تهذيب اللغة

(أَبْوَاب الْعين وَالسِّين)
ع س ز
أهملت وجوهها، وَالزَّاي وَالسِّين لَا يأتلفان.

(بَاب الْعين وَالسِّين مَعَ الطَّاء)
(ع س ط)
عسط، عطس، سَطَعَ، سعط، طسع: مستعملات.
عسط: أمَّا عسط فَلم أجد فِيهِ شَيْئا غير عَسَطُوس، وَهِي شَجَرَة ليّنة الأغصان لَا أُبَن لَهَا وَلَا شوك يُقَال لَهَا الخيزران، وَهُوَ على بِنَاء قَرَبُوس وقَرَقوس وحَلَكوك للشديد السوَاد. وَقَالَ الشَّاعِر:
عَصا عَسَطُوسٍ لينُها واعتدالُها
عطس: وَأما عطس فَيُقَال: عَطَس فلَان

(2/39)


يَعْطِس عَطْساً وعَطْسة، وَالِاسْم العُطَاس، وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: يعطُس بضمّ الطَّاء أَيْضا، وَهِي لُغَة. ومَعْطِس الرجل أنْفه لِأَن العُطَاس مِنْهُ يخرج، وَهُوَ بِكَسْر الطَّاء لَا غير، وَهَذَا يدلّ على أَن اللُّغَة الجيّدة يعطِس. وَقَالَ اللَّيْث: الصُّبْح يسمّى عُطَاساً وَقد عَطَس الصبحُ إِذا انْفَلق. وأمَّا قَوْله:
وَقد أغتدي قبل العُطَاس بسابح
فَإِن الأصمعيّ زعم أَنه أَرَادَ: قبل أَن أسمع عُطَاس عاطس فأتطيّر مِنْهُ وَلَا أمضي لحاجتي، وَكَانَت الْعَرَب أهل طِيَرة، وَكَانُوا يتطيّرون من العُطَاس فَأبْطل النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طِيَرتهم. قلت: وَإِن صحّ مَا قَالَه اللَّيْث: أَن الصُّبْح يُقَال لَهُ: العُطَاس فَإِنَّهُ أَرَادَ: قبل انفجار الصُّبْح، وَلم أسمع الَّذِي قَالَه لثقة يُرجَع إِلَى قَوْله. وَقَالَ أَبُو زيد: تَقول الْعَرَب للرجل إِذا مَاتَ: عَطَستْ بِهِ اللُجَمُ. قَالَ: واللُّجَمة: كلّ مَا تطيَّرتَ مِنْهُ. وَأنْشد غَيره:
إِنَّا أُناس لَا تزَال جَزورُنا
لَهَا لُجَم من المنيّة عاطس
وَيُقَال للْمَوْت: لُجَم عَطُوسٌ، وَقَالَ رؤبة:
وَلَا يخَاف اللُجَم العَطُوسا
وَيُقَال: فلَان عَطْسة فلَان إِذا أشبهه فِي خَلْقه وخُلُقه. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العاطوس: دابَّة يُتشاءم بهَا. وَأنْشد غَيره لطَرَفة بن العَبْد:
لعمري لقد مرَّت عواطس جَمَّة
ومَرّ قُبيل الصُّبْح ظَبْي مصمَّعُ
سَطَعَ: يُقَال للصبح إِذا سَطَعَ ضوؤه فِي السَّمَاء: قد سَطَع يَسْطَع سُطُوعاً، وَكَذَلِكَ البَرْق يَسْطَع فِي السَّمَاء وَذَلِكَ إِذا كَانَ كذَنَب السرْحان مستطيلاً فِي السَّمَاء قبل أَن ينتشر فِي الأُفُق. وَمِنْه حَدِيث ابْن عبّاس حدّثناه ابْن هاجَك عَن عَليّ بن حُجْر عَن يزِيد بن هَارُون عَن هِشَام الدَّسْتَوائيّ عَن يحيى بن أبي كَثِير قَالَ: قَالَ ابْن عبّاس: (كلوا وَاشْرَبُوا مَا دَامَ الضَّوْء ساطعاً حَتَّى تعترض الْحمرَة فِي الأُفُق) ، ساطعاً أَي مستطيلاً. وسطع السهْم إِذا رُمِي بِهِ فشخص فِي السَّمَاء يلمع. وَقَالَ الشمَّاخ:
أرِقت لَهُ فِي الْقَوْم وَالصُّبْح سَاطِع
كَمَا سَطَع المِرِّيخ شَمَّره الغالي
ويروى: سمّره، ومعناهما: أرْسلهُ. وَيُقَال: سطعتني رائحةُ الْمسك إِذا طارت إِلَى أَنْفك. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: سطعت الرَّائِحَة إِذا فاحت. والسَّطْع: أَن تسطع شَيْئا براحتك أَو بإصبعك ضربا. وَقَالَ ابْن المظفر: يُقَال: سَمِعت لضربته سَطَعاً (مثقّلاً) يَعْنِي صَوت الضَّرْبَة. قَالَ: وَإِنَّمَا ثُقِّلت لِأَنَّهُ حِكَايَة وَلَيْسَ بنعت وَلَا مصدر. قَالَ: والحكايات يخالَف بَينهَا وَبَين النعوت أَحْيَانًا. قَالَ: وَيُقَال للظليم إِذا رفع رَأسه ومَدّ عُنُقه: قد سَطَع. وَقَالَ ذُو الرمَّة يصف الظليم:
يظلّ مختضِعاً يَبْدُو فتنكره
طوراً ويَسْطَع أَحْيَانًا فينتسِبُ
قَالَ: وظليم أسطع إِذا كَانَ عنقُه طَويلاً وَالْأُنْثَى سطعاء، فَيُقَال: سطِع سَطَعاً فِي

(2/40)


النَّعْت، وَيُقَال فِي رَفعه عُنُقه: سَطَع يَسْطَع. أَبُو عبيد عَن أبي زيد: السِّطَاع: عَمُود من أعمدة الْبَيْت. وَقَالَ القُطَاميّ:
أَلَيْسُوا بالألى قَسَطوا جَمِيعًا
على النُّعْمَان وابتدروا السِّطَاعا
قلت: وَيُقَال للبعير الطَّوِيل: سِطَاع تَشْبِيها بسِطَاع الْبَيْت. وَقَالَ مُلَيح الهذَليّ:
وَحَتَّى دَعَا دَاعِي الْفِرَاق وأُدْنيتْ
إِلَى الحيّ نُوقْ والسِّطَاعُ المُحَمْلَجُ
وَقَالَ أَبُو زيد: السِّطَاع من سمات الْإِبِل فِي العُنق بالطول، فَإِذا كَانَ بالعَرْض فَهُوَ العِلاَط. وناقة مسطوعة وإبل مسطَّعة. وَقَالَ لَبيد:
مسطَّعَة الْأَعْنَاق بُلْقَ القوادم
والسِّطاع: اسْم جبل بِعَيْنِه. وَقَالَ صَخْر الغيّ:
فَذَاك السِّطاع خلافَ النِجَا
ء تحسبه ذَا طِلاء نتيفا
خلاف النِّجَاء أَي بعد السَّحَاب تحسبه جملا أجرب نُتِف وهُنِىء. اللحياني: خطيب مِسْطع ومِصْقع. وَأما قَوْلك: لَا أسطيع فالسين لَيست بأصلية وَقد خرّجته فِي بَاب أطَاع. وَفِي حَدِيث أم مَعْبد وصفتها الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: وَكَانَ فِي عُنُقه سَطَع أَي طول، يُقَال: عُنُق سَطْعاء. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: العُنُق السطعاء: الَّتِي طَالَتْ وانتصبت علابِيُّها. ذكره فِي صِفَات الْخَيل.
وَفِي حَدِيث قيس بن طَلْق عَن أَبِيه أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (كلوا وَاشْرَبُوا وَلَا يَهيدَنَّكم الساطع المصعد، وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يتبيّن لكم الْأَحْمَر) ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ فِي هَذَا الْموضع من نَحْو الْمشرق إِلَى الْمغرب عَرْضاً. قَالَ الشَّيْخ: وَهَذَا دَلِيل على أَن الصُّبْح الساطع هُوَ المستطيل. وَمِنْه عنق سطعاء إِذا طَالَتْ وانتصبت علابِيُّها. قَالَ ذَاك أَبُو عُبَيْدَة. قَالَ الشَّيْخ: وَلذَلِك قيل للعمود من أعمدة الْخِباء: سِطَاع، وللبعير الطَّوِيل: سِطَاع. وظليم أسطع: طَوِيل الْعُنُق.
سعط: السَّعُوط والنَّشُوع والنَشُوق فِي الْأنف. وَيُقَال للآنية الَّتِي يُسعط بهَا العليل: مُسْعُط بضمّ الْمِيم وَجَاء نَادرا مثل المُكْحُل والمُدُقّ والمُدْهُن والمُنْصُل: للسيف. ابْن السّكيت عَن أبي عَمْرو: لخَيْتَه ولخوته وألخيته إِذا سَعَطته. وَيُقَال: أسعطته، وَكَذَلِكَ وَجَرْته وأوجرته، فِيهَا لُغَتَانِ. وَيُقَال: نُشِعَ وأُنشِع. وأمّا النَّشُوق فَيُقَال فِيهِ: أنشقته إنشاقاً. وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: أسعطْته الرمحَ إِذا طعنه فِي أَنفه. وَقَالَ غَيره: يُقَال: أسعطته عِلْماً إِذا بالغت فِي إفهامه وتكرير مَا تُعلِّمه عَلَيْهِ. أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: السَّعِيط: الرّيح من الْخمر وَغَيرهَا من كل شَيْء. وَقَالَ ابْن السّكيت: وَيكون من الخَرْدل. وَقَالَ ابْن بُزُرْج يُقَال: سعطته وأسعطته.
الإياديُّ عَن شمر: تَقول: هُوَ طيّب السَّعُوط والسُّعَاط والإسعاط. وَأنْشد يصف إبِلا وَأَلْبَانهَا:
حَمْضيَّة طيّبة السُّعَاط
حدَّثنا السَّعْديّ عَن الزعفرانيّ قَالَ: حدّثنا

(2/41)


سُفْيَان عَن الزهريّ عَن عبيد الله بن عبد الله بن عُتْبة بن مَسْعُود عَن أم قيس بنت مِحْصَن قَالَت: دخلت بِابْن لي على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أعلقتُ من العُذْرة فَقَالَ: (علام تدغَرْنَ أَوْلَادكُنَّ عليكنّ بِهَذَا العُود الهنديّ فَإِن فِيهِ سبعةَ أشفية، يُسْعَط من العُذْرة، ويُلَدّ من ذَات الجَنْب) .
طسع: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجل طسِع وطزِع: لَا غَيْرة لَهُ. وَقَالَ ابْن المظفر مثله. وَقد طسِع طَسَعاً وطَزِع طَزَعاً. عَمْرو عَن أَبِيه: الطسِع والطزيع: الَّذِي يَرَى مَعَ أَهله رجلا فَلَا يغار لَهُ.

(بَاب الْعين وَالسِّين مَعَ الدَّال)
(ع س د)
عسد، عدس، سعد، سدع، دسع، دعس: مستعملات.
عسد: قَالَ ابْن المظفّر: العَسْد لُغَة فِي العَزْد، كالأسْد والأزْد. قلت: يُقَال: عَسَد فلَان جَارِيَته وعَزَدها عَصَدها إِذا جَامعهَا. وَقَالَ اللَّيْث: العِسْوَدّة: دويبة بَيْضَاء كَأَنَّهَا شحمة يُقَال لَهَا: بِنْت النَقَا تكون فِي الرمل يشبَّه بهَا بَنَات العَذَارَى، وَتجمع عساود وعِسْوَدَّات وَقَالَ ابْن شُمَيْل: العِسْوَدّ بتَشْديد الدَّال: العَضْرَفُوط. قلت: بِنْت النقا غير العضرفوط، لِأَن بِنْت النَقَا تشبه السَّمَكَة، والعضرفوط من العَظَاء وَلها قَوَائِم. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العِسْوَدّ والعِرْبَدّ: الحَيَّة. قلت: وَقَالَ بَعضهم: العِسْوَدّ هُوَ البَبْر، وَأَنا لَا أعرفهُ.
عدس: أَبُو عبيد عَن الأمويّ: عَدَس يعدِس، وحَدَس يحدِس إِذا ذهب فِي الأَرْض. وَمن أَسمَاء الْعَرَب عُدَس وحُدَس. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العَدَس من الحُبُوب يُقَال لَهُ: العَلَس والعَدَس والبُلُس. وَقَالَ اللَّيْث: الحَبَّة الْوَاحِدَة عَدَسة. قَالَ: والعَدَسة: بَثْرة تخرج، وَهِي جِنْس من الطَّاعُون، وقلَّما يُسْلَم مِنْهَا. قَالَ: وعَدَسْ: زَجْر البَغْل، وناس يَقُولُونَ: حَدَسْ. قَالَ: وَزعم ابْن الأرقم أَن حدَسْ كَانُوا على عهد سُلَيْمَان بغَّالِين يَعْنَفُون على البِغال، وَكَانَ الْبَغْل إِذا سمع باسم حَدَس طَار فَرَقاً مِمَّا يَلْقى مِنْهُم، فلهج النَّاس بذلك، وَالْمَعْرُوف عِنْد النَّاس عَدَسْ. وَقَالَ ابْن مفرِّغ فَجعل البغلة نَفسهَا عَدَساً:
عَدَسْ مَا لعبَّاد عليكِ إِمَارَة
نجوتِ وَهَذَا تحملين طليق
وَقَالَ غَيره: سمَّت الْعَرَب الْبَغْل عَدَساً بالزجر وَسَببه لَا أَنه اسْم لَهُ. العَدُوس: الجَرِيئة. وَقَالَ جرير:
لقد ولَدَت غسَّانَ ثالبةُ الشَوَى
عَدُوس السُرَى لَا يقبل الكَرْمَ جِيدُها
الثالبة: المَعيبة. والعَدْس: الرَعْي.
عَدَسْت المالَ. والعَدْس: ضرب من السّير خَفِيف. وَمِنْه قَول الرَّاعِي:
مجسَّمة العِرنين منقوبة العَصَا
عَدُوس السُرَى باقٍ على الخَسْف عودُها
والعَدَسانُ والعِداس أَيْضا: السَيْر وَالْمَشْي السَّرِيع، قَالَ:

(2/42)


مارِسْ فَهَذَا زمن المِرَاس
واعْدِس فَإِن الجَدّ بالعِدَاس
سعد: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول فِي افْتِتَاح الصَّلَاة: (لبَّيك وسَعْديك، وَالْخَيْر فِي يَديك، والشرّ لَيْسَ إِلَيْك) . قلت: وَهَذَا خبر صَحِيح، وحاجة أهل الْعلم إِلَى معرفَة تَفْسِيره ماسَّة. فَأَما لبَّيك فَهُوَ مَأْخُوذ من لَبَّ بِالْمَكَانِ وألَبَّ أَي أَقَامَ بِهِ، لَبّاً وإلباباً، كَأَنَّهُ يَقُول: أَنا مُقيم فِي طَاعَتك إِقَامَة بعد إِقَامَة، ومجيب لَك إِجَابَة بعد إِجَابَة. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الحَرّانيّ عَن ابْن السّكيت فِي قَوْله: (لبَّيك وَسَعْديك) ، تَأْوِيله إلباباً بعد إلباب أَي لُزُوما لطاعتك بعد لُزُوم، وإسعاداً لأمرك بعد إسعاد.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أَحْمد بن يحيى أَنه قَالَ: سَعْدَيك أَي مساعدة لَك ثمَّ مساعدة وإسعاداً لأمرك بعد إسعاد.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: معنى سعديك أسعدك الله إسعاداً بعد إسعاد. قَالَ: وَقَالَ الفرَّاء: لَا وَاحِد للبَّيك وَسَعْديك على صِحَة. قَالَ: وحنانيك: رَحِمك الله رَحْمَة بعد رَحْمَة. قلت: وأصل الإسعاد والمساعدة مُتَابعَة العَبْد أَمر ربّه. وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: كَلَام الْعَرَب على المساعدة والإسعاد، غير أَن هَذَا الْحَرْف جَاءَ مثنَّى على سَعْديك وَلَا فعل لَهُ على سَعَد. قلت: وَقد قرىء قَول الله جلّ وعزَّ: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ} (هود: 108) وَهَذَا لَا يكون إلاّ من سَعَده الله لَا من أسعده، وَبِه سُمّي الرجل مسعوداً. وَمعنى سَعَده الله وأسعده أَي أَعَانَهُ ووفَّقه. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي طَالب النحويّ أَنه قَالَ: معنى قَوْلك لبَّيك وَسَعْديك أَي أسعدني الله إسعاداً بعد إسعاد. قلت: وَالْقَوْل مَا قَالَ أَبُو الْعَبَّاس وَابْن السّكيت، لِأَن العَبْد يُخَاطب ربَّه وَيذكر طَاعَته لَهُ ولزومه أمره، فَيَقُول: سعديك كَمَا يَقُول: لبَّيك أَي مساعدة لأمرك بعد مساعدة. وَإِذا قيل: أسعد الله العبدَ وسَعَده فَمَعْنَاه: وفَّقه الله لما يرضيه عَنهُ فيَسْعد بذلك سَعَادَة. وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا إسعاد فِي الْإِسْلَام) . وتأويله أَن نسَاء أهل الْجَاهِلِيَّة كنّ إِذا أُصيبت إِحْدَاهُنَّ بمصيبة فِيمَن يَعِزُّ عَلَيْهَا بكته حولا، ويُسعدها على ذَلِك جاراتُها وَذَوَات قراباتها، فيجتمعن مَعهَا فِي عِداد النِّيَاحَة وأوقاتها ويتابعنها ويساعدنها مَا دَامَت تنوح عَلَيْهِ وتبكيه، فَإِذا أُصِيب صواحباتها بعد ذَلِك بمصيبة أسعدتهنّ بعد ذَلِك، فَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن هَذَا الإسعاد. والساعد ساعد الذِّرَاع وَهُوَ مَا بَين الزَنْدين والمِرْفَق، سمّي ساعداً لمساعدته الْكَفّ إِذا بَطَشَت شَيْئا أَو تناولته. وَجمع الساعد سواعد. وساعد الدَّرّ فِيمَا أَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: عِرْق ينزل الدَّر مِنْهُ إِلَى الضرْع من النَّاقة. وَكَذَلِكَ العِرْق الَّذِي يؤدّي الدَرّ إِلَى ثَدْي امْرَأَة يسمَّى ساعداً. وَمِنْه قَوْله:
ألم تعلمي أَن الْأَحَادِيث فِي غَد
وَبعد غَد يَا لُبْنَ ألْبُ الطرائد
وكنتم كأُمَ لَبَّةٍ ظَعَن ابنُها
إِلَيْهَا فَمَا درّت عَلَيْهِ بساعد
قَالَ: رَوَاهُ الْمفضل: طعن ابْنهَا بِالطَّاءِ أَي

(2/43)


شخص بِرَأْسِهِ إِلَى ثَدْيها كَمَا يُقَال: طعن هَذَا الْحَائِط فِي دَار فلَان أَي شخص فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: السواعد مجاري الْبَحْر الَّتِي تَصُبّ إِلَيْهِ المَاء، وَاحِدهَا ساعد بِغَيْر هَاء، وَأنْشد شمر:
تأبّد لَأْيٌ منهمُ فعُتائدهْ
فذو سَلَم أنشاجُه فسواعدُهْ
والأنشاج أَيْضا: مجاري المَاء، وَاحِدهَا نَشَج. وساعدة من أَسمَاء الْأسد معرفَة لَا ينْصَرف، وَكَذَلِكَ أُسَامَة. وسَعِيد المزرعةِ نهرها الَّذِي يسقيها. وَقَالَ ابْن المظفَّر: السَعْد ضدّ النَحْس، يُقَال: يَوْم سَعْد ويومُ نَحْسٍ. قَالَ: وَأَرْبَعَة منَازِل من منَازِل الْقَمَر تسمَّى سُعُوداً، مِنْهَا سعد الذَّابِح وَسعد بُلَعَ وَسعد السُعُودِ وَسعد الأخبيةِ.
وَهَذِه كلهَا فِي بُرْجَيِ الدلْو والجَدْي. وَقَالَ ابْن كُناسة: سعد الذابِح: كوكبان متقاربان سمّي أَحدهمَا ذابحاً لِأَن مَعَه كوكباً صَغِيرا غامضاً يكَاد يلزَق بِهِ فَكَأَنَّهُ مكِبّ عَلَيْهِ يَذبحه والذابح أنور مِنْهُ قَلِيلا، قَالَ: وَسعد بُلَعَ: نجمان معترضان خفيّان. قَالَ أَبُو يحيى: وَزَعَمت الْعَرَب أَنه طلع حِين قَالَ الله عزّ وَجل: {ياَأَرْضُ ابْلَعِى مَآءَكِ وَياَسَمَآءُ أَقْلِعِى} (هود: 44) وَيُقَال: إِنَّمَا سمّي بُلَع لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ لقرب صَاحبه مِنْهُ يكَاد أَن يبلعه.
قَالَ: وَسعد السُّعُود: كوكبان، وَهُوَ أَحْمد السُّعُود وَلذَلِك أضيف إِلَيْهَا. وَهُوَ يُشْبه سعد الذَّابِح فِي مطلعه. وَسعد الأخبية: ثَلَاثَة كواكب على غير طَرِيق السُّعُود مائلة عَنْهَا، وفيهَا اخْتِلَاف وَلَيْسَت بخفيّة غامضة، وَلَا مضيئة منيرة. سميت سعد الأخْبِية لِأَنَّهَا إِذا طلعت خرجت حَشَرَاتُ الأَرْض وهَوَامُّها. من جِحَرتها، جُعِلت لَهَا كالأخبية. وفيهَا يَقُول الراجز:
قد جَاءَ سعد مُقبلا بحَرّه
راكدة جنودُه لشرّه
فَجعل هوامّ الأَرْض جنود السعد الأخبية وَهَذِه السُّعُود كلهَا يمانِيَة، وَهِي من نُجُوم الصَّيف وَهِي من منَازِل الْقَمَر تطلع فِي آخر الرّبيع وَقد سكنت ريَاح الشتَاء وَلم يَأْتِ سلطانُ ريَاح الصَّيف، فَأحْسن مَا تكون الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم فِي أَيَّامهَا، لِأَنَّك لَا ترى فِيهَا غَبَرة. وَقد ذكرهَا الذبياني فَقَالَ:
قَامَت تَرَاءَى بَين سِجْفَيْ كِلَّة
كَالشَّمْسِ يَوْم طُلُوعهَا بالأسعُد
والسُعُود مصدر كالسعادة؛ قَالَ:
إِن طول الْحَيَاة غير سُعود
وضلالاً تأميل نَيْل الخلود
وَفِي الْمثل:
أوردهَا سعد وَسعد مُشْتَمل
يضْرب مثلا فِي إِدْرَاك الْحَاجة بِلَا مشقَّة، أَي أوردهَا الشرِيعة ويوردها بِئْرا يحْتَاج إِلَى أَن يَستقي مِنْهَا بالدُلِيّ. وَمثله: أَهْون السَقْي التشريع. وَقَالَ ابْن المظفّر: يُقَال سعِد يَسْعد سَعْد أَو سَعَادَة فَهُوَ سعيد، نقيض شقِي. وَجمعه السعَداء. وَيُقَال: أسعده الله وأسعد جَدَّه. قلت: وَجَائِز أَن يكون سعيد بِمَعْنى مَسْعُود من سَعَده الله؛

(2/44)


وَيجوز أَن يكون من سَعِد يَسْعَد فَهُوَ سعيد. والسَعْدانُ: نبت لَهُ شَوْك كَأَنَّهُ فَلْكة، يَسْلَنْقِي فتنظر إِلَى شوكه كالحاً إِذا يبِس، ومنبتِه سهولة الأَرْض. وَهُوَ من أطيب مرَاعِي الْإِبِل مَا دَامَ رَطْباً. وَالْعرب تَقول: أطيب الْإِبِل ألباناً مَا أكل السَعْدان والحُرْبُث. وخلَّط اللَّيْث فِي تَفْسِير السعدان، فَجعل الحَلَمة ثَمَر السعدان، وَجعل حَسَكاً كالْقُطب، وَهَذَا كُله غلط. القُطْب: شوك غير السعدان يشبه الحَسَك والسَعْدان مستدير شوكه فِي وَجهه. وأمَّا الحَلَمة فَهِيَ شَجَرَة أُخْرَى وَلَيْسَت من السَعْدان فِي شَيْء وَوَاحِدَة السَعْدان سَعْدانة. وسَعْدانة الثَدْي: مَا أطاف بِهِ كالفَلْكة. وَقَالَ أَبُو عبيد: العُقَد الَّتِي فِي أَسْفَل الموازين يُقَال لَهَا: السعدانات. قَالَ: والسَعْدانة: عُقْدة الشسْع ممَّا يَلِي الأَرْض والقِبالُ مثل الزِّمَام بَين الإصبع الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا؛ قَالَ ذَلِك كُله الأصمعيّ. وَقَالَ أَبُو زيد: السَعْدانة أَيْضا كِرْكِرة الْبَعِير، سمّيت سَعْدانة لاستدارتها. والسعدانة: الحَمَامة أَيْضا. وسعدانة الإست: حِتَارها، وأمَّا قَول الهذليّ يصف الظليم:
على حَتّ البُرَاية زَمْخَرِيّ الس
وَاعد ظَلَّ فِي شَرْي طِوال
فقد قيل: سواعد الظليم: أجنحته؛ لِأَن جناحيه لَهُ كاليدين. وَقَالَ الباهليّ: السواعد: مجاري المُخّ فِي الْعِظَام. قَالَ: والزمخريّ من كل شَيْء: الأجوف مثل القَصَب، وَعِظَام النَعَام جُوف لَا مُخَّ فِيهَا. والحتّ السَّرِيع، والبُرَاية، البقيَّة، يَقُول: هُوَ سريع عِنْد ذهَاب بُرَايته أَي عِنْد انحسار لَحْمه وشحمه. وَقَالَ غَيره: الساعدة: خَشَبَة تُنْصَب لتمسِك البَكْرة. وَجَمعهَا السواعد. وَقَالَ الأصمعيُّ: السواعد: قَصَب الضَرْع. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ الْعُرُوق الَّتِي يَجِيء مِنْهَا اللَّبن، شُبِّهت بسواعد الْبَحْر وَهِي مجاريها. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السَعِيد: النَّهر وَجمعه سُعُد وَأنْشد:
وَكَأن ظُعْن الحيّ مُدْبِرة
نخل مَوَاقرُ بَينهَا السُعُد
قَالَ: السُعُد هَهُنَا: الْأَنْهَار وَاحِدهَا سعيد قَالَ: وَيُقَال لِلَبْنة الْقَمِيص سعيدة. والسُعْد: نبت لَهُ أصل تَحت الأَرْض أسود طيّب الرّيح. والسُعادَى: نبت آخر. وَقَالَ اللَّيْث: السُعادى: بنت السُعد. وَمن أَمْثَال الْعَرَب: مَرْعًى وَلَا كالسَعدان يُرِيدُونَ أَن السعدان من أفضل مراعيهم. والسُعُود فِي قبائل الْعَرَب كثير، وأكثرها عددا سعدُ بن زيد مَنَاة بن تَمِيم. وَمِنْهَا بَنو سعد بن بكر فِي قيس عَيْلان، وَمِنْهَا سعد هُذَيم فِي قُضاعة. وَمِنْهَا سعد العَشِيرة. وَبَنُو سَاعِدَة فِي الْأَنْصَار. وَمن أَسمَاء الرِّجَال سعد ومسعود وسَعِيد وأسعد وسُعَيد وسَعْدان. وَمن أَسمَاء النِّسَاء سُعَاد وسُعْدَى وسَعِيدة وسَعْدِيَّة وسُعَيْدة. وَمن أَسمَاء الرِّجَال مُسْعَدة. والسُعْد: ضرب من التَّمْر؛ قَالَ أَوْس:
وَكَأن ظُعْنَ الحيّ مُدْبرة
نخل بزارة حَمْلها السُعُد

(2/45)


والسَعَادة: رُقعة تزاد فِي الدَلْو ليتَّسع ساعد المزادة. وتسمَّى زِيَادَة الخفّ وبنائق الْقَمِيص سَعَادَة. وَخرج الْقَوْم يتسعَّدون أَي يطْلبُونَ مراعيَ السعدان. والسَعْدانة: اللّحَمات النابتات من الْحلق. قَالَ:
جَاءَ على سعدانة الشَّيْخ المُكِلّ
يَعْنِي الفالوذ.
دعس: أَبُو عبيد: المَدَاعِس: الصُمُّ من الرماح قَالَ: وَيُقَال: هِيَ الَّتِي يُدْعَس بهَا. قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: المِدْعَس من الرماح: الغليظ الشَّديد الَّذِي لَا ينثني، وَقد دَعَسه بِالرُّمْحِ إِذا طعنه، ورُمْح مِدْعَس. وَقَالَ اللَّيْث: الدَّعْس شدّة الوَطْء. وَيُقَال: دَعَس فلَان جَارِيَته دَعْساً إِذا نَكَحَهَا. والمُدَّعَس: مُخْتَبَز المَلِيل وَمِنْه قَول الهذليّ:
ومُدَّعَسٍ فِيهِ الأنِيض اختفيته
بجرداء مثل الوَكْف يكبو غرابها
وَطَرِيق مِدْعاس ومدعوس، وَهُوَ الَّذِي دَعَسته القوائم ووطأته. وَقَالَ أَبُو عبيد: الدعْس: الأثَر. وَفِي (النَّوَادِر) : رجل دَعُوس وعَطوس وقَدُوس ودَقُوس، كل هَذَا فِي الاستقدام فِي الغَمَرات والحروب.
سدع: أهمله الثِّقَات. وَقَالَ اللَّيْث: رجل مِسْدَع: ماضٍ لوجهه، نحوُ الدَّلِيل المِسْدِع الْهَادِي. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: السَدْع: صَدْم الشَّيْء الشيءَ، سَدَعه سَدْعاً. قَالَ: وسُدِع الرجل إِذا نُكب، لُغَة يَمَانِية. قلت: وَلم أجد لما قَالَ اللَّيْث وَابْن دُرَيْد شَاهدا من كَلَام الْعَرَب.
دسع: يُقَال: دَسَعَ فلَان بقَيْئه إِذا رَمَى بِهِ، ودسع البعيرُ بجرّته إِذا دَفعهَا بمرَّة إِلَى فِيهِ. وَقَالَ ابْن المظفر: المَدْسع: مَضِيق مَوْلِج المَرِيء وَهُوَ مَجْرَى الطعامِ فِي الحَلْق، ويسمَّى ذَلِك الْعظم الدَسِيع، وَهُوَ الْعظم الَّذِي فِيهِ التَرْقُوتان. وَقَالَ سَلاَمة بن جندل:
يُرْقَى الدسيعُ إِلَى هادٍ لَهُ تَلِعٍ
فِي جؤجؤ كَمَدَاك الطِيب مخضوب
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الدَّسِيع: حَيْثُ يَدْسع الْبَعِير بجِرَّته، وَهُوَ مَوضِع المرِيء من حَلْقه، والمَرِيء: مدْخل الطَّعَام وَالشرَاب. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الدَّسِيع: مَفْرِز العُنُق فِي الْكَاهِل وَأنْشد الْبَيْت. وَالْعرب تَقول: فلَان ضخم الدَّسيعة يُقَال ذَلِك للرجل الجَوَاد. وَقَالَ اللَّيْث: الدَّسِيعة: مائدة الرجل إِذا كَانَت كَرِيمَة. وَقيل معنى قَوْلهم: فلَان ضخم الدَّسِيعة أَي كثير العطيَّة. سُمِّيت دَسِيعة لدفع الْمُعْطِي إيّاها مرّة وَاحِدَة، كَمَا يَدْفَع البعيرُ جِرّته دَفْعة وَاحِدَة. والدَّسَائع: الرغائب الواسعة. وَفِي الحَدِيث: (إِن الله تبَارك وَتَعَالَى يَقُول يَوْم الْقِيَامَة: يَابْنَ آدم ألم أحْملك على الْخَيل، ألم أجعلك تَرْبَع وتَدْسع) تَرْبع: تَأْخُذ رُبُعَ الغَنيمة وَذَلِكَ من فعل الرئيس، وتَدْسَع: تُعْطى فتُجزل. وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: الدَّسِيعة: الجَفْنة. وَقَالَ اللَّيْث: دَسَعْت الجُحْرَ إِذا أخذت دِسَاماً من خِرقة فسددته بِهِ. قَالَ اللَّيْث: دَسع البحرُ بالعنبر ودسر إِذا جمعه كالزَبَد ثمَّ يقذفه إِلَى نَاحيَة فَيُؤْخَذ

(2/46)


وَهُوَ أَجود الطّيب. وناقة دَيْسَع: ضخمة كَثِيرَة الاجترار فِي سَيرهَا. قَالَ ابْن ميّادة:
حملتُ الْهوى والرَّحْل فَوق شِمِلَّة
جُمَاليَّة هوجاءَ كالفحل دَيْسَعِ
أَي لم تظهر لِأَنَّهَا خفيت فِي اللَّحْم اكتنازاً. والدَّسيع والدسيعة: العُنُق والقوّة قَالَ الْأَعْوَر:
رَأَيْت دسيعة فِي الرحل ينبي
على دِعَم مخوِّية الفِجَاج
الدِّعَم: القوائم، والفِجاج: مَا بَين قوائمه.

(بَاب الْعين وَالسِّين مَعَ التَّاء)
(ع س ت)
اسْتعْمل من وجوهها: تعس، تسع.
تسع: قَالَ اللَّيْث: التِّسْع والتِّسْعة من العَدَد يَجري وجوهُه على التَّأْنِيث والتذكير: تِسْعَة رجال وتسع نسْوَة. وَيُقَال: تسعون فِي مَوضِع الرّفْع وَتِسْعين فِي الجرّ وَالنّصب، وَالْيَوْم التَّاسِع وَاللَّيْلَة التَّاسِعَة، وتسع عشرَة مفتوحتان على كل حَال؛ لِأَنَّهُمَا اسمان جعلا اسْما وَاحِدًا فأُعطِيا إعراباً وَاحِدًا، غير أَنَّك تَقول: تسع عَشْرة امْرَأَة وَتِسْعَة عَشَر رجلا، قَالَ الله جلّ وَعز: {لِّلْبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ} (المدثر: 30) يَعْنِي: تِسْعَة عشر مَلَكاً. وَأكْثر القرّاء على هَذِه الْقِرَاءَة. وَقد قرىء: (تِسْعَة عْشر) بِسُكُون الْعين، وَإِنَّمَا أسكنها من أسكنها لِكَثْرَة الحركات. وَالتَّفْسِير أنّ على سَقَر تِسْعَة عشر مَلكاً. وَالْعرب تَقول فِي ليَالِي الشَّهْر: ثلاثٌ غُرَر، ولثلاث بعْدهَا: ثلاثٌ نفَل، ولثلاث بعْدهَا: ثلاثٌ تُسَع. سُمِّين تُسَعاً لِأَن آخِرتها اللَّيْلَة التَّاسِعَة، كَمَا قيل لثلاث بعْدهَا: ثلاثٌ عُشَر؛ لِأَن بادئتها اللَّيْلَة الْعَاشِرَة. أَبُو عبيد عَن أبي زيد قَالَ العَشِير والتَسِيع بِمَعْنى العُشْر والتُسْع. قَالَ شمر: وَلم أسمع تِسيع إلاّ لأبي زيد. وَيُقَال: كَانَ الْقَوْم ثَمَانِيَة فتَسَعْتُهم أَي صَيَّرْتهم تِسْعَة بنفسي، أَو كنت تاسعهم. وَيُقَال: هُوَ تَاسِع تسعةٍ وتاسعٌ ثَمَانِيَة. وتاسعُ ثمانيةٍ. وَلَا يجوز أَن تَقول: هُوَ تاسعٌ تِسْعَة وَلَا رابعٌ أَرْبَعَة، إِنَّمَا يُقَال: رَابِع أربعةٍ على الْإِضَافَة، وَلَكِنَّك تَقول: رابعٌ ثَلَاثَة. وَهَذَا قَول الفرّاء وغيرِه من الحُذّاق. وَيُقَال: تَسَعْت الْقَوْم إِذا أخذت تُسْع أَمْوَالهم أَو كنت تاسعهم، أتْسَعَهم بِفَتْح السِّين لَا غير فِي الْوَجْهَيْنِ. وَقَالَ اللَّيْث: رجل متَّسع وَهُوَ المنكمش الْمَاضِي فِي أمره، قلت لَا أعرف مَا قَالَ إِلَّا أَن يكون مفتعِلاً من السَعَة، وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَيْسَ من هَذَا الْبَاب.
وَفِي نُسْخَة من (كتاب اللَّيْث) : مُسْتَعٌ، وَهُوَ المنكمش الْمَاضِي فِي أمره. قَالَ: وَيُقَال: مِسْدَعٌ، لُغَة. قَالَ: وَرجل مِسْتَع أَي سريع. وَقَوله عزّ وجلّ: {وَلَقَدْءَاتَيْنَا مُوسَى تِسْعَءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ} (الْإِسْرَاء: 101) هُوَ: أخْذ آل فِرْعَوْن بِالسِّنِينَ، وَإِخْرَاج مُوسَى يَده بَيْضَاء، والعصا، وإرسال الله عَلَيْهِم الطوفان وَالْجَرَاد والقُمَّل والضفادع وَالدَّم، وانفلاق الْبَحْر. وَفِي حَدِيث ابْن عبّاس: (لَئِن بقِيت إِلَى قَابل لأصومَنَّ التَّاسِع) يَعْنِي: عَاشُورَاء، كَأَنَّهُ تأوّل فِيهِ عِشر الوِرْد

(2/47)


أَنَّهَا تِسْعَة أيَّام. وَالْعرب تَقول: وَردت المَاء عِشْراً يعنون: يَوْم التَّاسِع. وَمن هَهُنَا قَالُوا: عِشرِين وَلم يَقُولُوا: عِشْرَيْنِ لِأَنَّهُمَا عِشْران وَبَعض الثَّالِث.
تعس: أَبُو عُبَيد عَن أبي عُبَيدة: تَعَسه الله وأتعسه فِي بَاب فَعَلت وأفعلت بِمَعْنى وَاحِد. وَقَالَ شمر فِيمَا أَخْبرنِي عَنهُ أَبُو بكر الإياديّ: لَا أعرف تَعَسه الله، وَلَكِن يُقَال: تَعِس بِنَفسِهِ وأتعسَه الله. قَالَ: وَقَالَ الفرّاء: يُقَال: تَعَستَ إِذا خاطبت الرجل، فَإِذا صرت إِلَى أَن تَقول: فَعَل قلت: تعِس بِكَسْر الْعين. قَالَ شمر: وَهَكَذَا سمعته فِي حَدِيث عَائِشَة حِين عَثَرت صاحبتها أمّ مِسْطح فَقَالَت: تعِس مِسْطَح. قَالَ: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: تَعَسْت كَأَنَّهُ يَدْعُو على صَاحبه بِالْهَلَاكِ. قَالَ وَقَالَ بعض الكلابيّين: تعَس يتعَس تَعْساً وَهُوَ أَن يخطىء حُجَّته إِن خَاصم، وبُغْيَته إِن طَلَب وَقَالَ: تَعِس فَمَا انْتَعش، وشِيك فَمَا انتقش، أَبُو دواد عَن النَّضر قَالَ: تَعَس: هلك، والتَعْس: الْهَلَاك. ابْن الأنباريّ: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس مَعْنَاهُ فِي كَلَامهم: الشرّ. وَقيل: التَعْس: الْبعد. وَقَالَ الرُسْتُمي: التَعْس: أَن يخِرّ على وَجهه، والنُكْس أَن يخِرّ على رَأسه. والتَعْس أَيْضا: الْهَلَاك. وَأنْشد:
وأرماحهم يَنْزَهْنَهُمْ نَهْزَ جُمَّة
يقلن لمن أدركن تَعْساً وَلَا لعا
وَقَالَ اللَّيْث: التَعْس: ألاَّ ينتعش من عَثْرته، وَأَن يُنكس فِي سَفَال. وَيَدْعُو الرجل على بعيره الجوادِ إِذا عثر فَيَقُول: تَعْساً، فَإِذا كَانَ غير جَوَاد وَلَا نجيب فعثَر قَالَ لَهُ: لَعاً. وَمِنْه قَول الْأَعْشَى:
بِذَات لَوث عَفَرْنَاةٍ إِذا عَثَرتْ
فالتَعْس أدنى لَهَا من أَن أَقُول لَعا
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وَعز: {كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ} (مُحَمَّد: 8) : يجوز أَن يكون نَصْباً على معنى: أتعسهم الله قَالَ: والتَعْس فِي اللُّغَة: الانحطاط والعثور. قَالَ أَبُو مَنْصُور وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: تَقول الْعَرَب:
الوَقْس يُعدى فتعدّ الوَقْسا
من يَدْنُ للوَقْس يلاقِ تَعْسا
قَالَ: والوقْس: الجَرَب، والتَعْس الْهَلَاك. وتعدَّ أَي تجنَّب وتنكب. كُله سَوَاء) . ع س ظ ع س ذ ع س ث:
أهملت وجوهها.

(بَاب الْعين وَالسِّين مَعَ الرَّاء)
(س ع ر)
عسر، عرس، سرع، سعر، رسع، رعس: مستعملات.
عسر: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (الْبَقَرَة: 280) ، وَقَالَ الله جلّ وَعز: {ءَاتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ} (الطَّلَاق: 7) وَقَالَ: {ذِكْرَكَ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ} (الشَّرْح: 5) . والعُسْر: نقيض الْيُسْر. والعُسْرة: قِلّة ذَات الْيَد. وَكَذَلِكَ الْإِعْسَار. والعُسْرى: الْأُمُور الَّتِي تعسُر وَلَا تتيسّر، واليسْرى: مَا اسْتَيْسَرَ مِنْهَا. والعسرى: تَأْنِيث: الأعسر من الْأُمُور. ورُوي عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَرَأَ قَوْله جلّ

(2/48)


وَعز: {ُذِكْرَكَ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ} {ِيُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} (الشَّرْح: 5، 6) . فَقَالَ: لَا يَغلب عُسْر يسرين. وَسُئِلَ أَبُو الْعَبَّاس عَن تَفْسِير قَول ابْن مَسْعُود ومرادِه من قَوْله فَقَالَ: قَالَ الفرّاء: الْعَرَب إِذا ذكَرت نكرَة ثمَّ أعادتها بنكرة مثلهَا صارتا ثِنْتَيْنِ، وَإِذا أعادتها بِمَعْرِِفَة فَهِيَ هِيَ. تَقول من ذَلِك: إِذا كسبت درهما فأنفِق درهما، فَالثَّانِي غير الأوّل، فَإِذا أعدته بِالْألف وَاللَّام فَهِيَ هِيَ. تَقول من ذَلِك: إِذا كسبت درهما فأنفِق الدِّرْهَم، فَالثَّانِي هُوَ الأول. قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَهَذَا معنى قَول ابْن مَسْعُود، لِأَن الله تَعَالَى لمّا ذكر (العُسر) ثمَّ أَعَادَهُ بِالْألف وَاللَّام عُلِم أَنه هُوَ، ولمّا ذكر (يسرا) بِلَا ألف وَلَام ثمَّ أَعَادَهُ بِغَيْر ألف وَلَام عُلِم أَن الثَّانِي غير الأول، فَصَارَ العُسْر الثَّانِي الْعسر الأول، وَصَارَ يسر ثَان غير يسر بَدَأَ بِذكرِهِ. وَيُقَال إِن الله جلّ وعزّ أَرَادَ بالعسر فِي الدُّنْيَا على الْمُؤمن أَنه يُبْدِله يسرا فِي الدُّنْيَا ويسراً فِي الْآخِرَة وَالله أعلم. وَقيل: لَو دخل الْعسر جُحْراً لدخل الْيُسْر عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانُوا فِي ضِيق شَدِيد، فأعلمهم الله أنْ سيفتح عَلَيْهِم، فَفتح الله عَلَيْهِم الفُتُوح، وأبدلهم بالعُسر الَّذِي كَانُوا فِيهِ اليسْر وَقيل فِي قَوْله: {بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (اللَّيْل: 7) أَي لِلْأَمْرِ السهل الَّذِي لَا يقدر عَلَيْهِ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ. وَقَوله: {بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (اللَّيْل: 10) قَالُوا: العسرى: الْعَذَاب وَالْأَمر العسير. قلت: وَالْعرب تضع المعسور مَوضِع العُسْر، والميسورَ مَوضِع اليُسْر، وجُعِل الْمَفْعُول فِي الحرفين كالمصدر. وَيُقَال: أعْسر الرجلُ فَهُوَ مُعْسِر إِذا صَار ذَا عُسْرة وقِلَّة ذَات يَد. قَالَ: وعَسَرت الْغَرِيم أعسِره عَسْراً إِذا أَخَذته على عُسْرة وَلم تَرْفُق بِهِ إِلَى مَيسَرته. وَيُقَال: عَسُر الْأَمر يعسُر عُسْراً فَهُوَ عَسِير، وعَسِر يَعْسَر عَسَراً فَهُوَ عسِر. وَيَوْم عسير: ذُو عُسْر. قَالَ الله تَعَالَى فِي صفة يَوْم الْقِيَامَة: {ُالنَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} {ِعَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} (المدثر: 9، 10) . وَيُقَال: رجل أعْسر بيِّن العَسَر وَامْرَأَة عسراء إِذا كَانَت قوّتّهما فِي أشْمُلهما، وَيعْمل كل وَاحِد مِنْهُمَا بِشمَالِهِ مَا يعْمل غَيره بِيَمِينِهِ. وَيُقَال: رجل أعْسر يَسَر وَامْرَأَة عَسْراء يَسَرة إِذا كَانَا يعملان بأيديهما جَمِيعًا، وَلَا يُقَال: أعْسَر أيسر، وَلَا عسراء يَسراء للْأُنْثَى، وعَلى هَذَا كَلَام الْعَرَب. وَيُقَال من اليَسَر: فِي فلَان يَسَرة. وَيُقَال: بلغتُ معسور فلَان إِذا لم تَرْفُق بِهِ، وعسَّرت على فلَان الْأَمر تعسيراً. وَيُقَال: استعسرت فلَانا إِذا طلبت معسوره، واستعسر الأمرُ وتعسّر إِذا صَار عسيراً. وَقَالَ ابْن المظفّر: يُقَال للغَزْل إِذا الْتبس فَلم تقدر على تخليصه: قد تغسّر بالغين وَلَا يُقَال بِالْعينِ إلاَّ تجشُّماً. قلت: وَهَذَا الَّذِي قَالَه ابْن المظفر صَحِيح، وَكَلَام الْعَرَب عَلَيْهِ، سمعته من غير وَاحِد مِنْهُم، وَيَوْم أعْسر أَي مشئوم قَالَ مَعْقِل الْهُذلِيّ:
ورُحْنا بِقوم من بُدَالة قُرِّنوا
وظلّ لَهُم يَوْم من الشَّرّ أعسرُ
فسّر أَنه أَرَادَ بِهِ أَنه مشئوم. قَالَ: وَيُقَال:

(2/49)


أعسرت المرأةُ إِذا عَسُر عَلَيْهَا وِلادها. وَإِذا دُعي عَلَيْهَا قيل: أعسرتْ وآنثتْ، وَإِذا دُعي لَهَا قيل: أَيسَرت وأذكرتْ أَي وضعت ذكرا وتيسّر عَلَيْهَا الوِلاد. وَقَالَ اللَّيْث: العَسِير: النَّاقة الَّتِي اعتاطت فَلم تَحمل سَنَتها، وَقد عَسُرت، وَأنْشد قَول الْأَعْشَى:
وعسير أدماء حادرة العي
ن خَنُوفٍ عَيْرانة شِملالِ
قلت: تَفْسِير اللَّيْث للعسير أَنَّهَا النَّاقة الَّتِي اعتاطت غير صَحِيح. والعَسِير من الْإِبِل عِنْد الْعَرَب: الَّتِي اعتُسِرت فرُكِبت وَلم تكن ذُلِّلت قبل ذَلِك وَلَا رِيضت. وَهَكَذَا فسّره الأصمعيّ فِيمَا رَوَى عَنهُ أَبُو عُبَيد. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن السكِّيت فِي تَفْسِير قَوْله:
وروحة دنيا بَين حَيّين رحتها
أسِيرُ عَسِيراً أَو عَروضاً أروضها
قَالَ: العَسِير: النَّاقة الَّتِي رُكبت قبل تذليلها، وَأما العاسرة من النوق فَهِيَ الَّتِي إِذا عَدَت رفَعَت ذَنَبها، وَتفعل ذَلِك من نشاطها، وَالذِّئْب يفعل ذَلِك. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
إِلَّا عواسرُ كالقداح معيدةٌ
بِاللَّيْلِ مورد أيِّم متغضِّف
أَرَادَ بالعواسر: الذئاب الَّتِي تعسِل فِي عَدْوها وتكسّر أذنابها. وناقة عَوْسَرانية إِذا كَانَ من دأبها تكسير ذَنَبها ورفعُه إِذا عَدَت. وَمِنْه قَول الطِرِمَّاح:
عَوْسرانيّة إِذا انتفض الخِم
سُ نفاضَ الفَضِيض أيَّ انتفاضِ
الفضيض: المَاء السَّائِل، أَرَادَ أَنَّهَا ترفع ذَنَبها من النشاط وتعدو بعد عَطَشها وَآخر ظمئها فِي الخِمْس. وَزعم اللَّيْث أَن العَوْسَرانيّة والعَيْسَرانيّة من النوق: الَّتِي تُركَب من قبل أَن تُراض قَالَ: وَالذكر عَيْسُران وعَيْسَران، وَكَلَام الْعَرَب على غير مَا قَالَ اللَّيْث. وَقَالَ ابْن السّكيت: العَسْر: أَن تَعْسِر الناقةُ بذنبها أَي تشول بِهِ، يُقَال: عَسَرتْ بِهِ تعسِر عَسْراً. والعَسْر أَيْضا مصدر عَسَرته أَي أَخَذته على عُسْرة. قَالَ: والعُسْر بالضمّ من الْإِعْسَار وَهُوَ الضّيق. وَقَالَ الفرّاء: يَقُول الْقَائِل: كَيفَ قَالَ الله تَعَالَى: {بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (اللَّيْل: 10) وَهل فِي العُسْرى تيسير. قَالَ الْفراء: وَهَذَا فِي جَوَازه بِمَنْزِلَة قَول الله تَعَالَى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (التَّوْبَة: 3) والبِشارة فِي الأَصْل تقع على المفرِّح السارّ. فَإِذا جمعت كلامين فِي خير وشرّ جَازَ التبشير فيهمَا جَمِيعًا. قلت: وتَقول قابِلْ غَرْب السانية لقائدها إِذا انْتهى الغَرب طالعاً من الْبِئْر إِلَى يَدي الْقَابِل وتمكّن من عَرَاقِيها: ألاَ ويَسّر السانية أَي اعطف رَأسهَا كَيْلا تجَاوز المَنْحاة فيرتفع الغَرْب إِلَى المَحَالة والمِحْور فيتخرَّق. ورأيتهم يسمّون عَطْف السانية تيسيراً، لِمَا فِي خِلَافه من التعسير، وَيُقَال: اعتسرت الكلامَ إِذا اقتضبته قبل أَن تزوّره وتهيئه. وَقَالَ الجعديّ:
فذَرْ ذَا وعَدِّ إِلَى غَيره
فشرّ الْمقَالة مَا يُعْتسَرْ
قلت: وَهَذَا من اعتسار الْبَعِير وركوبه قبل

(2/50)


تذليله. وَيُقَال: ذهبت الْإِبِل عُسَاريَات وعُشَاريَات إِذا انتشرت وتفرّقت. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: جَاءُوا عُسَاريَات وعُسَارَى تَقْدِير سكارى أَي بَعضهم فِي إثْر بعض. وَقَالَ النَّضر فِي الحَدِيث الَّذِي جَاءَ: يعتسر الرجلُ من مَال وَلَده رَوَاهُ بِالسِّين وَقَالَ: مَعْنَاهُ: يَأْخُذ من مَاله وَهُوَ كَارِه، وَأنْشد:
إِن أصحُ عَن دَاعِي الْهوى المضِلِّ
صُحُوّ ناسي الشوق مستبِلّ
معتسِر للصُّرْم أَو مُدِلِّ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: عَسَره وقَسَره وَاحِد. قَالَ: وعَسَرْت النَّاقة عَسْراً إِذا أَخَذتهَا من الْإِبِل. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العُسُر: أَصْحَاب التبرية فِي التقاضي وَالْعَمَل. والمِعْسَر: الَّذِي يُقعّط على غَرِيمه. قَالَ: والعِسْرة: قَبيلَة من قبائل الجِنّ. قلت: وَقَالَ بَعضهم فِي قَول أبي أَحْمَر:
وفتيان كجِلّة آل عِسْر
إِن عِسْر قَبيلَة من الجنّ. وَقيل: عِسْر: أَرض يسكنهَا الجنّ. وعِسْر فِي قَول زُهَيْر: مَوضِع:
كَأَن عليهمُ بجُنُوب عِسْر
والعُسْر لُعْبة لَهُم: ينصبون خَشَبَة ثمَّ ترمى بخشبة أُخْرَى وتقلَع. قَالَ الأغرّ بن عُبَيد اليَشْكُريّ:
فَوق الحزامى ترتمين بهَا
كتخاذف الوِلْدان بالعُسْر
أَي تفعل مَنَاسمُ هَذِه النَّاقة بالحَصَى كَمَا تفعل الْولدَان بِهَذِهِ الْخَشَبَة. وعُقَاب عسراء: ريشها من الْجَانِب الْأَيْسَر أَكثر من الْأَيْمن. قَالَ سَاعِدَة:
وعمّى عَلَيْهِ الْمَوْت أنّي طَرِيقه
سِنِين كعسراء العُقَاب ومِنْهَبُ
أَي فرس. وَيُقَال: حَمَام أعْسر وعُقَاب عسراء: بجناحه من يسَاره بَيَاض.
عرس: رَوَى أَبُو عُبَيد فِي حَدِيث حسّان بن ثَابت أَنه كَانَ إِذا دُعِي إِلَى طَعَام قَالَ: (أَفِي خُرْس أَو عُرْس أَو إعْذار) . قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: فِي عُرْس أَي طَعَام الْوَلِيمَة. قلت: العُرْس: اسْم من إعراس الرجل بأَهْله إِذا بنى عَلَيْهَا وَدخل بهَا، وكل وَاحِد من الزَّوْجَيْنِ عَرُوس، يُقَال للرجل عَرُوس وللمرأة عروس كَذَلِك بغَيْرهَا، ثمَّ تسمى الْوَلِيمَة عُرْساً. وَالْعرب تؤنّث العُرْس، قَالَ ابْن السّكيت: تَقول: هَذِه عُرْس، والجميع الأعراس. وَأنْشد قَول الراجز:
إِنَّا وجدنَا عُرُس الحَنَّاط
مذمومةً لئيمة الحُوَّاط
تُدْعى مَعَ النَّسَّاج والخَيَّاط
وعِرْس الرجل: امْرَأَته. يُقَال: هِيَ عِرْسه وطَلَّته وقَعِيدته. ولَبُؤة الأسَد عِرْسه. والزوجان لَا يسميان عروسين إِلَّا أَيَّام البِناء واتّخاذ العُرْس. وَالْمَرْأَة تسمَّى عِرْس الرجل كلَّ وَقت. وَمن أَمْثَال الْعَرَب: لَا مَخْبَأ لعِطْر بعد عَرُوس. قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ المفضّل: عروس هَهُنَا اسْم رجل تزوّج امْرَأَة، فلمَّا هُدِيت إِلَيْهِ وجدهَا تَفِلة فَقَالَ: أَيْن عِطركِ فَقَالَت: خبأته، فَقَالَ: لَا مخبأ لِعطر بعد عروس. وَقيل: إِنَّهَا قالته بعد مَوته. وَيُقَال للرجل: هُوَ عِرْس

(2/51)


امْرَأَته، وللمرأة: هِيَ عِرْسه. وَمِنْه قَول العجّاج:
أَزْهَر لم يُولد بِنَجْم نَحْس
أَنْجَب عِرْسٍ جُبلا وعِرْس
أَي أكْرم رجل وَامْرَأَة. ابْن الْأَعرَابِي: عَرُوس وعُرُوس، وَبَات عَذُوباً وعُذُوباً وسَدُوس وسُدُوس. وحدَّثنا مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ: حَدثنَا شُعَيْب بن أَيُّوب عَن نُمير بن عُبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِذا دعِي أحدكُم إِلَى وَلِيمَة عُرْس فليجِب) . قَالَ الْأَزْهَرِي: أَرَادَ طَعَام الرجل بأَهْله. وعِرّيسة الأسَد وعَرّيسه بِالْهَاءِ وَغير الْهَاء: مَأْوَاه فِي خِيسه. وَفِي حَدِيث عمر أَنه نَهَى عَن مُتْعة الحجّ وَقَالَ: قد علمت أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعله، وَلَكِنِّي كرهت أَن يظلّوا مُعْرِسين بهنّ تَحت الْأَرَاك ثمَّ يروحوا بِالْحَجِّ تقطُر رؤوسهم. وَقَوله: مُعْرِسين أَي مُلمّين بنسائهم وَهُوَ بِالتَّخْفِيفِ، وَهَذَا يدلُّ على أَن إِلْمَام الرجل بأَهْله يسمّى إعراساً أَيَّام بنائِهِ عَلَيْهَا وَبعد ذَلِك؛ لِأَن تمتّع الحاجّ بامرأته يكون بعد بنائِهِ عَلَيْهَا. وأمَّا التَّعْرِيس فَنومة الْمُسَافِر بعد إدلاجه من اللَّيْل، فَإِذا كَانَ وَقت السَّحَر أَنَاخَ ونام نومَة خَفِيفَة ثمَّ يثور مَعَ انفجار الصُّبْح سائراً. وَمِنْه قَول لَبِيد:
قَلَّما عرَّس حَتَّى هِجتُه
بالتباشير من الصُّبْح الأُوَلْ
وأنشدتني أعرابيَّة من بني نُمَير:
قد طلعت حَمْرَاء فَنْطَلِيسُ
لَيْسَ لرَكْب بعْدهَا تعريس
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: عَرِس الرجل وعَرِش بِالسِّين والشين إِذا بَطِر أَي بهت ودُهِش. قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: الْبَيْت المعرَّس: الَّذِي عُمِل لَهُ عَرْس وَهُوَ الْحَائِط يَجْعَل بَين حائطي الْبَيْت لَا يُبْلَغ بِهِ أقصاه، ثمَّ يوضع الْجَائِز على طَرَف العَرْس الدَّاخِل إِلَى أقْصَى الْبَيْت وسُقِّف الْبَيْت كُله، فَمَا كَانَ بَين الحائطين فَهُوَ سَهْوة، وَمَا كَانَ تَحت الْجَائِز فَهُوَ المُخْدَع. أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: عَرَسْت الْبَعِير عَرْساً وَهُوَ أَن تَشدَّ عُنُقه مَعَ يَدَيْهِ جَمِيعًا وَهُوَ بَارك، اسْم ذَلِك الحَبْل العِرَاس، فَإِذا شَدّ عُنقه إِلَى إِحْدَى يَدَيْهِ فَهُوَ العَكْس، وَاسم ذَلِك الحَبْل العِكَاس. وَيُقَال: عَرِس الرجلُ بِصَاحِبِهِ إِذا لزمَه، وعَرِس الصبيُّ بأمّه إِذا لَزِمَهَا، وعَرِس الشرُّ بَينهم إِذا لزِم ودام. قلت: وَرَأَيْت بالدَّهْنَى حِبَالاً من نُقْيان رمالها يُقَال لَهَا العرائس، وَلم أسمع لَهَا بِوَاحِد. وَابْن عِرْس: دُوَيْبة مَعْرُوفَة لَهَا نَاب. وَالْجمع: بَنَات عِرْس. والعِرْسِيّ: ضرب من الصِّبْغ كَأَنَّهُ شُبِّه لونُه بلون ابْن عِرْسٍ الدابّة. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ابْن عِرْس معرفَة ونكرة. يُقَال: هَذَا ابْن عِرْس مُقبلا، وَهَذَا ابْن عِرْس آخرُ مقبل. قَالَ: وَيجوز فِي الْمعرفَة الرّفْع وَيجوز فِي النكرَة النصب. قَالَ ذَلِك كُله المفضّل وَالْكسَائِيّ. وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: اعترسوا عَنهُ أَي تفرّقوا. قلت: هَذَا حرف مُنكر لَا أَدْرِي مَا هُوَ. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العرّاس والمُعَرّس والمِعْرس: بَائِع الأعراس وَهِي الفُصْلان الصغار، وَاحِدهَا عُرْس وعَرْس. قَالَ:

(2/52)


وَقَالَ أَعْرَابِي: بكم البَلْهاء وأعراسها أَي أَوْلَادهَا. قَالَ: والمِعْرس: السَّائِق الحاذق بالسياق، فَإِذا نَشِط الْقَوْم سَار بهم، وَإِذا كَسِلوا عرّس بهم. قَالَ: والمِعْرَس: الْكثير التَّزْوِيج. قَالَ: والعَرْس: الْإِقَامَة فِي الفَرَح. قَالَ: والعَرّاس: بَائِع العُرُس وَهِي الحبال وَاحِدهَا عِرَاس. قَالَ: والعَرس. عَمُود فِي وسط الفُسْطاط. والعَرْس: الحَبْل.
سعر: قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى حِكَايَة عَن قوم صَالح: {فَقَالُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَّفِى ضَلَالٍ} (الْقَمَر: 24) قَالَ الْفراء: أَرَادَ بالسُّعُر: العَنَاء للعذاب. وَقَالَ غَيره فِي قَوْله: {نَّتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَّفِى ضَلَالٍ} مَعْنَاهُ: إِنَّا إِذا لفي ضلال وجنون، يُقَال: نَاقَة مسعورة إِذا كَانَت كأنّ بهَا جنوناً. قلت: وَيجوز أَن يكون مَعْنَاهُ: إِنَّا إِن اتبعناه وأطعناه فَنحْن فِي ضلال وَفِي عَذَاب وعناء مِمَّا يُلزمنا، وَإِلَى هَذَا مَال الفرّاء وَالله أعلم. وَقَوله جلّ وَعز: {بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لاَِصْحَابِ} (الْملك: 11) أَي بُعْداً لأَصْحَاب النَّار، يُقَال: سَعَرت النَّار أسْعَرها سَعْراً إِذا أوقدتها، وَهِي مسعورة. وسَعَرت نَار الْحَرْب سَعْراً واستعرت النارُ إِذا استُوقِدت وَرجل مِسْعَر حربٍ إِذا كَانَ يؤرِّثها. والسَّعِير، النَّار نَفسهَا. وسُعَار النَّار: حَرّها. وَيُقَال للرجل إِذا ضربه السَّمُومُ فاستعرَ جوفُه: بِهِ سُعَار. وسُعَار الْعَطش: التهابه، وسُعَار الْجُوع: لهيبه، وَمِنْه قَول الشَّاعِر يهجو رجلا:
تُسمّنها بأخثر حَلْبتيها
ومولاك الأحم لَهُ سُعار
وَصَفه بتغريزه حلائبه وكَسْعه ضروعها بِالْمَاءِ الْبَارِد وليرتدّ لَبنهَا فَيبقى لَهَا طِرْقها، فِي حَال جوع ابْن عَمه الْأَقْرَب مِنْهُ. والأحمّ: الْأَدْنَى الْأَقْرَب، وَالْحَمِيم: الْقَرِيب القرابةِ. ومَساعر الْبَعِير: حَيْثُ يستعِر فِيهِ الجَرَب من الآباط والأرفاغ وأُمّ القُرَاد والمشافِر. وَمِنْه قَول ذِي الرمَّة:
قريع هجان دُسَّ مِنْهُ المساعر
وَالْوَاحد مَسْعَر. وَيُقَال: سُعِر الرجل فَهُوَ مسعور إِذا اشتدّ جوعُه أَو عطشه. وَقَالَ اللَّيْث: السُّعْرة فِي الْإِنْسَان: لون يضْرب إِلَى سَواد فويق الأُدْمة. وَقَالَ العجاج:
أَسعر ضَرْباً أَو طُوَالاً هِجْرَعا
وَيُقَال: سعِر فلَان يَسْعَر سَعَراً فَهُوَ أَسعر قَالَ: والسِّعْرارة: مَا تردّد فِي الضَّوْء السَّاقِط فِي الْبَيْت من الشَّمْس وَهُوَ الهَبَاء المنبثّ. وَيُقَال لما يحرّك بِهِ النَّار من حَدِيد أَو خشب: مِسْعَر ومِسعار. وَيُقَال: سعرْتُ الْيَوْم سَعْرة فِي حوائجي ثمَّ جِئْت أَي طُفت فِيهَا. وَقَالَ الأصمعيّ: المِسْعَر: الشَّديد فِي قَوْله:
وسامَى بهَا عُنُق مِسْعَرُ
وروى أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المِسْعَر: الطَّوِيل. وَيُقَال: سَعَرتِ الناقةُ إِذا أسرعت فِي سَيرهَا، فَهِيَ سَعُور. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي كتاب (الْخَيل) : فرس مِسْعَر ومُساعر، وَهُوَ الَّذِي تَطيح قوائمه متفرّقة وَلَا ضَبْر لَهُ. وَقَالَ ابْن السّكيت تَقول الْعَرَب: ضَرْب هَبْر، وَطعن نَتْر، ورَمْي سَعْر، مَأْخُوذ من سَعَرْت النارَ وَالْحَرب إِذا هيَّجتهما. وَإنَّهُ لمِسْعَر حَرْب أَي تُحمى بِهِ

(2/53)


الْحَرْب. قَالَ: والسِّعْر من الأسعار وَهُوَ الَّذِي يقوم عَلَيْهِ الثّمن. وَفِي الحَدِيث أَنه قيل للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَعِّر لنا فَقَالَ: (إِن الله هُوَ المسعّر) . وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال أَسعر وسعَّر بِمَعْنى وَاحِد. والساعورة كَهَيئَةِ التنّور يحفَر فِي الأَرْض يختبز فِيهِ، قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وَقَالَ أَبُو زيد: السَّعَران: شدّة العَدْو، والجَمَرانُ: من الْجَمْر. والفَلَتان: النشيط وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السُّعَيرة: تَصْغِير السَّعْرة وَهِي السُّعَال الحادّ. وَيُقَال: هَذَا سَعْرة الْأَمر وسَرْحته وفَوْعته أَي أوّله وحدَّته. أَبُو يُوسُف: استعر النَّاس فِي كل وَجه واستنْجوْا إِذا أكلُوا الرُطْب وأصابوه. قَالَ ابْن عَرَفَة: {الْمُجْرِمِينَ فِى ضَلَالٍ} (الْقَمَر: 47) أَي فِي أَمر نسعره أَي يُلْهبنا.
سرع: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: سَرِع الرجل إِذا أسْرع فِي كَلَامه وفعاله. وَقَالَ: سَرْعان ذَا خُرُوجًا وسُرْعان ذَا خُرُوجًا وسِرْعان ذَا خُرُوجًا. والضمّ أفصحها. وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: سَرُع يَسْرُع سَرَعاً وسُرْعة فَهُوَ سريع. وَالْعرب تَقول: لسَرْعان ذَا خُرُوجًا بتسكين الرَّاء. وَيُقَال: لسَرُع ذَا خُرُوجًا بضمّ الرَّاء. وَرُبمَا أسكنوا الرَّاء فَقَالُوا: سَرْع ذَا خُرُوجًا، وَمِنْه قَول مَالك بن زُغْبة الْبَاهِلِيّ:
أنَوْراً سَرْع مَاذَا يَا فَرُوقُ
وحَبْلُ الْوَصْل منتكِث حَذِيقُ
أنوراً مَعْنَاهُ: أنِواراً يَا فَرُوق. وَقَوله: سَرُعْ مَاذَا أَرَادَ: سَرُع فخفَّف و (مَا) صلَة أَرَادَ: سَرُع ذَا نَوْراً. وسَرَعان النَّاس بِفَتْح الرَّاء: أوائلهم. وسَرَعان عَقَب المَتْنَين: شِبْه الخُضَل تخلَّص من اللَّحْم ثمَّ تُفتل أوتاراً للقِسيّ، يُقَال لَهَا السَّرَعان، سَمِعت ذَلِك من الْعَرَب. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: سَرَعان النَّاس محرك لمن يُسرع من الْعَسْكَر. وَقَالَ أَبُو زيد: وَاحِدَة سَرَعان العَقَب: سَرَعانة، وَكَانَ ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: سَرْعان النَّاس: أوائلهم. وَقَالَ الْقطَامِي فِي لُغَة من يثقّل فَيَقُول: سَرَعان النَّاس:
وحسبُنا نَزَع الكتيبة غُدْوة
فيغيِّفون ونوجع السرَعانا
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الأساريع: الطُّرَق الَّتِي فِي الْقوس واحدتها طُرْقة. وأساريع الرمل وَاحِدهَا أُسروع ويَسروع بِفَتْح الْيَاء وضمّ الْهمزَة، وَهِي ديدان تظهر فِي الرّبيع مخطَّطة بسواد وَحُمرَة، ويشبَّه بهَا بَنَان العَذَارَى. وَمِنْه قَول امرىء الْقَيْس:
وتعطو بِرَخْص غير شَثْن كَأَنَّهُ
أساريعُ ظَبْي أَو مساويك إسْحِل
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أساريع العِنَب شُكُر تخرج فِي أصُول الحَبَلة. وَرُبمَا أُكلت حامضة رَطْبة. الْوَاحِدَة أُسروع.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أُسروع الظبي: عَصَبة تَسْتبطِن يَده ورِجله. والسَّرْوَعة: النَّبَكة الْعَظِيمَة من الرمل، وَتجمع سَرْوَعات وسَرَاوِع وَيُقَال: أسْرع فلَان المشيَ وَالْكِتَابَة وَغَيرهمَا وَهُوَ فعل مجاوز. وَيَقُولُونَ: أسْرع إِلَى كَذَا وَكَذَا يُرِيدُونَ: أسْرع المضيَّ إِلَيْهِ، وسارع بِمَعْنى أسْرع، يُقَال ذَلِك للْوَاحِد، وللجميع: سارعوا. قَالَ الله جلّ وعزَّ: {ُأَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ} {ِنُسَارِعُ لَهُمْ فِى الْخَيْرَاتِ}

(2/54)


(الْمُؤْمِنُونَ: 55، 56) مَعْنَاهُ: أيحسبون أَن إمدادنا لَهُم بِالْمَالِ والبنين مجازاةٌ لَهُم، وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاج من الله لَهُم. و (مَا) فِي معنى الَّذِي. أَرَادَ: أيحسبون أَن الَّذِي نَمدّهم بِهِ من مَال وبنين، وَالْخَبَر مَعَه مَحْذُوف، الْمَعْنى: نسارع لَهُم بِهِ. وَقَالَ الْفراء: خبر {أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ} قَوْله: {نُسَارِعُ لَهُمْ} وَاسم (أَن) : (مَا) بِمَعْنى الَّذِي. وَمن قَرَأَ: (يسارَع لَهُم فِي الْخيرَات) (فَمَعْنَاه: يسارَع بِهِ لَهُم فِي الْخيرَات فَيكون مثل {نسارِع. وَيجوز أَن يكون على معنى: أيحسبون إمدادنا يسارِع لَهُم فِي الْخيرَات، فَلَا يحْتَاج إِلَى ضمير، وَهَذَا قَول الزجّاج. وَقَالَ ابْن المظفّر: السَّرْع: قضيب سَنَةٍ من قضبان الكَرْم، وَالْجمع السُّرُوع. قَالَ: وَهِي تَسْرُع سُرُوعاً وهنّ سوارع والواحدة سارعة. قَالَ: والسَّرْع: اسْم الْقَضِيب من ذَلِك خاصّة. قَالَ: وَيُقَال لكل قضيب مَا دَامَ رَطْباً غضّاً: سَرَعْرَع، وَإِن أنَّثت قلت: سَرَعْرعة.
وَأنْشد:
أزمان إِذْ كنتُ كنعت الناعت
سَرَعْرعاً خُوطاً كغصن نابت
يصف عنفوان شبابه. قلت: والسَّرْغ بالغين: لُغَة فِي السَّرْع بِمَعْنى الْقَضِيب الرَطْب، وَهِي السُّرُوغ والسُّروع. الأصمعيّ: شبَّ فلَان شبَابًا سَرَعْرعاً. والسَرَعْرعة من النِّسَاء: الليّنة الناعمة.
وَفِي الحَدِيث أَن أحد ابْني رَسُول الله بَال فَرَأى بَوْله أساريع، والأساريع: الطرائق.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: أَبُو سَرِيع: هُوَ كُنْية النَّار فِي العَرْفَج. وَأنْشد:
لَا تعدِلنَّ بِأبي سريعِ
إِذا غَدَتْ نكباء بالصقيع
قَالَ: والصقيع: الثَّلج. والمِسْرع: السَّرِيع إِلَى خير أَو شرّ. فِي الحَدِيث: (فَأَخَذتهم من سَرْوَعَتين) ، السَّرْوعة: الرابية من الرمل. وَكَذَلِكَ الزَّرْوَحَةُ تكون من الرمل وَغَيره.
رعس: أهمله اللَّيْث، وَهُوَ مُسْتَعْمل. قَالَ أَبُو عَمْرو الشيبانيّ: الرَّعْس والرَّعَسان: رَجَفان الرَّأْس، وَقَالَ بعض الطائيين:
سَيعْلَمُ من يَنْوِي خِلابيَ أنني
أريب بِأَكْنَافِ البُضَيض حَبَلَّسُ
أَرَادوا خِلابي يَوْم فَيْدَ وقَرَّبوا
لِحى ورؤوساً للشَّهَادَة تَرْعَسُ
الحَبَلَّس والحَلَبَّس والحُلاَبس: الشجاع الَّذِي لَا يبرح مَكَانَهُ. وَأنْشد الباهليّ قَول العجاج يذكر سَيْفا يَهُذّ ضريبته هَذَّاً:
يُذْري بإرعاسِ يمينِ المؤتلي
خُضُمَّة الدارع هَذَّ المختلِي
قَالَ: يُذْري أَي يُطير، والإرعاس: الرجف، والمؤتلي: الَّذِي لَا يبلغ جهده. وخُضُمَّة كل شَيْء: معظمه. والدارع: الَّذِي عَلَيْهِ الدرْع. يَقُول: يقطع هَذَا السَّيْف مُعظم هَذَا الدارع، على أَن يَمِين الضَّارِب بِهِ تَرْجُف وعَلى أَنه غير مُجْتَهد فِي ضَرْبته. وَإِنَّمَا نعت السَّيْف بِسُرْعَة الْقطع. والمختلي: الَّذِي يحتشّ بِمِخلاه وَهُوَ مِحَشّه. وناقة راعوس: تحرّك رَأسهَا

(2/55)


إِذا عَدَت من نشاطها. ورمح رَعُوس ورَعَّاس إِذا كَانَ لَدْن المهَزّ عَرّاصاً شَدِيد الِاضْطِرَاب. وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال: ارتعس رَأسه وارتعش إِذا اضْطربَ وارتعد. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المِرْعَس الرجل الْخَفِيف القَشَّاش. والقشاش: الَّذِي يلتقط الطَّعَام الَّذِي لَا خير فِيهِ من الْمَزَابِل.
رسع: فِي حَدِيث عبد الله بن عَمْرو أَنه بَكَى حَتَّى رسَعت عينه. قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي: فسَدت وتغيرت. وَفِيه لُغَتَانِ: رَسَع ورَسَّع. وَرجل مرسِّع ومرسِّعة. وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
أيا هِنْد لَا تنكحي بُوهَة
عَلَيْهِ عقيقتُه أحسبا
مرسِّعة وسط أَرْبَاعه
بِهِ عَسَم يَبْتَغِي أرنبا
ليجعل فِي رِجله كعبها
حذار المنيَّة أَن يعطَبا
قَالَ: والمرسِّعة: الَّذِي فَسدتْ عينه، والبُوهة: الأحمق. وَقَوله:
حذار المنِيَّة أَن يعطبا
كَانَ حمقى الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة يعلِّقون كَعْب الأرنب فِي الرِّجْل وَيَقُولُونَ: إِن من فعل ذَلِك لم تصبه عين وَلَا آفَة. وَقَالَ ابْن السّكيت: الترسيع: أَن تخرق سَيْراً ثمَّ تُدخل فِيهِ سَيْراً كَمَا يُسَوّي سُيُور الْمَصَاحِف. وَاسم السّير المفعولِ بِهِ ذَلِك: الرَّسِيع وَأنْشد:
وَعَاد الرسيع نُهْية للحمائل
يَقُول: انكبَّت سيوفهم فَصَارَت أسافلها أعاليها. قلت: وَمن الْعَرَب من يَجْعَل بدل السِّين فِي هَذَا الْحَرْف الصَّاد فَيَقُول: هُوَ الرَّصِيع وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الرصائع: سيور مضفورة فِي أسافل الحمائل، الْوَاحِدَة رِصَاعة. ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: المرسَّع: الَّذِي انسلقت عينه من السهر.

(بَاب الْعين وَالسِّين مَعَ اللَّام)
(ع س ل)
عسل، علس، سلع، سعل، لعس، لسع:} مستعملات.
عسل: قَالَ الله جلّ وَعز: {لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ} (مُحَمَّد: 15) فالعسل الَّذِي فِي الدُّنْيَا هُوَ لُعَاب النَّحْل. وَجعل الله بِلُطْفِهِ فِيهِ شِفَاء للنَّاس. وَالْعرب تسمّي صَمْغ العُرْفُط عَسَلاً لحلاوته وتسمِّي صَقْر الرُّطَب وَهُوَ مَا سَالَ من سُلاَفته عَسَلاً.
وَأَخْبرنِي عبد الْملك عَن الرّبيع عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ: عَسَل النَّحْل هُوَ الْمُنْفَرد بِالِاسْمِ دون مَا سواهُ من الحُلْو المسمَّى بِهِ على التَّشْبِيه. قَالَ: وَالْعرب تَقول للْحَدِيث الحُلْو: معسول. وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لامْرَأَة سَأَلته عَن زوج تزوَّجته لترجع بِهِ إِلَى زَوجهَا الأوّل الَّذِي طلَّقها فَلم ينتشر ذكره للإيلاج فَقَالَ لَهَا: (أَتُرِيدِينَ أَن تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعة؟ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيلته وَيَذُوق عُسَيلتك) ، يَعْنِي جِمَاعهَا، لِأَن الْجِمَاع هُوَ المستحلَى من الْمَرْأَة. وَقَالُوا لكل مَا استحلَوْا: عَسَلٌ ومعسول، على أَنه

(2/56)


يُسْتحلى استحلاء العَسَل. وَقَالَ غَيره فِي قَوْله: (حَتَّى تَذُوقِي عُسَيلته وَيَذُوق عُسَيْلتك) : إِن العُسَيلة: مَاء الرجل. قَالَ: والنطْفة تسمَّى العُسَيلة، رَوَى ذَلِك شمر عَن أبي عدنان عَن أبي زيد الأنصاريّ: قلت: وَالصَّوَاب مَا قَالَه الشَّافِعِي؛ لِأَن العُسَيلة فِي هَذَا الحَدِيث كِنَايَة عَن حلاوة الْجِمَاع الَّذِي يكون بتغييب الحَشَفة فِي فرج الْمَرْأَة، وَلَا يكون ذَوَاق العُسَيلتين مَعًا إِلَّا بالتغييب وَإِن لم يُنزِلا، وَلذَلِك اشْترط عُسَيلتهما. وأنَّث العُسَيلة لِأَنَّهُ شبَّهها بِقِطْعَة من العَسَل. وَهَذَا كَمَا تَقول: كنّا فِي لَحْمَة ونَبِيذة وعَسَلة أَي فِي قِطْعَة من كل شَيْء مِنْهَا. وَالْعرب تؤنّث العَسَل وتذكّره. قَالَ الشمَّاخ:
كَأَن عُيُون الناظرين تشوفها
بهَا عسل طابت يَدَاً من يشورُها
أَي تشوف العيونُ والأبصار بهَا هَذِه الْمَرْأَة. قَالَ ذَلِك ابْن السّكيت. والعَسَّالة: الخليَّة الَّتِي تسَوَّى للنحل من راقود وَغَيره فتعسِّل فِيهِ. يُقَال: عسّل النحلُ تعسيلاً. وَالَّذِي يَشتار الْعَسَل فَيَأْخذهُ من الخليَّة يسمَّى عاسلاً.
وَمِنْه قَول لبيد:
وأرْيِ دُبُورٍ شارَهُ النحلَ عاسلُ
وَمن الْعَرَب من يذكّر العَسَل، لُغَة مَعْرُوفَة. والتأنيث أَكثر. وعَسَل اللُبْنَى: صَمْغ يَسيل من شجر اللبنى لَا حلاوة لَهُ: يسمَّى عَسَل اللبنى. وحدّثنا الْحُسَيْن بن إِدْرِيس حَدثنَا عُثْمَان ابْن أبي شَيبة عَن زيد بن الحُبَاب عَن مُعَاوِيَة بن صَالح عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَيْر بن نُفَير عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت عَمْرو بن الحَمِق يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا عَسَله) : قيل: يَا رَسُول الله وَمَا عَسَله؟ قَالَ: (يَفتح لَهُ عملا صَالحا بَين يَدي مَوته حَتَّى يرضى عَنهُ مَن حوله) . ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: العَسَل: طِيب الثَّنَاء على الرجل. قَالَ: وَمعنى قَوْله: (إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا عَسَله) أَي طيَّب ثناءه. وَقَالَ غَيره: معنى قَوْله: عَسَله أَي جعل لَهُ من الْعَمَل الصَّالح ثَنَاء طيّباً كالعَسَل؛ كَمَا يُعْسَل الطَّعَام إِذا جُعل فِيهِ العَسَل. يُقَال: عَسَلت الطعامَ والسَّوِيقَ أعْسِله وأعسُله إِذا جعلت فِيهِ عَسَلاً وطيَّبتْه وحلَّيته. وَيُقَال أَيْضا: عَسَلت الرجلَ إِذا جعلت أُدْمه العَسَل. وعسَّلت الْقَوْم بِالتَّشْدِيدِ إِذا زوّدتهم العَسَل. وَجَارِيَة معسولة الْكَلَام إِذا كَانَت حُلْوة الْمنطق مليحة اللَّفْظ طيّبة النَّغْمة. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: العَسَل: حَبَاب المَاء إِذا جرى من هبوب الرّيح. قَالَ: والعُسُل: الرِّجَال الصالحون. قَالَ: وَهُوَ جمع عاسل وعَسُول. قَالَ: وَهُوَ ممَّا جَاءَ على لفظ فَاعل وَهُوَ مفعول بِهِ. قلت: كَأَنَّهُ أَرَادَ: رجل عاسل: ذُو عَسَل أَي ذُو عمل صالحٍ، الثناءُ عَلَيْهِ بِهِ مستحلَى كالعسل. وَقَالَ الفرّاء: العَسِيل: مِكْنسة الطِّيب. والعَسِيل: الريشة الَّتِي تُقلع بهَا الغالية. والعَسِيل أَيْضا: قضيب الْفِيل وَجمعه كلّه عُسُل. وَأنْشد الفرّاء:

(2/57)


فرِشْني بِخَير لَا أكونَنْ ومِدْحتي
كناحتِ يَوْمًا صخرةٍ بعَسِيل
قَالَ: أَرَادَ: كناحتٍ صَخْرَة بعسيل يَوْمًا، هَكَذَا أنْشد فِيهِ المنذريّ عَن أبي طَالب عَن أَبِيه عَن الفرّاء. وَمثله قَول أبي الْأسود:
فألفيتُه غير مستعتِب
وَلَا ذاكِر اللَّهَ إِلَّا قَلِيلا
قَالَ ابْن الأنباريّ: أَرَادَ: وَلَا ذاكرٍ الله، وَأنْشد الفرّاء أَيْضا:
ربّ ابْن عَم لسُلَيمى مشمعلّ
طبّاخ سَاعَات الْكرَى زادَ الكَسِل
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: رُمْح عاسل وعَسَّال: مضطرِب لَدْن، وَهُوَ العاتر، وَقد عَتَر وعَسَل.
وَقَالَ اللَّيْث: العَسِل: الرجل الشَّديد الضَّرْب السَّرِيع رَجْعِ الْيَد بِالضَّرْبِ. وَأنْشد:
تمشي موائلة وَالنَّفس تنذِرها
مَعَ الوبيل بكف الأهوج العسِل
فلَان أَخبث من أبي عِسْلة وَمن أبي رِعْلة وَمن أبي سِلعامة وَمن أبي مُعْطة كلّه الذِّئْب. وَيُقَال: عَسَل الذِّئْب يعسِل عَسْلاً وعَسَلاناً وَهُوَ سرعَة هِزّته فِي عَدْوه. وَقَالَ الجعديّ:
عَسَلانَ الذِّئْب أَمْسَى قارباً
بَرَد الليلُ عَلَيْهِ فنسَلْ
وَيُقَال: رجل عِسْل مَال كَقَوْلِك: إزَاء مَال وخال مَال. ابْن السّكيت يُقَال: مَا لفُلَان مَضْرِب عَسَلة يَعْنِي: أعراقه. وَقَالَ غَيره: أصل ذَلِك فِي سُؤر الْعَسَل ثمَّ صَار مثلا للْأَصْل والنسَب. وَيُقَال: بَسْلاله وعَسْلاً وَهُوَ اللَّحْي فِي الملام. شمر عَن أبي عَمْرو: يُقَال: عَسَلْت من طَعَامه عَسْلاً أَي ذقت. وَيُقَال: هُوَ على أعسال من أَبِيه وأعْسان أَي على أثَر من أَثَره، الْوَاحِد عِسْل وعِسْن. وَهَذَا عِسْل هَذَا وعِسْنه أَي مِثله. والعَسْل: الحَلْب بستّين، والفَطْر: الحَلْب بِثَمَانِينَ. والعواسل: الريَاح.
علس: أَخْبرنِي عبد الْملك عَن الرّبيع عَن الشَّافِعِي قَالَ: العَلَس: ضَرْب من الْقَمْح، يكون فِي الكمام مِنْهُ حبَّتان، يكون بِنَاحِيَة الْيمن. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: العَدَس يُقَال لَهُ: العَلَس: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال للقُرَاد: العَلّ وَقَالَ شمر: والعَلُس مثلُه، وَجمعه أعلال وأعلاس. قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْأمَوِي: مَا ذقت عَلُوساً. وَقَالَ الْأَحْمَر: مَا ذقت عَلُوساً وَلَا ألُوساً أَي مَا ذقت طَعَاما. ابْن السّكيت عَن الكِلاَبيّ قَالَ: مَا عَلَسْنا عِنْدهم عَلُوساً. وَقَالَ ابْن هانىء، مَا أكلت الْيَوْم عَلاَساً، وَقد عَلَسَتِ الإبلُ تعلِس إِذا أَصَابَت شَيْئا تَأْكُله. وَقَالَ اللَّيْث: العَلْس: الشُّرْب، يُقَال: عَلَس يَعْلِس عَلْساً. والعَلِيس: شِوَاء مَسْمون. قلت: العَلْس: الْأكل، وقلَّما يُتَكلّمِ بِهِ بِغَيْر حرف النَّفْي. وَأَخْبرنِي الإياديّ عَن شمر قَالَ: العَلَسيُّ الحَمل الشَّديد. وَأنْشد قَول المَرّار:
إِذا رَآهَا العَلَسيّ أبلسا
وعَلَّق الْقَوْم أداوَى يُبَّسا

(2/58)


وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العَلَسِيّ: شَجَرَة المَقْرِ.
وَقَالَ أَبُو وَجْزة السعديّ:
كَأَنَّ النُّقْدَ والعَلَسيَّ أجنى
ونعَّم نبته وَاد مطيرُ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العَلِيس: الشوَاء المنضَج.
وَقَالَ ابْن السّكيت عَن الكلابيّ: رجل مجرَّس ومُعَلَّس ومنقَّح ومقلَّح أَي مجرَّب.
لعس: فِي حَدِيث الزبير أَنه رأى فِتْية لُعْساً فَسَأَلَ عَنْهُم فَقيل: أمّهم مولاة للحُرَقة وأبوهم مَمْلُوك فَاشْترى أباهم وَأعْتقهُ فجرّ وَلاَءهم. قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: اللُّعْس: الَّذين فِي شفاههم سَواد، وَهُوَ ممّا يُستحسن. يُقَال مِنْهُ: رجل ألعس وَامْرَأَة لعساء والجميع مِنْهُمَا لُعْس. وَقد لعِس لَعَساً. وَأنْشد لذِي الرمَّة:
لمياء فِي شفتيها حُوَّة لَعَسٌ
وَفِي اللِّثَات وَفِي أنيابها شَنَبُ
قلت: قَوْله: رأى فتية لُعْساً لم يُرَدْ بِهِ سَواد الشّفة خاصَّة، إِنَّمَا أَرَادَ لَعَس ألوانِهم. سَمِعت الْعَرَب تَقول: جَارِيَة لَعْساء إِذا كَانَ فِي لَوْنهَا أدنى سَواد فِيهِ شُرْبة حمرَة لَيست بالناصعة، وَإِذا قيل: لعساء الشَّفَة فَهُوَ على مَا قَالَ الأصمعيّ. وَقد قَالَ العجاج بَيْتا دلَّ على أَن اللعَس يكون فِي بَشَرة الْإِنْسَان كلّها فَقَالَ:
وبَشَرٍ مَعَ الْبيَاض ألعسا
فَجعل البَشَر ألْعس، وَجعله مَعَ الْبيَاض لما فِيهِ من شُرْبة الْحمرَة. وَقَالَ اللَّيْث: رجل متلعّس: شَدِيد الْأكل. قَالَ: واللَّعْوَس: الأكُول الْحَرِيص. قَالَ: وَيُقَال للذئب: لَعْوَس ولَغْوس وَأنْشد لذِي الرمَّة:
وماءٍ هتكتُ اللَّيْل عَنهُ وَلم يَرِد
روايا الْفِرَاخ والذئابُ اللغاوس
قَالَ: ويروى: اللعاوس. قلت: ورَوَى أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: اللغْوَس بالغين: الذِّئْب الْحَرِيص الشرِه. قلت: وَلَا أنكر أَن يكون الْعين فِيهِ لُغَة. وَقَالَ النَّضر: مَا ذقت لَعُوساً أَي شَيْئا. قَالَ الْأَصْمَعِي: مَا ذقت لَعُوقاً مثله. وَقَالَ غَيره: اللَّعْس: العضّ، يُقَال: لَعَسني لَعْساً أَي عضَّني، وَبِه سمّي الذِّئْب لَعْوَسَاً.
لسع: قَالَ ابْن المظفر: اللَّسْع للعقرب. قَالَ: وَيُقَال للحيَّة: تَلْسَع. قَالَ: وَزعم أَعْرَابِي أَن من الحيَّات مَا يلسع بِلِسَانِهِ كلَسْع حُمَة الْعَقْرَب، وَلَيْسَت لَهُ أَسْنَان. قَالَ: وَيُقَال: لَسَع فلَان فلَانا بِلِسَانِهِ إِذا قرضه، وَإِن فلَانا للُسَعة أيْ قرَّاضة للنَّاس بِلِسَانِهِ. قلت: والمسموع من الْعَرَب أَن اللسع لذوات الإبَر من العقارب والزنابير. فأمَّا الحيَّات فَإِنَّهَا تنهش وتَعَضّ وتَخْدِب وتَنْشِطُ. وَيُقَال للعقرب: قد لَسَعَتْه وأَبَرَتْه وَوَكَعَتْه وكَوَتْه. لَسَع فِي الأَرْض ومَصَع: ذهب. واللَّسُوع: الْمَرْأَة الفارك. والمُلْسِع: المُغْرِي بَين الْقَوْم. والملسِّعة: الْمُقِيم الَّذِي لَا يبرح، كَأَنَّهُ يلسع أَصْحَابه لثقله.
سلع: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: السَلَع: شجر مُرّ. وَقَالَ بِشْر:
يسومون الصِّلاح بِذَات كَهْف
وَمَا فِيهَا لَهُم سَلَع وقار

(2/59)


وَكَانَت الْعَرَب فِي جَاهِلِيَّتهَا تَأْخُذ حَطَب السَّلَع والعُشَر فِي المجاعات وقُحُوط الْمَطَر فتوقِر ظُهُور الْبَقر مِنْهَا ثمَّ تُلْعِج النارَ فِيهَا، يستمطرون بلهَب النَّار المشبّه بسنا البَرْق. وَأَرَادَ الشَّاعِر هَذَا الْمَعْنى بقوله:
سَلَع مّا وَمثله عُشَر مّا
عائلاً مّا وعالت البَيْقورا
والسُّلُوع: شُقُوق فِي الْجبَال، وَاحِدهَا سَلْع وسِلْع. وَيُقَال: سَلَعْت رَأسه أَي شججته قَالَ ذَلِك أَبُو زيد. وَقَالَ شمر: السَّلْعة: الشَّجَّة فِي الرَّأْس كائنة مَا كَانَت. يُقَال: فِي رَأسه سَلْعتان وَثَلَاث سَلَعات، وَهِي السِّلاَع. وَرَأس مسلوع ومُنْسَلِع. وأمّا السِّلْعة بِكَسْر السِّين فَهِيَ الجَدَرة تخرج بِالرَّأْسِ وَسَائِر الْجَسَد، تمور بَين الجِلْد وَاللَّحم، ترَاهَا تَدِيص دَيَصاناً إِذا حرّكتها. والسِّلْعة وَجَمعهَا السِلَّع كل مَا كَانَ مَتْجوراً بِهِ. والمُسْلِع: صَاحب السِّلْعة. وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للدليل الْهَادِي: مِسْلع. وَأنْشد بَيْتا للخنساء:
سبَّاق عَادِية وَرَأس سَرِيَّة
ومُقاتل بَطَل وهاد مِسْلع
ابْن شُمَيْل: قَالَ رجل من الْعَرَب: ذهبت إبلي فَقَالَ رجل: لَك عِنْدِي أسْلاعها أَي أَمْثَالهَا فِي أسنانها وهيئاتها. وَهَذَا سِلْع أَي مِثله. وَيُقَال: تزلّعت رِجْله وتَسَلَّعت إِذا تشقَّقت. وسَلْع: مَوضِع يقرب من الْمَدِينَة. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
لعمرك إِنَّنِي لأحبّ سَلْعاً
أَبُو عَمْرو: هَذَا سِلْع هَذَا أَي مِثلُه وشَرْواه. وَيُقَال: أَعْطِنِي سِلْع هَذَا أَي مثلَ هَذَا. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الأسلع: الأبرص. قَالَ: والسَّوْلع: الصَّبِر المُرّ. والصولع: السِّنان المجلوّ. أسلاع الْفرس: مَا تفلّق من اللَّحْم عَن نَسَبيها إِذا استخفَّت سِمَناً. وَقَوله:
أجاعل أَنْت بيقوراً مسلَّعة
ذَريعة لَك بَين الله والمطر
يَعْنِي الْبَقر الَّتِي كَانَ يُعْقَد فِي أذنابها السَّلَع عِنْد الجَدْب.
سعل: روى ابْن عُيَينة عَن عَمْرو عَن الْحسن بن مُحَمَّد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا صَفَر وَلَا هَامة وَلَا غُول وَلَكِن السعالَى) .
قَالَ شمر فِيمَا قَرَأت بِخَطِّهِ: قد فسّروا السعالى: الغِيلان وَذكرهَا الْعَرَب فِي أشعارها. قَالَ الْأَعْشَى:
ونساءٍ كأنهن السعالى
قَالَ: وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يُرِيد: فِي سوء حالهن حِين أُسِرن. وَقَالَ لَبيد يصف الْخَيل:
عَلَيْهِنَّ وِلدان الرِّجَال كَأَنَّهَا
سعالَى وعِقبان عَلَيْهَا الرحائل
وَقَالَ جِرَان العَوْد:
هِيَ الغول والسِّعلاة حلْقِيَ مِنْهُمَا
مُخَدّشُ مَا بَين التراقِي مكَدّح
وَقَالَ بعض الْعَرَب: لم تصف العربُ بالسعلاة إلاّ الْعَجَائِز وَالْخَيْل. قَالَ شمر: وشبَّه ذُو الإصبع الفرسان بالسعالى فَقَالَ:
ثمَّ انبعثنا أُسُود عَادِية
مثل السعالى نقائبا نُزُعا

(2/60)


فَهِيَ هَهُنَا الفرسان. وَقَالَ بَعضهم: السعالِيَ من أَخبث الغِيلان. وَيُقَال للْمَرْأَة الصخَّابة: قد استسعلت. وَقَالَ أَبُو عدنان: إِذا كَانَت الْمَرْأَة قبيحة الْوَجْه سيِّئة الْخُلُق شُبِّهت بالسِّعْلاة. وَقيل: السِّعْلاة هِيَ الْأُنْثَى من الغيلان، وَتجمع سعالِيَ وسِعْلَيات، وَقَالَ أَبُو زيد: مثل قَوْلهم: استسعلت الْمَرْأَة قَوْلهم. عَنْزٌ نَزَت فِي جبل فاستَتْيَسَتْ، ثمَّ من بعد استتياسها استعْنَزت، وَمثله: إِن البغاث بأرضنا يستَنْسِر واستنوق الْجمل. وَقد استسعلت الْمَرْأَة إِذا صَارَت كَأَنَّهَا سِعْلاة خَبْثاً وسَلاَطة؛ كَمَا يُقَال: استأسد الرجل واستكلبت الْمَرْأَة. وَيُقَال: سَعَل الْإِنْسَان يَسْعل سُعَالاً وسَعَل سُعْلة. وَيُقَال: بِهِ سُعَال ساعل؛ كَقَوْلِهِم: شغل شاغل وَشعر شَاعِر. والساعل الْفَم فِي بَيت ابْن مقبل:
على إِثْر عجَّاج لطيفٍ مصيرُه
يمجُّ لُعَاعَ العَضْرَس الجَوْنِ ساعلُهْ
أَي فَمه لِأَن الساعل بِهِ يسعل. أَبُو عُبَيْدَة: فرس سَعِل زعِل أَي نشيط، وَقد أسعله الْكلأ وأزعله بِمَعْنى وَاحِد. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السَعَل: الشيص الْيَابِس.

(بَاب الْعين وَالسِّين مَعَ النُّون)
(ع س ن)
عسن، عنس، سنع، سعن، نسع، نعس: مستعملات.
عسن: أَبُو عبيد عَن الْفراء قَالَ: إِذا بقيتْ من شَحم النَّاقة ولحمها بقيَّة فاسمها الأُسْن والعُسْن وجمعهما آسان وأعسان، وناقة عاسنة: سَمِينَة. ونوق مُعْسِنات: ذَوَات عُسْن. وَقَالَ الفرزدق:
فَخُضْتُ إِلَى الأنقا مِنْهَا وَقد يَرَى
ذَات النقايا المُعْسِناتُ مكانيا
أَبُو عَمْرو: أعسن إِذا سمن سِمَناً حسنا. وَقَالَ: العَسَن: الطول مَعَ حسن الشّعْر وَالْبَيَاض. وَيُقَال: هُوَ على أعسان من أَبِيه وآسان. وَقد تعسَّن أَبَاهُ وتأسَّنه وتأسَّله إِذا نزع إِلَيْهِ فِي الشَّبَه، قَالَ ذَلِك اللحياني وَغَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: العَسَن: نجوع العَلَف والرعْي فِي الدوابّ. تَقول: عَسِنَت الْإِبِل عسنَاً إِذا نجع فِيهَا الْكلأ وسمِنت. والعَسِن مثل الشكُور. والعَسْن: مَوضِع مَعْرُوف. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: العُسُن جمع أعسن وعَسُون وَهُوَ السمين. وَيُقَال للشحمة: عُسْنة وَجَمعهَا عُسَن. وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعت غير وَاحِد من الْأَعْرَاب يَقُول: فلَان عِسْل مَال وعسنُ مَال: إِذا كَانَ حسن الْقيام عَلَيْهِ. التعسين: خفّة الشَّحْم من الجَدْب وقلّة الْمَطَر وكلأ معسَّن قَالَ الراجز:
نِعْمَ قريعُ الشَّوْل فِي التعْسين
وَيُقَال: التعسين: الشتَاء. وأعسنت الناقةُ: حملت العُسْن وأعسنها الجَدْب: ذهب بعُسْنها وشحمها. وَهَذَا كَمَا يُقَال: قذّيت الْعين: أخرجت قذاها، وأقذيتها: ألقيت فِيهَا القَذَى.
عنس: العَنْس: النَّاقة الصُّلْبة، وَقَالَ اللَّيْث: تسمَّى عَنْساً إِذا تمَّت سِنّها واشتدَّت قُوَّتها ووَفَر عظامُها وأعضاؤها. قَالَ: واعنونس

(2/61)


ذَنَب النَّاقة، واعنيناسه: وفور هُلْبه وطولُه. وَقَالَ الطرمَّاح يصف ثوراً وحشياً:
يمسحُ الأَرْض بمعنونِس
مثل مِثلاة النِّيَاح الْقيام
أَي بذنَب سابغ. أَبُو عبيد عَن أبي زيد: العانس: الْمَرْأَة الَّتِي تُعَجِّز فِي بَيت أَبَوَيْهَا لَا تتَزَوَّج، وَقد عَنَست تَعْنُس عُنُوساً.
وَقَالَ الأصمعيّ: لَا يُقَال: عَنَست وَلَا عَنَّست وَلَكِن يُقَال: عُنِّست فَهِيَ مُعَنَّسة. وَفِي الحَدِيث أَن الشّعبِيّ أَو غَيره من التَّابِعين سُئِلَ عَن الرجل يدْخل بِالْمَرْأَةِ على أَنَّهَا بِكر فَيَقُول: لم أَجدهَا عَذراء، فَقَالَ: إِن العُذْرة يُذهبها التعنيس والحَيضة. وتُجمع العانس عُنّساً وعوانس. وَيُقَال للرجل إِذا طعن فِي السنّ وَلم يتزوّج: عانس أَيْضا، والجميع العانسون وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
منا الَّذِي هُوَ مَا إِن طَرّ شارُبه
والعانسون وَمنا المُرْدُ والشيبُ
وَقَالَ اللَّيْث: عَنَست الْمَرْأَة عُنُوساً إِذا صَارَت نَصَفاً وَهِي بِكر لم تتزوّج. وعنّسها أَهلهَا إِذا حبسوها عَن الْأزْوَاج حَتَّى جَاوَزت فَتاء السنّ ولمَّا تُعَجِّز فَهِيَ معنَّسة. وَتجمع مَعَانس ومعنَّسات. وعَنْس: قَبيلَة من الْيمن.
وَقَالَ غَيره: أعنس الشيبُ رأسَه إِذا خالطه. وَقَالَ أَبُو ضَبّ الهذليّ:
فَتى قَبَلا لم يُعْنِس الشيبُ رَأسه
سوى خُيُط كالنَّور أشرقن فِي الدُجَى
روى المبرّد: لم تَعْنُس السنّ وَجهه، وَهُوَ أَجود. وناقة عانسة وجمل عانس: سمين تامّ الخَلْق. وَقَالَ أَبُو وَجْزة السعديّ:
بعانسات هُزِمات الأزْمَل
جُشّ كبحريّ السَّحَاب المُخْيِل
عَمْرو عَن أَبِيه: العُنُس: المَرَايا، وَاحِدهَا عِنَاس للمرآة. قَالَ: وعَنَست الْمَرْأَة وعَنِست وعَنّست وأعْنست وتأطَّرت إِذا لم تُزوَّج. وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال: رجل عانس وَامْرَأَة عانس وَقد عَنَست تَعْنُس عِنَاساً.
سنع: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: السَّنِيع: الحَسَن. وَقَالَ شمر: أهْدى أعرابيّ نَاقَة لبَعض الْخُلَفَاء فَلم يقبلهَا فَقَالَ: لم لَا تقبلهَا وَهِي حَلْبانة رَكْيانة مِسناع مرباع. قَالَ المِسناع: الْحَسَنَة الخَلْق. والمرباع: الَّتِي تبكّر فِي الِلقاح. وَرَوَاهُ الأصمعيّ: إِنَّا مِسْياع مِرْياع. قَالَ: والمِسياع: الَّتِي تحمل الضَيْعة وسوءَ الْقيام عَلَيْهَا. والمِرْياع: الَّتِي يسافَر عَلَيْهَا ويعاد. وَهَذَا فِي رِوَايَة الأصمعيّ. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السَّنَع: الجَمَال. وَقَالَ: الْإِبِل ثَلَاثَة فَذكر السانعة. عَمْرو عَن أَبِيه: أسنع الرجل إِذا اشْتَكَى سِنْعه أَي سِنْطَه وَهُوَ الرُسْغ. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السِّنْع: الحَزّ الَّذِي فِي مَفْصِل الكفّ والذراع. وَقَالَ اللَّيْث: السِّنْع: السُلاَمى الَّذِي يصل بَين الْأَصَابِع والرسغ فِي جَوف الكفّ، والجميع: الأسناع والسِّنَعة. والسَّنَائع: الطُرُق فِي الْجبَال، الْوَاحِدَة سَنِيعة. وَقَالَ:
إِذا صدرت عَنهُ تمشَّت مَخَاضُها
إِلَى السَّرْو تدعوها إِلَيْهِ السنائع

(2/62)


ومَهْر سَنيع مُسْنَع: كثير. أسنع مَهْر الْمَرْأَة، وأسناه: أَكثر، قَالَ:
مفرّكٌ مجتوىً لم ترض طَلّته
وَلَو أَتَاهَا بمَهر مُسْنَع رُغُب
وسُنُع الْإِبِل: خِيَارهَا.
سعن: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أسعن الرجلُ إِذا اتخذ السُّعْنة وَهِي المِظَلَّة. وَقَالَ اللَّيْث: السُّعْنُ: ظُلّة يتّخذها أهل عُمَان فَوق سُطُوحهم من أجل نَدَى الوَمَد. والجميع السُّعُون. قَالَ: والسَّعْن: الوَدَك. وَقَالَ أَبُو سعيد: السَّعْن: قِرْبة أَو إداوة يُقطع أَسْفَلهَا ويشدّ عُنُقها وتعلَّق إِلَى خَشَبَة ثمَّ يُنبذ فِيهَا. وَقَالَ اللَّيْث: السُّعْن شَيْء يتَّخذ من الأدَم شبه دَلْو إِلَّا أَنه مستطيل مستدير، وَرُبمَا جعِلت لَهُ قَوَائِم يُنبذ فِيهِ، الْجَمِيع: السِّعَنة، والأسعان. والمُسَعَّن من الغُرُوب يتّخذ من أدِيمين يُقَابل بَينهمَا فيعرقان عراقين وَله خُصْمان من جانبين لَو وُضع قَامَ قائمه فِي اسْتِوَاء أَعْلَاهُ وأسفلِه. أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: يُقَال: مَا لفُلَان سَعْنة وَلَا مَعْنة أَي مَا لَهُ قَلِيل وَلَا كثير.
قَالَ: كَانَ الأصمعيّ لَا يعرف أَصْلهَا. وَقَالَ غَيره: السُّعْنة من المِعْزَى: صغَار الْأَجْسَام فِي خَلْقها، والمَعْن: الشَّيْء الهيّن وَأنْشد:
وَإِن هَلَاك مَالك غير مَعْن
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: السَعْنة: الْكَثْرَة من الطَّعَام وَغَيره، والمَعْنة: القِلَّة من الطَّعَام وَغَيره، حَكَاهُ عَن الْمفضل فِي قَوْلهم: مَاله سَعْنة وَلَا مَعْنة. قَالَ: والسُّعْنة: القِرْبة الصَّغِيرَة يُنبذ فِيهَا. والسُّعْنة: المِظلَّة.
نسع: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النِّسْع والسِّنْع: المَفْصِل بَين الكفّ والساعد. وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال لريح الشّمال: نِسْع ومِسْع وَأنْشد:
نِسْع لَهَا بعضاه الأرْض تهزيز
قلت: سُمّيت الشَّمَالِ نِسْعاً لدقَّة مَهَبّها، فشبّهت بالنِّسْع المضفور من الأدَم، وَهُوَ سَيْر يُضفر على هَيْئَة أعِنَّة البِغال يُشدّ بِهِ الرّحال. وَيجمع نسوعاً وأنساعاً. الأصمعيّ: نسَّعَتْ أسنانُه تنسِيعاً، وَهُوَ أَن تطول وَتَسْتَرْخِي اللثَات حَتَّى تبدو أُصُولهَا وَقد انحسر عَنْهَا مَا كَانَ يواريها من اللثَات، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: انتسعت الْإِبِل وانتسغت بِالْعينِ والغين إِذا تفرَّقت فِي مراعيها. وَقَالَ الأخطل:
رَجَنّ بِحَيْثُ تنتسِع المطايا
فَلَا بقًّا تخَاف وَلَا ذبابا
وَقَالَ اللَّيْث: امْرَأَة ناسعة: طَوِيلَة البَظْر ونُسوعه: طولُه. قلت: ويَنْسُوعة القُفّ: مَنْهلة من مناهل طَرِيق مَكَّة على جادَّة الْبَصْرَة، بهَا ركايا عَذبة المَاء عِنْد منقطَع رمال الدهناء بَين ماوِيّة والنِبَاج، وَقد شربْتُ من مَائِهَا. عَمْرو عَن أَبِيه: أنسع الرجلُ إِذا كثر أَذَاهُ لجيرانه. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هَذَا سِنْعه وسَنْعه وشِنْعه وشَنْعُه وسِلْعه وسَلْعه ووَفْقه ووِفَاقه بِمَعْنى وَاحِد.
نعس: قَالَ الله جلّ وَعز: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ} (الْأَنْفَال: 11) . يُقَال: نَعَس يَنْعُس نُعَاساً فَهُوَ ناعس، وَبَعْضهمْ

(2/63)


يَقُول: نَعْسان. قَالَ الفرّاء: وَلَا أشتهيها يَعْنِي نعسان. وَقَالَ اللَّيْث: قَالُوا: رجل نعسان وَامْرَأَة نَعْسَى، حملُوا ذَلِك على وَسْنان ووَسْنَى، وَرُبمَا حملُوا الشَّيْء على نَظَائِره، وَأحسن مَا يكون ذَلِك فِي الشّعْر. قلت: وَحَقِيقَة النعاس: السِّنَة من غير نوم، كَمَا قَالَ ابْن الرِّقَاع:
وَسْنان أقصده النعاسُ فرنَّقت
فِي عينه سِنَةٌ وَلَيْسَ بنائم
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّعْس: لِين الرَّأْي والجسم وَضعفهمَا. قَالَ: ورَوَى عَمْرو عَن أَبِيه: أنعس الرجل إِذا جَاءَ ببنين كُسالى. وناقة نَعُوس: تُغمض عينيها عِنْد الْحَلب. ونَعَست السوقُ إِذا كَسَدت. وَالْكَلب يُوصف بِكَثْرَة النعاس. وَمن أمثالهم:
يَمْطُل مَطْلاً كنُعاس الْكَلْب

(بَاب الْعين وَالسِّين مَعَ الْفَاء)
(ع س ف)
عسف، عفس، سعف، سفع، فعس: مستعملات.
عسف: رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه بعث سَرِيَّة فَنَهى عَن قتل العُسَفاء والوُصَفاء. وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن ابْني كَانَ عَسيفاً على رجل كَانَ مَعَه، وَإنَّهُ زنى بامرأته. قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو وَغَيره: العُسَفاء: الأُجراء، وَالْوَاحد عَسِيف. وَقَوله: إِن ابْني كَانَ عَسِيفاً على هَذَا أَي كَانَ أَجِيرا. وَقَالَ ابْن السّكيت فِي العَسِيف مثلَه. وَقَالَ غَيرهم: العَسْف: ركُوب الْأَمر بِغَيْر رَوِيَّة وركوبُ الفلاة وقطعها على غير توخّي صَوْب وَلَا طَرِيق مسلوك. يُقَال: اعتسف الطَّرِيق اعتسافاً إِذا قطعه دون صَوْب توخّاه فَأَصَابَهُ. وَقَالَ شمر: العَسْف: السَّيْر على غير عَلَم وَلَا أثَر. وَمِنْه قيل: رجل عَسُوف إِذا لم يَقْصِد قَصْد الحقّ. وعَسَف الْمَفَازَة: قطعهَا بِلَا هِدَايَة وَلَا قصد. وتعسَّف فلَان فلَانا إِذا رَكبه بالظلم وَلم يُنْصِفه. وَرجل عَسُوف إِذا كَانَ ظلوماً. أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: إِذا أشرف الْبَعِير على الْمَوْت من الغُدّة قيل: عَسَف يَعسِف، هُوَ بعير عاسف وناقة عاسف بِغَيْر هَاء. والعَسْف: أَن يتنفّس حَتَّى تَقْمُصَ حَنْجرته أَي تنتفخ. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أعسَف الرجل إِذا أَخذ بعيرَه العَسْفُ وَهُوَ نَفَس الْمَوْت. قَالَ: وأعسف الرجل إِذا لزِم الشّرْب فِي العَسْف وَهُوَ القَدَح الْكَبِير. وأعسف إِذا أَخذ غُلَامه بِعَمَل شَدِيد، وأعسف إِذا سَار بِاللَّيْلِ خبط عشواء. وَأما قَول أبي وَجْزة السعديّ:
واستيقَنَت أَن الصليفَ منعَسفْ
هُوَ من عسف الحنجرة إِذا قمصت للْمَوْت. وعُسفان: مَنْهَلَة من مناهل الطَّرِيق بَين الجُحْفة ومَكّة.
عفس: أَبُو عبيد: عفست الرجل عَفْساً: إِذا سجنته. وَقَالَ الرياشي فِيمَا أفادني الْمُنْذِرِيّ لَهُ: العَفْس: الكَدّ والإتعاب. وَقَالَ شمر: العَفْس الإذالة والاستعمال. وَقَالَ العجّاج:

(2/64)


كَأَنَّهُ من طول جَذْع العَفْس
يُنحَت من أقطاره بفأس
وَقَالَ اللَّيْث: العَفْس: شدّة سَوْق الْإِبِل. وَأنْشد:
يَعفِسها السوَّاقُ كل مَعْفَس
قَالَ: الْإِنْسَان يَعفِسُ المرأةَ بِرجلِهِ إِذا ضربهَا على عَجِيزتها يعافسها وتعافسه. وَقَالَ غَيره: المعافسة: الممارسة: فلَان يعافس الْأُمُور أَي يمارسها ويعالجها. والعِفَاس: العِلاج. والعِفَاس: اسْم نَاقَة ذكرهَا الرَّاعِي فِي شعره فَقَالَ:
بمَحْنِية أشلى العِفَاس وبَرْوعا
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العِفَاس والمعافسة: المعالجة. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: عَفَسته وعكسته وعَتْرسته إِذا جذبته إِلَى الأَرْض فضغطته إِلَى الأَرْض ضغطاً شَدِيدا. قَالَ: وَقيل لأعرابيّ: إِنَّك لَا تحسن أكل الرَّأْس، فَقَالَ: أما وَالله إِنِّي لأعفس أُذُنَيْهِ، وأفكّ لَحْييه وأسْحَى خدَّيه وأرمي بالمخّ إِلَى من هُوَ أحْوج مني إِلَيْهِ. قلت: أجَاز ابْن الْأَعرَابِي الصَّاد وَالسِّين فِي هَذَا الْحَرْف. العِيَفْس: الغليظ. قَالَ حُمَيد الأرقط:
وَصَارَ ترجيم الظنون الحَدْس
وتَيَهان التائه العِيَفْس
وثوب معفَّس: صبور على البِذْلة، ومعفوس: خَلَق. وَقَالَ رؤبة:
بَدَّل ثوبَ الجِدَّة الملبوسا
والحُسْن مِنْهُ خَلَقاً معفوسا
والمَعْفِس: المفصِل. وَقَالَ الحميريّ:
فَلم يبْق إِلَّا مَعْفِس وعِجَانها
وشُنْتُرَة مِنْهَا وَإِحْدَى الذوائب
سفع: قَالَ الله جلّ وَعز: {ء (ِيَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} (العلق: 15، 16) قَالَ الْفراء: ناصيته: مقدّم رَأسه أَي لَنَهصِرنَّها ولنأخذنَّ بهَا أَي لنُقْمِئنَّه ولَنذِلَّنه. وَيُقَال: لنأخذَنَّ بالناصية إِلَى النَّار كَمَا قَالَ: {بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِى} (الرحمان: 41) قَالَ: وَيُقَال: معنى {لنسفعا: لنسوّدنْ وَجهه، فكفت الناصية لِأَنَّهَا فِي مقدَّم الْوَجْه قلت: أما من قَالَ: لنسفعاً بالناصية أَي لنأخذنه بهَا إِلَى النَّار فحجَّته قَوْله:
قوم إِذا فَزِعُوا الصَّرِيخ رَأَيْتهمْ
من بَين ملجم مُهره أَو سافع
أَرَادَ: وآخذٍ بناصيته. وَمن قَالَ: لنسفعاً أَي لنسوّدَنْ وَجهه فَمَعْنَاه: لنسِمَنّ مَوضِع الناصية بِالسَّوَادِ، اكتفَى بهَا من سَائِر الْوَجْه لِأَنَّهَا فِي مقدم الْوَجْه. والحُجَّة لَهُ قَوْله:
وكنتُ إِذا نَفْسُ الغَوِيّ نزتَ بِهِ
سفعت على العِرنين مِنْهُ بمِيسم
أَرَادَ: وسمته على عِرْنينه، وَهُوَ مثل قَوْله: {الاَْوَّلِينَ سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} (الْقَلَم: 16) . وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتي بصبيّ فَرَأى بِهِ سَفْعة من الشَّيْطَان فَقَالَ: (اسْتَرْقُوا لَهُ) . قَوْله: سَفْعة أَي ضَرْبَة مِنْهُ، يُقَال: سفعته أَي لطمته، والمسافعة: الْمُضَاربَة. وَمِنْه قَوْله الْأَعْشَى:
يسافع وَرْقاء جُونّية
ليدركها فِي حمام تُكَنْ

(2/65)


أَي يضارب. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: السُّفْعة والشُّفعة بِالسِّين والشين: الْجُنُون، وَرجل مسفوع ومشفوع أَي مَجْنُون. ورَوَى أَبُو عبيد عَن الأمويّ أَنه قَالَ: المسفوعة من النِّسَاء: الَّتِي أصابتها سَفْعة وَهِي الْعين. فَفِي الحَدِيث على هَذَا التَّفْسِير أَنه رأى بالصبيّ عَيْناً أَصَابَته من الشَّيْطَان فَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالاسترقاء لَهُ. وَأَحْسبهُ أَرَادَ أَن يُقرأ عَلَيْهِ المعوِّذتان ويُنفَث فِيهِ. فَهَذِهِ ثَلَاثَة أوجه فِي قَوْله: رأى بِهِ سَفْعة. وأحسنها مَا قَالَه الأمويّ، وَالله أعلم. وَفِي حَدِيث آخر: (أَنا وسفعاء الخدَّين الحانيةُ على وَلَدهَا يَوْم الْقِيَامَة كهاتين) وضمّ إصبعيه، أَرَادَ بسفعاء الخدّين امْرَأَة سَوْدَاء عاطفة على وَلَدهَا. وَأَرَادَ بِالسَّوَادِ أَنَّهَا لَيست بكريمة وَلَا شريفة. وَإِذا قَالَت الْعَرَب: امْرَأَة بَيْضَاء فَهِيَ الشَّرِيفَة الْكَرِيمَة. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَ الأصمعيّ: الأسفع: الثور الوحشيّ الَّذِي فِي خدّيه سَواد يقرب إِلَى الْحمرَة قَلِيلا. قَالَ: وَيُقَال للأسفع: مُسَفَّع. وَقَالَ غَيره: يُقَال للحمامة المطوَّقة: سفعاء لسواد عِلاَطها فِي عُنُقهَا. وَمِنْه قَوْله:
من الوُرق سفعاء العِلاَطين باكرت
فروعَ أشَاءٍ مطلع الشَّمْس أسحما
وَقَالَ الآخر يصف ثوراً وحشياً شبَّه نَاقَته فِي السرعة بِهِ:
كَأَنَّهَا أسفع ذُو حِدَّة
يمسُده البقلُ وليل سَدِي
كَأَنَّمَا ينظر من برقع
من تَحت رَوْق سَلِب مِذْوَد
شبَّه السُّفْعة فِي وَجه الثور ببرقع أسود وَلَا تكون السفعة إِلَّا سواداً مشرباً وُرْقة. وَمِنْه قَول ذِي الرمَّة:
أَو دِمْنة نسفت عَنْهَا الصَّبَا سُفَعا
كَمَا تُنَشَّر بعد الطِيَّة الكُتُب
أَرَادَ: سَواد الدِمَن أَن الرّيح هبَّت بِهِ فنسفته وألبسته بياضَ الرمل، وَهُوَ قَوْله:
بِجَانِب الرزق أغشته معارفها
وَيُقَال للأثافي الَّتِي أوقد بَينهَا النَّار: سُفْع؛ لِأَن النَّار سوَّدت صفاحها الَّتِي تلِي النَّار. وَقَالَ زُهَيْر:
أثافيَّ سُفْعاً فِي معرَّس مِرْجل
وأمَّا قَول الطرمَّاح:
كَمَا بَلَّ مَتْنَيْ طُفْية نَضْحُ عائط
يُزيِّنها كِنٌّ لَهَا وسُفُوعُ
فَإِنَّهُ أَرَادَ بالعائط: جَارِيَة لم تحمل، وسُفُوعها: ثِيَابهَا؛ يُقَال: استفعت الْمَرْأَة ثِيَابهَا إِذا لبِستها. وَأكْثر مَا يُقَال ذَلِك فِي الثِّيَاب المصبوغة. وَيُقَال: سفعته النَّار تسفَعه سَفْعاً إِذا لَفَحته لَفْحاً يَسِيرا فسوَّدت بَشَرته، وسفعته السَّمُوم إِذا لوَّحت بَشَرة الْوَجْه. والسوافع: لوافح السَّموم.
سعف: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: السُّعُوف: جِهاز العَروس، والعُسُوف: الأقداح الْكِبَار وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الخرَّاز عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: كل شَيْء جاد وبَلَغ من عِلْق أَو مَمْلُوك أَو دَار ملكْتها فَهُوَ سَعَف. يُقَال للغلام: هَذَا سَعَف سَوْءٍ. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: والسُّعُوف: طبائع النَّاس من الكَرَم وَغَيره

(2/66)


يُقَال: هُوَ طيّب السُّعُوف أَي الطبائع، لَا وَاحِد لَهَا. وَفُلَان مسعوف بحاجته أَي مُسْعَف. قَالَ الغنويِّ:
فَلَا أَنا مسعوف بِمَا أَنا طَالب
والسُّعَاف: شُقَاق فِي أَسْفَل الظُّفُر. وتسعف أَطْرَاف أَصَابِعه أَي تشقّقت وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للضرائب: سُعُوف. قَالَ: وَلم أسمع لَهَا بِوَاحِد من لَفظهَا. قَالَ: والسَّعَف محرّك: جِهاز الْعَرُوس. الحرَّاني عَن ابْن السّكيت: السَّعَف: دَاء فِي أَفْوَاه الْإِبِل كالجَرَب، بعير أسعف، والسَّعَف: وَرَق جَرِيد النّخل الَّذِي يسَفَّ مِنْهُ الزُبْلان والجِلال والمراوح وَمَا أشبههَا. وَيجوز السعف. والواحدة سَعَفة. وَقَالَ اللَّيْث: أَكثر مَا يُقَال لَهُ السَّعَف إِذا يبس، وَإِذا كَانَت رَطْبة فَهِيَ الشَّطْبة. قلت: وَيُقَال للجَرِيد نَفسه سَعَف أَيْضا، وَوَاحِدَة الجريد جَرِيدة. وَتجمع السَّعَفة سَعَفاً وسَعَفات. الحرَّاني عَن ابْن السّكيت: يُقَال: فِي رَأسه سَعْفة سَاكِنة الْعين وَهُوَ دَاء يَأْخُذ الرَّأْس. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: السَعْفة يُقَال لَهَا: دَاء الثَّعْلَب، تورِث القَرَع، والثعالب يُصِيبهَا هَذَا الدَّاء، فَلذَلِك نُسب إِلَيْهَا. أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: سَعُفت يدُه وسَعِفت وَهُوَ التشعّث حول الْأَظْفَار والشُّقَاق. قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: نَاقَة سَعْفاء وَقد سَعِفت سَعَفاً، وَهُوَ داءٌ يتمعَّط مِنْهُ خُرطومها وَيسْقط مِنْهُ شعر الْعين قَالَ: وَهُوَ فِي النوق خاصَّة دون الذُّكُور. قَالَ: وَمثله فِي الْغنم الغَرَب. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي كتاب (الْخَيل) : من شيات نواصي الْخَيل نَاصِيَة سعفاء وَفرس أسعف إِذا شابت ناصيته. قَالَ: وَذَلِكَ مَا دَامَ فِيهَا لون مُخَالف الْبيَاض. فَإِذا خلصت بَيَاضًا كلهَا فَهِيَ صبغاء.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: التسعيف فِي المِسْك: أَن يروِّح بأفاويه الطّيب ويُخلط بالأدهان الطيّبة. يُقَال: سعِّف لي دُهْني. وَيُقَال: أسعفتْ دَاره إسعافاً إِذا دَنَت: وكل شَيْء دنا فقد أسعف. وَمِنْه قَول الرَّاعِي:
وكائنْ ترى من مُسْعِف بمنيَّة
وَمَكَان مساعِف ومنزل مساعف أَي قريب. وَقَالَ اللَّيْث: الْإِسْعَاف قَضَاء الْحَاجة. والمساعفة: المواتاة على الْأَمر فِي حسن مصافاة ومعاونة. وَأنْشد:
إِذْ النَّاس نَاس والزمانُ بِغِرَّة
وَإِذ أُمُّ عمَّار صديق مساعِفُ
فعس: أهمل اللَّيْث هَذَا الْحَرْف. وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْعَبَّاس أَن ابْن الْأَعرَابِي أنْشدهُ:
بِالْمَوْتِ مَا عَيَّرتِ يَا لَمِيس
قد يَهْلِك الأرقم والفاعوس
والأسد المذرَّع النَّهوسُ
والبَطَل المستلئم الجَئُوس
واللَّعْلع المهتَبِل العَسوس
والفِيل لَا يبْقى وَلَا الهِرميس
قَالَ: الجئوس: القتَّال. والفاعوس الأفعى. والمذرَّع: على ذراعه دم فرائسه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للداهية من الرِّجَال: فاعوس، قَالَ: والهِرْمس: الكَرْكَدَنّ واللعلع: الذِّئْب. والفاعوسة:

(2/67)


فرج الْمَرْأَة لِأَنَّهَا تتفاعس أَي تنفرج. قَالَ حُمَيد الأرقط يصف الكمرة:
كَأَنَّمَا ذُرَّ عَلَيْهَا الخَرْدَل
تبيت فاعوستها تَأكَّلُ
والفاعوس: الكمرة، والفُعُس: الحيَّات. والفاعوس: الوَعِل والكَرَّاز والفَدْم والمُلاعِب.

(بَاب الْعين وَالسِّين مَعَ الْبَاء)
(ع س ب)
عسب، عبس، سبع، سعب: مستعملة.
عسب: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نَهَى عَن عَسْب الفَحْل. قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأمَوِي: العَسْب: الكِرَاء الَّذِي يُؤْخَذ فِي ضِراب الْفَحْل، يُقَال مِنْهُ: عسبت الرجلَ أعسِبه عَسْباً إِذا أَعْطيته الكِرَاء على ذَلِك. قَالَ: وَقَالَ غَيره: العَسْب: هُوَ الضِرَاب نَفسه. وَقَالَ زُهَيْر:
وَلَوْلَا عَسْبه لتركتموه
وشرّ مَنِيحة أيْر مُعَارُ
قَالَ أَبُو عبيد: معنى العَسْب فِي الحَدِيث: الكِراء، وَالْأَصْل فِيهِ الضراب؛ وَالْعرب تسمّي الشَّيْء باسم غَيره إِذا كَانَ مَعَه أَو من سبَبه، كَمَا قَالُوا للمزادة: راوية وَإِنَّمَا الراوية: الْبَعِير الَّذِي يُستقَى عَلَيْهِ. والعسيب: عسيب الذَّنَب وَهُوَ مستدَقُّه. والعَسِيب: جريد النّخل إِذا نحِّي عَنهُ خُوصه. وَيجمع عُسُباً وعُسْبَاناً. وعَسِيب: جبل بعالية نَجْد مَعْرُوف، يُقَال: لَا أفعل كَذَا مَا أَقَامَ عسيب. وَفِي حَدِيث عليّ أَنه ذكر فتْنَة فَقَالَ: (فَإِذا كَانَ ذَلِك ضَرَب يَعْسُوبُ الدِين بِذَنبِهِ فيجتمعون إِلَيْهِ كَمَا يجْتَمع قَزَع الخَرِيف) . قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: أَرَادَ بقوله: يعسوب الدّين أَنه سيّد النَّاس فِي الدّين يَوْمئِذٍ. وَفِي حَدِيث آخر لعليّ أَنه مرّ بِعَبْد الرَّحْمَن بن عتَّاب بن أسِيد مقتولاً يَوْم الجَمَل، فَقَالَ: هَذَا يعسوب قُرَيْش، يُرِيد: سيّدها. قَالَ الْأَصْمَعِي: وأصل اليعسُوب: فَحْل النَّحْل وسيّدها، فشبَّهه فِي قُرَيْش بالفحل فِي النَّحْل. قَالَ أَبُو سعيد: معنى قَوْله: ضرب يعسوب الدّين بذَنَبه أَرَادَ بيعسوب الدّين ضعيفه ومحتقَره، وذليله، فَيَوْمئِذٍ يعظم شَأْنه حتّى يصير غير اليعسوب. قَالَ: وضَرْبه بِذَنبِهِ: أَن يغرِزه فِي الأَرْض إِذا باض كَمَا تَسْرأ الْجَرَاد. فَمَعْنَاه: أَن الْقَائِم يَوْمئِذٍ يثبت حَتَّى يثوب النَّاس إِلَيْهِ وَحَتَّى يظْهر الدّين ويفشو. قَالَ: وَقَول عليّ فِي عبد الرَّحْمَن بن أسِيد على التحقير لَهُ والوضع من قدره، لَا على التفخيم لأَمره. قَالَ الْأَزْهَرِي: وَالْقَوْل مَا قَالَه الأصمعيّ لَا مَا قَالَه أَبُو سعيد فِي اليعسوب. قلت: وروى شمر الحَدِيث الأول: ضرب يعسوب الدّين بذَنبه فَمَا زَاد فِي تَفْسِيره على مَا قَالَ أَبُو عبيد شَيْئا. قلت: وَمعنى قَوْله: ضرب يعسوبُ الدّين بذنبَه أَي فَارق الْفِتْنَة وَأَهْلهَا فِي أهل دينه. وذَنَبه: أَتْبَاعه الَّذين يتّبعونه على رَأْيه ويَجْتَبُون مَا اجتباه من اعتزال الفِتن. وَمعنى قَوْله: ضَرَب أَي ذهب فِي الأَرْض مُسَافِرًا ومجاهداً، يُقَال: ضرب فِي الأَرْض مُسَافِرًا وَضرب فلَان الْغَائِط إِذا أبعد فِيهَا للتغوّط. وَقَوله: بذَنَبه أَي

(2/68)


فِي ذَنَبه وَأَتْبَاعه، وَأقَام الْبَاء مُقَام فِي أَو مقَام مَعَ، وكلُّ ذَلِك من كَلَام الْعَرَب. ورَوَى ابْن الْأَعرَابِي عَن المفضّل أَنه أنْشدهُ:
وَمَا خير عَيْش لَا يزَال كَأَنَّهُ
مَحَلَّة يعسوبٍ بِرَأْس سِنان
قَالَ: وَمَعْنَاهُ: أَن الرئيس إِذا قُتل جُعل رأسُه على سِنَان، فَمَعْنَاه أَن الْعَيْش إِذا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ الْمَوْت. وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن شُميل: عَسْب الْفَحْل: ضِرَابه. يُقَال: إِنَّه لشديد العَسْب. وَيُقَال للْوَلَد: عَسْب. وَقَالَ كثيّر يصف خيلاً أسقطت أَوْلَادهَا:
يغادرن عَسْب الوالقيّ وناصح
تخُصّ بِهِ أُمُّ الطَّرِيق عيالَها
فالعَسْب: الْوَلَد وَيُقَال: مَاء الْفَحْل. وَالْعرب تَقول: استعسب فلَان استعساب الْكَلْب وَذَلِكَ إِذا مَا هاج واغتلم. وكلب مُسْتَعْسِب. وَقَالَ اللَّيْث: اليعسوب: دَائِرَة عِنْد مَرْكَض الْفَارِس حَيْثُ يركُض بِرجلِهِ من جَنب الْفرس. قلت: وَهَذَا غلط، اليعسوب عِنْد أبي عُبَيْدَة وَغَيره: خطّ من بَيَاض الغُرَّة ينحدر حَتَّى يمسّ خَطْم الدابَّة ثمَّ يَنْقَطِع. وَقد قَالَه ابْن شُمَيْل. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: اليعسوب أَيْضا: طَائِر أَصْغَر من الجرادة طَوِيل الذَنَب. وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ طَائِر أعظم من الجرادة. وَالْقَوْل مَا قَالَ الأصمعيّ.
عبس: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نظر إِلَى نَعَم بني المُصْطَلِق وَقد عَبِست فِي أبوالها وأبعارها فتقنَّع بِثَوْبِهِ وَقَرَأَ: {وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ} (طاه: 131) قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: قد عَبِست فِي أبوالها يَعْنِي: أَن تجفَّ أبوالُها وأبعارها على أفخاذها، وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون من كَثْرَة الشَّحْم، وَذَلِكَ العَبَسُ. وَأنْشد لجرير يصف راعية:
ترى العَبَس الحَوْليّ جَوْناً بكُوعها
لَهَا مَسَكاً من غير عاج وَلَا ذَبْل
وَنَحْو ذَلِك قَالَ اللَّيْث فِي العَبَس. قَالَ: وَهُوَ الوَذَح أَيْضا. وَيُقَال للرجل إِذا قطَّب مَا بَين عَيْنَيْهِ: عَبَس يَعْبِس عبُوساً فَهُوَ عَابس، وعبّس تعبيساً إِذا كرَّه وجهَهُ. فَإِن كَشَر عَن أَسْنَانه مَعَ عبوسِه فَهُوَ كالح. وعَبْس: قَبيلَة من قَيس عَيْلان، وَهِي إِحْدَى الجَمَرات. وعُبَيس: اسْم. وعبّاس: اسْم. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: العبّاس: الأسَد الَّذِي تَهْرُبُ مِنْهُ الأُسْد، وَبِه سمّي الرجل عبّاساً. وَقَالَ أَبُو تُرَاب: يُقَال: هُوَ جِبْس عِبْس لِبْس إتباع، وَيَوْم عَبُوس: شَدِيد.
سبع: السَبْع من الْعدَد مَعْرُوف. تَقول: سبع نسْوَة وَسَبْعَة رجال. وَالسَّبْعُونَ مَعْرُوف، وَهُوَ العِقْد الَّذِي بَين الستّين والثمانين. وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (للبِكر سَبْع وللثيِّب ثَلَاث) . وَمَعْنَاهُ: أَن الرجل يكون لَهُ امْرَأَة فيتزوّج أُخْرَى، فَإِن كَانَت بِكراً أَقَامَ عِنْدهَا سَبْعاً لَا يحسبها فِي القَسْم بَينهمَا؛ وَإِن كَانَت ثيّباً أَقَامَ عِنْدهَا ثَلَاثًا غير محسوبة فِي القَسْم. وَقد سبَّع الرجلُ عِنْد امْرَأَته إِذا أَقَامَ عِنْدهَا سبع لَيَال. وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأمّ سَلَمة حِين تزوّجها وَكَانَت ثيّباً: (إِن شئتِ سبَّعت

(2/69)


عنْدك ثمَّ سبَّعت عِنْد سَائِر نسَائِي، وَإِن شِئْت ثلثت ثمَّ دُرْت) ، أَي لَا أحتسِب الثَّلَاث عَلَيْك. وَيُقَال: سبَّع فلَان الْقُرْآن إِذا وظَّف عَلَيْهِ قِرَاءَته فِي سبع لَيَال. وَفِي الحَدِيث: سبَّعت سُلَيم يَوْم الْفَتْح أَي تمَّت سَبْعمِائة رجل. وَقَالَ اللَّيْث: الأُسبوع من الطّواف سَبْعَة أطواف، وَيجمع على أسبوعات. قَالَ: والأيّام الَّتِي يَدُور عَلَيْهَا الزَّمَان فِي كل سَبْعَة مِنْهَا جُمُعَة تسمَّى الأُسبوع وَتجمع أسابيع، وَمن الْعَرَب من يَقُول سُبُوع فِي الْأَيَّام وَالطّواف بِلَا ألف، مَأْخُوذَة من عدد السَّبع. وَالْكَلَام الفصيح: الأُسْبوع، أَبُو عبيد عَن أبي زيد: السَبِيع بِمَعْنى السُبُع كالثَمين بِمَعْنى الثُمن، وَقَالَ شمر: لم أسمع سَبيعاً لغيره. وَفِي الحَدِيث: (أَن ذئباً اخْتَطَف شَاة من غنم فانتزعها الرَّاعِي مِنْهُ فَقَالَ الذِّئْب: مَن لَهَا يَوْم السَبْع) ؟ قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السَّبع: الْموضع الَّذِي إِلَيْهِ يكون المحشَر يَوْم الْقِيَامَة، أَرَادَ: من لَهَا يَوْم الْقِيَامَة وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن مَسْأَلَة فَقَالَ: إِحْدَى من سَبْع. قَالَ شمر: يَقُول إِذا اشتدّ فِيهَا الفُتْيا قَالَ: يجوز أَن يكون اللَّيَالِي السَّبع الَّتِي أرسل الله الْعَذَاب فِيهَا على عَاد، ضربهَا مثلا للمسألة إِذا أشكلت. قَالَ: وَخلق الله السَّمَوَات سبعا وَالْأَرضين سبعا وَرُوِيَ فِي حَدِيث آخر أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن السِبَاع قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السِباع: الفِخار كَأَنَّهُ نهَى عَن الْمُفَاخَرَة بِكَثْرَة الْجِمَاع.
وَحكى أَبُو عَمْرو عَن أَعْرَابِي أعطَاهُ رجل درهما فَقَالَ: سبَّع الله لَهُ الْأجر، قَالَ: أَرَادَ: التَّضْعِيف، وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : سبّع الله لفُلَان تسبيعاً وتبَّع لَهُ تَتْبيعاً أَي تَابع لَهُ الشَّيْء بعد الشَّيْء، وَهِي دَعْوَة تكون فِي الْخَيْر وَالشَّر، وَالْعرب تصنع التسبيع مَوضِع التَّضْعِيف وَإِن جَاوز السَّبع، وَالْأَصْل فِيهِ قَول الله جلّ وَعز: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّاْئَةُ حَبَّةٍ} (الْبَقَرَة: 261) ثمَّ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا إِلَى سَبْعمِائة) . قلت: وأُرَى قَول الله جَلّ ثَنَاؤُهُ لنَبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} (التَّوْبَة: 80) من بَاب التكثير والتضعيف لَا من بَاب حَصْر العَدَد، وَلم يُرد الله جلّ ثَنَاؤُهُ أنهج إِن زَاد على السّبْعين غَفَر لَهُم، وَلَكِن الْمَعْنى: إِن استكثرتَ من الدُّعَاء وَالِاسْتِغْفَار لِلْمُنَافِقين لم يغْفر الله لَهُم. وأمَّا قَول الفرزدق:
وَكَيف أَخَاف النَّاس وَالله قَابض
على النَّاس والسَبْعَين فِي رَاحَة الْيَد
فَإِنَّهُ أَرَادَ بالسبعَين: سبع سموات وَسبع أَرضين. وَيُقَال: أَقمت عِنْده سَبْعين أَي جمعتين وأسبوعين.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المُسْبَع: المهمَل. وَهُوَ فِي قَول أبي ذُؤَيْب:
صخِب الشواربَ لَا يزَال كَأَنَّهُ
عبد لآل أبي ربيعَة مُسْبَعُ
ورَوَى شمر عَن النَّضر بن شُمَيْل أَنه قَالَ: المُسْبَع: الَّذِي يُنْسَب إِلَى أَربع أمَّهات كلُّهن أمَة. وَقَالَ بَعضهم: إِلَى سبع أمَّهات. قَالَ: وَيُقَال أَيْضا: المُسْبع:

(2/70)


التابعة. يُقَال: الَّذِي يُولد لسبعة أشهر فَلم تُنْضجه الرحِم وَلم تتمَّ شهوره.
وَقَالَ العجّاج:
إِن تميماً لم يراضع مُسْبَعا
قَالَ النَّضر: ربّ غُلَام قد رَأَيْته يراضِع. قَالَ: والمراضعة: أَن يرضع أمّه وَفِي بَطنهَا ولد.
وروى أَبُو سعيد الضَّرِير قَول أبي ذُؤَيْب:
عبد لآل أبي ربيعَة مسبع
بِكَسْر الْبَاء وَزعم أَن مَعْنَاهُ: أَنه قد وَقع السبَاع فِي مَاشِيَته فَهُوَ يَصِيح ويصرخ، وَيُقَال: سبَّعت الشَّيْء إِذا صيَّرته سَبْعَة، فَإِذا أردْت أَنَّك صيَّرته سبعين قلت: كمَّلته سبعين، وَلَا يجوز مَا قَالَ بعض المولَّدين: سبعنته وَلَا قَوْلهم: سبعنَتْ دراهمي أَي كَمُلتْ سبعين. وَقَوْلهمْ: أخذت مِنْهُ مئة دِرْهَم وزنا وزنَ سَبْعَة الْمَعْنى فِيهِ: أَن كل عشرَة مِنْهَا تزن سَبْعَة مَثَاقِيل وَلذَلِك نصب وزنا.
والسُبُع يَقع على مَاله نَاب من السِباع ويَعْدُو على النَّاس والدوابّ فيفترسها؛ مثل الأسَد وَالذِّئْب والنَّمِر والفَهْد وَمَا أشبههَا.
والثعلب وَإِن كَانَ لَهُ نَاب فَإِنَّهُ لَيْسَ بسَبُع لِأَنَّهُ لَا يعدو على صغَار الْمَوَاشِي وَلَا ينيّب فِي شَيْء من الْحَيَوَان.
وَكَذَلِكَ الضَبُع لَا يعدّ من السبَاع العادِية، وَلذَلِك وَردت السنَّة بِإِبَاحَة لَحمهَا وبأنها تُجزَى إِذا أُصِيبَت فِي الحَرَم أَو أَصَابَهَا الْمحرم.
وَأما الوَعْوع وَهُوَ ابْن آوى فَهُوَ سَبُع خَبِيث ولحمه حرَام لِأَنَّهُ من جنس الذئاب إِلَّا أَنه أَصْغَر جِرْماً وأضعف بَدَناً. وَيُقَال: سبَع فلَان فلَانا إِذا قَصَبه واقترضه أَي عابه واغتابه. وَسبع فلَانا إِذا عضَّه بسنّه.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب السائرة قَوْلهم: أَخذه أَخذ سَبْعة. قَالَ ابْن السّكيت: إِنَّمَا أَصْلهَا سَبُعَة فخُفّفتْ. قَالَ: واللَبُؤة زَعَمُوا أنزقُ من الأسَد، قَالَ وَقَالَ ابْن الكلبيّ هُوَ سَبْعة بن عَوْف بن ثَعْلَبَة بن سَلامَان من طيّىء، وَكَانَ رجلا شَدِيدا.
وَقَالَ ابْن المظفّر: أَرَادوا بقَوْلهمْ: لأعملنّ بفلان عمل سَبْعة: الْمُبَالغَة وبلوغَ الْغَايَة. قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: أَرَادوا: عمل سَبْعَة رجال. وأرضٌ مَسْبَعَة: كَثِيرَة السِباع: وَيُقَال: سَبَعْتُ الْقَوْم أسْبَعُهم إِذا أخذت سُبُعَ أَمْوَالهم. وَكَذَلِكَ سَبَعْتُهُم أسْبَعُهم إِذا كنت سَابِعَهُم. وَفِي أظمَاء الْإِبِل السِّبْعُ، وَذَلِكَ إِذا أَقَامَت فِي مراعيها خَمْسَة أَيَّام كواملَ، ووردت الْيَوْم السَّادِس، وَلَا يُحسب يومُ الصَدَر. وسَبُعَتْ الوحشيّةُ فَهِيَ مسبوعة إِذا أكل السَبُع وَلَدهَا.
قَالَ أَبُو بكر فِي قَوْلهم: فلَان يَسْبَع فلَانا قَولَانِ. أَحدهمَا: يرميه بالْقَوْل الْقَبِيح من قَوْلهم: سبعت الذِّئْب إِذا رميته. قَالَ: ويدلّك على ذَلِك حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن السّبَاع وَهُوَ أَن يتسابّ الرّجلَانِ فَيَرْمِي كلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه بِمَا يسوءه من القَذْع. وَقيل: هُوَ إِظْهَار الرَفَث والمفاخرة بِالْجِمَاعِ، وَالْإِعْرَاب بِمَا يُكنَى عَنهُ من أَمر النِّسَاء.

(2/71)


قَالَ والسَبُعَان: موضعٌ معروفٌ فِي ديار قَيس. وَلَا يعرف من كَلَامهم اسْم على فَعُلاَن غَيره.
وَقَالَ النَّضر بن شُمَيْل: السُبَاعِيُّ من الجِمال: الْعَظِيم الطَّوِيل. قَالَ والرُباعيّ من الْجمال، مثل السُبَاعِي على طوله. قَالَ: وناقة سُبَاعِيَّة ورباعيّة. وَقَالَ غَيره: ثوبٌ سُبَاعِي إِذا كَانَ طوله سَبْع أَذْرع أَو سَبْعَة أشبار؛ لِأَن الشِبْر مذكّر، والذراع مُؤَنّثَة. أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: سَبَعْتُه إِذا وَقعت فِيهِ، وأسْبَعْتُه إِذا أطعمته السِباع.
وَقَالَ ابْن السّكيت: أسْبَعَ الرَّاعِي إِذا وَقع فِي مَاشِيَته السِبَاع. وسَبَعَ الذئبُ الشاةَ إِذا فرسها. وسَبَعَ فلَان فلَانا إِذا وَقع فِيهِ، وأسْبَعَ عَبْدُه إِذا أهمله.
سعب: أهمل اللَّيْث هَذَا الْحَرْف، وَهُوَ مُسْتَعْمل. يُقَال: انسعب الماءُ، وانْثَعَبَ إِذا سَالَ، وفُوه يَجْرِي سَعَابِيبَ وثعابيبَ إِذا سَالَ مَرْغُه أَي لُعَابه. أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: السَعَابيب الَّتِي تمتد شِبه الخيوط من العَسَل والخِطْمِيّ وَنَحْوه. وَقَالَ ابْن مقبل:
يَعْلُون بالمردقوش الوَرد ضاحيةً
على سعابيب مَاء الضَّالة اللجِنِ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: السعابيب مَا اتَّبع يدَك من اللَّبن عِنْد الحَلَب مثل النخاعة يتمطط والواحدة سُعْبوبة. وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : فلَان مُسَعَّبٌ لَهُ كَذَا وَكَذَا، ومُسَغَّبٌ، ومُسَوَّعٌ لَهُ كَذَا، ومُسَوَّغٌ ومُزَغَّبٌ، كل ذَلِك بِمَعْنى واحدٍ.

(بَاب الْعين وَالسِّين مَعَ الْمِيم)
(ع س م)
عسم، عمس، سمع، سعم، معس، مسع: (مستعملات) .
عسم: قَالَ النَضْر: يُقَال: مَا عَسَمْتُ بِمثلِهِ أَي مَا بَلِلْت بِمثلِهِ.
وَيُقَال: مَا عَسَمت هَذَا الثَّوْب أَي لم أجْهده وَلم أنهكه. قَالَ: وَذكر أَعْرَابِي أمَة فَقَالَ: هِيَ لَنَا وكلُّ ضَرْبَة لَهَا من عَسَمة قَالَ: العَسَمة: النَسْل. أَبُو عبيد عَن الفرّاء: عَسَمْتُ أعْسِمُ أَي كَسَبْتُ، وأعْسَمْتُ أَي أَعْطَيْت.
وَقَالَ شمر فِي قَول الراجز:
بِئْر عَضُوض لَيْسَ فِيهَا مَعْسَمُ
أَي لَيْسَ فِيهَا مَطْمَع. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: العَسَمُ: انتشار رُسْغ الْيَد من الْإِنْسَان. وَقَالَ أَيْضا: العَسَمُ: يُبْسُ الرُسْغ.
وَقَالَ اللَّيْث: العَسَمُ: يُبْسٌ فِي المِرْفَق تعوجّ مِنْهُ الْيَد. يُقَال: عَسِمَ الرجل عَسَماً فَهُوَ أعْسَم، وَالْمَرْأَة عَسْمَاء. قَالَ والعُسُومُ: كِسَر الْخبز الْيَابِس.
وَأنْشد قَول أُميَّة بن أبي الصَلْت فِي نعت أهل الْجنَّة:
وَلَا يتنازعون عِنَان شِرْك
وَلَا أقواتُ أهلهم العُسُومُ
وَقَالَ يُونُس أَيْضا فِي العُسُوم: إِنَّهَا كِسر الْخبز الْيَابِس. وَقَوله:
كالبحر لَا يَعْسِمُ فِيهِ عَاسِمُ

(2/72)


أَي لَا يطْمع فِيهِ طامع أَن يغالبه. وَالرجل يَعْسِمُ فِي جمَاعَة النَّاس فِي الْحَرْب، أَي يركب رَأسه وَيَرْمِي بِنَفسِهِ وَسطهمْ غير مكترِث. يُقَال عَسَمَ بِنَفسِهِ إِذا اقتحم. وَقَالَ غَيره: عَسَمَت العَيْنُ تَعْسِمُ فَهِيَ عَاسِمة إِذا غمَّضت، وَقَالَ غَيره: عَسَمَتْ إِذا ذَرَفَت، رَوَاهُ الْأَثْرَم عَن أبي عُبَيْدَة.
وَقَالَ ذُو الرُمّة:
ونِقْضٍ كرِئْمِ الرملِ نَاجٍ زَجَرته
إِذا الْعين كَادَت من كَرَى اللَّيْل تعْسِمُ
قيل: تَعْسِمُ تغمّض، وَقيل: تَذْرِف.
وَقَالَ الآخر:
كِلنا عَلَيْهَا بالقَفِيز الْأَعْظَم
تِسْعِين كُرًّا كلُّه لم يُعْسَم
أَي لم يُطَفَّفْ وَلم يُنقصْ.
وَقَالَ المفضّل: يُقَال لِلْإِبِلِ وَالْغنم وَالنَّاس إِذا جُهِدُوا: عَسَمَهُمْ شِدّة الزَّمَان. قَالَ والعَسْمُ الانتقاص. وحمارٌ أعْسَمُ: دَقِيق القوائم. وَمَا فِي قِدْحِه مَعْسَم أَي مَغْمز. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: العَسْمِيُّ: الكَسُوبُ على عِيَاله. والعَسْمِيُّ المُخَاتِل. والعَسْمِيُّ المصلح لأموره، وَهُوَ المعوجّ أَيْضا. قَالَ والعُسُمُ: الكادّون على العِيال، واحدهم عَسُومٌ وعَاسِمٌ. قَالَ والعَسُومُ: النَّاقة الْكَثِيرَة الْأَوْلَاد.
عمس: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: العَمُوسُ: الَّذِي يَتَعَسَّفُ الْأَشْيَاء كالجاهل. وَمِنْه قيل: فلَان يَتَعَامس أَي يتغافل. قلت: وَمن قَالَ: يتغامس بالغين فَهُوَ مخطىء.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يومٌ عَمَاسٌ مثل قَتَامٍ شَدِيد.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يومٌ عَمَاسٌ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُدْرَى من أَيْن يُؤْتى لَهُ. قَالَ: وَمِنْه قيل: أَتَانَا بِأُمُور مُعَمِّسَاتٍ ومُعَمَّسَاتٍ بِنصب الْمِيم وجرها أَي مُلَوَّيَاتٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: جمع عَمَاسٍ عُمْسٌ؛ وَأنْشد للعجّاج:
ونزلوا بالسهل بعد الشأس
ومَرَّ أيامٍ مَضَين عُمْسِ
وَأسد عَمَاس: شَدِيد. وَقَالَ:
قبيِّلتان كالحذف المندّى
أطافٍ بَين ذوليد عَمَاسُ
وَقد عَمُسَ يومُنا عَمَاسَةً وعُمُوسةً. وَيُقَال: عَمَّسْت عليَّ الأمرَ أَي لبَّسته. وعَامَسْتُ فلَانا مُعَامَسَةً إِذا ساترته وَلم تجاهره بالعداوة. وَامْرَأَة مُعَامِسَةٌ: تتستَّر فِي شَبِيبتها وَلَا تتهتّك وَقَالَ الرَّاعِي:
إِن الْحَلَال وخَنْزَراً وَلَدَتْهُمَا
أُمٌّ مُعَامِسَةٌ على الأطهارِ
أَي تَأتي مَا لَا خير فِيهِ غير معالِنة بِهِ. وَقَالَ أَبُو ترابٍ: قَالَ خَليفَة الْحُصَينيّ: يُقَال تَعَامَسْتُ عَن الْأَمر وتَعَامَشْتُ وتَعَامَيْتُ بِمَعْنى واحدٍ. عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: العَمِيسُ الْأَمر المغطَّى. وَقَالَ الفرّاء: المُعَامَسَةُ السِّرَار. وَفِي (النَّوَادِر) حَلفَ فلَان على العُمَيْسِيَّة، وعَلى الغُمَيْسِيَّة، أَي على يَمِين غير حقّ.
سعم: أَبُو عبيد: السَعْمُ من سير الْإِبِل. وَقد سَعَمَ البعيرُ يَسْعَمُ سَعْماً. وناقةٌ سَعُومٌ

(2/73)


وجَمَلٌ سَعُوم. وَقَالَ اللَّيْث: السَعْمُ: سرعَة السّير والتمادي فِيهِ. وَأنْشد:
سَعْمُ المَهَارَى والسُرَى دواؤُهُ
سمع: أَبُو زيد: يُقَال لسمع الْأذن: المِسْمَع وَهُوَ الخَرْق الَّذِي يُسمَع بِهِ. وَقد يُقَال لجَمِيع خُرُوق الْإِنْسَان. عَيْنَيْهِ ومَنْخِريه وإسته: مَسَامع، لَا يفرد وَاحِدهَا. الحرّاني عَن ابْن السّكيت: السَمْع سِمْع الْإِنْسَان وَغَيره. وَيُقَال: قد ذهب سِمْعُ فلَان فِي النَّاس وصِيتُه أَي ذِكْره. قَالَ: والسِمْعُ أَيْضا: ولد الذِّئْب من الضَبُع. وَيُقَال: سِمْع أزَلّ. قَالَ: وَقَالَ الفرّاء: يُقَال: اللَّهُمَّ سِمْعٌ لَا بِلْغٌ وسَمْعٌ لَا بَلْغٌ وسَمْعاً لَا بَلْغاً وسِمْعاً لَا بِلْغاً مَعْنَاهُ: يُسْمَعُ وَلَا يَبْلغُ. قَالَ وَقَالَ الْكسَائي: إِذا سمع الرجل الْخَبَر لَا يُعجبهُ قَالَ: سِمْعٌ لَا بِلْغٌ وسَمْعٌ لَا بَلْغٌ أَي أسْمَعُ بالدواهي وَلَا تَبْلغني. اللَّيْث: السَمْع: الأُذُن وَهِي المِسْمَعَةُ. قَالَ: والمِسْمَعُ: خَرْقها. والسِمْعُ: مَا وَقَر فِيهَا من شَيْء تسمعه. وَيُقَال أَسَاءَ سَمْعاً فأساء جَابَة أَي لم يسمع حَسَناً. قَالَ وَتقول الْعَرَب: سَمِعَتْ أُذُنِي زيدا يفعل كَذَا أَي أبصرْتُه بعيني يفعل ذَاك. قلت: لَا أَدْرِي من أَيْن جَاءَ اللَّيْث بِهَذَا الْحَرْف، وَلَيْسَ من مَذَاهِب الْعَرَب أَن يَقُول الرجل: سَمِعَتْ أُذُنِي بِمَعْنى أبصرتْ عَيْني وَهُوَ عِنْدِي كَلَام فَاسد، وَلَا آمن أَن يكون ممّا ولّده أهل البِدَع والأهواء وَكَأَنَّهُ من كَلَام الجَهْميَّة وَقَالَ اللَّيْث: السّمَاعُ: اسْم مَا استلذَّت الأذنُ من صوتٍ حسنٍ. والسَمَاعُ أَيْضا مَا سَمِعْتَ بِهِ فشاع وتُكُلِّمَ بِهِ. والسَامِعَتَان: الأذنان من كل ذِي سَمْعٍ، وَمِنْه قَوْله:
وَسَامِعَتَانِ تعرف العِتْق فيهمَا
كَسَامِعَتَيْ شاةٍ بحَوْمَلِ مُفْرَدِ
والسَمِيعُ من صِفَات الله وأسمائه. وَهُوَ الَّذِي وسِعَ سَمْعُهُ كلّ شَيْء؛ كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: {} (المجادلة: 1) وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ} (الزخرف: 80) قلت: والعَجَب من قوم فسَّروا السَمِيع بِمَعْنى المُسْمِع، فِرَارًا من وصف الله بِأَن لَهُ سَمْعاً. وَقد ذكر الله الْفِعْل فِي غير مَوضِع من كِتَابه. فَهُوَ سَمِيعٌ: ذُو سَمْعٍ بِلَا تكييف وَلَا تَشْبِيه بالسميع من خَلْقه، وَلَا سَمْعُه كسمع خَلْقه، وَنحن نَصِفُهُ بِمَا وصف بِهِ نَفسه بِلَا تَحْدِيد وَلَا تكييف. وَلست أنكر فِي كَلَام الْعَرَب أَن يكون السَّمِيعُ سَامِعاً، وَيكون مُسمِعاً. وَقد قَالَ عَمْرو بن مَعْدِي كَرِبَ:
أمِنْ رَيْحَانَة الدَّاعِي السَّمِيعُ
يؤرِّقني وأصحابي هجوعُ
وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْت بِمَعْنى المُسْمِع، وَهُوَ شاذّ؛ وَالظَّاهِر الْأَكْثَر من كَلَام الْعَرَب أَن يكون السَّمِيع بِمَعْنى السَّامع، مثل عليم وعالم وقدير وقادر. ورجلٌ سَمَّاعٌ إِذا كَانَ كثير الِاسْتِمَاع لما يُقَال ويُنْطَق بِهِ. قَالَ الله جلّ وعزّ: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} (الْمَائِدَة: 42) وفُسِّرَ قَوْله: سَمَّاعُونَ للكذب على وَجْهَيْن أَحدهمَا: أَنهم يسمعُونَ لكَي يكذبوا فِيمَا سمعُوا.

(2/74)


وَيجوز أَن يكون مَعْنَاهُ: أَنهم يسمعُونَ الْكَذِب ليُشيعوه فِي النَّاس وَالله أعلم بِمَا أَرَادَهُ. عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: من أَسمَاء الْقَيْد المُسْمِعُ. وَأنْشد:
وَلِي مُسْمِعَانِ وَزَمَّارَةٌ
وظلٌّ ظليلٌ وحصْنٌ أَمَقْ
أَرَادَ بالزمّارة: السّاجور. وَكتب الحجّاج إِلَى عَامل لَهُ: أَن ابعثْ إليّ فلَانا مُسَمَّعاً مُزَمَّراً أَي مَقيَّداً مُسَوْجَراً. وَقَالَ الزجّاج: المِسْمَعَانِ جَانِبا الغَرْب. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المِسْمَعُ العُرْوة الَّتِي تكون فِي وسط المزادة. ووسط الغَرْب ليعتدل. أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر قَالَ: المِسْمَعَانِ: الخشبتان اللَّتَان تُدْخَلان فِي عُرْوتي الزَبِيل إِذا أخْرج بِهِ التُّرَاب من الْبِئْر، يُقَال مِنْهُ: أسمَعتُ الزَبِيل. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن أبي نصر عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: المِسْمَعُ عُرْوة فِي دَاخل الدَّلْو بإزائها عُرْوَة أُخْرَى، فَإِذا استَثقل الصبيُّ أَو الشَّيْخ أَن يَسْتَقِي بهَا جمعُوا بَين العُرْوتين وشدّوهما لتخفّ. وَأنْشد:
سألتُ زيدا بعد بَكْرٍ خُفَّا
والدَلْوُ قد تُسْمَعُ كَيْ تَخِفَّا
قَالَ: سَأَلَهُ بَكْراً من الْإِبِل فَلم يُعْطه، فَسَأَلَهُ خُفًّا أَي جَمَلاً مُسِنًّا. وَقَالَ آخر:
ونَعْدِلُ ذَا المَيْلِ إنْ رَامَنَا
كَمَا عُدِلَ الغَرْبُ بالمِسْمَعِ
وَسمعت بعض الْعَرَب يَقُول للرجلين اللَّذين ينزِعان المِشْئاة من الْبِئْر بترابها عِنْد احتفارها، أسْمِعَا المِشْئاة أَي أبيناها عَن جُول الرَكِيَّة وفمها. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} (الْبَقَرَة: 7) فَمَعْنَى خَتَمَ: طَبَعَ على قُلُوبهم بكفرهم، وهم كَانُوا يسمعُونَ ويبصرون، وَلَكنهُمْ لم يستعملوا هَذِه الحواسّ اسْتِعْمَالا يُجدي عَلَيْهِم؛ فصاروا كمن لم يسمع وَلم يبصر وَلم يعقل؛ كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
أصَمُّ عَمَّا سَاءَهُ سَمِيعُ
وَأما قَوْله: على سمعهم فَالْمُرَاد مِنْهُ على أسماعهم. وَفِيه ثَلَاثَة أوجه أَحدهَا: أَن السّمع بِمَعْنى الْمصدر، والمصدر يوحّد يُرَاد بِهِ الْجَمِيع. وَالثَّانِي أَن يكون الْمَعْنى على مَوَاضِع سمعهم، فحذفت الْمَوَاضِع كَمَا تَقول: هم عَدْلٌ أَي ذَوُو عَدْلٍ. وَالْوَجْه الثَّالِث: أَن يكون إِضَافَته السّمع إِلَيْهِم دَالا على أسماعهم؛ كَمَا قَالَ:
فِي حَلْقكم عَظْم وَقد شَجِينا
مَعْنَاهُ: فِي حلوقكم. وَمثله كثير فِي كَلَام الْعَرَب. ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (من سَمَّعَ النَّاس بِعَمَلِهِ سَمَّعَ الله بِهِ سَامِعُ خَلْقِه وحقّره وصغّره) . وَرَوَاهُ بَعضهم: أسَامِعَ خَلْقِه. قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: يُقَال سَمَّعْتَ بِالرجلِ تسميعاً إِذا ندَّدت بِهِ وشهَّرته وفضحته. قَالَ: ومَن روى سامعُ خَلْقِه فَهُوَ مَرْفُوع أَرَادَ: سَمَّعَ الله سامعُ خلقه بِهِ أَي فضحه. وَمن رَوَاهُ أسَامِع خلقه فَهُوَ مَنْصُوب، وأسَامِع جمع أسْمُع وَهُوَ جمع السَمْع، ثمَّ أسَامِعُ جمع الأَسْمُع. يُرِيد إِن الله ليسمع أسماع خلقه بِهَذَا الرجل يَوْم الْقِيَامَة. والسُمْعَةُ: مَا

(2/75)


سَمَّعْتَ بِهِ من طَعَام أَو غَيره رِيَاء. وسَمَّعْت بفلان فِي النَّاس إِذا نوَّهتَ بِذكرِهِ. وحدّثنا أَبُو الْقَاسِم بن مَنيع قَالَ: حدّثنا مُحَمَّد بن مَيْمُون قَالَ: حدّثنا سُفْيَان قَالَ: حَدثنَا الْوَلِيد بن حَرْب عَن سَلمة بن كُهَيل عَن جُنْدُب البَجَليّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (من سمَّع يسمّع الله بِهِ، وَمن يُراء يراءِ الله بِهِ) . زَاد هَذَا الْجُنَيْد عَن سُفْيَان بِإِسْنَادِهِ. أَبُو عبيد عَن أبي زيد فِي الْمُؤلف: شتَّرت بِهِ تشتيراً بِالتَّاءِ وندَّدت بِهِ وسمَّعت بِهِ وهجَّلت بِهِ إِذا أسمعته الْقَبِيح وشتمته. قَالَ الْأَزْهَرِي: من التسميع بِمَعْنى الشتم وإسماع الْقَبِيح قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من سمَّع يُسمِّع الله بِهِ) أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي أَو الْأمَوِي: السّمَعْمَعُ: الصغيرُ الرَّأْس. ورَوَى شمر عَن ابْن الْكَلْبِيّ أَن عَوَانَة حَدَّثه أَن الْمُغيرَة سَأَلَ ابْن لِسَان الحُمَّرة عَن النِّسَاء، فَقَالَ: النِّسَاء أَربع: فربيع مُرْبِع. وجَميعٌ تَجمع. وشيطانٌ سَمَعْمَع. ويروى سُمَّعَ، وغُلٌّ لَا يُخْلَع. قَالَ: فَسِّرْ. قَالَ: الرّبيع المُرْبِعُ: الشابَّة الجميلة، الَّتِي إِذا نظرْت إِلَيْهَا سرّتك، وَإِذا أَقْسَمت عَلَيْهَا أبَرّتك. وأمَّا الْجَمِيع الَّتِي تَجمع فالمرأة تَزَوَّجُها وَلَك نَشَبٌ وَلها نَشَبٌ فتجمع ذَلِك. وأمَّا الشَّيْطَان السَمَعْمَع فَهِيَ الكالحة فِي وَجهك إِذا دَخَلْتَ، المولولِة فِي أثرك إِذا خرجتَ. قَالَ شمر: وَقَالَ بَعضهم امْرَأَة سَمَعْمَعَة كَأَنَّهَا غُول. قَالَ: والشيطان الْخَبيث يُقَال لَهُ سَمَعْمَع. قَالَ: وَأما الغُلّ الَّذِي لَا يُخْلع فبنت عمك القصيرة الفوهاء، الدَمِيمة السَّوْدَاء، الَّتِي قد نَثَرتْ لَك ذَا بطنِها. فَإِن طلّقتها ضَاعَ ولدك، وَإِن أمسكْتها أمسكْتها على مثل جَدْع أَنْفك. وَقَالَ اللَّيْث: السَمَعْمَع من الرِّجَال: المنكمش الْمَاضِي. قَالَ: وغُولٌ سَمَعْمَعٌ وَامْرَأَة سَمَعْمَعةٌ كَأَنَّهَا غولٌ أَو ذئبةٌ. والمِسْمَعان الأذنان، يُقَال: إِنَّه لطويل المِسْمَعَين. وَقَالَ اللَّيْث: السميعان من أدوات الحرّاثين: عودان طويلان فِي المِقْرَن الَّذِي يُقْرن بِهِ الثَوْران لحراثة الأَرْض. وَقَالَ أَبُو عبيد عَن أبي زيد: امرأةٌ سُمْعُنَّة نُظْرُنَّة، وَهِي الَّتِي إِذا سَمِعتْ أَو تبصّرتْ فَلم تَرَ شَيْئا تظنَّتْ تَظَنِّياً أَي عمِلتْ بظنّ. قَالَ وَقَالَ الْأَحْمَر أَو غَيره: سِمْعَنَّةٌ نِظْرَنَّةٌ. وَأنْشد:
إنَّ لنا لكَنَّهْ مِعَنَّة
مِفَنَّهْ سِمْعَنَّةً نِظْرَنَّهْ
إلاَّ ترهْ تَظُنَّهْ
كالذئب وَسْطَ العُنَّهْ
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال فعلتُ ذَلِك تَسْمِعَتَكَ وتَسْمِعَةً لَك أَي لِتَسْمَعَهُ. وَفِي حَدِيث قَيْلَة أَن أُخْتهَا قَالَت: الويلُ لأختي، لَا تخبرها بِكَذَا فتخرجَ بَين سمع الأَرْض وبصرها. قَالَ أَبُو زيد: يُقَال خرج فلَان بَين سَمْعِ الأَرْض وبصرها إِذا لم يَدْرِ أَيْن يتوجَّه. وَقَالَ أَبُو عبيد: معنى قَوْلهَا: تخرج أُخْتِي مَعَه بَين سمع الأَرْض وبصرها: أَن الرجل يَخْلُو بهَا لَيْسَ مَعهَا أحد يسمع كَلَامهَا أَو يبصرها إلاّ الأَرْض القَفْر، لَيْسَ أَن الأَرْض لَهَا سَمْع وَلكنهَا وَكّدت الشناعة فِي خلوتها بِالرجلِ الَّذِي صحبها. وَقيل مَعْنَاهُ: أَن تخرج بَين سَمْع أهل الأَرْض

(2/76)


وأبصارهم، فحذفت الْأَهْل كَقَوْل الله جلّ وعزّ: {وَاسْئَلِ الْقَرْيَةَ} (يُوسُف: 82) أَي أَهلهَا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال لقِيته يمشي بَين سَمْع الأَرْض وبصرها أَي بأرضٍ خلاءٍ مَا بهَا أحد. قلت: وَهَذَا يقرب من قَول أبي عبيد، وَهُوَ صَحِيح. وَقَالَ بَعضهم: غولٌ سُمَّعٌ: خَفِيف الرَّأْس. وَأنْشد شمر الْبَيْت:
فَلَيْسَتْ بِإِنْسَان فينفعَ عقلُه
وَلكنهَا غولٌ من الجنّ سُمَّعُ
والسَمَعْمَع والسَمْسَام من الرِّجَال: الدَّقِيق الطَّوِيل. وامرأةٌ سَمَعْمَعة سَمْسامة. وَأنْشد غَيره:
وَيْلٌ لأجمال الْعَجُوز مِنِّي
إِذا دنوتُ ودَنَوْنَ مِنِّي
كأنني سَمَعْمَع من جِنّ
وأمّ السَمْعِ وأمّ السَّمِيعِ: الدِّمَاغ. قَالَ:
نَقَبْنَ الحَرّة السَّوْدَاء عَنْهُم
كنقب الرَّأْس عَن أُمّ السَمِيعِ
ويُقال فِي التَّشْبِيه: هُوَ أَسْمَعُ من الْفرس والقُرَاد وفرخ العُقاب والقُنْفُذ.
معس: أهمله اللَّيْث. وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرَّ على أَسمَاء بنت عُمَيس وَهِي تَمعَسُ إهاباً لَهَا. تَمْعَسُ أَي تَدْبُغ. وأصل المَعسْ: الدَّلْك للجِلْد بعد إِدْخَاله فِي الدِبَاغ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ الْأَصْمَعِي: بعثت امْرَأَة من الْعَرَب بِنْتا لَهَا إِلَى جارتها: أَن ابعثي إِلَيّ بنَفْسٍ أَو نَفْسَيْنِ من الدّباغ أمعَسُ بِهِ مَنِيئتي فَإِنِّي أفِدَةٌ. والمَنِيئَة المَدْبغة. والنَفْسُ: قَدْر مَا يُدْبَغ بِهِ من ورق القَرَظ أَو الأرْطَى. وأنشدني الْمُنْذِرِيّ وَذكر أَن الْعَبَّاس أخبرهُ عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشدهُ:
يُخْرِجُ بَين الناب والضُرُوس
حمراءَ كالمنيئة المَعُوسِ
أَرَادَ: شِقْشِقة حَمْرَاء، شبّهها بالمنيئة المحرّكة فِي الدّباغ.
وَقَالَ آخر:
وصاحبٍ يَمْتَعِسُ امْتِعَاساً
والمَعْسُ: النِّكَاح، وَأَصله الدَّلْك: قَالَ الراجز:
فشِمْتُ فِيهَا كعمود الحِبْسِ
أمْعَسُهَا يَا صاحِ أيّ مَعْسِ
وَالرجل يَمْتَعِسُ أَي يمكّن استه من الأَرْض ويُحرّكها عَلَيْهِ.
مسع: أهمله اللَّيْث. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المَسْعِيُّ من الرِّجَال: الْكثير السيرِ القويّ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد قَالَ الأصمعيّ: يُقَال للشمَال: نِسْع ومِسْعٌ.