تهذيب اللغة أَبْوَاب الْهَاء وَالْكَاف [/ كت]
هـ ك ج: مهمل.
(هـ ك ش)
(شكه) شكه: يُقَال: شَاكَهَ الشيءُ الشيءَ وشابهَهُ وشاكله، بِمَعْنى
وَاحِد، والمشاكهة المشابهة، وَمن أَمْثَال الْعَرَب قَوْلهم للرجل
المفرط فِي مدح الشَّيْء: شَاكِهْ أَبَا فلَان، أَي قاربْ فِي الْمَدْح
وَلَا تُطْنِبْ وأصلهُ أنَّ رجلا رأى آخرَ يَعْرِضُ فرسا لَهُ على
البيع فَقَالَ لَهُ: أَهَذا فرسُك الَّذِي كنت تصيدُ عَلَيْهِ الوحشَ
فَقَالَ لَهُ شَاكِهْ أَبَا فلَان أَي قاربْ فِي الْمَدْح.
هـ ك ض: مهمل.
هـ ك ص
صهك: أهمله اللَّيْث، وروى عَمْرو عَن أَبِيه: الصُّهْكُ: الْجَوَارِي
السود.
هـ ك س
اسْتعْمل من وجوهه: سَهَكَ.
سهك: قَالَ اللَّيْث السَّهَكُ ريحٌ كريهةٌ تجدُها من الْإِنْسَان إِذا
عَرقَ، تَقول إِنَّه لسَهِكُ الريحِ، قَالَ النَّابِغَة:
سَهِكِينَ من صَدَإ الْحَدِيد كَأَنَّهُمْ
تَحت السَّنَوَّر جِنّةُ البَقَّار
قلت: جعلَ الليثُ السَّهك ريحَ الْإِنْسَان والسَّهَكُ عِنْد الْعَرَب
رائحةُ صدإ الحديدِ، وَمِنْه قَول النَّابِغَة هَذَا: (سَهِكِينَ من
صدإ) وَلَوْلَا لُبسهم الدروعَ الصَّدِئةَ مَا وَصفهم بالسهك. وَقَالَ
اللَّيْث: سَهَكَت الريحُ وسهكت الدَّوابُّ سُهُوكاً وَهُوَ جَرْيٌ
خفيفٌ فِي لِينٍ، وفَرَسٌ مِسْهَكٌ سريعٌ، ويقالُ: سُهوكُها: استنانُها
يَمِينا وَشمَالًا، قَالَ: والسَّاهكةُ أَيْضا: الرياحُ الَّتِي تَسْهك
الترابَ عَن وَجه الأَرْض، وَأنْشد:
بساهكاتِ دُقَقٍ وَجَلْجال
قَالَ: وَتقول سَهِكْتُ العِطْرَ ثمَّ سَحَقتُه فالسهْك كسركَ إيّاه
بالفِهْر ثمَّ تَسْحَقُه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: ريح سَهُوك وسهوجٌ وسَيْهُوكٌ وسيهوجٌ
كلُّه: الشديدُ الهبوبِ، وَقَالَ الْأَعْشَى:
وَحَثَثنَ الْجِمَالَ يَسْهَكْنَ بالبا
عِزِ والأُرجُوَانِ خَملَ القَطيف
أَرَادَ أنهنَّ يَطَأْنَ خَمْلَ القطائفِ حَتَّى يتحاتَّ الخمل.
أَبُو عبيد عَن اليزيدي: بعينِهِ ساهِكٌ مثل العائر، وهما من الرمد،
وَفِي (النَّوَادِر) : وَيُقَال: سُهَاكَةٌ من خَبرَ ولُهَاوَةٌ، أَي
تَعلَّةٌ من الْخَبَر كالكذب.
هـ ك ز
أهمله اللَّيْث.
زهك: وَقَالَ أَبُو زيد: الزَّهِكُ مثل السَّهك وَهُوَ الحَشُّ بَين
حَجَرين، وَزَهَكَت الريحُ الأرضَ وسَهَكتْها بِمَعْنى وَاحِد، قلت:
والرَّهَكُ بالراء: الدقُّ أَيْضا.
هـ ك ط
مهمل الْوُجُوه.
هـ ك د
هكد، كهد، كده، دهك: مستعملة.
أهمل اللَّيْث: هكد.
(6/8)
هكد: وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن
الْأَعرَابِي يُقَال: هَكَدَ الرجلُ، إِذا تشدَّدَ على غريمِه.
دهك: أهمله اللَّيْث: وَقَالَ رؤبة:
رُدّتْ رَجِيعاً بَين أرحاء دُهُكْ
قَالَ أَبُو عَمْرو: الدَّهْكُ الدَّقُّ والطحن وأَرحاؤها أنيابها
وَأَسْنَانهَا.
كهد: قَالَ اللَّيْث: اكوَهَدّ الشيخُ والفرخ: إِذا ارتعد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: كهد إِذا ألَحَّ فِي الطّلب، وأَكْهَدَ
صَاحبه إِذا أَتْعَبه.
وَقَالَ الفرزدق يصف عيرًا وأتانَه:
موَقَّعَةٌ ببياض الرَّكوب
كهُودُ الْيَدَيْنِ مَعَ المُكهِدِ
أَرَادَ بكَهُود الْيَدَيْنِ الأَتان، وبالمُكْهِد العَيْر، كهُود
الْيَدَيْنِ: سريعُهُ، والمُكْهد: المتعِب، وَيُقَال: أَصَابَهُ جَهْد
وكَهْد، ويقيني كاهداً قد أعيا ومُكْهداً، وَقد كَهَد وأَكْهَدَ،
وكَدَه وأكده كل ذَلِك إِذا جَهَدَه الدُّؤُبُ.
كده: قَالَ اللَّيْث: الكَدْهُ صكَّةٌ بِحجر وَنَحْوه، يؤثِّرُ أَثَراً
شَدِيداً، وَقَالَ رؤبة:
وخافَ صَقْعَ القارعاتِ الكُدَّه
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال فِي وَجهه كُدوه وكُدُوحٌ أَي خُمُوشٌ،
وسَقَطَ فلانٌ فَتَكَدَّهَ وتكدَّحَ، ويقالُ: هُوَ يكْدَحُ كعياله
ويكْدَهُ لِعِيَالِهِ أَي يكْسَبُ لَهُم، وَيُقَال: كَدَهَهُ الهمُّ
يكدَهُهُ كَدْهاً: إِذا جهده.
وَقَالَ أُسامةُ الهذَلِيُّ يصف الْخمر:
إِذا نُضِحَت بِالْمَاءِ وازداد فَوْرُها
نجا وَهُوَ مَكْدُوهٌ من الغَمِّ ناجدُ
يَقُول: إِذا عَرِقَتْ الخمرُ وفارتْ بالغَلْي نجَا العَيْرُ،
والناجِدُ الَّذِي قد عَرِقَ، وَيُقَال: فِي وَجهه كُدُوهٌ وكُدُوحٌ،
أَي خموش، وَمِنْه حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من سَأَلَ
وَهُوَ غنيٌّ جاءتْ مسألتهُ يَوْم الْقِيَامَة كُدُوحاً) ، أَي
خُمُوشاً.
هـ ك ت
اسْتعْمل من وجوهه: هتك.
هتك: قَالَ اللَّيْث: الهَتْكُ أَن تجذب سِتْراً فتقْطعُه من مَوْضِعه
أَو تَشُقَّ مِنْهُ طَائِفَة يُرَى مَا وَرَاءه، وَلذَلِك يُقَال:
هَتَكَ الله سِتْرَ الْفَاجِر، وَرجل مَهْتُوك السِّترِ متهتِّكه وَرجل
مُسْتَهْتِكٌ لَا يُبَالِي أَن يُهْتَكَ سِترُهُ عَن عَوْرَته، وكل
شَيْء يُشَقُّ كَذَلِك فقد تَهَتّكَ وانهتك، وَقَالَ فِي الْكلأ:
مُنْهتِكُ الشَّعْرانِ نَضَّاخُ العَذَبْ
والهُتْكَة ساعةٌ من اللَّيْل للْقَوْم إِذا سَارُوا، يُقَال: سِرْنَا
هُتْكَةً مِنْهَا، وَقد هَاتَكْنَاهَا: سرنا فِي دُجَاها وَأنْشد:
هاتكتُهُ حَتَّى انجلتْ أكراؤُه
عني وَعَن ملموسةٍ أحناؤُه
يصف اللَّيْل وَالْبَعِير، وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي هُتْكَةِ الليلِ
نَحوا مِنْهُ.
وَقَالَ غَيره: الهِتَكُ قِطَعُ الفَرْش يتمزق عَن الْوَلَد،
الْوَاحِدَة هِتَكة، وثَوْبٌ هَتِكٌ، وَقَالَ مُزَاحم:
جلا هَتِكاً كالرَّيْطِ عَنهُ فبيَّنَتْ
مشابههُ حُدْبَ العِظَامِ كَوَاسِيَا
(6/9)
أَي استبانت مشابهُ أَبِيه فِيهِ، عَمْرو
عَن أَبِيه: الهَتْكُ: وسط اللَّيْل.
هـ ك ظ (هـ ك ذ هـ ك ث) : أهملت وجوهها.
(بَاب الْهَاء وَالْكَاف مَعَ الرَّاء)
هكر، كره، رهك، كهر: مستعملة.
هكر: أهمله الليثُ ومستعمَلهُ فاشٍ كثير، روى شمرٌ لأبي عبيدٍ قَالَ:
الهَكْر: الْعجب، وَقد هَكِر يَهْكَرُ هَكَراً إِذا اشْتَدَّ عَجبُه،
وَقَالَ أَبُو كَبِير:
فاعجَبْ لذَلِك رَيْبَ دهرٍ واهْكَرِ
قَالَ: والهَكِر: المتعجب، وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الهَكُر: الناعسُ،
وَقد هَكرتْ أَي نعِسَتْ، قلت: وهَكِرٌ موضعٌ، وأراهُ روميّاً مِنْهُ
قَول امرىء الْقَيْس:
أَو كبعضِ دُمَى هَكِرْ
كهر: فِي حَدِيث معاويةَ بنِ الحكمِ السُّلَمِيِّ أَنه قَالَ: مَا
رَأَيْت معلِّماً أحسن تَعْلِيما من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَالله مَا كَهَرني وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو
عَمْرو: الكَهْر: الانتهارُ، يُقَال مِنْهُ: كَهَرْتُ الرجلَ وَأَنا
أكهَرُهُ كَهْراً، قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: هِيَ فِي قِرَاءَة عبد
الله (فَأَما الْيَتِيم فَلَا تكْهَر) (الضُّحَى: 9) قلت: مَعْنَاهُ
لَا تَقْهَرْه على مَاله.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الكَهْر فِي غير هَذَا: ارتفاعُ النَّهَار،
وَقَالَ عدي بن زيد العِبادي:
فَإِذا العَانَةُ فِي كَهْرِ الضُّحَى
دونهَا أَحْقَبُ ذُو لَحْمٍ زِيَمْ
وَقَالَ اللَّيْث: الكَهْرُ استقبالُكَ الْإِنْسَان بوجهٍ عابسٍ
تَهَاوناً بِهِ، وَقَالَ غَيره: فِي فلَان كُهْرُورة، أَي انتهار لمن
خاطبه وتعبيس للْوَجْه وَقَالَ زيد الْخَيل:
ولستُ بِذِي كُهْرورَةٍ غيرَ أنني
إِذا طلعتْ أُولي المغيرةِ أَعْبِسُ
عَمْرو عَن أَبِيه: الكَهْر: الْقَهْر والكَهْرُ: عبوس الْوَجْه،
والكَهْرُ: الشَّتْمُ والكَهْرُ: المصاهرةُ، وَأنْشد:
يُرحَّبُ بِي عِنْد بَاب الْأَمِير
وتُكْهَرُ سعدٌ ويُقْضَى لَهَا
أَي تُصاهَرُ. اللَّيْث: كَهَرُ النهارِ ارتفاعه فِي شدَّة الْحر.
كره: ذكر الله تبَارك وَتَعَالَى الكَرْه والكُره فِي غير مَوضِع من
كِتَابه، وَاخْتلف الْقُرَّاء فِي فتح الْكَاف وَضمّهَا، فَأَخْبرنِي
المنذريُّ عَن أَحْمد بن يحيى أَنه قَالَ: قَرَأَ نافعٌ وأَهلُ
الْمَدِينَة فِي سُورَة الْبَقَرَة: {وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ}
(البَقَرَة: الْآيَة 216) بِالضَّمِّ فِي هَذَا الْحَرْف خَاصَّة،
وَسَائِر الْقُرْآن بِالْفَتْح، وَكَانَ عَاصِم يضم هَذَا الْحَرْف
أَيْضا، وَالَّذِي فِي الْأَحْقَاف {إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ
كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ} (الْأَحْقَاف: 15) ، ويُقرأُ سائرهُنَّ
بِالْفَتْح، وَكَانَ الْأَعْمَش وَحَمْزَة والكسائيّ يضمُّون هَذِه
الأحرفَ الثلاثةَ، وَالَّذِي فِي النِّسَاء: {لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن
تَرِثُواْ النِّسَآءَ كَرْهاً} (النِّسَاء: 19) ثمَّ قرءوا كل شَيْء
سواهَا بِالْفَتْح، قَالَ وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا: نختارُ مَا
عَلَيْهِ أهل الْحجاز أَنَّ جَمِيع مَا فِي الْقُرْآن بِالْفَتْح
إِلَّا الَّذِي فِي الْبَقَرَة خَاصَّة، فَإِن القُرَّاء قَرَءوهُ
بِالضَّمِّ، قَالَ أَحْمد بن يحيى: وَلَا أعلم
(6/10)
مَا بَين الأحرف الَّتِي ضمهَا هَؤُلَاءِ
وَبَين الَّتِي فتحوها فرقا فِي الْعَرَبيَّة وَلَا فِي سُنَّةٍ تتبع،
وَلَا أرى النَّاس اتَّفقُوا على الْحَرْف الَّذِي فِي سُورَة
الْبَقَرَة خَاصَّة، إِلَّا أَنه اسمٌ وبقيَّةُ الْقُرْآن مصَادر، وَقد
أجمع كثير من أهل اللُّغَة أَن الكَرْه والكُرْهَ لُغَتَانِ فَبِأَي
لُغَة قرىء فَجَائِز إِلَّا الفَرَّاء فَإِنَّهُ زعم أَن الكُرْه مَا
أكرهتَ نفسَك عَلَيْهِ، والكَرْه ماأكرهكَ غيرُكَ عَلَيْهِ، جئْتُك
كُرهاً وأدخلتني كَرْهاً، وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {وَهُوَ كُرْهٌ
لَّكُمْ} (البَقَرَة: 216) يُقَال كرهت الشَّيْء كَرْهاً وكُرْهاً
وَكَرَاهَة وكراهية.
وَقَالَ: وكلُّ مَا فِي كتاب الله من الكَرْه بِالْفَتْح (فالضمُّ)
فِيهِ جائزٌ إِلَّا هَذَا الحرفَ الَّذِي فِي هَذِه الْآيَة، فإنَّ
أَبَا عبيدٍ ذكر أنَّ القرَّاء مجمعون على ضمِّه، قَالَ الزّجاج:
وَمعنى كراهتهم القتالَ أَنهم كرهُوه على جِنْس غِلظِه عَلَيْهِم
ومشقته لَا أنّ الْمُؤْمِنُونَ يَكْرهون فَرْضَ الله، لِأَن الله لَا
يفعل إِلَّا مَا فِيهِ الْحِكْمَة وَالصَّلَاح.
وَقَالَ اللَّيْث فِي الكُرْه والكَرْه: إِذا ضمُّوا أَو خفضوا قَالُوا
كُره، وَإِذا فتحُوا قَالُوا كَرْهاً تَقول: فَعَلْتُه على كُرْه
وَهُوَ كُرْهٌ وتقولُ: فعلته كَرْهاً، قَالَ: والكَرْهُ الْمَكْرُوه،
قلت: الَّذِي قَالَه أَبُو الْعَبَّاس والزجاج فَحسن جميل وَمَا قَالَه
اللَّيْث فقد قَالَه بَعضهم، وَلَيْسَ عِنْد النَّحْوِيين بالبيِّن
الْوَاضِح. وَقَالَ أَيْضا: رجل كره مُتَكَرِّه وَجَمَلٌ كَرْهٌ:
شَدِيد الرَّأْس، وَأنْشد:
كَرْهُ الحِجاجَيْنِ شديدُ الأرآد
قَالَ: وَأمر كريه: مَكْرُوه، وَامْرَأَة مستكرهَةٌ إِذا غُصِبَتْ
نَفسهَا، وأكرهتُ فلَانا: حملتُه على أَمر هُولَهُ كَارِه، والكريهةُ
الشدَّة فِي الْحَرْب، وَكَذَلِكَ كَرَايِهُ الدَّهْر: نَوَازِل
الدَّهْر.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: من أَسمَاء السيوف ذُو الكريهة وَهُوَ
الَّذِي يَمْضي فِي الضَّرائِبِ.
وَقَالَ الليثُ: الكرهاءُ هِيَ أَعلَى النُّقْرَةِ بلغَة هُذَيْل،
وَيُقَال كُرِّهَ إليَّ هَذَا الأمرُ تكريهاً أَي صُيِّر عِنْدِي
بِحَال كَرَاهَة، وَيُقَال للْأَرْض الصلبة الغليظة مثل القُفِّ وَمَا
قاربه: كَرْهَة، وَجمع المكروهِ مكاره.
اللحياني: أتيتُكَ كَراهِينَ ذَلِك، وكراهيةَ ذَلِك، بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ الحطيئة:
مصاحَبَةٌ على الكَرَاهِينَ فَارِكُ
أَي على الكراهَةِ وَهِي لُغَة.
رهك: أهمله اللَّيْث، وَهُوَ مُسْتَعْمل، قَالَ الراجز:
حُيِّيتِ من هِرِكْوَلَةٍ ضِناكِ
جاءتْ تهزُّ المَشْيَ فِي ارْتهاكِ
والارتهاكُ: الضَّعْفُ فِي المَشْي، يُقَال: فلَان يَرْتَهِكُ فِي
مِشْيتِه، وَيَمْشي فِي ارتهاك والرَّهكَةُ: الضعْف، يُقَال: أرى فِيهِ
رَهْكةً أَي ضَعْفاً.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: التَّرْهُوكُ: هُوَ الَّذِي كَأَنَّهُ
يَمُوجُ فِي مِشيته وَقد تَرَهَوْكَ. وَفِي (النَّوَادِر) : أَرض
رَهِكَةٌ وهَيْلَةٌ وهَيْلاءُ وهارَةٌ وهَوِرَةٌ وهَمِرَةٌ وهَكَّةٌ،
إِذا كَانَت ليِّنة خَبَارَاً.
(6/11)
هـ ك ل
هكل، هلك، كهل: (مستعملة) .
هكل: أما هكل فقد اسْتعْمل مِنْهُ الهَيْكل وَهُوَ الْبناء الْمُرْتَفع
تُشبَّهُ بِهِ الفرسُ الطَّوِيل، وَمِنْه قَول امرىء الْقَيْس:
بمُنْجرِدٍ قَيْدِ الأوابدِ هَيْكلِ
وَقَالَ اللَّيْث: الهَيْكَلُ بيتٌ للنَّصارى فِيهِ صنم على خِلْقَةِ
مَرْيَمَ فِيمَا يَزْعمُونَ، وَمِنْه قَول الراجز:
مَشْيَ النَّصارى حول بَيْتِ الهيكل
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الهيكل: الضخم من كل حَيَوَان.
وَقَالَ اللَّيْث: الهيكل الفرسُ الطويلُ عُلْواً وعَدْواً.
هلك: قَالَ اللَّيْث: الهُلْك: الهلاكُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال الهُلْكُ والهَلْك والمُلْك والمَلْك.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال لأذهَبَنَّ فإمَّا هُلْكٌ وإِمَّا
مُلْكٌ، وَبَعْضهمْ يَقُول: فإمَّا هَلْكٌ وَإِمَّا مَلْكٌ، وَقَالَ:
الاهتلاكُ: رَمْيُ الْإِنْسَان نفسَه فِي تَهْلُكَةٍ، قَالَ:
والتَّهْلُكَةُ: كل شَيْء يصير عاقبته إِلَى الْهَلَاك.
قَالَ الله: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}
(البَقَرَة: 195) . قَالَ: والقطاة تَهْتَلِكُ من خوف الْبَازِي أَي
ترمي نَفسهَا فِي المهالك، وَقوم هَلْكَى وهالكون؛ والهُلاَّكُ:
الصعاليكُ الَّذين ينتابون الناسَ طلبا لمعروفهم من سوء الْحَال، قَالَ
جميل:
أَبيتُ مَعَ الهُلاَّكِ ضيفاً لأَهْلهَا
وَأَهلي قريب موسعون ذَوُو فضل
وَقَالَ فِي قَول الْأَعْشَى:
وهالكُ أهلٍ يُجِنُّونه
كآخرَ فِي أهلِه لم يُجَنّ
قَالَ: هُوَ الَّذِي يَهْلِكُ فِي أَهله، قَالَ: ويكونُ (هَالك أهلٍ)
الَّذِي يهْلك أَهله. قَالَ: ومفازة هالكة من سَلَكَها أَي هالكةٌ
السالكين.
وَفِي حَدِيث سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة: (إِذا قَالَ
الرجلُ هلكَ الناسُ فَهُوَ أهلكهم) ، مَعْنَاهُ أَن العالمِين الَّذِي
يُقَنِّطُونَ النَّاس من رَحْمَة الله يَقُولُونَ: هلكَ الناسُ، أَي
استوجبُوا النَّار وَالْخُلُود فِيهَا بِسوء أَعْمَالهم، وَمعنى
قَوْله: هُوَ أهلكهم أَي هُوَ أوجب لَهُم ذَلِك، وَالله جلّ وَعز لم
يُهْلِكهم.
وَقَالَ مَالك فِي قَوْله: أهلكهم، أَي أبسلهم.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: هلكتُ الرجلَ وأهلكتُه بِمَعْنى،
وَأنْشد:
ومهمهٍ هالِكِ مَن تَعَرَّجَا
يَعْنِي مُهْلِكٍ، لُغَة تَمِيم.
وَقَالَ شمر: روى أَبُو عدنان عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ فِي قَوْله:
هَالك من تعرجا: أَي هالكٌ المتعرِّجين إِن لم يُهْذِبوا فِي السّير.
قَالَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَخْبرنِي رؤبة أَنه يُقَال: هلكتَني
بِمَعْنى أهلكتني، قَالَ: وَلَيْسَت بلغتي.
وَقَالَ اللَّيْث: الهَلَكَةُ: مَشْرَفَةُ المَهْواة فِي جو السُّكّاك.
(6/12)
وَقَالَ غَيره: الهَلَكُ المهواةُ بَين
الجبلين، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
رأتْ هَلَكاً بِنِجَافِ الغَبِيطِ
فَكَادَتْ تَجُذُّ الحُقِيُّ الهِجَارا
وَقَالَ ذُو الرمة يصف امْرَأَة جيداءَ:
ترى قُرْطَها فِي وَاضح اللِّيتِ مشرفا
على هَلَك فِي نَفْنَفٍ يتطَوَّحُ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: تهالك فلَان على الْمَتَاع والفراش: إِذا
سقط عَلَيْهِ، وَمِنْه تهالُك المرأةِ، وتَهَالَكَت المرأةُ فِي
مِشْيتها.
وَقَالَ، وَقَالَ أَبُو زيد: الهَلُوك: الْمَرْأَة الْفَاجِرَة.
أَبُو عبيد قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ أوّل من عمل الْحَدِيد من الْعَرَب
هالكُ بن أسدِ بن خُزَيْمَة، قَالَ: وَلذَلِك قيل لبني أَسد القُيُون،
وَمِنْه قَول لبيد:
جُنُوحُ الهالكيِّ على يَدَيْهِ
مُكِبّاً يجتلي نُقَبَ النِّصَالِ
أَراد بالهالكيِّ الْحَدَّاد.
وَقَالَ غَيره: اسْتهْلك الرجلُ فِي كَذَا وَكَذَا: إِذا جَهَد نَفسه،
واهتلك مثلُه.
وَقَالَ الرَّاعِي:
لهنَّ حديثٌ فاتنٌ يتْرك الْفَتى
خَفِيف الحشا مستهلِك الربْحِ طامعاً
أَي يَجْهَد قلبَه فِي إثْرهَا، وَطَرِيق مستهلِكُ الوِرْد أَي
يَجْهَدُ من سلكه.
قَالَ الحطيئة يصف طَرِيقا:
مستهلكُ الوِرْدِ كالأُسْتِيِّ قد جَعَلَتْ
أَيدي المَطِيِّ بِهِ عاديَّةً رُكُبا
وَقَالَ عرام فِي حَدِيثه: كنت أَتهلَّكُ فِي مفاوز، أَي كنت أَدور
فِيهَا شبهَ المتحير، وأَنشد:
كَأَنَّهَا قَطْرَة جاد السحاء بهَا
بَين السَّمَاء وَبَين الأَرْض تهتلك
وَقَالَ ابْن بزرج: يُقَال هَذِه أَرض أَرِمَةٌ هَلَكُونُ، وأرَضُونَ
هَلكُونُ: إِذا لم يكن فِيهَا شَيْء يُقَال: هَلَكون نَبَات أرمِين.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الْهَلْكى: الشَّرهون من الرِّجَال
وَالنِّسَاء، يُقَال رجالٌ هَلْكَى ونساءٌ هَلكى، الْوَاحِد هَالك
وهالكة.
وَيُقَال: تركتهَا آرِمَةً هلِكينَ، إِذا لم يصبهَا الْغَيْث مُنْذُ
دهرٍ طَوِيل.
وَفِي حَدِيث الدَّجَّالِ: فإمَّا هَلَكَ الْهُلْكُ فَإِن ربّكم لَيْسَ
بأَعْوَر، وَرَوَاهُ بَعضهم: إمَّا هلكتْ هُلْكُ.
وَقَالَ شمر: قَالَ الْفراء: الْعَرَب تَقول أَفعل كَذَا إِمَّا
هَلَكَتْ هُلُكٌ ياهذا، وهُلُكُ يَا هَذَا، بإجراء وَغير إِجْرَاء،
وَبَعْضهمْ يضيفه: إِمَّا هَلَكَتْ هُلُكُه، أَي على مَا خيلت، أَي على
كل حَال، وَنَحْوه.
وَقَالَ غيرُه فِي تَفْسِير الحَدِيث: إنْ شُبِّه عَلَيْكُم بكلّ معنى،
وعَلى كلّ حَال، فَلَا يُشَبِّهَنّ عَلَيْكُم إِن ربكُم لَيْسَ
بأَعْوَر.
ورَوَى بعضُهم حديثَ الدجّال: وَلَكِن الهُلْكُ كلُّ الهُلْك. إِن
ربكُم لَيْسَ بأعور، وَفِي رِوَايَة: فإمَّا هَلَكت هُلَّكُ فَإِن
ربكُم لَيْسَ بأعور. الهُلْكُ الْهَلَاك.
قَالَ ابْن الأنباريّ: مَن رَوَاهُ كَذَلِك فَمَعْنَاه لكنّ هلك
الدجّال وخِزْيه وبيانَ كَذِبه فِي
(6/13)
عَوَره. قَالَ: وَمن رَوَاه: فَإِن هلكَتْ
هُلْكٌ: أَرَادَ مَا اشْتبهَ عَلَيْكُم من أمْرِه، فَلَا يَشْتَبِهَنَّ
عَلَيْكُم أنّ ربكُم لَيْسَ بأَعور.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو زيد: هَذِه أرضٌ هَلَكُون: إِذا كَانَت جدبةً
وَإِن كَانَ فِيهَا ماءٌ، ومررتُ بأرضٍ هَلَكين بِفَتْح الْهَاء
وَاللَّام.
وَأنْشد شمِر:
إنَّ سَدَى خَيرٍ إِلَى غيرِ أهلِه
كَهالكةٍ من السَّحاب المصوِّبِ
قَالَ: هُوَ السّحاب الَّذِي يَصُوب للمَطَر، ثمَّ يُقْلِع فَلَا يكون
لَهُ مطر، فَذَلِك هَلاكُه، كَذَلِك رَوَاهُ ابْن الأنباريّ عَن
ثَعْلَب، عَن سَلَمة عَن الْفراء.
قَالَ: وَقَالَ غَيره: فلانٌ هِلْكة من الهِلَكِ، أَي ساقطةٌ من
السواقط، أَي هَالك.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الهالكة: النفْسُ الشَّرِهَة.
يُقَال: هَلكَ يَهْلِكُ هَلاكاً: إِذا شَرِه. وَمِنْه قَوْله: ولمْ
أهلِكْ إِلَى اللبَن، أَي لم أشْرَه.
قَالَ: وَيُقَال للمُزاحم على الموائد: المتهالك والمُلاهِس والأوْبَش
والحاضر واللَّعْو، فإِذا أكلَ بيدٍ ومَنع بيد فَهُوَ جَرْدَبان.
وَقَالَ شمِر: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال وَقع فلانٌ فِي الهَلَكة
الهلْكاء والسَّوْءَة السَّوْآء.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الهَلَكُ السَّنَة الشَّدِيدَة.
وَقَالَ الأسْود بن يَعْفُر:
قَالَت لَهُ أُمُّ صَمْعا إذْ تُؤامِرُه:
أما ترَى لذوِي الأموالِ والهَلَكِ
كهل: قَالَ الله جلّ وعزّ: فِي قصَّة عِيسَى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ
فِى الْمَهْدِ وَكَهْلاً} (آل عِمرَان: 46) . قَالَ الفرّاء: أَرَادَ
ومُكلِّماً النَّاس فِي المَهد وكَهْلاً.
وَالْعرب تَجعل يَفعل فِي مَوضِع فَاعل إِذا كَانَا فِي عُطوفٍ
مجتمِعَيْن فِي الْكَلَام.
قَالَ الشَّاعِر:
بتُّ أُعَشِّيها بعَضْبٍ باتِرِ
يَقصدُ فِي أسؤُقِها وَجائرِ
أَرَادَ قاصدٍ فِي أَسْؤُقِها وجائر؛ وَقد قيل إنّه عطَف الكَهْل على
الصِّفَة، أَرَادَ بقوله {فِى الْمَهْدِ} (آل عِمرَان: 46) صبيّاً
وكهْلاً، فردّ الكَهل على الصِّفة كَمَا قَالَ الله: {دَعَانَا
لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا} (يُونس: 12) .
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أحمدَ بنِ يحيى أنّه قَالَ: ذكر الله جلّ
وعزّ لعيسى آيَتَيْنِ:
إِحْدَاهمَا: تكليمه الناسَ فِي المَهد، فَهَذِهِ مُعْجزة، والأخْرَى:
نُزوله إِلَى الأَرْض عِنْد اقتراب السَّاعَة كَهْلاً ابنَ ثَلَاثِينَ
سنة يُكلِّمُ أُمَّةَ محمدٍ، فَهَذِهِ الْآيَة الثَّانِيَة.
قَالَ: وَأخْبرنَا ابْن الأعرابيّ أَنه يقالُ للغلام: مُراهِق، ثمَّ
مُحْتلِم، ثمَّ يُقَال: خَرَجَ وجهُه ثمّ أَبقلتْ لحيَتُه، ثمَّ
مُجْتمِع، ثمَّ كهْل وَهُوَ ابنُ ثلاثٍ وَثَلَاثِينَ سنة.
قلت: وَقيل لَهُ حينئذٍ: كَهْل: لانْتِهَاء شبابه وكمالِ قوَّتِه.
وَكَذَلِكَ يُقَال للنّبات إِذا تمَّ طوله: قد اكتَهل.
(6/14)
وَقَالَ الْأَعْشَى يصفُ نباتاً:
يُضاحِكُ الشمسَ مِنْهَا كوكبٌ شَرِقٌ
مُؤَزَّرٌ بِعَميمِ النَّبْتِ مُكْتهِلُ
قَوْله: يُضاحِكُ الشمسَ، مَعْنَاهُ يَدُور مَعهَا، ومُضاحكتُه إيَّاها
حَسْنٌ لَهُ ونَضْرَة، والكوكَبُ: مُعظم النَّبَات، والشَّرق
الرَّيَّان الممتلِىءُ مَاء، والمؤَزَّر: الَّذِي صَار النَّبات
كالإزار لَهُ، والعَميم: النّبات الكَثِيف الحسَن، وَهُوَ أكثرُ من
الجَميم.
يُقَال: نباتٌ عَميم ومُعْتَمّ وعَمَم.
قلتُ: وَإِذا بلغ الْخمسين فَإِنَّهُ يُقَال لَهُ: كَهْل.
وَمِنْه قَوْله:
هَل كَهْلُ خَمْسينَ إنْ شاقَتْهُ منزلةٌ
مُسَفَّهٌ رأيُه فِيهَا ومَسْبُوبُ
فجعَلَه كهلاً وَقد بلغ الْخمسين.
وَقَالَ اللَّيْث: الكهل الَّذِي وخَطَه الشَّيْب ورأيتَ لَهُ
بَجَالَةً، وامرأَةٌ كَهلة.
قَالَ: وقلَّ مَا يَقُولُونَ للْمَرْأَة كَهْلة مُفْرَدة إلاّ أَن
يَقُولُوا: شَهْلة كَهلة، وجمعُ الكَهل كُهول وكُهْل.
قَالَ: واكتَهلت الرَّوضة: إِذا عَمَّها نَوْرُها.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: نعجَة مكتهِلة، وَهِي المُختمِرة الرأسِ
بالبياض.
قلتُ: نعجَةٌ مكتَهِلةٌ: إِذا انْتهى سِنُّها. ورَجلٌ كَهلٌ، وامرأَةٌ
كهلةٌ: إِذا انْتهى شَبابُهما، وَذَلِكَ عِنْد استكمالهما ثَلَاثًا
وَثَلَاثِينَ سنة.
وَقد يُقَال: امْرَأَة كهلةٌ وَإِن لم يُذكَر مَعهَا شَهْلَة. قَالَ
ذَلِك الْأَصْمَعِي، وابنُ الْأَعرَابِي وَأَبُو عُبَيْدَة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الكُهْلُول والوُهْشُوش والبُهلُول: كلُّه
السَّخيُّ الْكَرِيم.
وَقَالَ اللَّيْث: الْكَاهِل مُقدَّم الظّهر ممّا يَلِي العُنُق،
وَهُوَ الثُّلُث الْأَعْلَى فِيهِ ستُّ فَقارات، قَالَ امْرُؤ
الْقَيْس:
لَهُ حارِكٌ كالدِّعْصِ لَبَّدَه الثَّرَى
إِلَى كَاهِل مثل الرتاج المضبب
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الْكَاهِل: مَا ظَهَر من الزَّوْر والزور مَا
بَطَنَ من الْكَاهِل.
وقالُ غَيره: الْكَاهِل من الفَرَس: مَا ارتَفَع من فروع كَتِفَيه،
وَقَالَ أَبُو دواد:
وكاهل أفرع فِيهِ مَعَ الإ
فراع إشرافٌ وتَقْبيبُ
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الحارِكُ فروع الكَتِفين، وَهُوَ أَيْضا
الْكَاهِل، قَالَ: والمَنسِج أسفلُ من ذَلِك، والكاثِبة مقدَّمُ
المَنْسج.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّ رجلا أرادَ الجهادَ
مَعَه، فَقَالَ: (هَل فِي أَهلِك مِن كاهِل؟) ويُرْوَى مَنْ كاهَل
فَقَالَ: لَا. قَالَ (ففيهم فجاهِدْ) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ عُبيدة: هُوَ مَأْخُوذ الكَهْل، يَقُول: هَل
فيهمْ مَنْ أسَنَّ وَصَارَ كَهْلاً، يُقَال مِنْهُ: رجل كَهْل وامرأةٌ
كَهْلة، وأنشدنا قَول الراجز:
وَلَا أَعودُ بَعْدَهَا كَرِيّا
أُمارِس الكَهْلَة والصَّبِيّا
(6/15)
ورُوِي عَن أبي سعيد الضَّرِير أَنه قَالَ
فِيمَا ردّ على أبي عُبَيد: هَذَا خطأ قد يَخْلُفُ الرجلَ فِي أَهله
كهلاً وَغير كهل، قَالَ: وَالَّذِي سمعناه من الْعَرَب من غير
مَسْأَلَة أَن الرجل الَّذِي يخلُف الرجلَ فِي أَهله يُقَال لَهُ
الكاهِن، وَقد كهَن يَكْهُن كُهوناً، قَالَ: فَلَا يَخْلُو هَذَا
الحرفُ من شَيْئَيْنِ أَحدهمَا أَن يكون المحدَّثُ سَاءَ سَمعه فظَنّ
أَنه كَاهِل، وَإِنَّمَا هُوَ كاهِنٌ، أَو يكون الحَرْف تُعاقَب فِيهِ
بَين اللاّم والنّون، كَمَا قَالُوا: هَتَنَتِ السماءُ وهَتَلَت،
وَمِنْه الغِرْيَن والغِرْيَل لما يَبْقَى فِي أَسْفَل الحَوْض من
الطِّين.
قلت: وَهَذَا الّذي قَالَه أَبُو سَعيد لَهُ وَجْه غيرَ أنّه مستكرَه،
وَالَّذِي عِنْدِي فِي تَفْسِير قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للرجل
الَّذِي أَرَادَ الجهادَ مَعَه: هَل فِي أهلِك من كاهِل؟ مَعْنَاهُ هَل
فِي أهلِكَ مَنْ تَعْتَمِده للْقِيَام بشأن عيالِك الصِّغار ومَن
تخلُفه ممَّن يَلزمُك عَوْلُه؟ فَلَمَّا قَالَ لَهُ: ماهم إِلَّا
صِبْية صِغار أَجَابَهُ فقالَ تَخلَّف وجاهِدْ فيهم وَلَا تضيِّعهم.
وسمعتُ غيرَ وَاحِد من الْعَرَب يَقُول: فلانٌ كاهِلُ بني فلَان: أَي
معتَمدُهم فِي المُلِمَّات وسَنَدهم فِي المُهِمَّات، وَهُوَ مَأْخُوذ
من كَاهِل الظَّهْر، لأنَّ عُنُق الفَرَس يتسانَد إِلَيْهِ إِذا
أَحْضَر، وَهُوَ معتَمد مقدَّم قَرَبُوس السَّرج، واعتماد الْفَارِس
عَلَيْهِ، وَمن هَذَا قولُ رؤبةَ يَمْدَح مَعَدّاً:
إذَا مَعَدُّ عَدَّتِ الأوائلا
فابْنا نِزَارٍ فَرَّجا الزَّلازِلا
حِصْنَيْن كَانَا لَمَعدَ كاهِلا
أَي كَانَا يَعنِي ربيعةَ ومُضَر عُمْدة أَوْلَاد مَعَدّ كلِّهم، ثمّ
وصفَهما فَقَالَ:
ومنكبين اعتليا التَّلاتِلاَ
وَالْعرب تَقول: مُضرُ كاهِلُ الْعَرَب، وَتَمِيم كاهِلُ مُضَر، وَسعد
كَاهِل تَمِيم.
قلت: فَهَذَا يبيِّن لَك صِحَة مَا اخترناه من هَذِه الْأَقَاوِيل،
وَالله أعلم.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فلانٌ شديدُ
الْكَاهِل، أَي منيع الْجَانِب، وَيُقَال طَار لفُلَان طائرٌ كَهْل،
إِذا كَانَ لَهُ جَدُّ وحَظٌّ فِي الدُّنْيَا.
عَمْرو، عَن أَبِيه: الكَهُول: العَنْكبوت قَالَ: وحُقُّ الكَهول:
بَيْتُه.
وَقَالَ عَمْرو بنُ الْعَاصِ لمعاوية حِين أَرَادَ عزلَه عَن مصر: إنّي
أتيتُك من الْعرَاق وإنَّ أَمْرَك كحُقِّ الكَهُول، فَمَا زِلتُ أسْدِي
وأُلْحِم حَتَّى صَار أَمرُك كَفلْكة الدّرَّارة وكالطِّراف الممدّد.
ورَوَى ابْن السكّيت عَن أبي عَمرو أَنّه قَالَ: يُقَال للرجل: إِنَّه
لذُو شاهِق وكاهِل وكاهِن، بالنُّون وَاللَّام، إِذا اشتدّ غضبُه،
وَيُقَال ذَلِك للفَحْل عِنْد صِياله حِين تَسْمع لَهُ صَوتا يَخْرج من
جَوْفه.
هـ ك ن
هنك، كهن، كنه، نهك، نكه: مستعملة.
نهك: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نهِكْته الحُمَّى: إِذا رُئي أثرُ
الهُزال فِيهِ من المَرَضِ، فَهُوَ مَنْهوك وبَدَتْ فِيهِ نَهْكة.
وَفِي الحَدِيث: (لِيَنْهِك الرجلُ مَا بَين أَصَابِعه أَو
لَتَنْهَكنَّه النَّار) يَقُول: لِيبالِغ فِي غَسْل
(6/16)
مَا بَين أَصَابِعه مبالغَةً يُنعِم
غَسْلَه، وَيُقَال: انتهَكْتُ حُرْمةَ فلَان: إِذا تناوَلْتَها بِمَا
لَا يَحِلّ.
وَفِي حَدِيث يزيدَ بن شجرةَ حِين حَضَّ الْمُؤمنِينَ الَّذين كَانُوا
مَعَه فِي غَزاةٍ وَهُوَ قائدُهم على قتال الْمُشْركين: انْهكُوا وجوهَ
الْقَوْم، يَقُول: ابلُغوا جُهْدَهم.
وَرَجل نَهيك، وَقد نَهُك نَهاكةً، إِذا وُصف بالشَّجاعة والنَّهِيك:
البَئِيس، وسيفٌ نَهيك: قاطعٌ ماضٍ.
وَقَالَ الأصمعيّ: النَّهْك: أَن تُبالِغَ فِي العَمَل، فإِن شَتَمْتَ
وبالَغْتَ فِي شَتْمِ العِرض قيل: انْتَهَكَ عِرْضَه. ونهِكَتْه
الحُمَّى تَنهَكه نَهْكَةً: إِذا بلغتْ مِنْهُ، ورجلٌ مَنْهوك: إِذا
رأيتَه قد بلغ مِنْهُ المَرَض. وَيُقَال: أَنْهَكْه عُقوبةً، أَي أبلغ
فِي عُقوبَتِه.
قَالَ: وَيُقَال: مَا ينفكّ فلانٌ يَنهَك الطعامَ: إِذا مَا أَكلَ مَا
يشْتَد أَكلُه، والنَّهِيك: الشُّجاع، لِأَنَّهُ ينهك عَدُوّه فَيبلُغ
مِنْهُ، وَهُوَ نهِيك بيِّن النّهاكة فِي الشجَاعَة. ورَجُل مَنْهوك
البَدَن: بيِّن النَّهْكة من المَرَض.
أَبُو عُبَيد، عَن الْأَصْمَعِي: النّهِيك من الرِّجال: الشجاع، وَقد
نهُك نَهاكةً، وَهُوَ من الْإِبِل القويُّ الشَّديد.
وَقَالَ اللَّيْث، يُقَال: مَا يَنْهك فلانٌ يصنَع كَذَا وَكَذَا، أَي
مَا ينفكُّ، وَأنْشد:
لَنْ يَنْهَكوا صَفْعاً إِذا أَرَمُّوا
أَي ضرْباً إِذا سَكتوا.
قلت: لَا أعرف مَا قَالَه اللّيث، وَلَا أَدري مَا هُوَ، وَلم أَسمع
لأحد: مَا يَنهك يَصنَع كَذَا، أَي مَا يَنفكَ، لغير اللَّيْث وَلَا
أحقُّه.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: مررتُ بِرَجُل ناهِيكَ من رجلٍ وناهاك من
رجل، قلت: لَيْسَ هَذَا الْحَرْف من بَاب نَهَك، وَإِنَّمَا هُوَ من
معتلّ الْهَاء من نَهَى يَنْهَى، ومَعْنى نَاهِيك مِن رَجُل: أَي
كافِيكَ، وَهُوَ غيرُ مُشكل. ونَهَكْتُ النافةَ حَلْباً، إِذا
نَقْضْتَها فَلم تُبقِ فِي ضَرْعها لَبَناً.
وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس: (غير مُضِرَ بنَسْل وَلَا ناهِكٍ فِي حَلب)
.
ورُوِي عَن النّبيّ ج أنّه قَالَ للخافضة: (أشِمِّي ولاتَنهِكي) ، أَي
لَا تُبالِغي فِي إسْحاتِ مَخْفِض الْجَارِيَة، وَلَكِن اخفضي
طُرَيْفَة.
وَفِي (النَّوَادِر) : النُّهَيْكة: دابّة سُوَيداء مُدَارةٌ تَدْخُل
مدَاخِل الحَراقِيص، ونَهكَت الإبلُ مَاء الحَوْض: إِذا شَربَتْ جميعَ
مافيه.
قَالَ ابْن مقبل:
نَواهِكُ بَيُّوتِ الحِياضِ إِذا غَدَتْ
عَلَيْهِ وَقد ضَمَّ الضَّرِيبُ الأفاعيَا
كنه: قَالَ اللّيث: كُنْه كلِّ شَيْء: غايَتُه، وَفِي بعض الْمعَانِي:
وقتهُ وَوجْهُه، تَقول بلغتُ كُنْهَ هَذَا الْأَمر: أَي غايتَه، وفعلتُ
هَذَا فِي غير كُنْهِه. وأَنْشَد:
وإنّ كلامَ المرءِ فِي غير كُنْهه
لكالنَّبْل تَهوِي لَيْسَ فِيهَا نِصالُها
(6/17)
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: الكُنه:
جوهرُ الشَّيء، والكنْه: الوَقْت: يُقَال تكلَّم فِي كُنْه الْأَمر:
أَي فِي وَقْته، والكُنْه: نِهايةُ الشّيء وحقيقتُه. وَقَالَ غيرُه:
اكتَنَهْتُ الأمرَ اكتناهاً: إِذا بلغتَ كُنْهَه.
نكه: قَالَ اللَّيْث تَقول: نَكَهْتُ فلَانا واستَنْكَهْتُه: أَي
تَشمَّمت ريحَ فَمه، وَالِاسْم النَّكْهَةُ.
نَكَهْتُ مُجالِداً فَوَجدْتُ مِنْه
كريح الكَلْبِ ماتَ حَديثَ عَهْدِ
هنك: قرأتُ فِي نُسْخَة من (كتاب اللّيث) : الهَنَك: حَبٌّ يُطبَخ
أغبرُ أكدرُ، يُقَال لَهُ القُفْص، قلتُ: الهَنَكُ مَا أرَاهُ
عَرَبياً.
كهن: قَالَ اللَّيْث: كَهَنَ الرجلُ يَكْهَنُ كَهانةً، وقَلَّما يُقَال
إلاّ تَكَهَّنَ الرجلُ، وَتقول: مَا كَانَ فلانٌ كاهِناً، وَلَقَد
كَهُن. وَيُقَال: كَهَنَ لَهُم: إِذا مَا قَالَ لَهُم قولَ الكَهَنة.
وَفِي الحَدِيث: (مَن أَتَى كاهِناً أَو عَرّافاً فقد كَفَر بِمَا
أُنزِل على النَّبيّ مُحَمَّد) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي من
صَدَّقَهم. قلتُ: وَكَانَت الكِهَانةُ فِي الْعَرَب قبلَ مَبعَث
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلمّا بُعِث نَبيا وحُرسَت السماءُ
بالشُّهُب، ومنِعت الجِنّ وَمَرَدَةُ الشّياطين من استِراق السَّمْع
وإلقائِه إِلَى الكَهَنة بَطَل عِلمُ الكهَانة، وأزهَق الله أباطيلَ
الكُهَّان بالفُرقان الَّذي فرق جلّ وعزّ بِهِ بَين الحقّ وَالْبَاطِل،
وأطلَع الله نبيَّه بالوَحْي على مَا شَاءَ من عِلْم الغُيوب الَّتي
عَجَزَت الكَهَنةُ عَن الْإِحَاطَة بِهِ، فَلَا كِهَانةَ اليومَ
بحَمْدِ الله ومَنِّه.
وَفِي الحَدِيث: (إنّ الشَّيَاطِين كَانَت تَسترِق السَّمَع فِي
الجاهليَّة وتُلقيه إِلَى الكَهَنة فتَزيد فِيهِ مَا تَزِيد ويَقبله
الكُفار مِنْهُم) .
والكاهن أَيْضا فِي كَلَام الْعَرَب الَّذي يقوم بِأَمْر الرّجل
ويَسعَى فِي حَاجته وَالْقِيَام بِمَا أَسنَد إِلَيْهِ من أَسبَابه.
وَيُقَال لقُريْظة والنَّضير: الكاهِنان، وهما قَبِيلا اليَهود
بِالْمَدِينَةِ.
وَفِي حديثٍ مرفوعٍ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَخرُجُ من
الكاهنين رجلٌ يقْرَأ الْقُرْآن قِرَاءَة لَا يَقْرَؤُهُ أحدٌ
قراءتَهُ. وَقيل إِنَّه محمّد بن كَعْب القُرَظيّ.
هـ ك ف
فكه، كَهْف، هفك، كَفه: مستعملة.
فكه: قَالَ اللَّيْث: الْفَاكِهَة قد اختُلف فِيهَا، فَقَالَ بعض
الْعلمَاء: كلُّ شَيْء قد سُمِّي من الثِّمَار فِي الْقُرْآن نَحْو
العِنَب والرُّمّان فإنَّا لَا نسمّيه فَاكِهَة. قَالَ: وَلَو حَلَف
أنْ لَا يَأْكُل فَاكِهَة فَأكل عِنَباً ورُمَّاناً لم يكن حانثاً.
وَقَالَ آخَرُونَ: كلُّ الثِّمارِ فَاكِهَة وإنَّما كُرِّر فِي
الْقُرْآن فَقَالَ جلّ وعزّ: {تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا فَاكِهَةٌ
وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} (الرَّحمان: 68) لتفضيل النّخْل والرُّمّان على
سَائِر الفواكِه.
ومِثله قَول الله جلّ وعزّ: {الْكِتَابِ مَسْطُوراً وَإِذْ أَخَذْنَا
مِنَ النَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ
وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ
مِّيثَاقًا غَلِيظاً} (الأحزَاب: 7) فكرّر هَؤُلَاءِ للتفضيل على
النبيِّين وَلم يخرجُوا مِنْهُم.
قلتُ: وَمَا علمتُ أحدا من العَرب قَالَ فِي النَّخيل والكُرومِ
وثِمارِهما إنّها لَيست من
(6/18)
الْفَاكِهَة، وَإِنَّمَا شذّ قولُ
النُّعمان بنِ ثَابت فِي هَذِه الْمَسْأَلَة عَن أَقاويل جماعةِ
فُقَهَاء الْأَمْصَار لقلِّةِ عِلْمه كَانَ بكلامِ العَرب وعِلم
اللُّغَة وتأويلِ الْقُرْآن العربيّ الْمُبين. والعربُ تَذكُر الأشياءَ
جُملةً ثمَّ تخصُّ مِنْهَا شَيْئا بالتَّسْمية تَنْبِيها على فضْلٍ
فِيهِ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {مَن كَانَ عَدُوًّا لّلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ
وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} (البَقَرَة: 98) فَمن قَالَ إنَّ
جِبريل وميكال ليسَا من الْمَلَائِكَة لإفراد الله إيَّاهما بالتّسمية
بعد ذِكر الْمَلَائِكَة جملَة فَهُوَ كَافِر؛ لِأَن الله نَص على ذَلِك
وبيَّنه، وَكَذَلِكَ من قَالَ إِن ثَمَر النّخل وَالرُّمَّان لَيْسَ من
الْفَاكِهَة: لإفراد الله إيَّاهُمَا بِالتَّسْمِيَةِ بعد ذكر
الْفَاكِهَة جملَة فَهُوَ جَاهِل، لِأَن الله وإنْ أفرَدَهما
بالتّسمِية فَإِنَّهُ لم يُحرِجهما من الْفَاكِهَة، وَمن قَالَ:
إنَّهُما ليسَا من الْفَاكِهَة فَهُوَ خلافُ الْمَعْقُول، وَخلاف مَا
تَعرفُه الْعَرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: فَكَّهْتُ القومَ تفكِيهاً بالفاكهة. قَالَ:
وفاكَهْتُ القومَ مُفاكَهةً بمُلَح الْكَلَام والمُزاح، وَالِاسْم
الفَكِيهةُ والفاكهة.
وَتقول: تفكَّهْنا من كَذَا وَكَذَا: تَعَجَّبْنَا.
وَمِنْه قولُ الله: {حُطَاماً فَظَلْتُمْ} (الواقِعَة: 65) أَي
تَعَجَّبون.
قَالَ: وقولُ الله جلّ وعزّ: {وَنَعِيمٍ فَاكِهِينَ بِمَآءَاتَاهُمْ
رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ} (الطُّور: 18) أَي ناعمين مُعجبين بِمَا هم
فِيهِ، ومَنْ قَرَأَ (فَكِهِينَ) فَمَعْنَاه فَرِحِين.
قَالَ: وسمعتُ أهلَ التفسيرِ يَختارُون مَا كَانَ فِي وصف أهل الجَنَّة
فاكِهين، وَمَا كَانَ من وَصْف أهل النّار فَكِهين، يَعْنِي أَشرينَ
بَطرين.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلَّ وعزّ فِي صفة أهل الجنّة:
{الْجَنَّةِ اليَوْمَ فِى} (يس: 55) بِالْألف، وَيقْرَأ (فَكِهون)
وَهِي بِمَنْزِلَة حَذرُون وحاذِرُون. قلتُ: لمَّا قرىء بالحرفين فِي
صفة أهل الجنّة علم أَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِد.
وَقَالَ الفرّاءُ فِي قَوْله تَعَالَى: {تَعْمَلُونَ إِنَّ
الْمُتَّقِينَ فِى جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ} (الطّور: 17، 18) قَالَ:
مُعجبين بِمَا آتَاهُم ربُّهم.
وَقَالَ الزجّاج: قُرِىء (فكهين) و (فَاكهين) (الطُّور: 18) جَمِيعًا
والنَّصب على الْحَال، وَمعنى {وَنَعِيمٍ فَاكِهِينَ بِمَآءَاتَاهُمْ
رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ} (الطُّور: 18) : أَي معجَبين بِمَا آتَاهُم
ربُّهم.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: تَقول الْعَرَب للرجل إِذا كَانَ يَتفكَّه
بِالطَّعَامِ أَو بالفاكهة أَو بأعراضِ النَّاس: إنَّ فلَانا لَفِكَه
بِكَذَا وَكَذَا، وَأنْشد قَوْله:
فكِه إِلَى جَنْبِ الخِوَانِ إِذا غَدَتْ
نَكْبَاءُ تَقْطع ثابِتَ الأطنابِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ أَبُو زيد: الفَكِهُ: الطَّيِّبُ النَّفْس
الضَّحُوك.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو زيد: رَجُلٌ فَكِهٌ وفاكِهٌ وفَيْكَهَانٌ،
وهوَّ الطيِّبُ النّفس المَزَّاح. وَأنْشد:
إِذا فَيْكَهَانٌ ذُو مُلاَء وَلِمَّةٍ
قَلِيل الأذَى فِيمَا يرى الناسُ مُسلِمُ
قَالَ: وفاكَهتُ: مازحت.
(6/19)
قَالَ أَبُو عُبَيد فِي حَدِيث زيدِ بنِ
ثَابت: إنّه كَانَ من أفْكَه النَّاس إِذا خَلاَ مَعَ أَهْلِه.
قَالَ: الفاكِه هَهُنَا: المازح، والاسمُ الفُكاهة. والفاكِه أَيْضا:
النّاعم فِي قَوْله: {الْجَنَّةِ اليَوْمَ فِى} (يس: 55) والفَكِهُ:
المعجب.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله: {حُطَاماً فَظَلْتُمْ} (الواقِعَة: 65)
أَي تتعجّبون مِمَّا نَزل بكم فِي زَرْعِكم. قَالَ: وَيُقَال معنى
{فَظَلْتُمْ} تَنَدَّمون وَكَذَلِكَ تفكّنون، وَهِي لُغةٌ لِعُكْل.
وَقَالَ أَبُو معَاذ النَّحوِيّ: الفاكِه الَّذِي كَثُرَت فاكهتُه،
والفَكِه: الَّذِي يَنالُ من أَعْرَاض النَّاس.
وَقَالَ الفرَّاء فِي (المصادر) : الفَكِه: الأشِر والفاكِهةُ: من
التفكه.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيدٍ قَالَ: المُفْكِه من النُّوق: الَّتِي
يُهَرَاقُ لَبَنُهَا عِنْد النِّتاج قبل أَن تَضَعَ وَقد أَفْكَهَتْ.
وَقَالَ شمِر: نَاقَة مُفْكِهَةٌ ومُفْكِهٌ، وَذَلِكَ إِذا أَقْرَبَتْ
فاستَرْخَى صَلَوَاها وعَظُم ضَرْعُها ودَنَا نِتاجُها.
وَقَالَ الأَحوَصُ:
بَنِي عمِّنا لَا تَبعثوا الْحَرْبَ إنّني
أَرَى الحَربَ أَمْسَتْ مُفْكِهاً قد أَصَنَّتِ
قَالَ شمِر: أصنَّت: استرخَى صَلَواها ودنا نِتاجُها. وَأنْشد:
مُفْكِهةٌ أدْنَتْ على رأسِ الوَلَدْ
قد أقْرَبتْ نَتْجاً وحان أنْ تَلِدْ
أَي حَان وِلادُها. قَالَ: وقومٌ يَجعلون الْمُفْكِهَةَ مُقرِباً من
الْإِبِل والخَيل والحُمُر وَالشَّاء وبعضُهم يَجعلُها حِين اسْتبان
حَمْلُها، وقومٌ يَجعلون المفْكِهَ والدَّافعَ سَوَاء.
وَقَالَ غيرُه: تركتُ القومَ يتفكّهون بفلانٍ أَي يَغْتابونه
ويتناوَلُون مِنْهُ.
وَيُقَال للْمَرْأَة: فَكِهَةٌ وللنساءِ فَكِهَاتٌ، وتصغر فُكَيْهَةٌ.
كَهْف: قَالَ اللَّيْث: الكَهْف كالمَغَارة فِي الجَبل إلاّ أَنَّه
وَاسع، فَإِذا صَغُرَ فَهُوَ غارٌ، والجميعُ كُهوف.
ويقالُ: فلانٌ كَهفٌ لأهل الرِّيب: إِذا كَانُوا يَلُوذُون بِهِ،
وَيكون وَزَراً لَهُم يلجأُون إِلَيْهِ إِذا رُوِّعُوا. وأُكْيَهِف:
موضِعٌ ذكره أَبُو وَجْزَة فَقَالَ:
حَتَّى إِذا طَوَيا والليلُ مُعْتكِرٌ
من ذِي أُكَيْهِف جزْع البان والأثَبِ
أَرَادَ الأثأب فَترك الْهَمْز.
كَفه: أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الكافِه: رئيسَ
العَسكر، وَهُوَ الزُّوَيْر والعَمود والعِمادُ والعُمدة والعُمْدان.
قلتُ: وَهَذَا حَرْفٌ غَريبٌ لَا أحْفَظُه لغير ابْن الأعرابيّ.
هفك: امرأةٌ هَيْفَكٌ: أَي حَمْقَاء.
وَقَالَ عُجَيْر السَّلوليّ: أَخْبرنِي أَبُو بكر الإياديّ عَن شمِر
أنَّه أَنشَدَه لِعُجَيْر:
دَمَّتْهُما هَيْفَكٌ حَمْقاءٌ مُصْبِيَةٌ
لَا تُتْبِعُ الْعين أشْقَاها إِذا وَغَلا
(6/20)
وَيُقَال: فلانٌ مُهفَّكٌ ومُؤَفَّكٌ
ومُتَهفِّك وَمُفَنِّنٌ: إِذا كَانَ كثيرَ الْخَطَأ وَالاختلاط.
هـ ك ب
اسْتعْمل من وجوهها: كهب، هكب.
كهب: قَالَ اللَّيْث: الكُهْبة: غبرة مُشرَبة سواداً فِي ألوان
الْإِبِل خَاصَّة، تَقول: بعير أكهَب، وناقة كَهْباء.
قلت: لم أسمع الكُهْبة فِي ألوان الْإِبِل لغير اللَّيْث، ولعلّه
يُستعمل فِي ألوان الثِّيَاب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الكهْب: لون الجاموس.
هكب: أهمَله اللَّيْث.
ورَوَى ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي، قَالَ: الهَكَب الاستهِزاء.
قلت: أصلُه الهَكَم بِالْمِيم.
هـ ك م
همك، هكم، كمه، كهم، مهك: مستعملة.
همك: قَالَ اللَّيْث: انهَمَك فلَان فِي كَذَا وَكَذَا إِذا لَجَّ
وتمَادَى فِيهِ، تَقول: مَا الَّذِي هَمَكه فِيهِ؟ .
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فرسٌ مَهْمُوك المعدَّين.
وَقَالَ أَبُو دؤاد:
سَلِطُ السُّنْبُك لأْمٌ فَصُّهُ
مُكْرَب الأرساغ مهموك المعَدّ
وَقَالَ ابْن السّكيت: اهْمأَكَّ فلانٌ يَهْمَئِكُّ فَهُوَ مُهْمَئِكٌ
ومزمئِكٌ ومُصْمَئِكٌّ إِذا امْتَلَأَ غَضَباً.
كمه: قَالَ اللَّيْث: الكمَه فِي التَّفْسِير: العَمَى الَّذِي يُولد
بِهِ الْإِنْسَان، وَقد جَاءَ فِي الشِّعر مِنْ عَرَضٍ حَادث.
قَالَ الشَّاعِر:
كَمِهتْ عَيناهُ حتّى ابيضَّتَا
فهوَ يَلْحَا نَفْسَه لما نَزَعْ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأكْمَه: الَّذِي يُولد لَا بَصَرَ
لَهُ، وَالْفِعْل مِنْهُ كَمِه يَكْمَه كَمَهاً.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الأكمه
الْأَعْمَى الَّذِي لَا يبصر فيتحيّر ويتردّد. وَيُقَال إنّ الأكمه:
الَّذِي تَلِده أمُّه أعمى. وَأنْشد:
هَرَّجْتُ فارتَدَّ ارْتدادَ الأكمهِ
فوصَفَهُ بالهَرَج، وذَكَر أَنه كالأكْمه فِي حالِ هَرْجه.
وروى أَبُو عبيد عَن حجاج عَن جُرَيج عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: الأكمه:
يبصر بِالنَّهَارِ وَلَا يبصر بِاللَّيْلِ.
وَقَالَ المفضَّل: يُقَال للذَّاهب العَقْل: أكمه، وَقد كَمِه كَمَهاً.
كهم: قَالَ اللَّيْث: كَهُمَ الرّجل، وَهُوَ يَكْهُم كَهَامةً: إِذا
كَانَ بطيئاً عَن النصْرة وَالْحَرب، وفرسٌ كَهام: بطيء عَن الْغَايَة،
وسيفٌ كهام: كليل عَن الضَّريبة، ولسان كهامٌ عَن البلاغة، وَتقول:
فلَان قد كَهَمته الشدائد: إِذا جَبّنَته عَن الْإِقْدَام.
قَالَ والكَهْكامةُ: المتهيِّب.
وَقَالَ شمر: رجلٌ كَهْكامةٌ وكَهْكم، قَالَ: وأصلُه كَهام فزيدت
الْكَاف، وَأنْشد:
(6/21)
يَا رُبَّ شيخٍ مِنْ عَدِي كَهْكمِ
وَقَالَ أَبُو الْعِيَال الهذَلي:
وَلَا كَهْكامةٌ بَرِمٌ
إِذا مَا اشتدّت الحِقَبُ
وَرَوَاهُ أَبُو عبيد: وَلَا كهكاهَةٌ بَرمٌ، وَقد مرّ تَفْسِيره
فِيمَا مرّ من هَذَا الْكتاب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الكَهْكَم والكهْكَب:
الباذَنْجان.
مهك: قَالَ اللَّيْث: مُهْكَةُ الشَّبَاب: نُفْخَته وامتلاؤه وارتواؤه
وماؤه: يُقَال: شابٌّ مُمَهَّك.
أَبُو عبيد، عَن الْكسَائي: الممَهَّك: الطَّوِيل، وَيُقَال: مَهَكْتُ
الشَّيْء: إِذا مَلَسْتَه وَقَالَ النَّابِغَة:
إِلَى المَلِك النُّعْمانِ حِينَ لَقِيتُه
وَقد مُهِكتْ أصْلابها والجَنَاجِنُ
قَالَ: مَهِكَتْ: مُلِّسَتْ ومهَكْتُ السَّهمَ: ملّسْتُه.
هكم: قَالَ اللَّيْث الهَكِمُ: المقتحِم على مَالا يعنيه الَّذِي
يتَعَرَّض للنّاس بشرِّه، وَأنْشد:
تَهَكمَ حَرْبٌ على جارِنَا
وَألقى عَلَيْهِ لَهُ كَلْكَلا
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: تَهَكَّمْتُ: تَغَنَّيت، وهكَّمتُ غَيْرِي
غَنَّيْتُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: التهكُّم: الِاسْتِهْزَاء. قَالَ:
وَأَخْبرنِي ابْن نَجدَة عَن أبي زيد أَنه قَالَ: التهكم: التكبُّر،
والتَّهكُّم: التَّبَخْترُ بطَراً، والتهكم: السَّيْلُ الَّذِي لَا
يُطَاق، والتهكم: الِاسْتِهْزَاء والتهكم: تَهَورُّ البِئْر، والتهكم
الطَّعْن المُدَارَك. |