تهذيب اللغة (أَبْوَاب الْحَاء والذال
ح ذ ث: أهملت وجوهها كلهَا. ح ذ ر
اسْتعْمل من وجوهها: حذر، ذرح.
قَالَ اللَّيْث: ينظر فِي ذحر فَإِن وجد مُسْتَعْملا ذكر مَا فِيهِ
قلت: وَلم أجذه مُسْتَعْملا فِي شَيْء من كَلَامهم.
حذر: قَالَ اللَّيْث: الحَذَرُ: مَصْدَر قَوْلِك: حَذِرْتُ أحْذَرُ
حَذَراً فَأَنا حاذِرٌ وحَذِرٌ قَالَ: وتُقرأُ هَذِه الْآيَة:
{وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} (الشُّعَرَاء: 56) أَي مُسْتَعِدُّون
وَمن قَرأَ (حَذِرون) فمعْناهُ إنَّا نخَافُ شَرَّهُم.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْلِه (حاذِرونَ) ، رُوِي عَن ابْنِ مَسْعُود
أنَّه قَالَ: مُؤذُوْن ذَوُو أداةٍ من السِّلاح، وقُرِىء (حَذِرون) ،
قَالَ: وكأنَّ الحاذر الَّذِي يَحْذَرُك الْآن، وَكَأن الحَذِر
المخلوقُ حَذِراً لَا تَلقاهُ إِلَّا حَذِراً، وَقَالَ: الزّجاج:
الحاذِرُ: المسْتَعِدُّ، والحَذِرُ: المُتَيَقّظُ، وَقَالَ شمر:
الحاذِرُ: المُؤذِي الشَّاكُّ فِي السِّلاحِ وَأنْشد:
وبِزّةٍ فَوْقَ كَمِيَ حَاذِرِ
ونَثْرَةٍ سَلَبْتُها عَن عَامِرِ
وحَرْبَةٍ مِثْلِ قُدَامَى الطّائر
أَبُو زيد: فِي العَيْن الحَذَرُ، وَهُوَ ثِقَلٌ فِيهَا من قَذًى
يُصِيبُها. والحذَلُ: بِاللَّامِ طولُ البُكَاءِ، وألاّ تجِفّ عَيْنُ
الْإِنْسَان.
اللَّيْث: أنَا حَذِيرُك مِنْ فُلاَنٍ أَي أُحَذِّرُكَهُ.
قلت: لم أسمع هَذَا الحَرْفَ لغَيْرِه، وكأنَّه جاءَ بِهِ على لَفْظِ
نَذِيرُك وعَذِيرك.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقالُ حَذَارِ يَا فلَان أَي احْذَرْ وأنشدَ:
حَذَارِ من أَرْمَاحِنا حَذَارِ
جُرَّتْ لِلْجَزْمِ الَّذِي فِي الأمْر وأُنِّثَتْ لِأَنَّهَا كلمة،
وتقولُ: قد سَمِعْتُ حَذَارِ فِي عَسكَرِهم ودُعِيَتْ نَزَالِ بينَهم.
قَالَ: وحُذَارُ: اسْم أبي ربيعَة بن حُذَارٍ قَاضِي الْعَرَب فِي
الجاهِلية، وَكَانَ مِنْ بَنِي أسدِ بن خُزَيمَة.
أَبُو عُبَيد عَن الأصْمعي: الحِذْرِيَةُ مِن الأرضِ: الخَشِنَةُ
وَالْجمع حَذَارِيّ.
وَقَالَ النَّضْرُ: الحِذْرِيَةُ: الأرضُ الغَلِيظَة من القُفّ
الخَشِنَةُ.
وَقَالَ أَبُو خَيْرَةَ: أَعْلى الجبَل إِذا كَانَ صُلْباً غليظاً
مُسْتوِياً فَهُوَ حِذْرِيَةٌ، ويقالُ: رَجُلٌ حِذْرِيانُ إِذا كانَ
حَذِراً عَلَى فِعْلِيَانٍ.
ذرح: ابْن المُظفَّر: الذُّرَحْرَحَةُ: الواحِدَةُ مِنَ الذَّرَارِيح،
وَمِنْهُم مَنْ يَقُول: ذَرِيحة واحدةٌ وتقولُ: طعَامٌ مَذْرُوحٌ وَهِي
أعظم من الذُّبَاب شَيْئا، مُجَزَّعٌ مُبَرْقَشٌ بحُمْرَة وسوَادٍ
وصُفْرَةٍ لَهَا جَنَاحَانِ تطيرُ بهما، وَهُوَ سَمٌّ قاتلٌ فَإِذا
أرَادُوا أَنْ يَكْسِرُوا حَدَّ سَمِّه خَلَطُوه بالعَدَس فَيصير
دوَاءً لِمَنْ عَضَّهُ الكلْبُ الكَلِبُ.
(4/267)
قَالَ: وبَنو ذَرِيحٍ: من أحياءِ العربِ.
والذَّرَحُ: شَجَرةٌ يُتَّخَذُ مِنها الرِّحَالةُ.
عَمْرُو عنْ أَبِيه: الذَّرَائح: هَضَباتٌ تُبْسَطُ عَلَى الأرْض
حُمْرٌ، واحدتُها ذَريحة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ذَرَّحَ إِذا صَبَّ فِي لَبَنِه مَاء
ليَكْثُرَ.
أَبُو حَاتِم قَالَ أَبُو زيد: المَذِيقُ والضَّيْحُ، والمُذَرِّحُ،
والذُّرَّاح والذُّلاَّحُ والمُذَرّقُ كلُّه: اللَّبَنُ الَّذِي مُزِجَ
بالماءِ.
عَمْرو عنْ أَبِيه: ذَرَّحَ إِذا طَلى إداوَتَه الْجَدِيد بالطين لتطيب
رائحتها. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي مرّخ إداوته بِهَذَا المَعْنَى.
قَالَ: وَيُقَال: أَحْمَرُ ذَرِيحِيٌّ إِذا كانَ شديدَ الحُمْرَة
قَالَ: وذَرَّحْتُ الزَّعْفَرَان وغيرَهُ فِي الماءِ إِذا جَعَلْتَ
منهُ فيهِ شَيْئا يَسِيراً.
ح ذ ل
اسْتعْمل من وجوهه: حذل، ذحل.
حذل: قَالَ اللَّيْث: الحَذَل (مُثَقَّل) : حُمْرَةٌ فِي العَيْن.
تقولُ: حَذِلتْ عَيْنُه حَذَلاً.
وَقَالَ العَجّاجُ:
والشَّوْقُ شَاجٍ لِلْعُيونِ الحُذَّلِ
وصَفَها كأنَّ تلكَ الْحمْرَة اعْتَرتْها مِنْ شِدَّةِ النَّظرِ إِلَى
مَا أَعْجِبَتْ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: الحَذَلُ: حُمْرَةٌ فِي العيْنِ وانْسِلاَقٌ
وسَيَلانٌ. وانْسِلاَقُهَا: حُمْرَةٌ تَعْتَرِيها.
وَقَالَ أَبُو زيد: الحَذَلُ: طُولُ البُكاء وأَلاَّ تَجِفَّ العَيْنُ.
ابْن الْأَعرَابِي: الحُذَالُ: انسلاق الْعين.
والحَذَالُ بِفَتْح الْحَاء: صَمْغُ الطَّلْح إِذا خرَجَ فأكلَ العُودَ
فانحَتَّ واخْتَلَط بالصَّمْغ وَإذا كانَ كذلكَ لم يُؤْكل ولَمْ
يُنتفَع بِهِ.
أخبرَني المُنْذِريّ عنْ أبي العبَّاس عَن سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ
الْحُذالُ: حَيْضُ السَّمُر وَقَالَ نُسَمِّيه الدُّوَدِم: وذلكَ أَنهم
يَحُزُّونَ حَزّاً فِي سَاق السَّمُرَةِ فيخرُجُ مِنْهَا دَمٌ كأَنَّه
حَيْضٌ، وَأنْشد:
كأَنَّ نبيذكَ هَذَا الحُذَال
قَالَ: والحِذْلُ: الحُجْزَةُ.
وَقَالَ ثعلبٌ: وسمِعْتُه يقولُ: حُجْزَتُه وحُذْلَتُه وحُزَّته
وحُبْكتُه واحِدٌ.
ذحل: قَالَ اللَّيْث: الذَّحْلُ: طَلَبُ مكافأَةٍ بجِنَايَةٍ جُنِيتْ
عَلَيْك أَو عَداوةٍ أُتِيتْ إِلَيْك.
قُلتُ: وَجمع الذَّحْلِ ذُحُول وهُوَ التِّرَةُ.
ح ذ ن
اسْتعْمل من وجوهه: حنذ، حذن.
حنذ: قَالَ اللَّيْث: الحَنْذُ: اشْتِوَاءُ اللحْمِ بالحِجَارة
المُسَخَّنة، تَقول: حَنَذْتُه حَنْذاً، وَقَالَ فِي قولِ الله جلّ
وعزّ: {فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} (هُود: 69) . قَالَ:
مَحْنوذٌ مَشْوِيٌّ.
سَلَمَةُ عنِ الفرَّاء قَالَ: الحَنِيذُ: مَا حفَرْت لَهُ فِي الأرْضِ
ثمَّ غَمَمْته وهوَ من فِعْلِ أهلِ البادِيَةِ معْرُوف، وَهُوَ
مَحْنوذٌ فِي الأصْل، قدْ حُنِذَ فهُوَ مَحْنوذٌ، كَمَا قيلَ: طَبِيخٌ
ومَطْبُوخٌ.
وَقَالَ فِي كتاب (المصادِرِ) : الخَيْل تُحنَّذُ إِذا أُلْقِيَتْ
عَلَيْها الجِلاَلُ بعضُها عَلَى بَعض لِتَعْرَقَ.
(4/268)
قَالَ: وَيُقَال: إِذا سَقَيْتَ فاحْنِذْ
يَعني أخْفِسْ، يُرِيدُ أقِلَّ المَاء وأَكثِر النَّبِيذ. قَالَ:
وأَعْرَق فِي مَعْنى أَخْفَسَ.
وأَخبرني المُنْذري عَن أبي الهيْثَم أَنّه أَنكرَ مَا قَالَه الفرَّاء
فِي الإحنْاذِ أنّه بمعْنى أخْفسَ وأعْرَقَ وعَرَفَ الإخفاس
والإعْرَاقَ.
وَقَالَ أَبُو عمر: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي:
شَرَابٌ مُحْنَذٌ ومُخْفَسٌ ومُمْذًى ومُمْهًى إِذا أُكثِرَ مِزَاجُه
بِالْمَاءِ، وَهَذَا ضِدُّ مَا قَالَه الفرَّاء.
وَقَالَ أَبُو الهيْثَم: أصلُ الحَنِيذِ من حِناذ الخيْل إِذا
ضُمِّرَتْ. وحِناذها أَن يُظاهَرَ عليهَا جُلٌّ فَوق جُلَ حَتَّى
تُجلَّلَ بأَجلاَلٍ خمسةٍ أَو سِتَّة ليَعْرَقَ الفرسُ تحْتَ تِلْكَ
الْجِلاَلِ ويُخْرِجَ العَرَقُ شحمَه كيلاَ يتنفس تنفُّساً شَدِيدا
إِذا أُجرى. قَالَ: والشِّوَاءُ المحنوذُ الَّذِي قد أَلْقيت فَوْقه
الحجارَةَ المَرْضُوفَةَ بالنَّار حَتَّى يَنْشَوى انْشِواءً شَدِيدا
فَيتهَرَّى تحتهَا.
وَيُقَال: حنَذْنا الفرسَ نحنِذُه حَنْذاً وحِناذاً أَي ظاهَرنا
عَلَيْهِ الجِلاَلَ حَتَّى يعرق تَحْتَها.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: الحَنِيذُ: الشِّوَاءُ الَّذِي لم يُبَالَغْ
فِي نُضْجه، قَالَ: وَيُقَال: هُوَ الشِّوَاءُ المَغْمُومُ. وَقَالَ
شمر: الحنيذ من الشواء: الْحَار الَّذِي يقطر مَاؤُهُ وَقد شُوِي، وروى
عَن شَمِر ابْن عَطِيَّة أَنه قَالَ فِي قَوْله: {جَآءَ بِعِجْلٍ
حَنِيذٍ} (هود: 69) هُوَ الَّذِي يَقْطُر مَاؤُه وَقد شُوِي وَهَذَا
أَحْسنُ مَا قيل فِيهِ.
وَقَالَ شمر: الحَنِيذُ: الماءُ السُّخْنُ. وأَنْشَد لِابْنِ
مَيَّادَةَ:
إِذا بَاكَرَتْه بالْحَنِيذ غَوَاسِلُهُ
قَالَ شمر: الحَنِيذُ من الشِّوَاءِ: النَّضِيجُ وَهُوَ أَن تَدُسَّه
فِي النَّار وَقد حَنَذَه يَحْنِذُه حَنْذاً وَيُقَال: أَحْنِذِ
اللَّحْمَ أَي أنضجه.
قلت: وَقَدْ رأيتُ بوادي السِّتَارَيْن من ديار بني سَعْد عَيْنَ مَاء
عَلَيْهِ نَخْلٌ زَيْنٌ عامِرٌ وقُصُورٌ من قُصُورِ مياه الْعَرَب
يُقَال لذَلِك المَاء: حَنِيذ، وَكَانَ نَشِيلُه حارّاً فَإِذا حُقِنَ
فِي السِّقَاء وعُلِّق فِي الْهَوَاء حَتَّى تَضْرِبَه الرِّيحُ عَذُبَ
وطابَ.
وَفِي أَعْرَاضِ مَدِينَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَرْيَةٌ فِيهَا نَخْلٌ كثير يقالُ لَهَا: حَنَذ. وأَنْشَدَ ابْنُ
السِّكِّيت لبَعض الرُّجازِ يصفُ النَّخْلَ وَأَنه بحذاء حَنَذ
ويُتَأَبَّرُ مِنْهُ دون أَن يُؤْبَر فَقَالَ:
تَأبَّرِي من حَنَذٍ فَشُولي
تَأَبَّرِي يَا خَيْرَةَ الفَسِيلِ
إذْ ضَنَّ أَهْلُ النَّخْلِ بالْفُحُولِ
وَمعنى تَأَبري أَي تلقَّحي وَإِن لم تُؤَبَّري برائحة حِرْق فحاحيل
حَنَذ: وَذَلِكَ أَنَّ النَّخْلَ إِذا كَانَ بحذاء حائِطٍ فِيهِ
فُحّالٌ مِمَّا يَلِي مَهَبَّ الجنوبِ فَأَنَّهَا تَتَأَبَّرُ
برَوَائحها وَإِن لم تُؤَبَّرْ، وَقَوله: فَشُولي، شبَّهها بالنَّاقَةِ
الَّتِي تَلْقَح فَتَشُولُ ذَنَبها أَي ترفَعُه.
حذن: أَبُو عُبَيْد عَن الأَحْمَرِ: الحُذُنَّتَانِ: الأذُنَانِ. قلت:
والواحدة حُذُنَّةٌ وحُذْنُ الرَّجُلِ وحُذْلُه: حجزته.
والْحَوْذَانَةُ: بَقْلةٌ من بُقُولِ الرِّياضِ رَأَيتُها فِي رياض
الصَّمَّان وقِيعَانها، وَلها نَوْرٌ أصفرُ رائحتُه طيِّبَةٌ وتجمعُ
الحوذَان.
(4/269)
ح ذ ف
اسْتعْمل من وجوهها: حذف، وفذح.
حذف: قَالَ ابْنُ المُظَفَّر: الحَذُف: قَطْفُ الشَّيءِ من الطَّرَفِ
كَمَا يُحْذَفُ ذَنْب الدَّابَّة. قَالَ: والمَحْذُوفُ: الزِّقُّ،
وَأنْشد:
قَاعِدا حَوْلَهُ النَّدَامى فَمَا يَنْ
فَكُّ يُؤْتَى بمُوكَرٍ مَحْذُوفِ
المُوكَرُ: الزِّقُّ الملآنُ، ورَوَاهُ شمر عَن ابْن الأَعْرَابي
مَجْدُوف ومَجْذُوف بِالْجِيم وبالدَّال أَو بالذَّال. قَالَ:
ومَعْناهُما المقَطُوعُ، ورَواه أَبُو عُبَيد مَنْدُوف، فأَمَّا
مَحْذُوف فَمَا رَواه غير اللَّيْث. قَالَ: والحذْفُ: الرَّمْيُ عَن
جانِبٍ. تَقول: حَذَفَ يحْذِفُ حَذْفاً.
وَتقول: حَذَفني فُلانٌ بجائِزَةٍ أَيْ وَصَلني.
قَالَ: وَحَذَفَه بالسَّيف إِذا ضَرَبَه.
ابْن شُمَيْل: الأبْقَعُ: الغُرَابُ الأبْيَضُ الجَنَاح.
قَالَ: والحَذْفُ: الصِّغَارُ السُّودُ، والواحدة حَذَفَةٌ وَهِي
الزِّيغَانُ الَّتِي تُؤكَل، والحَذَفُ: الصِّغارُ مِنَ النِّعاج،
قَالَ: والحَذَفُ: شاءٌ صِغارٌ لَيست لَهَا أذنابٌ وَلَا آذانٌ يُجاءُ
بهَا مِنْ جُرَشَ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تَرَاصُّوا بَيْنَكُم
فِي الصَّلَاة لَا تَتَخَلَّلُكُم الشياطينُ كَأَنَّهَا بناتُ حَذَفٍ)
.
قَالَ أَبُو عُبَيد: الحَذَفُ هِيَ هَذِه الغَنمُ الصِّغار الحجازية
واحدتها حَذَفَة، وَيُقَال لَهَا: النَّقَدُ أَيْضا. قَالَ: وَقد
فُسِّر الحَذَفُ فِي بعض الرِّواية أَنَّهَا ضَأنٌ سُودٌ جُرْدٌ صِغارٌ
تكون بِالْيمن.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَهَذَا أحبُّ التَّفسيرين إليَّ لأَنَّه فِي
الحَدِيث.
والعربُ تقولُ: حَذَفَه بالْعَصَا إِذا رَمَاهُ بهَا.
قلت: وَقد رأيتُ رُعْيانَهم يَحْذِفُونَ الأرانب بِعِصيِّهم إِذا
عَدَتْ ودَرَمَتْ بَين أَيْديهم فرُبَّما أَصَابَت الْعَصَا
قَوَائِمَها فيصيدُونها ويذبحُونها.
وَأما الخَذْفُ بِالْخَاءِ فَإِنَّهُ الرَّمْيُ بالحَصَى الصِّغار
بأطراف الْأَصَابِع، يُقَال: خذَفَه بالحَصَى خَذْفاً.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نَهَى عَن الخَذْفِ
بالحَصى، وَقَالَ: (إِنَّه يَفْقَأُ العَيْنَ وَلَا يَنْكِي عَدُوّاً
وَلَا يُحْرِزُ صَيْداً) ، ورَمْيُ الجِمَارِ يكون بِمِثْل حَصَى
الخَذْف وَهِي صِغارٌ.
ورَوَى الحَرَّاني عَن ابْن السِّكِّيت أَنه قَالَ: يُقَال: مَا فِي
رَحْلِهِ حُذَافَةٌ أَي شيءٌ من طَعَام، وأكلَ الطَّعام فَمَا ترك
مِنْهُ حُذَافَةً، واحتملَ رَحْلَهُ فَمَا ترك مِنْهُ حُذَافَةً.
قلتُ: وأصحابُ أبي عُبَيْدٍ رَوَوْا هَذَا الْحَرْف فِي بَاب النَّفي
حُذَافَةٌ بِالْقَافِ، وَأنْكرهُ شَمِر، والصَّواب مَا قَالَه ابْن
السّكِّيت وَنَحْو ذَلِك قَالَه اللِّحْياني بالفاءِ فِي (نوادره)
وَقَالَ: حُذَافَةُ الأَدِيم: مَا رُمِيَ مِنْهُ.
قلت: وتَحْذِيفُ الشَّعَرِ تَطْرِيرُه وتسويته، وَإِذا أخذتَ من نواحيه
مَا تُسوِّيهِ بِهِ فقد حَذَّفْتَه، وَقَالَ امْرؤْ الْقَيْس:
لَهَا جَبْهةٌ كَسَرَاة المِجَنْ
نِ حَذَّفَهُ الصَّانِعُ المُقْتدِر
(4/270)
وَقَالَ النَّضْرُ: التَحْذِيفُ فِي
الطُّرَّةِ أَن تُجْعَلَ سُكَيْنِيَّةً كَمَا يفعل النَّصارى.
فذح: أهمله الليثُ.
وَقَالَ ابْن دُريد: تَفَذَّحَتِ النَّاقةُ وانْفَذَحَت إِذا تَفَاجّتْ
لِتَبولَ.
قلتُ: وَلم أسمع هَذَا الْحَرْف لغيرِه، والمعروفُ فِي كَلَامهم
بِهَذَا الْمَعْنى تَفَشِّحَتْ وتَفَشَّجَتْ بِالْحَاء وَالْجِيم.
ح ذ ب
اسْتعْمل من وجوهه: ذبح، بذح.
حَبذ: قلت: وَأما قَوْلهم حَبَّذَا كَذَا وَكَذَا بتَشْديد الْبَاء
فَهُوَ حرف مَعْنًى أُلِّفَ مِنْ حَبَّ وَذَا، يُقَال: حَبَّذَا
الإمارةُ وَالْأَصْل حَبُبَ ذَا فأُدغمت إِحْدَى الباءين فِي
الْأُخْرَى وشُدِّدت، وَذَا إِشَارَة إِلَى مَا يقرب مِنْك وَأنْشد
بَعضهم:
حبذا رجعها إِلَيْهَا يَديهَا
فِي يَدَيْ درْعِهَا تَحُلُّ الإزَارَا
كَأَنَّهُ قَالَ: حَبُبَ ذَا، ثمَّ ترْجم عَن ذَا فَقَالَ: هُوَ رجعها
يَديهَا إِلَى حَلِّ تِكَّتِها أيْ مَا أَحَبَّه وَيَدَا دِرْعِها:
كُمَّاهَا.
وَأما حَبَذَ: يَحْبِذُ فَهُوَ مهملٌ.
وَقَالَ أَبُو الْحسن بن كَيْسَان: حَبَّذَا كلمتان جُعلتا شَيْئا
وَاحِدًا وَلم تُغَيَّرا فِي تَثْنِيةٍ وَلَا جمعٍ وَلَا تأَنيثٍ،
وَرُفِعَ بهَا الإسمُ تَقول: حَبَذَا زَيْدٌ وحَبَّذَا الزَّيْدَانِ،
وحَبَّذَا الزَّيْدُون، وحَبَّذا هِندٌ وحَبَّذَا أَنْتَ وأَنْتُما
وأَنْتُم. وحَبَّذَا يُبتدأ بهَا، فَإِن قلتَ: زَيْدٌ حَبَّذَا فَهِيَ
جَائِزَة وَهِي قبيحة: لِأَن حَبَّذا كلمة مدح يُبتدأُ بهَا لِأَنَّهَا
جَوَاب وإنَّما لم تُثَنَّ ذَا وَلم تجمع وَلم تُؤنث: لِأَنَّك
إِنَّمَا أجريتها على ذِكْرِ شَيْء سمعته فكأنك قلت: حَبَّذَا
الذَّكْرُ ذِكْرُ زَيْد فَصَارَ زَيْدٌ مَوضِع ذِكْرِه وَصَارَ ذَا
مُشاراً إِلَى الذِّكْرِ بِهِ، والذِّكْرُ مُذَكَّر، وحَبَّذا فِي
الْحَقِيقَة فِعْلٌ وَاسم، حَبَّ بِمنْزِلَةِ نِعْمَ وَذَا فَاعل
بِمَنْزِلَة الرَّجُلِ.
ذبح: قَالَ اللَّيْث: الذَّبْحُ: قَطْعُ الحُلْقُوم من باطنٍ عِنْد
النَّصِيل، وَهُوَ مَوضِع الذَّبْح من الْحلق. قَالَ: والذَّبِيحَةُ:
الشَّاةُ المذْبُوحَةُ. والذَّبْحُ: مَا أُعِدَّ لِلذَّبْحِ وَهُوَ
بِمَنْزِلَة الذَّبِيح والمذبوح.
قلتُ: والذَّبِيحَةُ: اسْم لما يُذْبَحُ من الْحَيَوَان، وأُنِّثَ
لِأَنَّهُ ذُهِبَ بِهِ مَذْهَب الْأَسْمَاء لَا مَذْهَب النَّعت فَإِذا
قلتَ: شاةٌ ذَبِيحٌ أَو كبشٌ ذَبِيحٌ أَو نَعْجَةٌ ذَبِيحٌ لم تُدْخِل
فِيهِ الْهَاء لِأَن فَعِيلاً إِذا كَانَ نعتاً بِمَعْنى مفعول
يُذَكَّرُ. يُقَال: امرأةٌ قتيلٌ وكَفٌّ خَضِيبٌ.
والذَّبْحُ: المذبوحُ وَهُوَ بِمَنْزِلَة الطِّحْنِ بِمَعْنى
المَطْحُون والقِطْفِ بِمَعْنى المَقْطُوف.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {الْبَلاَءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ
عَظِيمٍ} (الصَّافات: 107) . أَي بِكَبْشٍ يُذْبَحُ، وَهُوَ الْكَبْش
الَّذي فُدِي بِهِ إِسْمَاعِيل بن خليلُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
والمِذْبَحُ: مَا تُذْبَحُ بِهِ الذَّبِيحَةُ من شَفْرَةٍ
(4/271)
وَغَيرهَا.
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَهَى عَن
ذَبَائِح الجِنْ.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وذَبَائح الجِنِّ: أَن يَشْتَرِي الرجلُ الدارَ
أَو يَسْتَخْرِجَ العينَ أَو مَا أشبه ذَلِك فَيَذْبَحَ لَهَا
ذَبِيحَةً لِلطِيَرةِ، قَالَ: وَهَذَا التفسيرُ فِي الحَديثِ.
قَالَ: ومعناهُ أَنَّهُمْ يَتَطَيَّرُون إِلَى هَذَا الفِعْلِ
مَخَافَةَ أَنَّهُم إِن لم يَذْبَحُوا ويُطْعِمُوا أَن يُصِيبَهم
فِيهَا شَيْء منَ الجِنِّ يُؤْذِيهم، فأَبْطَل النبيُّ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم ونَهَى عنْه.
وَقَالَ اللَّيْث فِي كِتابه: جاءَ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم أَنه نَهَى أَن يُذَبِّحَ الرَّجُلُ فِي الصلاةِ كَمَا يُذَبِّحُ
الحِمارُ.
قَالَ وقولُه: أنْ يُذَبِّح هُوَ أَن يُطأْطِىءَ الرجلُ رأْسَه فِي
الرُّكوعِ حَتَّى يكونَ أخُفَضَ من ظَهْرِه.
قلتُ: صَحَّفَ الليثُ الحرْفَ، والصَّحيحُ فِي الحديثِ أنْ يُدَبِّحَ
الرجلُ فِي الصَّلاةِ بالدَّالِ غَيْرِ مُعْجَمة.
كَذَلِك رَوَاهُ أصحابُ أبي عُبَيْد عنْه فِي (غَريبِ الحديثِ) ،
والذَّالُ خَطَأٌ لَا شَكَّ فِيه.
رَوَى ابنُ شُمَيْل عنِ ابنِ عَوْنِ عَن ابْن سِيرين قَالَ: لمَّا
كَانَ زَمَنُ ابْن المُهَلب أُتِي مَرْوَانُ برَجُلٍ كفَرَ بعدَ
إسْلامِه فَقَالَ كعْبٌ أدْخِلُوه المَذْبح وضَعُوا التَّوْرَاةَ
وحَلِّفُوهُ بِاللَّه.
قَالَ شَمِر: المذابِحُ: المقَاصِيرُ، ويُقَالُ هِيَ المَحارِيبُ
ونحوُها.
قَالَ: وذَبَّحَ الرجلُ إِذا طأْطأَ رأْسَهُ للرُّكوعِ ودبَّحَ
وَدَرْبَحَ.
قَالَ: والذَّبْحُ: الشَّقُّ وكلُّ مَا يُشَقُّ فقَدْ ذُبِحَ.
قَالَ أبُو ذُؤَيْبٍ:
كأَنَّ عيْنَيَّ فِيهَا الصَّابُ مَذْبُوحُ
وَكَذَلِكَ كلُّ مَا فُتَّ أَو قُلِعَ فقَدْ ذُبِحَ.
قَالَ: وتُسَمَّى مقَاصِيرُ الكنَائِس مَذابحَ ومَذْبحاً لأَنهم
كَانُوا يذْبحُونَ فِيهَا القُرْبانَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الذَّابِحُ: شَعَرٌ يَنْبُت بَين النَّصِيل
والمذْبحِ.
قَالَ: والذُّبْحَةُ: داءٌ يأْخُذُ فِي الحَلْقِ وربَّما قَتَل.
قَالَ والذُّبَحُ: نبَاتٌ لَهُ أصْلٌ يُقْشَرُ عَنهُ قِشْرٌ أَسْوَدُ
فيخرُج أبيضَ كأَنه جَزَرَةٌ، حُلْوٌ طَيِّبٌ يُؤْكَل، والواحدةُ
ذُبَحةَ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: الذُّبْحةُ بتسْكِين الْبَاء:
وَجَعٌ فِي الْحَلْقِ، وَأما الذُّبَحُ فَهُوَ نَبْتٌ أحْمَرُ.
وَفِي الحَدِيث أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَوَى أسْعَدَ
بنَ زُرارةَ فِي حَلْقِه من الذُّبْحَةِ، وَقَالَ: لَا أدَعُ فِي
نَفسِي حَرَجاً من أسْعد.
وَكَانَ أَبُو زَيْد يقولُ: الذَّبَحَةُ والذِّبَحَةُ لهَذَا الدّاءِ
وَلم يعْرِفْه بِإِسْكَان الْبَاء.
وَأَخْبرنِي المُنْذِريُّ عَن ثَعْلَب أَنَّهُ قَالَ: الذُّبَحةُ
والذُّبَحُ هُوَ الَّذِي يُشْبِه الكَمْأَةَ قَالَ: ويُقالُ لهُ:
الذِّبَحَةُ والمذّبَحُ والضمُّ أكثرُ وَهُوَ ضَرْبٌ من الكمْأَةِ
بِيضٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الذُّبَاحُ: نَبْتٌ من السَّمِّ وَأنْشد:
(4/272)
ولَرُبّ مَطْعَمَةٍ تكونُ ذُباحا
وَقَالَ رُؤْبَةُ:
كأساً منَ الذِّيفَانِ والذُّباح
وَقَالَ الأعْشى:
وَلَكِن مَاءُ عَلْقَمةٍ بِسَلْعٍ
يُخَاضُ عَلَيْهِ مِنْ عَلَقِ الذُّباح
أَبُو عُبَيد: عَن الْأَصْمَعِي: أخَذَهُ الذُّبَّاحُ بتَشْديد
الْبَاء، وَهُوَ تَحَزُّزٌ وَتَشَقُّقٌ بَين أَصَابِع الصِّبْيَانِ من
التُّرابِ.
وَقَالَ ابنُ بُزُرْج: الذُّبَّاحُ: حَزٌّ فِي باطِن أصابِع الرِّجْلِ
عَرْضاً، وَذَلِكَ أَنه ذَبَحَ الأصابعَ وقَطَعَها عرْضاً، وجَمْعُهُ
ذَبَابِيحُ وَأنْشد:
حَرٌّ هِجَفٌّ مُتَجَافٍ مَصْرَعُه
بِهِ ذَبَابيحُ وَنَكْبٌ تُظْلِعُه
وَكَانَ أَبُو الهَيْثَم يَقُول: ذُبَاح بالتَّخْفيف ويُنْكِر
التَّشْديد.
قلت: والتَّشْديد فِي كَلَام العربِ أَكثر، وذهبَ أَبُو الهَيْثَم
إِلَى أنَّه من الأدْواءِ الَّتِي جَاءت عَلَى فُعال.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: مَذابِحُ النَّصَارى: بيوتُ كُتُبهم، وَهُوَ
المَذْبَحُ لِبَيتِ كُتُبهم.
وَيُقَال: ذَبَحْتُ فارَة المِسْكِ، إِذا فَتَقْتها وأخْرَجْتَ مَافيها
من المِسْكِ، وَأنْشد ابنُ السِّكِّيت:
كأنَّ بَين فَكِّها والفَكِّ
فأرَةَ مِسْكٍ ذُبِحَتْ فِي سُكِّ
أَي فُتِقت فِي الطِّيبِ الَّذِي يُقال لَهُ: سُكُّ المِسْكِ.
وَقَالَ بعضُهمْ: الذُّبَحُ: الجَزَرُ البَرِّيُّ، ولوْنُه أَحْمَرُ،
وأنشدَ بيتَ الأعْشَى:
وشَمُولٍ تَحْسِبُ العينُ إِذا
صُفِّقَتْ فِي دَنّها لوْنَ الذُّبَح
ويُرْوَى صُفِّقَتْ بُرْدَتُها لوْنَ الذُّبَح) . وبُرْدَتُها:
لَوْنُها وأَعْلاها.
وَيُقَال ذَبَحَتْ فُلاناً لِحْيَتُه، إِذا سَالَتْ تَحْتَ الذَّقَنِ
وبَدَا مُقَدّمُ حَنكِه، فهوَ مَذْبُوحٌ بهَا، وَقَالَ الرَّاعِي:
من كلِّ أَشْمَطَ مَذْبوحٍ بِلِحْيَتِه
بادِي الأداةِ على مَرْكُوِّهِ الطَّحِلِ
يصِفُ قَيِّمَ ماءٍ منعَهُ الوِرْدَ.
ويقالُ: ذَبَحَتْه العَبْرةُ، أَي خَنَقَتْه.
شمر: يُقَال: أَصَابَهُ موت زُؤام، وذُؤاب، وذُباح. وَأنْشد للبيد:
كأساً من الذِّيفانِ والذُّبَاح
قَالَ: الذُّباح: الذّبْح.
يُقَال: أَخذهم بَنو فلانٍ بالذُّباحِ، أَي بالذَّبْح، أَي ذبحوهم.
قَالَ: وَيُقَال: أَخذ فلَانا الذُّبَحَةُ فِي حلقه بِفَتْح الْبَاء.
يُقَال: كَانَ ذَلِك مثل الذُّبَحَةُ على العُرِّ، مثل يضْرب للَّذي
تخاله صديقا فَإِذا هُوَ عَدو ظَاهر الْعَدَاوَة.
وَقَالَ النَّضر: الذُّبَحَةُ: قَرْحَةٌ تخرج فِي حلق الْإِنْسَان مثل
الذِّئبة الَّتِي تَأْخُذ الْحمار.
وَقَالَ النَّضْرُ: الذَّابحُ: مِيسَمٌ على الْحَلْقِ فِي عُرْضِ
العُنُق، ويُقَالُ للسِّمَةِ: ذَابِحٌ.
(4/273)
وَقَالَ ابْن كُنَاسة: سَعْدٌ الذَّابحُ:
من الْكَوَاكِب، أحدُ السُّعُودِ سُمِّي ذابحاً لأنَّ بحذائه كَوْكَباً
صَغِيرا كَأَنَّهُ قد ذبحهُ، والعربُ تقولُ: إِذا طلع الذابحُ انجحر
النَّابحُ، وأصلُ الذبحِ الشّقُّ، وَمِنْه قَوْله:
كأَنَّ عَيْنَيَّ فيهَا الصَّابُ مَذْبُوح
أَي مشقوق مَعْصُور.
وَقَالَ شَمِر: المذَابِحُ: من المسَايِلِ وَاحِدهَا مَذْبَح، وَهُوَ
مسِيلٌ يسيل فِي سَنَدٍ أَو عَلَى قَرار الأرضِ، إِنَّمَا هُوَ جَرْحُ
السَّيْلِ بعضِه عَلَى إثْرِ بعض.
وعَرْضُ المذْبحِ فِتْرٌ أَو شِبْرٌ، وَقد تكون المذابحُ خِلْقَةً فِي
الأَرْض المُسْتوية لَهَا كَهَيئَةِ النَّهْر يسيلُ فِيهَا مَاؤُهَا،
فَذَلِك المذبحُ. والمَذابحُ تكون فِي جَمِيع الأرضِ فِي الأوْدِية
وَغير الأوْدِيَةِ، وَفِيمَا تواطأ من الأَرْض.
بذح: البَذْحُ: الشِّقُّ. أَبُو عُبَيد عَن العَدَبَّس الكِناني:
بَذَحْتُ لِسَان الفصيل بَذْحاً، إِذا فلَقْتَهُ. قلت: ورأيتُ من
الرُّعْيَان مَنْ يَشُقُّ لِسَان الفصيلِ اللاَّهج بثنَاياه فيقْطَعُه،
وَهُوَ الإحْزَازُ عِنْد الْعَرَب.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أَصَابَهُ بَذْحٌ فِي رجله، أَي شَقٌّ، وَهُوَ
مثل الذَّبح، وكأَنه مَقلُوب.
ح ذ م
اسْتعْمل من وجوهه: حذم، مذح.
حذم: قَالَ اللَّيْث: الحَذُمُ: القَطْعُ الوحِيُّ. وسيفٌ حَذْيَمٌ:
قَاطع. وَفِي حَدِيث عُمَر أَنه قَالَ لمُؤذِّنِه: (إِذا أذَّنْت
فترَسَّل، وَإِذا أقمتَ فاحْذِم) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الحذْمُ: الحَدْرُ فِي
الْإِقَامَة وقطعُ التَّطْويل.
قَالَ وأصلُ الحَذْم فِي الْمَشْي إِنَّمَا هُوَ الْإِسْرَاع فِيهِ،
وَأَن يكون مَعَ هَذَا كأَنه يهْوِي بيدَيْهِ إِلَى خَلفه. وَقَالَ
غَيره: هُوَ كالنَّتْفِ فِي المشيء شبيهٌ بمشي الأرنب.
ابْن السّكِّيت عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال: للأرْنب حُذَمَةٌ لُذَمَةٌ،
تَسْبق الْجمع بالأكَمَة. حُذَمَة: إِذا عدت فِي الأكَمَةِ أسْرَعت
فسبقَت مَن يطْلبهَا، لُذَمَة: لازمةٌ للعَدْوِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقال: حَذَم فِي مشيته أَي قَارب الخطا وأسرع.
قَالَ: والحُذَمُ: الْقصير من الرِّجَال القريبُ الخطوِ.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عدنان: الحَذَمَانُ: شيءٌ من الذَّميل فَوق
الْمَشْي.
قَالَ: وَقَالَ لي خَالِد بن جَنْبَةَ: الحَذَمَانُ: إبْطَاءُ
الْمَشْي، وَهُوَ من حْروف الأضدادِ.
قَالَ: وَاشْترى فلانٌ عَبْداً حُذَام الْمَشْي: لَا خير فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: حَذَامِ: من أَسمَاء النسَاء وَأنْشد:
إِذا قَالَت حَذَامِ فَصَدِّقُوها
فَإِن القوْلَ مَا قَالَت حَذَامِ
قَالَ: جَرّتِ الْعَرَب حذَامِ فِي مَوضِع الرَّفْع لأنهَا مَصْروفةٌ
من حَاذِمة فَلَمَّا صُرِفتْ إِلَى فَعَال كُسِرَت: لأَنهم وجدوا أَكثر
حالاتِ المؤنَّثِ إِلَى الْكسر، كَقَوْلِك: أنتِ، عليكِ، وَكَذَلِكَ
فجَارِ، وفسَاقِ، قَالَ: وَفِيه
(4/274)
قولٌ آخر أَن كلّ شَيْء عُدل من هَذَا الضَّرْب عَن وجههِ يُحملُ على
إِعْرَاب الْأَصْوَات والحكايات من الزَّجْرِ وَنَحْوه مجروراً، كَمَا
يقالُ فِي زجْرِ البَعيرِ: ياهٍ ياهٍ، ضاعف ياهٍ مرَّتَيْنِ.
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
يُنادي بَيَهْيَاهٍ وياهٍ كَأَنَّهُ
صُوَيْتُ الرُّوَيعِي ضلَّ بالليلِ صاحبُه
يقولُ: سكن الحرْف الَّذِي قبل الْحَرْف الْأَخير فحُرِّكَ آخِره
بكسْرَةٍ، وَإِذا تحرَّكَ الْحَرْف قبل الْحَرْف الْأَخير وَسكن
الأخيرُ جزمْت كَقَوْلِك: (بجَلْ) و (أَجَلْ) . وأمَّا حَسْبُ،
وجَيْرُ، فَإنَّك كسرت آخِره، وحركْته لسكون السِّين والبَاء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: الحُذُمُ: الأرانبُ السِّرَاع.
والحُذُمُ أَيْضا: اللُّصُوصُ الْحُذَّاقُ.
مذح: قَالَ اللَّيْث: المَذَحُ: الْتِوَاءٌ فِي الفخِذيْنِ إِذا مَشى
انْسَحَجَتْ إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى. يُقال: مَذِحَ الرجل يَمْذَحُ
مَذَحاً، ومَذِحَتْ فخذاهُ وَأنْشد:
إِنَّك لَو صاحَبْتِنَا مَذِحْتِ
وفَكَّكِ الْحِنوَانِ فانفَتَحْتِ
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا اصْطَكَّتْ أَلْيَتَا الرَّجُل
حَتَّى تنسحجا قيل: مَشِقَ مَشَقاً قَالَ: وَإِذا اصْطكَّتْ فخذاه قيل:
مَذِحَ يَمْذَحُ مَذَحاً.
وَقَالَ غَيره: التَّمَذُّحُ: التَّمَدُّدُ.
ويُقال: شرب حَتَّى تمذَّحت خاصرتُه أَي انتفخت من الرِّيّ، وَأنْشد
أَبُو عُبَيد:
فَلَمَّا سَقيناها العَكِيسَ تَمَذّحتْ
خواصرُها وازْدَادَ رَشْحاً وَرِيدُها
والعَكِيسُ: الدَّقِيق يُصَبُّ عَلَيْهِ الماءُ ثمَّ يُشْرَبُ. |