تهذيب اللغة

هَذَا كتاب حرف الْكَاف
أَبْوَاب المضاعف مِنْهُ

(بَاب الْكَاف وَالْجِيم)
ك ج
كج: أهمله ابْن المظفَّر.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: كَجَّ فلَان: إِذا لعب بالكُجَّة، وَمِنْه خَبَر ابْن عَبَّاس: فِي كل شَيْء قِمارٌ حَتَّى فِي لعب الصِّبيان بالكُجّة.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وَهُوَ أَن يَأْخُذ الصبيُّ خِرقة فيُدوِّرَها كَأَنَّهَا كرَة، ثمَّ يتقامرون بهَا، فتُسمَّى هَذِه اللعبة فِي الحضَر باسمين، يُقَال لَهَا: التُّوانُ، والآجُرَّة يُقَال لَهَا: البُكْسَة.
قَالَ الْأَزْهَرِي: لَا أَدْرِي هِيَ النُّون أَو النوز بالزاي.
قَالَ الْكَاتِب: هَذِه لعبة مَشْهُورَة عندنَا بالعراق إِلَى الْآن ويسمونها النوز بالزاي لَا غير.

(بَاب الْكَاف والشين)
ك ش
(كش، شكّ: مستعملة) .
كش: قَالَ اللَّيْث: تَقول الْعَرَب: كشَّ الْبكر، وَهُوَ يَكِشّ كَشيشاً، وَهُوَ صوتٌ بَين الكَتِيت والهدير.
أَبُو عبيد: إِذا بلغ الذَّكر من الْإِبِل الهَدِير فأولهُ الكَشيش، وَقد كَشَّ يَكِشُّ كشيشاً.
وَقَالَ رؤبة:
هَدَرْتُ هَدْراً لَيْسَ بالكَشيش
فَإِذا ارْتَفع قَلِيلا قيل: كَتَّ يَكِتّ كتيتاً، فإِذا أفصَح بالهَدير قيل: هَدَر هَدِيراً.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا سمعتَ للزَّند صَوتا خَوّاراً عِنْد خُرُوج نارِه قلت: كَشَّ الزَّند كشيشاً.
وَقَالَ شمِر: الحيّات كلهَا تَكِشّ، غير الأَسْوَد فإِنه ينبَح ويَصفر ويصيح.
وَأنْشد:

(9/315)


كشيشُ أفعَى أجمَعَتْ بِعَضِّ
فَهِيَ تَحكُّ بعضَها ببعضِ
وَقَالَ أَبُو نصر: يُقَال: سَمِعت فحيحَ الأفعى وَهُوَ صَوتهَا من فمها، وَسمعت كَشِيشَها وقَشيشها، وَهُوَ صوتُ جِلدها.
وَقَالَ اللَّيْث: الكشكشة لُغَة لِرَبِيعَة، يَقُولُونَهَا عِنْد كَاف التَّأْنِيث عليكِشْ إليَكشْ بِكِشْ، يزِيدُونَ الشين بعد كَاف التَّأْنِيث. وَبَعْضهمْ يَجْعَل مَكَان الْكَاف شيناً فَيَقُولُونَ: عَلَيْشِ إلَيْشِ بِشِ.
وَأنْشد:
تَضحَك منِّي أنْ رأَتْني أحتَرِش
وَلَو حَرَشْتِ لكشَفْتِ عَن حِرِشْ
يُرِيد عَن حِرِك.
وروى أَبُو تُرَاب فِي بَاب الْكَاف وَالْفَاء: الأفعَى تَكِشُّ وتَقِشّ، وَهُوَ صوتُها من جلدهَا وَهُوَ الكشيش والقشيش. قَالَ: والفحيح: صَوتهَا من فِيهَا.
قَالَ: وَقَالَ بعض قيس البَكر يَكشّ ويَقِشّ، وَهُوَ صَوته قبل أَن يهدر.
أَبُو عبيد عَن أبي الْجراح: الكشيش: صَوت الأفعى مِن جلدهَا. قَالَ: وتَفِحُّ من فِيهَا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الكُشّ: الحرْق الَّذِي يُلقّح بِهِ النّخل.
شكّ: قَالَ اللَّيْث: الشَّكُّ: نقيض الْيَقِين. وَالْفِعْل شكَّ يشُكّ شكّاً. والشِّكة: مَا يَلبَسه الرجل من السِّلاح. وَقد شَكّ فِيهِ يشُك شكا. وَقد خُفّف فَقيل: شاكي السِّلاح، وشاكُّ السِّلاح. وَبَاقِي تَفْسِيره فِي المعتل من هَذَا الْكتاب.
أَبُو عبيد: يُقَال: فلَان شاكُّ السِّلَاح، مَأْخُوذ من الشِكّة، أَي تَامّ السِّلَاح. قَالَ: والشاكي بِالتَّخْفِيفِ والشائك جَمِيعًا: ذُو الشَّوكة والحدَّة فِي سلاحه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: شُكَّ: إِذا أُلحق بِنسَب غَيره. وشَكّ: إِذا ظَلَع وغَمَز.
وَقَالَ أَبُو الْجراح: وَاحِد الشَّوَاك شاكٌّ.
وَقَالَ غَيره: شاكَّة، وَهُوَ وَرمٌ يكون فِي الحَلْق، وَأكْثر مَا يكون فِي الصِّبيان.
اللَّيْث: يُقَال: شكَكْتُه بالرُّمح: إِذا خَزقْته.
وَقَالَ طرفَة:
حِفافَيْهِ شُكَّا فِي العَسِيب بمسرَدِ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد قَالَ: الشَّكائك: الفِرَق من النَّاس، واحدتها شَكيكَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: الشّكّ: أيسر من الظَّلْع، يُقَال: بعيرٌ شاكٌّ، وَقد شَكّ يشُكُّ.
وَأنْشد:
كأنَّه مستبَان الشَّكّ أَو جَنِبُ
وَقَالَ غَيره: الشَّكائك مِن الهوادج: مَا شُكَّ مِن عِيدانها الَّتِي تُصَبَّبُ بهَا بعضُها فِي بعض.
وَقَالَ ذُو الرمّة:

(9/316)


وَمَا خِفْتُ بَين الحيِّ حتّى تَصدّعَتْ
على أوجُهٍ شَتَّى حُدُوج الشَّكائِكِ
وَيُقَال: شَكَّ القومُ بيوتَهم يشكُّونها شكّاً: إِذا جعَلوها على طريقةٍ وَاحِدَة ونَظْم وَاحِد، وَهِي الشِّكاكِ للبيوت المصطفَّة.
وَقَالَ الفرزدق:
فَإِنِّي كَمَا قَالَت نَوارُ إِن اجتَلَتْ
على رَجُل مَا شَكّ كفِّي خَليلُها
أَي مَا قارَنَ. ورَحمٌ شاكَّة، أَي: قريبَة. وَقد شُكَّت: إِذا اتَّصَلت.
وَقَالَ أَبُو سعيد: كلُّ شَيْء ضَممتَه إِلَى شيءٍ فقد شككتَه.
قَالَ الْأَعْشَى:
أَو اسفِنْطَ عانَةَ بعد الرُّقا
دِ شَكَّ الرّصافُ إِلَيْهَا الغَديرا
وَمِنْه قَول لبيد:
جُماناً ومَرجاناً يَشُكّ المَفَاصلا
أَرَادَ بالمَفاصل ضُروبَ مَا فِي العِقد من الْجَوَاهِر الْمَنْظُومَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الشُّكَك: الأدعياء. والشُّكَك: الْجَمَاعَات من العساكر يكونُونَ فِرَقاً.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: شكَّ الرجل فِي السِّلاح: إِذا لبسَه تامّاً فَلم يدعْ مِنْهُ شَيْئا، فَهُوَ شاكٌّ فِيهِ. والشّكّة: السِّلاح كلّه، فَمن ثمّ قيل: شاكٌّ فِي سلاحه، أَي: داخلٌ فِيهِ وكل شيءٍ أدخلتَه فِي شَيْء أَو ضممتَه إِلَيْهِ فقد شكَكته.
ورحمٌ شاكَّة: قريبَة. وَقَول ابْن مُقْبل يصف الخيْل:
بكلِّ أشَقَّ مقصوصِ الذُّنَابَى
بشكِّيَّاتِ فارسَ قد شجِينا
يَعْنِي: اللُّجُمَ.

(بَاب الْكَاف وَالضَّاد)
(ك ض)
ضك: أَبُو عبيد عَن الأمويّ: الضَّكْضَكة: سرعَة المَشْي.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: الضّكْضاك: الرَّجل القَصير، وَهُوَ البَكْباك.
ابْن المظفَّر: امْرَأَة ضكضاكةٌ مكتنزة صُلْبة.
وَفِي (النَّوَادِر) : ضُكْضكَت الأَرْض وفُضْفِضَت بمَطَرٍ، ورُقرِقَت ومُصْمِصَتْ ومُضْمِضَتْ، كلُّ هَذَا غَسَلها المَطَر.
وضك: غير مكرَّر غير مُسْتَعْمل.

(بَاب الْكَاف والصّاد)
(ك ص)
كص. صك: مستعملان.
كص: قَالَ أَبُو عبيد: الكَصِيصة: حبالة الظّبْيِ الَّتِي يُصادُ بهَا.
وَقَالَ اللحياني: تَركتهم فِي حَيْصَ بَيْص كَكَصِيصة الظّبي. وكَصِيصَتُه: مَوْضِعه

(9/317)


الَّذِي يكون فِيهِ، وحِبالتُه.
وَيُقَال لَهُ مِن فَرَقِه: أصيصٌ وكَصِيص، أَي: انقباض.
وَقَالَ أَبُو نصر: سَمِعت كصِيص الْجَرَاد، أَي: صوتَها.
أَبُو عبيد: أَفْلَتَ وَله كَصيصٌ وأصيص وبصيص، وَهُوَ الرِّعْدَة وَنَحْوهَا.
صك: قَالَ اللَّيْث: الصَّكَك: اصطكاك الرُّكبتين، والنعت: رجل أصَكُّ وظَلِيم أَصَكُّ لتَقارُب رُكبتيه يصيبُ بعضُها بَعْضًا: إِذا عَدا. وَأنْشد غَيره:
إنَّ بني وَقْدانَ قومٌ سُكُّ
مِثلُ النَّعام والنَّعامُ صُكُّ
وَيُقَال: صَكّ يَصَكُّ صَككاً، وَقد صَكِكتَ يَا رجل.
ابْن السكّيت عَن أبي عَمْرو: وكلُّ مَا كَانَ على فَعِلتْ سَاكِنة التَّاء مِن ذَوَات التَّضْعِيف، فَهُوَ مدغَم نَحْو صَمَّت الْمَرْأَة، وأشباهه، إلاّ أحْرُفاً جَاءَت نَوَادِر فِي إِظْهَار التَّضْعِيف، وَهُوَ لَحِحت عينُه: إِذا التصقت، وَقد مَشِشَت الدّابة وصَكِكَتْ، وَقد ضَبِب البَلد: إِذا كَثُر ضِبابه، وألِلَ السّقاءُ: إِذا تغيَّرتْ رِيحُه، وَقد قَطِط شَعرُهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَكُّ: ضَربُ الشَّيْء بالشَّيْء العريض: إِذا كَانَ ضربا شَدِيدا. يُقَال: صَكّه يصُكّه صَكّاً.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يُقَال: لقِيتُه صَكّةَ عُمَيَ، وَهُوَ أشدُّ الهاجرة حَرّاً.
قَالَ شمر: وأنشدني ابْن الأعرابيّ:
صَكّ بهَا عَيْنَ الظَهِيرة غائراً
عُمَيٌّ وَلم ينعَلْنَ إلاّ طِلالَها
قلت: والصَّكّ الَّذِي يُكتَب للعُهْدة مُعْرب، أصلُه جَكْ، ويُجْمَع صِكاكاً وصُكوكاً، وَكَانَت الأرزاق تسمّى صِكاكاً لِأَنَّهَا كَانَت تخرج مَكْتُوبَة.
وَمِنْه الحَدِيث فِي النَّهْي عَن شِراء الصّكاكِ والقطوط.
وحِمارٌ مصكٌّ: شَدِيد. ورَجُل مِصَكٌّ: قويّ شَدِيد.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فِي قَدَمَيْه قَبَل ثمَّ خَنَف ثمَّ فَحَج، وَفِي ركْبتيه صَكَك وَفِي فَخِذيه فجاً.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيِّ: إِذا اصطكّت رُكبتاه، قيل: صَكّ يصَكُّ صَكَكاً، وَقد صَكِكْتَ يَا رجل.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: كَانَ عبد الصَّمد بن عليّ قُعْدُداً، وَكَانَت فِيهِ خَصْلة لم تكن فِي هاشميٍ، كَانَت أَسْنَانه وأضراسُه كلُّها ملصَقَة، وَهَذَا يسمَّى أصَكَّ.
قلت: وَيُقَال لَهُ الأَلصُّ أَيْضا.

(بَاب الْكَاف وَالسِّين)
ك س
كس، سك: (مستعملة) . .

(9/318)


كس: قَالَ اللَّيْث: الكَسَس: خُرُوج الْأَسْنَان السُّفلى مَعَ الحنك الْأَسْفَل وتقَاعُسُ الحَنَك الْأَعْلَى. والنعت: رجل أكَسُّ.
وَأنْشد:
إِذا مَا حالَ كُسُّ القَوْمِ رُوقا
حَال بِمَعْنى تحوّل. قَالَ والتكَسُّسُ: التكلُّف من غير خِلْقَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: البَلَل أشدُّ مِن الكَسَس.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الكَسَس: أَن يكون الحَنَك الْأَعْلَى أقصر مِن الْأَسْفَل، فَتكون الثَّنيتان العُلْييان وراءَ السُّفليَين من دَاخل الْفَم، وَقَالَ: لَيْسَ من قِصَر الْأَسْنَان.
قَالَ ابْن الأعرابيِّ: الكَسَس: قِصَر الْأَسْنَان، رجل أكَسُّ وامرأةٌ كسَّاء.
عَمْرو عَن أَبِيه: الكَسِيس من أَسمَاء الْخمر، هِيَ القِنْديد.
أَبُو مَالك: الكَسكاس: الرجل الْقصير الغليظ. وَأنْشد:
حَيْثُ ترى الحَفَيْتَأ الكَسْكاسا
يَلتَبِس الموتُ بِهِ الْتِباسا
والكَسْكسة: لُغَة من لُغَات الْعَرَب تقَارب الكشكشة.
سك: أَبُو نصر عَن الأصمعيّ يُقَال: سكّ سمعُه واستكّ.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّكك صِغَر قُوف الأُذن وضيق الصِّماخ، وَقد وُصِف بِهِ الصَّمَم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيِّ: يُقَال للقَطاة حَذّاء لقِصر ذَنَبها، وسَكَّاء لأنَّه لَا أُذُن لَهَا. وأصلُ السَّكك الصَّمَم.
وَأنْشد:
حَذَّاء مدبِرةً سكاءُ مقبلةً
للْمَاء فِي النَّحْرِ مِنْهَا نَوطَةٌ عَجَبُ
وَقَوله:
إنّ بني وَقْدان قَوم سُكُّ
مثلُ النَّعام والنَّعامُ صكُّ
سُكٌّ، أَي: صُمٌّ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: ظَليم أَسَكُّ لأنّه لَا يَسمَع.
وَقَالَ زُهَيْر:
أسَكُّ مُصَلّمُ الأُذنين أَجْنى
لَهُ بالسِّيِّ تَنُّومٌ وآءُ
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (خيرُ المَال سِكّةٌ مأبورة، وفَرَسٌ مأمورة) .
قَالَ أَبُو عبيد: السكّة الْمَأْبُورَة: هِيَ الطَّرِيقَة المستوية المصطفَّة من النّخل.
وَيُقَال: إِنَّمَا سمِّيت الأزقّة سِكَكاً لاصطفاف الدُّور فِيهَا كطرائق النَّخل.
وَفِي حَدِيث آخر عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: (أَنه نهَى عَن كسر سِكة الْمُسلمين الْجَائِزَة بَينهم إلاّ مِن بَأْس) ، أَرَادَ بالسِّكة الدِّينار والدِّرْهم المضروَين، سمِّي كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا سكَّة لِأَنَّهُ طُبِع بالحَديدة المُعلمة لَهُ.

(9/319)


وَيُقَال لَهُ: السَّك. وكلُّ مِسمارٍ عِنْد الْعَرَب سَكٌّ.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس يصف دِرْعاً:
ومشدودةَ السَّكِّ مَوْضونةً
تضاءلُ فِي الطيِّ كالمِبْرَدِ
وَقَالَ اللَّيْث: السِّكة: حَدِيدَة قد كُتِب عَلَيْهَا يُضرب بهَا الدّراهم.
وَفِي حديثٍ ثالثٍ عَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ: (مَا دخَلَتِ السِّكةُ دارَ قومٍ إلاّ ذَلُّوا) .
والسكّة فِي هَذَا الحَدِيث: الحديدة الَّتِي يُحْرَثُ بهَا الأَرْض، وَهِي السِّنُّ واللُّؤمَة. وإنَّما قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّهَا لَا تَدخل دارَ قومٍ إلاّ ذَلوا كراهةَ اشْتِغَال الْمُسلمين والمهاجرين عَن مُجاهدة العدوّ بالزِّراعة والخفْض واقتناء المَال، وَإِنَّهُم إِذا فعلوا ذَلِك طُولبوا بِمَا يلْزمهُم مِن مَال الفَيء، فيلقَونَ عنتاً مِن عُمَّال الْخراج وذُلاًّ مِن النوائب. وَقد عَلِم عَلَيْهِ السَّلَام مَا يَلقَى أصحابُ الضِّياع والمزارع من عَسْف السُّلْطَان وانحنائه عَلَيْهِم بالمطالبات، وَمَا ينالُهم مِن الذُّلّ عِنْد تغيُّر الأحْوال بعدَه.
فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَحَادِيث ذُكِر فِيهَا السِّكَّة بِثَلَاثَة معانٍ مُخْتَلفَة، وَقد فسّرتُ كل وَجه مِنْهَا فافهمه. ...
وَقَالَ اللَّيْث: السِّكة أوسَعُ مِن الزقاق.
والسَّكُّ: تضبيبُك البابَ أَو الْخشب بالمسمار، وَهُوَ السَّكِّي.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
كَمَا سَلَك السَّكِّيَّ فِي الْبَاب فيْتَقُ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: استكت الرياض: إِذا التفَّت.
وَقَالَ الطرمَّاح يصف عَيراً:
صُنع الحاجبَيْن خَرَّاطهُ البَقْ
لُ بَدِيّاً قبلَ استكاكِ الرياضِ
شمر، قَالَ الأصمعيّ: إِذا ضَاقَتْ الْبِئْر فَهِيَ سُكٌّ.
وَأنْشد:
يُجبي لَهَا على قَليبٍ سُكَ
وَهِي الَّتِي أحكم طيُّها فِي ضِيق.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: سَكَّ بسَلْحِه، وشجّ وهَكّ: إِذا خَذَق بِهِ.
وَقَالَ: والسُّكُك: القُلُص الزرّاقة يَعْنِي الحُبارَيات.
قَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ يَسك سكّاً ويَسُجُّ سجّاً: إِذا رَق مَا يَجِيء مِن سَلْحِه.
وَيُقَال لبيت الْعَقْرَب: السُّكّ، والسُّكّ: الْبِئْر الضيقة.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّكّ: طيبٌ يتخذُ مِن مِسْك ورامك.
والسُّكّ مِن الركايا: المستوِية الجراب والطَّيِّ. والسكّ: جُحْر العنكبوت.
وَالسِّكَّة: الطَّريق المستوي، وَبِه سميتْ

(9/320)


سِكَك الْبَرِيد.
وَقَالَ الشماخ:
حَنّتْ على سِكة السَّارِي فجاوَبَها
حَمامةٌ مِن حمامٍ ذاتُ أطواق
أَي: على طَرِيق الساري، وَهُوَ مَوضِع.
وَقَالَ العجاج:
نَضْرِبهم إِذا أَخَذوا السَّكائكا
يُرِيد: الطُّرُق.
وسَكَّاء: اسْم قريةٍ فِي شعر الرَّاعِي يصف إبِلا لَهُ:
فَلَا رَدّها رَبِّي إِلَى مَرْج راهِط
وَلَا أصبحتْ تمشِي بسَكَّاءَ فِي وَحْلِ
أَبُو زيد: رجل سُكاكة، وَهُوَ الَّذِي يمْضِي لرأيه وَلَا يشاوِرُ أحدا وَلَا يُبالي كَيفَ وَقع رأيُه. حَكَاهُ ابْن السّكيت عَنهُ.
وَقَالَ اللِّحياني: هُوَ اللُّوحُ والسُّكاك والسُّكاكة للهواء بَين السماءِ وَالْأَرْض.
والسكاسِك: مِن أَحيَاء الْيمن، وَالنِّسْبَة إِلَيْهِم سَكْسَكِيّ.
وسمعتُ أعرابيّاً يصف دَحْلاً دَحَله فَقَالَ: ذهب فَمُه سَكّاً فِي الأَرْض عَشر قِيم ثمَّ سَرَّب يَمِينا، أَرَادَ بقوله سَكّاً، أَي: مُسْتَقِيمًا لَا عِوَج فِيهِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: سَلْقَى فلَان بناءه، أَي: جعَلَه مُسْتَلْقِيا وَلم يَجعله سَكّاً.
قَالَ: والسُّكّ: الْمُسْتَقيم مِن الْبناء والحفْر كَهَيئَةِ الْحَائِط.
واستكَّتْ مسامِعه: إِذا صَمَّ. وَيُقَال: مَا استَكَّ فِي مَسامِعي مثله، أَي: مَا دخل.
عَمْرو عَن أَبِيه: سَكّ بسَلْحِه وزَكَّ: إِذا رَمَى بِهِ يزُكُّ ويسُكّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السُّك: لؤمُ الطبْع، يُقَال: هُوَ بِسُكِّ طبعه يفعل ذَاك.
قَالَ: وسَكَّ: إِذا ضَيّق، وسَكَّ: إِذا لَؤُمَ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السِّكة والسِّنة: المأْنُ الَّذِي يحرث بِهِ الأَرْض.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: مَا سَكَّ سَمْعي مثلُ هَذَا الْكَلَام، أَي: مَا دخل سمعِي.

(بَاب الْكَاف وَالزَّاي)
(ك ز)
كز، زك.
كز: قَالَ اللَّيْث: الكزازة: اليبس والانقباض، رجلٌ كزٌّ: قَلِيل الْخَيْر والمُواتاة بيِّن الكزَز.
وَأنْشد:
أَنْت للأَبعَدِ هَيْنٌ لَيِّنٌ
وعَلى الْأَقْرَب كزٌّ جافي
وخشَبةٌ كَزَّةٌ: إِذا كَانَ فِيهَا يُبس واعوجاج. وذهَبٌ كَزٌّ: صُلْبٌ جدا. وَيُقَال للشَّيْء إِذا جعلتَه ضيِّقاً كزَزتُه فَهُوَ مَكْزُوز.
وَأنْشد:

(9/321)


يَا رُبَّ بَيْضَاء تكُزّ الدُّمْلَجا
تزوّجتْ شَيخاً طُوالاً عَنْشَجا
قَالَ: والكُزاز: دَاء يَأْخُذ مِن شِدّة البَرْد، والعَفْز تعتري من الرِّعدة. رجلٌ مكزُوز.
أَبُو زيد: كُزّ فَهُوَ مكْزوز، وَقد أكزَّه الله، وَهُوَ تشنج يُصِيب الإنسانَ من برد شَدِيد وَخُرُوج دَمٍ كثير.
عَمْرو عَن أَبِيه: الكَزَز: البُخْل.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الكزَّاز: الرِّعدة من البَرْد. والعامة تَقول كُزَازَ.
ابْن شُمَيْل: من القسِيّ الكَزَّة، وَهِي الغليظة الأزَّة الضيِّقةُ الفَرْج. والوطيئة أكزُّ القِسِيّ.
زك: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: زُكَّ: إِذا هَرِم، وزُكَّ: إِذا ضَعُف من مَرَض.
عَمْرو عَن أَبِيه: الزَّكيك: مَشْيُ الفِراخ. والزَّوْك: مشي الْغُرَاب.
أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي: الزَّكيك: أنْ يُقَارب الخَطو ويُسرع الرّفْع والوَضْع، يُقَال: زَكَّ يَزُك زكيكاً.
وَقَالَ أَبُو زيد زَكْزَك زَكْزكة، وزَوْزَى زَوْزاةً، ووَزْوَزَ وَزْوزةً، وزاكَ يَزُوك زَوْكاً وزاك يَزِيك زيكاً، كلُّه مَشْيٌ مُتَقَارب الخَطْو مَعَ حَرَكَة الْجَسَد.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: أخذَ فلانٌ زِكَّتَه، أَي: سلاحه؛ وَقد تَزكَّكَ تَزكُّكاً: إِذا أَخذ عُدَّته.
وَفِي (النَّوَادِر) : وَرجل مُصِكٌّ مُزِكٌّ ومُغِدّ، أَي: غَضْبَان. وفلانٌ مِزَكٌّ وزاكٌّ ومِشَكٌّ، وَهُوَ فِي زِكيّة وشِكيَة، أَي: فِي سِلاحِه. وزُكُّ الفاختة: فرخُها.

(بَاب الْكَاف وَالدَّال)
(ك د)
كد، دك: (مستعملان) .
كد: قَالَ اللَّيْث: الكدّ: الشدَّة فِي الْعَمَل، وَطلب الْكسْب.
يُقَال: هُوَ يَكُدُّ كَدّاً، والكد: الإلحاح فِي الطّلب وَالْإِشَارَة بالأصابع. وَأنْشد:
وحُجْتُ وَلم أكددكم بالأصابع
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الكُدادة مَا بَقِي فِي أَسْفَل القِدر.
قلت: إِذا لَصِقَ الطبيخُ بِأَسْفَل البُرمة فكَدّ بالأصابعِ فَهُوَ الكُدادة.
وسمعتُ أَعْرَابِيًا يَقُول لعَبْدٍ لَهُ: لأكُدّنّك كَدَّ الدَّبرِ، أَرَادَ أَنه يُلِحّ عَلَيْهِ فِيمَا يكلّفه من الْعَمَل الواصب إلحاحاً يُتعِبُه، كَمَا أنَّ الدَّبِرَ إِذا حُمِل عَلَيْهِ ورُكب أتعَبَ الْبَعِير.
عَمْرو عَن أَبِيه: الكُدُد: المجاهِدون فِي سَبِيل الله.
قَالَ: وكَدَّدَ الرجلُ: إِذا ألْقى الكَدِيد بعضَه على بعض. وَهُوَ الْجَريش من المِلح.
قَالَ: وَيُقَال: كَدْكَدَ الرجل، وكتكتَ وكَركَر، وطَخطخ، وطَهْطَه، كلُّ ذَلِك إِذا

(9/322)


أفرط فِي ضحكه.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَدكَدة: ضَرْب الصَيْقل المِدْوَسَ على السَّيف إِذا جلاه. والكَدكَدة: شدّة الضحك، وَأنْشد:
وَلَا شديدٍ ضحْكُها كَدْكادِ
حَدادِ دونَ سِرِّها حَدادِ
قَالَ: والكديد: مَوضِع بالحِجاز. والكديد: التُّراب الدِّقاق المُركَّل بالقوائم.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
مِسحَ إِذا مَا السانحاتُ على الوَنَى
أثَرْن الغُبارَ بالكديد المركَّلِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الكَديد: صوتُ المِلح الجَريش إِذا صُبَّ بعضُه على بعض. والكديد: ترابُ الْحَلْبَةِ.
وَقَالَ شمر: الكَدِيد: مَا غَلُظ من الأَرْض.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الكديد من الأَرْض: البطنُ الْوَاسِع خُلِقَ خَلْقَ الأودية أَو أوسع مِنْهَا.
ابْن شُمَيْل: كَدْكَدَ عَلَيْهِ، أَي: عَدَا عَلَيْهِ، وكَدكَد فِي الضَّحِك. وأكَدَّ الرجلُ واكتَدّ: إِذا أَمسَكَ.
وَفِي (النَّوَادِر) : كَدَّني وكَدَّدَني وكَدْكَدَني وتكَدَّدني وتكرَّدني، أَي: طردني طرداً شَدِيدا.
دك: قَالَ الله جلّ وَعز: {وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً} (الحاقة: 14) .
قَالَ الْفراء: دكّتا: زُلزِلَتا.
قَالَ: وَلم يقل فدُكِكن لأنَّه جعَل الْجبَال كالواحدة، وَلَو قَالَ: فدُكَّت دكّةً وَاحِدَة لَكَانَ صَوَابا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: قَالَ: دُكّ: هُدِم ودَكَّ: هَدَم.
قَالَ: والدُّكَك: القِيزان المنهالة. والدُّكَك: الهِضاب المفسّخة. والدُّكُك: النُوق المنفضخة الأسنمة.
وَقَالَ اللَّيْث: الدكّ: كَسر الْحَائِط والجبل. وَيُقَال: دكّتْه الحُمَّى دَكّاً.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الصَّيداوي عَن الرياشيّ عَن الأصمعيّ، قَالَ: الدكّاوات من الأَرْض، الْوَاحِدَة دَكّاء، وَهِي رَوابٍ مشرِفةٌ من طِين فِيهَا شَيْء من غِلظ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّى جَعَلَهُ دَكَّآءَ} (الْكَهْف: 98) .
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أَحْمد بن يحيى أَنه قَالَ: قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: جعَله دكّاً بِالتَّنْوِينِ، كأنَّه قَالَ: دَكّه دَكّاً، مصدرٌ مؤكِّد.
قَالَ: وَيجوز جعلُه أَرضًا ذَات دَكّ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَاسْئَلِ الْقَرْيَةَ} (يُوسُف: 82) .
قَالَ: وَمن قَرَأَهَا: (دكّاء) ممدوداً أَرَادَ

(9/323)


جعله مثل دَكّاء، وَحذف مِثل.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَلَا حاجةَ بِهِ إِلَى مِثل، وَإِنَّمَا الْمَعْنى جعل الْجَبَل أَرضًا دكّاء وَاحِدًا.
وَقَالَ الْأَخْفَش: نَاقَة دَكّاء: إِذا ذهَب سَنامُها.
قَالَ: وتُجمع الدَّكَّاء من الأَرْض دكَّاوات ودُكّاً، مثل حَمْراوات وحُمر.
قَالَ: وأفادني ابْن اليزيديّ عَن أبي زيد: جعله دَكّاً.
قَالَ المفسّرون: ساخَ فِي الأَرْض فَهُوَ يذهب حتَّى الْآن. وَمن قَرَأَ: (دَكَّاءَ) على التَّأْنِيث فلتأنيث الأَرْض، جعلهَا أَرضًا دَكَّاءَ.
عَمْرو عَن أَبِيه: الدَّكِيك: الشَّهْر التامّ.
وَقَالَ اللَّيْث: أقمتُ عِنْده حَوْلاً دَكِيكاً، أَي: تامّاً.
ابْن السكّيت: عامٌ دَكِيك، كَقَوْلِك: عامٌ كَرِيتٌ، أَي: تامّ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الدَّكداك من الرمل: مَا التَبَدَ بعضُه على بعض، والجميع الدّكادِك.
وَكتب أَبُو مُوسَى إِلَى عمر: إنّا وجدنَا بالعِراق خَيْلاً عِراضاً دُكاً، فَمَا يَرَى أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي إسْهامِها؟ .
يُقَال: فَرَس أَدَكُّ وخَيْلٌ دَكٌّ: إِذا كَانَ عريضَ الظّهْر قَصيراً، حَكَاهُ أَبُو عبيد عَن الكسائيّ.
قَالَ: وَيُقَال للجَبَل الذَّليل: دُكّ، وجمعُه دِكَكة.
وَيُقَال: تَداكَّ عَلَيْهِ القومُ: إِذا ازدَحموا عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: دككْتُ الترابَ عَلَيْهِ أدكّه دكّاً: إِذا هِلْتَه عَلَيْهِ فِي قَبره.
وَقَالَ الكسائيّ: أَمَةٌ مِدكّة، وَهِي القويَّة على العَمَل. ورجلٌ مِدَكٌّ: شَدِيد الوَطءِ على الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: اخْتلفُوا فِي الدّكّان فَقَالَ بَعضهم: هُوَ فُعْلان من الدَّكّ.
وَقَالَ بَعضهم: هُوَ فُعّالٌ من الدَّكْن.
أَبُو عَمْرو: دَكَّ الرجلُ جاريتَه: إِذا جَهَدَها بإلقائه ثِقْله عَلَيْهَا إِذا خالَطَها.
وَأنْشد أَبُو بكر الإياديّ:
فقدتُكَ من بَعْلٍ عَلاَم تَدُكُّني
بصَدْرِك لَا تُغْني فَتيلاً وَلَا تُعْلي

(بَاب الْكَاف وَالتَّاء)
(ك ت)
كت، تَكُ: مستعملان.
كت: قَالَ أَبو عبيد: قَالَ أَبو زيد: كتّت القِدْر تَكِتُّ كَتيتاً: إِذا غَلَتْ؛ وَكَذَلِكَ الجَرّة وَغَيرهَا.
أَبو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا بلغ الذَّكر من الْإِبِل الهَديرَ فأوّله الكَشيش، فإِذا ارْتَفع

(9/324)


قَلِيلا فَهُوَ الكتيت.
وَقَالَ اللَّيْث: يَكِتّ ثمَّ يَكِشّ ثمَّ يَهدِر وَالصَّوَاب مَا قَالَ الأصمعيّ.
سَلمَة عَن الفراءِ: الكُتّة: شَرَطُ المَال وقَزَمُه، وَهُوَ رُذَاله.
تَكُ: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: تُكَّ الشيءُ: إِذا قُطِع. وتَكَّ الْإِنْسَان: إِذا حَمُق.
قَالَ: والتُّكَّكُ والفُكَّكُ: الحَمْقَى والقُيَّق.
أَبُو عبيدٍ عَن الكسائيّ: هُوَ أحمقُ فاكٌّ تاكٌّ وتائكٌ. والتِّكّة: تِكّة السَّراويل.

(بَقِيَّة بَاب كت)
أَبو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أَتَانَا فِي جَيش مَا يُكتُّ، أَي: مَا يعلم مَا عددُهم وَلَا يُحْصى.
وَقَالَ أَبُو الْحسن اللِّحياني: سَمِعت أَعْرَابِيًا فصيحاً قَالَ لَهُ رجل: مَا تَصنَع بِي؟ قَالَ: مَا كَتَّك وعظَاك وأورَمك وأرغَمَك، قَالَ: وَمَعْنَاهَا وَاحِد.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: كتكتَ فلانٌ بالضحك كَتْكَتة، وَهُوَ مثل الخَنين.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الكَتيت: الرجل الْبَخِيل السيء الخُلُق المغتاظ.
وَهَكَذَا قَالَ الْأَصْمَعِي، وَأنْشد لبَعض شعراء هُذَيْل:
تَعَلَّمْ أنّ شرَّ فَتَى أناسٍ
وأوضَعَه خُزاعيٌّ كتيتُ
إِذا شَربَ المُرِضّةَ قَالَ أَوْكِي
على مَا فِي سقائك قد رَويتُ
عَمْرو عَن أَبِيه: هِيَ الكَيتيّة واللَّوِية، والمعصودة، والضَّويطَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: جيشٌ لَا يُكت، أَي: لَا يُحصَى وَلَا يُسْهَى، أَي: وَلَا يُحزَر، وَلَا يُنكَف، أَي: لَا يُقطَع.
يُقَال: كُتَّني الحَدِيث وأكتِنِيهِ وفُرَّني وأفِرَّنيهِ، أَي: أَخبرنيه كَمَا سمعته. ومثلُه قُرَّني وأقِرَّنيه وقُذَّنيه.
وَتقول؛ اقترَّه منِّي يَا فلَان واقتذّه واكتَنَّه، أَي: اسمعْه منِّي كَمَا سمعتُه.

(بَاب الْكَاف والظاء)
ك ظ)
اسْتعْمل من وجوهه: كظ.
كظ: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: كَظّه يَكُظّه كِظّةً، مَعْنَاهُ: غمّه من كَثْرَة الْأكل.
وَقَالَ الْحسن: أخذَتْه الكِظّة فَقَالَ لجاريته: هَاتِي هاضُوماً.
قَالَ اللَّيْث: الكَظكَظَة: امتلاءُ السِّقاءِ: إِذا ملأتَه، والكِظاظ فِي الْحَرْب: الضيِّق عِنْد المعركة.
وَقَالَ غَيره: الكظيظ: الزحام. يُقَال: رَأَيْت على بَابه كظيظاً.
وَفِي حَدِيث جَاءَ فِي ذكر بَاب الجنَّة:

(9/325)


(يَأْتِي عَلَيْهِ زمانٌ وَهُوَ كظيظ) .
قَالَ أَبُو نصر: كظظت السقاء: إِذا ملأته. وسِقاءٌ مكظوظ وكظيظ.
وَيُقَال: كظظت خَصْمي أَكُظّه كَظّاً: إِذا أَخذتَ بكظَمِه وأَفحمتَه حتَّى لَا يجد مَخرجاً يخرج إِلَيْهِ.
وَفِي حَدِيث الحسَن أَنه ذكر الموتَ فَقَالَ: غَنْطٌ لَيْسَ كالغنط وكظُّ لَيْسَ كالكظ، أَي: همٌّ يمْلَأ الْجوف لَيْسَ كالكظ وَلكنه أشدّ. وكظّه الشرابُ، أَي: ملأَهُ؛ وكظ الغيظُ صَدره، أَي: ملأَهُ، فَهُوَ كظيظ.
ابْن الأنباريّ: كظّني الأمرُ، أَي: ملأني همُّه. واكتظَّ الْموضع بِالْمَاءِ، أَي: امْتَلَأَ.
وَقَالَ رؤبة:
إِنَّا أَناسٌ نلزم الحِفَاظَا
إذْ سئمت ربيعةُ الكِظَاظَا
أَي: ملَّت المكاظة، وَهِي هَا هُنَا الْقِتَال وَمَا يمْلَأ القلبَ من همِّ الْحَرْب.
واكتظَّ الْوَادي بثجيج السَّمَاء، أَي: امْتَلَأَ بِالْمَاءِ. ومَثَلٌ للْعَرَب: لَيْسَ أخُو الكِظاظ من يسأمه، يَقُول: كاظّهم مَا كاظوك، أَي: لَا تسأمهم أَو يسأموا. وَمِنْه كِظاظ الْحَرْب، قَالَ:
إذْ سئمتْ ربيعةُ الكِظاظا
والكِظّة: غمٌّ وغِلْظة يجدهَا فِي بَطْنه وامتلاءٌ.

(بَاب الْكَاف والذال)
ك ذ
كذ: مُسْتَعْمل.
كذ: قَالَ اللَّيْث: الكَذَّان: حجارةٌ كَأَنَّهَا المَدَر فِيهَا رَخاوة، وَرُبمَا كَانَت نخرة، والواحدة كَذَّانة. قَالَ: وَهِي فَعَّالة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الكَذَّان: الْحِجَارَة الَّتِي لَيست بصُلْبة.
وَقَالَ غَيره: أكذّ الْقَوْم إكْذاذاً: إِذا صارُوا فِي كَذَّانٍ من الأَرْض.

(بَاب الْكَاف والثاء)
ك ث
اسْتعْمل مِنْهُ: كث.
كث: فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّه كَانَ كثَّ اللِّحْيَة.
قَالَ شمر: أَراد كَثرة أُصولها وشعورها، وأَنها لَيست برقيقة.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَثّ والأكَثّ نعتُ كثيثِ الْحَيَّة، ومصدرُه الكُوثَة.
وَقَالَ أَبُو خيرة: رجل أكَثّ ولحيةٌ كَثّاء بيِّنةُ الكَثَث، والفِعل كَثَّ يَكِثّ كُثُوثة.
وَقَالَ: والكَثكَث والكِثكِث: دُقاق التُّرَاب. وَيُقَال: بِفِيهِ الكُثكَث.
وَقَالَ أَبُو خيرة: من أَسمَاء التُّرَاب الكَثكَث وَهُوَ التُّراب نفسُه، والواحدة بِالْهَاءِ، وَيُقَال: الكَثاكِث.

(9/326)


وَقَالَ الْكسَائي: الحِصْحِص والكَثكَث: كِلَاهُمَا الْحِجَارَة.
وَقَالَ رؤبة:
ملأتُ أفواهُ الكِلابِ اللُّهَّثِ
مِن جَندلِ القُفِّ وتُرْب الكَثكَثِ
وروى عَن ابْن شُمَيْل أَنه قَالَ: الزِّرِّيع والكاثُ وَاحِد، وَهُوَ مَا ينْبت ممَّا يَتَنَاثَر من الحصيد، فينبت عَاما قَابلا.
قَالَ الأزهريّ: لَا أعرف كرك الكاثّ.

(بَاب الْكَاف وَالرَّاء)
ك ر
كرّ، رك، كرك: مُستعملان.
كرّ: قَالَ اللَّيْث: الكَرّ: الحَبل الغليظ.
شمر عَن أبي عُبَيْدَة: الكَرُّ من اللِّيف، وَمن قِشر العَراجين، وَمن العَسيب.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الكَرّ: الَّذِي يُصعَد بِهِ على النَّخل، وجمعُه كُرور، وَلَا يسمَّى بِهِ غَيره من الحِبال.
قلت: وَهَكَذَا سماعِي من الْعَرَب فِي الكرّ، ويُسَوَّى مِن حُرِّ اللِّيف الجيّد؛ وَقَالَ الراجز:
كالكَرّ لَا شَخْتٌ وَلَا فِيهِ نَوَى
وَجعل العَجّاج الكَرَّ جَبْلاً يُقاد بِهِ السُّفُن على المَاء فَقَالَ:
جذبُ الصَّرارِيَّيْن بالكُرُورِ
والصَّراري: المَلاّح.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكّيت: الكَرُّ: مصدَرُ كرّ يَكِرّ كَرّاً. والكَرُّ: الحَبل الَّذِي يُصعَد بِهِ النخلُ. والكَرّ: حَبلُ شِراعِ السَّفينة. قَالَ: والكَرّ: الحِسْيُ، وجمعُه كِرَار. وَيُقَال للحِسْي كُرٌّ أَيْضا؛ وَقَالَ كثيّر:
بِهِ قُلُبٌ عاديّةٌ وكِرار
وَقَالَ اللَّيْث: الكَرُّ: الرجوعُ على الشَّيْء، وَمِنْه التَّكرار.
وَقَالَ ابْن بُزرج: التَّكِرَّة بِمَعْنى التّكْرَار، وَكَذَلِكَ التَّسِرَّة والتَّضِرّة والتَّدرّة.
الأصمعيّ: الكُرّة: البعر. وَقَالَ النَّابِغَة يصف الدُّروع:
عُلِين بِكدْيَوْنٍ وأبِطنَّ كُرّة
فهنّ وِضاءٌ صافيات الفَلائلِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: كَرّ يَكِرّ مِن كَرِير المختنِق. وكرّ على العَدُوّ يكُر.
أَبُو عبيد: الكَرِير: مِثل صَوت المختنِق المجهود. قَالَ الْأَعْشَى:
فأهلي الفِداءُ غداةَ النِّزال
إِذا كَانَ دَعوَى الرِجالِ الكَريرا
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: كَرَّ يكرُّ كَرِيراً: إِذا حَشْرج عِنْد الْمَوْت؛ فَإِذا عَدَّيْتَه قلت: كَرَّه يكرُّه: إِذا رَدّه.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: الكركرْة: صوتٌ يُردِّده الْإِنْسَان فِي جَوْفه.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَرُّ: مِكيالٌ لأهل الْعرَاق.
قلت: الكَرّ: ستّون قَفِيزا، والقفيز: ثَمَانِيَة

(9/327)


مَكاكيك، والمَكُّوك: صَاع وَنصف، وَهُوَ ثلاثُ كِيلَجات.
قلت: والكُرُّ على هَذَا الحِسابِ اثْنَا عشر وَسْقاً، كلُّ وَسْق ستُّون صَاعا.
ابْن الْأَعرَابِي: كَرْكَرَ فِي الضَّحِك كَرْكَرةً: إِذا أَغْرَب. وكَرْكَر الرَّحَى كَرْكَرةً: إِذا أدارها.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: عكَكْته أعُكُّه، وكرَرْتُه مِثله.
وَقَالَ شمر: الكَرْكَرة مِن الإدارة والترديد. قَالَ: وَهُوَ مِن كَرَّ، وكَرْكَرَ. قَالَ: وكَرَكَرة الرَّحى: تَردادُها.
قَالَ: وأَلَحَّ أَعْرَابِي عليَّ بالسّؤال فَقَالَ: لَا تُكَرْكِروني.
أَرَادَ: لَا تردُّوا عليَّ السُّؤالَ فأغلَط.
وكركر الضاحك، شبِّه بكركرةِ الْبَعِير، إِذا ردَّد صَوته.
وَرُوِيَ عَن عبد الْعَزِيز عَن أَبِيه عَن سهل بن سعد أَنه قَالَ: كنّا نفرح بِيَوْم الْجُمُعَة، وَكَانَت عجوزٌ لنا تبْعَث إِلَى بُضاعَة فتأخذ من أصُول السِّلق فتطرحه فِي قدر، وتكركر حبّاتٍ من شعير، فَكنَّا إِذا صلَّينا انصرفْنا إِلَيْهَا فتقدِّمه إِلَيْنَا ونفرح بِيَوْم الْجُمُعَة من أجلهَا.
قَالَ القَعنبيُّ: تكركر، أَي: تطحن، وَسميت كركرة لترديد الرَّحَى على الطَّحن.
قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
إِذا كركرته رياحُ الجنوبِ
ألقحَ مِنْهَا عِجَافًا حيالا
قَالَ اللَّيْث: الكِرْكرة: رحى زَوْر الْبَعِير، وجمعُها كَرَاكِر. قَالَ: والكَراكِر: كرادِيس الخيْل. وَأنْشد:
نحنُ بِأَرْض الشرقِ فينَا كَراكِرٌ
وخيلٌ جِيادٌ مَا تَجِفّ لُبودُها
قَالَ: والكَركَرة: تصريف الرِّيح السَّحابَ: إِذا جمعْته بعد تفرُّق. وَأنْشد:
تكركِرُه الجَنائب فِي السِّدادِ
وَيُقَال: كَرَّرتُ عَلَيْهِ الحديثَ وكركرْتُه: إِذا ردَدته عَلَيْهِ، وكَرْكَرتُه عَن كَذَا كَرْكَرَةً: إِذا ردَدْتَه.
وفَرَسٌ مِكَرٌّ مِفَرٌّ: إِذا كَانَ مؤَدَّباً طيِّعاً: إِذا انعطف انعطف مسرِعاً، وَإِذا أَرَادَ راكبُه الفِرارَ عَلَيْهِ فرَّ بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكرير: بُحَّةٌ من الغُبار. والكِراران: مَا تَحت المِبركة من الرَّحْل. وَأنْشد:
وَقَفْتُ فِيهَا ذاتَ وجهٍ ساهمٍ
سَجْحاءَ ذاتَ مَحزِمِ جُراضِم
تُنْبِي الكِرارَيْن بصُلْبٍ زاهمِ ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: كَركَر: إِذا انهَزَم، ورَكْرَك: إِذا جَبُن.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يُقَال للأَدَم الَّتِي تُضَمّ بهَا الظَّلِفَتَان مِن الرَّحْل وتَدخل فِيهَا أكرار، وَاحِدهَا كَرَّ. قَالَ: والبِدادانِ فِي

(9/328)


القَتَب بِمَنْزِلَة الكَرّ فِي الرَحْل، غير أنَّ البِدادَيْن لَا يَظهران مِن قُدّامِ الظَّلِفة.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَالصَّوَاب فِي أكرار الرَّحل هَذَا لَا مَا قَالَه فِي الكرارين مَا تَحت الرحل.
رك: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الرِّكُّ: مطرٌ ضَعِيف، وجمعُه رِكاك، ويُجمع رَكائك. وَأنْشد:
تَوضَّحْن فِي قَرْن الغَزالة بعدَما
تَرَشَّفْن دِرَّات الذِّهابِ الرَّكائك
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: قيل لأعرابيّ: مَا مَطَر أرضِك فَقَالَ: مُركِّكَةٌ فِيهَا ضُروسٌ وثَرْدٌ. يذرُّ بقْلهُ وَلَا يقرِّح.
قَالَ: والثَّرْدُ: الْمَطَر الضَّعِيف.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّكَاكة مصدَر الرِّكيك، وَهُوَ الْقَلِيل. قَالَ: والرَّكّ: إلزامُك الشيءَ إنْسَانا. تَقول: رَكَكْتُ الحقَّ فِي عُنُقِه، ورُكَّت الأغلالُ فِي أَعْنَاقهم. ورجلٌ ركِيك العَقْل: قليلُه.
اللِّحيانيّ: أركَّت الأرضُ فَهِيَ مُرِكَّة، وأُرِكَّتْ فَهِيَ مُرَكَّة: إِذا أَصابَها الرِّكاك من الأمطار. وَيُقَال: رَكَّ الرجل المرأةَ رَكّاً، ودَكَّها دَكّاً: إِذا جَهَدها فِي الْجِمَاع.
قَالَت خِرْنِقُ بنت غبغبة تهجو عبد عَمْرو بن بشر:
أَلاَ ثكلتكَ أُمُّكَ عبدَ عَمْرو
أَبَا الخزيات آخيتَ الملوكا
هُم ركُّوك للوركين رَكّاً
وَلَو سألوكَ أعطيتَ البروكا
أَبُو زيد: رجل رَكيك ورُكاكة: إِذا كُنَّ النساءُ يستضعِفنه فَلَا يَهْبنَه وَلَا يَغار عليهنَّ. وَفِي الحَدِيث أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَعَن الرَّكاك) ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَغار من الرِّجَال، وأصلُه من الرَّكاكة، وَهُوَ الضَّعف.
واسترككْته: إِذا استضعفته. وَقَالَ القطاميُّ يصف أَحْوَال النَّاس:
تراهمْ يَغمِزُون مَن استَرَكُّوا
ويَجتنبون مَن صَدَق المِصاعا
شمِر عَن ابْن شُمَيْل: الرِكُّ: الْمَكَان المضعوف الَّذِي لم يُمطَر إلاّ قَلِيلا؛ يُقَال: أرضٌ رِكٌّ لم يصبْهُ مطرٌ إلاّ ضَعِيف. ومطرٌ رِكٌّ: قَلِيل ضَعِيف. وأرضٌ مركَّكة ورَكيكة أصابَها رِكٌّ وَمَا بهَا مَرْتَعٌ إلاَّ قَلِيل.
قَالَ شمر: وكلُّ شيءٍ قَلِيل رَقِيق مِن مَاء ونَبت وعَلَم فَهُوَ رَكِيك.
كرك: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الكَرِك: الْأَحْمَر. وأنشدني الإياديّ لأبي دُؤاد:
كَرِكٌ كلَوْن التِّين أحوَى يانعٌ
متراكِبُ الأكمام غير صَوادي

(بَاب الْكَاف وَاللَّام)
ك ل
كل، لَك: مستعملان.

(9/329)


كل: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الكَلُّ: الصَّنَم.
والكَلُّ: الثقيل الرّوح من النَّاس.
والكَلُّ: الْيَتِيم.
والكَلُّ: الْوَكِيل.
وكَلَّ الرجُل: إِذا أُتعِبَ. وكَلَّ: إِذا تَوكَّلَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَلّ: الرجل الَّذِي لَا وَلد لَهُ وَلَا وَالِد، وَقد كلَّ يَكلُّ كَلَالَة.
والكَلُّ: الْيَتِيم.
وَأنْشد:
أكولٌ لمالِ الكَلِّ قبلَ شَبابه
إِذا كَانَ عَظمُ الكَلِّ غيرَ شديدِ
قَالَ: والكَلّ: الَّذِي هُوَ عِيالٌ وثِقْل على صَاحبه.
قَالَ الله جلّ وَعز: {وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ} (النَّمْل: 76) ، أَي: عِيال.
قلت: وَالَّذِي أَرَادَ ابنُ الأعرابيّ بقوله: الكَلُّ: الصَّنم.
قَول الله جلّ وعزّ: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا} (النَّحْل: 75) ، ضَرَبه مَثلاً للصَّنم الَّذِي عَبَدُوه، وَهُوَ لَا يقدر على شَيْء، فَهُوَ كلٌّ على مَوْلَاهُ، لِأَنَّهُ يَحمله إِذا ظعَن ويحوِّله من مكانٍ إِلَى مكانٍ إِذا تحوَّلَ فَقَالَ الله: هَل يَستوي هَذَا الصَّنَم الكَلّ ومَن يَأْمر بالعَدْل؟ استفهامٌ مَعْنَاهُ التوبيخ؛ كأَنه قَالَ: لَا تُسَوُّوا بَين الصَّنم الكَلِّ وَبَين الْخَالِق جلّ جَلَاله.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (نُهي عَن تقصيص الْقُبُور وتكليلها) ، رَوَاهُ الدَّبَريّ عَن عبد الرَّزَّاق عَن يحيى بن الْعَلَاء عَن الْأَحْوَص بن حَكِيم عَن رَاشد بن سعد.
قَالَ الدَّبَريّ: حكى عَن البجليّ أَنه قَالَ: التكليل: رَفعهَا ببناءٍ مثل الكِلَل، وَهِي الصوامع والقِباب الَّتِي تبنَى على الْقُبُور.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَو امْرَأَةٌ} (النِّسَاء: 12) ، الْآيَة.
وَقد اخْتلف أهل الْعَرَبيَّة فِي تَفْسِير الكلالَة فَأَخْبرنِي المنذرُ عَن الحُسَين بن فَهم عَن سَلَمة عَن أبي عُبَيْدَة أَنه قَالَ: الْكَلَالَة كلُّ مَن لم يَرِثْه ولدٌ أَو أبٌ أَو أَخٌ وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْأَخْفَش.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي طَالب عَن أَبِيه عَن الْفراء أَنه قَالَ: الكلالةَ: مَا خلا الْوَالِد وَالْولد.
قَالَ: وسمعتُ أَبَا الْعَبَّاس يَقُول: الْكَلَالَة من القَرابة: مَا خلا الْوَالِد والولَد، سُمُّوا كَلَالَة لاستدارتهم بنَسَب الميِّت الأقرَب فَالْأَقْرَب مِن تكلّله النّسَبُ: إِذا استدارَ بِهِ.
قَالَ: وسمعتُه مرّة يَقُول: الْكَلَالَة مَن سَقَط عَنهُ طرفاه، وهما أَبوهُ وولدُه، فَصَارَ كَلاًّ وكلالةً، أَي: عِيالاً على الأَصْل.
يَقُول: سقَطَ من الطَّرَفين فَصَارَ عِيالاً عَلَيْهِم.

(9/330)


قَالَ: كتبتُه حِفظاً عَنهُ.
قلتُ: وحديثُ جَابر يفسِّر لَك الكلالةَ وَأَنه الْوَارِث، لِأَنَّهُ يَقُول: مَرِضتُ مَرضا أشفيت مِنْهُ على الْمَوْت، فأتيتُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقلتُ: إِنِّي رجلٌ لَيْسَ يَرثُني إلاّ كلالَة، أَرَادَ أَنه لَا وَالِد لَهُ وَلَا وَلَد.
وذكَر الله جلّ وعزّ: الكلالةَ فِي سُورَة النِّسَاء فِي موضِعين:
أَحدهمَا: قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ} (النِّسَاء: 12) .
فَقَوله: {يُورَثُ مِن وُرِث يُورَثُ لَا من أُورثَ يُورَثُ.
ونَصَب (كَلَالَة) على الْحَال، الْمَعْنى: وَإِن مَاتَ رجلٌ فِي حَال تَكلُّلِه نسَب ورثَته، أَي: لَا وَالِد لَهُ وَلَا وَلد، وَله أخٌ أَو أختٌ من أمَ، فلكُلّ وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس، فَجعل الميِّت هَا هُنَا كَلَالَة، وَهُوَ المورِّث، وَهُوَ فِي حَدِيث جابرٍ الْوَارِث.
فكلُّ من مَاتَ وَلَا والدَ لَهُ وَلَا ولد، فَهُوَ كلالةُ وَرَثَتِه.
وكلُّ وارثٍ وَلَيْسَ بوالد لميّتٍ وَلَا ولدٍ لَهُ فَهُوَ كلالةُ مَوْرُوثِه.
وَهَذَا مستوٍ من جِهَة العربيّة، موافقٌ للتنزيل وَالسّنة، وَيجب على أهل الْعلم معرفتُه لِئَلَّا يلتبس عَلَيْهِم مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْهُ.
والموضع الثَّانِي: مِن كتاب الله جلَّ وعزَّ فِي الكَلالة قَوْله: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِى الْكَلَالَةِ إِن امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} (النِّسَاء: 176) ، الْآيَة، فجَعَل الْكَلَالَة هُنَا الْأُخْت للْأَب والأُمّ، وَالإِخْوَة للْأَب والأمّ؛ فَجعل للْأُخْت الواحدةِ نصفَ مَا تَرَك الميْت، وللأختين الثُّلثَيْنِ، وللإِخوة وَالْأَخَوَات جميعَ المَال بَينهم للذّكر مثل حَظِّ الأُنثيين، وجَعَل للْأَخ وَالْأُخْت من الأمّ فِي الْآيَة الأولى الثُّلُث، لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدُس، فبيَّنَ سياقُ الْآيَتَيْنِ أنّ الكَلالة تشْتَمل على الْأُخوة للأُمّ مرَّة ومرَّة على الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات للْأَب والأمِّ. ودَلَّ قولُ الشَّاعِر أنَّ الأبَ، لَيْسَ من الكَلالة، وأنَّ سَائِر الْأَوْلِيَاء مِن العَصَبةِ بَعد الوَلَد كَلالة، هُوَ قولُه:
فإنّ أَبَا الْمَرْء أحْمَى لَهُ
ومَوْلَى الكَلالَة لَا يَغضَبُ
أَرَادَ أنّ أَبَا الْمَرْء أغضَبُ لَهُ إِذا ظُلم، ومَوالي الْكَلَالَة، وهم الْإِخْوَة والأعمام وَبَنُو الْأَعْمَام وَسَائِر الْقرَابَات، لَا يغضبون للمرء غَضَب الْأَب.
أَبُو عبيد عَن أبي الجرّاح قَالَ: إِذا لم يكنْ ابْن العَمِّ لَحّاً، وَكَانَ رجلا مِن الْعَشِيرَة قَالُوا: هُوَ ابنُ عَمِّي الكلالةُ، وَابْن عَمَ كلاَلةً وابنَ عمِّي كَلَالَة.
قلت: وَهَذَا يَدلُّ على أَن العَصَبة وَإِن

(9/331)


بَعُدوا يُسَمَّوْن كَلَالَة، فافهمْه. وَقد فسّرتُ لَك مِن آيتَي الْكَلَالَة وإعرابهما مَا تشتفي بِهِ ويزيل اللّبْس عَنْك فتدبره تَجدهُ كَذَلِك إِن شَاءَ الله.
قَالَ اللَّيْث: الكليل: السَّيْف الَّذِي لَا حدّ لَهُ، ولسان كليل: ذُو كلة وكلالة، الكال: المعيي، وَقد كل يَكِلّ كلالاً وكلالةً.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الكلة من السُّتُور: مَا خِيط فصارَ كالبيت. وَأنْشد للبيد:
من كلِّ محفوفٍ يُظِلّ عصيّه
زوجٌ عَلَيْهِ كِلّةٌ وقِرامُها
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الكلّة أَيْضا: حالُ الْإِنْسَان، وَهِي البِكْلة؛ يُقَال: باتَ فلَان بِكلَّة سَوْء أَي بِحَال سَوْءِ. والكِلّة: مَصدَرُ قَوْلك: سيفٌ كَلِيلُ بيِّن الكِلّة.
وَيُقَال: ثقُل سَمعه وكلَّ بَصرُه وذَرا سِنُّه.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أنّه قَالَ: يُقَال: إنَّ الْأسد يُهَلِّل أَو يُكَلل، وإنَّ النَّمِر يُكَلِّل وَلَا يُهَلِّل. قَالَ: والمكلِّل: الَّذِي يَحمِل فَلَا يرجع حتّى يَقع بِقرنه. والمهلِّل: الَّذِي يَحْمِلُ على قِرْنه ثمَّ يُحجِم فَيرجع.
قَالَ الجعديُّ:
بَكَرَتْ تلومُ وأمس ماكلّلتها
وَلَقَد ضللت كَذَاك أيَّ ضلالِ
(مَا) صلةٌ. كلّلتها، أَي: عصَيتها.
يُقَال: كلّل فلانٌ فلَانا، أَي: لم يطعْه. وأصبحَ فلانٌ مُكِلاًّ: إِذا صَار ذَوُو قرَابَته كلاًّ عَلَيْهِ، أَي: عيالاً. وكللتُه بِالْحِجَارَةِ، أَي: علوته بهَا، قَالَ:
وفرجُه بحصَى المَعْزاء مكلولُ
والكِلّة: الصُّوقعة، وَهِي صُوفةٌ حَمْرَاء فِي رَأس الهودج.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: انكلّتْ الْمَرْأَة فَهِيَ تَنكَلُّ انكَلالاً: إِذا تبسَّمَتْ. وانْكَلَّ السحابُ بالبَرق: إِذا تَبسَّم بالبرق.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الْغَمَام المكَلَّلُ: السحابة تكون حَولَها قِطَعٌ مِن السَّحاب، فَهِيَ مكلَّلة بهنَّ. وَأنْشد غَيره لامرىء الْقَيْس:
أَصاحِ تَرَى بَرْقاً أريكَ ومَيضَه
كلَمْعِ اليَدَيْن فِي حَبِّي مكلل
قلت: وَيُقَال: تأكلَ السَّيف تأكلاً وتأكل، الْبَرْق تأكُّلاً: إِذا تلألأ. وَلَيْسَ من هَذَا الْبَاب.
وَقَالَ اللَّيْث: الإكليل: شِبه عِصابة مزيَّنة بالجواهر.
قَالَ: والإكليل: منزلٌ من منَازِل الْقَمَر.
قلت: الإكليل: رأسُ بُرج الْعَقْرَب. ورَقيبُ الثريّا من الأنواءِ هُوَ الإكليل، لِأَنَّهُ يطلُع بغُيوبها.
وَقَالَ اللَّيْث: كلَّل الرجلُ: إِذا ذهبَ وتركَ عيالَه بمَضْيَعَة.
قَالَ: وَأما كُلٌّ فإِنّه اسمٌ يجمع الْأَجْزَاء.

(9/332)


وَيُقَال فِي قَوْلهم: كِلاَ الرَّجُلين، إِن اشتقاقَه من كَلَّ الْقَوْم، ولكِنَّهم فرقوا بَين التَّثْنِيَة والجميع بِالتَّخْفِيفِ والتثقيل.
قلت: وَقَالَ غَيره من النحويِّين: كلا وكلتا ليستا من بَاب كَلَّ. وَأَنا مفسِّر كلا وكلتا فِي الثلاثيِّ المعتلِّ من هَذَا الْكتاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا أفادني عَنهُ المنذريُّ: يَقع كَلٌّ على اسْم منكور موحَّد، فيؤدِّي معنى الْجَمَاعَة، كَقَوْلِهِم: مَا كل بَيْضَاء شَحمةً وَلَا كل سَوْدَاء تَمْرَة، وتمرةٌ جَائِزَة أَيْضا إِذا كرَّرت مَا فِي الْإِضْمَار.
وَسُئِلَ أَحْمد بن يحيى عَن قَول الله عزّ وَجل: {للهفَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} (الْحجر: 30) ، وَعَن توكيده بكلّهم ثمَّ بأجمعين فَقَالَ: لما كَانَت كلهم تحْتَمل شَيْئَيْنِ: مرّة اسْما وَمرَّة توكيداً، جَاءَ بالتوكيد الَّذِي لَا يكون إِلَّا توكيداً حَسْبُ.
وَسُئِلَ الْمبرد عَنْهَا فَقَالَ: لَو جَاءَت فَسجدَ الملائكةُ احْتمل أَن يكون سجد بعضُهم، فجَاء بقوله: {كلُّهم لإحاطة الْأَجْزَاء.
فَقيل لَهُ: فأجمعون؟ .
فَقَالَ: لَو جَاءَت كلُّهم لاحتمل أَن يَكُونُوا سجدوا كلُّهم فِي أَوْقَات مختلفاتٍ، فَجَاءَت أَجْمَعُونَ لتدلَّ أَن السُّجُود كَانَ مِنْهُم كلِّهم فِي وَقت وَاحِد، فَدخلت كلُّهم للإِحاطة وَدخلت أَجْمَعُونَ لسُرعة الطَّاعَة.
وَقَالَ أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا كَانَ الرجلُ فِيهِ قِصَرٌ وغِلَظ مَعَ شدَّة قيل: رجلٌ كُلكُلٌ وكُلاكِل وكَوَأْلَلٌ.
وَأما الكَلْكَل فَهُوَ الصَّدْر.
وَقَالَ اللَّيْث: الكلاكل: هِيَ الْجَمَاعَات كالكَراكر.
وَأنْشد قَول العجاج:
حَتَّى يحُلُّون الرُّبا الكلاكلا
وَرُوِيَ عَن الأصمعيّ أَنه قَالَ: الكِلَّة: الصَّوقَعة، وَهِي صُوفة حَمْرَاء فِي رَأس الهودج.
سَلمَة عَن الْفراء: الكُلَّة: التَّأْخِير. والكَلَّة: الشَّفرة. والكِلّة: الحالُ حالُ الرجل.
وَيُقَال: ذِئْب كليل: لَا يَعدو على أحد. وباتَ بِكلّة سَوءٍ، أَي: بِحَال سَوء.
لَك: قَالَ اللَّيْث: اللَّكُّ: صِبغٌ أحمرُ يُصبَغ بِهِ جلودُ المِعْزَى للخِفاف، وَهُوَ مُعَرَّب.
قَالَ: واللُّكّ: مَا يُنحت من الْجلد الملكوك فتُشدُّ بِهِ السَّكاكين فِي نُصُبها، وَهُوَ مُعَرَّبٌ أَيْضا.
أَبُو عبيد: اللَّكالِك من الْجمال: الْعَظِيم، حَكَاهُ عَن الْفراء.
وَأنْشد غَيره:
أرسلتُ فِيهَا مُقرَماً لُكالِكا
من الذَّريحيَّات جَعدًا آركا

(9/333)


أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: اللَّكيك: الصلب من اللَّحْم، والدَّخيس مثلُه.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّكيك: المكتنز. يُقَال: فرسٌ لكيك الخَلْق وَاللَّحم، وعسكرٌ لكيك. وَقد التكَّتْ جَمَاعَتهمْ لِكاكاً، أَي: ازدحمت ازدحاماً.
وَقَالَ غَيره: ناقةٌ لُكِّيَّة: شَدِيدَة اللَّحْم وَقد لُكَّ لحمُها لَكاً فَهُوَ ملكوك.
وَأنْشد:
إِلَى عُجَايات لَهُ ملكوكة
فِي دُخُس دُرم الكُعوبِ آثْنان
والْتَكّ الوِردُ التكاكاً، إِذا ازدحَمَ. واللَّكُّ: الضغط، يُقَال لكه لَكّاً.

(بَاب الْكَاف وَالنُّون)
ك ن
كن، نك: مستعملان.
نك: أهمل اللَّيْث نك.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: نَكنَكَ غَرِيمه: إِذا شدَّد عَلَيْهِ.
كن: قَالَ اللَّيْث: الكِنُّ: كلُّ شَيْء وقَى شَيْئا فَهُوَ كِنُّه وكِنانُه. وَالْفِعْل من ذَلِك كنت الشيءَ، أَي: جعلتُه فِي كِنَ، أكنُّه كَنّاً.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله جلّ وَعز: أَوْ أَكْنَنتُمْ فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَنفُسِكُمْ} (الْبَقَرَة: 235) ، للْعَرَب فِي أكننتُ الشيءَ: إِذا سترته لُغَتَانِ: كننتُه وأكننتُه وأنشدُوني:
ثلاثٌ من ثلاثِ قدامَياتٍ
من اللائي تكُنُّ من الصَّقيع
وبعضُهم يرويهِ: تُكِنُّ من أكننت.
وَأما قَوْله جلّ وَعز: {كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ} (الطّور: 24) ، و {عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ} (الصافات: 49) ، فَكَأَنَّهُ مَذهبٌ للشَّيْء يُصان، وإحداهما قريبَة من الْأُخْرَى.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: كَننتُ الشيءَ أكُنُّه وأكننتُه أُكِنه.
وَقَالَ غَيره: أكننتُ الشيءَ: إِذا سترتَه، وكننتُه: إِذا صُنْته.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: كننتُ الشَّيْء وأكننتُه فِي الكِنّ، وَفِي النَّفس مثلُها.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الكُنَّة والسُّدَّة كالصُّفَّة تكون بَين يَدي الْبَيْت: والظُّلَّة تكون بِبَاب الدَّار.
وَقَالَ الأصمعيّ: الكُنَّة: هِيَ الشَّيْء يُخرجهُ الرجل من حَائِطه كالجناح وَنَحْوه.
اللَّيْث: الكِنانة كالجَعبة غير أَنَّهَا صَغِيرَة، تُتَّخذ للنَّبْل.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الكنانة: جَعبة السِّهام.
وَقَالَ اللَّيْث: استكنَّ الرجلُ واكتَنَّ: إِذا صَار فِي كِنّ. واكتنَّت المرأةُ: إِذا سترت وجهَها حَيَاء من النَّاس.
قَالَ: والكَنّة: امْرَأَة الابْن أَو الْأَخ، والجميع الكنائن.

(9/334)


قَالَ: وكلُّ فَعلة أَو فعِلة أَو فُعلة من بَاب التَّضْعِيف فَإِنَّهَا تجمع على فعائل، لِأَن الفعلة إِذا كَانَت نعتاً صَارَت بَين الفاعلة والفعيل، والتصريف يضم فعلا إِلَى فعيل، كَقَوْلِك: جَلْد وجليد، وصُلب وصَليب، فَردُّوا الْمُؤَنَّث من هَذَا النَّعْت إِلَى ذَلِك الأَصْل.
وَأنْشد:
يَقلن كنّاً مَرّةً شبائبا
قَصَر شابَّة فَجَعلهَا شَبّة، ثمَّ جمعهَا على الشبائب.
قَالَ: والكانون: المصطَلى.
والكانونان: شَهْرَان فِي قُبْل الشِّتاء هَكَذَا يسمِّيها أهل الرُّوم.
قلت: وَهَذَانِ الشهران عِنْد الْعَرَب هما الهَرَّاران والهَبَّاران، وهما شهرَا قُماحٍ وقِماح.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الكانون: الثَّقيل من النَّاس.
وَأنْشد للحطيئة:
أغربالاً إِذا استُودِعتِ سِرّاً
وكانوناً على المتحدّثينا
وَرُوِيَ عَن أَبِيه أَنه قَالَ: الكوانين: الثُّقلاء من الرِّجَال.
قَالَ: وَيُقَال: هِيَ حَنّته، وكَنَّته، وإزارُه، وفراشُه، ونَهضتُه، ولِحافُه، كلُّه وَاحِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: كنكَنَ: إِذا هَرَبَ.
قَالَ: وتَكنَّى: لزِم الكِنَّ.
وَقَالَ رجلٌ من الْمُسلمين: رَأَيْت علجاً يومَ الْقَادِسِيَّة قد تكنَّى وتحجَّى فقتلتُه.
قَالَ: تحجَّى، أَي: زَمْزمَ.
والأكنان: الغِيرانُ ونحوُها يُسكن فِيهَا، واحده كِنٌّ، وَتجمع أكِنَّة، وَقيل: كِنان وأكنّة.

(بَاب الْكَاف وَالْفَاء)
ك ف
كف، فك: (مستعملان) .
كف: قَالَ اللَّيْث: الكفُّ: كفُّ الْيَد. وثلاثُ أكفٍ والجميع كفوف. وَالْعرب تَقول: هَذِه كفٌّ وَاحِدَة.
قَالَ: وكُفّة اللِّثة: مَا انحدر مِنْهَا على أصُول الثَّغر. وكُفّة السَّحاب وكِفافُه: نواحيه، قَالَ: وكِفّة الْمِيزَان، وكِفّة الحبالة يُجعل كالطَّوق، مكسوران.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: نفقَتُه الكَفَاف، أَي: لَيْسَ فِيهَا فضل.
قَالَ: والكِفّة: حبالة الصَّائِد، وَكَذَلِكَ كِفّة الْمِيزَان بِالْكَسْرِ. وَأما كُفّة الرمل والقميص فَطُرَّتُهما وَمَا حولهما.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وَعز: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ

(9/335)


كَآفَّةً} (الْبَقَرَة: 208) ، قَالَ: كافّة بِمَعْنى الْجَمِيع والإحاطة، فَيجوز أَن يكون مَعْنَاهُ: ادخُلُوا فِي السّلم كلِّه، أَي: فِي جَمِيع شرائعه.
قَالَ: وَمعنى كافّة فِي اشتقاق اللُّغَة يكفُّ الشيءَ فِي آخِره. وَمن ذَلِك كُفّة الْقَمِيص: وَهِي حَاشِيَته، وكلُّ مستطيلٍ فحرفه كُفَّة، وكل مستديرٍ كِفّة، نَحْو كِفّة الْمِيزَان.
قَالَ: وسمّيت كُفّة الثَّوْب لِأَنَّهَا تَمنعهُ أَن تَنْتَشِر، وأصل الكفّ المَنْع، وَلِهَذَا قيل لطرف الْيَد كفٌّ لِأَنَّهَا يُكَفّ بهَا عَن سَائِر الْبدن، وَهِي الراحةُ مَعَ الْأَصَابِع. وَمن هَذَا قيل: رجل مكفوفٌ، أَي: قد كُفَّ بَصَره من أَن ينظر. فَمَعْنَى الْآيَة: ابلغوا فِي الْإِسْلَام إِلَى حَيْثُ تَنْتَهِي شرائعه فتكَفُّوا من أَن تَعْدوا شرائعه وادخلوا كلكُمْ حتّى يُكَفَّ عَن عددٍ وَاحِد لم يدْخل فِيهِ.
وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً} (التَّوْبَة: 36) : كافّة مَنْصُوب على الْحَال، وَهُوَ مصدرٌ على فاعلة، كالعافية وَالْعَاقبَة، وَهُوَ فِي مَوضِع قاتِلوا المشركينَ محيطين بهم. وَلَا يجوز أَن يثنى وَلَا يجمع، لَا يُقَال قاتلوهم كافّاتٍ وَلَا كافّين، كَمَا أَنَّك إِذا قلت قاتِلْهم عامّة لم تثن وَلم تَجمع. وَكَذَلِكَ خَاصَّة، وَهَذَا مَذْهَب النّحويين. وأكافيف الجبَل: حُيوده.
قَالَ:
مسحنفِراً من جبال الرُّوم تستره
مِنْهَا أكافيفُ فِيمَا دونَها زَوَرُ
يصف الفُراتَ وجرْيَه فِي بِلَاد الرُّوم المطلَّة عَلَيْهَا حَتَّى يشقَّ بِلَاد الْعرَاق.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال للبعير إِذا كبِر وقصُرت أَسْنَانه حَتَّى تكَاد تذْهب: بَعيرٌ كافٌّ. وَكَذَلِكَ الْأُنْثَى بِغَيْر هَاء، وَقد كُفَّتْ أسنانها، فَإِذا ارْتَفع عَن ذَلِك فَهُوَ ماجّ. ورجلٌ مكفوف، أَي: أعمى. وَقد كُفَّ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كُفّ بَصَره وكَفَّ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال فلانٌ لَحْمه كَفَافٌ لأديمه: إِذا امْتَلَأَ جلدُه من لَحْمه.
وَقَالَ النمر بن تولب:
فضولٌ أَرَاهَا فِي أديمي بَعْدَمَا
يكون كَفَافُ اللَّحمِ أَو هُوَ أجملُ
أَرَادَ بالفضول تغضُّنَ جلده لكبره بعد مَا كَانَ مكتنز اللَّحم وَكَانَ الجلدُ ممتدّاً مَعَ اللَّحْم لَا يفضُل عَنهُ.
وَفِي الحَدِيث: (لأنْ تَدَع ورثَتك أغنياءَ خيرٌ من أَن تدعَهم عَالَة يتكفَّفون النَّاس) مَعْنَاهُ: يسْأَلُون الناسَ بأكفِّهم يمدُّونها إِلَيْهِم.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: استكففتُ الشَّيْء واستشرفته، كِلَاهُمَا أَن تضعَ يدَك على حاجبك كَالَّذي يستظل من الشَّمس حَتَّى يستبين الشَّيْء.
وَقَالَ ابْن مُقبل يصف قِدْحاً لَهُ:

(9/336)


(خُرُوجًا من الغمى إِذا صك صَكَّة ... بدا والعيون المستكفة تلمح)
يُقَال: استكفت عينه: إِذا نظرت تَحت الْكَفّ. واستكفت الْحَيَّة: إِذا ترحت كالكفة، واستكف بِهِ النَّاس: إِذا عصبوا بِهِ. وَفِي كتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحُدَيْبِية لأهل مَكَّة: " وَإِن بَيْننَا وَبينهمْ عَيْبَة مكوفة " أَرَادَ بالمكفوفة الَّتِي أشرجت على مَا فِيهَا، وضربها مثلا للصدور أَنَّهَا نقية من الغل والغش فِيمَا كتبُوا من الصُّلْح والهدنة. وَالْعرب تشبه الصُّدُور الَّتِي فِيهَا الْقُلُوب بالعياب الَّتِي تشرج على حر الثِّيَاب وفاخر الْمَتَاع، فَجعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم العياب المشرجة على مَا فِيهَا مثلا لقلوب طويت على مَا تعاقدوا. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(وكادت عياب الود بيني وَبَيْنكُم ... وَإِن قيل أَبنَاء العمومة تصفر)
فَجعل الصُّدُور عيابا للود. وَقَالَ أَبُو سعيد فِي قَوْله: وَإِن بَيْننَا وَبينهمْ عَيْبَة مَكْفُوفَة، مَعْنَاهُ: أَن يكون الشَّرّ مكفوفا كَمَا نكف العيبة إِذا أشرجت على مَا فِيهَا من مَتَاع. كَذَلِك الذحول الَّتِي كَانَت بَينهم قد اصْطَلحُوا على أَن لَا ينشروها، ويتكافون عَنْهُم، كَأَنَّهُمْ قد جعلوها فِي وعَاء وأشرجوا عَلَيْهَا. وَقَالَ اللَّيْث: كَفَفْت فلَانا عَن السوء فَكف يكف كفا، سَوَاء لفظ اللَّازِم والمجاوز. قَالَ: والمكفوف فِي علل الْعرُوض مفاعيل كَانَ أَصله مفاعيلن، فَلَمَّا ذهب النُّون قَالَ الْخَلِيل: هُوَ مكفوف. قَالَ: وكفاف الثَّوْب: نواحيه. ويكف الدخريض: إِذا كف بعد خياطته مرّة. قَالَ: والكفكة: كفك الشَّيْء، أَي: ردك الشَّيْء عَن الشي. قَالَ: وكفكفت دمع الْعين. قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَقد تكفكف، وَأَصله عِنْدِي من وكف يكف. وَهَذَا كَقَوْلِك: لَا تعظيني وتعظعظي. وَقَالُوا: خضخضت الشَّيْء فِي المَاء، وَأَصله من خضت. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: كفكف: إِذا رفق بغريمه أَو رد عَنهُ من يُؤْذِيه. وَقَالَ شمر: يُقَال: نَفَقَة فلَان الكفاف، أَي: لَا فضل عِنْده، إِنَّمَا عِنْده مَا يكف وَجهه عَن النَّاس. وَرُوِيَ عَن الْحسن أَنه قَالَ: " ابدأ بِمن تعول وَلَا تلام على كفاف "، يَقُول: إِذا لم يكن عنْدك فضل لم تلم على أَلا تُعْطِي. وَيُقَال: تكفف واستكف: إِذا أَخذ الشَّيْء بكفه. وَقَالَ الكيت: وَلَا تطعموا فِيهَا يدا مستكفة ... لغيركم لَو يَسْتَطِيع انتشالها)
)

(9/337)


وَيُقَال: لَقيته كفة كفة، وكفة لكفة، أَي: مُوَاجهَة.
فك: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: فَككت الشَّيْء فانفك بِمَنْزِلَة الْكتاب الْمَخْتُوم تفك خَاتمه، كَمَا تفك الحنكين تفصل بَينهمَا. والفكان: ملتقى الشدقين من الْجَانِبَيْنِ. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الفكك أَن يفك الخلخال والرقبة. وَفك يَده فكا: إِذا أَزَال الْمفصل. وَيُقَال: أَصَابَهُ فكك. وَقَالَ رؤبة:
(هاجك من أروى كمنهاض الفكك ... )
وَقَالَ الله عز وجلك {لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتب وَالْمُشْرِكين منفكين حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة} [الْبَيِّنَة: 1] . قَالَ الزّجاج: الْمُشْركين فِي مَوضِع خفض نسق على أهل الْكتاب، الْمَعْنى: لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَمن الْمُشْركين. وَقَوله تَعَالَى: {منفكين حَتَّى تأتيهم الْبَيِّنَة} ، أَي: لم يَكُونُوا منفكين من كفرهم، أَي: منتهين عَن كفرهم. وَقَالَ الْأَخْفَش: زائلين عَن كفرهم. وَقَالَ مُجَاهِد: يَقُول: لم يَكُونُوا ليؤمنوا حَتَّى يتَبَيَّن لَهُم الْحق. وَقَالَ ابْن عَرَفَة الملقب بنفطويه: معنى قَوْله: {منفكين} مفارقين. يَقُول: لم يَكُونُوا مفارقين الدُّنْيَا حَتَّى أَتَتْهُم الْبَيِّنَة الَّتِي أَثْبَتَت لَهُم فِي التَّوْرَاة من صفة مُحَمَّد ونبوته: وتأتيهم لَفظه لفظ الْمُضَارع، وَمَعْنَاهُ الْمَاضِي، ثمَّ وكد ذَلِك فَقَالَ جلّ وَعز: {وَمَا تفرق الَّذين أُوتُوا الْكتاب إِلَّا من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَيِّنَة (4) } [الْبَيِّنَة: 4] ، وَمَعْنَاهُ: أَن فرق أهل الْكتاب من الْيَهُود وَالنَّصَارَى كَانُوا مقرين قبل مبعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه مَبْعُوث، وَكَانُوا مُجْتَمعين على ذَلِك فَلَمَّا بعث تفَرقُوا فرْقَتَيْن كل فرقة تنكره. وَقيل: معنى قَوْله تَعَالَى: {وَمَا تفرق الَّذين أُوتُوا الْكتاب إِلَّا من بعد مَا جَاءَتْهُم الْبَيِّنَة (4) } : أَنه لم يكن بَينهم اخْتِلَاف فِي أمره، فَلَمَّا بعث آمن بِهِ بَعضهم وجحده الْبَاقُونَ وحرفوا وبدلوا مَا فِي كِتَابهمْ من صفته ونبوته. وَقَالَ الْفراء: قد يكون الانفكاك على جِهَة يزَال وَيكون على الانفكاك الَّذِي تعرفه، فَإِذا كَانَ على جِهَة يزَال. قلت: قد انفككت مِنْك، وانفك الشَّيْء من الشَّيْء، فَيكون بِلَا جحد وَلَا فعل. قَالَ ذُو الرمة:
(قَلَائِص لَا تنفك إِلَّا مناخة ... على الْخَسْف أَو نرمي بِهَذَا بَلَدا فقرا)
فَلم يدْخل فِيهِ إِلَّا: إِلَّا وَهُوَ يَنْوِي بِهِ التَّمام وَخلاف يزَال، لِأَنَّك لَا تَقول مَا زلت إِلَّا

(9/338)


قَائِما. قلت: وَقَول الله تَعَالَى: {منفكين} لَيْسَ من بَاب مَا انْفَكَّ وَمَا زَالَ، إِمَّا هُوَ من انفكاك الشَّيْء من الشَّيْء: إِذا زَالَ عَنهُ وفارقه، كَمَا فسره ابْن عَرَفَة، وَالله أعلم. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: فك فلَان، أَي: خلص وأريح من الشَّيْء. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {منفكين} مَعْنَاهُ: لم يَكُونُوا مستريحين متخلصين حَتَّى جَاءَهُم الْبَيَان مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَمَّا جَاءَهُم مَا عرفُوا كفرُوا بِهِ. وَفك الرَّقَبَة: تَخْلِيصهَا من إسار الرّقّ. وَفك الرَّهْن وفكاكه: تخليصه من غلق الرَّهْن. وَشَيخ فَاك: إِذا انفرج لحياه من الْهَرم. وكل شَيْء أطلقته فقد فككته. وَقَالَ اللَّيْث: الفكك: انفراج الْمنْكب عَن مفصله ضعفا واسترخاء. وَأنْشد:
(أَبَد يمشي مشْيَة الأفك ... )
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فلَان يسْعَى فِي فكاك رقبته. وَيُقَال: هَلُمَّ فكاك رهنك. وانكسر أحد فَكَّيْهِ، أَي: لحييْهِ وَأنْشد:
(كَأَن بَين فكها والفك ... فارة مسك ذبحت فِي سك)
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: فَككت يَده فكا. وَيُقَال: فَلَا فلَان فكة، أَي: استرخاء فِي رَأْيه. قَالَ ابْن الأسلت:
(الحزم وَالْقُوَّة خير من الإدهان ... والفكة والهاع)
قَالَ: والفكة أَيْضا: النُّجُوم المستديرة الَّتِي يسميها الصّبيان: قَصْعَة الْمَسَاكِين. وَقَالَ شمر: سميت قَصْعَة الْمَسَاكِين لِأَن فِي جَانب مِنْهَا ثلمة. وَكَذَلِكَ تِلْكَ الْكَوَاكِب المجتمعة فِي جَانب مِنْهَا فضاء. وَقَالَ شمر: يُقَال: نَاقَة متفككة: إِذا أقربت فاسترخى صلواها وَعظم ضرْعهَا ودنا نتاجها، شبهت بالشَّيْء يفك فيتفكك، أَي: يتزايل وينفرج. وَكَذَلِكَ نَاقَة مفكة، وَقد أفكت. وناقة مفكهة ومفكه بمعناها. قَالَ: وَذهب بَعضهم بتفكك النَّاقة إِلَى شدَّة ضبعتها. ويروى للأصمعي:
(أرغثتهم ضرْعهَا الدُّنْيَا ... وَقَامَت تتفكك)

(انفشاح الناب للسقب ... مَتى مَا يدن تحشك)
وَقَالَ أَبُو عبيد: المتفككة من الْخَيل: الوديق الَّتِي لَا تمْتَنع على الْفَحْل. وَيُقَال: إِنَّه لأحمق فَاك تاك، وَقد حمقت وفككت، وَبَعْضهمْ يَقُول: فَككت. وَقَالَ النَّضر: الفاك: المعيي هزالًا. نَاقَة فاكة وجمل فَاك.

(9/339)


وَقَالَ اللَّيْث: الأفك: المنكسر الفك. والأفك: هُوَ مجمع الخطم، وَهُوَ مجمع الفكين على تَقْدِير أفعل. وَفِي " النَّوَادِر ": أفك الظبي من الحبالة: إِذا وَقع فِيهِ ثمَّ انفلت. وَمثله أفسخ الظبي من الحبالة. وَقَالَ الحصيني: أَحمَق فَاك وهاك، وَهُوَ الَّذِي يتَكَلَّم بِمَا يدْرِي وَمَا لَا يدْرِي وخطؤه أَكثر من صَوَابه. وَهُوَ فكاك هكاك.
[بَاب الْكَاف وَالْبَاء]
ك ب

كب، بك: [مستعملان]
كب: قَالَ اللَّيْث: تَقول: كببت فلَانا لوجهه فانكب. وكببت الْقَصعَة: قلبتها على وَجههَا. وأكب الرجل على عمل يعمله. وَقَالَ لبيد:
(جنوح الهالكي على يَدَيْهِ ... مكبا يجتلي نقب النصال)
وَيُقَال: أكب فلَان على فلَان يُطَالِبهُ. وَالْفرس يكب الْحمار: إِذا أَلْقَاهُ على وَجهه. وَأنْشد:
(فَهُوَ يكب العيط مِنْهَا للذقن ... )
والفارس يكب الْوَحْش: إِذا طَعنهَا فألقاها على وجوهها. قَالَ: والكبة والكبكبة: جمَاعَة من الْخَيل. أَبُو عبيد: الكبة: الْجَمَاعَة. وَقَالَ أَبُو زبيد:
(وعاث فِي كبة الوعواع وَالْعير ... )
وَقَالَ آخر:
(تعلم أَن محملنا ثقيل ... وَأَن ذياد كبتنا شَدِيد)
وَقَالَ الله: {فكبكبوا فِيهَا هم والغاوون (94) } [الشُّعَرَاء: 94] . قَالَ اللَّيْث: أَي: جمعُوا ودهوروا ثمَّ رمي بهم فِي هوة النَّار. وَقَالَ الزّجاج: {فكبكبوا فِيهَا} ، طرح بَعضهم على بعض. وَقَالَ أهل اللُّغَة: مَعْنَاهُ: دهوروا، وَحَقِيقَة ذَلِك فِي اللُّغَة تَكْرِير الانكباب، كَأَنَّهُ إِذا ألقِي ينكب مرّة بعد مرّة حَتَّى يسْتَقرّ فِيهَا، ونستجير بِاللَّه مِنْهَا. وَفِي الحَدِيث: " كبكبة من بني إِسْرَائِيل "، أَي: جمَاعَة. وَقَوله تَعَالَى: {فكبكبوا فِيهَا} ، أَي: جمعُوا، مَأْخُوذ من الكبكبة. عَمْرو عَن أَبِيه: كب الرجل: إِذا أوقد الكب، وَهُوَ شجر جيد الْوقُود، الْوَاحِدَة كبة. وكب إِذا قلب. وكب إِذا ثقل. وَألقى عَلَيْهِ كبته، أَي: ثقله وكتاله. وَقَالَ اللَّيْث: الكبة من الْغَزل: الجروهق. تَقول: كببت الْغَزل.

(9/340)


قَالَ: والكبة: الْإِبِل الْعَظِيمَة. تَقول: إِنَّك لكالبائع الكبة بِالْهبةِ، وَالْهِبَة: الرّيح. قلت: وَهَكَذَا قَالَ أَبُو زيد فِي هَذَا الْمثل، شدد الباءين من الحرفين. وَمِنْهُم من يَقُول: لكبائع الكبة بِالْهبةِ، بتَخْفِيف الْبَاء من الْكَلِمَتَيْنِ. فالكبة من الكابي. وَالْهِبَة من الهابي. قَالَ: وَيُقَال: عَلَيْهِ كبة وبقرة، أَي: عَلَيْهِ عِيَال. الْأَصْمَعِي: كب الرجل إناءه يكبه كبا وأكب الرجل يكب إكبابا: إِذا مَا نكس. والكباب: مَا تكبب من الرمل. وَقَالَ ذُو الرمة:
(يثرن الكباب الْجَعْد عَن متن محمل ... )
قَالَ: والكبة: الدفعة فِي الْقِتَال وشدته. وَكَذَلِكَ كبة الشتَاء: دَفعته وشدته. وَأنْشد:
(ثار غُبَار الكبة المائر ... )
وَيُقَال: تكبب الرمل: إِذا ندي فتعقد، وَمِنْه سميت كبة الْغَزل. وَنعم كباب: إِذا ركب بعضه بَعْضًا من كثرته. وَقَالَ الفرزدق:
(كباب من الأخطار كَانَ مراحه ... عَلَيْهَا فأودى الظلْف مِنْهُ وجامله)
وَقيس كبة: قَبيلَة من بَين بجلة. قَالَ الرَّاعِي يهجوهم:
(قَبيلَة من قيس كبة سَاقهَا ... إِلَى أهل نجد لؤمها وافتقارها)
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: من الحمض النجيل والكب. وَأنْشد:
(يَا إبل السَّعْدِيّ إِن تأتبي ... لنجل القاحة بعد الكب)
وَرجل كبكب: مُجْتَمع الْخلق شَدِيد وَكَذَلِكَ الكباكب. وكبكب: اسْم جبل. وَقَالَ الشَّاعِر:
(يكن مَا أَسَاءَ النَّار فِي رَأس كبكبا ... )
وَقَالَ اللَّيْث: الكباب: الطباهج، وَالْفِعْل التكبيب. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لِلْجَارِيَةِ السمينة: كبكابة وبكباكة. أَبُو عبيد عَن الْفراء: الكباب: الثرى الندي. والجعد الْكثير الَّذِي قد لزم بعضه بَعْضهَا. وَقَالَ أُميَّة يذكر حمامة نوح:
(فَجَاءَت بَعْدَمَا ركضت بقطف ... عَلَيْهِ الثأط والطين الكباب)

بك: قَالَ اللَّيْث: البك: دق الْعُنُق. وَيُقَال: سميت مَكَّة بكة لِأَنَّهَا كَانَت تبك أَعْنَاق الْجَبَابِرَة إِذا ألحدوا فِيهَا.

(9/341)


وَيُقَال: بل سميت بكة لِأَن النَّاس يبك بَعضهم بَعْضًا فِي الطّرق، أَي: يدْفع. عَمْرو عَن أَبِيه: بك الشَّيْء، أَي: فَسخه؛ وَمِنْه أخذت بكة لِأَنَّهَا كَانَت تبك أَعْنَاق الْجَبَابِرَة إِذا ألحدوا فِيهَا. وَيُقَال: بل سميت بكة لِأَن النَّاس يبك بَعضهم بَعْضًا فِي الطّرق. قَالَ: وَبِك الرجل: إِذا افْتقر، وَبِك: إِذا خشن بدنه شجاعة. وَيُقَال لِلْجَارِيَةِ السمينة: بكباكة، وكبكابة، وكواكة، وكوكاءة، ومرمارء، ورجراجة. وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله تَعَالَى: {إِن أول بَيت وضع للنَّاس للَّذي ببكة مُبَارَكًا} [آل عمرَان: 96] . قيل: إِن بكة مَوضِع الْبَيْت، وَسَائِر مَا حوله مَكَّة. قَالَ: وَالْإِجْمَاع أَن مَكَّة وبكة الْموضع الَّذِي يحجّ النَّاس إِلَيْهِ، وَهِي الْبَلدة. قَالَ الله جلّ وَعز: {بِبَطن مَكَّة} [الْفَتْح: 24] ، وَقَالَ: {للَّذي ببكة مُبَارَكًا} . فَأَما اشتقاقه من اللُّغَة فيصلح أَن يكون الِاسْم اشتق من بك النَّاس بَعضهم بَعْضًا فِي الطّواف، أَي: دفع بَعضهم بَعْضًا. وَقيل: إِنَّمَا سميت بكة لِأَنَّهَا تبك أَعْنَاق الْجَبَابِرَة. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: البكك: الْأَحْدَاث الْأَشِدَّاء. والبكك: الْحمير النشيطة وَأنْشد:
(صلامة كحمر الأبك ... )
وَقَالَ غَيره: الأبك. مَوضِع نسبت الْحمر إِلَيْهِ. يُقَال: فلَان أبك بني فلَان: إِذا كَانَ عسيفاً لَهُم يسْعَى فِي أُمُورهم. وَبِك الرجل الْمَرْأَة: إِذا جهدها فِي الْجِمَاع. وَقَالَ اللَّيْث: البكبكة: شَيْء تَفْعَلهُ العنز بِوَلَدِهَا. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَحمَق باك تاك، وبائك تائك، وَهُوَ الَّذِي لَا يدْرِي مَا خطأه من صَوَابه.
[بَاب الْكَاف وَالْمِيم]

ك م

مك، كم: [مستعملان] .
كم: قَالَ اللَّيْث: كم: حرف مَسْأَلَة عَن عدد أَو خبر، وَتَكون خَبرا بِمَعْنى رب. فَإِن عني بهَا رب جرت مَا بعْدهَا. وَإِن عني بهَا رُبمَا رفعت، وَإِن تبعها فعل رَافع مَا بعْدهَا انتصبت. قَالَ: وَيُقَال: إِنَّهَا فِي الأَصْل من تأليف كَاف التَّشْبِيه ضمت إِلَى مَا ثمَّ قصرت مَا فأسكنت الْمِيم. فَإِذا عنيت بكم غير الْمَسْأَلَة عَن الْعدَد قلت: كم هَذَا الشَّيْء الَّذِي مَعَك؟ فَهُوَ مجيبك كَذَا وَكَذَا.

(9/342)


وَقَالَ الْفراء: كم وكأين لُغَتَانِ، ويصحبهما من، فَإِذا ألقيت من كَانَ فِي الِاسْم النكرَة وَالنّصب والخفض. من ذَلِك قَول الْعَرَب: كم رجل كريم قد رَأَيْت، وَكم جَيْشًا جرار قد هزمت. فهذان وَجْهَان: ينصبان ويخفضان وَالْفِعْل فِي الْمَعْنى وَاقع. فَإِن كَانَ الْفِعْل لَيْسَ بواقع وَكَانَ للاسم جَازَ النصب أَيْضا بواقع وَكَانَ للاسم جَازَ النصب أَيْضا والخفض، وَجَاز أَن تعْمل الْفِعْل فَترفع فِي النكرَة، فَتَقول: كم رجل كريم قد أَتَانِي، ترفعه بِفِعْلِهِ، وتعمل فِيهِ الْفِعْل إِن كَانَ وَاقعا عَلَيْهِ فَتَقول: كم جَيْشًا جرارا قد هزمت، فتنصبه بهزمت. وأنشدونا:
(كم عمَّة لَك يَا جرير وَخَالَة ... فدعاء قد حلبت عَليّ عشاري)
فدعاء قد حلبت عَليّ عشاري رفعا ونصبا وخفضا. فَمن نصب قَالَ: كَانَ أصل كم الِاسْتِفْهَام، وَمَا بعْدهَا من النكرَة مُفَسّر كتفسير الْعدَد، فتركناها فِي الْخَبَر على مَا كَانَت عَلَيْهِ فِي الِاسْتِفْهَام فنصبنا مَا بعْدهَا من النكرات، كَمَا تَقول: عِنْدِي كَذَا وَكَذَا درهما. وَمن خفض قَالَ: طَالب صُحْبَة من للنكرة فِي كم، فَلَمَّا حذفناها أعملنا إرادتها. وَأما من رفع فأعمل الْفِعْل الآخر وَنوى تَقْدِيم الْفِعْل كَأَنَّهُ قَالَ: كم قد أَتَانِي رجل كريم. وَقَالَ اللَّيْث: الْكمّ: كم الْقَمِيص. والكمة من القلانس: والكمام: شَيْء يَجْعَل على فَم الْبَعِير أَو البرذون. والكم: كم الطّلع. وَلكُل شَجَرَة مثمرة كم، وَهُوَ برعومته. وَقَالَ شمرك كمام العذوق: الَّتِي تجْعَل عَلَيْهَا وَاحِدهَا كم. وَأما قَول الله جلّ وَعز: {وَالنَّخْل ذَات الأكمام} [الرَّحْمَن: 11] ، فَإِن الْحسن قَالَ: أَرَادَ سبائب الليف زينت بهَا. وَقَالَ شمر: الكمة: كل ظرف غطيت بِهِ شَيْئا وألبسته إِيَّاه فَصَارَ لَهُ كالغلاف. وَمن ذَلِك أكمام الزَّرْع: غلفها الَّتِي تخرج مِنْهَا. وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {وَالنَّخْل ذَات الأكمام} [الرَّحْمَن: 11] . قَالَ: عَنى بالأكمام مَا غطى. وكل شَجَرَة تخرج مَا هُوَ مكمم فَهِيَ ذَات أكمام. وأكمام النَّخْلَة: مَا غطى جمارها من السعف والليف والجذع. وكل مَا أخرجته النَّخْلَة فالطلعة كمها قشرها. وَمن هَذَا قيل للقلنسوة كمة، لِأَنَّهَا تغطي الرَّأْس. وَمن هَذَا كَمَا الْقَمِيص لِأَنَّهُمَا يغطيان الْيَدَيْنِ. وَقَالَ شمر فِي قَول الفرزدق.
(يعلق لما أَعْجَبته أتانه ... بأرآد لحييها جِيَاد الكمائم)
يُرِيد جمع الكمامة الَّتِي يَجْعَلهَا على منخرها لِئَلَّا يؤذيها الذُّبَاب. والمكموم من العذوق: مَا غطي بالزبلان عِنْد الإرطاب ليبقى ثَمَرهَا غضا وَلَا ينقرها الطير وَلَا يُفْسِدهَا الحرور.

(9/343)


وَمِنْه قَول لبيد:
(حملت فَمِنْهَا موقر مكموم ... )
وَفِي حَدِيث النُّعْمَان بن مقرن أَنه قَالَ يَوْم نهاوند: أَلا إِنِّي هاز لكم الرَّايَة، فَإِذا هززتها فليثب الرِّجَال إِلَى أكمة خيولها ويقرطوها أعنتها، أَرَادَ بأكمة الْخُيُول مخاليها الْمُعَلقَة على رؤوسها وفيهَا عَلفهَا. أَمرهم بنزعها من رَأسهَا وإلجامها بلجمها، وَذَلِكَ تقريطها. وَقَالَ ابْن شُمَيْل عَن اليمانيك كممت الأَرْض كَمَا، وَذَلِكَ إِذا أثارها ثمَّ عفى آثَار السن فِي الأَرْض بالخشبة العريضة الَّتِي تزلقها، فيقالك أَرض مكمومة. أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: كممت رَأس الدن، أَي: سددته وطينته. وَقَالَ الأخطل:
(كمت ثَلَاثَة أَحْوَال بطينتها ... )
وَقيل: كمت، أَي: غطيت، وأصل الْكمّ التغطية. وَفِي حَدِيث عمر أَنه رأى جَارِيَة متكمكمة فضربها بِالدرةِ وَقَالَ: أتشبهين بالحرائر {. قَالَ أَبُو عبيد: أَرَادَ بالمتكمكمة المتكممة، وَأَصله من الكمة، وَهُوَ القلنسوة، فَشبه قناعها بهَا. وَقَالَ أَبُو تُرَاب: المغمة والمكمة: شَيْء يوضع على أنف الْحمار كالكيس؛ وَكَذَا الغمامة والكمامة. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: كم: إِذا غطي، وَكم: إِذْ قتل الشجعان. أنْشد الْفراء:
(بل لَو شهِدت النَّاس إِذْ تكموا ... بغمة لَو لم تفرج غموا)
قَوْله: تكموا، أَي: ألبسوا غمَّة كموا بهَا. والكم: قمع الشَّيْء وستره، وَمِنْه: كميت الشَّهَادَة: إِذا قمعتها وستره، وَمِنْه: كميت الشَّهَادَة: إِذا قمعتها وسترتها. والغمة مَا غطاك من شَيْء. الْمَعْنى: بل لَو شهِدت. الأَصْل تكممت، مثل: تقصيت، وَالْأَصْل تقصصت.
مك: مَكَّة مَعْرُوفَة، وَقد مر تَفْسِيرهَا. وَقيل: إِنَّهَا سميت مَكَّة لِأَنَّهَا تمك من ألحد فِيهَا: وَقَالَ الراجز:
(يَا مَكَّة الْفَاجِر مكي مكا ... وَلَا تمكي مذحجا وعكا)
وَسمعت كلابيا يَقُول لرجل يعنته: قد مككت روحي} أَرَادَ أَنه أخرجه بلجاجه فِيمَا أشكاه. وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: " لَا تمككوا غرماءكم "، يَقُول: لَا تلحوا عَلَيْهِم إلحاحاً يضر بمعايشهم وَلَا تأخذوهم على عسرة وأنظروهم إِلَى مسيرتهم. وأصل هَذَا مَأْخُوذ من مك الفصيل مَا فِي ضرع النَّاقة وامتكه، إِذا لم يبْق فِيهِ من اللَّبن شَيْئا. والمك: مص الثدي. وَمِنْه قيل للرجل

(9/344)


اللَّئِيم الَّذِي يرضع الشَّاة من لؤمه: فَكَانَ وملجان ومصان. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: تَقول الْعَرَب: قبح الله است مَكَان، وَذَلِكَ إِذا أَخطَأ إِنْسَان أَو فعل فعلا قبيحاً دعِي عَلَيْهِ بِهَذَا. وَيُقَال: مككت المخ مكا، وتمككته وتمخخته وتمخيته: إِذا استخرجته فأكلته، فَهُوَ المكاكة والمكاك. وَقَالَ اللَّيْث: المكوك: طاس يشرب بِهِ، والمكوك: مكيال لأهل الْعرَاق، وَجمعه مكاكيك. وَهُوَ صَاع وَنصف وَهُوَ ثَلَاث كيلجات. والمكاء: طَائِر، وَجمعه مكاكي. وَلَيْسَ المكاء من بَاب المضاعف، وَلكنه من المعتل بِالْوَاو، من مكا يمكو: إِذا صفر. نِهَايَة الْجُزْء التَّاسِع ويتلوه إِن شَاءَ الله الْجُزْء الْعَاشِر تَهْذِيب اللُّغَة المجلد السَّادِس الْجُزْء الْحَادِي عشر

(9/345)