تهذيب اللغة (أَبْوَاب الْحَاء وَالْجِيم)
ح ج ش
شحج، جحش: (مستعملات) .
شحج: قَالَ اللَّيْث: الشِّحيجُ: صَوت البغلِ وبعضُ أصوات الحِمار
تَقول: شَحَجَ البغلُ يَشْحَجُ شَحِيجاً، والغُراب يَشْحَجُ شَحَجاناً،
وَهُوَ ترجِيعُه الصَّوتَ فَإِذا مَدَّ رَأسه قلت: نَعَب. وَيُقَال
للبِغال: بنَاتُ شاحِجٍ وَبَنَات شحَّاج، وَيُقَال لحِمار الْوَحْش:
مِشْحَج وشَحَّاج. وَقَالَ لَبِيد:
(4/72)
فَهُوَ شَحَّاجٌ مُدِلٌّ سَنِق
لَاحق البَطْنِ إِذا يَعْدُو زَمَل
وَقَالَ غَيره: يُقَال للعربان: مُسْتَشْحَجَات ومُسْتَشْحِجَات
بِفَتْح الْحَاء وَكسرهَا. قَالَ ذُو الرُّمَّة:
ومُسْتَشْحَجاتٍ بالفِراقِ كأنّها
مَثَاكِيلُ من صُيَّابَةِ النُّوبِ نُوَّحُ
وَهُوَ الشُّحَاجُ والشَّحِيجُ، والنُّهاقُ والنَّهِيقُ.
جحش: اللَّيْث: الجَحْشُ: من أَوْلَاد الْحمار كالمُهْرِ من الخَيْل
والجميعُ الجِحَاش، وَالْعدَد جِحَشَة. الْأَصْمَعِي: الجَحْشُ: من
أَوْلَاد الحَمِير من حِين تَضَعُه أُمُّه إِلَى أَن يُفْطَمَ من
الرَّضاع، فَإِذا اسْتكْمل الحَوْلَ فَهُوَ تَوْلَب. وَقَالَ اللَّيْث:
الجَحْشَةُ يَتَّخِذُها الرَّاعي من صُوفة كالحَلْقة يُلقيها فِي يَده
ليَغْزِلها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجَحْشَةُ: الحَلْقَةُ من الوَبَر
تكون فِي يَدِ الرَّاعي يَغْزِلُ مِنْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الجِحاشُ: مُدَافَعَة الْإِنْسَان الشَّيْء عَن
نَفسه وَعَن غَيره. وَقَالَ غَيره: هُوَ الجِحاشُ والجِحاسُ، وَقد
جاحَشَه وجاحَسَه مُجاحَشَةً ومْجاحَسَةً إِذا قاتَلَه.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه سَقَطَ من فرس
فجُحِش شِقُّه. قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْكسَائي فِي (جَحَش) :
هُوَ أَن يُصِيبَه شَيْء فَيَنْسَحِج مِنْهُ جلدُه وَهُوَ كالخَدْش أَو
أَكْبَر من ذَلِك. يُقَال: جُحِش يُجْحَشُ فَهُوَ مَجْحُوش.
وَقَالَ ابْن الفَرَج: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الجَحْش: الجِهادُ،
قَالَ: وتُحوَّل الشين سِيناً، وَأنْشد:
يَوْمًا تَرَانا فِي عِراكِ الجَحْشِ
نَنْبُو بأجْلالِ الأُمُور الرُّبْشِ
أَي الدَّوَاهِي الْعِظَام.
والجَحْيش: الفريد. يُقَال: نزل فُلاَنٌ جَحِيشاً إِذا نزل حَرِيداً
فريدا.
وَقَالَ شمر: الجَحِيشُ: الشِّقّ والنَّاحيةُ، يُقَال: نَزَل فلَان
الجَحيشَ. قَالَ الْأَعْشَى:
إِذا نَزَل الحَيُّ حَلَّ الجَحِيشُ
شَقِيّاً مُبِيناً غَوِيّاً غَيُورا
قَالَ: وَيكون الرجل مَجْحُوشا إِذا أُصيب شِقُّه مُشْتَقّاً من هَذَا.
قَالَ: وَلَا يكون الجَحْشُ فِي الْوَجْه وَلَا فِي الْبدن، وَأنْشد:
لجارتنا الجَنْبُ الجَحِيشُ وَلَا يُرَى
لجارَتِنَا منا أخٌ وصَدِيقُ
وَقَالَ الآخر:
إِذا الضَّيْفُ أَلْقَى نَعْلَه عَن شمَالِه
جَحِيشاً وصَلَّى النارَ حَقّاً مُلَثَّما
قَالَ: جَحِيشا أَي جانباً بَعيدا.
ح ج ض
اسْتعْمل من وجوهه: (حضج) .
حضج: قَالَ اللَّيْث: انْحَضَجَ الرجل إِذا ضَرَبَ بِنَفسِهِ الأرضَ،
وَيُقَال ذَلِك إِذا اتَّسَع بَطْنُه، فَإِذا فعلتَ أَنْت بِهِ ذَلِك
قلتَ: حضجتُه كأنّك أدخلت عَلَيْهِ مَا كَاد يَنْشَقُّ مِنْهُ. ورُوِي
عَن أبي الدّرْداءِ أَنّه قَالَ فِي الرَّكعتين بعد الْعَصْر: (أَمَّا
أَنا فَلَا أدَعهُما، فَمن شَاءَ أَنْ يَنْحَضِج فَلْيَنْحَضج) قَالَ
أَبُو عُبَيد: قَوْله: أَن ينحضج يَعْنِي أَن يَنْقَدَّ من الغَيْظ
ويَنْشَقَّ. وَمِنْه قيل للرّجل إِذا اتَّسَع
(4/73)
بطنُه وتَفَتَّقَ: قد انْحَضَج. وَيُقَال
ذَلِك أَيْضا إِذا ضَرَب بِنَفسِهِ الأرضَ، فَإِذا فعلت بِهِ أنتَ
ذَلِك، قلت: حَضَجْتُه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يَنْحَضِجُ: يَضْطَجعُ.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: أخذتُه فحَضَجْتُ بِهِ الأرضَ، أَي
ضَرَبْتُ بِهِ الأَرْض. وَقَالَ مُزاحم:
إِذا مَا السوْطُ شَمَّر حالِبيْه
وقلَّص بُدْنُه بعد انْحضَاج
الحَالِبان: عِرْقان يكُونان من الخَصْرين يَعْنِي بعد انتِفاح وسِمَن.
وَامْرَأَة مِحْضاج: واسعَةُ البَطْن.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَضيجُ: المَاء الْقَلِيل. يُقَال: حِضْج وحَضْج.
قَالَ أَبُو عُبَيْد عَن الْأَصْمَعِي: الحِضْجُ: الماءُ الَّذِي فِيهِ
الطِّين يَتَمَطَّطُ. قَالَ: وأخبَرني أَبُو مَهْدِيّ قَالَ: سَمِعت
هِمْيان بن قُحافة ينشده:
فأسْأرَتْ فِي الْحَوْض حِضْجاً حاضِجا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي قَول رُؤْبة:
فِي ذِي عُبابٍ مالىء الأحضَاجِ
قَالَ: الأحضاجُ: الحِياضُ وَيُقَال: حِضْجُ الْوَادي: ناحِيَتُه.
وَقَالَ أَبُو سعيد: حَضَجَ إِذا عدا والمُحْضَجُ: الحائِدُ عَن
السَّبِيل.
سَلَمَةُ عَن الفرَّاء قَالَ: المِحْضَبُ والمِحْضج والمِسْعَر: مَا
يُحرَّك بِهِ النَّار. يُقَال: حَضَجْتُ النارَ وحَضبْتها.
أَبُو زيْد: حَضَجَ البعِيرُ بِحمْله وانْحضَجَت عَنهُ أداتُه
انْحضاجا.
سَلَمَةُ عَن الفرَّاء: حَضَجتُ فلَانا ومغَثْتُه ومثْمَثْتُه
وبرْطَلْته كُله بِمَعْنى غَرَّقْته. وَفِي الحَدِيث أنَّ بَغْلَةَ
النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لمَّا تنَاول الْحَصَى ليَرْمِي بِهِ
يَوْم حُنَيْن فَهِمَت مَا أَرَادَ فانْحضجَت أَي انْبسطَت، قَالَه
ابْن الْأَعرَابِي فِيمَا رَوى عَنهُ أَبُو العبَّاس، وَأنْشد:
ومُقَتَّتٍ حضجَتْ بِهِ أيّامُه
قد قاد بعْدُ قلائِصا وعِشارا
قَالَ: مُقَتِّتٌ: فَقير. حَضَجَت: قَالَ: انْبسطَت أَيَّامه فِي
الفقّرِ فأغناه الله وَصَارَ ذَا مَال.
ح ج ص
أهملت وجوهه.
ح ج س
اسْتعْمل من وجوهه: سحج، سجح، جحس.
سحج: قَالَ اللَّيْث: سَحجْتُ رَأْسِي بالمُشْط سَحْجا وَهُوَ تسريحٌ
لَيّن على فرْوة الرَّأْس.
قَالَ: والسَّحْجُ: أَن يُصِيب الشيءُ الشيءَ فيَسْحجُه أَي يقشِر
مِنْهُ شَيْئا قَلِيلا كَمَا يُصيبُ الحافِرَ قبل الوَجَى سَحجٌ.
وانْسحج جِلدُه من شَيْء مرَّ بِهِ إِذا تَقشَّر الجلدُ الْأَعْلَى.
قَالَ: والسَّحْجُ فِي جرْي الدَّوابّ: دون الشَّدِيد. يُقَال: حمارٌ
مِسْحجٌ ومِسحاجٌ. وَقَالَ النابِغة:
رَباعِيَةٌ أضَرَّ بهَا رَباعٌ
بِذاتِ الجِذْع مِسحاجٌ شَنُون
وَقَالَ غَيره: مَرَّ يسحَجُ أَي يُسْرع. وَقَالَ
(4/74)
مُزَاحِم:
على أثر الجُعْفِيِّ دهْرٌ وَقد أَتَى
لَهُ مُنْذُ ولَّى يَسْحَجُ السّير أرْبَعُ
وَقَالَ اللَّيْث: التَّسْحِيج: الكَدْمُ وَأنْشد:
قِلْواً ترى بِليتِه مُسحَّجاً
قلت: كَأَنَّهُ أَرَادَ تَرَى بِليتِه تَسْحيجاً فَجعل مُسَحَّجاً
مصدرا. والمُسحَّجُ: المُعضَّضُ وَهُوَ من سَحَج الْجلد.
سجح: قَالَ اللَّيْث: الإسجاح: حُسن العَفْو. وَمِنْه الْمثل السائر
(ملكْتَ فأسْجِحْ) وَقَالَ أَبُو عُبيد: من أمثالِهم فِي العفْو عِنْد
الْقُدْرَة: (مَلكْت فأسْجِح) قَالَ: هَذَا يُرْوى عَن عَائِشَة
أَنَّهَا قالته لِعلِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا يَوْم الْجمل حِين ظَهَر
على النَّاس فدَنَا من هَوْدَجِها، ثمَّ كَلَّمها بِكَلَام، فأجابتْه:
ملكْت فأسجِح أيْ ظفِرْت فأحْسِن، فجهَّزها عِنْد ذَلِك بأحْسن
الْجِهازِ إِلَى الْمَدِينَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الأسْجحُ: الخَلْق المُعتَدِل الحَسَنُ. وَقَالَ
اللَّيْث: (السَجَحُ) ليِّنُ الخدِّ، والنَّعت أسْجَح، وَأنْشد:
وخَدٌّ كمِرآة الغَرِيبة أسْجَح
قَالَ: وَيُقَال: مَشى فلانٌ مشْياً سجيحاً وسُجُحاً. وأنْشَدَ:
ذَرُوا التَّخاجى وامشوا مِشْيةً سُجُحاً
إنَّ الرِّجالَ أُولُو عَصْبٍ وتذْكيرِ
اللَّيْث: سَجَحَتِ الحَمامة وسَجَعَت قَالَ: ورُبما قَالُوا مُزْجِح
فِي مُسْجِح كالأَزْدِ والأَسْد.
الأصمعيّ: بَنَى القومُ دُورَهم على سَجِيحَة وَاحِدَة وغِرارٍ وَاحِد
أَي على قَدْرٍ وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: السَّجِيحَة: السَّجِيَّةُ والطَّبيعَةُ، قَالَه
أَبُو زيد. قَالَ: وَيُقَال: خلّ عَن سُجْحِ الطَّرِيق أَي عَن
سَنَنِه.
وَكَانَت فِي تَمِيم امْرَأَةٌ كَذَّابة أَيَّامَ مُسَيْلِمَة
المْتَنَبِّىء فَتَنَبَّتْ هِيَ واسْمُها سَجاح. وبَلَغَني أنَّ
مُسَيْلِمة لَعنه الله خطبَها. فتزوَّجَتْه.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: رَكِبَ فلَان سَجِيحَة رأيِه وَهُوَ مَا
اخْتَارَهُ لنَفسِهِ من الرّأْي فَرَكِبه.
وَفِي (النَّوادِرِ) : يُقَال: سَجَحْت لَهُ بِشَيْء من الْكَلَام،
وسَرَحْتُ وسَجَّحْتُ، وسَرَّحْتُ، وسَنَحْتُ، وسَنَّحْتُ، إِذا كَانَ
كلامٌ فِيهِ تَعْرِيض بِمَعْنى من المَعَانِي.
جحس: قَالَ ابْن السِّكِّيت: جاحَسَه وجاحَشَه إِذا قاتَلَه، وَأنْشد:
لَوْ عَاشَ قاسَى لكَ مَا أُقاسِي
وَالضَّرْب فِي يَوْم الوَغى الجِحاسِ
ح ج ز
اسْتعْمل من وجوهه: حجز، جزح.
حجز: قَالَ اللَّيْث: الحَجْزُ: أَن تَحْجِزَ بَين مُقَاتِلَيْن،
والحِجازُ: الِاسْم وَكَذَلِكَ الحاجِزُ. قَالَ الله جلّ وعزّ:
{رَوَاسِىَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ} (النَّمل: 61) أَي حِجَازاً
بَين مَاء مِلْحٍ وَمَاء عذب
(4/75)
لَا يَخْتلطان، وَذَلِكَ الْحجاز قُدرَةُ
الله، قَالَ: وسُمِّي الحجَازُ حِجازاً، لِأَنَّهُ فَصَل بَين الغَوْر
والشّأم وَبَين البادِية. قلت: سُمِّي الحِجَازُ حِجَازاً لأنّ
الحِرارَ حَجزَت بَينه وَبَين عالِيَة نَجْد. وَقَالَ ابْن السِّكَّيت:
مَا ارْتَفع عَن بطن الرُّمَّة فَهُوَ نجد، قَالَ: والرُّمة: وادٍ
معْلُوم، قَالَ: وَهُوَ نَجْد إِلَى ثَنايَا ذاتِ عِرْق، قَالَ: وَمَا
احْتَزَمَت بِهِ الحرَار حرَّة شَوْران وعامَّة منازِل بني سُلَيْم
إِلَى الْمَدِينَة، فَمَا احتاز فِي ذَلِك الشق كُله حِجَاز. قَالَ:
وطَرَف تِهامة من قِبَل الْحجاز: مَدارِج العَرْج، وأولها من قِبَل
نَجْد مَدارج ذاتُ عِرْق. وَأَخْبرنِي المُنذِرِيّ عَن الصَّيداويّ عَن
الرِّياشِيّ عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: إِذا عَرضَت لَك الحِرارُ بنَجْد
فَذَلِك الْحجاز وَأنْشد:
وفَرُّوا بالحجازِ ليُعْجِزُوني
أَرَادَ بالحجاز الحِرارَ.
وَيُقَال للجِبالِ أَيْضا حِجاز، وَمِنْه قَوْلُه:
ونَحْن أُنَاسٌ لَا حِجاز بأرضنا
وَقَالَ أَبُو عُبيد: كَانَت بَين الْقَوْم رِمِّيَّا ثمَّ حجزت بَينهم
حِجِّيزَى. يُرِيدُونَ كَانَ بَينهم رمي ثمَّ صَارُوا إِلَى المحاجزة
قَالَ: والحِجِّيزَى من الحَجْزِ بَين اثْنَيْنِ. وَمن أمثالهم (إِن
أردْت المُحَاجزة فَقبل المُناجزة) قَالَ: والمحاجزة: المسالمة،
والمناجزة: الْقِتَال.
اللَّيْث: الحِجاز: حَبْل يُلقى للبعير من قِبَل رجلَيْهِ ثمَّ يُناخُ
عَلَيْهِ يُشَدُّ بِهِ رُسغا رجلَيْهِ إِلَى حِقْوَيْه وعَجُزِه.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: حَجَزْت الْبَعِير أحْجِزُه حَجْزاً
وَهُوَ أَن يُنِيخه ثمَّ يَشُدَّ حبلاً فِي أصل خُفّيْه جَمِيعًا من
رِجْليه ثمَّ يرفع الْحَبل من تَحْتَهُ حَتَّى يَشُده على حِقْوَيْه
وَذَلِكَ إِذا أَرَادَ أَن يرْتَفع خُفّه، وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
فهُنّ من بَين مَحْجُوزٍ بنافذةٍ
وقَائِظٍ وكِلاَ رَوْقَيْه مُخْتَضِبُ
الْأمَوِي: فِي الحَجْز مثله أَو نَحوه.
وَقَالَ شمر: المُحْتَجِزُ: الَّذِي قد شَدَّ وسَطه. قَالَ: وَقَالَ
أَبُو مَالك: يُقَال لكلِّ شَيْء يَشُدُّ بِهِ الرجُل وَسطه ليشمر
ثِيَابه حِجاز قَالَ: وَقَالَ الإيادِي الاحْتِجازُ بِالثَّوْبِ: أَن
يُدْرِجه الْإِنْسَان فيَشُدُّ بِهِ وَسطه، وَمِنْه أُخِذَتْ
الحُجْزَة، وَقَالَت أُمُّ الرَّحَّال: إِن الْكَلَام لَا يُحْجَز فِي
العِكْم كَمَا يُحْجَزُ العَباء. وَقَالَت: الحَجْزُ. أَن يُدْرج
الحَبْل على العِكْم ثمَّ يُشَدُّ. والحَبْل هُوَ الحِجازُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الحُجْزَةُ: حَيْثُ يُثْنَى طَرَفُ الْإِزَار فِي
لَوْثِ الْإِزَار، وَجمعه حُجُزَات.
قَالَ: وحُجْز الرجل: مَنْبتُه وأصْلُه، وحُجْزُه أَيْضا: فَصلُ مَا
بَين فَخِذه والفَخِذ الْأُخْرَى من عشيرته، وَقَالَ رؤبة:
فامْدَح كريمَ المُنْتَمَى والحُجْز
وَقَالَ أَبُو عمر: الحُجْز: الأَصْل والنَّاحية، وَقَالَ غَيره:
الحُجْز: الْعَشِيرَة يَحْتَجِز بهم، وَرَوَاهُ ابْن الْأَعرَابِي:
كَرِيم المُنْتمَى والحُجْزِ
أَرَادَ أنَّه عفيف طَاهِر، كَقَوْل النَّابغة:
رِقَاقُ النِّعال طَيِّب حُجُزَاتهم
(4/76)
يُرِيد أَنهم أَعِفّاء عَن الْفُجُور.
ابْن السّكيت: انحجز الْقَوْم واحتَجَزوا إِذا أَتَوا الْحجاز.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: الحَجَزُ والزَّنَجُ وَاحِد. يُقَال: حَجِزَ
وزنِجَ وَهُوَ أَن تَقَبَّضَ أَمْعَاءُ الرَّجُل ومصارينُه من الظَّمأ،
فَلَا يَسْتَطِيع أَن يُكْثِر الشُّرْب وَلَا الطُّعْم.
جزح: أَبُو عبيد عَن أبي عمْرو: الجَزْحُ: العَطِيَّة يُقَال: جَزحْت
لَهُ أَي أَعْطَيْتُه. وَأنْشد أَبُو عَمْرو لِابْنِ مُقْبل:
وإنِّي إذَا ضَنَّ الرَّفُود بِرِفْده
لمُخْتَبِط من تالد المالِ جازِحُ
وَقَالَ بَعضهم: جازحٌ أَي قاطعٌ أَي أَقْطَع لَهُ مِنْ مَالِي قِطعةً.
ح ج ط
جطح: قَالَ اللَّيْث: تَقول الْعَرَب للعنز إِذا استصْعَبَت على
حالِبها: جِطِحْ أَي قِرِّي فتَقِرُّ.
ح ج د
حدج، جدح، جحد، دحج: مستعملة.
دحج: أهمله اللَّيْث: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: دَحَج إِذا جَامع.
جحد: قَالَ اللَّيْث: الجُحود: ضِدُّ الإقرارِ كالإنكار والمعرفة.
قَالَ: والجَحَد من الضِّيق والشُّحِّ. يُقَال: رجل جَحِد: قَليلُ
الخَيْر.
وَقَالَ الْفراء: الجَحْد والجُحْد: الضِّيقُ فِي الْمَعيشَة. يُقَال:
جَحِد عَيْشُهم جَحَداً إِذا ضاقَ واشتدَّ. وأنشدني بعضُ العرَب فِي
الجُحْد:
لئِنْ بَعَثَتْ أُمُّ الحُمَيْدَيْنِ مائِراً
لقد غَنِيَتْ فِي غير بُؤسٍ وَلَا جُحْد
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: أَجْحد الرجل وجَحَد إِذا أنْفَضَ وذَهَب
مَالُه. وَأنْشد:
وبيضاءَ من أهل الْمَدِينَة لم تَذُقْ
يبيساً وَلم تَتْبَع حَمُولَةَ مُجْحِدقِ
أَبُو عُبَيد: فرس جَحْد، والأُنثى جَحْدَة والجميع جِحاد وَهُوَ
الغليظُ القصيرُ.
وَقَالَ شمر: الجُحادِيَّة: قِرْبَةٌ مُلِئت لَبَناً أَو غرارة مُلِئَت
تَمرا أَو حِنْطَةً. وَأنْشد:
وَحَتَّى تَرَى أنّ العَلاَةَ تُمِدّها
جُحَاديَّة والرائحاتُ الرَّواسم
وَقد مَرّ تَفْسِير الْبَيْت فِي مُعْتَلِّ العَيْنِ.
حدج: اللَّيْث: الحَدَج: حَمْلُ البِطِّيخ والحَنْظل مَا دَامَ
رَطْباً، والواحدة حَدَجَة.
قَالَ: وَيُقَال: ذَلِك لحَسَك القُطْب مَا دَامَ رَطْباً، والحُدْج
لُغَة فِيهِ.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا اشْتَدَّ الْحَنْظَلُ وصَلُب
فَهُوَ الحَدَجُ، وَاحِدهَا حَدَجَة، وَقد أحْدَجَت الشَّجَرَة قَالَ:
ونحْوَ ذَلِك قَالَ أبُو الوَلِيد الْأَعرَابِي.
اللَّيْث: التَّحْديج: شِدَّة النَّظَر بَعْدَ رَوْعَة وفَزْعَة.
ورُوي عَن ابْن مَسْعُود أَنَّه قَالَ: (حَدِّثِ القَوْمَ مَا حَدَجُوك
بأَبْصَارهم) .
قَالَ أَبُو عُبيد: يَعْنِي مَا أحدُّوا النّظر إِلَيْك. يُقَال:
حدَجَني بِبَصره إِذا أحد النظَر إِلَيْهِ. قَالَ وَمِنْه حديثٌ يُروَى
فِي المِعْراج (ألم
(4/77)
تَرَوْا إِلَى مَيِّتِكم حِين يَحْدِج
ببصره فَإِنَّمَا يَنظُر إِلَى المِعْراج من حُسْنه) .
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
تُقَتِّلُنا مِنْهَا عُيونٌ كأَنها
عُيون المهَا مَا طَرْفُهن بحادِجِ
يُرِيد أَنَّهَا ساجِيَةُ الطَّرْف. قَالَ: وَالَّذِي يُرادُ من
الحَدِيث أنَّه يَقُول: حدِّثهم مَا داموا يَشتهُون حَدِيثك ويَرمُونك
بأَبصَارِهم. فَإِذا رَأيتَهُم مَلُّوا فَدَعهُم. قلت: وَهَذَا يَدلُّ
على أنَّ الحَدِيث يكونُ فِي النَّظَر بِلَا رَوْعٍ وَلَا فَزَع.
ابْن السّكيت: حَدَجَه بسَهْم إِذا رَمَاه بِهِ. يُقَال: حَدَجَه
بذَنْب غَيْره حَمَلَه عَلَيْه وَرَمَاه بِه، قَالَ: وَحَدج البعيرَ
حَدْجاً إِذا شَدَّ عَلَيْهِ أَداته. وحَدَجَه ببصره إِذا رَمَاه بِهِ
حَدْجاً وَقَالَ ابْن الفَرَج: حَدَجَه بالْعَصا حَدْجاً وحَبَجَه بهَا
حَبْجاً إِذا ضَرَبُه بهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الْحِدْجُ: مركب لَيْسَ بِرَحْلٍ وَلَا هَوْدَج
يركبه نساءُ الْأَعْرَاب، قَالَ: وحَدَجْتُ النَّاقَةَ أَحْدِجُها
حَدْجاً، وَالْجمع حُدُوجٌ وأَحْدَاجٌ.
وَقَالَ شمر: سَمِعت أَعْرَابِيًا يَقُول: أُنظر إِلَى هَذَا الْبَعِير
الغُرْنُوقِ الَّذِي عليهِ الحِدَاجَةُ، قَالَ: وَلَا يُحْدَجُ
الْبَعِير حَتَّى يكمُل فِيهِ الأداةُ وَهِي البِدادان والبِطانُ
والحَقَبُ.
قلت: وسمعتُ العربَ تقولُ: حَدَجْتُ البعيرَ. إِذا شددتَ عَلَيْهِ
حِدَاجَتَه، وَجمع الحِدَاجَةِ حَدائجُ، والعربُ تسمِّي مخالي القَتَب
أَبِدَّةٌ واحِدُها بِدَادٌ، فَإِذا ضُمَّتْ وأُسِرَتْ وشُدَّتْ إِلَى
أَقْتَابها مَحْشُوَّةً فَهِيَ حينئذٍ حِدَاجَة ويُسَمَّى الهَوْدَجُ
المشدود فَوق القَتَب حَتَّى يُشَدُّ عَلَى الْبَعِير شَدّاً وَاحِدًا
بِجَمِيعِ أَداته حِدْجاً وَجمعه حُدوج. وَيُقَال: أَحْدِج بعيرَك، أَي
شُدَّ عَلَيْهِ قَتَبَهُ بأَداته.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم لِابْنِ السّكيت قَالَ:
الحُدوجُ والأَحْداجُ والحَدَائجُ: مراكب النِّسَاء، وَاحِدهَا حِدْجٌ
وحِداجةٌ. قلت وَالصَّوَاب: مَا فسَّرْتُه لَك وَلم يُفَرِّق ابنُ
السّكيت: بَين الحِدْج والحِداجَة وَبَينهمَا فرق عِنْد الْعَرَب كَمَا
بَينته لَك.
وَقَالَ ابْن السّكيت: سَمِعت أَبَا صاعد الْكلابِي يَقُول: قَالَ رجل
من الْعَرَب لصاحبِه فِي أَتانٍ شَرُودٍ: إلْزَمْها رَمَاهَا الله
بِرَاكِب قَلِيل الْحِداجَة بعيد الْحَاجة، أَرَادَ بالحِداجة أَدَاة
القَتَب.
ورُوي عَن عمر أنهُ قَالَ: (حَجَّةً هَاهُنَا ثمَّ احْدِجْ هَاهُنَا
حَتَّى تفْنَى) . قَالَ أَبُو عُبَيد: أحْدج هَهُنَا يَعْنِي إِلَى
الْغَزْو. قَالَ والحَدْجُ شَدُّ الأحْمَالِ وتوسيقها يُقَال: حَدَجْتُ
الْأَحْمَال أَحْدِجُها حَدْجاً وَالْوَاحد مِنْهَا حِدْج وَجَمعهَا
حُدُوجٌ وأَحْدَاجٌ وَأنْشد قَول الْأَعْشَى:
أَلاَ قُلْ لِمَيْثَاء مَا بالها
أَلِلْبَيْنِ تُحْدَجُ أَحمَالُهَا
قَالَ: ويُرْوى تُحْدَجُ أجمالُها أَي يُشَدُّ عَلَيْهَا قلت: معنى
قَول عمر: ثمَّ أحْدِج هَهُنَا أَي شُدَّ الحِدَاجَةَ وَهُوَ القَتَب
بأداته على الْبَعِير للغزو. وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة
(4/78)
تُحدَجُ أَحمالُها وَأما حَدْجُ الأحمالِ
بِمَعْنى توسيقها فَغير مَعْرُوف عِنْد الْعَرَب وَهُوَ غلط. وَأما
الحِدْجُ بِكَسْر الْحَاء، فَهُوَ مركَب من مراكب النِّسَاء نَحْو
الهودج والمحفَّةُ ومنهُ الْبَيْت السائر:
شَرَّ يَوْمَيْها وأَغْوَاهُ لَهَا
ركِبَتْ عَنْزٌ بِحِدْجٍ جَمَلاَ
وَقَالَ الآخر:
فَخْرَ البَغِيّ بِحِدْج رَبَّ
تها إِذا مَا النَّاس شَلُّوا
شمر عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: يُقَال: حَدَجْتُهُ بِبيع سوء إِذا
فعلتَ ذَلِك بِهِ. قَالَ: وأنشدني ابْن الْأَعرَابِي:
حَدَجْتُ ابْن محدوج بستين بَكْرَةً
فلمَّا استَوَتْ رِجْلاهُ ضجَّ من الوِقر
قَالَ: وَهَذَا شعر امْرَأَة تزَوجهَا رجل عَلَى ستِّين بكْرة. وَقَالَ
غَيره. حَدَجْتُه بِبيع سَوْء ومتاع سَوْء إِذا ألزمته بيعا غبنتَه
فِيهِ. ومنهُ قَول الشَّاعِر:
يَعِجُّ ابنُ خِرْباقٍ من البيع بعد مَا
حَدَجْتُ ابْن خرباقٍ بجَرْباء نازعِ
قلت: جعله كبعير شُدَّ عليهِ حِداجته حِين ألزمهُ بَيْعاً لَا يقَالُ
منهُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: أهل اليمامةِ يُسمُّون بطيخاً عِنْدهم أخضرَ مثل
مَا يكون عندنَا أَيَّام التِّيرمَاه بِالْبَصْرَةِ الحَدَج.
قَالَ. والحَدَجَةُ أَيْضا. طَائِر شَبيه بالقطَا وَأهل الْعرَاق يسمون
هَذَا الطَّائِر الَّذِي نُسَمِّيهِ اللَّقْلقَ أَبَا حُدَيجٍ.
جدح: اللَّيْث: جَدَحَ السويقَ فِي اللَّبن وَنَحْوه إِذَا خاضه
بالْمِجْدَح حَتَّى يختَلِط.
قَالَ: والْمِجْدَح: خَشَبَة فِي رَأْسها خشبتان مُعتَرِضتان.
قَالَ: وَالْمِجْدَح فِي أَمْر السَّماء يُقَال: تردُّدُ رَيِّق المَاء
فِي السَّحَاب. يُقَال: أرْسلت السَّمَاء مَجَاديحَها. وَرُوِيَ عَن
عُمَرَ أَنه خرج إِلَى الاسْتِسْقَاء فَصَعدَ الْمِنبر فَلم يزدْ على
الاسْتِغْفَار حَتَّى نزل، فَقيل لَهُ: إِنَّك لم تسْتَسْقِ، فَقَالَ:
لقد استسقَيْتُ بِمَجَادِيح السَّماء. قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ
أَبُو عمْرو: الْمَجَاديحُ وَاحِدهَا مِجْدح وَهُوَ نَجْم من النُّجُوم
كَانَت الْعَرَب تزْعم أَنه يُمْطَر بِهِ كَقَوْلِهِم فِي الأَنْوَاء،
وَقَالَ الأُمَوِيّ: هُوَ الْمُجْدَحُ أَيْضا بالضَّم، وأنشدنا:
وأَطْعُنُ بالقوم شطر الْمُلو
ك حَتَّى إِذا خَفَقَ الْمِجْدَحُ
قَالَ: وَالَّذِي يُراد من الحَدِيث أَنه جعل الاسْتِغْفَار استسْقَاء،
يتَأَوَّلُ قَول الله جلّ وعزّ: {لله فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُواْ
رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ} (نوح: 10، 11) وَأَرَادَ
عُمَرُ إبِْطَال الأنواء والتكذيبَ بهَا، لِأَنَّهُ جعل الاسْتِغْفَار
هُوَ الَّذِي يُسْتَسْقَى بِهِ لَا الْمَجَاديحَ والأنواء الَّتِي
كَانُوا يسْتَسْقُون بِها. وأَخبرني المُنْذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن
الأعْرابي قَالَ: المِجْدَحُ: نَجْم صَغِير بَين الدَّبَران
والثُّريَّا. وَقَالَ شَمِر: الدَّبَران يُقَال لَهُ المِجْدَحُ
(4/79)
والتَّالي والتَّابع، قَالَ: وَقَالَ
بَعضهم: نَدْعُو جَناحَي الجَوْزاء المِجْدَحَين. وَيُقَال: هِيَ
ثَلَاثَة كَواكِب كَأَنَّهَا مِجْدح يُعْتبر بطلوعِها الْحَرُّ،
وَمِنْه قَول الرَّاجز:
يَلْفَحُها المِجْدَحُ أَيَّ لفح
تلوذ مِنْهُ بجَنَاء الطَّلْح
قلت: وَأما مَا قَالَه اللَّيْث فِي تَفْسِير المجاديح أَنَّها
تَرَدُّدُ رَيِّقِ المَاء فِي السَّحَاب فَبَاطِل، وَالْعرب لَا تعرفه.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: المَجْدوح: من أَطْعِمَة أهل الْجَاهِلِيَّة:
كَانَ أحدهم يَعْمِد إِلَى النَّاقة فتُقْصَد لَهُ، ويأْخذ دَمَها فِي
إِنَاء فيشربه.
ج ح ظ
أهملت وجوهه إِلَّا: جَحَظَ.
جحظ: قَالَ اللَّيْث: الجَحاظان: حدقتا العَين إِذا كَانَتَا خارجتين،
وَقَالَ: عين جاحظة.
وَقَالَ غَيره: الجُحوظ: خروجُ المُقْلَة ونُتُوُّهَا من الحِجاج.
وَالْعرب تَقول: لأَجْحَظَنَّ إِلَيْك أَثر يدك، يعْنون بِهِ
لأُرِيَنَّك سوء أثر يَدِك، وَيُقَال: جَحَظَ إِلَيْهِ عمله يُرَاد
بِهِ أَنَّ عمله نظر فِي وَجهه فَذَكَّره سُوءَ صَنِيعه. وَيُقَال: رجل
جاحِظُ الْعَينَيْنِ إِذا كَانَت حَدَقَتَاه خارجَتَيْن.
ح ج ذ
أهمل اللَّيْث هَذَا الْبَاب كلّه، وَقد استعمِل مِنْهُ: ذَحَجَ.
ذحج: أَخْبرنِي المُنْذِري عَن أبي العَبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي
أَنه قَالَ: وَلَدَ أُدَدُ بن زيد بن مُرَّةَ بن يَشْجُب مُرَّةَ
والأشعَر. وأمهما دَلَّةُ بنت ذِي مَنْجِشَان الحِمْيرَي فَهَلَكت فخلف
على أُخْتها مُدِلَّة بنت ذِي مَنْجِشَان فَولدت مَالِكًا وطيِّئاً
واسْمه جَلْهَمَة، ثمَّ هلك أُدَدُ فَلَنْ تتَزَوَّج مُدِلَّةُ وأقامت
على ولديها مَالك وطَيء، فَقيل: أذْحَجَت على ولدِيها أَي أَقَامَت،
فسُمِّي مَالك وطيِّءٌ مَذْحِجاً.
وَقَالَ غَيره: مَذْحِجٌ: أكَمة ولدتْهُما عِنْدهَا فسُمُّوا مَذْحجاً.
وَقَالَ ابْن دُرَيد: ذَحَجَه وَسَحَجَه بِمَعْنى وَاحِد، قَالَ:
وذَحَجَتْه الرّيح أَي جرَّتْه.
(ح ج ث)
أُهمِلت وجوهه، وَقد قَالَ بَعضهم:
(ثحج) : سَحَجَه وثَحَجَه إِذا جَرّه جرّاً شَدِيدا.
ح ج ر
حجر، حرج، جرح، جُحر، رجح: (مستعملات) .
حجر: قَالَ اللَّيْث: الحَجَر وجَمْعُهُ الحِجارة وَلَيْسَ بِقِيَاس،
لِأَن الْحجر وَمَا أشبهه يُجْمَع على أَحْجَار، وَلَكِن يجوز
الاستِحْسان فِي العربيَّة كَمَا أَنه يجوز فِي الفِقْه وتَرْكُ
الْقيَاس لَهُ: كَمَا قَالَ الأعْشَى يمدح قوما:
لَا ناقِصِي حسبٍ وَلَا
أَيْدٍ إِذا مُدَّتْ قِصَارَه
قَالَ: وَمثله المِهارة والبكارة لجمع الْمهْر والبَكر، وَأَخْبرنِي
الْمُنْذِريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الْعَرَب تدخل الْهَاء
فِي كل جمع على فِعَالٍ أَو فُعُول، وَإِنَّمَا زادوا هَذِه الْهَاء
فِيهَا، لِأَنَّهُ إِذا سُكِت عَلَيْهِ اجْتمع فِيهِ عِنْد السَّكْتِ
ساكنان، أَحدهمَا الْألف الَّتِي تنحَرُ آخر حرف فِي فِعال،
وَالثَّانِي آخِر
(4/80)
فِعال المَسْكُوتُ عَلَيْهِ، فَقَالُوا:
عِظَام وعِظَامَهُ ونِقادٌ ونِقَادَة، وَقَالُوا: فِحَالَة وحِبَالَة
وذِكَارةٌ وذُكورَةٌ وفُحُولَةٌ وحُمُولَةٌ، قلتُ: وَهَذَا هُوَ
العِلّةُ الَّتِي عَلَّلَها النحويون، فأَمّا الِاسْتِحْسَان الَّذِي
شَبَّهَه بالاستحسان فِي الْفِقْه فَإِنَّهُ بَاطل.
وَيُقَال: رُمِي فلانٌ بِحجر الأَرْض إِذا رُمِي بِداهِيَة من
الرِّجَال، ويُرْوَى عَن الأحْنَفِ بن قيس أَنه قَالَ لعَلي ح حِين
سَمَّى مُعاوِيَةُ أحدَ الْحكمَيْنِ عَمْرو بن الْعَاصِ: إِنَّك قد
رُمِيت بِحجر الأَرْض فَاجْعَلْ مَعَه ابْن عَبَّاس فَإِنَّهُ لَا
يَعْقِد عُقْدَةً إِلَّا حَلَّها.
وَقَالَ اللَّيْث: الحِجْر: حَطِيم مَكَّة كَأَنَّهُ حُجْرة مِمَّا
يَلِي المَثْعَبَ من الْبَيْت.
قَالَ: وحِجْرٌ: مَوضِع ثَمُود الَّذِي كَانُوا ينزلونه.
قَالَ: وقَصَبَةُ الْيَمَامَة: حجْر بِفَتْح الْحَاء.
قَالَ: والحِجْرُ: اللُّبُّ والعَقْل.
قَالَ: والحِجْرُ والحُجْرُ لُغَتَانِ وَهُوَ الحَرام، قَالَ: وَكَانَ
الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة يلقى الرجل يخافُه فِي الشَّهْر الْحَرَام
فَيَقُول: حِجْراً مَحْجُوراً أَي حرامٌ مُحَرَّم عَلَيْك فِي هَذَا
الشَّهْر فَلَا يَنْدَاهُ مِنْهُ شَرّ، قَالَ: فَإِذا كَانَ يَوْم
الْقِيَامَة رَأَى الْمُشْركُونَ الْمَلَائِكَة فَقَالُوا: حِجْراً
مَحْجُوراً، وظنوا أَن ذَلِك يَنْفَعهُمْ عِنْدهم كفعلهم فِي
الدُّنْيَا وَأنْشد:
حَتَّى دَعَوْنا بأَرْحامٍ لَهُم سَلَفَتْ
وَقَالَ قائِلهُم إِنِّي بحاجُور
يَعْنِي بمعاذٍ.
يُقَال: أَنا مُسْتَمْسِك بِمَا يعيذني مِنْك ويَحْجُرُك عني، قَالَ:
وعَلى قِيَاسه العاثُورُ وَهُوَ المَتْلَفُ.
قلت: أما مَا قَالَه اللَّيْث فِي تَفْسِير قَوْله جلّ وعزّ:
{وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً} (الفُرقان: 22) إِنَّه من قَول
الْمُشْركين للْمَلَائكَة يَوْم الْقِيَامَة، فَإِن أهل التَّفْسِير
الَّذين يُعتمدون مثل ابْن عَبَّاس وَأَصْحَابه فَسَّروه على غير مَا
فَسَّرَهُ اللَّيْث، قَالَ ابْن عَبَّاس: هَذَا كُلّه من قَول
الْمَلَائِكَة، قَالُوا للْمُشْرِكين: حِجْراً مَحْجُوراً أَي حُجِرَتْ
عَلَيْكُم الْبُشْرَى فَلَا تُبَشَّرون بِخَير.
وأَخْبَرني المُنْذِريُّ عَن اليَزِيدِيِّ قَالَ: سمعتُ أَبَا حَاتِمٍ
يَقُول فِي قَوْله: وَيَقُولُونَ حِجْراً. . تَم الْكَلَام، قَالَ
الْحسن: هَذَا من قَول الْمُجْرمين، فَقَالَ الله: مَحْجُوراً
عَلَيْهِم أَن يُعَاذُوا وَأَن يُجارُوا كَمَا كَانُوا يُعَاذُون فِي
الدُّنْيَا ويُجارُون، فحجر الله ذَلِك عَلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة.
قَالَ أَبُو حَاتِم: وَقَالَ أحْمَد اللُّؤْلُؤيّ: بلغَني أَنَّ ابْن
عَبَّاس قَالَ: هَذَا كُله من قَول الْمَلَائِكَة، قلت: وَهَذَا
أَشْبَهُ بِنظْم القُرآن المُنَزَّل بِلِسَان الْعَرَب، وأَحْرَى أَن
يكون قولُه: (حِجْراً مَحْجُوراً) كلَاما وَاحِدًا لَا كَلاَمَيْن مَعَ
إِضْمَار كَلَام لَا دَلِيل عَلَيْهِ، وروى سَلَمَة عَن الفرّاء فِي
قَوْله (حِجْراً مَحْجُوراً) أَي حَرَاماً مُحَرَّماً كَمَا تَقول:
حَجَر التاجِرُ على غُلَامه، وحَجَر الرجل على أَهْله.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: {وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً،
وقرئت (حُجْرا مَحْجُوراً) بضَمِّ الْحَاء، وَالْمعْنَى وَتقول
(4/81)
الْمَلَائِكَة: حجْراً مَحْجُوراً أَي
حَرَاماً مُحَرَّماً عَلَيْهِم الْبُشْرَى.
قَالَ: وأصْلُ الحِجْرِ فِي اللُّغة مَا حَجَرْتَ عَلَيْهِ أَي منعتَه
من أَن يوصَلَ إِلَيْهِ وكل مَا مَنَعْتَ مِنْهُ فقد حَجَرْت عَلَيْهِ،
وَكَذَلِكَ حَجْرُ الْحُكَّام على الأَيْتَام مَنْعُهم. وَكَذَلِكَ
الحُجْرة الَّتِي يَنْزِلُها النَّاس وَهُوَ مَا حَوَّطُوا عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: يُقَال: حِجْراً مَحْجُوراً وحَجْراً
مَحْجُوراً، قَالَ: وحَجْرُ الْإِنْسَان وحِجْرهُ بِالْفَتْح
وَالْكَسْر.
وأَخْبَرَني المُنْذِرِيُّ عَن اليزيديِّ عَن أبي زَيْد فِي قَوْله:
وَحَرْثٌ حِجْرٌ} (الْأَنْعَام: 138) : حرامٌ. وَيَقُولُونَ: حِجْراً:
حَرَامًا، قَالَ: والحاءُ فِي الحرفين بِالضَّمِّ وَالْكَسْر لُغتان.
قَالَ: وقولُه: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ} (الحِجر: 80) بِلَاد
ثَمُود يُقَال لَهَا حِجرٌ. وَفِي سُورَة النِّسَاء {فِى حُجُورِكُمْ
مِّن نِّسَآئِكُمُ} (النِّساء: 23) وَاحِدهَا حَجْر بِفَتْح الْحَاء.
وَقَالَ غَيره: حَجْرُ المرأَةِ وحِجْرُهَا: حِضْنُها. قلت: وَيُقَال:
فلَان حَجْر فلانٍ أَي فِي كَنَفَهِ ومَنَعَتِه ومَنْعِه، كُله وَاحِد،
قَالَه أَبُو زيد، وَأنْشد لحَسّان بن ثَابت:
أُولَئِكَ قَوْمٌ لَوْ لَهُمْ قِيل أَنْقذُوا
أميرَكم أَلْفَيْتُموهُم أُولي حَجْر
أَي أُولي مَنَعَة.
ابْن السكِّيت: الحِجْر: الْفرس الأُنْثى، قلت: وَتجمع حُجُوراً
وحُجُورَةً وأَحْجاراً، وَقيل: أَحجار الخَيْلِ: مَا اتُّخِذَ مِنْهَا
لِلنَّسْل وَلَا يكادون يُفْردون الْوَاحِدَة، قلت: بَلَى، يُقَال:
هَذِه حِجرٌ من أَحْجار خَيْلي يُرَاد بالحِجْر الفرسُ الْأُنْثَى
خاصَّة جعلوها كالمُحرّمَة الرَّحِم إلاَّ على حِصان كريم. وَقَالَ لي
أَعْرَابيٌّ من بني مُضَرِّس وأَشار إِلَى فرس لَهُ أُنثى فَقَالَ:
هَذِه الحِجْر من جِياد خَيْلِنا.
وَقَالَ اللَّيْث: المَحْجَر: المَحْرَم، والمَحْجِر من الوَجْه:
حَيْثُ يَقع عَلَيْهِ النِّقَاب، وَقَالَ: مَا بَدَا لَك من النقاب
مَحْجِر، وَأنْشد:
وكَأَنَّ مَحْجِرَها سِراجُ المُوقِدِ
وَقَالَ أَبُو الهَيْثم: المحجر: الحَرامُ وَأنْشد بَيت حُمَيد:
فهمَمْتُ أَنْ أَغْشَى إِلَيْهَا مَحْجِراً
ولَمَثْلُها يُغُشَى إِلَيْهِ المَحْجِرُ
يَقُول: لَمَثْلُها يُؤْتى إِلَيْهِ الحرامُ.
وَأَخْبرنِي المُنْذِريّ عَن الصَّيّداوِيّ أَنَّه سَمع عَبُّويَة
يَقُول: المَحْجَر (بِفَتْح الْجِيم) : الحُرمَة وَأنْشد:
وَهَمَمْتُ أَن أَغْشَى إِلَيْهَا مَحْجَراً
قَالَ: والمَحْجِر: الْعين.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: المَحْجِر: المرعى المنخفض.
قَالَ وَقيل لبَعْضهِم: أيُّ الْإِبِل أبقى على السَّنَة؟ فَقَالَ:
ابْنَةُ لَبُون، قيل: لِمَه؟ قَالَ: لِأَنَّهَا ترعى مَحْجِراً
وتَتْرُك وسطا.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: المَحْجِر هَهُنَا النَّاحِيَة.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: المحاجِرُ.
(4/82)
الحدائق وَاحِدهَا مَحْجِر. قَالَ لَبيدٌ:
تَرْوِي المحاجِرَ بازِلٌ عُلْكُوم
العُلْكُومُ: الضخمة من الْإِبِل القوية.
قَالَ: والحاجِرُ مِنْ مسايل الْمِيَاه ومنابت العُشْبِ: مَا
اسْتَدَارَ بِهِ سَنَدٌ أَو نهرٌ مُرْتَفع والجميع الحُجْرانُ، وَقَالَ
رؤبة:
حَتَّى إِذا مَا هاج حُجْران الذَّرَقْ
قلت: وَمن هَذَا قيل لهَذَا الْمنزل الَّذِي فِي طَرِيق مَكَّة حاجِرٌ.
وَأما قَول العجَّاج:
وجارةُ البيتِ لَهَا حُجْرِيُّ
فَمَعْنَاه: لَهَا حُرْمَة
والحَجْرَة: النَّاحِيَة، ومَثَل للْعَرَب (فُلانٌ يَرْعَى وسطا
ويَرْبِضُ حَجْرةً) . وَمِنْه قَول الْحَارِث بن حِلِّزة:
عَنَناً باطِلاً وظُلْماً كَمَا تُعْ
تَرُ عَن حَجْرَة الرَّبِيض الظِّباءُ
وحَجْرَتَا العَسْكر: جانباه من المَيْمَنة والمَيْسَرة. وَقَالَ:
إِذا اجْتَمعُوا فَضَضْنَا حَجْرَتَيْهِم
ونَجْمَعَهُم إِذا كَانُوا بَدادِ
وَقَالَ الْفراء: الْعَرَب تَقول للحَجَر الأُحْجُرّ على أُفعلّ.
وَأنْشد:
يرْمِينِي الضَّعيفُ بالأُحْجُرّ
قَالَ: ومِثْلُه. هُوَ أُكْبُرّهُمُ أَي أَكْبَرَهُم. وَفرس أُطْمُرٌّ
وأُتْرُجٌّ يشدِّدون آخر الْحَرْف.
وَيُقَال: تَحَجَّرَ عَلَيَّ مَا وسَّعَهُ الله أَي حَرَّمه وضَيَّقه.
وَفِي الحَدِيث: (لقد تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا) .
وَفِي النَّوَادِر يُقَال: أَمْسَى المالُ مُحْتَجِرة بُطُونُه
وتَجَبَّرتْ. ومالٌ مُتَشَدِّد ومُتَجَبِّر وَيُقَال: احتجر الْبَعِير
احتجاراً، واحتجر من المالِ كُلُّ مَا كَرَّشَ وَبلغ نِصْف البِطْنَة
وَلم يبلغ الشِّبَع كُله، فَإِذا بلغ نِصْف البِطْنَة لم يُقَلْ،
فَإِذا رَجَعَ بعد سُوء حَال وعَجَفٍ فقد اجْرَوَّش وناس مَجْرَوِّشون.
وَمن أَسمَاء الْعَرَب: حُجْرٌ، وحَجَر، وحَجَّار. ومُحَجِّر: اسْم
مَوضِع بِعَيْنِه.
ومَحْجِرُ القَيْل: من أقْيَال اليَمَنَ: حَوْزَتُه وناحيته الَّتِي
لَا يدْخل عَلَيْهِ فِيهَا غَيره. وَتجمع الحُجْرة حُجْرات وحُجُراتٍ
وحُجَراتِ لُغَات كلهَا.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: يُقَال لِلرَّجل إِذا كثُر مَاله وعدده: قد
انتشرت حَجْرَتُه وَقد ارْتَعَجَ مَاله وارْتَعَجَ عدده.
جُحر: قَالَ اللَّيْث: الجُحْرُ لكل شَيْء يُحْتَفر فِي الأَرْض إِذا
لم يكن من عِظام الْخلق والجميع الجِحَرَةُ. وَتقول: أَجْحَرْتُه
فانجحر أَي أدخلته الجُحْر، وَيُقَال: اجْتحر لنَفسِهِ جُحْراً. قَالَ:
وَيجوز فِي الشِّعر. جَحَرَتِ الهَناةُ فِي جِحَرَتها. وَأنْشد:
جَواحِرُها فِي صَرَّةٍ لم تَزَيَّل
وَقَالَ أَبُو عُبيد: جَواحِرُها: مُتَخَلِّفاتُها.
قَالَ والْجَحْرَة: السَّنَة الشَّديدة.
وَقَالَ زُهَيْر:
ونالَ كِرَامَ النَّاس فِي الْجَحْرَة الأكْلُ
وَقَالَ اللَّيْث: قيل لَهَا جَحْرة لِأَنَّهَا تَجْحرُ النَّاس.
وَيُقَال: أَجْحَرَت نُجُومُ الشِّتاء إِذا لم تمْطُر. وَقَالَ الراجز:
(4/83)
إِذا الشِّتَاءُ أَجْحَرَتْ نُجُومُه
واشْتَدَّ فِي غير ثَرًى أُرُومُه
والمُجْحَر: المُضْطَرّ المُلْجَأ، وَأنْشد:
... نحْمِي المُجْحَرِينا
وَيُقَال: جَحَرَ عَنَّا خَيْرُك أَي تَخَلَّف فَلم يُصِبنا.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: جَحَرَت الشَّمْس للغروب. قَالَ: وجَحَرَت
الشمسُ إِذا ارْتَفَعت فأَزا الظِّلُّ. وجَحَرَ الربيعُ إِذا لم
يُصِبْك مَطَرُه.
والجَحْرَة: السَّنَة.
ورُوِي عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: إِذا حاضَتِ الْمَرْأَة حَرُمَ
الجُحْرَانِ، هَكَذَا رَوَاهُ بعض النَّاس بِكَسْر النُّون وَذهب
بِمَعْنَاهُ إِلَى فَرْجِها ودُبُرها. (وَقَالَ) بعضُ أهل الْعلم:
إِنَّمَا هُوَ الجُحْرانُ بِضَم النُّون اسْم للقُبُل خَاصَّة.
حرج: الحَرَجُ: المَأْثَم، وَرجل حَارِجٌ: آثِم، وَرجل حَرَج وحَرِج:
ضَيِّقُ الصَّدْر، وَأنْشد:
لَا حَرِجُ الصَدْرِ وَلَا عَنِيفُ
وقَوْلُ الله: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} (الأنعَام: 125)
وَقد حَرِجَ صَدْرُه أَي ضَاقَ فَلم يَنْشَرِح لخِير.
وَرجل مُتَحَرِّج: كافٌّ عَن الإِثْم. وَقَالَ الفَرّاء: قَرَأَهَا
ابْن عَبَّاس وَعمر {ضَيِّقاً حَرَجاً وَقرأَهَا النَّاس (حَرِجاً) ،
قَالَ: والحَرَج فِيمَا فَسّر ابنُ عَبَّاس هُوَ المَوْضِع الْكثير
الشَّجَر الَّذِي لَا تَصِلُ إِلَيْهِ الرّاعِيَة، قَالَ: وَكَذَلِكَ
صَدْرُ الكافِرِ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ الحِكْمَةُ، قَالَ: وَهُوَ فِي
كَسره ونصبه بِمَنْزِلَة الوَحَدِ والوَحِد، والفَرَد والفَرِد،
والدَّنَفِ والدَّنِف. وَقَالَ الزّجاج: الحَرَجُ فِي اللُّغَة:
أَضْيَق الضِّيق، وَمَعْنَاهُ أَنه ضَيِّقٌ جِدّاً، ومَنْ قَالَ: رَجُل
حَرَجُ الصَّدْرِ فَمَعْنَاه ذُو حَرَج فِي صَدره، ومَنْ قَالَ: حَرِج
جَعَلَه فَاعِلا، وَكَذَلِكَ رَجُل دَنَفٌ ذُو دَنَفٍ ودَنِفٌ نَعْتٌ.
وَقَالَ أَبُو الهيْثم: الحِراجُ: غِياضٌ من شجر السّلَم مُلْتَفَّة،
واحدتها حَرَجَة، والحَرَجَة من شدَّة التفافها لَا يَقْدِرُ أَحَد أَن
يَنْفُذَ فِيهَا، وَقَالَ العَجَّاجُ:
عايَنَ حَيّاً كالحِراج نَعَمُهُ
وَقَالَ اللَّيْث: أَحْرَجْتُ فلَانا: صَيَّرْتُه إِلَى الحَرَج،
وَهُوَ الضِّيقُ، وَقَالَ غَيْرُه: أَحْرَجْتُ فلَانا أَي أَلْجَأْتُه
إِلَى مَضِيق، وَكَذَلِكَ أَجْحَرْته وأَجْرَذْتُه بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَوْلهمْ: رجل مُتَحَرِّج كَقَوْلِك: رجل مُتأثِّم ومُتَحوّب
ومْتَحَنِّث: يُلْقِي الحَرَجَ والإِثْمَ والحُوبَ والحِنْثَ عَن
نَفسه، وَرجل مُتَلَوِّم إِذا تَرَبَّصَ بِالْأَمر يُرِيغُ إلْقاء
المَلاَمة عَن نَفسه، وَهَذِه حُروف جَاءَت مَعَانِيهَا مُخَالفَة
لألْفاظها قَالَ ذَلِك أَحْمد بن يحيى.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال لِلْغُبارِ السّاطع المُنْضم إِلَى حائِط أَو
سَنَد قد حَرِجَ إِلَيْهِ وَأنْشد:
وغارَةٍ يَحْرَجُ القَتامُ لَهَا
يَهْلِكُ فِيهَا المُنَاجِدُ البَطَلُ
(4/84)
وَيُقَال: أَحْرَجَنِي إِلَى كَذَا وَكَذَا
فحَرِجْت إِلَيْهِ أَي انْضَمَمْت، وَقَالَ أَبُو عُبَيد: تَحْرَجُ
العَيْن أَي تَحار، وَقَالَ اللَّيْث: معنى تَحْرَجُ العَيْن: لَا
تَطْرِف وَلَا تَنْصَرِف، وَأنْشد قَوْلَ ذِي الرُّمّة:
وتَحْرَجُ العَيْنُ فِيهَا حِين تَنْتَقِبُ
قَالَ: والحِرْجُ: قِلادَةُ كلب، وثَلاثَةُ أَحْرِجَة، وتُجْمَع على
أَحْراج وكِلابٌ مُحرَّجَة أَي مُقَلَّدَة، وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي
قَوله يصف الثور وَالْكلاب:
طاوِي الحَشَا قَصَرَتْ عَنهُ مُحَرَّجَة)
قَالَ: مُحَرَّجة: فِي أعناقها حِرْجٌ، وَهُوَ الوَدَع، والوَدَع:
خَرَز يُعَلَّق فِي أعناقها. وَقَالَ أَبُو سَعِيد: الحِرْجُ بِكَسْر
الْحَاء: نَصِيب الكَلْب من الصَّيْد، وَهُوَ مَا أَشْبَه الْأَطْرَاف
من الرَّأْس والكُراع والبَطْن، وَالْكلاب تطمع فِيهَا، وَقَالَ
الطِّرِمَّاح:
يَبْتَدِرْنَ الأَحْراج كَالثَّوْل والحِرْ
جُ لِرَبِّ الكِلاب يَصْطَفِدُهْ
يَصْطَفِدُه أَي يَدَّخِره ويَجْعَله صَفَداً لنَفسِهِ ويَخْتارُه،
شَبَّه الْكلاب فِي سُرْعتها بالزنابير وَهِي الثَّوْلُ، وَقَالَ
الْأَصْمَعِي: يُقَال: أَحْرِجْ لِكَلْبك من صَيْده فَإِنَّهُ أَدْعَى
لَهُ إِلَى الصَّيْد.
وَقَالَ المُفَضَّل: الحِرْج: حِبال تُنْصَبُ للسَّبُع، وَقَالَ
الشَّاعِر:
وشَرُّ النَّدامَى مَنْ تَبِيتُ ثِيابُه
مُخَفَّفَةً كأَنها حِرْجُ حابِلِ
وَيُقَال: حَرِجَ عَلَيَّ ظُلمك أَي حَرُم، وَيُقَال: أَحْرَجَ
امْرَأَتَه بطَلْقَة أَي حَرَّمَها وَيُقَال: أكْسَعَها بالمُحْرِجات،
يُرِيد بِثَلاَث تَطْلِيقَات.
والحَرَج: سَرِير الميِّت.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الحَرَج: خشب يُشَدّ بعضُه إِلَى بعض
يُحمل فِيهِ المَوْتَى.
وَقَالَ امرُؤُ الْقَيْس:
على حَرَج كالقَرّ تَخْفِقُ أكفانِي
وَأما قَول عنترة:
يَتْبَعْن قُلَّةَ رَأسه وكأنَّه
حَرَجٌ على نَعْش لَهُنَّ مُخَيَّمُ
فَإِنَّهُ وصف نَعامَةً يَتْبَعُها رِئالُها وَهِي تَبْسُط جناحيها
وتَجْعَلُها تحتهَا.
وحَرَجُ النَّعْش: شِجارٌ من خَشَب جُعِلَ فَوق نَعْش الميِّت: وَهُوَ
سَرِيره.
والحَرَجُ أَيْضا: مَرْكَبٌ من مراكب النِّسَاء كالهَوْدَج.
والحَرَج: الضّامر من الْإِبِل.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الحُرْجوج: الضامر من الْإِبِل وَجمعه
حَرَاجيحُ، والحَرَجُ مثلهَا. والحَرَجُ: أَن يَنْظُر الرجل فَلَا
يَسْتَطِيع أَن يَتَحَرَّك من مَكَانَهُ فَرَقا وغَيْظا. وَأَجَازَ
بَعضهم: نَاقَة حُرْجُجٌ بِمَعْنى الحُرْجوج.
وَقَالَ غَيره: حِراجُ الظَّلْماء: مَا كَثُف والْتَفّ. وَقَالَ ابْن
ميّادة:
أَلا طَرَقَتْنا أُمُّ أَوْس ودونها
حِراجٌ من الظَّلماء يَعْشَى غُرابُها
خص الغُراب لحدّة بَصَره، يَقُول: فَإِذا لم يُبْصر فِيهَا الْغُرَاب
مَعَ حدَّة بَصَره فَمَا ظنُّك بِغَيْرِهِ.
(4/85)
وَقَالَ اللَّيْث: الحُرْجوجُ: النَّاقة
الوقَّادة الْقلب، قَالَ: والحَرَج من الْإِبِل: الَّتِي لَا تُركب
وَلَا يَضْرِبها الْفَحْل ليَكُون أسمن لَهَا، إِنَّمَا هِيَ مُعَدّة.
قلت: وَالْقَوْل فِي الحُرْجوج والحَرَج مَا قَالَه أَبُو عُبيد
رِوَايَة عَن أبي عَمْرو، وَقَول اللَّيْث مَدْخُول.
وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس: (وحَرْثٌ حِرْجٌ) وَقَرَأَ النَّاس: {وَحَرْثٌ
حِجْرٌ} (الأنعَام: 138) ، حَدثنَا حَاتِم بن مَحْبُوب عَن عبد
الجبَّار عَن سُفيان عَن عَمْرو عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ يقْرَأ
(وحَرْث حِرْجٌ) أَي حرَام.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الحِرْج: الودَعَة، والحِرْجُ بِمَعْنى
الحِجْر: الْحَرَام، والحِرْج: مَا يلقَى للكلب من صَيْده، والحِرْجُ:
القِلاَدة لكل حَيَوَان، والحِرْجُ: الثِّيَاب الَّتِي تُبْسَط على
حَبْل لتجِفّ وجمعُها حِراجٌ فِي جَمِيعهَا.
وحَرَّجَ فُلان على فلَان إِذا ضيّق عَلَيْهِ.
جرح: اللَّيْث: الجَرْح: الفِعْل، تَقول: جَرَحْتُه جَرْحا، وَأَنا
أجْرَحه، والجُرْح: الِاسْم، والجِراحة: الْوَاحِدَة من طَعْنَة أَو
ضَرْبة، وقولُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (العجماء جَرْحُها
جُبار) بِفَتْح الْجِيم لَا غير.
وَقَول اللَّيْث: الجِراحة الْوَاحِدَة خطأ، وَلَكِن يُقَال: جُرْح
وجِراح وجِراحة، كَمَا يُقَال: حِجارة وجمالة وحِبالة لجَمْع الحَجَر
والحَبْل والجمل.
وَقَالَ اللَّيْث: جوارِح الْإِنْسَان: عوامِل جسده من يَدَيْهِ
وَرجلَيْهِ، واحدتها جارحة. والجوارِحُ من الطير والسِّباع: ذواتُ
الصَّيْد، الْوَاحِدَة جارحة: فالبازي جارحة، وَالْكَلب الضَّاري
جارحة: سُمِّيت جوارِح لِأَنَّهَا كواسِبُ أنفُسِها من قَوْلك: جَرَحَ
واجتَرَح إِذا اكْتسب.
قَالَ الله: {يُوقِنُونَ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُواْ
السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ} (الجاثية: 21) .
وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ
أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِّنَ الْجَوَارِحِ}
(المَائدة: 4) فَفِيهِ مَحْذوف أَرَادَ جلّ وعزّ: وأحلَّ لكم صيد مَا
عَلَّمْتم من الجَوارِح فَحذف لِأَن فِي الْكَلَام دَلِيلا عَلَيْهِ،
وَيُقَال: جَرَحَ الْحَاكِم الشَّاهِد إِذا عثَر مِنْهُ على مَا تسقُطُ
بِهِ عَدَالَته من كذب وَغَيره، وَقد استُجْرِح الشَّاهِدُ.
ورُوِي عَن بعض التَّابِعِين أَنه قَالَ: كثُرت هَذِه الأحاديثُ
واسْتَجْرَحتْ أَي فَسدتْ وقَلَّ صِحاحُها.
وَقَالَ عبد الْملك بن مَرْوَان: وعَظْتكم فَلم تزدادوا
بِالْمَوْعِظَةِ إِلَّا اسْتِجْراحاً أَي فَسَادًا.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: يُقال: لإناث الخَيْل جوارحُ، واحدتُها جارحة:
لِأَنَّهَا تُكْسِبُ أَرْبَابهَا نِتَاجَها. وَيُقَال: مَا لَهُ
جارِحَة أَي مَا لَهُ أُنْثَى ذاتُ رَحِم تحمِل، وَمَا لَهُ جارِحَة
أَي مَا لَهُ كاسِب. وَفُلَان يَجْرَحُ لِعِيَالِهِ ويَجْتَرِح،
ويَقْرِش ويَقْتَرِش بِمَعْنى وَاحِد.
ابْن شُمَيل: جوارح المَال: مَا وَلَد يُقَال: هَذِه الْجَارِيَة،
وَهَذِه الْفرس والنَّاقة والأتان من جوارح المَال أَي أَنَّهَا
شابَّةٌ مُقْبلة الرَّحم والشَّباب، يُرْجَى ولَدُها.
رجح: قَالَ اللَّيْث: الراجِح: الوازِن. يُقَال:
(4/86)
رَجَحتُ الشيءَ بيَدي أَي وزنتُه وَنظرت
مَا ثِقْلُه، وأرْجَحتُ الْمِيزَان أَي أثقَلتُه حَتَّى مَال، ورَجَح
الشيءُ نفسُه يَرْجَح رُجْحانا ورُجُوحا وَيُقَال: زِنْ وأرْجِح
وأَعْطِ راجحا، وحِلْم راجِح: يَرْزُن بِصَاحِبِهِ فَلَا يُخِفُّه
شَيْء.
والأُرْجُوحة هِيَ المَرْجوحة الَّتِي يُلْعَب بهَا. وأراجيح الإبِل:
اهتزازُها فِي رَتَكانها، وَأنْشد:
على رَبِذٍ سَهْوِ الأراجيح مِرْجَم
وَالْفِعْل الارتِجاح والتَّرجُّح، وَهُوَ التَّذَبْذُب بَين
شَيْئَيْنِ.
والمِرجاحُ من الْإِبِل: ذُو الأراجيح.
وَقوم مراجيحُ: حُلماءُ، واحدهم مِرْجاح ومِرْجَح.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
من شباب تراهُمُ غيرَ مِيلٍ
وكُهُولا مراجِحاً أحلاما
غَيره: كتائِبُ رجُحٌ: جرّارة ثَقيلَة. وجِفان رُجُحٌ: مَمْلُوءَة من
الثَّريد وَاللَّحم.
قَالَ لبيد:
وَإِذا شَتَوْا عادَتْ على جِيرانهم
رُجُحٌ يُوَفِّيها مَرابِعُ كُومُ
أَي قِصاعٌ يَمْلَؤُها نوقٌ مَرابِع، وَقَالَ فِي الكتائِبِ:
بِكَتائبٍ رُجُحٍ تَعَوَّدَ كَبْشُها
نَطْحَ الكِباش كَأَنَّهُن نُجومُ
ونخيلٌ مَراجيح إِذا كَانَت مَواقِيرَ، وَقَالَ الطِرمَّاح:
نَخْل القُرى شالَتْ مراجِيحُه
بالوِقْر فانْدالَتْ بِأَكْمامِها
اندالت: تدلت أكمامها حِين ثقل ثمارها عَلَيْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَراجِيحُ: الفَلَوات كَأَنَّهَا تَتَرَجَّح بمَنْ
سَار فِيهَا أَي تُطَوِّح بِهِ يَمِينا وَشمَالًا وَقَالَ ذُو
الرُّمَّة:
بِلاَلٍ أَبي عَمْرو وَقد كَانَ بَيْننَا
أراجِيحُ يَحْسِرْنَ القِلاَص النَّواجِيا
أَي فيافٍ تَرَجَّح برُكْبانها
قلت: وَيُقَال لِلْجَارِيَةِ إِذا ثَقُلت روادِفُها فتَذَبْذَبَت هِيَ
تَرْتَجِح عَلَيْهَا، وَمِنْه قَوْله:
ومَأْكَماتٍ يَرْتَجِحْن وُرَّمَا
وَيُقَال للحبل الَّذِي يُتَرجَّح فِيهِ: الرُّجّاحة والنُّوّاعة
والنُّوّاطة والطُّوّاحة.
ح ج ل
حجل، جحل، حلج، لحج، جلح، لجح: مستعملات.
حجل: قَالَ اللَّيْث: الحَجَلُ: القَبَج، الْوَاحِدَة حَجَلة. وسمعتُ
بعض الْعَرَب يَقُول: قَالَت القَطا للحَجَل: حَجَلْ حَجَلْ، تَفِرُّ
فِي الْجَبَل، من خشيَة الرَّجل. فَقَالَت الحجَل للقطا: قَطَاقَطَا،
بَيْضُكِ ثِنْتا، وبَيْضِي مِائَتا. قلت: الحَجَل: إناث اليَعاقِيب،
واليَعاقِيبُ: ذُكورها، ورَوى ابنُ شُمَيْل حَدِيثا أنّ النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (اللَّهُمّ إِنِّي أَدعو قُريْشًا وَقد
جعَلوا طَعَامي كطعام الحَجَل) . قَالَ النَّضْر: الحَجَل هُوَ القَبَج
يَأْكُل الحبّة بعد الحبّة لَا يَجِدّ. قلت: أَرَادَ أَنهم لَا
يَجِدّون فِي إجَابَتِي، وَلَا يَدْخُل
(4/87)
مِنْهُم فِي دين الله إِلَّا الخَطِيئَةُ
بعد الْخَطِيئَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَجَلَة للعَرُوس، والجميع الحِجال. وَقَالَ
الفرزدق:
رَقَدْن عَلَيْهِنَّ الحِجالُ المُسَجَّف
قَالَ: الحِجال وَهِي جمَاعَة، ثمَّ قَالَ: المُسَجَّف فذَكَّر: لِأَن
لفظ الحِجال لفظُ الْوَاحِد مثل الجِدار والجِراب، وَمثله قَول الله:
{وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحىِ الْعِظَامَ} (يس: 78) وَلم يَقُل:
رَمِيمة.
اللَّيْث: الحَجْل: مشي المُقَيَّد، قَالَ: وَالْإِنْسَان إِذا رفع
رجلا وتوثَّب فِي مَشْيه على رِجْل فقد حَجَلَ، ونَزَوان الغُراب:
حَجْلُه. وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لزيد: أَنْت
مَوْلَانَا فحَجَلَ. قَالَ أَبُو عُبيد: الحَجْل: أَن يَرْفَع رِجْلاً
ويقفِزَ على الْأُخْرَى من الْفَرح، وَقد يكون بالرِّجْلَين جَمِيعًا
إِلَّا أَنه قَفزٌ وَلَيْسَ بمَشْي.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَجْل والحِجْل لُغَتَانِ، وَهُوَ الخَلْخال،
قَالَ: وحِجْلا القَيْدِ: حَلْقَتاه. الحرَّاني عَن ابْن السّكيت:
الحِجْل: الْخَلْخال: وَجمعه حُجُول، وَنَحْو ذَلِك رَوَى أَبُو عُبيد
عَن أَصْحَابه حِجْل بِكَسْر الْحَاء، وَمَا علمتُ أحدا أجَاز الحِجْل
غير مَا قَالَه اللَّيْث وَهُوَ غَلَط. وَقَالَ عَدِيّ:
أعاذِلُ قد لاقيتُ مَا يَزَعُ الفَتَى
وطابقتُ فِي الحِجْلين مَشْيَ المُقَيَّد
وَقَالَ ابْن السّكّيت: حَجَل يَحْجُلُ حَجْلاً إِذا مَشَى فِي
القَيْد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَن المُفَضَّل أنْشدهُ:
إِذا حُجِّلَ المِقْرَى يكون وفاؤُه
تَمامَ الَّذِي تَهْوِي إِلَيْهِ المَوَارِد
قَالَ: المِقْرى: القَدَح الَّذِي يُقْرَى فِيهِ، وتَحْجِيلُه: أَن
تَصُبَّ فِيهِ لُبَيْنَة قَليلَة قَدْر تَحْجِيل الْفرس ثمَّ يُوَفَّى
المِقْرى بِالْمَاءِ، وَذَلِكَ فِي الجُدُوبة وعَوَز اللّبن. وَقَالَ
أَبُو نصر عَن الأصمعيّ: إِذا حُجِّل المِقْرى أَي سُتِر بالحَجَلة
ضَنّاً بِهِ ليشربوه هم.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّحْجِيل: بَيَاض فِي قَوائم الفرَسِ. تَقول: فرس
مُحَجَّل، وَفرس بادٍ حُجولُه، قَالَ الْأَعْشَى:
تَعَالَوْا فإنّ العِلْمَ عِنْد ذَوي النُّهى
من النَّاس كالبَلْقَاء بادٍ حُجُولُها
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: المُحَجَّلُ من الْخَيل: أَن تكون قوائمه
الْأَرْبَع بِيضاً يبلغ الْبيَاض مِنْهَا ثُلُث الوَظِيف وَنصفه أَو
ثُلثَيْهِ بعد أَن يتَجَاوَز الأَرْساغ، وَلَا يَبْلُغ الرُّكْبَتَين
والعُرْقُوبين، فَيُقَال: مُحَجَّل القوائم فَإِن بلغ البياضُ من
التحجيل رُكبَة الْيَد وعُرْقُوبَ الرِّجْل فَهُوَ فرس مُجَبَّب، فَإِن
كَانَ الْبيَاض بِرِجْليه دون الْيَد فَهُوَ مُحَجَّل إِن جَاوز
الأرساغ، وَإِن كَانَ البَيَاضُ بِيَدَيْه دون رجلَيْهِ فَهُوَ
أَعْصَمُ، فَإِن كَانَ فِي ثلاثِ قوائمَ دون رِجْل أَو دون يَدٍ فَهُوَ
مُحَجَّل الثَّلَاث مُطْلَق الْيَد أَو الرِّجل، وَلَا يكون
التَّحْجِيل وَاقعا بِيَدٍ وَلَا يَدَيْن إِلَّا أَن يكون مَعهَا أَو
مَعَهُمَا رجل أَو رجلَانِ.
قلت: وأُخِذ تحجيلُ الْخَيل من الحِجْل وَهُوَ حَلْقة القَيْد، جُعِلَ
ذَلِك الْبيَاض فِي
(4/88)
قَوَائِمهَا بِمَنْزِلَة القُيُود، وجَمْع
الحِجْل حُجُول.
وَيُقَال: أَحْجَلَ الرَّجُلُ بَعِيرَه إحجالا إِذا أطلق قيدَه من يَده
اليُمنى وشَدّه فِي الأُخْرى. وحَجَّل فلَان أمرَه تَحْجِيلا إِذا
شَهَرَه، وَمِنْه قَول الْجَعدِيّ يهجو لَيْلَى الأَخْيَليَّة:
أَلاَ حَيِّيَا ليلَى وقولا لَهَا هَلاَ
فقد رَكِبتْ أَمراً أَغَرّ مُحَجَّلا
وضَرْع مُحجَّل: بِهِ تَحجيل من أثر الصِّرار، وَقَالَ أَبُو النَّجم:
عَن ذِي قَرَاميصَ لَهَا مُحَجَّلِ
وحَجَّلَتِ المرأَةُ بنانَها إِذا لَوَّنَت خضابها.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: نَعجةٌ حَجْلاء، وَهِي البيضاءُ الأَوْظِفة
وسائرها أَسْود.
عَمْرو عَن أَبِيه: الحُجَيْلاَءُ: المَاء الَّذِي لَا تصيبه الشَّمْس.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَوْجَلة: مَا كَانَ من القوارِير من صغارها واسعَ
الرَّأْس، وَأنْشد:
كأنَّ عَيْنَيْهِ من الغُؤُورِ
قَلْتَان أَوْ حَوْجَلَتا قَارُور
أَبُو الْعَبَّاس: عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحَواجِل:
القوارِيرُ، والسَّواجِل: غُلُفها، وَأنْشد ابْن الْأَنْبَارِي:
نَهْج تَرَى حوله بَيْضَ القَطَا قَبَصاً
كأنّه بالأفاحِيص الحَواجيلُ
حواجِلٌ مُلِئَت زَيتاً مُجَرَّدَة
لَيست عليهنّ من خُوص سَواجِيلُ
قَالَ: القَبَصُ: الجماعاتُ والقِطَع، والسّواجيلُ: الغُلُف، وَاحِدهَا
ساجُول وسَوْجَل.
قَالَ: وحَجَل الإبِل: صِغارُ أَوْلَادهَا وحَشْوُها، قَالَ لَبِيد:
لَهَا حَجَلٌ قد قرّعَت من رُؤوسه
لَهَا فوقَه ممّا تَحلَّب واشل
قَالَ ابْن السِّكِّيت: اسْتعَار الحَجل فَجَعلهَا صِغار الْإِبِل.
والتَّحجيل والصّليبُ: سِمَتان من سِماتِ الْإِبِل.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة يصف إبِلا:
يَلُوحُ بهَا تَحجيلُها وصَليبُها
وَأما قَول الشَّاعِر:
ألم تَعْلَمي أنّا إِذا القِدْر حُجِّلَت
وأُلْقِي عَن وَجْه الفَتاةِ سُتُورُها
حُجّلت القِدْر أَي سُتِرت كَمَا تُسْتَر العَرُوس فَلَا تَبْرُز.
وَيُقَال: حَجَلَتْ عينُه وحَجَّلَت إِذا غارت، وَأنْشد أَبُو عُبيدة:
حَواجِلُ العُيون كالقِداح
وَقَالَ آخر فِي الْإِفْرَاد دون الْإِضَافَة:
حَواجِلٌ غائِرَة العُيون
جحل: اللَّيْث: الجَحْل: ضرب من اليعاسِيب من صغارها، والجميع
الجِحْلان.
أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: الجَحْلُ: ضَرْب من الحِرْباء.
الحرّاني عَن ابْن السّكّيت قَالَ: الجَحْل هُوَ من الضِّبابِ:
الضَّخم.
(4/89)
أَبُو زيد: الجَحْلُ السِّقاء الضَّخْم أَو
الزّقّ، قَالَ: والجَحْل: صَرْعُ الرجلِ صَاحبه. يُقَال: جَحَلَه
جَحْلا إِذا صَرَعَه.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: ضَرَبَه ضَرْبا فجَحَلَه، وَيُقَال
بِالتَّشْدِيدِ: جَحَّله إِذا صَرَعَه.
ابْن الْأَعرَابِي: الجَحْلاء من النوق: الْعَظِيمَة الْخلق.
قَالَ: والجُحال: السُّمُّ.
والجَحْلُ: السَّيِّد من الرِّجَال. والجَحْل: ولدُ الضَّبّ. والجَحْل:
يَعْسُوب النَّحْل.
لحج: قَالَ اللَّيْث: اللَّحَجُ: الغَمَصُ نَفسه.
واللحْج مجزوم هُوَ المَيْلُولة، وَيُقَال: التَحَجُوا إِلَى كَذَا
وَكَذَا، وألْحَجَهُم إِلَيْهِ كَذَا أَي أمالهم وَأنْشد قَول العجاج:
أَوْ تَلْحَجُ الألسُنُ فِينَا مَلْحَجا
أَي تَقول فِينَا فتميل عَن الحَسَنِ إِلَى الْقَبِيح.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: لَحْوَجْتُ الخبَر لَحْوجة: خَلَّطْتُه
عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْفراء: لَحّجَهُ تلْحِيجاً إِذا أظهر غير مَا فِي نَفسه.
الْأَصْمَعِي وَغَيره: أَتَى فلَان فلَانا فَلم يجد عِنْده مَوئِلا
وَلَا مُلْتَحجاً وَأنْشد:
حُبَّ الضَّرِيكِ تِلاَدَ المالَ زَرَّمَه
فَقْرٌ وَلم يتَّخِذ فِي النَّاس مُلْتَحَجَا
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: ألحاجُ الْوَادي: نواحيه وأطرافه،
وَاحِدهَا لُحْجُ.
غَيره: لَحِجَ الشَّيْء إِذا ضَاقَ، ولحِجَتْ عينُه، وَقَالَ
الشَّمّاخ:
بخَوْصَاوَيْنِ فِي لُحْجٍ كَنينِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لزوايا الْبَيْت: الألْحاجُ
والأدْحال والجوازي والحراسم والأخصام والأكسار والمَزْوِيّاتُ.
قَالَ: والملاحِيج: الطّرق الضيقة فِي الْجبَال.
وَفِي (النَّوَادِر) : لحجه بالعصا إِذا ضربه، ولحجَه بِعَيْنِه.
لجح: أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: اللُّجْحُ الْجِيم قبل الْحَاء:
الشَّيْء يكون فِي الْوَادي نحوٌ من الدَّحْل فِي أَسْفَله وأسفل
الْبِئْر والجبل كَأَنَّهُ نَقْب.
قَالَ شمر: وأنشدني ابْن الْأَعرَابِي:
بادٍ نواحِيه شَطُون اللُّجْح
قَالَ: وَالْقَصِيدَة على الْحَاء. وَأَصله اللحج الْحَاء قبل الْجِيم
فقُلِب.
جلح: الجَلحُ: ذهَاب الشّعْر من مُقدَّم الرَّأْس، والنعت أَجْلَج
وجَلْحَاءُ. أَبُو عُبيد: إِذا انحسر الشّعْر عَن جَانِبي الْجَبْهَة
فَهُوَ أنْزَع، فَإِن زَاد قَلِيلا فَهُوَ أَجْلَحُ، فَإِذا بلغ
النّصْف وَنَحْوه فَهُوَ أجْلَى ثمَّ هُوَ أَجْلَه، وَجمع الأَجْلح
جُلْحٌ وجُلْحان.
اللَّيْث: جُلاح: اسمُ أبي أُحَيْحة بن الجُلاح الخزرجي.
قَالَ: والتَّجْليح: التَّصْميم فِي الأمْر والمُضِيُّ، يُقَال: جَلَّح
فِي الْأَمر فَهُوَ مُجَلِّح.
وَقَالَ أَبُو زيد: جَلَّح على الْقَوْم تَجْليحا إِذا
(4/90)
حَمَل عَلَيْهِم، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
عصافِيرٌ وذِبَّان ودُودٌ
وأَجْرَأُ من مُجَلِّحَة الذِّئَاب
وَقَالَ لبِيد يصف فَلاةً:
فكُنَّ سفينَها وضَرَبْنَ جَأْشاً
لخَمْسٍ فِي مُجَلِّحة أَزُومِ
أَي مفازة مُنكَشِفة بالشرّ.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: المُجَلِّح: الْكثير الْأكل،
والمُجَلَّح: المأْكُول، وَقَالَ ابْن مُقْبل:
... إِذا اغْبَرَّ العِضاهُ المُجَلَّحُ
وَهُوَ الَّذِي أُكِل حَتَّى لم يُتْرَك مِنْهُ شَيْء.
قَالَ ابْن السّكيت: جَلَحَ المالُ الشجرَ يَجْلَحُه جَلْحاً إِذا أكل
أَعْلَاهُ. قَالَ: والمجلوح: الْمَأْكُول رأسُه وَأنْشد:
أَلا ازْحَمِيه زَحْمةً فَرُوحي
وجاوِزِي ذَا السَّحَمِ المجلُوح
المأْكُول رَأسه.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّاقة المجْلاحُ هُوَ المُجَلَّحَة على السَّنَة
الشَّدِيدة فِي بَقَاء لَبنهَا، والجمِيعُ المجاليح، وَقَالَ أَبُو
ذُؤَيْب:
المانِحُ الأَدَمَ والخُورَ الهِلابَ إِذا
مَا حارد الخُورُ واجْتُثَّ المجاليحُ
قَالَ: المجاليح: الَّتِي لَا تُبَالي قُحوطَ الْمَطَر، قلت: مجاليح
الْإِبِل: الَّتِي تقضم العِيدان إِذا أقحطت السَّنَةُ فتَسْمَنُ
عَلَيْهَا.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: المجاليحُ من النوق: الَّتِي
تَدِرُّ فِي الشتَاء.
والتّجليح: السَّيْر الشّديدُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: جَلَّح علينا أَي أَتَى علينا.
اللَّيْث: الجالحة، والجوالح: مَا تطاير من رُؤوس النَّباتِ شِبْه
القُطْن فِي الرِّيح وَمَا أشبه ذَلِك من نَسْج العنكبوت، وَكَذَلِكَ
الثَّلج إِذا تهافت.
قَالَ: والجلْحَاء من البَقَر: الَّتِي تَذْهَب قرناها أُخُرا.
وقرية جَلْحاءُ: لَا حِصْن لَهَا، وقُرى جُلْح، وبقر جُلْح: لَا قُرون
لَهَا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَنْشدني ابْن أبي طَرَفة:
فسكَّنتُهم بالْقَوْل حَتَّى كأنَّهم
بَوَاقِرُ جُلْحٌ سَكَّنَتْها المراتِعُ
وَفِي حَدِيث أبي أَيُّوب: (مَنْ بَات على سطح أَجْلح فَلَا ذِمَّة
لَهُ) .
قَالَ شمر: هُوَ السَّطْح الَّذِي لم يُحجَّر بجدار وَلَا غَيره مِمَّا
يَرُدُّ الرجل، قَالَ: والأَجْلَح من الثَّيران: الَّذِي لَا قَرْن
لَهُ.
وبقرة جَلْحَاء، وهودج أَجْلَح: لَا رَأْس لَهُ. وأكمة جَلْحَاء: إِذا
لم تكن محددة الرَّأْس، وَفِي الحَدِيث: (إِن الله ليُؤدِّي الْحُقوق
إِلَى أَهلهَا حَتَّى يَقُصَّ للشاة الجَلْجاء من الشَّاة القرناء
نَطْحَتْها، قلت: وَهَذَا يبين لَك أَن الجلحاءَ من الشاءِ وَالْبَقر
بِمَنْزِلَة الْجَمَّاء الَّتِي لَا قرن لَهَا.
حلج: أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه: حَلَج إِذا مَشى قَلِيلا
قَلِيلا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: حَلَج الديكُ يَحلِجُ حلْجاً إِذا نشر
جنَاحيه وَمَشى إِلَى أُنثاه ليَسْفِدها.
(4/91)
قَالَ: والحُلُج: عُصَارا الحِنَّاء.
والحُلُج هِيَ التُّمور بالألْبان: والحُلُج أَيْضا: الكثيرو الْأكل.
ابْن السّكيت: الْحلِيجة: عُصارة نِحْيٍ أَو لبَن أُنْقِعَ فِيهِ تمر.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) يُقَال: حَجَنْت إِلَى كَذَا حُجونا،
وحاجَنْتُ وأَحْجَنْتُ وأَحْلَجْتُ، وحالجْتُ، ولاحَجْتُ ولَحَجْتُ
لُحُوجاً وَتَفْسِيره لُصوقُك بالشَّيْء ودخولك فِي أضعافه.
اللَّيْث: الْحَلجُ: حَلْج الْقطن بالمحلاج على المِحلَج.
وَقَالَ: والْحَلْجُ فِي السّير كَقَوْلِك: بَيْننَا وَبينهمْ حَلْجَةٌ
صَالِحَة وحَلْجَةٌ بعيدَة. قلت: الَّذِي سمعتُه من الْعَرَب:
الْخَلْجُ فِي السّير بِالْخَاءِ، يُقَال: بَيْننَا وَبينهمْ خَلْجة
بعيدَة، وَلَا أُنْكر الْحَاء بِهَذَا الْمَعْنى، غير أَن الْخلْجَ
بِالْخَاءِ أَكثر وَأفْشى من الحلْج.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: دَعْ مَا تَحَلَّج فِي صدرك وتَخَلَّج أَي
شَككت فِيهِ.
قَالَ شمر: وهما قريبان من السّواء.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: تَحَلّج فِي صَدْرِي وتَخَلَّج أَي شككتُ فِيهِ،
وَفِي حَدِيث عَدِيّ بن حَاتِم (لَا يَتَحَلَّجَنَّ فِي صدرك طَعَام
ضارَعْتَ فِيهِ النَّصْرَانيّة) .
قَالَ شمر: معنى لايَتَحَلَّجَنَّ أَي لَا يدخُلَنَّ قلبَك مِنْهُ شيءٌ
يَعْنِي أَنه نظيف.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للحِمار الْخَفِيف: مِحْلج
ومِحْلاج، وَجمعه المَحاليج. والحَلِيجة: عُصارَة الْحِنّاء.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: المحاليج: الحُمُر الطِّوالُ.
ح ج ن
حجن، حنج، جنح، جحن، نجح: مستعملات.
حجن: قَالَ اللَّيْث: الحَجَن: اعْوِجَاج الشَّيْء الأَحْجَن، والصقر
أحجن المنقار، وَمن الأنوف أَحْجَن وَهُوَ مَا أَقبلت رَوْثَتُه نَحْو
الْفَم، واستأْخَرَت ناشزتاه قُبْحاً، والناشِزَة: حرف المَنْخَر.
والحُجْنة: مصدر كالْحَجَن وَهُوَ الشَّعَر الَّذِي جُعودتُه فِي
أَطْرَافه، والْحُجْنَةُ أَيْضا: مَوضِع أَصَابَهُ اعْوِجاج من
الْعَصَا.
والمِحْجَن: عَصا فِي طرفها عُقَّافة، وَالْفِعْل بهَا الاحتجان، وَمن
ذَلِك يُقَال للرجل إِذا اخْتَص بِشَيْء لنَفسِهِ: قد احْتجنه لنَفسِهِ
دون أَصْحَابه.
وَتقول: حَجَنتُه عَنهُ أَي صَدَدتُه وصرفته وَمِنْه قَوْله:
وَلَا بدَّ للمشعُوفِ من تَبَعِ الْهوى
إِذا لم يَزَعْه من هوى النَّفس حاجن
والغَزوة الحَجُون: الَّتِي يُظْهَرُ غَيرهَا ثمَّ يُخالَف إِلَى غير
ذَلِك الْموضع) ، ويُقْصدُ إِلَيْهَا يُقَال: غزاهم غَزْوَة حَجُونا،
وَيُقَال هِيَ الْبَعِيدَة.
والحَجُون: مَوضِع بِمَكَّة، وَمِنْه قَوْله:
فَمَا أَنْت من أهل الحَجُون وَلَا الصَّفَا
وَلَا لَك حَقُّ الشِّرْبِ فِي مَاء زَمْزَم
وَقَالَ غَيره: حَجَنْتُ الْبَعِير فَأَنا أَحْجنِهُ وَهُوَ بعير محجون
إِذا وُسِم بسمة المِحْجن،
(4/92)
وَهُوَ خطّ فِي طرفه عَقْفة مثل مِحْجَن
الْعَصَا.
أَبُو عبيد التَّحْجِين: سِمَةٌ مُعْوَجَّة.
وَفُلَان مِحْجَنُ مَال أَي حسن الْقيام على المَال وَأنْشد:
مِحْجَنَ مالٍ حَيْثُما تَصرَّفا
وَفِي الحَدِيث: (تُوضَع الرّحِمُ يَوْم الْقِيَامَة لَهَا حُجْنَةٌ
كحُجْنة المِغْزَل. قيل: حُجْنة المغزل صِنَّارَتُها. وَهِي الحديدة
العقْفَاءُ الَّتِي يُعلَّق بهَا الْخَيط، ثمَّ يفتل الغَزْل، وكل
مُنْعَقِف أَحْجَن.
واحْتجانُ المَال: إِصْلَاحه وَجمعه وضمُّ مَا انْتَشَر مِنْهُ.
واحتجان مَال غَيْرك: اقتِطاعه وسَرِقَتهُ.
وَصَاحب المِحْجَن فِي الْجَاهِلِيَّة: رجل كَانَ مَعَه مِحْجَن
وَكَانَ يقعدُ فِي جادَّة الطَّرِيق فيأخُذُ بمحْجَنه الشَّيْء بعد
الشَّيْء من أثاث الْمَارَّة، فَإِن عُثِر عَلَيْهِ اعْتَلَّ بِأَنَّهُ
تعلق بِمِحْجَنِهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الأحْجَن: الشعَرُ الرَّجِلُ والحُجنة: الرَّجَل
والسبِطُ الَّذِي لَيست فِيهِ حِجْنة، وسرتُ عَقَبَة حجوناً أَي
بعيدَة.
جحن: أَبُو عُبيد عَن الكِسائي: الجَحِن: السّيِّء الغِذاء وَقد
أجحَنَتْه أُمُّه، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فِي المُجْحَن مِثْلَه.
وَقَالَ أَبُو زيد: الجَحِن: البطيء الشَّباب. وَقَالَ الشَّمّاخ:
وَقد عرِقت مَغابِنُهَا وجادت
بِدرَّتها قِرَى جَحِنٍ قَتِينِ
يَعْنِي أَنَّهَا عَرِقَت فَسَار عرقها قِرًى للقُراد. ومَثَلٌ من
الْأَمْثَال: (عجِبْتُ أَن يَجِيء من جَحِنٍ خَيْرٌ) .
اللَّيْث: جَيْحون، وجيْحان: اسْم نهر جَاءَ فيهمَا حَدِيث.
وَقَالَ غَيره: نَبْت جَحِنٌ: زَمِرٌ صَغِير مُعَطَّش، وكل نَبْتٍ
ضَعُفَ فَهُوَ جَحِن.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال جحَن وأجحَنَ وجَحَّن، وحَجَنَ
وأحجَن وحجَّن، وجحَدَ وأجْحَدَ وجَحَّد كُله مَعْنَاهُ إِذا ضَيَّق
على عِياله فَقْراً أَو بُخْلاً.
وَيُقَال: حُجيْناء قلبِي ولُوَيْحاء قلبِي ولُوَيْذَاءُ قلبِي يَعْنِي
مَا لزم القلبَ.
جنح: اللَّيْث: جَنَحَ الطائِرُ جُنوحاً إِذا كَسَر من جناحَيْه ثمَّ
أقبل كالواقع اللاّجِىء إِلَى مَوضِع.
وَقَالَ الشَّاعِر:
تَرَى الطيرَ العِتاق يَظَلْن مِنْهُ
جُنُوحاً إِن سَمِعْن لَهُ حسِيسَا
والرجلُ يَجْنح إِذا أقبل على الشَّيْء يعمله بيدَيْهِ، وَقد حَنَى
عَلَيْهِ صدرَه، وَقَالَ لَبِيد:
جُنُوحَ الهالِكِيّ على يَدَيْهِ
مُكِبّاً يَجْتَلي نُقَب النِّصالِ
والسفينةُ تجنَح جُنُوحاً إِذا انْتَهَت إِلَى المَاء الْقَلِيل
فلَزِقت بِالْأَرْضِ فَلم تمْضِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: جَنَح الرّجلُ إِلَى الْحَرورِيّة، وجَنَح لَهُم
إِذا تَابعهمْ وخضع لَهُم.
وَقَالَ اللَّيْث: اجتنح الرّجل على رِجْله فِي مَقْعدِه إِذا انكَبّ
على يديْه كالمتكىء على يَدٍ وَاحِدَة.
(4/93)
وروى أَبُو صَالح السَّمَّان عَن أبي
هُرَيْرة أنَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمَرَ
بالتَّجَنُّح فِي الصَّلَاة فشَكا ناسٌ إِلَى النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم الضَّعْفَ فَأَمرهمْ أَن يستعينوا بالرُّكَب. قَالَ
شمر: التّجنُّح والاجْتِناح كَأَنَّهُ الِاعْتِمَاد فِي السُّجود على
الكَفّيْن والادِّعامُ على الرّاحتيْن وتَرْكُ الافْتراشِ للذِّرَاعين،
قَالَ: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: جَنَح الرجلُ على مَرْفِقَيْه إِذا
اعْتمد عَلَيْهِمَا وَقد وضعهما بِالْأَرْضِ أَو على الوِسادة يَجْنحُ
جُنوحاً وجَنْحاً.
قَالَ شمر: وَمِمَّا يُصَدِّق ذَلِك حَديثُ النُّعْمان بن أبي عَيّاش
قَالَ: شكا أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِ
الاعتمادَ فِي السُّجود، فرخَّص لَهُم أَن يستعينُوا بمرافِقِهم على
رُكَبهم.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الاجْتِناحُ فِي النَّاقة: كَأنّ مُؤَخّرها
يُسْنَد إِلَى مُقَدَّمها من شدَّة اندفاعها يَحْفِزُها رِجْلاها إِلَى
صدرها.
وَقَالَ شمر: اجتنَحَتِ النّاقةُ فِي سَيْرها إِذا أَسْرَعَت وَأنْشد:
من كُلِّ وَرْقاء لَهَا دَفٌّ قَرِحْ
إِذا تَبادَرْنَ الطريقَ تجْتَنِحْ
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: المُجْتَنِح من الخيْل: الَّذِي يكون حُضْرُه
وَاحِدًا لأحد شِقَّيْه يَجْتنِح عَلَيْهِ أَي يعْتَمِدُه فِي حُضْره.
وَقَالَ اللَّيْث: جَنَح الظَّلامُ جنوحاً إِذا أقبل اللَّيْل. وجنحُ
الظلام وجُنْحهُ لُغَتَانِ، وَيُقَال: كَأَنَّهُ جِنْحُ ليل يُشَبَّه
بِهِ العسكرُ الجرار.
غَيْرِ سُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ} (القَصَص: 32) معنى جَنَاحك
هُنَا العَضُد، وَيُقَال: اليدُ كُلّه جَناحٌ، وَقَالَ فِي قَوْله جَلّ
وَعز: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}
(الإسرَاء: 24) أَي أَلِنْ لَهما جانِبَك.
اللَّيْث: جَنَحَتِ الْإِبِل فِي سَيرهَا إِذا أسرعت، والنَّاقةُ
الباركةُ إِذا مَالَتْ على أحد شِقَّيها يُقَال: جَنَحَت، وَقَالَ ذُو
الرُّمَّة:
إِذا مَال فَوق الرَّحْل أَحْييْتِ نَفْسه
بِذِكْراك والعِيسُ المَراسيلُ جُنَّحُ
وَيُقَال للناقة إِذا كَانَت واسِعةَ الْجَنْبَيْن إِنَّهَا لمجنحة
الْجَنْبَين.
وجَوَانِح الصَّدْر من الأضلاعِ: المتصلةُ رُؤوسُها فِي وَسْطِ
الزَّوْر، الْوَاحِدَة جانِحَة.
وَيُقَال: أقمتُ الشيءَ فاستقَام، وأجنحتُ الشيءَ أَي أَمَلْته فجنح
أَي مَال، وَقَالَ الله: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا}
(الأنفَال: 61) أَي إِن مالوا إِلَيْك للصلح فمِلْ إِلَيْهَا،
والسِّلْمُ: المُصَالَحة، وَلذَلِك أُنِّثَتْ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ جُنَاحَ
عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ} (البَقَرَة: 235) الْجُنَاحُ:
الْجِنَايَة والْجُرْمُ، وَأنْشد قولَ ابْن حِلِّزَةَ:
أَعلينا جُناحُ كِنْدَةَ أَنْ يَغْ
نَمَ غَازِيهُمُ ومِنَّا الجَزَاءُ
(4/94)
وصف كِنْدَةَ بِأَنَّهُم جَنَوْا على بني
تَغْلِبَ جِنَايَة، ثمَّ فسر الْجِنَايَة أَن يَغْنَم غَازِيهم بأَنهم
غَزَوْكم فَقَتَلُوكم، وتحمِّلُونَنَا جَزَاء فِعْلهم أَي عِقابَ
فعلهم، وَالْجَزَاء يكون ثَوابًا وعِقَابا، وَقيل فِي قَوْله: {وَلاَ
جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} (الْبَقَرَة: 235) أَي لَا إثْمَ عَلَيْكُم وَلَا
تضييق.
وَأَخْبرنِي المُنْذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ:
الْعَرَب تَقول: أَنا إِلَيْك بِجُناح أَي مُتَشَوِّق وأنشدنا:
يَا لَهْفَ نَفِسي بعد أُسْرَةِ واهِبٍ
ذَهَبُوا وكُنْتُ إِلَيْهِم بجُناح
وجَناحُ الشَّيْء: نَفسه، وَمِنْه قَول عَدِيّ بن زَيد:
وأَحْوَرُ العَيْن مرْبُوب لَهُ غُسَنٌ
مُقَلَّدٌ من جَنَاحِ الدُّرِّ تَقْصَارا
وَقيل: جَنَاحُ الدُّرِّ: نَظْمٌ مِنْهُ يُعَرَّض.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: كلُّ شَيْء جعلتَه فِي نظام فَهُوَ جَنَاحٌ.
وللعرب فِي الجَناح أمثالٌ مِنْهَا قَوْلهم للرجل إِذا جَدَّ فِي
الْأَمر واحتفَل: (رَكِبَ فلانٌ جَنَاحَيْ نَعَامة) .
وَقَالَ الشَّمَّاخ:
فَمن يَسْع أَو يَركَبْ جَنَاحَيْ نَعَامَة
ليُدْرِكَ مَا قَدَّمْتَ بالأَمْسِ يُسْبَقُ
وَيُقَال: ركب القومُ جَنَاحَي الطَّائِر إِذا فارقوا أوطانهم، وَأنْشد
الفَرَّاءُ:
كأَنما بجناحي طَائِر طاروا
وَيُقَال: فلَان فِي جَنَاحَي طَائِر إِذا كَانَ قلِقاً دهشاً كَمَا
يُقَال: كأَنه على قرن أَعفَر، وَيُقَال: نَحن على جنَاح سَفَر أَي
نُرِيد السَّفَر. وَفُلَان فِي جنَاح فلَان أَي فِي ذَراه وكَنَفِه،
وَأما قَول الطرمّاح:
يَبُلّ بمَعْصُورٍ جَنَاحيْ ضَئيلَةٍ
أَفَاوِيقَ مِنْهَا هَلَّةٌ ونُقوعُ
فإنّه يُرِيد بالجناحين الشَّفَتين. وَيُقَال: أَرَادَ بهما جَانِبي
اللَّهاةِ والحَلْق.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم يصف سحابا:
وَسَحَّ كلَّ مُدْجِنٍ سَحَّاحِ
يَرْعُدُ فِي بِيض الذُّرى جُنَّاح
قَالَ الْأَصْمَعِي: جُنّاحٌ: دَانِيةٌ من الأَرْض، وَقَالَ غَيره:
جُنّاحٌ: مائلة عَن القَصْد.
حنج: قَالَ اللَّيْث: الْحَنجُ: إمالة الشَّيْء عَن وَجهه، يُقَال:
حَنَجْتُه أَي أَمَلْتُهُ فاحْتَنَج فعل لَازم، وَيُقَال أَيْضا:
أحنَجْتهُ، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الإحْناجُ أَن يَلْوِي الْخَبَر عَن
وجههِ، وَقَالَ العجَّاج:
فتَحْمِلُ الأرواحُ وحْياً مُحْنَجاً
قَالَ: والمُحْنَج: الْكَلَام المَلْوِيّ عَن جِهَته كَيْلا يُفْطَن
لَهُ، يُقَال: أَحْنَجَ عنِّي أمرَه أَي لواه. وَقَالَ اللَّيْث:
المِحْنجَةُ: شَيْء من الأدوات.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي يُقَال: رَجَعَ فلَان إِلَى حِنجه وبِنْجه أَي
رَجَعَ إِلَى أَصله.
أَبُو عُبيد عَن أبي عُبيدة: هُوَ الحِنْجُ والبِنْجُ للأصْل. سَلَمة
عَن الْفراء: هُوَ السِّرَارُ، والإحْنَاجُ، والنَّسِيفُ،
والمُهَالَسَةُ، والمُعامَسةُ وَاحِد.
عَمْرو عَن أَبِيه: الحِنَاجُ: الْأُصُول، واحدُها حِنْج.
نجح: اللَّيْث: نجَحَتْ حَاجَتُك وأَنجحتُها
(4/95)
لَك. وَسَار فلَان سيراً ناجحاً ونَجِيحاً،
وَقَالَ لبيد:
فمضَيْنَا فقَضَيْنَا ناجِحاً
مَوْطِناً يُسأَل عَنهُ مَا فَعَلْ
ورأي نجيحٌ: صوابٌ، وَرجل نجيح: مُنْجِح للحاجات، وَقَالَ أَوْسٌ:
نَجيحٌ جَوَادٌ أَخُو مَأْقِطٍ
نِقَابٌ يُحدِّثُ بالغائِبِ
وَيُقَال للنائم إِذا تتَابعت عَلَيْهِ رُؤَى صدق: تناجَحت أحلامه.
وَقَالَ شمر: أنجَحَ بك الباطِلُ أَي غلبك الْبَاطِل، وكل شَيْء غلبك
فقد أنجحَ بك، وَإِذا غلبته فقد أَنجحت بِهِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو. النَّجاحةُ: الصَّبر.
وَيُقَال: مَا نَفْسي عَنهُ بنجيحة أَي بصابرة، وَقَالَ ابْن مَيَّادة:
وَمَا هَجْرُ ليلَى أَن تكون تَبَاعَدت
عَلَيْك وَلَا أَنْ أَحْصَرتك شغُولي
وَلَا أَن تكون النفسُ عَنْهَا نجيحةً
بِشَيْء وَلَا مُلْتَاقَةً ببديل
ح ج ف
حجف، حفج، جحف، فحج: مستعملة.
حجف: اللَّيْث. الحَجَفُ: ضربٌ من التِّرَسَة، تُتَّخَذ من جُلُود
الْإِبِل مُقَوَّرة، والواحدة جَحَفَة. ونحوَ ذَلِك قَالَ أَبُو عُبيد
فِي الحَجَفِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْحُجَافُ: مَا يَعتَري من كَثْرَة الْأكل أَو من
شَيْء لَا يلائمهُ فيأخذُه الْبَطن استِطْلاقاً، وَرجل مَحْجُوفٌ.
وَقَالَ الراجز:
يَا أَيهَا الدّارِىءُ كالمَنْكُوفِ
والمُتَشَكِّي مَغْلَةَ المحجوفِ
هَكَذَا أنشدنيه المُنْذِري عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي. قَالَ:
والمحجُوفُ والمجحوفُ وَاحِد، وَهُوَ الجُحافُ والحُجافُ: مَغْسٌ فِي
الْبَطن شَدِيد. والمَنْكوف: الَّذِي يشتكي نكْفَتهُ، وَهُوَ أصل
اللِّهْزِمة. وَقَالَ بعض الجعفريِّين: احْتَجَفْتُ نَفسِي واحتجَنتُها
إِذا ظَلَفتُها.
جحف: أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجُحْفَة: مِلْء الْيَد
وَجَمعهَا جُحَف.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَحْفُ: شدَّة الجَرْف إِلَّا أَن الجَرْف
للشَّيْء الْكثير، والجَحْفَ للْمَاء. تَقول: اجتحفْنا مَاء الْبِئْر
إِلَّا جُحفةً وَاحِدَة بالكَفِّ أَو بِالْإِنَاءِ.
والفِتْيان يتجاحفون الكرة بَينهم بالصَّوالجة. قَالَ: والتَّجاحف
أَيْضا فِي الْقِتَال: تنَاول بَعضهم بَعْضًا بِالْعِصِيِّ والسُّيوف،
وَقَالَ العجَّاج:
وَكَانَ مَا اهْتَضَّ الْجِحافُ بَهْرَجا
يَعْنِي مَا كَسره التَّجاحُف بَينهم، يُرِيد بِهِ الْقَتْل.
(4/96)
وَالسّنة المُجحِفة: الَّتِي تُجْحِف
بالقوم قتلا وإفساداً للأَموال.
وَقَالَ بعض الْحُكَمَاء: من آثر الدُّنْيَا أجْحفت بآخِرته.
والْجُحفَة: مِيقَات أهل الشَّام: قَرْيَة تقرب من سِيفِ الْبَحْر.
أَبُو عُبيد عَن الْفراء: الْجِحافُ: أَن يستقِيَ الرجل فَيُصِيب
الدَّلْو فَم الْبِئْر فَيَنْخَرِق وَأنْشد:
قد عَلِمَتْ دلوُ بني منَافِ
تَقْوِيمَ فَرْغَيْهَا عَن الْجِحاف
الْأَصْمَعِي والفّراء: سيل جُحاف وجُرافٌ وَهُوَ الَّذِي يذهب بِكُل
شَيْء، وَأنْشد.
أَبْرز عَنْهَا جُحافٌ مُضِرّ
ورُوِي عَن الأصْمَعي أَنه قَالَ: الجَحْف: أكل الثَّريد، والجَحْفُ:
الضَّرْب بِالسَّيْفِ، وَأنْشد:
(و) لَا يَسْتَوِي الْجحفَان جَحْفُ ثَرِيدَة
وجَحفُ حرُوريَة بأبيض صارم
والجَحَّاف السُّلَمي: رجل من الْعَرَب مَعْرُوف.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجَحُوف: الثَّريد يبْقى فِي وسط
الجَفْنة.
فحج: قَالَ اللَّيْث: الفَحَجُ: تبَاعد مَا بَين أوساط السَّاقين فِي
الْإِنْسَان والدَّابة، والنعت أفْحَجُ وفَحْجاء. أَبُو عُبيد عَن أبي
عَمْرو: الأفحج: الَّذِي فِي رجلَيْهِ اعوجاج.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أفْحَج فلَان عنَّا، وأحجم وأفَّج إِذا
تبَاعد.
ح ج ب
حجب، حبج، جبح، جحب، بجح: (مستعملات) .
حجب: قَالَ اللَّيْث: حَجَب: يَحجُب حَجْباً. والحِجابة: ولَايَة
الْحَاجِب. والحِجاب: اسْم مَا حجبت بِهِ بَين شَيْئَيْنِ. وَكُلُّ
شَيْء منع شَيْئا فقد حجَبَه، كَمَا تحجب الأمَّ الإخوةُ عَن فريضتها
وَجَمَاعَة الْحِجاب حُجُب. وَجَمَاعَة الحَاجِب حَجَبَة.
واحتجب فلَان إِذا اكْتَنَّ من وَرَاء الْحجاب.
وحِجاب الْجوف: جلدَة بَين الْفُؤَاد وَسَائِر الْبَطن.
والحاجِبان: العظمان فَوق الْعَينَيْنِ بشَعَره ولَحْمه وَثَلَاثَة
حواجب.
والحَجَبَتان: رُؤُوس عظمي الوَرِكَيْن مِمَّا يَلِي الْحَرقَفَتين،
والجميع الحَجَب، وَثَلَاث حجبات، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
لَهُ حَجَباتٌ مُشرفاتٌ على الفالِ
وَقَالَ آخر.
وَلم تُوقَّع برُكُوبٍ حَجَبُهْ
وحاجِبُ الْفِيل كَانَ شَاعِرًا من الشُّعَرَاء.
(4/97)
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَمْرو:
الْحِجابُ: مَا أشرف من الْجَبَل.
وَقَالَ غَيره: الحِجابُ: الحَرَّة وَقَالَ أَبُو ذُؤَيب:
شَرَفُ الحِجابِ ورَيْبُ قَرْعٍ يُقرَع
وَقَالَ غَيره: احتجبَت الْحَامِل بِيَوْم من تاسعها. وبيومين من
تاسعها يُقَال ذَلِك للْمَرْأَة الْحَامِل إِذا مضى يَوْم من تاسِعها.
يَقُولُونَ: أَصبَحت مُحْتَجِبَة بِيَوْم من تاسعها، هَذَا كَلَام
الْعَرَب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: حَاجِب الشَّمْس: قرْنها، وَهُوَ نَاحيَة من
قُرصها حِين تبدأ فِي الطُّلُوع. يُقَال: بدا حَاجِب الشَّمْس
وَالْقَمَر.
قَالَ: وَنظر أَعْرَابِي إِلَى آخر يَأْكُل من وَسَط الرّغيف، فَقَالَ:
عَليْك بحَواجبه أَي بحُروفه.
وَفِي حَدِيث أبي ذَرَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
(إِن الله يغْفر للعبْد مَا لم يقَع الحِجابُ، قيل: يَا رَسُول الله:
وَمَا الحجابُ؟ قَالَ: أَن تَمُوت النفسُ وَهِي مُشركَة) .
قَالَ شمر وَقَالَ ابْن شُمَيل فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود ح: (من
اطَّلَع الحِجابَ وَاقع مَا وَرَاءه، قَالَ: إِذا مَاتَ الْإِنْسَان
وَاقع مَا وراءَ الحِجابين: حجابِ الجنّة، وحجابِ النَّار:
لِأَنَّهُمَا قد خَفِيا.
وأنشدنا الغَنَوِيّ:
إِذا مَا غَضِبْنا غَضْبَة مُضَرِيَّةً
هَتَكنا حِجابَ الشَّمْس أَو مَطَرَتْ دمَا
قَالَ: حِجابُها: ضوؤها هَاهُنَا.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عدنان عَن خَالِد فِي قَوْل ابنِ مَسْعُود: من
اطَّلعَ الحِجابَ وَاقع مَا وَرَاءه. قَالَ: اطِّلاَعُ الحِجاب: مَدُّ
الرأْس، والمُطالع يَمُدُّ رأسَه ينظر من وَرَاء السِّترِ، قَالَ:
والْحِجابُ السِّترِ. وَامْرَأَة محجوبة. قد سُتِرت بِستر.
قَالَ أَبُو عَمْرو وشَمِر: وَحَدِيث أبي ذرّ يدلّ على أَنه لَا ذنبَ
يحجُب عَن العَبْد الرَّحْمَة فِيمَا دون الشِّرك.
وَقَالَ أَبُو زَيْد: فِي الجَبين الحاجبان وهما مَنْبِت شَعَر
الحاجبين من الْعظم والجميع الحواجبُ.
حبج: قَالَ اللَّيْث: أحْبَجَتْ لنا النارُ إِذا بَدَت بَغْتَة، وأحبج
العَلَم، وَقَالَ العَجَّاج:
عَلَوْتُ أحْشاه إِذا مَا أَحْبَجا
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: إِذا أكلت الإبِلُ العَرْفَجَ فَاجْتمع فِي
بطونها عُجَر مِنْهُ حَتَّى تَشْتَكِي مِنْهُ قيل: حَبِجَت حَبَجاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحَبَجُ: أَن يَأْكُل البَعيرُ
لِحاءَ العَرْفَج فيَسْمَنَ على ذَلِك، ويَصِيرَ فِي بَطْنه مِثلَ
الأفهار، وَرُبمَا قَتله ذَلِك.
والحَبِجُ: السمينُ الْكثير الأعْفاج، قَالَ: وَقَالَ ابْن الزبير:
(إِنَّا وَالله مَا نموت على مضاجعنا حَبَجا كَمَا يَمُوت بَنو
مَرْوَان، وَلَكنَّا نموت قَعْصاً بِالرِّمَاحِ وموْتاً تَحت ظلالِ
السيوفِ.
وَقَالَ غَيره: أَحْبَج لَك الأمرُ إِذا أعرضَ
(4/98)
فأمكَن.
والحَبْجُ: مُجْتَمَع الحيِّ ومُعظمُه.
وَيُقَال: حَبَجَه بالعصا حَبْجاً، وَقد حَبَجَه بهَا حَبجاتٍ، قَالَه
ابْن السّكّيت، قَالَ: وَكَذَلِكَ خَلَجه بالعصا إِذا ضربه بهَا.
قَالَ: وإبِل حَبَاجَى إِذا انتفخَتْ بطونها عَن أكل العَرْفَج
فتعَقَّد فِي بطونها وتمرَّغَت من الوجَع.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: حَبَج يَحْبِج، وخَبَج يَخبِج إِذا
ضَرط.
وَقَالَ شمر: حَبَجَ الرجلُ يَحبج حَبجاً إِذا انْتَفخ بطنُه عَن بَشم،
وحَبِج البعيرُ إِذا أكلَ العرْفَج فتكبَّب فِي بَطْنه وضاق مَبْعَرُه
عَنهُ وَلم يَخرج من جَوْفه وَرُبمَا هَلك وَرُبمَا نَجَا، قَالَ:
وأنشدنا أَبُو عبد الرحمان:
أشبعتُ راعِيَّ من اليَهْيَرِّ
فظَلَّ يبْكي حَبجاً بشَرِّ
خلْف اسْتِه مثلَ نَقيقِ الهِرِّ
وَقَالَ أَبُو زيد: الحَبَجُ للبعير منزلَة اللَّوَى للْإنْسَان فَإِن
سَلَح أَفَاق وإلاَّ مَاتَ.
بجح: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: فلَان يَتَبَجَّحُ بفلان ويتمجَّح إِذا
كَانَ يَهذي بِهِ إعْجاباً، وَكَذَلِكَ إِذا تَمزَّح بِهِ.
وَقَالَ اللحياني: فلَان يتبجَّح ويَتمجَّح أَي يفتخر ويباهي بِشَيْء
مّا.
وَفِي حَدِيث أم زرع: (وبَجَّحَني فبجَحْتُ) أَي فرَّحَني فَفَرِحت
وَقد بَجِح يَبجَحُ وبَجَحَ يَبجَحُ قَالَ الرَّاعِي:
وَمَا الفَقرُ من أَرض العَشيرة ساقَنا
إِلَيْك ولكنّا بقُرْباك نَبجَحُ
جبح: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَبَح القومُ بِكعابهم وجَبَخوا
بهَا إِذا رَمَوْا بهَا لينظروا أَيهَا يَخرج فائزاً، وَأنْشد:
فأجْبَح القومَ مثلَ جَبْح الكِعاب
وَقَالَ اللَّيْث فِي جبَحَ القومُ بكِعابهم مثله.
أَبُو عَمْرو: الجِبْحُ والجَبْح: خَلِيّة الْعَسَل، وَثَلَاثَة
أَجْبُح وأجباحٌ كَثِيرَة.
قَالَ الطِّرِمَّاح يُخَاطب ابْنه:
وَإِن كنتَ عِنْدِي أنتَ أحلَى من الجَنَى
جَنَى النحلِ أضحَى وَاتناً بَين أَجْبُح
واتِناً: مُقيما.
ح ج م
حجم، حمج، جحم، جمح، مجح، محج: (مستعملات) .
حجم: قَالَ اللَّيْث: الحَجْم: فِعلُ الحاجم، وَهُوَ الحَجَّام، وَفعله
وحرفته الحِجامة.
وَفِي الحَدِيث: (أفْطَرَ الحاجمُ والمَحْجومُ) . والمِحْجَمة:
قارورتُه، وتطرح الْهَاء فَيُقَال: مِحْجَم وَجمعه مَحاجمُ. وَقَالَ
زُهَيْر:
وَلم يُهريقوا بَينهم مِلْءَ مِحْجَم
والمَحْجَم من الْعُنُق: مَوضِع المِحْجمة، وَقَالَ غَيره: أصل الحَجْم
المَصُّ، وَقيل للحاجم حَجَّام لامتصاصه فَم المِحْجمة. يُقَال: حَجَم
الصبيُّ ثديَ أُمِّه إِذا مَصَّه، وثديٌ محجوم أَي ممصوص.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: أَحْجَمتِ المرأةُ للمولود إحجاماً، وَهُوَ
أولُ رَضعة تُرضِعُه أُمُّه.
(4/99)
وَقَالَ اللَّيْث: الحَجْم أَيْضا:
وِجْدانُك مَسَّ شَيْء تَحت ثوب، تَقول: مَسِسْتُ بطن الْحُبْلَى
فَوجدت حجم الصَّبِيِّ فِي بَطنهَا.
وَقد أحجم الثديُ على نحرِ الْجَارِيَة إِذا نتأ ونَهَد، وَمِنْه قَول
الْأَعْشَى:
قد أَحْجَم الثديُ على نحرِها
فِي مُشْرِقٍ ذِي بهجَةٍ نائر
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: حَجَّمَ وبجَّمَ إِذا نظر نظرا شَدِيدا،
قلت: وحَمَّجَ مثلُه.
وَيُقَال لِلْجَارِيَةِ إِذا غطى اللحمُ رُؤوس عظامها فَسَمنت مَا
يَبْدُو لعظامها حَجْم.
وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: الحِجامُ: شَيْء يُجْعَل على خَطْم
الْبَعِير لكيلا يَعَضّ، وَهُوَ بعير محجوم.
قَالَ: والحَجْمُ: كَفُّك إنْسَانا عَن أَمر يُريده. يُقَال: أحجم
الرجلُ عَن قِرْنه، وأحْجَم إِذا جَبُن وكَفّ. قَالَه الْأَصْمَعِي
وَغَيره، والإحْجامُ ضدّ الإقْدامِ.
وَقَالَ مُبْتَكِرٌ الْأَعرَابِي: حَجَمْتُه عَن حَاجته: منعته
عَنْهَا.
وَقَالَ غَيره: حَجَوْتُه عَن حَاجته: مثله.
حمج: اللَّيْث: حَمَّجَت العينُ إِذا غارت، وَأنْشد:
وَلَقَد تقودُ الخيْلَ لم تُحمَّجِ
قَالَ: وَيُقَال: تحميجُها: هُزالها.
قَالَ: والتَّحْمِيج: النّظر بخوف، والتَّحميج: التَّغَيُّر فِي
الْوَجْه من الْغَضَب وَنَحْوه.
وَفِي الحَدِيث أَن عمر قَالَ لرجل: (مَالِي أَرَاك مُحَمِّجا؟ .
قلت: التَّحميجُ عِنْد الْعَرَب: نظرٌ بتحديق.
وَقَالَ بعض الْمُفَسّرين فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مُهْطِعِينَ
مُقْنِعِى رُءُوسِهِمْ} (إِبْرَاهِيم: 43) قَالَ: مُحَمِّجين مُديمي
النّظر، وَأنْشد أَبُو عُبيدة:
آأنْ رَأَيْت بَنِي أَبِي
ك مُحَمِّجِين إليّ شُوسَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التحميجُ: فتحُ الْعين فَزَعاً أَو
وعيداً، وَأنْشد قَول الْهُذلِيّ:
وحَمّجَ للجَبَان المو
تُ حَتَّى قَلْبُه يَجِبُ
قَالَ: أَرَادَ: حَمّج الجَبانُ للْمَوْت فَقَلَبه.
قلت: وَأما قولُ اللَّيْث فِي تَحميج العينِ أَنه بِمَنْزِلَة الغُثُور
فَلَا يُعرف، وَكَذَلِكَ التَّحْميج بِمَعْنى الهُزال مُنكر.
جمح: قَالَ اللَّيْث: جَمَح الفرسُ بِصَاحِبِهِ جِماحاً إِذا جَرَى
بِهِ جَرْيا غَالِبا، وكل شَيْء إِذا مضى لِوَجْهه على أَمر فقد جمح
بِهِ. وَفرس جَمُوح وجامح، الذكرُ وَالْأُنْثَى فِي النعتين سَوَاء.
وجَمَحت السفينةُ فَهِيَ تَجْمَح إِذا تركت قصدَها فَلم يضبطها
الملاحون. وجَمَحوا بِكِعابِهم مثل جَبَحوا.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ
وَهُمْ يَجْمَحُونَ} (التّوبَة: 57) أَي وَلَّوْا إِلَيْهِ مُسْرِعين.
وَقَالَ الزّجاج: وهم يَجْمَحُون. قَالَ: يسرعون إسراعاً لَا يَرُدُّ
وجوهَهم شَيْء، وَمن هَذَا قيل: فرس جَمُوح وَهُوَ الَّذِي إِذا حَمَل
لم يَردّه اللِّجَام. وَيُقَال: جَمَح
(4/100)
وطَمَح إِذا أسْرع وَلم يَردّ وجْهَه شيءٌ.
قُلت: فرس جَمَوح لَهُ مَعْنيانِ: أَحدهمَا: يوضع مَوضِع العَيْب.
وَذَلِكَ إِذا كَانَ من عَادَته ركوبُ الرَّأْس لَا يَثْنِيه رَاكِبه،
وَهَذَا من الجماح الَّذِي يُرَدُّ مِنْهُ بِالْعَيْبِ.
وَالْمعْنَى الثَّانِي فِي الْفرس الجَمُوح أَي يكون سَرِيعا نشيطاً
مَرُوحاً، وَلَيْسَ بعيبٍ يُرَدُّ مِنْهُ ومصدره الجُموحُ، وَمِنْه
قَول امرىء الْقَيْس:
جَمُوحاً مَرُوحاً وإِحْضارُها
كمَعْمَعَة السَّعَف المُوقَدِ
وَإِنَّمَا مَدَحَها فَقَالَ:
وأعددْتُ للحرْب وَثَّابَةً
جَوَادَ المَحثَّةِ والمُرْوَدِ
ثمَّ وصَفها فَقَالَ: جَمُوحاً مَرُوحاً أَو سَبُوحاً أَي تُسْرِعُ
براكبها.
وَقَالَ أَبُو زيد: جَمَحت المرأةُ من زَوجهَا تَجْمَح جِماحاً وَهُوَ
خُرُوجهَا من بَيته إِلَى أَهلهَا قبل أَن يُطلِّقَها، وَمثله طَمَحَت
طِماحاً. وَأنْشد:
إِذا رأتني ذَاتُ ضِغْنٍ حَنَّتِ
وجَمَحت من زَوْجها وأَنَّتِ
وَقَالَ اللَّيْث: الجُمَّاحَةُ والجَمَامِيحُ هِيَ رُؤوس الحَلِيِّ
والصِّلِّيان وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يخرج على أَطْرَافه شِبْهُ سُنْبُل
غير أَنه لَيِّنٌ كأَذْنَاب الثَّعَالِب.
أَبُو عُبَيد عَن الأُمَوي: الجُمَّاح: ثَمَرَة تُجْعَل على رَأس خَشبة
يلْعَب بهَا الصّبيان.
وَقَالَ شمر: الجُمَّاح: سهمٌ لَا ريشَ لَهُ أَمْلَس فِي مَوضِع
النَّصْل مِنْهُ تمر أَو طين يُرْمَى بِهِ الطَّائِر فيُلْقِيه وَلَا
يقتُله حَتَّى يأخُذَه رامِيه يُقَال لَهُ الجُمَّاح والجُبَّاح،
وَقَالَ الراجز:
هَل يُبْلِغَنِّيهم إِلَى الصَّباحْ
هِقْلٌ كأنّ رأسَه جُمَّاحْ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الجُمَّاح: المنهزمون من
الْحَرْب. والجُمَّاحُ: سهم صَغِير يلْعَب بِهِ الصّبيان. قَالَ: وَفرس
جَمُوح: سريع وَفرس جموح إِذا لم يُثْن رأسُه.
وَأَخْبرنِي المُنذِري عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ:
الجُمَّاح: سهم أَو قَصَبَة يُجْعَل عَلَيْهِ طين ثمَّ يُرْمى بِهِ
الطير، وَأنْشد لرُقَيْعٍ الوَالِبِيّ:
حَلَقَ الحوادثُ لِمَّتي فَتَرَكْن لي
رَأْسا يَصِلُّ كَأَنَّهُ جُمَّاحُ
أَي يُصَوِّت من امّلاسه، وَقَالَ الحطيئة:
بزُبِّ اللِّحَى جُرْدِ الخُصَى كالجَمامِح
وَقَالَ غَيره: الْعَرَب تسمي ذَكَر الرجل جُمَيْحاً ورُمَيْحا،
وتسمِّي هَنَ الْمَرْأَة شُرَيْحا: لِأَنَّهُ من الرجل يَجْمَح فيرفع
رأْسه، وَهُوَ مِنْهَا يكون مَشْروحاً أَي مَفْتُوحًا.
جحم: قَالَ اللَّيْث: الجَحيم: النَّار الشَّدِيدَة التَّأجّج كَمَا
أجَّجوا نَارا لإِبْرَاهِيم النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَهِيَ
تَجْحَم جُحوما أَي تَوَقَّد تَوَقُّدا. وجاحم الْحَرْب: شدَّة
الْقَتْل فِي مُعْتَركِها، وَأنْشد:
حَتَّى إِذا ذاق مِنْهَا جَاحِماً برَدَا
(4/101)
وَقَالَ الآخر:
وَالْحَرب لَا يَبْقى لِجا
حِمها التخيُّل والمِراح
وَقَالَ: كلُّ نَار تُوقد على نَار جَحِيمٌ. والجَمرُ بعضُه على بعض
جَحيم، وَهِي نَار جاحِمَة، وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
وضالّةٍ مِثْل الْجَحِيم المُوقَدِ
شبّه النِّصال وحِدّتها بالنَّار، وَنَحْو مِنْهُ قَول الْهُذلِيّ:
كأنّ ظُباتِها عُقُرٌ بَعِيجُ
وَيُقَال للنار جاحم أَي تَوَقُّد والتهاب، وَرَأَيْت جُحْمَة النَّار
أَي تَوقُّدها.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَحْمَة هِيَ الْعين بلغَة حِمْير، وَأنْشد:
فياجَحْمَتا بَكِّي على أُمِّ مَالك
أكِيلَةَ قِلِّيب بِبَعْض المذانب
قَالَ: وجَحْمتا الْأسد: عَيناهُ بِكُل لُغَة.
والأجْحَمُ: الشديدُ حُمْرة الْعين مَعَ سَعَتها، وَالْمَرْأَة جحماء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الجُحام: دَاء مَعْرُوف.
والْجُحْمُ: القَلِيلُو الحياءِ.
وَأَخْبرنِي المُنْذِري عَن أبي طَالب فِي قَوْلهم: فلَان جَحَّام،
وَهُوَ يتجاحم علينا أَي يتضايق، وَهُوَ مَأْخُوذ من جاحم الْحَرْب،
وَهُوَ ضيقها وشدّتها، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ يتجاحم أَي يتحرق حِرْصا
وبُخْلاً وَهُوَ من الْجَحِيم.
وَفِي الحَدِيث أَن كَلْبا كَانَ لمَيْمُونة فَأَخذه دَاء يُقَال لَهُ:
الجُحامُ، فَقَالَت: وارَحْمَتا لمِسْمار تَعْنِي كلبها.
قَالَ: وَأَخْبرنِي الحرّبي عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: جَحَمَتْ
نارُكم تَجْحَم إِذا كثر جمرها، وَهِي جحيم وجاحمة.
محج: اللَّيْث: المَحْجُ: مسح شَيْء عَن شَيْء، وَالرِّيح تمْحَجُ
الأَرْض: تذْهب بالتّراب حَتَّى تتَنَاوَل من أَدَمَة الأَرْض ترابها،
وَقَالَ العجَّاج:
ومحجُ أَرْوَاح يُبارينَ الصَّبَا
أَغْشَيْن معروفَ الدِّيارِ التَّيْرَبا
والثَّيْرَب والتّوْرَب والتّوْراب أَرَادَ التُّرَاب.
وَأَخْبرنِي المُنْذِري عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ:
اخْتصم شَيْخَانِ غَنَوِيّ وباهِلِيّ، فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه:
الْكَاذِب مَحَج أُمَّه، وَقَالَ الآخر: انْظُرُوا مَا قَالَ لي
الْكَاذِب: مَحَجَ أُمّه أَي نَاكَ أُمَّه، فَقَالَ الغَنوِيّ: كذب،
مَا قُلْتُ لَهُ هَكَذَا، وَلَكِنِّي قلت: الْكَاذِب مَلَجَ أمَّه أَي
رضعها.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المحَّاجُ: الْكذَّاب أَيْضا، وَأنْشد:
ومجَّاج إِذا كثر التجَنّي
قلت: فمحج عِنْد ابْن الْأَعرَابِي لَهُ مَعْنيانِ: أَحدهمَا الجِماعُ،
وَالْآخر الكَذِب.
وَقَالَ ابْن الفَرَج: مَحَج الْمَرْأَة ومَخَجَها إِذا نَكَحَهَا،
ومَحَج اللبنَ ومَخَجَه إِذا مَخَضه.
مجح: قَالَ غير وَاحِد: التَّمَجُّح والتبجج بِالْمِيم وَالْبَاء:
البَذَخُ وَالْفَخْر. هُوَ يَتَمَجّح ويَتَبَجّح وَقد مرّ تَفْسِيره.
(4/102)
|