا
رَضِيع. وَامْرَأَة مرضِعةٌ: ثَديُها فِي فَم ولدِها.
اللَّيْث: الراضعتان من السن: اللَّتَان شرِب عَلَيْهِمَا اللَّبن.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: رضَع الصبيُّ يَرضِع، ورضِعَ يرضَع. قَالَ:
وَأَخْبرنِي عِيسَى بن عمر أَنه سمع العربَ تُنشِد:
وذمُّوا لنا الدُّنيا وهم يَرضِعونها
أفاويقَ حتّى مَا يُدرُّ لَهَا ثُعْلُ
قَالَ: وَقَالَ الأمويّ: الرَّضوعة من الْغنم: الَّتِي تُرضِع. قَالَ:
وَيُقَال رَضاعٌ ورِضاع، ورَضاعة ورِضاعة.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ
حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} (البَقَرَة: 233) اللَّفْظ لفظ الْخَبَر
وَالْمعْنَى معنى الْأَمر، كَمَا تَقول حسبُك درهمٌ، فاللفظ لفظ
الْخَبَر وَالْمعْنَى معنى الْأَمر، مَعْنَاهُ اكتفِ بدرهم. وَكَذَلِكَ
معنى الْآيَة: لرتضعِ الوالداتُ. وَقَوله: {وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن
تَسْتَرْضِعُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَوْلَادَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} (البَقَرَة: 233)
أَي تَطْلُبُوا مُرضِعةً لأولادكم.
(بَاب الْعين وَالضَّاد مَعَ اللَّام)
اسْتعْمل من وجوهه: عضل، علض، ضلع، ضعل.
عضل: قَالَ الله عزّ وجلّ: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ
أَزْوَاجَهُنَّ} (البَقَرَة: 232) نزلت فِي مَعقِل بن يَسار المُزَني،
وَكَانَ زوّج أختَه رجلا فطلَّقهَا، فَلَمَّا انْقَضتْ عِدّتُها
خطبَها، فآلى ألاّ يزوّجه إِيَّاهَا، ورغبتْ أُخْته فِيهِ، فَنزلت:
{فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} (البَقَرَة: 232) الْآيَة. وَيُقَال عَضَل
فلانٌ أيِّمَه، إِذا منعهَا من التَّزْوِيج يعضُلها ويعضِلها عَضْلاً.
قَالَه الأصمعيّ وَغَيره.
وَأما قَول الله: {وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ
مَآءَاتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ}
(النِّساء: 19) فإنَّ العَضْل فِي هَذِه الْآيَة من الزَّوج
لامْرَأَته، وَهُوَ أَن يُضارَّها وَلَا يحسنَ معاشرتَها ليضطرّها بذلك
إِلَى الافتداء مِنْهُ بمهرها؛ سَمَّاهُ الله عَضْلاً لِأَنَّهُ
يمْنَعهَا حقَّها من النَّفقة وحُسن العِشرة والإنصاف فِي الْفراش،
كَمَا أَن الوليّ إِذا منع حريمتَه من التَّزْوِيج، قد منعهَا الحقَّ
الَّذِي أُبِيح لَهَا من النِّكَاح إِذا دعَتْ إِلَى كفءٍ لَهَا.
وروى معمر عَن أيُّوب عَن أبي قلَابَة أَنه قَالَ فِي الرجل يَطّلع من
امْرَأَته على فاشحة، قَالَ: لَا بَأْس أَن يضارَّها حتَّى
(1/300)
تختلع مِنْهُ. قَالَ الأزهريّ: فَجعل الله
اللواتي يَأْتِين الفاحشةَ مستثنَياتٍ من جملَة النِّسَاء اللواتي
نَهَى الله أزواجهنّ من عَضْلهنَّ ليذهبوا بِبَعْض مَا آتَوهن من
الصَدَاق.
وَرُوِيَ عَن عمر أَنه قَالَ: (أعضَلَ بِي أهلُ الْكُوفَة، مَا يرضَون
بأمير وَلَا يرضاهم أَمِير) قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأمويّ فِي
قَوْله (أعضل بِي أهلُ الْكُوفَة) : هُوَ من العُضال وَهُوَ الْأَمر
الشَّديد الَّذِي لَا يقوم بِهِ صاحبُه. يُقَال قد أعضلَ الأمرُ فَهُوَ
مُعضِل. قَالَ: وَيُقَال قد عضَّلت الْمَرْأَة تعضيلاً، إِذا نشِب
الولدُ فخرجَ بعضُه وَلم يخرجْ بعضٌ فَبَقيَ مُعْتَرضًا وَكَانَ أَبُو
عُبَيْدَة يحمل هَذَا على إعضال الْأَمر وَيَرَاهُ مِنْهُ.
وَيُقَال: أنزلَ الْقَوْم بِي أمرا مُعضِلاً لَا أقوم بِهِ. وَقَالَ
ذُو الرمة:
وَلم أقذِفْ لمؤمنةٍ حَصانٍ
بِإِذن الله مُوجِبةً عُضالا
وَقَالَ شمر: الدَّاء العُضَال: المنكَر الَّذِي يأخُذ مُبادَهةً ثمَّ
لَا يلبث أَن يقتُل، وَهُوَ الَّذِي يعي الأطبّاء. يُقَال أمرٌ عُضال
ومُعْضِل، فأوّلُه عُضال، فَإِذا لزِم فَهُوَ مُعضِل.
قَالَ: وعَضْل الْمَرْأَة عَن الزَّوْج: حَبسهَا.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال عضّلت الأرضُ بِأَهْلِهَا، إِذا ضَاقَتْ بهم
لكثرتهم. وَأنْشد لأوس بن حجَر:
ترى الأرضَ مِنَّا بالفضاء مَرِيضَة
معضِّلةً منا بِجمعٍ عَرَمْرمِ
وَيُقَال فلانٌ عُضْلةٌ من العُضَل، أَي داهيةٌ من الدَّواهي.
وَأما العَضَل بِفَتْح الضَّاد وَالْعين فَهُوَ الجُرَذ، وَجمعه
عِضْلان. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العَضَل ذكر الفأر. وَقَالَ
اللَّيْث: بَنو عَضَل: حيٌّ من كنَانَة وَقَالَ غَيره: عَضَل والدِّيش:
حيانِ يُقَال لَهما القارَة، وهم من كنَانَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: عضَّلت النَّاقة تعضيلاً وبدّدت تبديداً، وَهُوَ
الإعياء من الْمَشْي والرُّكوبِ وكلِّ عمل. وَقَالَ أَبُو مَالك: عضّلت
المرأةُ بِوَلَدِهَا، إِذا غَصَّ فِي الْفرج فَلم يخرجْ وَلم يدخلْ.
وَسُئِلَ الشعبيّ عَن مَسْأَلَة مُشْكلةٍ فَقَالَ: (زَبَّاء ذاتُ
وَبَرٍ، لَو وَردت على أَصْحَاب مُحَمَّد لعَضَّلَتْ بهم) قَالَ شمر:
عضَّلت بهم، أَي ضَاقَتْ عَلَيْهِم.
قلت: أَرَادَ أنّهم يَضيقون بِالْجَوَابِ عَنْهَا ذَرعاً؛ لإشكالها.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للقطاةِ إِذا نَشِب بيضُها: قطاة مُعَضِّل.
قَالَ الْأَزْهَرِي: كَلَام الْعَرَب: قطاة مُطرِّق وَامْرَأَة معضِّل.
والعُضليُّ: القويّ من الرِّجَال والعَضيل: المنكَر مِنْهُم الضَّخم
الشَّأْن، الجمْع العَضِيلون والعُضَلاء. فَإِذا كَانَ من غير
الرِّجَال فجمعُه عُضُل. وناقةٌ عضيلة: نكيرةٌ فِي الشدَّة. وحِصنٌ
عَضِيل: نَكِير مُشرف. ومكانٌ عَضيل: ضيِّق بأَهْله، وَيكون المشرفَ،
نَحْو حِصنٍ عضيل. قَالَ
(1/301)
مرّار:
إِذا ضُمَّ لي بَحْرَا جذيمةَ والتقتْ
عليَّ روابي كلُّهنَّ عضيلُ
الروابي: الْأَشْرَاف من الأَرْض.
أَبُو عَمْرو: العَضَلة: شَجَرَة مثل الدِّفْلَى، تأكلهُ الْإِبِل
فَتَشرب كلَّ يومٍ عَلَيْهِ المَاء.
قَالَ الْأَزْهَرِي: لَا أَدْرِي أهِيَ العَضَلة أم العَصَلة، وَلم
يروِها لنا الثِّقات عَن أبي عَمْرو.
وَقَالَ اللَّيْث: العَضَلة: كل لحمةٍ غليظةٍ مُنْتَبرة مثل لحْمَة
السَّاق والعضد. يُقَال ساقٌ عَضِلَةٌ: ضخمة. قَالَ: والدَّاء العُضال:
الَّذِي أعيا الأطباءَ علاجُه. وَالْأَمر المُعْضِل: الَّذِي قد أعيا
صاحبَه القيامُ بِهِ. قَالَ: وعضَّلت عَلَيْهِ، أَي ضيّقتُ عَلَيْهِ
أمره وحُلتُ بَينه وَبَين مَا يَرُومه، ظُلماً. قَالَ: والعَضَل:
مَوضِع بالبادية كثير الغِياض. قَالَ: واعضألَّت الشَّجَرَة، إِذا
التفّت وَكثر أغصانُها. وَأنْشد:
كأنّ زِمامُها أَيْمٌ شجاعٌ
تراءَدَ فِي غُصونٍ مُعْضئلّهْ
قَالَ الْأَزْهَرِي: وَرَوَاهُ غَيره: (مُعطئلّهْ) بِالطَّاءِ.
علض: أهمله اللَّيْث غير حرفٍ وَاحِد، قَالَ: العِلّوْض: ابْن آوى،
بلغَة حمير. وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العِلّوض: ابْن
آوى.
ضعل: أهمله اللَّيْث. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي
قَالَ: الضاعِل: الْجمل القويّ. قَالَ: والطاعل: السهْم المقوَّم وَلم
أسمع هذَيْن الحرفين إلاّ لَهُ. قَالَ: والضَّعَل: دقّة الْبدن من
تقَارب النّسَب. وَهَذِه الْحُرُوف غَرِيبَة، وَهِي من (نَوَادِر ابْن
الأعرابيّ) .
ضلع: أَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: ضلوع كلِّ
إِنْسَان أَربع وَعِشْرُونَ ضِلعاً، وللصَّدر مِنْهَا اثْنَتَا عشرَة
ضِلعاً تلتقي أطرافها فِي الصَّدْر، وتتّصل أَطْرَاف بَعْضهَا بِبَعْض
وتسمَّى الجوانح، وخلْفها من الظّهْر الكَتِفانِ، والكتفانِ بحذاء
الصَّدْر. واثنتا عشرَة ضلعاً أَسْفَل مِنْهَا فِي الجنبين، البطنُ
بَينهمَا، لَا تلتقي أطرافُها، على طرف كلّ ضلع مِنْهَا شُرسُوف،
وَبَين الصَّدر والجنبين غُضروفٌ يُقَال لَهُ الرَّهابة، وَيُقَال لَهُ
لسانُ الصَّدر. وكل ضِلع من أضلاع الجنبين أقصر من الَّتِي تَلِيهَا
إِلَى أَن تَنْتَهِي إِلَى آخرهَا، وَهِي الَّتِي فِي أَسْفَل الْجنب،
يُقَال لَهَا الضِّلع الخِلْف.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الضالع: الجائر. وَقَالَ الْكسَائي مثله. وَقد
ضَلِعَ يَضْلَع، إِذا مَال. وَمِنْه قيل: ضَلْعُك مَعَ فلَان.
أَبُو زيد: هم عَلَيْهِ أَلْبٌ وَاحِد، وضَلْعٌ وَاحِد. يَعْنِي
اجْتِمَاعهم عَلَيْهِ بالعداوة.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (اللَّهم
إنّي أعوذ بك من الهمِّ والحزَن، والعَجْز والكسَل، والبُخْل
والْجُبْن، وضَلَعِ الدَّين، وغَلَبة الرِّجَال) . وَقَالَ ابْن
السّكيت: الضَّلْع: الْميل، وَمِنْه قَوْلهم: ضَلْعُك مَعَ فلَان.
قَالَ: والضلَع: الاعوجاج. رُمحٌ ضَلِعٌ: معوَّج.
قلت: فَمَعْنَى (ضَلَع الدَّين) ثِقَلُه حتّى يمِيل
(1/302)
بِصَاحِبِهِ عَن حدّ الاسْتوَاء لثقله.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَمر امْرَأَة فِي
دم الْحيض يُصيب الثَّوْب: (حُتِّيه بِضِلَع) . هَكَذَا رَوَاهُ
الثِّقَات بِكَسْر الضَّاد وَفتح اللَّام. وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الضِّلَع: العُود هَاهُنَا.
قلت: أصل الضِّلَع ضِلَع الْجنب، وَقيل للعود الَّذِي فِيهِ انحناء
وعِرَضٌ واعوجاجٌ ضِلَع، تَشْبِيها بالضِّلَع الَّذِي هُوَ وَاحِد
الأضلاع.
وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ الضِّلَع والضِّلْع، لُغَتَانِ. قَالَ:
وَالْعرب تَقول هَذِه ضِلَعٌ وَثَلَاث أضلُع.
وَفِي حَدِيث ثَالِث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمّا نظر
إِلَى الْمُشْركين يَوْم بدرٍ قَالَ: (كأنّي بكم يَا أَعدَاء الله
مُقتَّلينَ بِهَذِهِ الضِّلَع الْحَمْرَاء) ، قَالَ الأصمعيّ:
الضِّلَع: جُبيل يستطيل فِي الأَرْض لَيْسَ بمرتفع فِي السَّمَاء،
يُقَال: انْزِلْ بهاتيك الضِّلَع. وَقَالَ غَيره: الضِّلع جُبَيل صغيرٌ
لَيْسَ بمنقاد وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الضِّلَع: خطٌّ يُخَطُّ فِي
الأَرْض ثمَّ يُخَطُّ آخر، ثمَّ يُبْذَر مَا بَينهمَا. ورُمْحٌ ضَلِعٌ:
أَعْوَج. وَأنْشد:
بِكُل شعشعاعٍ كجذع المزدَرَع
فَلِيقُه أجردُ كالرُّمح الضَّلِع
يصف الْإِبِل تَنَاوَلُ الماءَ من الْحَوْض بِكُل عُنقٍ كجِذع
الزُّرنوق. والفليق: المطمئن فِي عنق الْبَعِير الَّذِي فِيهِ
الْحُلْقُوم.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال إنّي بِهَذَا الْأَمر مُضطلعٌ ومُطَّلعٌ،
الضَّاد تدغَم فِي التَّاء فيصيران طاء مشدّدة، كَمَا تَقول اطَّنَّني
أَي اتّهمني، واطَّلم إِذا احْتمل الظُّلم. قَالَ: واضطلع الحِمْلَ،
إِذا احتملته أضلاعه. وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ مضطلِع بِحمْلِهِ،
أَي قويٌّ عَلَيْهِ، وَهُوَ من الضَّلاعة. قَالَ: وَلَا يُقَال مطّلع
بِحمْلِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: ورجلٌ أضلع وامرأةٌ ضَلعاءُ وقومٌ ضُلْع، إِذا
كَانَت سنُّه شبيهةَ الضِّلع. قَالَ: والأضلع يُوصف بِهِ الشَّديد
الغليظ.
وَفِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ ضليعَ الْفَم.
قَالَ أَبُو عبيد: أَرَادَ أَنه كَانَ وَاسع الْفَم. وَقَالَ القتيبي:
ضليع الْفَم: عظيمُه، يُقَال ضليعٌ بَيِّنُ الضلاعة. قَالَ: وَمِنْه
قَول الجنيّ الَّذِي صارعَ عمر بنَ الخطّاب: (إنّي مِنْهُم لضليع)
قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ إِنِّي مِنْهُم لَعظيم الخَلْق. قَالَ
القتيبي: وَالْعرب تذمُّ بصغر الفَمِ وتحمد سَعَته. قَالَ: وَمِنْه
قَوْله فِي منطق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه (كَانَ
يفْتَتح الْكَلَام ويختمه بأشداقه) ، وَذَلِكَ لِرُحْب شِدقه. وَيُقَال
للرَّجُل إِذا كَانَ كَذَلِك أشْدَق، بيِّن الشّدِق.
وَقَالَ الأصمعيُّ: قلت لأعرابيّ: مَا الْجمال؟ فَقَالَ: غُؤور
الْعَينَيْنِ، وإشرافُ الحاجبَين، ورُحْب الشدقين.
وَقَالَ ابْن السّكيت: فرسٌ ضليع الخَلْق، إِذا كَانَ تامَّ الخَلْق
مُجْفَر الجنبين غليظَ الألواح كثير العَصَب. الضّليع: الطَّوِيل
الأضلاع العريض الصَّدْر الْوَاسِع الجنبين.
وَقَالَ الأصمعيّ: المضلوعة: القَوس. وَقَالَ المتنخِّل الهذليّ:
(1/303)
واسلُ عَن الحبِّ بمضلوعةٍ
تابَعَها البارِي وَلم يَعجَلِ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المضلَّع: الثَّوْب الَّذِي قد نُسج بَعضُه
وَترك بعضه. وَقَالَ غَيره: بُردٌ مضلّع، إِذا كَانَت خطوطه عريضةً
كالأضلاع.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الضَّوْلع: المائل بالهَوَى.
هِيَ ضِلَعٌ عَلَيْهِ أَي جائرة عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْن هَرْمة يصف
امْرَأَة:
وَهِي علينا فِي حكمهَا ضِلَع
جائرة فِي قَضَائهَا خَنِعهْ
ع ض ن
اسْتعْمل من وجوهه:
نعض: أَبُو زيد عَن الْأَصْمَعِي: النُّعْض: شجر من الغَضا لَهُ شوك،
واحدتها نُعْضَة. وَهُوَ مَعْرُوف.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: مَا نعَضْتُ مِنْهُ شَيْئا، أَي مَا أصبت.
قلت: وَلَا أحقُّه، وَلَا أَدْرِي مَا صحّته، وَلم أره لغيره.
(بَاب الْعين وَالضَّاد مَعَ الْفَاء)
اسْتعْمل من وجوهه: ضعف، ضفع، فضع.
ضعف: قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَجْراً عَظِيماً يانِسَآءَ النَّبِىِّ مَن
يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ
ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ} (الأحزَاب: 30) وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو:
(يُضَعَّفْ) ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَعْنَاهُ يَجْعَل الْوَاحِد
ثَلَاثَة، أَي تعذَّبُ ثَلَاثَة أعذبة. قَالَ: عَلَيْهَا أَن تعذَّب
مرّةً فَإِذا ضوعف ضعفين صَار الْعَذَاب ثلاثةَ أعذِبة.
قلت: هَذَا الَّذِي قَالَه أَبُو عُبَيْدَة هُوَ مَا يَسْتَعْمِلهُ
النَّاس فِي مجَاز كَلَامهم، وَمَا يتعارفونه بَينهم. وَقد قَالَ
الشَّافِعِي شَبِيها بقوله فِي رجل أوصى فَقَالَ: أعْطوا فلَانا ضِعفَ
مَا يُصِيب وَلَدي. قَالَ: يعْطى مثله مرَّتين. قَالَ: وَلَو قَالَ
ضعفَيْ مَا يُصِيب وَلَدي، نظرتَ، فَإِن أصَاب مائَة أعطيتَه
ثَلَاثمِائَة.
قلت: وَقد قَالَ الْفراء شَبِيها بقولهمَا فِي قَول الله عزّ وجلّ:
{يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْىَ الْعَيْنِ} (آل عِمرَان: 13) .
قلت: والوصايا يسْتَعْمل فِيهَا الْعرف الَّذِي فِي خطابهم مَوْضُوع
كَلَام الْعَرَب يذهب إِلَيْهِ وَهْمُ الموصِي والموصَى إِلَيْهِ،
وَإِن كَانَت اللُّغة تحْتَمل غَيره يتعارفه المخاطِب والمخاطب، وَمَا
يسْبق إِلَى الأفهام من شَاهد الْمُوصي مِمَّا ذهب وهمه إِلَيْهِ
كَذَلِك. وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن ابْن عباسٍ وَغَيره. فَأَما كتاب الله
عزّ وجلّ فَهُوَ عربيٌّ مُبين، ويردّ تَفْسِيره إِلَى الْموضع الَّذِي
هُوَ صِيغَة ألسنتها، وَلَا يُستعمل فِيهِ الْعرف إِذا خالفَتْه
اللُّغَة. والضِّعف فِي كَلَام الْعَرَب: المِثْل إِلَى مَا زَاد،
وَلَيْسَ بمقصور على مثلين، فَيكون مَا قَالَه أَبُو عُبَيْدَة
صَوَابا، يُقَال هَذَا ضِعْف هَذَا أَي مِثْلُه، وَهَذَا ضعفَاهُ أَي
مثلاه. وَجَائِز فِي كَلَام الْعَرَب أَن تَقول: هَذَا ضِعفاه أَي
مثلاه وَثَلَاثَة أَمْثَاله، لِأَن الضعْف فِي الأَصْل زِيَادَة غير
محصورة. أَلا ترى قَول الله عزّ وجلّ: {وَعَمِلَ صَالِحاً
فَأُوْلَائِكَ لَهُمْ جَزَآءُ
(1/304)
الضِّعْفِ} (سَبَإ: 37) لم يُرِدْ بِهِ
مِثْلاً وَلَا مثلَين، ولكنَّه أَرَادَ بالضِّعف الْأَضْعَاف، وأَولى
الْأَشْيَاء بِهِ أَن يُجعلَ عشرةَ أَمْثَاله، لقَوْل الله جلّ وعزّ:
{مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ
بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلاَّ مِثْلَهَا} (الأنعَام: 160) فأقلُّ الضعْف مَحْصُور
وَهُوَ الْمثل، وَأَكْثَره غير مَحْصُور. وَأما قَول الله تَعَالَى:
{بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا} (الأحزَاب: 30) إنّهما
ضعفانِ اثْنَان فَإِن سِيَاق الْآيَة وَالْآيَة الَّتِي بعْدهَا دلّ
على أنّ المُرَاد من قَوْله {ضِعْفَيْنِ} (البَقَرَة: 265) مَرَّتينِ.
أَلا ترى قَوْله بعد ذكر الْعَذَاب: {اللَّهِ يَسِيراً وَمَن يَقْنُتْ
مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَآ أَجْرَهَا
مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً} (الأحزَاب: 31) .
فَإِذا جعل الله لأمّهات الْمُؤمنِينَ من الْأجر مثلَيْ مَا لغيرهنّ من
نسَاء الأمَّة تَفْضِيلًا لهنّ عليهنّ، فَكَذَلِك إِذا أَتَت بفاحشةٍ
إحداهُنَّ عُذبتْ مثلَيْ مَا يعذَّب غَيرهَا. وَلَا يجوز أَن تُعطَى
على الطَّاعَة أجرَين، وعَلى الْمعْصِيَة أَن تعذّبَ ثَلَاثَة أعذبة.
وَهَذَا الَّذِي قلتُه قولُ حُذّاق النَّحْوِيين وقولُ أهل
التَّفْسِير. وَإِذا قَالَ الرجل لصَاحبه: إِن أَعْطَيْتنِي درهما
كافأتك بضعفين، فَمَعْنَاه بِدِرْهَمَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاجُ فِي قَول الله: {فَئَاتِهِمْ
عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ} (الأعرَاف: 38) قَالَ: عذَابا
مضاعفاً؛ لأنّ الضِّعف فِي كَلَام الْعَرَب على ضَرْبَيْنِ: أَحدهمَا
الْمثل، وَالْآخر أَن يكون فِي معنى تَضْعِيف الشَّيْء {قَالَ لِكُلٍّ
ضِعْفٌ} (الأعرَاف: 38) أَي للتابع والمتبوع؛ لأنّهم قد دخلُوا فِي
الْكفْر جَمِيعًا، أَي لكلَ عذابٌ مضاعف.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَواةِ
وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} (الإسرَاء: 75) أَي أذقْناك ضِعفَ عَذَاب
الْحَيَاة وضِعفَ عَذَاب الْمَمَات، ومَعناهما التَّضْعِيف.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {عِندَ اللَّهِ وَمَآ ءاتَيْتُمْ مِّن زَكَواةٍ
تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَائِكَ} (الرُّوم: 39) مَعْنَاهُ
الداخلون فِي التَّضْعِيف، أَي يُثابون الضِّعْف الَّذِي قَالَ الله
تَعَالَى: {وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَائِكَ لَهُمْ جَزَآءُ الضِّعْفِ}
(سَبَإ: 37) .
وَالْعرب تَقول ضاعفت الشَّيْء وضعّفته، بِمَعْنى وَاحِد. وَمثله
امْرَأَة مُناعَمة ومنعَّمة، وصاعَر المتكبّر خَدَّه وصعّره، وعاقدت
وعقّدت، وعاقبت وعقّبت، بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: المضعوف من أضعفتُ الشَّيْء وَأنْشد
قَول لبيد:
وعالَين مضعوفاً وفَرداً سُموطُه
جُمانٌ ومَرجانٌ يشكُّ المفاصلا
وَأما قَول الله عزّ وجلّ: {مُّسْلِمُونَ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُمْ
مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن}
(الرُّوم: 54) قَالَ قَتَادَة: {اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُمْ} (الرُّوم:
54) قَالَ: من النُّطفة. {ضَعْفٍ قُوَّةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ}
(الرُّوم: 54) ، قَالَ: الهَرَم. وَفِيه لُغَتَانِ: الضَّعْف
والضُّعْف. وَقَرَأَ عَاصِم وَحَمْزَة: {علم أَن فِيكُم ضعفا و:
{فَهُمْ مُّسْلِمُونَ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ
جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةٍ ثُمَّ جَعَلَ} (الرُّوم: 54) بِفَتْح
الضَّاد فيهمَا. وَقَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَنَافِع وَابْن
عَامر وَالْكسَائِيّ: (من ضُعْفٍ) و (ضُعْفاً) بِضَم الضَّاد، وهما
لُغَتَانِ. وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال ضعف الرجل يضعف ضَعفاً وضُعفاً،
وَهُوَ خلاف القُوّة قَالَ:
(1/305)
وَمِنْهُم من يَقُول: الضَّعف فِي الْعقل
والرأي، والضُّعف فِي الْجَسَد. قلت: هما عِنْد جمَاعَة أهل الْبَصَر
باللغة لُغَتَانِ جَيِّدتان مستعملتان فِي ضَعف الْبدن وضَعف الرَّأْي.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن عُثْمَان بن سعيد عَن سلاّم الْمَدَائِنِي
عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء عَن نَافِع عَن ابْن عمر أنّ رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَهَا: (خَلقكُم من ضُعْف) .
وَيُقَال أضعفت فلَانا: أَي وجدته ضَعِيفا؛ وضعّفته، أَي صيّرته
ضَعِيفا، واستضعفته، أَي وجدته ضَعِيفا أَيْضا. وَقَالَ اللَّيْث:
يُقَال أضعفت الشَّيْء وضاعفتُه، إِذا زدتَ على أصل الشَّيْء فَجَعَلته
مثلين أَو أَكثر من ذَلِك.
أَبُو عَمْرو: أَضْعَاف الْجَسَد: عِظامه، الْوَاحِد ضِعف قَالَ:
وَيُقَال أَضْعَاف الْجَسَد: أعضاؤه وَيُقَال فلانٌ ضَعِيف مُضْعِف،
فالضّعيف فِي بدنه، والمضْعِف: الَّذِي دابّته ضَعِيفَة، كَمَا يُقَال
فلانٌ قويٌ مُقّوٍ، فالقويّ فِي بدنه، والمُقْوِي: الَّذِي دابّته
قويّة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: رجلٌ مضعوف ومهبوتٌ، إِذا كَانَ فِي عقله
ضَعف.
شمر: وَمن الدُّروع المضاعَفة، وَهِي الَّتِي ضُوعِف حَلقُها.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للرجل إِذا انتشرتْ ضيعتُه وكثُرت: أضعفَ
الرَّجلُ فَهُوَ مُضْعِف. والأَضعاف: الْجوف قَالَ رؤبة:
فِيهِ ازدهافٌ أيُّما ازدهافِ
وَالله بَين القلبِ والأضعافِ
فأضعاف الْجَسَد: عِظامه، الْوَاحِد ضِعْف. والضَّعَف: الثِّيَاب
المضعَّفة، على مِثَال النَّفَض بِمَعْنى المنفوض. قَالَ الأفوه:
تَتبعُ أسلافَنا عِينٌ مخدَّرة
من تَحت دَوْلجِهنَّ الرَّيْطُ والضَّعَفُ
وأرضٌ مُضْعَفة: أَصَابَهَا مطرٌ ضَعِيف.
ابْن بزرج: رجل مضعوف وضَعوف وَضَعِيف قَالَ: وَرجل مغلوبٌ وغَلوب،
وبعيرٌ معجوف وعَجيف وعجوف وأعجف، وناقة عجوف وعجيف، وَكَذَلِكَ
امْرَأَة ضعوف. وَيُقَال للرجل ضَعِيف، إِذا كَانَ ضَرِير البصَر.
وتضعَّفت الرجل، إِذا استضعفتَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجل مضعوف ومَهْبوت ومرثوء، إِذا كَانَ
فِي عقله ضعف.
ضفع: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ضَفَع الرجل يَضفَع ضفعاً، إِذا
أبدى.
وَقَالَ اللَّيْث: ضَفع، إِذا أحدثَ. وفَضَعَ لغةٌ فِي ضَفَعَ، وَهُوَ
الإبداء.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: نَجْو الْفِيل الضَّفْع، وَجلده الحَوْران،
وباطن جلده الحِرْصِيان.
قلت: والضفْعانة: ثَمَرَة السَّعدانة ذَات الشّوك، وَهِي مستديرة
كَأَنَّهَا فَلْكة، لَا ترَاهَا إِذا هاجَ السَّعدانُ وانتثر ثَمَرهَا
إلاّ مسلنْقيةً قد كَشَرَتْ عَن شَوْكهَا وانتصَّت لقَدَم من
يَطَؤُهَا، وَالْإِبِل تسمَن على السَّعدان وتطيب عَلَيْهِ
أَلْبَانهَا.
(بَاب الْعين وَالضَّاد مَعَ الْبَاء)
عضب، ضبع، بضع، بعض: مستعملة
(1/306)
عضب: قَالَ الشَّافِعِي فِي الْمَنَاسِك:
(وَإِذا كَانَ الرجل معضوباً لَا يسْتَمْسك على الرَّاحِلَة فحجَّ
عَنهُ رجلٌ فِي تِلْكَ الْحَالة فإنّه يَجْزِيه) . والمعضوب فِي كَلَام
الْعَرَب: المخبول الزَّمِن الَّذِي لَا حَراكَ بِهِ. يُقَال عضبَتْهُ
الزَّمانةُ تَعضِبه عَضباً، إِذا أقعدته عَن الْحَرَكَة وأزمنَتْه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: العَضَب: الشَّلَل، والعَرَج والخبَل.
وَقَالَ شمر: يُقَال عضبت يَده بِالسَّيْفِ، إِذا قطعتَها. وَتقول: لَا
يَعضِبُك الله، وَلَا يَعضِب الله فلَانا، أَي لَا يَخْبِله الله
وإنَّه لمعضوب اللِّسَان، إِذا كَانَ مَقْطُوعًا عَييّاً فَدْماً.
وَفِي مثلٍ: (إنَّ الْحَاجة ليَضِبُها طلبُها قبلَ وَقتهَا) . يَقُول:
يقطعهَا ويُفسدها. والعَضَب فِي الرمْح: الْكسر؛ وَيُقَال عَضِب قَرنُه
عَضَباً. قَالَ: وَتَدْعُو العربُ على الرجل فَتَقول: مَاله عضَبَه
الله يدعونَ عَلَيْهِ بِقطع يَده وَرجله.
وروى أَبُو عُبَيْدَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بِإِسْنَادِهِ، أَنه (نَهَى أَن يضحَّى بالأعضَبِ القَرْنِ والأذُن) ،
قَالَ أَبُو عبيد: الأعضب: المكسور الْقرن الدَّاخِل قَالَ: وَقد يكون
العَضَب فِي الْأذن أَيْضا. فَأَما الْمَعْرُوف فَفِي القَرْن وَأنْشد
للأخطل:
إنَّ السيوفَ غُدوَّها ورواحَها
تركت هوازنَ مثلَ قرنِ الأعضَب
قَالَ أَبُو عبيد: وأمّا نَاقَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
الَّتِي كَانَت تسمَّى العضْباء، فَلَيْسَ من هَذَا، إِنَّمَا ذَاك
اسمٌ لَهَا سمِّيت بِهِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال عضبتُه بالعصا، إِذا ضربتَه بهَا،
أعضِبُه عضْباً. وَيُقَال عضبتُه بالرُّمح أَيْضا، وَهُوَ أَن يشغَله
عَنهُ. وَقَالَ غَيره: عَضَب عَلَيْهِ، أَي رجَع عَلَيْهِ. وفلانٌ
يُعاضِب فلَانا، أَي يرادّه. وَقَالَ الأصمعيّ: إِنَّك لتَعضِبُني عَن
حَاجَتي، أَي تقطعني عَنْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: العَضْب: القَطْع؛ يُقَال عضَبَه يَعضِبُه، أَي
قَطَعه. والعَضْب: السَّيْف الْقَاطِع.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للغلام الحادِّ الرَّأْس
الْخَفِيف الْجِسْم: عَضْب، ونَدْبٌ، وشَطْب، وشَهْب، وعَصْب، وعَكْب،
وسَكْب.
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: يُقَال لولد الْبَقَرَة إِذا طلع قرنُه،
وَذَلِكَ بَعْدَمَا يَأْتِي عَلَيْهِ حولٌ: عَضْب، وَذَلِكَ قبل
إجذاعه. وَقَالَ الطائفيّ: إِذا قُبِض على قرنه فَهُوَ عَضْبٌ،
وَالْأُنْثَى عَضبة، ثمَّ جَذَع، ثمَّ ثَنِيٌّ، ثمَّ رَباعٍ، ثمَّ
سَدَسٌ، ثمَّ التَّمَم والتَّمَمة. فَإِذا استجمعت أسنانُه فَهُوَ
عَمَمٌ.
ضبع: شمر عَن ابْن الأعرابيّ: الضَّبْع من الأَرْض: أكمة سوداءُ
مستطيلة قَلِيلا.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّ رجلا أَتَاهُ
فَقَالَ: (يَا رسولَ الله أكلَتْنا الضَّبُع) قَالَ أَبُو عبيد:
الضَّبُع هِيَ السّنة المُجْدبة. وَأنْشد:
أبَا خُراشةَ أمّا أنتَ ذَا نفرٍ
فإنّ قوميَ لم تأكلهمُ الضَّبُعُ
والضَّبُع: الْأُنْثَى من الضِّباع. وَيُقَال للذّكر ضِبعانٌ وَيجمع،
ضُبْعاً وضِباعاً ومَضْبَعة. وأمّا الضَّبْعُ بِسُكُون الْبَاء فَهُوَ
العَضُدُ؛ يُقَال أخَذ بضَبْعيه، أَي بعضُديه.
(1/307)
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: الاضطباع
بِالثَّوْبِ: أَن يُدخل رِدَاءَهُ تَحت يَده الْيُمْنَى ثمَّ يُلقِيَه
على عَاتِقه الْأَيْسَر، كَالرّجلِ يُرِيد أَن يعالجَ أمرا فيتهيّأ
لَهُ. يُقَال قد اضطبعتُ بثوبي. وَهُوَ مَأْخُوذ من الضَّبْع، وَهُوَ
العضُد.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا لوى الفرسُ حافرَه إِلَى عَضُدِه
فَذَلِك الضَّبْع، فَإِذا هَوَى بحافره إِلَى وحشيِّه فَذَلِك الخِناف.
وَيُقَال ضَبَعت النَّاقة تَضبَع ضَبْعاً، وضبّعت تضبيعاً، إِذا مدَّت
ضَبْعَيها فِي سَيرهَا واهتزَّت. وَيُقَال ضَبَع الرجُل يَضْبَعُ
ضَبْعاً، إِذا رفَعَ يَدَيْهِ بالدُّعاء. وَمِنْه قَول الراجز:
وماتَنِي أيدٍ علينا تَضْبَعُ
وَيُقَال ضابعناهم بِالسُّيُوفِ، أَي مددنا أيديَنا إِلَيْهِم
بالسُّيوف ومدُّوها إِلَيْنَا. وَقَالَ الراجز:
لَا صُلحَ حتّى تضبعوا ونضبعا
وَيُقَال ضَبَعَوا لنا من الطَّريق ضَبْعاً، أَي جعلُوا لنا فِيهِ
قسما، كَمَا تَقول: ذَرعوا لنا طَرِيقا.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: ضَبَع القومُ للصُّلح، أَي مالوا إِلَيْهِ
وأرادوه. قَالَ شمر: وَلم أسمعْ هَذَا إلاّ لأبي عَمْرو، وَهُوَ من
نوادره. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: مرّت النَّجائبُ ضوابعَ. وضَبْعها: أَن
تَهوى بأخفافها إِلَى العَضُد إِذا سَارَتْ.
أَبُو سعيد: الضَّبْع: الجَور. وَفُلَان يَضْبَع، أَي يجور.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الضُّبْع: فنَاء الْإِنْسَان، يُقَال كنّا
فِي ضُبْعٍ فلانٍ، أَي فنائه. قَالَ: والضَّبُع: السّنة المُهلِكة.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال للناقة إِذا أَرَادَت الْفَحْل: قد
ضَبِعَتْ ضَبَعةً. وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال أضبعَتْ فَهِيَ مُضْبِعة.
قَالَ: والمَضبَعة: اللَّحْم الَّذِي تَحت الْإِبِط من قُدُم. وفرسٌ
ضابع وَجمعه ضوابع، وَهُوَ الْكثير الجري. وضُبَيعة: قَبيلَة فِي
ربيعَة. وضُبَاعة: اسْم امْرَأَة.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : حِمارٌ مضبوع، ومخنوق، ومذءوب، أَي
بِهِ خُنَاقِيَّةٌ وذئبة، وهما داءان. وَمعنى المضبوع دعاءٌ عَلَيْهِ
أَن تَأْكُله الضبع.
بضع: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي وَأبي زيد: إِذا شرِب حَتَّى يرْوى
قَالَ بَضَعت أبضَع، وَقد أبضَعَني. وَقَالَ أَبُو زيد: بضَعتُ بِهِ
وَمِنْه بُضوعاً. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَعْطيته بَضعةً من اللَّحْم
وَجَمعهَا بِضَع، إِذا أعطَاهُ قِطْعَة مجتمعة. وَمثلهَا الهَبرة.
وَقَالَ اللَّيْث: بضَعت اللَّحْم بَضْعاً وبضّعته تبضيعاً، إِذا
قطّعته، وإنّ فلَانا لشديد البَضْعة حسَنُها، إِذا كَانَ ذَا جِسمٍ
وسِمَن. قَالَ: والبضيع: اللَّحْم أَيْضا وَأنْشد:
خاظي البضيع لحمُه خَظَا بَظَا
قَالَ: وَبَضعتُ من صَاحِبي بُضوعاً، إِذا أمرتَه بِشَيْء فَلم
يَفْعَله، فدخَلَك مِنْهُ مَا سئمت من أَن تَأمره أَيْضا بِشَيْء.
سَلمَة عَن الْفراء: بَضْعة وبَضْع مثل تَمْرة وتَمْر، وبَضْعة
وبَضَعات مثل تَمْرة وتَمَرات، وبَضْعة وبِضَع مثل بَدْرة وبِدَر،
وَبضْعَة وبِضاع مثل صَحْفَة وصحاف.
(1/308)
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: البضيع:
الجزيرة فِي الْبَحْر. والبضيع: اللَّحْم. قَالَ سَاعِدَة الْهُذلِيّ:
سادٍ تجَرَّم بالبَضِيعِ ثمانيا
يُلوِي بِعَيقات البحور ويُجنَبُ
سادٍ مقلوب من الإسآد، وَهُوَ سَيْر اللَّيْل. تجَرَّم فِي البَضِيع،
أَي أَقَامَ فِي الجزيرة. يُلوِي بعَيْقات، أَي يذهب بِمَا فِي ساحات
الْبَحْر. ويُجنَب، أَي يُصيبه الجَنوب.
وَيُقَال جبهتُه تتبضَّع، أَي تسيل عرقاً. قَالَه الأصمعيُّ. وَقَالَ
أَبُو ذُؤَيْب:
إلاّ الحميمَ فَإِنَّهُ يتبضَّعُ
قَالَ: يتبضَّع: يتفتَّح بالعرق ويسيل متقطِّعاً قَالَ: والبُضَيع:
اسْم مَوضِع وَأنْشد لحسان:
فالبُضَيع فحَوملِ
وَقَالَ الله: {فَلَبِثَ فِى السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} (يُوسُف: 42)
قَالَ الْفراء: البِضع: مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى مَا دون الْعشْرَة.
وَقَالَ شمر: البِضْع لَا يكون أقلَّ من ثَلَاث وَلَا أكثرَ من عَشرة.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَقمت عِنْده بِضْع سِنِين. وَقَالَ بَعضهم: بَضْع
سِنِين. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: البِضْع: مَا لم يبلغ العَقْدَ وَلَا
نصفَه، يُرِيد مَا بَين الْوَاحِد إِلَى أَرْبَعَة. وَقَالَ اللَّيْث:
البِضْع: مَا بَين ثَلَاثَة إِلَى عشرَة. وَيُقَال الْبضْع سَبْعَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال لَهُ بضعَة وَعِشْرُونَ رجلا وَله بضع
وَعِشْرُونَ امْرَأَة.
وَقَالَ الله عزّ وجلّ: {وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ} (يُوسُف:
88) البضاعة: السِّلعة، وَأَصلهَا الْقطعَة من المَال الَّذِي يُتْجَر
فِيهِ، وَأَصلهَا من البَضْع وَهُوَ القَطْع. وَقَالَ أَبُو
الْعَبَّاس: البِضاعة: جُزْء من أَجزَاء المَال. قَالَ: والبِضْع من
أربعٍ إِلَى تسع. قَالَ: وَقَالَ الْفراء: يُقَال للسُّيوف بَضَعة
وَاحِدهَا باضع وللسِّياط خَضَعة، وَاحِدهَا خاضع. قَالَ: والباضع فِي
الْإِبِل مثل الدَّلاّل فِي الدُّور. قَالَ: وَاخْتلف النَّاس فِي
البُضْع، فَقَالَ قوم: هُوَ الْفرج، وَقَالَ قوم: هُوَ الْجِمَاع.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: بضَعتُه بالْكلَام وأبضَعته، وَهُوَ أَن
تبيِّن لَهُ مَا تنازعه حتَّى يشتفيَ كَائِنا من كَانَ. وَقَالَ
الأصمعيّ: يُقَال مَلك فلانٌ بُضْعَ فُلَانَة، إِذا ملك عُقدَة
نِكَاحهَا، وَهُوَ كِنَايَة عَن مَوضِع الغِشْيان. وَقَالَ بعضُهم:
ابتضعَ فلانٌ وبَضَع، إِذا تزوَّج. والمباضعة: الْمُبَاشرَة، يُقَال
باضَعَها مباضعَةً، إِذا جامَعَها، وَالِاسْم البُضْع.
اللَّيْث: يُقَال بضعتُه فانبضَع وبَضَع، أَي بيّنته فتبيَّنَ. قَالَ:
والباضعة من الْغنم: قطعةٌ انقطعَتْ عَنْهَا، تَقول فِرْقٌ بَواضع.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي وَغَيره: الباضعة من الشجاج: الَّتِي
تشُجُّ اللَّحْم تَبضَعه بعد الْجلد وَبعد المتلاحِمة.
أَبُو سعيد: هُوَ شَرِيكي وبَضِيعي، وهم بُضَعائي وشركائي. وَقَالَ
أَوْس بن حجر يصف قوساً:
ومَبضوعةً من رأسِ فَرعِ شظيّةٍ
يَعْنِي قوساً بَضَعَها، أَي قطَعها.
(1/309)
وَيُقَال أبضَعْت بضَاعَة للْبيع كائنة مَا
كَانَت.
بعض: قَالَ الله جلّ وعزّ فِي قصَّة مُؤمن آل فِرْعَوْن وَمَا أجراه
على لِسَانه فِيمَا وعظَ بِهِ آل فِرْعَوْن: {رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ
كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ
الَّذِى} (غَافر: 28) . أَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أنّه
قَالَ فِي تَفْسِير قَوْله: {صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِى}
(غَافر: 28) ، قَالَ: كل الَّذِي يَعدكُم، أَي إِن يكنْ مُوسَى صَادِقا
يُصبْكم كل الَّذِي ينذركم ويتوعّدكم بِهِ، لَا بعضٌ دونَ بعض، لأنّ
ذَلِك من فعل الكُهَّان، وأمّا الرُّسُل فَلَا يُوجد عَلَيْهِم وعدٌ
مَكْذُوب. وَأنْشد:
فياليتَه يُعفَى ويُقرِعُ بَيْننَا
عَن الْمَوْت أَو عَن بعض شكواه مُقْرِعُ
لَيْسَ يُرِيد عَن بعض شكواه دونَ بعض، بل يُرِيد الكلّ، وَبَعض ضدُّ
كلّ. وَقَالَ ابْن مُقْبل يُخَاطب ابنَتيْ عَصَر:
لَوْلَا الحياءُ وَلَوْلَا الدِّين عِبتُكما
بِبعض مَا فيكما إذْ عِبْتُما عَوَري
أَرَادَ: بكلّ مَا فيكما، فِيمَا يُقَال.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: {كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً
يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِى} (غَافر: 28) : من لطيف الْمسَائِل أَن
النبيَّ ج إِذا وعَدَ وَعدا وقعَ الوعدُ بأسْره وَلم يقعْ بعضُه، فَمن
أَيْن جَازَ أَن يَقُول بعضُ الَّذِي يَعدكُم، وحقُّ اللَّفْظ كلّ
الَّذِي يعدِكم. وَهَذَا بابٌ من النّظر يذهب فِيهِ المُناظِر إِلَى
إِلْزَام الحجّة بأيسر مَا فِي الْأَمر. وَلَيْسَ فِي هَذَا نفيُ
إِصَابَة الكلّ وَمثله قَول القطاميّ:
قد يُدرِك المتأنِّي بعضَ حَاجته
وَقد يكون مَعَ المستَعْجِلِ الزَّلَلُ
وإنّما ذكر الْبَعْض ليوجب لَهُ الكلّ، لَا أنَّ البعضَ هُوَ الكلّ،
ولكنّ الْقَائِل إِذا قَالَ أقلّ مَا يكون للمتأني إِدْرَاك بعض
الْحَاجة، وَأَقل مَا يكون للمستعجل الزَّلَل، فقد أبانَ فضلَ المتأنّي
على المستعجل بِمَا لَا يقدر الخصمُ أَن يدفعَه. وكأنَّ مُؤمنَ آل
فِرْعَوْن قَالَ لَهُم: أقلُّ مَا يكون فِي صدقه أَن يُصِيبكُم بعضُ
الَّذِي يَعدكُم.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى: أجمعَ أهلُ النَّحْو على أنّ
البعضَ شيءٌ من أَشْيَاء، أَو شَيْء من شَيْء، إلاّ هشاماً، فَإِنَّهُ
زعم أَن قَول لبيد:
أَو يعتلقْ بعضَ النُّفوسِ حِمَامُها
فادّعى وَأَخْطَأ أنّ الْبَعْض هَاهُنَا جمع. وَلم يكن هَذَا من عمله،
وإنّما أَرَادَ لبيد بِبَعْض النُّفُوس نَفسه. قَالَ: وَأما جزم (أَو
يعتلقْ) فإنّه ردّه على معنى الْكَلَام الأوّل وَمَعْنَاهُ جَزَاء،
كأنّه قَالَ: وَإِن أخرجْ فِي طلب المَال أُصبْ مَا أمّلت أَو يعتلق
الموتُ نَفسِي. وَقَالَ فِي قَوْله: {صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ
الَّذِى} (غَافر: 28) إنَّه كَانَ وعدَهم شَيْئَيْنِ من الْعَذَاب:
عَذَاب الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة، فَقَالَ: يصبكم هَذَا العذابُ
فِي الدُّنيا، وَهُوَ بعضُ الوعدَين، من غير أَن نَفَى عذابَ
الْآخِرَة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال إنّ بعض الْعَرَب تصل ببعضٍ كَمَا تصل بِمَا.
من ذَلِك قَول الله:
(1/310)
{كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ
بَعْضُ الَّذِى} (غَافر: 28) . قَالَ: وَبَعض كلِّ شيءٍ طَائِفَة
مِنْهُ. وَيُقَال جَارِيَة حُسَّانة يشبه بعضُها بَعْضًا. وبعَّضتُ
الشَّيْء تبعيضاً، إِذا فرَّقتَه أَجزَاء. وبعضٌ مذكّر فِي الْوُجُوه
كلّها. والبعوضة مَعْرُوفَة، والجميع البَعوض.
وَقَالَ الكسائيّ: قومٌ مبعوضون. وَقد بُعِض الْقَوْم، إِذا آذاهم
البعوض. وأبعَضُوا: إِذا كَانَ فِي أَرضهم بعوض. وأرضٌ مَبْعَضة وَرمل
الْبَعُوضَة مَعْرُوفَة بالبادية.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: قلت للأصمعيّ: رَأَيْت فِي (كتاب ابْن المقفّع)
: (الْعلم كثيرٌ ولكنَّ أخْذَ الْبَعْض خيرٌ من تَرك الكُلّ) .
فَأنكرهُ أشدّ الْإِنْكَار وَقَالَ: الْألف وَاللَّام لَا تدخلان فِي
بعض وكلّ؛ لِأَنَّهُمَا معرفَة بِغَيْر ألف وَلَام، وَفِي الْقُرْآن:
{شَآءَ اللَّهُ وَكُلٌّ} (النَّمل: 87) قَالَ أَبُو حَاتِم: وَلَا
تَقول العربُ الكلَّ وَلَا البعضَ، وَقد اسْتَعْملهُ الناسُ حَتَّى
سِيبَوَيْهٍ والأخفش فِي كتبهما، لقلَّة علمهما بِهَذَا النَّحْو،
فاجتنِبْ ذَلِك فَإِنَّهُ لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب.
ع ض م
اسْتعْمل من وجوهها: عضم، معض
عضم: قَالَ اللَّيْث: العَضْم فِي الْقوس: المَعجِس، وَهُوَ المَقبِض،
والجميع العضام. قَالَ: والعضام: عَسِيب الْبَعِير، وَهُوَ ذَنَبُه
العَظْم لَا الهُلْب، وَالْعدَد أعضمة، والجميع العُضُم. والعَضْمُ:
الخَشْبة ذاتُ الْأَصَابِع يذرَّى بهَا. وعَضْم الفدّان: لَوحُه العريض
فِي رَأسه الحديدة تُشقُّ بِهِ الأَرْض.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: هُوَ العَضْم، والعَجْس،
والمَقبِض، كُله بِمَعْنى وَاحِد وأنشدنا:
ربَّ عَضْمٍ رأيتُ فِي وسط ضَهْر
قَالَ: الضَّهر: البُقعة من الْجَبَل يُخَالف لونُها سَائِر لَونه.
قَالَ: وَقَوله (رُبَّ عَضْم) أرادَ أَنه رأى عوداً فِي ذَلِك الْموضع
فقطعَه وعمِل مِنْهُ قوساً. قَالَ: والعَضْم: الحِفْراة الَّتِي
يُذَرَّى بهَا.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: العَضُوم: النَّاقة الصُّلبة فِي بدنهَا،
القويّة على السَّفر. قَالَ: والعَصوم بالصَّاد: الكثيرةُ الْأكل.
معض: اللَّيْث: يُقَال مَعِض الرَّجلُ من شَيْء سمِعه وامتعض مِنْهُ،
إِذا شقَّ عَلَيْهِ وأوجعَه وتوجَّع مِنْهُ وَقَالَ رؤبة:
ذَا مَعَضٍ لَوْلَا يردُّ المعْضا
قَالَ: والفِعل المجاوِز أمعضتُه أَنا إمعاضاً ومعَّضتُه تمعيضاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المعَّاضة من الْإِبِل: الَّتِي ترفع ذَنَبها
عِنْد نتاجها.
(1/311)
(أَبَوا الْعين وَالصَّاد)
ع ص س
ع ص ز
أهملت وجوهها. وَلَا تأتلف الصَّاد مَعَ السِّين وَلَا مَعَ الزَّاي
فِي شَيْء من كَلَام الْعَرَب.
ع ص ط
صعط، صطع.
صعط: قَالَ اللحياني: الصَّعوط والسَّعوط بِمَعْنى وَاحِد. وروى أَبُو
تُرابٍ لَهُ فِي (كِتَابه) : خطيبٌ مِصطَعٌ ومِصْقَعٌ، بِمَعْنى
وَاحِد.
(1/312)
(بَاب الْعين وَالصَّاد مَعَ الدَّال)
(ع ص د)
عصد، صدع، صعد، دعص: مستعملة
عصد: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: يُقَال: عَصَد فلَان يَعْصِد عُصُوداً
إِذا مَاتَ. وَأنْشد شَمِر:
على الرحل ممَّا منَّه السَيْر عاصدُ
وَقَالَ اللَّيْث: العاصد هَهُنَا: الَّذِي يعصِد العَصِيدة أَي
يُديرها ويقلبها بالمِعْصَدة، شبَّه الناعس بِهِ لِخَفَقان رَأسه.
قَالَ: وَمن قَالَ: إِنَّه أَرَادَ الميّت بالعاصد فقد أَخطَأ. ابْن
شُمَيل: تركتُهم فِي عِصْواد وَهُوَ الشَّرّ من قَتْل أَو سِبَاب أَو
صَخَب. وَقد عَصْوَدوا مُنْذُ الْيَوْم عَصْوَدة أَي صاحوا واقتتلوا.
وَقَالَ اللَّيْث: العِصْواد: جَلَبة فِي بَلِيَّة، يُقَال: عَصَدتهم
العَصَاوِيدُ، وهم فِي عِصْواد بَينهم، يَعْنِي البلايَا والخُصُومات.
قَالَ: وَجَاءَت الإبِل عَصَاوِيد: ركِب بعضُها بَعْضًا. وَكَذَلِكَ
عصاويد الْكَلَام. وَقَالَ ابْن شُمَيل: العَصَاويد: العِطَاش من
الإبِل. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: رجُل عِصْواد: عَسِر شَدِيد،
وَامْرَأَة عِصْواد: صَاحِبَة شَرّ. وَأنْشد:
يَا مَيَّ ذَات الطَوق والمِعضادِ
فدتْكِ كُلَّ رَعبَلٍ عِصْوادِ
ووِرْد عِصْواد: مُتْعِب وَأنْشد:
وَفِي القَرَب العِصواد للعِيس سائق
وَقوم عَصَاوِيد فِي الْحَرْب: يلازمون أقرانهم وَلَا يفارقونهم.
وَأنْشد:
لمّا رأيتهمُ لَا دَرْءَ دونهمُ
يدعُون لِحْيان فِي شُعث عصاويد
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : يَوْم عَطَوَّد وعَطَرَّد وعَصَوَّد
أَي طَوِيل. وركِب فلَان عِصْوَدَّة وعِرْبَدَّة إِذا ركِب رَأْيه.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: عَصَد الرجلُ الْمَرْأَة عَصْداً، وعَزَدها
عَزْداً إِذا جَامعهَا. وَقَالَهُ اللَّيْث. قَالَ: وَيُقَال: أعصِدْني
حِمَارك أَي أعِرْنيه لأُنْزِيه على أتَاني. قَالَ: وَرجل عَصِيد
معصود: نَعْت سَوْء. وَيُقَال: عصدتُه على الْأَمر عَصْداً إِذا
أكرهتَه عَلَيْهِ. والعَصْد: اللَيُّ، وَبِه سمِّيت العَصِيدة.
صدع: قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} (الْحجر: 94)
قَالَ بعض المفسّرين: اجهَر بِالْقُرْآنِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق:
{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} : أظهِر مَا تؤمَر بِهِ، أُخِذ من الصَدِيع
(2/5)
وَهُوَ الصُّبْح. قَالَ: وَتَأْويل الصَدْع
فِي الزُجاج: أَن يَبين بعضُه من بعض. وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن
الحَرّانيّ عَن ابْن السِكيت قَالَ: الصَدْع: الفَصْل. وَأنْشد لجرير:
هُوَ الْخَلِيفَة فارضَوا مَا قَضَاهُ لكم
بالحقّ يصدع مَا فِي قَوْله جَنَفُ
قَالَ: يصدع: يفصل ويُنْفِذ. وَقَالَ ذُو الرُمَّة:
فَأَصْبَحت أرمي كلَّ شَبْح وَحَائِل
كَأَنِّي مُسَوَ قِسْمةَ الأَرْض صادع
يَقُول: أَصبَحت أرمي بعيني كل شَبْح وَهُوَ الشَّخْص وَحَائِل: كل
شَيْء يتحرّك. يَقُول: لَا يأخذني فِي عَيْني كسر وَلَا انثناء
كَأَنِّي مُسوّ، يَقُول: كَأَنِّي أُرِيد قِسْمة هَذِه الأَرْض بَين
أَقوام، صادع: قَاض، يصدع: يَفْرُق بَين الحقّ وَالْبَاطِل. وَقَالَ
الفَرّاء: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} (الْحجر: 94) أَي اصدع
بِالْأَمر، أَقَامَ (مَا) مقَام الْمصدر. وَقَالَ ابْن عَرَفة:
{فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر أَي فرّق بَين الحقّ وَالْبَاطِل، من قَوْله
جلّ وعزّ: {مِنَ اللَّهِ} (الرّوم: 43) أَي يتفرقون. وَقَالَ مُجَاهِد:
{بِمَا تُؤمر أَي بِالْقُرْآنِ. قلت: ويسمّى الصُّبْح صَدِيعاً، كَمَا
يسمّى فَلَقاً؛ وَقد انصدع وانفطر وانفلق وانفجر إِذا انشقَّ. وَقَالَ
اللَّيْث: الصَدْع: شَقّ فِي شَيْء لَهُ صلابة. قَالَ: وصدعْت الفلاة
أَي قطعتها فِي وسط جَوْزها. وَكَذَلِكَ صَدَع النهرَ: شقَّه شَقّاً،
وصدع بالحقّ: تكلّم بِهِ جِهاراً. وَقَالَ الله تَعَالَى: {الرَّجْعِ
وَالاََرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} (الطارق: 12) قَالَ الفرّاء: ذَات الصدع:
تتصدع بالنبات. وَقَالَ اللَّيْث: الصَدْع: نَبَات الأَرْض لِأَنَّهُ
يصدع الأَرْض فتصدّع بِهِ. قَالَ: والصَدِيع: انصداع الصُّبْح،
والصَدِيع: رُقعةٌ جَدِيدَة فِي ثوب خَلَق. وَقَالَ لَبِيد:
دعِي اللوم أَو بِيني كشَقّ صَدِيع
قَالَ بَعضهم: هُوَ الرِدَاء الَّذِي شُقَّ صِدْعتين، يضْرب مثلا لكل
فُرْقة لَا اجْتِمَاع بعْدهَا. والصِدْعة والصَدِيع: قِطْعَة من الظباء
والغَنَم. وجَبَل صادع: ذَاهِب فِي الأَرْض طُولاً. وَكَذَلِكَ سَبِيل
صادع ووادٍ صادع. وَهَذَا الطَّرِيق يَصْدَع فِي أَرض كَذَا وَكَذَا.
وَيُقَال: رَأَيْت بَين الْقَوْم صَدَعات أَي تفرّقاً فِي الرَّأْي
والهَوَى، يُقَال: أصلِحوا مَا فِيكُم من الصَدَعات أَي اجتمِعوا وَلَا
تتفرّقوا. وَقَالَ اللَّيْث: الصُدَاع: وَجَع الرَّأْس، وَقد صُدِّع
الرجل تصديعاً. قَالَ: وَيجوز فِي الشّعْر صُدِع فَهُوَ مصدوع
بِالتَّخْفِيفِ. وتصدّع القومُ: تفرّقوا. الحَرّاني عَن ابْن السّكيت:
الصَّدْع فِي الزُجَاجة والحائط وَغَيرهمَا. والصَدَع: الوَعِل بَين
الوَعِلين: لَيْسَ بالعظيم وَلَا بالشَّخْت. وَكَذَلِكَ هُوَ من
الظِباء. وَأنْشد:
يَا رُبّ أبَّازٍ من العُفْر صَدَعْ
تقبَّض الذئبُ إِلَيْهِ فاجتَمَعْ
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّدَع: الفَتِيّ من الأوعال. قَالَ: وَيُقَال:
هُوَ الرجل الشابّ الْمُسْتَقيم القناةِ. عَمْرو عَن أَبِيه:
الصَّدِيع: الثَّوْب المشقَّق. والصديع: الصُّبْح. أَبُو الْعَبَّاس
عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله تَعَالَى: {فَاصْدَعْ بِمَا
تُؤْمَرُ} أَي شُقّ جماعاتهم بِالتَّوْحِيدِ.
(2/6)
وَقَالَ غَيره: أظهِر التَّوْحِيد وَلَا
تَخَفْ أحدا. وَقَالَ غَيره: فرّق القَوْل فيهم مُجْتَمعين وفُرَادَى.
قَالَ ثَعْلَب: وَسمعت أَعْرَابِيًا كَانَ يحضر مجْلِس ابْن الأعرابيّ
يَقُول: معنى (اصدع بِمَا تُؤمر) أَي اقصد بِمَا تُؤمر. قَالَ:
وَالْعرب تَقول: اصدَع فلَانا أَي اقصده لِأَنَّهُ كريم. أَبُو عُبَيد
عَن أبي زيد: الصِرْمة والقِصْلة والحُدْرة: مَا بَين الْعشْرَة إِلَى
الْأَرْبَعين من الْإِبِل، فَإِذا بلغتْ سِتّين فَهِيَ الصِدْعة.
وَقَالَ ابْن السِكّيت: رجل صَدَع وصَدْع وَهُوَ الضَرْب الْخَفِيف
اللحِم، وَأما الوَعِل فَلَا يُقَال فِيهِ إِلَّا صَدَع: وَعِل بَين
وَعِلين.
صعد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى
أحَدٍ} (آل عمرَان: 153) الْآيَة قَالَ الفرّاء: الإصعاد: فِي
ابْتِدَاء الْأَسْفَار والمخارج؛ تَقول أصعدنا من مكَّة وأصعدنا من
الْكُوفَة إِلَى خُرَاسَان، وَمن بَغْدَاد إِلَى خُرَاسَان وَأَشْبَاه
ذَلِك، فَإِذا صعِدت فِي السُلَّم أَو الدرجَة وأشباهه قلت: صَعِدت
وَلم تقل: أصعدت. وَقَرَأَ الْحسن: (إِذْ تَصْعَدون) جعل الصُعود فِي
الْجَبَل كالصعود فِي السُّلّم. وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن
الحَرّانيّ عَن ابْن السكيّت قَالَ: يُقَال: صعِد فِي الْجَبَل وأصعد
فِي الْبِلَاد. وَيُقَال: مَا زلنا فِي صَعُود، وَهُوَ الْمَكَان فِيهِ
ارْتِفَاع. قَالَ: وَقَالَ أَبُو صَخْر: يكون النَّاس فِي مباديهم،
فَإِذا يبِس البقلُ وَدخل الحَرّ أخذُوا إِلَى مَحَاضرهم، فَمن أمَّ
القِبلة فَهُوَ مُصْعِد، وَمن أمّ الْعرَاق فَهُوَ منحدر. قلت: وَهَذَا
الَّذِي قَالَه أَبُو صَخْر كَلَام عربيّ فصيح، سَمِعت غير وَاحِد من
الْعَرَب يَقُول: عَارَضنَا الحاجّ فِي مَصْعدهم أَي فِي قصدهم مكَّة،
وعارضناهم فِي مُنْحَدرهم أَي فِي مَرْجِعهم إِلَى الْكُوفَة من مكّة.
وَقَالَ ابْن السِكّيت: قَالَ لي عُمَارة: الإصعاد إِلَى نَجْد
والحِجاز واليمن والانحدار إِلَى الْعرَاق وَالشَّام وعُمَان. قلت:
وَهَذَا يشاكل كَلَام أبي صَخْر. وَقَالَ الْأَخْفَش: أصعد فِي
الْبِلَاد: سَار وَمضى، وأصعد فِي الْوَادي: انحدر فِيهِ، وأمَّا صعِد
فَهُوَ ارتقاء. أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد وَأبي عَمْرو يُقَال: أصعد
الرجل فِي الْبِلَاد حَيْثُ توجّه. وَقَالَ غَيرهم: أصعدت السفينةُ
إصعاداً: إِذا مدَّت شِرَاعها فَذَهَبت بهَا الرّيح صُعُداً. وَقَالَ
اللَّيْث: صعِد إِذا ارْتقى، واصَّعَّد يَصَّعَّدُ إصّعّاداً فَهُوَ
مصَّعِّد إِذا صَار مستقبِل حَدُور أَو نهر أَو وادٍ أَو أَرض أرفع من
الْأُخْرَى. قَالَ: وصَعّد فِي الْوَادي إِذا انحدر. قلت: والاصَّعَّاد
عِنْدِي مثل الصُعُود؛ قَالَ الله تَعَالَى: {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ
فِى السَّمَآءِ} (الْأَنْعَام: 125) يُقَال: صعِد واصَّعّد واصَّاعَد
بِمَعْنى وَاحِد. وَقَالَ الله تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً
طَيِّباً} (النِّساء: 43) قَالَ الفرّاء فِي قَوْله تَعَالَى:
{صَعِيداً جُرُزاً} (الْكَهْف: 8) : الصَّعِيد: التُّرَاب، وَقَالَ
غَيره: هِيَ المستوية. وَقَالَ أَبُو عُبَيدة فِي قَول النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم (إيّاكم والقُعود بالصُعُدات) : قَالَ: الصُعُدات:
الطُرُق، مَأْخُوذَة من الصَعيد، وَهُوَ التُّرَاب. وَجمع الصَّعِيد
صُعُد، ثمَّ صُعُدات جمع الْجمع. وَقَالَ الشَّافِعِي فِيمَا رُوِي لنا
عَن الرّبيع لَهُ: لَا يَقع اسْم صَعِيد إلاّ على تُرَاب ذِي
(2/7)
غُبار. فأمّا الْبَطْحَاء الغليظة والرقيقة
والكَثِيب الغليظ فَلَا يَقع عَلَيْهِ اسْم صَعِيد وَإِن خالطه تُرَاب
أَو صَعِيد أَو مَدَر يكون لَهُ غُبَار كَأَن الَّذِي خالطه الصعيدَ.
قَالَ: وَلَا يَتيَمم بنُورة وَلَا كُحل وَلَا زِرْنيخ، وكل هَذَا
حِجَارَة. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق بن السرِيّ: الصَّعِيد: وَجه
الأَرْض. قَالَ: وعَلى الْإِنْسَان أَن يضْرب بيدَيْهِ وَجه الأَرْض،
وَلَا يُبَالِي أَكَانَ فِي الْموضع تُرَاب أَو لم يكن؛ لِأَن
الصَّعِيد لَيْسَ هُوَ التُّرَاب، إِنَّمَا هُوَ وَجه الأَرْض، تُرَابا
كَانَ أَو غَيره. قَالَ: وَلَو أَن أَرضًا كَانَت كلهَا صخراً لَا
تُرَاب عَلَيْهِ ثمَّ ضرب المتيمِّمُ يَده على ذَلِك الصخر لَكَانَ
ذَلِك طَهُوراً إِذا مَسَح بِهِ وَجهه. قَالَ الله جلّ وعزّ:
{فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} (الْكَهْف: 40) فأعلمك أَن الصَّعِيد
يكون زَلَقاً.
والصُعُدات: الطُرُق، وسمّي صَعيداً لِأَنَّهُ نِهَايَة مَا يُصْعَد
إِلَيْهِ من بَاطِن الأَرْض لَا أعلم بَين أهل اللُّغَة اخْتِلَافا
فِيهِ أَن الصَّعِيد وَجه الأَرْض. قلت: وَهَذَا الَّذِي قَالَه أَبُو
إِسْحَاق أَحْسبهُ مَذْهَب مَالك وَمن قَالَ بقوله وَلَا أستيقنه.
فأمَّا الشافعيّ والكوفيّون فالصعيد عِنْدهم التُّرَاب. وَقَالَ
اللَّيْث: يُقَال للحديقة إِذا خَرِبت وَذهب شَجْراؤها: قد صَارَت
صَعِيدا أَي أَرضًا مستوية لَا شجر فِيهَا. شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ:
الصَّعِيد: الأرضُ بِعَينهَا، وَجَمعهَا صُعُدات وصِعْدان. وَقَالَ
أَبُو عُبَيد: الصُعُدات: الطُرُق فِي قَوْله: (إيَّاكُمْ وَالْقعُود
بالصُعُدات) . قَالَ: وَهِي مَأْخُوذَة من الصَّعيد وَهُوَ التُّرَاب،
وَجمعه صُعُد ثمَّ صُعُدات مثلُ طَرِيق وطُرُق وطُرُقات قَالَ: وَقَالَ
غَيره: الصَّعِيد: وَجه الأَرْض البارزُ قلَّ أَو كثر. تَقول: عَلَيْك
الصعيدَ أَي اجْلِسْ على وَجه الأَرْض.
وَقَالَ جرير:
إِذا تَيْم ثوتْ بصعيد أَرض
بَكت من خُبْث لؤمهم الصعيدُ
وَقَالَ فِي أُخْرَى:
والأطيبين من التُّرَاب صَعِيدا
سَلَمة عَن الفرّاء، قَالَ: الصَّعِيد: التُّرَاب، والصعيد: الأَرْض،
والصعيد: الطَّرِيق يكون وَاسِعًا وضيّقاً، والصعيد: الْموضع العريض
الْوَاسِع. والصعيد: الْقَبْر.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {عَنِيداً سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً} (المدَّثِّر:
17) قَالَ اللَّيْث وَغَيره: الصَّعُود: ضِدّ الهَبُوط، وَهِي
بِمَنْزِلَة العَقَبة الكَئُود، وَجَمعهَا الأصْعِدة. وَيُقَال:
لأُرهِقَنَّك صَعُوداً أَي لأُجشِّمنَّك مشقة من الْأَمر. وَإِنَّمَا
اشتقوا ذَلِك لِأَن الِارْتفَاع فِي صَعود أشقّ من الانحدار فِي
هَبُوط. قَالَ فِي قَوْله: {عَنِيداً سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً} يَعْنِي
مشقَّة من الْعَذَاب. وَيُقَال: بَل جبل فِي النَّار من جَمْرة
وَاحِدَة يكلَّف الْكَافِر ارتقاءه ويُضرب بالمَقَامع، فكلّما وضَعَ
عَلَيْهِ رجله ذَابَتْ إِلَى أَسْفَل وركه، ثمَّ تعود مَكَانهَا
صَحِيحَة. قَالَ: وَمِنْه اشتُقّ تصعَّدني ذَلِك الأمرُ أَي شقَّ
عليَّ. وَقَالَ أَبُو عُبَيد فِي قَول عُمَر: مَا تصعَّدتني خُطْبة،
مَا تصعَّدتني خُطْبة النِّكَاح: أَي مَا تكاءدتني وَمَا بَلَغت منّي
وَمَا جَهَدتني. وَأَصله من الصَّعُود وَهِي العَقَبة
(2/8)
الشاقَّة. وَقَالَ اللَّيْث: الصُعُد شجر
يذاب مِنْهُ القار. وَقَالَ غَيره: التصعيد: الإذابة، وَمِنْه قيل:
خَلّ مُصَعَّد وشراب مصعَّد إِذا عولج بالنَّار حَتَّى يَحُول عمَّا
هُوَ عَلَيْهِ، لوناً وطعماً. أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا وَلَدت
النَّاقة لغير تَمَام وَلكنهَا خَدَجت لسِتَّة أشهر أَو سَبْعَة فعُطفت
على ولدِ عامِ أوَّلَ فَهِيَ صَعُود. وَقَالَ اللَّيْث: الصَّعُود:
النَّاقة يَمُوت حُوارها فترجع إِلَى فَصِيلها فتدُرّ عَلَيْهِ،
وَقَالَ: هُوَ أطيب لِلبنها. وَأنْشد:
لَهَا لبن الخليَّة والصَّعُود
قلت: وَالْقَوْل مَا قَالَه الأصمعيّ، سَماع من الْعَرَب، وَلَا تكون
صَعُوداً حَتَّى تكون خادِجاً. أَبُو عبيد: الصَّعْدة: الأَلَّة، وَهِي
نَحْو مِن الْحَرْبة أَو أَصْغَر مِنْهَا. وَقَالَ النَّضر: الصَّعْدة:
القَنَاة. وَقَالَ اللَّيْث: هِيَ الْقَنَاة المستوية تنْبت كَذَلِك
لَا تحْتَاج إِلَى التثقيف، وَكَذَلِكَ من القَصَب، وَجَمعهَا
الصِّعَاد. وَأنْشد:
صَعْدة نابتة فِي حائر
أَيْنَمَا الريحُ تُمَيِّلْها تمِلْ
وَقَالَ آخر:
خرير الرّيح فِي قَصَب الصِّعَاد
قَالَ: والصَعْدة من النِّسَاء: المستقيمة كَأَنَّهَا صَعْدة قَناةٍ،
وجَوَارٍ صَعْدات، خَفِيفَة لِأَنَّهُ نعت. وَثَلَاث صَعَدات لِلقنا
مثقَّلة لِأَنَّهُ اسْم. وَقَالَ ابْن شُمَيل: رُوي عَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه خرج على صَعْدة يتبعهَا حُذَاقِيّ. قَالَ:
الصَعْدة: الأتَان الطَّوِيلَة، والْحُذَاقِيّ: الْجَحش. وَقَالَ
الأصمعيّ: الصُّعَداء: هُوَ التنفّس إِلَى فَوق، مَمْدُود. وَقَوْلهمْ:
صنع أَو بلغ كَذَا وَكَذَا فَصَاعِدا أَي فَمَا فَوق ذَلِك: وعُنُق
صاعد أَي طَوِيل. وَيُقَال: فلَان يتبع صُعُداء مَعْنَاهُ أَنه يرفع
رَأسه وَلَا يطأطئه. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال للناقة: إِنَّهَا
لفي صعيدة بازلَيها أَي قد دنت ولَمَّا تَبْزُل، وَأنْشد:
سَدِيس فِي صَعِيدة بازلَيها
عَبَنَّاة وَلم تَسِق الْجَنِينا
زِيَادَة من غير خطّ المصنِّف:
والصُّعْدُد: الصُّعُود وَهِي المشَقَّة، قَالَ:
أغشيتَهم عَوْصاء فِيهَا صُعْدُد
أُردِف فِي آخِره دَال، كَمَا أُردف فِي دُخلل الرجل أَي دخيله
وبِطانته. والصَّعُوداء: الثنِيَّة الصعبة. وَقَالَ ابْن مقبل:
وحدَّثته أَن السَّبِيل ثنِيَّة
صعوداء يَدْعُو كل كهل وأمردا
وَفِي نَفسه وصدره صَعْداء أَي مَا يتصاعده ويتكاءده، قَالَ الهذليّ:
وَإِن سيادة الأقوام فَاعْلَم
لَهَا صَعْداء مَطْلَعُها طَوِيل
والصُّعَداء: الِارْتفَاع. ومثاله من المصادر المُضَواء من المضيّ،
والمُطَواء من التمطّي، والثُّوبَاء من التثاؤب، والغُلَواء من الغلوّ،
قَالَ ذُو الرمّة:
قطعت بنهَّاض إِلَى صُعَدائه
إِذا شمَّرت عَن سَاق خِمْس ذلاذلُه
والصَعْد: الْجَبَل الطَّوِيل، قَالَ:
وَلَقَد سموتُ إِلَيْك من جبل
دون السَّمَاء صَمَحْمَح صَعْدِ
(2/9)
والمَصْعَد: الْحَرّ الْمُرْتَفع.
دعص: الدِعْص: الكَثِيب من الرمل المجتمِع. وَجمعه دِعَصَة وأدعاص،
وَهُوَ أقل من الحِقْف. أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: أدعصه الحَرُّ
إدعاصاً إِذا قَتله، وأهرأه البَرْد إِذا قَتله. اللَّيْث: المندعِص:
الشَّيْء الميّت إِذا تفسَّخ، شُبّه بالدِعْص لِوَرَمه. قَالَ:
وَوَاحِدَة الدِعْص دِعْصَة. وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : دَعَص
بِرجلِهِ ودَحَص ومحص وقَعَص إِذا ارتكض. وَيُقَال: أخَذْتُه مداعَصَة
ومداغَصَة ومقاعصة ومرافصة ومحايصة ومتايَسة أَي أَخَذته مُعَازَّة.
(بَاب الْعين وَالصَّاد مَعَ التَّاء)
(ع ص ت)
اسْتعْمل من وجوهه: صعت، صتع.
صعت: قَالَ ابْن شُمَيل: جَمَل صَعْت الرُّبَة إِذا كَانَ لطيف
الجُفْرة. وَأنْشد ابْن الأعرابيّ فِيمَا روى أَبُو الْعَبَّاس عَنهُ:
هَل لكِ يَا خَدْلة فِي صَعْت الرُبَهْ
مُعْرَنزِم هامتُه كالْجُبْجُبَهْ
قَالَ: الرُّبَة: العُقْدة، وَهِي هَهُنَا الكَوْسَلة وَهِي الحَشَفَة.
صتع: أَبُو عَمْرو: الصَّتَع: حِمَار الْوَحْش. قَالَ: والصَّتَع:
الشابّ القويّ. وَأنْشد:
يَا بنت عَمْرو قد مُنحتِ وُدّي
والْحَبْلَ مَا لم تقطعي فمُدّي
وَمَا وِصال الصَّتَع القُمُدّ
وَقَالَ غَيره: يُقَال للحمار الوحشيّ: صُنْتُع. وَقَالَ الطرمَّاح:
صُنْتع الحاجبين خَرَّطه البَقْ
لُ بَدِيئاً قبل استكاك الرياضي
وَهُوَ فُنْعُل من الصَّتَع. وَقَالَ اللَّيْث: جَاءَ فلَان يَتَصتَّع
علينا بِلَا زَاد وَلَا نَفَقَة وَلَا حَقّ وَاجِب. وَقَالَ أَبُو زيد:
جَاءَ فلَان يتصتَّع إِلَيْنَا، وَهُوَ الَّذِي يَجِيء وَحده لَا شَيْء
مَعَه. وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : هَذَا بعير يتمسّح ويتصتّع إِذا
كَانَ طُلُقاً. وَيُقَال للْإنْسَان مثلُ ذَلِك إِذا رَأَيْته
عُرْياناً. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الطوسيّ عَن الخرّاز عَن ابْن
الأعرابيّ أَنه أنْشدهُ:
وأَكَل الْخَمْسَ عيالٌ جُوّع
وَتَلِيت وَاحِدَة تصَتَّعُ
قَالَ: تَلِي فلَان بعد قومه وغَدَر إِذا بَقِي. قَالَ: وتصتّعها:
تردُّدها. وروى غَيره عنْه: تصتَّع فِي الْأَمر إِذا تلدَّد فِيهِ لَا
يدْرِي أَيْن يتوجّه.
ع ص ظ، ع ص ذ، ع ص ث:
أهملت وجوهها.
(بَاب الْعين وَالصَّاد مَعَ الرَّاء)
(ع ص ر)
عصر، عرص، صعر، صرع، رصع، رعص: مستعملات.
عصر: قَالَ الله جلّ وعَزّ: {ُءِ} (الْعَصْر: 1، 2) قَالَ الفرّاء:
وَالْعصر: الدَّهْر، أقسم الله بِهِ. وروى مُجَاهِد عَن ابْن عبّاس
أَنه قَالَ: العَصْر: مَا يَلِي المغربَ من النَّهَار. وَقَالَ
قَتَادَة: هِيَ سَاعَة من سَاعَات النَّهَار. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق:
الْعَصْر: الدَّهْر، وَالْعصر:
(2/10)
الْيَوْم، وَالْعصر: اللَّيْلَة. وَأنْشد:
وَلَا يلبث العصران يَوْم وَلَيْلَة
إذَا طَلَبَا أنْ يُدْرِكا مَا تيمَّما
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي بَاب مَا جَاءَ مثنَّى: اللَّيْل وَالنَّهَار
يُقَال لَهما: العَصْران. قَالَ: وَيُقَال: العَصْران: الْغَدَاة
والعَشِيّ. وَأنْشد:
وأمطُلُه العَصْرين حَتَّى يَمَلَّني
ويرضى بِنصْف الدَّين وَالْأنف راغِمٌ
وَقَالَ اللَّيْث: الْعَصْر: الدَّهْر، وَيُقَال لَهُ: العُصُر مثقَّل.
قَالَ: والعَصْران: اللَّيْل وَالنَّهَار. والعَصْر العَشِيّ. وَأنْشد:
تَرَوَّحْ بِنَا يَا عَمْرو قد قَصُر الْعَصْر
قَالَ: وَبِه سمّيت صَلَاة الْعَصْر. قَالَ: والغداة والعَشِيّ يسمّيان
العصرين. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس قَالَ: صَلَاة
الْوُسْطَى: صَلَاة الْعَصْر. وَذَلِكَ لِأَنَّهَا بَين صَلَاتي
النَّهَار وصلاتي اللَّيْل. قَالَ: وَالْعصر: الحَبْس، وسُمِّيت
عَصْراً لِأَنَّهَا تعصَر أَي تُحْبَس عَن الأولى. قَالَ: والعَصْر:
العطِيَّة. وَأنْشد:
يعصر فِينَا كَالَّذي تعصر
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: جَاءَ فلَان عَصْراً أَي بطيئاً. وَقَالَ
الله جلّ وعزّ: {فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} (يُوسُف:
49) قَالَ أَكثر المفسّرين: أَي يَعْصِرون الأعناب وَالزَّيْت. وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَة: هُوَ من العَصَر وَهُوَ المَنجاة والعُصْرة
والمُعْتَصَر والمُعَصَّر. وَقَالَ لبيد:
وَمَا كَانَ وقّافاً بدار مُعَصّر
وَقَالَ أَبُو زُبَيد:
وَلَقَد كَانَ عُصْرة المنجود
أَي كَانَ مَلْجأ المكروب. وَقَالَ اللَّيْث: قرىء: (وَفِيه تُعْصَرون)
بضمّ التَّاء أَي تُمطَرون. قَالَ: وَمن قَرَأَ: (تَعْصِرون) فَهُوَ من
عَصْر العِنب. قلت: مَا علمت أحدا من القرّاء المشهَّرين قَرَأَ:
تُعصرون، وَلَا أَدْرِي من أَيْن جَاءَ بِهِ اللَّيْث. قَالَ:
وَيُقَال: عصرت العِنَب وعصَّرته إِذا ولِيت عَصْره بِنَفْسِك، واعتصرت
إِذا عُصِر لَك خاصَّة. والاعتصار: الالتجاء. وَقَالَ عَدِيّ بن زيد:
لَو بِغَيْر المَاء حَلْقي شَرِق
كنتُ كالغَصَّان بِالْمَاءِ اعتصاري
قَالَ: والعُصَارة: مَا تحلَّب من شَيْء تَعْصِره. وَأنْشد:
فَإِن العذَارى قد خلطن لِلِمَّتى
عُصَارة حِنّاء مَعًا وصَبِيب
وَقَالَ الراجز:
عُصَارة الجُزء الَّذِي تحلّبا
ويروى تجلّبا، من تجلّب الْمَاشِيَة بَقِيَّة العُشْب وَتلزّجته: أَي
أَكلته، يَعْنِي: بقيَّة الرُطْب فِي أَجْوَاف حُمُر الْوَحْش. قَالَ:
وكل شَيْء عُصر مَاؤُهُ فَهُوَ عَصِير. وَأنْشد قَول الراجز:
وَصَارَ بَاقِي الجُزْء من عصيره
إِلَى سَرَار الأَرْض أَو قُعوره
يَعْنِي بالعصير الْجُزْء وَمَا بَقِي من الرُّطْب فِي بطُون الأَرْض
ويبس مَا سواهُ.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {وَهَّاجاً وَأَنزَلْنَا مِنَ
الْمُعْصِرَاتِ}
(2/11)
مَاء ثجاجاً) [النّبأ: 14] رُوِيَ عَن ابْن
عَبَّاس أَنه قَالَ: المُعْصِرات: هِيَ الرِّيَاح. قَالَ الْأَزْهَرِي:
سمّيت الرِّيَاح مُعْصِرات إِذا كَانَت ذواتِ أعاصِير، وَاحِدهَا
إعصار، من قَول الله جلّ وعزَّ: {إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ} (الْبَقَرَة:
266) . والإعصار: هِيَ الرّيح الَّتِي تَهُبُّ من الأَرْض كالعَمُود
الساطع نَحْو السَّمَاء، وَهِي الَّتِي يسمّيها بعض النَّاس
الزّوْبَعة، وَهِي ريح شَدِيدَة، لَا يُقَال لَهَا إعصار حَتَّى تَهُبّ
كَذَلِك بِشدَّة. وَمِنْه قَول الْعَرَب فِي أَمْثَالهَا:
إِن كنتَ ريحًا فقد لاقيتَ إعصارا
يضْرب مَثَلاً للرجل يَلْقَى قِرْنه فِي النَجْدة والبَسَالة. وَقَالَ
ابْن الأعرابيّ يُقَال: إعصار وعِصَار، وَهُوَ أَن تَهيج الريحُ
الترابَ فترفعه. وَقَالَ أَبُو زيد: الإعصار: الرّيح الَّتِي تَسْطَع
فِي السَّمَاء. وَجمع الإعصار الأعاصير، وَأنْشد الأصمعيّ:
وبينما المرءُ فِي الْأَحْيَاء مغتبِط
إِذا هُوَ الرَمْس تعفوه الأعاصير
وَرُوِيَ عَن أبي الْعَالِيَة أَنه قَالَ فِي قَوْله: {وَأَنزَلْنَا
مِنَ} : (النبأ: 17) إِنَّهَا السَّحَاب. قلت: وَهَذَا أشبه بِمَا
أَرَادَ الله جلَّ وعزَّ؛ لِأَن الأعاصير من الرِّيَاح لَيست من ريَاح
الْمَطَر، وَقد ذكر الله أَنه يُنزل مِنْهَا مَاء ثجاجاً.
الْعَصْر: الْمَطَر، قَالَ ذُو الرمة:
وتَبْسِم لَمْع الْبَرْق عَن متوضّح
كلون الأقاحي شاف ألوانَها العَصْرُ
وقولُ النَّابِغَة:
تَنَاذرها الراقُون من سُوء سمّها
تراسلهم عصراً وعصراً تراجع
عصراً أَي مرّة. والعُصَارة: الغَلَّة. وَمِنْه يقْرَأ. {وَفِيه
تَعْصِرون (يُوسُف: 49) أَي تستغلون. وعَصَر الزَّرْع: صَار فِي
أكمامه. والعَصْرة شَجَرَة. وَقَالَ الفرّاء. السحابة المُعْصِر:
الَّتِي تتحلّب بالمطر وَلما تَجْتَمِع، مثل الْجَارِيَة المعصر قد
كَادَت تحيض وَلما تحِضْ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: المعصِرات: السحائب،
لِأَنَّهَا تُعْصِر المَاء. وَقيل مُعْصِرات كَمَا يُقَال: أجزَّ
الزرعُ إِذا صَار إِلَى أَن يُجَزَّ، وَكَذَلِكَ صَار السَّحَاب إِلَى
أَن يمطر فيعصر. وَقَالَ البَعِيث فِي المعصرات فَجَعلهَا سحائب ذَوَات
الْمَطَر فَقَالَ:
وَذي أُشُر كالأُقحوان تشوفُه
ذِهابُ الصَّبَا والمُعْصِرات الدوالحُ
والدوالح من نعت السَّحَاب لَا من نعت الرِّيَاح، وَهِي الَّتِي أثقلها
المَاء فَهِيَ تَدْلَحُ أَي تمشي مشي المُثْقَل، والذِهاب الأمطار.
وَقَالَ بَعضهم: المعصِرات، الرِّيَاح. قَالَ: و (مِنَ) فِي قَوْله:
{وَأَنزَلْنَا مِنَ} (النبأ: 14) قَامَت مقَام الْبَاء الزَّائِدَة،
كَأَنَّهُ قَالَ: وأنزلنا بالمعصرات مَاء ثَجَّاجاً. قلت: وَالْقَوْل
هُوَ الأول. وأمَّا مَا قَالَه الفرّاء فِي المُعْصِر من الْجَوَارِي:
إِنَّهَا الَّتِي دنت من الْحيض ولمَّا تحِض فَإِن أهل اللُّغَة خالفوه
فِي تَفْسِير المعصر، فَقَالَ أَبُو عُبَيد عَن أَصْحَابه: إِذا
أدْركْت الجاريةُ فَهِيَ مُعْصِر، وَأنْشد:
قد أعصرت أَو قد دنا إعصارها
(2/12)
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: هِيَ الَّتِي قد
راهقت الْعشْرين. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ
قَالَ: المعصِر سَاعَة تَطْمُث أَي تحيض، لِأَنَّهَا تُحبس فِي
الْبَيْت يَجْعَل لَهَا عَصَراً. قَالَ: وكل حِصن يتحصَّن بِهِ فَهُوَ
عَصَر. وَقَالَ غَيره: قيل لَهَا معصر لانعصار دم حَيْضهَا ونزول مَاء
تَريبتها للجماع، وروى أَبُو العبّاس عَن عَمْرو بن عَمْرو عَن أَبِيه
يُقَال: أعصرت الجاريةُ وأشْهدت وتوضَّأت إِذا أدْركْت. وَقَالَ
اللَّيْث: يُقَال لِلْجَارِيَةِ إِذا حرمت عَلَيْهَا الصَّلَاة
وَرَأَتْ فِي نَفسهَا زِيَادَة الشَّبَاب: قد أعصَرت فَهِيَ مُعْصِر:
بلغت عُصْرة شبابها وإدراكها. وَيُقَال:
بلغت عَصْرها وعُصُورها. وَأنْشد:
وفنَّقها المراضع والعُصُور
وَرُوِيَ عَن الشعبيّ أَنه قَالَ: يَعْتِصر الوالدُ على وَلَده فِي
مَاله. وَرَوى أَبُو قِلاَبة عَن عمر بن الْخطاب أَنه قضى أَن
الْوَالِد يعتصر وَلَده فِيمَا أعطَاهُ، وَلَيْسَ للْوَلَد أَن يعتصر
من وَالِده، لفضل الْوَالِد على الْوَلَد. قَالَ أَبُو عُبَيد: قَوْله:
يعتصر يَقُول: لَهُ أَن يحْبسهُ عَنهُ ويمنعه إيّاه. قَالَ: وكل شَيْء
حَبَسته ومنعته فقد اعتصرته وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
وَإِنَّمَا العَيش بربّانه
وَأَنت من أفنانه معتصِر
قَالَ: وعصرت الشَّيْء أعصِره من هَذَا. وَقَالَ طَرَفة:
لَو كَانَ فِي أملاكنا أحَد
يعصر فِينَا كَالَّذي تعصِرْ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد فِي مَوضِع آخر: المعتصر الَّذِي يُصِيب من
الشَّيْء: يَأْخُذ مِنْهُ ويحبسه. قَالَ: وَمِنْه قَول الله: {فِيهِ
يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} (يُوسُف: 49) . وَقَالَ أَبُو
عُبَيدة فِي قَوْله:
يعصر فِينَا كَالَّذي تَعْصِرْ
أَي يتّخذ فِينَا الأيادي. وَقَالَ غَيره: أَي يُعْطِينَا كَالَّذي
تُعْطِينَا. وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله: (يعتصر
الرجل مَال وَلَده) قَالَ: يعتصر: يسترجع. وَحكى فِي كَلَام لَهُ: قوم
يعتصرون الْعَطاء ويُعبِرون النِّسَاء، قَالَ: يعتصرونه: يسترجعونه
بثوابه. تَقول: أخذت عصرته: أَي ثَوَابه أَو الشَّيْء نَفْسه. وَقَوله:
يُعْبِرون النِّسَاء أَي يختِنونهنّ. قَالَ: والعاصر والعَصُور: هُوَ
الَّذِي يَعتصر ويعصر من مَال وَلَده شَيْئا بِغَيْر إِذْنه. شمر عَن
العِتريفيّ قَالَ: الاعتصار: أَن يَأْخُذ الرجل مَال وَلَده لنَفسِهِ،
أَو يبقّيه على وَلَده. قَالَ: وَلَا يُقَال: اعتصر فلَان مَال فلَان
إلاّ أَن يكون قَرِيبا لَهُ. قَالَ: وَيُقَال للغلام أَيْضا: اعتصر
مَال أَبِيه إِذا أَخذه قَالَ: وَيُقَال: فلَان عاصر إِذا كَانَ
ممسِكاً. يُقَال: هُوَ عاصرٌ قَلِيل الخَير قَالَ شمر وَقَالَ غَيره:
الاعتصار على وَجْهَيْن. يُقَال: اعتصرت من فلَان شَيْئا إِذا أصبته
مِنْهُ. وَالْآخر أَن تَقول: أَعْطَيْت فلَانا عطيَّة فاعتصرتها أَي
رجعت فِيهَا. وَأنْشد:
ندِمت على شَيْء مضى فاعتصرته
ولِلنحْلة الأولى أعفُّ وَأكْرم
فَهَذَا ارتجاع. قَالَ: وَأما الَّذِي يمْنَع فَإِنَّمَا
(2/13)
يُقَال لَهُ: قد تعصّر أَي تعسّر، يَجْعَل
مَكَان السِّين صاداً. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ يُقَال: مَا عَصَرك
وثَبَرك وغَصنَك وشَجَرك أَي مَا مَنعك. والعصَّار: المَلِك المَلْجأ.
وَيُقَال: مَا بَينهمَا عَصَر وَلَا يَصَر وَلَا أيصر وَلَا أعصر أَي
مَا بَينهمَا مودَّة وَلَا قرَابَة. وَرُوِيَ فِي الحَدِيث أَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِلَالًا أَن يؤذِّن قبل
الْفجْر ليعتصر معتصرُهم أَرَادَ الَّذِي يُرِيد أَن يضْرب الْغَائِط.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشدهُ:
أدْركْت معتصري وأدركني
حلمي ويَسّر قائدي نَعْلي
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: معتصري: عُمُري وهَرَمي. وَقَالَ اللَّيْث:
يُقَال هَؤُلَاءِ موالينا عُصْرة أَي دِنْية دون مَن سواهُم. قلت:
وَيُقَال: قُصْرة بِهَذَا الْمَعْنى. قَالَ: والمِعْصَرة: الَّتِي
يُعصر فِيهَا الْعِنَب. والمِعْصار: الَّذِي يَجْعَل فِيهِ شَيْء ثمَّ
يعصر حَتَّى يتحلَّب مَاؤُهُ.
وَكَانَ أَبُو سعيد يروي بَيت طَرَفة:
لَو كَانَ فِي أملاكنا أحد
يعصر فِينَا كَالَّذي يُعصرْ
أَي يصاب مِنْهُ وَأنكر تعصر. قَالَ: وَيُقَال: أَعْطَاهُم شَيْئا ثمَّ
اعتصره إِذا رَجَعَ فِيهِ. والعِصَار الحِين، يُقَال: جَاءَ فلَان على
عِصَار من الدَّهْر أَي حِين. وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: نَام فلَان
وَمَا نَام لعُصْر وَمَا نَام عُصْراً، أَي لم يكَدْ ينَام. وَجَاء
وَلم يجىء لعُصْر أَي لم يجىء حِين الْمَجِيء. وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
يدعونَ جارهم وذِمَّته
عَلَها وَمَا يدعونَ من عُصْر
أَي يَقُولُونَ: واذِمَّة جارنا، وَلَا يَدْعون ذَلِك حِين يَنْفَعهُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: أَرَادَ: من عُصُر فخفَّف، وَهُوَ الملجأ. وَيُقَال:
فلَان كريم العَصير أَي كريم النّسَب. وَقَالَ الفرزدق:
تجرّد مِنْهَا كلّ صهباء حُرَّة
لعَوْهجِ أَو للداعريّ عصيرها
والعِصَار: الفُسَاء.
وَقَالَ الفرزدق أَيْضا:
إِذا تعشّى عَتيق التَّمْر قَامَ لَهُ
تَحت الخَمِيل عِصار ذُو أضاميم
وأصل العِصَار مَا عصرتْ بِهِ الرّيح من التُّرَاب فِي الْهَوَاء.
والمعصور: اللِّسَان الْيَابِس عطشاً. قَالَ الطِرِمَّاح:
يَبُلّ بمعصور جَنَاحَيْ ضئيلةٍ
أفاويق مِنْهَا هَلَّة ونُقُوع
فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن امْرَأَة مرَّت متطيّبة لذيلها عَسرَة،
قَالَ أَبُو عبيد: أَرَادَ: الْغُبَار أَنه ثار من سَحْبها، وَهُوَ
الإعصار. قَالَ: وَتَكون العَصَرة من فَوْح الطّيب وهَيْجه، فشبَّهه
بِمَا تثير الرّيح من الأعاصير. أنْشدهُ الأصمعيّ:
(وبينما المرءُ فِي الْأَحْيَاء مغْتَبِط
إِذا هُوَ الرَّمسُ تعفوه الأعاصير)
(2/14)
قَالَ الدينوريّ: إِذا تبيَّنت أكمام
السُنْبل قيل: قد عَصَّر الزَرْعُ، مَأْخُوذ من العَصَر وَهُوَ الحِرْز
أَي تحرَّز فِي غُلْفه. وأوعية السُنْبل أخْبِيته ولفائفه وأغْشيته
وأكمته وقنابعه. وَقد قنبعت السُنْبل. وَهِي مَا دَامَت كَذَلِك صمعاء
ثمَّ ينفقىء) .
عرص: أَبُو عبيد عَن الفرّاء: عرِص الْبَيْت أَي خَبُثت رِيحته. قَالَ:
وَقَالَ الأصمعيّ: كل جَوْبة منفتِقة لَيْسَ فِيهَا بِنَاء فَهِيَ
عرْصة. قلت: وتُجمع عَرَصات وعِراصاً. وَأنْشد أَبُو عُبَيدةَ بَيت
المخبّل:
سيكفيك صرب الْقَوْم لَحمٌ معرّصٌ
وماءُ قدور فِي القِصاع مشيبُ
فروى ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الفرّاء أَنه قَالَ: لحم معرَّص أَي
مقطَّع. وَقَالَ اللَّيْث: اللَّحْم المعرّص: الَّذِي يُلْقى على
الجَمْر فيختلِط بالرَّمَاد وَلَا يَجُود نُضْجُه. قَالَ: فَإِن
غيَّبْته فِي الْجَمْر فَهُوَ مملول، فَإِن شَوَيته فَوق الْجَمْر
فَهُوَ مُفْأد. قلت: وَقَول اللَّيْث فِي المعرَّص أعجب إِلَيّ من قَول
الفرّاء. وَقد روينَا عَن ابْن السِكِّيت فِي المعرَّص نَحوا مِمَّا
قَالَه اللَّيْث. أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: العَرّاص من البُرُوق:
الشَّديد الِاضْطِرَاب. وَقَالَ اللَّيْث: العَرّاص من السَّحَاب: مَا
أظلّ من فوقُ، وَلَا يكون إلاَّ إِذا رَعَد وبَرَق. وَأنْشد لذِي
الرمة:
يَرْقَدُّ فِي ظِلّ عَرّاص ويطرده
حفيفُ نافجة عُثْنُونها حَصِبُ
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء قَالَ: العَرَص والأرن: النشاط، وَقد عَرِصَ
يعرَص. والترصّع مثله. أَبُو عُبَيْدَة: رمح عَرّاص: إِذا هُزّ
اضْطربَ. وَقَالَ ابْن حبيب: بعير معرَّص للَّذي ذَلَّ ظهرُه وَلم
يَذِلَّ رأسُه. قَالَ: ولَحْم معرَّص إِذا لم يُنْعَم طَبْخه وَلَا
إنضاجه. وَقَالَ اللَّيْث: العَرْص: خَشَبة تُوضَع على الْبَيْت
عَرْضاً إِذا أَرَادوا تسقيفه، ثمَّ يُلْقَى عَلَيْهِ أطرافُ الخُشُب
الْقصار. وروى أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ هَذَا الْحَرْف بِالسِّين
المعرَّس: الَّذِي عُمِل لَهُ عَرْس، وَهُوَ الْحَائِط يَجْعَل بَين
حائطي الْبَيْت لَا يَبلغ أقصاه، ثمَّ يوضع الْجَائِز من طَرَف العَرْس
الدَّاخِل إِلَى أقْصَى الْبَيْت، ويُسَقّف الْبَيْت كُله: فَمَا كَانَ
بَين الحائطين فَهُوَ السَهْوة، وَمَا كَانَ تَحت الْجَائِز فَهُوَ
المُخْدَع قلت: رَوَاهُ أَبُو عُبيد بِالسِّين، وَرَوَاهُ اللَّيْث
بالصَّاد، وهما لُغَتَانِ وَيُقَال: تركت الصّبيان يَلْعَبُونَ
ويعترصون ويَمْرَحُون. وسُمّيت ساحة الدَّار عَرْصة لاعتراص الصّبيان
فِيهَا. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العَرُوص: النَّاقة الطيّبة
الرَّائِحَة إِذا عَرِقتْ. وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : تعرَّصْ يَا
فلَان وتهجَّسْ وتَعرَّج أَي أقِم والمِعراص: الهِلاَل، لبُرُوقه.
وَقَالَ:
وَصَاحب أَبْلَج كالمعراص
رعص: أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ يُقَال للحيَّة إِذا ضُربت فلوت
ذَنَبها: قد ارتعصتْ، وَأنْشد للعجّاج:
إِلَّا ارتعاصاً كارتعاص الْحَيَّهْ
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: ارتعص الجَدْي إِذا طَفَر من نشاطه.
(2/15)
وَقَالَ اللَّيْث: الرَعْص بِمَنْزِلَة
النَفْض، تَقول: ارتعصت الشَّجَرَة وَقد رعصتها الريحُ وأرعصتها،
لُغَتَانِ. والثور يطعُن الْكَلْب فيحتمله ويَرْعُصُه رَعْصاً إِذا
هزّه ونفضه. وروى البخاريّ فِي (كِتَابه) لأبي زيد: ارتعص السُوق إِذا
غلا. وَالَّذِي رَوَاهُ شمر لأبي عبيد لأبي زيد: ارتفص، بِالْفَاءِ.
قَالَ شمر: وَلَا أَدْرِي مَا ارتفص. قلت: ارتفص السُّوق بِالْفَاءِ
إِذا غلا صَحِيح، كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من الرُّفْصة وَهِي النّوبَة.
وَالَّذِي رَوَاهُ مؤلف (الحصائل) تَصْحِيف وَخطأ. وَيُقَال: رَعَص
عَلَيْهِ جلْدُه، يرعَص وارتعص واعترص إِذا اختلج، وروى ابْن مهديّ عَن
أبي الزاهريَّة عَن ابْن شَجَرَة أَن أَبَا ذَرّ خرج بفرس لَهُ فتمعّك
ثمَّ نَهَضَ ثمَّ رَعَص فسكَّنه وَقَالَ: اسكن فقد أجيبت دعوتك، قَالَ
القتيبيّ: قَوْله: رعص يُرِيد أَنه لمَّا قَامَ من مراغه انتفض
وأُرْعِد. يُقَال: رعص وارتعص.
رصع: أَبُو عبيد عَن الفرّاء: الترصُّع: النشاط مثل العَرَص. قَالَ:
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرَّصْعاء من النِّسَاء: الزَلاَّء. وَقَالَ
اللَّيْث: الرَّصَع مثل الرسَح، وَهِي رَصْعاء إِذا لم تكن عجزاء.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: هِيَ الَّتِي لَا إسكتين لَهَا. قَالَ: وأمَّا
الرَصْع بِسُكُون الصَّاد فشِدَّة الطعْن، يُقَال: رصعه بِالرُّمْحِ
وأرصعه. وَقَالَ العجّاج:
وَخْضاً إِلَى النّصْف وطعناً أرصعا
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الرصائع: سيور مضفورة فِي أسافل حمائل السَّيْف،
الْوَاحِدَة رِصَاعة. وَقَالَ اللَّيْث: الرَصيعة: العُقْدة الَّتِي
فِي اللِّجَام عِنْد المعذَّر حَتَّى كَأَنَّهُ فَلْس. قَالَ: وَإِذا
أخذت سَيْرًا فعقدت فِيهِ عُقَداً مثلَّثة فَذَلِك الترصيع. وَهُوَ
عَقْد التَميمة وَمَا أشبه ذَلِك. وَقَالَ الفرزدق:
وجئن بأولاد النَّصَارَى إليكُم
حَبَالَى وَفِي أعناقهنَّ المراصع
أَي الخَتْم فِي أعناقهنّ. وَقَالَ اللَّيْث: الرَّصَع: فِراخ النَحْل.
قلت: هَذَا خطأ؛ قَالَ ابْن الأعرابيّ: الرَضَع: فِراخ النَحْل بالضاد،
رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس عَنهُ، وَهُوَ الصَّوَاب، وَقد مرّ فِي بَاب
الضَّاد وَالْعين. وَالَّذِي قَالَه اللَّيْث بالصَّاد فِي هَذَا
الْبَاب تَصْحِيف. أَبُو عُبيدة فِي كتاب (الْخَيل) : الرصائع واحدتها
رَصِيعة، وَهِي مَشَكّ محاني أطرافِ الضلوع من ظَهْر الْفرس. وَفرس
مرصَّع الثُّنَن إِذا كَانَت ثُنَنُه بعضُها فِي بعض. وَأَخْبرنِي
المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الرصيعة: البُرّ يُدَقّ
بالفِهْر ويبَلّ ويُطبخ بِشَيْء من سَمْن. عَمْرو عَن أَبِيه:
الرَصِيع: زِرّ عُرْوة الْمُصحف، ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ،
الرَصَّاع: الْكثير الجِماع. قَالَ: والرِّصَاع: الْجِمَاع، وَأَصله
فِي العصفور الْكثير السفاد: وَقد تراصعت العصافير.
قَالَ أَبُو عبيد فِي بَاب لزوق الشَّيْء: رصِع فَهُوَ رَصِع مثل عَسِق
وعَبِق وعَتِق وعَتِك.
صرع: أَبُو عُبَيد: الصُّرُوع: الضروب فِي قَول لَبِيد:
وخَصْم كنادي الجنّ أسقطت شأوهم
بمستحوِذٍ ذِي مِرّة وصُروع
وَقَالَ غَيره: صروع الحبْل: قُواه.
(2/16)
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن
الْأَعرَابِي قَالَ: هما صِرْعان وضِرْعان وحَتْنان، وَهَذَا صِرْع
هَذَا وضِرْعه أَي مِثله، وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
مثل البُرَام غَدا فِي أُصْدَة خَلَق
لم يَسْتَعِنْ وحوامي الموتِ تغشاه
فرَّجْت عَنهُ بصَرْعَينا لأرملة
أَو بائس جَاءَ مَعْنَاهُ كمعناه
قَالَ يصف سَائِلًا شبَّهه بالبُرَام وَهُوَ القُرَاد: لم يستعِن
يَقُول: لم يحلق عانته، وحوامي الْمَوْت وحوائمه: أَسبَابه، وَقَول:
بصرعينا أَرَادَ بهما إبِلا مختلِفة الْمَشْي تَجِيء هَذِه وَتذهب
هَذِه لكثرتها، هَكَذَا رَوَاهُ بِفَتْح الصَّاد وَقَالَ: الْأَسْنَان
مرتصِعة إِذا التصقت وتقاربت، والرصَع: قرب مَا بَين الْمَنْكِبَيْنِ،
رجل أرصع، والرصَع: التقارب والتضايق، ورَصِعت عَيناهُ: التزقتا. ورصِع
فلَان بفلان فَهُوَ راصع بِهِ أَي لَازم، ورَصَع فلَان بمَكَان رصُوعاً
ورصِع بإستْه الأَرْض رَصْعاً: ألْزقها بهَا ورصائع الْقوس: سُيورها
الَّتِي تُحسَّن بهَا الْقوس، قَالَ:
صفراء كالقوس لَهَا رصائعُ
معطوفةٌ بالغَ فِيهَا الصَّانِع
والمراصيع: النَّحْل أَي صغَار الْوَلَد وَقَالَ الأصمعيّ: فلَان
يأتينا الصِّرْعَين أَي غُدوة وَعَشِيَّة. وَقَالَ ابْن السّكيت:
الصَّرْعان: الغَداة والعشيّ، وَأنْشد لذِي الرمّة:
كأنني نَازع يَثْنيه عَن وَطن
صَرْعان رَائِحَة عَقْل وتقييدُ
أَرَادَ عقلٌ عشيَّةً وَتَقْيِيد غُدوة، فَاكْتفى بِذكر أَحدهمَا.
وَيُقَال لِلْأَمْرِ: صَرْعان أَي طرَفان. اللَّيْث وَغَيره: الصَّرْع:
الطَّرْح بِالْأَرْضِ للْإنْسَان، تَقول: صرعه صَرْعاً، والمصارعة
والصِّراع: معالجتهما أيّهما يصرع صَاحبه. وَرجل صِرِّيع إِذا كَانَ
ذَلِك صَنعته وحاله الَّتِي يُعرف بهَا. وَرجل صَرَّاع إِذا كَانَ
شَدِيد الصراع وَإِن لم يكن مَعْرُوفا. رجل صَرُوع للأقران: أَي كثير
الصَّرْع لَهُم. والصَرَعة: هم الْقَوْم الَّذين يَصْرَعون من صارعوا.
قلت: يُقَال: رجل صُرْعة وَقوم صُرَعة والمِصراعان من الشِّعْر: مَا
كَانَ لَهُ قافيتان فِي بَيت وَاحِد، وَمن الْأَبْوَاب: مَاله بَابَانِ
منصوبان ينضمَّان جَمِيعًا، مَدْخلهما بَينهمَا فِي وسط المصراعين.
ومصارع القَتْلَى: حَيْثُ قُتِلوا. وأمّا قَول لَبيد:
مِنْهَا مصَارِع غابة وقيامها
فَإِن المصارع جمع مصروع من القَصَب. يَقُول: مِنْهَا مصروع، وَمِنْهَا
قَائِم، وَالْقِيَاس مصاريع. وَبَيت من الشِّعر مُصَرّع: لَهُ مصراعان.
وَكَذَلِكَ بَاب مصرَّع. وَفِي الحَدِيث: (الصُرَعة بتحريك الرَّاء
الرجل الْحَلِيم عِنْد الْغَضَب) . وَقَالَ أَبُو مَالك: يُقَال: إِن
فلَانا ليفعل ذَاك على كل صِرْعة أَي يفعل ذَاك على كلّ حَال. عَمْرو
عَن أَبِيه قَالَ: الصَّرِيع: الْمَجْنُون، والصَّرِيع: الْقَضِيب
يَسقط من شجر البَشَام، وَجمعه صِرْعان. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي
يُقَال: هَذَا صِرْعه وصَرْعه وضِرعه وضَرعه وطِبْعه وطَلعه
(2/17)
وطِباعه وطبيعه وشَنّه وقِرْنه وقَرْنه
وشِلوه وشُلَّته أَي مِثله. وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: طلبت من
فلَان حَاجَة فَانْصَرَفت وَمَا أَدْرِي على أَي صِرْعَيْ أمرِهِ
أنصرِف أَي لم يبيّن لي أمره. وَأنْشد:
فرُحت وَمَا وَدَّعت ليلى وَمَا دَرَت
على أيّ صِرْعَيْ أمرِها أتروّح
والصريع من القِداح: مَا صُنع من الشّجر ينْبت على وَجه الأَرْض،
وَقَالَ ابْن مقبل:
وأزجر فِيهَا قبل نمّ صحائها
صريع القِدَاح والمَنِيح المخيَّرا
وَإِنَّمَا خيَّره لِأَنَّهُ فائز مبارك. وَيُقَال: الصريع: العُود
يجِفّ فِي شَجَره، يتَّخذ مِنْهُ قِدْح، وَهُوَ أَجود مَا يكون، قَالَ:
صريع دَرِير مسّه مس بيضه
إِذا سنحت أَيدي المفيضِين يبرح
أَي يُخرج فيدُرّ على صَاحبه بِاللَّحْمِ. والصَرْعانِ: حَلْبتا
الغداةِ والعشيّ؛ قَالَ عنترة:
ومنجوبٍ لَهُ مِنْهُنَّ صَرْع
يمِيل إِذا عدلْتَ بِهِ الشِوارا
المنجوب: السِّقاء المدبوغ بالنَّجَب. ومنهن يَعْنِي: من الْإِبِل، أَي
لهَذَا السِّقاء من هَذِه الْإِبِل صَرْع كلّ يَوْم، والصرع الآخر
لأولادها، وَأخْبر أَن هَذَا الصرع يمْلَأ السِّقَاء حَتَّى يمِيل
بِكُل مَا يُعدَل بِهِ إِذا حُمِل، والشِّوار: مَتَاع الرَّاعِي
وَغَيره. وَقَوله:
أَلا لَيْت جَيْش العَيْر لَاقَى سَرِيَّة
ثَلَاثِينَ منّا صَرْع ذاتِ الحقائل
صرع ذَات الحقائل أَي حِذَاء ذَات الحقائل وناحيتها، وَهِي وادٍ.
صعر: قَالَ الله جلّ وعزّ: {عَزْمِ الاُْمُورِ وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ
لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِى الاَْرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ
يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (لُقْمَان: 18) وقرىء: (وَلَا
تُصَاعر) . قَالَ الفرّاء: ومعناهما: الْإِعْرَاض من الكِبْر. وَقَالَ
أَبُو إِسْحَاق: مَعْنَاهُ: لَا تُعْرِض عَن النَّاس تكبّراً، ومجازه:
لَا تُلزِم خَدّك الصَّعَر. وَقَالَ اللَّيْث: الصَّعَر: مَيل فِي
العُنق وانقلاب فِي الْوَجْه إِلَى أحد الشِّقَّين، والتصعير: إمالة
الخَدّ عَن النّظر إِلَى النَّاس تهاوُناً وكِبْراً، كَأَنَّهُ مُعْرض.
قَالَ: وَرُبمَا كَانَ الظليم وَالْإِنْسَان أَصْعر خِلقَةً. قَالَ:
وَفِي الحَدِيث: (يَأْتِي على النَّاس زمَان لَيْسَ فيهم إِلَّا أصعر
وأبتر) ، يَعْنِي: رُزالة النَّاس الَّذين لَا دين لَهُم. قَالَ:
والصعارير: دَحَاريج الجُعَل، وَقد صعْرَرْت صُعْرورة، وَأنْشد:
يَبْعَرن مثل الفُلْفُل المصعرَرِ
وَيُقَال: ضَربته فاصعَنْرر إِذا اسْتَدَارَ من الوَجَع مَكَانَهُ
وتقبّض. وَرُبمَا قَالُوا: اصعَرَّر فأدغموا النُّون فِي الرَّاء. وكل
حَمْل شَجَرَة يكون أَمْثَال الفُلفل نَحْو حَمل الأبْهل وأشباهه ممَّا
فِيهِ صلابة فَإِنَّهَا تسمَّى الصعارير وَأنْشد:
إِذا أَوْرق العبسيّ جَاع بَناتُه
وَلم يَجدوا إِلَّا الصعارير مَطْعَما
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصعارير: صَمْغ جامد يشبه
الْأَصَابِع. قَالَ: والصعارير: الأباخس الطوَال، وَهِي الْأَصَابِع.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: الصعارير: اللبَنُ المصمَّغ فِي
(2/18)
اللِبأ قبل الإفصاح. وَقَالَ غَيره:
الاصعرار: السيْرُ الشَّديد، يُقَال اصعرَّت الْإِبِل اصعراراً، وقَرَب
مُصْعَرّ. وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
وَقد قَرَبن قَرَباً مُصْعَرّا
إِذا الهِدَان حَار واسبكرَّا
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الصَيْعرية: سِمَة فِي عُنُق الْبَعِير.
والصَيْعريَّة أَيْضا: اعْتِرَاض فِي السَّيْر. وَيُقَال للصمغة
المستديرة: صُعْرورة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصَّعَر والصَّعَل: صِغر
الرَّأْس، والصَّعَر: التكبّر، والصعَر: أكْل الصعارير وَهُوَ
الصَّمْغ. وَقَالَ: اصعرَّت الْإِبِل واصعنفرت وتمشْمَشَتْ وامذقرَّت
إِذا تفرَّقت.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصعارير: صمغ جامد يشبه الْأَصَابِع.
قَالَ: والصَّعارير: الأباخس الطوَال وَهِي الْأَصَابِع وَاحِدهَا
أبخس. والأصعر: المعرض بِوَجْهِهِ كبْراً. وَفِي الحَدِيث: (كل صعَّار
مَلْعُون) أَي كل ذِي كِبْر وأبَّهة. يُقَال: أصَاب البعيرَ صَعَر
وصَيَد أَي أَصَابَهُ دَاء يلوي عُنُقه. وَيُقَال للمتكبّر: فِيهِ
صَعَر وصَيَد.
(بَاب الْعين وَالصَّاد مَعَ اللَّام)
ع ص ل
عصل، علص، صلع، صعل، لعص: مستعملات.
لعص: أهمل اللَّيْث لعص وَقَالَ ابْن دُرَيْد: اللَّعَص: العَسَر،
يُقَال تَلَعَّص فلَان علينا أَي تعسَّر. قَالَ: واللعِصُ: النهِمُ فِي
الْأكل وَالشرب، وَقد لعِص لَعَصاً. وَلَا أحفظ مَا قَالَه أَبُو بكر
لغيره.
عصل: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الأعصال: الأمعاء، وَاحِدهَا عَصَل،
وَقَالَهُ اللَّيْث وَغَيره. والعَصَل فِي الناب: اعوجاجه. وَقَالَ:
على شناحٍ نابُهُ لم يَعْصَلِ
وَقَالَ صَخْر:
أَبَا المثلَّم أقصر قبل باهظة
تَأْتِيك مني ضروسٍ نابها عَصِل
وَقَالَ أَوْس:
رَأَيْت لَهَا ناباً من الشَّرّ أعصلا
وَقَالَ اللَّيْث: الأعصل من الرِّجَال: الَّذِي عُصِبَتْ سَاقه
فاعوجَّت. وشجرة عَصِلة وَهِي العوجاء الَّتِي لَا يُقدر على
إِقَامَتهَا لصلابتها. وَسَهْم أعصل: معوجّ المَتْن، وَجمعه عُصْل،
وَقَالَ لبيد:
فرميت الْقَوْم رِشْقاً صائباً
لسن بالعُصْل وَلَا بالمفتعل
والعَصَلة: شَجَرَة إِذا أكل الْبَعِير مِنْهَا سَلَّحته. والجميع:
العصل. وَقَالَ حسَّان:
تَخْرُج الأضْياحُ من أستاههم
كسُلاح النِيبِ يأكلن العَصَلْ
والأضياح: الألبان الممذوقة. أَبُو عَمْرو: عصَّل الرجلُ تعصيلاً،
وَهُوَ البُطْء فِي الْأَمر. أَبُو عُبَيْدَة: فرس أعصل: ملتوي
العَسِيب حَتَّى يبرز بعضُ بَاطِنه الَّذِي لَا شعرَ عَلَيْهِ.
والعَصِل: الرمْل الملتوي المعوجّ. وَرجل أعصل: يَابِس الْبدن، وَجمعه
عُصْل. وَقَالَ الراجز:
(2/19)
ورُبَّ خيرٍ فِي الرِّجَال العُصْلِ
وَيُقَال للسهم الَّذِي يلتوي إِذا رُمي بِهِ: مُعَصِّل. والعَصَل:
الالتواء فِي كل شَيْء. عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال: هُوَ المِحْجَن
والصَوْلجان والمِعْصِيل والمِعْصال، والصاع والميجار والصولجان.
والمعْقف ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: المِعْصَل: المتشدّد
على غَرِيمه، والعاصل: السهْم الصُّلْب والعَصْلاء: الْمَرْأَة
الْيَابِسَة، قَالَ:
لَيست بعصلاء تَذْمِي الكلبَ نكهَتُها
وَلَا بِعَنْدلة يَصْطَكُّ ثَدْياها
والعَصْلَى: الْموضع الَّذِي ينْبت فِيهِ العَصَل أَي القُلاَّم. قَالَ
العبَّاس بن مِرْداس:
عَفا مُنْهَل من أَهله فمُتالِع
فَعصلَى أرِيكٍ قد خلت فالمصانع
منهل: مَاء بِبِلَاد بني سُلَيم.
أَبُو عَمْرو: عصَّل الرجل تعصيلاً إِذا أَبْطَأَ. وَأنْشد:
يَألِبُها حُمْرانُ أيَّ ألْب
وعَصَّل العَمْريُّ عَصْلَ الكلْب
والألْب: السُّوق الشَّديد. يُقَال: ألَب الإبلَ يألِبُها إِذا طردها.
والعاصل: السهْم الصُّلْب.
علص: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: العِلَّوْص والعِلَّوْز جَمِيعًا:
الوَجَع الَّذِي يُقَال لَهُ: اللَّوَى وَنَحْو ذَلِك قَالَ اللَّيْث
قَالَ: والعِلَّوص من التُخمة والبَشَم، وَهُوَ اللَّوَى الَّذِي
يَيْبَس فِي الْمعدة. يُقَال: علَّصت التُخمَةُ فِي مَعِدته تعليصاً،
وَإِن بِهِ لعِلَّوصاً، وَإنَّهُ لعِلَّوْص مُتَّخِم. ثَعْلَب عَن ابْن
الْأَعرَابِي قَالَ: العِلَّوص: الوَجَع، والعِلَّوْز: الْمَوْت
الوَحِيّ. والعِلّوض بالضاد: ابْن آوى. قَالَ: وَيكون العِلَّوز
اللَّوَى. وَيُقَال: رجل عِلَّوص دأبه اللَّوَى.
صلع: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصُلَّعة: الصَّخْرَة
الملساء، حَكَاهُ عَن أبي المكارم. وَفِي حَدِيث لُقْمَان بن عَاد:
وإلاّ أر مطمعي فوَقّاع بصُلَّعِ
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ بَعضهم: سَأَلت ابْن مَنَاذر صَاحب
الْعَرَبيَّة الشَّاعِر عَن الصُلَّع فَقَالَ: الحَجَر، قَالَ:
وَسَأَلت الأصمعيّ عَنهُ فَقَالَ: هُوَ الْموضع الَّذِي لَا يُنْبِت من
الأَرْض، وَأَصله من مَصلَع الرَّأْس. وَيُقَال للْأَرْض الَّتِي لَا
تُنبت: صَلْعاء. وَقَالَ شَمِر فِيمَا ألَّف بِخَطِّهِ: الصَّلعاء:
الداهية الشَّدِيدَة، يُقَال: لقِي من الصَلْعاء. وَأنْشد للكميت:
فلمّا أحلّوني بصلْعَاء صَيْلَم
لإحدى زُبَى ذِي اللبدتين أبي الشِبْل
أَرَادَ: الْأسد.
وَفِي الحَدِيث: (يكون كَذَا وَكَذَا ثمَّ تكون جبَرُوَّةٌ صلْعاء) .
قَالَ: والصلعاء هَهُنَا: البارزة كالجبَل الأصلع البارز الأملس
البرَّاق. قَالَ: وانصلعت الشَّمْس وتصلَّعت إِذا خرجت من الغَيْم.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فِيهِ سِنَان كالمنارة أصلع
أَي برّاق أملس. وَقَالَ آخر:
يلوح بهَا المذلَّق مِذْرَبَاه
خُرُوج النَّجْم من صَلَع الغِيام
وَقَالَ اللَّيْث: الصُلاَّع: الصُفَّاح وَهُوَ
(2/20)
العريض من الصخر، والواحدة صُلاَّعة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: صَلَّع الرجل إِذا أعذر وَهُوَ التصليع.
وَقَالَ اللَّيْث: التصليع: السُلاَح. قَالَ: واللأُصيلع من الحيّات:
العريض العُنُق كَأَن رَأسه بُنْدقة مُدحرَجة. واللأُصيلع: الذّكر يكنى
عَنهُ. والصلَع: ذهَاب شعر الرَّأْس من مقدَّمه إِلَى مؤخَّره،
وَكَذَلِكَ إِن ذهب وَسطه. تَقول: صَلِع صَلَعاً. والصلَعة: مَوضِع
الصلَع من الرَّأْس، وَكَذَلِكَ النزَعة والكَشَفة والجَلَحة، جَاءَت
مثقَّلات كلهَا. والعُرْفُطة إِذا سَقَطت رؤوسُ أَغْصَانهَا وأكلتها
الْإِبِل قيل: قد صَلعت صَلَعاً. وَقَالَ الشمَّاخ يصف الْإِبِل:
إِن تُمس فِي عُرْفُط صُلْعٍ جماجمُهُ
من الأسالق عاري الشوك مجرود
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصَّوْلَع: السِنَان المجلوّ. وَفِي
الحَدِيث: أَن مُعَاوِيَة قدِم الْمَدِينَة فَدخل على عَائِشَة، فَذكرت
لَهُ شَيْئا فَقَالَ: إِن ذَلِك لَا يصلح، قَالَت: الَّذِي لَا يصلح
ادّعاؤك زياداً، قَالَ: فَقَالَ: شهِدت الشهودُ. فَقَالَت: شهِدت
الشُّهُود وَلَكِن ركِبَتِ الصُلَيْعاءَ. معنى قَوْلهَا: ركبت الصليعاء
أَي شهدُوا بزُور قَالَ الْمُعْتَمِر، قَالَ أبي: الصليعاء: الفخِر.
والصلعاء فِي كَلَام الْعَرَب: الداهية وَالْأَمر الشَّديد. وَقَالَ
مزرِّد أَخُو الشماخ:
تأوُّهَ شيخ قَاعد وعجوزِه
حريَّين بالصلعاء أَو بالأساود
قَالَ أَبُو زيد: يُقَال: تصلَّعت السماءُ تصلُّعاً إِذا انْقَطع غيمها
وانجردت. وَالسَّمَاء جرداء إِذا لم يكن فِيهَا غَيْم. وصِلاَع
الشَّمْس: حرّها. وَيَوْم أصلع: شَدِيد الحرّ، قَالَ:
يَا قِردة خشيت على أظفارها
حَرَّ الظَهِيرة تَحت يَوْم أصلع
والصلعاء: الأَرْض الخالية، قَالَ:
ترى الضَّيْف بالصلعاء تَغْسِق عينه
من الْجُوع حَتَّى يُحْسَب الضَّيْف أرمدا
والصَلِيع: الأملس. وَقَالَ عَمْرو بن معد يكرب:
وسَوْقُ كَتِيبَة دَلَفت لأخرى
كأنّ زُهاءها رَأس صَليع
يَعْنِي: رَأْسا أصلع أملس.
وَفِي حَدِيث عمر فِي صفة التَّمْر قَالَ: وتُحترش بِهِ الضِباب من
الصلعاء، يُرِيد الصَّحرَاء الَّتِي لَا تنْبت شَيْئا، مثل الرَّأْس
الأصلع، وَهِي الحصَّاء مثل الرَّأْس الأحصّ.
صعل: فِي حَدِيث أم مَعْبَد فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
(لم تُزْرِ بِهِ صَعْلة) قَالَ أَبُو عبيد: الصَّعْلة: صِغَر الرَّأْس،
يُقَال: رجل صَعْل الرَّأْس إِذا كَانَ صَغِير الرَّأْس. وَلذَلِك
يُقَال للظَّلِيم: صَعْل لِأَنَّهُ صَغِير الرَّأْس. قَالَ اللَّيْث:
رجل صَعْل إِذا صغُر رأسُه. وَقد يُقَال رجل أصعل وَامْرَأَة صعلاء.
وَفِي حَدِيث عليّح: (استكثروا من الطّواف بِهَذَا الْبَيْت قبل أَن
يحول بَيْنكُم وَبَينه من الْحَبَشَة أصعلُ أصمع) . قَالَ أَبُو عبيد:
قَالَ الأصمعيّ: قَوْله: أصعل هَكَذَا يُروى، فَأَما كَلَام الْعَرَب
فَهُوَ صَعْل بِغَيْر
(2/21)
ألف وَهُوَ الصَّغِير الرَّأْس، وَلذَلِك
يُقَال للظليم: صَعْل.
قَالَ اللَّيْث: وَأما قَول العَجّاج:
ودَقَلٌ أجرد شَوْذَبيُّ
صَعْل من الساج ورُبَّانيُّ
فَإِنَّهُ أَرَادَ بالصَّعْل هَهُنَا الطَّوِيل. أَبُو عَمْرو:
الصَّعْلة من النّخل: فِيهَا اعوجاج، وَأنْشد:
مَا لم تكن صعلة صعباً مراقيها
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصاعل: النعام الْخَفِيف.
قَالَ شمر: الصَّعْل من الرِّجَال: الصَّغِير الرَّأْس الطَّوِيل
العُنق الدقيقُهما. قَالَ: وَتَكون الصَّعْلة الخِفَّة فِي الْبدن
والدقَّة والنحول. قَالَ الشَّاعِر يصف عَيْراً:
نفى عَنْهَا المصيف وَصَارَ صَعْلا
يَقُول: خفَّ جسمُه وضمُر.
وَقَالَ آخر:
جَارِيَة لاقت غُلَاما عَزَبا
أزلَّ صَعْلَ النَسَوين أرقبا
قَالَ أَبُو نصر: الأصعل: الصَّغِير الرَّأْس.
وَقَالَ غَيره: الصعَل: الدقّة فِي العُنق وَالْبدن كُله. وَيُقَال
للنخلة إِذا دقَّت: صَعْلة.
(بَاب الْعين وَالصَّاد مَعَ النُّون)
(ع ص ن)
عصن، عنص، صنع، صعن، نصع، نعص: مستعملات.
عصن: أهمله اللَّيْث. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي
أَنه قَالَ: أعصن الرجل إِذا شدَّد على غَرِيمه وتمكَّكَه وروى عَمْرو
عَن أَبِيه قَالَ: أعْصن الرمل إِذا اعوَجَّ وعسُر.
عنص: لم أجد فِيهِ غير عَنَاصِي الشَّعَر. والعُنْصُوة الخُصْلَة من
الشَّعَر، وَقَالَ الشَّاعِر:
إِن يُمْس رَأْسِي أشمط العناصِي
كَأَنَّمَا فرَّقه مُنَاصي
قَالَ اللَّيْث: العُنْصُوة على تَقْدِير فُعْلُوة.
قَالَ: وَمَا لم يكن ثَانِيه نوناً فَإِن الْعَرَب لَا تضم صَدره مثل
تُنْدُوة.
فَأَما عَرْقُوة وتَرْقُوة وقَرْنُوة فمفتوحات.
عَمْرو عَن أَبِيه: أعنص إِذا بقيتْ على رَأسه عَنَاصٍ من ضفائره،
وَهِي بقايا، وَاحِدهَا عُنْصُوة. وَقَالَ أَبُو زيد: العَنَاصِي:
الشَّعَر المنتصِب قَائِما فِي تفرُّق.
صعن: أهمله اللَّيْث. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ:
أصْعَن الرجل إِذا صغُر رأسُه. أَبُو عبيد: الصِعْوَنُّ: الظليم
الدَّقِيق العُنُق الصَّغِير الرَّأْس، وَالْأُنْثَى: صِعْوَنَّة.
وَقَالَ غَيره: الاصعنان: الدِقَّة واللطافة، وَمِنْه يُقَال: أُذُنٌ
مُصَعَنَّة: مؤلَّلة، قَالَ عديّ:
وأُذْنٌ مُصَعَّنَةٌ كالقَلَمْ
عَمْرو عَن أَبِيه: أصْعَن إِذا صغر رَأسه ونقَصَ عقلُه.
نعص: قَالَ ابْن المظفّر: أمَّا نعص فَلَيْسَ بعربيَّة إلاّ مَا جَاءَ
أسَد بن ناعصة المشبِّب بخنساء فِي شعره، وَكَانَ صَعْب الشّعْر
(2/22)
جدّاً، وقلَّما يُرْوَى شِعره لصعوبته.
قلت: وقرأت فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : فلَان من نُصْرتي وناصرتي
ونائصتي وناعِصتي وَهِي ناصرته. والنواعص: اسْم مَوضِع. وَقَالَ ابْن
دُرَيْد: النَّعْص: التمايل، وَبِه سمِّي ناعِصة. قلت: وَلم يَصح لي من
بَاب (نعص) شَيْء أعتمِده من جِهَة من يُرجَع إِلَى علمه وَرِوَايَته
عَن الْعَرَب.
نصع: أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: أنْصَعتِ النَّاقة للفحل إنصاعاً إِذا
قَرَّتْ لَهُ عِنْد الضِرَاب. وَقَالَ غَيره: أنصع لِلْحقّ إنصاعاً
إِذا أقَرَّ بِه. وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للرجل إِذا تصدَّى للشرّ:
قد أنصع لَهُ إنصاعاً. وَقَالَ شمر: النِّصْعُ الثَّوْب الْأَبْيَض.
وَأنْشد لرؤبة يصف ثوراً:
كَأَن تحتي ناشطاً مُوَلَّعا
بالشأم حَتَّى خلته مبرقَعا
بَنِيقة من مَرْحَلِيّ أسْفَعا
كَأَن نِصْعاً فَوْقه مقطَّعا
مخالط التقليص إِذْ تَدَرَّعا
قَالَ شمر: قَالَ ابْن الأعرابيّ: يَقُول: كَأَن عَلَيْهِ نِصْعاً
مقلَّصاً عَنهُ، يَقُول: تخال أَنه أُلْبِس ثوبا أَبيض مقلَّصاً عَنهُ
لم يبلغ كُروعَه الَّتِي لَيست على لَونه. ابْن السّكيت عَن ابْن
الأعرابيّ: أَبيض ناصع. قَالَ: والناصع فِي كل لون خَلَص ووَضَح. قَالَ
الأصمعيّ: وَأكْثر مَا يُقَال فِي الْبيَاض أَبُو عبيد: أَبيض ناصع
ويَقَق. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أصفر ناصع اللَّيْث: النَّصِيع:
الْبَحْر وَأنْشد:
أدْلَيت دَلْوِي فِي النَّصِيع الزاخر
قلت: قَوْله: النَّصِيع: الْبَحْر غير مَعْرُوف، وَأَرَادَ بالنصيع:
مَاء بِئْر ناصع المَاء لَيْسَ بكَدِر؛ لِأَن مَاء الْبَحْر لَا
يُدْلَى فِيهِ الدَلْو. يُقَال: مَاء ناصع وماصع ونصِيع إِذا كَانَ
صافياً. وَالْمَعْرُوف فِي الْبَحْر البَضِيع، بِالْبَاء وَالضَّاد:
وَقد مرّ فِي بَابه وروى أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: الماصع:
البَرّاق، بِالْمِيم، وَيُقَال: المتغيّر، قَالَ: وَمِنْه قَول ابْن
مقبِل:
فأفرغت من ماصع لونُه
على قُلُص ينتهِبن السِّجَالا
وَقَالَ شمر: ماصع يُرِيد بِهِ: ناصع، فصيَّر النُّون ميماً. قَالَ:
وَقد قَالَ ذُو الرمَّة: ماصع فَجعله مَاء قَلِيلا. أَخْبرنِي بذلك
كُله الإيَاديّ عَن شمر، وَقَالَ أَبُو سعيد: المَنَاصِع: الْمَوَاضِع
الَّتِي يُتَخلى فِيهَا لبول أَو حَاجَة، وَالْوَاحد مَنْصَع. قلت:
قَرَأت فِي حَدِيث الإفْك: (وَكَانَ متبرّز النِّسَاء بِالْمَدِينَةِ
قبل أَن سُوّيت الكُنُف فِي الدّور المناصع) . وأُرى أَن المناصع
مَوضِع بِعَيْنِه خَارج الْمَدِينَة، وَكن النساءُ يتبرّزْن إِلَيْهِ
بِاللَّيْلِ على مَذَاهِب الْعَرَب فِي الجاهليَّة. وَقَالَ المؤرّج
فِيمَا روى لَهُ أَبُو تُرَاب: النِّصَع والنِّطَع لوَاحِد الأنطاع،
وَهُوَ مَا يتَّخذ من الأدَم. وَأنْشد لحاجز ابْن الجعيد الأزديّ:
فننحرها ونخلطها بِأُخْرَى
كَأَن سَرَاتها نِصَع دَهين
قَالَ: وَيُقَال: نِصْع بِسُكُون الصَّاد. وَقَالَ شمر: قَالَ
الأصمعيّ: كل ثوب خالط الْبيَاض والصفرة والحمرة فَهُوَ نِصْع. وَقَالَ
(2/23)
أَبُو عُبَيدة فِي الشيات: أصفر ناصع،
قَالَ: هُوَ الْأَصْفَر السَرَاةِ تعلو متنَه جُدَّة غَبْساء. وَقَالَ
أَبُو تُرَاب: قَالَ الأصمعيّ: يُقَال: شرِب حَتَّى نَصَع وَحَتَّى
نَقَع، وَذَلِكَ إِذا شَفَى غليله. قَالَ أَبُو نصر: الْمَعْرُوف: بضع.
صنع: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ
تَخْلُدُونَ} (الشُّعَرَاء: 129) المصانع فِي قَول بعض المفسّرين:
الْأَبْنِيَة.
وَقَالَ بَعضهم: هِيَ أحباس تُتَّخذ للْمَاء، وَاحِدهَا مَصْنَعة
ومَصْنَع. قلت: وَسمعت الْعَرَب تسمّي أحباس المَاء: الأصناع
والصُّنُوع، وَاحِدهَا صِنْع. وروى أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ:
الحِبْس مثل المَصْنَعة، قَالَ: والزَّلَف: المصانع. قلت: وَهِي
مَسَّاكاتٌ لِماء السَّمَاء يحتفرها النَّاس فيملؤها ماءُ السَّمَاء
يشربونها. وَيُقَال للقصور أَيْضا مصانع. وَقَالَ لبيد:
بَلِينا وَمَا تَبْلى النُّجُوم الطوالعُ
وتَبْلى الديارُ بَعدنَا والمَصَانِع
وَقَول الله جلّ وعزَّ: {مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِى صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَتْقَنَ} (النَّمل: 88) قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الْقِرَاءَة
بِالنّصب، وَيجوز الرّفْع. فَمن نصب فعلى الْمصدر، لِأَن قَوْله:
{أَتَوْهُ دَاخِرِينَ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِىَ
تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِى صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم
1764 - أَتْقَنَ كُلَّ شَىْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا} (النَّمل: 88)
دَلِيل على الصَّنْعَة، كَأَنَّهُ قَالَ: صَنَع الله ذَلِك صُنْعاً.
وَمن قَرَأَ: (صُنْعُ الله) فعلى معنى: ذَلِك صنع الله. وَقَول الله:
{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 -} (طاه: 39) مَعْنَاهُ: ولتربَّى بمرأًى منّي. يُقَال: صَنَع
فلَان جَارِيَته إِذا رباها، وصَنَع فرسه إِذا قَامَ بعلفه وتسمينه.
وَقَالَ اللَّيْث: صنع فرسَه، بِالتَّخْفِيفِ، وصنَّع جَارِيَته
بِالتَّشْدِيدِ؛ لِأَن تصنيع الْجَارِيَة لَا يكون إِلَّا بأَشْيَاء
كَثِيرَة وعِلاَج. قلت: وَغير اللَّيْث يُجِيز صَنَع جَارِيَته
بِالتَّخْفِيفِ، وَمِنْه قَوْله: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِى صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم
1764 -} . وَفُلَان صَنِيع فلَان إِذا ربَّاه وأدَّبه وخرَّجه، وَيجوز:
صنيعته. وَقَالَ الأصمعيّ: الْعَرَب تسمّي القُرَى مصانع، واحدتها
مَصْنعة. وَقَالَ ابْن مُقْبل:
أصواتُ نسوان أنباطٍ بمَصْنَعة
بَجَّدْن للنَّوْح واجتَبْن التَبَا بَينا
والمَصْنعة: الدَّعْوة يتّخذها الرجل وَيَدْعُو إخوانه إِلَيْهَا.
وَقَالَ الرَّاعِي:
ومصنعةٍ هُنَيدَ أعنْتُ فِيهَا
قَالَ الْأَصْمَعِي: يَعْنِي مَدْعاة. وَفرس مُصَانِع، وَهُوَ الَّذِي
لَا يعطيك جَمِيع مَا عِنْده من السّير، لَهُ صون يصونه فَهُوَ يصانعك
ببذله سَيْرَه. وَيُقَال: صانعت فلَانا أَي رافقته. وصانعت الْوَالِي
إِذا راشيته، وصانعته إِذا داهنته. وَقَالَ اللَّيْث: التصنُّع: تكلّف
حُسْن السَّمْت وإظهاره والتزيُّن بِهِ وَالْبَاطِن مَدْخُول. وَقَالَ:
الصُنَّاع: الَّذين يعْملُونَ بِأَيْدِيهِم، والحِرْفة الصِّنَاعة،
وَالْوَاحد صانع. وَقَالَ ابْن السّكيت: امْرَأَة صَنَاع إِذا كَانَت
رقيقَة الْيَدَيْنِ تسوِّي الأساقي وتَخْرُز الدلاء وتَفْريها. وَرجل
صَنَع. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
وَعَلَيْهِمَا مَسرودَتان قضاهما
دَاوُد أَو صَنَع السوابغ تُبَّعُ
وَقَالَ ابْن الأنباريّ فِي (الزَّاهِر) : امْرَأَة صَنَاع إِذا كَانَت
حاذقة بِالْعَمَلِ، وَرجل
(2/24)
صَنَع. إِذا أُفردت فَهِيَ مَفْتُوحَة
متحرّكة. قَالَ: وَيُقَال: رجل صِنْع الْيَدَيْنِ، مكسور الصَّاد إِذا
أضيفت. وَأنْشد:
صِنْعُ الْيَدَيْنِ بحيثُ يكوى الأصْيَدُ
وَأنْشد غَيره:
أنبل عَدْوانَ كُلِّها صَنَعا
والصَّنِيعة: مَا أَعْطيته وأسديته من مَعْرُوف أَو يَد إِلَى إِنْسَان
تَصنعهُ بِهِ، وَجَمعهَا صنائع، قَالَ الشَّاعِر:
إِن الصنيعة لَا تكون صَنِيعَة
حَتَّى يصابَ بهَا طريقُ المَصْنَع
وَقَول الله عزّ وجلّ {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِى} (طاه: 41) أَي
ربَّيتك لخاصَّة أَمْرِي الَّذِي أردته فِي فِرْعَوْن وَجُنُوده.
وحدّثنا الْحُسَيْن عَن أبي بكر بن أبي شَيْبة عَن يحيى بن سعيد
القطَّان عَن مُحَمَّد بن يحيى عَن أَبِيه عَن أبي سعيد الخُدْريّ
قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا توقدوا بلَيْل
نَارا) ؛ ثمَّ قَالَ: (أوقدوا واصطنعوا فَإِنَّهُ لن يدْرك قوم بعدكم
مُدَّكم وَلَا صاعَكم) . قَوْله: اصطنعوا أَي اتّخذوا طَعَاما تنفقونه
فِي سَبِيل الله.
عَمْرو عَن أَبِيه: الصَنِيع: الثَّوْب الجيّد النقيّ. وَقَالَ ابْن
الْأَعرَابِي: أصْنع الرجلُ إِذا أعَان آخر. قَالَ: وكل مَا صُنِع
فِيهِ فَهُوَ صِنْع مثل السُّفْرة. وَيكون الصِنْع الشِّوَاء. وَقَالَ
اللَّيْث: الصَّنَّاعة: خَشَبَة تُتّخذ فِي المَاء ليحبس بهَا المَاء
وتُمسكه حينا. ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه
قَالَ: (إِذا لم تَسْتَح فَاصْنَعْ مَا شِئْت) رَوَاهُ جَرِير بن عبد
الحميد عَن مَنْصُور عَن رِبْعيّ بن حِرَاش عَن أبي مَسْعُود الأنصاريّ
عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ جرير:
مَعْنَاهُ: أَن يُرِيد الرجل أَن يعْمل الْخَيْر فيدعَه حَيَاء من
النَّاس، كَأَنَّهُ يخَاف مَذْهَب الريَاء. يَقُول: فَلَا يمنعْك
الحياءُ من المضيّ لِمَا أردْت. قَالَ أَبُو عبيد: وَالَّذِي ذهب
إِلَيْهِ جرير معنى صَحِيح فِي مذْهبه، وَلَكِن الحَدِيث لَا يدلّ
سِيَاقه وَلَا لَفظه على هَذَا التَّفْسِير. قَالَ أَبُو عبيد: وَوَجهه
عِنْدِي أَنه أَرَادَ بقوله: (إِذا لم تستح فَاصْنَعْ مَا شِئْت)
إِنَّمَا هُوَ: من لم يستح صَنَع مَا شَاءَ، على جِهَة الذمّ لترك
الْحيَاء، وَلم يرد بقوله: فَاصْنَعْ مَا شِئْت أَن يَأْمُرهُ بذلك
أمرا، ولكنّه أمْر مَعْنَاهُ الْخَبَر؛ كَقَوْلِه ج: (من كذب عليّ
متعمِّداً فليتبوّأ مَقْعَده من النَّار) ، لَيْسَ وَجهه أَنه أمره
بذلك، إِنَّمَا مَعْنَاهُ: مَن كذب عليّ تبوَّأ مَقْعَده من النَّار.
وَالَّذِي يُرَاد من الحَدِيث أَنه حَثَّ على الْحيَاء وأمرَ بِهِ
وَعَابَ تَركه. وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن عَرَفة: سَمِعت أَبَا
الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى يَقُول فِي قَوْله: إِذا لم تستح فَاصْنَعْ
مَا شِئْت قَالَ: هَذَا على الْوَعيد، فَاصْنَعْ مَا شِئْت فَإِن الله
يجازيك. وَأنْشد:
إِذا لم تخش عَاقِبَة اللَّيَالِي
وَلم تستَحْيِ فَاصْنَعْ مَا تشَاء
وَهُوَ كَقَوْل الله تَعَالَى: {فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ
فَلْيَكْفُرْ} (الْكَهْف: 29) .
الأصناع: الْأَسْوَاق، جمع صِنْع. وَقَالَ ابْن مقبل يصف فرسا:
بتُرْس أعجم لم تُنْجَر مسامره
مِمَّا تَخَيَّرُ فِي أصناعها الرّوم
لم تُنجز مسامره أَي لم تشدّ فِيهِ المسامير.
(2/25)
والصِنْع: السَفُّود، قَالَ مَرّار يصف
إبِلا:
وَجَاءَت وركبانها كالشُروب
وسائقها مثل صِنْع الشواء
أَي هَذِه الْإِبِل وركبانها يتمايلون من النُّعَاس، وسائقها يَعْنِي
نَفسه اسودّ من السَّمُوم. وَيُقَال: فلَان صَنِيع فلَان وصنيعته إِذا
ربّاه وأدّبه حَتَّى خرّجه.
(بَاب الْعين وَالصَّاد مَعَ الْفَاء)
(ع ص ف)
عصف، عفص، صفع، صعف، فصع: مستعملات.
عصف: قَالَ الله جلّ وعزّ: {الاَْكْمَامِ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ
وَالرَّيْحَانُ} (الرَّحمان: 12) وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {سِجِّيلٍ
فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ} (الْفِيل: 5) قَالَ الفرّاء:
العَصْف فِيمَا ذكرُوا: بَقْل الزَرْع؛ لِأَن الْعَرَب تَقول: خرجنَا
نَعْصِف الزَّرْع إِذا قطعُوا مِنْهُ شَيْئا قبل إِدْرَاكه، فَذَلِك
العَصْف. قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: ذُو العَصْف يُرِيد الْمَأْكُول من
الحَبّ، وَالريحَان: الصَّحِيح الَّذِي يُؤْكَل. وَقَالَ أَبُو
إِسْحَاق: العَصْف: وَرَق الزَّرْع. وَيُقَال للتبْن: عَصْف وعَصِيفة.
وَقَالَ النضْر: العَصْف: القَصِيل. قَالَ: وعصفْنا الزرعَ نعصِفه أَي
جززنا ورقه الَّذِي يمِيل فِي أَسْفَله ليَكُون أخفّ للزَّرْع، وَإِن
لم يُفعل مَال بالزرع. وَذكر الله جلّ وعزّ فِي أوّل هَذِه السُّورَة
مَا دلَّ على وحدانيَّته من خَلْقه الْإِنْسَان وتعليمه الْبَيَان،
وَمن خَلْق الشَّمْس وَالْقَمَر وَالسَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا أَنبت
فِيهَا من رِزقِ مَن خلق فِيهَا من إنسيّ وبهيمة، تبَارك الله أحسن
الْخَالِقِينَ. وأمَّا قَوْله تَعَالَى: {سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ
كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ} (الْفِيل: 5) فَلهُ مَعْنيانِ: أَحدهمَا أَنه
أَرَادَ: أَنه جعل أَصْحَاب الْفِيل كورق أُخِذ مَا كَانَ فِيهِ من
الحَبّ وَبَقِي هُوَ لَا حبّ فِيهِ. وَالْآخر أَنه أَرَادَ: أَنه جعلهم
كعصف قد أكله الْبَهَائِم. وَقَالَ اللَّيْث: العَصْف: مَا على حبّ
الحِنْطة وَنَحْوهَا من قُشور التبْن. قَالَ: والعَصْف أَيْضا: مَا على
سَاق الزَّرْع من الْوَرق الَّذِي يبِس فتفتَّت، كل ذَلِك من العصف.
قَالَ: وَقَوله: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ} ذُكر عَن سعيد بن جُبَير أَنه
قَالَ: هُوَ الهَبُّور، وَهُوَ الشّعير النَّابِت بالنَبَطيَّة. وَعَن
الْحسن: كزرع قد أُكل حَبّه وَبَقِي تِبْنُه. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن
أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَجَعَلَهُمْ
كَعَصْفٍ} : إِنَّه يُقَال: إِن فلَانا يعتصف إِذا طلب الرزق، والعصف:
الرزق، والعَصْف والعَصِيفة: ورق السُنْبُل. وَقَول الله جلّ وعزّ:
{عُرْفاً فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً} (المُرسَلات: 2) قَالَ المفسّرون:
هِيَ الرِّيَاح. وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ
اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} (إِبْرَاهِيم: 18)
قَالَ: فَجعل العُصُوف تَابعا لليوم فِي إعرابه وَإِنَّمَا العُصُوف
للرياح. وَذَلِكَ جَائِز على جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا أَن العُصُوف
وَإِن كَانَ للريح فَإِن الْيَوْم قد يوصَف بِهِ؛ لِأَن الرّيح تكون
فِيهِ، فَجَاز أَن تَقول: يَوْم عاصف؛ كَمَا يُقَال: يَوْم بَارِد
وَيَوْم حارّ وَالْبرد والحرّ فيهمَا. وَالْوَجْه الآخر أَن تُرِيدُ:
فِي يَوْم عاصِف الريحِ، فتحذف الرّيح لِأَنَّهَا قد ذُكِرت فِي أول
الْكَلِمَة، كَمَا قَالَ:
(2/26)
إِذا جَاءَ يومٌ مظلم الشَّمْس كاسفُ
يُرِيد: كاسف الشَّمْس فَحَذفهُ لِأَنَّهُ قدَّم ذكره. وَأَخْبرنِي
المنذريّ عَن الحرَّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: يُقَال: عَصَفت الريحُ
وأعصفت فَهِيَ ريح عاصف ومُعْصفة إِذا اشتدَّت. وَقَالَ اللَّيْث:
وَجمع العاصف عواصف. قَالَ: والمُعْصِفات: الرِّيَاح الَّتِي تُثير
التُّرَاب وَالْوَرق وعَصْفَ الزَّرْع. قَالَ: والعُصافة: مَا سقط من
السُنْبل، مثل التِّبْن وَنَحْوه. أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ:
الإعصاف: الإهلاك، وَأنْشد للأعشى:
فِي فيلق شهباء ملمومة
تُعْصِف بالدارع والحاسر
أَي تُهلكهما. وَقَالَ اللَّيْث: تُعصف بهما أَي تَذهب بهما. قَالَ:
والنعامة العَصُوف: السريعة: والعَصْف: السرعة، وَأنْشد:
وَمن كل مِسْحاج إِذا ابتلَّ لِيتُها
تحلَّب مِنْهَا ثائب متعصّف
يَعْنِي العَرَق. أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: العَصُوف:
السريعة من الْإِبِل. وَقَالَ اللحيانيّ: أعصفت الناقةُ إِذا أسرعت،
فَهِيَ مُعْصِفة. وَقَالَ النَّضر: إعصاف الْإِبِل: استدارتها حول
الْبِئْر حرصاً على المَاء وَهِي تطحن التُّرَاب حوله وتثيره. وَقَالَ
المفضّل: إِذا رمى الرجل غَرَضاً فصاب نَبْلُه قيل لَهُ: إِن سهمك
لعاصف. قَالَ: وكل مَاء عاصف. وَقَالَ كثيّر:
فمرّت بلَيْل وَهِي شدفاء عاصف
بمنخرَق الدوَداة مَرَّ الخَفَيْدَدِ
وَقَالَ اللحياني: هُوَ يَعْصِف ويعتصف وَيصرف ويصطرف، أَي يكسِب
وَيطْلب ويحتال. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي، فِيمَا رَوَى عَنهُ أَبُو
الْعَبَّاس: العَصْفانِ: التِبْنانِ، قَالَ: والعُصُوف: الأتبان
والعَصْف: السنْبُل، وَجمعه عُصوف. والعُصُوف: الرِّيَاح. والعُصُوف:
الكَدّ. والعصوف الخُمُور.
عفص: قَالَ اللَّيْث: العَفْص: حَمْل شَجَرَة البَلُّوط، يحمل سَنَة
بَلُّوطاً وَسنة عَفْصاً. وَجَاء حَدِيث اللُّقَطة عَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (احفظ عِفَاصَها ووِكاءها) قَالَ
أَبُو عبيد: العِفَاص: هُوَ الوِعاء الَّذِي تكون فِيهِ النفَقة إِن
كَانَ من جلد أَو خرقَة أَو غير ذَلِك، وَلِهَذَا سمّي الْجلد الَّذِي
يُلْبَسَهُ رَأس القارورة العِفَاص، لِأَنَّهُ كالوعاء لَهَا. وَلَيْسَ
هَذَا بالصِّمَام الَّذِي يُدخَل فِي فَم القارورة فَيكون سِدَاداً
لَهَا. قَالَ: وَإِنَّمَا أمره بحفظه ليَكُون عَلامَة لصدق مَن
يعترفها. وَقَالَ اللَّيْث: العِفَاص: صمَام القارورة، ثمَّ قَالَ:
وعِفَاص الرَّاعِي: وعاؤه الَّذِي تكون فِيهِ النَّفَقَة. قلت:
وَالْقَوْل مَا قَالَه أَبُو عبيد فِي العفاص: أَنه الْوِعَاء أَو
الْجلْدَة الَّتِي تُلْبَس رأسَ القارورة حَتَّى تكون كالوعاء لَهَا.
وَيُقَال: عَفَصْت القارورة عَفْصاً إِذا جعلت العِفَاص على رَأسهَا.
فَإِن أردْت أَنَّك جعلت لَهَا عِفَاصاً قلتَ: أعفصتها. وثوب مُعَفَّص:
مصبوغ بالعفْص، كَمَا قَالُوا: ثوب ممسّك بالمِسْك. وَيُقَال: هَذَا
طَعَام عَفِص إِذا كَانَت فِيهِ بشاعة ومرارة. ثَعْلَب عَن ابْن
الْأَعرَابِي قَالَ: المِعفاص من الْجَوَارِي: الزَّبَعْبَق النهايةُ
فِي سُوء الخُلُق. قَالَ:
(2/27)
والمعقاص بِالْقَافِ شرّ مِنْهَا. العفْص:
العَصْر والهَصْر. وعَفَصَت الدابّة: ثَنَت عُنقها. مَا زلت أطالِبه
بحقّي حَتَّى عفص بِهِ واعتفصته مِنْهُ أَي أَخَذته مِنْهُ. وعَفَصها:
جَامعهَا.
صعف: أهمله اللَّيْث. وَقَالَ أَبُو عبيد: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن كثير
أَن لأهل الْيمن شرابًا يُقَال لَهُ: الصعْف، وَهُوَ أَن يُشْدَخ
العِنَب، ثمَّ يُلْقى فِي الأوعية حَتَّى يَغْلِي. قَالَ: وجُهَّالهم
لَا يرونه خمرًا لمَكَان اسْمهَا. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن
الْأَعرَابِي: أَنه قَالَ: الصعْفَانُ: المولَع بشراب الصفع وَهُوَ
العَصير.
فصع: أَبُو الْعَبَّاس عَن أبي الْأَعرَابِي: فصَّع الرجل يفصّع
تفصيعاً إِذا خرج مِنْهُ ريح منتِن وفَسْوة. وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه نهى عَن فَصْع الرُطَبة) ، قَالَ أَبُو
عبيد: فَصْعها: أَن يُخرجهَا من قشرها، يُقَال: فصعها فَصْعاً، وَأَنا
أفْصَعُها. وَقَالَ اللَّيْث: فصْعها: أَن تأخذها بإصبعك فتَعْصِرها
حَتَّى تتقشّر. قَالَ: والفَصْعاء: الْفَأْرَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الفَصْعَانُ: المكشوف الرَّأْس أبدا
حرارة والتهاباً. وَقَالَ غَيره: الفُصْعة: غُلْفة الصبيّ إِذا كشفها
عَن ثُومة ذكره قبل أَن يُختن، وَقد فصعها الصبيّ إِذا نحّاها عَن
الحَشَفَة. وروى ابْن الْفرج عَن حَتْرَش الْأَعرَابِي قَالَ: فصَّع
كَذَا من كَذَا وفصّله مِنْهُ بِمَعْنى وَاحِد إِذا أخرجه مِنْهُ.
افتصعت حقّي مِنْهُ أَي أَخَذته بقهر فَلم أترك مِنْهُ شَيْئا.
صفع: الصَفْع: أَن يَبْسُط الرجل كفّه فَيضْرب بهَا قفا الإنسانِ أَو
بدنَه، فَإِذا جمع كفّه وَقَبضهَا ثمَّ ضرب بهَا فَلَيْسَ بصَفْع،
وَلَكِن يُقَال: ضربه بجُمْع كفّه. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الصَوْفَعة:
هِيَ أَعلَى الكُمَّة والعِمامةِ. يُقَال: ضربه على صَوْفَعته إِذا
ضربه هُنَالك. قَالَ: والصَفْع أَصله من الصَوْفَعة، والصوفعة
مَعْرُوفَة.
قَالَ الْأَزْهَرِي: السَفْع: اللطح بِالْيَدِ، فَإِذا بسط الضَّارِب
يَده فَضرب بهَا الْقَفَا، فَهُوَ الصفع بالصَّاد.
(بَاب الْعين وَالصَّاد مَعَ الْبَاء)
(ع ص ب)
عصب، صبع، صَعب، بصع، بَعْص: مستعملة.
عصب: قَالَ الله جلّ وَعز: {هَاذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} (هُود: 77)
أَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ:
يَوْم عَصِيب، وَيَوْم عَصَبصَب أَي شَدِيد. قَالَ: وعَصَب فوه يَعْصِب
عَصْباً إِذا ذَبّ ويبِس رِيقه، وفوه عاصب.
وَأَخْبرنِي الحَرّانيّ عَن ابْن السكيتِ يُقَال: عصَب الريقُ بِفِيهِ
يعصِب عَصْبَاً إِذا يبِس. وَقَالَ: عَصَب فَاه الرِّيق.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
... حَتَّى يعصِب الريقُ بالفم
وَقَالَ الراجز:
يعصب فَاه الرِيقُ أَي عَصْب
عَصْب الجُبَاب بشفاه الوطْب
الجُبَاب: شِبْه الزُبْد فِي ألبان الْإِبِل. وروى بعض المحدِّثين (أَن
جِبْرِيل جَاءَ
(2/28)
يَوْم بدر على فرس أُنْثَى وَقد عصم
بثنّيتيه الغبارُ) ، فَإِن لم يكن غَلطا من المحدِّث فَهِيَ لُغَة فِي
عَصَب، وَالْبَاء وَالْمِيم يتعاقبان فِي حُرُوف كَثِيرَة، لقرب
مخرجيهما، يُقَال ضَرْبَةُ لازبٍ ولازم، وسبّد رَأسه وسمَّده.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ:
رجل معصَّب أَي فَقير قد عصَّبه الْجهد، وَهُوَ من قَوْله جلّ وَعز:
{يَوْمٌ عَصِيبٌ} (هُود: 77) .
وَقَالَ بَعضهم: يَوْم عصيب أَي شَدِيد مَأْخُوذ من قَوْلك: عَصَبَ
القومَ أمرٌ يعصِبهم عَصْباً إِذا ضمَّهم وَاشْتَدَّ عَلَيْهِم.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
يَا قومِ مَا قومِي على نأيهم
إِذْ عَصَب النَّاس شَمَال وقرّ
وَقَوله: مَا قومِي على نأيهم تعجّب من كرمهم، وَقَالَ: نِعم الْقَوْم
هم فِي المجاعة إِذْ عصب النَّاس شَمال أَي أطاف بهم وشملِهم بَرْدَها.
وَيُقَال للرجل الجائع يشتدّ عَلَيْهِ سَخْفة الجُوع فيعصِّب بَطْنه
بِحجر: مُعَصَّب. وَمِنْه قَوْله:
فَفِي هَذَا فَنحْن لُيُوث حَرْب
وَفِي هَذَا غيوث مُعَصَّبينَا
وَقَالَ الأصمعيّ: العَصْب: غَيْم أَحْمَر يكون فِي الأفُق الغربيّ
يظْهر فِي سِنِي الجَدْب. وَقَالَ الفرزدق:
إِذا العَصْب أَمْسَى فِي السَّمَاء كَأَنَّهُ
سَدَى أُرْجوان واستقلَّت عَبُورها
أَبُو عُبيد عَن أبي عُبَيدة: المعصَّب: الَّذِي عصَّبته السِنُون أَي
أكلت مَاله. وَقَالَ الله جلّ وَعز: {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا
لَفِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ} (يُوسُف: 8) . قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو
زيد: العُصْبة من العَشَرة إِلَى الْأَرْبَعين. وَقَالَ الْأَخْفَش:
العُصْبة والعِصابة: جمَاعَة لَيْسَ لَهَا وَاحِد. وَذكر ابْن المظفّر
فِي كِتَابه حَدِيثا: إِنَّه يكون فِي آخر الزَّمَان رجل يُقَال لَهُ:
أَمِير العُصَب، فَوجدت تَصْدِيقه فِي حَدِيث حدّثنا بِهِ مُحَمَّد بن
إِسْحَاق عَن الرماديّ عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن أَيُّوب عَن
ابْن سِيرِين عَن عُقْبة بن أَوْس عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ
أَنه قَالَ: وجدت فِي بعض الْكتب يَوْم اليرموك: أَبُو بكر الصّديق
أصبْتُم اسْمه. عمر الْفَارُوق قَرْن من حَدِيد أصبْتُم اسْمه.
عُثْمَان ذُو النورين كِفيْلَن من الرَّحْمَة لِأَنَّهُ يُقتل
مَظْلُوما، أصبْتُم اسْمه. قَالَ: ثمَّ يكون مَلِك الأَرْض المقدَّسة
وَابْنه. قَالَ عُقبة: قلت لعبد الله سمّهما. قَالَ: مُعَاوِيَة
وَابْنه. ثمَّ يكون سفَّاح، ثمَّ يكون مَنْصُور، ثمَّ يكون جَابر، ثمَّ
مهديّ، ثمَّ يكون الْأمين، ثمَّ يكون سين وَسَلام يَعْنِي صلاحاً
وعافية، ثمَّ يكون أَمِير العُصَب، سِتَّة مِنْهُم من ولد كَعْب بن
لؤيّ وَرجل من قحطان كلهم صَالح لَا يُرَى مثله. قَالَ أَيُّوب:
فَكَانَ ابْن سِيرِين إِذا حَدَّث بِهَذَا الحَدِيث قَالَ: يكون على
النَّاس مُلُوك بأعمالهم. قلت: وَهَذَا حَدِيث عَجِيب وَإِسْنَاده
صَحِيح وَالله أعلم بالغيوب.
والعَصْب من برود الْيمن، مَعْرُوف. وَقَالَ اللَّيْث: سمّي عَصْباً
لِأَن غَزْله يُعصَب، ثمَّ يُصبغ ثمَّ يحاك، وَلَيْسَ من برود الرقْم.
(2/29)
وَلَا يجمع، يُقَال: بُرْد عَصْب وبرود
عَصْب لِأَنَّهُ مُضَاف إِلَى الْفِعْل. وَرُبمَا اكتفَوا بِأَن
يُقَال: عَلَيْهِ العَصْب لِأَن البُرْد عُرِف بذلك الِاسْم. أَبُو
عبيد عَن أبي عَمْرو: العصَّاب: الغزّال. وَقَالَ رؤبة:
طيّ القَسَاميّ بُرودَ العَصَّاب
قَالَ: والقَسَاميّ: الَّذِي يَطْوي الثِّيَاب فِي أول طَيّها حَتَّى
تُكسّر على طيّها. قلت: وَقَول أبي عَمْرو يحقّق مَا قَالَه اللَّيْث
من عَصْب الغَزْل وصَبْغه. وَرُوِيَ عَن الحجّاج بن يُوسُف أَنه خطب
النَّاس بِالْكُوفَةِ فَقَالَ: لأَعْصِبَنَّكم عَصْب السَّلَمة. قلت:
والسَّلَمة شَجَرَة من الغَضَى ذَات شوك، وورقها القَرَظ الَّذِي يُدبغ
بِهِ الأَدَم، ويعسُر خَرْط وَرقهَا لِكَثْرَة شَوْكهَا. ويَعْصِب
الخابط أَغْصَانهَا بحَبْل ثمَّ يَهْصِرها إِلَيْهِ ويخبِطها بعصاه
فيتناثر وَرقهَا للماشية وَلمن أَرَادَ جمعه. وعَصْبُها: جمع
أَغْصَانهَا بِحَبل تُمدّ بِهِ وتُشَدّ شدّاً شَدِيدا. وأصل العَصْب
اللَيّ، وَمِنْه عَصْب التَيْس وَهُوَ أَن يُشدّ خُصْياه شدّاً شَدِيدا
حَتَّى تَنْدُرَا من غير أَن تنتزعا نزعاً، أَو تُسَلاّ سلاًّ. يُقَال:
عَصبْتُ التيس أعصِبه فَهُوَ معصوب. قَالَ ذَلِك أَبُو زيد فِيمَا رَوى
عَنهُ أَبُو عبيد. وَمن أَمْثَال الْعَرَب: فلَان لَا تُعْصَب سَلَماته
يضْرب مثلا للرجل الْعَزِيز الشَّديد الَّذِي لَا يُقهر وَلَا
يُستذَلّ. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
وَلَا سَلَماتي فِي بَجِيلة تُعْصَبُ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: العَصُوب: الَّتِي لَا تَدِرّ حَتَّى يُعْصَب
فخذاها بِحَبل، وَذَلِكَ الْحَبل يُقَال لَهُ: العِصَاب. وَقد عصبها
الحالب عَصْباً وعِصَاباً. وَقَالَ الشَّاعِر:
فَإِن صَعُبَتْ عَلَيْكُم فاعصِبوها
عِصَاباً تَستدرّ بِهِ شَدِيدا
وَقَالَ أَبُو زيد: العَصُوب: النَّاقة الَّتِي لَا تَدِرّ حَتَّى
يُعْصَب أداني مَنْخِرَيها بخَيط ثمَّ تُثَوَّر وَلَا تُحلّ حَتَّى
تُحلب. وَأما عَصَبة الرجل فهم أولياؤه الذُكور من ورثته، سُمُّوا
عَصَبة لأَنهم عَصَبوا بنسبه أَي استكَفُّوا بِهِ، فالأب طَرَف
وَالِابْن طَرَف والعَمّ جَانب وَالْأَخ جَانب، وَالْعرب تسمّي
قَرَابَات الرجل أَطْرَافه، ولمّا أحاطت بِهِ هَذِه الْقرَابَات
وعَصَبتْ بنسبه سُمّوا عَصَبة. وكل شَيْء اسْتَدَارَ بِشَيْء فقد عَصَب
بِهِ. والعمائم يُقَال لَهَا: العصائب، واحدتها عِصَابة، من هَذَا.
وأمَّا العَصَبة فَلم أسمع لَهُم بِوَاحِد. وَالْقِيَاس أَن يكون
عاصباً؛ مثل طَالب وطَلَبة وظالم وظلَمة. وَيُقَال أَيْضا: عَصَبت
الإبلُ بِعَطَنها إِذا استكفَّت بِهِ؛ قَالَ أَبُو النَّجْم:
إِذْ عَصَبت بالعَطَن المغربَل
يَعْنِي المدقَّق ترابُه. وَيُقَال: عَصَب الرجلُ بيتَه أَي أَقَامَ
فِي بَيته لَا يبرحه، لَازِما لَهُ. وَيُقَال: عَصَب القَيْن صَدْع
الزجاجة بضبَّة من فضَّة إِذا لأمها بهَا مُحِيطَة بِهِ. والضبَّة
عِصَابة للصَّدْع. والعَصَبيَّة: أَن يَدْعُو الرجل إِلَى نُصْرة
عَصَبته والتألُّب مَعَهم على من يناوئهم، ظالمين كَانُوا أَو مظلومين.
وَقد تعصَّبوا عَلَيْهِم إِذا تجمّعوا. واعصوصب القومُ إِذا
اجْتَمعُوا. فَإِذا تجمّعوا على فريق آخَرين قيل: تعصَّبوا.
(2/30)
وقرأت بخطّ شمر أَن الزبير بن العوّام لمّا
أقبل نَحْو الْبَصْرَة سُئِلَ عَن وَجهه فَقَالَ:
عَلِقتهم إِنِّي خلِقتُ عُصْبَهْ
قَتَادةً تعلَّقت بنُشبَهْ
قَالَ شمر: وَبَلغنِي أَن بعض الْعَرَب قَالَ:
غلبتهم إِنِّي خُلِقتُ نُشْبَهْ
قَتَادَة ملوِيَّة بعُصْبَهْ
قَالَ: والعُصْبة نَبَات يتلوّى على الشّجر، وَهُوَ اللَّبْلاب.
والنُشْبة من الرِّجَال: الَّذِي إِذا عبِث بِشَيْء لم يكد يُفَارِقهُ.
وَأنْشد لكثيّر:
باديَ الرّبع والمعارف مِنْهَا
غير رَبْع كعُصْبة الأغيال
وروى غَيره عَن ابْن الْأَعرَابِي عَن أبي الجرّاح أَنه قَالَ:
العُصْبة: هَنَة تُلَفّ على القَتَادة لَا تُنزع عَنْهَا إلاّ بعد
جَهد، وَأنْشد:
تلبَّس حُبُّها بدمي ولحمي
تلبُّسَ عُصْبة بِفُرُوع ضَالِ
وَيُقَال للرجل إِذا كَانَ شَدِيد أسْرِ الخَلْق غير مسترخِي اللَّحْم:
إِنَّه لمعصوب مَا حُفْضِج. وَقَالَ ابْن السّكيت: العَصَب عَصَب
الْإِنْسَان والدابَّة، قَالَ: وَحكى لي الكلابيّ: ذَاك رجل من عَصَب
الْقَوْم أَي من خيارهم، ونحوَ ذَلِك قَالَ ابْن الْأَعرَابِي. وَقَالَ
أَبُو الْعَبَّاس عَنهُ: العَصُوب الْمَرْأَة الرسحاء، وروى أَبُو نصر
عَن الْأَصْمَعِي والأثرمُ عَن أبي عُبَيْدَة أَنَّهُمَا قَالَا: هِيَ
العَصُوب والرسحاء والمَسْحاء والرصعاء والمصواء والمزلاق والمزلاج
والمِنْداص. وَقَالَ اللَّيْث: العَصَب: أطناب المفاصل الَّتِي تلائم
بَينهَا وتشدُّها وَلَيْسَ بالعَقَب. وَلحم عَصِب: صُلْب شَدِيد.
وَيُقَال للرجل الَّذِي سوّده قومه: قد عصَّبوه فَهُوَ معصَّب؛ وَقد
تعصّب. وَمِنْه قَول المخبَّل فِي الزبْرِقان:
رَأَيْتُك هربَّتِ العِمَامة بَعْدَمَا
أَرَاك زَمَانا حاسراً لما تُعَصَّبِ
وَهَذَا مَأْخُوذ من العِصَابة وَهِي العِمَامة وَكَانَت التيجان
للملوك، والعمائم الْحمر للسادة من الْعَرَب. وَرجل معصَّب ومعمَّم:
أَي مسوَّد. وَقَالَ عَمْرو بن كُلْثوم:
وَسيد معشر قد عصَّبوه
بتاج المُلْك يَحْمى المُحْجَرينا
فَجعل الملِك معصَّباً أَيْضا لِأَن التَّاج أحَاط بِرَأْسِهِ
كالعِصابة الَّتِي عَصَبت بِرَأْس لَابسهَا. والعِصابة تقع على
الْجَمَاعَة من النَّاس وَالطير وَالْخَيْل. وَمِنْه قَول النَّابِغَة:
عصائب طير تهتدي بعصائب
وَيُقَال: اعتصب التاجُ على رَأسه إِذا استكَفَّ بِهِ. وَمِنْه قَول
قيس ذِي الرُّقيات:
يعتصب التاجُ فَوق مَفْرِقه
على جبين كَأَنَّهُ الذَّهَب
وكلّ مَا عُصِب بِهِ كَسْر أَو قرح من خرقَة أَو خَبِيبة فَهُوَ عِصاب
لَهُ. وَيُقَال لأمعاء الشَّاء إِذا طُوِيت وجمعت ثمَّ جُعلت فِي
حَوِيَّة من حوايا بَطنهَا: عُصُب واحِدُها عَصِيب.
والعصائب: الرِّيَاح الَّتِي تعصب الشّجر
(2/31)
فتدرج فِيهِ؛ قَالَ الأخطل:
مطاعيم تعذُو بالعَبِيط جِفانُهم
إِذا القُرّ ألوت بالعِصَاه عصائبُهُ
وعَصِبت الفِصالُ الإبلَ: تقدَّمتها. والمعصوب: الْكتاب المطويّ.
وَقَالَ:
أَتَانِي عَن أبي هَرِم وَعِيد
ومعصوبٌ تخُبّ بِهِ الرِّكابُ
صَعب: يُقَال: عَقَبة صَعْبة إِذا كَانَت شاقَّة. وجَمَل مُصْعَب إِذا
لم يكن منوَّقاً وَكَانَ محرَّم الظّهْر، وجمال مصاعب ومصاعيب.
وَيُقَال: أصعَبْتُ الْأَمر إِذا ألفيته صَعْباً. وَمِنْه قَول
الشَّاعِر:
لَا يُصْعِب الْأَمر إِلَّا رَيْث يَرْكبه
وَلَا تَعَرّبُ إلاّ حوله العَرَبُ
وَيُقَال: صَعُب الْأَمر يَصْعُب صُعُوبة فَهُوَ صَعْب. وَيُقَال: أَخذ
فلَان بَكْراً من الْإِبِل ليقتضبه فاستصعب عَلَيْهِ استصعاباً. وَقد
استصعبته أَنا إِذا وجدته صَعْباً. وَقَالَ ابْن السّكيت: المصعَب:
الفَحْل الَّذِي يودَّع من الرّكُوب وَالْعَمَل، للفِحْلة. قَالَ:
والمصعَب: الَّذِي لم يمسسه حَبْل وَلم يُركب. قَالَ: والقَرْم:
الْفَحْل الَّذِي يُقْرم أَي يودَّع ويُعفى من الرّكُوب، وَهُوَ
المُقْرَم والقريع والفَنِيق. وصَعْب من أَسمَاء الرِّجَال. وَجمع
الصَّعْب صِعَاب.
صبع: أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: صَبَعت بِالرجلِ وصبعت عَلَيْهِ
أصْبَع صَبْعاً إِذا اغتبْتَه. وصبعت فلَانا على فلَان: دللته. وصبعت
الْإِنَاء إِذا كَانَ فِيهِ شراب فقابلتَ بَين إصبعيك ثمَّ أرْسلت مَا
فِيهِ فِي شَيْء آخر. قلت: وصَبْع الْإِنَاء أَن يُرسل الشَّرَاب
الَّذِي فِيهِ من طَرَفي الإبهامين أَو السبَّابتين لِئَلَّا ينتشر
فيندفق. قلت: وَهَذَا كُله مَأْخُوذ من الإصبع؛ لِأَن الْإِنْسَان إِذا
اغتاب إنْسَانا أَشَارَ إِلَيْهِ بالإصبع. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن
ابْن الْأَعرَابِي: رجل مصبوع إِذا كَانَ متكبّراً. قَالَ: والصَبْع:
الكِبْر التامّ. والإصبع: وَاحِدَة الْأَصَابِع. وفيهَا ثَلَاث لُغَات
حَكَاهَا أَبُو عبيد عَن الكسائيّ قَالَ: هِيَ الإصْبَع وَالإصْبِع
واللأُصْبُع. وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه
دمِيتْ إصبعُه فِي حفر الخَنْدَق فَقَالَ:
هَل أَنْت إِلَّا إصبِع دَمِيتِ
وَفِي سَبِيل الله مَا لقِيتِ
وَإِن ذكَّر مذكِّر الإصبع جَازَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا
عَلامَة التَّأْنِيث. والإصبع: الْأَثر الحسَن. يُقَال: فلَان من الله
عَلَيْهِ إِصْبَع حَسَنة. وَإِنَّمَا قيل للأثَر الْحسن: إِصْبَع
لإشارة النَّاس إِلَيْهِ بالإصبع. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب
عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: إِنَّه لحسن الإصبع فِي مَاله، وحَسَن
المَسّ فِي مالِه أَي حسن الْأَثر. وَأنْشد:
أوردهَا رَاع مَرِيء الإصبع
لم تَنْتَشِر عَنهُ وَلم تَصَدّعِ
وَفُلَان مُغِلّ الإصبع إِذا كَانَ خائناً. وَقَالَ الشَّاعِر:
حدّثتَ نَفسك بِالْوَفَاءِ وَلم تكن
للغدر خَائِنَة مُغِلّ الإصبع
وَقيل: إِصْبَع: اسْم جبل بِعَيْنِه.
بَعْص: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ:
(2/32)
البَعْص: نحافة الْبدن ودِقَّته. قَالَ:
أَصله دُودة يُقَال لَهَا: البُعْصُوصة. قَالَ: وسَبٌّ للجواري: يَا
بُعْصُوصة كُفّي، وَيَا وَجه الكُبَع: سمك بحري وَحِشُ المَرآة.
وَقَالَ اللَّيْث: البُعصوصة: دوَيْبَّة صَغِيرَة لَهَا بريق من
بياضها. وَيُقَال للصبيَّة يَا بُعصوصة لصِغَر جُثَّتها وضعفها. أَبُو
عبيد عَن الأصمعيّ يُقَال للحيَّة إِذا ضُرِبت فلوَتْ ذَنَبها: هِيَ
تَبعْصَصُ أَي تتلوَّى. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا: يُقَال
للجُويرية الضاويَّة: البُعصوصة والعِنْفِص والبطيّطة الحطِّيطة.
بصع: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: البَصْع: الجَمْع.
وَمِنْه قَوْلهم فِي التَّأْكِيد: جَاءَ الْقَوْم أَجْمَعُونَ أكتعون
أبصعون إِنَّمَا هُوَ شَيْء يَجمع الْأَجْزَاء. قَالَ: وَقَالَ
الفرّاء: يَقُولُونَ: أَجْمَعُونَ أكتعون أبصعون، وَلَا يَقُولُونَ:
أبصعون حَتَّى يتقدّمه أكتعون. وَسمعت المنذريّ يَقُول: سَمِعت أَبَا
الْهَيْثَم يَقُول: الْكَلِمَة توَكَّد بِثَلَاثَة تواكيد. يَقُولُونَ:
جَاءَ الْقَوْم أكتعون أبثعون أبصعون بالصَّاد؛ كَمَا قَالَ ابْن
الْأَعرَابِي والفرّاء. وَقَالَ: أبثعون بالثاء وَالصَّوَاب: أبتعون
بِالتَّاءِ، وظننت أَن المنذريّ لم يضبِطه عَن أبي الْهَيْثَم ضبطاً
حسنا. وَقَالَ ابْن هانىء وَغَيره من النَّحْوِيين: أَخَذته أجمع أبتع
وَأجْمع أبصع بِالتَّاءِ وَالصَّاد. وَقَالَ اللَّيْث: البَصْع:
الخَرْق الضيِّق الَّذِي لَا يكَاد يَنفُذ فِيهِ المَاء. تَقول: بَصُع
يبصُع بَصَاعة. قَالَ: وَيُقَال: تبصّع العَرَق من الجَسَد إِذا نبع من
أصُول الشَّعَر قَلِيلا قَلِيلا. قلت: ورَوَى ابْن دُرَيْد بَيت أبي
ذُؤَيْب:
إلاّ الحَمِيم فَإِنَّهُ يتبصّع
بالصَّاد أَي يسيل قَلِيلا قَلِيلا. قلت: ورَوَى الثِّقَات هَذَا
الْحَرْف: يتبضّع الشَّيْء بالضاد إِذا سَالَ، هَكَذَا أَقْرَأَنِيهِ
الإياديّ عَن شمر لأبي عُبيد، وَهَكَذَا رَوَاهُ الروَاة فِي شعر أبي
ذُؤَيْب، وَابْن دُريد أَخذ هَذَا من (كتاب ابْن المظفّر) فمرّ على
التَّصْحِيف الَّذِي صحَّفه.
(بَاب الْعين وَالصَّاد مَعَ الْمِيم)
(ع ص م)
عصم، عمص، معص، مصع، صمع: مستعملة.
عصم: قَالَ الله جلّ وَعز: {لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ
إِلاَّ مَن رَّحِمَ} (هود: 43) قَالَ الفرّاء: (مَنْ) فِي مَوضِع نصب،
لِأَن الْمَعْصُوم خلاف العاصم والمرحوم مَعْصُوم، فَكَانَ نَصبه
بِمَنْزِلَة قَوْله: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ
الظَّنِّ} (النِّسَاء: 157) . قَالَ الفرَّاء: وَلَو جعلت عَاصِمًا فِي
تَأْوِيل مَعْصُوم أَي لَا مَعْصُوم الْيَوْم من أَمر الله جَازَ رفع
(مَن) . قَالَ: وَلَا تنكرنّ أَن يخرج الْمَفْعُول على الْفَاعِل، أَلا
ترى إِلَى قَوْله جلّ وعزَّ: {خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ}
(الطارق: 6) مَعْنَاهُ وَالله أعلم: مدفوق. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن
أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {لاَ عَاصِمَ
الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ} (هود: 43) يجوز أَن
يكون: لَا ذَا عاصمةٍ أَي لَا مَعْصُوم، وَيكون {إِلَّا من رحم
(2/33)
رفعا بَدَلا من لَا عَاصِم. قَالَ أَبُو
الْعَبَّاس: وَهَذَا خَلْف من الْكَلَام، لَا يكون الْفَاعِل فِي
تَأْوِيل الْمَفْعُول إِلَّا شاذّاً فِي كَلَامهم، والمرحوم مَعْصُوم
وَالْأول عَاصِم. و (مَنْ) نَصْب باستثناء الْمُنْقَطع. وَهَذَا
الَّذِي قَالَه الْأَخْفَش يجوز فِي الشذوذ الَّذِي لَا ينقاس. وَقَالَ
الزجَّاج فِي قَوْله تَعَالَى: {قَالَ سَآوِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ الْمَآءِ} (هود: 43) أَي
يَمْنعنِي من المَاء. وَالْمعْنَى: من تغريق المَاء. قَالَ: (لَا
عَاصِم الْيَوْم من أَمر الله إِلَّا من رحم) هَذَا اسْتثِْنَاء لَيْسَ
من الأول وَمَوْضِع (من) نَصْب، الْمَعْنى: لَكِن من رحم اللَّهُ
فَإِنَّهُ مَعْصُوم. قَالَ: وَقَالُوا: يجوز أَن يكون عَاصِم فِي معنى
مَعْصُوم، وَيكون معنى {لَا عَاصِم: لَا ذَا عصمَة، وَتَكون (مَنْ) فِي
مَوضِع رفع، وَيكون الْمَعْنى: لَا مَعْصُوم إِلَّا المرحوم. قلت:
والحُذَّاق من النَّحْوِيين اتّفقوا على أَن قَوْله: لَا عَاصِم
بِمَعْنى لَا مَانع، وَأَنه فَاعل لَا مفعول، وَأَن (مَنْ) نصب على
الِانْقِطَاع. والعِصْمة فِي كَلَام الْعَرَب: المَنْع. وعِصْمة الله
عبدَه: أَن يعصمه ممَّا يُوبِقه. واعتصم فلَان بِاللَّه إِذا امْتنع
بِهِ. واستعصم إِذا امْتنع وأبى، قَالَ الله تَعَالَى حِكَايَة عَن
امْرَأَة الْعَزِيز فِي أَمر يُوسُف حِين راودته عَن نَفسه::ُ:
ِفَاسَتَعْصَمَ} (يُوسُف: 32) أَي تأبّى عَلَيْهَا وَلم يجبها إِلَى
مَا طَلَبت. قلت: وَالْعرب تَقول: أعصمت بِمَعْنى اعتصمت.
وَمِنْه قَول أوْس بن حَجَر:
فأشرط فِيهَا نَفسه وَهُوَ مُعْصِم
وَألقى بأسبابٍ لَهُ وتوكّلا
أَي وَهُوَ معتصم بالحبل الَّذِي دَلاّه. وَيُقَال للراكب إِذا تقحَّم
بِهِ بَعيرٌ صَعْب فامتسَك بواسط رَحْله أَو بقَرَبوس سَرْجه لِئَلَّا
يُصرَع: قد أعْصَم فَهُوَ مُعْصِم. وَقَالَ الراجز:
أَقُول والناقةُ بِي تَقَحَّمُ
وَأَنا مِنْهَا مُكْلئزّ مُعْصِم
وروى أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: أعصم الرجل بِصَاحِبِهِ إعصاماً إِذا
لزِمه، وَكَذَلِكَ أخلد بِهِ إخلاداً.
وَقَالَ ابْن المظفر: أعصم إِذا لَجأ إِلَى الشَّيْء وأعصم بِهِ.
وَقَول الله: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ} (آل عمرَان: 103) أَي
تمسَّكوا بِعَهْد الله. وَكَذَلِكَ قَوْله: {وَمَن يَعْتَصِم
بِاللَّهِ} (آل عمرَان: 101) أَي من يتمسَّك بحبله وَعَهده. وَرُوِيَ
عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر النِّسَاء المختالات
المتبرِّجات فَقَالَ: (لَا يدْخل الجنَّة مِنْهُنَّ إلاّ مِثْلُ
الْغُرَاب الأعصم) . قَالَ أَبُو عبيد: الْغُرَاب الأعصم: هُوَ
الْأَبْيَض الْيَدَيْنِ. وَمِنْه قيل للوُعُول: عُصْم، وَالْأُنْثَى
منهنّ عَصْماء وَالذكر أعصم، لبياض فِي أيديها. قَالَ: وَهَذَا
الْوَصْف فِي الْغرْبَان عَزِيز لَا يكَاد يُوجد، وَإِنَّمَا أرجلها
حُمْر. قَالَ: وأمَّا هَذَا الْأَبْيَض الظهرِ والبطن فَهُوَ الأبقع،
وَذَلِكَ كثير، قَالَ: فَيرى أَن معنى الحَدِيث: أَن من يدْخل الجنَّة
من النِّسَاء قَلِيل كقِلَّة الغِربان العُصْم عِنْد الغِربان السُود
والبُقْع. قلت: وَقد ذكر ابْن قُتَيْبَة
(2/34)
هَذَا الحَدِيث فِيمَا رَدَّ على أبي
عُبَيد، وَقَالَ: اضْطربَ قولُ أبي عبيد، لِأَنَّهُ زعم أَن الأعصم
هُوَ الْأَبْيَض الْيَدَيْنِ، ثمَّ قَالَ: وَهَذَا الْوَصْف فِي
الغِربان عَزِيز لَا يكَاد يُوجد وَإِنَّمَا أرجلها حمر، فَذكر مرّة
الْيَدَيْنِ ومرّة الأرجل. قلت: وَقد جَاءَ الْحَرْف مفسَّراً فِي خبر
أظنّ إِسْنَاده صَالحا، حدّثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ: حَدثنَا
الرماديّ حدَّثنا الْأسود ابْن عَامر حدّثنا حمَّاد بن سَلَمة عَن أبي
جَعْفَر الخَطْمِيّ عَن عُمَارة بن خُزيمة قَالَ: بَينا نَحن مَعَ
عَمْرو بن الْعَاصِ فَعدل وعدلنا مَعَه حَتَّى دَخَلنَا شِعْباً،
فَإِذا نَحن بِغربان وفيهَا غراب أعصم أَحْمَر المنقار وَالرّجلَيْنِ،
فَقَالَ عَمْرو: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يدْخل
الجنَّة من النِّسَاء إلاَّ قَدْرُ هَذَا الْغُرَاب فِي هَؤُلَاءِ
الْغرْبَان قلت فقد بَان فِي هَذَا الحَدِيث أَن معنى قَول النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إلاّ مثل الْغُرَاب الأعصم) أَنه أَرَادَ
الْأَحْمَر الرجلَيْن لقلّته فِي الْغرْبَان، لِأَن أَكثر الْغرْبَان
السُود والبُقْع. ورُوي عَن ابْن شُمَيْل أَنه قَالَ: الْغُرَاب
الأعصم: الْأَبْيَض الجناحين. وَالصَّوَاب مَا جَاءَ فِي الحَدِيث
المفسَّر. وَالْعرب تجْعَل الْبيَاض حمرَة فَيَقُولُونَ للْمَرْأَة
الْبَيْضَاء اللَّوْن: حَمْرَاء، وَلذَلِك قيل للأعاجم: حُمْر لغَلَبَة
الْبيَاض على ألوانهم. وأمَّا الأعصم من الظباء والوُعُول فَهُوَ
الَّذِي فِي ذِرَاعَيْهِ بَيَاض، قَالَه الأصمعيّ وَغَيره. وأمَّا
العُصْمة فِي الْخَيل فَإِن أَبَا عُبيدة قَالَ: إِذا كَانَ الْبيَاض
بيدَيْهِ دون رجلَيْهِ فَهُوَ أعصم، فَإِذا كَانَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ
دون الْأُخْرَى قيل: أعصم الْيُمْنَى أَو اليُسرى. وَقَالَ ابْن
شُمَيْل: الأعصم: الَّذِي يُصِيب البياضُ إِحْدَى يَدَيْهِ فَوق
الرُسْغ. وَقَالَ الأصمعيّ: إِذا ابيضَّت الْيَد فَهُوَ أعصم. وَقَالَ
ابْن المظفَّر: العُصْمة: بَيَاض فِي الرُّسْغ. قَالَ: والأعصم:
الوَعِل، وعُصْمته: بَيَاض شِبْه زَمَعة الشَّاة فِي رجل الوَعِل فِي
مَوضِع الزَّمَعة من الشَّاء. قَالَ: وَيُقَال للغراب: إِذا كَانَ
ذَلِك مِنْهُ أَبيض، وقلَّما وجد فِي الْغرْبَان كَذَلِك. قلت: وَهُوَ
الَّذِي قَالَه اللَّيْث فِي نعت الوَعِل أَنه شِبْه الزَمَعة تكون فِي
الشَّاء مُحال، إِنَّمَا عُصْمة الأوعال بَيَاض فِي أذرعها لَا فِي
أوظفتها، والزَمَعة إِنَّمَا تكون فِي الأوظفة. وَالَّذِي يغيّره
اللَّيْث من تَفْسِير الْحُرُوف أَكثر مِمَّا يغيّره من صُوَرها، فَكُن
على حذَر من تَفْسِيره؛ كَمَا تكون على حَذَر من تصحيفه. وَقَالَ
اللَّيْث: أعصام الْكلاب: عَذَباتها الَّتِي فِي أعناقها، الْوَاحِدَة
عَصَمة، وَيُقَال: عِصَام، قَالَ لبيد:
خُضْعا دواجنَ قَافِلًا أعصامُها
وَقَالَ أَبُو عبيد: العِصَام: رِبَاط القِرْبة. قَالَ: وَقَالَ
الْكسَائي: أعصمْتُ الْقرْبَة إِذا شددتها بالوِكَاء. قلت:
وَالْمَحْفُوظ من الْعَرَب فِي عُصُم المَزَاد أَنَّهَا الحِبَال
الَّتِي تُنْشَب فِي خُرَب الروايا وتُشدّ بهَا إِذا عُكِمت على ظهر
الْبَعِير، ثمَّ يُرَوَّى عَلَيْهَا بالرِّوَاء، وَالْوَاحد عِصَام.
فأمَّا الوِكاء فَهُوَ الشَرِيط الدَّقِيق أَو السَيْر الوثيق يُوكَى
بِهِ فمُ القِرْبة والمَزَادة. وَهَذَا كلّه صَحِيح لَا ارتياب فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: عِصام الدَلْو:
(2/35)
كلّ حَبْل يعصَم بِهِ شَيْء فَهُوَ عِصامه.
قَالَ: والعُصُم: طرائق طَرَف المزادة عِنْد الكُلْية، وَالْوَاحد
عِصام. قلت: وَهَذَا من أغاليط اللَّيْث وغُدَده. وَقَالَ اللَّيْث:
العِصام: مُسْتدَقّ طرف الذَنَب والجميع الأَعْصِمة. وَوجدت لِابْنِ
شُمَيل قَالَ: الذَنَب بهُلْبه وعَسِيبه يُسمى العِصَام بالصَّاد. قلت:
وَقد قَالَ اللَّيْث فِيمَا تقدَّم من بَاب الْعين وَالضَّاد: العضام:
عَسِيب الْبَعِير وَهُوَ ذَنَبه العَظْم لَا الهُلْب. قَالَ: وَالْعدَد
الْقَلِيل أعضمة والجميع العُضُم. قلت: وَقَالَ غَيره: فِيهَا
لُغَتَانِ بالضاد وَالصَّاد، وَالله أعلم. وَأما مِعْصما الْمَرْأَة
فهما موضعا السوَارين من ساعديها. وَمِنْه قَول الْأَعْشَى:
فأرتْك كفّاً فِي الخِضَا
ب ومِعْصَماً مِلْءَ الجِبارة
وَيُقَال: هَذَا طَعَام يَعْصِم أَي يمْنَع من الْجُوع. وروى أَبُو
عبيد عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ قَالَ: العَصِيم: بقيَّة كل شَيْء
وأثره، من القِطران والخِضاب وَنَحْوه. وَأنْشد الأصمعيّ:
يصفرّ لليُبْس اصفرار الوَرْسِ
من عَرَق النَضْح عَصِيمُ الدَرْس
قَالَ: وسمعتُ امْرَأَة من الْعَرَب تَقول لأخرى: أعطيني عُصُم
حِنّائك. تَعْنِي مَا بَقِي مِنْهُ بعد مَا اختضَبَت بِهِ. وَقَالَ
ابْن المظفر: العَصيم: الصَدَأ من العَرَق والهِنَاء والدرَز والوسخ
وَالْبَوْل إِذا يبس على فَخذ النَّاقة حَتَّى يبْقى كالطريق خُثُورة.
وَأنْشد:
وأضحى عَن مواسمهم قَتِيلا
بلَبَّته سرائحُ كالعَصِيم
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: العُصْم: أثر كل شَيْء من
وَرْس أَو زعفران وَنَحْوه. وَقَالَ اللَّيْث: عِصَاما المِحْمَل:
شِكاله وقَيْده الَّذِي يُشَدّ فِي طَرَف العارضين فِي أعلاهما. قلت:
عِصَاما الْمحمل كعِصَامي المزادتين. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي
قَالَ: العَيْصُوم من النِّسَاء: الْكَثِيرَة الْأكل الطَّوِيلَة
النّوم المُدَمدِمة إِذا انتبهَت. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رجل عَيْصوم
وعَيْصام إِذا كَانَ أكولاً. وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
أُرجدَ رأسُ شَيْخَةٍ عيصوم
وروى بَعضهم عَن المؤرّج أَنه قَالَ: العِصَام: الكُحْل فِي بعض
اللُّغَات، وَقد اعتصمت الجاريةُ إِذا اكتحلتْ. قلت: وَلَا أعرف
رِوَايَته عَن المؤرّج. فَإِن صحَّت الرِّوَايَة عَنهُ فَهُوَ ثِقَة
مَأْمُون. والعَصِيم: شعر أسود ينْبت تَحت الوَبَر. والمُعْصَم:
الجِلْد الَّذِي يجِفُّ بِشعرِهِ وَلم يُعطن لِأَنَّهُ أُعصم أَي أُلزم
شعره. يُقَال: أعصمْنا الإهابَ وإهاب عَصِيم وأُهُب عُصُم، وَذَلِكَ من
أَجود الأساقي. ودفَعته إِلَيْهِ بعُصْمته أَي برُمَّته. والعَنْز
تسمَّى مِعْصَماً لبياض فِي كُرَاع يَدهَا.
قَالَ أَحْمد بن يحيى: الْعَرَب تسمي الخُبْز عَاصِمًا وجابراً
وَأنْشد:
فَلَا تلوميني ولومي جَابِرا
فجابر كلَّفني الهواجرا
ويسمّونه عَامِرًا. وَأنْشد:
(2/36)
أَبُو مَالك يعتادني فِي الظهائرِ
يَجِيء فيُلقِي رَحْله عِنْد عَامر
أَبُو مَالك: الْجُوع ... وَفِي الحَدِيث أَن جبريلج جَاءَ على فرس
أُنْثَى يَوْم بَدْر وَقد عَصَم بثنِيَّته الغُبارُ. قَالَ
القُتَيْبِي: صَوَابه: عَصَب أَي يبِس الْغُبَار عَلَيْهَا. وَقَالَ
غَيره: يُقَال: عَصَب الرِّيق بِفِيهِ وعَصَم، وَالْبَاء وَالْمِيم
يتعاقبان فِي كثير من الْحُرُوف.
عمص: قَالَ ابْن المظفر: عَمَصْت العامص والآمص وَهُوَ الخاميز.
وَبَعْضهمْ يَقُول: عَاميص. قلت: العامص مُعرب. وَقد روى أَبُو
الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: العَمِص: المولَع
بِأَكْل العامص وَهُوَ الهُلاَم.
معص: أَخْبرنِي المنذريّ عَن أَحْمد بن يحيى عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ:
إِذا أَكثر الرجل من الْمَشْي مَعِص أَي اشْتَكَى رجلَيْهِ من كَثْرَة
المَشْي، وَبِه مَعَص. وَقَالَ النَّضر: المَعَص: أَن يمتلىء العَصَب
من بَاطِن فينتفخَ مَعَ وجع شَدِيد. قَالَ: والمَعَص والعَضَد والبَدَل
وَاحِد. وَقَالَ اللَّيْث: المَعَص شِبْه الخَلَج، وَهُوَ دَاء فِي
الرِجْل. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ:
المَعَص والمَأَص: بِيض الْإِبِل وكرائمها. قَالَ: والمعِص: الَّذِي
يقتني المَعَص من الْإِبِل وَهِي البِيض. وَأنْشد:
أَنْت وهبت هَجْمة جُرجُورا
سُوداً وبِيضاً مَعَصاً خُبُورا
قلت: وَغير ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: هِيَ المَغَص بالغين للبيض من
الْإِبِل. وهما لُغَتَانِ. وروى ابْن الْفرج عَن أبي سعيد: فِي بطن
الرجل مَعَص ومَغَص وَقد مَعِص ومغِص قَالَ: وتمعَّص بَطْني وتمغَّص
أَي أوجعني.
صمع: أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الْفُؤَاد الأصمع والرأي الأصمع:
العازم الذكيّ. قَالَ: والبُهْمَى أوّلُ مَا يَبْدُو مِنْهَا البارض،
فَإِذا تحرّك قَلِيلا فَهُوَ جَمِيم، فَإِذا ارْتَفع وتمّ قبل أَن
يتفقّأ فَهُوَ الصَمْعاء. وَأنْشد:
رعت بارض البُهْمَى جَمِيماً وبُسْرة
وصَمْعاء حتّى آنفتها نِصالُها
والصَّمَع فِي الكعوب: لطافتها واستواؤها. وقناة صمعاء الكعوب إِذا
لطُفت عُقَدها واكتنز جوفُها. وقوائم الثور الوحشيّ تكون صُمْع الكعوب
لَيْسَ فِيهَا نُتُوء وَلَا جَفاء. وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وساقان كعباهما أصمعا
ن لحمُ حَمَاتَيهما مُنْبَتر
أَرَادَ بالأصمع: الضامر الَّذِي لَيْسَ بمنتفخ والحَمَاة: عَضَلة
السَّاق. وَالْعرب تسْتَحب انبتارها وتزَيّمها وضمورها. وَقَوله:
صُمْعُ الكعوب بريئاتٍ من الْحَرَد
عَنى بهَا القوائم والمَفْصِل أَنَّهَا ضامرة لَيست بمنتفخة. وَرجل
أصمع الْقلب إِذا كَانَ حادّ الفِطْنة. وَيُقَال لنبات البُهْمَى:
صمعاء لضموره، يُقَال ذَلِك قبل أَن تتفقَّا. والريش الأصمع: اللَّطِيف
العَسيبِ، ويُجمَع صُمْعاناً. وَيُقَال: تصمَّع رِيش السَهْم إِذا رُمي
بِهِ رَمْية فتلطَّخ بِالدَّمِ وانضمّ. وَمِنْه قَول أبي ذُؤَيْب:
(2/37)
فرمَى فأنفذ من نَحُوصٍ عائط
سَهْما فخرّ وريشُه متصمّع
أَي مجتمِع من الدَّم. ورَوَى أَبُو حَمْزَة عَن ابْن عبّاس أَنه
سُئِلَ عَن الصمعاء يجوز أَن يضحّى بهَا، فَقَالَ: لَا بَأْس. قلت:
والصمعاء: الشَّاة اللطيفة الأُذُنِ الَّتِي لَصِق أذناها بِالرَّأْسِ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصَّمع:
الصَّغِير الأُذُن المليحها وَهُوَ الْحَديد الفؤادِ أَيْضا.
والصَوْمعة من الْبناء سُمّيت صومعة لتلطيف أَعْلَاهَا. وصَمّع
الثَرِيدة إِذا رفع رَأسهَا وحَدّده. وَكَذَلِكَ صَعْنبها. وتسمّى
الثريدة إِذا سوِّيت كَذَلِك صَوْمعة. وأمَّا قَول أبي النَّجْم فِي
صفة الظلِيم:
إِذا لوى الأحدعَ من صَمْعائه
صَاح بِهِ عشرُون من رِعائه
قَالُوا: أَرَادَ بصمعائه: سالِفته وموضعَ الأُذُن مِنْهُ. سمّيت صمعاء
لِأَنَّهُ لَا أُذُن للظليم. وَإِذا لزِقت الأُذُن بِالرَّأْسِ فصاحبها
أصمع.
وَيُقَال: عنْز صمعاء وتَيْس أصمع إِذا كَانَا صغيري الأذُن. وَفِي
حَدِيث عليّج (كَأَنِّي بِرَجُل أصمع أصعل حَمِش السَّاقَيْن) . قَالَ
أَبُو عُبيد: الأصمع: الصَّغِير الْأذن. رجل أصمع وَامْرَأَة صمعاء،
وَكَذَلِكَ غير النَّاس. وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ لَا يرى
بَأْسا أَن يضحّى بالصمعاء يَعْنِي: الصَّغِيرَة الْأُذُنَيْنِ. قَالَ:
وقلب أصمع إِذا كَانَ ذكِيًّا فطِناً. وَيُقَال: عَزمَة صمعاء: أَي
مَاضِيَة. وصمَّع فلَان على رَأْيه إِذا صمم عَلَيْهِ. وظَبْي مُصمَّع:
مؤلَّل القرنين. ورُوي عَن المؤرّج أَنه قَالَ: الأصمع: الَّذِي
يترقَّى أشرف مَوضِع يكون. قَالَ: والأصمع: السَّيْف الْقَاطِع. قَالَ:
وَيُقَال: صَمِع فلَان فِي كَلَامه إِذا أَخطَأ، وصَمِع إِذا ركب رَأسه
فَمضى غير مكترِث لَهُ، والأصمع: السادر. قلت: وكلّ مَا جَاءَ عَن
المؤرّج فَهُوَ ممَّا لَا يعرَّج عَلَيْهِ إلاّ أَن تصحّ الرِّوَايَة
عَنهُ. ابْن السّكيت: الأصمعان: الْقلب الذكيّ والرأي العازم. صَمَعه
بِالسَّيْفِ والعصا صَمْعاً: ضربه. وصَمَعْت الْقَوْم: حبسْتهم
بالْكلَام. وَقَول ابْن الرّقاع:
وَلها مُنَاخ قلَّما بَركت بِهِ
ومصمَّعات من بِنات مِعَائها
عَنى بالمصمَّعات بَعَرات دقيقات ملتزِقات. والصوامع: البرانس جمع
البُرْنُس. وَقَالَ بِشْر:
تمشَّى بِهِ الثِيران تَتْرَى كَأَنَّهَا
دهاقينُ أنباطٍ عَلَيْهَا الصوامعُ
ويروى: تَرْدِي. والصمعاء: الداهية؛ قَالَ الْبَاهِلِيّ:
وتعرف فِي عنوانها بعض لحنها
وَفِي جوفها صمعاء تُبْلى النواصيا
مصع: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: المَصِع: الْغُلَام
الَّذِي يلْعَب بالمِخراق. والمصِع: الشَّيْخ الزحَّار. قلت: وَمن
هَذَا قَوْلهم: قَبَحه الله. وأُمًّا مَصَعتْ بِهِ، وَهُوَ أَن تُلْقِي
الْمَرْأَة وَلَدهَا بزَحْرة وَاحِدَة. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس:
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: أمصعت بِهِ بِالْألف وأزلخت وأخفدت
بِهِ
(2/38)
وحَطَأت بِهِ وزَكَبَتْ بِهِ.
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: يُقَال: مَصَع فِي الأَرْض وامتصع إِذا ذهب
فِيهَا. وَمِنْه يُقَال: مَصَع لَبَنُ النَّاقة إِذا ذهب، وأمصع القومُ
إِذا ذهبت ألبانُ إبلهم. وَقَالَ غَيره: مَصَع الحوضُ إِذا نشِف
مَاؤُهُ، ومصع ماءُ الْحَوْض إِذا نَشِفه الحوضُ. وَقَالَ الراجز:
أصبح حوضاك لمن يراهما
مُسَمَّلين ماصعاً قِراهما
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الماصع: البَرّاق، وَيُقَال: المتغيّر.
وَأنْشد لِابْنِ مقبل:
فأفرغن من ماصع لونُه
على قُلُص ينتهِبن السِّجَالا
وَقَالَ شمر: ماصع يُرِيد: ناصع، صيَّر النُّون ميماً. قلت: وَقد قَالَ
ابْن مقبل فِي شعر لَهُ آخر فَجعل الماصع كدراً، فَقَالَ:
عَبَّتْ بمشفرها وَفضل زمامها
فِي فضلَة من ماصع متكدِّر
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: ومَصَعَت الناقةُ هُزَالاً. قَالَ: وكلّ
مُوَلَ ماصع. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: هُوَ أَحْمَر
كالمُصْعَة وَهِي ثَمَرَة العَوْسَج، حَكَاهُ ابْن السّكيت عَنهُ،
والجميع المُصع. وَقَالَ اللَّيْث: المُصَع: ثَمَر العوسج يكون أَحْمَر
حُلْواً يُؤْكَل. وَمِنْه ضرب أسود لَا يُؤْكَل، وَهُوَ أردأ العوسج
وأخبثُه شوكاً. قَالَ: والمَصْع: التحريك، وَالدَّابَّة تَمْصَع
بذَنَبها، وَأنْشد لرؤبة:
يمصَعْن بالأذناب من لُوح وبَقّ
قَالَ: والمَصْع: الضَّرْب بِالسَّيْفِ، وَرجل مَصِع. وَأنْشد:
رُبَ هَيْضَل مَصِعٍ لَفَفْتُ بهيضل
قَالَ: والمماصعة: المجالدة بِالسُّيُوفِ. وَأنْشد للقطامي:
تراهم يغمزون من استركوا
ويجتنبون من صدق المِصَاعا
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) يُقَال: أنصعت لَهُ بالحقّ وأمصعت
وعجَّرت وعنّقت إِذا أقرّ بِهِ وَأَعْطَاهُ عَفْواً.
وَفِي الحَدِيث: (البَرْق مَصْع مَلَك) . قَالَ أَبُو بكر: مَعْنَاهُ
فِي الدّقَّة والتحريك وَالضَّرْب، فَكَأَن السَّوْط وَقْع بِهِ للسحاب
وتحريك لَهُ. |