تهذيب اللغة (أَبْوَاب الْهَاء والظاء)
هـ ظ ذ هـ ظ ث: أهملت وجوهها.
هـ ظ ر
اسْتعْمل من وجوهها: ظهر.
ظهر: قَول الله تبَارك وَتَعَالَى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ
إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (النُّور: 31) حدّثنا السَّعديّ قَالَ:
حدَّثنا ابْن عفّان قَالَ: حَدثنَا ابنُ نُمَير، عَن الأَعْمَش، عَن
سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَلاَ
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} (النُّور: 31)
قَالَ: الكَفُّ والخاتَمُ والوجهُ.
وَقَالَت عَائِشَة: الزّينة الظاهرةُ: القُلْب والفَتْخَة.
وَقَالَ ابْن مَسْعُود: الزِّينَة الظَّاهِرَة: الثِّيَاب.
(6/133)
قَالَ اللَّيْث: الظّهْر: خلافُ البَطْن من
كلّ شَيْء، وَكَذَلِكَ الظَّهْر من الأَرْض: مَا غَلُظ وارتفَع،
والبطنُ: مَا رَقَّ واطمأنّ، وَالظّهْر: الرِّكاب الَّتِي تحمِل
الأثقال فِي السَّفَر. وَيُقَال لطريق البَرّ: طريقُ الظّهْر، وَذَلِكَ
حَيْثُ يكون مَسلَكٌ فِي البرِّ ومسلَكٌ فِي الْبَحْر. وَيَقُول
المُدَبِّر لِلْأَمْرِ: قلّبْتُ الأمرَ ظهرا لِبَطْن.
والظُّهْر: ساعةُ الزَّوال، وَلذَلِك يُقَال: صَلَاة الظُّهر.
والظَّهيرةُ: حَدُّ انتصافِ النَّهَار. قلتُ: هما وَاحِد.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: أَتَانَا بالظَّهيرة، وأتانا ظُهراً
بِمَعْنى، وَيُقَال: أظهَرْتَ يَا رجُل: أَي دخلتَ فِي حَدِّ الظُّهْر.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَاتَّخَذْتُمُوهُ
وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً} (هُود: 92) ، يَقُول: تركْتُم أمرَ الله
وَرَاء ظهورِكم، يَقُول: عَظَّمتمْ أمرَ رَهْطِي، وتركتُم تَعظيمَ الله
وخوفَه.
أَبُو عُبَيد، عَن الأصمعيّ: الْبَعِير الظِّهْريّ: هُوَ العُدَّة
للْحَاجة إِن احْتِيجَ إِلَيْهِ.
وَقَالَ غَيره عَنهُ: يُقَال: اتخذْ مَعَك بَعِيرًا أَو بَعِيرَيْنِ
ظِهْريَّين: أَي عُدّةً، والجميع ظَهَارِيُّ وظهَارٍ، وبعير ظهيرٌ
بيِّنُ الظهَارة إِذا كَانَ شَديداً.
وَقَالَ اللَّيْث: الظَّهِير من الْإِبِل: القويُّ الظّهْر صَحِيحُه،
وَالْفِعْل ظَهَرَ ظهارةً.
وَقَالَ الأصمعيّ: هُوَ ابْن عمّه دُنيا، فَإِذا تبَاعد فَهُوَ ابْن
عمِّه ظهْراً بجزم الْهَاء.
وَقَالَ: وَأما الظِّهرة فَهُوَ ظهْرُ الرجل وأنصارُه بِكَسْر الظَّاء،
وَأنْشد:
أَلَهْفي على عِزَ عزيزٍ وظِهْرَةٍ
وظلِّ شبابٍ كنتُ فِيهِ فأَدْبَرَا
أَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: سَالَ
وَادِيهمْ دُرْأً: من غير مَطَر أَرضهم، وسال وَادِيهمْ ظَهْراً: مِنْ
مطرِ أَرضهم.
قلت: وأحسِب ظُهْراً بِالضَّمِّ أَجود، لِأَنَّهُ أنْشد:
وَلَو دَرَى أنّ مَا جاهَرْتَني ظُهُراً
مَا عُدْتُ مَا لألأت أذنابَها الفُؤُرُ
ابْن بُزُرْج: أوثقه الظُّهاريَّة: أَي كَتَفه.
اللَّيْث: رجلٌ ظَهْريّ: من أهل الظَّهر، وَلَو نَسْبتَ رجلا إِلَى
ظهْر الْكُوفَة لَقلت: ظَهريّ، وَكَذَلِكَ لَو نَسْبت جِلْد إِلَى
الظّهْر لَقلت: جلدٌ ظَهريّ.
قَالَ: والظِّهرِيّ: الشَّيْء تَنساه وتغفل عَنهُ. يُقَال: تكلّمت بذلك
عَن ظهر غَيب. وَالظّهْر: فِيمَا غَابَ عَنْك. وَقَالَ لبيد:
عَن ظهر غيبٍ والأنيس سَقَامُها
قَالَ: وظَهْرُ الْقلب: حِفْظُه من غير كتاب. تَقول: قرأتُه ظَاهرا
فاستظْهَرْتُه.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ
ظِهْرِيّاً} (هُود: 92) أَي واتخذتم الرَّهْط وراءكم ظهرياً تستظهرون
بِهِ عليّ، لَا ينجيكم من الله تَعَالَى ذكره.
الْأَصْمَعِي: فلانٌ قِرْنُ الظّهْر، وَأنْشد:
فَلَو كَانَ قِرنِي وَاحِدًا لكُفِيتُه
ولكنّ أَقْرَان الطُّهورِ مَقاتِلُ
(6/134)
وَفِي حَدِيث طَلْحَة أنّ قَبِيصَةَ قَالَ:
مَا رأيتُ أحدا أعْطَى لجزَيلٍ عَن ظَهْر يدٍ من طَلْحَة ابْن عبد
الله. قيل: قَوْله عَن ظَهْر يدٍ، مَعْنَاهُ ابْتِدَاء من غير
مُكَافَأَة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: هَاجَتْ ظُهُورُ الأَرْض، وَذَلِكَ مَا
ارتَفَع مِنْهَا، وَمعنى هَاجَتْ أَي يَبِسَ بَقْلها.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَالِكَ} (التّحْريم: 4) ، قَالَ: يريدُ
أعوانٌ، فَقَالَ: ظَهيرٌ، وَلم يقل ظُهَراء. وَلَو قَالَ قَائِل: إنّ
ظهير لجبريل وَصَالح الْمُؤمنِينَ وللملائكة كَانَ صَوَابا، وَلكنه
حَسُنَ أَن تجعَل الظَّهير للْمَلَائكَة خاصّةً لقَوْله:
{الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَالِكَ} أَي بعد نُصْرَةِ
هَؤُلَاءِ ظَهِيرٌ.
وَقَالَ الزّجاج: {الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَالِكَ}
فِي معنى ظُهَرَاء، أَرَادَ وَالْمَلَائِكَة أَيْضا نُصَّارُ النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ غَيره: ومِثلُ ظَهيرٍ فِي معنى ظُهَراء قولُ الشَّاعِر:
إنَّ العَواذِلَ لَسْنَ لِي بأَميرِ
يَعْنِي لَسْنَ لي بأُمراء، وَأما قَول الله عزّ وجلّ: {وَكَانَ
الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيراً} (الفُرقان: 55) . قَالَ ابْن
عَرَفَة: أَي مُظاهراً لأعداء الله تَعَالَى، وَقَوله جلّ وعزّ:
{دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُواْ عَلَى} (المُمتَحنَة: 9) أَي عاونوا،
وَقَوله: {تَظَاهَرُونَ علَيْهِم} (البَقَرَة: 85) أَي يتعاونون،
{الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَالِكَ} (التّحْريم: 4) أَي
ظُهَرَاء أَي أعوان النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا قَالَ:
{وَحَسُنَ أُولَائِكَ رَفِيقاً} (النِّسَاء: 69) أَي رُفَقَاء. قَالَ
الشَّاعِر:
إنَّ العَوَاذِل لَسْنَ لي بأمِيرِ
أَي بأمراء، {فَمَا اسْطَاعُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَن يَظْهَرُوهُ} (الْكَهْف: 97) أَي مَا قَدَرُوا أَن
يَعْلُوا عَلَيْهِ لارتفاعه، يُقَال: ظهر على الْحَائِط، وعَلى
السَّطْح، وَظهر على الشَّيْء: إِذا غَلَبه وعَلاَه {فِضَّةٍ
وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا} (الزّخرُف: 33) أَي يعلون، والمعارج: الدَّرَج
{عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُواْ} (الصَّف: 14) أَي غَالِبين وقولُ الله جلّ
وعزّ: {قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا} (التّحْريم: 4) مَعْنَاهُ:
وَإِن تعاونا، يُقَال: تظاهرَ القومُ على فُلان، وتظافَروا وتضافَروا
إِذا تعاوَنوا عَلَيْهِ. وَقَول الله جلّ وعزّ: { (الَّذين يَظَاهَرَون
مِنْكُم من نِسَائِهِم) } (المجَادلة: 2) قرىء (يَظَّهَّرون) ، وقرىء،
وقرىء {الَّذِينَ} (المجَادلة: 2) فَمن قَرَأَ (يَظَّاهرون) فَالْأَصْل
يتَظاهرون، وَمن قَرَأَ (يظَّهَّرون) فَالْأَصْل يتَظَهَّرون،
وَالْمعْنَى وَاحِد، وَهُوَ أَن يَقُول لَهَا: أنتِ عليَّ كظهْر
أُمِّي، وَكَانَت الْعَرَب تُطَلّق نساءها فِي الْجَاهِلِيَّة بِهَذِهِ
الْكَلِمَة، فلمَّا جَاءَ الْإِسْلَام نُهُوا عَنْهَا، وأُوجِبَت
الْكَفَّارَة على مَن ظَاهَرَ من امْرَأَته، وَهُوَ الظِّهار، وَأَصله
مأخوذٌ من الظَّهْر، وَذَلِكَ أَن يَقُول لَهَا: أنتِ عليَّ كظهْرِ
أمِّي، وَإِنَّمَا خصُّوا الظَّهْر دون البَطْن والفخِذ والفَرْج،
وَهَذِه أَوْلَى بالتَّحْرِيم؛ لأنَّ الظَّهر مَوْضِعُ الرُّكُوبِ،
وَالْمَرْأَة مَرْكوبة إِذا غُشِيَتْ، فَكَأَنَّهُ إِذا قَالَ: أنتِ
عليَّ كَظهر أمِّي، أَرَادَ رُكُوبُكِ للنِّكاح حرَام عليَّ كرُكُوب
أمِّي للنِّكاح، فَأَقَامَ
(6/135)
الظَّهْر مقامَ الرُّكوب لِأَنَّهُ
مَرْكوبٌ، وَأقَام الرُّكوبَ مقَام النِّكَاح لأنّ الناكحَ راكِبٌ،
وَهَذَا من لطيف الِاسْتِعَارَة للكناية، وَيُقَال: ظاهرَ فلانٌ
فلَانا: إِذا عاونه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ظهرَ فلانٌ بحاجة فلانٍ: إِذا جعَلها بظهرٍ وَلم
يخفَّ لَهَا. وَيُقَال: ظاهرَ فلانٌ بَين ثَوْبَيْنِ وبَيْنَ
دِرْعَيْن: إِذا طابق بَينهمَا.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي زيد: الظَّهَرَةُ: مَا فِي البيتِ من المَتَاع
والثِّياب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: بيتٌ حَسَنُ الأهرة والظَّهرَة والعَقارِ
بِمَعْنى وَاحِد.
سَلمَة عَن الفرّاء: نزل فلانٌ بَين ظَهْرَيْنا وظَهرَانَيْنَا
وأَظْهُرنَا بِمَعْنى وَاحِد. وَلَا يجوز بَين ظَهرانِينَا، بِكَسْر
النُّون.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر: لقيتُه بَين الظَّهْرَانَيْن مَعْنَاهُ
فِي اليَوْمَين أَو فِي الْأَيَّام. قَالَ: وَبَين الظَّهرَين مثله.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: رَأَيْته بَين ظَهْراني اللَّيل، يَعْنِي مَا
بَين العِشاء إِلَى الْفجْر.
وَقَالَ الأصمعيّ يُقَال: جَاءَ فلَان مُظَهِّراً أَي جَاءَ فِي
الظَّهيرة، وَبِه سُمِّي الرجُل مُظهِّراً وأَحدُ أجداد الأصمعيّ
يُقَال لَهُ: مُظَهِّر، وَهُوَ مدفونٌ بكاظِمةَ فِيمَا زَعم.
وَقَالَ: إبلُ فلانٍ تَرِد الظَّاهِرَة: إِذا وَرَدَتْ كلَّ يَوْم
نِصفَ النَّهَار.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو شمر: الظَّاهِرَة: الّتي ترِد كلَّ يومٍ نِصفَ
النَّهَار، وتصدرُ عِنْد العَصر. وَيُقَال: شاؤهمْ ظواهر.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الظَّاهِرَة: أَن تَرِدَ كلّ يومٍ ظهرا.
قَالَ: وظَاهرَةُ الغِبِّ، هِيَ للغنم لَا تكَاد تكون لِلْإِبِلِ.
قَالَ: وظاهرَةُ الغِبِّ أقصَرُ من الغِبِّ قَلِيلا.
وَقَالَ شمر: قَالَ الْأَصْمَعِي: الظَّوَاهِر: أشرافُ الأَرْض،
يُقَال: هَاجَتْ ظَواهِرُ الأرْض.
وَقَالَ ابْن شُميل فِيمَا رَوَاهُ عَن ابْن عَوْن، عَن ابْن سِيرِين
أنَّ أَبَا مُوسَى كَسا فِي كَفَّارَة الْيَمين ثَوْبَين: ظهرانِيّاً
ومُعَقَّداً.
قَالَ النَّضر: الظهرانيُّ يُجاء بِهِ من مَرَّ الظهْرَان.
وَقَالَ الْفراء: أَتَيْته مرّة بَين الظَّهرَيْن: مرّة فِي
الْيَوْمَيْنِ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو فَقْعَس: إِنَّمَا هُوَ يومٌ بَين عامَين.
وَقَالَ الفرّاء: نزل بَين ظَهْرَيْنا وظَهْرَانَيْنا وأظْهُرِنا.
والمُعَقَّد؛ بُرْدٌ من بُرُودِ هَجَر.
وَعَن معمر قَالَ: قلت لأيّوب: (مَا كَانَ عَن ظَهْرِ غِنًى) مَا
ظَهْرُ غِنًى؟ قَالَ أَيُّوب: عَن فضل عِيَال.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ظاهِرَةُ الْجَبَل: أَعْلَاهُ. وظاهرة كلِّ
شَيْء: أَعْلَاهُ، اسْتَوَى أَو لم يستَوِ ظاهرُه، وَإِذا علوتَ ظهرَه
فَأَنت فَوق ظاهِرَتِه، وَقَالَ المُهَلهِل:
وخَيْلٍ تَكَدَّسُ بالدَّارِعِي
نَ كَمشْي الوُعُولِ عَلَى الظَّاهِرَهْ
وَقَالَ الْكُمَيْت:
(6/136)
فَحَلَلْتَ مُعْتَلَجَ البِطَا
حِ وحَلَّ غيرُك بالظَّواهِرْ
وَقَالَ خَالِد بنُ كُلْثوم: مُعْتلج البطاح: بطنُ مَكَّة، والبطحاء:
الرَّمْل، وَذَلِكَ أنّ بني هَاشم وَبني أُميَّة وسادَةَ قُرَيش
منازِلُهمْ ببَطْن مكّة، وَمن دُونَهم فَهُم يَنْزِلُون بظواهر جبالها،
وَيُقَال: أَرَادَ بالظَّواهر أعْلَى مَكَّة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: قريشُ الظّواهر: الّذين نَزَلوا بِظُهُور
جبالِ مكّة.
قَالَ: وقُريشُ البطاح أكرَمُ وأشْرَفُ من قُريشِ الظَّوَاهِر.
وَقَالَ الفرّاء: العَرَب تَقول: هَذَا ظهرُ السَّماء، وَهَذَا بَطْنُ
السَّمَاء، لظاهرها الَّذِي ترَاهُ.
قلتُ: وَهَذَا جَائِز فِي الشَّيْء ذِي الوَجْهين الَّذِي ظَهْرُه
كبطنِه كالحائط الْقَائِم، وَيُقَال لمَا وَليَك مِنْهُ: ظَهْرُه،
وَلما وَلِيَ غَيْرك ظَهْرُه، فأمّا ظِهارَة الثَّوْب وبِطانَتُه،
فالبطانَة: مَا وَلِي مِنْهُ الْجَسَد وَكَانَ دَاخِلا، والظِّهارة:
مَا عَلاَ وظَهَر وَلم يَلِ الجَسَد، وَكَذَلِكَ ظِهارة الْبسَاط:
وَجهه، وبطانتُه مَا يَلِي الأَرْض، وَيُقَال: ظَهَّرْتُ الثوبَ: إِذا
جعلتَ لَهُ ظِهارَة، وبطَّنْتَه: إِذا جعلتَ لَهُ بطانَةً، وَجمع
الظِّهَارة ظَهائِر، وجمعُ البطانة بَطائن.
أَبُو عبيد، عَن أبي عُبيدة قَالَ: الظُّهارُ من رِيشِ السَّهم: مَا
جُعل من ظَهْرِ عَسِيبِ الرِّيشة. والبُطنان: مَا كَانَ من تَحت
العَسيب.
وَقَالَ الفرّاء والأصمعيّ فِي الظُّهارِ والبُطْنان مثل ذَلِك،
قَالَا: واللُّؤَام: أَن يَلتَقِيَ بطنُ قُذّةٍ وظَهْرُ الْأُخْرَى،
وَهُوَ أجْوَدُ مَا يكون، فَإِذا الْتَقى بَطْنان أَو ظَهْرَان فَهُوَ
لُغابٌ ولَغْبٌ.
وَقَالَ اللّيث: الظُّهارُ من الرِّيش: هُوَ الَّذِي يظْهر رِيش
الطائِر وَهُوَ فِي الْجنَاح.
قَالَ: وَيُقَال: الظُّهار جماعةٌ، وَاحِدهَا ظَهْرٌ قَالَ: ويُجمَع
على الظُّهْرانِ، وَهُوَ أفضل مَا يُراشُ بِهِ السَّهْم، فَإِذا رِيشَ
بالبُطنان فَهُوَ عَيْبٌ.
قلت: والقَوْل فِي الظُّهار والبُطْنان مَا قَالَه أَبُو عُبيدة
والأصمعيّ والفرّاء.
وَقَالَ اللَّيْث: الظُّهران من قَوْلك: هُوَ فِيمَا بَين
ظَهْرَانَيْهم وظَهْرَيْهِم، وَكَذَلِكَ يُقَال للشَّيْء إِذا كانَ
وَسَطَ شَيْء فَهُوَ بَين ظَهْرَيه وظَهْرَانَيْه، وَأنْشد:
أُلْبِسَ دِعْصاً بينَ ظَهْرَيْ أَوْعَسَا
وَقَول الله جلّ وعزّ: {ءَامَنُواْ عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُواْ}
(الصَّف: 14) أَي غَالِبين عالِين، من قولِك: ظَهَرْتُ على فلَان: أَي
عَلوْتُه وغَلَبْتُه، وظَهَرْتُ على السَّطح: إِذا صِرْتَ فَوْقه.
وَأنْشد ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي:
فَلَو أنَّهم كَانُوا لَقُونا بِمِثْلِنا
ولكنَّ أقرانَ الظُّهورِ مَغالِبُ
قَالَ: أَقْرَان الظُّهور: أَن يتظاهروا عَلَيْهِ: إِذا جَاءَ اثْنَان
وأنتَ واحدٌ غَلَباك.
وَقَالَ بعض الْفُقَهَاء من الحجازيّين:
إِذا استُحِيضَت الْمَرْأَة واستَمرَّ بهَا الدَّم، فَإِنَّهَا تَقْعُد
أَيَّامهَا للْحيض، فَإِذا انقضتْ
(6/137)
أيامُها استَظْهَرَتْ بثلاثةِ أَيَّام
تقعُد فِيهَا للْحيض وَلَا تُصلِّي، ثمَّ تَغْتَسِل وتُصلِّي.
قلت: وَمعنى الِاسْتِظْهَار فِي كَلَامهم: الِاحْتِيَاط والاستيثاق،
وَهُوَ مَأْخُوذ من الظِّهْرِيِّ، وَهُوَ مَا جعلتَه عُدَّةً لحاجتك.
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: البعيرُ الظِّهْرِيّ:
العُدَّة للْحَاجة إِن احتِيجَ إِلَيْهِ. وجمعُه ظَهَارِيُّ.
قلت: واتِّخَاذُ الظِّهْري من الدَّوَابِّ عُدَّةً للْحَاجة إِلَيْهِ
احْتِيَاط، لِأَنَّهُ زِيَادَة على قَدْر حَاجَة صاحبِه إِلَيْهِ؛
وَتَفْسِيره: الرجُل ينْهض مسافِراً وَيكون مَعَه حاجَتُه من الرِّكاب
لحُمُولته الَّتِي مَعَه فيحتاط لسَفَره، ويزدادُ بَعِيرًا أَو بعيرَين
أَو أَكثر فُرَّغاً تكون مُعَدَّةً لأحمال مَا انقَطَع من حُمُولته
بظَلَعٍ أَو آفَةٍ أَو انحسارٍ، فَيُقَال: استَظْهر ببَعيرَين
ظِهْرِيَّيْن مُحتاطاً بهما، ثمَّ أقيم الاستظهارُ مُقام الِاحْتِيَاط
فِي كلّ شَيْء. وَقيل: سُمِّيَ ذَلِك البعيرُ ظِهْرِيّاً؛ لِأَن صاحبَه
جعله وَرَاء ظهرِه فلمْ يَرْكَبْه وَلم يحْمِل عَلَيْهِ، وتَركَه
عُدَّةً لحاجةٍ إنْ مَسَّتْ إِلَيْهِ.
وَمن هَذَا قولُ الله جلّ وعزّ حِكَايَة عَن شُعَيب أَنه قَالَ
لِقَوْمِهِ: {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً} (هُود: 92)
وَقد مَرَّ تفسيرُه.
وَفِي الحَدِيث: (فاظهرْ بِمَن مَعَك مِن الْمُسلمين إِلَيْهَا) ، أَي
اخرُج بهم إِلَى ظَاهرهَا، وأَبْرِزْهُم.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة: كَانَ يصلّي العَصْر فِي حُجْرَتِي قبل أَن
يُظْهر، تَعْنِي الشَّمْس: أَي تعلو السُّطح، وَمِنْه قَوْله:
وَإِنَّا لنَرْجو فوقَ ذَلِك مَظْهرا
يَعْنِي مَصْعَدا.
وَقَالَ اللَّيْث: الظُّهور: بُدُوُّ الشَّيْء الخفيِّ والظُّهور:
الظَّفَر بالشَّيْء والاطّلاع عَلَيْهِ. يُقَال: أظهر الله الْمُسلمين
على الْكَافرين: أَي أعلاهُم عَلَيْهِم، وأظهرَني الله على مَا سُرِق
منِّي أَي أعثرني عَلَيْهِ.
وَيُقَال: ظَهر عنّي هَذَا العَيْبُ أَي نَبَا عَنّي وَلم يَعْلَقْ بِي
مِنْهُ شَيْء. وَمِنْه قَول أبي ذُؤَيب الهُذَلي:
وعَيَّرها الواشُونَ أنِّي أحِبُّها
وتِلْكَ شَكاةٌ ظاهِرٌ عنكَ عارُها
وَقيل لعبد الله بن الزُّبير: يابنَ ذَات النِّطاقَين، تعييراً لَهُ
بهَا، فَقَالَ متمثّلاً:
وَتلك شَكاة ظاهرٌ عَنْك عارُها
أَرَادَ أنّ نطاقها لَا يَغُضُّ مِنْهَا وَلَا مِنْهُ، فيُعَيَّرا بِهِ
ولكنّه يرفعُه، فيزيدُه نبْلًا وَيُقَال: وَهَذَا أمرٌ ظاهرٌ عَنْك:
أَي لَيْسَ بلازِمٍ لَك عيبُه. وَقَالَ:
وَتلك شكاةٌ ظاهرٌ عَنْك عارُها
وَهَذَا أمرٌ أَنْت بِهِ ظاهرٌ: أَي أَنْت قويٌّ عَلَيْهِ، وَهَذَا
أمرٌ ظاهرٌ بك: أَي غالِبٌ لَك. وَقَوله:
واظْهَرْ بِبزَّتِه وَعَقْدِ لوائه
أَي افخَرْ بِهِ على غَيره.
وحاجتي عندَك ظاهرةٌ: إِذا كَانَت مُطَّرحةً عِنْده.
المْنذريّ، عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: ظهرتُ بِهِ: أَي
افتخرتُ بِهِ، وظهرتُ
(6/138)
عَلَيْهِ: قويتُ عَلَيْهِ. وَجَعَلَنِي
بظهرٍ: أَي طَرَحَني.
وَقَوله عزّ وجلّ: {لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ}
(النُّور: 31) : أَي لم يبلغُوا أَن يطيقوا إتْيَان النّساء، وَيُقَال:
ظَهَر فلَان على فلَان: قوي عَلَيْهِ، وَفُلَان ظَاهر على فلَان: أَي
غَالب لَهُ. {إِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ} (الْكَهْف: 20) أَي يطَّلعوا
عَلَيْكُم ويعثروا، وَيُقَال: ظَهرت على الْأَمر. {لاَ يَعْلَمُونَ
يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ
الاَْخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} (الرُّوم: 7) أَي مَا يتصرّفون فِيهِ من
معاشَهم.
ابْن بُزُرْج: أكلَ الرجُل أَكلَة ظَهر مِنْهَا ظَهْرُه: أَي سَمِن
مِنْهَا.
قَالَ: وَأكل أكلَةً إِن أصبَح مِنْهَا لَنَابِياً، وَلَقَد نَبَوْتُ
من أكلةٍ أكلتها. يَقُول: سمِنْتُ مِنْهَا.
أَبُو عُبيدٍ، عَن أبي عُبَيْدة: جعلتُ حَاجته بظَهرٍ: أَي بظَهرِي:
خَلْفِي. قَالَ: وَمِنْه قَوْله: {وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ
ظِهْرِيّاً} (هُود: 92) ، وَهُوَ استهانتُك بحاجة الرَّجُل. قلت:
وَمِنْه قَوْله:
تميمُ بنَ مرِّ لَا تكونَنّ حَاجَتي
بظَهرٍ، فَلَا يَعْيَا عليَّ جوابُها
وَقَالَ الزجَّاج: يُقَال للّذي يَسْتهين بحاجَتِك وَلَا يَعْبأ بهَا:
قد جعلتَ حَاجَتي بظَهرٍ، وَقد رَمَيْتها بِظهْر.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ} (آل
عِمرَان: 187) .
وَقَالَ ابْن شُمَيل: العَين الظَاهرة: الّتي مَلأتْ نُقْرَةَ العَين
وَهِي خلافُ الغائِرة.
وَقَالَ غيرُه: الْعين الظاهرةُ: هِيَ الجاحِظة الوَحِشَة.
وَقَالَ بعضُهم: الظُّهار: وَجَعُ الظّهر، وَرجل مظهورٌ وظَهِرٌ: إِذا
اشْتَكَى ظهرَه.
وَقَالَ ابْن السكّيت: رجل مُظَهَّرٌ: شَدِيد الظَّهر، وَرجل ظَهيرٌ:
يَشتكِي ظَهرَه، وَرجل مُصدَّر: شَدِيد الصَّدْر، وَرجل مَصْدُورٌ:
يشتكي صَدْرَه.
وَيُقَال: فلَان يَأْكُل على ظَهرِ يدِ فُلان: إِذا كَانَ هُوَ يُنفق
عَلَيْهِ، والفُقراء يَأْكُلُون على ظَهر أيدِي النّاسِ.
وَيُقَال: حَمَل فلانٌ القرآنَ على ظَهرِ لسانِه، كَمَا يُقَال: حَفِطه
عَن ظَهرِ قَلْبه وَقد اسْتَظهر فلانٌ الْقُرْآن: إِذا حَفِظَه.
وَيُقَال: ظَهَر فلانٌ الجَبَلَ: إِذا علاهُ، وظهرَ السَّطْحَ ظُهوراً:
علاهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: فلانٌ لَا يظهرَ عَلَيْهِ أحدٌ: أَي لَا يُسلِّم
عَلَيْهِ أحد.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الظُّهار: الرِّيش، والظَّهار:
ظَاهر الحَرَّة، والظِّهار: من النّساء.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: الظُّهاريَّة: أَن يعتقله الشَّغْزَبِيّةَ
فيصرَعَه؛ يُقَال: أخَذَه الظُّهاريَّة والشَّغْزَبيَّةَ بِمَعْنى.
وَيُقَال: ظَهرْتُ فلَانا: أَي أصبْتُ ظَهره فَهُوَ مظهور.
والظِّهْرَة: الأعوان قَالَ تَمِيم:
أَلَهْفِي على عِزَ عَزيزٍ وظِهْرَةٍ
وظلِّ شَبابٍ كنتُ فِيهِ فأَدْبَرا
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الظَّهر سِتّ فقارات، والكاهل والكَتَدِ ستُّ
فقارت وهما بَين
(6/139)
الْكَتِفَيْنِ، وَفِي الرَّقَبَة ستُّ فقارات ذكره عَن نُصَير.
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: وَالظّهْر الَّذِي هُوَ سِتُّ فِقَر تكتنِفها
المَتْنان. قلت: وَهَذَا فِي الْبَعِير.
هـ ظ ل هـ ض ن هـ ظ ف
أهملت وجوهها وَالله أعلم.
هـ ظ ب
اسْتعْمل من وجوهها: بهظ.
بهظ: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: يُقَال: بَهظَني هَذَا الأمرُ: أَي ثَقُل
عليّ وبلَغَ منِّي مشقّته وكلّ شَيْء ثقُل عَلَيْك، فقد بَهظك.
أَبُو عبيد، عَن أبي زيد: بَهظْتُه: أخذتُ بفُقْمِه وفُغْمِه.
قَالَ شمر: أَرَادَ بفُقْمِه فَمَه، وبِفُغْمِه أنْفَه.
والفُقْمان: هما اللَّحيَّان. وأخَذَ بفَغْوِه: أَي بِفَمه، وَرجل
أفْغَى، وَامْرَأَة فغواء: إِذا كَانَ فِي فَمه مَيَلٌ.
هـ ظ م
ظهم: أهمله اللَّيْث، ووجدتُ حَرْفاً فِي حديثٍ حَدَّثَنِيه أَبُو
الْحسن الْمخْلَدِيّ، عَن أبي الرّبيع، عَن ابْن وهب، عَن يحيى بن
أَيُّوب، عَن أبي قَبيلٍ المعافِريِّ قَالَ: كُنَّا عِنْد عبيد الله بن
عَمْرو فَسئلَ: أَي المدينتين تُفتَح أوّلاً: قَسْطَنْطِينيَّة أَو
رُوميّة؟ فَدَعَا بصُنْدوق ظَهْمٍ. قَالَ: والظَّهْمُ: الخَلَق. قَالَ:
فَأخْرج كتابا فنَظَر فِيهِ وَقَالَ: كنّا عِنْد النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم نكتب مَا قَالَ، فسُئِل: أيّ المدينتين تُفتَح أوّلَ:
قُسطنطيِنيّة أَو رُوميّة؟ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
مَدِينَة ابْن هِرَقْلَ تُفتَح أوّل، يَعْنِي القُسْطَنْطِينيّة. قلت:
هَكَذَا جَاءَ مفسَّراً فِي الحَدِيث، وَلم أسمَعْه إلاّ فِي هَذَا
الحَدِيث. |