تهذيب اللغة

(أَبْوَاب الْعين والظاء)
ع ظ ذ ع ظ ث
مهملان.

(بَاب الْعين والظاء مَعَ الرَّاء)
ع ظ ر
اسْتعْمل مِنْهُ: عظر، رعظ.
عظر: أَبُو عبيد عَن أبي الجرّاح قَالَ: إِذا كَظَّ الرجلَ شُرْبُ المَاء وثقُل فِي جَوفه فَذَلِك الإعظار، وَقد أعظرني الشرابُ. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: العِظَار: الامتلاء من الشَّرَاب. وَقَالَ شمر: العَظَارِيّ: ذُكُور الْجَرَاد. وَأنْشد:
غَدا كالعَمَلَّس فِي حُذْله
رُؤُوس العَظَاري كالعُنْجُد
والعملَّس: الذِّئْب، وحُذْله: حُجْزة إزَاره، والعُنْجُد: الزَّبِيب. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العُظرُ جمع عَظُور، وَهُوَ الممتلىء من أيّ الشَّرَاب كَانَ. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: العِظْير: الْقصير من الرِّجَال. وَقَالَ الأصمعيّ: العِظْير: القويّ الغليظ، وَأنْشد:
تُطَلِّح العظير ذَا اللَوْتِ الضَبِث
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: العِظْير: الكَزَ الغليظ.
رعظ: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الرُعْظ: مَدْخَل النَصْل فِي السهْم، وَجمعه أرعاظ. وَمن أَمْثَال الْعَرَب: إِن فلَانا ليكسِر عَلَيْك أرعاظ النَبْل، يضْرب للرجل الَّذِي يشتدّ غَضَبه. وَقد فسّر على وَجْهَيْن. أَحدهمَا أَنه أَخذ سَهْما وَهُوَ غَضْبَان شَدِيد الْغَضَب فَكَانَ يَنْكُت بنصله الأَرْض وَهُوَ واجم نَكْتاً شَدِيدا حَتَّى انْكَسَرَ رُعْظ السهْم. وَالْقَوْل الثَّانِي أَنه مثل قَوْلهم: إِنَّه ليَحْرِق عَلَيْك الأُرَّم أَي الْأَسْنَان، أَرَادوا أَنه كانَ يَصْرِف بأنيابه من شدَّة غَضَبه حَتَّى عَنِتَت أسناخُها من شدَّة الصَرِيف، شبّه مدَاخِل الأنياب ومنابتها مدَاخِل النِصال من النبال. وَقَالَ أَبُو خَيرة: سهم مرعوظ، وَصفه بالضعف وَقَالَ اللَّيْث: الرُعْظ: الَّذِي يُدخل فِيهِ سِنْخ النصل. وَأنْشد:

(2/177)


يَرْمي إِذا مَا سَدَّد الأرعاظا
على قسيّ حُرْبظت حِرباظا
وَسَهْم مرعوظ إِذا انْكَسَرَ رُعْظُه فشُدّ بالعَقَب فَوْقه، وَذَلِكَ العَقَب يسمَّى الرِصَاف.

(بَاب الْعين والظاء مَعَ اللَّام)
ع ظ ل
اسْتعْمل من وجوههن: عظل، ظلع، لعظ.
عظل: رُوِيَ عَن عمر بن الخطّاب أَنه قَالَ لقوم من الْعَرَب: أشعر شعرائكم مَن لم يعاظل الْكَلَام وَلم يتّبع حُوشِيّه. قَوْله: لم يعاظل الْكَلَام أَي لم يَحمل بعضه على بعض، وَلم يتكلّم بالرَجِيع من القَوْل وَلم يكرّر اللَّفْظ وَالْمعْنَى. وحُوشيِّ الْكَلَام: وَحْشِيّه وغريبه. وَمن أيّام الْعَرَب الْمَعْرُوفَة يَوْم العَظَالَى وَهُوَ يَوْم مَعْرُوف.
وَيُقَال أَيْضا: يَوْم العَظَالَى، سمي الْيَوْم بِهِ لركوب النَّاس فِيهِ بعضهِم بَعْضًا.
وَقَالَ الأصمعيّ: ركب فِيهِ الثَّلَاثَة والاثنان الدابَّة الْوَاحِدَة. وتعظّل الْقَوْم على فلَان إِذا تركَّبوا عَلَيْهِ يضربونه.
وَقَالَ اللَّيْث: عَظَل الْجَرَاد وَالْكلاب كل مَا يلازم فِي السِفاد، وَالِاسْم العِظَال؛ وَأنْشد:
كلاب تَعَاظَلُ سودُ الفِقَا
حِ لم تحم شَيْئا وَلم تصطد
قَالَ: وجَرَاد عَظْلَى: متعاظلات؛ وَأنْشد:
يَا أمَ عَمْرو أَبْشِرِي بالبُشْرَى
موتٌ ذَرِيعٌ وجَرَاد عَظْلَى
قلت: أَرَادَ أَن يَقُول: يَا أم عَامر فَلم يستقم الْبَيْت فَقَالَ: يَا أمّ عَمْرو. وَأم عَامر: كُنْية الضبَعُ، وَالْعرب تضرب بهَا المَثَل فِي الحُمْق. وَيَجِيء الرِّجَال إِلَى وِجارها فيسُدّ فَمه بعد مَا يدْخلهُ لِئَلَّا ترى الضَّوْء، فتَحمل الضبْع عَلَيْهِ، فَيَقُول لَهَا: خامري أم عَامر، أَبْشِرِي بِرِجَال قَتْلَى، وجَرَاد عَظْلَى، فتذِلّ لَهُ، حَتَّى يَكْعَمها، ثمَّ يجرّها ويستخرجها. وتعاظلت الجرادُ إِذا تسافدت. وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: سَفَد السَبُع وعاظل. قَالَ: والسِباع كلّها تُعاظل. وَالْجَرَاد والعظاء تعاظل وَيُقَال: تعاظلت السبَاع وتشابكت. قَالَ: والعُظُل: هُوَ المجبوسون، مَأْخُوذ من المعاظلة. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال: رَأَيْت الْجَرَاد رُدَافَى ورُكَابَى وعُظَالَى إِذا اعتظلت. وَذَلِكَ أَن ترى أَرْبَعَة وَخَمْسَة قد ارتدفت.
ظلع: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: الظالع: المتَّهَم. قَالَ: وَمِنْه قَوْله:
ظَالِم الرب ظلع
قلت: هَذَا بالظاء لَا غير. وَأما الضالع بالضاد فَهُوَ المائل، وَقد ضَلَع يَضْلَع. وَيُقَال: ضَلْعك مَعَ فلَان أَي مَيْلك مَعَه. وَأَخْبرنِي أَبُو الْفضل المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: يُقَال: ارْقَ على ظَلْعك، فَيَقُول: رقِيت رُقِيّاً. وَيُقَال: ارقأ على ظَلْعك بِالْهَمْزَةِ فَيَقُول: رقأت، وَمَعْنَاهُ: أَصلِحْ أَمرك أوّلاً. وَيُقَال: قِ على ظَلْعك، فَيُجِيبهُ: وَقَيت، أقِي، وقيّاً. وروى ابْن هانىء عَن

(2/178)


أبي زيد: تَقول الْعَرَب: اقْأ على ظَلْعك، أَي كُفّ فَإِنِّي عَالم بمساويك. وَفِي (النَّوَادِر) : فلَان يرقأ على ظَلْعه أَي يسكت على دائه وعيبه. وَقَالَ ابْن المظفر: الظَلْع كالغَمْز، وَقد ظَلَع فِي مَشْيه، يظْلَع، ظَلْعاً وَقَالَ كثير:
وكنتُ كذات الظَلْع لمّا تحاملت
على ظَلْعها يَوْم العِثَار استقلَّت
وَيُقَال: هَذِه دابَّة ظالع وبِرْذون ظالع، بِغَيْر هَاء فيهمَا. ورَوَى أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ فِي بَاب تَأْخِير الْحَاجة ثمَّ قَضَائهَا فِي آخر وَقتهَا: من أمثالهم فِي هَذَا: إِذا نَام ظالع الْكلاب، قَالَ: وَذَلِكَ أَن الظالع مِنْهَا لَا يقدر أَن يعاظِل مَعَ صِحاحها لضَعْفه، فَهُوَ يؤخّر ذَلِك وينتظر فرَاغ آخرهَا فَلَا ينَام، حَتَّى إِذا لم يبْق مِنْهَا شَيْء سَفَد حينئذٍ ثمَّ ينَام. وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن شُمَيْل فِي كتاب (الْحُرُوف) . وَقَالَ ثَابت بن أبي ثَابت فِي كتاب (الفروق) : من أَمْثَال الْعَرَب: إِذا نَام ظالع الْكلاب، وَلَا أفعل ذَلِك حَتَّى ينَام ظالع الْكلاب. قَالَ: والظالع من الْكلاب: الصَّارِف. يُقَال صَرَفَت الكلبة وظلعت وأجعلت واستطارت إِذا اشتهت الْفَحْل. قَالَ: والظالع من الْكلاب لَا تنام، فَتضْرب مَثَلاً للمهتم بأَمْره الَّذِي لَا ينَام عَنهُ وَلَا يهمله.
وَأنْشد خَالِد بن يزِيد قَول الحطيئة يُخَاطب خيال امْرَأَة طَرَقَه:
تسدّيتِنا من بعد مَا نَام ظالع ال
كلاب وأخبى نارَه كلُّ موقِد
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: قَالَ بَعضهم: ظالع الْكلاب: الكلبة الصَّارِف، يُقَال: ظَلَعت الكلبة وصَرَفت، لِأَن الذُّكُور يتبعْنها وَلَا يدعْنها تنام، حَكَاهُ عَن ابْن الأعرابيّ. قَالَ: وَقَالَ غَيره: ظالع الْكلاب: الَّذِي ينتظرها أَن تسفِد ثمَّ يسفد بعْدهَا. قَالَ الْأَزْهَرِي: وَالْقَوْل مَا قَالَه الأصمعيّ فِي ظالع الْكلاب، وَهُوَ الَّذِي أَصَابَهُ ظَلْع أَي غَمْز فِي قوائمه فضعف عَن السِفَاد مَعَ الْكلاب. قَالَ: وَقَوله: ارقَأ على ظلعك أَي تصعّد فِي الْجَبَل وَأَنت تعلم أَنَّك ظالع، لَا تجهدْ نَفسك.
لعظ: قَالَ ابْن المظفر: يُقَال: هَذِه جَارِيَة ملعّظة إِذا كَانَت سَمِينَة طَوِيلَة. قلت: وَلم أسمع هَذَا الْحَرْف مُسْتَعْملا فِي كَلَام الْعَرَب لغيره، وَأَرْجُو أَن يكون ضَبطه.

(بَاب الْعين والظاء مَعَ النُّون)
ع ظ ن)
عظن، عنظ، ظعن، نعظ: مستعملة.
عظن: أهمله اللَّيْث: وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: أعظن الرجل إِذا غَلُظ جِسمه. قَالَ وأنعظ إِذا اشْتهى الْجِمَاع. وَلَا أحفظ أعظن لغير ابْن الأعرابيّ. وَهُوَ ثِقَة مَأْمُون.
عنظ: قَالَ ابْن المظفّر: العُنْظُوان: نَبْت. قَالَ: ونونه زَائِدَة، إِذا استكثر مِنْهُ الْبَعِير وَجِع بَطْنُه. قَالَ: وأصل الْكَلِمَة عين وظاء وواو. قَالَ: والعُنْظُوانة: الجرادة الْأُنْثَى. والعُنْظُب: الذّكر. وروى أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء أَنه قَالَ: العُنْظُوان: الْفَاحِش من الرِّجَال، وَالْمَرْأَة عُنْظُوانة.

(2/179)


قلت: وَيُقَال للرجل البَذِيء والفاحش: إِنَّه لعِنْظِيان، وَالْمَرْأَة: عِنْظِيانة. وَمثله رجل خِنْظِيان وَامْرَأَة خِنْظِيانة، وَهُوَ يُعَنْظِي ويُخَنْذِي ويُخَنظى. وَقَالَ الراجز يصف امْرَأَة:
باتت تعنظي بِكَ سَمْع الْحَاضِر
أَي تُسمِّع بكِ وتفضحك بشنيع الْكَلَام بمَسْمع من الْحَاضِر. والعُنْظُوان: ضرب من الحَمْض مَعْرُوف يشبه الرِمْث غير أَن الرمث أسبط مِنْهُ وَرقا وأمرأ، وأنجع للنَعَم. وعُنْظُوان: مَاء لبني تَمِيم مَعْرُوف.
ظعن: الحرّانيّ عَن ابْن السّكيت: يُقَال: هَذَا جمل تَظَّعِنه المرأةُ أَي تركبه فِي سفرها وَفِي يَوْم ظَعْنها. وَقَالَ الله عزَّ وجلَّ: {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} (النّحل: 80) وقرىء: (ظَعَنِكم) . والظَعْنُ: سير الْبَادِيَة لنُجْعة أَو حُضُور مَاء أَو طلب مَرْتَع أَو تحوّل من مَاء إِلَى مَاء أَو من بلد إِلَى بلد. وَقد ظَعَنوا يَظْعَنون. وَقد يُقَال لكل شاخص لسفر فِي حجّ أَو غَزْو أَو مسير من مَدِينَة إِلَى أُخْرَى: ظاعِن، وَهُوَ ضدّ الْخَافِض، يُقَال: أظاعن أَنْت أم مُقيم؟ وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الظعنة: السَفْرة القصيرة. أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: الظَعُون: الْبَعِير الَّذِي يُعتمل فيُحمل عَلَيْهِ. قَالَ: والظِعَان: الْحَبل الَّذِي يشدّ بِهِ الحِمْل. أَبُو عبيد عَن أبي زيد قَالَ: الظعائن: هِيَ الهوادج، كَانَ فِيهَا نسَاء أَو لم يكن، الْوَاحِدَة ظَعِينة، قَالَ: وَإِنَّمَا سمّيت النِّسَاء ظعائن لأنهنّ يكنّ فِي الهوادج. وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ أَبُو عَمْرو يُقَال للبعير الَّذِي تركبه الظعينةُ الظَعُون. قَالَ: والظِعَان: النِسْعة الَّتِي يُشدّ بهَا الهوادج. قَالَ: والظعائن: النِّسَاء فِي الهوادج. أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: ظعينته وزوجه وقعيدته وعِرْسه. وَقَالَ اللَّيْث: الظعينة: الْمَرْأَة لِأَنَّهَا تَظْعن إِذا ظعن زَوجهَا وتقيم بإقامته. قَالَ: وَيُقَال هُوَ الْجمل الَّذِي يُركب، وَتسَمى الْمَرْأَة ظَعِينَة لِأَنَّهَا تركبه. قَالَ: وَأكْثر مَا يُقَال الظعينة للْمَرْأَة الراكبة. وَأنْشد قَوْله:
تبصر خليلي هَل ترى من ظعائن
لمية أَمْثَال النخيل المخارف
قَالَ: شبَّه الْجمال عَلَيْهَا هوادج النِّسَاء بالنخيل. قَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: هَذَا جَمَل تظَّعِنه الْمَرْأَة أَي تركبه يَوْم ظعنها مَعَ حَيّها.
نعظ: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نعَظ ذَكَر الرجل يَنْعَظ نَعْظاً ونُعُوظاً؛ وأنعظ الرجل إنعاظاً، وأنعظت الْمَرْأَة إنعاظاً إِذا اهتاجت. قَالَ: وإنعاظ الرجل: انتشار ذَكرِه. وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة:
إِذا عَرِق المهقوع بِالْمَرْءِ أنعظت
حليلتُه وازداد رَشْحاً عجانُها
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أنعظ الرجل إِذا اشْتهى الْجِمَاع، وأنعظت الْمَرْأَة إِذا اشتهت أَن تُجامَع وَقَالَ أَبُو عُبيدة: إِذا فتحت الْفرس ظَبْيَتها وقبضَتْها واشتهت أَن يضْربهَا الحِصان قيل: انتعظت انتعاظاً.

(بَاب الْعين والظاء مَعَ الْفَاء)

(2/180)


ع ظ ف
اسْتعْمل من وجوهه: فظع.
فظع: قَالَ ابْن المظفر: فَظُع الأَمرُ يفظُع فَظَاعة فَهُوَ فَظِيع. وَقد أفظعني هَذَا الأمرُ وفَظِعت بِهِ. واستفظعته إِذا رأيتَه فظيعاً، وأفظعته كَذَلِك. قَالَ: وأَفْظع الأمرُ فَهُوَ مُفْظِع.
وَقَالَ أَبُو زيد: فظِعت بِالْأَمر أفظَع بِهِ فَظَاعة إِذا هَالَك وغلبك فَلم تثِق بِأَن تُطِيعهُ. وَقَالَ أَبُو وَجْزة:
ترى العِلاَفيّ مِنْهَا موفِداً فظِعاً
إِذا احزألَّ بِهِ من ظهرهَا فِقَر
قَالَ: فظِعاً أَي ملآن، وَقد فَظِع يَفْظَع فَظَعاً إِذا امْتَلَأَ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المَاء الفَظِيع: هُوَ المَاء الصافي الزُلاَل، وضده المُضَاض وَهُوَ الشَّديد الملوحة.

(بَاب الْعين والظاء مَعَ الْبَاء)
ع ظ ب
اسْتعْمل من وجوهه: عظب.
عظب: قَالَ اللَّيْث: عَظَب الطائرُ، وَهُوَ يَعْظِب عَظْباً، وَهُوَ سرعَة تَحْرِيك الزِمِكيّ. وَرَوَاهُ أَبُو تُرَاب للأصمعي: حَظَب على الْعَمَل وعَظَب إِذا مَرَن عَلَيْهِ. وَقَالَ: وَقَالَ أَبُو نصر: عَظَبت يدُه إِذا غلظت على الْعَمَل. قَالَ: وعَظَب جِلدُه إِذا يبِس.
وَقَالَ عُثْمَان الْجَعْفَرِي: إِن فلَانا لحسن العُظُوب على الْمُصِيبَة إِذا نزلت بِهِ يَعْنِي أَنه حسن التبصّر جميل العَزَاء.
وَقَالَ مبتكر الْأَعرَابِي: عَظَب فلَان على مالِه وَهُوَ عاظب إِذا كَانَ قَائِما عَلَيْهِ؛ وَقد حَسُن عُظُوبه عَلَيْهِ. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العَظُوب: السمين. يُقَال: عَظِب يَعْظَب عَظْباً إِذا سمِن.
وَفِي (النَّوَادِر) : كنت الْعَام عَظِباً وعاظباً وعذياً وشظفاً وصاملاً وشذياً وشذباً، وَهُوَ كُله نُزُوله الفلاةَ ومواضعَ اليبس.

(بَاب الْعين والظاء مَعَ الْمِيم)
ع ظ م
اسْتعْمل من وجوهه: عظم، مظع.
عظم: قَالَ الله عزَّ وجلَّ: {فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً} (الْمُؤْمِنُونَ: 14) وَيقْرَأ: (فكسونا الْعظم لَحْمًا) والتوحيد وَالْجمع هَهُنَا جائزان؛ لِأَنَّهُ يعلم أَن الْإِنْسَان ذُو عِظَام، فَإِذا وحّد فَلِأَنَّهُ يدلّ على الْجمع، وَلِأَن مَعَه اللَّحْم لَفظه لفظ الْوَاحِد. وَقد يجوز من التَّوْحِيد إِذا كَانَ فِي الْكَلَام دَلِيل على الْجمع مَا هُوَ أشدَّ من هَذَا قَالَ الراجز:
فِي حَلْقكم عَظْم وَقد شَجِينا
يُرِيد: فِي حلوقكم عِظَام.
وَقَالَ عزَّ وجلَّ: {وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحىِ الْعِظَامَ} (يس: 78) قَالَ: (الْعِظَام) وَهِي جمع ثمَّ قَالَ: (رَمِيم) فَوحد. وَفِيه قَولَانِ؛ أَحدهمَا: أَن الْعِظَام وَإِن كَانَت جمعا فبناؤها بِنَاء الْوَاحِد لِأَنَّهَا على بِنَاء جِدار وَكتاب وجِراب وَمَا أشبههَا، فَوحد النَّعْت للفظ؛ وَقَالَ الشَّاعِر:
يَا عَمْرو جِيرَانكُمْ باكرُ
فالقلب لَا لاه وَلَا صابرُ

(2/181)


وَالْجِيرَان جمع جَار، والباكر نعت للْوَاحِد وَجَاز ذَلِك لِأَن الجِيران لم يُبن بناءُ الْجمع، وَهُوَ على بِنَاء عِرفان وسِرْحان وَمَا أشبهه. وَالْقَوْل الثَّانِي أَن الرميم فعيل بِمَعْنى مرموم، وَذَلِكَ أَن الْإِبِل تَرُمّ الْعِظَام أَي تَقْضُمها وتأكلها، فَهِيَ رِمَّة ومرمومة ورَميم. وَيجوز أَن يكون رَمِيم من رمَّ العظمُ إِذا بَلِيَ يرِمَّ فَهُوَ رامّ ورميم أَي بَال. وَمن صِفَات الله عزّ وجلّ العليّ الْعَظِيم، ويسبّح العَبْد رَبَّه فَيَقُول: سُبْحَانَ ربّي الْعَظِيم.
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أمّا الرُّكُوع فَعَظمُوا فِيهِ الربّ) أَي اجعلوه فِي أَنفسكُم ذَا عَظمَة وعَظَمة الله لَا تكيف وَلَا تُحَدّ وَلَا تمثَّل بِشَيْء. وَيجب على الْعباد أَن يعلمُوا أَنه عَظِيم كَمَا وصف نفسَه وَفَوق ذَلِك بِلَا كيفيَّة وَلَا تَحْدِيد. وعَظَمة الذِّرَاع: مَستغلَظها.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: عَظَمة اللِّسَان: مستغلَظه فَوق العَكَدة، قَالَ: وعَكَدته: أَصله. وَإِن لفُلَان عَظَمة عِنْد النَّاس أَي حُرْمة يعَّظم لَهَا. وَله معاظم مثله. وَقَالَ مرقّش:
وَالْخَال لَهُ معاظم وحُرَمْ
وَإنَّهُ لعَظيم المَعَاظِم أَي عَظِيم الحُرْمة. وَيُقَال: عظُم يعظُم عِظَماً فَهُوَ عَظِيم. وَأما عَظْم اللَّحْم فبتسكين الظَّاء، يجمع عِظاماً وعِظَامة. وَقَالَ الراجز:
وَيْلٌ لبُعْران أبي نعامَهْ
مِنْك وَمن شَفْرتك الهُذَامَهْ
إِذا ابتركت فحفرت قامَهْ
ثمَّ نثرت الفَرْث والعِظَامَهْ
وَمثله الفِحالة والذِكارة وَالْحِجَارَة والنِقَادة جمع النَقَد والجِمَالة جمع الجَمَل؛ قَالَ الله: {كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ} (المُرسَلات: 33) هِيَ جمع جمالة وجمال.
وَقَالَ اللَّيْث: العَظَمة: التعظّم والنّخْوة والزَهْو.
قلت: أمَّا عَظمَة الله فَلَا تُوصَف بِمَا وصفهَا بِهِ اللَّيْث. وَإِذا وُصف العَبْد بالعَظَمة فَهُوَ ذَمّ؛ لِأَن العظمة فِي الْحَقِيقَة لله عزَّ وجلَّ، وأمَّا عَظمَة العَبْد فَهُوَ كِبْره المذموم وتجبُّره. وعُظْم الشَّيْء ومُعظمه: جُلّه وأكبره.
قَالَ ابْن السّكيت: الْعَرَب تَقول: عَظُم الْبَطن بطنُك، وعَظْم الْبَطن بَطْنك بتَخْفِيف الظَّاء، وعُظْم الْبَطن بَطْنك، يسكّنون الظَّاء وينقلون ضمّتها إِلَى الْعين، وَإِنَّمَا يكون النَّقْل فِيمَا كَانَ مدحاً أَو ذمّاً.
وَقَالَ اللَّيْث: استعظمت الْأَمر إِذا أنكرته يُقَال والعَظِمية: المُلِمَّة إِذا أعضلت. قَالَ: وَيُقَال: لَا يتعاظمني مَا أتيت إِلَيْك من عَظِيم العظِيمة. وَسمعت خَبرا فأعظمته.
قَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: أَصَابَنَا مَطَر لَا يتعاظمه شَيْء أَي لَا يعظم عِنْده شَيْء.
وَقَالَ اللحيانيّ: يُقَال: أعظمني مَا قلتَ لي أَي هالني وعَظُم عليّ. وَيُقَال: مايُعْظِمني أَن أفعل ذَاك أَي مَا يَهُولني، ورماه بمُعْظِم أَي بعَظيم، وَقد أعظم الأمرُ فَهُوَ مُعْظِم وَالْعَظَمَة: مَا يَلِي الْمرْفق من مستغلظ الذِّرَاع وَفِيه العضلة. والعَضَلة، وَالنّصف الآخر الَّذِي يَلِي الكفّ يُقَال لَهُ الأسَلة وَدخل فِي عُظْم النَّاس وعَظْمهم

(2/182)


أَي فِي مُعْظَمهم.
قلت: وَيُقَال: تعاظمني الْأَمر وتعاظمته إِذا استعظمته. وَهَذَا كَمَا يُقَال: تهيَّبني الشَّيْء وتهيَّبته.
أَبُو عبيد عَن الفرّاء قَالَ العُظْمة، شَيْء تعظَّم بِهِ الْمَرْأَة رِدْفها من مِرْفقة وَغَيرهَا. وَهَذَا فِي كَلَام بني أسَد، وَغَيرهم يَقُول: العِظَامة بِكَسْر الْعين.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: عَظْم الرجْل: خَشَبة بِلَا أَنساع وَلَا أَدَاة. وَذُو عظم: عِرْض من أَعْرَاض خَيْبَر، فِيهِ عُيُون جَارِيَة ونخيل عامرة وعَظَمات الْقَوْم. سادتهم وذوو شرفهم. وَوصف الله عَذَاب النَّار فَقَالَ: {عَذَابٌ عَظِيمٌ} (البَقَرَة: 114) وَكَذَلِكَ الْعَذَاب فِي الدُّنْيَا، وَوصف كيد النِّسَاء، فَقَالَ: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} (يُوسُف: 28) . وَهَذَا على الاستفظاع لَهُ. وَالله أعلم.
مظع: اللَّيْث: المُظْعة: بقيَّة من الْكلأ.
قَالَ: وَالرِّيح تُمظّع الْخَشَبَة حَتَّى تستخرج نُدُوَّته.
وَقَالَ غَيره: مَظَعْت الْخَشَبَة إِذا قطعتها رَطْبة ثمَّ وَضَعتهَا بلِحَائها فِي الشَّمْس حَتَّى تتشرب ماءها، ويُترك لِحَاؤها عَلَيْهَا لِئَلَّا يتصدَّع ويتشقَق. وَقَالَ أَوْس بن حَجَر يصف رجلا قطع شَجَرَة يتَّخِذ مِنْهَا قوساً:
فمظَّعها حَوْلَيْنِ ماءَ لحائها
تُعالَى على ظهر العَرِيش وتُنزَلُ
أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال للرجل إِذا روَّى دسَمَ الثَّرِيد: قد روّغه ومرَّغه ومظّعه ومَرْطله وسَغْبله.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: مظَّع فلَان وَتَره تمظيعاً إِذا ملَّسه ويَبّسه. وَكَذَلِكَ الْخَشَبَة. وَلَقَد تمظَّع فلَان مَا عنْدك أَي تلحَّسه كُله. الْأَصْمَعِي: فلَان يتمظَّع الظِلّ أَي يتتبَّعه من مَوضِع إِلَى مَوضِع.