تهذيب اللغة

(أَبْوَاب الْحَاء وَالنُّون)
ح ن ف
نَحن، حنف، حفن، نحف، نفح: (مستعملة) .
فحن: أما فحن فمهملٌ عِنْد اللَّيْث. وفَيْحَانُ اسْم مَوضِع، وأظُنُّهُ فَيْعَالاً من فَحَنَ، وَالْأَكْثَر أَنه فَعْلاَن من الأفْيَحِ وَهُوَ الواسِعُ وسمَّت الْعَرَب الْمَرْأَة فَيْحُونَةَ.
حنف: قَالَ اللَّيْث: الحَنَفُ مَيَلٌ فِي صدر القدَمِ، فالرَّجُلُ أَحْنَفُ والرجْلُ حَنْفَاءُ، وَيُقَال: سُمي الأحنفُ بنُ قَيْسٍ بِهِ لِحَنَفٍ كَانَ فِي رِجْله.
وروى ثعلبٌ عَن أبي نصر عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: الحَنَفُ أَن تُقْبِلَ إبْهِامُ الرجْلِ اليُمْنَى على أُخْتِهَا من اليُسْرَى وأَنْ تُقْبِلَ الأُخْرَى إلَيْها إقْبَالاً شَدِيدا.
وَأنْشد لِدَايَةِ الأحْنفِ وَكَانَت ترقصُه وَهُوَ طِفْل:
وَالله لولاَ حَنَفٌ برِجْلِهِ
مَا كانَ فِي فِتْيَانِكُمْ مِنْ مِثْلِه
ومِنْ صلةٌ هَهُنا.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الحنيفُ المائِل من خَيْرٍ إِلَى شَرَ وَمن شَرَ إِلَى خَيْرٍ.
قَالَ ثَعْلَب وَمِنْه أُخِذَ الحَنَفُ.
ورَوَى ابْنُ نجدة عَن أبي زيد أَنه قَالَ الحنيف الْمُسْتَقيم، وَأنْشد:
تعلَّمْ أَن سيَهْدِيكُم إلَيْنَا
طريقٌ لَا يَجُورُ بِكم حَنِيفُ
وَقَالَ اللَّيْث: الحنيفُ الْمُسلم الَّذِي يستقبِلُ البيتَ الحرامَ على مِلَّةِ إبراهيمَ فَهُوَ حنيفٌ. وَقيل: كلُّ من أَسْلَمَ لأمرِ الله وَلم يلْتَوِ فَهُوَ حنيفٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَول الله جلّ وعزّ: {بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} (البَقَرَة: 135) .
قَالَ: مَنْ كَانَ على دين إبراهيمَ فَهُوَ حنيفٌ.
قَالَ: وَكَانَ عَبَدَةُ الأوْثَانِ فِي الجاهليَّة يَقُولُونَ: نَحن حُنَفَاءُ على دين إِبْرَاهِيم، فلمَّا جَاءَ الإسلامُ سَمَّوا المُسْلِمَ حنِيفاً.
وَقَالَ الأخْفش: الحنيفُ المُسْلِمُ وَكَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة يُقَال لِمَن اخْتَتَن وحَجَّ البيْتَ حنيفٌ؛ لأَنَّ العربَ لم تتمسَّكْ فِي الجاهليّة بِشَيْء من دين إِبْرَاهِيم غيرَ الخِتَان وحَج الْبَيْت، فكلُّ من اخْتَتَن وحَجَّ قيل لَهُ حَنِيفٌ. فلمَّا جاءَ الإسلامُ عَادَتْ الحنيفيَّةُ فالحنيف الْمُسلم.

(5/71)


حدَّثَنَا الْحُسَيْن قَالَ حَدثنَا عُثْمَان قَالَ حَدثنَا وكيعٌ عَن مَرْزُوق قَالَ سَمِعت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله تَعَالَى: {حُنَفَآءَ للَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} (الحَجّ: 31) قَالَ حُجَّاجاً وَكَذَلِكَ قَالَ السّدي قَالَ حنفَاء حُجَّاجاً.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الزّجاج نَصَبَ {حَنِيفًا} فِي هَذِه الآيةِ على الحَالِ، الْمَعْنى بل نَتَّبِعُ مِلَّةَ إِبْرَاهِيم فِي حَالِ حَنِيفِيَّتِه، ومَعْنَى الحَنِيفِيَّةِ فِي اللُّغَة المَيْلُ، وَالْمعْنَى أَنَّ إِبْرَاهِيم حَنَفَ إِلَى دين الله وَدين الْإِسْلَام فَإِنَّمَا أُخِذَ الحَنَفُ من قَوْلهم: رِجْل حَنْفَاءُ ورَجُلٌ أَحْنَفُ، وَهُوَ الَّذِي تَمِيلُ قَدَمَاه كلُّ واحدةٍ إِلَى أُختِها بِأَصَابعها.
وَقَالَ الفرَّاءُ: الحنيفُ مَنْ سُنَّتُهُ الاخْتِتَانُ.
وَقَالَ اللَّيْثُ السُّيُوف الحنيفية تنْسب إِلَى الأحْنفِ بْنِ قَيْسٍ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَمَرَ باتخَاذِها. قَالَ: وَالْقِيَاس أحْنَفِيُّ. وَبَنُو حنيفةَ حَيٌّ من ربيعةَ. وَيُقَال: تَحَنَّفَ فلانٌ إِلَى الشَّيْء تحنُّفاً إِذا مَال إِلَيْهِ. وحَسَبٌ حَنِيفٌ أَي حَدِيث إسلامي لَا قَدِيمَ لَهُ.
وَقَالَ بن حَبْنَاء التميميُّ:
وماذَا غيرَ أَنَّك ذُو سِبَالٍ
تُمَسحُها وذُو حَسَبٍ حَنِيفِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الْحَنْفَاءُ شجرةٌ. والحَنْفَاءُ الْقوس، والحَنْفَاءُ الموسى، والحَنْفَاءُ السُّلَحْفَاةُ، والحنْفَاء الحرباءة، والحَنْفَاء الأَمَة المتلوّنة تكسَل مَرة وتنشط أُخْرَى.
نحف: قَالَ اللَّيثُ: نَحُفَ الرجل يَنْحُفُ نحافة فَهُوَ نَحِيفٌ قَضِيفٌ ضَرِبٌ قَلِيل اللَّحْم، وَأنْشد:
ترى الرَّجُلَ النحيفَ فَتَزْدَرِيه
وتَحْتَ ثِيَابِه رَجُلٌ مَزِير
نفح: أَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: النَّفِيحُ والمِنفَحُ والمِعَنُّ الدَّاخِل مَعَ القومِ وَلَيْسَ شأنُه شَأْنَهُم.
قَالَ الْأَزْهَرِي: هَكَذَا جَاء بِهِ فِي هَذَا الْموضع.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: النَّفِيج بِالْجِيم الَّذِي يَعْتَرِض بَين الْقَوْم وَلا يُصلح وَلَا يفْسد، وهَذَا قَوْلُ ثَعْلَب.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّفِيحُ الَّذِي يَجيءُ أَجْنَبِيّاً فيدخلُ بَين الْقَوْم ويسُلّ بَينهم ويُصلح أَمرهم.
وَقَالَ اللَّيْثُ: نَفَح الطيبُ يَنْفَحُ نَفْحاً ونُفُوحاً إِذا فَاح رِيحُه، وَله نَفْحَةٌ طيبةٌ ونَفْحَةٌ خبيثَةٌ ونَفَحت الدَّابَّة إِذا رمِحت بِرِجْلِها ورمت بحدّ حافرها.
ونَفَحَهُ بالسّيف إِذا تنَاوله شَزْراً، ونَفَحَه بِالْمَالِ نَفْحاً؛ وَلَا تزَال لَهُ نَفَحَاتٌ من المعْرُوفِ أَي دفعات. قَالَ: وَالله هُوَ النَّفَّاحُ المُنْعِمُ على عبَادِه. قلت: لم أَسْمَعْ النَّفَّاحَ فِي صِفَات الله الَّتِي جَاءَت فِي الْقُرْآن ثُمَّ فِي سُنَّةِ الْمُصْطَفى عَلَيْهِ السَّلَام، وَلَا يجوز عِنْد أَهْلِ العِلْم أَن يُوصف الله جلّ وَعز بِصفة لم يُنْزِلْها فِي كِتَابه، وَلم يبينْهَا على لِسَان نَبِيه ج. وَإِذا قِيلَ للرَّجُل نَفَّاحٌ فَمَعْنَاه الْكثير العَطَايَا.

(5/72)


وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ} (الأنبيَاء: 46) فَقَالَ: أصابَتْنَا نَفْحَةُ الصَّبا أَي رَوْحَةٌ وَطِيبٌ لَا غَمّ فِيهَا وَلَا كَرْبَ، وأصابتنا نَفْحَةٌ من سَمُومٍ: أَي حَرٌّ وغمٌّ وكربٌّ وَأنْشد فِي طيب الصَّبا:
إِذا نَفَحَتْ مِنْ عَنْ يَمِين المَشَارِق
ونَفَحُ الطّيب إِذا فَاحَ رِيحُه وَقَالَ جِرانُ الْعود يذكر جارَته:
لَقدْ عَاجَلَتْنِي بالقَبِيح وَثوْبُها
جَدِيدٌ وَمن أَرْدَانِها المسْكُ يَنْفَحُ
أَي يفُوح طيبُه، فَجعل النَّفْحَةَ مَرَّة أشَدَّ العذابِ لقَوْل الله جلّ وعزّ: {وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ} . وَجعلهَا مرّة ريحَ مِسْكٍ. وَقَالَ الأصمعيُّ: مَا كَانَ من الرّيح سَمُوماً فَلهُ لَفْحٌ وَمَا كَانَ بارِداً فَلهُ نَفْحٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الإنْفَحَةُ لَا تكُونُ إِلَّا لكل ذِي كَرِش، وَهُوَ شَيْء يُسْتَخْرَجُ من بَطْنِ ذِيهِ أصفرُ يُعْصَرُ فِي صوفَةٍ مُبْتَلَّةٍ فِي اللَّبن فيغلَظُ كالجُبن. الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت هِيَ إِنْفَحَةُ الجَدْي وإِنْفَحَّةُ الْجدي وَلَا تقل أَنْفِحَة. قَالَ: وحضرني أَعْرابِيَّانِ فَصيحَانِ من بني كلابٍ، فَقَالَ أَحدهمَا: لَا أَقُول إلاَّ إنْفَحَةً وَقَالَ الآخَرُ: لَا أقولُ إِلَّا مِنْفَحَةٍ، ثمَّ افْتَرقَا على أَن يسألاَ عَنْهُمَا أَشْيَاخ بَنِي كلاب، فاتفقت جماعةٌ على قولِ ذَا وجماعةٌ على قولِ ذَا، فهما لُغتانِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: هِيَ الإنْفَحَةُ بِكَسْر الْألف وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: إِنْفَحَةٌ وإِنْفَحَةٌ وَهِي اللُّغَة الجَيدَة، وَيُقَال مِنْفَحَةٌ وبِنَفْحَةٌ.
وَفِي الحَدِيث: (أَوَّلُ نَفْحَةٍ من دم الشَّهِيد) ، قَالَ شمر قَالَ خَالِد بن جَنْبة: نفحة الدّم أَوَّلُ فَوْرَةٍ مِنْهُ ودَفْعَةٍ. وَقَالَ الرَّاعِي:
نَرْجُو سِجَالاً من الْمَعْرُوف ينفحها
لِسَائِلِيه فَلَا مَنٌّ وَلَا حَسَدُ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الجَفْرُ من أَوْلادِ الضَأَنِ والمعز مَا قد استكرش وفُطِمَ خمسينَ يَوْماً من الوِلادة أَو شَهْرَيْنِ أَو صَارَت إِنْفَحَتهُ كَرِشَاً حِين رَعَى النَّبْتَ وَإِنَّمَا تكون إنْفَحَةً مَا دَامَ يَرْضَعْ. وَقَالَ الْفراء طعنة نَفُوحٌ يَنْفَحُ دَمُها سَريعاً.
وَقَالَ أَبُو زيد: من الضُّروع النَّفُوحُ وَهِي الَّتِي لَا تحبس لَبَنَها ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّفْحُ الذبُّ عَن الرَّجُلِ، يُقَال: هُوَ يُنَافِحُ عَن فُلانٍ. وَقَالَ غَيره: هُوَ يُنَاضِحُ عَنهُ. وَقَالَ ابْن السّكيت: النَّفِيحةُ القَوْسُ وَهِي شطيبة من نَبْعٍ وَقَالَ مُليحٌ الْهُذلِيّ:
أَنَاخُوا مُعِيداتِ الوَجيفِ كأَنَّها
نَفَائِحُ نَبْعٍ لم تَربَّعْ ذَوَابِل
وَيُقَال للقوس النفيحة أَيْضا، وَهِي الفجواءُ المُنفَحَّة.
حفن: قَالَ اللَّيْث: الحَفْنُ أَخْذُكَ الشَّيْءَ بِرَاحَةِ الكَف والأصابِع مَضْمُومَة. ومِلْءُ كُل كفَ حَفْنَةٌ. واحْتَفَنْتُ إِذا أخذتَ لنَفسك.

(5/73)


والمحْفَنُ ذُو الجَفْنِ الكثيرِ. وَكَانَ مِحْفَنٌ أَبَا بَطحَاءَ إِلَيْهِ ينْسب الدوابّ البَطْحَاوِيَّةُ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: احتَفَنْتُ الرجلَ احْتِفَاناً إِذا اقتلعَته من الأَرْض.
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الحُفْنَةُ الحُفْرَةُ، وَجَمعهَا حُفَن.
وَقَالَ شمر: الحُفنة الحُفْرَةُ وَأنْشد:
هَلْ تَعْرِفُ الدَّارَ تَعفَّتْ بالحُفَنْ
قَالَ: وَهِي قَلَتَاتٌ يَحْتَفِرُها الماءُ كَهَيْئَةِ البِرَكِ.
وَقَالَ ابْنُ السكيتِ: الحُفَن: نُقرٌ يكون الماءُ فِيهَا، وَفِي أَسْفَلِها حَصًى وتُرابٌ. وأنشدني أَبُو بكر الْإِيَادِي لعَدِيّ بن الرّقاع العاملي.
بِكْرُ تُرَيثها آثَارُ مُنْبَعِقٍ
تَرى بِه حُفَنَاً زُرْقاً وغُدْرَانَا
ح ن ب
حبن، حنب، نحب، نبح، بحن، بنح: مستعملات.
حبن: قَالَ اللَّيْث: الحِبْنُ مَا يعتري الْإِنْسَان فِي الْجَسَد فيقيحُ ويَرِم، والجميع الحُبُون. والحَبَنُ أَيْن يكثر السقْي فِي شَحم الْبَطن فيعظُمَ البَطْنُ لذَلِك.
أَبُو عبيد عَن اليزيديّ قَالَ الأحْبَنُ الَّذِي بِهِ السقْيُ.
قَالَ وَقَالَ العُدَيْس الكنانيّ يُقَال لأُم حُبَيْنٍ حُبَيْنَةٌ وَهِي دَابَّة قَدْرُ كف الْإِنْسَان. وَقَالَ اللَّيْث هِيَ دُويبَة على خِلْقَةِ الْحِرْبَاءِ عريضَةُ البَطْنِ جِدَّا وَأنْشد:
أمَّ حُبَيْنٍ أبسطي بُرْدَيْك
إِن الْأَمِير دَاخِلٌ عَلَيْك
وضَارِبٌ بِالسَّيْفِ مَنْكِبَيْكِ
والحَبَنُ عِظَمُ البَطْنِ، وَلذَلِك قيل لمن سَقَى بطْنُه قد حَبَن. وَأم حُبَيْنٍ هِيَ الْأُنْثَى من الحَرَابِيّ.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنَّه رَأَى بِلالاً وَقد خَرَجَ بَطْنُه، فَقَالَ أمُّ حُبَيْنٍ) وَهَذَا من مَزْحِه ج أَرَادَ ضِخَمَ بطْنِه.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) رَأَيْت فلَانا مُحْبَئِنّاً ومقْطَئِرّاً ومُصْمَغِدّاً أَي ممتلئاً غَضَباً.
وَقَالَ ابْنُ بُزُرْج تَقول الْعَرَب فِي أُدْعِيَّة بَين الْقَوْم يتداعون بهَا: صب الله عَلَيْكَ أُمَّ حُبَين ماحضاً يَعْنُون اللَّيْلَ.
حنب: قَالَ اللَّيْث الحَنَبُ اعوجاج فِي السَّاقَيْن. قَالَ والتَّحْنِيبُ فِي الخَيْل ممَّا يُوصف صَاحبه بالشدَّة، وَلَيْسَ ذَلِك باعْوِجَاجٍ شَدِيدٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: التَّحْنِيبُ توتيرٌ فِي الرجْلَين.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَّحْنِيبُ فِي السَّاق.
وَقَالَ غَيره اعْوِجَاجٌ فِي الضُّلُوع.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل المُحَنَّبُ من الْخَيل المُعطَّفُ العِظَامِ.
قَالَ وَيُقَال حَنَّبَهُ الكِبَرُ وحَنَاه إِذا نَكَّسَه.
وَقَالَ اللَّيْث: رَجُلٌ مُحَنَّب شيخ مُنْحَنٍ وَأنْشد:
يظل نَصْباً لِرَيْبِ الدَّهْرِ يَقْذِفُه
قَذْفَ المُحَنَّبِ بالآفَاتِ والسَّقَم

(5/74)


وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الْحَنْبَاءُ عِنْد الْأَصْمَعِي المُعْوَجَّةُ السَّاقَيْنِ. قَالَ: وَهِي عِنْد ابْن الأعرابيّ فِي الرجْلَيْنِ وَقَالَ فِي موضعٍ آخَرَ: الْحنْبَاءُ المعوَجَّةُ السَّاق وَهُوَ مَدْحٌ فِي الخَيْلِ. وَقد حَنَبَ فلانٌ أَزَجاً مُحْكَماً أَي بَنَاه مُحْكَماً فَحَناه.
نحب: قَالَ اللَّيْث: النَّحْبُ النَّذْرُ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن} (الْأَحْزَاب: 23) قُتِلوا فِي سَبِيل الله فأدركوا مَا تمنَّوا فَذَلِك قَضَاء النَّحْبِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ {اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن} أَي أَجَلَه وَكَذَلِكَ قَالَ الفرّاء. وَقَالَ شمر: النَّحْبُ النَّذْرُ، والنَّحْبُ الموتُ، والنَّحْبُ الخَطَرُ العظِيمُ.
وَقَالَ جرير:
بِطَخَفَة جالدْنَا الْمُلُوك وخيلُنا
عَشِيَّةَ بِسْطَامٍ جَرَيْن على نَحبِ
أَي على خطر عَظِيم، وَيُقَال على نَذْرٍ. وَيُقَال سَار فلَان على نَحْبٍ إِذا سَار وأَجْهَد السَّيْرَ. وَيُقَال نَحَّبَ القَوْمُ إِذا جَدُّوا فِي عَمَلِهمْ.
وَقَالَ طُفَيْلُ:
يزرن إِلاَلاً مَا يُنَحبْنَ غَيْرَهُ
بِكُل مُلَبَ أشعثِ الرأْس مُحْرِم
وَيُقَال سَار سيراً مُنَحباً: قَاصِدا لَا يُرِيدُ غَيْرَه كأنّه جعل ذَلِك نَذْراً على نَفْسِه لَا يريدُ غَيره.
وَقَالَ الكُمَيْتُ:
يَخِدْنَ بِنَا عَرْض الفَلاةِ وطُولَها
كَمَا سَار عَن يُمْنَى يَدَيْهِ المُنَحبُ
يَقُول إِن لم أبلغ مَكَان كَذَا وَكَذَا فلك يَمِيني. وَقَالَ لبيد:
أَلا تَسْأَلاَنِ المَرْءَ مَاذَا يُحَاوِلُ
أَنَخْبٌ فيُقْضَى أم ضَلالٌ وبَاطِلُ
يَقُول عَلَيْهِ نَذْرٌ فِي طُولِ سَعْيهِ.
شمر عَن عَمْرو بن زُرَارَةَ عَن محمدِ بن إِسْحَاق فِي قَوْله {اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن} قَالَ: فَرَغ من عَمَلِهِ ورجَعَ إِلَى رَبه، هَذَا لمن اسْتُشْهِد يَوْم أُحُد، وَمِنْهُم من يَنْتَظِر مَاوَعَدَهُ الله من نصْره أَو الشَّهَادَةِ على مَا مَضَى عَلَيْهِ أصحابُه. وَفِي حَدِيث طَلْحَة بن عبيد الله أَنه قَالَ لِابْنِ عَبَّاس: هَل لَك أَن أُنَاحِبَك وترفَع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو عبيد قَالَ الْأَصْمَعِي: نَاحَبْتُ الرجل إِذا حَاكَمْتَه أَو قاضَيْتَه إِلَى رَجُلٍ. قَالَ أَبُو عبيد وَقَالَ غَيره: نَاحَبْتُه ونافَرْتُه أَيْضا مثلُه. قلت: أَرَادَ طلحةُ هَذَا الْمَعْنى: كأنَّه قَالَ لِابْنِ عباسٍ أُنَافِرُك فتعدّ فضائلك وحَسَبَك وأَعُد فَضَائِلي وَلَا تذكر فِي فضائلك وَحَسَبَك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقُرْبَ قَرَابَتِكَ مِنْهُ، فإنّ هَذَا الفضلَ مسلَّم لَك، فارفعه من النفَار وَأَنا أُنَافِرُك بِمَا سواهُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد التنحيب شدَّة القَرَب للْمَاء وَقَالَ ذُو الرمة:
ورُب مَفَازَةٍ قَذَفٍ جَمُوحٍ
تَغُول مُنَحبَ القَرَبِ اغتيالا
قَالَ: والمُنَحبُ الرجُلُ. اللَّيْث: النحيبُ البُكاءُ. وَقد انْتَحَب انتحاباً. أَبُو عبيد عَن أبي زيد: من أمراض الْإِبِل النُّحَابُ والقُحَابُ والنُحازُ، وكل هَذَا من السُّعال. وَقد نَحَب يَنْحِبُ.

(5/75)


وَقَالَ أَبُو سعيدٍ: التَّنْحِيبُ الإكبابُ على الشَّيْء لَا تُفَارِقُه. وَيُقَال نَحَّب فُلانٌ على أمرٍ. قَالَ وَقَالَ أَعْرَابِي أصابَتْهُ شَوْكَة فَنَحَّبَ عَلَيْهَا يَسْتَخْرِجُها أَي أكَبَّ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي كل شيءٍ هُوَ مُنَحبٌ فِي كَذَا. عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: النَّحْبُ النومُ، والنَّحْبُ النَّفس، والنَّحْبُ صوتُ البُكاءِ، والنَّحْبُ الطُول والنَّحْبُ السمَن، والنَّحْبُ الشدَّةُ، والنَّحْب القِمَارُ والنَّحْبُ النَّذْرُ، وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الصَيداويّ عَن الرياشي أَنه قَالَ يومٌ نَحْبٌ أَي طَوِيل.
نبح: قَالَ اللَّيْث: النَّبْحُ صَوت الْكَلْب، تَقول: نَبَحَ يَنْبَحُ نَبْحاً ونُبَاحاً، والتيسُ عِنْد السفَاد يَنْبَحُ، والحيَّة تَنْبَحُ فِي بعض أَصْواتِها وَأنْشد:
يأْخذُ فِيهِ الحيَّةَ النَّبُوحا
قَالَ: والنَّوابِحُ والنُّبُوح جماعةُ النَّابِح من الكلابِ. أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: رجل نَبَّاحٌ ونَبَّاجٌ شَدِيد الصَّوْت. قَالَ: والنُّبُوح الجماعةُ الكثيرةُ من النَّاس. وَقَالَ الأخطل
إنَّ العَرَارَةَ والنُّبُوح لِدَارِمٍ
والمستخِفُّ أخُوهُمُ الأثقالا
وَقَالَ شمر: يُقَال نَبَحَتْهُ الكِلابُ، ونَبَحَتْ عَلَيْهِ، ونَابَحَه الكلبُ. وَيُقَال فِي مَثَلٍ: فلَان لَا يُعْوَى وَلَا يُنْبَحُ، يَقُول هُوَ من ضَعْفِه لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَلَا يُكَلَّمُ بِخَيْرٍ وَلَا شَرّ وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
نَبَحتْ كِلاَبُك طَارِقاً مثلي
وَقَالَ غَيره: الظبي يَنْبَحُ فِي بعض الْأَصْوَات وَأنْشد:
وقُصْرَى شَنِجِ الأنْسَا
ء نَبَّاح من الشُّعْب
رَوَاهُ الجاحظ نباح من الشَّعْب، وَفَسرهُ يَعْنِي من جِهَة الشَّعْب وَأنْشد:
ويَنْبَجُ بَين الشَّعْبِ نَبْحاً كَأَنَّه
نُبَاحُ سَلوقٍ أَبْصَرَتْ مَا يَرِيبُها
قَالَ: والظَّبْيُ إِذا أَسَنَّ ونَبَتَتْ لقرونِه شُعَبٌ نَبَح. قلت: وَالصَّوَاب الشُّعْب بِضَم الشين جمع الأَشْعَب وَهُوَ الَّذِي انْشَعَب قرناه.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّبَّاحُ مَنَاقِفُ صِغَارٌ بيض يجاءُ بِهَا من مَكَّة تُجْعَلُ فِي القلائد والوُشُحِ. عَمْرو عَن أَبِيه النُّبَحَاء الصيَّاحة من الظباء.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس قَالَ ابْن الْأَعرَابِي النَّبَّاح الظبي الكثيرُ الصياحِ. والنَّبَّاحُ الهدهد الْكثير القَرْقَرة وَقَالَ أَبُو خيرة النُّبَاح صَوت الأَسْوَد يَنْبح نُباح الجرو.
بنح: أهمله اللَّيْث وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: البِنَحُ: العطايا. قلت: الأَصْل فِيهَا المِنَح جمع المنيحة فقلبت الْمِيم بَاء قَالَ والبُنَحُ الظباء.
بحن: عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: البَحْنَانَة: الجُلَّة الْعَظِيمَة البحرانية الَّتِي يحمل فِيهَا الكنعد المالح وَهِي البَحْوَنة أَيْضا وَكَذَلِكَ دَلْوُ بَحْوَنِيُّ عَظِيم كثير الأخْذِ للْمَاء. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ يُقَال: لضَرْبٍ من النّخل بَحْنَةٌ وَبِه سُمى ابْن بُحَيْنَةَ. قَالَ: وَابْن بَحْنَةَ السوطُ. قلت: قيل للسوط ابْن بَحْنَةَ لأَنه يُسوى من قُلُوس العَرَاجين. وَيُقَال للجُلَّة الْعَظِيمَة البَحْنَاءُ أَيْضا.

(5/76)


ح ن م
حنم، حمن، منح، محن، نحم: مستعملات.
حنم: أهمل اللَّيْث حنم.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الحَنَمَةُ: البُومة قلت وَلم أسمع هَذَا الحرفَ لغيره وَهُوَ ثِقَة.
نحم: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي النَّحْمَةُ: السَّعْلَةُ وَتَكون الزّحْرَةَ. وَقَالَ اللَّيْث: نَحَم الفَهْد يَنْحَمُ نَحِيماً، وَنَحْوه من السبَاع كَذَلِك. وَكَذَلِكَ النَّئِيمُ وَهُوَ صوتٌ شَدِيد. والنُّحَامُ طَائِر أَحْمَر على خِلْقة الوزّ الْوَاحِدَة نُحَامَةٌ. وَرجل نَحَّامٌ بخيل إِذا طُلِب معروفُه كَثُر سعاله وَمِنْه قَول طرفَة:
أَرَى قبر نَحَّامٍ بخيل بِمَالِه
كقبر غوِيّ فِي البَطَالة مُفسد
وَقَالَ غَيره نحم الساقي وَالْعَامِل ينحِمُ.
وينحم نحيماً إِذا استراح إِلَى شبه أَنِين يُخرجهُ من صَدره وَأنْشد:
مَالك لَا تَنْحَمُ يَا رواحهْ
إِن النَّحيم للسُّقَاة راحهْ
منح: قَالَ اللَّيْث: مَنَحْتُ فلَانا شَاة، وَتلك الشَّاة اسْمُها المِنِيحة وَلَا تكون المَنِيحَةُ إِلَّا عَارِية للَّبَنِ خاصَّةً: أَبُو عبيد عَن الْكسَائي أمْنَحَت النَّاقة فَهِيَ تُمنِحٌ إِذا دنا نِتَاجُها. وَقَالَ شمر لَا أعرف أمْنَحَتْ بِهَذَا الْمَعْنى. قلت: أمْنَحَتْ بِهَذَا المعنَى صَحِيحٌ، وَمن الْعَرَب مسموع، وَلَا يضرُّه إِنْكَار شمر إِيَّاه.
وَفِي حَدِيث النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (من مَنَحَ مِنْحة وَرِق أَو مَنح لبَناً كَانَ كَعَدْل رقَبَةٍ) .
وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: مِنْحَةُ الوَرِق هُوَ القَرْضُ. وَقَالَ أَبُو عبيد المِنْحَةُ عِنْد العربِ على مَعْنَيَيْنِ: أَحدهمَا أَن يُعْطى الرجلُ صاحبَه المالَ هبة أَو صِلَة فيكونُ لَهُ، وَأما المِنحةُ الأُخْرَى فأَنْ يمنحَ الرجلُ أخَاه نَاقَة أَو شَاة يَحْتَلِبُها زمَناً أَو أيَّاماً ثمَّ يردُّها، وَهُوَ تَأْوِيل قَوْله ج: (المِنْحَةُ مردودَةُ وَالْعَارِية مؤدَّاةٌ) ، قَالَ والمِنْحةُ أَيْضا تكون فِي الأَرْضِ يَمْنَحُ الرجلُ الرجلَ أرضَه ليزْرَعها. وَمِنْه حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من كَانَ لَهُ أرضٌ فليزرعْها أَو يمنحْها أَخَاهُ) أَي يدفعْها إِلَيْهِ حَتَّى يزرَعها فَإِذا فَرَغ رَفَع زرْعَها وردَّها على صَاحبهَا.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: مَنَحْتُه أمْنِحُه وأمنَحُه فِي بَاب فَعَل يفعِلُ ويفعَل وَقَالَ اللَّيْث المنْحَةُ منفعتُك أخَاك بِمَا تَمْنَحَهُ. وكلُّ شَيْء تقصد بِهِ قصدَ شَيْء فقد مَنَحْتَه إِيَّاه كَمَا تمنح المرأةُ وجههَا المرآةَ وَمِنْه قَول سُوَيد بن كُرَاع:
تمنح المرآةَ وَجْهَاً وَاضِحاً
مثلَ قَرْنِ الشَّمْسِ فِي الصَّحْوِ ارْتَفَع
والمَنِيحُ الثامِنُ مِنْ قِدَاح المَيْسِر. وَقَالَ اللحياني المَنِيحُ أحدُ القِدَاحِ الأرْبَعَةِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا غُنْمٌ وَلَا غُرْمٌ، إِنَّمَا يثقَّل بهَا القداح كَرَاهَة التُّهمَة؛ أَولهَا المُصَدَّرُ ثمَّ المضعَّفُ ثمَّ المَنِيحُ ثمَّ السَّفِيحُ. والمنيح أَيْضا قِدْح من قِدَاحِ الميسر يُوثَقُ بفَوْزِه فيستعار لِيُتَيَمَّن بفوزه، فالمنيح الأولُ من لَغْو القِدَاحِ، وَهُوَ اسْم لَهُ. والمنيح الثَّانِي

(5/77)


هُوَ المستعَارُ. وَأما الحَدِيث الَّذِي جَاءَ فِيهِ: (كنتُ مَنيحَ أَصْحَابِي يَوْم بَدْرٍ) ، فَمَعْنَاه أَنِّي كنت مِمَّن لَا يُضْرَبُ لَهُ بسهمٍ من الْفيء لِصِغرى، فَكنت بِمَنْزِلَة السهْم اللَّغْوِ الَّذِي لَا فوزَ لَهُ وَلَا خسْرَ عَلَيْهِ، وَقد ذكر ابْن مقبل القِدْح الْمُسْتَعَار الَّذِي يتيمن بفوزه فَقَالَ:
إِذا امْتَنَحَتْه من مَعَد عِصَابَة
غَدَا رَبُّه قَبْلَ المُفيضِينَ يَقْدَح
يَقُول إِذا استعارُوا هَذَا القِدْحَ غَدَا صاحِبُه يقْدَح النارَ لِثِقَتِهِ بفوزِه، فَهُوَ المنيحُ المستعارُ. وأمّا قَوْله:
فمهلاً يَا قُضَاعُ فَلا تَكُونِي
مَنِيحاً فِي قداح يَدَيْ مُجِيلِ
فإِنَّه أَرَاد المنِيحَ الَّذِي لَا غُنْمَ لَهُ وَلَا غُرْمَ، وَيُقَال رجل منَّاح فيَّاح إِذا كَانَ كثيرَ العطايا. أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو المَمَانِحُ النَّاقة الَّتِي يبْقى لَبَنُها بَعْدَمَا تذْهب أَلْبَانُ الْإِبِل، بِغَيْر هَاء. وَقَالَ ذَلِك الأصمعيُّ وَقد مانَحَتْ مِنَاحاً ومُمَانَحةً، وَكَذَلِكَ مانَحتِ العينُ إِذا سَالَتْ دُموعها فَلم تَنْقَطِع، وَقَالَ المُمَانح من الأمطار الْمَطَر الَّذِي لَا يَنْقَطِع.
حمن: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي القُراد أوّل مَا يكون وَهُوَ صَغِير لَا يكَاد يرى من صغره. يُقَال لَهُ قُمْقَامة ثمَّ يصير حُمْنَانَة ثمَّ قُراداً ثمَّ حَلَمَةً.
وَقَالَ اللَّيْث أَرض مَحْمَنة كَثِيرَة الْحَمْنَان وَهِي صغَار القِرْدان. قَالَ والْحَمْنَانُ على مِثَال فَعْلان الْوَاحِدَة حَمْنَانَةٌ.
شمر عَن الأصمعيّ الحوْمانةُ وَجَمعهَا حَوَامِينُ أَماكنُ غِلاظٌ منقادَةٌ وَقَالَ أَبُو خَيْرة الحوْمانُ واحدتها حَوْمَانَةٌ وَجَمعهَا حوامينُ وَهِي شقائق بَين الجِبَال وَهِي أطيب الحُزُونة، جَلَد لَيْسَ فِيهَا إكام وَلَا أبارق.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو الحَوْمَانُ مَا كَانَ فَوق الرَّمل ودونه حِين تصعَدُه أَو تهبِطُه. وَقَالَ زُهَيْر:
بحومانة الدَّرَّاج فالمُتَثَلَّم
قلت: حوْمان فَوْعال من حمن.
محن: قَالَ أَبُو العبَّاس أَخْبرنِي سلمةُ عَن الْفراء أَنه قَالَ يُقَال محنته: ومخَنْتُه بِالْحَاء وَالْخَاء ومحجْتُه ونقَحْتُه وجَلَهْتُه وجحشته ومَشَنْتُه وعَرَمْتُه وحَسَفْتُه وخبلته وخَسَلْتُه ولَتَحْتُه كُله بِمَعْنى قشرته.
وَقَالَ اللَّيْث المحنة معنى الْكَلَام الَّذِي يُمْتَحَنُ بِهِ ليُعرف بِكَلَامِهِ ضميرُ قلبه، تَقول: امتحنْتُه وامتحَنْتُ الكلمةَ إِذا نظرتَ إِلَى مَا يصير إلَيْهِ صَيُّورُها. وَقَالَ غَيره محنته وامتحنْتُه بمنزلةِ خَبَرْتُه واختبرتُه وبلوته وابتلَيْتُه وأصل المَحْن الضربُ بالسوْطِ.
روى أَبُو عبيد عَن الأمَوِيّ مَحَنْتُه عشْرين سَوْطًا مَحْناً إِذا ضربتَه وَقَالَ المفضَّل فِيمَا رَوَى عَنهُ ابْن الْأَعرَابِي مَحنت الثَّوْب مَحْناً إِذا لبِسته حَتَّى تُخلقه وَقَالَ أَبُو سعيد: محنت الْأَدِيم مَحْناً إِذا مددته حَتَّى توسعَه قَالَ وَمعنى قَول الله جلّ وعزّ: {اللَّهِ أُوْلَائِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} (الحجرات: 3) شرح الله قُلُوبهم كأنّ مَعْنَاهُ وسّع الله على قُلُوبهم للتقوى.

(5/78)


أَبُو الْعَبَّاس عَن الْأَعرَابِي المَحْن اللينُ من كل شَيْء. والمَحْنُ العطيَّة يُقَال سَأَلته فَمَا مَحَنَنِي شَيْئا أَي مَا أَعْطَانِي.
أَبُو عَمْرو: المَحْنُ النِّكَاح الشَّديد يُقَال مَحَنَها ومَخَنَها ومَسَحَها إِذا نكَحَها.
حَدثنَا الْحُسَيْن عَن سُوَيْد عَن عبد الله بن الْمُبَارك عَن صَفْوَان أَن أَبَا الْمثنى المُلَيْكي حدَّثه أَنه سمع عُتبة بن عبدٍ السُّلَمِيَّ وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حدَّث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (الْقَتْلَى ثلاثةٌ: رجل مؤْمِنٌ جاهدَ بِنَفسِهِ ومالِه فِي سَبِيل الله حَتَّى إِذا لَقِي العَدُوَّ قاتَلهُمْ حَتَّى يُقْتَلَ فَذَاك الشَّهِيد المُمْتَحَنُ فِي خَيْمة الله تَحت عَرْشه لَا يَفْضُله النبيُّون إِلَّا بِدَرَجَة النُّبُوَّة) ثمَّ ذكر الحَدِيث إِلَى آخِره، قَالَ شمر قَوْله (فَذَاك الشَّهِيد الممتحَن) هُوَ المصفَّى المهذَّب المُخْلَص.
وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد {اللَّهِ أُوْلَائِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} (الحُجرَات: 3) قَالَ أَخْلَصَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة {الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ} صفَّاها وهذَّبها. وَقَالَ غَيره الممتَحن الموطَّأ المذلَّل.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَحَنْتُه بالشدّ والعَدْوِ وَهُوَ البَلْس بالطرد والممتحِنُ والمُمَحِصّ واحِدٌ، وَجلد مُمَحَّن مقشور.