تهذيب اللغة أَبْوَاب الْخَاء وَالدَّال
خَ د (وايء)
خاد (خود) ، داخ، دوَّخ، أخد: مستعملة.
خود _ خيد: وَقَالَ الليثُ: الْخَوْدُ: الفتاةُ الشّابَّةُ مَا لم
تَصِرْ نَصَفاً. . وجَمْعُه: خَوْدَاتٌ.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: الْخَوْدُ _ من النِّسَاء _: الحَسنَةُ
الْخَلْق.
وَقَالَ أَبُو زيد: جَمْعُ خَوْذٍ: خُودٌ _ بِضَم الْخَاء.
وَقَالَ الليثُ: يُقَال: خَوَّدْتُ الفَحْلَ تخْوِيداً _ إِذا
أرسلْتَهُ فِي الْإِبِل. وأَنشدَ:
(وَخَوَّدَ فَحْلَهَا مِنْ غَيْرِ شَلٍّ ... بِدَار الرِّيحِ تخْوِيدَ
الظَّلِيم)
قلتُ: غَلِطَ الليثُ فِي تَفْسِير التَّخْوِيد. . أَنه بِمَعْنى
إرْسَال الفَحْل.
(7/211)
وغَلِط فِي تَفْسِير الْبَيْت جُمْلَةً.
والبيتُ لِلَبيدِ فِي قصيدة لَهُ قرأتُها.
يُقَال: خَوَّدَ البعيرُ تخْوِيداً _ إِذا أسْرع، والرِّوَايةُ:
(وَخَوّدَ فَحْلُها مِنْ غَيرِ شَلٍّ ... )
وَصَفَ بَرْدَ الزَّمانِ، وإسراعَ الفَحْل إِلَى مَرَاحِه مُبَادِراً
هُبُوبَ الرِّيح الباردةِ أَصِيلاً _ كَمَا يُخَوِّدُ الظلِيمُ _ إِذا
رَاحَ إِلَى بَيْضِه وأُدْحِيِّهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدٍ _ عَن أَصْحَابه _: التَّخْوِيدُ سُرْعَةُ سير
الْبَعِير فَهَذَا هُوَ الصحيحُ.
وَأما قَول اللَّيْث: خَوّدْتُ الفَحْلَ _ إِذا أرسلتُهُ فِي الْإِبِل،
فهُو باطلٌ. . مَا قَالَه أحدٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخِيدُ: فارِسيَّةٌ _ حَوّلُوا الذّالَ دَالا
فأَعْرَبُوهُ.
قلتُ: يُعْنَى بِهِ الرَّطْبَةُ.
خدي. . وخد: يُقَال: خَدَى البعيرُ. . يَخْدى خَدْياً _ فَهُوَ خَادٍ _
إِذا أَسْرَع المشيَ.
وَمثله: وَخَدَ يَخِدُ، وخَوَّد يُخَوِّدُ.
كُلُّهُ بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ الليثُ: الْوَخْدُ: سَعَةُ الْخَطْوِ فِي الْمَشْي.
ومثُلُهُ: الْخَدْيُ _ لُغَتَانِ.
يُقَال: وخَدَتِ الناقةُ. تخِدُ وَخْداً ووُخُوداً.
وخَدتْ تخْدِي خَدْياً.
وبَعِيرٌ وَخَّادٌ. وَقَالَ النَّابِغَةُ:
(فمَا وَخَدَتْ بمِثْلِكَ ذاتُ غَرْبٍ ... حَطُوطٌ فِي الزِّمامِ وَلاَ
لَجُونُ)
وَأنْشد أَبُو عُبَيدٍ _ فِي النَّاقة الوخُودِ:
(وَخُودٌ مِنَ اللاَّئِي تَسَمَّعْنَ بالضُّحَى ... قَرِيضَ
الرُّدَافَى بالْغِنَاءِ المُهَوِّدِ)
داخ _ ودوّخ: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: دَاخَ لنا فلَان يَدُوخُ _ إِذا
ذلّ وخضع.
وَقد دَوَّخْنَاهُمْ تَدْوِيخًا. . ودُخْناهُمْ دَوْخًا.
قلتُ: وَيُقَال: دَاخ يَدِيخُ إِذا ذَلَّ.
وَقد ديَّخْتُه وذَيَّخْتُهُ _ بِالدَّال والذال _ إِذا ذَلَّلْتُهُ. .
فَهُوَ مدَيَّخٌ ومُذَيَّخٌ _ أَي: مُذَلَّلٌ.
قَالَ ذَلِك ابْن الْأَعرَابِي وَحَكَاهُ أَبُو عبيد عَن الأحْمَرِ _
بِالذَّالِ _: ذَيَّخْتُهُ.
فأنكرهُ شمِرٌ بالذّالِ، وزَعَم أَنه بِالدَّال وَهُوَ صَحِيحٌ لَا شكّ
فِيهِ _ بِالذَّالِ وَالدَّال.
وَأنْشد شمر:
(قاعَ وَإنْ يَتْرُكَ فَشَوْلٌ دُوَّخُ ... )
ودَوَّخَ فلانٌ البلادَ _ إِذا سَار فِيهَا حَتَّى عَرَفَها، وَلم
يَخْفَ عَلَيْهِ طُرُقُها.
وروى اللَّيث _ فِي هَذَا الْبَاب _ حَرْفاً صَحّفَه فَقَالَ:
أخد: قَالَ: والْمُستَأْخِدُ: الْمُستَكينُ. قَالَ: ومَرِيضٌ مُستأخِدٌ
_ أَي: مُستكينٌ لمرضه.
قلتُ: هَذَا حَرفٌ مُصَحَّفٌ، قُلبَت الذّال دَالاً فِيهِ.
والصّوَابُ: ((الْمُستأخِذُ)) _ بالذَّال. . وَهُوَ الَّذِي يَسيل
الدّم من أَنفِهِ.
وَيُقَال. . للَّذي بعَينهِ رَمَدٌ: مُستأخِذٌ _ أَيْضا.
(7/212)
وأقرَأَني الإياديُّ _ عَن شمرٍ _ لأبي
عُبَيدٍ _ عَن الأصمعيِّ _: ((الْمُسْتَأْخِذُ)) : الْمُطَأطِىءُ
رأًسَه من وَجَعٍ.
وَهَذَا كلُّهُ بالذّال. ومَوضِعها فِي ((بَاب الْخَاء والذال)) .
بَاب الخَاء وَالتَّاء
خَ ت (وايء)
ختا (اخْتتا)) ، خات، تاخ، وتخ: مستعملة.
ختا و (اختتأ) : قَالَ اللَّيْث: خَتَا الرَّجلُ. . يَخْتُو خُتُوّاً
وَهُوَ أَنْ تَرَاهُ منكسراً _ من حُزْنٍ أَو مَرَضٍ _ مُتَخَشِّعاً.
وَيُقَال: أَرَاكَ اخْتَتَأْتَ من فلَان فَرَقاً.
وَقَالَ العَجَّاجُ:
(مُخْتَتِئاً لِشَيِّئَانِ مِرْجَمِ ... )
شَيِّئَانٌ بوزْنِ شَيِّعَانٍ.
ومَفازَةٌ مُخْتَتَئَةٌ: لَا يُسْمَعُ فِيهَا صوتٌ وَلَا يُهْتَدَى
فِيهَا السَّبيلَ.
أَبُو عُبيد _ عَن الكسائيِّ _: اخْتَتَأْتُ لَهُ اخْتِتَاءً _ إِذا
خَتْلَته.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ _ فِي كِتاب ((الهمْزِ)) : اخْتَتَأْتُ من
الرَّجُلِ اخْتِتَاءً _ أَي: اخْتَبَأتُ مِنْهُ.
قَالَ: واخْتَتَأْتُ أَيْضا اختِتَاءً إِذا مَا خِفْتَ أَن يَلحقَكَ من
المَسَبَّةِ شيءٌ، أَو. . من السُّلْطَان.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: قَالَ أَعْرابيٌّ: رأيتُ نَمِراً. .
فاخْتَتَأَ. . لي.
وَقَالَ الأصمعيُّ: ((فَاخْتَتَأ)) : ذَلَّ. وَقَالَ مرَّةً: اختبأَ.
وأنشَد:
(كُنَّا _ ومَنْ عَزَّ بَزَّ _ نَخْتبِسُ الناسَ ... وَلا نَخْتَتِي
لِمُخْتَبِسٍ)
_ أيْ: لَا نَذِلُّ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: الْمُخْتَتى: الذَّليلُ.
ورَوَى أَبُو ترابٍ _ للكسائيِّ _: هُوَ خاتلٌ لَهُ. . وَخَاتٍ لهُ:
بِمَعْنى واحدٍ.
وَقَالَ أَوْسُ بنُ حَجَرٍ:
(يَدِبُّ إِلَيْهِ خاتِياً يَدَّرِي لَهُ ... لِيَعقِرَهُ فِي رَمْيهِ
حينَ يُرْسِلُ)
وَقَالَ اللَّيْث أَيْضا: المْخْتَتِي: الذَّلِيلُ.
وَإِذا تَغَيَّرَ لونُ الرجُل _ من مَخافة شَيْء نحوِ السُّلطانِ
وغيرِه _ فقد اختَتَأَ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: قَالَ: الْخَتَى: الطَّعْنُ
الْوِلاَءُ.
خيت، خوت: أَبُو عُبَيد: الخائتةُ من العِقْبَانِ: الَّتِي تَخْتَاتُ.
وَهُوَ صَوْت جَناحَيْها _ إِذا انقَضَّتْ فسمعْتَ صوتَ انقضاضِها.
يُقَال: خاتَتْ تَخُوتُ. وَقَالَ ابنُ رِبْعٍ الهُذَلَيُّ:
(تَخُوتُ قُلُوبَ القومِ مِن كلِّ جانبٍ ...
كَمَا خَاتَ طَيْرَ الماءِ وَرْدٌ مُلَمَّعُ)
وَقَالَ آخرُ:
(يَخُوتُونَ أُخْرَى القوْمِ خَوْتَ الأجادِلِ ... )
وَقَالَ الليثُ: يُقَال: عُقَابٌ خائِتةٌ: تُصَوِّتُ بجناحَيْهَا. .
وَلَهُمَا حَفِيفٌ.
(7/213)
وسمِعْتُ خَوَاتَها _ أيْ: حَفِيفَها
وصَوْتَها.
أَبُو عُبيد _ عَن أبي زيد _: الْخَوَاتُ والحَرَاةُ والوَحَاةُ:
الصَّوْتُ.
وَقَالَ أَبَو نُخَيْلَةَ:
(أَو كَاخْتِيَاتِ الأَسِدِ الشَّوِيَّا ... )
الشَّوِيّا: جَمْعُ شَاةٍ.
وَيُقَال: اخْتَاتَ الذِّئْبُ شَاة من الغَنم اخْتِيَاتاً _ إِذا
اختَطَفَها.
وَكَذَلِكَ: اختَاتَ الصَّقْرُ الطيْرَ.
وكلُّ اختِطَافٍ: اخْتِيَاتٌ وَخَوْتٌ.
وَفِي حَدِيث أبي جَنْدَلِ بن عمرِو بن سُهَيْلٍ أَنَّهُ اخْتَاتَ
للضَّرْبٍ. . حَتَّى خِيفَ عَلَى عَقْلِهِ. قَالَ شَمِرٌ: هَكَذَا
رُوِيَ.
وَالْمَعْرُوف: أَخَتَّ الرجُلُ، فَهُوَ مُخِتٌّ _ إِذا انكَسَر
واسْتَحْيا. والمُخِتُ: المنكَسِرُ.
قَالَ: والمُختَتِي: نحوُ الْمُخِتِّ. . وَهُوَ المُتَصَاغِرُ. .
المُنْكَسِرُ.
توخ _ وتخ: قَالَ الليثُ: تاخَتِ الإصبُعُ فِي الشَّيْء الْوَارِمِ
الرِّخْوِ.
وَأنْشد بيتَ أبي ذُؤَيْبٍ:
(بِالِّنِّي فَهْيَ تَتُوخُ فيهِ الإصْبَعُ ... )
قَالَ: ويُرْوَى: فَهِيَ تَثُوخُ. بالثَّاءِ.
قلتُ: ثَاخَ وسَاخَ. معروفان بِهَذَا المعنَى.
وأمَّا ((تاخَ)) _ بمعناهما _: فَلَا أَحْفظُه لغير اللَّيْثِ.
وَفِي الحَدِيث: ((أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِيَ
بِسَكْرَانَ فأَمَرَ بِهِ حتَّى ضُرِبَ بِالْمِتِّيخَةِ)) .
ورَوَى عثمانُ بنُ سَعيدٍ _ عَن أحمدَ بن صالحٍ _ أَنه قَالَ - فِي
قولِه: ((ضُرِبَ بالْمِتِّيخَةَ)) _: هِيَ الجَرائدُ الرَّطْبَةُ.
ورَوَى أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن نَجْدَةَ عَن أبي زَيْدٍ _ أَنَّهُ
قَالَ: يُقَال للعَصا: الْمِتْيَخَةُ _ بِسُكُون التَّاء وَفتح
الْيَاء.
قَالَ: وَهِي الْمِيتَخَةُ أَيْضا _ الياءُ قبْلَ التَّاء والمِيمُ
مكسورةٌ _.
قَالَ: وهِيَ الْمِتِّيخَة _ التَّاءُ مُشَدَّدةٌ قبْلَ الياءِ
السَّاكنةِ والميمُ مَكسورةٌ.
ثلاثُ لُغاتٍ.
فَمن قَالَ: ((مِيتَخَةٌ)) فَهِيَ مَأخوذةٌ مِنْ وَتَخَ يَتِخُ.
وَمن قَالَ: ((مِتْيَخَةٌ)) فَهِيَ مِنْ تَاخَ يَتِيخُ.
ومَنْ قَالَ. ((مِتِّيخَةٌ)) فَهِيَ ((فِعِّيلةٌ)) مِنْ مَتَخَ الجرادُ
_ إِذا رَزَّ ذَنَبُهُ فِي الأَرْض.
وَقَالَ الليثُ: تاءُ ((الأخْتِ)) : أَصْلُها هاءُ التَّأْنِيث.
بَاب الْخَاء والظاء
خَ ظ (وايء)
قلتُ: أُهْمِلَتْ وُجُوهُها غيرَ: خظا.
خظا: قَالَ اللّيثُ: يُقَال: خَظا يَخْظُوا وَخِظِيَ يَخْظَى. . فَهُوَ
خَاظٍ وَخَظٍ _ وَهُوَ المكْتَنِزُ اللَّحْمِ.
والْخَظَاةُ _ من كلِّ شيءٍ _ المُكْتَنِزَةُ.
وَأنْشد:
(لَهَا مَتْنَتانِ خَظَاتَا كَمَا ... أَكَبَّ عَلَى سَاعِدَيْهِ
النَّمِرْ)
(7/214)
قَالَ بعضُ النَّحْوِيِّينَ: كُفَّ نُونُ
((خَظَاتَانِ)) _ كَمَا قَالُوا: ((اللَّذَا)) ، وهُمْ يُرِيدون
((اللَّذَانِ)) .
وَقَالَ الأَخْطَلُ:
(أَبَنِي كُلَيْبٍ إنَّ عَمَّيَّ اللَّذَا ... قَتَلاَ المُلُوكَ
وَفَكَّكَا الأَغْلاَلاَ)
وَقيل: بل أُخْرِجَتْ على أصل التصريف.
كَمَا يُقَال _ للذّكر _ ((خَظَا)) . . قَالُوا: للمرأتين:
((خَظَاتَا)) . . لِأَن الْوَاحِدَة يقا ل لَهَا: ((خَظَتْ، وغَزَتْ))
_ فَتُسْقِطُ الألِفَ التَّاءُ فَلَمَّا تحركَتِ التَّاءُ فِي قولكَ:
((خَظَتَا وَغَزَتَا)) كَانَ فِي الْقيَاس: أَن تُتْرَكَ الألِفُ
مَكَانهَا ((خَظَاتَا وَغَزَاتَا)) وَلَكنهُمْ بَنَوُا التثنيةَ على
عَقِب فَعْلِ الْوَاحِدِ. . فَأَلْزَمُوا طَرْحَ الألِف، وَكَانَ فِي
((خَظَاتَا)) رِوَايةٌ على هَذَا الْقِياس _ فَافْهَم.
فَإِذا جَمَعْتَ ((الْخَظَاةَ)) بِالتَّاءِ. قلتَ: خَظَوَاتٌ لأنَّ
أَصْلَها الواوُ.
أَبُو عبيد _ عَن الْفراء _: ((خَظَا)) و ((بَظَا)) و ((كَظَا)) _
بِغَيْر هَمْزٍ _ يَعْنِي اكتنزَ. ومِثْلُه: ((يَخْظُو، ويَبْظُو،
ويَكْظُو)) .
وَقَالَ شمر: يُقَال ((خَظَا يَخْظُو خَظْواً)) و ((بظا يبظو بَظْواً))
.
وَأنْشد:
(بِأَيْدِيهِمْ صَوارِمُ مُرْهَفَاتٌ ... وكُلُّ مُجَرَّبٍ خَاظِي
الْكُعُوبِ)
قَالَ: والْخَاظِي: الْغَلِيظُ الصُّلْبُ.
وَقَالَ الهُذَلِيُّ يصفُ حِماراً:
(خَاظٍ كَعِرْقِ السِّدْرِ يَسْبِقُ ... غَارَةَ الْخُوصِ النّجَائِبِ)
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ _ أَنه قَالَ
_ فِي قَول امرىء الْقَيْس:
(لَهَا مَتْنَتَانِ خظاتَا ... )
أَرَادَ: ((خَظَاتانِ)) . . فأسقط النُّون. وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم:
يُقَال فرس خَظٍ بَظٍ.
ثمَّ يُقَال: خَظَا بَظَا _ وَكَذَلِكَ خَظِيَةٌ بَظِيَةٌ.
ثمَّ يُقَال: خَظَاةٌ بَظَاةٌ _ تُقْلَبُ الياءُ أَلفاً سَاكِنة. . على
لُغَة طَيِّيءٍ. وَأنْشد:
(وَمَتْنَانِ خَظاتَان ... كَزُحْلُوفٍ مِنَ الهَضْبِ)
أَرَادَ ((خَظِيَتَانِ)) .
وَأنْشد:
(أَمْسَيْنَا أَمْسَيْنَا ... وَلَمْ تَنامِ الْعَيْنَا)
كَانَ أَصله: ((ولَمْ تَنَم الْعَيْنَانِ)) .
فَلَمَّا حَرَّك المِيمَ لاستقبالها اللامَ: رَدَّ الأَلِفَ وَأنْشد:
(مهْلاً _ فِداءٌ لَكَ يَا فَضَالهْ ... أَجِرَّهُ الرُّمْحُ ولاَ
تُهَالَهْ)
أَرَادَ: ((وَلَا تُهَلْهُ)) .
وَقَالَ آخَرُ:
(حَتَّى تَحَاجَزْنَ عَنِ الذُّوَّادِ ... تَحاجُزَ الرِّيِّ وَلَمْ
تَكادِ)
أَرَادَ: وَلم تَكَد.
فَلَمَّا حَرَّكَتِ القافيةُ الدالَ: ردَّ الْألف.
قلت: وَأما قَوْلهم: حَظِيَتِ المرأةُ وبَظِيَتْ _ من الْحُظْوَةِ _
فَهُوَ بِالْحَاء. . وَلم أسمع فِيهِ الْخَاء.
(7/215)
بَاب الْخَاء والذال
خَ ذ (واىء)
خذي، خذأ، أَخذ، ذوخ، خاذ، ذيخ: مستعملة.
خذي: قَالَ اللَّيْث: خَذِيَ الحمارُ يَخْذَى خَذاً. . فَهُوَ أَخْذَى
الأُذُنِ _ إِذا انكسرتْ أُذُنُهُ.
وأُذُنٌ خَذْوَاءُ، وَأَتَانٌ خَذْوَاءُ.
وَالْجمع: الخُذْيُ.
وَهُوَ الرِّخْوُ رَانِفِ الأُذُنِ.
وَكَذَلِكَ: فَرَسٌ أَخْذَى. . والأُنْثَى خذْوَاءُ.
قلتُ: جَمْعُ الأَخْذَى: خُذْوٌ _ بِالْوَاو _ لِأَنَّهُ من بَنَات
الْوَاو.
كَمَا قيل فِي جمع ((الْأَعْشَى: عُشْوٌ)) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: أُذُنٌ خُذَاوِيَّةٌ. . من آذان الْخَيل، وَأنْشد:
(لَهُ أُذُنَانِ خذَاوِيَّتَانِ ... وَبالْعَيْنِ يُبْصِرُ مَا فِي
الظلَمْ)
قَالَ: وَهِي الْخَفِيفَة.
وَأما الأُذُنُ الْخَذْوَاءُ فَهِيَ الَّتِي استرخَتْ من أَصْلهَا على
الخدَّيْنِ.
اللَّيْث: رجلٌ خِنْذِيَانٌ كَثِيرُ الشَّرِّ.
قلتُ: لَيْسَ من هَذَا الْبَاب.
خذأ: قَالَ اللَّيْث: خَذِىءَ الإنسانُ يَخْذَأُ خَذَءاً _ مَهْمُوزٌ _
وخَذِئْتُ لِفُلانٍ، واسْتَخْذَأْتُ لَهُ _ إِذا انقدتُ لَهُ.
أَبُو زيدٍ _ فِي الْهمْزِ _: خَذِئْتُ لَهُ خَذَءاً _ إِذا
اسْتَخْذَأْتُ لَهُ.
أَخذ: قَالَ اللَّيْث: أَخَذَ يَأْخُذُ أَخْذاً _ وَهُوَ خلاف
الْعَطاء. . وَهُوَ التَّنَاوُل.
والأُخْذَةُ: رُقْيَةٌ تَأْخُذُ العينَ. . ونَحْوُها.
قَالَ: والإخَاذَةُ: الضَّيْعَةُ. . يَتِّخِذُها الإنسانُ لنَفسِهِ.
وَفِي حديثِ مَسْرُوقٍ أَنُّه قَالَ: مَا شَبَّهْتُ بأصحاب مُحَمَّدٍ
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إلاَّ الإخَاذَ.
تَكْفي الإِخَاذَةُ الراكبِ.
وتَكفي الإِخَاذةُ الراكَبين.
وتكفي الإِخَاذَةُ الْفِئَامَ من النَّاس.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ ((الإِخَاذُ)) _ بِغَيْر هاءٍ _ وَهُوَ
مُجْتَمَعُ الماءِ. . شَبِيهٌ بالغَدِير.
وَقَالَ عَدِيُّ بْن زَيْدٍ. . يصف مَطَرا:
(فَاضَ فِيه مِثْلُ الْعُهُونِ مِنَ الرَّوْضِ، ... وَمَا ضَنَّ
بالإخَاذِ غُدُرْ)
قَالَ: وَجمع ((الإخاذ)) : ((أُخُذٌ)) ، وَقَالَ الأخْطَلُ:
(فَظَلَّ مُرْتَبِياً والأُخْذُ قَدْ حَمِيَتْ ... وَظَنَّ أَنَّ
سَبِيلَ الأُخْذِ مَثْمُودُ)
قَالَ ذَلِك كلَّهُ أَبو عُبيدَةَ.
وَقَالَهُ أَبُو عَمْرٍ و. . وَزَاد فَقَالَ: وأمَّا ((الإِخَاذَةُ))
بِالْهَاءِ فَإِنَّهَا: الأرضُ. . يَأْخُذُهَا الرجلُ فيحُوزُها لنفسِه
ويتَّخِذُها، ويُحْيِيهَا.
شَمِرٌ _ عَن أبي عَدْنَانَ _ قَالَ: ((إِخَاذٌ)) : جَمْعُ
((إِخَاذَةٍ)) ، و ((أُخُذٌ)) : جمعُ ((إِخَاذٍ)) .
(7/216)
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عبيْدَةَ: الإخَاذَةُ
والإخَاذُ _ بِالْهَاءِ وَغير الهاءِ _: جمْعُ إِخْذٍ والإخْذُ: صِنْعُ
المَاء. . يجتمعُ فِيهِ.
وَفِي ((النَّوادِر)) : إخَاذَةُ الْحَجَنَةِ: مَقْبِضُها وَهِي
ثِقَافُهَا.
وجاءَتِ امرأَةٌ إِلَى عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا فقالَتْ لَهَا:
((أُقَيِّدُ جَمَلِي؟)) .
وَفِي حديثٍ آخَرَ: ((أُؤَخِّذُ جَمَلي؟)) فَلم تَفْطُنْ لَهَا عائِشة
حَتَّى فُطِّنَتْ فأَمَرَتْ بإخْرَاجهَا.
والتَّأخِيذُ: أَن تحتالَ المرأَةُ بِحِيَلٍ من السِّحْرِ تَمْنَعُ
بهَا زَوجهَا من جِمَاعِ غَيرها.
يُقَال: إنَّ لِفُلاَنةَ أُخْذَةً تُؤَخِّذُ بهَا الرِّجَالَ عَن
النِّساء.
وَقد أَخَّذَتْهُ السَّاحِرَةُ تُؤخِّذُهُ تَأْخِيذاً.
وَمن هُنا قيل للأسير: أَخِيذٌ.
وَقد أُخِذَ فلانٌ _ إِذا أُسِرَ.
وَمِنْه قولُ الله جلّ وعزّ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين حَيْثُ
وَجَدْتُمُوهُمْ وخذوهم} [التّوبَة: 5] .
معنَاهُ _ وَالله أعلم _: ائْسِرُوهُمْ.
أَبُو عبيد _ عنْ أبي زيد _: مِنْ أَمْثَالِهمْ: ((إِنَّهُ لأَكْذَبُ
مِنَ الأَخِيذِ الصَّبْحَانِ)) .
قَالَ: وَقَالَ الفرَّاءُ: فلانٌ أَكْذَبُ من أَخِيذِ الْجَيْشِ وَهُوَ
الَّذِي يَأْخُذُه الْعَدُوُّ فَيَستَدِلُّونَهُ على قومه فَهُوَ
يَكْذِبُهُمْ بِجُهْدِهِ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن الْمُفَضَّل بنِ سَلَمَة عَن أَبيه، عَن
الفرَّاء _ أَنه قَالَ: إنَّه لأَكْذَبُ من الأَخِذِ الصَّبْحَانِ))
بِلَا يَاء.
قَالَ: وَهُوَ الفَصِيلُ الَّذِي اتَّخَمَ من اللَّبَنِ. يُقَال
مِنْهُ: قد أَخَذَ يَأْخُذُ أَخْذاً.
أَبُو عبيد _ عَن الفرَّاءِ _: يُقالُ: بِعَيْنِه أُخُذٌ، وَهُوَ
الرَّمَدُ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
(يَرْمِي الْغُيُوبَ بعَيْنَيهِ ومَطْرِفُهُ ... مُغْضٍ كمَا كَسَفَ
الْمُسْتأْخِذُ الرَّمِدُ)
وَالْمُسْتأْخِذُ: الَّذِي بِهِ أُخُذٌ - وَهُوَ الرَّمَدُ.
عَمْرو - عَن أَبِيه - يُقال: أَصْبح فلانٌ مُؤتَخِذاً. . لمرضِه،
ومُسْتَأْخِذاً _ إِذا أَصْبَح مُسْتكِيناً.
وَالْعرب تَقول: لَو كنتَ مِنَّا لأَخَذْتَ بإخْذِنَا _ بِكَسْر
الألِفِ _ أَي: أَخَذْتَ بشكلِنَا وَهَدْينَا.
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: يُقال: ذهبَ بَنُو فلانٍ ومَنْ أَخَذَ
إِخْذُهُمْ. . وَأَخْذُهمْ.
يَكسِرُون الألِفَ، ويَضُمُّون الذَّالَ.
وإِنْ شئتَ فَتَحْتَ الألفَ، وضمَمْتَ الذَّال أيْ: وَمن سَارَ
سَيْرَهُمْ.
قَالَ: وقومٌ يَفْتَحُون الألفَ ويَنْصِبُون الذَّالَ.
هَكَذَا رَوَاهُ لنا المنْذِرِيُّ _ عَن الحرَّانِيِّ عنِ ابْنِ
السِّكِّيتِ.
وَقَالَ غيرُه: اسْتُعْمِلَ فلانٌ على الشَّأْم وَمَا أَخَذَ إِخْذَهُ
بالْكمْرِ _ أيْ: وَما وَالاَهْ.
ونجومُ الأَخْذِ: هِيَ نُجُومُ منازِلِ الْقَمر سُمِّيَتْ نُجُومُ
الأخْذِ. . لأخْذِ الْقَمَر فِي منَازِلها.
وَقَالَ أَبو عُبَيد: أنشدنا الْفَرَّاءُ:
(7/217)
(وَأَخْوَتْ نُجومُ الأخْذِ إلاَّ
أَنِضَّةً ... أَنِضَّةَ مَحْلٍ لَيْسَ قاطِرُهَا يُثْرِي)
قَالَ: الأخْذُ: أَن تَأْخُذَ كلّ يَوْم فِي نَوْء.
وَقَالَ الْقُتَيبيُّ: نُجُومِ الأخْذِ: مَنَازِلُ القَمَر: سُمِّيَتْ
((نُجُومَ الأَخْذِ لأخْذِ الْقَمَر كلّ لَيْلةٍ فِي مَنْزِل مِنْهَا.
قَالَ: وَقيل: نُجُومُ الأَخْذِ: الَّتِي يُرمى بهَا مُسْتَرِقُ السّمع
من الشَّياطين والأوَّل أَصحُّ.
وَقَالَ الليثُ: أَخِذَ البعيرُ يَأْخَذُ أَخَذاً وَهُوَ كهَيْئة
الْجُنون.
وكذلِك الشَّاةُ تَأْخَذُ أَخَذاً كَهَيْئَةِ الْجُنون.
وَقَالَ غيرُه: الأَخَذُ: مصدرُ ((أَخِذَ)) الْفَصِيلُ ((يَأْخَذُ
أَخَذاً)) .
وَهُوَ أَن يَتَّخِمَ من شُرْب اللَّبَنِ.
وَيُقَال: ائْتَخَذَ القومُ. . يَأْتِخِذُون ائتِخَاذَا.
وَذَلِكَ: إِذا تَصَارَعوا. . فَأَخَذَ كلُّ واحِدٍ مِنْهُم عَلَى
مُصارِعِهِ ((أُخْذَةً)) يَعْتقلُهُ بهَا.
وجمعُها. . أُخَذٌ.
وَمِنْه قَوْلُ الرّاجِزِ:
(أَهَكَذَا ولمْ يَكُنْ كَرٌّ وَكَرْ ... وَأُخَذٌ وَشَغْزِبِيَّاتٌ
أُخَرْ)
وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقال: اتَّخَذَ فلانٌ مالَ الله دُوَلاً
يَتِّخِذُه اتِّخَاذاً.
وتَخِذَ يَتْخَذُ تَخَذاً: بمَعْناه.
وتَخِذْتُ مَالا _ أَي: كَسَبْتُه.
أُلْزمَتِ التاءُ الحرفَ _ كأَنها أصليَّةٌ. . كَمَا قَالَ الله جلّ
وعزّ: {لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً} [الْكَهْف: 77] .
وَقَالَ الْفراء: قَرَأَ مُجَاهِدُ: ((لَتَخِذْتَ)) قَالَ: وأنشدني
القَنَانِيُّ:
(تَخِذَهَا سُرِّيَّةً تُقْعِّدُه ... )
أَيْ: تَخدُمُهُ.
قَالَ: وأَصْلُهَا: ((افْتَعَلْتَ)) .
قلتُ: وَقد صحَّت هَذِه القراءةُ عَن ابْن عبَّاس. . وَبهَا قَرَأَ
أَبُو عَمْرِو بْن الْعَلاَءِ.
وأَفادني المنذريُّ _ عَن ابْن اليَزِيدِيِّ عَن أَبي زيدٍ _: أَنَّه
قرأَ ((لَوْ شِئْتَ لَتَخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً)) .
قَالَ: وَكَذَلِكَ هُوَ مَكْتُوبٌ فِي ((الإمَامِ)) ، وَبِه يَقْرَأ
القُرَّاءُ.
وَمن قَرَأَ ((لاَتَخَذْتَ)) _ بِفَتْح الخاءِ وبالألفِ _ فإنهُ يخالفُ
الكِتَابَ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: مَن قرأَ ((لاتَّخَذْتَ)) فقد أَدْغَمَ
التَّاء فِي الياءِ _ فَاجْتمع هَمْزَتَانِ فصُيِّرَتْ إحدَاهُما
((يَاءً)) وأُدْغِمَتْ كرَاهةَ التِقائهمَا.
قَالَ: والإخذُ مَا حَفَرْتَ _ كَهَيئَةِ الْحَوْضِ _ لِنَفْسِكَ.
والْجَمِيعُ: الأُخْذَانُ _ تُمْسِكُ الْمَاء أَيَّاماً.
والأمْرُ مِنْ ((أَخَذَ يَأَخُذُ)) : ((خُذْ)) وللاثنين: ((خُذَا)) ،
وللجميع: ((خُذُوا)) .
ذوخ: (ذوذخ وخواخ) : أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ:
الذَّوْذَخُ، والْوَخْوَاخُ: الْعِذْيَوْطُ.
خوذ: أَبُو عبيد _ عَن الأُمَوِيِّ _: خَاوَذْتُهُ مُخَاوَذَةً _ إِذا
فَعَلْتُ مثلَ فعلهِ.
قلت: وأَنْكَرَ شَمِرٌ ((خَاوَذْتُ)) بِهَذَا الْمَعْنى، وذكرَ أنَّ
الْمُخاوَذَةَ والْخِوَاذَ: الفِرَاقُ.
(7/218)
وَأنْشد:
(إذِ النَّوى تَدْنُو عَنِ الْخِوَاذِ ... )
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن أبي طَالِبٍ. . عَن أَبِيه. . عَن
الفرَّاءِ _ أنَّه قَالَ: الْحُمَّى تُخَاوِذُهُ - إِذا حُمَّ فِي
الْأَيَّام. . وَفُلَان يُخَاوِذُنا بالزِّيارةِ _ أَيْ: يتعَهَّدُنا
بالزَّيارة.
قلتُ: وَالَّذِي حَفِظْتُهُ وسمعْتُه _ من الْعَرَب _ فِي
((الْخِوَاذِ)) : أنَّ حِلَّتَيْنِ مِنْهُم نَزَلَتَا على ماءٍ عَضُوضٍ
لَا يُرْوِي نَعَمَهُمَا فِي يَوْم وَاحِد. . فسمعتُ بَعْضَهم يَقُول
لبعضٍ: خَاوِذُوا وِرْدَكُمْ تُرْوُوا نَعَمَكُمْ.
وَمَعْنَاهُ: أَنْ تُورِدَ إحدَى الحِلَّتَيْنِ نَعَمَها يَوْمًا،
ونَعَمُ الْأُخْرَى فِي المَرْعَى. . فَإِذا كَانَ الْيَوْم الثَّانِي
أَوْرَدَتِ الأُخرى نَعَمَها وَإِذا فعلوا ذَلِك كَانَ وِرْدُهُمْ
غِبّاً.
وَذَلِكَ أَنهم إِذا جَمَعوا نَعَمَهم فِي يومٍ
واحدٍ عَلَى المَاء. . نَزَحُوهُ، وصدَرَتْ النَّعَمُ غَيْرَ رِوَاءٍ.
فَهَذَا معنى ((الْخِوَاذِ)) عِنْدهم.
وَيُقَال: ذهب فلانٌ فِي خَوْذَانِ الْخَامِلِ _ إِذا أُخِّرَ عَن أهل
الفَضْلِ.
وَمِنْه قَول عَمْرو بْنِ أَحْمَرَ:
(إذَا سَبَّنَا مِنْهُم دَعِيُّ لأُمِّهِ ... خَلِيلاَنِ مِنْ
خَوْذَانِ قِنٍّ مُوَلَّدِ)
أَبُو العبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ: هُوَ من ((خَوْذَانِ))
النَّاس، وهَلاَثِيِّهِمْ، وقَزَمِهِمْ وخَدَمِهِمْ.
وَفِي ((النَّوَادر)) : يُقَال:
أَمْرٌ خَائِذٌ لاَئِذٌ، وأَمْرٌ مُخَاوِذٌ مُلاَوِذٌ _ إِذا كَانَ
مُعْوِراً.
ذيخ: أَبُو عبيد _ عَن أَبي عَمْرٍ و _ قَالَ: الذِّيخُ: الضِّبْغَانُ
الذكَرُ.
وَقَالَ غيرُه: فِي فلَان ذِيخٌ _ أَيْ كِبْرٌ.
أَبُو عبيد _ عَن العَدَبَّسِ الكِنَانيِّ _ قَالَ: الذِّيخُ:
الْقِنْوُ من أَقْنَاءِ النَّخْلِ وجَمْعُه: ذِيخَةٌ.
قَالَ أَبُو عبيدٍ:
وَقَالَ الأحْمَرُ: ذَيَّخْتُهُ تَذْيِيخاً _ إِذا ذلَّلْتُهُ.
قلتُ: وَقد رُوِيَ _ عَن ابْن الْأَعرَابِي أنَّهُ قَالَ: ذَيَّخْتُهُ
ودَيَّخْتُهُ، بالذَّالِ والدَّالِ _ إِذا ذَلَّلْتُهُ. وهُمَا
لُغتانِ.
بَاب الْخَاء والثاء
خَ ث (وايء)
خوث، ثاخ، خثي، وثخ، خيث: مستعملة.
خوث: قَالَ الليثُ: خَوِثَتِ المرأةُ تَخْوَثُ خَوَثاً.
قَالَ: وخَوَثُهَا عِظِمُ بَطنهَا فِي اسْتِرْخاءٍ: قَالَ: وَيُقَال:
بَلِ الْخَوْثَاءُ: الْحَدَثَةُ الناعمة. . ذاتُ صُدْرَةٍ.
والْجَوْثَاءُ _ بالجيمِ _ الْعَظِيمةُ الْبَطن عِنْد السُّرَّةِ.
وَيُقَال: بل هُوَ كَبطْنِ الْحُبْلَى.
وَأنْشد لأميَّةَ بْنِ حُرْثَانَ:
(عَلِقَ الْقَلْبُ حُبَّهَا وهَوَاهَا ... وَهْيَ بِكْرٌ غَرِيرَةٌ
خَوْثَاءُ)
قَالَ: ويقالُ: الْخَوَثُ: امْتِلاَءُ الصَّدْرِ.
(7/219)
ورُوِيَ _ لِابْنِ السِّكِّيت أَو غيرهِ
عَن أبي زَيْد _ أَنُّهُ قَالَ:
الْخَوْثَاءُ: الْحِفضَاجَةُ مِنَ النِّسَاءِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل _ فِي بَاب الْخَاء _: الْخَوْثَاءُ: النَّاعمةُ
التَّارَّةُ.
قَالَ: وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ حُرْثَانَ:
(وَهْيَ خَوْدٌ عَمِيمَةٌ خَوْثَاءُ ... )
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
(بهَا كُلُّ خَوْثَاءِ الْحَشَا مَرَئِيَّةٍ ... رَوَادٍ يَزِيدُ
الْقُرْطَ سُوءاً قَذَالُها)
قَالُوا: ((الْخَوْثَاء)) : الْمُسْتَرْخِيةُ الْحَشَا و
((الرَّوَادُ)) : الَّتِي لَا تستقِرُّ فِي مكانٍ. . إنَّما تَجِيءُ
وتَذْهَبُ.
قَالَ أَبُو مَنْصُورِ: الْخَوْثَاءُ _ فِي بَيت ابْن حُرْثَانَ _:
صِفةٌ مَحْمُودةٌ وَفِي بَيت ذِي الرُّمَّةِ: صِفَةٌ مَذْمُومَةٌ.
خثى: أَبُو عبيد _ عَن الفرَّاء والأصمعيِّ _ خَثَى الثَّوْرُ يَخْثِي
خَثْياً. قَالَ: وواحدُ الأخْثَاءِ: خِثْيٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْخِثْيُ: للثّوْر.
ثوخ: قَالَ اللَّيْث: ثَاخَتِ الإصْبَع فِي الشَّيْء الوَارِم.
وَقَالَ غيرُه: ثَاخَ وَساخَ: بِهَذَا الْمَعْنى.
وَأنْشد قولَه:
(بِالنِّيِّ فَهْيَ تَثُوخُ فِيهِ الإصْبَعُ ... )
وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: ثَاخَ وَساخَ فِي الأَرْض السهلة _ إِذا
ذَهَبَ فِيهَا سُفْلاً.
خيث: أَبُو العبَّاس _ عَن عمرٍ و. . عَن أَبِيه _ قَالَ:
التَّخَيُّثُ: عِظَمُ الْبَطن، واسترخاؤُه.
والتَّقَيُّثُ: الْجَمْعُ والمَنْعُ. والتَّهَيُّثُ: الاعْطَاء.
وثخ: فِي النَّوَادِر)) : يُقَال لِمَا اخْتَلَط مِنْ أجنَاس العُشْبِ
الْغَضِّ _: وَثِيخَوةٌ ووَسِيغَةٌ _ بالغَيْنِ وَالْخَاء.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: يُقَال: فِي الْحَوْضِ بِلَّةٌ وَهِلَّةٌ
ووَثَخَةٌ. . مِنْ ماءٍ.
بَاب الْخَاء وَالرَّاء
خَ ر (وايء)
خير، خرأ، خور، ريخ، رخى (رخوا) ، رخو، ورخ، أخر، أرخ: مستعملة.
ريخ: قَالَ اللَّيْث: التَّرْيِيخُ: ضَعْفُ الشَّيْء ووَهْنُه.
قَالَ: ويُسَمَّى العُظَيْمُ الهَشُّ الوَالِجُ فِي جَوْف القَرْن _:
((مُرَيَّخَ الْقَرْنِ)) .
قَالَ: وَيُقَال: ضَرَبوا فلَانا حَتَّى رَيَّخُوهُ _ أَي:
أَوْهَنُوهُ. وَأنْشد:
(بِوَقْعِهَا يُرَيَّخُ الْمُرَيَّخُ ... وَالْحَسَبُ الأوْفَى وَعِزٌّ
جُنْبُخُ)
قَالَ: والْمُرَيَّخُ: الْمُرْدَاسَنْجُ.
قلتُ: أما العُظَيْمُ الهَشُّ الْوَالِجُ فِي جَوْفِ الْقَرْنِ، فإِنّ
أَبَا خَيْرَةَ قَالَ: هُوَ المَرِيخُ والمَرِيجُ.
ويجْمَعان: ((أَمْرِخَةً)) و ((أَمْرِجَةً)) .
رَوَاهُ أَبُو تُرَابٍ لَهُ _ فِي كتابِ ((الأعْتِقَاب)) .
قَالَ: وسأَلْتُ عَنْهُمَا أَبَا سَعيدٍ. .؟ فَلم يَعْرِفْهما.
قَالَ: وعَرَفَ غيرُه ((المَرِيخَ)) : الْقَرْنَ الأبيَضَ. . الَّذِي
يكُونُ فِي جَوْفِ الْقَرْنِ.
(7/220)
قلت: وَقد ذكَرَ الليثُ ((المَرِيخَ))
بِهَذَا الْمَعْنى _ فِي بَاب ((مَرَخَ)) وجَمَعَه: ((أَمْرِخَةً)) .
وجَعَلَه فِي هَذَا الْبَاب مُرَيِّخاً _ بتَشْديد الْيَاء _ وَلم
أَسْمَعْه لغيره.
وَأما ((التَّرْييخُ)) _ بِمَعْنى التَّوْهين والتضعيف _ فَهُوَ
صَحِيح.
وَقد رَاخَ يَرِيخُ رُيُوخاً _ إِذا استَرْخَى وَكَذَلِكَ: دَاخَ.
ورَوَى ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ: رَاخَ يَرِيخُ _ إِذا تَبَاعَدَ
مَا بَين فَخِذَيه، وانْفَرَجَ. . حَتَّى لَا يَقْدِرَ عَلَى ضمهما.
وَأنْشد:
(أَمْسَى حَبِيبٌ كالْفُرَيخِ رَائِخَا ... بَاتَ يُمَاشِي قُلُصاً
مَخَائخَا)
(صَوَادِراً عَنْ شُوكَ أَوْ أُضَايخَا ... )
ورخ: أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: أَوْرَخْتُ العَجِينَ _ إِذا أكثرتُ
ماءَه حَتَّى يَسْتَرْخِي وَقد وَرِخَ يَوْرَخُ.
وَاسم ذَلِك الْعَجِين: الْوَرِيخَةُ.
رخو: قَالَ اللَّيْث: الرِّخْوُ والرَّخْوُ: لُغَتَانِ فِي الشَّيْء
الَّذِي فِيهِ رَخَاوَةٌ.
قلتُ: اللُّغَةُ الجَيِّدَة: الرِّخْوُ _ بِكَسْر الرَّاء _.
قَالَه الفرَّاء والأصمعيُّ.
قالاَ: والرَّخْوُ _ بِفَتْح الرَّاء _ مولَّدٌ، والأُنثَى:
بِالْهَاءِ.
وَقَالَ الليثُ: الرَّخَاءُ: سَعَة العَيش.
يُقَال: إِنَّه فِي عَيْشٍ رَخِيٍّ، وَهُوَ رَخِيُّ البال _ إِذا كَانَ
ناعِمَ الْحَال.
وَيُقَال: إنّ ذلكَ الامرَ لَيَذْهَبُ مِنِّي فِي بالٍ رَخِيٍّ _ إِذا
لم يُهْتَمَّ لهُ.
قَالَ: واسْتَرْخَى بِهِ الأمرُ واسترخَتْ بهِ حَالهُ _ إِذا وَقع فِي
حَالٍ حَسَنَةٍ بعد ضيقٍ وشدَّة.
وَيُقَال: رَخِيَ يَرْخَى رَخَاءً فَهُوَ رَخِيٌّ _ أَي: ناعِمٌ.
وَهُوَ رَاخِي البال.
وَأنْشد أَبُو عبيد قَول طُفَيْلٍ الغَنَوِيِّ:
(فَأَبَّلَ واسْتَرْخَى بِهِ الْخَطْبُ بَعْدَما ... أَسَافَ وَوَلاَ
سَعْيُنَا لَم يُؤبِّلِ)
((استَرْخَى بهِ الخَطْبُ)) _ أَي: أَرْخَاهُ خَطْبُهُ ونَعَّمَهُ
وجعَله فِي رَخَاءٍ وَسَعةٍ بعد ذهَاب مَالِه.
وَقَالَ الليثُ وغيرُه: الرُّخَاءُ _ من الرِّياح _ اللّيِّنَةُ
السِّرِيعةُ الَّتِي لَا تزَعْزِعُ شَيْئاً.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {تجْرِي بأَمْره رخاء حَيْثُ أصَاب} [ص: 36]
يَعْنِي الرِّياحَ. . أَنها تَهُبُّ ليِّنَةً بأَمْره.
ونَحْوَ ذَلِك قَالَ أهلُ التَّفْسِير.
وَقَالَ الليثُ: التّرَاخِي هُوَ التَّقَاعُسُ عَن الشَّيْء.
قَالَ: والمرَاخاةُ: أَنْ تُرَاخِيَ رِبَاطًا أَو رِبَاقاً.
وَيُقَال: رَاخِ لَهُ مِن خِنَاقِه _ أيْ: رَفِّهْ عَنهُ.
وأَرْخِ لَهُ قَيْدَه _ أَي: وَسِّعْهُ وَلَا تُضَيِّقْه.
وَيُقَال: أَرْخِ لَهُ الْحَبْلَ _ أيْ: وسِّعْ عَلَيْهِ الأمرَ فِي
تصرُّفه _ حَتَّى يَذْهَبَ حَيْثُ شاءَ.
(7/221)
أَبُو عُبيدٍ، عَن أبي عبيدةَ: قَالَ:
الإرْخَاءُ: شِدَّةُ العَدْو. وَهِي الخَيْلُ المَرَاخِي.
وَقَالَ غيرُه: فَرَسٌ مِرْخاءٌ. والإرْخَاءُ الأعْلَى: أَشَدُّ
الْحُضْرِ.
والإرْخَاءُ الْأَدْنَى: دون الأَعلى.
وَقَالَ امْرُؤُ القَيس:
(لَهُ أَيْطَلاَ ظَبْي وَسَاقَا نَعَامَةٍ ... وَإرْخَاءُ سِرْحَانٍ
وَتَقْرِيبُ تُفَّلِ)
وَقَالَ الليثُ: ناقَةٌ مِرْخَاءٌ وفَرَسٌ مِرْخاءٌ فِي سَيرِهما.
وأَرْخَيْتُ الفَرسَ: وتَرَاخَى الفرَسُ.
قَالَ: و ((الإرخاء)) : عَدْوٌ فَوق ((التَّقْرِيب)) .
قلتُ: لَا يُقَال: أَرْخَيْتُ الفَرَسَ. . وَلَكِن يُقالُ: أَرْخَى
الفرسُ فِي عَدْوِه _ إِذا أَحْضَرَ.
وَلَا يُقَال: تَرَاخى الفَرَسُ إلاّ عِنْد فُتُورِه فِي حُضْرِه.
وَالَّذِي حَكَاهُ الليثُ: لَا أَدْرِي مَا هُوَ؟ قلتُ: وإْخاءُ الفرَس
مَأخوذٌ من الرِّيح ((الرُّخَاءِ)) . . وَهِي السريعةُ مَعَ لِينٍ.
وجائزٌ أَن يَكون من قَوْلهم: ((أَرْخَى بِهِ عنَّا)) _ أيْ: أَبْعدَه
عنَّا، و ((هُوَ مُتَراخٍ عنّا)) _ أيْ: بعيدٌ عنَّا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: تَرَاخى عنيِّ فلانٌ _ أيّ: أَبْطَأَ عنيِّ.
وغيرُه يقولُ: مَعْنَاهُ: بَعُدَ عنِّي.
وَقَالَ اللَّيثُ: وأَرْخَتِ الناقةُ إرْخاءً وإِرْخَاؤُها هُوَ
اسْتِرْخاءُ صَلَوَيْهَا فهيَ مُرْخٍ.
وَيُقَال: أَصْلَتْ. . وإصْلاَؤُهَا: انهِكَاكُ صَلَوَيْها _ وَهُوَ
انْفِرَاجُهما عِنْد الولادةٍ حِين يقعُ الْوَلَدُ فِي صَلَوَيْهَا.
أرخ: قَالَ الليثُ: الأُرْخُ والأُرْخِيُّ _ لُغَتان _: الفَتِيُّ من
البقَر.
قَالَ: والأرْخِيَّةُ: وَلَدُ الثَّيْتَلِ.
ابنُ شُمَيْل: يُقَال للأنثَى من بَقَرِ الوَحْشِ: ((أَرْخٌ)) . .
وجمعُه: ((إِرَاخٌ)) .
وَقَالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
(أَوْ نَعْجَةٍ مِنْ إِرَاخِ الرَّمْلِ أَخْذَلَها ... عَنْ إِلْفِهَا
واضِحُ الخَدَّيْنِ مَكْحُولُ)
وأخبرَني المنذريُّ _ عَن الصَّيْدَاوِيِّ _ قَالَ: الأَرْخُ وَلَدُ
الْبَقَرَة الوَحشيَّة. . إِذا كَانَت أُنثى. قَالَ: والتَّاريخُ
مَأْخُوذٌ مِنْهُ.
قَالَ: كأنّه شيءٌ حَدَثَ _ كَمَا يَحْدُث الوَلَدُ.
قَالَ الصَّيْداوِيُّ: وَأخْبرنَا أحمدُ بنُ عليٍّ الباهِليُّ _ عَن
مُصْعَبِ بن عبد الله الزُّبَيْرِيِّ _ قَالَ: الأَرْخُ ولَدُ
الْبَقَرَة الصغيرُ.
قَالَ: والتاريخُ مأخوذٌ مِنْهُ _ أيْ: أَنَّهُ حَدِيثٌ.
قَالَ: وأَنشَدِني الباهليُّ _ لِرَجلٍ مَدَنِيٍّ كَانَ بالبَصْرَةِ:
(لَيْتَ لِي فِي الخمِيسِ خَمْسينَ عَيْناً ... كلُّها حَوْلَ مَسْجِدِ
الأَشْيَاخِ)
(مَسْجِدٌ لَا يَزَالُ يَهْوِي إليْهِ ... أُمُّ أَرْخٍ قِنَاعُها
مُتَراخِي ... )
(7/222)
وأنشدَنِي أَبُو محمدٍ الْمُزنِيُّ _
فِيمَا رَوَى عَن أبي خَلِيفَةَ _ أنَّ محمدَ بنَ سَلاَّمِ أنشدَهُ
لأُمَيَّةَ بنِ أبي الصَّلْتِ:
(وَمَا يَبْقَى على الحِدْثَانِ غُفْرٌ ... بشَاهِقَةٍ لَهُ أُمٌّ
رَؤُومُ)
(تَبِيتُ اللّيْلَ حَانِيَةً عَلَيْهِ ... كَمَا يَخْرَمِّسُ الأرْخُ
الأَطُومُ ... )
قَالَ: ((الْغُفْرُ)) : وَلَدُ الْوَعْلِ. و ((الأرْخُ)) : وَلَدُ
الْبَقَرَة.
و ((يَخرمِّسُ)) ، أَي: يَصمُتُ، و ((الأطُومُ)) : الضَّمَّامُ بَيْنَ
شَفَتَيْهِ.
ورَوَى أَحمَدُ بنُ يحيى _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ:
مِنْ أسماءِ البقرةِ: الْيَفَنَةُ والأرْخُ _ بِفَتْح الْهمزَة _،
والطَّغْيَا واللِّفْتُ.
قَالَ الأزهريُّ: والصحيحُ: الأَرْخُ بِفَتْح الْهمزَة.
وَالَّذِي حَكَاهُ الصَّيْدَاوِيُّ _ عَن مُصْعَبٍ _: فِيهِ نظَرٌ.
وَمَا قَالَه اللَّيْث _ أنّهُ يقالُ لَهُ: الأُرْخِيُّ _: لَا
أَعْرِفُهُ.
وَقيل: إنَّ ((التَّاريخَ)) الَّذِي يُؤَرِّخُهُ الناسُ ليسَ بعربيٍّ
مَحْضٍ. . وإنَّ الْمُسلمين أَخَذُوهُ عَن أهل الكِتاب.
وتاريخُ الْمُسلمين أُرِّخَ من سنَة الْهِجْرَة، وكُتِبَ فِي خلافةَ
عُمَرَ، فَصَارَ تَارِيخا إِلَى هَذَا الْيَوْم.
خور _ خير: قَالَ الله جلّ وعزّ: {فِيهِنَّ خيرات حسان} [الرَّحمن: 70]
.
قَالَ أَبُو إسْحَاق: ((خَيْرَاتٌ)) . . أصلُهُ فِي اللُّغَة:
خَيِّرَاتٌ.
والْمَعْنَى: أنهنَّ خَيْرَاتُ الْأَخْلَاق، حِسَانُ الخِلَقِ.
قَالَ: وَقد قُرِىءَ بتَشْديد الياءِ.
وَقَالَ الليثُ: رجُلٌ خَيِّرٌ، وامرأةٌ خيِّرَةٌ: فاضِلَةٌ فِي
صَلَاحهَا. . وامرأةٌ خَيْرَةٌ فِي جَمالها ومِيسَمِهَا.
ففَرَّقَ بَيْنَ ((الخَيِّرَةِ)) و ((الْخَيْرَةِ)) واحْتَجَّ
بِالْآيَةِ.
قلتُ: وَلَا فرقَ بَين ((الخَيِّرَةِ)) و ((الْخَيْرَةِ)) عِنْد أهل
المَعْرِفة باللغة.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: هِيَ خَيْرَةُ النِّسَاء، وشَرَّةُ
النِّسَاءِ.
وَأنْشد أَبُو عُبيدةَ:
(رَبَلاَتِ هِنْدٍ خَيْرَةِ المَلِكَاتِ ... )
وَقَالَ الليثُ: ناقةٌ خِيارٌ، وجمَلٌ خِيَارٌ.
قلتُ: وَقد جَاءَ فِي حَدِيث مرفوعٍ: ((أَعْطُوهُ جَمَلاً رَبَاعِياً
خِياراً)) .
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: خَايَرْتُ فلَانا فَخِرْتُهُ خَيْراً،
وَالله يَخِيرُ للْعَبد _ إِذا اسْتَخَارَهُ، وخَارَ الله لنا مَا هُوَ
خَيرٌ، والأَمْرُ: خِرْ.
وَيُقَال: هَذَا وَهَذِه وَهَؤُلَاء: خِيرَتي _ وَهُوَ مَا
يَخْتَارُهُ.
وَتقول: ((أَنْتَ بالمُخْتَارِ)) ، و ((أَنْتَ بالخِيَار)) سَوَاءٌ.
وَقَالَ الفرَّاءُ _ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَاخْتَارَ مُوسَى قومه
سبعين رجلا} [الْأَعْرَاف: 155] .
(7/223)
قَالَ: والتَّفْسِيرُ: أنَّه اخْتَارَ
مِنْهُم سبعين رجلا.
وَإِنَّمَا اسْتُجِيزَ وقوعُ الفِعْل عَلَيْهِم _ إِذا طُرِحَتْ
((مِنْ)) لِأَنَّهُ مأخوذٌ من قَوْلك: هَؤُلَاءِ خَيْرُ الْقَوْم،
وخَيْرٌ مِنَ القَوْمِ.
فلمَّا جازَتِ الإضَافَةُ مَكَانَ ((مِنْ)) وَلم يتغَيَّرِ المعنَى
استجَازُوا أَنْ يَقُولُوا: اخْتَرْتُكُمْ رَجُلاً، واخْتَرْتُ مِنْكُم
رجلا.
وَأنْشد:
(تَحتَ الَّتي اخْتَارَ لهُ الله الشَّجَرْ ... )
يُرِيد: اخْتَارَ الله لَهُ من الشَّجر.
وَقَالَ أَبُو العبَّاس: إنَّما جَازَ هَذَا. . لأنَّ الاخْتِيَارَ
يدلُّ على التَّبعيض.
وَلذَلِك حُذِفَتْ ((مِنْ)) .
وَفِي حَدِيث آخَرَ: ((رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، فَلَمْ أَرَ
مِثْلَ الْخَيْرِ والشَّرِّ)) .
قَالَ شمرٌ: مَعناه _ وَالله أعلم _: لم أر مثلَ الْخَيْر والشرِّ لَا
يُمَيَّز بَينهمَا فَيُبَالَغُ فِي طلب الجنَّة والهرَبِ من النَّار.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: ((إنَّكَ مَا وَخَيْراً)) أَي: إنَّكَ على
خَيْرِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخِيرَةُ _ خفيفةٌ _: مَصْدَرُ ((اخْتَارَ))
خِيرَةً _ مِثْلُ ارْتَابَ رِيبَةً.
قَالَ: وكل مَصْدَرٍ يكون لِ ((أَفْعَلَ)) ، فاسْمُ مصدره ((فَعَالٌ))
، نَحْو أَفَاقَ يُفيقُ فَوَاقاً، وأصَابَ يُصيبُ صَوَاباً، وأَجَابَ
يُجِيبُ جَوَاباً.
أقيم الاسمُ مُقَامَ الْمصدر.
وَكَذَلِكَ عذَّبَ عَذَاباً.
قلتُ: قَرَأَ القُرَّاءُ: {أَن يكون لَهُم الْخيرَة} [الْأَحْزَاب: 36]
بِفَتْح الْيَاء.
وَمثله: سَبْيٌ طِيَبَةٌ _ إِذا حَلَّ استِرْقَاقُه.
ورَوَى الحرَّانِيُّ _ عَن ابْن السكِّيت _ يُقَال: مُحَمَّدٌ خِيرَةُ
الله مِنْ خَلْقِه.
وَتقول: ((إيَّاكَ والطِّيَرَةَ)) . . وسَبْيٌ طِيَبَةٌ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْخِيَرَةُ التَّخْيِيرُ.
وَقَالَ الفرَّاءُ _ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَرَبك يخلق مَا يَشَاء
ويختار مَا كَانَ لَهُم الْخيرَة} [القَصَص: 68] أَي: لَيْسَ لَهُم أَن
يَخْتَارُوا على الله.
قَالَ: وَيُقَال: الخِيْرَةُ والخِيَرَةُ والطِّيْرَةُ والطِّيَرَةُ.
قَالَ: والعَرَب تَقول: أعْطِني الْخَيْرَةَ منهنَّ، والْخِيْرَةَ
والْخِيَرَةَ.
كل ذَلِك: لما تَخْتَارُهُ مِنْ رجل أَو امْرَأَة أَو بَهيمةٍ _ تصلح
إِحْدَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة.
أَبُو عبيدٍ _ عَن أبي زيد _ قَالَ: الاسْتِخَارَةُ أَن تَسْتَعْطِفَ
الإنسانَ وتَدْعُوَه إِلَيْك.
وَأنْشد:
(لَعَلَّكَ إمَّا أُمُّ عَمْرٍ وتَبَدَّلَتْ ... سِواكَ خَلِيلاً
شَاتِمِي تَسْتَخِيرُها)
وَيُقَال: اسْتَخَرْتُ فلَانا فَمَا خَارَ لي _ أَي: فَمَا عَطَفَ.
والأصلُ فِي هَذَا: أنَّ الصَّائِدَ يَأْتِي المَوْضِعَ الَّذِي
يَظُنُّ فِيهِ ولَدَ الظَّبية، أَو البقرَة الوحِشيَّة، فَيَخُورُ
خُوَارَ الْغَزَال فتَسْتَمِعُ الأُمُّ، فَإِن كَانَ لَهَا ولَدٌ،
ظنَّتْ أنَّ الصوتَ صوتُ ولَدِها. . فتَتْبَعُ الصَّوْت،
(7/224)
فيعلَمُ الصائِدُ _ حينئذٍ _ أَنَّ لَهَا
ولَداً، فيطلبُ موضِعَهُ.
فَيُقَال: استَخَارها أَي: خَارَ لِتَخُورَ.
ثمَّ قيل لكلِّ مِن استعطف: قد استَخَار.
قلت: وجَعَلَ الليثُ الاستَخَارَةَ للضَّبُع والْيَرْبُوعِ، وَهُوَ
باطلٌ. إنَّما الاسْتِخَارَةُ مَا فَسَّرْتُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخِيرُ: الهِبَةُ.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: الْخِيرُ: الكَرَمُ. وَهُوَ الصَّوَاب.
وَقَالَ الفرَّاء: يُقَال: لَكَ خُوَارُها _ أَي: خِيَارُها.
وَفِي بني فلانٍ خُورَى من الْإِبِل _ أَي: كِرَامٌ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الْخُوَيْرَةُ: تصغِيرُ الْخُوَرَةِ. .
وَهِي خِيَارُ المَال.
وَقَالَ اللَّيث: والْخُوارُ: صَوْت الثّوْرِ، وَمَا اشتَدَّ من صَوت
البقَرَة والعِجْل.
تَقول: خَارَ يَخورُ خُوَاراً.
قَالَ: والْخَوْرُ: مَصَبُّ الْمِيَاه الجَارِية فِي الْبَحْر _ إِذا
اتّسَع وعَرُضَ.
وَقَالَ شمرٌ: الْخَوْرُ: عُنُقٌ من البَحْر يدخُل فِي الأَرْض،
وجَمْعُه خُؤُورٌ.
وَقَالَ الْعَجَّاجُ يصف السَّفِينة:
(إِذَا انْتَحَى بِجُؤْجُؤٍ مَسْمُورِ ... وَتَارَةً يَنْقَضُّ فِي
الخُؤُورِ)
(تَقَضَّيَ الْبَازِي مِنَ الصُّقُورِ ... )
وَقَالَ غيرُه: الْخَوْرُ: الْمُنخَفِضُ من الأَرْض _ بَين نَشْزيْنِ.
وَلذَلِك قيل للدُّبْر: خَورَانُ. . لأنّه كالهبْطَةِ بَين
رَبْوَتَيْن.
وَيُقَال: طَعَن الحمارَ فَخَارَهُ خَوْراً _ إِذا طَعَنَه فِي
خَوْرَانِهِ، وَهُوَ الْهَوَاء الَّذِي فِيهِ الدُّبْرُ _ من الرَّجُل،
والقُبُلُ _ من الْمَرْأَة.
وأمَّا الأرضُ الْخَوَّارَةُ: فَهِيَ اللَّيِّنَةُ السَّهلَة.
وَيُقَال: بَكْرَةٌ خَوَّارَة _ إِذا _ كانتْ سهلةَ مَجْرَى الْمِحْورِ
فِي الْقَعْوِ. وَأنْشد:
(عَلِّقْ عَلَى بَكْرِكَ مَا تُعَلِّقُ ... بَكْرُكَ خَوّارٌ وَبَكْرِي
أَوْرَقُ)
وَيُقَال: فَرَسٌ خَوَّارُ العِنَانِ _ إِذا كَانَ ليِّنَ الْعِطْفِ،
كَثِيرَ الجَرْي، وخيلٌ خُورٌ.
وَقَالَ ابنُ مُقْبِل:
(مُلِحٌّ إذَا الْخُورُ اللَّهَامِيمُ هَرْوَلَتْ ... تَوَثُّبَ
أَوْسَاطِ الخَبَارِ على الْفَتْرِ)
وَقَالَ اللَّيْث: الْخَوّارُ: الضَّعِيف الَّذِي لَا بقاءَ لَهُ على
الشِّدَّةِ.
ورجلٌ خَوّارٌ، وسَهْمٌ خَوّارٌ.
قَالَ: والخَوَّارُ _ فِي كل شَيْء عيبٌ إلاّ فِي هَذِه الْأَشْيَاء،
ناقةٌ خَوَّارَةٌ، وشاةٌ خَوَّارَةٌ _ إِذا كَانَتَا غَزِرَتيْن
بِاللَّبنِ، وبعيرٌ خَوّارٌ: رَقيقٌ حَسَنٌ، وفرَسٌ خَوّارُ العِنَانِ:
لَيِّنُ العِطْف والجميعُ: خُورٌ _ فِي جَمِيع ذَلِك، وَالْعدَد
خَوَّارَاتٌ.
وَقَالَ أَبُو الهَيْثَم: رجلٌ خَوَّارٌ، وقومٌ خَوَّارُونَ، ورجلٌ
خؤُورٌ، وقومٌ خُورٌ وناقةٌ خوَّارَةٌ: رَقِيقَةُ الْجِلْدِ. .
غَزِيرَةٌ.
وخارَ الرجلُ _ يَخُورُ، فَهُوَ خَائِرٌ، وقومٌ خَارَةٌ، وَقد خَارَ
خُؤوراً.
(7/225)
قَالَ: والْخَوْرُ: خَلِيجُ الْبَحْر.
قَالَ: وَيُقَال _ لِلدُّبر _: الْخَوْرَانُ وَالخَوَّارَة، لضعف
فَقْحَتِهَا سُمِّيَتْ بِهِ.
قَالَ: وَيْجمَعُ ((الخَوْرَانُ)) . . الدُّبُرُ: ((خَوَرَانَاتٍ)) .
قَالَ: وَكَذَلِكَ كلُّ اسْم كَانَ مذكَّراً _ لغير النَّاس. .
فَجَمْعُهُ _ على لفظ تَاءَاتِ الْجَمْعِ _ جَائز.
نحوُ حَمَّامَاتٍ، وَسُرَادِقَاتٍ وَمَا أَشْبَهَهَا.
وَقَالَ غَيره: خَارَ الْبَرْدُ يَخُورُ خؤُوراً _ إِذا فَتَر وسكنَ.
سَلمَة _ عَن الْفراء _: خَوِرَ الرجلُ خَوَراً _ إِذا ضَعُفَ.
وَيُقَال: إِنَّ فِي بعيرك هَذَا لَشَارِبَ خَوَرٍ.
يكون مَدْحاً. . وَيكون ذَمّاً.
فالمدْحُ أَن يكون صَبُوراً على الْعَطش والتعب، والذَّمُّ أَن يكون
غير صَبُورٍ عَلَيْهِمَا.
قَالَ شمر: قَالَ أعرابيٌّ لِخَلَفٍ الأحمرِ: مَا خَيْرَ اللَّبَنَ
للْمَرِيض {وَذَلِكَ بمحضرٍ من أَبي زَيْدٍ.
فَقَالَ لَهُ خَلَفٌ: مَا أحْسَنَها من كلمة. .} لَو لم تُدَنِّسْهَا
بإسماعها النَّاس.
قَالَ: وَكَانَ خَلَفٌ ضَنِيناً. . فَرجع أَبُو زيد إِلَى أَصْحَابه،
فَقَالَ لَهُم: إِذا أقبل خلفٌ فَقولُوا بأجمعكم: ((مَا خَيْرَ
اللَّبَنَ للْمَرِيض {} )) ، فَفَعَلُوا ذَلِك عِنْد إقْباله: فَعلِم
أَنه من فِعل أَبِي زَيْدٍ.
قَالَ شمر: وَيُقَال: مَا أَخْيَرَهُ. . وَخَيْرَهُ.
وَمَا أَشرَّه. . وشَرَّهُ، وَهَذَا خير مِنْهُ وشرٌّ مِنْهُ، وأَخيرُ
مِنْهُ وَأَشَرُّ مِنْهُ.
قَالَ: وَقَوله ((مَا خَيْرَ اللَّبَنَ لِلْمَرِيضِ!)) تَعَجُّبٌ.
خرأ: قَالَ اللَّيْث: خَرِىء يَخْرَأُ خَرْءاً، وَالِاسْم: الْخِرَاءُ.
. والمكانُ: الْمَخْرُوءةُ.
وَقَالَ غَيره: يُجْمعُ ((الْخِرَاءُ)) : ((خروءاً وخُرْآناً)) .
وَفي الْحَدِيثِ: ((أَنَّ الْكُفَّارَ قَالُوا لِسَلْمَانَ: إِنَّ
مُحَمَّداً يُعَلِّمُكُمْ كلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ؟ فَقَالَ:
أَجَلْ. . أَمَرَنا أَلا نكْتَفي فِي الاستنجاءِ بأَقلَّ من ثلاثةِ
أحجارٍ)) .
شمِر: قَالَ الفراءُ: جَمْعُ ((الْخُرْءِ)) : خُرُوءٌ _ عَلَى
((فُعُولٍ)) .
يُقَال: رَمَوْا بِخُرُوئِهِمْ وَسُلُوحِهِمْ، ورَمَى بخُرْآنِهِ
وَسُلْحَانِه. وَهُوَ جَمْعُ ((خَرْءٍ)) _ أَيضاً. والْمخْرُوءَة:
الْموْضِعُ الَّذي يُتَخَلَّى فِيهِ.
أخر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: هَذَا آخَرُ، وَهَذِه أُخْرَى. . فِي
التَّذْكِير والتأنيث.
قَالَ: وَقَوْلُ الله جلّ وعزّ: {وَأخر} : مَعْنَاهُ: جماعةٌ أُخْرَى.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَءَاخَرُ مِن شَكْلِهِ
أَزْوَاجٌ} [ص: 58] : {آخر} لَا تَنْصَرِف، لِأَن وُحْدَانَها لَا
تَنْصَرِف وَهُوَ ((أُخْرَى وَآخَرُ)) .
وَقَالَ المبرِّد: لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ عمَّا كَانَ الأصلُ عَلَيْهِ.
(7/226)
وَذَلِكَ أَن ((الْأَصْغَر)) و
((الْأَكْبَر)) يدخلهما الْألف وَاللَّام. إِلَّا أَن تَقول: ((هُوَ
أَصْغَر من كَذَا وأكبر من كَذَا " فَخرج " آخَرُ وأُخْرَى)) من بَابه،
وأجيزَ _ بِغَيْر أَلف ولامٍ وَبِغير الْإِضَافَة _ فَهُوَ لَا
يَنْصَرِفُ.
وَكَذَلِكَ كل جمع عَلَى ((فُعَلَ)) لَا ينْصَرف إِذا كَانَت
وُحْدَانُهُ لَا تَنْصَرِف مِثْلُ ((كُبَرَ وَصُغَرَ)) .
وَإِن كَانَ ((فُعَلُ)) جمعا ل ((فُعْلَةٍ)) فَإِنَّهُ ينْصَرف.
نحوُ ((سُتْرَةٍ وسُتَرٍ)) ، و ((حُفْرَةٍ وَحُفَرٍ)) .
وَإِذا كَانَ ((فُعَلُ)) اسْماً مصروفاً عَن ((فاعِلٍ)) لم ينْصَرف فِي
((الْمعرفَة)) ، وَانْصَرف فِي ((النَّكِرَةِ)) .
وَإِذا كَانَ اسْماً لطائرٍ أَو غَيره. . فَإِنَّهُ ينْصَرف نحوُ:
((سُبَدٍ ومُرَعٍ وجُرَذٍ)) ، وَمَا أَشْبَهَهَا.
وقرىءَ: (وآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ) على الْوَاحِد.
وقولُهُ جلّ وعزّ: {ومَنَوةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} [النّجْم: 20] :
تأنيثُ الآخَرِ.
وَمعنى ((آخَرَ)) : شيءٌ غيرُ الأَوَّلِ الَّذِي قَبْلَهُ.
وأمّا ((الآخِرُ)) _ بِكَسْر الْخَاء _ فَهُوَ الله جلّ وعزّ {هُوَ
الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن} [الحَديد: 3] .
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ _ وَهُوَ
يُمجِّدُ الله: ((أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْس قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ
الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ)) .
وَقَالَ اللّيْثُ: ((الآخِرُ والآخِرَةُ)) نَقِيضُ ((المتقَدِّمِ
والمتقدِّمَةِ)) .
قَالَ: والمُسْتَأخِرُ: نَقِيضُ المُسْتَقْدِم.
قَالَ: وآخِرَةُ الرَّحْلِ، وقادِمَتُه ومُؤْخِرُ العَيْن ومُقْدِمُها.
جَاءَ فِي الْعين بِالتَّخْفِيفِ خاصَّةً.
ومُؤَخَّرُ الشَّيْء ومُقَدَّمُه.
وَيُقَال: جَاءَ فلَان أخِيراً _ أَي بأَخَرَةٍ.
وبِعْتُه سِلْعَةً بأَخَرَةٍ _ أَي: بِتَأْخِيرٍ.
قَالَ: والأُخُرُ: نقيض الْقُدُمِ، تَقول: مَضَى قُدُماً، وتأَخَّرَ
أُخُراً.
وَيُقَال: فعل الله بالأَخِرِ. . لَا مَرْحَباً بالأَخِرِ _ مقصورٌ _
أَي: بالأَبعَدِ.
وَجَاء فلانٌ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاس، وَفِي أُخْرَى الْقَوْم _ أَي:
فِي أَوَاخِرِهمْ.
وَأنْشد:
(أَنَا الّذي وُلِدْتُ فِي أُخْرَى الإبِلْ ... )
وَيُقَال: لَقِيتُه أُخْرِيّاً _ أَي: آخِرِيّاً.
وَأَخْبرنِي المُنْذِريُّ عَن الحرَّانيِّ عَن ابْن السكِّيت: يُقَال:
نظر إليَّ بِمُؤْخِرِ عَيْنِه، وضرَبَ مُؤْخَرَ رَأسه _ وَهِي آخِرَةُ
الرَّحْل.
وَيُقَال: جَاءَنَا بأخَرَةٍ، وجاءنا أَخِيراً وأُخُراً، وبعتُه
بَيْعاً بأَخِرَةٍ وبنَظِرَةٍ.
ويقالُ: شقَّ ثوبَه أُخُراً، وَمن أُخُرٍ.
وَقَالَ الفرَّاءُ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَالرَّسُول يدعوكم فِي
أخراكم} [آل عِمرَان: 153] : من الْعَرَب من يَقُول: فِي أخراتكم،
وَلَا يجوزُ فِي القِرَاءةِ.
(7/227)
وَأنْشد:
(وَيَتَّقِي السَّيْفَ بِأُخْرَاتِهِ ... من دُونِ كَفِّ الْجَارِ
وَالْمِعْصَمِ)
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: يُقَال: أَتَيْتُكَ آخِرَ مرَّتين، وآخِرَةَ
مرَّتَيْنِ. وبِعتُه المَتاعَ بأَخِرَةٍ _ أَي: بنَظِرَةٍ.
وَيُقَال: للنّاقَةِ آخِرَانِ وقَادِمانِ.
فَخِلْفِاها المقدَّمَانِ: قَادِمَاها وخِلْفَاهَا المؤخَّرَان:
آخِرَاها.
والعربُ تَقول: وَاسِطُ الرَّحْل. . للَّذي جعله اللَّيْث بجهله
قَادِمَةً.
وَيَقُولُونَ: مُؤْخِرَةُ الرَّحْل، وآخِرَةُ الرَّحْل _ قَالَه
الْأَصْمَعِي.
وروى أَبُو عبيد _ عَنهُ _ المِئْخَارُ: النَّخْلة الَّتِي يبْقى
حَمْلُها إِلَى آخر الصِّرَام.
وَأنْشد:
(تَرَى الْغَضِيضَ الْمُوقَرَ الْمِئْخَارَ ... مِنْ وَقْعِهِ
يَنْتَثِرُ انْتِثَاراً)
وَقَالَ أَبُو العبَّاس مُحَمَّد بنُ يَزِيدَ: تَقول: ضرَبْتُ رجلا
آخَرَ _ أَي: لَيْسَ بالأوَّل.
قَالَ: وأصْلُهُ: ((أَفْعَلُ مِنْ كَذَا)) . . فلمَّا استغنيتَ عَن
((مِنْ)) بِمَعْنَاهُ، وَكَانَ مَعْدُولاً عَن الْألف وَاللَّام،
خارِجاً من بَابه _ لأنَّ بَابه ((الأَفْعَلُ والفُعْلَى)) بِالْألف
وَاللَّام _ إِذا حذَفْتَ ((مِنْ)) عَنْ ((أَفْعَلَ مِنْهَا)) .
قَالَ: ومؤنَّثُ ((آخَرَ)) : ((أُخْرَى)) مثلُ المذكَّرِ.
وَلَا يجوز: امرأةٌ صُغْرَى وَلَا كبْرَى _ إِلاَّ أَنْ تقولُ:
((الصُّغْرَى والكُبْرَى)) _ أَو تَقول: ((أَصغَرُ من كَذَا)) .
وَقَالَ: ((أُخَرُ)) لَا ينْصَرف فِي معرفَة وَلَا نكرَة _ لِأَنَّهَا
نُعُوتٌ.
وَكَذَلِكَ: ((جُمَعُ، وكُتَعُ)) لَا تَنْصَرِف _ لِأَنَّهَا نُعُوتٌ.
أَبُو زيد: جئتُ أُخْرِيّاً، وبَأَخرَةٍ _ بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: وَيُقَال: بعتُه المتَاعَ إخْرِيّاً.
بَاب الْخَاء وَاللَّام
خَ ل (وايء)
خَال، خلا، خلأ، لاخ، ولخ، لخا: مستعملة.
خول _ خيل: قَالَ اللَّيْث: الْخَالُ: أَخُو الأُمِّ _ والْخَالةُ
أُخْتُها. والمصدرُ: الْخُؤُولةُ.
وأَخْوَلَ الرجلُ وأُخْوِلَ _ إِذا كَانَ ذَا أَخْوَالٍ. . فَهُوَ
مُخْوِلٌ ومُخْوَلٌ.
وَقَالَ الأصمعيُّ وَغَيره: غُلامٌ مُعَمٌّ مُخْوَلٌ _ إِذا كَانَ كريم
الْأَعْمَام والأَخْوال.
وَلَا يُقَال: مُعِمٌّ، وَلَا مُخْوِلٌ.
الحرَّانيُّ _ عَن ابْن السّكيت _ يُقَال: هما ابنَا عَمٍّ، وَلَا
تَقُلْ هما ابنَا خَالٍ.
وَتقول: هما ابْنا خَالةٍ _ وَلَا تقل: ابْنا عَمَّةٍ.
وَيُقَال: تَعَمَّمَتُ عَمّاً، وتَخَوَّلْتُ خَالاً _ إِذا اتَّخذت
عمّاً، أَو خالاً.
والْخُؤُولةُ: جَمْعُ الخَالِ. والعُمُومَةُ: جَمْعُ الْعَمِّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الخَالُ: بَثْرَةٌ فِي الْوَجْه تَضْرِبُ إِلَى
السوَاد. والْجَمِيعُ: الخِيلانُ.
أَبُو عبيد _ عَن الكسائيِّ _:
(7/228)
رجلٌ مَخِيلٌ ومَخْيُولٌ، ومَخُولٌ _ من
الخَالِ _ وتصغيرُه: خيَيْلٌ فيمَنْ قَالَ: مَخِيلٌ. وخوَيْلٌ _ فيمَنْ
قَالَ: مَخُولٌ.
اللَّيْث: الخَالُ: ثوبٌ ناعم من ثِيَاب اليَمَن.
قلت: الخَالُ ضَرْبٌ من بُرُودِ اليَمَنِ الموْشِيَّةِ.
والخَالُ: اللِّواءُ الَّذِي يُعْقَدُ لولاية وَالٍ.
وَلَا أُرَاهُ سُمِّي خالاً. . إِلَّا لِأَنَّهُ كَانَ يُعْقَدُ من
بُرُود الخَالِ.
والخَالُ: الكبْرُ والخُيَلاَءُ. وَقَالَ الراجز:
(والْخَالُ ثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِ الّجُهّالْ ... )
وَجعل اللَّيْث: ((الخَالَ)) هَاهُنَا ثوبا {} وَإِنَّمَا هُوَ
الكبْرُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {إِن الله لَا يحب كل مختال فخور} [لقمَان: 18]
.
فالمْخْتَالُ: المتكبِّر.
وَيُقَال: رجلٌ خالٌ _ أَي: مُخْتَالٌ. وَمِنْه قولُهُ:
(إِذَا تَجَرَّدَ لَا خالٌ وَلَا بَخِلُ ... )
وَقَالَ اللَّيْث: الخَالُ: كالظَّلَعِ والغَمْزِ فِي الدَّابَّة.
وَيُقَال: خالَ الفَرَسُ يَخَالُ خَالاً فَهُوَ خائِلٌ.
وَأنْشد:
(نَادَى الصَّرِيخُ فَرَدُّوا الخَيْلَ عَانيةً ... تَشْكُو الكلال
وَتَشكُو مِنْ حَفَا خالِ)
وَقَالَ أَبُو عَمرٍ ووغيرُه: يُقَال: رجلٌ خَالُ مَالٍ، وخَائِلُ
مَالٍ _ إِذا كانَ حَسَنَ الْقيَامِ عَلَى نَعَمِهِ.
ابْن بُزُرْجَ: الْخَائِلُ: الْحَافِظُ، وراعِي الْقَوْم. . يَخُولُ
عَلَيْهِم _ أَيْ: يَحْلُبُ ويَسْقِي ويَرْعَى.
وَيُقَال: خَالَ المالَ. . يَخُولُهُ _ إِذا سَاسَهُ.
والْخوْلِيُّ: القَائِمُ بأَمر النَّاس، السَّائِسُ لَهُ.
وَفِي الحَدِيث: ((أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ
يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعظَةِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْهمْ)) .
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: قَالَ أَبُو عمْرٍ و: وَقَوله:
((يَتَخَوَّلُهُمْ)) _ أَي: يَتَعَهَّدُهُم بهَا.
قَالَ: والْخَائِلُ: الْمُتَعَهِّدُ للشَّيء. . المُصْلِح لَهُ. .
القائِمُ بهِ.
قَالَ: وَقَالَ الفرّاءُ: الْخَائِلُ: الرّاعي للشّيء، والحافِظُ لَهُ.
وَقد خَالَ يَخُولُ خَوْلاً. وأَنشد:
(فَهْوَ لَهُنَّ خَائِلٌ وَفَارِطُ ... )
قلتُ: والعَرَبُ تقولُ: مَنْ خَالُ هَذَا الفرسِ؟ _ أَي: مَنْ
صَاحبُها؟ وَمِنْه قَول الشّاعر:
(يَصُبُّ لَهَا نِطَافَ الْقَوْمِ سِرّاً ... ويَشْهَدُ خَالُهَا
أَمْرَ الزَّعِيم)
يَقُول: لفارسها قَدْرٌ.
فالرّئيسُ يُشاوِرُه فِي تَدْبيره.
والْخُوَّالُ: الرِّعَاءُ الْحُفّاظُ لِلْمَالِ.
وَالْخَالُ: خَالُ السَّحابَةِ _ إِذا رَأَيْتَها مَاطِرَةً.
وَفِي الحَدِيث: أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ إذَا
رَأَى مَخِيلةً أَقْبَلَ وَأَدْبر وتَغَيَّر.
قالَتْ عَائِشَةُ فَذَكَرْتُ ذَلكَ لَهُ، فقَالَ: ((وَمَا يُدْرِينا؟
لَعَلّهُ كَمَا ذَكَرَ الله جلّ وعزّ (فَلَمَّا
(7/229)
رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ
أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا
اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الْأَحْقَاف: 24]
.
وَقَالَ أَبُو عبيد: ((الْمَخِيْلَةُ)) _ بِفَتْح الْمِيم _:
السَّحَابَةُ، وجَمْعُها: مَخَايِلُ. وَقد يُقَال للسحاب أَيْضا:
الْخَال.
فَإِذا أَرَادوا أَنَّ السَّمَاء قد تغَيّمَتْ. . قَالُوا: قد
أَخَالَتْ، فَهُوَ مُخِيلَةٌ _ بِضَم الْمِيم.
فَإِذا أَرادوا السحابَةَ نَفْسَها. . قَالُوا: هَذِه مَخِيلَةٌ _
بِالْفَتْح. وَيُقَال للرّجل الْمُخْتَالِ: خَائِلٌ.
وجَمْعُه: خَالَةٌ. وَمِنْه قَول الشَّاعر:
(أَوْدَى الشَّبَابُ وَحُبُّ الْخَالَةِ الْخَلِبَهْ ... وَقَدْ
كَبِرتُ فمَا بِالنّفْسِ مِنْ قَلَبَهْ)
أَرَادَ ب ((الْخَالَةِ)) جَمْعَ ((الْخَائِلِ)) وَهُوَ الْمُخْتَالُ
الشّابُّ.
وَقَالَ اللَّيثُ: يُقَال للرّجُلِ السَّمْحِ: خَالٌ. . تَشْبِيها
بالْخَالِ، وَهُوَ السَّحَابُ المَاطِرُ.
قَالَ: وَيُقَال: خَيّلَتِ السحابةُ _ إِذا أَغَامَتْ، وَلم تُمْطِر.
وكلُّ شَيْء كَانَ خَلِيقاً فَهُوَ مَخِيلٌ.
يُقَال: إنَّ فلَانا لمَخِيلٌ للخيْر.
أَبُو عبيد _ عَن الكِسَائيِّ _: السحابَةُ المُخِيلَةُ: الَّتِي إِذا
رأَيْتَها حَسِبْتَها ماطرةً _ وَقد أَخْيَلْنَا.
وتَخَيَّلَتِ السَّماءُ: تهيَّأَتْ للمطر.
قَالَ: وَقَالَ الأحمرُ: افْعَلْ كَذَا وَكَذَا إمَّا هَلَكَتْ هُلْكُ
_ أَي: على مَا خَيَّلَتْ _ أَي: على كلِّ حالٍ، ونحوِه.
ابْن السِّكِّيت: خَيَّلَتِ السَّمَاء للمطر وَمَا أَحْسَنَ
مَخِيلَتَها وخَالَها {} _ أَي: خَلاَقَتها للمطر.
وقولُهُمْ: افْعَلْ ذَلِك على مَا خَيَّلَتْ _ أَي: على مَا شَبَّهَتْ.
وَإنَّهُ لَمُخِيلٌ للخير، وَقد أَخَلْتُ فِيهِ خَالاً من الْخَيْر،
وتَخَوّلْتُ فِيهِ خَالاً، ووجدتُ أَرضًا مُتَخيِّلَةً _ إِذا بلغ
نَبْتُها الْمَدَى.
أَبُو عبيدٍ _ عَن أبي زيدٍ _: تَخيَّلتُ عَلَيْهِ تَخَيُّلاً _ إِذا
تَخَيَّرْتُهُ وتفرّستُ فِيهِ الخيرَ.
وَخَيَّلَتْ علينا السماءُ _ إِذا رَعَدَت وبَرَقَت قبل الْمَطَر.
فَإِذا وَقَعَ المطرُ ذهب اسمُ التَّخْيِيلِ.
قَالَ: وخَيَّلْتُ على الرجل _ تَخْيِيلاً _ إِذا وجّهْتُ التُّهْمَةَ
إِلَيْهِ.
وَقَالَ غيرُه: خَيّلْتُ للناقة وأَخْيَلْتُ _ وَهُوَ أَن تَضَعَ
لَوَلَدِهَا خَيالاً ليَفْزَعَ مِنْهُ الذِّئْب فَلَا يَقْرَبُه.
وَقَالَ الليثُ: كلُّ شَيْء اشْتَبَه عليكَ فَهُوَ مُخِيلٌ وَقد
أَخَالَ. وَأنْشد:
(وَالصِّدْقُ أَبْلَجُ لاَ يُخِيلُ سَبِيلُهُ ... والصِّدْقُ
يَعْرِفُهُ ذَوُو الألْبَابِ)
قَالَ: وأَخَالَتِ الناقةُ. . فهِي مُخِيلَةٌ _ إِذا كَانَت حَسَنَةَ
العَطَلِ، فِي ضَرْعها لَبَنٌ.
(7/230)
قَالَ والْخَوَلُ: مَا أَعْطى الله
الإنسانَ من العَبِيدِ والنَّعَمِ. وَقَالَ أَبُو النّجم:
(كُومَ الذُّرَا مِنْ خَوَلِ الْمُخَوَّلِ ... )
وَيُقَال: هَؤُلَاءِ خَوَلُ فلَان _ إِذا اتَّخَذَهُم كالعبيد
وقَهَرَهُمْ.
قَالَ: وَخوَلُ اللِّجَامِ: أَصْلُ فأسِهِ.
قلتُ: لَا أَعْرِفُ ((خَوَلَ اللِّجَامِ)) وَلَا أَدْرِي مَا هُوَ؟
أَبُو عبيدٍ _ عَن الفرَّاء _ قَالَ: الأخْيَلُ: الشِّقْرَاقُ _ عِنْد
العربِ.
وَقَالَ شَمِرٌ: كَانَت العربُ تَتَشاءَمُ بِهِ _ وَقَالَ اللَّيْث
مِثْلَهُ.
قَالَ: ويسمَّى الشَّاهِينُ: الأخْيَلَ. وجمعُهُ: الأَخَايِلُ.
قَالَ: والْخَيَالُ: كلُّ شَيْء تراهُ كالظِّلِّ.
وَكَذَلِكَ خَيَالُ الْإِنْسَان فِي الْمِرْآةِ.
وخَيَالُهُ فِي الْمَنَام: صُورَةُ تِمْثَالِه.
وربَّما مَرَّ بك الشيءُ شِبْهُ الظِّلِّ فَهُوَ خَيَالٌ.
يُقَال: تَخَيَّلَ لي خَيَالُهُ.
وَيُقَال: خِلْتُهُ زَيْداً خِيلاَناً. إِخَالُهُ وأَخَالُهُ.
ومِنْ أَمثالهم: ((من يَسْمَعْ يَخْلَ)) أيْ يَظنُّ.
قَالَ: وَقيل ((مَنْ يَشْبَعْ يَخَلْ)) وكلامُ العربِ هُوَ الأوَّلُ.
قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ومَعْنَاهُ: مَنْ يَسْمَعْ أَخْبَارَ
النَّاس ومَعَايِبَهُمْ يَقَعْ فِي نَفسه عليهِمْ الْمَكْرُوهُ.
ومَعْنَاه: أَنَّ الْمُجَانَبَةَ للنَّاس أَسْلمُ.
وَقَالَ ابْنُ هانِىءٍ _ فِي قَوْلهم: مَنْ يَسْمَعْ يخلْ _:
يقالُ ذَلِك عِنْد تَحْقِيق الظَّنِّ.
قَالَ: ((وَيَخَلْ)) : مُشتقٌّ من ((يُخَيَّلُ إليَّ)) .
أَبُو نَصْرٍ _ عَن الأصمعِيِّ _: الْخَيَالُ: خَشَبَةٌ تُوضَعُ
فيُلقَى عَلَيْهَا الثوبُ لِلْغَنَمِ إِذا رَآها الذِّئْبُ ظَنَّ
أنَّهُ إنسانٌ.
وَأنْشد:
(أَخٌ لاَ أَخَا لِي غَيْرُهُ غَيْرَ أَنَّنِي ... كَرَاعِي الْخَيَالِ
يَسْتَطِيفُ بِلاَ فِكْرِ)
والْخَيَال _ أَيْضا _ مَا نُصِبَ فِي أرضٍ ليُعْلَمَ أَنَّهَا حِمًى
فَلَا تُقْرَبَ.
وَقيل: رَاعِي الْخيَالِ هُوَ الرَّأْلُ _ يَنْصِبُ لَهُ الصَّائِدُ
خَيَالاً يَأْلَفُهُ، فيجِيءُ فيأخُذُ الْخَيَالَ فيَتْبَعُهُ
الرَّأْلُ.
والْخَيَالُ: خَيَالُ الطَّائر _ يَرْتَفَعُ فِي السَّمَاء فينظُرُ
إِلَى ظِلِّ نفسِه، فيُرَى أَنَّه صَيْدٌ، فيَنْقَضُّ، وَلَا يَجِدُ
شَيْئا.
وَهُوَ خَاطِفُ ظِلِّهِ. والْخَيَالُ: أَرْضٌ لِبَنِي تَغْلِبَ.
وَيُقَال: وَرَدْنَا أَرضاً مُتَخَيِّلَةً، وقَدْ تَخَيَّلَتْ _ إِذا
بلغ نَبْتُها أَن يُرْعَى.
وَفِي الحَدِيث: ((إِنَّ قَوْماً وفَدُوا عَلَى النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ خَطِيبُهُمْ بَعْدَ مَا وَصَفَ جُدُوبَةَ
بَلَدِهِمْ: كُنَّا نَسْتَحِيلُ الْجَهَامَ، ونَسْتَخِيلُ الرِّهَامَ))
.
و ((اسْتِحَالَةُ الْجَهَامِ)) : أَن تَنْظُرَ إِلَيْهِ. . هَل
يَحُولُ؟ _ أَي: يَتَحَرَّكُ.
((واسْتِخَالَةُ الرِّهَامِ)) : إِذا نَظَرْتَ إِلَيْهَا فَخِلْتَها
مَاطِرَةً وَقَالَ الرَّاجِزُ:
(تَخَالُهَا طَائِرَةً ولَمْ تَطِرْ ... كَأَنَّهَا خِيلاَنُ رَاعٍ
مُحْتَظِرْ)
(7/231)
أَرَادَ ب ((الْخِيلاَنِ)) : مَا نَصبه
الرَّاعي عِنْد حَظِيرَةِ غَنَمِهِ.
قَالَ: والْمُخَايَلَةُ: الْمُبَارَاةُ.
يُقَال: خَايَلْتُ فلَانا _ أَي: بارَيْتُهُ وَفَعْلَتُ فِعْلَهُ.
وَقَالَ الْكُمَيْتُ:
(أَقُولُ لَهُمْ يَوْمَ أَيْمَانُهُمُ ... تُخَايِلُهَا فِي النَّدَى
الأشْمُلُ)
((تُخَايِلُهَا)) _ أيْ: تُفَاخِرُهاَ وتُبَارِيهَا. وَقَالَ ابنُ
أَحْمَرَ:
(وَقَالُوا: أنَتْ أَرْضٌ بِهِ وتَخَيَّلَتْ ... فَأَمْسَى لِمَا فِي
الرّأْسِ وَالصَّدْرِ شَاكِيا)
((تَخَيَّلَتْ)) : اشتَبَهَتْ.
وَقَالَ عَرَّامٌ: خَيَّلَ فلانٌ عَن الْقَوْم _ إِذا كَعَّ عَنْهُمْ.
قَالَ سَلَمَةُ: وَمثله: ((غَيَّفَ، وخَيَّفَ)) .
أَبُو عبيد _ عَن أبي زيد _: ذَهَبَ القومُ أَخْوَلَ أَخْوَلَ _ أَي:
وَاحِدًا بعدَ وَاحِدٍ.
وأنشدنا لِضَابىءٍ يصفُ ثوراً وحْشِيّاً حَمَلَ عَلَى الكلابِ:
(يُسَاقِطُ عَنْهُ رَوْقُهُ ضَارِيَاتِها ... سِقَاطَ حَدِيدِ
الْقَيْنِ أَخْوَلَ أَخْوَلاَ)
ثَعْلَب _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الْخَوْلَةُ: الظَّبْيَةُ.
قَالَ: وخَالَ يَخُولُ خَوْلاً _ إِذا صَار ذَا خَوَلٍ _ بَعْدَ
انفرادٍ.
وخَالَ يَخِيلُ خَيْلاً _ إِذا دَامَ عَلَى أَكلِ الْخِيْلِ _ وَهُوَ
السَّذَابُ.
أَبُو زيدٍ: يُقالُ: لَا يُخِيلُ ذَاكَ عَلَى أَحدٍ _ أَي: لَا
يُشْكِلُ. وشيءٌ مُخِيلٌ: مُشْكِلٌ.
خلا: قَالَ شمِرٌ: يُقَال: وجدْتُ الدارَ مُخْلِيَةً أَي: خَالِيَةً.
وَقد خَلَتِ الدارُ وأَخْلَتْ. ووجدتُ فُلاَنَةَ مُخْلِيَةً _ أَي:
خَالِيَةً.
ولَقِيتُ فلَانا بِخَلاءٍ مِنَ الأَرْض _ أَي: بأرضٍ خَالِيَةٍ. قَالَه
ابنُ شُمَيْلٍ.
قَالَ: وَيَقُول الرجل للرجل: اخْلُ معي حَتَّى أكلِّمَكَ، واخْلُنِي
حتَّى أُكلِّمَكَ _ أَي: كُنْ مَعِي خَالِياً.
وَيُقَال: اسْتَخْليتُ فلَانا _ أَي: قُلْتُ لَهُ: اخْلُنِي.
وَقَالَ الْجَعْدِي:
(وَذَلِكَ مِنْ وَقَعَاتِ الْمَنُونِ ... فأَخْلِي إلَيْكِ وَلاَ
تَعْجَبي)
_ أَي: أَخْلِي بِأَمْرِكِ. . من ((خَلَوْتُ)) .
وَتقول: افْعَلْ كَذَا وخَلاَكَ ذَمٌ _ أَي: لَا يُدْرِكُكَ ذَمٌّ.
وَقَالَ عبد الله بنُ رَوَاحَةَ:
(فَشَأْنَكِ فَانْعَمِي وَخَلاَكِ ذَمٌّ ... وَلاَ أرْجِعْ إِلَى
أَهْلٍ وَرَائِي)
وَقَالَ الليثُ: خَلاَني فلانٌ مُخَالاَةً _ أيْ: خَالَفَنِي.
وَقَالَ النّابغةُ الذُّبْيَانيُّ لزُرْعَةَ بن عَوْفٍ _ حِين بعث
بَنُو عامرٍ إِلَى حِصْنِ بنِ فَزَارَةَ، وَإِلَى عُيَيْنَةَ بنِ
حِصْنٍ: أَنِ اقطَعُوا مَا بَيْنكُم وَبَين بني أَسد، وألحقُوهم ببني
كِنَانَةً ونحالِفُكم. . فَنحْن بَنو أبيكم _ وَكَانَ عُيَيْنَة هَمَّ
بذلك. فَقَالَ النَّابغة:
(7/232)
(قَالَتْ بَنُو عَامِرٍ خَالُوا بَنِي
أَسَدٍ ... يَابُؤْسَ لِلْجَهْلِ ضَرَّاراً لأقْوَامِ)
قَالَ الأصمعيُّ: مَعْنَاهُ: اتْرُكُوهُمْ.
يُقَال: خَالَيْتُه خِلاَءً _ أَي: تارَكْتُهُ.
وَقَالَ فِيهَا:
(يَأبَى الْبَلاءُ فَما يَبْغِي بهِمْ بَدَلاً ... وَمَا أُرِيدُ
خِلاَءً بَعْدَ إحكامِ)
((يَأْبَى الْبَلاءُ)) _ أَي: التّجْرِبَةُ.
أَي: جرَّبناهم فأَحْمْدناهم، فَلَا نُخَالِيهمْ.
وَقَالَ اللَّيْث: خَالَيْتُ فلَانا _ أَي: صارَعْتَهُ.
وَكَذَلِكَ: المُخَالاَةُ فِي كل أَمْرٍ.
وأنشدَ:
(وَلاَ يَدْرِي الشَّقِيُّ بِمَنْ يُخالي ... )
قلتُ: كأَنَّه إِذا صارعه خَلاَ كلُّ وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه فَلم
يَسْتَعِنْ واحدٌ مِنْهُمَا على صَاحبه أَحَداً.
وَيُقَال: عَدُوٌ مُخالٍ أَي: لَيْسَ لَهُ عَهْد.
وَقَالَ الجعْدِيُّ:
(غَيْرُ بِدْعٍ مِنَ الْجِيادِ وَلاَ يُجْنَبْنَ ... إلاّ إلَى عَدْوٍّ
مُخالي)
((لَا يُجْنَبْنَ)) أَي: لَا يُقَدْنَ.
وَيُقَال: خَالَيْتُ العَدُوَّ _ أَي: تركتُ مَا بيني وَبَينه من
المُوَادَعة، وخَلاَ كلُّ واحدٍ مِنَّا من العَهد.
وَقَالَ الليثُ: خَلاَ المكانُ والشيءُ يخْلُو خُلُوّاً وخَلاَءً
وأَخْلَى إِذا لم يكنْ فِيهِ أحدٌ، وَلَا شيءَ فِيهِ وَهُوَ خَالٍ.
والخلاءُ _ من الأَرْض _ قَرارٌ خَالٍ وخَلا الرجلُ. . يَخْلُو
خَلْوَةً.
وَيُقَال: اسْتَخْلَيْتُ المَلِكَ فأَخْلاَني _ أَي: خلاَ معي، وخلا
بِي، وأَخلَى لِيَ مَجْلسَه.
وفلانٌ يُخْلُو بفلان _ إِذا خَادَعَه.
وَيُقَال: خلاَ قرنٌ فقرن _ أَي: مَضَى.
والقُرُونُ الخَالِيَةُ: الْمَاضِيَة.
وَقَالَ اللِّحيانيُّ: خَلْوتُ بفلان أَخلُو بِهِ خلْوةً وخَلاَء.
قَالَ: وَقَالَ بعضهُم: أَخْلَيْتُ بفلان أُخْلي بِهِ إخلاءً. .
بِمَعْنى خَلَوْتُ بِهِ.
وتركتُه مُخْلِياً بفلان _ أَي: خالِياً بِهِ.
وخلَتِ الدارُ خلاَءً _ إِذا لم يَبْقَ فِيهَا أحدٌ.
وأَخلاَها الله. . إخلاَءً.
وَيُقَال: خلاَ فلانٌ على اللّبَن أَو على اللَّحْم - إِذا لم يأكلْ
مَعَه شَيْئا.
قَالَ: وكِنانَةُ تَقول: أَخلَى على اللبَنِ.
وَقَالَ الرَّاعي:
(رَعَتْهُ أَشْهُراً وَخلاَ عَلَيْها ... فَطارَ النِّيُّ فِيها
وَاسْتَغارَا)
قَالَ: وَيُقَال: أَنا خلِيٌّ مِنْ هَذَا. . وخلاَءٌ.
فَمن قَالَ: خلِيٌّ)) . . ثَنَّى وجَمَع وأَنَّثَ.
وَمن قَالَ ((خَلاءٌ)) . . لم يُثَنِّ وَلم يَجْمَع وَلم يُؤنِّث.
وَالْعرب تَقول: ويل للشِّجِيِّ من الْخِلِيِّ.
((والْخَلِيُّ)) الَّذِي لَا هم لَهُ. . الفارغُ.
(7/233)
وَيُقَال: هُوَ خِلْوٌ من هَذَا الْأَمر _
أَي: خارِجٌ.
وهما خِلْوٌ، وهم خِلْوٌ.
وَقَالَ بعضهُم: هما خِلْوَانِ من هَذَا الْأَمر، وهُمْ أَخْلاَءٌ. .
وَلَيْسَ بالوَجْه.
وَيُقَال: خلَتِ المرأةُ مِنْ زَوجها.
وَيُقَال للْمَرْأَة: ((أَنْتِ خلِيَّةٌ بَرِيَّةٌ)) فتَطْلُقُ بهَا
المرأةُ _ إِذا نُوِيَ طلاقُها.
وَقَالَ ابنُ بزُرْجَ: امرأةٌ خلِيّةٌ. . ونسوةٌ خلِيَّاتٌ: لَا أزواجَ
لَهُنَّ وَلَا أولادَ.
وَقَالَ: امرأةٌ خِلْوَةٌ، وَامْرَأَتَانِ خِلْوَتَانِ، ونِسْوَةٌ
خِلْوَاتٌ _ أَي: عَزَبَاتٌ.
وَرجل خليٌّ، ورجلان خَلِيّانِ ورجالٌ أَخلِياءُ: لَا نساءَ لَهُم.
شمرٌ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الْخَلِيّة: الناقةُ تُنتَجُ فَيُنْحَرُ
ولدُها عَمداً لِيَدُومَ لَهُم لَبَنُها، فتُستَدَرُّ بحُوَارِ
غَيرهَا. . فَإِذا دَرَّت نُحِّيَ الْحُوَارُ، واحتُلِبَت.
وربّما جَمَعوا من الخَلاَيا ثَلَاثًا وأربعاً على حُوَارِ واحدٍ. .
وَهُوَ التّلَسُّنُ.
وَقَالَ شمر: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ربَّما عطفوا ثَلَاثًا وأربعاً على
فصيل وبأَيَّتِهِنَّ شَاءُوا تَخَلَّوْا، وَهِي الخَلِيَّةُ.
وَقَالَ اللِّحياني: الْخَلِيَّةُ: الناقةُ، تُنْتَجُ _ وَهِي غزيرة _
فيُجرُّ ولدُها من تحتهَا ويُجْعَلُ تَحت أخرَى، وتُخَلَّى هِيَ
للحلْبِ. . لكرمها.
قلت: وَقد شاهدت الخلايا فِي خلاَيِبهِمْ.
وسمعتهم يَقُولُونَ: بَنو فلانٍ قد خلوْا، وهم يَخْلُونَ.
والْخَلِيَّةُ: النَّاقة تُنْتَجُ فَيُنْحَرُ ولدُها سَاعَة يَقع فِي
الأَرْض قبل أَن تَشَمَّه أُمُّه ويُدْنَى مِنْهَا وَلَدُ ناقةٍ
نُتِجَتْ قبلهَا فتعطِفُ عَلَيْهِ، ثمَّ يُنْظَرُ إِلَى أغزر الناقتين
فتُجْعَلُ خَلِيَّةً وَلَا يكون للحُوَارِ مِنْهَا إِلَّا قَدْرُ مَا
يُدِرُّها، وتُتْرَكُ الْأُخْرَى للحُوَارِ يَرْضَعُها مَتى شَاءَ
وَتسَمى ((الْبَسُوطَ)) وَجَمعهَا بسطٌ.
والغزيرةُ الَّتِي يَتَخلَّى بلبنها أهلُها: هِيَ الْخَلِيَّةُ.
وَقَالَ اللِّحياني: الْخَلِيَّةُ: السَّفِينَةُ الْعَظِيمَة
وجَمْعُهَا: خَلاَيَا.
وَمِنْه قَول طَرَفَةَ:
(خَلاَيا سَفِينٍ بالنَّوَاصِفِ مِنْ دَدِ ... )
قَالَ: وَيُقَال: تَخلَّيْتُ مِنْ هَذَا الْأَمر تخلِّياً.
واستَخْلَيْتُ بفلان: فِي مَعنى خَلَوْتُ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الخَلِيَّةُ: مَا يُعَسِّلُ النَّحلُ
فِيهِ مِنْ رَاقُودٍ أَو طِين، أَو خُشُبٍ مَنقُورَةٍ.
وَقَالَ الليثُ: إِذا سُوِّيَتْ الخَلِيَّةُ من طِينٍ، فَهِيَ
كِوَارَةٌ.
قَالَ: وَيُقَال: ((خَلِيٌّ)) _ أَيْضا _ بِغَيْر هاءٍ.
قَالَ: والْخَلِيَّةُ من السُّفن: الَّتِي لَا يُسَيِّرَها مَلاَّحُها،
وتَسيرُ من غيرِ جَذْبٍ.
قلتُ: وغيرُه يَقُول: الخَلِيَّةُ: العظيمةُ من السُّفُن. . وَهَذَا
هُوَ الصَّحِيح.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: خَلاَ الرجل عَلَى بعض الطَّعَام _ إِذا
اقتَصَرَ عَلَيْهِ.
(7/234)
وَقَالَ الليثُ: الخَلاَءُ _ ممدودٌ _:
البَرَازُ من الأَرْض.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: اخْلَوْلَى فلانٌ إِذا دَامَ على أكْلِ
اللّبَن.
قَالَ: واطْلَوْلَى: حَسُنَ كلامُه، واكْلَوْلَى _ إِذا انهزَم.
ثعلبٌ _ عَنهُ _ قَالَ: والخَلاَةُ كلُّ بَقْلَةٍ قَلَعْتَها.
وَقَالَ الليثُ: الْخَلَى: هُوَ الحَشيشُ الَّذِي يُحْتَشُّ من بُقول
الرّبيع، وَقد أخْتَلَيْتُهُ، وَبِه سُمِّيَتِ المِخْلاةُ. .
والواحدةُ: خَلاَةٌ.
وَقَالَ اللِّحْيانيُّ: خلَيْتُ الْخَلاَ أَخْلِيهِ خَلْياً _ أيْ:
نزَعْتُه.
وأَعْطِني مِخْلاةً أَخْلِي فِيهَا.
وَيُقَال: أَخلَى الله الماشيةَ يُخْليها إخْلاءً _ أيْ: أنْبَتَ لَهَا
مَا تأكلُ من الْخَلَى.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: خلَيْتُ القِدْرَ _ إِذا ألقَيتُ تحتهَا
حَطَباً.
وخَلَيتُها _ إِذا طرحتُ فِيهَا اللحمَ.
وخَلَيْتُ فرسي _ إِذا حَشَشْتُ عَلَيْهِ الحشيشَ.
وخلَيْتُ الفرسَ _ إِذا أَلقيتُ فِي فِيهِ اللجَامَ.
أَبُو عُبيَد عَن الْأَصْمَعِي _ الْخَلَى: الرَّطْبُ من الْحَشِيش. .
وَبِه سُمِّيتِ المِخلاةُ _ فَإِذا يبِسَ فَهُوَ حشِيشٌ.
وَقَالَ الليثُ: يُقَال: مَا فِي الدَّارِ أَحَدٌ خلاَ زَيْداً وزَيد:
نَصْبٌ وجرٌّ.
فإِذا قلتَ ماخلاَ زَيداً _ نَصَبْتَ لَا غيرُ. . لِأَنَّهُ قد بَيَّنَ
الفعلَ.
وَتقول: مَا أَرَدْتُ مَسَاءتَكَ خلا أَنِّي وعَظْتُكَ. . وَمَعْنَاهُ:
إلاَّ أَنِّي وَعَظْتُكَ.
وَأنْشد:
(خلاَ الله لَا أرْجُو سِوَاكَ وَإِنَّمَا ... أَعُدُّ عِيَالي
شُعْبَةً مِنْ عِيَالِكَا)
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: خلاَ فلانٌ _ أيْ: ماتَ. وخلاَ _ إِذا
أَكلَ الطَّيِّبَ. وَخَلاَ _ إِذا تعبَّدَ. وخلاَ _ إِذا تَبرَّأَ من
ذَنْبٍ قُرِفَ بِهِ.
أَبُو عُبَيد _: عَن أبي عمروٍ _: خلاَ لَك الشيءُ، وأَخْلَى _
بِمَعْنى فَرَغَ.
وَأنْشد لِمَعْنِ بن أَوْسٍ:
(أَعَاذِلُ هَلْ يَأْتي القَبائلَ حَظُّهَا ... مِن الموتِ أَمْ
أَخْلَى لنَا المَوْتُ وَحْدَنَا)
خلأ: وَقَالَ الليثُ: الخِلاَءُ _ فِي الْإِبِل _ كالْحِرَان - فِي
الدّوابّ -.
يُقَال: خَلأتِ الناقةُ تَخْلأُ خِلاَسً - إِذا لم تَبْرَحْ مَكَانهَا.
وَفِي الحَدِيث: ((أَنّ نَاقةَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
خَلأَتْ بِهِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ فقَالُوا: ((خَلأتْ
الْقَصْوَاءُ)) .
فقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ((مَا خلأتْ وَلاَ هُوَ لهَا
بِخُلُقٍ. . ولَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ)) .
قلت: والخِلاءُ لَا يكون إلاّ للناقة.
وَهِي ناقةٌ خالِىءٌ بغَيْرهَا.
وأكْثَرُ مَا يَكُونُ الخِلاءُ مِنْهَا _ إِذا ضَبِعَتْ _ فتَبْرُك
وَلَا تَثُورُ.
(7/235)
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال للجمَل: خلأ
يَخْلأُ خَلاءً _ إِذا بَرَكَ فَلم يَقُم.
قَالَ: وَلَا يُقَال: ((خلأ)) إلاّ للجَمَل.
قلتُ: غلِطَ ابنُ شُمَيْل فِي ((الْخِلاَءِ)) فَجعله للجَمَلِ خاصَّةً،
وَهُوَ عِنْد الْعَرَب: للنّاقَةِ.
وَقَالَ زُهَيْرٌ. . يصفُ نَاقَة:
(بِآرِزَةِ الْفَقَارَةِ لمْ يَخُنْهَا ... قِطَافٌ فِي الرِّكابِ ولاَ
خِلاَءُ)
ولخ: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: ائْتَلَخَ العُشْبُ. . يأتَلِخُ قَالَ:
وائْتِلاَخُهُ: عَظِمُه، وطُولُه والْتِفافُه وأرضٌ مُؤتَلِخَةٌ _ إِذا
كَانَت مُعْشِبَةٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال للْأَرْض المُعْشِبَة: مُؤْتَلِخَةٌ،
ومُلْتَخَّةٌ ومُعْتَلِجَةٌ وهَادِرَةٌ.
أَبُو عُبيد: عَن الأمويِّ: ائْتَلَخَ الأمرُ ائْتِلاخاً _ إِذا
اختَلط.
وَقَالَ غيرُه: ائْتَلَخَ مَا فِي الْبَطن _ إِذا تحرَّكَ وسُمِعَتْ
لَهُ قَراقِرُ.
أَبُو عُبيدٍ _ عَن الفرّاء _ وقَعوا فِي ائْتِلاَخٍ - أَي: فِي
اختلاطٍ، وَقد ائْتَلَخ أمرُهم.
وَيُقَال: أرضٌ وَلِخَةٌ ووليخةٌ وورِخةٌ: مُؤْتَلِخةٌ من النَّبْت.
لخا: أَبُو عُبيدٍ _ عَن أبي عمرٍ ووغيره _: المُسْعُطُ هُوَ اللَّخَا.
. مَقْصُورٌ.
وَقد لَخَيْتُ الرجُلَ ولَخوْتُه وأَلْخيتُه. . كلُّ هَذَا إِذا
أسْعَطْتَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: اللِّخَاءُ: الغِذَاءُ للصَّبِّي سِوَى الرَّضاع.
وتَقُولُ: الصَّبِيُّ يَلْتَخِي _ أَي: يَأْكُل خُبْزاً مَبْلُولاً.
وَأنْشد:
(فَهُنَّ مِثْلُ الأُمّهاتِ يُلْخِينْ ... يُطْعِمْنَ أَحْيَاناً
وَحيناً يَسْقِين)
شمر _ عَن أبي عَمْرو _ المُلاخَاةُ: المخالَفَةُ، والملاخَاةُ _
أَيْضا _: المُصَانعة.
وَأنْشد:
(وَلاَخَيْتَ الرِّجالِ بِذَاتِ بَيْنِي ... وَبَيْنِكَ حِينَ
أَمْكَنَك اللِّخَاءُ)
قَالَ: ((لاَخَيْتَ)) : وَافَقْتَ.
وَقَالَ الطَّرِمَّاحُ:
(فَلَمْ نَجْزَعْ لمنْ لاَخَى عَلَيْنَا ... وَلَمْ نَذَرِ العَشِيرَةَ
لِلْجُنَاةِ)
وَقَالَ اللَّيْث: اللِّخَاءُ: الملاخَاةُ.
وَهُوَ التَّحْرِيش والتحْمِيلُ.
تَقول: لاَخَيْتَ بِي عِنْد فلَان _ أَي: أَتَيْتَ بِي عِنْده _
مُلاَخَاةً ولِخاءً.
قَالَ: والتَخَيْتُ جِرَانَ الْبَعِير _ إِذا قَدَدْتُ مِنْهُ سَيْراً
للسّوط _ ونحوَ ذَلِك.
قلت: وَالصَّوَاب: التَحَيْتُ جِرَانَ الْبَعِير _ بِالْحَاء.
والعربُ تسوِّي السِّياط من الجِران. . لأنَّ جِلْدَه أصلبُ وأمتنُ.
وأظنُّه. . من قَوْلك: لَحَوْتُ العُود، ولَحيْتُهُ _ إِذا قَشَرْتهُ.
(7/236)
وَقَالَ شمر: سمعتُ ابنَ الْأَعرَابِي
يَقُول: اللِّخَا _ مَقْصُور _: أنْ يميلَ بطنُ الرجُل فِي أحد جانبيه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: إِن كَانَت إِحْدَى رُكْبَتَى
الْبَعِير أعظمَ من الأُخرى _ فَهُوَ أَلْخَى. . وناقة لَخْوَاءُ.
قَالَ: واللَّخَى كثرةُ الْكَلَام فِي الْبَاطِن.
وَقَالَ اللَّيث: اللَّخْوُ: لَخْوُ القُبْلُ المضطربِ. . الكثيرِ
المَاء. .
وَقَالَ ابْن السّكيت _ عَن الْأَصْمَعِي _: اللَّخْوَاءُ: المرأةُ
الواسعةُ الجَهَازِ.
وَقَالَ فِي موضعٍ آخرَ: امرأةٌ لَخْواءُ. . وَرجل أَلْخَى _ وَهُوَ
أَن تكون إحْدَى خَاصِرَتَيْه أعظمَ من الأُخْرى.
وَقد لَخِيَ لَخاً.
واللَّخَا _ أَيْضا _ شيءٌ مِثلُ الصَّدَفِ يُتخذ مُسْعُطاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللَّخَى: إعطاءُ الرجل ماَلَه: صاحِبَه.
وَأنْشد:
(لَخَيْتُكَ مَالِي ثُمَّ لَمْ تُلْفَ شَاكِراً ... فَعَشِّ رُوَيْداً
لَسْتُ عَنْكَ بِغَافِلِ)
لاخ: وَقَالَ اللَّيْث: وادٍ. . لاخٌ، وأوديةٌ. . لاخَةٌ.
وَقَالَ شمر: وادٍ لاخٌ _ وأصلُه: لاَخٍ ثمَّ نُقِلَتْ إِلَى بَنَات
الثَّلَاثَة. فَقيل: لائخٌ.
ثمَّ نُقِصَتْ مِنْهُ عَيْنُ الْفِعْل.
قَالَ: ومَعناه: السعَة والاعْوِجاج.
وروى أَبُو الْعَبَّاس _ عَن ابْن الأعرابيِّ _ وادٍ لاخٌّ _
بِالتَّشْدِيدِ _ وَهُوَ المتضايقُ، الكثيرُ الشّجر.
وَقد مرَّ فِي المضاعَف.
بَاب الْخَاء وَالنُّون
خَ ن (وايء)
خَان، خنى، ناخ، نخا، ينخ، وخن، أخن: مستعملة.
خون _ خين: قَالَ اللَّيْث: المخَانَةُ: خَوْنُ النُّصح وخَوْنُ
الوُدِّ.
والخَوْنُ: عَلَى مِحَنٍ شَتَّى.
تَقول: خانَنِي فُلانٌ. . خِيَانَةً.
وَفِي الحَدِيث: ((المؤْمِنُ يُطْبَعُ عَلَى كُلِّ خُلُقٍ. . إلاَّ
الخِيَانَةَ والكَذِبَ)) .
وَتقول خانَهُ الدهرُ والنعيمُ خَوْناً وَهُوَ تغيُّر حَاله إِلَى شرٍّ
مِنْهَا. وَالخَوْنُ _ فِي النّظر _: فَترُهُ.
وَمن ذَلِك يُقَال للأسد: خائِنُ العَيْن.
قَالَ: ((وخائِنَةُ الأَعْيُنِ)) : مَا تَخُونُ بِهِ من مُسارقة النّظر
إِلَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُ.
قَالَ: وَإِذا نَبَا سيْفُك عَن الضَّريبة فقد خانَكَ. وسُئلَ بعضهُم
عَن السَّيف؟ فَقَالَ: أَخُوكَ. . وربّما خانَكَ.
قَالَ: وكلُّ مَا غيَّرك عَن حالك فقد تَخَوَّنَكَ.
وَقَالَ ذُو الرُّمّةِ:
(لاَ يَرْفَعُ الطَّرفَ إلاّ مَا تَخَوَّنَهُ ... دَاعٍ يُنَادِيهِ
باسْم المَاء مَبْغُومُ)
قلت: لَيْسَ معنى قَوْله: إلاَّ مَا تَخَوَّنَهُ.
(7/237)
حجَّة لما احْتج بِهِ لَهُ.
وَمعنى إِلَّا مَا تَخَوَّنَهُ: إِلَّا مَا تعهَّدهُ.
وَكذلك قَالَ أَبُو عبيدٍ حِكَايَة عَن الأصمعيِّ أَنه قَالَ:
((التَّخَوُّنُ)) : التعهد.
وَأنْشد بيتَ ذِي الرُّمَّةِ هَذَا.
وإنمَا وصَفَ وَلَدَ ظَبْيَةٍ أَوْدَعْتهُ خَمراً، وَهِيَ تَرتَعُ
بالْقُرْبِ مِنْهُ، وتَتَعهَّدُهُ بالنَّظَرِ إلَيْهِ وَتُؤْنِسُهُ
بِبُغَامِهَا.
وَقَوله: بِاسْمِ الماءِ.
الماءُ: حِكَايَةُ دُعائِها إياهُ.
وَقَالَ ((دَاعٍ يُنَادِيه)) فذكَّرَهُ. . لِأَنَّهُ ذهب بِهِ إِلَى
الصَّوْتِ والنِّداء.
قلت: وَقد يكون التَّخَوُّنُ بِمَعْنى التَّنَقُّصِ.
وَمِنْه قَول لبيد يصف نَاقَة:
(عُذَافِرَةٌ تُقَمِّصُ بالرُّدَافَى ... تَخَوَّنَها نُزُولِيَ
وارْتِحَالي)
وَيُقَال: تَخَوَّنَتْهُ الدهورُ وتَخَوَّفَتْهُ _ أَي تنقَّصَتْهُ.
فالتَّخَوُّنُ لَهُ مَعْنيانِ:
أحدُهما التَّنَقُّصُ وَالْآخر التعهدُ.
ومَنْ جعله ((تَعهُّداً)) جعل ((النُّونَ)) مُبْدَلة من ((اللَّام)) .
يُقَال: تَخَوَّلَهُ، وتَخوَّنَهُ. . بِمَعْنى واحدٍ.
وَمِنْه حديثُ ابْن مسعودٍ: ((كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم يَتَخَوَّلُنَا بالْمَوْعِظَةِ مَخَافَةَ السَّآمة عَلَيْنَا)) .
وَكَانَ الأصمعيُّ يَرْوِيه: ((يَتَخَوَّنُنا)) بالنُّون.
وَيُقَال: رجلٌ خائنٌ، وخَائِنَةٌ _ إِذا بُولِغَ فِي وصْفِهِ
بالخيَانَةِ.
وَأَمَّا قَولُ الله جلّ وعزّ: {يعلم خَائِنَة الْأَعْين وَمَا تخفي
الصُّدُور} [غَافر: 19] فإنَّه أَرَادَ _ وَالله أعْلَمْ _: ((يَعْلَمُ
خِيانَة الأَعْيُنِ)) . . فأَخْرَجَ ((الْمَصْدَرَ)) على ((فَاعِلَةٍ))
كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَا تسمع فِيهَا لاغية} [الغَاشِيَة: 11]_ أَيْ:
لَغْواً.
ومِثْلُه: سَمِعْتُ ((رَاغِيَةَ الْإِبِل)) ، و ((ثَاغِيَةَ الشَّاءِ))
_ أَي: رُغَاءها وثُغَاءها.
كل ذَلِك من كَلَام الْعَرَب.
وَمعنى الْآيَة: أَنَّ النَّاظِرَ. . إِذا نَظَرَ إِلَى مَا لاَ
يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهِ نَظَرَ خِيَانَةٍ. . يُسِرُّهَا
مُسارَقةً: علمهَا الله، لِأَنَّهُ إِذا نَظَرَ النَّظْرَةَ الأُوْلى _
غيرَ متعمِّدٍ نَظَراً _ فَهُوَ غيرُ آثِمٍ وَلَا خَائِن.
فَإِن أعَادَ النَّظَرَ _ ونِيَّتُهُ الخِيَانَةُ _ فَهُوَ خَائِنُ
النظرِ.
وَقَالَ اللَّيث: الْخِوَانُ: الْمَائِدَة. . مُعَرَّبَةٌ وَهِي
الْخُونُ. . والعَدَدُ: أَخْوِنَة.
وَقَالَ عَدِيُّ بنُ زَيْدٍ:
(لِخُونٍ مَأَدُوبَةٍ وزمِيرُ ... )
والْخَوَّانُ: مِنْ أَسماء الأَسَدِ.
وخن: ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: التَّوَخُّنُ:
الْقَصْدُ إِلَى خيرٍ أَو شَر.
قَالَ: والْوَخْنَة الفسادُ.
والنَّوْخَةُ: الْإِقَامَة.
خنى: وَالخَنْوَةُ: الْغَدْرَة.
والْخَنْوَةُ _ أَيضاً _ الْفُرْجةُ فِي الْخُصِّ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الْخَنَا _ من الْكَلَام _: أَفْحَشُه.
(7/238)
وَيُقَال: خَنَا يَخْنُو خَناً _ مقصورٌ _
وأَخْنَى فِي كَلَامه.
وخَنَا الدَّهرِ: آفاتُه.
وَقَالَ لَبِيدٌ:
(وقَدَرْنَا إنْ خَنَا الدَّهْرِ غَفَلْ ... )
وَأَخْنَى عَلَيْهِم الدَّهرُ: إِذا أَهلكَهُمْ.
وَقَالَ النَّابِغَةُ:
(أَخْنَى عَلَيْها الَّذِي أَخْنَى عَلَى لُبَدِ ... )
وَقَالَ أَبُو عبيد: أَخْنَى عَلَيْهِ: أفْسَدَ. . وَهَذَا هُوَ
الصوابُ.
نوخ: ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _: النَّوْخَةُ: الإقامةُ.
وَقَالَ غيرُه: ((يُقال: أَنَخْتُ البعيرَ فَاسْتَنَاخَ.
وَتقول: نَوَّخْتُهُ. . فَتَنَوّخَ.
والفَحْلُ يَتَنَوَّخُ النّاقةَ _ إِذا أَرَادَ ضِرَابَها.
والْمُنَاخُ: الموضعُ الَّذِي تُنَاخُ فِيهِ الإبلُ.
وَيُقَال: أَيْضا _: نَخْنَخْتُهُ فَتَنَخْنَخَ.
والأصلُ: الإنَاخَة، والنَّوْخَةُ.
ينخ: قَالَ اللَّيْث: الْيَنَخُ: من قَوْلك: أَيْنَخْتُ الناقةَ _ إِذا
دعوتَها إِلَى الضِّرَابِ.
تقولُ: إيَنِخْ. إيَنِخ.
قلتُ: هَذَا زَجْرٌ لَها _ كَمَا يُقَال لَهَا _ إِذا أُنِيخَتْ _ إخْ.
. إخْ.
نخا: قَالَ اللَّيْث: النَّخْوَةُ: العَظَمة.
تَقول: انْتَخَى فلانٌ _ إِذا تكَبَّرَ. وَأنْشد:
(وَمَا رَأَيْنا مَعْشَراً فَيَنْتَخُوا ... )
أَبُو حَاتِم _ عَن الأصمعيِّ _ يقالُ: زُهِيَ فلانٌ. . فَهُوَ
مَزْهُوٌّ. . وَلَا يُقَال: زَهَا.
قَالَ: وَيُقَال: نَخَا فلانٌ، وانْتَخَى.
وَلَا يُقَال: نُخِيَ.
أخن: أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _: قَالَ: الآخِنيُّ: ضَرْبٌ من
الثِّياب الْمخَطَّطةِ.
قلتُ: والآخنِيَّةُ: القِسِيُّ _ أَيْضا.
وَقَالَ الأعْشَى:
(مَنَعَتْ قِيَاسُ الآخِنِيَّةِ رَأْسَهُ ... بِسِهَامِ يَثْرِبَ أَوْ
ثِيَابِ الْوَادِي)
وَقَالَ أبُو مَالِكٍ: الآخِنِيُّ: أَكْسِيَةٌ سُودٌ لَيِّنَةٌ يَلبسها
النَّصارَى. وَقَالَ الْبَعِيثُ:
(فَكَرَّ عَلَيْنا ثُمَّ ظَلَّ يَجُرُّها ... كَمَا جَرَّ ثَوْبَ
الآخِنِيِّ الْمُقَدَّسُ)
وَقَالَ أَبُو خِرَاسٍ:
(كَأَنَّ المُلاَء الْمَحْضَ خَلْفَ كُراعِهِ ... إذَا مَاتَمَطَّى
الآخِنِيُّ الْمُخَذَّمُ)
بَاب الْخَاء وَالْفَاء
خَ ف (وايء)
خَافَ، خفا، خفأ، فاخ، أفخ، خيف، وخف: مستعملة.
فيخ _ فوخ: قَالَ اللَّيْث: الْفَيْخَةُ: السُّكُرُّجَةُ. . لأنَّها
تُفَيَّخُ _ كَمَا تُفَيِّخُ العجِينَةُ _ فَتُجْعَلُ كالسُّكُرُّجَةِ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: نحوَه.
وَأنْشد اللَّيْثُ:
(ونَهِيدَةٍ فِي فَيْخَةٍ مَعَ طِرْمَةٍ ... أَهْدَيْتُهَا لِفَتًى
أَرَادَ الزَّغْبَدَا)
((النَّهِيدةُ)) : الزُّبْدَةُ. و ((الطِّرْمَةُ)) : الشُّهْدَةُ.
((وَالزَّغْبَدُ)) : الزُّبْدُ.
شَمِرٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ: فَيْخَةُ الْبَوْلِ: اتِّسَاعُ
مَخْرَجِه. . وكَثْرَتُهُ.
(7/239)
قَالَ: وفَيْخَةُ الحَرِّ: شِدَّتُهُ
وغُلَوَاؤُه.
وفَيْخَةُ النَّبَاتِ: التِفَافُه وكَثْرَتَهُ.
وَفِي الحَدِيث ((أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَرَجَ مَعَ
بَعْضِ أَصْحَابِهِ مُتَبَرِّزاً. . فَقَالَ لَهُ: تَنَخَّ فإنَّ كُلَّ
بَائِلَةٍ تُفِيخُ)) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: الإفَاخَةُ: الْحَدَثُ.
يَعْنِي مِنْ خُرُوج الرّيح خاصَّة. يُقَال: قَدْ أَفَاخَ الرجل. .
يُفِيخُ إفَاخَةً. وَقَالَ اللَّيثُ: إَفَاخَةُ الرِّيحِ بالدُّبِر.
وَقَالَ أَبُو زيد: إِذا جَعَلْتَ الفِعلَ للصوت _ قلتَ: قد فَاخَ
يَفُوخُ.
قَالَ: وأمّا الفَوْحُ _ بِالْحَاء _: فَمن الرِّيحِ: أَنْ يَجِدَهَا.
. لَا مِنَ الصَّوْت.
شمِرٌ _ قَالَ ابْن الأعرابيِّ: أَفَاخَ بِبَوْله _ إِذا اتَّسَع
مَخرَجُه.
قَالَ: وأَفَاخَتْ الناقةُ بِبَوْلها. . وأَشَاعَتْ وأَوْزَغَت.
وأَنشد لجرِيرٍ:
(ظَلَّ اللَّهَازِمُ يَلْعَبونَ بِنِسْوَةٍ ... بالْجَوِّ يَوْمَ
يُفْخِنَ بالأبْوَالِ)
قَالَ: والإفَاخَةُ: أنْ يُسْقَطَ فِي يَدِه.
وَأنْشد لِلْفَرَزْدَقِ:
(أَفَاخَ وألْقى الدِّرْعَ عَنْهُ وَلم أَكُنْ ... لأُلْقِيَ دِرْعِي
عَنْ كَمِيٍّ أُقَاتِلُهْ)
قَالَ. وَقَالَ أَعْرَابيٌّ: أَفَاخَ فلانٌ عَن فلاَنٍ _ إِذا صَدَّ
عَنهُ.
وَأنْشد:
(أَفَاخُوا مِنْ رِمَاحِ الْخَطِّ لِمَّا ... رَأَوْنَا قَدْ
شَرَعْنَاهَا نِهَالاَ)
وَقَالَ شَمِرٌ: قَالَ الفرَّاء: فَاحَتْ رِيحُهُ، وَفَاخَتْ.
قَالَ: وفَاخَتْ: أَخَذَتْ بِنَفَسِهِ وفَاحَتْ: دُونَ ذَلِك.
أَبُو زيد: فَاخَتِ الرِّيحُ. . تَفُوخُ _ إِذا كَانَ لَهَا صَوْتٌ.
أفَخ: وَقَالَ اللَّيْث: مَنْ هَمَزَ الْيَأَفُوخَ فَهُوَ على تَقْدِير
((يَفْعُولٍ)) .
قَالَ: ورجلٌ مأَفُوخٌ _ إِذا شُجَّ فِي يَأْفُوخِهِ.
قَالَ: ومَنْ لم يهْمِزْ فَهُوَ على تَقْدِير ((فَاعُولٍ)) من
الْيَفْخِ.
والهمْزُ أَصوبُ وأحسنُ.
أَبُو عبيد: أَفَخْتُهُ وأَذَنْتُهُ _ إِذا أصبْتَ يَأْفوخَه
وأَذُنَهُ. وجمعُ ((الْيَأْفوخِ)) : ((يَآفِيخُ)) .
وَأَخْبرنِي الْمُنْذريُّ _ عَن إبراهيمَ الْحَرْبيِّ عَن أبي نَصْر
عَن الأصمعيِّ _ قَالَ: الْيَأْفُوخُ: حيثُ الْتَقَى عَظمُ مُقَدَّم
الرأْس وعَظْمُ مؤَخَّرِه، حيثُ يكون لَيِّناً منَ الصَّبِيِّ.
يقالُ لَهُ _ من الصَّبي _ قبل أَن يتلاقى العَظمانِ -: اللَّمَّاعَةُ
والرَّمَّاعَةُ والنَّمغَةُ.
خيف: قَالَ الليثُ: الْخَيْفَانَةُ: الْجَرَادَةُ. . قبل أَن يَسْتَويَ
جَنَاحَاها.
وناقةٌ خَيْفَانَةٌ: سريعةٌ. . شَبِيهَةٌ بالْجَرَادَة لسُرْعتها.
(7/240)
أَبُو عبيد _ عَن أصْحابِهِ _ إِذا صَارَت
فِي الْجَرَادِ خطوطٌ مُخْتلِفَةٌ، فَهُوَ خَيْفَانٌ.
الواحدَةُ: خَيْفَانَةٌ.
قلت: والعَرَبُ تُشْبِّه الْخَيْلَ بِالْخَيْفَانِ.
وَقَالَ امرُؤ القَيْسِ:
(وَأَركَبُ فِي الرَّوْعِ خَيْفَانَةً ... لهَا ذَنَبٌ خَلْفَهَا
مُسْبَطرّ)
وَقَالَ اللَّيثُ: الْخَيَفُ: مصدرُ ((خَيِفَ)) والنعتُ: أَخْيَفُ
وخَيفَاءُ.
وَهُوَ خِلاَفُ الْعَيْنَيْن. تكون إحْدَاهُما زَرْقَاءَ، والأخْرى
سَوْداء.
والجميع: خُوفٌ.
الأصمعيُّ: فَرَسٌ أَخْيَفُ _ إِذا كانتْ إِحْدَى عَيْنَيْه زرقاء،
وَالْأُخْرَى كَحْلاَء والجميعُ: خُوفٌ.
وَمِنْه قيل: ((الناسُ أخْيَافٌ)) _ أَي: لَا يَسْتَوُون.
و ((بَعِيرٌ أَخْيَفُ)) _ إِذا كَانَ واسعَ جِلْدِ الثِّيلِ.
وَأنْشد:
(صَوَّى لَهَا ذَا كِدْنَةٍ جُلْذِياً ... أَخْيَفَ كانَتْ أُمُّهُ
صَفِيّا)
قَالَ: والْخيْفُ جِلْدُ الضَّرْع، وناقةٌ خَيفَاءُ _ إِذا كَانَت
واسعةَ جِلْدِ الضَّرْع.
والْخَيْفُ: مَا ارْتَفع من مَجْرَى السَّيْلِ وانحدرَ عَن غِلَظَ
الْجَبَل.
وَمِنْه قيل: مَسْجِدُ ((الْخَيْفِ)) بمنى لأنَّهُ بُنيَ فِي خَيْفِ
الْجَبَلِ.
قَالَ: ((والْخِيفُ)) : جمع ((خِيفَةٍ)) . . مِنَ الْخَوْفِ.
وَقَالَ الْهُذَليُّ:
(فَلاَ تَقْعُدَنَّ على زَخَّةٍ ... وتُضْمِرَ فِي الْقَلْبِ وَجْداً
وَخِيفَا)
أَبُو عَمْرٍ و: الْخَيْفَةُ: السِّكِّينُ وَهِي الرَّمِيضُ.
الأصمعيُّ: الْخَافَةُ: مِثْلُ الْخَريطة من الأدَم. . يُشْتَارُ
فِيهَا الْعَسَلُ.
وَقَالَ اللَّيثُ: تصغيرُها: خُوَيْفَة.
واشتِقَاقُها: من الْخَوْفِ. . وَهِي جُبّةٌ من أَدَمٍ يلبسُها
العَسَّال والسَّقَّاء.
قَالَ: وَيُقَال: خُيِّفَ الْأَمر بَينهم _ أَي: وُزِّعَ.
وخُيِّفَتْ عُمُورُ اللِّثَةِ بَين الْأَسْنَان _ أيْ: فُرِّقَتْ.
خوف: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: خَافَ يَخَافُ خَوْفاً. وَإِنَّمَا
صَارَت الواوُ ألِفاً فِي ((يَخَافُ)) لأنَّهُ على بِنَاء ((عَمِلَ
يَعْمَلُ)) فاستثقلوا الْوَاو فألقوهَا.
فَفيها ثلاثةُ أَشْيَاء: الحرفُ والصَّرْفُ والصوتُ.
وربّما أَلْقَوُا الحرفَ بصَرْفها وَأَبْقَوا مِنْهُ الصّوْتَ.
وَقَالُوا: ((يَخَافُ)) وَكَانَ حدُّه: ((يَخْوَفُ)) _ الْوَاو منصوبةٌ
_ فأَلْقوُا الْوَاو وَاعْتمد الصوتُ عَلَى صرف الْوَاو.
وَقَالُوا: ((خَافَ)) وَكَانَ حدُّه ((خَوِفَ)) _ الواوُ مكسورةٌ _
فأَلقَوُا الواوَ بصرفهَا
(7/241)
وأَبْقَوُا الصوتَ، فاعتمد الصوتُ عَلى
فتْحَةِ الْخَاء، فَصَارَ مَعهَا ألفا لَيِّنَةً.
وَكَذَلِكَ نحوُ ذَلِك، فَافْهَمْ.
وَمِنْه التّخْوِيفُ والإخَافَةُ والتّخوُّفُ.
والنّعْتُ: خَائِفٌ. . وَهُوَ الْفَزع.
قَالَ: وَتقول: طريقٌ مَخُوفٌ ومُخِيفٌ _ يَخَافُهُ الناسُ.
ووجعٌ مَخوفٌ ومُخِيفُ _ يُخِيفُ مَنْ رَآهُ.
وَهَكَذَا قَالَ الْأَصْمَعِي: قَالَ: وحائطٌ مخُوفٌ، وثَغْرٌ مَخُوفٌ
_ يُفْرَقُ مِنْهُ، وَيَجِيء الْخَوْفُ مِنْ قِبَله.
وَقَالَ الليثُ: خَوَّفْتُ الرجلَ _ إِذا جعلتُ فِيهِ الْخَوْف.
وخَوَّفْتُهُ _ إِذا جعلْتُه بِحَالَة يَخَافُهُ فِيهَا الناسُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {أَو يَأْخُذهُمْ على تخوف} [النّحل: 47] .
قَالَ الفرَّاءُ: جَاءَ فِي التَّفْسِير: أَنَّهُ التّنَقُّصُ.
قَالَ: والعَرَبُ تَقول: تَخَوَّفْتُهُ _ أَي: تَنَقَّصْتُه من
حَافَاتِهِ. فَهَذَا الَّذِي سمعتُ: وَقد أَتَى التفسيرُ بالْخَاء.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن الحرَّاني عَن ابْن السِّكِّيت _ قَالَ:
يُقَال: هُوَ يَتَخَوَّفُ المالَ ويَتَحَوَّفُه _ أَي: يَتنَقَّصُهُ،
ويأخذُ من أَطْرَافه. وَقَالَ ابنُ مقبِلٍ:
(تَخَوَّفَ السَّيْرُ مِنْهَا تَامِكاً قَرِداً ... كمَا تَخوَّفَ
عُودَ النبْعَةِ السّفَنُ)
شمرٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ -:
تَحَوَّفْتُ الشَّيْء وتَحَيّفْتُهُ، وتَخَوّفْتُهُ وتَخَيَّفْتُهُ _
إِذا تنقَّصْتُه.
وَقَالَ الكسائيُّ: مَا كَانَ من ذَوات الثَّلَاثَة _ من بَنَاتِ
الْوَاو _: فَإِنَّهُ يُجْمَعُ على ((فُعَّلٍ))
وَفِيه ثَلَاثَة أوجه: يُقَال: خَائِفٌ ... وخُيَّفٌ، وخِيَّفٌ. .
وخُوَّفٌ.
قَالَ: ونحوُهُ: كَذَلِك.
وَقَالَ ابنُ السِّكِّيتِ: أخافَ القومُ _ إِذا أَتَوْا خَيْفَ مِنًى،
فنزلوا.
خفى: قَالَ اللَّيْث: أَخْفَيْتُ الصوتَ، وَأَنا أُخْفِيه إخْفَاءً.
قَالَ: وفِعْلُهُ اللازمُ: اخْتَفَى.
قلتُ: الأكْثرُ من كَلَام الْعَرَب: اسْتَخْفَى. . لَا اخْتَفَى.
و ((اخْتَفَى)) : لغةٌ لَيست بِالْعَالِيَةِ.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: خَفَيْتُ الشَّيْء: أظهرتُهُ وكتمتُهُ.
قَالَ والرَّكِيَّةُ. . يُقَال لَهَا: ((خَفِيَّةٌ)) لِأَنَّهَا
استُخْرِجَت وأُظْهِرَتْ.
قَالَ: و ((أَخْفَيْتُ)) _ أَيْضا _: مِثْلُهُ.
وَقَالَ الأخْفَشُ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَمن هُوَ مستخف
بِاللَّيْلِ وسارب بِالنَّهَارِ} [الرّعد: 10] .
قَالَ: ((المُسْتَخْفِي)) : الظاهرُ.
و ((السَّارِبُ)) : الْمُتَوَارِي.
قَالَ: ومَنْ قرَأ (أَكادُ أَخْفِيهَا) فَمَعْنَاه: أظْهِرُها.
لأنّك تَقول: خَفيْتُ السِّرَّ _ أَي: أظهرتهُ.
(7/242)
وَأنْشد:
(فَإنْ تَكْتُمُوا الدّاءَ لَا نَخْفِهِ ... وَإِنْ تَبْعَثُوا
الحَرْبَ لَا نَقْعُدِ)
ورَوَى سَلَمة عَن الفرَّاء: فِي قَوْله عزّ وجلّ: {وَمن هُوَ مستخف
بِاللَّيْلِ وسارب بِالنَّهَارِ} .
((مُستَخْفٍ بِاللَّيْلِ)) _ أَي: مُسْتَتِرٌ. ((وسَاربٌ بالنَّهَار))
_ أَي: ظَاهر.
كَأَنَّهُ قَالَ: الظَّاهِر والخفيُّ عِنْده _ جلّ وعزّ _: واحِدٌ.
وَقَالَ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {أكاد أخفيها} [طه: 15] .
فِي التَّفْسِير: ((. . مِنْ نَفْسي. . فَكيف أطلِعُكم عَلَيْهَا)) ؟ .
قلتُ: وَقَول الأخفَش: ((المُسْتَخْفي: الظاهِرُ)) . . خطَأٌ عِنْد
اللُّغَوِيِّينَ. وَالْقَوْل مَا قَالَ الفرَّاءُ.
وَأما ((الاختِفَاءُ)) فَلهُ مَعْنيانِ: أحدُهما: بِمَعْنى الاستخراج.
وَمِنْه قيل للنَّبَّاش: المُخْتفِي.
وَالثَّانِي: بِمَعْنى ((الاسْتخْفاء)) . . وَهُوَ الاسْتِتَار.
وَجَاء ((خَفيتُ)) . . بمعنيين متضادّين.
وَكَذَلِكَ ((أَخْفَيْتُ)) فِيمَا زعم أَبُو عُبَيْدَة.
وكلامُ الْعَرَب الجيِّدُ: أَن يُقَال: خفَيْتُ الشَّيْء أَخْفِيهِ _
أَي: أظهرْتُهُ.
وَقَالَ امرُؤُ القيْس:
(خَفَاهُنَّ مِنْ أَنْفَاقِهِنَّ كأَنَّما ... خفَاهُنَّ وَدْقٌ مِنْ
سَحَابٍ مُرَكَّبِ)
وأَخْفِيتُ الشيءَ _ أَي: سَتَرْتُه.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَإِن تبدوا مَا فِي أَنفسكُم أَو تُخْفُوهُ}
[البَقَرَة: 284] .
مَعْنَاهُ: أَو تُسِرُّوهُ.
واختَفَيْتُ الشيءَ _ أَي: أظهرتَه، واستخْفَيْتُ مِنْهُ _ أَي:
تَوَارَيتُ)) .
هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب.
أَبُو عبيدٍ _ عَن الأصمعيِّ _ الْخَافِي: هُم الْجِنُّ. وَأنْشد:
(وَلاَ يُحَسُّ مِنَ الْخَافِي بهَا أَثَرُ ... )
وجَمْعُ ((الخافي)) : خوَافٍ.
قَالَ: والْخَوَافِي _ من السَّعف _: مَا دون ((الْقِلَبَةِ)) . وَأهل
الْمَدِينَة يسمُّونها: ((العَوَاهِنَ)) .
قَالَ: والخَوَافِي: مَا دون الرِّيشات العَشْر. . من مقدّمِ الْجنَاح.
قَالَ: والخَفَاءُ _ مَمْدُود _ مَا خفِيَ عَلَيْك.
يُقَال: بَرِحَ الخَفَاءُ، وَذَلِكَ: إِذا ظهر وَصَارَ فِي بَرَاحٍ _
أَي: أَمْرٍ مُنْكَشِفٍ.
وَقيل: بَرِحَ الخَفَاءُ _ أَي: زالَ الخفاءُ.
والأوّل أَجْود.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخُفْيَةُ: من قَوْلك: أَخفَيْت الشَّيْء _ أَي:
سترْتُه.
وَيُقَال: خِفْيَةٌ _ بِكَسْر الْخَاء.
قَالَ: ولَقِيتُهُ خَفِيّاً _ أَي: سِرّاً.
والخَافِيَةُ: نَقِيضُ العَلانية.
قَالَ: والْخَفَا _ مَقْصُور _: هُوَ الشَّيْء الْخافي. . وَهُوَ:
الموضِعُ الْخَافي.
وأَنْشَدَ:
(7/243)
(وَعالِمِ السِّرِّ وعَالمِ الْخَفَا ...
لَقَدْ مَدَدْنا أَيْدِياً بَعْدَ الرَّجا)
وَقَالَ أُمَيَّةٌ:
(تُسبِّحُهُ الطَّيْرُ الْكَوَامِنُ فِي الْخَفَا ... وَإِذْ هِيَ فِي
جَوِّ السَّماءِ تَصَعَّدُ)
قَالَ: والْخِفَاءُ: رداءٌ تلبسه المرأةُ فوقَ ثِيَابهَا.
قَالَ: وكلُّ شَيْء غطَّيتَه بِشَيْء _ من كساءٍ أَو غِطاء _. . فَهُوَ
خِفَاؤُهُ.
والجميعُ: الأَخْفِيةُ. وَمِنْه قَول ذِي الرُّمَّةِ:
(عَليْهِ زَادٌ وأَهْدَامٌ وأَخْفِيَةٌ ... قَدْ كَادَ يَحْتَزُّهَا
عَنْ ظَهْرِه الْحَقَبُ)
قَالَ: و ((الْخَفِيَّة)) : غَيْضَةٌ ملتفَّةٌ يتَّخِذُها الأسَدُ
عِرِينَه، وَهِي خَفِيَّتُهُ.
وَأنْشد:
(أسُودُ شَرًى لاقَتْ أُسُودَ خَفيَّةٍ ... تَساقَيْنَ سُمّاً
كلُّهُنَّ خَوَادِرُ)
قَالَ: وَيُقَال: ((شَرًى)) و ((خَفِيَّةٌ)) : مَوْضِعَان. قَالَ:
والْخَفِيَّةُ: بِئْرٌ كَانَت عادِيَّةً فانْدَفَنَتْ، ثمَّ حُفِرَت.
والجميعُ: الْخَفَايَا. . والْخَفِيَّاتُ.
قَالَه ابنُ السكِّيت.
أَبُو عبيدٍ _ عَن أبي عمرٍ و _ خَفِيَ البرقُ يَخْفَى خَفْياً _ إِذا
بَرَق بَرْقاً ضَعيفاً.
قَالَ: وَقَالَ الكِسَائِيُّ: خَفَا يَخْفُو خَفْواً _ بِمَعْنَاهُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: الوَمِيضُ أَنْ يُومِضَ البَرْقُ إيمَاضَةً
ضَعِيفَة، ثمَّ يَخْفَى ثمَّ يُومِضُ، وَلَيْسَ فِيهِ يَأسٌ مِنْ
مَطَر.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الْخَفُّ: اعْتِرَاض البَرْق فِي نواحي السَّمَاء.
والوَمِيضُ: أَن يَلْمعَ قَلِيلا ثمَّ يَسْكُنَ.
والعرَب تَقول: إِذا حَسُنَ من الْمَرْأَة خَفِيَّاها حَسُنَ سائِرُها.
يَعْنُون: رَخَامَةَ صَوتهَا وَأَثرَ وَطْئِها.
وخف: قَالَ اللَّيثُ: الْوَخْفُ: ضَرْبُك الْخَطْمِيَّ فِي الطَّسْتِ
تُوخِفُهُ ليختلط.
تَقول: أَمَا عندَك وَخِيفٌ أَغسِلُ بِهِ رَأْسِي؟ .
وَقَالَ شَمِرٌ: أَوْخَفْتُ الْخَطْمِيَّ _ إِذا ضربتَه بِيَدِك ليصير
غَسُولا.
وَكَذَلِكَ يُفْعَلُ بالْخَطْمِيِّ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ _ فِي قَول الْقُلاَخِ:
(وأَوْخَفَتْ أَيْدِي الرِّجَالِ الْغِسْلا ... )
أَرَادَ خَطرانَ اليَدِ بالْفَخَارِ والكلامِ كأنَّه يضرِبُ غِسْلاً.
وَيُقَال: أَتَاهُ بلَبَنٍ مثلِ ((وِخَافِ)) الرَّأْس و ((وَخِيفِ))
الرَّأْس.
وَهُوَ مَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْس.
والْوَخِيفَةُ _ من طَعَام الْأَعْرَاب _: أَقِطٌ مَطْحُونٌ يُذَرُّ
على مَاء، ثمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ السمْنُ، ويضربُ بعضُه بِبَعْض، ثمَّ
يُؤكلُ.
خفأ: قَالَ أَبُو زيد _ فِي كتاب ((الْهَمْزِ)) _: خَفَأْتُ الرجلَ
خَفْئاً، وجَفَأْتُهُ جَفْئاً _ إِذا اقتلعتُه وضربتُ بِهِ الأرضَ.
بَاب الْخَاء وَالْبَاء
خَ ب (وايء)
خَابَ، خبأ، باخ، وبخ: مستعملة.
(7/244)
بوخ: قَالَ اللَّيثُ: بَاخَتِ النَّار
تَبُوخُ بَوْخاً وبُؤوخاً.
وأَبَاخَهَا الَّذِي يُخْمِدُها. وأَبَخْتُ الحربَ إِبَاخَةً.
أَبُو عبيد _ عَن الكسائيّ _ عَدَا الرجلُ حتَّى أَفْثَجَ وبَاخَ _
إِذا أَعْيَا وانْبَهَرَ.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: ((بَاخَ)) الرجلُ ((يَبُوخُ)) _ إِذا سكَن
غَضَبُهُ.
((وَبَاخَ)) الحَرُّ ((يَبُوخُ)) _ إِذا فَتَر.
وَقَالَ شَمِرٌ: بَاخَ الحرُّ _ إِذا سكَن فَوْرُهُ.
خيب: قَالَ اللَّيثُ: الْخَيْبَةُ: حِرْمَان الْجدِّ.
يُقَال: خَاب يَخيبُ خَيْبَةً. وخَيَّبَهُ الله تَخْيِيباً.
وَيُقَال: جعل الله سعي فلَان فِي خَيَّابِ ابنِ هَيَّابٍ وبَيَّابِ بن
بَيَّابٍ _ فِي مَثَل للْعَرَب.
وَلَا يَقُولُونَ مِنْهُ: خَابَ وهَابَ.
قَالَ: والْخَيَّابُ: القِدْحُ الَّذِي لَا يورِي.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: خَابَ يَخُوبُ خَوْباً _ إِذا افتَقَر.
وَفِي الحَدِيث: ((نَعُوذُ بِاللَّه مِنْ الْخَوْبَةِ)) .
أَبُو عبيد: أصابتْهم خَوْبَةٌ _ إِذا ذهب مَا عندَهم، فَلم يبقَ
عِنْدهم شَيْء.
عمروٌ _ عَن أَبِيه _ الْخَوْبَةُ والْقَوَايَةُ، والْخَطِيطَةُ:
الأَرْض الَّتِي لم تُمْطَرْ.
وقَوِيَ المطَرُ يَقْوَى _ إِذا احتَبس.
وَقَالَ شَمِرٌ: لَا أَدْرِي ((مَا أَصابَتْهُمْ خَوْبَةٌ)) . .
وأظنُّه ((حَوْبَةٌ)) .
قلتُ: والْخَوْبَة _ بِالْخَاءِ _ صَحِيح، وَلم يحفَظْه شَمِر.
وَيُقَال للجُوعِ: الْخَوْبَةُ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
(طَرُودٌ لِخَوْبَاتِ النُّفُوسِ الكَوَانِعِ ... )
سَلَمَةُ عَن الفرَّاء قَالَ: خَابَ _ إِذا خسِر، وخابَ _ إِذا كَفَر.
خبأ: قَالَ اللَّيثُ: خبَأْتُ الشَّيْء أَخبَؤُهُ خبْأً.
والْخَبْءُ: مَا خبَأْتَ من ذَخِيرَةٍ ليَوْم مَّا.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {الَّذِي يخرج الخبء فِي السَّمَاوَات
وَالْأَرْض} [النَّمل: 25] .
قَالَ الفرَّاء: ((الْخَبْءُ)) _ مهموزٌ _ وَهُوَ الغَيْب. . غَيْبُ
السَّمَاوَات وَالْأَرْض.
وَيُقَال: هُوَ الماءُ الَّذِي يَنزِلُ من السَّمَاء، والنَّبْتُ
الَّذِي يخرجُ من الأَرْض.
وَفِي الحَدِيث ((اطْلُبُوا الرِّزْقَ فِي خبَايَا الأرْضِ)) .
قيل: مَعْنَاهُ: الحَرْثُ، وإثارَة الأَرْض للزِّراعة.
وأصلُه: من الخَبْءِ. . الَّذِي قَالَ الله عزّ وجلّ: فِيهِ {يخرج
الخبء} : وواحدةُ ((الخَبَايَا)) : خبِيئةٌ.
وَقَالَ الليثُ: امرأةٌ ((مُخَبَّأَةٌ)) .
وَهِي ((المُعْصِرُ)) قبل أَن تَتَزَوَّجَ.
وَقيل: المُخَبَّأَةُ هِيَ الْمُخَدَّرَةُ الَّتِي لَا بُرُوزَ لَهَا _
من الْجَوَارِي.
وَقَالَ اللَّيْث: الْخِبَاءُ: مَدَّتُهُ هَمْزةٌ _ وَهُوَ سِمَةٌ
تُخْبَأ فِي موضِع خفِيٍّ من الناقةِ النَّجِيبَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ
لُذَيْعَةٌ بالنَّار.
(7/245)
والجميعُ أَخبِئَةٌ _ مهموزةٌ _.
قَالَ: والخِبَاءُ: من بُيُوت الْأَعْرَاب جَمْعُه أَخبِيَةٌ _ بِلَا
همزٍ.
وتَخَبَّيْتُ كِسائي تَخبِّياً، وأَخبَيْتُ كِسائي _ إِذا جعلتَهُ
خِبَاءً.
قَالَ: والخِبَاءُ: غِشَاءُ البُرَّةِ والشعيرَةِ فِي السُّنْبُلَةِ.
ذكَرَه النَّضْرُ عَن الطَّائفيِّ.
أَبُو عبيد _ عَن الأصمعيِّ _: مِن الأَبْنِيَةِ: الخِبَاءُ. . وَهُوَ
من الوَبَر أَو الصُّوف.
وَلَا يَكونُ من شَعَرٍ.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ: الخِباءُ بَيْتٌ صغيرٌ. . من صوفٍ، أَو
من شَعَرٍ.
وَإِذا كَانَ أكبرَ من الخِبَاء فَهُوَ بيتٌ.
أَبُو عُبيد _ عَن أبي زيدٍ _: يُقَال _ من الخِبَاءِ _: أَخبَيْتُ
إخباءً _ إِذا أردتُ المَصْدرَ إِذا عمِلْتُه.
وتَخَبَّيْتُ أَيْضا.
قَالَ: وَقَالَ الأُمَوِيُّ: أَخبَيتُ، وَقَالَ الكسائيُّ: خبَّيْتُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الخَابِيَةُ: أصلُها الهمزُ. . مِن
((خبَأْتُ)) .
قلتُ: العربُ تَتْرُكُ الهمزَ فِي ((أَخبَيْتُ)) وَ ((خبَّيْتُ)) وَفِي
((الخَابِيَةِ)) لكثْرتها فِي كَلَامهم اسْتَثْقَلُوا الْهَمْزَ.
وَيُقَال: خبَتِ النارُ _ إِذا خَمَدَ لَهبُها وسَكَنَ _ ((خبُوّاً))
فَهِيَ ((خابيَةٌ)) . وَقد ((أَخْبَأَها الْمُخْبِىءُ _ إِذا أخمدها.
وَقَالَ الليثُ: ((خبَتْ حِدَّةُ النَّار)) : مِثْلُه.
وبخ: أهمل الليثُ ثُلاَثيَّهُ، واستُعْمِلَ مِنْهُ ((التَّوبيخُ)) . .
وَهُوَ اللَّوْمُ.
يُقَال: وَبَّخْتُ فُلاناً بسوءِ فعله تَوْبيخاً _ إِذا أَنَّبْتُهُ
تَأْنِيباً.
بَاب الْخَاء وَالْمِيم
خَ م (وايء)
خام، ماخ، مخى، ومخ، وخم، خيم: مستعملة:
خيم _ (خام) : قَالَ اللَّيْث: تَقول: خامَ الرجلُ يَخِيمُ _ إِذا كادَ
يَكِيدُ كَيْداً فرَجع عَلَيْهِ ولمْ يَرَ فِيهِ مَا يُحِبُّ، ونَكَلَ
ونَكَصَ.
وَكَذَلِكَ: إِذا خامُوا فِي الحَرْب، فلمْ يَظْفَرُوا بخَيْرٍ
وضَعُفُوا.
وَأنْشد:
(رَمَوْنِي عَنْ قِسيِّ الزُّورِ حَتَّى ... أَخامَهُمُ الإلَهُ بهَا
فَخَامُوا)
أَبُو عُبيدٍ _ عَن أبي عَمْرو _: الْخَائِمُ: الجَبَانُ. . وَقد خامَ
يَخِيمُ.
وَقَالَ الفرّاءُ وابنُ الأعرابيِّ: الإخامةُ: أَن يُصِيبَ الإنسانَ _
أَو الدَّابة _ عَنَتٌ فِي رِجله فَلَا يَسْتَطِيع أَن يُمَكِّنَ
قَدَمَهُ من الأَرْض فيُبْقِي عَلَيْهَا.
يقالُ: إِنَّه لَيُخيمُ إحْدَى رِجْليْهِ.
(7/246)
وَقَالَ أَبُو عُبيدةَ: الإخامةُ _ للفَرَس
_: أَن يَرفعَ إحدَى يَدَيْهِ، أَو إحدَى رِجْلَيه. . عَلَى طَرَفِ
حافِرِه.
وَأنْشد الفرَّاءُ:
(رَأَوْا وَقرَةً فِي عَظْمِ سَاقي فحاوَلُوا ... جُبُورِيَ لَمّا أَنْ
رَأَوْنِي أُخِيمُها)
وَفِي الحَدِيث: ((مَثَلُ الْمُؤْمِن مَثَلُ الخَامَةِ من الزَّرْعِ. .
تُمِيلُها الرِّيحُ مَرَّةً هَا هُنَا ومرّةً هَهُنَا)) .
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الخَامةُ: الغَضَّةُ الرَّطْبَةُ.
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
(إنَّما نَحْنُ مِثْلُ خامَةِ زَرْعِ ... فمتَى يَأْنِ يَأْتِ
مُحْتَصِدُهُ)
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: قَالَ: الخَامةُ: السُّنْبُلَةُ. .
وجَمْعُها: خَامٌ.
قَالَ: والخامةُ: الفُجْلَةُ.
وجمعُها: خامٌ.
وَقَالَ أَبُو سعيدٍ الضَّرِيرُ: إِن كانتِ ((الخَامةُ)) مَحْفُوظَة
فليستْ مِنْ كَلَام الْعَرَب.
قلتُ: ابنُ الأعرابيِّ أَعْلَمُ بِكَلَام الْعَرَب مِنْ أَبِي سعيد،
وَقد جَعَلَ ((الخامة)) من كَلَام الْعَرَب بِمَعْنَيَيْنِ
مُخْتَلِفَين.
أَبُو عبيد: الخِيمُ: الشِّيمَةُ. . وَهِي الطبيعة والخُلُق.
وَقَالَ غَيره: خِيمُ السَّيف: فِرِنْدُهُ.
و ((خِيمٌ)) : موضعٌ بِعَيْنه.
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الخَيْمَة لَا تكون إلاَّ مِنْ
أَرْبَعَة أَعْوَادٍ، ثمَّ تُسَقَّفُ بالثُّمام، وَلَا تكونُ من ثيابٍ.
قَالَ: وَأما المظَلَّةُ فَمن الثِّياب وَغَيرهَا.
وَيُقَال: مِظَلَّةٌ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو -: الْخَيْمُ: عِيدَانٌ يُبنى عَلَيْهَا
الخِيامُ.
وَقَالَ النَّابِغَةُ:
(فَلَمْ يَبْقَ إلاَّ آل خَيْمٍ مُنَضَّدٍ ... وسُفْعٌ عَلَى آسٍ
وَنُؤْيٌ مُعَثْلِبُ)
وَالْعرب تَقول: خيَّمَ فلَان خيْمَةً _ إِذا بَنَاها. . وتَخَيَّمَ _
إِذا أَقَامَ فِيهَا.
وَقَالَ زُهَيْرٌ:
(وَضَعْنَ عِصِيَّ الْحَاضِرِ المتَخَيِّمِ ... )
وخيَّمَتِ البقرةُ: أَقَامَت فِي كِنَاسها. . فَلم تَبْرَحْه.
قَالَه اللَّيْث.
قَالَ: والخَيْمَةُ _ مستديرَةً _ بَيْتٌ من بيُوت الْأَعْرَاب.
وَأنْشد:
(أَوْ مَرْخةٌ خيَّمَتْ فِي أَصْلِهَا البقَرُ ... )
قَالَ: وتَخَيَّمَتِ الرِّيحُ الطيِّبة فِي الثَّوْب _ إِذا عَبِقَتْ
بِهِ.
قَالَ: وخَيَّمْتُهُ أَنا: غَطَّيْتُهُ كي يَعْبَقَ بِهِ.
وَقَالَ الشَّاعِر:
(مَعَ الطِّيبِ المخيِّم فِي الثِّيَابِ ... )
قَالَ: والخِيمُ: سَعَةُ الخُلُقِ.
وخم: قَالَ اللَّيْث: الوَخيمُ: الأرضُ الَّتِي لَا ينْجَعُ كَلَؤُها.
. وَكَذَلِكَ الوَبيلُ.
(7/247)
قَالَ: وطعامٌ وَخِيمٌ: غيرُ موَافِقٍ،
وَقد وَخُمَ وَخامَةً _ إِذا لم يُسْتَمْرَأْ.
قَالَ: واسْتَوْخَمْتُهُ، وتَوَخَّمْتُه.
وَأنْشد:
(إلَى كَلإ مُسْتَوْبَلٍ مُتَوَخَّمِ ... )
قَالَ: وَمِنْه اشْتُقَّتِ التُّخْمَةُ.
ثال: تَخِمَ يَتْخَمُ، وتَخَمَ يَتْخِمُ واتَّخَمَ يَتِّخِمُ.
قَالَ: وأصل التُّخَمَةِ: وُخَمَةٌ. . فَحُوِّلَتِ الواوُ ((تَاءً)) .
كَمَا قَالُوا: ((تُقَاة)) . . وأَصْلُها: ((وُقَاةٌ)) .
وتَوْلَجٌ _ وأصلُه: ((وَوْلَجٌ)) .
قَالَ: والوَخَمُ: داءٌ _ كالبَاسُورِ _ يخرُج بِحَيَاءِ النَّاقة _
عِنْد الْولادَة _ حتَّى يُقْطَعَ مِنْهُ.
والناقة وَخِمَةٌ _ إِذا كَانَ بهَا ذَلِك.
قَالَ: ويُسَمَّى ذَلِك البَاسُورُ: الوَذَمَ.
ومخ: ثَعْلَب _ عَن ابْن الْأَعرَابِي _ قَالَ: الوَمَخَةُ: العَذْلَةُ
المُحْرِقَةُ.
قلتُ أصْلُها الوَبْخَةُ. . فقُلِبَتِ ((البَاء)) مِيماً لقُربِ
مَخرَجَيْهما.
ميخ: قَالَ اللَّيْثُ: مَاخَ يَمِيخُ مَيْخاً وتَمَيَّخَ تَمَيُّخاً:
وَهُوَ التَّبَخْتُرُ فِي الْمَشْي.
قلتُ: هَذَا غلَطٌ، والصَّواب: ماَحَ يَمِيحُ _ بِالْحَاء _ إِذا
تَبَخْتَرَ.
وَقد مرَّ فِي ((كتاب الْحَاء)) .
وَأما ((ماخَ)) : فإنَّ أحمدَ بن يحيى رَوَى _ عَن ابْن الأعرابيِّ _
أَنه قَالَ: المَاخُ: سكُون اللَّهَبِ.
ذَكَرَه فِي بَاب ((الْخَاء)) . وَقَالَ فِي موضعٍ آخرَ: مَاخَ الغضبُ
وغيرُه _ إِذا سكن. قلتُ: والميمُ فِيهِ مُبْدَلةٌ من الْبَاء.
يُقَال: بَاخَ حَرُّ اللَّهب ومَاخَ _ إِذا سكن وفَتَر حَرُّه.
مخى: أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا قرأتُ بِخَطِّهِ لابنِ بُزُرْجَ. . فِي
((نوادره)) : تَمَخَّيْتُ إِلَى فلَان _ أَي: اعتذَرْتُ.
وَيُقَال: امْخَيْتُ إِلَيْهِ.
وَأنْشد الأصمعيُّ:
(وَلَمْ تُرَاقِبْ مَأْثماً فَتَمَّخِهْ ... مِنْ ظُلْمِ شَيْخٍ آضَ
مِنْ تَشَيُّخِهْ)
(أَشْهَبَ مِثْلَ النّسْرِ بَيْنَ أفْرُخِهْ ... )
وَقَالَ الأصمعيُّ: يُقَال: امّخَى _ من ذَلِك الْأَمر. . امِّخَاءً _
إِذا حَرِج منْه تأثُّماً.
والأصلُ: ((انْمَخَى)) .
(7/248)
بَاب لفيف حرف الْخَاء
خوخ، خَاخ، وخوخ، خوى، وخى، أَخ، أَخِيه، أخيخة، خوّ: مستعملة:
خوخ: قَالَ الليثُ: الْخَوْخَةُ: مُخْتَرَقُ بَين بَيْتَيْنِ أَو
دارَيْن لم يُنصَب عَلَيْهِمَا بابٌ _ بلغَة أهل الْحجاز.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم _ أنّه قَالَ:
((لاَتَبْقَى خَوْخَةٌ فِي المَسْجِدِ إِلاَّ سُدُّتْ، غَيْرَ خَوْخَةِ
أَبِي بَكْرٍ)) الصِّديق رَضِي الله عَنهُ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: وناسٌ يُسَمُّون هَذِه الأبوابَ _ الَّتِي تسمِّيها
العجمُ ((بَنْجَرْقَاتْ)) : خَوْخَاتٍ.
قَالَ: والخَوْخَةُ: ثَمَرَةٌ.
والجميعُ: خَوْخٌ.
قَالَ: وضَرْبٌ من الثِّيَابِ أَخْضَرُ يُسَمِّيه أهلُ مكّةَ:
الخَوْخَةَ.
قَالَ: والخَوْخاءةُ: الرجلُ الأحمقُ وجمعُه: الْخَوْخَاؤُونَ.
قلت: وَالَّذِي حَفِظْنَاهُ وحصَّلناه للثِّقَاتِ: الْهَوْهَاءَةُ:
الجَبانُ الأحمق _ بالهاءِ _ ولعلَّ الْخاء فِيهِ لُغةٌ.
وخوخ: قَالَ اللَّيْث: الوَخْوَخةُ: حكايةُ بعضِ أَصْوات الطَّير.
قَالَ. والوَخْوَاخُ: الكَسِلُ الثَّقِيلُ.
وَأنْشد:
(لَيْسَ بِوَخْوَاخٍ ولاَ مُسَنْطِلِ ... )
ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الوَخْوَاخُ: الكَسْلانُ عَن الْعَمَل.
قَالَ: وَيُقَال للرجل العِنِّينِ: وَخْوَاخُ. وذَوْذَخ.
وخ: ثعلبٌ _ عَن ابْن الأعرابيِّ _: الوَخُّ: الأَلَمُ، والوَخُّ:
القَصْدُ. والْخَوُّ: الجُوع.
قلتُ: وكلُّ وَادٍ واسعٍ _ فِي جوٍّ سهلٍ. . فَهُوَ خَوٌّ وخَوِيٌّ.
والخَوَّانِ: وادِيَانِ معروفان فِي دِيار بَنِي تَمِيمِ. و ((يومُ
خَوٍّ)) : يومٌ _ من أَيَّام العرَبِ _ معروفٌ.
خوى: قَالَ الله جلّ وعزّ: _ فِي قِصَّةِ عَادٍ _: {كَأَنَّهُمْ أعجاز
نخل خاوية} [الحاقَّة: 7] .
وأعجَازُ النَّخْلِ: أُصُولُهَا.
وَقيل: ((خَاوِيةٌ)) نعتٌ للنَّخْل. . لأنَّ ((النَّخْلَ)) يُذَكَّرُ
ويُؤنَّثُ.
وَقَالَ جلّ وعزّ فِي موضعٍ آخرَ: {كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل منقعر}
[القَمَر: 20] .
و ((الْمُنْقَعِرُ)) : المُنْقَلِعُ من مَنْبِتِه. وَكَذَلِكَ:
((الْخَاوِيَةُ)) . . مَعْنَاهَا: مَعْنَى المُنْقَلِعِ.
(7/249)
فَقيل لَهَا إِذا انقَلَعَتْ _:
((خَاوِيَةٌ)) . . لِأَنَّهَا خَوَتْ من مَنْبَتِهَا الَّذِي كَانَت
نبتَتْ فِيهِ، وخَوَى منبِتُها مِنْهَا.
وَمعنى (خَوَتْ)) _ أيْ: خَلتْ كَمَا تَخْوِي الدَّارُ خُوِيّاً _ إِذا
خَلَتْ مِن أهلِها.
أَبُو عُبيد _ عَن أبي زيدٍ _: ((خَوَتِ الدَّارُ)) تَخْوِي خُوِيّاً _
إِذا خَلَتْ.
وَقَالَ الكسائيُّ: مِثلَهُ.
قَالَ: ويَجوزُ: ((خَوِيَتِ الدَّارُ)) .
وَقَالَ الأصمعيُّ: خوَى البيتُ يَخْوَى خَوَاء _ ممدُودٌ _ إِذا مَا
خلا من أهلِه.
وَيُقَال: دخل فلانٌ فِي خَوَاءِ فرسِه _ يَعْنِي مَا بَينَ يَدَيْهِ
ورِجْليه.
أَبُو زيد: خَوَتِ النُّجُومُ تَخْوِي خَيّاً _ إِذا أَمْحَلَتْ فَلم
تُمْطِرْ.
وخَوَّتْ تخْوِيَةً _ إِذا مالتْ للمغِيب.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ أَيْضا _ عَن أَصْحَابه _: خَوَتِ النُّجُومُ
وأَخْوَتْ _ إِذا سَقَطَتْ وَلم تُمْطِر. . فِي نَوْئِها.
وَأنْشد الفرّاء:
(وأَخْوَتْ نجُومُ الأخْذِ إلاَّ أَنِضَّة ... أَنِضَّةَ مَحْلٍ لَيْسَ
قاطِرُهَا يُثْرِي)
أَبُو زيد: خَوَّتِ الإبلُ تَخْوِيَةً _ إِذا خَمُصَتْ بطونُها،
وارتفعَتْ.
وَفِي الحَدِيث: ((أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إذَا
سَجَدَ خَوَّى)) .
وَمَعْنَاهُ: أَنه جَافَى بطنَه عَن الأَرْض وعضُدَيْهِ _ عَن
جَنْبَيه.
وَمِنْه يُقَال للناقة _ إِذا بَرَكَتْ فَتجَافَى بطنُها فِي بُروكها _
لضمُورها _: قد خَوَّتْ.
وَأنْشد أَبُو عُبيدٍ فِي صفةِ ناقةٍ ضامرِ:
(ذاتَ انْتِبَاذٍ عَنِ الحَادِي إِذا بَرَكَت ... خَوَّتْ عَلَى
ثَفِنَاتٍ مُحْزَئِلاَّتِ)
((مُحْزَئِلاَّتٌ)) : مُرْتَفِعاتٌ متجافياتٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: خَوِيَتِ المرأةُ ((خَوًى)) _ إِذا لم تَأْكُلْ
عِنْد الْولادَة.
وَقَالَ الأصمعيُّ: خَوِيَ الرجلُ تخْوِي خوًى: إِذا قلَّ الطعامُ فِي
بَطْنه فَضَعُفَ.
وَقَالَ الكسائيُّ: خوَّيْتُ للْمَرْأَة _ إِذا عَمِلْتُ لَهَا
خوِيَّةً تأكلُها.
وَقَالَ الأصمعيُّ: يُقَال للْمَرْأَة: ((خُوِّيتْ)) وَهِي تُخَوَّى
تَخْوِيَةً.
وَذَلِكَ إِذا حُفِرَتْ لَهَا حُفَيْرَةٌ ثمَّ أُوقِدَ فِيهَا، ثمَّ
تَقْعُدُ فِيهَا من داءٍ تجدُه.
قَالَ: وَيُقَال للطائر _ إِذا أَرَادَ أَن يقعَ فيبسُطَ جناحيْهِ
ويَمُدَّ رجلَيْهِ _: قد خَوَّى تَخوِيَةً.
وَقَالَ غَيره: خَوَاءُ الأَرْض _ ممدودٌ _: بَرَاحُها.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم _ يصف فرسا طويلَ القوائم _:
(يَبْدُو خَوَاءُ الأَرْضِ مِنْ خَوَائِهِ ... )
وَيُقَال لما يَسُدُّه الفرسُ بذَنَبه من فُرْجَة مَا بَين رجلَيْهِ:
خَوَايَةٌ.
وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
(فَسَدَّ بِمَضْرَحِيِّ اللَّوْنِ جَثْلٍ ... خَوَايَةَ فَرْجِ
مِقْلاَتٍ دَهِينِ)
(7/250)
أَي: سَدَّتْ مَا بينِ فَخِذَيها بذنَبٍ
مَضْرَحِيِّ اللونِ.
وخَوَى البيتُ _ إِذا انْهَدم.
وقالتْ خَنْسَاءُ:
(كانَ أَبُو حَسَّانَ عَرْشاً خَوَى ... مِمَّا بَنَاهُ الدَّهْرُ
دَانٍ ظَلِيلْ)
((خَوَى)) _ أَي: انْهَدم ووقَع.
وَمِنْه قَوْله جلّ وعزّ: {أعجاز نخل خاوية} [الحَاقَّة: 7] .
وَقَوله عزّ وجلّ: {وَهِي خاوية على عروشها} [البَقَرَة: 259] .
وَقَالَ الليثُ: خَوَتِ الدَّار _ أَي: بَادَ أهلُها وَهِي قَائِمَة
بِلاَ عامِر.
والخَوِيُّ _ عَن الأصمعيِّ _: الْوَادي السهلُ البعيدُ.
وَأنْشد بَعضهم قَول الطِّرِمَّاحِ:
(وَخَوِيٌّ سَهلٌ يُثِيرُ بِهِ القَوْمُ ... رِبَاضاً لِلْعِينِ بَعْدَ
رِبَاضِ))
يَقُول: يمرُّ الرُّكبان بالْعِين فِي مرَابضها فتُثِيرُها مِنْهَا.
و ((الرِّبَاضُ)) : البقرُ الَّتِي رَبَضَتْ فِي كُنُسِها.
خَاخ: خاَخٌ: اسمُ مَوضِع يُقَال لَهُ: ((رَوْضَةُ خَاخ)) ، بَين
الحرَمَيْنِ.
وَكَانَت المرأَة الَّتِي أدْركهَا عليٌّ والزُّبَيْرُ رَضِي الله
عَنْهُمَا وأخذا مِنْهَا كتابا كتبه حَاطِبُ بنُ أبي بَلْتَعَةَ مَعهَا
أهل مَكَّة. . إنَّما أَدْرَكَاهَا برَوْضَةِ خَاخٍ.
أَبُو عبيد _ عَن أبي عَمْرو _: الْخُوَيخِيَةُ الدَّاهِيَةُ _
وَالْيَاء مخفَّفةٌ.
وأنشدنا لِلَبِيدٍ:
(وَكُلُّ أُناسٍ سَوْفَ تَدْخُلُ بَيْتَهُمْ ... خُوَيْخِيَةٌ
تَصْفَرُّ مِنْها الأنَامِلُ)
وَقَالَ شَمِرٌ: لم أسمعْ ((خُوَيْخَيةٌ)) إلاَّ لِلَبيد.
قلتُ: وَهُوَ حَرْفٌ غَرِيب، وَأَبُو عمرٍ وثِقَةٌ.
وَرَوَاهُ بَعضهم ((دْوَيْهِيَةٌ)) .
وَأَخْبرنِي المنذريُّ _ عَن ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيِّ _ قَالَ:
الضُّوَيْضِيَةُ: الدَّاهِيَة.
وَكَذَلِكَ: الضُّوَاضِيَةُ.
قلت: وَهَذَا غَرِيب _ أَيْضا _.
وخى: سمِعْتُ غيرَ واحدٍ من الْعَرَب الفُصَحاء يَقُول للرجل _ إِذا
هداه لصَوْبِ بلدٍ يأْتمُّه _: أَلاَ. . وخُذْ على سَمْتِ هَذَا
الوَخِيِّ _ أَي: على هَذَا القَصْدِ والصَّوْبِ.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ و: وَخَى فلانٌ يَخِي وَخْياً إِذا توَجَّهَ
لِوَجْهٍ.
وَأنْشد الأصمعيُّ:
(قَالَتْ وَلَمْ تَقْصِد لَهُ وَلَمْ تَخِهْ ... )
أَي: لم تَتَحَرَّ فِيهِ الصوابَ.
قلتُ: التَّوَخِّي للحقِّ _ بِمَعْنى التَّحَرِّي _: مأخوذٌ من هَذَا.
يَقُول الرجل لصَاحبه: تَوَخَّيْتُ فِيمَا أتَيْتُه محبَّتَك _ أَي:
تحرَّيْتُ.
وربَّما قلَبُوا الواوَ ألِفاً. فَقَالُوا: تَأَخَيْتُ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَوَخَّيْتُ أَمْرَ كَذَا _ أَي: تَيَمَّمْتَهُ.
وَإِذا قلتَ: وخَّيْتُ فلَانا لأمر كَذَا عَدَّيْتَ فِيهِ الفِعلَ. .
إِلَى غَيره.
(7/251)
وَيُقَال: عَرَفْتُ وَخْيَ الْقَوْم،
وَخِيَّتَهُمْ وأَمَّهُمْ وإِمّتَهُم _ أَي: قَصْدَهم.
أخى: وَقَالَ الليثُ: الأخِيَّةُ: عُودٌ يُعرَض فِي الْحَائِط. .
تُشَدُّ إِلَيْهِ الدّابَّة.
وجَمْعُها: الأَوَاخِيُّ، والأخَايَا.
وَفِي الحَدِيث: ((لَا تَجْعَلُوا ظُهُورَكُمْ كَأَخايا الدّوَابِّ)) .
. يَعْنِي فِي الصَّلاة.
أَي: لَا تُقَوِّسوها فِي الصَّلَاة حَتَّى. . تصيرَ كهذه العُرَا.
قَالَ: ولفلانٍ عِنْد الْأَمِير أَخيَّةٌ ثابتةٌ.
والفعلُ أَخَّيْتُ أَخِيَّةً وتَأخِيَةً.
قَالَ: وتأَخَيْتُ أنَا. . اشتقاقُه: ((من آخيَّةِ)) العُود، وَهِي فِي
تَقْدِير الفِعِل: ((فاعُولَةٌ)) .
قَالَ: وَيُقَال: آخِيَةٌ _ بالتَّخْفِيفِ.
قلتُ: وسمعتُ العربَ تقولُ للحَبْل _ الَّذِي يُدْفَنُ تحتَ الأَرْض _
مَثْنِيّاً _ ويُبْرَزُ طرَفاه الْآخرَانِ. . شِبْهُ حَلْقَةٍ،
وتُشَدُّ بِهِ الدَّابةُ _: أَخيّةٌ.
وجمعُها: أَوَاخِيُّ، وأَخَايَا _ كَمَا قَالَ الليثُ _ مِثلُ
خَطِيئَةٍ وخَطَايَا _ وعِلّتُها كعلَّتِها، وَقد مرَّ تفسيرُها.
وَهِي الأَوَارِيُّ. . والأواخِيُّ.
وَقد تُخَفَّفُ الياءُ مِنْهُمَا.
ونحوَ ذَلِك قَالَ الأصمعيُّ _ فِيمَا رَوَى عَنهُ أَبُو حاتمٍ.
وَكَذَلِكَ رَوَى الْحَرَّانيُّ _ عَن ابْن السِّكِّيت.
وَقَالَ لي أَعرابيٌّ: أَخٍّ لي أَخيَّةً أَرْبِطُ إِلَيْهَا مُهْرِي.
وَإِنَّمَا تُؤَخَّى الأَخِيَّةُ فِي سهولةِ الأرَضِينَ. . لِأَنَّهَا
أَرْفَقُ بِالْخَيْلِ من الأوْتاد النَّاشِزَةِ أَطرافُها عَن وَجه
الأَرْض وَهِي أَشدُّ رُسوباً فِي بطن الأَرْض السَّهلِة. . من الوَتد.
وَيُقَال لَهَا: الإدْرَوْنُ.
وجمعُه: الأدَارِينُ.
ورَوَى أَبُو سعيد الْخُدْرِيُّ _ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم أَنه قَالَ: ((مَثَلُ الْمُؤْمِنِ وَالإِيمَانِ كَمَثَلَ
الْفَرَسِ فِي أَخِيَّتِهِ. . يجُولُ ثمَّ يَرْجِعُ إلَيْهَا. وإِنَّ
الْمُؤْمِنَ يَسْهُو ثُم يَرْجِعُ إلَى الإيمَانِ)) .
أَخيخة: قَالَ ابنُ دُرَيْدٍ: الأخِيخَةُ: دقيقٌ يُصَبُّ عَلَيْهِ ماءٌ
ويُبْرَقُ بِزَيْتٍ أَو بِسَمْنٍ ويُشربُ.
وَلَا يكون إلاَّ رقِيقاً.
وَأنْشد:
(تَصْفِرُ فِي أَعْظُمِهِ الْمَخِيخَةْ ... تَجشُّؤَ الشَّيْخِ عَنْ
الأَخِيخَهْ)
قَالَ: شُبِّه صوتُ مَصِّه العظامَ _ الَّتِي فِيهَا الْمُخُّ. بجُشَاء
الشَّيْخ. . لِأَنَّهُ مُسْترْخِي الْحَنَكِ واللَّهَوَاتِ. . فَلَيْسَ
لِجُشائِهِ صوتٌ.
قلتُ: وَهَذَا الَّذِي قَالَه ابنُ دُرَيْدٍ فِي ((الأخِيخَةِ)) :
صَحِيح، سُميت أَخِيخَة بحكاية صوتِ المتَحَسِّي لَهَا _ إِذا تحسَّاها
رَقيقةً.
أَخ: وأنشدنا المنذريُّ _ فِيمَا رَوَى لنَا عَن أَحْمد بنِ يَحْيَى
عَن ابْن الأعرابيِّ _ أَنه أَنْشده:
(وَانْثَنَتِ الرِّجْلُ فَصَارَتْ فَخَّا ... وَصَارَ وَصْلُ
الْغانِيَاتِ أَخَّا)
((أَخّاً)) _ أَي: قَذِراً.
(7/252)
قَالَ: وأنشدنِيه أبُو الْهَيْثَم
((إِخَّا)) _ بالكسْرِ _ وقالَ: هُوَ الزَّجْرُ.
وَقَالَ ابنُ دُرَيْدٍ: أَخُّ: كلمةٌ تُقال عَن التَّأَوه.
قَالَ: وزعمَ بعضُ الْعَرَبِ أَنه يقالُ لِلأَخِ: ((أَخٌّ)) _
مُثَقَّل.
قَالَ: ذَكَرَه ابْن الْكَلْبيِّ.
وَلَا أَدْرِيَ مَا صِحَّتُه؟
وَقَالَ ابنُ الْمُظَفِّرِ: قَالَ الْخَلِيلُ: يُقَال: ((الأخُ))
للْوَاحِد. . والاثْنَان: إِخَوَانِ والجميع: أَخْوَانٌ وإخْوَةٌ.
قَالَ: وتقولُ: بَيني وَبَينه: أُخُوَّةٌ وإِخَاءٌ.
وتقولُ: آخَيْتُهُ. . على ((فَاعَلتُهُ)) . ولغةُ طَيِّيءٍ:
وَاخَيْتُهُ.
وتقولُ: هَذَا رجلٌ مِنْ آخَائي. . على وزن ((أَفْعَالِي)) _ أيْ:
إخْوَاني.
وقدْ قالهُ أَبُو زيدٍ.
قَالَ: ويقالُ: ((تركتُه بأَخِي الْخَيْر)) _ أيْ: تركتُه بِشَرٍّ.
وَقَالَ الْخَلِيل: تأنيثُ الأخِ: ((أُخْتٌ)) وتاؤها ((هاءٌ))
والاثنتين: أُخْتَان والجميع: أَخَوَاتٌ.
قَالَ: و ((الأخُ)) كَانَ تأسيسُ أصل بنائِهِ على ((فَعَلٍ)) _ ثلاثةُ
مُتحرِّكاتٍ وَكَذَلِكَ: ((الأبُ)) .
فاسْتَثْقَلوا ذَلِك، فأَلْقَوُا الواوَ، وفيهَا ثلاثَة أَشياء: حرفٌ
وصرفٌ وصَوْتٌ.
فربَّما أَلْقَوا الواوَ والْيَاءَ بصرفِها فأَبْقَوْا مِنْهَا الصوتَ،
واعْتمد الصوْتُ على حَرَكَة مَا قَبْلَه.
فَإِن كَانَت الحركةُ فَتْحة صَارَ الصوتُ مِنْهَا ((ألِفاً
لَيِّنَةً)) .
وَإِن كَانَت ضَمَّةً صَارَ مَعهَا ((واواً لَيِّنَةً)) .
وإنْ كَانَت كسرةً صارَ مَعهَا ((يَاءً لَيَّنةً)) .
فاعْتمدَ صوتُ وَاو ((الأَخِ)) على فتْحَةِ الخَاءِ، فصارَ مَعَها
أَلِفاً لَيِّنةً _ ((أَخَا)) _ وكَذلكَ ((أَبَا)) . . فأَمَّا الألفُ
اللّيِّنةُ فِي موضعِ الْفَتْح _ كَقَوْلِك ((أَخَا)) ، وكَذلك
((أَبَا)) فَكأَلِفِ ((رَبَا، وغَزَا)) .
وَنَحْو ذَلِك _ وَكَذَلِكَ أبي _ ثمَّ أَلْقَوُا الألِفَ استِخفافاً _
لكثرةِ استعمالهم _ وبقيتِ ((الْخَاءُ)) على حركتها فَجَرَتْ على وجوهِ
النَّحْو لِقِصَرِ الِاسْم.
فَإِذا لم يُضيفوهُ قوَّوْهُ بِالتَّنْوِينِ، وَإِذا أضافوا لم يحسُنِ
التنوينُ فِي الْإِضَافَة فقوَّوْهُ بالمدِّ. . فَقَالُوا ((أَخُو. .
وأَخَا وَأَخِي)) .
تَقول: أَخُوك أَخُو صِدقٍ _ وأَخُوك أَخٌ صالحٌ.
فَإِذا ثنُّوْا. . قَالُوا: أَخَوَانِ وأَبَوَانِ لِأَن الإسم متحرِّكُ
الْحَشْوِ، فَلم تصِرْ حركتُه خَلَفاً من ((الْوَاو) السَّاقطةِ _
كَمَا صارتْ حرَكةُ الدَّالِ من ((الْيَدِ)) وحركةُ الْمِيم من
((الدَّمِ)) . . فَقَالُوا ((دَمَانِ، ويَدَانِ)) .
وَقد جاءَ فِي الشّعْر ((دَمَيَان)) . . كَقَولِ الشاعرِ:
(7/253)
(فَلَوْ أَنَّا عَلَى حَجَرٍ ذُبِحْنَا ...
جَرَى الدَّمَيَانِ بِالْخَبَرِ الْيَقِينِ)
وَإِنَّمَا قَالَ: ((الدَّمَيَانِ)) على ((الدَّمَا)) كقولكَ: دَمِيَ
وجهُ فُلانٍ أشدّ الدَّمَا. . فَحُرِّكَ الْحَشْوُ.
وَكَذَلِكَ قَالُوا: ((أَخَوَانِ)) وهم ((الإخْوَةُ)) _ إِذا كَانُوا
لأبٍ _ وهمُ ((الإخْوَانُ)) _ إِذا لم يَكُونُوا لأبٍ.
قلتُ: هَذَا خطأ _ الإخْوَةُ و ((الإخْوَانُ)) يكونونَ إخْوَةً لأبٍ،
وإِخْوَةً للصَّفَاءِ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: قَالَ أهل البَصْرةِ أَجْمَعُونَ: ((الإخْوَةُ))
: فِي النَّسبِ، و ((الإخْوَانُ)) : فِي الصداقةِ.
تَقول: قَالَ رَجلٌ. . من إخْوَانِي وأَصدقائي.
فإِذَا كَانَ أَخَاهُ فِي النَّسَبِ. . قَالُوا: إخْوَتِي.
قَالَ أَبُو حَاتِم: وَهَذَا خَطَأ وتخليطٌ.
يُقَال للأصدقاءِ وَغير الأصدقاءِ: إخْوَةٌ وإخْوَانٌ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَة} [الحُجرَات:
10] وَلم يَعْنِ النّسَب.
وَقَالَ: {أَو بيُوت إخْوَانكُمْ} [النُّور: 61] وَهَذَا فِي النّسَب.
وَقَالَ: {فإخوانكم فِي الدّين ومواليكم} [الأحزَاب: 5] .
وَقَالَ اللَّيْث: الإخَاءُ: المُؤَاخَاةُ والتّآخِي والأخُوَّةُ:
قَرَابَة الأخِ، والتّآخِي: اتِّخاذُ الإخْوَانِ.
وَيُقَال: بَينهمَا إخَاءٌ وأُخُوَّةٌ: ونحوُ ذَلِك.
وآخَيْتُ فلَانا مُؤَاخَاةً وإخَاءً.
و ((الأُخْتُ)) كَانَ حدُّها ((أخَةً)) فَصَارَ الإعرابُ على الهاءِ
والْخَاءُ فِي مَوضِع رَفْع _ وَلكنهَا انفتحتْ لحالِ هَاء التأنيثِ
فاعْتَمدتْ عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا لَا تعتمدُ إلاّ على حرفٍ متحرِّكٍ
بالفتحةِ، وأُسْكِنَتِ الخاءُ فَحُوِّلَ صَرْفُها على الألِف وَصَارَت
الهاءُ تَاء _ كأَنَّهَا من أصلِ الْكَلِمَة _ وَوقع الإعرابُ على
التَّاء، وأُلْزِمَتِ الضمَّة _ الَّتِي كَانَت فِي الْخَاءِ _
الألِفَ.
وَكَذَلِكَ نحوُ ذَلِك فافْهَمْ.
وَقَالَ بعضُ النَّحْوِيِّينَ: سُمِّيَ الأخُ أَخا لأنَّ قصدَه قصدُ
أَخِيهِ.
وأصلُهُ: من ((وَخَى يَخِي)) _ إِذا قَصَدَ فقُلِبَتِ الواوُ همزَة.
وَفِي الحَدِيث ((أَنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آخَى بَيْنَ
الْمهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ)) _ أَيْ: ألّفَ بَيْنَهُمْ بِأُخُوَّةِ
الإسلاَمِ والإيمَانِ.
وقرأْتُ فِي كتاب ((النوادرِ)) لابْنِ هانِىء _ عَن أبي زيْدٍ: يُقَال:
((خَايِ بِكَ علينا)) _ أَي: اعْجَلْ علينا. . غيرُ مَوصُولٍ.
وأسْمَعَنيهُ الإيادِيُّ لِشَمِرٍ _ عَن أبي عبيد _: ((خَايِبكَ
علينا)) .
وصلَ الياءَ بالبَاءِ فِي الكتابِ.
والصوابُ: مَا كُتِبَ ((فِي كتَابِ ابنِ هَانِىءٍ)) .
(7/254)
يقالُ خَاي بِكَ علينا، وخَايِ بِكُمَا،
وخَايِ بِكُمْ، وخَايِ بِكِ: اعْجَلِي وخَايِ بِكُما: اعْجِلاَ، وخايِ
بكُنَّ: اعجلن.
كلُّ ذَلِك بلفظٍ واحداٍ إلاَّ الكافَ، فَإنَّك تُثَنِّيهَا
وتَجْمَعُهَا.
وَقَالَ الكُمَيْتُ:
(بِخَايِ بِكَ الْحَقْ يَهْتِفُونَ وَحَيَّهَلْ ... )
قَالَ: الياءُ متحركةٌ غيرُ شَدِيدَة، والألفُ ساكنةٌ.
(7/255)
|