تهذيب اللغة (أَبْوَاب الْحَاء وَالْكَاف
ح ك ج: مهمل. ح ك ش
حشك، حكش، شحك، كشح: (مستعملات) .
حشك: قَالَ اللَّيْث: الحَشَك: تَرْكُكَ الناقةَ لَا تَحْلُبها حَتَّى
يجْتَمع لبنُها، فَهِيَ محشوكة. قَالَ: والحَشَك الِاسْم للدِّرَّة
المجتمعة وَأنْشد:
غَدتْ وَهِي محشوكَةٌ حَافلٌ
فراحَ الذِّئارُ عَلَيْهَا صَحِيحا
الذِّئَارُ: البَعَر الَّذِي يُلْطَخ بِهِ أَطْبَاءُ النَّاقة لِئَلَّا
يؤثِّر الصِّرَارُ فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الحَشَكُ: الدِّرَّةُ. حَشَكَت النَّاقة تَحْشِك
حَشَكاً.
وَقَالَ زُهير:
كَمَا اسْتَغَاثَ بِسَيْءٍ فَزُّ غَيْطَلَةٍ
خَافَ الْعُيُون وَلم يُنْظَرْ بِهِ الحَشَكُ
قَالَ ابْن السّكيت: أَرَادَ الحَشْكَ فحركه للضَّرُورَة. أَبُو عبيد
عَن الْفراء: حَشَكَ القَوْم وحشدوا بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: حَشَكَتِ النخلةُ إِذا كَثُر حَمْلُها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: مِن دُعائهم: (اللَّهُمَّ اغْفِر
لي قبل حشك النَّفس وأزِّ الْعُرُوق) . قَالَ: الحَشْكُ: النَّزْعُ
الشَّديد.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الرِّياحُ الحَوَاشِكُ: الْمُخْتَلفَة،
وَيُقَال: الشَّدِيدَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: حَشَكَتِ الرِّيحُ تَحْشِك حَشْكاً إِذا ضَعُفَت.
وَقَالَ غَيره: قَوْسٌ حاشِكٌ وحاشكةٌ إِذا كَانَت مُواتية للرَّامي
فِيمَا يُرِيد.
وَقَالَ أُسَامَة الْهُذلِيّ:
لَهُ أسهمٌ قد طَرَّهُنَّ سَنِينُه
وحاشِكةٌ تَمْتَدُّ فِيهَا السَّواعد
والحَشْك. النَّزعُ الشَّدِيد. وَيُقَال: أَحْشَكْتُ الدَّابة إِذا
أقْضَمْتَها فَحَشِكَتْ أَي قَضَمتْ.
حكش: قَالَ ابْن دُرَيْد: رجل حَكِشٌ مثل قَوْلهم حَكِر وَهُوَ
اللَّجوجُ والحَكِشُ والعَكِشُ: الَّذِي فِيهِ الْتِوَاءٌ على خَصْمِه.
كشح: قَالَ ابْن السّكيت: مرَّ فلانٌ يَشُلُّهم ومرَّ يَشْحَنُهم ومرَّ
يَكْشَحُهُم أَي يطردُهم. قَالَ والكاشح: المتولِّي عَنْك بوُدِّه.
يُقَال: كَشَحَ عَن المَاء إِذا أَدْبَرَ عَنهُ. أَبُو عُبيد عَن
الْأَصْمَعِي: كَشَحَ الرّجلُ وَالْقَوْم عَن المَاء إِذا ذَهَبُوا
عَنهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَشْحُ: مَا بَين الخاصرة إِلَى الضِّلَعِ
الْخَلْفِ، وَهُوَ من لَدُن السُّرَّة إِلَى المَتْن، وهما كَشْحان
وَهُوَ موقع السَّيْف من المُتَقَلِّد، وَيُقَال: طوى فُلانٌ
(4/54)
كشحَه عَلَى أمرٍ إِذا اسْتمرّ عَلَيْهِ،
قَالَ: وَكَذَلِكَ الذَّاهِبُ الْقَاطِع. يُقَال: طوى عنِّي كَشْحَه.
إِذا قِطْعَة وعاداك. وَمِنْه قَول الْأَعْشَى:
وَكَانَ طَوَى كَشْحاً وأَبَّ لِيَذّهَبا
قلت يحْتَمل قَوْله وَكَانَ طوى كَشْحاً أَي عزم على أمْر واستمرت
عزيمته.
وَيُقَال: طوى كَشْحاً على ضِغْنٍ إِذا أضْمَرَهُ، وَمِنْه قَول
زُهَيْر:
وكَان طوَى كَشْحاً على مُسْتَكِنَّةٍ
فَلَا هُوَ أبداها وَلم يتقَدَّم
وَيُقَال: طوَى كَشْحَه عَنهُ إِذا أعْرَض عَنهُ.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الكاشِحُ: العَدُوُّ المُبْغِضُ.
وروى أَبُو نصر عَنهُ: سُمِّي العَدُوُّ كَاشِحاً: لِأَنَّهُ وَلاَّكَ
كَشْحَه وَأعْرض عَنْك.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ المُفَضَّل: الكَاشِحُ لصَاحبه
مَأْخُوذ من المِكْشَاحِ، وَهُوَ الفأْسُ.
والكُشاحَةُ: المُقَاطَعَةُ: وَقَالَ بَعضهم: سُمِّي العَدُوُّ
كَاشِحاً لِأَنَّهُ يَخْبَأُ الْعَدَاوَة فِي كَشْحه وَفِيه كبِدُه،
والكَبِدُ: بَيْتُ الْعَدَاوَة والبغْضَاءِ: وَمِنْه قيل للعدُوِّ:
أَسْوَدُ الكبد كأنَّ الْعَدَاوَة أحرقت كَبِدَه. وَقَالَ الْأَعْشَى:
فَمَا أَجَشَمْتُ مِن إتْيَان قومٍ
هْمُ الأعداءُ والأكْبَادُ سُودُ
وجَمَلٌ مكْشُوحٌ: وُسِم بالكُشَاحِ فِي أسْفَلِ الضُّلوع وإبِلٌ
مُكَشَّحَةٌ ومُجَنَّبَةٌ.
شحك: اللَّيْث: الشِّحَاكُ والشَّحْكُ. يُقَال: شَحَكْتُ الجَدْي،
وَهُوَ عودٌ يُعَرَّضُ فِي فَمِ الجَدْي يَمْنَعُه من الرَّضَاع.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقال لِلْعُوْد الَّذِي يدْخل فِي فَم
الفصيلِ لِئَلاَّ يَرْضَع أُمَّه: شِحَاكٌ وحِناكٌ وشِبَامٌ وشِجارٌ،
وَقَالَ غَيره: شَحَكَت الدَّابة إِذا أدخلتْ ذَنَبَها بَين
رِجْلَيْهَا، وَأنْشد:
يأوِي إِذا شَحَكت إِلَى أطْبَائِهَا
سَلِبُ العَسِيب كَأَنَّه ذُعْلُوق
ح ك ض
استُعمل من وجوهه: (ضحك)
ضحك: قَالَ اللَّيْث: الضَّحِك: معروفٌ، تقولُ: ضَحِك يَضْحَك ضَحِكاً
وَلَو قيل ضَحَكاً لَكَانَ قِيَاساً، لِأَن مصدر فَعِلَ فَعَلٌ.
قلت: وَقد جَاءَت أَحْرُفٌ من المصادر على فَعِلَ. مِنْهَا ضَحِكَ
ضَحِكاً، وخَنَقَه خَنِقاً، وخَضَف خَضِفاً وضَرِطَ ضرِطاً وسَرَق
سَرِقاً، قَالَ ذَلِك الفراءُ وَغَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: الضُّحْكَة: الشّيءُ الَّذِي يُضْحَك مِنْهُ، قَالَ
والضَّحَكَة: الرّجلُ الْكثير الضَّحِك يُعابُ بِهِ.
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي رجلٌ ضُحَكةٌ: كَثِيرُ الضَّحك، ورجلٌ
ضُحْكَةٌ. يُضْحَكُ مِنْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ ضَحَّاك نَعْتٌ على فَعَّال، قَالَ:
والضَّحَّاك بن عَدْنَان زَعَمَ ابْنُ دَأْبٍ المَدَنيُّ أَنه الَّذِي
يُقَال إِنَّه ملك الأَرْض، وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ المُذْهب
وَكَانَت أمه جِنِّيَّة فلحق بالجِنِّ ويتبَدَّى للقُرَّاء، وَتقول
العَجمُ: إِنَّه لَمَّا عَمِل السِّحر وَأظْهر الْفساد أُخِذ فشُدَّ
فِي جبل
(4/55)
دُنْبَاوَنْد، وَيُقَال: إِن الَّذِي شدَّه
أفْرِيذُون الَّذِي كَانَ مسح الدُّنْيَا فبلغت أَرْبَعَة وَعشْرين ألف
فَرْسخ.
قلت: وَهَذَا كلُّه بَاطِل لَا يؤمِنُ بِمثلِهِ إِلَّا أَحمَق لَا
عَقْلَ لَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا
بِإِسْحَاقَ} (هُود: 71) أَي طَمَثت. قلت: وروى سَلَمة عَن الفَرّاء
فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة، لمّا قَالَ رُسُل الله جلّ وعزّ لِعبدِه
وخَلِيله إِبْرَاهِيم: {لاَ تَخَفْ} (هود: 70) ضَحِكَتْ عِنْد ذَلِك
امرأَتُه وَكَانَت قَائِمَة عَلَيْهِم وَهُوَ قَاعد فضَحِكت فبُشِّرَت
بعد الضحِك بإسْحاق وَإِنَّمَا ضَحِكت سُرُورًا بالأمن لِأَنَّهَا
خَافت كَمَا خَافَ إِبْرَاهِيم.
وَقَالَ بعض أهل التَّفْسِير: هَذَا مُقَدَّم ومؤخَّر، الْمَعْنى فِيهِ
عِنْدهم فبَشَّرْنَاها بإسْحاق فَضَحكت بالبِشَارة.
قَالَ الفَرّاءُ: وَهُوَ مِمَّا يحْتَملهُ الْكَلَام وَالله أعلم
بصوابه.
قَالَ الفَرّاءُ: وَأما قَوْلهم فضحِكت: حَاضَت فَلم نَسْمَعهُ من
ثِقَة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: سَمِعت أَبَا مُوسَى الحَامِض يسْأَل أَبَا
الْعَبَّاس عَن قَوْله (فَضَحِكَت) أَي حَاضت، وَقَالَ: إِنَّه قد
جَاءَ فِي التَّفْسِير فَقَالَ: لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب،
والتَّفْسِير مُسَلَّمٌ لأهل التَّفْسِير، فَقَالَ لَهُ: فَأَنت
أنشدتنا:
تَضْحَكُ الضَّبْعُ لِقَتْلَي هُذَيلٍ
وَتَرَى الذِّئْبَ بِهَا يَسْتَهلّ
فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: تَضْحَك هَهُنا تَكْشِر، وَذَلِكَ أَن
الذِّئْب ينازعها على الْقَتِيل فتَكْشِر فِي وَجْهه وعِيداً فيتركها
مَعَ لحم الْقَتِيل ويَمُر.
وَأَخْبرنِي المُنْذِرِي عَن أبي طَالب أَنه قَالَ: قَالَ بَعضهم فِي
قَوْله فَضَحِكت: حَاضَتْ. قَالَ: وَيُقَال: إِن أَصله من ضَحَّاك
الطَّلْعة إِذا انْشَقَّت. قَالَ: وَقَالَ الأَخْطَلُ فِيهِ بِمَعْنى
الْحَيْض.
تَضْحَك الضبْع من دِماءِ سُلَيْم
إذْ رأَتْها على الحِدَاب تَمور
وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: ضحِكَت: عَجِبت من فزع إِبْرَاهِيم.
وَقَالَ الكُميْت:
وأَضْحَكَتِ الضِّبَاعَ سُيُوفُ سَعْد
بِقَتْلَى مَا دُفِنَّ وَلاَ وُدينَا
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: الضَّحِك: الطَّلْع. قَالَ: وَسَمعنَا من
يَقُول: أَضْحَكْتَ حَوْضَك إِذا ملأته حَتَّى يفِيض.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
فجَاء بِمزْج لم يَرَ الناسُ مثلَه
هُوَ الضَّحْك إِلَّا أَنه عمل النَّحْل
قَالُوا: هُوَ العَجَب وَهَذَا يُقَوِّي مَا رُوي عَن ابْن عَبَّاس.
وَقَالَ أَبُو إسْحاق فِي قَوْله: {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ
فَضَحِكَتْ} (هود: 71) يُروَى أنّها ضَحِكت لأنَّهَا كَانَت قَالَت
لإِبْرَاهِيم: اضمُمْ لُوطاً ابْن أَخِيك إِلَيْك فإنِّي أَعْلَم أَنّه
سَيَنْزِل بهؤلاء الْقَوْم عذابٌ، فَضَحِكَت سُرُوراً لمَّا أَتى
الْأَمر على مَا توهَّمَت. قَالَ: فَأَما من
(4/56)
قَالَ فِي تَفْسِير: ضَحِكَت: حَاضَتْ
فَلَيْسَ بشيءٍ. قلت: وَقد رُوِي ذَلِك عَن مُجَاهِد وعِكْرِمة فَالله
أَعْلم.
وَقَالَ اللَّيْث: قَالَ بَعضهم: فِي الضَّحِك الَّذِي فِي بَيت أبي
ذُؤَيْبٍ: إِنَّه الثَّلْجُ، وَقيل: هُوَ الشَّهْدُ، وَقيل: هُوَ
الزُّبْد.
عَمْرو عَن أَبِيه: الضَّحْك والضَّحَّاكُ: وليعُ الطَّلْعَةِ الَّذِي
يُؤكل.
والضَّحْك: العَسَل.
والضَّحْك: النَّورُ.
والضَّحْك: المحجَّةُ.
والضَّحْك: ظُهُور الثَّنايا من الْفَرح.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للرجل أربعُ ثنايا وأربُع رُباعيَات
وأَرْبعة ضَوَاحِكُ وَالْوَاحد ضَاحِكٌ وثِنْتا عشرةَ رَحًى فِي كل
شِقَ سِتُّ وَهِي الطواحنُ ثمَّ النَّواجذُ بعْدهَا وَهِي أَقْصَى
الأضْراس.
اللَّيْث: الضَّحُوكُ من الطّرق: مَا وَضَح واسْتبان، وَأنْشد:
على ضَحُوك النَّقْبِ مُجْرَهِدِّ
أَبُو سعيد: ضَحِكاتُ القُلوب من الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد: خِيَارُها
الَّتِي تَضْحَكُ القُلوبُ إِلَيْهَا. وضَحِكاتُ كل شَيْء: خِياره.
ورأْيٌ ضَاحِكٌ: ظاهِرٌ غير مُلْتَبِسٍ. وَيُقَال: إِن رَأْيك
لَيُضَاحِكُ المشكلات أَي تظهر عِنْده المشكلات حَتَّى تُعْرَف. وطريقٌ
ضَحَّاك: مُسْتبين.
وَقَالَ الفَرَزدق:
إِذا هِيَ بالرّكْب العِجالِ تَرَدَّفَتْ
نَحَائِزَ ضَحَّاك المَطَالع فِي نَقْب
نَحائِزُ الطَّرِيق: جَوادُّه.
وبُرْقَةُ ضَاحِك: فِي ديار تَميم، ورَوْضَةُ ضَاحِك بالصَّمَّانِ
مَعْرُوفَة.
ح ك ص
اسْتعْمل من وجوهه: حكص، كحص.
حكص: اللَّيْث: الحِكيصُ: المَرْميُّ بالرِّيبَةِ وَأنْشد:
فَلَنْ تَرَاني أَبداً حَكِيصا
معَ المُرِيبينَ ولَنْ أَلُوصَا
قلت: لَا أعرف الحَكِيصَ وَلم أَسْمَعهُ لغير اللَّيْث.
كحص: قَالَ: الكاحِصُ: الضَّارِبُ بِرجْلِه.
سَلَمَةَ عَن الفَرّاءِ: فَحَص بِرجلِهِ وكَحَصَ بِرجْله.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: كَحَصَ الأثرُ كُحُوصاً إِذا دَثَرَ، وَقد
كَحَصَه البِلَى، وَأنْشد:
والدِّيَارُ الكَوَاحِص
وكَحَص الظَّلِيمُ إِذا مَرّ فِي الأَرْض لَا يُرَى فَهُوَ كاحِص.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الكَحْصُ: نَبْت لَهُ حَبٌّ أَسْود يُشبَّه
بعيون الجَرادِ، وَأنْشد فِي صِفَة الدُّرُوعِ:
كأنَّ جَنى الكَحْصِ اليبيس قَتيرُها
إِذا نُثِلَت سَالَتْ وَلم تَتَجَمّعِ
ح ك س
حسك، سحك، كسح: (مستعملات) .
حسك: قَالَ اللَّيْث: الحسَكُ: نباتٌ لَهُ ثَمر خَشِن يتعلَّقُ بأصواف
الغَنَم. قَالَ: وكل ثمَرَة يُشْبهها نَحْو ثَمَرَةِ القُطْب
والسَّعْدان
(4/57)
والهَراس فَهُوَ حَسَك، والواحدة حَسَكةٌ،
قَالَ: والحَسَكُ من أدوات الْحَرْب رُبما اتُّخِذَ من حَدِيد فَصُبّ
حول العَسْكر.
وحَسكُ الصَّدْر: حِقْدُ الْعَدَاوَة.
يُقَال: إِنَّه لَحَسِكُ الصَّدر على فُلانٍ.
قَالَ: والحِسْكِكُ: القُنْفُذُ الضَّخْمُ.
أَبُو عبيد: فِي قلبه عَلَيْك حَسِيكةٌ وحَسِيفَةٌ وسخِيمةٌ بِمَعْنى
وَاحِد.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للْقَوْم الأشِدّاء: إِنَّهُم لَحَسَكٌ
أَمْرَاسٌ، الْوَاحِد حَسَكةٌ مَرِسٌ.
سحك: أَخْبرنِي المُنْذري عَن الحَرَّانِي عَن ابْن السِّكِّيت. قَالَ:
سَمِعت ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: أَسْوَدُ سُحْكُوكٌ وحُلْكُوكٌ.
قلت: ومُسْحَنْكَك مثله مُفْعَنْلَلٌ من سَحَك.
كسح: اللَّيْث: الكَسْحُ: الكَنْسُ. والكُسَاحَةُ: تُرابٌ مَجموعٌ
كُسِحَ بالمِكْسَح.
والمُكاسَحَةُ: المُشَارَّةُ الشديدةُ.
قَالَ: والكَسَحُ ثِقَل فِي إِحْدَى الرِّجلين إِذا مَشَى جَرّها
جَرّاً. ورجلٌ كَسْحَانُ، وَقد كَسِحَ كَسَحاً.
وَفِي حَدِيث ابْن عمر أَنَّه ذكر الصَّدَقَة فَقَالَ: هِيَ مَالُ
الكُسْحَان والعُوران، واحِدُهُم أَكْسَحُ وَهُوَ المُقْعدُ يُقَال
مِنْهُ: كَسِحَ كَسَحاً. وَأنْشد:
بَين مخذولٍ كَرِيمٍ جَدُّهُ
وخَذُولِ الرِّجْلِ من غير كَسَحْ
وَمعنى الحَدِيث: أَنّه كره الصَّدقة إِلَّا لأهْلِ الزَّمَانَةِ،
وَأنْشد اللَّيْث بَيْتاً آخَرَ لِلأَعْشَى:
وَلَقَد أَمْنَحُ مَنْ عَادَيْتُه
كُلَّ مَا يَقْطَعُ من دَاء الكَسَحْ
قَالَ: ويروى بالشِّين.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الكُسَاحُ: من أَدْوَاءِ الْإِبِل، جَمَل
مَكْسُوح: لَا يَمْشِي من شِدة الظَّلْع.
قَالَ: وعُودٌ مُكَسَّحٌ ومُكشّح أَي مَقشورٌ مُسوًّى.
قَالَ: وَمِنْه قَول الطِّرِمَّاح:
جُمَالِيَّةٌ تَغْتَالُ فَضلَ جَدِيلها
شَنَاحٍ كَصَقْبِ الطائفِيِّ المُكَسَّحِ
ويروى المُكَشَّحِ، أَرَادَ بالشَّنَاحِي عُنُقَها لطوله.
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال: أَتينَا بني فُلانٍ فاكتسحنا مَالهم أَي
لم نُبْقِ لَهُم شَيْئا.
وَقَالَ المُفضَّلُ: كسَحَ وكَثَحَ بِمَعْنى وَاحِد حكاهُ أَبُو
تُرَاب.
ح ك ز
اسْتعْمل من وجوهه: حَزَكَ، زَحَكَ.
حزك: قَالَ الفراءُ: حَزَكْتُه بالحبلِ أحْزِكُه مثل حَزَقْتُه سَواء.
قَالَ: وحَزَكه وحَزَقَهُ إذَا شدّه بحبلٍ جَمَع بِهِ يَدَيْهِ
ورِجْلَيْه.
أَبُو عُبيد: عَن الْأَصْمَعِي: الاحْتِزَاكُ هُوَ الاحْتِزَامُ
بالثَّوْبِ.
زحك: يُقَال: زَحَكَ فلَان عَنِّي وزحَلَ إِذا تَنَحَّى.
قَالَ: رُؤْبَةُ:
كَأَنَّهُ إذْ عادَ فِيهَا وَزحَكْ
حُمَّى قَطِيفِ الخَطِّ أَوْ حُمَّى فَدَكْ
(4/58)
كَأَنَّهُ يَعْنِي الهَمَّ إذْ عَاد إلَيّ
أَوْزحَكَ إِذا تَنَحَّى عَنِّي.
ابْن الْفرج عَن عُرَام: أزْحَفَ الرجل وأَزْحَكَ إِذا أعْيَتْ بِهِ
دابَّتُه.
ح ك ط
حكط: يُقَال: كحطَ المطرُ وقَحَطَ.
ح ك د
حكد، كدح: مستعملان.
حكد: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ فِي مَحْكِد صدق ومَحْتِد
صِدْق.
كدح: اللَّيْث: الكدْحُ: عملُ الْإِنْسَان من الخيْرِ والشَّرِّ يكدَح
لنَفسِهِ بِمَعْنى يسْعَى لنَفسِهِ، وَمِنْه قولُ الله جلّ وعزّ:
{الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ} (الانشقاق: 6) أَي ناصبٌ
إِلَى رَبك نصْباً.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: جَاءَ فِي التَّفْسِير: إِنَّك عاملٌ لِربكَ
عملا وَجَاء أَيْضا: ساعٍ إِلَى ربِّك سعياً فملاقِيه.
والكَدْحُ فِي اللُّغَة: السَّعْي والدُّؤوبُ فِي الْعَمَل فِي بابِ
الدُّنْيَا، وَفِي بَاب الْآخِرَة، وقَالَ ابْن مُقْبل:
وَمَا الدهرُ إِلَّا تارتانِ فمنهما
أَمُوت وأخرَى أَبْتَغِي العيشَ أكدحُ
أَي تَارَة أسعى فِي طلب الْعَيْش وأَدْأَبُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكدْحُ: دون الكَدْم بالأسنان. والكدْحُ بِالْحجرِ
والحافِر.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَنْ
سأَلَ وَهُوَ غنِيٌّ جَاءَت مَسْأَلته يَوْم الْقِيَامَة خُدوشاً أَو
خُمُوشاً أَو كُدُوحاً) .
قَالَ أَبُو عُبيد: الكُدُوحُ: أَثرُ الخُدُوش وكلُّ أَثَرٍ من خَدْشٍ
أَو عَضَ فَهُوَ كدْحٌ وَمِنْه قيلَ للحمار الوَحْشِي: مُكدَّح لِأَن
الحُمُرَ يَعْضَضْنَه، وَأنْشد:
يَمْشونَ حوْلَ مُكَدَّمٍ قد كدَّحَت
مَتْنَيْهِ حَمْلُ حَناتِمٍ وقِلالِ
وَيُقَال: كدَحَ فُلاَنٌ وَجْه فلَان إِذا مَا عَمِل بِهِ مَا
يَشِينُه، وكَدَحَ وَجْهَ أَمْرِه إِذا أفْسَدَه.
ح ك ت
اسْتعْمل من وجوهه: حتك، كتح.
حتك: قَالَ اللَّيْث: الْحَتكُ وَالحَتَكانُ شبه الرَّتَكان فِي
المَشْي إِلَّا أَنَّ الرَّتَكانَ للإبِل خاصَّة، والحَتْك للْإنْسَان
وغَيْره.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الحَتْك ساكِنُ التَّاء: أَنْ يُقارِبَ
الخَطوَ ويُسْرِع رَفْعَ الرِّجْل وَوَضْعها.
شَمِر: قَالَ ابنُ حبيب: رجل حَتَكة وَهُوَ القَمِىءُ، وَكَذَلِكَ
الحَوْتَكُ والحوْتَكيُّ هُوَ القصيرُ القَريبُ الخَطْوِ، قَالَ:
والحاتِكُ: القَطُوفُ العاجزُ قَالَ: والقَطوفُ: القريبُ الخَطْو.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
لنا وَلكم يَا مَيُّ أَمْسَتْ نِعاجُها
يُماشِينَ أُمَّاتِ الرِّئالِ الحوَاتِك
وَقَالَ الرَّاجزُ:
وساقِيَيْن لم يكُونَا حَتَكا
إِذا أَقُولُ وَنَيَا تَمَهَّكا
أَي تَمَدَّدا بالدَّلْو.
والحَوْتَكُ: الصَّغِير الجِسْم اللَّئيم.
كتح: قَالَ اللَّيْث: الكَتحُ: دُون الكَدْحِ من
(4/59)
الْحَصَى. والشيءُ يُصِيبُ الجِلْدَ
فيُؤَثِّرُ فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم يَصِفُ الحَمير:
يلتَحْنَ وَجْهاً بالحَصَى مَلْتُوحا
ومَرَّةً بِحَافِر مَكْتُوحا
وَقَالَ الآخر:
فأهْوِنْ بِذِئْب يكْتَحُ الرِّيحُ باسْتِه
أَي يضْربهُ الرِّيحُ بالحَصى قَالَ: ومَنْ روى تَكثح الرِّيحُ الثَّاء
فَمَعْنَاه تَكْشِف
وَقَالَ ابنُ دُرَيْدٍ: كَتَحَ الدَّبا الأرْضَ إِذا أكل مَا عَلَيْهَا
من نَبات أوْ شَجَر. وَأنْشد:
لهُمْ أشَدُّ عَلَيْكُم يَوْم ذُلِّكُمُ
من الكَواتِح من ذَاك الدَّبا السُّودِ
قَالَ: وكَتَحَتْه الرِّيحُ وكَثَحَتْه إِذا سَفَتْ عَلَيْهِ الترابَ.
ح ك ظ ح ك ذ: أهملت وجوهها
ح ك ث
كثح، كحث: مستعملان.
كثح: قَالَ اللَّيْث: الكَثْحُ: كَشْف الرِّيح الشَّيْء عَن الشَّيْء.
قَالَ: ويَكْثَحُ بالتُّراب وبالْحَصَى أَي يضْرب بِهِ.
وَقَالَ المُفَضَّل: كَثَحَ من المَال مَا شَاءَ مثل كسحَ.
كحث: قَالَ اللَّيْث: كَحَث لَهُ من المَال كَحْثاً إِذا غرَفَ لهُ
منهُ غَرْفاً بيدَيْهِ.
ح ك ر
حرك، حكر، ركح: مستعملة.
حكر: اللَّيْث: الحَكْر: الظُّلْمُ والتَّنَقُّصُ وسُوء العِشْرَةِ.
يُقَال: فلَان يَحْكِر فلَانا إِذا أَدْخَلَ عَلَيْهِ مَشَقّة
ومَضَرَّة فِي مُعاشَرَته ومُعايَشَته، والنَّعْتُ حَكِر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الحَكْر: اللِّجاجَة. والحَكْرُ:
ادّخارُ الطَّعام للتّرَبُّص.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَكْرُ: مَا احْتَكَرْت من طَعَام ونَحْوه ممَّا
يُؤْكَلُ. وَمَعْنَاهُ الجَمْعُ. وصاحِبُه مُحْتَكِر وَهُوَ احتِباسُه
انتِظارَ الغَلاء، وأَنْشَد:
نَعَّمَتْها أُمُّ صِدْق بَرَّةٌ
وأَبٌ يُكْرِمُها غَيْرُ حَكِرْ
ابْن شُمَيل: إنَّهم لَيَتَحَكَّرُون فِي بَيْعهم: ينظُرون
ويَتَربَّصُون. وإنَّه لَحَكِر لَا يزَال يحبِس سِلعتَه. والسوق
مادَّةٌ حَتَّى يبيعَ بالكثِير من شِدَّة حَكْرِه أَي من شِدة احتباسه
وترَبُّصِة. قَالَ: والسوق مَادَّة أَي مُلأى رجَالًا وبيُوعاً. وَقد
مدَّت السُّوق تمُدُّ مدّاً.
حرك: اللَّيْث: تَقول: حَرَكَ الشيءُ يحرُك حَرَكاً وحَرَكَة
وَكَذَلِكَ يتحرَّك وَتقول: قد أعْيا فَمَا بِهِ حَراكٌ. قَالَ.
وَتقول: حركْت مَحْركَه بِالسَّيْفِ حَرْكا، والمَحْرَك: مُنتهى
العُنُقِ عِنْد مِفْصل الرّأس. والحاركُ: أَعلَى الكاهِل، وَقَالَ
لَبيد:
مُغْبِطُ الحارِكِ مَحْبُوك الكَفَل
أَبُو زَيْد: حَرَكَه بِالسيف حَرْكاً إِذا ضرب عُنقَه قَالَ:
والمَحْرَكُ: أَصْلُ العُنُق من أعْلاَها.
وَيُقَال لِلْحَارك: مَحْرَك بِفَتْح الرَّاء: وَهُوَ
(4/60)
مَفْصِل مَا بيْن الكاهِلِ والعُنُق ثمَّ
الْكَاهِل: وَهُوَ بَين المَحْرَك والمَلْحاء، والظَّهْرُ: مَا بَين
المَحْرَك إِلَى الذَّنَب.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَرَاكِيكُ هِيَ الحَرَاقِفُ وَاحِدهَا حَرْكَكَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأَعرابِي: حَرَكَ إِذا منع من الحَقّ الَّذِي
عَلَيْهِ.
وحَرِكَ إِذا عُنَّ عَن النِّساء. والحَرِيكُ: العِنِّين.
وَقَالَ الفرّاء: حَركْتُ حَارِكَه: قَطَعْتُه فَهُوَ مَحْرُوك، ورُوِي
عَن أَبِي هُرَيْرَة أَنَّهُ قَالَ: (آمَنْتُ بِمُحرِّف القُلُوبِ)
ورَوَاهُ بَعْضُهم آمَنْتُ بمُحَرِّك القُلُوبِ، قَالَ الفرّاء:
المُحَرِّفُ: المُزِيل، والمُحَرِّكُ: المُقَلِّب، وَقَالَ العَبَّاس:
والمُحَرِّكُ أجْوَدُ لأَنَّ السُّنَّة تُؤيِّدُه: (يَا مُقَلِّب
القُلُوب) .
ركح: أَبُو عُبَيْد عَن الأُمَوِيّ: أركَحْتُ إِلَيْهِ أَي اسْتَنَدْتُ
إِلَيْهِ. وَقَالَ الْفراء: لَجَأْتُ إِلَيْهِ.
اللَّيْث: الرُّكْحُ: رُكْن من الجَبَل مُنِيفٌ صَعْبٌ، وَأنْشد:
كأنَّ فاهُ واللِّجَامُ شَاحِي
شَرْجَا غَبِيطٍ سَلِسٍ مِرْكاحِ
أَي كَأَنَّهُ رُكْح جَبَل. قلت: والمِرْكاحُ من الأقْتاب غَيْر مَا
فَسَّرَه اللَّيْثُ.
أقْرَأنِي الإيادِيُّ لأَبي عُبَيْد عَن الأصْمَعِي قَالَ: المِرْكاح:
القَتَب الَّذِي يَتَأخَّر فَيكون مَرْكَبُ الرَّجُل فِيهِ على آخِرةِ
الرَّحْل، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح.
شَمِر عَن ابْن الْأَعرَابِي: رُكْحُ الْجَبَل: جانِبه وحرْفُه،
ورُكْحُ كلِّ شَيْء: جانبُه.
وَيُقَال: أركحْتُ ظَهْري إِلَيْهِ أَي ألْجأْت ظَهْري إِلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو كَبِيرٍ الهُذَلِيّ:
وَلَقَد نُقِيمُ إِذا الخُصوم تنَافَدُوا
أحلامَهم صَعَر الخَصيم المُجْنِفِ
حَتَّى يظلَّ كأنَّه مُتَثَبِّت
بُركُوحِ أمْعَزَ ذِي رُيودٍ مُشْرف
قَالَ: مَعْنَاهُ يظَلُّ من فَرَقي أَن يتكلَّم فيُخطىءَ ويزلّ
كَأَنَّهُ يمشي بِرُكْح جبل: وَهُوَ جانبُه وحرْفه فيخافُ أَن يزِلَّ
ويسقُط.
وَقَالَ أَبُو خَيْرة: الرَّكْحاءُ: الأرضُ الغلِيظة المُرْتفعة. وَفِي
الحَدِيث: (لَا شُفعةَ فِي فنَاء وَلَا طَريق وَلَا رُكْح) . قَالَ
أَبُو عُبيْد: الرُّكْحُ: ناحيةُ البيْت من ورائِه، وَرُبمَا كَانَ
فضَاءً لَا بِناءَ فِيهِ. وَقَالَ القُطَامِيُّ:
أما ترى مَا غَشِيَ الأرْكاحَا
وَقَالَ ابنُ ميَّادة:
ومُضَبَّر عَرِد الزِّجاجِ كأنَّه
إرَمٌ لِعَادَ مُلَزَّزُ الأرْكاح
وإرَم: قبر عَلَيْهِ حِجَارَة. ومُضَبَّر يَعْنِي رأسَهَا كَأَنَّهُ
قبْر. والأرْكاح: الآساس والأركانُ والنَّواحي.
قَالَ: وَرَوَاهُ بعْضُهم:
أَلا تَرَى مَا غَشِيَ الأكْراحا
قَالَ: وَهِي بيُوت الرُّهْبان قُلت: وَيُقَال لَهَا: الأُكْيَراحُ،
وَمَا أَرَاهَا عربيَّة.
أَبُو عُبيد عَن أبي عُبيْدة: الرُّكْحة: البقِيَّة من الثَّرِيد تبْقى
فِي الجفْنة، وَمِنْه قيل للجَفنة المُرْتَكِحة إِذا اكْتَنَزَت
بِالثَّريد.
(4/61)
وَيُقَال: إنَّ لفُلَان ساحةً يتَرَكَّحُ
فِيهَا أَي يَتوسَّع.
وَفِي النودار: تَرَكَّح فلَان فِي المعِيشة إِذا تَصَرّف فِيهَا.
وتَرَكَّح بِالْمَكَانِ تَلبَّث بِهِ.
وركَحَ الساقي على الدَّلْوِ إِذا اعْتَمد عَلَيْهَا نَزْعاً،
والرّكْحُ: الاعْتماد.
وأنْشَدَ الأصْمَعِيّ:
فصادفْتَ أهْيَفَ مثل القِدْحِ
أجْرَدَ بالدَّلْو شَديد الرّكْحِ
ح ك ل
حكل، حلك، كلح، كحل، لحك، لكح: مستعملات.
كحل: قَالَ الليْث: الكُحْل: مَا يُكْتَحل بِهِ. والمِكْحال: المِيلُ
تُكْحلُ بِهِ العيْنُ من المُكْحُلة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: مَا كَانَ على مِفْعَل ومِفْعَلة مِمَّا يُعتمَل
بِهِ فَهُوَ مكسور الْمِيم مثل مِخْرز ومِبضع ومِسلّة ومِرْدَعة
ومِخلاة إلاَّ أَحْرفاً جاءتْ نَوَادِر بضمِّ الْمِيم وَالْعين وَهِي:
مُسْعُط ومُنْخُل ومُدْهُن ومُكحُلة ومُنْصُل.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَحَل: مصدر الأكْحَل والكَحْلاء من الرِّجَال
وَالنِّسَاء: وَهُوَ الَّذِي يعلُو مَنابتَ أَشْفَاره سوادٌ خِلقة من
غير كُحْل وَأنْشد:
كَأَن بهَا كُحْلاً وَإِن لم تُكَحَّلِ
والأكحلُ: عِرْقُ الْيَد يسمَّى أكحَلاً وَفِي كلِّ عُضْو مِنْهُ شُعبة
لَهُ اسْم على حِدةٍ، فَإِذا قُطع فِي الْيَد لم يرقأ الدَّمُ.
قَالَ: والكَحْل: شِدة المَحْل، يُقَال: أَصَابَهُم كَحْل ومَحْل.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: صَرَّحَت كَحْلُ غَير مُجْرًى، وكَحَلَتهم
السنون.
وَأنْشد:
قومٌ إِذا صرَّحَتْ كَحْلٌ بيوتُهم
مأْوَى الضَّرِيكِ ومأْوَى كلِّ قُرضوبِ
فأجراه الشَّاعِر لِحَاجَتِهِ إِلَى إجرائه.
ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الْفراء: اكتَحَل الرجل إِذا وَقع فِي شِدة بعد
رخاء.
اللَّيْث: الكُحَيْل: ضرب من القَطِران.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الكُحَيْل: الَّذِي يُطلَى بِهِ الْإِبِل
للجرَب هُوَ النِّفْط. قَالَ: والقَطِران إِنَّمَا هُوَ للدَّبَر
والقِرْدان.
وَقَالَ الْفراء: يُقَال: عَيْن كَحِيل بِغَيْر هَاء: مكحولة.
والكحلاء: نَبْتٌ من العُشب معروفٌ. أَبُو عُبيد: يُقَال لفُلَان كُحْل
وَلفُلَان سَوادٌ أَي مَال كثير. قَالَ: وَكَانَ الأصمعيّ: يتأوَّلُ
فِي سَواد الْعرَاق أَنه سُمي بِهِ للكثرة. وَأما أَنا فأحسبُه
للخُضْرة.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب الْقَدِيمَة قولُهم فِي التَّساوِي (باءَتْ
عَرَارِ بكَحْل) وهما بقرتانِ كَانَتَا فِي بني إِسْرَائِيل وَقد مر
تفسيرُهما.
حكل: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: فِي لِسَانه حُكْلَة:
أَي عُجْمة وَقد أَحكَل الرجل على القَوْم إِذا أَبَّرَ عَلَيْهِم
شرّاً. وَأنْشد:
أَبَوْا على النَّاس أبَوْا فأحْكَلوا
تأْبَي لَهُم أُرُومة وأوَّلُ
(4/62)
يبْلَى الحديدُ قبلهَا والجَنْدَلُ
سَلَمة عَن الْفراء قَالَ: أَشْكَلت عَلَيَّ الأخبارُ وأَحْكلَت
وأعْكلَتْ واحْتكلَتْ أَي أشكلَتْ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: حَكَل وأَحْكل وعَكل وأَعْكَل واعْتكل
واحْتكَل بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: فِي لسانِه حُكلَةٌ أَي عُجمةٌ.
وَقَالَ شمر: الحُكلُ: العُجمُ من الطُّيُور والبهائم. وَقَالَ رؤبة:
لَو أنني أُعْطِيتُ عِلمَ الحُكْلِ
عِلْمَ سلَيمان كلامَ النَّمل
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الحاكِل: المُخمِّن.
لحك: قَالَ اللَّيْث: اللَّحْك: شدَّة لأْم الشَّيْء بالشَّيْء. تَقول:
لُوحِكَت فَقار هَذِه النَّاقة. أَي دُوخِل بعضُها فِي بعض، والملاحَكة
فِي البُنيان وَغَيره ملاءَمة. وَقَالَ الْأَعْشَى يصف نَاقَة:
ودَأْيَاً تَلاحَك مثل الفُؤو
س لاَحَمَ فِيهِ السَّليلُ الفَقَارا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: لَحِكَ العسلَ يلْحَكه إِذا
لَعِقه. وَأنْشد:
كَأَنَّمَا ألحَك فَاه الرُّبا
وَسمعت الْعَرَب تَقول: الدابَّة تكونُ فِي الرمل تشبه السَّمكة
البَيْضاء كَأَنَّهَا شَحْمة مُشربة حُمْرة فَإِذا أحَسَّت بِإِنْسَان
دارت فِي مَكَانهَا وَغَابَتْ. وَيُقَال لَهَا: بِنْت النَّقَا وَيُشبه
بهَا بَنانُ العذارَى، وَتسَمى الحُلَكة واللُّحَكة، وَرُبمَا قَالُوا
لَهَا اللُّحَكاء وَيُقَال لَهَا الحُلَكاء.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: المُتلاحِكة: النَّاقة الشديدةُ
الخَلْق، والمحبوكة مِثلُها لِأَنَّهَا أُدْمِجَت إدماجاً.
حلك: قَالَ اللَّيْث: الحَلَك: شدَّة السّوادِ كلَون الغُرابِ. تَقول:
إِنَّه لأشدُّ سواداً من حَلَك الغُراب. وَيُقَال للأسود الشَّديد
السوَاد: حالكٌ وحُلْكوك، وَقد حَلَك يحلُك حُلوكا.
ابْن السكت عَن ابْن الْأَعرَابِي: أسْوَد حالك وحانِك ومُحْلَوْلك.
وأسْودُ مثلُ حَلَكِ الغُراب وحَنكِ الْغُرَاب، وحُلْكوك ومُحْلَنْكك،
والحُلَك: دابَّة قد مرَّ تفسيرُها.
كلح: اللَّيْث: الكُلوح: بُدوّ الْأَسْنَان عِنْد العبوس، وَقد كلَح
كُلوحاً، وأكلَحَه الأمرُ وَقَالَ الله: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ
النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 104) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الكالحُ: الَّذِي قد قَلَصَت شَفَتُه عَن
أَسْنَانه نَحْو مَا ترى من رُؤُوس الغَنم إِذا بَرَزت الأسنانُ
وتشمَّرَتِ الشِّفاه.
قلت: وَفِي بَيْضاء بني جَذِيمة ماءٌ يُقَال لَهُ كلح وَهُوَ شَروب
عَلَيْهِ نَخل بَعْل قد رَسَخَتْ عروقُها فِي المَاء.
ودَهْر كالِح وكُلاح: شَدِيد. وَقَالَ لبيد:
وعِصْمةً فِي السَّنَة الكُلاح
وسَنةٌ كَلاحِ على فَعَالِ بِالْكَسْرِ إِذا كَانَت مُجْدبة.
وسمِعْتُ أعرابيّاً يَقُول لجمل رَغُوَ قد كَشَّر عَن أنيابه: (قَبَحَ
الله كلَحَته) . يَعْنِي فَمَه
(4/63)
وأنيابَه.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَكَلَّحَ البرْقُ تَكلُّحا وَهُوَ دوامُ برقِه
واسْتِسْراره فِي الغَمامة البَيْضاء وَهَذَا مثل قَوْلهم: تَكلَّح
إِذا تبسَّم، وتبسَّمَ البرْقُ مثلُه.
لكح: ابْن دُريد: لَكَحَه يلكَحُه لكحاً إِذا ضربَه بيدِه شَبيهٌ
بالوَكْز. وَأنْشد:
يَلْهَزُه طَوْراً وطَوْراً يَلكَحُ
حَتَّى تراهُ مائلاً يُرَنَّح
ح ك ن
حنك، نكح: (مستعملات) .
نكح: قَالَ اللَّيْث: تَقول: نكحَ فلَان امّرأة يَنكِحُها نِكاحاً إِذا
تزوَّجَها، ونكَحَها إِذا باضَعَها ينكِحُها أَيْضا، وَكَذَلِكَ
دَحَمَها وخَجَأَها وَقَالَ الْأَعْشَى فِي نَكَحَ بِمَعْنى تزوَّج:
وَلَا تَقَرَبَنَّ جَارة إنَّ سِرَّها
عَلَيْك حرامٌ فانكِحَن أَو تأَبَّدَا
قَالَ: وامرأةٌ ناكحٌ بِغَيْر هَاء: ذاتُ زَوْج. وَأنْشد:
أحاطت بخُطَّاب الأيامَى فَطُلِّقت
غداتَئِذٍ مِنْهُنَّ مَن كَانَ ناكحا
وَيجوز فِي الشّعْر ناكحة.
وَقَالَ الطِّرِماح:
ومِثلُكَ ناحت عَلَيْهِ النسا
ءُ من بَينِ بِكْرٍ إِلَى ناكحه
قَالَ: وَكَانَ الرجل يأتى الحَيَّ خاطباً فَيقوم فِي نادِيهم
فَيَقُول: خِطْبٌ أَي جِئْت خاطباً، فَيُقَال لَهُ: نِكْحٌ أَي قد
أنكَحْناك.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {الزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ
مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ} (النُّور: 3)
تأوِيلُه لَا يتزوجُ الزَّانِي إِلَّا زَانِيَة وَكَذَلِكَ الزَّانِيَة
لَا يتزَوَّجُها إِلَّا زانٍ.
وَقد قَالَ قوم: معنى النِّكاح هَاهُنَا الْوَطْء، فَالْمَعْنى عِنْدهم
الزّاني لَا يطَأ إِلَّا زَانِيَة، والزانيةُ لَا يَطَؤُهَا إلاّ زانٍ،
قَالَ: وَهَذَا القَوْل يَبْعُد، لِأَنَّهُ لَا يُعرفُ شيءٌ من ذِكْر
النِّكاح فِي كتاب الله إِلَّا على معنى التَّزْوِيج. قَالَ الله
تَعَالَى: {وَأَنْكِحُواْ الأَيَامَى مِنْكُمْ} (النُّور: 32) .
فَهَذَا تزوِيجٌ لَا شكَّ فِيهِ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {بِاللَّهِ وَكِيلاً ياأَيُّهَا
الَّذِينَءَامَنُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ
مِن قَبْلِ أَن} (الأحزَاب: 49) فَأعْلم أنَّ عقد التَّزْوِيج يُسمى
النِّكاح، وأكثرُ التَّفْسِير أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِي قوم من
الْمُسلمين فُقَرَاء بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ بهَا بَغَايا يَزْنين
ويأخُذْن الأُجْرة فأرادُوا التزوُّج بِهن وعَوْلَهن فَأنْزل الله
تَحْرِيم ذَلِك.
وَيُقَال: رجل نُكَحَةٌ إِذا كَانَ كثير النِّكاح. قلت: أصلُ النِّكاح
فِي كَلَام الْعَرَب الوطْء، وَقيل للتزوُّج نِكاح لِأَنَّهُ سببُ
الْوَطْء المُباح.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال إِنَّه لنُكَحَة من قوم نُكَحاتٍ إِذا كَانَ
شَدِيد النِّكاح.
وَيُقَال: نَكَحَ المطَرُ الأرضَ إِذا اعْتَمد عَلَيْهَا. ونَكَحَ
النّعاسُ عَيْنه وناكَ المطرُ الأَرْض. وناكَ النعاسُ عينَه إِذا غلب
عَلَيْهَا.
حنك: يُقَال: أَسْود حانِكٌ وحالِكٌ أَيْ شَديدُ السَّوادِ. وحَنَكُ
الغُراب منقارُهُ.
(4/64)
والحَنَك: الْجَمَاعَة من الناسِ ينتجِعون
بَلَدا يَرْعَوْنه. يُقَال: مَا ترك الأحْنَاكُ فِي أَرْضِنا شَيْئا
يَعْنُون الْجَمَاعَات الْمَارَّة.
وَقَالَ أَبُو نُخَيْلَة:
إِنَّا وكُنَّا حَنَكاً نَجْدِيّا
لمَّا انْتَجَعْنا الوَرَقَ المَرْعِيَّا
فَلم نجد رُطْباً وَلَا لَوِيّا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: الحَنَكُ: الأسفَلُ، والفُقْمُ:
الأعْلَى مِن الْفَم. يُقَال: أَخذ بفُقْمِه.
وَقَالَ اللَّيْث: الحَنَكانِ للأعْلى والأسفل. فَإِذا فَصَلُوهُما لم
يكادوا يَقُولُونَ للأعْلَى حَنَك.
وَقَالَ حُمَيْدٌ يصف الفيلَ:
فالحَنَكُ الأعْلى طُوالٌ سَرْطَمُ
والحَنَكُ الْأَسْفَل مِنْهُ أَفْقَمُ
يُرِيد بِهِ الحَنَكَيْنِ.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً}
(الإسرَاء: 62) .
قَالَ الْفراء: يَقُول: لأسْتَوْلِيَنَّ عَلَيْهِم إِلَّا قَلِيلا،
يَعْنِي المعصومين.
وَقَالَ مُحَمَّد بنُ سَلاَّم: سألتُ يونُسَ عَن هَذِه الْآيَة
فَقَالَ: يُقَال: كَأَن فِي الأَرْض كَلأً فاحتنَكه الجَرادُ أَي أَتَى
عَلَيْهِ. وَيَقُول أحَدُهُم: لم أجد لِجاماً فاحْتَنَكتُ دَابَّتِي
أَي ألقيتُ فِي حَنَكها حَبْلا وقدته بِهِ.
وَقَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله تَعَالَى: {لأَحْتَنِكَنَّ
ذُرِّيَّتَهُ} . قَالَ: لأستأصِلَنَّهُم ولأستَمِيلَنَّهُمْ. واحتنَك
فلانٌ مَا عِنْد فلانٍ أَي أَخذه كُله.
وَأَخْبرنِي المُنذرِيُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أنْشدهُ
لزَبَّان بن سَيَّار الفزَاري:
فَإِن كنتَ تُشْكَى بالجِماحِ بن جَعْفَر
فإنَّ لدَينا مُلْجِمِينَ وحانِك
قَالَ تُشْكى: تُزَنّ. وحانك: مَن يدقّ حنَكه باللِّجَام.
سَلَمةُ عَن الْفراء: رجل حُنُك وَامْرَأَة حُنُكَة إِذا كَانَا
لبيبَين عاقلين.
وَقَالَ: رجل مُحَنَّك وَهُوَ الَّذِي لَا يُسْتقلُّ مِنْهُ شَيْء
مِمَّا قد عضَّته الْأُمُور.
والمُحْتَنِك: الرجل المتناهِي عقلُه وسِنُّه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحُنُك: العُقلاء.
والحُنُك: الأكَلَة من النَّاس.
والحُنُك: خشب الرَّحْل.
قلت: الحُنُك: العقلاءُ، جمع حَنِيكٍ. يُقَال: رجل مَحْنوك وحَنِيك
ومُحْتَنِك، ومُحْتَنَك إِذا كَانَ عَاقِلا. وَقَوله: الحُنُك:
الْأكلَة من النَّاس جَمْع حانك وَهُوَ الآكِلُ بحَنَكه. وَأما
الحُنُك: خشب الرّحْل فجَمْع حِناكٍ.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي يُقَال للقِدَّةِ الَّتِي تَضُمُّ
العَرَاصيفَ: حُنْكة وحِناك.
اللَّيْث: يُقَال حَنَكَتُه السِّن إِذا نَبتَت أسنانُه الَّتِي تسمى
أَسْنَان الْعقل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جرَّذَه الدَّهْر ودَلَكَه ووَعَسَه
وحَنَّكه وعَرَكه ونَجَّذَه بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: يَقُولُونَ: هم أهل الحُنْك والحِنْك والحَنَك
والحُنْكة أَي أهل السن
(4/65)
والتجارب. قَالَ: والتَّحْنيك: أَن
تُحَنَّك الدابةَ: تَغرِز عوداً فِي حَنَكه الْأَعْلَى أَو طرَف قرن
حَتَّى يُدْميه لحَدَثٍ يحدث فِيهِ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يُحنِّك
أَوْلَاد الْأَنْصَار. قَالَ: والتَّحْنِيك أَن يَمْضُغ التَّمْر ثمَّ
يَدْلِكه بحَنك الصبيّ داخلَ فِيهِ، يُقَال مِنْهُ حَنَّكْتُه
وحَنَكتُه فَهُوَ مَحْنوك ومُحَنَّك. قَالَ ذَلِك شَمِر.
وَيُقَال: اسْتَحْنك الرجل إِذا اشْتَدَّ أكْله بعد قِلَّة.
والحِناك: وثاق يُرْبَط بِهِ الْأَسير وَهُوَ غلٌّ كلما جُذِب أصَاب
حَنَكه.
وَقَالَ الرَّاعِي يَذكر رجلا مأسوراً:
إِذا مَا اشْتَكَى ظُلْمَ الْعَشِيرَة عَضَّه
حِناكٌ وقَرّاصٌ شَدِيد الشكائم
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال: أحنَكهم عَن هَذَا الْأَمر إحناكا
وأحكمَهم أَي رَدَّهم.
قَالَ: والحَنَكة: الرابية المشرفة من القُفِّ يُقَال: أَشرِف على
هاتيك الحنكة، وَهِي نَحْو الفَلَكَة فِي الغِلَظ.
وَقَالَ أَبُو خيرة: الحَنَك: آكام صغَار مُرْتَفعَة كرِفعةِ الدّار
المرتفعة، وَفِي حجارتها رَخاوة وبياضٌ كالكَذَّان.
وَقَالَ النَّضر: الحَنَكة: تَلٌّ غليظ وَطوله فِي السَّمَاء على وَجه
الأَرْض مثل طول الرَّزن وهما شيءٌ وَاحِد.
(بَاب الْحَاء وَالْكَاف مَعَ الْفَاء)
ح ك ف
اسْتعْمل من وجوهه: كفح، كحف، حكف.
كفح: قَالَ اللَّيْث: المُكافَحَة: مُصادَفَة الوَجْه مُفاجأة وَأنْشد:
أَعاذِلَ مَنْ تُكْتَبْ لَهُ النّارُ يَلْقَهَا
كِفاحاً ومَنْ يُكْتَب لَهُ الخُلْدُ يَسْعَد
قَالَ وَتقول فِي التَّقْبِيل: كافَحَها كِفاحاً غَفْلَةً وِجاهاً.
قَالَ: المُكافَحَةُ فِي الحَرْبِ: المضارَبَة تِلْقاءَ الوُجُوه.
وَفِي حَدِيث أبي هُرَيرة أنَّه سُئِل: أَتُقَبِّلُ وَأَنت صَائِم؟
فَقَالَ: نعم وأَكْفَحُها، وَبَعْضهمْ يَرْويه وأَقْحَفُها. قَالَ
أَبُو عُبَيْد: مَنْ رَوَاهُ أَكْفَحُها أَرَادَ بالكَفْح اللِّقاءَ
والمُباشرة لِلْجِلْد.
وكلّ مَنْ واجَهْتَه ولَقيته كَفَّةَ كَفَّة فقد كافَحْتَه كِفاحاً
ومُكافَحَة.
وَقَالَ ابْنُ الرِّقاع:
تكافِحُ لَوْحاتِ الهَواجِر والضُّحَى
مكافَحَةً للمَنْخَرَيْنِ ولِلْفَم
قَالَ: ومَنْ رَوَى أَقْحَفُها أَرادَ: شُرْبَ الرِّيق. من قَحَفَ
الرجلُ مَا فِي الْإِنَاء إِذا شَرِبَ مَا فِيهِ.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: لقِيتُه كِفاحاً أَي مُواجَهَة.
وَقَالَ شمر: كَفِحَ فلانٌ عَنِّي أَي جَبُن.
والمُكافحة: المُواجهة بضَرْب أَو بِشيء. تَقول: كافَحْتُ فلَانا
بالسَّيف أَي واجَهْتُه. وكافَحْتُه أَي قبَّلْتُه. وأَكْفَحْتُه
عَنِّي أَي رَدَدْتُه وجَبَّنْتُه عَن الإقْدامِ عَلَيّ.
أَبُو عُبَيد عَن الفَرَّاء: كفَحْتُه بالعَصا بِالْحَاء أَي ضَرَبتُه.
وَقَالَ شَمِر: الصّوابُ كفَخْته بِالْخَاءِ. قلت أَنا: كفَحْتُه
بالعصا والسَّيْف
(4/66)
إِذا ضربْتُه مُواجَهَة، صَحِيحٌ،
وكَفَخْتُه بالعصا إذَا ضَرَبْتَه لَا غير.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: أكْفَحْتُ الدَّابَّة إِذا تَلَقَّيْتَ
فاهَا باللِّجام تَضْربُه بِهِ، وَهُوَ من قَوْلهم: لَقِيتُه كِفاحاً
أَي اسْتَقْبَلْته كَفَّة كَفَّة.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: كَفَحْت الشيءَ، وكَثَحْتُه إِذا كشفت عَنهُ
غِطاءه.
وَقَالَ ابْن شُمَيلٍ فِي تَفْسِير قَوْله: (أَعْطَيْت مُحَمَّدًا
كفاحاً أَي كثيرا من الْأَشْيَاء من الدُّنْيَا والآخِرَة.
وَفِي (النَّوَادِر) : كَفْحَةٌ من النَّاس وكَثْحَةٌ أَي جَماعة
ليْسَت بِكَثِيرَة.
حكف: أهمله اللَّيْث. وروى أَبُو عَمْرو عَن ثَعْلَب عَن ابْن
الْأَعرَابِي قَالَ: الحُكوفُ: الاسْتِرْخاءُ فِي العَمَل.
كحف: أهمله اللَّيْث: وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الكُحوفُ: الأعْضاء
وَهِي القُحُوف.
ح ك ب
حبك، كحب، كبح: (مستعملات) .
حبك: قَالَ اللَّيْث: حَبَكْتُه بالسّيْف حَبْكا وَهُوَ ضَرْب فِي
اللَّحْم دُونَ العَظْم.
ابْن هانىء عَن أبي زيد: يُقَال حَبَكْتُه بالسَّيْف حَبْكاً إِذا
ضَرَبْتَه بِهِ.
اللَّيْث: إنَّه لمَحْبوكُ المَتْن والعَجُز إِذا كَانَ فِيهِ
اسْتِوَاء مَعَ ارتِفَاع، وَأنْشد:
على كُل مَحْبوك السَّرَاةِ كأَنَّه
عُقابٌ هَوَتْ من مَرْقَبٍ وتَعَلَّتِ
وَقَالَ غَيره: فرسٌ مَحْبوكُ الكَفَلِ أَي مُدْمَجُه. قَالَ لبيد:
مُشْرِفُ الحارِكِ مَحْبوكُ الكَفَل
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {لَوَاقِعٌ وَالسَّمَآءِ
ذَاتِ الْحُبُكِ} (الذّاريَات: 7) . قَالَ: الحُبُك: تَكسُّر كلِّ
شَيْء كالرَّمْلة إِذا مَرَّت عليْهَا الرِّيحُ الساكنةُ وَالْمَاء
القَائم، والدِّرْع من الحَدِيد لَهَا حُبُك أَيْضا. قَالَ:
والشَّعْرَةُ الْجَعدة تكسُّرها حُبُك، وَوَاحِدُ الحُبُك حِباك
وَحَبِيكَةٌ. وروى الثورِيُّ عَن عطَاء عَن سَعيد بن جُبَيْر عَن ابْن
عَبَّاس فِي قَوْله: {لَوَاقِعٌ وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الْحُبُكِ}
(الذّاريَات: 7) : ذَات الخَلْق الْحسن. قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَأهل
اللّغة يَقُولُونَ: ذَات الطرائق الْحَسَنَة.
قَالَ: والمَحْبوك: مَا أُجيد عَمَلُه. وَقَالَ شَمِر: دابّة مَحْبوكَة
إِذا كَانَت مُدْمَجَة الخَلْق.
وَقَالَ اللَّيْث: الحِبَاكُ: ربَاطُ الحظيرة بقصبات تُعَرَّضُ ثمَّ
تُشَدّ. تَقول: حَبَكْتُ الحَظِيرَةَ كَمَا تُحْبَك عُرُوش الكرْم
بالحِبَالِ.
قَالَ: وحَبِيكُ البَيْضِ للرأس: طرائق حَدِيده، وَأنْشد:
والضارِبُون حَبِيكَ البَيْضِ إذْ لَحِقُوا
لَا يَنْكُصُون إِذا مَا استُلحِمُوا وحَموا
وَكَذَلِكَ طَرائِقُ الرَّمْلِ مِمَّا تَحْبكه الرِّيَاحُ إِذا جَرَت
عَلَيْهِ.
ورُوِي عَن عائِشَة أنَّها كَانَت تَحْتَبِك تَحت دِرْعها فِي
الصَّلاة. قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الاحتباك:
الاحتِباءُ لم يُعرف إِلَّا هَذَا. قَالَ أَبُو عُبَيد: وَلَيْسَ
للاحْتِبَاء
(4/67)
هَهُنَا معنى، وَلَكِن الاحْتِباك شَدُّ
الْإِزَار وإحكامه، أرَادَ أَنَّهَا كَانَت لَا تُصلّي إلاّ
مُؤْتَزِرَة.
قَالَ: وكلُّ شَيْء أَحْكَمْتَه وأَحْسَنْتَ عَمَلَه فقد احْتَبَكْتَه.
قَالَ: وَيُقَال: للدَّابَّة إِذا كَانَ شَدِيد الْخلْق مَحْبُوك.
قلت: الَّذِي روَاهُ أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي فِي الاحْتِباك أَنه
الاحْتِباءُ غَلَطٌ وَالصَّوَاب الاحْتِياك باليَاءِ. يُقَال: احْتَاكَ
يَحْتَاكَ احْتِياكاً وتَحَوَّكَ بِثَوْبِهِ إِذا احْتَبَى بِهِ،
هَكَذَا رَوَاهُ ابْن السّكيت وَغَيره عَن الْأَصْمَعِي بِالْيَاءِ.
قلت: الَّذِي يسبِقُ إِلَى وهمي أَن أَبَا عبيد كتب هَذَا الْحَرْف عَن
الْأَصْمَعِي بِالْيَاءِ، فزلّ فِي النقط وتَوهَّمَه بَاء، والعالم
وَإِن كَانَ غَايَة فِي الضَّبْط والإتقان فَإِنَّهُ لَا يكَاد يَخْلُو
من زلَّة، وَالله الْمُوفق للصَّوَاب.
وَقَالَ شمر: الحُبْكَةُ. الحُجْزَةُ وَمِنْهَا أُخِذَ الاحْتِبَاكُ
بِالْبَاء وَهُوَ شَدُّ الْإِزَار.
وَحكى عَن ابْن الْمُبَارك: أَنه قَالَ: جعلت سِوَاكي فِي حُبْكَتِي.
أَي فِي حُجْزَتي. وَقَالَ غَيره: التَّحْبِيكُ: التوثيق وَقد
حَبَّكْتُ الْعقْدَة أَي وثَّقْتُها.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: مَا طَعِمْنَا عِنْده حَبَكة وَلَا لَبَكة.
قَالَ وَبَعض يَقُول: عَبَكة قَالَ: والعَبَكة والحَبَكةَ: الحَبَّة من
السَّوِيق. واللَّبَكَة: اللُّقْمَة من الثَّرِيدِ. قلت: وَلم أسمع
حبكة بِمَعْنى عَبَكة لغير اللَّيْث، وَقد طلبته فِي بَاب الْعين
والحاء لأبي تُرَاب فَلم أَجِدهُ. وَالْمَعْرُوف: مَا فِي نِحْيِه عبكة
وَلَا عَبَقَة أَي لَطْخ من السّمن أَو الزَّيْت من عَبِقَ بِهِ
وعَبِكَ بِهِ أَي لصق بِهِ.
كحب: قَالَ اللَّيْث: الكَحَب بلُغَة أهل الْيمن النَّوْرَة.
والحَبَّةُ مِنْهُ كَحْبَةٌ. قلت: هَذَا حرف صَحِيح. وَقد رَوَاهُ
أَحْمد بن يحيى عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: وَيُقَال: كحَّب العِنَبُ
إِذا انْعَقَد.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الكَحْبُ والكَحْمُ: الحِصْرِمُ لُغَة
يَمَانِية.
وروى سَلَمة عَن الْفراء: يُقَال: الدَّرَاهِم بَين يَدَيْهِ كاحِبَة
إِذا واجهتك كَثِيرَة. قَالَ: وَالنَّار إِذا ارْتَفع لهبُهَا فَهِيَ
كاحِبة.
كبح: قَالَ اللَّيْث: الكَبْح: كَبْحُك الدابةَ باللجام. وَقَالَ
غَيره: كَبَحه عَن حَاجته كَبْحاً إِذا ردَّه عَنْهَا، وكبح الحائطُ
السهمَ كَبْحاً إِذا أصَاب الْحَائِط حِين رمى بِهِ فَرده عَن وَجهه
وَلم يَرْتَزَّ فِيهِ.
وَقيل لأعرابي: مَا للصَّقرِ يُحِبّ الأرنب مَا لَا يحب الخَرَب؟
فَقَالَ: لِأَنَّهُ يكْبَحُ سَبَلَته بذَرْقِهِ فَيَرُدّه.
حكى ذَلِك الْأَصْمَعِي، ثمَّ قَالَ: رَأَيْت صقراً كأَنما صُبَّ
عَلَيْهِ وِخاف خِطْمِيٌّ من ذَرْق الحُبَارَى.
قَالَ: والكابحُ: مَن استقبلك مِمَّا يُتَطَيَّرُ مِنْهُ من تَيْسٍ
وَغَيره، وَجمعه كوابِحُ. قَالَ البَعِيثُ:
ومُغْتدياتٍ بالنُّحوس كَوَابِح
ح ك م
حكم، حمك، كمح، كحم، محك: مستعملات.
(4/68)
حكم: قَالَ اللَّيْث: الحَكَم: الله تبَارك
وَتَعَالَى، وَهُوَ أحكم الْحَاكِمين، وَهُوَ الْحَكِيم لَهُ الحُكْم.
قَالَ: والحُكم: العِلم والفِقْه {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً}
(مريَم: 12) أَي عِلْماً وفِقهاً، هَذَا لِيَحْيَى بن زكريَّا.
وَكَذَلِكَ قَوْله:
الصَّمت حُكم وَقَلِيل فَاعله
والحُكم أَيْضا: القضاءُ بِالْعَدْلِ. وَقَالَ النَّابِغَة:
واحكُم كحُكْم فتاة الحيِّ إِذْ نظرت
إِلَى حَمام سِراعٍ وارِدِ الثَّمَد
قلت: وَمن صِفَات الله: الحَكَم، والحَكِيم والحاكِمُ وَهُوَ أَحكُم
الْحَاكِمين، ومعاني هَذِه الْأَسْمَاء مُتَقَارِبَة وَالله أعلم بِمَا
أَرَادَ بهَا، وعلينا الْإِيمَان بِأَنَّهَا من أَسْمَائِهِ، والحكيم
يجوز أَن يكون بِمَعْنى حاكِم، مثل قدير بِمَعْنى قَادر وَعَلِيم
بِمَعْنى عَالم.
وَالْعرب تَقول: حَكَمْت وأَحْكمتُ وحكَّمت بِمَعْنى مَنَعْت ورددت،
وَمن هَذَا قيل للْحَاكِم بَين النَّاس حَاكم: لِأَنَّهُ يمْنَع
الظَّالِم من الظُّلم. وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب أَنه
قَالَ فِي قَوْلهم: حَكَم الله بَيْننَا، قَالَ الْأَصْمَعِي: أصل
الحُكومة ردُّ الرجُل عَن الظُّلم، وَمِنْه سُمِّيت حَكَمةُ اللِّجام:
لِأَنَّهَا تَرُدُّ الدَّابَّة. وَمِنْه قَول لبيد:
أحكمَ الجِنْثِيَّ من عَوْراتِها
كلُّ حِرْباءٍ إِذا أُكْرِه صَلّ
والجِنْثِيُّ: السَّيْف، الْمَعْنى ردَّ السيفَ عَن عَوْرَاتِ الدِّرع
وَهِي فُرَجُها كلُّ حِرْباء، وَهُوَ المِسْمار الَّذِي يُسَمّر بِهِ
حَلْقُها. وَرَوَاهُ غَيره:
أحكم الجِنْثِيُّ من عَوْراتِها
كُل حِرباء ... ... .
الْمَعْنى أحرَزَ الجِنْثِيُّ وَهُوَ الزَّرَّاد مساميرها وَمعنى
الإحكام حينئذٍ الإحْرازُ.
وَأَخْبرنِي المُنذري عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ:
حَكَم فلانٌ عَن الشَّيْء أَي رَجَعَ، وأحْكَمْتُه أَنا أَي رَجَعْتُه
قلتُ: جعل ابْن الْأَعرَابِي حكم لَازِما كَمَا ترى كَمَا يُقَال:
رَجَعتُه فرجعَ ونقصتُه فنقصَ، وَمَا سَمِعت حكم بِمَعْنى رَجَعَ لغير
ابْن الْأَعرَابِي، وَهُوَ الثِّقَةُ الْمَأْمُون.
أَبُو عُبيد: عَن أبي عُبيدة: حَكَمتُ الْفرس وأَحْكمتُه بالْحكَمة،
وروينا عَن إِبْرَاهِيم النَّخَعِي أَنه قَالَ: حكِّم الْيَتِيم كَمَا
تُحكِّم وَلَدَك.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَوْله: حَكِّم الْيَتِيم أَي امْنَعْه من الْفساد
وأصلِحْه كَمَا تُصْلِح ولدَك وكما تَمنعهُ من الْفساد.
قَالَ: وكلُّ مَنْ منعتَه من شَيْء فقد حَكّمْتَه وأَحْكَمْتَه.
قَالَ جرير:
بني حنيفَة أَحْكِمُوا سُفهاءَكم
إنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم أنْ أَغْضبا
يَقُول: امْنَعوهم من التعرُّض.
قَالَ: ونَرى أنَّ حَكَمَة الدَّابَّة سُمِّيت بِهَذَا الْمَعْنى:
لِأَنَّهَا تمنع الدَّابَّة من كثير من الْجَهْل.
وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {ال صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءايَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ
حَكِيمٍ خَبِيرٍ} (هُود: 1) فَإِن التَّفْسِير جَاءَ أَنه أُحْكِمَت
آيَاته
(4/69)
بِالْأَمر وَالنَّهْي والحلال وَالْحرَام،
ثمَّ فُصلت بالوعد والوعيد، وَالْمعْنَى وَالله أعلم أَن آيَاته
أُحْكِمَت وفُصِّلت بِجَمِيعِ مَا يُحتاج إِلَيْهِ من الدّلالة على
تَوْحِيد الله وتثبيت نُبُوّة الْأَنْبِيَاء وَشَرَائِع الْإِسْلَام،
والدليلُ على ذَلِك قَول الله جلّ وعزّ: {مَّا فَرَّطْنَا فِى
الكِتَابِ مِن شَىْءٍ} (الأنعَام: 38) .
وَقَالَ بَعضهم: الْحَكِيم فِي قَول الله: {ال صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ر تِلْكَ ءايَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} (يُونس: 1) إنّه
فَعِيل بِمَعْنى مُفْعَل واسْتَدل بقوله جلّ وعزّ: {ال صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءايَاتُهُ} .
قلت: وَهَذَا إِن شَاءَ الله كَمَا قيل: وَالْقُرْآن يُوضِّح بعضُه
بَعْضًا، وَإِنَّمَا جَوَّزنَا ذَلِك وصوبناه: لِأَن حَكَمْتُ يكون
بِمَعْنى أَحْكَمْت فرُدَّ إِلَى الأَصْل وَالله أعلم.
وروى شمر عَن أبي سعيد الضَّرير أَنه قَالَ فِي قَول النَّخَعِيِّ:
حَكِّم الْيَتِيم كَمَا تُحَكِّم ولدَك مَعْنَاهُ حَكِّمْه فِي مَاله
ومِلْكهِ إِذا صَلَح كَمَا تُحَكِّم ولدَك فِي مِلْكه.
قَالَ: وَلَا يكون حَكَّم بِمَعْنى أحكم لِأَنَّهُمَا ضدَّان.
قلت: وَالْقَوْل مَا قَالَ أَبُو عُبيد، وَقَول الضَّرِير لَيْسَ
بالمَرْضِيّ.
وَأما قولُ النَّابِغَة:
واحكم كَحكم فتاةِ الحَيِّ
فَإِن يَعْقُوب بن السِّكِّيت حكى عَن الرُّواة أَن مَعْنَاهُ كُنْ
حَكِيماً كفتاة الحَيِّ أَي إِذا قُلت فأَصِبْ كَمَا أَصَابَت هَذِه
المرأةُ إذْ نظرتْ إِلَى الحمَام فأَحْصَتْها وَلم تُخْطِىء فِي
عَدَدها.
قَالَ: ويَدُلّك على أَن معنى احكم أَي كُن حكيماً قولُ النَّمِر بن
تَوْلَب:
وأبغِضْ بغِيضَك بُغْضاً رُوَيداً
إِذا أَنْت حاولت أَن تَحْكُما
يُرِيد إِذا أردْت أَن تكون حكيما فَكُن كَذَا وَلَيْسَ من الحُكم فِي
الْقَضَاء فِي شَيْء.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للرجل إِذا كَانَ حكيما: قد أَحْكَمَتْه
التجارب.
قَالَ: واسْتَحْكَمَ فُلانٌ فِي مَال فلَان إِذا جَاز فِيهِ حُكْمه.
وَالِاسْم الحُكومة والأُحْكُومةُ وَأنْشد:
ولَمِثلُ الَّذِي جَمَعت لريبِ الده
ر يَأْبَى حكومةَ المُقتالِ
أَي يَأْبَى حُكومةَ المُحْتكِم عَلَيْك وَهُوَ المُقْتَال.
قلت: وَمعنى الحُكومة فِي أَرْش الْجِرَاحَات الَّتِي لَيْسَ فِيهَا
دِيَةٌ مَعْلُومَة أَن يُجْرحَ الإنسانُ فِي مَوضِع من بدنه بِمَا
يبْقى شَيْنُه وَلَا يُبطِل العُضوَ فيقتاسُ الْحَاكِم أرْشَه بِأَن
يَقُول: هَذَا الْمَجْرُوح لَو كَانَ عبدا غير مَشِين هَذَا الشَّيْنَ
بِهَذِهِ الْجراحَة كَانَ قِيمَته ألفَ دِرْهَم، وَهُوَ مَعَ هَذَا
الشَّيْن قِيمَتُه تِسْعُ مائَة دِرْهَم، فقد نَقصه الشَّيْنُ عُشْرَ
قِيمَته فيجبُ على الْجَارِح فِي الحُرّ عُشرُ دِيَتِه. وَهَذَا وَمَا
أشبهه معنى الحُكومة الَّتِي يستعملها الفُقَهاءُ فِي أرش الجِراحات
فاعْلَمه.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّحكيمُ: قَول الحَرُورِيَّة لَا حُكْمَ إِلَّا
لله وَلَا حَكَمَ إِلَّا الله. وَيُقَال:
(4/70)
حَكَّمْنَا فلَانا بَيْننَا أَي أَجَزْنا
حكمه بَيْننَا. وحاكمنا فلَانا إِلَى الله أَي دعوناه إِلَى حكم الله.
قَالَ اللَّيْث: وَبَلغنِي أَنه نُهِي أَن يُسَمَّى الرجلُ حَكَماً.
قلت: وَقد سمَّى النَّاس حكيماً وَحَكَماً وَمَا علمت النَّهي عَن
التَّسْمِيَة بهما صَحِيحا.
وَقَالَ اللَّيْث: حَكَمةُ اللِّجامِ: مَا أَحاطَ بحَنَكَيْه
وَفِيهِمَا العِذَاران سُمِّي حَكَمَةً: لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الدّابة من
الجَرْي الشَّدِيد.
قَالَ: وفَرسٌ مَحْكومةٌ: فِي رَأسها حَكَمَة، وَأنْشد:
محكومة حَكمات القِدِّ والأَبَقَا
وَرَوَاهُ غيرُه:
قد أُحْكِمَت حَكماتِ القِدِّ والأبَقَا
وَهَذَا يدل على جَواز حَكَمْتُ الفَرَس وأَحْكَمْتُه بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: وسَمَّى الأعْشى القَصِيدَة المُحْكَمة حَكيمة،
فَقَالَ:
وغَرِيبَةٍ تَأتي المُلوكَ حَكِيمةً
قد قُلْتُها ليُقالَ مَنْ ذَا قالَها
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الحَكَمة: حَلْقة تكون على فَمِ الْفرس.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرابي: قِيلَ للْحاكم حاكِمٌ لأنّه يَمْنَعُ من
الظُّلْمِ.
قَالَ: وحكَمْتُ الرَّجل وأَحْكَمْتُه وحَكَّمْتُه إِذا مَنَعْتَه.
قَالَ: وحَكَم الرجلُ يَحْكُم حُكْماً إِذا بَلَغ النِّهايَة فِي
مَعْناه مَدْحاً لازِماً وَقَالَ مُرَقِّش:
يأتِي الشَّبابُ الأَقْوَرِين وَلاَ
تغْبِط أخاكَ أَنْ يُقَالَ حَكَم
أَي بَلَغ النِّهَايَة فِي مَعْنَاهُ.
قَالَ: والمُحَكِّم الشَّارِي. والمُحَكِّم: الَّذِي يحكم فِي نَفْسه.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ أَبُو عَدْنان: اسْتَحْكَم الرجل إِذا تَناهَى
عَمَّا يَضُرُّه فِي دينه أَوْ دُنْياه وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
لَمُسْتَحْكِمٌ جَزْلُ المُروءَةِ مُؤْمِنٌ
من القوْم لَا يَهْوَى الكلاَمَ اللَّواغِيا
قَالَ: وَيُقَال: حَكَّمْتُ فُلانا أَي أَطْلَقْتُ يَدَه فِيمَا شَاءَ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحَكَمَةُ: القُضَاةُ،
والحَكَمَةُ: المُسْتَهْزِئون.
حمك: قَالَ اللَّيْث: الحَمَكُ من نعت الأَدِلاَّءِ تَقول: حَمِك
يَحْمَكُ.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زَيْد: الحَمَكَة: القَمْلَة، وَجَمعهَا حَمَك.
وَقَالَ: قد يُقْتاسُ ذَلِك لِلذَّرَّة وَمن ذَلِك قِيلَ للصبيان:
حَمَك صِغار.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إنَّه لمن حَمَكِهم أَي من أَنْذَالِهم
وضُعَفائهم.
والفراخ تدعى حَمَكاً.
وَقَالَ الرَّاعي يصف فِراخَ القطا:
صَيْفِيَّةٌ حَمَكٌ حُمْرٌ حَواصِلُها
فَمَا تكادُ إلَى النَّقْناقِ تَرْتفِع
أَي لَا تَرْتَفِعُ إِلَى أُمَّهاتِها إِذا نَقْنَقَتْ.
وقَوْل الطِّرِمَّاحِ:
(4/71)
وَابْن سَبيلٍ قَرَّبْتُه أُصُلاً
من فَوْز حَمْكٍ مَنْسُوبَةٌ تُلُدُه
أَرَادَ من فوز قِداح حَمكٍ فَخَفَّفَه لِحَاجَتِهِ إِلَى الوَزْن،
والرِّواية المَعْرُوفَة من فَوْز بُحَ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحَمَكَةُ: الصَّبِيَّةُ
الصغيرةُ، وَهِي القَمْلَةُ الصغيرةُ.
محك: اللَّيْث: المَحْك: التَّمَادي واللِّجاجَة. يُقَال: تَماحَك
البَيِّعان.
وَقَالَ غَيره: رَحل مَحِك ومُماحِك ومَحْكانُ إِذا كَانَ لَجُوجاً
عَسِرَ الْخُلُق.
وَفِي (النَّوادِر) : رجل مُمْتَحِك وَرجل مُسْتَلْحِك ومُتَلاحِكٌ فِي
الغَضَب، وَقد أَمْحَكَ وألكَدَ يكون ذَلِك فِي الغَضَب وَفِي البُخْل.
كمح: قَالَ اللَّيْث: الكَمْحُ: رَدُّ الفَرَسِ بِاللِّجام.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الكَمَحَة: الرَّاضَةُ.
وَقَالَ اللِّحياني: كَبَحْتُه باللِّجان وأَكْبَحْتُه وكَمَحْتُه
بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَكْمَحْتُ الدَّابَّة إِذا جَذَبْتَ
عِنانَها حَتَّى تصيرَ مُنْتَصِبَةَ الرَّأْس.
قَالَ ذُو الرُّمَّة:
... والرأسُ مُكْمَح
قَالَ: وكبَحْتُها باللِّجام بِغَيْر ألف، وَهُوَ أنْ تَجْذِبَها
إِلَيْك، فتَضْرِبَ فاها باللِّجامِ لكيلاَ تَجْرِي.
وَقَالَ اللِّحياني: إنَّه لمُكْمَح ومُكْبح أَي شامخٌ. وَقد أُكْبِح
وأُكْمِح إِذا كَانَ كَذَلِك.
ابْن شُمَيْل: أكْمَحَت الزَّمَعَة إِذا مَا ابيَضَّت وخَرَجَ
عَلَيْهَا مثلُ القُطْن فَذَلِك الإكماحُ، والزَّمَعُ: الأُبَنُ فِي
مَخارج العناقيد. ذَكَرَهُ عَن الطَّائِفي.
أَبُو زَيْد: الكَيْمُوحُ، والكِيحُ: التُّرابُ.
يُقَال: لِفُلاَن الكِيحُ والكَيْمُوح، قَالَ: الكِيحُ: التُّرَابُ.
والكَيْمُوح: المُشْرِفُ.
وَقَالَ غَيره: الكَوْمَحان: هما حَبْلاَن من حِبال الرَّمْل معروفان.
قَالَ ابنُ مُقْبل:
أناخَ برَمْل الكومَحَيْن إنَاخَة الْ
يَمانِي قِلاَصاً حَطّ عَنْهُنْ أَكْوُرا
يصِفُ سحابا. وَالْعرب تَقول: احْثُ فِي فِيه الكَوْمَح يَعْنُون
التُّراب.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الكَوْمَح: الرجل المُتراكِبُ الأسنَانِ فِي
الفمِ حَتَّى كأنَّ فاهُ قد ضاقَ بأسنانِه. وَأنْشد:
أُهْجُ القُلاخَ واحْشُ فَاهُ الكَوْمَحا
تُرْباً فأَهْلٌ هُوَ أَنْ يُقَلَّحَا |