تهذيب اللغة
هَذَا أول كتاب الْهَاء من (تَهْذِيب
اللُّغَة)
أَبْوَاب المضاعف مِنْهُ
قَالَ ابْن المظفر: الْهَاء وَالْخَاء لم يأتلفا فِي المضاعف
وَكَذَلِكَ الْهَاء مَعَ الْغَيْن لَا يأتلفان فِي المضاعف.
(بَاب الهَاء وَالْقَاف)
(هـ ق)
قه، هق: مستعملان.
قه: قَالَ ابْن المظفر: قَهْ: يُحْكَى بأنَّه ضَرْب من الضحك. ثمَّ
يُكَرر بتصريف الْحِكَايَة، فَيُقَال: قَهْقَهَ يقهقه قَهْقَهَةً: إِذا
مدّ ورجّع، وَإِذا خُفف قيل قَهْ للضاحك؛ وَقَالَ الرّاجز يذكر نسَاء:
نَشَأْنَ فِي ظِل النَّعيمِ الأَرْفَهِ
فَهُنَّ فِي تَهانُفٍ وَفِي قَهٍ
قَالَ: وإِنما خفّف للحكاية؛ وَإِن اضْطر الشَّاعِر إِلَى تثقيله جَازَ
لَهُ كَقَوْلِه:
ظَلِلْنَ فِي هَزْرَقةٍ وقَه
يَهْزَأْنَ مِنْ كُل عَبَامٍ فَه
قَالَ: والقهقهة فِي قَرَبِ الوِرْدِ، مُشْتَقّ من اصطدَامِ
الْأَحْمَال لعجَلَةِ السّير كَأَنَّهُمْ توهّموا لحِس ذَلِك جَرْسُ
نَغْمةٍ فضاعفوه. قَالَ رؤبة:
يَطْلُقْنَ قبلَ القَرَبِ المُقَهْقِهِ
وَقَالَ غَيره: الأَصْل فِي قَرَب الوِرْدِ أَنه يُقَال قَرَبٌ
حَقْحاق، بِالْحَاء، ثمَّ أبدلوا الْحَاء هَاء فَقَالُوا:
لِلْحَقْحَقَة هَقْهَقَة وهَقَهَاق، ثمَّ قلبوا الهقهقة، فَقَالُوا:
القهقهة. كَمَا قَالُوا: خَجْخَجَ وجخجخ: إِذا لم يُبْدِ مَا فِي
نَفسه. وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ فِي قَول رؤبة: (القَرَب
المُقَهْقِه) ؛ أَرَادَ المُحَقْحِق فَقَلَبَ، وَأَصله من
الْحَقْحَقَة، وَهُوَ السّير المُتْعِبِ الشَّديد. وَقد مرّ تَفْسِيره
مشبعاً فِي أول كتاب الْحَاء. وَإِذا انْتَاطَت المراعي عَن الْمِيَاه
وَاحْتَاجَ البدويُّ إِلَى تعْزيب النَّعم حُمِلَتْ وَقت وِردها
خِمْساً كَانَ أَو سِدْساً على
(5/224)
السيْر الحثيث، فَيُقَال: خِمْسٌ حَقْحَاقٌ
وقَسْقَاسٌ وحَصْحَاصٌ، وكل هَذَا السيرُ الحثيث الَّذِي لَا وتيرة
فِيهِ وَلَا فتور، وَإِنَّمَا قَلَبَ رؤبة حَقْحَقَة فَجَعلهَا
هَقْهَقَة ثمَّ قلب هقهقة، فَقَالَ المُقَهْقِه؛ لاضطراره إِلَى
القافية.
هق: أهمله اللَّيْث، وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ:
الهُقُقُ: الكثيرُ الْجِمَاع، يُقَال: هَكَّ جَارِيَته وهقَّها: إِذا
جهدها بِشدَّة الْجِمَاع.
(بَاب الْهَاء وَالْكَاف)
(هـ ك)
هَكَّ ووكَهَّ: مستعملان. وَقد أهمل اللَّيْث: (هكّ) وَهُوَ مُسْتَعْمل
فِي معَان كَثِيرَة، مِنْهَا:
هكّ: قَالَ أَبُو عَمْرو الشيبانيّ فِي كتاب (النَّوَادِر) : هَكَّ
بِسَلْحِه وسَكَّ بِهِ: إِذا رمى بِهِ. وَنَحْو ذَلِك. قَالَ ابْن
الأَعرابيّ قَالَ: هَكّ وسَجّ وتَرَّ: إِذا حَذَفَ بِسَلْحه. وَقَالَ
أَبُو عَمْرو: هَكَّ الرجُلُ جاريتَه، يَهُكُّها: إِذا نَكَحَهَا؛
وَأنْشد:
يَا ضَبُعاً ألْفَتْ أَبَاهَا قد رَقَدْ
فَنقَرتْ فِي رأْسهِ تبْغي الوَلَدْ
فقامَ وَسْنَانَ بِعَرْدٍ ذِي عُقَدْ
فَهَكَّهَا سُخْناً بِهِ حَتى بَرَدْ
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأَعرابيّ: يُقَال: هكّ: إِذا
أُسْقِطَ. والهكُّ: تَهَوُّر الْبِئْر. والهَكُّ: المطَر الشَّديد.
والهكّ: مُدَاركةُ الطَّعْن بِالرِّمَاحِ. والهكُّ: الجِمَاعُ الْكثير؛
يُقَال: هَكَّها: إِذا أَكثر جِمَاعهَا. وَقَالَ أَبُو عَمْرو:
الهَكِيك: المُخنث. وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي، يُقَال: انهكّ
صَلاَ الْمَرْأَة انْهكَاكاً: إِذا انفرج فِي الْولادَة. وَقَالَ ابْن
شُمَيْل: تَهككَت الناقةُ: وَهُوَ تَرَخي صَلَويْها ودُبُرِها، وَهُوَ
أَن يُرَى كَأَنَّهُ سِقاء يُمْخَضُ. قلت: وتفكَّكتِ الْأُنْثَى: إِذا
أَقْرَبَتْ فاسترخى صَلَوَاها وعَظُمَ ضَرْعُها ودنا نِتاجُها، شُبّهت
بالشَّيْء الَّذِي يتزايلُ ويتفتّح بعد انْعِقَاده وارتِتاقه؛ وَأنْشد
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ:
إِذا بَركْنَ مَبْرَكاً هَكَوَّكا
كأَنمَا يَطْحَنَّ فِيهِ الدَّرْمَكا
قَالَ: هَكَوَّكٌ على بِنَاء عَكَوَّكٌ: وَهُوَ السمين.
كه: قَالَ اللَّيْث: نَاقَة كَهَّةٌ وكهاةٌ، لُغَتَانِ؛ وَهِي: الضخمة
المسنَّة الثَّقِيلَة. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الكَهَّة: الْعَجُوز أَو
النابُ مَهْزُولَة كَانَت أَو سَمِينَة. وَقد كَهَّت النَّاقة تكه
كُهوهاً؛ أَي: هرمت. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: جَارِيَة
كهكاهَةٌ وهَكْهَاكةٌ: إِذا كَانَت سَمِينَة. وَقَالَ اللَّيْث:
الكَهْكَهةُ: حِكَايَة صَوت الزَّمْر، وَهِي فِي الزَّمر أعرفُ مِنْهَا
فِي الضَّحِك؛ وَأنْشد:
يَا حَبَّذَا كَهْكَهةُ الغَوَاني
وحَبَّذَا تَهَانُفُ الرَّوَاني
إليَّ يومَ رِحْلَةِ الأَظْعَانِ
وَقَالَ اللَّيْث: كَهْ: حِكايةُ المُكَهْكِه، والأَسد يُكَهْكِهُ فِي
زئيره؛ وَأنْشد:
سَامٍ على الزَّآرَةِ المُكَهْكِه
(5/225)
أَبُو عبيد: الكَهْكاهة: المتهيب؛ وَقَالَ
أَبُو الْعِيَال الهذليّ:
وَلَا كَهَكهاة بَرَم
إِذا مَا اشتدتِ الحِقَبُ
وَقَالَ شمر: وكَهْكامَةٌ، بِالْمِيم، مثل كهكاهة للمتهيّب، وَكَذَلِكَ
كَهْكَم، قَالَ وَأَصله: كَهَامٌ فزيدت الْكَاف، وَأنْشد:
يَا رُبَّ شَيْخٍ مِنْ عَدِيَ كَهْكَمِ
قَالَ شمر: وَرُوِيَ أَن الحجّاج كَانَ قَصِيرا أصفرَ كُهَاكِهةً،
وَهُوَ الَّذِي إِذا نظرت إِلَيْهِ كأنّه يضْحك وَلَيْسَ بضاحك.
وكَهْكَهَ المَقْرُورُ فِي يَده من الْبرد؛ قَالَ الْكُمَيْت:
وكَهْكَهَ المُدْلَجُ المَقْرُورُ فِي يدِه
واستدَفأَ الكلبُ فِي المأسورِ ذِي الذَّنب
وَهُوَ أَن يتنفس فِي يَده إِذا خَصِرَت. وَقَالَ أَبُو عَمْرو:
يُقَال: كهّ فِي وَجْهي؛ أَي: تنفّس. وَالْأَمر مِنْهُ كَهَّ وكِهَّ،
وَقد كَهَهْتُ أكِهُّ، وكَهَهْتُ أَكَهُّ.
(بَاب الْهَاء وَالْجِيم)
(هـ ج)
هج، جه: مستعملان.
هجّ: قَالَ اللَّيْث: هجَّجَ البعيرُ يُهَججُ: إِذا غارت عينه فِي
رَأسه من جوع أَو عَطش أَو إعياء غير خِلْقةٍ؛ وَأنْشد:
إِذا حِجَاجَا مُقْلَتَيهَا هَجَّجَا
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: هجَّجَتْ عينُه: غارت؛ وَقَالَ الْكُمَيْت:
كأنَّ عُيونَهُنَّ مُهَجَّجاتٌ
إِذا راحَتْ من الأُصُلِ الحَرُور
اللَّيْث: الْهَجَاجَةُ: الهَبْوَةُ الَّتِي تَدْفِن كلَّ شَيْء.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: وَرجل هَجَاجَةٌ: أَحمَق.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الهجَاجَةُ: الَهبْوَةُ الَّتِي تدفِن كلّ شَيْء
بِالتُّرَابِ. وَقَالَ غَيره: العَجَاجَةُ، مثلهَا. ابْن السّكيت: رجل
هَجْهَاجَةٌ: وَهُوَ الَّذِي لَا عقل لَهُ وَلَا رَأْي. أَبُو عبيد عَن
الأصمعيّ قَالَ: الهجْهَاجُ: النَّفُور. قَالَ: وَقَالَ الأمويّ
يُقَال: ركب فلَان هَجَاجِ وهَجَاجَ: إِذا ركِبَ رأسَه؛ وَأنْشد:
وهم رَكِبُوا على لَوْمِي هَجَاجِ
وَأَخْبرنِي الْإِيَادِي عَن شَمِر: رجل هَجَاجَةٌ؛ أَي: أَحمَق وَهُوَ
الَّذِي يستهجَّ على الرَّأْي ثمَّ يركبه، غَوَى أم رشد. واستهجاجهُ
أَن لَا يؤامرَ أحدا ويركب رأْيَهُ؛ وَأنْشد:
مَا كانَ روَّى فِي الأمورِ صَنِيعَة
أزمانَ يَرْكَبُ فيكَ أمْرَ هَجَاجِ
قَالَ شمر: وَالنَّاس هجاجَيْك ودَوَالَيْك: أَي: حَوَالَيْك. وَقَالَ
أَبُو الْهَيْثَم: قَول شمِر: النَّاس هَجاجيك فِي معنى دَوَاليْك
بَاطِل، وقولُه معنى دواليْك؛ أَي: حواليك كَذَلِك، بل دواليك فِي معنى
المتَّدَاول، وحواليك تَثْنِيَة حَوَالِك، يُقَال: النَّاس حولَك
وحَوْلَيْك وحَوَالِيكَ وحوالَيْكَ. قَالَ: وَأما ركبُوا فِي أَمرهم
هَجَاجَهُم؛ أَي: رأْيَهم الَّذِي لم يُرَوُّوا فِيهِ، وهَجَاجَيْهِم
تثنيته. قلت: أرى أَن أَبَا الْهَيْثَم نظر فِي خطّ بعض من كتب عَن شمر
مَا لم يضْبطه وَالَّذِي يتَوَجَّه عِنْدِي أَن
(5/226)
شمراً قَالَ: هجاجَيْكَ مثل دوالَيْك
وحوالَيْك؛ أَرَادَ أَنه مثله فِي التَّثْنِيَة، لَا فِي الْمَعْنى.
وَقَالَ اللَّيْث: الهَجْهَجَةُ: حكايةُ صَوت الرجل إِذا صَاح بالأسد؛
وَأنْشد للبيد:
أَو ذِي زَوَائِدَ لَا يُطَافُ بِأَرْضِه
يَغْشَى المُهَجْهِجَ كالذَّنُوبِ المُرْسَلِ
يَعْنِي: الْأسد يغشى مُهَجْهِجاً بِهِ فينصبُّ عَلَيْهِ مسرعاً
ويفترسه. أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: هَجْهَجْتُ بالسبْع وهوَّجت بِهِ؛
كِلَاهُمَا: إِذا صِحْتَ بِهِ. وَيُقَال للزّاجِرِ للأسد: مهجْهِجٌ
وَمُجَهْجِهٌ. وَقَالَ اللَّيْث: فحلٌ هَجْهَاج: فِي حِكَايَة شدّة
هديره، وَقَالَ: وهَجْهجْتُ بالجمل: إِذا زجرتَه، فَقلت: هِيجْ؛
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
أَمْرَقْتُ من جَوْزِه أَعْنَاقَ ناجِيَةٍ
تَنْجُو إِذا قَالَ حادِيهَا لهَا: هِيجِي
قَالَ: إِذا حَكَوْا ضاعفوا هَجْهج، كَمَا يضاعفون الوَلْوَلَةَ من
الوَيْل، فَيَقُولُونَ: ولْولَت الْمَرْأَة إِذا أكثرت من قَوْلهَا
الوَيْل. وَقَالَ غَيره: هَجْ: زجرُ النَّاقة؛ قَالَ جندل:
فَرّجَ عَنْهَا حَلَقَ الرَّتَائِجِ
تَكَفُّحُ السَّمَائِم الأوَاجِجِ
وقِيلُ: عاجٍ، وأيا أَيَاهَجِ
فَكسر للقافية. وَإِذا حكيت، قلت: هَجْهَجْتُ بالناقة. وَقَالَ
اللّحيانيّ: يُقَال للأسد وَالذِّئْب وَغَيرهمَا فِي التسكين: هجاجَيْك
وهَجْهَجٌ وهَجْ هَجْ وهَجْهَج وهَجاً هجاً، وَإِن شِئْت قلتهَا مرّة
وَاحِدَة؛ وَأنْشد:
سَفَرَتْ فقلتُ لَهَا: هَجٍ فَتَبَرْقَعَتْ
فذَكَرتُ حينَ تبَرْقَعَتْ ضَبَّارا
قَالَ: وَيُقَال فِي معنى هَجْ هَجْ: جَهْ جَهْ، على الْقلب. وَيُقَال:
سَيْرٌ هَجَاجٌ: شَدِيد؛ وَقَالَ مُزاحم العُقيلي:
وتَحْتِي من بنَاتِ العِيدِ نِضْوٌ
أَضَرَّ بِنَيه سَيْرٌ هَجَاجُ
وَقَالَ اللحيانيّ يُقَال: مَاء هُجَهِجٌ: لَا عذْبٌ وَلَا مِلْحٌ،
وَيُقَال: ماءٌ زُمَزِمٌ هُجَهِجٌ. وَأَرْض هَجْهَجٌ: جَدْبَةٌ، لَا
نبت فِيهَا، والجميع هَجَاهِجُ؛ وَأنْشد:
فِي أَرض سَوْءٍ جَدْبَة هُجَاهج
جهّ: قَالَ اللَّيْث: جَهْ: حكايته المُجَهْجِه. والجَهْجَهَةُ: من
صياح الْأَبْطَال فِي الْحَرْب، يُقَال: جَهْجَهُوا فحمَلُوا. وَقَالَ
شمر: جهْجَهْتُ بالسبع وهَجْهَجْتُ، بِمَعْنى وَاحِد. عَمْرو عَن
أَبِيه: جَهَّ فلَان فلَانا: إِذا ردّه. يُقَال: أَتَاهُ فجَهَّهُ
وَأَوْأَبَهُ وأصْفَحَه؛ كلُّه: إِذا ردّهُ ردّاً قبيحاً. أَبُو
الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الهُجُجُ: الغُدْرَانُ.
وَيَوْم جُهْجُوهٍ: يَوْم لتميم؛ قَالَ مَالك بن نُوَيْرَة:
وَفِي يومِ جُهْجُوهٍ حمينا ذِمارَنا
بِعَقْرِ الصَّفَايا والجوادِ المُرَبَّبِ
وَذَلِكَ أَن عَوْف بن حَارِثَة بن سليط الْأَصَم ضرب خَطْم فرس مالكٍ
بِالسَّيْفِ، وَهُوَ مربوط بِفنَاء القُبَّة، فنشب فِي خَطْمه، فَقطع
الرَّسَنَ، وجال فِي النَّاس، فَجعلُوا يَقُولُونَ: جُوه جُوه، فسمّي
يَوْم جُهجُوهٍ.
(5/227)
قلت: والفُرْس إِذا استصْوبوا فعل
إِنْسَان، قَالَ: جُوهْ جُوْه.
(بَاب الْهَاء والشين)
(هـ ش)
هشّ: قَالَ اللَّيْث: الهَشُّ من كل شَيْء فِيهِ رخاوة، يَقُول: هَشَّ
الشَّيْء يَهَش هَشَاشَةً، فَهُوَ هَشٌّ هَشِيشٌ. وَفِي حَدِيث عمر
أَنه قَالَ: هَشِشْتُ يَوْمًا فَقَبَّلْتُ وَأَنا صَائِم، فسألتُ عَنهُ
النّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ شمر: هَشِشْتُ؛ أَي: فَرِحْتُ
واشتهيتُ؛ وَقَالَ الْأَعْشَى:
أضحى ابنُ ذِي فائشٍ سَلاَمَةُ ذُو ال
تَفْضَالِ هَشّاً فُؤَادُه جَذِلاَ
قَالَ الْأَصْمَعِي: هَشّاً فؤادُه، أَي: خَفِيفا إِلَى الْخَيْر.
قَالَ: وَرجل هَشٌّ إِلَى إخوانه.
والهُشاشُ والأشاش، وَاحِد. قَالَ: والهَشُّ: جَذْبُك الغُصْنَ من
الشّجر إِلَيْك. أَبُو عَمْرو عَن الْأَصْمَعِي: هَشِشْتُ للمعروف
أَهَشُّ هَشّاً وهَشَاشَةً: إِذا اشتهاه. وهَشَشْتُ أَهِشُّ هُشُوشةً:
إِذا صرت خَوَّاراً ضَعِيفا، وَإنَّهُ لهش المكْسَرِ والمكْسِرِ: إِذا
كَانَ سهلَ الشَّأْن فِي طلب الْحَاجة. وَقد هشَشْتُ أَهُشَّ هَشّاً:
إِذا خبط الشَّجَرَ فَأَلْقَاهُ لِغَنَمِه. وَقَالَ الفرَّاء فِي
قَوْله جلَّ وعزَّ: {وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِى} (طاه: 18) أَي:
أَضْرِبُ بهَا الشّجر اليابِس ليسقُطَ ورقُها فترعاه غنمه. قلت:
وَالْقَوْل مَا قَالَه الْأَصْمَعِي والفرّاء فِي هشّ الشّجر بالعصا،
لَا مَا قَالَه اللَّيْث أَنه جذبُ الغصْن من الشّجر إِلَيْك. وَقَالَ
ابْن الأعرابّي: هَشّ العُودُ هُشُوشاً: إِذا تكسّر، وهشّ للشَّيءِ
يَهَشُّ: إِذا سُرَّ بِهِ وفرِح. وفَرَسٌ هَشُّ العِنان: خفيفُ
العِنان. وَقَالَ شمر: هَاشَ بِمَعْنى هَشَّ؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
فَكَبَّر للرُّؤيا وهاشَ فُؤادُه
وبَشَّرَ نَفْساً كَانَ قَبْلُ يَلُومُها
قَالَ: هاشَ: طرب؛ أنْشد أَبُو الْهَيْثَم فِي صفة قِدْر:
وحَاطِبَانِ يَهُشَّانِ الهَشِيمَ لَهَا
وحَاطِبُ اللَّيلِ يَلْقَى دُونهَا عَنَنَا
يَهُشّان الهشيم: يكسرانه للقدر. وقِرْبَة هشّاشة: يسيل مَاؤُهَا
لرقّتها، وَهِي ضد الوكيعة؛ وَأنْشد أَبُو عَمْرو لطلْق بن عدي:
كأَنَّ ماءَ عِطْفِه الجَيَّاشِ
ضَهْلُ شِنَانِ الحَوَرِ الهَشَّاشِ
الضهل: المَاء الْقَلِيل، والحور: الْأَدِيم. وفَرَسٌ هشٌّ: كثير
العَرق، واستهشَّني أمرُ كَذَا فهشِشْتُ لَهُ؛ أَي: استخفّني فخففت
لَهُ. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الهشيش: الرجل الَّذِي يفرح إِذا سَأَلته،
يُقَال: هُوَ هاشٌّ عِنْد السُّؤَال، وهشيش ورائح ومرتاح وأرْيحيّ.
قَالَ أَبُو عمر: الْخَيل تُعلف عِنْد عَوَز العَلَفِ، هشيشَ السّمك.
قَالَ: والهشيش لخيول أهلِ الأسيافِ خَاصَّة قَالَ: وَقَالَ النمر بن
تَوْلَب:
والخَيْلُ فِي إطْعَامِها اللَّحْمَ ضَرَرْ
نُطعِمُها اللحمَ إِذا عَزَّ الشَّجَرْ
(5/228)
(1 بَاب الْهَاء وَالضَّاد)
(هـ ض)
هضّ: قَالَ اللَّيْث: الهضُّ: كَسْرٌ دونَ الهَد وفوقَ الرَّض، قَالَ:
والهَضْهَضَةُ، كَذَلِك، إِلَّا أَنه فِي عَجلَةٍ، والهضُّ فِي
مُهْلَةٍ. جعلُوا ذَلِك كالمدّ والترجيع فِي الْأَصْوَات. قَالَ:
والهَضْهَاضُ: الْفَحْل الَّذِي يَهُضّ أَعْنَاق الفحول، تَقول: هُوَ
يُهَضْهِضُ الأعْنَاقَ. وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: هضَضْتُ
الحجرَ وَغَيره أهُضُّهُ هَضّاً: إِذا كسرتَه ودقَقْته. وَقَالَ غَيره:
يُقَال: جَاءَت الْإِبِل تَهُضُّ السّير هَضّاً: إِذا أسرعت. وَيُقَال:
لشَدَّ مَا هضَّت السَّيْرَ؛ وَقَالَ رَكَّاضٌ الدُبَيْرِي:
جاءتْ تَهُضُّ المَشْيَ أيَّ هَض
يَدْفَعُ عَنْهَا بَعْضُها عَنْ بَعْضِ
قَالَ ابْن الأعرابيّ: يَقُول: هِيَ إبل غِزَارٌ فَيدْفَع ألبانُها
عَنْهَا قطعَ رؤوسها؛ كَقَوْلِه:
حَتَّى فَدَى أعناقَهُنَّ المحْضُ
قَالَ: وهضَّضَ: إِذا دَقّ الأرضَ برجليه دقّاً شَدِيدا، وَقَالَ
الأصمعيّ: الهَضَّاء: الْجَمَاعَة من النَّاس؛ وَقَالَ الطِرِمَّاح:
قد تَجَاوَزْتُها بِهَضَّاءَ كالجِنَّ
نَةِ يُخفُونَ بَعْضَ قَرْعِ الوِفَاضِ
وَقَالَ ابْن الْفرج: جَاءَ يهزّ الْمَشْي ويَهُضُّه: إِذا مَشى مشياً
حسنا فِي تدافع 1) .
(بَاب الْهَاء وَالصَّاد)
(هـ ص)
صه، هص: (مستعملان) .
هصّ: قَالَ اللَّيْث: الهَصُّ: شدّة الْقَبْض والغمز. وَقَالَ غَيره:
بَنو هِصَّان: قبيلةٌ من بني أبي بكرِ بن كلاب. وهُصَيْصٌ: اسْم رجل.
وَقيل: الهَصّ: شدّة الْوَطْء. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: زخيخ
النّار: بريقُها، وهَصِيصُها: تلأْلُؤُها، وَحكي عَن أبي ثرْوان أَنه
قَالَ: ضِفْنَا فلَانا فلمّا طَعِمْنَا أتونا بالمقاطِر فِيهَا الجحيمُ
يَهِصُّ زَخِيخُها، فأُلْقيَ عَلَيْهَا المندَلِيُّ. قَالَ: المقاطِرُ:
المجامر، والجحيم: الْجَمْر، وزخيخه: بريقه، وهصيصه: تلألؤه. سَلمَة
عَن الفرّاء: هصّص الرجلُ: إِذا برَّق عَيْنَيْهِ، والهُصَاهِصُ
والقُصاقِصُ: الشَّديد من الأُسْد.
صه: قَالَ اللَّيْث: صَهْ: كلمة زجْرٍ للسكوت؛ وَأنْشد قَول ذِي
الرُّمَّة:
إِذا قالَ حَادِيْنَا لِتَشْبِيهِ نَبْأَةٍ
صَهٍ لم يَكُنْ إلاَّ دَوِيُّ المَسَامِعِ
قَالَ: وكل شيءٍ من موقوفِ الزّجر فإنّ الْعَرَب تنوّنه مخفوضاً. وَمَا
كَانَ غيرَ موقوفٍ فعلى حَرَكَة صرفه فِي الْوُجُوه كلهَا. ويضاعف صه،
فَيُقَال: صَهْصَهْتُ بالقوم. ابْن السّكيت: يُقَال للرجل إِذا
أسكتَّه: صهْ، فَإِن وصلتَ قلتَ: صهٍ صهٍ، وَكَذَلِكَ مَهْ؛ فَإِن وصلت
قلت: مهٍ مهٍ،
(5/229)
وَكَذَلِكَ تَقول للشَّيْء إِذا رضِيته:
بَخْ، فَإِن وصلت قلت: بَخٍ بَخٍ.
(بَاب الْهَاء وَالسِّين)
(هـ س)
هس، سه: (مستعملان) .
هسّ: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الهَسيسُ: المدقوق من كل
شَيْء. والهَسُّ: زجر الْغنم. أَبُو عُبَيْدَة والأصمعي: هسهس ليلتَه
كلَّها وقسقس: إِذا أدْأَب السّير. وَقَالَ اللَّيْث: الهَسَاهِسُ:
الْكَلَام الخفيّ المُجمْجَمُ، وَسمعت هَسِيساً وَهُوَ الهمس،
وَيُقَال: الهَساهِسُ: من حَدِيث النَّفس ووسوستها؛ وَأنْشد:
فَلَهُنَّ مِنْكَ هَسَاهِسُ وهُمومُ
وَقَالَ غَيره: الهَسْهَسَةُ: عامٌّ فِي كل شَيْء لَهُ صَوت خفِيّ
كهسَاهِس الْإِبِل فِي سَيرهَا، وصوتِ الْحلِيّ؛ وَقَالَ الراجز:
لَبِسْنَ مِنْ حُر الثّيابِ مَلْبَسا
ومُذْهَبِ الحلْيِ إِذا تَهَسْهَسَا
وَقَالَ فِي هَسَاهِسِ أَخْفَاف الْإِبِل:
إِذا عَلَوْنَ الظَّهْرَ ذَا الضَّمَاضِمِ
هَسَاهِساً كالهد بالجَمَاجِمِ
فِي (النَّوَادِر) : الهساهس: الْمَشْي؛ بتنا نُهَسْهِس حَتَّى
أَصْبَحْنا، وَسمعت من القومِ هَسَاهِسَ من نَجِيَ لم أفهمْها،
وَكَذَلِكَ وساوسَ من قَوْل.
سه: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (العينان
وِكَاءُ السَّهِ، فَإِذا نامتا استَطْلَقَ الوِكاءُ) . أَبُو عبيد:
السَّهُ: حَلْقَةُ الدبر؛ وَأنْشد:
شَأَتْكَ فُعَيْنٌ غثُّها وسمينها
وَأَنت السَّهُ السُّفْلَى إِذا دُعِيَتْ نَصْر
وَقَالَ آخر:
ادْعُ فعيْلاً باسمها لَا تَنْسَهْ
إِن فعيْلاً هِيَ صِئْبَانُ السَّهْ
قلت: والسَّهُ من الْحُرُوف النَّاقِصة.
(بَاب الْهَاء وَالزَّاي)
(هـ ز)
هز: الهزّ: تحريكك الشيْءَ، كَمَا تهزُّ القناةَ فتضطربُ وتهتزُّ.
تَقول: هزَزْت فلَانا فاهتزّ للخير، واهتز النباتُ: إِذا طالَ،
وهزّتْهُ الرِّيَاح، واهتزَّت الأرضُ: إِذا أنبتت. والهزيز فِي السّير:
تحريكُ الْإِبِل فِي خفّتها. يُقَال: هزّها السيرُ وهزّها الْحَادِي؛
وَأنْشد:
إِذا مَا جَرى شَأْوَيْنِ وابْتَلَّ عِطْفُه
يقولُ: هَزِيزُ الريحِ مرَّتْ بأَثْأَبِ
قَالَ: والهَزْهَزَةُ والهزَاهِزُ: تَحْرِيك البلايا والحروب لِلنَّاس.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الهِزَّةُ من سير الْإِبِل: أَن يَهْتَز
الموكب. قَالَ شمر: قَالَ النَّضر: يَهْتَز؛ أَي: يسْرع؛ وَأنْشد:
أَلا هَزِئَتْ بِنَا قُرَشِي
يَةٌ يَهْتَزُّ مَوْكِبُها
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (اهتزّ
الْعَرْش لموْتِ سعد بن مُعاذ) . روى الدارميّ عَن ابْن شُمَيْل أَنه
قَالَ فِي قَوْله: (اهتزّ الْعَرْش) ؛ أَي: فَرح؛ وَأنْشد:
كَرِيْمٌ هُزّ فَاهْتزّ
(5/230)
أَي: فَرح. وَقَالَ بَعضهم: أَرَادَ بالعرش
سَرِيره الَّذِي حُمِلَ عَلَيْهِ سعدُ بن معَاذ حِين نقل إِلَى قَبره.
وَقيل: هُوَ عرش الله ارْتَاحَ لروح سعد بن معَاذ حِين رُفع إِلَى
السَّمَاء، وَالله أعلم بِمَا أَرَادَ. وَقَالَ الله: {فَإِذَآ
أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} (الحَجّ: 5) أَي:
تحرّكت عِنْد وُقُوع المَاء بهَا للنبات، وربت؛ أَي: انتفخت وعلَتْ.
وَقَالَ اللحياني: مَاء هُزَهِزٌ فِي اهتزازه: إِذا جرى؛ وَقَالَ
الباهليّ فِي قَول الرّاجز:
فورَدَتْ مِثْلَ اليمَانِ الهَزْهَازْ
تَدْفَعُ عَنْ أَعْنَاقِها بالأَعْجَازْ
أَرَادَ إِبِلاً وَردت مَاء هَزْهَازاً كالسيف اليمانيّ فِي صِفَاته،
وَقيل: الهزهاز: من نعت السَّيْف؛ أَي: وَردت مَاء صافياً كالسيف
الْيَمَانِيّ فِي صفائه. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: بِئْر هُزْهُزٌ: بعيدَة
القعر؛ وَأنْشد:
وفَتَحتْ للعَرْدِ بِئْراً هُزْهُزَا
وَيُقَال: تهزْهَزَ إِلَيْهِ قلبِي؛ أَي: ارْتَاحَ وهشّ؛ وَقَالَ
الرَّاعِي:
إِذا فَاطَنَتْنَا فِي الحَدِيث تَهَزْهَزَتْ
إِلَيْهَا قُلُوبٌ دُوْنَهُنَّ الجَوانحُ
وهِزَّانُ: قَبيلَة مَعْرُوفَة.
(بَاب الْهَاء والطاء)
(هـ ط)
هط، طه: (مستعملان) .
هطّ: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الهُطُطُ:
الهلْكى من النَّاس. والأهطُّ: الْجمل الْكثير الْمَشْي، الصبورُ
عَلَيْهِ؛ والناقة هَطَّاءُ.
طه: قَالَ اللَّيْث: الطَّهْطَاهُ: الْفرس الفتيُّ الرائع. قَالَ:
وبلغنا فِي تَفْسِير طَهْ مجزومة أَنه بالحبشية يَا رجل. قَالَ وَمن
قَرَأَ (طَاهَى) فهما حرفان من الهجاء. قَالَ: وبلغنا أَن مُوسَى لما
سمع كَلَام الرَّب استفزّه الخوفُ حَتَّى قَامَ على أَصَابِع قَدميه
خوفًا، فَقَالَ اللَّهُ (طَهْ) أَي: اطمئن. وَقَالَ الفرّاء: طَهْ: حرف
هجاء. قَالَ: وَجَاء فِي التَّفْسِير: طه يَا رجل يَا إِنْسَان. قَالَ
وحَدثني قيس عَن عَاصِم عَن زِرَ قَالَ: قَرَأَ رجل على ابْن مَسْعُود
(طَهْ) فَقَالَ لَهُ عبد اللَّهِ (طِهِ) فَقَالَ الرجل أَلَيْسَ أُمِرَ
أَنْ يَطَأَ قدمه؟ فَقَالَ لَهُ عبد اللَّهِ: هَكَذَا أقرأنِيها رسولُ
اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ الْقُرَّاء: وَكَانَ الْقُرَّاء
يقطعهَا (طَ هَ) . وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن اليزيدي عَن أبي حَاتِم
قَالَ: طَهَ: افتتاحُ سورةٍ ثمَّ استقبلَ الكلامَ فَقَالَ للنبيّ صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم {ُمَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ
لِتَشْقَى} (طاه: 2) . وَقَالَ قَتَادَة: طَهَ، بالسُّرْيَانيَّة: يَا
رجل. وَقَالَ سعيد بن جُبَير وَعِكْرِمَة: هِيَ بالنَّبَطِيّة: يَا
رجل. وَقَالَ الْكَلْبِيّ: نزلت بلغَة عَكّ يَا رجل. وَرُوِيَ ذَلِك
عَن ابْن عَبَّاس: قلت: وَالْعَمَل على أَنَّهُمَا حرفا هجاء مثل
{أَلَمْ} (البَقَرَة: 1) .
(بَاب الْهَاء وَالدَّال)
(هـ د)
هد، ده: مستعملان.
هدّ: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يَقُول:
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الهَدّ والهَدَّةِ) . قَالَ شمر: قَالَ
أَحْمد بن غياث المروزيّ: الهَدَّةُ: الخُسوفُ، والهَدّ: الهَدْم.
وَقَالَ
(5/231)
اللَّيْث: الهَدُّ: الهَدْمُ الشَّديد،
كحائط يُهَدُّ بِمرَّة فَيَنْهَدِمُ، وَتقول هَدَّ فِي هَذَا الأمرِ،
وهدّ رُكْنِي: إِذا بلغ مِنْهُ وكسَره. ورُوي عَن بَعضهم أَنه قَالَ:
مَا هَدَّني موتُ أحدٍ مَا هدَّني موت الأقْران. وَقَالَ اللَّيْث:
الهَدَّةُ: صَوت شَدِيد تسمعه من سُقُوط رُكْنٍ وناحية جَبَلٍ. قَالَ:
والهادُّ: صوتٌ يسمعهُ أهل السواحل يَأْتِيهم من قبل الْبَحْر لَهُ
دَوِيٌّ فِي الأَرْض، وَرُبمَا كَانَت لَهُ الزلزلة، ودَوِيُّه
هَدِيدُه؛ وَأنْشد:
دَاعٍ شَدِيدُ الصّوتِ ذُو هَدِيْدِ
وَالْفِعْل مِنْهُ هدَّ يَهِدّ. ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ:
الهَدُودُ: العَقَبَةُ الشاقَّة. والهَدِيدُ: الرجل الطويلُ. وَقَالَ
اللَّيْث: الفَحْلُ يهَدْهِدُ فِي هديره؛ وَأنْشد:
يَتْبَعْنَ ذَا هَدَاهِدٍ عَجَنَّسا
والهُدْهُدُ، مَعْرُوف. وهَدْهَدَتُه: صَوته. قَالَ: والهُدَاهِدُ:
طَائِر يشبه الْحمام؛ قَالَ الرَّاعِي:
كهُدَاهِدٍ كَسَرَ الرُّمَاةُ جَناحَه
يَدْعو بقارِعَةِ الطّريقِ هَدِيلاَ
وَفِي (النَّوَادِر) : يُقَال: يُهَدْهَدُ إليَّ كَذَا، ويُهَدَّى إليّ
كَذَا، ويُسَوَّل إليّ كَذَا، ويُهَدَّى إليَّ كَذَا، ويسول إليَّ
كَذَا، ويُهدَى لِي كَذَا، ويهوّل إليَّ كَذَا ولي، ويُوسوَس إليّ
كَذَا، ويخيّل إليَّ ولي، ويُخَالُ لي كَذَا؛ تفسيرُه: إِذا شُبه
للْإنْسَان فِي نَفسه بِالظَّنِّ مَا لم يُثْبِتْهُ وَلم يَعْقِد
عَلَيْهِ التَّشْبِيه. والتهدُّد والتهديد والتَّهداد، من الْوَعيد.
والهَدْهَدَةُ: تَحْرِيك الأُمّ ولدَها لينام. وَفِي الحَدِيث أَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (جَاءَ شيطانٌ فَحمل بِلَالًا،
فَجعل يُهَدْهِدُه، كَمَا يهدهَدُ الصبيُّ) ، وَذَلِكَ حِين نَام عَن
إيقاظه القومَ للصَّلَاة. وَقَالَ الأصمعيّ: هدّ البناءَ يَهُدُّه
هَدّاً: إِذا كَسره وضعضعه. قَالَ: وَسمعت هادّاً؛ أَي: سَمِعت هَدَّةَ
صَوْتٍ. قَالَ: وَسمعت هَدْهَدَةَ الفحلِ: وَهُوَ هَدِيرهُ. وَسمعت
هَدْهَدَةَ الحمامِ: إِذا سَمِعْتَ دويّ هديرِه. وَيُقَال: لَهَدَّ
الرجلُ: إِذا أُثْنِيَ عَلَيْهِ بالجَلَدِ والشدَّة. قَالَ: وَيَقُول
الرجل للرجل إِذا أوعده: إنّي لَغَير هَدٍ؛ أَي: لغير ضَعِيف. أَبُو
عبيد عَن الأصمعيّ: الهَدّ من الرِّجَال: الضعيفُ. وروى أَبُو
الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الهَدُّ، بِفَتْح الْهَاء:
الرجل القويّ، وأَبَى مَا قَالَه الأصمعيّ، قَالَ: وَإِذا أردْت ذمّه
بالضعف قلت: الهِدّ، بِالْكَسْرِ. وَقَالَ العجّاج:
سَبْياً ونُعْمَى من إِلاهٍ ذِي دِرَرْ
لَا عَصْفَ جَارٍ هَدَّ جَارُ المُعْتَصَرْ
قَوْله: عصفَ جارٍ؛ أَي: لَيْسَ هُوَ من كَسْبِ جارٍ، إِنَّمَا هُوَ من
الله جلّ وعزّ، ثمَّ قَالَ: هَدَّ جارُ المعتصر؛ كَقَوْلِك: هَدَّ
الرجل جَلُدَ الرجل جَارُ المعتصر، أَي: نِعْم جارُ الملجأ. وَقَالَ
شمر: يُقَال رجل هَدٌّ وهُدَادَةٌ، وَقوم هَدَادٌ؛ أَي: جبناء، وَأنْشد
قَول أُميَّة:
فأدْخَله على رَبذٍ يَدَاهُ
بِفِعْلِ الخَيْرِ لَيْسَ مِن الهَدَادِ
وَقَالَ شمر: فَإِذا قلت: مَرَرْت بِرَجُل هَدَّكَ من رجلٍ، فَهُوَ
بِمَعْنى حَسبك، وَهُوَ مدح. وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للرجل مهلا
هَدَادَيْك.
(5/232)
وَقَالَ اللحياني، قَالَ الْكسَائي فِي
قَول الرَّاعِي:
كهُدَاهِدٍ كَسَرَ الرّماةُ جناحَهُ
أَرَادَ بهُدَاهد: تَصْغِير هُدْهُد. قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي:
الهُداهِدُ: الفاختة والورَشانُ والدُّبْسِيّ والهدهد. قَالَ: وَلَا
أعرفهُ تصغيراً، إِنَّمَا يُقَال ذَلِك فِي كلّ مَا هَدَل وهدَرَ.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: الهَديد والغَدِيدُ: الصَّوْت. وَقَالَ
غَيره: استهدَدْتُ فلَانا؛ أَي: استضعفتُه؛ وَقَالَ عديّ بن زيد:
لم أطلُبِ الخُطَّةَ النّبيلَةَ بالْ
قُوّةِ، إِذْ يُسْتَهدَّ طَالِبُها
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للوعيد من وراءُ وراءُ: الفديدُ والهديدُ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: اخْتلفُوا فِي الهَدّ، فَقَالَ الأصمعيّ:
هُوَ الجبان الضَّعِيف. وَقَالَ أَبُو عَمْرو وَابْن الْأَعرَابِي:
الهَدُّ: الرجل الْجواد الْكَرِيم؛ وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
ولي صاحبٌ فِي الغارِ هَدَّكَ صاحبَا
قَالَ: هدَّك صاحباً؛ أَي: مَا أَجلَّه مَا أنبَلَهُ مَا أَعْلَمَه،
يصف ذئْباً. قَالَ: والهِدّ: الجبان الضَّعِيف، وَأنْشد:
لَيْسُوا بِهِدينَ فِي الحروبِ إِذا
تُعْقَدُ فوقَ الحَرَاقِفِ النُطُقُ
دَه: قَالَ اللَّيْث: دَهْ: كلمة كَانَت الْعَرَب تَتَكَلَّم بهَا، يرى
الرجل تأمرَه فَيَقُول لَهُ: يَا فلَان: إلاّ دَهْ فَلَا دَهْ؛ أَي:
إِنَّك إِن لم تثأر بفلان الْآن لم تثأر بِهِ أبدا، قَالَ: وَأما قَول
رؤبة:
وقُوَّلٌ: إِلَّا دَهٍ فَلَا دَهِ
يُقَال إِنَّهَا فارسية حكى قَوْلَ ظِئْرِه. وَقَالَ أَبُو عبيد فِي
بَاب طَالب الْحَاجة يَسألُها فَيُمْنَعُها فيطلبُ غيرهَا. وَمن
أمثالهم فِي هَذَا: (إلاَّ دَهٍ فَلاَ دَهٍ) ، قَالَ: يُضرب للرجل،
يَقُول: أُرِيد كَذَا وَكَذَا، فَإِن قيل لَهُ: لَيْسَ يُمكن ذَاك،
قَالَ: فَكَذَا وَكَذَا. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة بعض هَذَا الْكَلَام
وَلَيْسَ كلُّه عَنهُ. قَالَ: وَكَانَ ابنُ الكلْبيّ يخبر عَن بعض
الكهَّان: أَنه تنافر إِلَيْهِ رجلَانِ، فَقَالُوا، أخْبِرْنَا فِي أَي
شَيْء جئْنَاك؟ فَقَالَ: فِي كَذَا وَكَذَا، فَقَالُوا: إلاّ دَهٍ؛
انْظُر غير هَذَا النّظر، فَقَالَ: إلاّ دَهٍ فَلا دَهٍ، ثمَّ أخْبرهُم
بهَا. وَقَالَ أَبُو عبيد، وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي بيتِ رؤبة:
وقُوَّلٌ إلاّ دَهٍ فَلاَ دَهِ
إِن لم يكن هَذَا فَلَا يكون ذَاك، وَلَا أَدْرِي مَا أَصله؟
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم فِيمَا أكتب ابنَه قَالَ:
وَيُقَال إلاّ دَهٍ فَلَا دهٍ، يَقُول: لَا أَقْبَلُ وَاحِدَة من
الخَصْلتين اللَّتَيْنِ تَعرِضُ. قَالَ: وَفِي كتاب (الْأَمْثَال)
للأصمعي: (إلاّ دَهٍ فَلَا دَهٍ) ، يُرادُ بِهِ إِن لم يكن هَذَا الْآن
فَلَا يكون. وَقَالَ أَبُو زيد: تَقول إلاَّ دَهٍ فَلَا دَهٍ يَا
هَذَا، وَذَلِكَ أَن يُوتَر الرجلُ فَيلقى واتِرَه فَيَقُول لَهُ بعضُ
الْقَوْم: إِن لم تضربْه الْآن فإنّك لَا تضربُه. قلت: وَقَول أبي زيد
هَذَا يدلّ على أَن (دَهٍ) فارسية مَعْنَاهَا الضَّرْب، تَقول للرجل
إِذا أَمرته بِالضَّرْبِ: (دِه) ، رَأَيْته فِي كِتَابه، بِكَسْر
الدَّال. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ نَحوا من قَول
(5/233)
أبي زيد، قَالَ: وَالْعرب تَقول إِلَّا
دَهٍ فَلَا دَهٍ، يُقَال للرجل الَّذِي قد أشرف على قَضَاء حَاجته من
غَرِيم لَهُ أَو من ثَأْره أَو من إكرام صديق لَهُ: إلاّ دَهٍ فَلَا
دَهٍ، أَي: إِن لم تغتنم الفُرصةَ الساعةَ فلست تصادفها أبدا، وَمثله:
(بادِرِ الفُرْصة قبل أَن تكون غُصّة) . أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ فِي
بَاب الْبَاطِل وأسمائِه: دُهْ دِرّينْ سعدَ القيْن. قَالَ:
وَمَعْنَاهُ عِنْدهم الْبَاطِل، وَلَا أَدْرِي مَا أَصله قَالَ: قَالَ
أَبُو عبيد: وأمَّا أَبُو زِيَاد فَإِنَّهُ قَالَ لي يُقَال: دُهْ
دُرَّيْه، بِالْهَاءِ، وَقَالَ الْمُنْذِرِيّ: وجدت بِخَط أبي
الْهَيْثَم دُهْ دُرَّيْن سعدَ الْقَيْن، دُه مَضْمُومَة الدَّال، سعد
مَنْصُوب الدَّال، والقين غير معربٍ، كَأَنَّهُ مَوْقُوف. ورُوي عَن
ابْن السّكيت أَنه قَالَ: الدُّهدُر والدهْدُن: الْبَاطِل، وكأنهما
كلمتان جُعلَتا وَاحِدَة. وَرُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ: قَوْلهم: دُهْ
دُرْ، معرّب، وَأَصله دُه؛ أَي: عشرَة دُرّين أَو دُرّ؛ أَي: عشرَة
ألوان فِي وَاحِد أَو اثْنَيْنِ. قلت: وَقد حكيت فِي هذَيْن المثلين
أَعنِي (إلاّ دَهْ فَلَا دَهْ) . وَقَوْلهمْ: (دَهْ دُرّين) مَا سمعته
وحفظته لأهل اللُّغَة، وَلم أجدْ لَهما فِي الْعَرَبيَّة أَو العجمية
إِلَى هَذِه الْغَايَة أصلا معتَمداً إِلَّا مَا ذكرتُ لأبي زيدِ
وَابْن الأعرابيّ، وَلست على يَقِين ممَّا قَالَا. أَبُو عبيد عَن
الْأَحْمَر قَالَ: الدَّهْداه: صغَار الْإِبِل؛ وأنشدنا:
قد رَوِيَتْ إِلَّا دُهيد هينا
قُلَيصَاتٍ وأُبَيْكِرِينا
قَالَ شمر: وَسمعت ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: رَأيت أخي فِي الْمَنَام،
فَقلت لَهُ كَيفَ رَأَيْت الْآخِرَة؟ فَقَالَ كالدَّهْدَاهِ فِي
الزحام. وَقَالَ وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الدَّهداه، لَا وَاحِد
لَهُ، قَالَ: والدُّهَيْدِهين: صغَار الْإِبِل. أَبُو عبيد عَن أبي
زيد: إِذا كثُر الْإِبِل فَهِيَ الدَّهْدَهَانُ؛ وَأنْشد:
لَنِعْمَ ساقي الدَّهْدَهَانِ ذِي العَدَدْ
وَقَالَ أَبُو الطُّفَيْل: الدهداه: الْكثير من الْإِبِل، جِلَّةً
كَانَت أَو حَوَاشِي؛ وَقَالَ الرّاجز:
إِذا الأُمورُ اصْطَكَّتِ الدّوَاهي
مَارَسْنَ ذَا عَقْبٍ وَذَا بُدَاهِ
يَذودُ يومَ النَّهَلِ الدَّهْدَاهِ
أَي: النهل الْكثير. شمر: دهْدَهْتُ الْحِجَارَة، ودهديتها: إِذا
دحرجتَها فَتَدَهْدَهَ وَتَدَهْدَى؛ وَقَالَ رؤبة:
دَهْدَهْنَ جَوْلاَنَ الحَصَى المُدَهْدَهِ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: دُه: زجر للابل، يُقَال لَهَا فِي زجرها دُه
دُه. وَقَالَ اللَّيْث: الدَّهْدَهَةُ: قذفُك الْحِجَارَة من أَعلَى
إِلَى أَسْفَل دحرجةً؛ وَأنْشد:
يُدَهْدِهْنَ الرُّؤُوسَ كَمَا تُدَهْدِي
حَزَاوِرَةٌ بِأَبْطُحِها الكُرِينَا
قَالَ: حوّل الْهَاء الْآخِرَة يَاء لقرب شبهها بِالْهَاءِ، أَلا ترى
أَن الْيَاء مَدَّة، وَالْهَاء نَفَس. وَمن هُنَالك صَار مجْرى الْيَاء
وَالْوَاو وَالْألف وَالْهَاء فِي رُوِيَ الشّعْر شَيْئا وَاحِدًا،
نَحْو قَوْله:
لِمَنْ طَلَلٌ كالوَحْي عَافٍ مَنَازِلُهُ
فَاللَّام، هُوَ الروي، وَالْهَاء وصل للروي، كَمَا أَنَّهَا لَو لم
تكن لمُدّت اللاّم حَتَّى
(5/234)
تخرج من مَدَّتها وَاو أَو ياءٌ أَو ألفٌ
للوصل، نَحْو: منازِلي منازِلا منازِلُو.
(بَاب الْهَاء وَالتَّاء)
(هـ ت)
هت، ته: (مستعملان) .
هتّ: قَالَ اللَّيْث: الهتُّ: شبه الْعَصْر للصوت، وَيُقَال للبَكْرِ:
يَهِتُّ هَتِيتاً، ثمَّ يكِشُّ كشيشاً، ثمَّ يَهدِرُ: إِذا بَزَل
هديراً. وَيُقَال: للهمز صَوْتٌ مَهْتُوتٌ فِي أقْصَى الْحلق، فَإِذا
رُفهَ عَن الْهَمْز صَار نَفَساً تحوّل إِلَى مخرج الْهَاء، وَلذَلِك
استخفت الْعَرَب إِدْخَال الْهَاء على الْألف المقطوعة، يُقَال: أَرَاق
وهَرَاق وأيْهاتَ وهَيْهَات، وَأَشْبَاه ذَلِك كثير. وَتقول: يَهُتُّ
الإنسانُ الهمْزَةَ هتّاً: إِذا تكلّم بِالْهَمْز. قَالَ: والهتهتة،
أَيْضا تُقال فِي معنى الهَتِيت. قَالَ: والهتهتة والتهتهة، فِي التواء
اللِّسَان عِنْد الْكَلَام. وَقَالَ الْحسن البصريُّ فِي كَلَام لَهُ:
واللَّهِ مَا كَانُوا بالهتَّاتين وَلَكنهُمْ كَانُوا يجمعُونَ
الْكَلَام ليُعْقَلَ عَنْهُم. يُقَال: رجل مِهَتٌّ وهَتَّاتٌ: إِذا
كَانَ مِهْذَاراً كثيرَ الْكَلَام. وَيُقَال فلَان يهُتُّ الحَدِيث
هَتّاً: إِذا سرده وَتَابعه. والسحابة تهُتُّ الْمَطَر: إِذا تابعت
صبَّه، وَالْمَرْأَة تهُتُّ الْغَزل: إِذا تابعت؛ وَقَالَ ذُو
الرُّمَّة:
سُقْيَا مُجَلَّلَة يَنْهَلُّ رَيقُها
مِنْ بَاكِرٍ مُرْثَعِنَّ الوَدْقِ مَهْتُوتِ
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ:
قَوْلهم أسْرع من المُهَتْهِتة، قَالَ: يُقَال: هتّ فِي كَلَامه
وهتْهَتَ: إِذا أسْرع، وَمن أمثالهم: (إِذا وقَفْتَ العير على الرّدْهة
فَلَا تقل لَهُ: هَتْ) ، وَبَعْضهمْ يَقُول: فَلَا تُهَتْهِتْ بِهِ،
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الهتْهَتَةُ: أَن تَزْجُرَهُ عِنْد الشُّرب؛
قَالَ: وَمعنى الْمثل: إِذا أَرَيْتَ الرجل رُشْده، فَلَا تُلِحّ
عَلَيْهِ، فإنّ الإلحاحَ فِي النَّصِيحَة يهجِم بك على الظنَّة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الهتُّ: تمزيق الثَّوْب والعِرض.
والهت: حطُّ الْمرتبَة فِي الْإِكْرَام. والهتُّ: كسر الشَّيْء حَتَّى
يصير رَفَاتاً. والهتُّ: الصبُّ؛ هَتَّ المزَادة وَبَعَّها: إِذا
صَبَّها.
ته: أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: التَّهَاتِهُ: التُّرَّهَات، وَهِي
الأباطيل؛ وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
وَلم يَكُنْ مَا اجتنَيْنَا من مَوَاعِدِها
إِلَّا التَّهَاتِهَ والأُمْنِيَّةَ السَّقَما
وتَهْتَهَ فلانٌ: إِذا ردّد فِي الْبَاطِل؛ وَمِنْه قَول رؤبة:
فِي غائِلات الحائِر المُتَهْتِهِ
وَقَالَ شمر: المُتهته: الَّذِي رُددَ فِي الْبَاطِل. وتُهْ تُهْ: زجر
للبعير، وَدُعَاء لِلْكلْب؛ وَمِنْه قَوْله:
عَجِبْتُ لهَذِهِ نَفَرَتْ بَعِيري
وأصبحَ كَلْبُنا فَرِحاً يَجُولُ
يُحَاذِرُ شَرَّها جَمَلِي وكَلْبِي
يُرَجي خَيْرَها، مَاذَا تَقُولُ؟
يَعْنِي بقوله (هَذِه) ، أَي لهَذِهِ الْكَلِمَة، وَهِي: تُه تُه زجر
للبعير، وَهِي دُعَاء الْكَلْب.
(5/235)
هـ ظ: مهمل
هـ ذ اسْتعْمل من وجهيه: (هذّ) .
هذّ: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: هذّه بِالسَّيْفِ هذّاً: إِذا قطعه.
قَالَ: والهَذُّ: سرعَة القَطْع، وسرعةُ الْقِرَاءَة؛ وَأنْشد:
كَهَذ الأَشَاءَةِ بالمِخْلَبِ
ابْن السّكيت: هذّه وهَذَأَهُ: إِذا قطعه. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي:
إزميلٌ هَذٌّ هَذُودٌ؛ أَي: حادٌّ. قَالَ وَيُقَال: حَجَازَيْكَ
وهَذَاذَيْكَ. قَالَ: وَهِي حُرُوف خِلْقَتُها التَّثْنِيَة لَا
تُغَيَّر. وحَجَازَيْك: أَمَرَه أَن يَحْجزَ بَينهم، وَيحْتَمل أَن
يكون مَعْنَاهُ كُفَّ نفْسَك. قَالَ: وهَذَا ذَيْك يأمُرُه أَن يقطَع
أمرَ الْقَوْم. وَقَالَ غيرُه: هَذَا ذَيْك: أَمَرَه أَن يهذّهم
بِالسَّيْفِ هَذّاً بعد هَذَ؛ وَأنْشد:
ضَرْباً هَذَاذَيْكَ وطَعْناً وَخْضاً
(بَاب الْهَاء والثاء)
(هـ ث)
هثّ: قَالَ اللَّيْث: الهَثْهَثَةُ: انتخال الثَّلْج والبَرَد وعِظَام
القَطْرِ فِي سرعَة. يُقَال: هَثْهَثَ السحابُ بِمَطَرٍ؛ وَأنْشد:
مِنْ كُل جَوْنٍ مُسْبِلٍ مُهَثْهِثِ
قَالَ: والهَثْهَثَة: حِكَايَة بعض كَلَام الألْثغ. قَالَ: وَيُقَال
للوالي إِذا ظلم: قد هَثْهَثَ؛ وَقَالَ العجَّاج:
وأُمَراءُ أَفْسَدُوا فَعَاثُوا
وَهَثْهَثُوا فَكَثُرَ الهَثْهَاثُ
وَيُقَال للراعية إِذا وَطِئَت المَرْعى من الرُطْب حَتَّى يُؤْبَى: قد
هَثْهَثَتْه؛ وَأنْشد الأصمعيّ:
أَنْشَدَ ضَأْناً أَمْجَرَتْ غِثَاثَا
فَهَثْهَثَتْ بَقْل الحِمَى هَثْهَاثَا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الهَثُّ: الْكَذِب، وَرجل هثَّاثٌ
وهَثْهَاثٌ: إِذا كَانَ كذبه سُمَاقاً. وَقَالَ الأصمعيّ: الهَثْهَثَةُ
والمَثْمَثَةُ: التَّخْلِيط، يُقَال أَخذه فَمَثْمَثَهُ: إِذا حرّكه،
وَأَقْبل بِهِ وأَدْبَر. ومَثْمَثَ أَمْرَه وهثهثه؛ أَي: خَلَطَه؛
وَقَالَ الرّاجز:
وَلم يَحُلَّ العَمِسَ الهَثْهَاثَا
(بَاب الْهَاء وَالرَّاء)
(هـ ر)
هر، ره: (مستعملان) .
هَرّ: قَالَ اللَّيْث: الهِرَّةُ: السنَّوْرَةُ، والهِرُّ: الذَّكَرُ.
قَالَ: وَيجمع الهِرُّ هِرَرَةً، وَتجمع الهِرة هِرَاراً. والهَرِيرُ:
دُونَ النُّبَاح، تَقول: هَرَّ إِلَيْهِ، وهرَّه. وَبِه يشبَّهُ نظر
الكُمَاةِ بعضِهم إِلَى بعضٍ، وَفُلَان هرّهُ النَّاس؛ أَي: كَرِهُوا
ناحيته؛ وَقَالَ الْأَعْشَى:
أَرَى النَّاسَ هَرُّونِي وشُهرَ مَدْخَلِي
فَفِي كُل مَمْشىً أَرْصَدَ النَّاسُ عَقْرَبَا
وهرَّ الشوكُ هرَّاً: إِذا اشْتَدَّ يُبْسُه؛ وَأنْشد:
رَعَيْنَ الشبْرِقَ الرّيَّانَ حَتَّى
إِذا مَا هَرَّ وامتَنَعَ المَذَاقَا
قَالَ: والهُرهُور: الْكثير من المَاء وَاللَّبن إِذا حَلَبْتَ سَمِعت
لَهُ هَرْهَرَةً؛ وَأنْشد:
سَلْمٌ تَرَى الدَّالِي مِنْهُ أَزْوَرَا
إِذا يَعُبُّ فِي السَّرِي هَرْهَرَا
قَالَ: والهَرْهَرَةُ والغرغرة، يُحكى بِهِ بعض أصوات الْهِنْد والميد،
وهم جنس من
(5/236)
السودَان، عِنْد الْحَرْب. وَأَخْبرنِي
الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب أَنه قَالَ فِي قَوْلهم: فلَان مَا يعرف
هِرّاً من بِرَ. قَالَ خَالِد: الهِرّ: السنَّوْر، والبِرّ: الجُرَذُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: لَا يعرف هارّاً من بارّاً لَو كتبت لَهُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَا يعرف الهرهرة من البَرْبَرة، والهرهرة:
صَوت الضَّأْن، والبربرة: صَوت المِعْزَى. وَقَالَ الْفَزارِيّ:
البِرُّ: اللطف، والهِرُّ: العقُوق، وَهُوَ من الهرير. ثَعْلَب عَن
ابْن الْأَعرَابِي: هَرَّ بِسَلْحِه، وهَكَّ بسَلْحِه: إِذا رمى بِهِ،
وَبِه هُرَارٌ: إِذا اسْتطْلقَ بطْنهُ حَتَّى يَمُوت. أَبُو عبيد عَن
الْكسَائي والأموي: من أَدْوَاءِ الْإِبِل الهُرارُ، وَهُوَ استطلاق
بطونها. وَقَالَ يُونُس: الهِرُّ: سَوْقُ الغَنَم، والبِرُّ: دُعَاء
الْغنم. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الهِرُّ: دُعَاء
الْغنم إِلَى الْعلف، والبرُّ: دعاؤها إِلَى المَاء. أَبُو عبيد عَن
الْأمَوِي: هرهرْتُ بالغنم: إِذا دعوتَها. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي:
البِرُّ: الْإِكْرَام، والهِرُّ: الْخُصُومَة. قَالَ: وَيُقَال
للكانُونَيْن: هما الهَرّارَانِ، وهما شيْبَانُ ومِلْحَانُ. أَبُو نصر
عَن الْأَصْمَعِي: الهُرور والهُرْهُور: مَا تساقط من الحَبّ فِي أَصل
الْكَرم. قَالَ: وَقَالَ أَعْرَابِي: مَرَرْت على جَفْنَة وَقد تحرّكتْ
سُرُوغُها بقطوفها، فَسَقَطت أَهْرَارُها فأكلْتُ هُرْهُورةً، فَمَا
وقعتْ وَلَا طارتْ. قَالَ الأصمعيّ: الجفْنةُ: الكَرْمَةُ، والسُّروغُ:
قضبان الْكَرم، واحدُه سَرْغٌ، رَوَاهُ بِالْعينِ، والقطوف: العناقيد.
قَالَ: وَيُقَال لما لَا ينفع مَا وَقَع وَلَا طارَ. ابْن السّكيت:
يُقَال للناقة الهَرِمة: هِرْهِرٌ، وَقَالَ النَّضر: الهِرْهِرُ:
النَّاقة الَّتِي تلفظ رَحمهَا الماءَ من الكِبَر فَلَا تَلْقَح،
والجميع الهَرَاهِرُ، وَقَالَ غَيره: هِيَ الهِرْشَفَّة والهِرْدَشة
أَيْضا. وَقَالَ الفرّاء: هَرّ الكلبُ يَهِرُّ، وهَرَرْتُه؛ أَي:
كرِهْتُه، أَهُرُّه وأَهِرّه، بِالضَّمِّ وَالْكَسْر. وَقَالَ ابْن
الْأَعرَابِي: أَجِدُ فِي وَجهه هَرّةً وهَرِيرَةً؛ أَي: كراهِيَةً.
وَيُقَال مَرْمَرَهُ وهَرْهَرَه: إِذا حرّكه. وَقَالَ شمر: من أَسمَاء
الحيّات القُزَّةُ والهِرْهِيرُ. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هرّ
يَهَرّ: إِذا سَاءَ خُلُقه، وهرّ يَهر: إِذا أكل الهَرُور، وَهُوَ مَا
يتساقط من حَبّ الكرْم. وهَرْهَرَ: إِذا تَعَدَّى.
ره: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: رَهْرَهَ مائدتَه: إِذا وسّعها سخاءً
وكرماً. والرَّهَّة: الطست الْكَبِيرَة. والسراب يتَرهْرَهُ
ويترَيَّهُ: إِذا تتَابع لمعانُه. وَقَالَ اللَّيْث: الرَّهْرَهَةُ:
حُسْن بصيص لون الْبشرَة، وَأَشْبَاه ذَلِك. وطَسْتٌ رَحْرَحٌ
ورَهْرَهَةٌ ورَحْرَاحٌ ورَهْرَاءٌ: إِذا كَانَ وَاسعاً قريب القعر.
(بَاب الْهَاء وَاللَّام)
(هـ ل)
هَل، لَهُ، (لهله) (مستعملة) .
هَلْ، لَهُ: قَالَ ابْن السّكيت: إِذا قيل لَك: هَلْ لَكَ فِي كَذَا
وَكَذَا؟ قلتَ: لي فِيهِ، وإنّ لي فِيهِ، وَمَا لي فِيهِ. وَلَا تقل:
إِن لي فِيهِ هلاًّ. والتأويل: هَل لَك فِيهِ حاجةٌ، فحذفت الحاجةُ
لمَّا عُرفَ الْمَعْنى، وحَذَف الرادُّ ذِكر الْحَاجة، كَمَا حذفهَا
السَّائِل. وَقَالَ اللَّيْث: هَلْ خَفِيفَة: استفهامٌ.
(5/237)
وَتقول: هَل كَانَ كَذَا وَكَذَا؟ وَهل لَك
فِي كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: وَقَول زُهَيْر:
أَهَلْ أَنْتَ وَاصِلُه
اضطرار، لِأَن هَل حرف اسْتِفْهَام، وَكَذَلِكَ الْألف، وَلَا يستفهَم
بحرفي اسْتِفْهَام. وَقَالَ الْخَلِيل لأبي الدُّقَيْش: هلْ لكَ فِي
الرُّطَبِ؟ قَالَ: أَشَدُّ هَلْ وأوْحَاه، فخفَّف، وَبَعض يَقُول:
أشدُّ الهلّ وأوحاه بتثقيل. وَيَقُول: كل حرف أداةٍ إِذا جعلت فِيهِ
ألفا ولاماً صَار اسْما فقوّي وثُقل، كَقَوْل الشَّاعِر:
إِن لَيْتًا وإنَّ لَوَّا عَنَاءُ
قَالَ الْخَلِيل: إِذا جَاءَت الْحُرُوف الليّنة فِي كلمة نَحْو لَوْ
وأشبها وأشباهها ثُقلت، لِأَن الْحَرْف اللين خَوَّارٌ أجوف، لَا بُد
لَهُ من حَشْوٍ يُقَوَّى بِهِ إِذا جُعِل اسْما. قَالَ: والحروف
الصِّحَاح القوية مستغنيةٌ بِجُرُوسها لَا تحْتَاج إِلَى حشوٍ فَتتْرك
على حَالهَا.
سَلمَة عَن الفرّاء (هَل) قد تكون جَحْداً وَتَكون خَبراً. قَالَ:
وَقَول الله: {} (الإنسَان: 1) من الخَبَر، مَعْنَاهُ: قَدْ أَتَى على
الْإِنْسَان حِينٌ من الدَّهْر. قَالَ: والجَحْدُ أَن تَقول: هَل زلت
تَقوله، بِمَعْنى مَا زلت تَقوله. قَالَ: فيستعملون هَل، تَأتي
استفهاماً، وَهُوَ بَابهَا، وَتَأْتِي جحداً مثل قَوْله. وهَلْ يقدر
أحدٌ على مثل هَذَا. قَالَ: وَمن الْخَبَر قَوْلك للرجل: هَلْ
وَعَظْتُك؟ هَل أعطيْتُك؟ تُقَرره بأنّك قد وعَظْتَه وأعطيْتَه. حُكِيَ
عَن الكسائيّ أَنه قَالَ: تَقول: هَلْ زِلْتَ تَقوله، بِمَعْنى مَا
زِلْتَ تَقوله، قَالَ: فيستعملون هَلْ بِمَعْنى مَا. قَالَ: وَيُقَال:
مَتى زِلْتَ تَقول ذَلِك وَكَيف زلت؛ وَأنْشد:
وهَلْ زِلْتُم تَأوِي العَشِيرَةُ فيكُم
وتُنْبِتُ فِي أكنافِ أبْلَح خِضْرِمِ
وَقَالَ الفرّاء: وَقَالَ الْكسَائي: هلْ تَأتي استفهاماً، وَهُوَ
بَابُها، وَتَأْتِي جَحْداً، مثل قَوْله:
أَلاَ هَلْ أَخُو عَيْشٍ لذيذٍ بدائم
مَعْنَاهُ: أَلا مَا أَخُو عَيْشٍ. قَالَ: وَتَأْتِي شَرْطاً،
وَتَأْتِي بِمَعْنى قد، وَتَأْتِي توبيخاً، وَتَأْتِي أمْراً،
وَتَأْتِي تَنْبِيها، وَقَالَ: فَإِذا زِدْتَ فِيهَا ألفا كَانَت
بِمَعْنى التسكين. وَهُوَ معنى قَوْله (إِذا ذُكِرَ الصالِحُون فحي
هَلاَ بِعُمَرَ) قَالَ: معنى حيّ أسرِعْ بِذكرِهِ، وَمعنى هلا؛ أَي:
اسْكُنْ عِنْد ذكره حَتَّى تَنْقَضِي فضائله؛ وَأنْشد:
وأَيّ حَصَانٍ لَا يُقَالُ لَهَا هَلا
أَي: اسكني للزَّوْج؛ قَالَ: فإِن شدَّدْتَ لامها، فَقلت: هلاَّ،
صَارَت بِمَعْنى اللَّوْم والحضّ، فاللَّوْمُ: على مَا مضى من
الزَّمَان، والحضُّ: على مَا يَأْتِي من الزَّمَان، وَمن الْأَمر
قَوْله جلَّ وعزَّ: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ} (الْمَائِدَة: 91)
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب أَنه قَالَ: حَيَّ هَلْ؛ أَي:
أَقْبِلْ إليّ، وَرُبمَا حذف حيّ فَقيل: هَلاَ إليّ. وَقَالَ الزّجّاج:
إِذا جعلنَا معنى {} (الْإِنْسَان: 1) قد أَتَى على الْإِنْسَان،
فَهُوَ بِمَعْنى ألَمْ يأتِ على الْإِنْسَان حِين من الدَّهْر.
أَخْبرنِي المنذريّ عَن فهمٍ عَن ابْن سَلام قَالَ: سَأَلت سيبويهِ
(5/238)
عَن قَوْله: {فَلَوْلاَ كَانَتْ
قَرْيَةٌءَامَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ}
(يُونس: 98) على أَي شيءٍ نُصِبَ؟ قَالَ: إِذا كَانَ معنى إِلَّا لَكِن
نُصِبَ. وَقَالَ الفرّاء فِي قِرَاءَة أُبيّ (فهلاّ) وَفِي مصحفنا
(فلولا) . قَالَ: وَمَعْنَاهَا أَنهم لم يُؤمنُوا ثمَّ اسْتثْنى قومَ
يُونُس بِالنّصب على الِانْقِطَاع بِمَا قبله. كَأَن قومَ يُونُس
كَانُوا منقطعين من قومِ غيرهِ. وَقَالَ الفرَّاء أيْضاً: لَوْلَا إِذا
كَانَت مَعَ الْأَسْمَاء، فَهِيَ شرطٌ، وَإِذا كَانَت مَعَ
الْأَفْعَال، فَهِيَ بِمَعْنى هلاَّ، لَوْمٌ على مَا مضى وتحضيض لِمَا
يأْتِي. وَقَالَ الزّجّاج فِي قَوْله: {رَبِّ لَوْلا صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم
1764 - أَخَّرْتَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَى أَجَلٍ} (المنَافِقون: 10) مَعْنَاهُ هلاّ.
قَالَ اللَّيْث: تَقول: هَلّ السحابُ بالمطر وانهلّ بالمطر انْهِلالاً؛
وَهُوَ شدَّة انصبابه، ويتهلَّلُ السحابُ ببَرْقه؛ أَي: يتَلأْلأُ،
ويتهلّل الرجل فَرَحاً؛ وَقَالَ زُهَيْر:
تَرَاهُ إِذا مَا جِئْتَهُ مُتَهَللاً
كأَنَّكَ تُعطِيهِ الَّذِي أَنْتَ سَائِلُهْ
قَالَ: والهَلِيلَةُ: الأَرْض الَّتِي استُهِلّ بهَا الْمَطَر، وَمَا
حواليها غيرُ مَمْطُور، قَالَ: والهِلال: غُرَّةُ الْقَمَر حِين
يُهِلُّه النَّاس فِي أول الشَّهْر. تَقول: أُهِلَّ القَمَرُ. وَلَا
يُقَال: أُهِلَّ الهلالُ. قلت: هَذَا غلط. وَكَلَام الْعَرَب: أُهِلَّ
الهِلالُ. وروى أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: أُهِلَّ الْهلَال
واستُهِلّ، لَا غيرُ. وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي:
أَهَلَّ الهلالُ واسْتَهَلَّ وأهلّ الصبيُّ واستَهَلَّ. وَقَالَ:
الشهرُ الهلالُ بِعَيْنِه. وَقَالَ شمر: أُهِلّ الهلالُ واستُهلّ،
قَالَ واستَهَلَّ أَيْضا، وَشهر مستهِلٌّ؛ وَأنْشد:
وَشهر مستهِلٌّ بعدَ شَهْرٍ
وَيَوْم بعده يومٌ قريبُ
قَالَ أَبُو بكر: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: سُمي الهلالُ هلالاً، لِأَن
النَّاس يرفعون أَصْوَاتهم بالإخبار عَنهُ. وأَهَلَّ الرجلُ واستَهلَّ:
إِذا رفع صَوته؛ وَقَول الشَّاعِر:
غيرَ يَعْفُورٍ أَهَلَّ بِهِ
جَابَ دَفَّيْه عَن القَلْبِ
قيل فِي الإهلال: إِنَّه شَيْء يَعْتَرِيه فِي ذَلِك الْوَقْت يخرج من
جَوْفه شبيهٌ بالعُواء الْخَفِيف، وَهُوَ بَين العواء والأنين،
وَذَلِكَ من حاق الحِرْص وشدّة الطّلب وَخَوف الفَوْتِ. وانهلّت
السَّمَاء مِنْهُ يَعْنِي كلبَ الصَّيْد إِذا أُرسل على الظّبْي
فَأَخذه. أَبُو زيد: استهلَّت السَّمَاء فِي أول الْمَطَر، وَالِاسْم
الهلَلُ. وَقَالَ غَيره: هَلَّ السحابُ: إِذا قطَرَ قَطْراً لَهُ صوتٌ،
وأهَلَّه اللَّهُ، وَمِنْه انْهِلاَلُ الدمع وانْهِلالُ الْمَطَر.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم قَالَ: يسمّى الْقَمَر
لِلَيْلَتَيْن من أَوَّل الشَّهر هِلاَلاً، ولليلتين من آخر الشَّهْر
لَيْلَة ستّ وَسبع وَعشْرين هلالاً. ويسمّى مَا بَين ذَلِك قَمَراً،
وَيُقَال: أَهْلَلْنَا الهِلاَل واستهلَلْنَاه. وَقَالَ اللَّيْث:
المُحْرِم يُهِلُّ بِالْإِحْرَامِ: إِذا أوجب الحُرُم على نَفسه،
تَقول: أَهَلَّ فلانٌ بِعُمْرَة أَو بِحَجَّة؛ أَي: أَحْرَمَ بهَا،
وَإِنَّمَا قيل للإِحرام إِهْلالٌ، لِأَن إحرامهم كَانَ عِنْد إهلال
الْهلَال. قلت: هَذَا غلط إِنَّمَا قيل للْإِحْرَام: هلالٌ لرفع
(5/239)
المُحرم صوتَه بِالتَّلْبِيَةِ. قَالَ
أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ وَغَيره: الإهلالُ: التَّلْبِيَة، وأصل
الإهلال رفْعُ الصَّوْت، وكل شَيْء رافعٍ صوتَه فَهُوَ مُهِلٌّ. قَالَ
أَبُو عبيد: وَكَذَلِكَ قَول اللَّهِ جلّ وعزّ فِي الذَّبِيحَة {وَمَآ
أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (المَائدة: 3) هُوَ مَا ذبح للآلهة،
وَذَلِكَ لِأَن الذَّابِحَ كَانَ يُسَميها عِنْد الذّبْح، فَذَلِك هُوَ
الإهْلاَلُ؛ وَقَالَ النَّابِغَة: يذكر دُرّةً أخرجهَا غَوَّاصُها من
الْبَحْر:
أَو دُرَّةٍ صَدَفيةٍ غَوَّاصُها
بَهِجٌ مَتَى يَرَهَا يُهِلَّ ويَسْجُدِ
يَعْنِي بإهلاله رفعَه صوتَه بالدعاءِ وَالْحَمْد لِلَّهِ إذَا رَآهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: وَكَذَلِكَ الحديثُ فِي استهلال الصبيّ إِذا وُلد
لم يَرِثْ وَلم يُورَثْ حَتَّى يستهلَّ صَارِخًا، وَذَلِكَ أَنه
يُسْتَدَلُّ على أَنه وُلِدَ حيّاً بِصَوْتِهِ؛ وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
يُهِلُّ بالفَرْقَدِ رُكْبَانُها
كَمَا يُهِلُّ الرّاكِبُ المُعْتَمِرْ
وَقَالَ اللَّيْث: قَالَ أَبُو الْخطاب: كل متكلّمٍ رافعٍ الصوتَ أَو
خافضِه فَهُوَ مُهل ومُسْتَهِلّ؛ وَأنْشد:
وأَلْفَيْتُ الخُصُومَ وَهُمْ لَدَيْهِ
مُبَرْشِمَةً أَهلُّوا يَنْظُرونا
قلت: وَالدَّلِيل على صِحَة مَا قَالَه أَبُو عبيد، وَحَكَاهُ عَن
أَصْحَابه، قَول السَّاجِع عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
حِين قضى فِي الْجَنِين الَّذِي أسقطته أمّه مَيتا بغُرَّة، فَقَالَ:
أَرَأَيْت من لَا شَرِبَ وَلَا أَكَل، وَلَا صَاحَ فاستَهَلّ، مثل دَمه
يُطَل، فَجعله مُسْتَهِلاًّ بصياحه عِنْد الْولادَة. وَقَالَ اللَّيْث:
يُقَال للبعير إدا استَقْوَس وحَنَى ظَهره والتزق بطنُه هُزَالاً،
وإحناقاً: قد هُللَ الْبَعِير تهليلاً؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
إِذا ارفَضَّ أطرافُ السيَاطِ وهُللَتْ
جُرُومُ المَطَايا عذَّبَتْهُنّ صَيْدَحُ
وَمعنى هُللت؛ أَي: انحنت حَتَّى كأنّها الأَهِلّة دِقة وضُمْراً.
وَقَالَ اللَّيْث: الهَلَلُ: الفَزَعُ. يُقَال: حَمَل فِي هَلَل، إِنْ
ضرب قِرْنه. وَيُقَال: أحجم عنّا هَلَلاً؛ قَالَه أَبُو زيد. وَقَالَ:
مَاتَ فلَان هَلَلاً ووَهَلاً؛ أَي: فَرَقاً. وَقَالَ أَبُو عبيد:
التهليل: النُّكُوص؛ وَقَالَ كَعْب بن زُهَيْر:
وَمَا بِهِمْ عَنْ حِياضِ الموتِ تَهْلِيلُ
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: لَيْسَ شَيْء
أجرأَ من النمرِ. وَيُقَال: إِن الْأسد يُهلل ويكلّل، وَإِن النمر
يُكَللُ وَلَا يُهَللُ. قَالَ: والمهلّل: الَّذِي يحمل على قِرْنه ثمَّ
يجبن فينثني وَيرجع، يُقَال: حَمَلَ ثمَّ هلّل، والمكلل: الَّذِي يحمل
فَلَا يرجع حَتَّى يَقع بِقرنه؛ وَقَالَ الرَّاعِي:
قَوْمٌ على الإسلامِ لمّا يَمْنعَوا
ماعُونَهُمْ ويُهلّلوا تَهْلِيلاً
أَي: لما يُهَلَلّوا؛ أَي: لمّا يرجِعوا عمَّا هم عَلَيْهِ من
الْإِسْلَام، من قَوْلهم: هَلّلَ عَن قِرْنه وكَلَّس. قلت: أَرَادَ لما
يُضَيعوا شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهُ، وَهُوَ رفع الصَّوْت
بِالشَّهَادَةِ. هَذَا على قَول من رَوَاهُ (ويضيعوا التهليلا) .
وَقَالَ اللَّيْثُ: التهليل: قَول لَا إِلَه إلاّ اللَّهُ، قلت: وَلَا
(5/240)
أَرَاهُ مأخوذاً إِلَّا مِنْ رفع قائِله
بِهِ صوتَه. وَقيل: هُوَ مَأْخُوذ من حُرُوف لَا إِلَه إِلَّا اللَّهُ.
قلت: وَهَذَا أَوْلَى بقول الرّاعي من التهليل بِمَعْنى النكوص إِذا
رُوِيَ (ويضيّعوا التهليلا) . وَقَالَ اللَّيْث: الهِلاَل: الحيَّةُ
الذَّكَر. قلت: الْهلَال، عِنْد الْعَرَب: الحيّة ذكرا كَانَ أَو غيرَ
ذكرٍ، كَذَلِك قَالَ ابْن الْأَعرَابِي؛ وَأنْشد:
فِي نَثْلَةٍ تَهْزَأُ بالنصال
كأَنَّها من خِلَع الهِلالِ
يصِفُ دِرْعاً، شبَّهها فِي صفائِها بِسَلْخِ الحيَّةِ. وهزؤها
بالنصال: ردُّها إيّاها. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الهلالُ، أَيْضا:
مَا يبْقى فِي الحوضِ من المَاء الصافي. قلت: وَقيل لَهُ هلالٌ، لأنّ
الغدير إِذا امْتَلَأَ من المَاء اسْتَدَارَ، وَإِذا قَلَّ مَاؤُهُ
صَار الماءُ فِي ناحِيَةٍ مِنْهُ فاستقْوَس. قَالَ: والهلال: الغُلام
الحسنُ الوجهِ. وَيُقَال لِلرَّحَى: هِلَال، إِذا انْكَسَرت. وَقَالَ
اللَّيْث: الهَلْهَل: السّمُّ الْقَاتِل، قلت: لَيْسَ كل سُمَ يكون
قَاتلا يُسمى هَلْهَلاً، وَلَكِن الهَلْهَل ضربٌ من السمُوم بِعَيْنِه
يَقْتُل من ذاق مِنْهُ، وإخاله هندياً. وَقَالَ اللَّيْث: الهَلْهلة:
سخافة النسج. ثوبٌ مُهَلْهَلٌ. قَالَ: والمهلهَلة من الدروع: أرْدؤها.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر قَالَ: اللهَلَهُ والنّهْنَهُ: الثَّوْب
الرَّقِيق النسجِ. وَقَالَ شمر: يُقَال ثوب مُلَهْلَهٌ ومهلهَلٌ
ومنَهْنَهٌ؛ وَأنْشد:
ومَدَّ قُصَيٌّ وأبْنَاؤُه
عليكَ الظلاَلَ فَمَا هَلْهَلُوا
وَقَالَ شمر فِي كتاب (السِّلَاح) : المُهلْهَلَةُ، من الدروع، قَالَ
بَعضهم: هِيَ الحسنَةُ النَّسْج الرقيقة لَيست بصفيقة. قَالَ:
وَيُقَال: هِيَ الواسعة الحَلَق. قَالَ: وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي:
ثوب لَهْلَهُ النسج؛ أَي: رقيقٌ لَيْسَ بكثيف. وَيُقَال: هلْهَلْتُ
الطَّحِينَ: إِذا نخلته بِشَيْء سخيف، وَقَالَ أُميَّة:
كَمَا تُذْرِي المُهَلْهِلَةُ الطَّحِينا
وَقَالَ النَّابِغَة:
أَتَاكَ بِقْولٍ لَهْلَهِ النَّسْجِ كَاذِبٍ
وَلم يأْتِكَ الحقُّ الَّذِي هُوَ نَاصِعُ
وَقَالَ اللَّيْث: الهُلاَهِلُ، من وصف المَاء: الكثيرُ الصَّافي.
قَالَ: وَيُقَال أنهج الثَّوْب هلهالاً، وَأنْشد شمر قَول رؤبة:
ومُخْفِقٍ من لَهْلَهٍ ولَهْلَهِ
من مهمه يَجْتَبْنَهُ ومَهْمَهِ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللُّهلُه الْوَادي الْوَاسِع.
وَقَالَ غَيره: اللَّهَالِهُ مَا اسْتَوَى من الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: اللُّهلهُ الْمَكَان الَّذِي يضطرب فِيهِ السراب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: اللَّهْلَهُ مَا اسْتَوَى من الأَرْض.
وَقَالَ أَبُو نصر: أهالِيلُ الأمطار، لَا واحدَ لَهَا فِي قَول ابْن
مقبل:
وغَيْثٍ مَرِيعٍ لم يُجَدَّعْ نَبَاتُهُ
وَلَتْهُ أهالِيلُ السماكَيْنِ مُعْشِب
(5/241)
وَقَالَ ابْن الأنباريّ: قَالَ أَبُو
عِكْرِمَة الضَّبِّيّ: يُقَال: هَيْلَلَ الرجلُ: إِذا قَالَ لَا إِلَه
إِلَّا اللَّهُ، وَقد أَخذنَا فِي الهَيْلَلَةِ: إِذا أَخذنَا فِي
التَّهْلِيل. قَالَ أَبُو بكر: وَهُوَ مثل قولِهمْ حَوْلَقَ الرجل
وحَوْقَلَ: إِذا قَالَ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا باللَّهِ؛ وَأنْشد:
فِدَاكَ من الأقوامِ كلُّ مُبَخَّل
يُحَوْلِقُ إمّا سالَهُ العُرْفَ سائلُ
قَالَ: وَقَالَ الْخَلِيل: حَيْعَلَ الرجل إِذا قَالَ: حيّ على
الصَّلَاة، قَالَ: وَالْعرب تفعل هَكَذَا إِذا كثُر استعمالهم
الْكَلِمَتَيْنِ ضمّوا بعضَ حُرُوف إِحْدَاهمَا إِلَى بَعْضِ حُرُوف
الْأُخْرَى، قَوْلهم: لَا تُبَرْقِلْ علينا؛ والبَرْقلة: كَلَام لَا
يتبعهُ فعل، مَأْخُوذ من البَرْقِ الَّذِي لَا مَطَر مَعَه. أَخْبرنِي
المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس، أَنه قَالَ: الحوقلة والبسملة والسبحلة
والهيللة، قَالَ هَذِه الأربعةُ جَاءَت هَكَذَا، قيل لَهُ: فالحمدَلةُ،
فَقَالَ: لَا، وَأَنْكَرَه. ابْن بزرج: هَلال الْمَطَر وهِلالُه، وَمَا
أَصَابَنَا هِلاَل وَلَا بِلال وَلَا طِلاَلٌ. قَالَ وَقَالُوا:
الهِلَلُ للأمطار، وَاحِدهَا هِلَّةٌ؛ وَأنْشد:
مِنْ مَنْعِجٍ جَادَتْ رَوَابِيهِ الهِلَلُ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: انهلّت السَّمَاء: إِذا صبّت، واستهلّت: إِذا
ارتفَع صوتُ وقعها، وَكَأن استهلال الصبيّ مِنْهُ. وَقَالَ أَعْرَابِي:
مَا جاد فلَان لنا بهِلَّةٍ وَلَا بِلّة. وَيُقَال أهَلَّ السيفُ
بفلان: إِذا قطع فِيهِ؛ وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
وَيْلُ أُم خِرْقٍ أَهَلَّ المَشْرَفِيُّ بِهِ
عَلَى الهَبَاءَةِ لَا نِكْسٌ وَلَا وَرِعُ
وهلال الْبَعِير: مَا استقْوَس مِنْهُ عِنْد ضُمْرِه؛ وَقَالَ ابْن
هرمة:
وَطَارِقِ همَ قد قَرَيْتُ هِلاَلَهُ
يَخُبُّ إِذا اعْتَلَّ المَطِيُّ ويَرْسُمُ
أَرَادَ أَنه قد فرَى الهمُّ الطارقُ سير هَذَا الْبَعِير؛ وَأما
قَوْله:
وليستْ لَهَا رِيحٌ وَلَكِن وَدِيقَةٌ
يَظَلُّ بهَا السَّامي يُهِلُّ وَيَنْقَعُ
فالسَّامي الَّذِي يطْلب الصَّيْد فِي الرمضاء، يلبس مِسْحَاتَيْهِ
ويُثِيرُ الظباء من مَكانِسها، رَمِضَتْ تشقّقت أظلافها ويُدْرِكها
السَّامِي فيأخذها بِيَدِهِ، وَجمعه السُّمَاةُ. وَقَالَ الباهليّ فِي
قَوْله: يُهِل: هُوَ أَن يرفَع العطشانُ لِسَانه إِلَى لهاتِه فَيجمع
الرِّيق؛ يُقَال جَاءَ فلَان يُهِلُّ من الْعَطش. والنقْعُ جمع الرِّيق
تَحت اللِّسَان. أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يُقَال للحدَائِد الَّتِي تقم
مَا بَين أحْنَاءِ الرّحال: أهِلَّة، وَاحِدهَا هِلَال. وَقَالَ غَيره
هِلاَل النَّوْءِ: مَا استقْوَسَ مِنْهُ. وَقَالَ اللحيانيّ: هالَلْتُ
الأَجِيرَ مهالَّةً وهِلاَلاً: إِذا استأجَرْته من الْهلَال إِلَى
الْهلَال بِشَيْء مَعْلُوم. أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: هَلْهَلْتُ
أُدْرِكُه؛ أَي: كنتُ أدْركهُ. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الهلْهَلَةُ:
الِانْتِظَار والتأنّي. وَقَالَ الأصمعيّ فِي قَول حَرْمَلة بن حَكِيم:
هَلْهِلْ بِكَعْبٍ بَعْدَما وقَعَتْ
فوقَ الجَبِين بِسَاعدٍ فَعْمِ
قَالَ: هَلْهِلْ بكعبٍ؛ أَي: أمهله بَعْدَمَا وَقعت بِهِ شَجَّةٌ على
جَبينه. وَيُقَال: هَلْهَلَ
(5/242)
فلَان شِعْره: إِذا لم يُنَقحْه، وأرسله
كَمَا حَضَره، وَكَذَلِكَ سمي الشاعرُ مهلهِلاً. وَقَالَ شمر:
هلْهَلْتُ: تَلَبَّثتُ وتنظَّرْتُ قَالَ: وَسمي مهلهل مهلهلاً بقوله
لزهير بن جَناب:
لمّا توغَّلَ فِي الكُرَاعِ هَجِينُهُم
هَلْهَلْتُ أثأَرُ جَابِراً أَو صِنْبِلا
أَخْبرنِي بِهِ أَبُو بكر عَنهُ. وَيُقَال: أهَلَّت أَرض بِعَالمها:
إِذا ذكرت بِهِ؛ وَقَالَ جرير:
هَنِيئًا للمدينةِ إذْ أَهلَّتْ
بأهلِ العِلْمِ أبدأ ثمَّ عادا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال لنسج العنكبوت: الهَلَلُ والهَلْهَلُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: هلَّ: إِذا فَرح، وهلّ: إِذا صَاح.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: هَلَّ يَهُل: إِذا فَرح، وهلَّ يَهِلُّ: إِذا
صَاح. وَبَنُو هِلَال: قَبيلَة من الْعَرَب.
(بَاب الْهَاء وَالنُّون)
(هـ ن)
(هن، نه: مستعملان) .
هن: قَالَ اللَّيْث: هَنٌ: كلمة يُكْنَى بهَا عَن اسْم الْإِنْسَان،
كَقَوْلِك أَتَانِي هَنٌ، وأتَتْنِي هَنَهْ، النُّون مَفْتُوحَة فِي
هَنَهْ، إِذا وقفت عِنْدهَا لظُهُور الْهَاء، فَإِذا أدرجتها فِي
كَلَام تصلها بِهِ سكَّنتَ النُّون، لِأَنَّهَا بُنِيَتْ فِي الأَصْل
على التسكين، فَإِذا ذهبت الْهَاء وَجَاءَت التَّاء حسن تسكين النُّون
مَعَ التَّاء؛ كَقَوْلِك: رَأَيْت هَنْتَ مقبلةً، لم تصرفها لِأَنَّهَا
اسْم معرفَة للمؤنث. وهاء التَّأْنِيث إِذا سكّن مَا قبلهَا صَارَت
تَاءً مَعَ ألف الْفَتْح؛ لِأَن الْهَاء تظهر مَعهَا، لِأَنَّهَا
بُنِيَتْ على إِظْهَار صرف فِيهَا، فَهِيَ بِمَنْزِلَة الْفَتْح
الَّذِي قبله؛ كَقَوْلِك: الْقَنَاة، الْحَيَاة. وهاءُ التَّأْنِيث
أَصْلُ بنائها من التَّاء، وَلَكنهُمْ فرّقوا بَين تَأْنِيث الْفِعْل
وتأنيث الِاسْم، فَقَالُوا فِي الْفِعْل: فَعَلَتْ، فَلَمَّا جعلوها
اسْما قَالُوا: فعلة، وَإِنَّمَا وقفُوا عِنْد هَذِه التاءِ بِالْهَاءِ
من بَين سَائِر الْحُرُوف لِأَن الْهَاء ألْيَنُ الْحُرُوف الصِّحَاح،
وَالتَّاء من الْحُرُوف الصِّحَاح، فَجعلُوا الْبَدَل صَحِيحا مثلهَا،
وَلم يكن فِي الْحُرُوف حرفٌ أهَشُّ من الْهَاء، لأنّ الْهَاء نَفَسٌ،
قَالَ: وَأما هَنْ فَمن الْعَرَب من يُسَكن، يَجعله كقَدْ وبَلْ،
فَيَقُول: دخلت على هَنْ يَا فَتى، وَمِنْهُم من يَقُول: هَنٌ، فيجريها
مجْراهَا، والتنوين فِيهَا أحسن؛ قَالَ رؤبة:
إِذْ مِنْ هَنٍ قَوْلٌ وقَوْلٌ مِنْ هَنِ
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: كل اسْم على
حَرْفَين فقد حُذِفَ مِنْهُ حَرْفٌ. قَالَ: والهَنُ: اسْم على حرفين
مثل الحِرِ على حرفين. قَالَ وَمن النَّحْوِيين من يَقُول: المحذوفُ من
الهَنِ والهَنَةِ الواوُ، كأنّ أَصله هَنَوٌ، وتصغيره هُنَيٌّ، لمَّا
صغرته حرّكت ثَانِيه ففتحته، وجعلْتَ حُرُوفه ياَء التصغير، ثمَّ
رَدَدْتَ الواوَ المحذوفة، فَقلت: هُنَيْوٌ، ثمَّ أدغمت يَاء التصغير
فِي الْوَاو فجعلْتَها يَاء مُشَدَّدة، كَمَا قُلْنَا فِي أَبٍ وأَخٍ
إِنَّه حذف مِنْهُمَا الْوَاو، وأصلهما أخَوٌ وأبَوٌ. قَالَ: وَمن
النَّحْوِيين
(5/243)
من يَقُول: هَذَا هنوك، للْوَاحِد فِي
الرّفْع، وَرَأَيْت هُنَاكَ، فِي النصب، ومررت بهنيك، فِي مَوضِع
الْخَفْض، مثل رَأَيْت أَخَاك وَهَذَا أَخُوك، ومررت بأخيك، وَرَأَيْت
أَبَاك، ومررت بأبيك، وَهَذَا أَبوك، وَرَأَيْت فَاك، وَهَذَا فوك،
وَنظرت إِلَى فِيك، وَمثلهَا رَأَيْت حماك، ومررت بحميك، وَهَذَا حموك.
قَالَ: وَمن النَّحْوِيين من يَقُول أصل هَنٍ هَنٌّ، وَإِذا صغّر، قيل
هُنَيْنٌ؛ وَأنْشد:
يَا قَاتَلَ اللَّهُ صِبْياناً تَجِيءُ بِهِمْ
أُمُّ الهُنَيْنَيْنِ مِنْ زندٍ لَهَا واري
وأَحَدُ الهُنَينين هُنَين، وتكبير تصغيره هَنٌّ، ثمَّ يُخَفف
فَيُقَال: هَنٌ. قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: وَهَنٌ: كِنَايَة عَن
الشَّيْء يُستفحش ذكره، تَقول: لَهَا هَنٌ؛ تُرِيدُ: لَهَا حِرٌ؛ كَمَا
قَالَ الْعمانِي:
لَهَا هَنٌ مُسْتَهْدَفُ الأركَانِ
أَقْمَرُ تَطْلِيِهِ بِزَعْفَرَانِ
كأنَّ فِيهِ فِلَقَ الرُّمَّانِ
فكنَّى عَن الحِرِ بالَهنِ، فافهمه.
قلت: وأهمل اللَّيْث حروفاً من مضاعف هن، فَلم يذكر مِنْهَا شَيْئا؛
فَمِنْهَا مَا أَقْرَأَنِي الإياديّ عَن شمر لأبي عبيد عَن الأصمعيّ،
قَالَ: الهُنَانَةُ: الشحمة. قَالَ: وَقَالَ شمر: يُقَال: مَا بالبعير
هُنانة؛ أَي: مَا بِهِ طِرْقٌ؛ وَأنْشد قَول الفرزدق:
أَيُفَاتشُونَكَ والعِظَامُ رقيقةٌ
والمُخُّ مُمْتَخَرُ الهُنَانَةِ رارُ
قَالَ شمر: وَسمعت أَبَا حَاتِم يَقُول: حضرت الأصمعيّ، وَسَأَلَهُ
إِنْسَان عَن قَوْله: مَا ببعيري هَانّة وهُنانة، فَقَالَ: إِنَّمَا
هُوَ هُتَاتة بتاءين. قَالَ أَبُو حَاتِم، فَقلت: إِنَّمَا هُوَ هانَّة
وهُنَانَةٌ، وبجنبه أَعْرَابِي، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: مَا الهُتاتة؟
فَقَالَ: لعلّك تُرِيدُ الهُنَانَة، فَرجع إِلَى الصَّوَاب، قلت:
وَهَكَذَا سمعته من الْعَرَب، الهُنانة بالنُّون، للشحم. وَقَالَ
غَيره: يُقَال: هَنَّ وحَنَّ وأَنَّ؛ وَهُوَ: الهَنِينُ والحَنِينُ
والأَنِينُ، قريب بعضُها من بعض؛ وَأنْشد:
لَمَّا رأى الدَّارَ خَلاءً هَنَّا
بِمَعْنى حنّ؛ أَي: بَكَى، يُقَال: هَنَّ الرجل يهن: إِذا بَكَى؛ أَي:
حن، أَو أنّ، وَيُقَال: الحنين أرفع من الأنين؛ وَقَالَ الآخَرُ:
لَا تَنْكِحْنَ أبدا هَنّانَهْ
عُجَيزاً كأنَّها شَيْطَانَهْ
يُرِيد بالهنَّانة الَّتِي تبْكي وتَئِنّ. أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو:
يُقَال: اجْلِس هَهُنَا؛ أَي: قَرِيبا، وتنحَّ هَهُنَا؛ أَي: أبعد
قَلِيلا. قَالَ: وهَهُنَّا أَيْضا، تَقوله قيس وَتَمِيم: قلت: وَسمعت
جمَاعَة من قيس يَقُولُونَ: اذْهَبْ هاهُنَّا، بِفَتْح الْهَاء، وَلم
أسمَعْها بِالْكَسْرِ من أحد؛ أنْشد ابْن السّكيت:
حنَّتْ نَوَارُ ولاتَ هَنَّا حَنَّتِ
وَبَدا الَّذِي كَانَت نوارُ أَحنَّتِ
أَي: لَيْسَ هَا هُنَا موضعُ حَنِينٍ، وَلَا فِي موضعِ الحنين حنَّتْ؛
وَأنْشد لبَعض الرّجاز:
(5/244)
لما رأيْتُ مَحْمِلَيها هَنّا
مُحَذرين كِدْتُ أَن أُجَنَّا
قَوْله: هَنّا؛ أَي: هَا هُنَا، يغلط بِهِ فِي هَذَا الْموضع. سلمةُ
عَن الفرّاء قَالَ: من أمثالهم: (هَنَّا وهَنَّا عَن جمال وَعْوعَهْ) ،
قَالَ هَذَا مثل، كَمَا تَقول: كلُّ شَيْءٍ وَلَا وجَعُ الرَّأْس، وكل
شَيْء وَلَا سيفُ فراشةَ. قَالَ أَبُو المفضّل، وَقَالَ أَبُو
الْهَيْثَم: تَقول الْعَرَب: هَنَّا وهنَّا عَن جمال وَعْوعَهْ،
يَقُول: إِذا سَلِمْتُ أَو سلم فلَان لم أكترث لغيره. قَالَ: وَالْعرب
تَقول إِذا أردْت الْبعد: هَنّا وَهَا هَنّا وَها هَنَّاك. وَإِذا
أردْت الْقرب، قلت: هُنَا وَهَا هُنَا، وَتقول للرجل الحبيب: هَا هُنَا
وَهنا؛ أَي: اقْترب وادْنُ، وَفِي ضِدّه للبغيض: هَا هَنّا وهَنّا؛
أَي: تنحَّ بَعيدا؛ وَقَالَ الحطيئة يُخَاطب أمّه:
فها هَنّا اقعدي عني بَعيدا
أراح اللَّهُ منْكِ العالمينا
وَقَالَ ذُو الرُّمَّة يذكر مفازة بعيدَة الأرجاء:
هَنّا وهَنّا وَمِنْ هَنّا لَهُنَّ بهَا
ذاتَ الشمائلِ والأيمان هَيْنُومُ
وَقَالَ شمر: أنشدنا ابْن الأعرابيّ للعجّاج:
وكانتِ الحياةُ حِين حيّت
وذِكْرُها هَنَّتْ فلاتَ هَنَّتِ
قَالَ: أَرَادَ هَنَّا وهَنَّه، فصيّره هَاء للْوَقْف، فلَان هنت؛ أَي:
لَيْسَ ذَا موضِعَ ذَاك وَلَا حينَه؛ وَمِنْه قَول الْأَعْشَى:
لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرَةَ أم مَنْ
جاءَ مِنها بِطَائِفِ الأَهوالِ
وَرَوَاهُ ابْن السّكيت (وَكَانَت الْحَيَاة حِين حُبَّت) يَقُول
وَكَانَت الْحَيَاة حِين يُحَبّ، وذِكْرُها هَنَّت، يَقُول: وَذكر
الحياةَ هُناك وَلَا هُناك؛ أَي: لِلْيأْس من الْحَيَاة. وَقَالَ:
وتمدح رَجُلاً بالعطاء هَنَّا وهَنَّا وعَلى المَسْجُوح، أَي: يُعطي
عَن يَمِين وشمال وعَلى المسجوح؛ أَي: على القَصْد؛ وَقَالَ ابْن
أَحْمَر:
ثمَّ ارتمينا بقولٍ بينَنَا دُوَلٍ
بَين الهَنَاتَيْنِ لَا جِدًّا ولاَ لَعِبَا
يُرِيد؛ هُنَّ وهُنَّ، ودول مرّة مِنّي وَمرَّة مِنْها، وَتَمام
تَفْسِير لات هَنَّا فِي معتل الْهَاء، لِأَن الْأَقْرَب عِنْدِي أَنه
من المعتل.
نَهْ: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: النَّهْنَهَةُ: الكفّ. تَقول:
نَهْنَهْتُ فلَانا: إِذا زجرَته؛ وَأنْشد:
نَهْنِهْ دُمُوعَكَ إِنَّ مَنْ
يَغْتَرُّ بالحَدَثَانِ عَاجِز
قلت: وَالْأَقْرَب فِيهِ أَن أصل نَهْنه النَّهْيُ، فكرر على حد
المضاعف. أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: النَّهْنَهُ والنَّهْلَهْ:
الرَّقِيق النسج.
(بَاب الْهَاء وَالْفَاء)
(هـ ف)
هف، فه: مستعملان.
هَفّ: فِي (النَّوَادِر) : تَقول الْعَرَب: مَا أَحْسَنَ هِفَّةَ
الورَق ورِقَّتَه، وَهِي إِبْرِدَتُه، وظِلٌّ هَفْهَافٌ: بَارِد.
وَقَالَ اللَّيْث: الهَفِيفُ: سرعَة السّير؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
إِذا مَا نعسنا نَعْسَةً قُلْتُ: غَننا
بِخَرْقاءَ، وارْفَعْ من هَفِيفِ الرَّوَاحِلِ
(5/245)
قَالَ: وَقد هفَّ يَهِف هَفِيفاً. قَالَ
وَمَوْضِع من البَطِيحةِ كثير القَصْبَاء فِيهِ مُخْتَرَق للسُّفُن
يُقَال لَهُ: زُقاق الهَفَّةِ. وَيُقَال لِلْجَارِيَةِ الهيفاءِ:
مُهَفّفَةٌ ومُهَفْهَفَةٌ؛ وَهِي: الخَمِيصةُ البطنِ، الدقيقة الخَصْر؛
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
مُهَفْهَفَةٌ بَيْضَاء غَيْرُ مُفَاضَةٍ
ورُوي عَن عَليّ رَضِي اللَّهُ عَنهُ أَنه قَالَ فِي تَفْسِير قَول
اللَّهِ جلّ وعزّ: {أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ}
(البَقَرَة: 248) قَالَ: لَهَا وجهٌ كوجْهِ الْإِنْسَان، وَهِي بعدُ
ريحٌ هفّافة، يُقَال ريح هفَّافَةٌ؛ أَي: سريعة المَر فِي هبوبها،
وَجَنَاح هفَّافٌ: خفيفُ الطيران؛ وَقَالَ ابْن أَحْمَر يصف الظليم:
ويَلْحَفُهُنَّ هفَّافاً ثَخِينَا
أَي: يُلبسهن جنَاحا، وَجعله ثَخيناً لترَاكُب الريش. وَرجل هَفَّافُ
الْقَمِيص: إِذا نُعِتَ بالخفّة؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّة فِي
لغْزيَّاتِه:
وأَبْيَضَ هَفَّافِ القَميصِ أَخَذْتُهُ
فجِئْتُ بهِ للقَومِ مُغْتصَباً قَسْرَاً
أَرَادَ بالأبيض قلباً تغشَّاه شحْمٌ أَبيض، وقميص الْقلب: غِشاؤُه من
الشَّحْم، وَجعله هفَّافاً لرقته. وَيُقَال: شُهْدَةٌ هِفَّةٌ: لَيْسَ
فِيهَا عسل، وَغَيْمٌ هِفٌّ: لَا مَاءَ فِيهِ؛ وَأما قَول مُزَاحم:
كَبَيْضَةِ أُدْحِيَ بِوعْسِ خَمِيلَةٍ
يُهَفْهِفُهَا هَيْقٌ بِجُؤْشُوشِهِ صَعْلُ
فَمَعْنَى يُهفهفها؛ أَي: يُحَركُها ويَدْفَعُها لتُفْرِخَ عَن
الرَّأْل. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الهَفُّ: الهَازِبَا،
واحدته هَفَّةُ، قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: هُوَ الهِفُّ، بِالْكَسْرِ،
وَقَالَ عمَارَة: يُقَال للهَف: الحُسَاسُ. والهازِبَا: جِنْسٌ من
السّمك مَعْرُوف. وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: هَفْهَفَ الرجل: إِذا كَانَ
مَمْشوق الْبدن، كأنَّه غُصْنٌ يميد. أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو:
اليَهْفُوف: الحديدُ القلبِ. واليأْفُوفُ: الْخَفِيف السَّرِيع. قَالَ:
وَقَالَ الفرَّاء: اليَهْفُوفُ: الأحمق. قلت: وكلّه من الخِفَّة.
فهّ: قَالَ اللَّيْث: الفَهُّ: الرجل العَييُّ عَن حجَّته، وَامْرَأَة
فهَّةٌ. وَقد فهِهْتَ يَا رجل تَفَهُّ. وَرجل فَهٌّ فَهيهٌ. أَبُو عبيد
عَن أبي زيد قَالَ: الفَهُّ: العَيِيُّ الكليلُ اللِّسَان؛ يُقَال
مِنْهُ: جئتُ لحاجةٍ فأفهَّنِي عَنْهَا فلَان حَتَّى فُهِهْتُ: إِذا
نسَّاكها. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أفهَّني عَن حَاجَتي حَتَّى
فَهِهْتُ فَههَاً؛ أَي: شغَلني عَنْهَا حَتَّى نسيتُها. قَالَ:
وفَهْفَهَ الرجلُ: إِذا سقط من مرتبَة عاليةٍ إِلَى سُفْلٍ. وَفِي
حَدِيث أبي عُبَيْدَة بن الجرّاح أَنه قَالَ لعمر حِين قَالَ لَهُ:
ابسُط يدك أُبَايِعْك: مَا رَأَيْت مِنْك فَهَّةً فِي الْإِسْلَام
قَبْلَها، أتبايعني وَفِيكُمْ الصدّيقُ ثانِيَ اثْنَيْنِ؟ قَالَ أَبُو
عبيد: الفَهَّة: مثل السَّقْطَةِ والجَهْلَةِ. وَرجل فَهٌّ وفَهِيهٌ؛
وَأنْشد:
فَلم تَلْقَنِي فَهًّا ولَمْ تُلْفِ حُجَّتِي
مُلَجْلَجةً أبغي لَهَا من يُقِيمُها
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: فَهَّ الرجلُ فِي خُطْبته وحجَّتِه:
إِذا لم يَبْلُغْ فِيهَا وَلم يُشِفها. وَقد فهِهْتَ فِي خطبتك
فَهَاهَةً. قَالَ: وأتيت فلَانا فبيَّنْتُ لَهُ أَمْرِي كُله إلاَّ
شَيْئاً فَإِنِّي فهِهْتُه؛ أَي: نسيتهُ.
(5/246)
(بَاب الْهَاء وَالْبَاء)
(هـ ب)
هَب، بِهِ: (مستعملان) .
هَب: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: هَبَّت الرّيح تَهب هُبُوباً، والنائم
يَهُبُّ هَبًّا. وَالسيف يَهُبُّ؛ إِذا هُزَّ، هَبَّةً. قَالَ: والتيس
يَهِبُّ هَبِيباً للسفاد، والنَّاقَةُ تهِب هِباباً. وَقَالَ الأصمعيّ:
هبَّت الرّيح تَهُبُّ هُبُوباً وهَبِيباً. وهبّ النَّائِم يَهُب
هُبُوباً. وهب التَّيْسُ يَهِب هِباباً: إِذا هاج. وهبَّ السيفُ
هَبَّةً: إِذا قَطَع، وإنَّه لذُو هَبَّةٍ: إِذا كَانَت لَهُ وقْعَةٌ
شَدِيدَة. يُقَال: احذَرْ هَبَّةَ السَّيْف. وثَوْبٌ هَبَايِبُ
وخَبَايِبُ، بِلَا همز فيهمَا: إِذا كَانَ متقطّعاً. والهِبابُ:
النَّشَاط. وَقَالَ شمر: هَبَّ السيفُ: قَطَع. وأهبَبْتُ السيفَ: إِذا
هزَزْتَه، فاهْتَبَّه وهَبَّهُ: إِذا قطعه. قَالَ: وهبَبْتُ الثوبَ:
حزقته، فتهبّب؛ أَي: تخرّق. وثوب أَهْبَابٌ؛ أَي: قِطَعٌ؛ وَقَالَ
أَبُو زُبَيْدٍ:
على جَنَاجِنِه مِنْ ثَوْبِه هِبَبٌ
أَبُو عُبَيْدَة عَن يُونُس يُقَال: هَبّ فلانٌ حِيناً، ثمَّ قَدِم؛
أَي: غَابَ دهْراً، ثمَّ قَدِم. وَأَيْنَ هبَبْتَ عنّا؟ أَي: غِبْتَ
عنّا. أَبُو زيد: غَنِينا بذلك هَبَّةً من الدَّهْر؛ أَي: حِقْبَةً.
وروى النَّضر بن شُمَيْل حَدِيثا، بِإِسْنَاد لَهُ عَن رَغْبانَ،
قَالَ: لقد رأَيْتُ أصحابَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
يَهُبُّون إِلَيْهِمَا، كَمَا يَهُبُّونَ إِلَى الْمَكْتُوبَة؛ يَعْنِي
الرَّكْعتَيْن قبْل الْمغرب. قَالَ النَّضر: قَوْله يَهُبُّون
إِلَيْهِمَا؛ أَي: يَسْعَوْن. أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ:
هَبَّ فلانٌ: إِذا نُبهَ، وهَبَّ: إِذا انْهزَمَ. عَمْرو عَن أَبِيه
قَالَ: هَبْهَبَ: إِذا زجر، وهَبْهبَ: إِذا ذَبَح، وهبْهَبَ: إِذا
انْتَبَه. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الهَبْهبِيُّ:
القَصَّاب؛ قَالَ الأخطل:
على أَنَّها تَهدِي المَطِيَّ إِذا عَوَى
من الليلِ مَمْشُوقُ الذّرَاعينِ هَبْهَبُ
أَرَادَ بِهِ: الخفيفَ من الذئاب. وناقةٌ هَبْهَبِيَّة: سريعة
خَفِيفَة؛ قَالَ ابْن أَحْمَر:
تَمَاثِيلَ قِرْطاسٍ على هَبْهَبيَّةٍ
جلا الكُورُ عَن لَحْمٍ لَهَا مُتَخَددِ
قَالَ: أَرَادَ بالتماثيل كُتباً يكتبونها. وَقَالَ اللَّيْث: هَبْهَبَ
السرابُ هَبْهَبَةً: إِذا ترقرق. قَالَ: والهَبْهَابُ: اسْم من أَسمَاء
السَّرَابِ. قَالَ: ولُعْبةٌ لصبيان الْأَعْرَاب يسمونها: الهَبهَاب.
قَالَ: والهَبْهَبِيُّ: تَيْسُ الْغنم، وَيُقَال: بَلْ رَاعِيها؛
وَأنْشد:
كأنَّهُ هَبْهَبيُّ نامَ عَنْ غَنَمٍ
مُسْتَأْوِرٌ فِي سَوَادِ الليلِ مَذْءُوبُ
بِهِ: عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: بَهَّ: إِذا نَبُلَ وَزَاد فِي جاهه
ومنزلته عِنْد السُّلْطَان. وهَبَّ: إِذا انْتَبه. وَقَالَ ابْن
المظفر: البَهْبَهُ: من هدير الْفَحْل؛ وَأنْشد:
برَجْسِ بَعْبَاعِ الهَدِير البَهْبَهِ
وَيُقَال للأبَح: أبَهُّ. وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ الأصمعيّ: بَخْ
بَخْ، وبَهْ بَهْ للشَّيْء يُتَعَجَّبُ مِنْهُ؛ وَأنْشد:
مَنْ عزَانَي قَالَ: بَهْ بَهْ
سِنْخُ ذَا أَكْرَمُ أَصْلِ
(5/247)
شمر: قَالَ المفضّل الضَّبيّ: يُقَال إِن
حوله من الْأَصْوَات البَهْبَه؛ أَي: الْكثير؛ قَالَ رؤبة:
برَجْسِ بَخْبَاخ الهَدِيرِ البَهْبَهِ
قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: فِي هديره بَهْبَهٌ وبَخْبَخٌ.
وَالْبَعِير يُبَهْبِهُ فِي هديره. وَقَالَ غَيره: يُقَال للشَّيْء
إِذا عُظم: بَخْبَخٌ وبَهْبَهٌ.
(بَاب الْهَاء وَالْمِيم)
(هـ ك)
هم، مَه: (مستعملان) .
هم: قَالَ اللَّيْث: الهَمُّ: مَا هَمَمْت بِهِ من أَمر فِي نَفسك.
تَقول: أهمَّنِي الْأَمر. والمُهِمَّاتُ من الْأُمُور: الشدائِد.
قَالَ: والهَمُّ: الحُزْن. والهِمَّةُ: مَا همَمْتَ بِهِ من أَمر
لتفعله. وَتقول: إنَّه لعَظيم الهِمَّة، وإنّه لصغير الهِمّة. قَالَ:
والهُمَامُ: من أَسمَاء الْمُلُوك لِعظَم هِمَّتِه. وَتقول: لَا
يَكَادُ ولاَ يَهمُّ كَوْداً ولاَ هَمًّا وَلَا مَهَمّةً وَلَا
مَكَادَةً. قَالَ: والهَمِيمُ: دَبِيب هَوَام الأَرْض. والهوامُّ: مَا
كَانَ من خَشَاش الأَرْض، نَحْو العَقارب وَمَا أشبههَا، الْوَاحِدَة
هَامَّةٌ؛ لِأَنَّهَا تَهُمّ أَنْ تَدِبّ. وروى سُفْيان عَن مَنْصُور
عَن المِنْهال بن عَمْرو عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس عَن
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يُعَوذُ الْحسن والحسينَ:
أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَات الله التامَّةِ، من شَرّ كُلّ شيطانٍ
وهَامَّة، وَمن شرّ كلّ عينٍ لامَّة. وَيَقُول: هَكَذَا كَانَ إبراهيمُ
يعوذ إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق صَلى اللَّهُ وسلّم عَلَيْهِم
أَجْمَعِينَ. قَالَ شمر: الهَامَّةُ، واحدةُ الهَوام، والهوامُّ:
الحيَّاتُ، وكلُّ ذِي سم يقتلُ سمُّه. وَأما مَا لَا يَقْتُل ويَسُمّ
فَهِيَ السَّوامُّ، مشدَّدةَ الْمِيم، لِأَنَّهَا تَسُمّ وَلَا تبلغُ
أَن تقتلَ، مثل الزنبورِ والعقربِ وأشباهِها. قَالَ: وَمِنْهَا
القَوَامُّ، وَهِي أَمْثَال القنافد والفأر واليرابيع والخَنَافِس،
فَهَذِهِ قَوَامُّ، وَلَيْسَت بهوامَّ وَلَا سَوَامَّ. والواحدة من
هَذَا كُله هامّةٌ وسامّة وقامَّة. قلت: وَتَقَع الهامّة على غير
ذَوَات السم الْقَاتِل. أَلا ترى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ لكعب بن عُجْرَة: (أَيُؤْذِيك هوامُّ رَأسك) ؟ أَرَادَ بهَا
القملَ، وسمّاها هوامّ، لِأَنَّهَا تَدِبُّ فِي الرَّأْس والجسد،
وتهُمُّ مثلُه. وَيُقَال مَا رَأَيْت هامّةً أكرمَ من هَذِه الدابَّة،
يَعْنِي: الْفرس. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: هَمّ: إِذا
أُغْلِيَ. وهَمّ: إِذا غَلَى. وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي
الْعَبَّاس ثَعْلَب: أَنَّه سُئِلَ عَن قَول اللَّهِ جلّ وعزّ:
{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} (يُوسُف: 24) ، فَقَالَ: همَّتْ
زَلِيخَا بالمعصية مُصِرَّةً على ذَلِك، وهمَّ يوسفُ بالمعصية وَلم
يَأْتِها وَلم يُصِرَّ عَلَيْهَا، فَبين الهَمَّتين فرقٌ. وَقَالَ ابْن
بُزُرْج: الهامّةُ: الحيَّة، والسامَّة: العقربُ. يُقَال للحية قد همّت
الرجلَ، وللعقربِ قد سمّتْه. وَقَالَ اللَّيْث: الانْهِمَامُ: الانهضام
فِي ذوبان الشَّيْء واسترخائه بعد جُمودِه وصلابَتِه، مثلُ الثَّلج
إِذا ذاب تَقول: قد انْهَمّ، وانهمَّت الْبُقُول: إِذا طُبِخَت فِي
القِدْر. قَالَ: والهَامُومُ، من الشَّحْم: كثيرُ الإهَالَةِ. وَقَالَ
ابْن الأعرابيّ: الهَامُومُ: مَا يسيل من الشَّحْمَة إِذا شُوِيَتْ،
وكل شَيْء ذائبٍ يُسمى هَامُوماً؛ وَأنْشد:
(5/248)
وانْهمَّ هامُومُ السَّدِيفِ الواري
قَالَ: وَيُقَال: هَمَّك مَا أَهَمَّك: أَي: أَذَابَكَ مَا أَذَابك.
وَيُقَال: أَهَمَّك مَا أقْلَقَك. وهمّت الشمسُ الثلجَ: أذَابَتْه.
قَالَ وَيُقَال: مَا رَأَيْت هامّةً قطُّ أكرَم مِنْهُ، الميمُ مشدّدة،
يُقَال هَذَا للبعيرِ وللفرَسِ، وَلَا يُقَال لغَيْرِهِمَا. وَقَالَ
أَبُو عبيد فِي بَاب قلَّة اهتمام الرجل بشأن صَاحبه: هَمُّك مَا
همَّك، وَيُقَال: هَمُّكَ مَا أَهَمَّك. جعل مَا نَفْياً فِي قَوْله:
مَا أهَمّك؛ أَي: لم يُهِمَّك. وَيُقَال: معنى مَا أهَمَّك؟ أَي: مَا
أحْزَنَك؟ وَقيل: مَا أَقْلَقَك؟ وَقَالَ ابْن السّكيت: الهمُّ، من
الحُزْنِ. والهمُّ مصدر هَمَّ الشحمَ يَهُمُّه هَمًّا: إِذا أذابه؛
وَأنْشد:
يُهَمُّ فِيهِ القومُ هَمَّ الحَم
والهَمُّ، مصدر: هَمَمْتُ بالشَّيْء هَمًّا. والهِمُّ: الشَّيْخ
الْبَالِي؛ وَأنْشد:
وَمَا أَنا بالهِم الكبيرِ وَلَا الطفْلِ
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: هِمَّ لنَفسك وَلَا
تَهِمَّ لهَؤُلَاء؛ أَي: اطلب لَهَا واحفَلْ. سَلمَة عَن الفرّاء: ذهبت
أَتَهَمَّمُهُ: أنظر أَيْن هُوَ؟ وَقَالَ أَبُو عبيد عَن الفرّاء:
ذهبْتُ أتهمَّمُهُ؛ أَي: أطلبه. وَقَالَ أَبُو عبيد: التَّهمِيمُ:
الْمَطَر الضَّعِيف؛ وَمِنْه قَول ذِي الرُّمَّة:
من لَفْحِ سَارِيَةٍ لَوْثَاءَ تَهْمِيمُ
ابْن السّكيت عَن أبي عَمْرو: الهَمِيمَةُ من الْمَطَر: الشَّيْء
الهيّن. وهُمَامُ الثَّلج: مَا سَالَ من مائِه، إِذا ذاب، وَقَالَ
أَبُو وجزة:
نواصح بَين حَمَّاوَيْنِ أَحْصَنَتَا
مُمنَّعاً كهُمَامِ الَّثلْجِ بالضَّرَبِ
أَرَادَ بالنَّواصحِ: الثَّنَايا البيضَ. وَيُقَال: هَمَامِ بِكَذَا؛
أَي: هُمَّ بِهِ، مثل نَزَالِ. أَبُو عبيد عَن الأَمويّ: يُقَال: لَا
هَمَامِ؛ أَي: لَا أَهُمُّ، وَقَالَ الْكُمَيْت:
عادِلاً غيرَهم من النَّاس طُرَّا
بِهِم لَا هَمَامِ لي لَا هَمَامِ
وَيُقَال: هَمَّ اللبنَ فِي الصحن: إِذا حلبه. وانهَمَّ العَرَق من
جَبينه: إِذا سَالَ. وَقَالَ اللحياني: سَمِعت أعرابيًّا من بني عَامر
يَقُول: نقُول إِذا قِيلَ لنا: أبَقِيَ عنْدكُمْ شيءٌ؟ فَنَقُول:
هَمْهَامِ يَا هَذَا؛ أَي: لم يَبْقَ شيءٌ. وَقَالَ العامري: قلت
لبَعْضهِم: أُبْقِي عنْدكُمْ شَيْء؟ قَالُوا: هَمْهَامِ وحَمْحَامِ
ومَحْمَاحِ وبَحْبَاحِ؛ أَي: لم يبْق شَيْء؛ وَأنْشد:
أَوْلَمْتَ ياخِنَّوْتُ شَرَّ إيلامْ
فِي يومِ نَحْسٍ ذِي عَجْاجٍ مِظْلاَمْ
مَا كَانَ إِلاّ كاصْطِفان الأقدامْ
حَتَّى أتيناهم فَقَالُوا: هَمْهَامْ
أَي: لم يبْق شَيْء. وَقَالَ اللَّيْث: الهَمْهَمَةُ: تردُّدُ الزئير
فِي الصَّدْر من الهمّ والحُزْن. والهَمْهَمَةُ: نحوُ أصواتِ الْبَقر
والفِيَلة وأشباهِ ذَلِك. وَيُقَال للقصب إِذا هزته الرّيح: إِنَّه
لَهُمْهُومٌ. وَيُقَال للحمار إِذا ردّد نَهِيقَه فِي صَدره: إِنَّه
لَهَمْهيمٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّة:
خَلَّى لَهَا سِرْب أُولاَها وهيَّجَهَا
مِنْ خَلْفِها لاحِقُ الصُّقْلَيْن هِمْهِيمُ
(5/249)
وهَمْهَمَ الرّعْدُ: إِذا سمعتَ لَهُ
دوِيًّا. وهَمْهَم الْأسد، وهَمْهَمَ الرجلُ: إِذا لم يَبِن كَلاَمُه.
وَفِي حَدِيث مَرْفُوع (أحب الْأَسْمَاء إِلَى اللَّهِ عبد اللَّهِ
وهَمَّامٌ) ، لِأَنَّهُ مَا من أحد إِلَّا ويَهُمُّ بِأَمْر من
الْأُمُور: رشد أَوْ غَوَى. وَيُقَال: هُوَ يَتَهَمّمُ رأسَه؛ أَي:
يَفْلِيه؛ وَقَالَ الرَّاعِي، فِي الهَمَاهِمِ، بِمَعْنى الهموم:
طَرَفاً فتِلكَ هَمَاهِمِي أَقْرِيهِما
قُلُصاً لَوَاقِحَ كالقِسِي وحُولاَ
عَمْرو عَن أَبِيه: الهَمُوم: النَّاقة الْحَسَنَة المِشْيَةِ،
والقِرْوَاحُ الَّتِي تَعَافُ الشّرْب مَعَ الْكِبَار، فَإِذا جَاءَ
الدَّهْدَاهُ شرِبَتْ مَعَهُنّ.
مَه: قَالَ اللَّيْث: المَهْمَهُ: الخَرْقُ الأملس الْوَاسِع. وَقَالَ
ابْن شُمَيْل: المَهْمَهُ: الفلاة بِعَينهَا، لَا ماءَ بهَا وَلَا
أَنِيس. وَأَرْض مَهَامِهُ: بعيدَة. وَقيل: المَهْمَهُ: الْبَلَد
المُقْفِرُ، وَيُقَال: مَهْمَهَةٌ؛ وَأنْشد:
فِي شبهِ مَهْمَهةٍ كأَنَّ صُوَيَّها
أَيْدِي مُخالِعةٍ تَكُفُّ وتَنْهَدُ
وَقَالَ اللَّيْث: مَهْ: زجْرٌ وَنهي. وَتقول: مَهْمَهْتُ؛ أَي: قلت
لَهُ: مَهْ مَهْ. وَأما مَهْمَا، فَإِن النَّحْوِيين زَعَمُوا أَن أصل
مهما: ماما، وَلَكِن أبدلوا من الْألف الأولى هَاء ليختلف اللَّفْظ. ف
(مَا) الأولى هِيَ مَا الْجَزَاء، وَمَا الثَّانِيَة هِيَ الَّتِي تزاد
تَأْكِيدًا لحروف الْجَزَاء مثل أَيْنَمَا وَمَتى وكيفما، وَالدَّلِيل
على ذَلِك أَنه لَيْسَ شَيْء من حُرُوف الْجَزَاء إلاّ و (مَا) تزاد
فِيهِ. قَالَ اللَّهُ: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِى الْحَرْبِ}
(الأنفَال: 57) الأَصْل إِن تثقفهم: وَقَالَ بعض النَّحْوِيين فِي
مهما: جَائِز أَن يكون مَهْ، بِمَعْنى الكَفّ، كَمَا تَقول مَهْ؛ أَي:
كُفّ، وَتَكون مَا للشّرط وَالْجَزَاء، كَأَنَّهُمْ قَالُوا: اكْفُفْ،
مَا تأتنا بِهِ من آيةٍ، وَالْقَوْل الأول أَقْيَس، قَالَ أَبُو بكر بن
الْأَنْبَارِي فِي مهما: قَالَ بَعضهم: معنى مَهْ: كُفّ، ثمَّ
ابْتَدَأَ مُجازِياً وشارطاً، فَقَالَ: مَا يكن من الْأَمر فَإِنِّي
فَاعل، فَمَهْ فِي قَوْله مُنْقَطع مِنْ (مَا) ، وَقَالَ آخَرُونَ فِي
مهما يكن: مَا يكن، فأرادوا أَن يزِيدُوا على (مَا) الَّتِي هِيَ حرف
الشَّرْط (مَا) للتوكيد كَمَا زادوا على إِن مَا؛ قَالَ اللَّهُ:
{مُّبِينٍ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ}
(الزّخرُف: 41) ، فَزَاد مَا للتوكيد، وكَرِهوا أَن يَقُولُوا (مَا،
مَا) لاتّفاق اللَّفْظَيْنِ فأبدلوا ألفها هَاء ليختلف اللفظان،
فَقَالُوا: (مهما) ، قَالَ: وَكَذَلِكَ (مَهْمَنْ) ، أَصله (مَنْ مَنْ)
؛ وَأنْشد الفرّاء:
أمَاوِيَّ مَهْمَنْ يَسْتمِعْ فِي صَدِيقه
أَقَاوِيلَ هَذَا النَّاس، ماوِيَّ يَنْدَمِ
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ مهما لي:
مَهْمَا لِيَ الليلَةَ مَهْمَا ليَهْ
أَوْدَى بِنَعْلَيَّ وسِربَالِيَهْ
قَالَ: مهما لِي، ومَا لِي واحِدٌ. وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال:
مَهْمَهْتُه فَتَمَهْمَهَ؛ أَي: كففتُه، فكَفَّ. وَقَالَ ابْن السّكيت:
تَقول للرجل: مَهْ، فَإِن وصلْتَ، قلت: مَهٍ مَهْ. وَكَذَلِكَ صَه،
فَإِن وصلت قلت: صَهٍ صَهْ. ابْن بُزُرْج: يُقَال: مَا فِي ذَلِك
الْأَمر مَهْمَهٌ: وَهُوَ الرجا، وَيُقَال مَهْمَهْتُ مِنْهُ مَههَاً.
وَيُقَال: مَا كَانَ لَك عِنْد ضَرْبِكَ
(5/250)
فلَانا مَهَهٌ، وَلَا رويّة. أَبُو عبيد
عَن الْأَحْمَر والفّراء: كل شَيْء مَهَهٌ ومَهَاهٌ. مَا النساءَ
وذكرَهُنّ، مَعْنَاهُمَا حَسَنٌ يسيرٌ إلاّ النساءَ. فنصب على هَذَا.
وَالْهَاء من مَهَةٍ ومَهَاهٍ، ثابتةٌ، كالهاء من مِيَاهٍ وشفاهٍ؛
وَقَالَ عِمران بن حِطّان:
فَلَيْسَ لِعَيْشِنَا هَذَا مَهَاهٌ
وليستْ دَارُنَا الدُّنيَا بدَارِ
وَالْحَمْد لله وَحده.
(5/251)
|