تهذيب اللغة (أَبْوَاب الْحَاء وَالْفَاء)
ح ف ب: مهمل (1))
ح ف م
اسْتعْمل من وجوهه: (فَحم) .
فَحم: قَالَ اللَّيْث: الفَحْمُ الْجَمْر الطافِىء؛ الْوَاحِدَة
فَحَمَةٌ وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم للأغلب:
قد قَاتلُوا لاَ ينفخون فِي فَحَم
يَقُول لَو كَانَ قِتَالهمْ يُغْنِي شَيْئاً وَلكنه لَا يُغْني فَكَانَ
كَالَّذي ينفخُ نَارا وَلَا فَحم وَلَا حطب، فَلَا تذكو النَّارُ وَلَا
تَتَّقِدُ، يضْرب هَذَا مثلا للرجل الَّذِي يُمارِسُ أمْراً لَا
يُجْدِي عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: فَحم الصَّبِي وَهُوَ يفحم إِذا طَال بكاؤه حَتَّى
يَنْقَطِع نَفَسه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي فَحِمَ الصَّبِي يفْحَمُ فُحُوماً
وفُحَاماً إِذا بَكَى حَتَّى يَنْقَطِع. وَقَالَ اللَّيْث كلَّمني
فلَان فأفحمتُه إِذا لم يُطِقْ جوابَك، قلت كأنّه شُبه بِالَّذِي يبكي
حَتَّى يَنْقَطِع نَفَسه، وشاعر مُفْحَمٌ لَا يُجيب محاجِيَه، وَرجل
مُفْحَم لَا يَقُول الشّعْر.
وَقَالَ اللَّيْث شَعَرٌ فَاحِمٌ وَقد فَحَم فُحومة وَهُوَ الْأسود
الْحسن وَقَالَ الْأَعْشَى:
مبتلة هيفاءُ رُودٌ شبابُها
لَهَا مُقْلتا رِئْم وأسودُ فاحمُ
أَبُو عبيد ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ:
(ضُمُّوا فَوَاشِيكُمْ حَتَّى تذهَب فَحْمَةُ الْعشَاء) .
وَالْفَوَاشِي: مَا انْتَشَر من المَال، الْإِبِل وَالْغنم وَغَيرهَا.
قَالَ: وفَحْمةُ العِشاء شدَّة سَواد الليلِ وظلمته، وَإِنَّمَا يكون
ذَلِك فِي أوَّله حَتَّى إِذا سكن فَوْرُه قلّت ظُلمته، وَقَالَ
الفرَّاء يُقَال فَحِمُوا عَن العِشَاء يَقُول
(5/79)
لَا تَسِيروا فِي أَوَّله حِين تقوم
الظُّلْمَةُ وَلَكِن أمهلوا حَتَّى تسكُنَ وتعدل الظلمَة ثمَّ سِيرُوا
وَقَالَ لبيد:
واضْبِطِ اللَّيْل إِذا طَالَ السُّرَى
وتَدَجَّى بعد فَوْرٍ واعتدل
وَقَالَ شمر يُقَال فَحْمَةٌ وفَحَمَةٌ لُغَتَانِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفَحْمَةُ مَا بَين غرُوب
الشَّمْس إِلَى نوم الناسِ سميت فَحْمَة لحَرها وأولُ اللَّيْل أحَرُّ
من آخِره. قَالَ وَلَا تكون الفحْمة فِي الشتَاء. قَالَ وَلَا يُقَال
فِي الشَّرَاب فَحْمَةٌ كَمَا يُقَال الجاشريَّة والصَّبُوح والغَبُوق
والقَيْل. قَالَ: وَيُقَال للَّذي لَا يتَكَلَّم أصلا فَاحِمٌ وَيُقَال
للَّذي لَا يَقُول الشّعْر مُفْحَم.
(بَاب الْحَاء وَالْبَاء مَعَ الْمِيم: مهمل)
آخر الثلاثي الصَّحِيح من حرف الْحَاء.
(5/80)
أول الثلاثي المعتل من الْحَاء
أهملت الْحَاء مَعَ بَاقِي حُرُوف الْحلق فِي المعتلات
(بَاب الْحَاء وَالْقَاف)
(ح ق (وايء))
حَقي، حاق، قحا، قاح، وقح: (مستعملة) .
حَقي: وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أعْطى
غَسَلَةَ ابْنَته حَقْوَه وَقَالَ أشعرْنَها إيَّاه، وَذَلِكَ حِين
توفيت وغُسلَتْ وكفنت. الحَقْوُ: الإزَارِ هَاهُنَا وَجمعه حُقِيّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد الحَقْو مَعقِد الْإِزَار من الجَنْبِ، يُقَال
أخذتُ بحَقْوِ فلَان. وجمعُ الحَقْوِ حِقَاءٌ. وَقَالَ اللَّيْث
الحَقْوانِ الخاصرتَان. والجميع الأَحْقَاءُ. وَالْعدَد أَحْقٍ كَمَا
ترى تَقول عُذْتُ بِحَقْوِ فلَان إِذا عاذَ بِهِ ليمنَعَه، وَأنْشد:
وعذتم بأَحْقَاءِ الزّنادِق بَعْدَمَا
عركتكم عَرْكَ الرّحى بِثِفَالها
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن بشر بن مُوسَى عَن الْأَصْمَعِي قَالَ:
كلُّ مَوضِع يَبْلُغُه سيلُ الماءِ فَهُوَ حَقْوٌ. وَقَالَ اللَّيْث:
إِذا نظرت إِلَى رَأس الثَّنِيَّةِ من ثَنَايا الْجَبَل رَأَيْت
لِمَخرِمَيْها حَقْوَينِ وَقَالَ ذُو الرمة:
تَلْوِي الثنايا بأَحْقِيَها حَوَاشِيه
لَيَّ المُلاَءِ بأبوابِ التَّفَاريج
التفاريج: خَصَاص الدَرَابَزِين بنحِقرات قَالَه ثَعْلَب يَعْنِي
السّراب. وَيُقَال: رمى فلانٌ بِحَقْوٍ، أَي رمى بِإِزَارِهِ.
والحَقْوَةُ داءُ يَأْخُذ فِي البَطْن يورِث نَفْخَةً فِي الحَقْوَيْنِ
تَقول: حُقِيَ الرجل فَهُوَ مَحْقُوُّ إِذا أَصَابَهُ ذَلِك الدَّاء
قَالَ رؤبة:
من حَقْوَةِ الدَّاء وَرَاء الأعْداد
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الحَقْوَةُ داءُ يكون فِي الْبَطن من أَن
يَأكُلَ الرجُلُ اللَّحْم بَحتَاتٍ فَيَقَع عَلَيْهِ الْمَشْي وَقد
حُقِيَ فَهُوَ مَحْقُوٌّ.
وَقَالَ ابْن الأَعرابي الحَقْوة فِي الْإِبِل نَحْو التَّقْطيع
يأخُذُها من النُّحَازِ. قَالَ: وأكثرُ مَا تقع الحَقْوَةُ للْإنْسَان.
وروى عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس أَنه قَالَ حَقِي يَحْقَى حَقاً مقصورٌ
وَرجل مَحْقُوٌّ قَالَ أَبُو بكر مَعْنَاهُ إِذا اشْتَكَى
(5/81)
حَقْوَهُ أَبُو عَمْرو الحِقَاءُ رِباط
الجُلّ على بطن الْفرس إِذا حُنذ للتَّضْمير وَأنْشد لطَلْق بن عدي:
/ ثمَّ حَطَطْنا الجُلَّ ذَا الحِقَاء
كَمثل لَوْن خَالِصِ الحِنَّاءِ
أخبر أَنه كُمَيْتٌ. قَالَ: الحِقاء جمع حَقْوةٍ، وَهُوَ مُرْتَفع عَن
النَّجْدَةِ وَهُوَ مِنْهَا مَوضِع الحَقْوِ من الرجل يتحرَّزُ فِيهِ
الضباع من السَّيْل. قَالَ أَبُو النَّجْم يصف مَطَرا:
يَنْفِي ضِبَاع القُفّ من حِفائه
وَقَالَ النَّضر: حُقِيُّ الأَرْض سُفوحها وأسنادها وَاحِدهَا حَقْوٌ
وَهُوَ السَّنَدُ والهَدَفُ.
ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَت الدُّبَيرية يُقَال: ولغَ
الْكَلْب فِي الْإِنَاء ولجن واحْتَقَى يَحْتَقي احتقاءً بِمَعْنى
وَاحِد.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: حَقْوُ السَّهْم مُسْتَدَقُّه
مِمَّا يَلِي الريش. وَيُقَال حَقْوُ السهْم مَوضِع الريش وَجمع
الْحَقْوِ حِقَاءٌ وحُقِيٌّ.
قحا: قَالَ الليثُ: القَحْوُ تأسيس الأقْحُوَان وَهِي فِي التَّقْدِير
أفْعُلاَن وَهُوَ من نَبَات الرّبيع مُفَرَّضُ الْوَرق دَقِيق العيدان
لَهُ نوْرٌ أَبيض كَأَنَّهُ ثغر جَارِيَة حَدَثةِ السن. والواحدة
أقْحُوانة وَلَو جعلته فِي دَوَاء قلت: دَوَاء مَقْحُوٌ ومُقَحًّى.
وأقحوانة مَوضِع مَعْرُوف فِي ديار بني تَمِيم، وَقد نزلت بِهِ.
والأُقحوان هُوَ القُرَّاصُ عِنْد الْعَرَب وَهُوَ البابُونج والبابونك
عِنْد الْفرس. وَالْعرب تَقول رَأَيْت أقاحي أمره كَقَوْلِك رَأَيْت
تباشير أمره وَفِي (النَّوَادِر) اقتحَيْتُ المَال وقَحَوْتُه
واجْتَفَفْتُه وازْدَفَفْتُه أَي أَخَذته.
وَقَالَ: فالأقحوانة منا منزل قمِن.
حوق: عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الحُوقَةُ الْجَمَاعَة الممحزِقة
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي الحوق الكنس، والمِحوقَةُ المِكْنَسة قَالَ
والحوق الحَوْقَلَةُ. وَقَالَ اللَّيْث الحَوْقُ والحُوقُ لُغَتَانِ،
وَهُوَ مَا اسْتَدَارَ بالكمرة يُقَال فَيْشَلة حوقاءُ. وَقَالَ ابْن
الْأَعرَابِي الحَوْقُ الْجمع الْكثير. أَبُو عبيد عَن الْكسَائي
الحُواقَةُ القماش. وَقد حُقْتُ الْبَيْت حَوْقاً: كنسته.
وَقَالَ النَّضر: حَاق بهم العذابُ كأَنَّهُ وَجب عَلَيْهِم، وَقَالَ:
حاق الْعَذَاب يَحِيق فَهُوَ حَائق. وَقَالَ اللَّيْث: الحَيْق مَا
حَاقَ بالإنسان من مكْرٍ أَو سُوءٍ يعملهُ فينزلُ ذَلِك بِهِ، تَقول
أحاق الله بِهِمْ مَكْرَهُم وحاق بهم مَكْرهمْ. وَقَالَ الزّجاج فِي
قَوْله جلّ وعزّ: {الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ}
(غَافِر: 83) أَي أَحاط بهم العذابُ الَّذِي هُوَ جزءُ مَا كَانُوا
يستهزءون. كَمَا تَقول أحَاط بفلان عملهُ وأهلكه كسْبُه؛ أَي أهلكه
جَزَاء كَسبه. قلت: جعل أَبُو إِسْحَاق حاق بِمَعْنى أَحاط، وكأَن
مأخذَه من الحُوق وَهُوَ مَا اسْتَدَارَ بالكَمَرَةِ، وَجَائِز أَن
يكون الحُوقُ فُعْلاً من حاق يَحِيق كأَنَّه كَانَ فِي الأَصْل حُيْقاً
فقلبت الْيَاء واواً لانضمام مَا قبلهَا، وَالْيَاء تدخل على الواوِ
فِي حُرُوف كَثِيرَة، يُقَال تصوّح النبت وتصيّح إِذا تشقق وتوَّهَه
وتيَّهه وطوّحه وطيّحه.
(5/82)
سَلمَة عَن الْفراء فِي قَوْله: {الْعِلْمِ وَحَاقَ} هُوَ فِي كَلامِ
العرَب عَاد عَلَيْهِم مَا استهزءُوا وَجَاء فِي التَّفْسِير أَحَاطَ
بهم وَنزل بهم.
وقح: اللَّيْث الوَقَاحُ الحافِر الصُّلْبُ الْبَاقِي على الْحِجَارَة.
والنعت وقاحٌ، الذَّكُر وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاء والجميع وُقُح
وَوُقَّح، ورجلٌ وقَاحُ الْوَجْه صُلبه قليلُ الحياءِ، وَقد وَقُح
وقَاحَةً وقِحَةً وَوَقَح الفرسُ وَقاحة وقِحَةً والتوقيح أَن يوقح
الحافرُ بشحْمَةٍ تذاب حَتَّى إِذا تشيّطت الشحمة وذابت كُوِيَ بهَا
مَوَاضِع الحَفَاء والأَشَاعِر. واستوقح إِذا صلُب وَقَالَ غَيره:
وَقحْ حوضَك أَي امْدُرْه حَتَّى يَصْلُبَ فَلَا ينشَفَ الماءُ، وَقد
يُوَقَّح بالصفائِح وَقَالَ أَبُو وجزة:
أفْرِغْ لَهَا فِي ذِي صَفِيحٍ أَوْقَحَا
قيح: قَالَ اللَّيْث يُقَال للجرح إِذا انْتَبَرَ: قَدْ تَقَوَّحَ.
قَالَ وقَاحَ الجرحُ يَقيحُ وقَيَّحَ وأَقَاحَ، والقيح المِدَّةُ
الْخَالِصَة الَّتِي لَا يخالطها دَمٌ. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي
أقاح الرَّجُلُ إذَا صمَّم على الْمَنْع بعد السُّؤَال، وَرُوِيَ عَن
عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ مَنْ مَلأَ عيْنَيه من قَاحَةِ بيْتٍ
قبل أَن يُؤْذَنَ لَهُ فقد فَجَر.
وَقَالَ ابنُ الْفرج سَمِعت أَبَا الْمِقْدَام السُلَميَّ يَقُول هَذِه
بَاحَةُ الدَّارِ وقَاحَتُها وَمثله طين لازِبٌ ولازقٌ. ونَبِيثَةُ
البِئْرِ ونَقِيثَتُها وَقد نَبَّثَ عَن الأَمْرِ ونَقَّثَ. وَقَالَ
ابْن الْأَعرَابِي عَن أبي زِيَادٍ: مَرَرْت على دَوْقَرة فَرَأَيْت
فِي قَاحَتِها دَعْلَجاً شَظِيظاً. قَالَ قاحةُ الدَّار وسَطُهَا،
والدَّعْلَجُ الحُوَالِقُ والدوقَرَةُ أرضٌ نَقِيَّة بَين جبالٍ أحاطت
بهَا.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي القُوح الأرَضُون الَّتِي لَا
تُنْبِتُ شَيْئا، يُقَال قَاحَةٌ وقُوحٌ مثل ساحةٍ وسُوحٍ ولابَةٍ
ولُوبٍ وقارَةٍ وقُورٍ. |