تهذيب اللغة

كتاب (الثلاثي) المعتل من حرف الْقَاف [/ كت]
ق ك (وايء)
مهمل.

(بَاب الْقَاف وَالْجِيم)
ق ج (وايء)
اسْتعْمل من وجوهه: لجوق.
جوق: قَالَ اللَّيْث: الجَوْق: كلُّ قطيع من الرُّعاة أَمرهم وَاحِد.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: يُقَال فِي وَجهه: شَدَق وجَوَق، أَي: مَيَل. وَقد جَوِق يَجْوق جَوَقاً فَهُوَ أجْوَقُ وجَوِقٌ.
وَقَالَ: عَدُوٌّ أجْوَقُ الفكِّ، أَي: مائل الشِّدق، وَجمعه جَوَقة.

(بَاب الْقَاف والشين)
ق ش (وايء)
قشا، وقش، وشق، شقا، شقأَ، شوق، شيق.
قشا: قَالَ اللَّيْث: قَشوْت القضيبَ، أَي: خَرطْته وَأَنا أَقْشُوه قَشْواً فَأَنا قاشٍ وَالْمَفْعُول مَقْشُوّ.
قَالَ: والقاشر فِي كَلَام أهل السوَاد: الفَلْسُ الرَّديء.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ يُقَال: دِرْهَم قَشِيّ، مِثل رجلٍ دَعِيّ.
قَالَ الْأَصْمَعِي: كأنَّه إِعْرَاب قاشي.
وَقَالَ اللَّيْث: القَشْوة: قُفّة يكون فِيهَا طِيب الْمَرْأَة.
وَأنْشد:
لَهَا قَشْوةٌ فِيهَا مَلابٌ وزَنْبَقٌ
إِذا عَزَبٌ أَسرَى إِلَيْهَا تَطيَّبا
قلتُ: والقَشوة: شبه العَتِيدة المغشَّاة بجِلد، وجمعُها قِشاء وقَشَوات.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَقشَى الرجُل: إِذا افتقَر بعد غِنًى. وَقَالَ رجل دخل على معاويةَ فَرَأى فِي يَدِه لِياءً مُقَشًّى.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: اللِّيا بِالْيَاءِ،

(9/166)


واحدتُه لِياءة، وَهُوَ اللّوبِياء واللُّوبياج.
قَالَ: وَيُقَال للصبيَّة المليحة: كأنَّها لِياءةٌ مَقْشُوّة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْفراء: المُقَشَّى هُوَ المُقَشَّر؛ يُقَال مِنْهُ: قَشَوْتُ العَوْدَ وغيرَه: إِذا قَشَرْتَه، فَهُوَ مَقْشُوٌّ، وقشَّيْتُه فَهُوَ مُقَشَّى.
وَقَالَ فِي اللِّياء نَحْو مَا قَالَ ابْن الأعرابيّ.
ورَوَى أَبُو تُرَاب عَن أبي سعيدٍ الضّرير أَنه قَالَ: إنَّما هُوَ اللِّباء الَّذِي يُجعل فِي قِداد الجَدْي. وَجعله تصحيفاً من المحدِّث.
وَقَالَ أَبُو سعيد: اللبأ: يُحلب فِي قداد، وَهِي جُلُود صغَار المعزى ثمَّ يملّ فِي الملّة حَتَّى يَيْبَس ويجمد ثمَّ يخرج وَيُبَاع كَأَنَّهُ الجُبْن، فَإِذا أَرَادَ الْآكِل أكله قَشَا عَنهُ الإهابَ الَّذِي طُبِخ فِيهِ، وَهُوَ جلدُ السَّخلة الَّذِي جُعِل فِيهِ.
قَالَ أَبُو تُرَاب: وَقَالَ غَيره: هُوَ اللِّياء بِالْيَاءِ، وَهُوَ مِن نَبات اليَمَن، وربَّما نَبَتَ بالحجاز فِي الخِصْب، وَهُوَ فِي خِلْقَة البَصَلة وقَدْر الحِمَّصة، وَعَلِيهِ قُشورٌ رِقاقٌ، إِلَى السوَاد مَا هُوَ، يُقْلَى ثمَّ يُدْلَك بِشَيْء خَشِنٍ كالمِسْح وَنَحْوه فَيخرج مِن قِشره فيؤكل بَحْتاً، وربّما أكِل بالعَسَل وَهُوَ أَبيض، وَمِنْهُم من لَا يَقْليه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: القَشَا: البُزَاق.
قَالَ: والقَشْوة: حُقّةُ النُّفَساء.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القَشْوانة: الدَّقيقة الضعيفة من النِّسَاء.
وقش: أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أنّه قَالَ: رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (دخلتُ الجنّة فسمِعتُ وَقْشاً خَلْفي، فإذَا بِلال) .
وَقَالَ مَالك بن نُوَيْرَة:
وَكنت مَتى ألْقَ الجُهينيّ لم يزل
لَهُ وقَشٌ فِي دَاخل الْقلب واغرُ
يُرِيد: حَرَكَة الحقد. وَقد توقَّشَ زمعٌ فِي فُؤَادِي: إِذا تحرَّك.
وَقَالَ ذُو الرمة:
فدع عَنْك الصّبا وَعَلَيْك همّا
توقَّشَ فِي فُؤَادك واحتيالا
وَقَالَ:
تسمعُ للرِّيح بهَا أوقاشا
أَي: أصواتاً.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال: سمَعت وَقْش فلَان، أَي: حَركْتَه.
وَأنْشد:
لأخفافها بِاللَّيْلِ وَقْشٌ كَأَنَّهُ
على الأَرْض تَرسَاف الظِباء السّوانِح

(9/167)


أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الوَقْشة والوقْش: الْحَرَكَة.
أَبُو تُراب سمعتُ مبتكِراً يَقُول: الوَقَش.
والوَقَصُ: صغَار الْحَطب الَّذِي يُشَيّع بِهِ النَّار.
وشق: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه أُتِيَ بوشيقة يابسة من لحمِ صَيْد فَقَالَ: (إِنِّي حَرامٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الوَشيقة: اللّحمُ يُؤْخَذ فيُغْلى إغلاءةً وَيحمل فِي الْأَسْفَار وَلَا يُنضَج فيتهرّا. وَزعم بَعضهم أَنه بِمَنْزِلَة القَديد لَا تَمَسُّه النَّار. يُقَال مِنْهُ: قد وشَقْتُ اللحمَ أَشِقُه وَشْقاً، واتّشَقَتْ اتِّشاقاً.
وَأنْشد:
إِذا عَرَضتْ مِنْهَا كَهاةٌ سَمِينَةٌ
فَلَا تُهْدِمنها واتَّشِقْ وتَجَبْجَبِ
عَمْرو عَن أَبِيه: الوَشيق: القَدِيد وَكَذَلِكَ المُشنَّق.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَشِيق: لحمٌ يُقَدَّد حتّى يَقِبَّ وتَذهب نُدُوّتُه، وَلذَلِك سُمِّي الكابي واشقاً، اسمٌ لَهُ خاصّة.
وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة: أنَّ الْمُسلمين أخطأوا بِأَبِيهِ اليَمَانِ فتَواشَقُوه بِأَسْيَافِهِمْ، أَي: قطَّعوه كَمَا يقطَّع اللحمُ إِذا قُدّد.
شقا: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: شَقِيَ شَقاءً وشقاوة وشِقْوة.
وَقَالَ غَيره: شاقَيْتُ فلَانا مُشاقاة: إِذا عاشرتَه وعاشَرَك.
والشَّقاء: الشدّة والعُسْر، وشاقيتُهُ، أَي: صابَرْتُه.
وَقَالَ الراجز:
إِذا يُشاقِي الصّابراتِ لَم يَرِثّ
يَكادُ مِن ضَعْف القُوَى لَا يَنْبعِثْ
يَعْنِي جَمَلاً يُصابِر الجَمالِ مَشْياً.

وَيُقَال: شاقيتُ ذَلِك الأمرَ بِمَعْنى عانَيتُه.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا} (الْمُؤْمِنُونَ: 106) ، وَهِي قِرَاءَة عَاصِم وأهلِ الْمَدِينَة.
قَالَ الْفراء: وَهِي كثيرةٌ فِي الْكَلَام. وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: (شَقَاوَتَنا) .
قَالَ: وأنشدني أَبُو ثرْوان:
كلِّف مِن عَنائه وشِقْوتِهْ
بنتَ ثَمَانِي عَشْرةٍ من حجَّته
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: المُشاقاة: المعالَجة فِي الحَرْب وَغَيرهَا.
شقأ: أَبُو زيد: شَقأَ النابُ تَشْقَأ شَقْأَ وشُقُوءاً: إِذا طلعتْ وَيُقَال: شَقأ رأسَه بالمُشْط شَقْئاً وشُقوءاً: إِذا فَرّقه. قَالَ: والمَشقأ: المَفرِق. والمِشقاء: المُشْط.
وَقَالَ اللَّيْث نَحوه: قَالَ: والمِشْقأة: المِدراة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المِشْقأ، والمِشْقاء،

(9/168)


والمِشْقَى مَقْصُور غير مَهْمُوز: المُشْط.
أَبُو ترَاب عَن الْأَصْمَعِي: إبِلٌ شُوَيقِئة وشُويكئة حِين يطلع نابُها، مِن شقأ نابُهُ وشَكَأ وشاكَ أَيْضا.
وَأنْشد:
شُوَيْقِيّة النابَيْنِ تَعدِلُ دَفَّها
بأفْتَلَ من سَعَدانة الزَّورِ بائنِ
وَقَالَ آخر:
على مستظَلاّت العُيون سَواهِمٍ
شُوَيْكِئةٍ يكْسُو بُراها لُغامُها
شوق: قَالَ اللَّيْث: الشَّوْقُ يُقَال مِنْهُ: شاقَني حُبُّها وذِكرُها يَشُوقُني، أَي: يَهيجُ شوقي. وَقد اشتاق اشتياقاً.
أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا قَرَأت بخطّه لِابْنِ بُزُرج: شُقْتُ القِرْبَة أشُوقُها: نَصَبْتُها إِلَى الْحَائِط، فَهِيَ مَشوقةٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الشَّوْق: حَرَكَة الْهوى، والشُّوَّق: العُشّاق.
يُقَال: شُقْ شُقْ: إِذا أمرتَه أَن يشوِّق إنْسَانا إِلَى الْآخِرَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الأُشَّق هُوَ الأُشَّجُ، وَهُوَ دَوَاء كالصَّمغ، دخيل فِي الْعَرَبيَّة.
شيق: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الشِّيق: الشّقّ فِي الْجَبَل.
والشِّيقُ: مَا حَدَث. والشِّيقُ: مَا لم يَزَلْ. والشِّيق: رَأس الأُدَاف. والشِّيق: شَعَر ذَنَب الفَرَس.
والشِّيق: ضَرْبٌ من السَّمَك.
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّيق: شَعَر ذَنَب الدَّابَّة، الْوَاحِدَة شِيقَة.
والشِّيق: سُقْعٌ مستوٍ دَقِيق فِي لهِبْ الجبَل، لَا يُسْتَطَاع ارتقاؤه.
وَأنْشد:
إحْلِيلُها شَقٌّ كشَقّ الشِّيقِ

(بَاب الْقَاف وَالضَّاد)
ق ض (وايء)
قضي، قوض، قيض، ضيق، قضأ، ضقى.
قضي: عَمْرو عَن أَبِيه: قَضَّى الرجُل: إِذا أكل القَضَى، وَهُوَ عَجَم الزَّبيب.
قَالَ ثَعْلَب: هُوَ بِالْقَافِ.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وَقَالَ الله: {وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِىَ الاَْمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ} (الْأَنْعَام: 8) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: معنى قُضي الْأَمر: أُتمَّ إهلاكُهم.
قَالَ: وَقضى فِي اللُّغَة على ضرُوب كلُّها تَرجع إِلَى معنى انْقِطَاع الشيءِ وتمامِه، وَمِنْه قَوْله جلّ وعزّ: {ثُمَّ قَضَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَجَلاً} (الْأَنْعَام: 2) ، مَعْنَاهُ: ثمَّ حَتَم بذلك وأتمَّه. وَمِنْه الْأَمر، وَهُوَ قَوْله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلاَّ إِيَّاهُ} (الْإِسْرَاء: 23) ، مَعْنَاهُ:

(9/169)


أَمر، لأنّه أَمرٌ قَاطع حَتْم.
وَمِنْه الْإِعْلَام، وَهُوَ قَوْله: {وَقَضَيْنَآ إِلَى بَنِى إِسْرَاءِيلَ فِى الْكِتَابِ} (الْإِسْرَاء: 4) ، أَي: أعلمناهم إعلاماً قَاطعا.
وَمِنْه الْقَضَاء الفَصْلُ فِي الحكم، وَهُوَ قَوْله جلّ وَعز: {بَيْنَهُمْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِىَ} (الشورى: 14) ، أَي: لفُصِل الحكم بَينهم.
وَمثل ذَلِك قَوْلهم: قد قَضَى القَاضِي بَين الخُصوم، أَي: قد قَطع بَينهم فِي الحكم.
قَالَ: ومِن ذَلِك قد قَضَى فلانٌ دَيْنَه، تَأْوِيله قد قَطَع بالعَزيمة عَلَيْهِ وأدَّاه إِلَيْهِ، وقَطع مَا بَينه وبينَه.
وكلُّ مَا أُحكِم فقد قُضِيَ.
تَقول: قد قضيتُ هَذَا الثوبَ، وَقد قضيتُ هَذِه الدارَ: إِذا عَمِلْتَها وأحكمت عَملهَا.
قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
وَعَلَيْهِمَا مسرودتان قضاهما
داودُ أَو صَنَعُ السَّوابغِ تُبَّعُ
وَمِنْه قَوْله جلّ وعزّ: {طَآئِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِى يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِى كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ} (فصلت 12) ، أَي: فَخَلَقهن وعَملهنَّ وصَنَعهنَّ.
قَالَ اللَّيْث: تَقول: قضى الله عهدا، مَعْنَاهُ: الوصيّة.
وَبِه يفسَّر: وقضينا إِلَى بني إِسْرَائِيل.
قَالَ: وَقضى، أَي: حكم، وقضَى فلانٌ صلَاته، أَي: فرغ مِنْهَا.
وَقضى عبرتَه، أَي: أخرجَ كلّ مَا فِي رَأسه.
وَقَالَ أَوْس:
أم هَل كَبِير بَكَى لم يقضِ عَبرتَه
إِثْر الأحبّةِ يومَ البينِ معذورُ
أَي: لم يخرج كل مَا فِي رَأسه.
وَقَالَ أَبُو بكر: قَالَ أهل الْحجاز: القَاضِي فِي اللُّغَة مَعْنَاهُ: الْقَاطِع للأمور الْمُحكم لَهَا.
قَالَ الله: فقضاهنَّ سبع سمواتٍ فِي يَوْمَيْنِ، أَرَادَ فقطعهنَّ وَأحكم خلقهنَّ.
قَالَ: وَالْقَضَاء بِمَعْنى الْعَمَل.
قَالَ الله تَعَالَى: {فَاقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ} (طه: 72) مَعْنَاهُ: فاعملْ مَا أَنْت عَامل. وَالْقَضَاء: الحكم. وَالْقَضَاء: الْأَمر.
قَالَ الله تَعَالَى: {وَقَضَى رَبُّكَ} (الْإِسْرَاء: 23) ، أَي: أَمر رَبك.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَوْله: {عِبَادِىَ الشَّكُورُ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الاَْرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن} (سبأ: 14) ، أَي: أَتَى عَلَيْهِ.
قَالَ: والانقضاء: ذَهاب الشَّيْء وفَناؤه، وَكَذَلِكَ التَقضِّي.
وَأما قَوْله جلّ وَعز: {ثُمَّ اقْضُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلَىَّ وَلاَ تُنظِرُونَ} (يُونُس: 71) .
فَإِن أَبَا إِسْحَاق قَالَ: ثمَّ افعلوا مَا تُرِيدُونَ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {ثُمَّ اقْضُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلَىَّ} ،

(9/170)


مَعْنَاهُ: ثمَّ امضوا إليّ، كَمَا يُقَال قد قَضَى فلانٌ يُرَاد قد مَاتَ ومَضَى.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: هَذَا مِثل قَوْله فِي سُورَة هود (55) . قَالَ هودٌ لِقَوْمِهِ: {فَكِيدُونِى جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ} .
يَقُول اجهَدوا جهدَكم فِي مكايدتي والتألُّبِ عليّ.
وَلَا تنظروني، أَي: لَا تمهِلوني.
قَالَ: وَهَذَا من أقوى آيَات النبوّة: أَن يَقُول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِقَوْمِهِ وهم متعاوِنون عَلَيْهِ: افعلوا بِي مَا شِئْتُم.
وَقَالَ أَبُو عبيد: القَضَّاء من الدُّرُوع: الَّتِي قد فُرِغ مِنْ عَمَلها وأحكِمتْ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤيب:
وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودتان قضاهما
داودُ أَو صَنَعُ السَّوابغِ تُبَّعُ
قَالَ: والفِعل من القَضَّاء: قَضَيتها.
قلت: جعل القَضَّاء فَعَّالاً مِنْ قَضَى. وغيرُه: تُجعل القضّاء فَعْلاء مِن قَضَّ يَقَضُّ وَهِي الجديدُ الخَشِنة، مِن إقضاض المَضْجَع.
وَيُقَال: تقاضَيتُه حَقِّي فقضانيه، أَي: تَجَازيْتُه فَجزَانِيه.
وَيُقَال: اقتضيتُ مالِي عَلَيْهِ، أَي: قبضتْهُ وأخذتُه.
واستُقضِيَ فلانٌ، أَي: جُعل قَاضِيا يَحْكم بَين النَّاس.
والقاضية من الْإِبِل: مَا يكون جَائِزا فِي الدِّيَةِ والفريضةِ الَّتِي تجب فِي الصَّدَقة.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
لَعَمْرُكَ مَا أَعانَ أَبُو حَكِيم
بقاضيةٍ وَلَا بَكْر نجيبِ
وَيُقَال: اقتَتَل القومُ فقَضَّوا بَينهم قَواضِي وَهِي المَنايا.
قَالَ زُهَير:
فقَضَّوا مَنَايا بينهمْ ثمَّ أصدَرُوا
وَيُقَال: قَضَى بَينهم قضيّةً وقَضايا. والقَضايا: الْأَحْكَام، واحدتها قضِيّة.
وَقَالَ اللَّيْث: القاضية: المنيّة الَّتِي تقضِي وَحِيّاً.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: مِن نَبَات السَّهْل الرِّمْث والقِضَة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يجمع القِضَة قِضِينَ، وَأنْشد:
بساقَينِ ساقَيْ ذِي قِضينَ تحُشُّه
بأعواد رَنْدٍ أَو ألاويةً شُقْرا
قوض: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ} (الْكَهْف: 77) ، وقرىء: (ينقاضَ) و (ينقاصَ) بالضاد وَالصَّاد.
فَأَما ينقصُّ فيَسقُط بسرعةٍ، من انقضاض الطير، وَهَذَا مِن المضاعَفِ. وأمَّا ينقاضُ فإِنَّ المنذريَّ أَخْبرنِي عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السكِّيت أَنه قَالَ: قَالَ عَمْرو: انقاضَ وانقاضَّ وَاحِد، أَي: انشقَّ طُولاً.

(9/171)


قَالَ: وَقَالَ الأصمعيَّ: المُنْقَاضُ: المُنْقَعِر من أصلِه. والْمُنْقاضُّ: المنشقُّ طولا.
يُقَال: انقاضَت الرَّكِيَّةُ وانقاضَت السِنُّ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: انقضَّ الْجِدَار انقضاضاً وانْقاضَ انقياضاً، كِلَاهُمَا إِذا تَصدَّع من غير أَن يَسقُط، فإِن سَقَط قيل: تقيَّضَ تقيُّضاً وتقوَّضَ تقوُّضاً، وَأَنا قَوَّضْتُه.
حَدثنَا السَّعْدِيّ قَالَ: حَدثنَا العطاردي قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ عَن الْحسن بن سعد عَن عبد الرَّحْمَن بن مَسْعُود عَن أَبِيه قَالَ: كنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فنزلنا منزلا فِيهِ قَرْيَة نمل، فأحرقناها فَقَالَ لنا: (لَا تعذِّبوا بالنَّار فَإِنَّهُ لَا يُعذِّب بالنَّار إلاّ ربُّها) .
قَالَ: ومررنا بشجرة فِيهَا فرخَا حُمَّرةٍ فأخذناهما فَجَاءَت الحمرةُ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهِي تقَوِّضُ، فَقَالَ: (مَن فَجَعَ هَذِه بفرخيها؟) قَالَ: فَقُلْنَا: نَحن. فَقَالَ: (ردّوهما) . قَالَ: فرددناهما إِلَى موضعهما.
قَالَ الْأَزْهَرِي: قَوْله: (تقوَّضُ) ، أَي: تَجِيء وَتذهب وَلَا تقَرَّ.
قَالَ: وتقيّضَت الْبَيْضَة تقيُّضاً: إِذا تكسَّرتْ فِلَقاً، فإِذا تَصَدَّعتْ وَلم تُفَلَّق قيل: انقاضتْ فَهِيَ مُنْقَاضَة. قَالَ: والقارُورة مِثْلُه. والقَيْض: مَا تَفلَّق من قُشور البَيْض.
اللَّيْث: قوَّضْتُ البناءَ: إِذا نَقَضْتَه من هَدْم. وقَوَّضَ القومُ صُفُوفَهم، وتقوَّضَت الصُّفوف وانقاضَ الْحَائِط: إِذا انهَدَم مكانَه من غير هَدْم، فأمَّا إِذا دُهْوِرَ فسَقَط فَلَا يُقَال إلاّ انقضَّ انقضاضاً.
قَالَ: والقيْض: البَيْض الَّذِي قد خرج فَرْخُه وماؤه كلُّه. وَقد قاضَها الفَرْخُ وقاضَها الطَّائِر، أَي: شقَّها عَن الفرخ فانقاضَتْ، أَي: انشقّت. وَأنْشد:
إِذا شئتَ أَن تَلقىَ مَقِيضاً بقَفْرَةٍ
مفلَّقةٍ خِرشاؤها عَن جَنِينِها
وبئر مَقِيضة: كَثِيرَة المَاء. وَقد قِيضَتْ عَن الجَبْلة.
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: انقاضَت الْبِئْر: انهارتْ.
وَقَالَ غَيره: انقاضت: تكسَّرت.
أَبُو تُرَاب عَن مصعبٍ الضِّبابي: تقوَّزَ البيضُ وتَقَوَّضَ: إِذا انهدَم، سواءٌ كانَ بيتَ مَدَرٍ أَو شَعَر.
حَدثنَا السَّعْدِيّ قَالَ: حَدثنَا ابْن قهزاذ قَالَ: أخبرنَا ابْن شُمَيْل عَن عَوْف عَن أبي المنْهال عَن شهر بن حَوْشَب عَن ابْن عبّاس قَالَ: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة مُدَّت الأَرْض مَدَّ الأَدِيم وزِيدَ فِي سَعَتِها، وجُمع الخَلْقُ إنْسُهم وجِنُّهم فِي صعيدٍ وَاحِد، فَإِذا كَانَ ذَلِك قِيضَتْ هَذِه السَّماءُ الدُّنْيَا عَن أَهلهَا فنُثِرُوا على وَجه الأَرْض، ثمَّ

(9/172)


تُقاضُ السمواتُ سَمَاء فسَماءً، كلَّما قِيضَتْ سَماءٌ كَانَ أَهلهَا على ضِعف مَنْ تحتهَا حَتَّى تقَاضَ السابعةُ. فِي حَدِيث طَوِيل.
قَالَ شمر: قِيضَتِ السماءُ، أَي: نُقِضَتْ، يُقَال: قُضْتُ البِناءَ فانقاضَ.
وَقَالَ رؤبة:
أَفرَخَ قَيضُ بَيْضها المُنقاضِ
قيض: وَمن ذَوَات الْيَاء، قَالَ أَبُو عبيد هما قَيْضان، أَي: مِثلان. وقايضْتُ الرجلَ مقايضة: إِذا عاوَضتَه بمتاع. وقيَّض الله فلَانا لفُلَان: جَاءَ بِهِ. قَالَ الله: {لِلْمُتَّقِينَ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَانِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} (الزخرف: 36) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي: نسبِّبْ لَهُ شَيْطَانا يَجْعَل الله ذَلِك جزاءه. قَالَ: وَمعنى قَوْله جلَّ وعزَّ: {الْمُعْتَبِينَ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ} (فصلت: 25) ، أَي: سبَّبْنَا لَهُم من حَيْثُ لم يَحتَسبوه.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: تَقَيّضَ فلانٌ أَبَاهُ تَقَيّلَه تَقَيضاً وتَقَيُّلاً: إِذا نزع إِلَيْهِ الشَّبَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: القَيْض: العِوَض القَيْض: التَّمْثِيل.
يُقَال قاضَ يَقِيضُ: إِذا عاضَه.
والمقايضة فِي البيع شبه الْمُبَادلَة، مَأْخُوذ من القيض، وَهُوَ الْعِوَض. وهما قيضانِ، أَي: مثلان.
قَالَ: وقَيّضَ إبِلَه: إِذا وَسَمَها بالقَيِّض، وَهُوَ حَجَر يُحْمَى.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: زَعَمُوا أنَّ أَبَا الْخطاب قَالَ: القَيِّضة: حُجَيرٌ يُكوَى بِهِ نُقْرةُ الغَنَم.
قَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال: لسانُه قَيِّضَةٌ، الْيَاء شَدِيدَة.
قضأ: قَالَ أَبُو عبيد عَن الأمويِّ: قضِئتُ الشَّيْء أقضؤه: إِذا قَضئتْ عينُه تَقْضأُ قَضأً، وَذَلِكَ إِذا قَرِحَتْ وفَسَدَتْ، وَكَذَلِكَ يُقَال للقِرْبة إِذا فَسَدتْ أَو عَفِنَتْ. القُضْأَة الِاسْم.
وَيُقَال للرجل إِذا نَكَحَ فِي غير كَفاءة: نَكَح فِي قُضْأة.
وَيُقَال: مَا عَلَيْك فِي قُضْأَة، أَي: ضَعَة.
وَقَالَ ابنُ بزرج: يُقَال: إِنَّهُم ليتقَضَّؤون مِنْهُ أَن يزوّجوه. يَقُول: يَسْتَخِسُّون حَسَبه، مِن القُضْأَة.
ضقي: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: ضَقَى الرجل: إِذا افْتقر. وقَضَى: إِذا مَاتَ. وقَضَى: إِذا أَمَرَ.
ضيق: قَالَ اللَّيْث: تَقول: ضاقَ الأمرُ وَهُوَ يَضيق ضِيقاً، وَهُوَ أَمر ضَيِّق. وفلانٌ مِن أمرِه فِي ضِيق، أَي: فِي أمرٍ ضَيِّق، وَالِاسْم ضَيْق. وضَيْقة: منزل للقَمَر بِلِزْق الثُّريّا ممّا يَلِي الدَّبَران، تَزعمُ العَرَب أنّه نَحْسٌ.
قلت: وأمَّا قَول الشَّاعِر:

(9/173)


بضَيقةَ بينَ النجمِ والدَّبَرَانِ
فَإِنَّهُ جعل ضيقةَ معرفَة، لِأَنَّهُ جعله اسْما علما لذَلِك الْموضع، وَلذَلِك لم يَصْرفه.
الحرَّاني عَن ابْن السّكيت: يُقَال: فِي صدر فلَان ضِيقٌ وضَيْق، ومكانٌ ضيِّق وضَيْق. والضَّيْق: الْمصدر. والضَّيَق بِفَتْح الْيَاء: الشَّكّ. والضِّيقة مثل الضّيق. وَأنْشد:
بضيْقَةِ بَين النَّجمِ والدَّبَرَانِ
بِكَسْر الْهَاء جَعله ضيِّقاً وَلم يَجعله اسْما لموضعٍ، أَرَادَ بضيْقِ مَا بَين النَّجم والدبَرَان.
قلت: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضَّيَق محركة الْيَاء: الشكّ. والضَّيْق بِهَذَا الْمَعْنى أَكثر وَأفْشى.
وَقَالَ الفراءُ فِي قَول الله: {وَلاَ تَكُ فِى ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ} (النَّحْل: 127) .
قَالَ: الضّيْق: مَا ضَاقَ عَنهُ صدرُك، والضِّيقُ: مَا يكون فِي الَّذِي يتَّسع ويضيق، مِثل الدَّار وَالثَّوْب.
قَالَ: وَإِذا رأيتَ الضَّيْق قد وقَع فِي مَوضِع الضِّيق كَانَ على أَمريْن:
أَحدهمَا: أَن يكون جَمْعاً للضَّيْقة، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
كشَفَ الضَّيْقَة عَنَّا وفَسَحَ
وَالْوَجْه الآخر: أَن يُرَاد بِهِ شيءٌ ضَيِّق فَيكون ضَيْقاً مُخَفَّفاً، وَأَصله التَّشْدِيد، وَمثله هَينٌ لَينٌ.
وَيُقَال: أضاقَ الرجلُ فَهُوَ مُضِيق: إِذا ضاقَ عَلَيْهِ مَعاشُه.
وَقَالَت امْرَأَة لضرّتها وَهِي تُسامِيها:
مَا أنتِ بالخُورَى وَلَا الضُّوقى حِرَا
الضُّوقى: فُعْلَى من الضِّيق، وَهِي فِي الأَصْل الضِّيقَى فقُلبت الْيَاء واواً من أجل الضمّة، والخُورَى: فُعْلى مِن الْخَيْر، وَكَذَلِكَ الكُوسَى فُعلَى مِن الكَيْس.
والمَضايق: جمعُ الْمضيق. والمُضايقة: مُفاعلةٌ من الضِّيق.

(بَاب الْقَاف وَالصَّاد)
ق ص (وايء)
قصا، قيص، وقص، صيق، صوق.
قصا: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: القَصْو: قَطْع أذُن الْبَعِير، يُقَال: نَاقَة قَصْواء وبعيرٌ مَقْصُوٌّ، هَكَذَا يَتَكَلَّمُونَ بِهِ، وَكَانَ الْقيَاس أَن يَقُولُوا: بعيرٌ أقْصَى فَلم يَقُولُوا.

(9/174)


قَالَ أَبُو بكر: القصَا: حذف فِي أذن النَّاقة، مَقْصُور، يكْتب بِالْألف. وناقة قصواء وبعير مقصيّ ومقصُوّ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد قَالَ: القَصْواء من الشاءِ: المقطوعُ طرفُ أذنِها.
وَقَالَ الْأَحْمَر: المُقَصَّاة من الْإِبِل: الَّتِي شُقّ من أذنها شَيْء ثمَّ تُرِك مُعَلَّقاً.
وَقل الله جلّ وعزّ: {إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُم بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} (الْأَنْفَال: 42) .
قَالَ الْفراء: الدُّنْيَا مِمَّا يَلِي الْمَدِينَة، والقُصْوى مِمَّا يَلِي مَكَّة.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: مَا كَانَ من النُّعوت مِثل العُليا والدُّنيا فإِنه يَأْتِي بِضَم أوَّله وبالياء، لأَنهم يستثقلون الْوَاو مَعَ ضمّة أَوله، فَلَيْسَ فِيهِ اخْتِلَاف، إلاّ أنّ أهل الْحجاز قَالُوا: القُصْوَى فأظهروا الْوَاو، وَهُوَ نَادِر، وأخرجوه على الْقيَاس إذْ سَكَن مَا قَبْل الْوَاو، وَتَمِيم وغيرُهم يَقُولُونَ: القُصْيَا.
اللَّيْث: كلُّ شَيْء تَنحَّى عَن شَيْء فقد قَصا يقصو قُصُوّاً فَهُوَ قاصٍ. والقاصية مِن النَّاس وَمن الْمَوَاضِع: مَا تَنحَّى. والقصْوَى والأقصى، كالأكبر والكبْرى.
أَبُو زيد: قصَوْتُ البعيرَ: إِذا قطعتَ أُذُنه، وناقة قَصْواء وبعيرٌ مقصُوٌّ على غير قِيَاس.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للفَحْل: هُوَ يَحْبو قَصا الْإِبِل: إِذا حفِظها من الانتشار. وَيُقَال: تقصَّاهم، أَي: طَلَبهمْ وَاحِدًا وَاحِدًا من أَقْصَاهُم.
وَيُقَال: حاطهم القصا مَقْصُورا، يَعْنِي كَانَ فِي طُرَّتهم لَا يَأْتِيهم. وَقَالَ غَيره: حاطهم القصا، أَي: حاطَهُم من بعيد وَهُوَ يبصرهم ويتحرَّز مِنْهُم، وَمِنْه قَول بشر بن أبي خازم:
فحَاطُونا القَصا وَلَقَد رَأَوْنا
قَرِيبا حَيْثُ يُستَمَع السرَار
وَيُقَال: أقصاه يُقصيه، أَي: باعَدَه، وَيُقَال: هَلُمّ أقاصيك أيُّنا أبعَدُ من الشرِّ. يُقَال: قاصيتُه فقصَوْتُه.
والقصايا: خِيار الْإِبِل، واحدتها قَصِيَّة، وَهِي الَّتِي تُودَع وَلَا تُجْهَد فِي حَلَب وَلَا رُكوب، وَإِذا جُهِدت الإبلُ قيل فِيهَا: قَصايا.
وَيُقَال: نزلْنا منزِلاً لَا تُقْصِيه الْإِبِل، أَي: لَا تَبلعُ أقصاه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أقْصَى الرجلُ: إِذا اقتنَى القَواصِيَ مِن الْإِبِل وَهِي النِّهاية فِي الغَزارة والنّجابة. وَمَعْنَاهُ: أنَّ صَاحب الْإِبِل: إِذا جاءَ المصدِّق أقصاها، ضِنّاً بهَا. وأقصى: إِذا حَفِظ قَصَا العَسكر وقَصاءَه، وَهُوَ مَا حول الْعَسْكَر، وتقصَّيتُ الْأَمر واستقصيتُه.
وقص: قَالَ اللَّيْث: الوَقَص: قِصَرٌ فِي العُنق كَأَنَّهُ رُدّ فِي جَوْف الصَّدْر. وَرجل أوْقَص

(9/175)


وَامْرَأَة وَقْصاء.
وَتقول: وقَصْتُ رأسَه: إِذا غمَزْتَه سُفْلاً غمْزاً شَدِيدا، وربّما اندقَّت مِنْهُ العُنُق. والدابَّة تَذُبُّ بذَنبِها فَتَقص عَنْهَا الذُّباب وَقْصاً: إِذا ضَرَبْته بِهِ فقتَلْته. والدوابُّ إِذا سَارَتْ فِي رُؤُوس الإكام وقَصَتْها، أَي: كَسرتْ رؤوسَها بقوائمها.
وَفِي الحَدِيث: أنّ رجلا كَانَ وَاقِفًا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فوَقصَتْ بِهِ ناقتُه وَهُوَ مُحْرمٌ فِي أخَاقِيق جِرذان. فَمَاتَ.
قَالَ أَبُو عبيد: والوَقص: كَسْرُ العُنق، وَمِنْه قيل: للرجل أوقص، إِذا كَانَ مائل العُنُق قصيرَها. وَمِنْه يُقَال: وقصْتُ الشَّيْء: إِذا كسَرْتَه.
وَقَالَ ابْن مُقْبل:
فبعثتُها تَقِصُّ المقَاصِرَ بَعْدَمَا
كرَبتْ حَياةُ النارِ للمتنوِّرِ
أَي: تدُقّ وتكسِر يَعني نَاقَته.
وَقَالَ ابْن السكّيت: الوَقص: دَقُّ العُنق. والوَقْص: قصَر العُنق. والوَقَص أَيْضا: دِقاقُ العِيدان تُلقى على النَّار، يُقَال: وقِّصْ على نارِك.
قَالَ حُميد بن ثَور يصف امْرَأَة:
لَا تَصطلي النارَ إلاَّ مِجْمَراً أرِجاً
قد كَسّرَتْ مِن يَلَنْجوجٍ لَهَا وَقصَا
وَفِي حَدِيث عليّ: أَنه قضى فِي الواقصة والقامصَة والقارصَة وَهِي ثَلاث جوارٍ ركبت إحداهنّ الْأُخْرَى فقرصت الثَّالِثَة المركوبة فقمصت فَسَقَطت الراكبةُ فَقضى للَّتِي وَقصت، أَي: اندقَّ عُنُقهَا بِثُلثي الدِّية على صاحبتيها. والواقصة بِمَعْنى الموقوصة، كَمَا قَالُوا آشِرةٌ بِمَعْنى مأشورة، كَمَا قَالَ:
أناشِرُ لَا زَالَت يَمِينك آشِره
أَي: مأشورة.
وَفِي حَدِيث مُعاذ بن جَبَل: أَنه أُتِي بوَقَص فِي الصّدَقة وَهُوَ بِالْيمن، فَقَالَ: (لم يأْمرني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ بِشَيْء) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الوَقص: هُوَ مَا وَجَبَتْ فِيهِ الغَنم مِن فَرائض الْإِبِل فِي الصَّدَقة مَا بَين الخَمس إِلَى الْعشْرين.
قَالَ أَبُو عبيد: وَلَا أرَى أَبَا عمرٍ وحَفِظ هَذَا، لأنَّ سُنَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّ فِي خَمسٍ من الْإِبِل شَاة، وَفِي عَشْرٍ شاتَين إِلَى أَربع وَعشْرين فِي كلِّ خمس شَاة، ولكنَّ الوَقَصَ عندنَا مَا بَين الفَريضتين، وَهُوَ مَا زادَ على خمسٍ من الْإِبِل إِلَى تِسْع، وَمَا زَاد على عَشْر إِلَى أَربع عَشرة، وَكَذَلِكَ مَا فوقَ ذَلِك. وجمعُ الوَقَص أوقاص.
قَالَ أَبُو عبيد: وَبَعض العلماءِ يَجْعَل الأوْقَاصَ فِي الْبَقر خاصَّة، والأشناق فِي الْإِبِل خاصّة، وهما جَمِيعًا مَا بَين الفريضتين.
وَفِي الحَدِيث: (أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِيَ بفَرَس فرَكِبه، فَجعل يتوقَّص بِهِ) .

(9/176)


أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا نَزَا الفَرَسُ فِي عَدْوِه نَزْواً وَهُوَ يقارِبُ الخَطْو فَذَلِك التوقُّص، وَقد تَوَقَّصَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: التوقُّصُ: أَن يَقْصُر عَن الْخَبب، ويزيدَ على العَنَق، وَينْقُل قوائمه نَقْل الخَبَب، غير أنَّها أقرب قَدْراً إِلَى الأَرْض، وَهُوَ يَرْمِي نفسَه ويَخُبْ.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: وقَصْتُ عُنقَه أقِصُها وَقْصاً، وَلَا يكون وقَصَت العُنُقُ نَفسهَا، إِنَّمَا هِيَ وُقِصَتْ.
قَالَ الْأَزْهَرِي: قَالَ ابْن السّكيت: الوَقَص: قِصَر العُنق.
قَالَ شمر: قَالَ خَالِد: وُقِص الْبَعِير فَهُوَ موقوص: إِذا أصبح داؤه فِي ظَهره لَا حَرَاك بِهِ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ العُنق وَالظّهْر فِي الوقْص.
قيص: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: قاصَتِ السِّنّ تَقِيص: إِذا تحرّكتْ. وَيُقَال: انقاصت.
وَقَالَ غَيره: انقاصت السنُّ: إِذا انشقت طُولاً، وَكَذَلِكَ انقاصَتِ الركيَّة.
وَأنْشد ابْن السكّيت:
يَا رِيَّها مِن بارِدٍ قَلاّصٍ
قد جَمَّ حَتَّى هَمَّ بانقياص
وتقيَّصَت الحِيطانُ: إِذا مالتْ وتقدّمتْ.
صيق: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: الصِّيق: الغُبار الجائل فِي الهواءِ. وَيُقَال: صِيقَةٌ.
وَأنْشد ابنُ الأعرابيّ:
لي كلَّ يومٍ صِيقَةٌ
فَوْقِي تأجَّلُ كالظِّلالَهْ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الصِّيق: الرّيح المنتنة، وَهِي من الدوابِّ.
وَقَالَ بَعضهم: هِيَ كلمة معرّبة، أَصْلهَا زِيقا بالعِبرانيَّة.
سَلمَة عَن الفرّاء قَالَ: الصِّيق: الصَّوْت. والصِّيقُ: الغُبار.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الصائق والصائك: اللازق.
قَالَ جَندَل:
أسوَدَ جَعْدٍ ذِي صُنَانٍ صائقِ

(بَاب الْقَاف وَالسِّين)
ق س (وايء)
قَوس، قيس، قسا، وَقس، وسق، سقِِي، سوق.
قَوس قيس: قَالَ اللَّيْث: القَوْس مَعْرُوفَة عجمية وعربيّة تُصَغَّرَ قُوَيْساً، والجميع القِياس وقِسِيّ، العَدَد أقواس.
أَبُو عبيد: جمْعُ الْقوس: قِياس.
قَالَ: وَهَذَا أقيَسُ مِن قَول مَن يَقُول قِسِيّ، لأنّ أَصْلهَا قَوْس، وَالْوَاو مِنْهَا قَبل السِّين، وَإِنَّمَا حُوّلت الْوَاو يَاء لِكسرةِ مَا قبلهَا، فَإِذا قلتَ فِي جمع القَوْس قِسِيّ أخّرْتَ الواوَ بعدَ السِّين، فالقِياس: جمعُ القَوْس، عِنْدِي أحسنُ من القِسِيّ.

(9/177)


وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَصْمَعِي: القِياس: الفَجَّاء.
وَقَالَ اللَّيْث: شيخٌ أقوَسُ: مُنحنى الظّهْر، وَقد قَوَّس الشيخُ تقويساً، وتقوّس ظهْرُه.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
أراهنُ لَا يُحْبِبْن مَن قَلَّ مالُه
ومَن قد رأيْنَ الشَّيْبَ فِيهِ وقَوّسا
وحاجبٌ مُسْتَقْوِسٌ ونُؤْيٌ مُسْتَقوِس، وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يَنْعَطِف انعطافَ القَوْس.
قَالَ والقَوْس: مَا يَبقَى فِي أَسْفَل الجُلّة من التَّمْر.
يُقَال: مَا بَقيَ إلاّ قوسٌ فِي أسفَلِها. وَقَالَهُ ابْن الأعرابيّ وَغَيره.
قَالَ اللَّيْث: والقُوس: رأسُ الصَوْمَعة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: رُوِي أَن عَمْرو بن معديكرَب قَالَ: (تضيَّفْتُ بني فلَان، فأَتَوْني بثور وقَوْسٍ وكَعْب) .
قَالَ: فالقَوْس: الشيءُ من التَّمر يَبقَى فِي أسفَل الجُلّة. والكَعْب: الشَّيْء الْمَجْمُوع من السَمْن يَبْقَى فِي النِّحْي. والثَّوْر: القِطْعة من الأقِط.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: القُوس، بِضَم الْقَاف: مَوضِع الرَّاهب.
قَالَ جرير:
وذُو المِسْحَيْنِ فِي القُوسِ
أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: المِقْوَس: الحَبْل الَّذِي يُصَفّ عَلَيْهِ عِنْد السِّياق وجمعُه مَقاوِس، وَيُقَال لَهُ: المِقْبصُ أَيْضا.
وَقَالَ أَبُو العِيال:
إنَّ البَلاءَ لَدَى المقَاوِسِ مُخْرِجٌ
مَا كانَ مِنْ غَيْبٍ ورَجْمِ ظُنُونِ
وَقَالَ اللَّيْث: قامَ فلانٌ على مِقْوَسٍ، أَي: على حِفاظ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: القُوسُ: صَوْمعة الراهب، وَهُوَ بَيت الصَّائِد.
قَالَ: والقُوس أَيْضا: زجْر الكلْب: إِذا خَسأته قلت: قُوسْ قُوسْ: فَإِذا دعوْتَ قلت: قُسْ قُسْ.
قَالَ: وقَوْقَسَ: إِذا أشلى الكلْبَ.
قَالَ: والقَوْس: الزَّمَان الصَّعب.
يُقَال: زمانٌ أقوَس وَقوِسٌ وقُوسِيّ: إِذا كَانَ صَعْباً. والأقوسُ مِن الرمل: المُشْرِف كالإطار.
وَقَالَ الراجز:
أُثنِي ثَناءً مِن بعيد المَحْدِس
مشهورةٌ تجتازُ جَوْزَ الأقْوَسِ
أَي: تقطع وسط الرمل. وجَوْزُ كلّ شَيْء: وسَطُه.
أَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: يُقَال: إِن الأرنب قَالَت: لَا يدَّريني إلاّ الأجْنَأَ الأقوَس، الَّذِي لَا يبدُرني وَلَا ييأس. قَوْله: لَا يدَّريني، أَي: لَا يختِلُني.
قَالَ: والأجنأ الأقوس: الداهية من

(9/178)


الرِّجَال. يُقَال: إِنَّه لأجنأ أقوس: إِذا كَانَ كَذَلِك.
قَالَ: وَبَعْضهمْ يَقُول: أحوَى أقوس، يُرِيدُونَ بالأحوى الألوى. وحَوَيْتُ ولويت وَاحِد.
وَأنْشد:
وَلَا يزَال وَهُوَ أَجْنى أقوس
يَأْكُل أَو يحسو دَمًا ويلحس
وَقَالَ اللَّيْث: المقايَسة: مُفاعَلةٌ من القِياس.
قَالَ: وَيُقَال: هَذِه خَشبةٌ قِيسُ إصبَع، أَي: قَدْرُ إِصْبَع. وَقد قاسَ الشيءَ يَقِيسُه قِياساً وقَيْساً، أَي: قَدْرَه. والمقياس: الْمِقْدَار.
قَالَ: والمقايَسة تجْرِي مجرَى المُقاساة، الَّتِي هِيَ معالجة الْأَمر الشَّديد ومُكابَدتُه، وَهُوَ مقلوبٌ حِينَئِذٍ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قاسَ الشيءَ يَقُوسُه قُوساً، لغةٌ فِي قاسَه يَقيسُه، يُقَال: قِسْتُه وقُسْتُه.
قَالَ ابْن السّكيت: قَالَ الْأَصْمَعِي: قست الشَّيْء أقيسه قيسا وَقِيَاسًا، وقُسته أقوسُه قوساً وَقِيَاسًا. وَلَا يُقَال أقسته بِالْألف.
وَيُقَال: قايسْتُ بَين الشَّيْئَيْنِ، أَي: قادَرْت بَينهمَا.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: يُقَال: هُوَ يَخْطو قِيساً، أَي: تجْعَل هَذِه الخُطوة مِيزان هَذِه الخُطوة. وَيُقَال: (قَصر مِقياسُك عَن مِقْياسي) ، أَي: مِثالُك عَن مثالي.
ورُوِي عَن أبي الدَّرْداءِ أنّه قَالَ: (خيرُ نِسَائِكُم الَّتِي تدخلُ قَيساً وتَخْرُج قَيْساً) . أَي: تُدَبّرُ فِي صَلاح بَيتهَا لَا تَخْرُقُ فِي مِهْنَتها.
وقاسَ الطبيبُ قَعْرَ الجِراحَة قَيْساً.
وَأنْشد:
إِذا قاسَها الآسي النِطاسيُّ أدبَرَتْ
غثِيثتُها وازدادَ وَهْياً هُزُومُها
قسا: قَالَ اللَّيْث: القَسْوةُ: الصَّلابة فِي كلِّ شَيْء وَالْفِعْل قَسَا يَقْسُو فهوَ قاسٍ. قَالَ: وَلَيْلَة قاسيةٌ: شَدِيدَة الظُّلْمة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: يومٌ قَسِيّ، مِثال شَقِيّ، وَهُوَ الشَّديد من حَرْب أَو شَرّ.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: أَنه باعَ نُفايةَ بيتِ المَال، وَكَانَت زُيُوفاً وقِسْياناً بِدُونِ وَزْنها، فذُكِر ذَلِك لعُمَر فنَهاه، وأَمَرَه أَن يَرُدَّها.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: وَاحِد القِسْيان دِرْهَمٌ قَسِيّ مخفّف السِّين مشدد الْيَاء على مِثال شقِيّ.
قَالَ: وكأنّه أعرابُ قاشٍ. وَمِنْه حَدِيثه الآخر: مَا يَسُرّنِي دِينُ الَّذِي يَأْتِي العَرّافَ بِدرهمٍ قَسِيّ.
وَقَالَ أَبُو زُبَيد يَذكر المَساحِيَ:
لَهَا صَوَاهِلُ فِي صُمِّ السِّلاَمِ كَمَا
صاحَ القِسِيّاتُ فِي أَيدي الصَّياريفِ

(9/179)


وَيُقَال مِنْهُ: قد قسا الدِّرْهَم يَقْسو.
وَمِنْه حديثٌ آخرُ لعبد الله أَنه قَالَ لأَصْحَابه: أَتَدْرون كَيفَ يَدْرُس العِلْم؟ فَقَالُوا: كَمَا يَخْلُقُ الثّوْبِ، أَو كَمَا يَقْسو الدِّرْهَم. فَقَالَ: لَا وَلَكِن دُروسُ الْعلم بمَوْت العُلماء.
وَقَالَ غَيره: حَجَر قاسٍ: صُلْبٌ. وأرضٌ قاسية: لَا تُنبِت شَيْئا. وقَسَا: مَوضِع بِالْعَالِيَةِ.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
بَهْجلٍ مِن قَسَا ذَفِر الخُزامَى
تَداعَى الجِرْبِياء بِهِ الحَنِينَا
وعامٌ قَسِيٌّ؛ ذُو قَحْط.
وَقَالَ الرَّاجز:
ويُطعِمون الشَّحْم فِي العامِ القَسِيّ
قُدْماً إِذا مَا احمرَّ آفاقُ السُّمِي
وأصبحت مثلَ حَواشي الأتْحَمِيّ وَقَالَ شمر: العامُ القَسِيُّ الشَّديد لَا مَطَر فِيهِ. وعشيَّةٌ قَسِيّة: بَارِدَة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِّن بَعْدِ ذالِكَ} (الْبَقَرَة: 74) ، تَأْوِيل قَسَت فِي اللُّغَة غَلُظت ويَبِستْ وعَسَّتْ. وَتَأْويل الْقَسْوَة فِي الْقلب: ذَهاب اللِّين وَالرَّحْمَة والخشوع مِنْهُ.
أَبُو زيد: يُقَال: سَارُوا سيراً قَسِيّاً، أَي: سيراً شَدِيدا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أقْسَى: إِذا سَكَن قُسَاءً وَهُوَ جَبَل وكلُّ اسمٍ على فعالٍ فَهُوَ ينْصَرف، وَأما قُسَاءُ فَهُوَ على قُسَواء على فُعَلاء فِي الأَصْل. وَلذَلِك لم يَنصرف.
وَقس: قَالَ اللَّيْث: الوَقْس: الْفَاحِشَة والذِّكر لَهَا، وَقَالَ العجاج:
وحاصنٍ من حاصِناتٍ مُلْسِ
عَن الأذَى وَعَن قِراف الوَقْسِ
قَالَ: والوَقْس: الصَّوْت.
قلتُ: غَلِط اللَّيْث فِي تَفْسِير الوَقْس فجعَلَه فَاحِشَة، وَأَخْطَأ فِي لفظ الوَقْس بِمَعْنى الصَّوت، وَصَوَابه: الوَقش بالشين.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (دخلتُ الْجنَّة فسمعتُ وقْشاً خَلْفي، فَإِذا بِلَال) .
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: سمعتُ وقْشَ فلَان، أَي: حَرَكته، وَقد مرَّ تفسيرُه فِي بَاب الْقَاف والشين.
وَقَالَ ذُو الرمة:
لأخفافها باللَّيل وقْشٌ كَأَنَّهُ
على الأَرْض تَرسافُ الظِّباء السَّوانح
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: الوقْشة والوقْش: الْحَرَكَة. وَأما الوَقْس فَهُوَ الجَربُ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: إِذا قارفَ الْبَعِير مِنَ الجَرَب شيءٌ قيل: إنَّ بِهِ لوَقْساً.

(9/180)


وَأنْشد للعجاج:
يصفَرُّ لليُبْسِ اصفرارَ الوَرْسِ
مِنْ عَرَق النّضْح عَصيمُ الدَّرْسِ
مِن الأَذَى ومِن قِراف الوَقْسِومن أمثالهم:
الوقس يُعدى فتعدَّ الوقْسَا
من يدْنُ للوقْسِ يلاق تَعْسَا
قَالَ أَبُو عَمْرو: الوقْس: أوَّل الجرَب. والتَّعْس: يضْرب مثلا لتجنُّب من يُكره صحبتُه.
وَسمعت أعرابية من بني تَمِيم كَانَت ترعى إبِلا جُرْباً، فَلَمَّا أراحَتْها نادت القَيِّمَ بِأَمر النَّعَم. فَقَالَت: أَلا أَين آوِي هَذِه المُوقَسة؟ أَرَادَت: أَيْن أُنِيخ هَذِه الجُرْب.
سقِِي: قَالَ اللَّيْث: السَّقْي مَعْرُوف. وَالِاسْم السُّقْيا والسِّقاء: القِرْبة للْمَاء وَاللَّبن. والسِّقاية: الْموضع الَّذِي يُتَّخذ فِيهِ الشَّرَاب فِي المواسم وَغَيرهَا والسِقاية فِي الْقُرْآن: الصُّوَاعُ الَّذِي كَانَ يشرب فِيهِ المَلِك، وَهُوَ قَول الله جلّ وعزّ: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِى رَحْلِ أَخِيهِ} (يُوسُف: 70) ، وَكَانَ إِنَاء من فضَّة بِهِ كَانُوا يكيلون الطَّعَام، كَذَلِك جَاءَ فِي التَّفْسِير. وَيُقَال للبيت الَّذِي يُتَّخذ مَجمعاً للْمَاء ويُسقَى مِنْهُ الناسُ السِّقاية. وسِقاية الحاجِّ سَقْيُهم الشرابَ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَإِنَّ لَكُمْ فِى الاَْنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِى بُطُونِهِ} (النَّحْل: 66) .
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {وَنُسْقِيَهِ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَاماً} (الْفرْقَان: 49) .
الْعَرَب تَقول لكلِّ مَا كَانَ من بطُون الْأَنْعَام ومِن السَّماء أَو نهرٍ يجْرِي لقومٍ: أسْقيْتُ. فَإِذا سَقاكَ مَاء لشَفَتك، قَالَ: سَقاه وَلم يَقُولُوا: أَسْقاه.
كَمَا قَالَ الله جلّ وعزّ: {فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً} (الْإِنْسَان: 21) .
وَقَالَ: {وَالَّذِى هُوَ يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ} (الشُّعَرَاء: 79) ، وَرُبمَا قَالُوا فِي بطُون الْأَنْعَام ولماء السَّمَاء سَقى وأَسْقَى؛ كَمَا قَالَ لبيد:
سَقَى قَومِي بني مَجْدٍ وأسْقَى
نميراً والقبائلَ من هِلالِ
وَقَالَ اللَّيْث: الإسقاء من قَوْلك: أسقيتُ فلَانا نَهرا أَو مَاء، إِذا جعلتَه لَهُ سُقْيا، وَفِي الْقُرْآن: {وَنُسْقِيَهِ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَاماً} (الْفرْقَان: 49) ، مِن سَقَى وقرىءَ: (ونُسْقِيه) مِن أَسْقَى، وهما لُغَتَانِ بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: والسّقي مَا يكون فِي نَفافِيخِ بيضٍ فِي شَحْم الْبَطن. والسِّقي: مَاء أصفَر يَقع فِي الْبَطن.
يُقَال: سَقَى بطنُه يَسقي سَقْياً.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ اليزيديّ: الأحبَن الَّذِي بِهِ السَّقَى.

(9/181)


وَقَالَ الكسائيّ: سَقَى بَطْنُه يَسقى سَقْياً.
قَالَ شمر: السَّقْي: الْمصدر. والسَّقْي: الِاسْم، وَهُوَ السَّلَى، كَمَا قَالُوا رَعْي ورِعى.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: السّقْيُ: المَاء الَّذِي يكون فِي المَشيمَةِ يخرج على رَأس الوَلَد.
وَقَالَ ابْن السّكيت: السَّقي: مصدَرُ سَقَيتُ سَقْياً، والسِّقْي: الحظّ.
يُقَال: كم سِقْي أرضِك؟ أَي: كم حظُّها مِن الشِّرْب.
وَأنْشد أَبُو عبيدٍ قَول ابْن رَوَاحة:
هُنالك لَا أبالِي نخلَ سَقْيٍ
وَلَا بَعْلٍ وإنْ عَظُم الإتَاءُ
قَالَ: يُقَال: سَقيٌ وسِقْيٌ فالسَّقي بِالْفَتْح الفِعل، والسّقْي بِالْكَسْرِ: الشِرْب.
وَقَالَ اللَّيْث: السَقِيُّ هُوَ البَرْدِيّ، الْوَاحِدَة سَقِية، وَهِي لَا يَفوتها الماءُ.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وساقٍ كأُنْبوب السَّقِيِّ المُذلَّلِ
قَالَ بَعضهم: أَرَادَ بالأُنبوب أنبوبَ القَصَب النَّابت بَين ظَهْراني نَخل مَسْقيّ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: كأنبوب النّخل السَّقِيِّ، أَي: كقَصَب النّخل، أَضَافَهُ إِلَيْهِ لأنّه نبتَ بَين ظَهْرانيه وَقيل السَقِيُّ: البَرْديّ الناعم. وأصلُه العُنقُر، يُشَبَّه بِهِ ساقُ الْجَارِيَة.
وَمِنْه قَول العجاج:
على خَبَنْدَى قَصَبٍ مَمْكورِ
كعُنْقُرات الحائر المَسْكُورِ
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أَحْمد بن يحيى عَن سَلمَة عَن الْفراء: زَرْعٌ سِقيٌ ونخلٌ سِقيٌ للَّذي لَا يعِيش بالأعْذاءِ، إنَّما يُسْقَى، والسَّقْي: المَصدَر. وَيُقَال: كم سِقْي أَرْضك؟ أَي: كم شِربها.
وَقَالَ غَيره: زرْعٌ مَسْقَوِيّ: إِذا كَانَ يُسْقى: إِذا كَانَ عِذْياً.
قَالَ ذَلِك أَبُو عبيد وَرَوَاهُ فِي الحَدِيث. وَأنكر أَبُو سعيد المسقويّ والمظمئيّ وَقَالَ: لَا يعرف النحويّون هَذَا فِي النّسب.
أَبُو عبيد: أَسْقيت الرجلَ إسْقاءً: اغْتبتُه.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
وَلَا عِلْمَ لِي مَا نَوْطَةٌ مستكِنَّةٌ
وَلَا أيُّ من عاديتُ أسْقى سقائبا
وَقَالَ شمر: لَا أعرف قَول أبي عبيد: أسقَى سِقائياً بِمَعْنى اغتبتُه.
قَالَ: وسمعتُ ابْن الأعرابيّ يَقُول مَعْنَاهُ: لَا أَدْرِي مَن أوْعَى فيَّ الدَّاء.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال: سَقَى زيدٌ عَمْراً، وأسْتَقاه: إِذا اغتابَه غِيبةً خَبيثة.
وَقَالَ غَيره: المُساقاة فِي النخيل والكُروم على الثّلث والرُّبُع وَمَا أشبهه.
يُقَال: ساقَى فلانٌ فلَانا نخلَه أكْرَمَه: إِذا

(9/182)


دَفَعه إِلَيْهِ على أَن يَغمرُه ويَسقيَه وَيقوم بمصلحته من الإبار وَغَيره، فَمَا أخرج الله مِن ثمره فلِلعامل سَهْم من كَذَا وَكَذَا سَهْماً، وَالْبَاقِي لمالِكِ النّخل. وَأهل الْعرَاق يسمّونها المُعامَلة.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: استسقَى بطنُه استسقاءً، وَالِاسْم السّقي.
وَيُقَال: استَقَى فلانٌ من الرَّكية والنهرِ والدَّحْل استقاءً.
وَيُقَال: أسْقيتُ فلَانا: إِذا وَهبتَ لَهُ سِقاءً مَعْمُولا، وأسقيتُه: إِذا وهبتَ لَهُ إهاباً ليَدْبغَه ويتَّخذه سِقاء.
وَقَالَ عمر بن الْخطاب لرجل استفتاه فِي ظَبْي أَصَابَهُ وَهُوَ مُحْرِم، فَقَالَ: (خُذْ شَاة من الْغنم فتصدقْ بلَحمِها واسقِ إهابها) ، أَي: أَعْطِ إهابَها من يَتَّخِذهُ سِقاء.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للثوب إِذا صبغتَه: سَقَيته مَنّاً مِن عُصْفر وَنَحْو ذَلِك.
وَيُقَال للرجل إِذا كُرّر عَلَيْهِ مَا يكرهُه مِرَاراً: سُقِّي قَلبُه بالعَداوة تَسقِيةً. والمَسْقي: وقتُ السَّقْي، والساقية مِن سَواقي الزَّرْع: نُهيْرٌ صَغِير. والمِسقاةُ: لَا يتَّخذ للجِرار والكيزان تُعلَّق عَلَيْهِ.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب: (اسْق رَقاشِ إنَّها سَقّاية) .
وَيُقَال: (سقَّاءة) ، وَالْمعْنَى وَاحِد، ويُجمع السِّقاء أسقيةً. ثمَّ أساقٍ جمعُ الجَمع.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: السَّقِيّ والرَّقِيُّ على فَعيل: سحابتان عظيمتَا القَطْر، شديدتا الوَقْع.
قَالَ أَبُو زيد: يُقَال: اللَّهم أَسقنا إسقاءً رِوَاءً، وسقيتُ فلَانا ركيتين: إِذا جعلتَها لَهُ. وأسقيتُه جَدْولاً من نهري: إِذا جعلتَ لَهُ مِنْهُ مَسْقًى وأشعبتُ لَهُ مِنْهُ.
سوق: قَالَ اللَّيْث: السَّوْقُ مَعْرُوف، يَقُول: سُقْناهم سَوْقاً.
وَتقول: رأيتُ فلَانا يَسُوق سُووقاً، أَي: يَنزع نَزْعاً، يَعْنِي الموتَ.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي يُقَال: هُوَ يَسُوقُ نفسَه ويفيظُ نفسَه، وَقد فاظت نفسُه وأفاظُه الله نَفسه.
وَيُقَال: فلانٌ فِي السِّياق، أَي: فِي النزع.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّاق لكل شجرةٍ ودابة وإنسان وطائر، وَامْرَأَة سَوْقاء تارَّة السَّاقَيْن ذاتُ شعر، والأسْوَق: الطَّوِيل عَظْم السَّاق والمصدر السَّوَق.
وَأنْشد:
قُبٌّ من التَّعدَاءِ حُقْبٌ فِي سَوَقْ
قَالَ: والساق: الْحمام الذّكر.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: ساقُ حُرٍ.
قَالَ بَعضهم: الذَّكر من القَمارى.
وَقَالَ شمر فِي قَوْلهم: ساقُ حُرّ. قَالَ بَعضهم: السَّاق الْحمام، وحُرّ فَرْخُها.
وَقَالَ الْهُذلِيّ يذكر حمامة:

(9/183)


تناجي ساقَ حُرَّ وظَلتُ أَدْعُو
تَليداً لَا تُبين بِهِ كلَاما
قَالَ: سَاق حُرَّ، حكى نداءها.
وَيُقَال: ساقُ حُرّ صَوْتُ القُمْرى كأنَّه حكايةُ صَوته.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّوقُ: مَوضِع الْبياعَات. وسوقُ الحَرْب: حَوْمة الْقِتَال، والإساقة: سيرُ الرِّكاب للسُّروج.
وَقَالَ ابْن شُميل: رَأَيْت فلَانا فِي السَّوْقِ، أَي: فِي الْمَوْت، يُساقُ سَوْقاً، وإنَّ نفسَه لتُساق. وسَاق فلانٍ مِن امْرَأَته، أَي: أَعْطَاهَا مَهْرها، وساقَ مَهْرها سِياقاً. والسّياق: المَهْر.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّوقَة مِن النَّاس، والجميع السُّوَقُ: أوساطُهم.
وَقَالَ غَيره: السُّوقة بِمَنْزِلَة الرَّعيَّة الَّتِي يَسُوسُها الملَك، سُمُّوا سوقةً لأنَّ الْمُلُوك يسوقونهم فينساقون لَهُم، وَيُقَال للْوَاحِد سُوقة وللجماعة سُوقة، ويُجمع السُّوقة سُوَقاً.
وَأما قَوْله جلّ وعزّ فِي قصَّة سُلَيْمَان: {عَلَىَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ} (ص: 33) ، فالسُّوق جمع السَّاق، مِثل الدُّور لجمع الدَّار، وَالْمعْنَى أَنه عَقَرها فضَرَب أعناقَها وسُوقها، لِأَنَّهَا كَانَت سببَ ذنْبه فِي تَأْخِير الصَّلَاة عَن وَقتهَا، يَعْنِي سُلَيْمَان النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام.
وَقَالَ اللَّيْث: الأياسق: القلائد، وَلم نَسمع لَهَا بواحدٍ.
وَأنْشد:
وقَصِرْنَ فِي حَلَق الأياسِقِ عِنْدهم
فجَعَلْنَ رجْعَ نُباحِهنّ هَرِيرا
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {صَادِقِينَ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ} (الْقَلَم: 42) .
قَالَ الفرَّاء: عَن ساقٍ: عَن شدَّة.
قَالَ: وأنشدني بعض الْعَرَب لجدّ أبي طرفَة:
كشفت لَهُم عَن سَاقهَا
وبَدا من الشَّرِّ البَرَاحْ
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {صَادِقِينَ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ} : عَن الْأَمر الشَّديد.
قَالَ: وَأَخْبرنِي عبد الله بن أَحْمد عَن أَبِيه عَن غُندر عَن شُعبة عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {صَادِقِينَ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ} : إنَّه الأمْر الشَّديد.
قَالَ: وَقَالَ ابْن مَسْعُود: يَوْم يكشِفُ الرَّحْمَن عَن ساقِه.
وَقَالَ أهلُ اللُّغَة: قيل لِلْأَمْرِ الشَّديد ساقٌ لِأَن الْإِنْسَان إِذا دهمْته شدَّةٌ شمَّرَ لَهَا عَن سَاقيه ثمَّ قيل لكل أمرٍ شديدٍ يُتَشَمَّر لَهُ ساقٌ.
وَمِنْه قولُ درَيْد:
كَمِيشُ الإزارِ خارجٌ نصفُ ساقِه
أرادَ أنَّه مشمِّر جادّ، وَلم يُرد خروجَ

(9/184)


السَّاق بِعَينهَا.
وَيُقَال: قَامَ فلانٌ على ساقٍ: إِذا عُنِيَ بِالْأَمر وتحزَّم لَهُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: السَّيِّق من السَّحَاب: مَا طردتْه الرِّيحُ كَانَ فِيهِ ماءٌ أَو لم يكن.
وَيُقَال: لما سيقَ من النَّهْب فطُرِدَ سَيِّقَة، وَأنْشد:
وَهل كنتُ إلاَّ مِثلَ سَيِّقةِ العِدَى
إِن اسْتَقْدَمَتْ نحرٌ وإنْ جبأَتْ عَقْرُ
أَبُو عبيد: سُقْتُ الْإِنْسَان أسوقُه سَوْقاً: إِذا أَصبتَ سَاقه، وتَسَاوَقَتِ الإبلُ تَسَاوُقاً: إِذا تتابعتْ، وَكَذَلِكَ تَقَاوَدَت فَهِيَ مُتَقاوِدة ومتساوِقةٌ، والسوِيق مَعْرُوف.
وَقَالَ أَبُو زيد: السُّوَّاق: الطَّوِيل السَّاق من الشجَر والزَّرع.
قَالَ العَجاج:
بمُخْدِرٍ من المخاديرِ ذَكَرْ
هَذَّكَ سَوَّاقَ الحَصادِ المختضَر
الحَصاد: جمعُ الحَصادَة، وَهِي بَقْلَةٌ بِعَينهَا يُقَال لَهَا: الحصادة. والمختضَر: الْمَقْطُوع.
يُقَال: خَضَرَه وخَدَرَه: إِذا قطَعَه. والمِخْدَرُ: الْقَاطِع. وسَيفٌ مِخْدَرٌ.
ابْن السّكيت يُقَال: وَلَدَتْ فلانةُ ثَلَاثَة بَنِينَ على سَاق واحدٍ، أَي: بعضُهم على إِثْر بعض، لَيْسَ فيهم جَارِيَة.
وَقَوله: {للهبِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ} (الْقِيَامَة: 30) ، أَي: السوْق.
وسق: قَالَ الله جلّ وعزّ: {بَصِيراً فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ} {بِالشَّفَقِ وَالَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} {وَسَقَ وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ} (الانشقاق: 16، 18) .
قَالَ الفرّاء فِي قَوْله: وَمَا وَسَق، أَي: وَمَا جَمَع وضَمّ.
وَأنْشد:
مُسْتَوْسِقاتٍ لَو يَجدْنَ سائقا
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله: وَمَا وَسَق، أَي: وَمَا جمع من الْجبَال والبحار وَالْأَشْجَار، كَأَنَّهُ جمعهَا بأَنْ طلعَ عَلَيْهَا كلّها.
عَمْرو عَن أَبِيه: هُوَ الْقَمَر والوبَّاص والطَّوْس، والمتّسِق، والجلَم، والزّبرْقان، والسِّنِمّار.
وَقَوله: {وَسَقَ وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ} : اتِّسَاقُه: امتلاؤُه واجتماعُه واستواؤُه، ليلةَ ثلاثَ عشرَة وَأَرْبع عشرَة.
وَقال الفرّاء: إِلَى ستَّ عشرَة، فيهنّ امتلاؤُه واتّساقه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فَرَسٌ مِعْتاق الوَسيقة، وَهُوَ الَّذِي إِذا طُرِد عَلَيْهِ طريدةٌ أنجاها، وَسبق بهَا الطّلب.
وَأنْشد:
ألمْ أَظْلِف على الشُّعراء عِرْضِي
كَمَا ظُلِفَ الوسيقةُ بالكُراعِ
سمّيت الطريدةُ من الْإِبِل وسيقة لأنَّ طاردها إِذا طردها وسقَها، أَي: جَمَعها

(9/185)


وَقَبضهَا وَلم يَدَعْها تنشر عَلَيْهِ فيتعذّر عَلَيْهِ طردُها.
وَيُقَال: وَاسقْتُ فلَانا مُوَاسَقةً: إِذا عارضْتَه فكنتَ مِثلَه وَلم تكن دُونَه.
وَقَالَ جندل:
فلستَ إنْ جاريْتنِي مُوَاسِقِي
وَلستَ إِن فَرَرْتَ منِّي سابقي
والوِساق والمُوَاسَقة: المُناهَدة.
وقَال عديّ بن زيد:
وَندامى لَا يَبْخلون بِمَا نَا
لُوا وَلَا يُعْسِرون عندَ الوِساقِ
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَيْسَ فِيمَا دُون خمسةِ أوْسُقٍ من التَّمر صَدَقة) .
والوَسْق: مكيلةٌ مَعْلُومَة، وَهِي سِتُّون صَاعا بصاعِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ خمسةُ أَرْطَال وَثُلُث. والوَسْقُ على هَذَا الْحساب: مائَة وستُّون مَنّاً.
وَقَالَ الزجّاج: خَمْسَة أوْسُق هِيَ خَمْسَة عشر قَفِيزا بالملجَّم، وَهُوَ قفيزنا الَّذِي يسمَّى المعدَّل. وكلُّ وَسقٍ بالملجَّم ثلاثةُ أَقفزَة.
قَالَ: وَسِتُّونَ صَاعا أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ مَكُّوكاً، وَذَلِكَ ثَلَاثَة أقفِزَة. ووَسَقْتُ الشيءَ أَسِقُه وَسْقاً: إِذا حَمَلْتَه.
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
كقابِضِ ماءٍ لم تَسِقْه أنامِلُه
أَي: لم تحمله.
ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: تَقول الْعَرَب: إنَّ اللَّيْل لطويلٌ وَلَا يَسِقْ لي بالَهُ، مِن وَسَق يسِق.
قَالَ اللحياني: أَي: لَا يجْتَمع لي أمرُه.
قلت: وَلَا يسقْ جزم على الدُّعَاء، وَمثله: إنّ اللَّيْل لطويل وَلَا يطلّ إلاَّ بِخَير، أَي: لَا طَال إِلَّا بِخَير.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال للطَّير الَّذِي يُصفِّق بجناحَيْه: إِذا طارَ هُوَ المئساق، وجمعهُ مآسِيق.
قلت: هَكَذَا رُوِيَ لنا بِالْهَمْز.
وَقَالَ اللَّيْث: الوسيقة من الْإِبِل كالرُّفْقة مِن النَّاس، ووَسيقة الْحمار: عانَتُه.
قلت: الوسيقة: القطعَة من الْإِبِل يطرُدُها السَّلاَّل، سميتْ وَسيقةً لأنَّ طارِدَها يقْبضها ويجمعها وَلَا يدعُها تَنْتَشِر عَلَيْهِ فَلَا تنْساقُ ويلحقُها الطّلب.
وَهَذَا كَمَا يُقَال للسائق قابضٌ؛ لأنَّ السلال إِذا ساقَ قطيعاً مِن الْإِبِل قبضهَا ثمَّ طرَدَها مجتمعةً لئلاَّ يتَعَذَّر عَلَيْهِ سَوْقُها؛ لِأَنَّهَا إِذا انتشرتْ عَلَيْهِ لم تتتابع وَلم تطردْ على صَوْبٍ وَاحِد.
وَالْعرب تَقول: فلانٌ يَسُوق الوسيقة، وينسل الوديعةَ، ويحمي الْحَقِيقَة.
وَقَالَ شمر: قَالَ عَطاء فِي قَوْله: (خَمْسَة أوسق) هِيَ ثَلَاثمِائَة صَاع.
وَكَذَلِكَ قَالَ الْحسن وَابْن الْمسيب.

(9/186)


قَالَ شمر: وَأهل الْعَرَبيَّة يسمون الوسق الوِقْر، وَهِي الوُسُوق والأوساق.
قَالَ: وكلُّ شيءٍ حَملته فقد وسقته.
وَمن أمثالهم: (لَا أفعل كَذَا وَكَذَا مَا وَسَقَتْ عَيْني الماءُ) . ووَسَقَت الأتان: إِذا حملتْ وَلداً فِي بَطنهَا.
وَيُقَال: وَسَقَت النَّخْلَة: إِذا حملتْ، فَإِذا كثر حملهَا قيل: أَوْسَقَتْ، أَي: حملتْ وَسْقاً.
وَقَالَ لبيدٌ يصف نخيلاً مُوقَرَةً:
مُوسَقاتٌ وحُفَّلٌ أَبْكَارُ
واستوسق لَك الأمرُ: إِذا أمكنك، وجَعل رُؤبة الوسق من كلِّ شَيْء فَقَالَ:
كأنّ وَسْقَ جندَلٍ وتُرْبٍ
عَلَيّ من تنحيب ذَاك النَّحْبِ

(بَاب الْقَاف وَالزَّاي)
ق ز (وايء)
زوق، أزق، زقا، قزي، قوز، قزو، (زيق) .
زوق: قَالَ اللَّيْث بن المظفر: أهل الْمَدِينَة يسمون الزِّئبق الزاوُوق.
قَالَ: وَيدخل الزئبق فِي التصاوير، وَلذَلِك قَالُوا لكل مزيَّن مزوَّق.
أَبُو زيد يُقَال: هَذَا كتاب مُزَوَّر مُزَوَّق، وَهُوَ الْمُقَوّم تقويماً. وَقد زَوَّر فلَان كِتَابه وزَوَّقه: إِذا قومه تقويماً.
وَيُقَال: فلانٌ أثقل من الزاووق، وَدِرْهَم مُزَوَّق ومُزَأْبق بِمَعْنى وَاحِد.
عَمْرو عَن أَبِيه: الزَّوَقة: نَقَّاشو سَمَّان الرَّوافد والسَّمّانُ: تزاويق السقوف. والطَّوقة: الطُّيُور. والغَوَقة: الغِرْبان. والقَوَقة: الدُّيوك. والهوقة: الهَلْكى.
حَدثنَا السَّعْدِيّ عَن عليّ بن خشرم عَن عِيسَى عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن حسان بن عَطِيَّة قَالَ: أبْصر أَبُو الدَّرْدَاء رجلا قد زوّق ابْنه فَقَالَ: زوِّقوهم مَا شِئْتُم فَذَلِك أغوى لَهُم.
زيق: قَالَ اللَّيْث: الزّيق زِيق الجَيب المكفوف قَالَ: وزِيق الشَّيَاطِين شَيْء يَطير فِي الْهَوَاء يسمِّيهُ العَرَب لُعابَ الشَّمْس.
قلت: هَذَا تَصْحِيف، وَالصَّوَاب رِيق الشَّمْس بالراء، وَمَعْنَاهُ: لُعاب الشَّمْس، هَكَذَا حفظتهما عَن الْعَرَب.
وَقَالَ الراجز:
وذابَ للشَّمس لُعابٌ فنَزَلْ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: تزيَّقَت الْمَرْأَة تزيُّقاً وتَزَيَّغَتْ تَزَيُّغاً: إِذا مَا تزيّنَتْ.
قزي: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: القَزْو: التقزُّز.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: القِزْيُ: اللَّقَب.
يُقَال: بئس القِزْي هَذَا، أَي: بئس اللَّقَب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَقْزَى الرجلُ: إِذا تَلَطَّخَ بعيْب بعد اسْتِوَاء.

(9/187)


قوز: قَالَ اللَّيْث: القَوْز مِن الرَّمْل صَغِير مستديرٌ يُشبَّه بِهِ أردافُ النِّسَاء.
وَأنْشد:
ورِدْفُها كالقَوْزِ بَين القَوْزَيْنْ
والجميع: أقواز وقيزانٌ.
قلتُ: وسَماعي مِن الْعَرَب فِي القَوْز أَنه الرمْل المشرِف. وَقَالَ:
إِلَى ظُعُنٍ يَقْرِضْن أقوازَ مُشْرِفٍ
أزق: قَالَ اللَّيْث: الأزْق: الضيِّق فِي الحَرْب، وَمِنْه المأزِق مفعِل من الأزْق وجمعُه المآزِق، وَكَذَلِكَ المآقط.
زقا: قَالَ اللَّيْث: زَقا المُكَّاء والدِّيكُ يَزْقو ويَزْقِي، زَقواً وزُقوّاً وزُقيّاً وزُقاءً.
ورُوِي عَن ابْن مَسْعُود أَنه كَانَ يقْرَأ: (إنْ كَانَت إلاَّ زَقيةً وَاحِدَة) ، والعامَّة تقْرَأ: {إِن كَانَتْ إِلاَّ} (يس: 29) .
وَيُقَال: زَقوْتَ يادِيكُ وزَقيْتَ، بِالْوَاو وَالْيَاء.
قزو: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: القُزَةُ: لعبة لَهُم، وَهِي الَّتِي تُسَمَّى فِي الحَضَر يَا مُهَلْهِلَه هَلِلَه.
وروى عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: القُزَة من أَسمَاء الحيَّات.
وَقَالَ غَيره: هِيَ حيّة عَرْجاء بَتْراء، وجمعُها قزَات.
وقرأت فِي (نَوَادِر أبي عَمْرو) : المتوقز: الَّذِي يتقلَّب لَا يكَاد ينَام.
الْعَرَب تَقول: فلانٌ أثقل من الزَّواقي، وَهِي الدِّيَكة تزقو وقتَ السَّحَر فَتفرق بَين المتحابِّين. وَإِذا قَالُوا: أثقل من الزاوُوق، فَهُوَ الزئبق.

(بَاب الْقَاف والطاء)
ق ط (وايء)
قطا، قوط، طوق، وقط، أقط.
قطا: قَالَ اللَّيْث: القطا: طيرٌ، والواحدة قَطاةٌ، ومَشْيها القَطْو والأقطيطاءُ.
يُقَال: اقطَوْطَت القَطاة تَقْطَوْطِي، وأمَّا قَطَتْ تَقْطو فبعضٌ يَقُول: مِن مشيها، وبعضٌ يَقُول: مِن صَوْتها، وبعضٌ يَقُول: صَوْتُها القَطقطة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: القَطْوُ: تقارُب الْخَطْو مِن النَّشاط، وَقد قَطا يقْطو، وَهُوَ رجُلٌ قَطَوان.
وَقَالَ شمر: هُوَ عِنْدِي قَطْوانُ بِسُكُون الطَّاء.
وَقَالَ اللَّيْث: الرجل يقطَوْطى فِي مَشيه: إِذا استدارَ وتجمَّع. وَأنْشد:
يمشي مَعاً مُقْطَوْطِياً إِذا مَشَى
قَالَ: والقَطاة: مَوضِع الرّدِيف مِن الدَّابة، وَهِي لكلِّ خَلْق، وَأنْشد:
وَكَسَتِ المرطَ قَطاة رَجْرَجَا
وَثَلَاث قَطَوات.

(9/188)


قَالَ: وَتقول الْعَرَب فِي مَثل: (لَيْسَ قُطَكَ مِثلَ قُطي) ، أَي: لَيْسَ النَّبيل كالدنيءِ.
وَقَالَ ابْن الأسلت:
لَيْسَ قَطاً مِثلَ قُطَيٍ وَلَا ال
مَرعيُّ فِي الأقوام كالراعِي
وَقَالَ غَيره: سمِّي القطا قَطاً بصوتها، وَمِنْه قَول النَّابِغَة الذُّبياني:
تَدْعُو قَطَا وَبِه تُدْعَى إِذا نُسِبتْ
يَا صِدْقَها حينَ تَدْعوها فتنتسِبُ
وَقَالَ أَبُو وَجْزة يصف حميراً وَردت لَيْلًا فمرتْ بقَطاً وأثارَتْها:
مَا زِلْن يَنْسُبْن وَهْنا كل صادقةٍ
باتت تُباشِر عُرْماً غيرَ أَزوَاج
أَرَادَ أَن الْحمير تمر بالقطا فتثيرُها فتصيحُ: قَطَا قَطَا، وَذَلِكَ انتسابُها.
وَيُقَال: فلانٌ مِن وَطَاتِه لَا يَعْرِف قطَاتَه من لطَاتِه، يُضْرَبُ مثلا للرجُل الأحمق الَّذِي لَا يَعرف قُبَلَهُ من دُبُرِه حُمْقاً.
أَبُو عبيدٍ عَن الْفراء: من أَمثالهم فِي بَاب التَّشْبِيه: (إنّه لأصدَقُ من قطَاةٍ) ، وَذَلِكَ أَنَّهَا تَقول قطَا قطَا، فتُدْعَى بِهِ.
وَيُقَال أَيْضا: (إِنَّه لأدَلُّ من قطَاةٍ) ، لِأَنَّهَا تَرِدُ الماءَ لَيْلًا من الفَلاَةِ الْبَعِيدَة.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ الحُصَيْنِيّ يَقُول: تقطَّيْتُ عَلَى الْقَوْم وتَلَطَّيْتُ عَلَيْهِم: إِذا كَانَت لي عِنْدهم طَلِبة فأخذتُ من مَالهم شَيْئا فسبقْتُ بِهِ.
قوط: قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبو زيد: القَوْطُ من الغَنَم: المائةُ فَمَا زَادَت.
وَقَالَ اللَّيْث: القَوْط: قَطيع يسيرٌ مِن الْغنم، وجمعُه أقواط.
أقط: قَالَ: والأَقِطُ: يتَّخذ مِن اللَّبن المَخيض، يُطبخ ثمَّ يُتْركَ حَتَّى يَمْصُل، والقِطعة مِنْهُ أَقِطة.
وَقَالَ أَبو عبيد: لبَنتُهمْ ألبُنهم مِن اللّبن، ولَبأتهُمْ ألبؤهم مِن اللِّبأ؛ وأَقطتُهم من الأَقِطِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَقِطَة: هَنَةُ دُونَ الْقبَّة مِمَّا يَلِي الكرِش.
قلت: وسمعتُ أعرابيّاً يسمِّيها اللاقطة، ولعلّ الأقطة لغةٌ فِيهَا.
والمأْقِط: المَضيق فِي الحرْب، وجمعُه المآقِطُ.
وقط: اللَّيْث: الوَقط: موضعٌ يستنقع فِيهِ الماءُ يُتَّخذ فِيهِ حِياضٌ تحبِس الماءَ للمارّة؛ واسمُ ذَلِك الْموضع أجمعَ وقْطٌ، وَهُوَ مثلُ الوَجْذ، إلاّ أنّ الوَقط أوسَعُ. وجمعُه الوِقطان.
وَقَالَ رؤبة:
وأخلَف الوقِطانَ والمآجلا
وَيجمع وِقاطاً أَيْضا.
قَالَ: ولغة بني تَمِيم فِي جمعه الإقاط، يصيّرون كلَّ واوٍ تَجِيء على هَذَا الْمِثَال أَلفاً.

(9/189)


وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الوَقط: النّقْرة فِي الجَبل يستنقع فِيهَا الماءُ.
وَقَالَ أَبُو العميثل: جمعُه وِقاط.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: ضرَبَه فوَقطَه، أَي: صرَعَه صَرْعةً لَا يقومُ مِنْهَا، والمَوْقوط: الصَّريع.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: الوَقيط والوَقيع: المكانُ الصُّلبُ الَّذِي يستنقع فِيهِ الماءَ فَلَا يرزأ الماءَ شَيْئا.
طوق: قَالَ اللَّيْث: الطَوْق: حليٌ يجعَل فِي العُنق وكلُّ شيءٍ اسْتَدَارَ فَهُوَ طَوْق، كطَوْق الرَّحَى الَّذِي يُديرُ القُطْب، وَنَحْو ذَلِك. وطائق كل شَيْء: مَا اسْتَدَارَ بِهِ مِن جَبَل وأَكمةٍ، وَالْجمع أَطواق.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الطائق: حَجَر ينشزُ من الجَبل وَكَذَلِكَ مَا نشز من جال الْبِئْر من صَخْرَة ناتئة.
وَقَالَ فِي صفة الغَرْب:
موقر من بَقر الرَّسائق
ذِي كُدْنةٍ على جِحاف الطائق
أَي: ذِي قُوَّة على مكادحة تِلْكَ الصَّخْرَة.
والطائق: إِحْدَى خشبَاتٍ بطن الزَّوْرَق.
أَبُو عبيد: الطائق: مَا بَين كلّ خشبَتين من السَّفِينَة.
شمِر عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: الطائق: وسط السَّفِينَة.
وَأنْشد قَول لبيد:
فالتامَ طائِقُها القديمُ فأصبحتْ
مَا إنْ يُقَوِّمُ دَرْأَها رِدْفان
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الطائِق: مَا شَخَص من السَّفينة كالحَيْد الَّذِي يَنْدُرُ مِن الحَبَل.
وَقَالَ ذُو الرمّة:
قرْوَاءَ طائِقُها بالآلِ مَحزُوم
قَالَ: وَهُوَ حَرْفٌ نادرٌ فِي القُنَّة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الحزَنْبَليّ أنَّ عمر بن بُكَيْر أنْشدهُ:
بَنَى بالغمْرِ أرغُنَ مُشمَخِرّاً
يُغَنِّي فِي طَوائِقهِ الحَمامُ
قَالَ: طَوائقُه: عُقُودُه.
قلت: وصَفَ قَصْراً شُرِّف بِنَاؤُه.
وطوائقه: جمع الطاق الَّذِي يُعقَد بآجُرَ وحجارة، وَأَصله طائق. وَمثله الْحَاجة جُمعتْ حوائج. لأنَّ أَصْلهَا حائجة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: طُقْ طُقّ، مِنْ طاقَ يَطُوقُ إِذا طاقَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّوْق: مصدَرٌ مِن الطَّاقَة. وَقَالَ الراجز:
كل امرىءٍ مُجَاهِد بطوقهِ
والثَّور يَحمِي أنفَه برَوقِه
يَقُول: كلُّ امرىء مكلَّف مَا أطَاق.
والطَّوق: أَرض سهلة مستديرة.
وَيُقَال للكَرّ الَّذِي يصعد بِهِ إِلَى النّخل:

(9/190)


الطَّوق؛ وَهُوَ البرْوَند بالفارسيَّة.
وَقَالَ الشَّاعِر يصف نَخْلَة:
وميّالة فِي رَأسهَا الشَّحم والنّدى
وسائرها خالٍ من الْخَيْر يابسُ
تهيبها الفِتْيانُ حَتَّى انبرى لَهَا
قصير الخُطى فِي طوقه متقاعس
يَعْنِي: البروند.
قَالَ الْأَزْهَرِي: يُقَال: طاقَ يَطوق طَوْقاً، وأَطاقَ يُطيق إطاقة وطاقَةً، كَمَا يُقَال: طاعَ يَطُوعُ طَوْعاً وأطاعَ يُطيع إطاعةً وَطَاعَة.
والطاقة وَالطَّاعَة اسمان يوضَعان مَوضِع الْمصدر.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَن غَصَب جارَه شِبراً من الأَرْض طُوِّقَه من سَبع أرَضِينَ) .
يَقُول: جُعِل ذَلِك طَوْقاً فِي عُنُقه.
قَالَ الله جلّ وَعز: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (آل عمرَان: 180) ، يَعْنِي: مانعَ الزَّكَاة يطوَّق مَا بَخل بِهِ من حقّ الْفُقَرَاء يومَ الْقِيَامَة من النَّار، نَعُوذ بِاللَّه مِنْهَا.
وَيُقَال: تَطوَّقت الحيّةُ على عُنُقه: إِذا صَارَت كالطَّوْق عَلَيْهِ.
والطاقة: الشُّعْبة مِن رَيْحان أَو شَعر أَو قوّةٍ من الخَيْط.
والطاق: عَقْد البناءِ حَيْثُ كَانَ، وجمْعه أطواق.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: والطَّاق: الطَّيْلسان وَأنْشد:
يُمَشِّي بَين خاتام وطاقِ

(بَاب الْقَاف وَالدَّال)
ق د (وايء)
قَود، قيد، قدا، وَقد، ودق، دوق، دقي.
قدا: قَالَ اللَّيْث: القَدْو: أصل الْبناء الَّذِي ينْشعِب مِنْهُ تصريف الِاقْتِدَاء.
وَيُقَال: قِدْوُه وقُدوة لما يُقتَدَى بِهِ.
قَالَ أَبُو بكر: القِدَى: جمع قِدْوة يكْتب بِالْيَاءِ.
اللِّحياني عَن الكسائيَّ يُقَال: لي بك قُدْوة وقِدوَة وقِدَة. وَمثله حَظِيَ فلانٌ حِظْوَة وحُظْوة وحِظَةً، ودارِي حِذْوَةِ دَارك وحُذْوة وحِذَتُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: قداً وأقداءٌ، وهم الناسُ يتساقطون بِالْبَلَدِ فيقيمون بِهِ ويَهدَءون.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القَدْوُ: القُدوم مِن السَّفَر. والقَدْوُ بالقُرْب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أقدى: إِذا استَوَى فِي طَرِيق الدِين. وأَقدَى أَيْضا: إِذا أسَنَّ وَبلغ الْمَوْت.
عَمْرو عَن أَبِيه أقْدى: إِذا قَدِم من سَفَر

(9/191)


وأقدَى: إِذا استقام فِي الْخَبَر.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: مَرّ بِي يتقَدَّى بِهِ فَرَسُه، أَي: يَلزَم بِهِ سَنن السِّيرة. وتقدَّيتُ على دابّتي. وَيجوز فِي الشِّعر: يَقْدُو بِهِ فرسُه.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد قَالَ: أتتْنا قاديةٌ مِن النَّاس، وهم أوّل من يَطرأُ عَلَيْك. وَقد قَدَتْ فَهِيَ تَقْدِي قَدْياً.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو قاذية بِالذَّالِ. وَالْمَحْفُوظ مَا قَالَ بِالدَّال. أَبُو زيد.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: إِذا كَانَ الطَّبيخ طيّب الرّيح قلتَ قَدِيَ يَقدَى قَدًى وقَداةَ وقَداوَةً.
وَقَالَ الْفراء: ذهبت قَداوَة الطَّعَام: إِذا أَتَى عَلَيْهِ وقتٌ يتغيّر فِيهِ طعمه ورِيحه وطيبُه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: قَدّاهُ بالطِّيب تقديةً: إِذا خلط العُودَ بالعنبر والمسكِ ثمَّ جمَّرهم بِهِ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء قَالَ: القَدْيان والذَّمَيان: الْإِسْرَاع. يُقَال مِنْهُ: قَدَى يَقْدِي، وذَمى يَذْمِي.
الْأَصْمَعِي: بيني وَبَيِّنَة قِدَى قَوس وقِيدُ قَوس وقادُ قَوس.
وَأنْشد الأصمعيّ:
ولكنَّ إقدامي إِذا الخيلُ أحجمتْ
وصَبْري إِذا مَا الموتُ كانَ قِدَى الشِبْرِ
وَقَالَ الآخر:
وَإِنِّي إِذا مَا الموتُ لم يَك دونَه
قِدَى الشِّبْر أحْمِي الأنفَ أَن أتأخّرا
قلتُ: قِدَى وقِيد وقاد، كلُّه بِمَعْنى قَدْرِ الشَّيْء.
وَقَالَ أَبُو عبيد: سَمِعت الْكسَائي يَقُول: سِنْدَأوةٌ وقِنْدَأْوة، وَهُوَ الْخَفِيف.
وَقَالَ الْفراء: هِيَ من النُّوق الجَرِيئة.
وَقَالَ شَمِر: قِنْدَأوة يُهمَز وَلَا يُهمَز.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: قِنْداوَةٌ فِنْعالة.
قلتُ: وَالنُّون فِيهَا لَيست بأصليّة.
وَقَالَ اللَّيْث: اشتقاقها مِن قَدَى والنونُ زَائِدَة، وَالْوَاو فِيهَا صِلَة، وَهِي النَّاقة الصُّلْبة الشَّدِيدَة، وجَمَلٌ قِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْو، هَمزَهما واحْتَجَّ بأنّه لم يجىء بِنَاء على لفظ قِنْدَأْو إلاّ وثانيه نون، فلمّا لم يجىء على هَذَا الْبناء بِغَيْر نون علمْنا أنّ النُّون زَائِدَة فِيهَا.
أَبُو عُبَيْدَة: مِنْ عَنَق الفرسِ التَّقَدِّي، وتَقَدِّي الفرسِ: استعانتهُ بهاديه فِي مَشيه بِرَفْع يَدَيْهِ وقبْض رِجلِيه شِبْه الخَبب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: القَدوة: التقدُّم. وَيُقَال: فلَان لَا يُقاديه أحدٌ وَلَا يُماديه وَلَا يُباريه وَلَا يُجاريه أحدٌ، وَذَلِكَ إِذا بَرَزَ فِي الْخِلال كلِّها.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أقبِلْ على خَيدبتك، أَي: أَمرك، وخُذْ فِي هِدْيتك وقِديتك، أَي: فِيمَا كنتَ فِيهِ. قيّده

(9/192)


الْإِيَادِي فِي (كِتَابه) بِالْقَافِ: قِديتك.
قيد قَود: قَالَ اللَّيْث: القَيد مَعْرُوف، والفِعل قَيِّده يقيِّده تقييداً. قَالَ: وقَيد السَّيْف هُوَ الْمَمْدُود فِي أصُول الحمَائل تمسكه البَكرات. وقَيْد الرَّحْل: قيدٌ مضفورٌ بَين حِنوَيهِ من فَوق، وربَّما جُعل للسَّرجِ قَيْدٌ كَذَلِك. وَكَذَلِكَ كلُّ شَيْء أُسِرَ بعضَهُ إِلَى بعض.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يُقَال للقِدَّة الَّتِي تَضُمّ عرْقُوتي الرَّحْل قَيْد.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للفَرَس الْجواد الَّذِي يَلحق الطّرائدَ من الوحْش قيد الأوابد. وَالْمعْنَى: أَنه يلْحق الْوَحْش بجودته، فكأنّها مقيّدة لَهُ.
وَقَالَت امرأةٌ لعَائِشَة: أأقيِّدُ جَمَلي؟ أرادتْ بذلك تأخيذَها إِيَّاه عَن النساءِ غَيرهَا. فَقَالَت عَائِشَة لَهَا بَعْدَمَا فَهمتْ مُرَادَها: وَجْهي من وجهكِ حَرَام.
وَتَقْيِيد الخطّ: إحكامُه بالتنقيط والتعجيم.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: مِن سِمات الْإِبِل قَيْدُ الفَرَس، وَهِي سِمةٌ فِي أعناقها. وَأنْشد:
كومٌ على أعناقها قَيْدُ الفَرَسْ
تنجو إِذا الليلُ تَدانَى والتبس
وَقَالَ غَيره: قُيود الْأَسْنَان: لِثاتُهَا.
وَقَالَ الشَّاعِر:
لِمُرتجِّةِ الأردافِ هيفٍ خُصورُها
عِذابٍ ثَنَاياها عِجاف قُيُودُها
يَعْنِي اللّثاتَ وَقلة لَحمِها.
أَبُو زيد: بيني وَبَينه قِيدُ رُمْح وقادُ رُمح.
وَقَالَ اللَّيْث: القَوْد: نقيض السّوْق، يقودُ الدابّة من أمامها ويسوقُها من خَلْفِها. والقِيادُ والمِقْوَدُ: الحَبْل الَّذِي تُقاد بِهِ الدَّابَّة.
وَيُقَال: إنَّ فلَانا سَلِس القياد.
وَيُقَال: أعطيتُ فلَانا مَقادَتي، أَي: انقدْتُ لَهُ. والاقتياد والقَوْد وَاحِد. والقائد مِن الجَبَل: أنْفُه. والقِيادة: مصدر الْقَائِد.
وكلُّ شيءٍ من جَبَل أَو مُسَنَّاة كَانَ مستطيلاً على وَجه الأَرْض فَهُوَ قَائِد. وظَهَر من الأَرْض يَقُود ويَنقَاد ويتقاوَد كَذَا وَكَذَا مِيلاً.
وَفِي الحَدِيث: (قيَّدَ الإيمانُ الفتكَ) ، مَعْنَاهُ: أَن الْإِيمَان يمْنَع عَن الفتك بِالْمُؤمنِ كَمَا يَمنع ذَا العَبَثُ عَن الْفساد قَيده الَّذِي قُيِّد بِهِ.
والمِقود: خَيْط أَو سَيْرٌ يُجعل فِي عُنُق الْكَلْب أَو الدَّابَّة يُقَاد بِهِ. والأقوَد من الدوابّ وَالْإِبِل: الطويلُ الظَّهر والعُنُق.
قَالَ: والأقْوَد من النَّاس: إِذا أقبلَ على الشَّيْء بِوَجْهِهِ لم يَكَدْ يَصرف وَجهه عَنهُ. وَأنْشد:

(9/193)


إنّ الْكَرِيم مَن تلفّتَ حَوْله
وَإِن اللَّئِيم دَائِم الطَّرف أقوَدُ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: القَياديد: الطَّوال مِن الأتُن الْوَاحِد قَيْدُود.
وَقَالَ الكسائيّ: فرسٌ قَوُود بِلَا همز: الَّذِي ينقاد. وَالْبَعِير مِثلُه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأقود من الخَيل: الطَّوِيل العُنُق الْعَظِيمَة.
وَقَالَ اللَّيْث: القَوَدُ: قَتل الْقَاتِل بالقتيل تَقول: أقدْتُه واسْتَقَدْتُ الحاكِم.
وَإِذا أَتَى الْإِنْسَان إِلَى آخِرَ أمرا فانتقَم مِنْهُ مِثلها قيل: استَقادها مِنْهُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: فإنْ قَتَلَه السُّلْطَان بقَوَدٍ قيل: أقادَ السُّلْطَان فلَانا وأقصَّه.
وَيُقَال: انْقَادَ لي الطّريقُ إِلَى مَوضِع كَذَا انقياداً: إِذا وَضحَ صَوْبُه.
وَقَالَ ذُو الرمة يصف مَاء ورَدَه:
تَنزَّلَ عَن زِيزائه القُفُّ وارتَقَى
عَن الرَّمْل وانقادت إِلَيْهِ المَوارِدُ
قَالَ أَبُو نصر: سَأَلت الأصمعيَّ عَن معنى قَوْله: (وانقادت إِلَيْهِ الْمَوَارِد) ، فَقَالَ: تَتَابَعَت إِلَيْهِ الطُرُق.
والقائدة من الْإِبِل: الَّتِي تَقدَّمُ الإبلَ وتألَفها الأَفْتاء.
قَالَ: والقَيِّدة من الْإِبِل: الَّتِي تقاد للصَّيد يُخْتَلُ بهَا، وَهِي الدَّرِيّة.
وأَقادَ الغَيْثُ فَهُوَ مُقِيدٌ: إِذا اتَّسع.
وَقَالَ ابْن مُقبل يصف الغَيْث:
سَقَاها وَإِن كَانَت علينا بخيلةً
أَغَرُّ سِماكيٌّ أَقَاد وأَمْظرا
وَقال غَيره: أقاد، أَي: صَار لَهُ قائدٌ من السَّحَاب بَين يَدَيْهِ كَمَا قَالَ ابْن مُقبِل أَيْضا:
لَهُ قائدٌ دُهْم الرَباب وخَلْفَه
رَوَايا يُبَجِّسْنَ الغَمامَ الكَنَهْوَرَا
أَرَادَ لَهُ قائدٌ دُهمٌ رَبابُه، فَلذَلِك جَمَعَه.
والقائدة: الأَكَمَة تمتَدُّ على وَجه الأَرْض.
والقَوْد من الْخَيل: الَّتِي تُقاد بمقاوِدها وَلَا تُركَب، وَتَكون مُودَعةً معدّةً لوقت الْحَاجة إِلَيْهَا.
يُقَال: هَذِه الْخَيل قَوْدُ فلانٍ الْقَائِد.
وجمعُ الْقَائِد قادَةٌ وقوّاد.
وَهُوَ قائدٌ بيِّن القيادة.
أَبُو عبيد: القياديد: الطِّوال من الأتنُ، قَيدودة. وَأنْشد:
لَهُ الفرائسُ والسُّلْب القياديدِ
ابْن بُزرج: تُقَيِّد: أرضٌ حمِيضَة، سُمِّيتْ تُقيِّد لأنَّها تقيِّد مَا كَانَ بهَا مِن المَال يَربَّعُ فِيهَا، مُخْصِبةٌ لِكَثْرَة خَلّتها وحَمْضِها.
وَقد: قَالَ الله جلّ وَعز: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (الْبَقَرَة: 24) .
وَقَالَ: { (الاُْخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} (البروج: 5) .
وقرىء: الوُقود.

(9/194)


وَقَالَ الزّجاج: الْوقُود: الْحَطب، وكل مَا أوقدِ بِهِ فَهُوَ وَقود.
والمصدر مضموم وَيجوز فِيهِ الْفَتْح.
قد رَوَوْا: وقدت النارُ وَقوداً مثل: قبلت الشيءَ قبولاً، فقد جَاءَ فِي الْمصدر فَعول وَالْبَاب الضَّم.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وَقَوله: النَّار ذَات الْوقُود مَعْنَاهُ: التوقُّد فَيكون مصدرا أحسن من أَن يكون الْوقُود بِمَعْنى الْحَطب.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الوُقُود، بِالضَّمِّ: الاتّقاد.
يُقَال: وَقَدَت النارُ تَقِدُ وُقُوداً ووَقَداناً ووَقْداً وقِدَةً.
وَيُقَال: مَا أجوَدَ هذَا الوَقودِ للحطب.
قَالَ الله: {وَأُولَائِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ} (آل عمرَان: 10) .
وَيُقَال: وَقَدتِ النارُ تَقدِ وَقُوداً ووُقوداً، وكأنّ الْوقُود اسمٌ وضع موضعَ الْمصدر.
وَقَالَ اللَّيْث: مَا تَرَى من لهبها، لِأَنَّهُ اسْم، والوقود المصدَر.
والمَوْقد: مَوضِع النَّار وَهُوَ المستوقَد. وزَنْدٌ مِيقادٌ: سَريع الوَرْيِ. وقَلبٌ وَقّاد: سريعُ التوقُّد فِي النشاط والمضاء.
وكل شَيْء يتلألأ فَهُوَ يَقِد، حتَّى الْحَافِر إِذا تلألأ بَصِيصُه.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: (كَوْكَب دُرّيّ تَوَقَّدَ مِن شَجَرَة مباركة) (النُّور: 35) .
وقرىء: (تَوَقّدُ) ، و (تُوقَّدُ) ، و (يُوقَدُ) .
قَالَ الْفراء: مَن قَرَأَ (تَوقَّدَ) ذَهب إِلَى الْمِصْبَاح.
ومَن قَرَأَ (تُوقَد) ذَهب إِلَى الزُّجاجة، وَكَذَلِكَ مَن قَرَأَ (تَوَقَّدُ) .
وَمن قَرَأَ (يُوقَد) بِالْيَاءِ ذهب إِلَى الْمِصْبَاح.
وَقَالَ اللَّيْث: من قَرَأَ (تَوقَّدُ) فَمَعْنَاه تتوقّد وردّه على الزُّجاجة.
ومَن قرأَ (يُوقَدَ) أخرجه على تذكير النُّور.
ومَن قَرَأَ (تُوقَد) فَعَلَى معنى النَّار إِنَّهَا توقد مِن شَجَرَة.
وَيُقَال: أوقَدْتُ النَّار واستَوقَدْتُها إيقاداً واستيقاداً، وَقد وقَدِت النارُ وتوقّدَتْ واستَوْقَدَت استيقاداً أَيْضا.
والعَرَب تَقول: أَوقدْتُ للصِّبَا نَارا، أَي: تركته ووَدّعْتُه.
وَقَالَ الشَّاعِر:
صَحَوْتُ وأوقَدْتُ للْجَهْل نَارا
ورَدَّ عليَّ الصِبا مَا استعارا
وَقَالَ: سَمِعت بعض الْعَرَب يَقُول: أبعد الله فلَانا وأوقَدَ نَارا أثرَه، وَمَعْنَاهُ: لَا رجَعَه الله وَلَا رَدَّه.
أَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: مِن دُعَائِهِمْ: أبْعَدَه الله وأَسحَقَه.
وأَوْقَدَ نَارا أَثَره.

(9/195)


قَالَ: وَقَالَت العُقَيليَّة: كَانَ الرجُل إِذا خِفْنا شَرَّه فتحوَّلَ عنّا: أوقَدْنا خلفَه نَارا.
قَالَ: فَقلت لَهَا: وَلم ذَلِك؟ قَالَت: لتحوّل ضَبُعهم مَعَهم، أَي: شرّهم.
دقي: قَالَ اللَّيْث: فَصيلٌ دَقٍ، وَهُوَ الَّذِي يكثِر اللَّبن فيَفْسُد بطنُه ويَكثُر سَلْحُه.
وَالْأُنْثَى دَقِيَة، والفِعْل دَقِيَ يَدْقى دَقًى، وَهُوَ فِي التَّقْدِير مِثل فَرِحٌ وفرِحَة، فَمن أدخَل فَرْحان على فَرح قَالَ: فَرْحان وفَرْحَى. وَقَالَ على مِثَاله: دَقْوَان ودَقْوى.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: دَقِي الفَصِلُ دَقًى، وأُخِذَ أخذَاً: إِذا أكثرَ مِن اللَّبن حتَّى يفسُد بطنُه ويَبشَم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي الدَّقى مثله.
ودق: قَالَ اللَّيْث: الوَدْق: المَطَر كلُّه شديدهُ وهيّنُه.
وَيُقَال للحَرْب الشَّدِيدَة ذَات ودَقيْن، تشبَّه لسحابةٍ ذاب مَطْرتين شديدتين.
وَيَقُولُونَ: سحابةٌ وداقة، وقلما يَقُولُونَ: ودَقَتْ تَدِق.
وَقَالَ غَيره: يُقَال للداهية ذاتُ وَدَقَيْن.
قَالَ الْكُمَيْت:
إِذا ذاتُ وَدْقيْن هابَ الرُّقا
ةُ أَن يَمسَحوها وأنْ يتْفُلُو
وَقيل: ذَات وَدْقين مِن صفةِ الحيّات.
وَيُقَال: ذَات وَدْقين مِن صفة الطّعنة.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَديقة: حَرُّ نصف النَّهَار. والمَوْدِق: مُعْتَرك الشرّ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيَّ: الوديقة: شِدَّة الحرّ.
وَقَالَ شمر: سمِّيتْ وَدِيقةً لأنّها وَدَقَتْ إِلَى كل شَيْء، أَي: وَصَلَتْ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: فلانٌ يحمي الْحَقِيقَة ويَنسِل الوَديقة؛ يُقَال ذَلِك للرجل القويّ المُشمِّر، أَي: يَنْسِل نَسَلاناً فِي شدَّة الحرّ لَا يُباليها.
وَقَالَ أَبو عبيدٍ فِي بَاب استخذاء الرجل وَخضوعِه واستكانته بعد الإباء. يُقَال: وَدَقَ العَيْرُ إِلَى المَاء، يُقَال ذَلِك للمستخذِي الَّذِي يَطلب السِّلْمَ بعدَ الإباء. وَقَالَ: وَدَقَ، أَي: أَحَبَّ وأَرادَ واشتَهَى.
أَبُو عبيد: يُقَال: لكلِّ ذاتِ حافرٍ إِذا اشتهت الفَحْلَ. قد استَوْدَقَتْ وودَقَتْ تَدِق وَدْقاً وُوُدوقاً.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ أَبو صاعدٍ الكلابيّ: يُقَال: وَدِيقة من بَقْل ومِن عُشْب، وَحَلُّوا فِي وَدِيقةٍ منكَرة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: أتانٌ وَدِيقٌ وَبغلةٌ وَدِيق، وَقد وَدَقَتْ تَدِق وِداقاً: إِذا حَرَصَتْ على الفَحْل. ووَدَقَ الصَّيدُ يَدِقُ وَدْقاً: إِذا دنا مِنْك.
وَقَالَ ذُو الرمة:

(9/196)


كَانَت إِذا وَدَقَتْ أمثالهُن لَهُ
فبعضُهنّ عَن الأُلاَّف مشتعِبُ
وَيُقَال: مارَسْنا بني فلانٍ فَمَا وَدَقُوا لنا بِشَيْء، أَي: مَا بَذَلوا، وَمَعْنَاهُ: مَا قَرَّبوا لنا شَيْئا مِن مَأْكُول أَو مشروب، يَدِقُون وَدْقاً.
الأصمعيّ: يُقَال: فِي عَيْنه وَدْقة خَفِيفَة: إِذا كَانَت فِيهَا بَثْرةٌ أَو نُقْطة شَرِقةٌ بِالدَّمِ.
وَقد وَدَقتْ عينُه تِيدَقُ وَدَقاً.
وَقَالَ رؤبة:
لَا يَشتَكِي عَيْنَيْهِ مِن داءِ الوَدَق
وَيُقَال: وَدَقتْ سُرّتُه تَدِق وَدْقاً: إِذا سَالَتْ وَاسْتَرْخَتْ. وَرجل وادقُ السُرَّة: شاخِصُها.
دوق: أَبُو عبيد: هُوَ مائق دائق، وَقد ماقَ يَمُوق وداقَ يدُوق، مَواقةً وَدَواقةً ومُؤوقاً ودُؤوقاً.
وَقَالَ أَبُو سعيد: داقَ الرجلُ فِي فِعلِه وداك يَدُوقُ وَيَدُوك: إِذا حَمُق. ومالٌ دَوْقَى ورَوْبَى، أَي: هَزْلَى.

(بَاب الْقَاف وَالتَّاء)
ق ت (وايء)
قتا، قوت، وَقت، توق، تيق، تَقِيّ، تأق.
قتا: قَالَ اللَّيْث: القَتْو: حُسْنُ الخِدمة. تَقول: هُوَ يَقْتُو الملُوك، أَي: يَخدمُهم:
إِنِّي امرؤٌ مِن بني خُزَيمة لَا
أحْسِنْ قتْوَ المُلُوك والخَبَبا
والمَقَاتيَة هم الخُدَّام، وَالْوَاحد مَقْتَوِيّ، وَإِذا جُمع بالنوق خُفِّفتْ الْيَاء مَقْتَوون وَفِي الْخَفْض وَالنّصب مَقْتَوِين، كَمَا قَالُوا أشقرِين. وَأنْشد:
مَتَى كنّا لأمِّكَ مَقْتَوِينا
وَقَالَ شمر: المَقْتَوَون: الخَدَم، واحدهم مَقْتَوِيّ. وَأنْشد:
أرَى عَمرو بن صِرْمةَ مَقْتَوِيّاً
لَهُ فِي كل عامٍ بَكْرَتانِ
قَالَ: ويروى عَن الْمفضل وَأبي زيد أَن أَبَا عَوْنٍ الحِرمازيّ قَالَ: رجلٌ مَقْتَوِين ورجلانَ مَقْتَوِينٌ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَة وَالنِّسَاء، وهم الَّذين يَخدُمون النَّاس بِطَعَام بطونهم.
قَالَ الْكُمَيْت: وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال: فَتَوْتُ الرجلَ فَتْواً ومَقْتى، أَي: خَدَمتهُ ثمَّ نسبوا إِلَى المقْتَى فَقَالُوا: رجل مَقْتَوَي، ثمَّ خفّفوا ياءِ النِّسْبَة فَقَالُوا: رجلٌ مَقتَوٍ ورجالٌ مَقْتَوُون، الأَصْل مَقْتَوِيون.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القَتْوَة: النميمة.
قلتُ: أَصلُها القَتَّة.
قوت: قَالَ اللَّيْث: القُوت: مَا يمسك الرَّمَق من الرِّزق والقَوْت مصدرُ قَوْلك: قاتَ يَقُوتُ قَوْتاً، وَأَنا أقُوتُه، أَي: أَعُولُه برِزْق قَلِيل.
وَإِذا نَفَخَ نافخٌ فِي النَّار تَقول لَهُ: أنْفُخ

(9/197)


نفخاً قَوِيّاً. واقتَتْ لَهَا نفخكَ قِيتةً، يَأْمُرهُ بالرِّفق والنّفخ الْقَلِيل.
لقَوْل ذِي الرُّمّة:
فقلتُ لَهُ خُذها إِلَيْك وأَحْيِها
برُوحِكَ واقتَتْهُ لَهَا قِيتةً قَدْرا
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ مُّقِيتاً} (النِّسَاء: 85) ، المُقِيتُ: المقتدِر والمقدِّر، كَالَّذي يُعطِي كلَّ رجلٍ قُوتَه.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (كَفَى بالرجُل إِثْمًا أَن يضيِّع مَنْ يَقُوت) و (يُقِيت) .
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: وحَلَفَ العُقَيْلِيّ يَوْمًا فَقَالَ: (لَا وقائتِ نَفَسِي القَصير) قَالَ: هوَ مِن قَوْله:
يَقْتاتُ فضْلَ سَنامها الرَّحْلُ
قَالَ: والاقتيات والقُوتُ وَاحِد.
قلت: معنى قَوْله: (وقائتِ نَفَسي) أَرَادَ بنَفَسه رُوحَه، وَالْمعْنَى: أنّه يَقْبِض رُوحَه نَفَساً بَعد نفَسٍ حَتَّى يَتوفّاه كلّه.
وَقَوله:
يَقْتاتُ فضلَ سَنامِها الرَّحْلُ
أَي: يأخذُ الرَّحْلُ وَأَنا راكبُ شَحْمَ سَنامِ هَذِه الناقةَ قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى لَا يَبقَى مِنْهُ شيءٌ، لِأَنَّهُ يُنْضِيها.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله وجلّ وعزّ: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ مُّقِيتاً} .
قَالَ: قَالَ بَعضهم: المُقِيتُ: القَدِير.
وَأنْشد الفرّاء:
وَذي ضغن كَفَفْت النفسَ عَنهُ
وكنتُ على إساءَته مُقيتا
أَي: مقتدراً. وَقيل: المُقيتُ: الحفيظ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: هُوَ عِنْدِي بالحفيظ أشبَه، لأنَّه مُشتقّ من القَوْت.
يُقَال: قُتُّ الرجلَ أقوتُه قَوْتاً: إِذا حَفِظْتَ نفْسَه بِمَا يَقُوتُه. والقُوتُ: اسمُ الشَّيْء الَّذِي يَحفظ نفْسه وَلَا فضلَ فِيهِ على قَدْر الحِفظ.
فَمَعْنَى الْمقِيت، وَالله أعلم: الحَفيظ الَّذِي يُعطِي الشيءَ قَدْرَ الْحَاجة مِن الْحِفْظ.
وَأنْشد:
أَلِيَ الفضلُ أم عليَّ إِذا حُو
سبتُ إنِّي على الْحساب مُقيتُ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المقيت عِنْد الْعَرَب: الْمَوْقُوف على الشَّيْء. وَأنْشد هَذَا الْبَيْت.
وَقَالَ آخر:
ثمَّ بعدَ المماتِ ينشرني من
هُوَ على النشْرِ يَا بُنيَّ مُقيتُ
أَي: مقتدر.
وَقت: قَالَ اللَّيْث: الوَقْتُ: مقدارٌ من الزَّمَان. وكلُّ شيءٍ قَدَّرْتَ لَهُ حِيناً فَهُوَ موَقّت، وَكَذَلِكَ مَا قدَّرْتَ غايتَه فَهُوَ موَقَّت. والميقات: مَصْدَرُ الْوَقْت.

(9/198)


وَالْآخِرَة ميقاتٌ للخلْق، ومواضع الْإِحْرَام مَوَاقِيت الحاجّ، والهلال مِيقات الشَّهْر، وَنَحْو ذَلِك كَذَلِك.
وَقَالَ الله جلَّ وعزّ: {نُسِفَتْ وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} (المرسلات: 11) .
قَالَ الزّجاج: جُعل لَهَا وَقت واحدٌ للفصل فِي الْقَضَاء بَين الْأمة.
وَقال الفرّاء: جُمعتْ لوَقْتهَا يومَ الْقِيَامَة.
قَالَ: واجتَمع القرَّاء على همزها، وَهِي فِي قِرَاءَة عبد الله: (وقِّتَتْ) ، وَقرأَهَا أَبُو جَعْفَر المدنيّ: (وُقِتَتْ) خَفِيفَة بِالْوَاو، وإنّما هُمزتْ لأنَّ الْوَاو إِذا كَانَت أوَّلَ حَرْفٍ وضُمّتْ هُمزَتْ.
من ذَلِك قولُك: صَلَّى القَوْمُ أُحْدَاناً.
وأنشدني بَعضهم:
يحُلُّ أُحَيْدَهُ ويقالُ بَعْلٌ
ومِثلُ تموُّلٍ مِنْهُ افتقارُ
وَيُقَال: هَذِه أُجُوهٌ حِسانٌ بِالْهَمْز، وَذَلِكَ لأنَّ ضمة الْوَاو ثَقيلَة، كَمَا كَانَت كسرة الْيَاء ثَقيلَة.
وَيُقَال: وقتٌ مَوْقوتٌ ومُوَقَّت.
قَالَ الله: {إِنَّ الصَّلَواةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً} (النِّسَاء: 103) ، أَي: كُتِبَتْ عَلَيْهِم فِي أَوْقَات مُؤقّتة.
توق: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: المتَوَّقُ: المتَشَهَّى. قَالَ: والمُبَوَّق: الْكَلَام الْبَاطِل.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّوْقُ: تؤوق النَّفس إِلَى الشَّيْء، وَهُوَ نِزاعُها إِلَيْهِ. تاقتْ إِلَيْهِ نفْسي تَتُوقُ تَوْقاً وتؤوقاً. نفْسٌ تَوَّاقةٌ: مُشْتاقةٌ.
وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
جَاءَ الشتاءُ وقمِيصي أَخْلاق
شراذِمٌ يضحكُ مني التَّوّاق
قَالَ: التّواق: الَّذِي تَتُوقُ نفسُه إِلَى كلِّ دَناءَةٍ.
وَقيل: التَّوَّاق اسْم ابْنه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: التَّوَقَةُ: الخُسَّف جمعُ خاسِف، وَهُوَ الناقةُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو مثله. قَالَ: والتّوْق: نَفْس النّزع.
قَالَ: والتُّوق: العَوَج فِي العَصا وغيرِها.
تأق: قَالَ اللَّيْث: التَّأَق: شِدَّةُ الامتلاء.
يُقَال: تَئِقَت القِرْبة تَتأَق تَأَقاً، وأتاقَها الرجُل إتآقاً. وتَئِقَ فلانٌ: إِذا امتلأَ حُزْناً وَكَاد يبكي، وأَتأَقتُ القَوْسَ: إِذا شَدَدْتَ نَزْعَها فأغْرقت السهْم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي تَقول الْعَرَب: (أَنا تئق، وَأخي مئق، فَكيف نتّفق) .
يَقُول: أَنا مُمتلىءٌ من الغيظ والحزن، وَأخي سريع البُكاء فَلَا يكَاد يَقع بَيْننَا وِفاق.
تَقِيّ: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: التُّقاة وَالتقيَّة والتقوَى والاتِّقاءُ كلُّه واحدٌ.

(9/199)


قَالَ أَبُو بكر: رجلٌ نقيٌّ مَعْنَاهُ: أنّه مُوقِّ نفسَه من الْعَذَاب بِالْعَمَلِ الصَّالح. وَأَصله من وقيت نَفسِي أقيها.
قَالَ النحويُّون: الأَصْل فِيهِ وَقُويٌ، فأَبدلوا من الْوَاو الأولى تَاء كَمَا قَالُوا مُتَّزِر وَالأصل فِيهِ مُوتزر، وأبدلوا من الْوَاو الثَّانِيَة يَاء وأدغموها فِي الْيَاء الَّتِي بعْدهَا وكسروا الْقَاف لتصبح الْيَاء.
وَقَالَ أَبُو بكر: الِاخْتِيَار عِنْدِي فِي تقيَ أَنه من الْفِعْل فعيلٌ مُدغم، فأدغمت الْيَاء الأولى فِي الثَّانِيَة، الدَّلِيل على هَذَا جمعُهم إيَّاه أتقياءِ، كَمَا قَالُوا وليّ وأَوْلياء.
وَمن قَالَ: هُوَ فعولٌ قَالَ: لما أشبَه فعيلاً جمع كجمعه.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحرَّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: يُقَال: اتّقاه بحقّه يتَّقيه، وتَقاه يَتَّقيه.
وَأنْشد:
زيادتُنا نُعمانَ لَا تنسَيْنها
تَقِ اللَّهَ فِينَا والكتابَ الَّذِي تتلو
وَقَالَ آخر:
وَلَا أَتْقِي الغَيُورَ إِذا رَآنِي
ومِثلي لِزَّ بالحَمِسِ الرَّبِيسِ
وَقَالَ الأصمعيّ: أَنْشدني عِيسَى بن عَمْرو:
جلاها الصَّيْقلون فأَخْلَصُوهَا
خِفافاً كلُّها يَتْقى بأَثْرِ
أَي: كلهَا يستقبلك بفِرِنْدِه.
قلت: اتَّقَّى كَانَ فِي الأَصْل اوْتقى، وَالتَّاء فِيهَا تَاء الافتعال، فأُدْغِمَتْ الواوُ فِي التَّاء وشُدِّدَتْ فَقيل: اتَّقَى ثمَّ حذفوا ألفَ الوَصْل وَالْوَاو المنقلبة تَاء فَقيل تَقَى يَتَقِي بِمَعْنى تَوَقَّى.
وَإِذا قَالُوا: تَقِيَ يَتْقَى فَالْمَعْنى أَنه صَار تقيّاً.
وَيُقَال فِي الأول تقى يَتقَى ويَتْقِي.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْعَبَّاس: أَنه سمع ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: واحدُ التُّقى تقاةٌ، مِثل طلاه وطُلى. وَهَذَانِ الحرفان نادران.
قلت: وأصل الْحَرْف وَقَى تِقِي، وَلَكِن التَّاء صَارَت لَازِمَة لهَذِهِ الْحُرُوف فَصَارَت كالأصلية، وَلذَلِك كتبتُها فِي بَاب التَّاء.
والتَّقوى: اسْم، وَمَوْضِع التَّاء وَاو، أَصْلهَا: وَقْوَى وَهُوَ فَعْلَى من وقَيْت.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي قَول الله جلّ وَعز: {إِلاَ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً} (آل عمرَان: 28) ، وَقَرَأَ حُميد: (تقِيَّةً) ، وَهُوَ وجهٌ إلاَّ أنّ الأُولى أشهر فِي الْعَرَبيَّة.
والتُّقي يكْتب بِالْيَاءِ.
وَقَالَ الشَّاعِر:

(9/200)


قِرانا التُّقيَّا بَعْدَمَا هبت الصَّبا
لنا وأرشَّ الثَّوبَ من كلّ جَانب
أَي: قدر مَا تَقول: أطمعته شَيْئا يتقى بِهِ الذمّ. وَالتَّاء مبدلة من الْوَاو. وقرى الضَّيْف إِذا كانَ يَسِيرا فَهُوَ التُّقِيا.
يَقُول الْقَائِل: هَل عنْدك قِرَى فأضيفك؟ فَتَقول: لَا أقلَّ من التُّقيا.
تأق: وَقَالَ أَبُو تُرَاب فِي بَاب التَّاء وَالْمِيم: قَالَ الْأَصْمَعِي: تئق الرجلُ: إِذا امْتَلَأَ غَضبا. ومئق: إِذا أَخذه شبه الفُواق عِنْد الْبكاء قبل أَن يبكي.
وَقَالَ: وَكَانَ أَبُو سعيد يَقُول فِي قَوْلهم: (أَنا تئق وَأَنت مئق: أَنْت غَضْبَان) وَأَنا غَضْبَان.
قَالَ: وَحَكَاهُ أَبُو الْحسن عَن أَعْرَابِي من بني عَامر.
قَالَ الْأَصْمَعِي فِي قَول رؤبة:
كَأَنَّمَا عولتها بعد التأَقْ
عَولة ثَكْلَى ولولت بعد المأَقْ
قَالَ: التّأَق: الامتلاء. والمأق: نشيج الْبكاء الَّذِي كَأَنَّهُ نفس يقلعه من صَدره.
وَقَالَ أَبُو الْجراح: التئق: الملآن شبعاً وريّاً. والمئق: الغضبان.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَّأَقة: شدَّة الْغَضَب والسرعة إِلَى الشرّ. والمأق: شدَّة الْبكاء.

(بَاب الْقَاف والظاء)
ق ظ (وايء)
قيظ، يقظ، وقظ.
وقظ: أما وقظ فَإِن اللَّيْث أَودَعَه هَذَا الْبَاب. وَزعم أنَّه حَوْضٌ لَيْسَ لَهُ أعضادٌ إلاّ أَنه يجْتَمع فِيهِ ماءٌ كثير.
قلت: هَذَا خطأ محضٌ وتصحيف، وَالصَّوَاب الوَقْط، وَقد مرَّ تَفْسِيره فِي بَاب الْقَاف والطاء.
قيظ: قَالَ اللَّيْث: القَيْظ: صميم الصَّيف، وَهُوَ حاقُّ الصَّيف.
يُقَال: قظنا بمَكَان كَذَا وَكَذَا. والمَقيظ والمصيف وَاحِد.
قلتُ: العَرب تجْعَل السَّنَةَ أربعةَ أزمان لكلِّ زمَان مِنْهَا ثَلَاثَة أشهر، وَهِي فُصُول السّنة: مِنْهَا فصل الصَّيف وَهُوَ فصلُ ربيع الْكلأ، أوَّلُه آذار ونيسان وأيَّار، ثمَّ بعده فصل القيظ ثلاثةُ أشهر: حَزِيران وتمُّوز وآب، ثمَّ بعده فصل الخريف، وَهُوَ أيلول وتَشْرين وتَشْرين، ثمَّ بعْدهَا فصل الشتَاء وَهُوَ الكانونان وشُباط.
وَفِي حَدِيث عمر أَنه قَالَ حِين أمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتزويد وفْدِ مُزَنية تمْراً مِن عندِه: (مَا هِيَ إلاَّ أصوعٌ مَا يُقَيِّظْنَ بنيَّ) لَا يكفيهم لقَيْظهم.
والقيظ: حَمَارَّة الصَّيف.
يُقَال: قيَّظني هَذَا الطعامُ وَهَذَا الثوبُ،

(9/201)


أَي: كفاني لقيظي.
الكسائيّ يُنشد هَذَا الرجز:
مَن يَكُ ذَا بَتَ فَهَذَا بَتِّي
مُقيِّظٌ مصيِّفٌ مُشَتِّي
يَقُول: يَكْفِينِي للقيظ والصَّيف والشتاء.
ومَقيظ الْقَوْم: الْموضع الَّذِي يُقام فِيهِ وقتُ القيظ.
مَصيفُهم: الْموضع الَّذِي يُقام فِيهِ وَقت الصَّيف.
والمقيظةُ: نباتٌ يبْقى أَخضر إِلَى القيظ، يكون عُلقَةً لِلْإِبِلِ إِذا يكبسَ مَا سِواه.
يقظ: قَالَ اللَّيْث: الْيَقَظَة: نقيض النّوم، والفِعل استيقَظَ، وأيقظتُه أَنا، والنَّعْت يَقْظانُ والتأنيث يَقْظى ونسوةٌ يَقَاظى، ورجالٌ أيقاظٌ.
ويَقظة: اسْم أبي حيّ من قريشِ.
ابْن السّكيت فِي بَاب فَعُل وفعِل: رجل يقُظ ويقِظ، أَي: كَانَ كثير التيقُّظ. وَمثله عَجُل وعجِل وطَمُع وطَمِع وفَطُن وفَطِن وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عبيد.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للَّذي يثير التُّرَاب: قد يقظه وأيقَظَه.
قلت: لَا أحفظُ يقظ وَأَيْقَظَ بِهَذَا الْمَعْنى، وَأَحْسبهُ تصحيفاً، صَوَابه بَقَّط التُّرابَ يُبَقِّطُ تبقيطاً: إِذا فرّقَه.
وَقد مرّ تَفْسِيره فِي بَابه.
وَيُقَال: يقِظ فلانٌ ييقَظُ يقظاً ويقظةً، فَهُوَ يقظان، ورجُل يقُظ ويقِظٌ، إِذا كَانَ متيقظاً، وَقد تيقظ لِلْأَمْرِ: إِذا تنبَّه لَهُ. وَقد يقظتْه التجارب.
وَقَالَ اللِّحياني: مَا كَانَ فلانٌ يقُظاً، وَلَقَد يقُظ يقاظةً ويقظاً بيِّناً.

(بَاب الْقَاف والذال)
ق ذ (وايء)
قذى، وقذ، ذوق، ذقي.
ذقي: أمّا ذَقى فَلَا أحفظه لأحدٍ مِن الثِّقَات.
وَذكره اللَّيْث فِي هَذَا الْبَاب فَقَالَ: فَرَسٌ أَذْقَى وَالْأُنْثَى ذَقْواء، والجميع الذُّقْوُ، وَهُوَ الرِّخْو رانِف الْأنف، وَكَذَلِكَ الْحمار.
قلت: وَهَذَا عِنْدِي تَصْحِيف بيِّن، وَالصَّوَاب فَرَسٌ أَذْفى، وَالْأُنْثَى ذفْواء: إِذا كَانَ مُسترخِيَي الْأُذُنَيْنِ. وَقد فسرته فِي كتاب الدَّال.
وقذ: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ} (الْمَائِدَة: 3) .
قَالَ الْفراء: الموقوذة: المضروبة حَتَّى تَمُوت وَلم تُذَكَ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت، يُقَال: تركتهُ وَقِيذاً ووَقيطاً بِالذَّالِ والطاء.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: ضَربه فوقَطَه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: وَقَذَه بالضَّرب.

(9/202)


والموقوذة والوَقيذُ: الشَّاة تُضرب حَتَّى تَمُوت ثمَّ تُؤْكَل.
وَيُقَال: ضَربه على موْقِذٍ مِن مَواقِذه، وَهُوَ المِرْفَق أَو طَرَف المَنكِب أَو الرُّكْبَة أَو الكَعْب.
وَأنْشد:
دَيْنِي إِذا وَقَذَ النُعاس الرُّقّدا
أَي: صَارُوا وَكَأَنَّهُم سُكارى فِي النُّعاس.
وَقَالَ اللَّيْث: حُمِل فلانٌ وَقيذاً، أَي: ثقيلاً دَنفاً مُشْفِياً.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُوقَذة: النَّاقة الَّتِي يُؤثِّر الصِّرار فِي أَخلافها.
وَقَالَ العَدَبّس: المُوقَّذة: الَّتِي يَرغَثُها الفَصيل فَلَا يخرج لبنُها إلاَّ نَزْراً لعَظم الضَرْع، فَيرِمُ ضَرْعُها ويأخذها دَاء فِيهِ.
وَفِي حَدِيث عمر أَنه قَالَ: إنِّي لأعْلم مَتَى تهْلك العَرَب: إِذا ساسَها مَن لم يُدرك الْجَاهِلِيَّة فيأخذها بأخلاقها وَلم يُدْرِكه الْإِسْلَام فيَقِذُه الوَرَع. قَوْله: فيقذه، أَي: يُسكّنه ويُثْخنه، أَي: يبلغ مِنْهُ مبلغا يَمنعه مِن انتهاك مَا لَا يَحِلّ وَلَا يَجْمل.
قَالَ: وَقَالَ خَالِد: الوَقْذُ: أَن يَضرب فائِقُه أَو خُشَّاءَهُ من وَرَاء أُذُنه.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الوَقْذ: الضَرْب على فأس القَفا، فَتَصِير هَدَّتُها إِلَى الدِّماغ فَيذْهب العَقل. يُقَال: رجل مَوْقوذٌ، وَقد وقَذَه الْحِلم: سَكّنه.
وَقَالَ ابْن شُميل: الوَقيذُ: الَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ لَا يُدْرَى أميّتٌ أم لَا.
ذوق: قَالَ اللَّيْث: الذَوْق: مصدرُ ذاقَ يذوقُ ذَوْقاً ومَذاقاً وذَوَاقاً. فالذَّوَاق والمَذاق يكونَانِ مصدَرَين، ويكونانِ طَعْماً، كَمَا تَقول: ذَواقهُ ومذاقُه طيِّبٌ. وَتقول: ذُقْتُ فلَانا وذُقْتُ مَا عِنْده؛ وَكَذَلِكَ مَا نَزل بِإِنْسَان مِن مَكْرُوه فقد ذاقَه.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (إِن الله لَا يُحبّ الذَّوّاقين والذَوّاقات) .
قَالَ: وَتَفْسِيره أَلا يطمئن وَلَا تطمئِن، كُلَّما تزَوَّجَ أَو تزوجَتْ كَرِهاً وطَمحا إِلَى غير الزَّوج.
وَيُقَال: ذُقتُ فلَانا، أَي: خَبَرْتُه وَبُرْتُه واستَذَقْتُ فلَانا إِذا خَبَرْتَه فلَم تَحمد مَخْبَرتَه. وَمِنْه قَوْله:
وعهدُ الغانيات كَعهدِ قَيْنٍ
وَنَتْ عَنهُ الجَعائلُ مُسْتذاقِ
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {نُّكْراً فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً} (الطَّلَاق: 9) ، أَي: خَبَرت. والذَّوْق يكون فِيمَا يُكرَه ويُحمَد.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} (النَّحْل: 112) ، أَي: ابتلاها بسوءِ مَا خَبَرتْ مِن عِقَاب الْجُوع وَالْخَوْف وضَرَب لباسَها مثلا لأنَّهما شَمِلاهم عَامَّة.
وَيُقَال: ذُقْ هَذَا القَوْسَ، أَي: انزِع فِيهَا

(9/203)


لتَخبُر لينَها وشدَّتها.
وَقَالَ الشماخ:
فذاقَ فأَعطتْه مِن اللِّين جانباً
كفَى ولَهَا أنْ يُغْرِقَ النَّبْلَ حاجِزُ
أَي: نظَرَ إِلَى القوْس ورازَها. وَقَوله: كفى، أَي: وَكفى ذَاك اللِّين مِنْهَا. وَقَوله: وَلها أَن يُغرق النبل حاجز، أَي: لَهَا حاجزٌ يَمنعُ مِن إغراق النَّبْل، أَي: فِيهَا لينٌ وشدَّة بمقدارٍ وَفْقٍ. وَمثله:
فِي كَفِّه مُعْطِيَةٌ مَنُوع
وَقَالَ آخر:
شِريانةٌ تَمنَع بعدَ اللِّينِ
وَقَالَ ابْن مُقبل:
أَو كاهتزازٍ رُدَينيَ تَذاوَقَهُ
أيْدِي التِّجارِ فَزادُوا مَتْنَه لِينا
وذاقَ الرجلُ عُسَيلةَ الْمَرْأَة: إِذا أولجَ فِيهَا أدافَهُ حتَّى خبَرَ طِيبَ جِماعها وذاقت هِيَ عُسَيلته كَذَلِك لما خالَطَها فوَجَدَتْ حلاوةَ لَذَّةِ الخلاط.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: {فَذُوقُواْ الْعَذَابَ} (الْأَنْعَام: 30) ، قَالَ: الذَوْق يكون بالفَم وَبِغير الفَم.
وَقَالَ غَيره: أَذاقَ فلانٌ بَعدَك سَرْواً، أَي: صارَ سَرِيّاً، وأَذاقَ بَعدَك كرماً، وأَذاقَ الفَرسُ بَعْدك عَدْواً، أَي: صَار عَدّاءً بعدَك.
وَرجل ذَوّاق: مِطْلاق: إِذا كَانَ كثير النِّكَاح كثير الطَّلَاق.
وَيُقَال: مَا ذُقْتُ ذَواقاً، وَهُوَ مَا يُذاق من الطَّعَام.
قذي: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: قَذَتْ عينُه تقذِي: إِذا ألْقتْ قَذاها وقَذَّيْتُ أَنا عينَه: إِذا ألقيتَ فِيهَا القَذَى. وقَذَيتها: أخرجت مِنْهَا القَذَى.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد مثله، إِلَّا أنّه قَالَ أقذيتُها: إِذا أخْرَجْتَ مِنْهَا القَذَى.
وَقَالَ شمر: قَالَ غير أبي زيد: أقْذَيْتُ عينَه: رَمَيتُ فِيهَا القَذَى.
قَالَ: وَهَذَا أشبَه عندنَا بِالصَّوَابِ مِمَّا قَالَ أَبُو زيد.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَذَيْتُ عينَه وَأَقذيتها، بأَلف وَغير ألف: إِذا ألقَيْتَ فِيهَا القَذَى.
رَوَى أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي: لَا يُصِيبُك مني مَا يَقْذِي عينَك بِفَتْح الْيَاء.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: قَذِيَتْ عينُه تَقْذَى: إِذا صَار فِيهَا القَذَى.
وَقَالَ غَيره: القَذَى: مَا عَلا الشرابَ من شَيْء يَسْقُط فِيهِ.
ورَوَى أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: قَذَّى عينَه يُقَذِّيها: إِذا أخرج مَا فِيهَا من القَذَى، وَمِنْه يُقَال: عَيْنٌ مُقَذَّاة. وَيقال: قَذَت الشاةُ فَهِيَ تَقْذِي قَذْياً: إِذا ألْقَتْ بَيَاضًا مِن رَحمِها تُرِيدُ الفَحْل. وَقَالَ: كلُّ فَحْلٍ

(9/204)


يَمْذِي، وَكلُّ أُنْثَى تَقْذِي.
وَقَالَ حُمَيدٌ يصف بَرْقاً:
خَفَى كاقتِذاء الطَّيْر والليلُ واضِعٌ
بأَرواقِه والصبحُ قد كادَ يلمعُ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: لَا أدرِي مَا معنى قَوْله: كاقتذاء الطير.
وَقَالَ غَيره: كَمَا غمّضَ الطَّائِر عينَه من قَذاةٍ وقعَتْ فِيهَا.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الاقتذاء: نَظَرُ الطير ثمَّ إغماضُها تَنظُر نَظَراً ثمَّ تُغمِض. وَأنْشد قولَ حُميد هَذَا.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: أَتتْنا قاذِيةٌ من النَّاس، بِالذَّالِ معجَمة، وهم القَليل، وجمعُها قَواذٍ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الْمَحْفُوظ عندنَا قادية، بِالدَّال.
اللَّيْث: قَذِيَتْ عينُه تَقْذَى قَذًى فَهِيَ قَذِيَةٌ مخفّفةً.
وَيُقَال: قذيَّة مشدّدة الْيَاء.
قلت: وَأنكر غيرُه التَّشْدِيد.
وَيُقَال: قَذاة وَاحِدَة، وجمعُها قَذًى وأقذاء.
وَقَالَ النبيّ عَلَيْهِ السَّلَام فِي فتنةٍ ذكرَها: (هُدْنةٌ على دَخَنٍ وجماعةٌ على أقذاء) .
قَالَ أَبُو عبيد: هَذَا مَثَل، يَقُول: اجتماعُهم على فسادٍ مِن الْقُلُوب، شُبّه بأقذاء العَيْن.
وَيُقَال: فلانٌ يُغْضِي على القَذَى: إِذا سكتَ على الذُّلّ والضَّيم وفَساد القَلْب.

(بَاب الْقَاف والثاء)
ق ث (وايء)
قثا، وثق، قيث.
قيث: فقد استُعمل مِنْهُ: التَقَيُّثُ.
قَالَ أَبُو عَمْرو: التَّقَيُّثُ: الْجمع والمَنْع، والتهَيُّثُ: الْإِعْطَاء.
قثا: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: القَثْوة: جَمْعُ المَال وَغَيره.
يُقَال: قَثَا فلانٌ الشَّيْء قَثْياً، واقتاثه، وجَثَاه واجتثأه وقَبَاه وعَباهُ وجَباه، كلُّه: إِذا ضمَّه إِلَيْهِ ضمّاً.
قَالَ: والقَثو: أكْلُ القَثَد والكِرْبِز. والقَثَدُ: الخِيار. والكِربِز: القِثّاءُ الْكِبَار.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي (كتاب الْهَمْز) : هُوَ القِثّاء والقُثَاء بِضَم الْقَاف وَكسرهَا. وَقَالَ اللَّيْث: مدَّتهَا همزَة، وَأَرْض مقثأةٌ.
وثق: شمر: أرضٌ وَثيقَةٌ: كَثِيرَة العُشْب مَوْثوقٌ بهَا، وَهِي مِثل الوَثِيخة وَهِي دُونها.
وَقَالَ اللَّيْث: الثِّقة: مَصدرُ قولِك وثِقْتُ بِهِ فَأَنا أَثِقُ بِهِ ثِقَةً، وَأَنا واثقٌ بِهِ، وَهُوَ موثوقٌ بِهِ، وَهِي مَوْثوقٌ بهَا، وهمْ مَوْثوقٌ بهم.
وَيُقَال: فلانٌ ثقةٌ وَهِي ثِقَةٌ وهمْ ثِقة، وَقد

(9/205)


تُجمَع فَيُقَال: ثِقاتٌ فِي جَماعة الرِّجَال وَالنِّسَاء.
والوَثاقة: مصدَرُ الشَّيْء الوَثيق المُحكم. والفِعل اللَّازِم وَثُق يَوْثُق وَثاقةً فَهُوَ وَثيق. وَمن الثِقَة وَثِق بِهِ يَثِقُ بِهِ ثِقَةً.
والوَثاق: اسْم الإيثاق. تَقول: أوثقْتُه إيثاقاً ووَثاقاً. والْحَبْل أَو الشَّيْء الَّذِي يُوثَق بِهِ وِثاق، والجميع الوُثُق بِمَنْزِلَة الرِّباط والرُّبُط.
وناقة وثيقَة وجمل وَثِيق.
والوَثيقة فِي الْأَمر: إحكامُه وَالْأَخْذ بالثقة، والجميع الوَثائق. والمِيثاق مِن المُواثقة والمُعاهدة، ومنهُ المَوْثِق. تَقول: واثقْتُه بِاللَّه لأفعلنّ كَذَا وَكَذَا.
وَقَالَ الْفراء: يُقَال: مَيَاثِقي ومَواثِق.
وَأنْشد فِي لُغَة الْيَاء:
حِمًى لَا يُحَلُّ الدّهر إلاّ بإذننا
وَلَا نَسألُ الأقوامَ عَقْدَ المَياثِق
وَيُقَال: استوثَقْتُ من فلانٍ، وتوثّقْتُ من الْأَمر: إِذا أَخَذَتَ فِيهِ بالوَثاقة.

(بَاب الْقَاف وَالرَّاء)
ق ر (وايء)
قرا، قَرَأَ، قري، قور، قير، ورق، رقا، أرق، روق، ريق، (وقر) .
قرا: من ذَوَات الْيَاء وَالْوَاو.
قَالَ اللَّيْث: القَرْو: مصدَرُ قَوْلك: قَرَوْتُ إِلَيْهِم أقْرُو قَرْواً، وَهُوَ القَصْد نَحْو الشَّيْء.
وَأنْشد:
أقْرُو إِلَيْهِم أنابِيبَ القَنَا قِصَداً
قَالَ: والقَرْو: مَسِيل المِعصَرة ومَثْعَبها، والجميع القَرِيُّ والأقراء وَلَا فعْل لَهُ. والقَرْو: شِبْه حَوْض محدودٍ مستطيل إِلَى جَنْبِ حَوْض ضَخْم يُفَرَّغ فِيهِ من الحَوْض الضَّخم تَرِدُه الإبلُ والغَنَم. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ من خَشَب.
قَالَ: والقَرْو: كلُّ شيءٍ على طَريقَة وَاحِدَة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: القَرْوُ: أصلُ النَّخْلَة يُنْقَر فيُنْبَذُ فِيهِ. والقَرْوُ غير مَهْمُوز: مِيلَغُ الكلْب.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: هُوَ القَرْوُ بِلَا هَاء.
قَالَ: وَيُقَال: مَا فِي الدَّار لاعِي قَرْوٍ.
قَالَ: والقَرْوُ: الْإِنَاء الصَّغِير.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: القَرْوُ: القَدَحُ.
وَأنْشد قَول الْأَعْشَى:
وأنتَ بينَ القَرْوِ والعاصِرِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القِرْوَ، والقَرْوَةُ والقُرْوَةُ: مِيلغَةُ الْكَلْب.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: القارِيَة: حَدُّ الرمْح والسَّيف.
وَيُقَال: هُمْ أهلُ القارِيَة للحاضِرَة، وهم أهل الْبَادِيَة لأهل البدو. والقارية هَذَا الطَّائِر الْقصير الرِّجل الطَّوِيل المِنْقار

(9/206)


الْأَخْضَر الظّهْر. وقريت المَاء فِي الْحَوْض، واسمُ ذَلِك المَاء القَرِيّ. والمِقْرَى: الْإِنَاء الْعَظِيم الَّذِي يُشرب فِيهِ المَاء. والقَرْوَة: مِيلَغ الْكَلْب. والمِقْراة: الحَوْض الْعَظِيم. والمِقْراة: الْموضع الَّذِي يُقْرَى فِيهِ المَاء.
أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: قَرَوْتُ الأَرْض: إِذا تتبَّعْتَ نَاسا بعدَ نَاس، فَأَنا أقْروها قَرْواً.
قَالَ: وناقة قَرْوَاء: طويلةُ القَرَا، وَهُوَ الظّهر.
وَيقال: الناسُ قَوارِي اللَّهِ فِي الأَرْض، أَي: شهُوده.
وَقال اللَّيْث: يُقَال فلانٌ يَقْتَرِي فلَانا بقوله، وَيَقْتَرِي سَبِيلا وَيَقْرُوهُ، أَي: يتّبعه.
وَأنْشد:
يَقْتَرِي مَسَداً بِشِيقِ
وَالْإِنْسَان يَقْتَرِي أَرضًا ويستقريها ويَقْرُوها: إِذا سارَ فِيهَا ينظُر حالَها وأمرَها.
وَقَالَ بَعضهم: مَا زلتُ أستقرِي هَذِه الأرضَ قَرْيةً قَرْيَة.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الناسُ قَواري اللَّهِ فِي الأَرْض، أَي: شُهَدَاء الله؛ أَخذ من أَنهم يَقْرُون الناسَ يتَّبِعُونهم فَيَنْظُرُونَ إِلَى أَعْمَالهم.
وَقَالَ فِي قَول الْأَعْشَى:
وأنتَ بَيْنَ القَرْوِ والمعاصِرِ
إِنَّه أصل النَّخْلَة يُنْقَرُ فيُنْبَذُ فِيهِ.
وَقَالَ الأخطل:
كَأَنَّهَا قاربٌ أَقْرَى حلائلَه
ذاتَ السَّلاسلِ حَتَّى أيبَسَ العودُ
يُقَال: أقريته، أَي: جعلته يقرو الْمَوَاضِع يتتبّعها وَينظر أحوالها.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أقْرَى: إِذا لَزم الشيءَ وأَلَحَّ عَلَيْهِ وأَقْرَى: إِذا اشتَكَى قَراه. وأقْرَى لَزِمَ القُرَى. وأقْرَى: طَلَب القِرَى.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: رَجَع فلانٌ على قَرْوَاه، أَي: عادَ إِلَى طَرِيقَته الأُولى.
القَرْواء جَاءَ بِهِ الْفراء ممدوداً فِي حُرُوف ممدودة مثل المَصْواء وَهِي الدُّبر. والقِرْوانُ: الظَّهر، وَيجمع قِرْوانات.
قَالَ مَالك الْهُذلِيّ يصف الضبع:
إِذا نَفَشَتْ قِروانها وتلفَّتت
أشَتَّ بهَا الشَّعْرُ الصُّدور القراهبُ
أَرَادَ بالقراهب أَوْلَادهَا الَّتِي قد تمّت، الْوَاحِد قَرهَب. أَرَادَ أَن أَوْلَادهَا تناهبُها لحومَ الْقَتْلَى.
قَالَ الْأَزْهَرِي: كأَنّ القِروان جمع القَرَى.
وَقَالَ اللَّيْث: القَرْيُ: جَبْيُ المَاء فِي الحَوْض.
يُقَال: قَرَيْتُ فِي الْحَوض الماءَ قَرْياً. وَيجوز فِي الشّعْر قِرَى. والمِقْراة: شِبْه حَوْض ضَخْم يُقْرَى فِيهِ من الْبِئْر ثمَّ يُفرَغ

(9/207)


فِي المِقْراة، وجمعُها المَقارِي.
قَالَ: والمَقارِي أَيْضا: الجِفانُ الَّتِي يُقرَى فِيهَا الأضياف، الْوَاحِد يقْرَى.
وَمِنْه قَوْله:
وَلَا يَضنُّون بالمِقْرَى وإنْ ثَمَدُوا
وَيُقَال للناقة: هِيَ تَقْرِي: إِذا جَمَعَتْ جِرَّتها فِي شِدْقِها. وَكَذَلِكَ جمعُ المَاء فِي الحَوْض، واسمُ ذَلِك الماءِ القِرَى مَقْصُور. وَكَذَلِكَ مَا قُرِيَ الضَّيفُ قِرًى، والمِقْرَى: الْإِنَاء الْعَظِيم، لِأَنَّهُ يُشرب فِيهِ المَاء.
وَقَالَ الْفراء: هُوَ القِرَى والقَرَاء، والقِلَى والقَلاَء، والبِلَى والبَلاء، والإيا والأياء: ضوء الشَّمْس.
ثَعْلَب عَن ابْن نجدة عَن أبي زيد قَالَ: القِريَّة والجِرِّيَّةُ: الحَوْصَلة، وَهِي الزاوُورة والفُرْغُرة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: القَرَا: القَرْعُ الَّذِي يُؤْكَل.
وَقَالَ ابْن شُميل: قَالَ لي أعرابيٌّ: اقتَرِ سَلامي حَتَّى أَلْقَاك.
وَقَالَ: اقترِ سَلاما حَتَّى أَلْقَاك، أَي: كن فِي سَلام وخَير وسَعة.
اللَّيْث: هِيَ القَرْية والقِرْية لُغَتان، الْمَكْسُورَة يَمَانِية. ومِن ثمّ اجْتَمعُوا فِي جَمعِها على القُرَى فحَملوها على لُغَة من يَقُول كُسْوة وكُسًى، وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا قَرَوِيّ، وَأم القُرى: مَكة.
وَقَالَ غَيره: هِيَ القَرْية بِفَتْح الْقَاف لَا غير، وَكسر الْقَاف خطأ، وجمعُها قُرَى، جَاءَت نادرة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الحرَّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: مَا كَانَ من جَمع فَعْلة مِن الْيَاء وَالْوَاو على فِعال كَانَ ممدوداً، مِثْل رَكْوَة ورِكاء، وشَكْوَة وشِكاء، وقَشْوة وقِشاء.
قَالَ: وَلم نَسمع فِي جمع شيءٍ من جَمِيع هَذَا القَصْر إِلَّا كَوَّة وكُوًى وقريةً وقُرَى، جاءتا على غير قِيَاس.
وَقَالَ اللَّيْث: المِدَّة تَقْرِي فِي الجَرْح، أَي: تجمَّعُ.
وَفِي الحَدِيث: (أَن الشَّيْطَان يَغْدُو بقيْرَوَانه إِلَى الْأَسْوَاق) .
قَالَ اللَّيْث: القيْرَوان دَخيلٌ، وَهُوَ مُعظَم الْعَسْكَر، ومعظم الْقَافِلَة، وأصل القيْرَوَان كاروان بِالْفَارِسِيَّةِ، فأعرب.
والقُرِيُّ: مَجرَى الماءِ إِلَى الرياض، وجمعُه قُرْيان وأقْراء.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وَغارَةٍ ذاتِ قَيْرَوانٍ
كأنَّ قُرْيانَها الرحالُ
اللحيانيّ: إِنَّه لمقراءٌ للضيف وَإِنَّهَا لمِقراءٌ للضيف، وَإنَّهُ لقَرِيٌّ للضيف وَإِنَّهَا لقرِيّةٌ للأضياف.

(9/208)


وقَريتُ فِي شِدْقي جَوْزَةً: ضَبأْتُها. وقَرَت الظبيَةُ تَقرِي: إِذا جَمعتْ فِي شِدْقها شَيْئا.
وَقَالَ بَعضهم: يُقَال للْإنْسَان إِذا اشْتَكَى صدغَه قَرَى يَقرِي.
وَأقرَت النّاقةُ تُقرِي فَهِيَ مُقرٍ: إِذا استقرَّ الماءُ فِي رَحمها.
وقَرَوْتُ بني فلَان، أَي: مَرَرْتُ بهم رجلا رجلا. واستقريْتُ الأَرْض وَبنِي فلَان، وَاقتريْتُ بِمَعْنى وَاحد واستقريْت فلَانا واقتريْتُه أَي سَأَلته أَن يَقرِيني.
قَرَأَ: قَالَ أَبُو إِسْحَاق الزّجاج: يسمَّى كلامُ الله الَّذِي أنزلهُ على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كِتاباً، وقرآناً، وفُرقاناً، وذِكْراً.
قَالَ: وَمعنى قُرْآن معنَى الْجمع. يُقَال: مَا قرأتْ هَذِه الناقةُ سَلًى قطُّ، إِذا لم يضطمّ رَحِمُها على الولَدِ.
وَأنْشد:
هِجانِ اللَّوْنِ لم تقْرَأ جَنِينَا
قَالَ: وَقال أَكثر النَّاس: لم تجمع جَنِينا، أَي: لم تضْطَمّ رَحِمها على الجَنين.
قَالَ: وَقَالَ قطرب فِي الْقُرْآن قَوْلَيْنِ:
أَحدهمَا: هَذَا وَهُوَ الْمَعْرُوف، وَالذي عَلَيْهِ أَكثر النَّاس.
وَالْقَوْل الآخر: لَيْسَ بِخَارِج من الصِّحَّة وَهُوَ حسن.
قَالَ: لم تقْرَأ جَنيناً لم تُلْقِه.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون معنى قرأتُ الْقُرْآن لفظْتُ بِهِ مجموعاً، أَي: ألقيتُه.
وَأَخْبرنِي مُحَمَّد بن يَعْقُوب الأصمّ، عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم أَن الشَّافِعِي أخبرَه أَنه قَرَأَ الْقُرْآن على إِسْمَاعِيل بن قُسْطَنْطين. وَكَانَ يَقُول: القرآنُ اسمٌ وَلَيْسَ بمهموز، وَلم يُؤْخَذ مِن قرأتُ، وَلكنه اسمٌ لكتاب الله، مثل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل.
قَالَ: ويُهمز قَرَأت وَلَا يهمز الْقُرْآن، كَمَا تَقول إِذا قَرَأت الْقُرْآن.
وَقَالَ إِسْمَاعِيل: قَرَأت على شِبل، وَقَرَأَ شِبلٌ على عبد الله بن كثير، وَأخْبر عبد الله بن كثير أَنه قَرَأَ على مُجَاهِد، وَأخْبر مُجَاهِد أَنه قَرَأَ على ابْن عَبَّاس، وَأخْبر ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ على أُبَيّ، وَقَرَأَ أبَيٌّ على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ أَبُو بكر بن مُجَاهِد المقرىء: كَانَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء لَا يهمز الْقُرْآن، وَكَانَ يَقْرَؤُهُ كَمَا رُوي عَن ابْن كثير.
أَبُو عبيد: الْأَقْرَاء: الحَيْض، والأقراء: الْأَطْهَار، وَقد أقرأتِ الْمَرْأَة فِي الْأَمريْنِ جَمِيعًا، وأصلُه من دُنُوِّ وَقت الشَّيْء.
قلت: وَنَحْو ذَلِك أخبرنَا عبد الْملك عَن الرّبيع عَن الشَّافِعِي، أنّ القرءَ اسمٌ للْوَقْت، فلمّا كَانَ الحَيض يَجِيء لوقت والطُّهر يَجِيء لوَقْت، جَازَ أَن يكون الْأَقْرَاء حَيْضاً وأطهاراً.

(9/209)


قَالَ: ودَلَّت سنةُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أنَّ الله أَراد بقوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءٍ} (الْبَقَرَة: 228) الأطهارَ، وَذَلِكَ أنَّ ابْن عمر لمَّا طلَّق امرأَته وَهِي حَائِض فاستفتى عمر النبيَّ عَلَيْهِ السَّلَام فِيمَا فَعَل. قَالَ: (مُره فليراجعْها، فَإِذا طَهُرتْ فليطلّقها، فَتلك العِدّة الَّتِي أَمَر اللَّهُ أَن يطلَّق لَهَا النِّسَاء) .
ذكر أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ فِي قَول الله جلّ وَعز: {ثَلَاثَةَ قُرُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءٍ} : جَاءَ هَذَا على غير قِيَاس. وَالْقِيَاس ثَلَاثَة أَقْرؤ.
قَالَ: وَلَا يجوز أَن تَقول: ثلاثةُ فلوس، إِنَّمَا يُقَال: ثَلَاثَة أفلُس، فَإِذا كثرَتْ فَهِيَ الفُلوس.
قَالَ: وَلَا يُقَال: ثَلَاثَة رجال إِنَّمَا هِيَ ثَلَاثَة رَجْلَة، وَلَا يُقَال: ثَلَاثَة كِلاب إِنَّمَا هِيَ ثَلَاثَة أكلُب.
قَالَ أَبو حَاتِم: والنحويون قَالُوا فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {ثَلَاثَةَ قُرُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءٍ} أَراد ثَلَاثَة من القروء.
وَقَالَ أَبو إِسْحَاق الزّجاج: أَخْبرنِي مَن أَثِق بِهِ يَرفَعه إِلَى يُونس أَن الْأَقْرَاء عِنْده تصلحُ للْحيض والأطهار.
قَالَ: وَذكر أَبُو عَمْرو بن العَلاء أَن الْقُرْء: الْوَقْت، وَهُوَ يَصلح للحَيض وَيصْلح للطُّهر.
وَيُقَال: هَذَا قارىء الرِّياح لوقت هُبوبها.
وَأنشد:
شَنِئتُ العَقر عَقر بني شُلَيلٍ
إِذا هَبّتْ لِقَارِئِهَا الرياحُ
أَي: لوقت هُبوبها وَشدَّة بردهَا.
قَالَ أَبو إِسْحَاق: وَالَّذِي عِنْدِي فِي حَقِيقَة هَذَا أَن القُرءَ فِي اللُّغَة الْجمع؛ وأَنَّ قَوْلهم: قريتُ الماءِ فِي الْحَوْض وإِن كَانَ قد أُلزِم الْيَاء فَهُوَ جَمَعْتُ، وقرأْتُ القرآنَ: لفظتُ بِهِ مجموعاً، والقِرْدُ يقرِي، أَي: يجمع مَا يَأْكُل فِي فِيهِ، فإِنما القَرْء اجْتِمَاع الدَّم فِي الرَّحم، وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون فِي الطُّهر.
قلت: وَقد روينَا عَن الشَّافِعِي بِالْإِسْنَادِ المتقدّم فِي هَذَا الْبَاب نَحوا مِمَّا قَالَه أَبُو إِسْحَاق.
وَصَحَّ عَن عَائِشَة وَابن عمر أنَّهما قَالَا: الْأَقْرَاء والقُروء: الْأَطْهَار. وحقق مَا قَالَاه مِن كَلَام الْعَرَب.
قَول الْأَعْشَى:
مُوَرِّثةٍ عِزّاً وَفِي الحيّ رِفْعَةً
لما ضاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نسائكا
لأنّ القُروء فِي هَذَا الْبَيْت الْأَطْهَار لَا غير، لأنَّ النِّساء إِنَّمَا يؤْتَيْن فِي أطارهنَّ لَا فِي حيضهن فإِنما ضَاعَ بِغَيبته عنهنّ أطهارُهنّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: القُرْء يَصلح للْحيض والطُّهْر. قَالَ: وأظنُّه من أقرأتِ النجومُ:

(9/210)


إِذا غَابَتْ.
وَأَخْبرنِي الإياديُّ عَن أبي الْهَيْثَم أنّه قَالَ: يُقَال: مَا قرأتِ الناقةُ سَلًى قطّ. وَمَا قرأتْ مَلْقُوحاً قَطّ. فَقَالَ بَعضهم: أَي: لم تَحمِل فِي رَحِمِها وَلداً قطّ.
وَقَالَ بَعضهم: مَا أسقطَتْ ولدا قطّ، أَي: لم تَحمل. قَالَ: وَيُقَال: قرأَتِ المرأةُ: إِذا طَهُرَتْ، وقرأتْ: إِذا حَاضَت. وَقَالَ حميد:
أَرَاهَا غُلاماها الخَلاَ فتَشذَّرتْ
مِراحاً وَلم تَقْرَأْ جنِيناً وَلَا دَما
يُقَال: مَعْنَاهُ: لم تَحْمل عَلَقَةً، أَي: دَماً وَلَا جَنِينا. قلت: وَأهل الْعرَاق يَقُولُونَ: القُرء: الحَيْض. وحجّتهم حديثٌ رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه قَالَ لامْرَأَة: (دَعِي الصلاةَ أَيَّام أَقْرَائِك) ، أَي: أَيَّام حَيْضك.
وَقَالَ الكسائيّ وَالْفراء مَعًا: اقْرَأَت الْمَرْأَة: إِذا حَاضَت، فَهِيَ مقرىء.
وَقَالَ الْفراء: أقرأتِ الحاجةُ: إِذا تأخّرتْ.
وَقَالَ الْأَخْفَش أَيْضا: أَقرَأت الْمَرْأَة: إِذا حَاضَت. وَمَا قرأَتْ حَيْضَة، أَي: مَا ضَمَّت رَحِمَها على حَيْضة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال: ضَرَب الفحلُ النَّاقة على غير قُرْء. وقرء النَّاقة: ضَبَعتُها.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَا دَامَت الوَديقُ فِي وِداقها فَهِيَ فِي قَرْئِها وإقْرَائها.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا قَدِمْتَ بلاداً فمكثتْ بهَا خمسَ عشرةَ لَيْلَة فقد ذهبتْ عَنْك قِرأة الْبِلَاد. وَأهل الْحجاز يَقُولُونَ: قِرَة الْبِلَاد بِغَيْر همز. وَمَعْنَاهُ: إنّك إنْ مَرِضْت بعد ذَلِك فَلَيْسَ من وَباء الْبِلَاد.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: دَفَع فلانٌ جاريتَه إِلَى فُلَانَة تُقَرِّئها، أَي: تُمسِكها عِنْدهَا حَتَّى تحيض للاستبراء.
أَبُو الْحسن اللحياني يُقَال: قرأتُ الْقُرْآن وَأَنا أقرؤه قَرْءاً وَقِرَاءَة وقُرآناً، وَهُوَ الِاسْم، وَأَنا قارىءٌ من قومٍ قُرّاء وقَرَأة وقارئين، وأقرأتُ غَيْرِي أقرئه إقراء، وَمِنْه قيل: فلَان المقرىء. وَيُقَال: أقرأتُ مِنْ سَفَري، أَي: انصرفْت؛ وَأقرأتُ من أهْلي، أَي: دَنَوْتُ، وأقرأَتْ حاجتُك وأقرأَ أمرُك، قَالَ بَعضهم: دَنَا، وَقَالَ بَعضهم: اسْتَأْخَرَ. وَيُقَال: أعْتَم فلَان قِراهُ وأقرأه، أَي: حَبسه. وَيُقَال: قَرَأت، أَي: صرت قَارِئًا ناسكاً، وتقرأت تقرؤاً بِهَذَا الْمَعْنى. وَقَالَ بَعضهم: تقرَّأَتُ: تَفقَّهْتُ.
وَيُقَال: أقرأتُ فِي الشِّعْر. وَهَذَا الشّعْر على قَرء هَذَا الشِّعر، أَي: على طَرِيقَته ومثاله.
وَقَالَ ابنُ بُزرج: هَذَا الشّعْر على قَرِيِّ هَذَا الشّعْر وغِرارِه.
وَقَالَ اللَّحياني: يُقَال: قارأتُ فلَانا مُقارأةً، أَي: دارسْتُه، واستقرأتُ فلَانا.
وَيُقَال للناقة: مَا قرأتْ سَلًى قَطّ، أَي: مَا

(9/211)


طَرَحَتْ، تأويلُه مَا حَمَلتْ. وَهَذِه ناقةٌ قارىء، وَهَذِه نُوقٌ قوارىءُ يَا هَذَا. وَهُوَ من إقراء الْمَرْأَة، إلاّ أَنه يُقَال فِي الْمَرْأَة بِالْألف، وَفِي النَّاقة بِغَيْر ألف. وَيُقَال للناسك: إنّه لقُرَّاءٌ مِثلُ حُسَّان وجُمّال.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ الْفراء: رجلٌ قُرَّاء وَامْرَأَة قُرَّاءةٌ.
قَالَ: وَيُقَال: أقريْتُ الجُلَّ الفَرَسَ، أَي: ألزَمْتُه قَرَاهُ.
أَبُو حكم عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال: اقْرَأ عَلَيْهِ السلامَ وَلَا يُقَال أقرئْه السَّلَام، لأنَّه خطأ. وسمعتُ أعرابيّاً أَملَى عليّ كتابا، وَقَالَ فِي آخِره: اقترىء منِّي السَّلَام.
قري: وَقَالَ ابْن السّكيت: سمعتُ أَبَا صاعدٍ الكلابيّ يَقُول: القَرِّية بِلَا همز: أَن تُؤْخَذ عُصَيَّتانِ طولهما ذِرَاع، ثمَّ يُعْرَض على أطرافهما عُوَيْدٌ يُؤْسَر إِلَيْهِمَا من كلِّ جَانب بقدَ، فَيكون مَا بَين العُصيتين قدرَ أَربع أَصَابِع، ثمَّ يُؤْتى بعُوَيد فِيهِ فَرْض فيُعْرَض فِي وَسَط القَرِّية ويُشَدُّ طَرَفاه القَرِيّة بقِدَ فَيكون فِيهِ رَأس العَمُود.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيَّ: تَنَحّ عَن سنَن الطَّرِيق وقَرِيِّه وقِرْقِه بِمَعْنى وَاحِد.
قور قير: قَالَ اللَّيْث: القُور: جمع القارة، والقِيرانُ: جمَاعَة القارة أَيْضا، وَهِي الأصاغر من الْجبَال وأعاظمُ الآكام، وَهِي متفرِّقة خشنة كَثِيرَة الْحِجَارَة.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب الْقَدِيمَة: (قد أنصَفَ القارَةَ مَن راماها) ، قَالَ القارَة: حَيٌّ من الْعَرَب، وَهم عَضَل والدِّيش مِن كنَانَة، وَكَانُوا رُماة الحَدِق، وهم الْيَوْم فِي اليَمَن، وَالنِّسْبَة إِلَيْهِم قاريٌّ. وَزَعَمُوا أنَّ رجلَيْنِ التقيَا أحدُهما قارِيّ وَالْآخر أسَدِيّ، فَقَالَ القاريّ: إِن شئتَ راميتُك وَإِن شئتَ سَابقتُك، وَإِن شئتَ صارعتك. فَقَالَ: اخترتُ المُراماةَ. فَقَالَ القاريّ: (قد أنْصَفَ القارَةَ من راماها) . ثمَّ انتَزَع لَهُ سَهْماً فَشَكَّ بِهِ فؤادَه. وَقيل: القارة فِي هَذَا المَثَل الدُّبّة. وَقيل فِي مَثَل: (لَا يُفطَّن الدُّبّ إلاّ الْحِجَارَة) .
وَقيل: القارة مشتقَّةٌ من قُوَارة الْأَدِيم والقِرْطاس، وَهُوَ مَا قوَّرْتَ من وَسَطِه ورُمي مَا حَوَالَيْه كقُوَارة الجيب إِذا قَوَّرْته وقُرْته. والقُوَّارة أَيْضا: اسمٌ لما قَطعتَ من جَوَانِب الشَّيْء المقوَّر وكل شَيْء قطعت من وسطِه خَرقاً مستديراً فقد قَوَّرْتَه.
ودارٌ قَوْراء: وَاسِعَة الجَوْف.
والاقوِرارُ: تَشَنُّجُ الجِلد وَانْحِنَاء الصُّلْب

(9/212)


هُزالاً وكِبَراً كَمَا قَالَ رؤبة:
بَعْدَ اقوِرَار الْجِلدِ والتشنُّنِ
وناقة مُقَوَّرةٌ وَقد اقوَرَّ جِلْدُها وانحنت وهُزِلت.
وَقَالَ ذُو الرمة:
وإنْ حَبا من أنفِ رملٍ منخِرُ
أعنَقُ مقورُّ السَّراة أوعَرُ
واقورّت الأَرْض: ذهبَ نباتُها. واقورار الْإِبِل: ضمرها وذبولها. وَقَالَ:
ثمَّ قَفَلن قَفَلاً مقورَّا
أَي: يبِسنَ. وفلانٌ القاريّ محدّث.
قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: نُسب إِلَى القار، وَهِي قَرْيَة خَارج الْمَدِينَة مَعْرُوفَة يُقَال لَهَا: القار. وينسب إِلَى القارة. أعنِي الْقَبِيلَة. فَيُقَال: قاريٌّ أَيْضا.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْعَبَّاس أنّه قَالَ: القارُ والقِيرُ: كلُّ شَيْء يُطلَى بِهِ، مسموعٌ من العَرَب. قَالَ: كلُّ مَا طُلِيَ بِشَيْء فقد قُيِّر بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: القار والقِير: لُغَتَانِ، وصاحبُه قَيّار، وَهُوَ صُعُدٌ يُذاب فيُستخرج مِنْهُ القار، وَهُوَ أسود يُطلَى بِهِ السُّفُن، يَمنع المَاء أَن يَدخُل. وَمِنْه ضَربٌ يُحْشَى بِهِ الخلاخيل والأسورة.
قَالَ: وفَرَسٌ كَانَ يسمَّى قَيّاراً، لشدَّة سوادِه.
وَأنْشد غَيره:
فَمن يَك أمسَى بِالْمَدِينَةِ ثاوِياً
فإنِّي وقيَّارٌ لَهَا لغريبُ
والقار: شجرٌ مُرّ.
وَقَالَ بشر:
يَسومُون الصِّلاحَ بذاتِ كَهْفٍ
وَمَا فِيهَا لهمْ سَلَعٌ وقارُ
شمر عَن الأصمعيّ: القار: أصفر من الحَبَل.
وَقَالَ غَيره: هِيَ الجَبَل الصَّغِير الأسودُ الْمُنْفَرد شِبه الأكَمَة، وَهِي القُورُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: القارة: جُبَيل مستدِقٌّ ملحُومٌ طويلٌ فِي السَّمَاء لَا يَقُور الأَرْض كأنَّه جُثْوَة، وهوَ عظيمٌ مستدير.
وَقَالَ ابْن هانىء فِي (كِتَابه) : من أَمْثَال الْعَرَب: (قَوِّرِي وألْطِفي) قَالَهَا رجلٌ كَانَ لامْرَأَته خِدْنٌ فطَلبَ إِلَيْهَا أَن يَتّخذ لَهُ شِراكَين مِن شَرَج است زَوجهَا، قَالَ: ففَظِعتْ بذلك، فأبَى أَن يرضى دُونَ فعلِ مَا سَأَلَهَا، فنظرتْ فَلم تجِدْ لَهَا وَجْهاً ترجو بِهِ السبيلَ إِلَيْهِ إلاَّ بفَسَادِ ابنٍ لَهَا مِنْهُ، فعَمَدتْ فعصّبَتْ على مَبالِه عَقْبة فأخْفَتْها، فعَسُر عَلَيْهِ البَوْل، فاستفاث بالبكاء فَسَأَلَهَا أَبوهُ: مَا أبكاه. فَقَالَت: أخَذَه الأُسْر وَقد نُعِتَ لَهُ دواؤه. فَقَالَ: وَمَا هُوَ؟ فَقَالَت: طَرِيدَةٌ تُقَدّ لَهُ مِن شَرَج استك. فاستَعظَم ذَلِك، والصّبيُّ يتضوّر، فَلَمَّا رأَى ذَلِك بَخَع لَهَا بِهِ. وَقَالَ لَهَا:

(9/213)


(قَوِّرِي وألطِفي) ، فقطفتْ مِنْهُ طَرِيدة ترضيةً لخليلها، وَلم تَنظُر سَدادَ بَعْلِها، وأطلقتْ عَن الصبيِّ، وسلّمت الطَّريدة إِلَى خليلها. يُقَال ذَلِك عِنْد الْأَمر بالاستبقاء مِن العَزيز أَو عِنْد المرْزئةِ فِي سوء التَّدْبِير، أَو طَلَبِ مَا لَا يُوصل إِلَيْهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: القَيِّر: الأسوار مِن الرُماةِ الحاذق، مِنْ قارَ يَقُور.
وَقَالَ غَيره: قُرْتُ خُفَّ الْبَعِير قَوَراً، واقتَرَتْهُ: إِذا قَوْرتَه. وقُرْتُ البِطّيخة: قَوَّرْتُها. واقتَرْتُ حديثَ الْقَوْم: إِذا بحثتَ عَنهُ وتَقوَّر الليلُ: إِذا تَهَوَّر.
وَقَالَ ذُو الرمة:
حتّى تَرَى أعجازَهُ تَقَوَّرُ
أَي: تَذهب وتُدْبِر.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: القَوْرُ: التُّرَاب المجتَمع. والقَوَر: العَوَر وَقد قُرْتُ فلَانا: إِذا فقأْت عينَه.
وتقوَّرَت الحَيّةُ: إِذا تَثَنَّت.
وَقَالَ الشَّاعِر يصف حيّةً:
يَسرِي إِلَى الصَّوت والظّلماءُ داجيةٌ
تَقَوُّرَ السَّيْلِ لاقَى الحَيْدَ فاطّلَعا
أَبُو عبيد عَن الْفراء: انقارت الركيَّةُ انقياداً: إِذا تَهدّمَتْ.
قلتُ: وَهَذَا مَأْخُوذ من قَوْلك: قُرْتُه فانقارَ.
وَقَالَ الهُذَليّ:
حَارَ وعَقّتْ مُزْنَه الرّيحُ وانْ
قارَ بِهِ العَرْضُ ولَم يُشمَلِ
أَرَادَ كأنّ عَرْض السحابِ انقارَ، أَي: وَقعتْ مِنْهُ قِطعةٌ لِكَثْرَة انصباب المَاء. وَأَصله مِن قُرتُ عينَه: إِذا قلعْتَها.
وَقَالَ اللَّيْث: القاريَة: طَائِر من السُّودانيّات، أَكثر مَا يَأْكُل العِنَب وَالزَّيْتُون، وجمعُها قَوَارٍ، سمِّيتْ قاريَةً لسوادِها.
قلت: هَذَا غلطٌ، لَو كَانَ كَمَا قَالَ أنّها سمِّيت قاريةً لسوادها تَشْبِيها بالقار، لقيل: قاريّةٌ بتَشْديد الْيَاء، كَمَا قَالُوا عاريَّة مِن أعَار يُعير. وَهِي عِنْد الْعَرَب قارِيَة بتَخْفِيف الْيَاء.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: القارية: طيرٌ خُضْر، وَهِي الَّتِي تُدعى القَوارِير، وَهِي أوَّلُ الطّير قُطوعاً سُودُ المَناقير طوالها ضَخْمُ تحبُّها الْأَعْرَاب، يشبهون الرجل السخيَّ بهَا.
وَأَخْبرنِي الإياديّ عَن شمر أَنه قَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرو: القواري وَاحِدهَا قارية طيرٌ خضرٌ، وَهِي الَّتِي تدعى الْقَوَارِير، وَهِي أوَّل الطَّير قُطوعاً سُودُ المناقير طِوالها، أضخم من الخطّاف.
أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: القاريَةِ: طَير أخْضَر، وَلَيْسَ بالطائر الَّذِي نعرفه نَحن.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: القاريةَ: طَائِر مشؤوم

(9/214)


عِنْد الْعَرَب، وَهُوَ الشِّقِرّاق.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: القار: الْإِبِل. وَأنْشد للأغلب:
مَا إنْ رأيْنا مَلِكاً أغارا
أَكثر مِنْ قِرَة وقارا
قَالَ: والقرَة والوقير: الغَنَم.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: لقِيتُ مِنْهُ الأمَرِّينَ والبُرَحِينَ والأقْوَرِينَ والأقوريَّات، أَي: الدَّوَاهِي.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ نَحوا من ذَلِك.
واقورّت الأرضِ اقوراراً: إِذا ذهب نباتُها.
وَجَاءَت الْإِبِل مُقْوَرَّة، أَي: شاسِفَة. وَأنْشد:
ثمَّ قَفَلْن قَفَلاً مُقْوَرَّا
قَفَلن: أَي: ضَمَرنَ ويَبِسْن.
وَقَالَ أَبُو وجْزةَ يصف نَاقَة قد ضَمَرت:
كأنَّما اقورَّ فِي أنْساعِها لَهَقٌ
مُزَمَّعٌ بسوادِ اللَّيْل مَكْحولُ
وقر: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: الوَقْر: الثّقل فِي الأُذُن.
يُقَال: من قد وُقِرَتْ أُذنُه تُوقَر فَهِيَ موقُورة.
وَيُقَال: اللهمَّ قِرْ أذُنَه.
وَيُقَال أَيْضا: قد وَقِرَتْ أذنهُ تَوْقَرُ وقَراً.
قَالَ: والوِقْر: الثِقْل يُحمَل على ظَهْرٍ أَو على رَأس.
يُقَال: جَاءَ يَحْمِل وِقْره.
قَالَ الْفراء: يُقَال: هَذِه نَخْلَة مُوقِرة ومُوقَرة وموقِرٌ. وَامْرَأَة مُوقَرَة: إِذا حَملتْ حمْلاً ثقيلاً.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {ذَرْواً فَالْحَامِلَاتِ وِقْراً} (الذاريات: 2) ، يَعْنِي السحابَ تَحمِل الماءَ الَّذِي أوقَرَها.
وَقَالَ جلّ وَعز: {إِلَيْهِ وَفِىءَاذانِنَا} (فصلت: 5) .
قَالَ: ووَقَرَ الرجُل من الوقَار يَقِر فَهُوَ وَقُور، ووَقُر يَوْقُر.
قَالَ العجّاج:
ثَبْتٌ إِذا مَا صِيحَ بالقَوْمِ وَقَرْ
أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال: وَقَر يَقِر وَقاراً: إِذا سَكَن.
قلتُ: وَالْأَمر مِنْهُ قِرْ.
وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز: {قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الاُْولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَواةَ وَءَاتِينَ الزَّكَواةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ} (الْأَحْزَاب: 33) ، وَقد تغيره فِي مضاعف الْقَاف.
قَالَ: ووَقُر يوقرُ والأمرُ مِنْهُ أوقُرْ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: ضَرَبَه ضَرْبةً وقَرَتْ فِي عَظْمه، أَي: هَزَمَتْ وكلمتُه كلمة وقَرَتْ فِي أُذُنه، أَي: ثبتَتْ. والوَقْرة: تُصِيبُ الْحَافِر، وَهِي أَن تَهزِم العَظْم.
وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {أَنْهَاراً مَّا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} (نوح: 13) .

(9/215)


فإنَّ الْفراء قَالَ: مَا لكم لَا تخافون لله عَظمَة. ووقَّرْتُ الرجل: إِذا عظّمته. وَمِنْه قَوْله جلّ وعزّ: {وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ} (الْفَتْح: 9) .
وَقَالَ اللَّيْث: الوَقار: السكينَة والوداعة. ورجلٌ وَقُور ووَقَّارٌ ومتوقِّر: ذُو حِلمٍ ورَزانة.
وَرجل فَقير وَقِيرٌ، جُعِل آخرُه عِماداً لأوّله.
وَيُقَال: يُعنَى بِهِ ذِلَّته ومهانَته، كَمَا أنَّ الوقير صغَار الشَّاء.
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم:
نَبْحُ كلابِ الشَّاءِ عَن وَقِيرِها
قَالَ: وَبَعْضهمْ يَقُول: فَقير وَفير: قد أوقره الدَّينُ.
قَالَ: والتَّيْقُور: لُغَة فِي التَّوقير.
وَأنْشد قَول العجّاج:
فإنْ يكن أَمْسَى البِلَى تَيْقُور
قَالَ: وَقيل: كَانَ فِي الأَصْل ويقُوراً فأبدَلَ الْوَاو تَاء وحَمَله على فَيعول، وَيُقَال: حَمَله على تَفعول مثل التَّذْنوب وَنَحْوه، فكَرِه الواوَ مَعَ الْوَاو فَأَبدلها يَاء لئلاّ يشبه فَوعُولاً فيخالف الْبناء أَلا ترى أنَّهم أبدلوا الْوَاو حينَ أعْرَبوا فَقَالُوا: نَيرُوز.
قَالَ: والوَقْر فِي العَظْم: شيءٌ من الكَسْر وَهُوَ الهَزْم، وربّما كُسِرت يَد الرجلِ أَو رِجْلُه: إِذا كَانَ بهَا وَقْر ثمَّ يُجبَر؛ فَهُوَ أصلَب لَهَا. والوقْر لَا يزَال واهياً أبدا.
قَالَ: والوَقِير: الْجَمَاعَة من النَّاس وَغَيرهم. وَقَالَ غَيره: الوَقير: الشَّاء براعيها وكَلْبها.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الوَقير: الغَنَم الَّتِي بالسَّواد.
قَالَ ذُو الرُمة يصف بقرة:
مُوَلَّعةً خَنْساءَ لَيست بنَعْجةٍ
يُدَمِّنُ أَجوافَ المِياه وَقِيرُها
وَقَالَ اللَّيْث: الوَقْرة: شِبه وَكْتَة إلاّ أنَّ لَهَا حُفْرة تكون فِي العَيْن وَفِي الْحَافِر وَفِي الحجَر. والوَقْرة: أعظَم من الوَكْتَة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ العُذْرِيّ: الوَقيرة: النُقْرة فِي الصَّخرة الْعَظِيمَة تُمسِك الماءَ. ورجلٌ مُوَقَّر: إِذا وقَحَتْه الأمورُ واستمرّ عَلَيْهَا وَقد وقَرَتْني الْأَسْفَار، أَي: صلَّبَتْني ومرَّنتني عَلَيْهَا.
وَقَالَ ساعدةُ الهُذَليُّ يصف شُهْدة:
أُتيحَ لَهَا شَثْنُ البَراثِن مُكْزَمٌ
أَخُو حُزَنٍ قد وَقَّرَتْه كُلُومُها
لَهَا: للنَّحْل: مُكزَم: قصير. حُزَنٌ من الأَرْض، واحدتُها حُزنة.
اللِّحيانيّ: مَا عليّ مِنْك قِرَة، أَي: ثقل.
وَأنْشد:
لما رأتْ حَليلتي عَيْنيَّهْ
ولمَّتي كأنّها حَلِيهْ

(9/216)


تَقول: هَذَا قِرَة عَلَيَّهْ.
الْأَصْمَعِي: بَينهم وقَرة ووغرةٌ أَي ضغْنٌ وعداوة. وتَوَقَّرَ الرجل: إِذا تَرَزَّن. واستَوقَر: إِذا حَمَل حِمْلاً ثقيلاً.
روق ريق: قَالَ اللَّيْث: الرَّوْق: القَرْن من كل ذِي قَرْنٍ. قَالَ: وَرَوق الْإِنْسَان هَمُّه ونَفْسُه: إِذا أَلْقَاهُ على الشَّيْء حِرْصاً قيل: ألقَى عَلَيْهِ أرواقَه، كَقَوْل رؤبة:
والأَرْكُب الرَّامُون بالأرْواقِ
والسحابة إِذا ألحَّت بالمطر وثَبتتْ بأرضٍ قيل: أَلْقَت عَلَيْهَا أرواقَهَا وَأنْشد:
وباتت بأوراقٍ علينا سَوارِيا
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي يُقَال: أكل فلانٌ رَوْقَة: إِذا طَال عمره حتَّى تحاتّت أسنانُه. وألقَى عَلَيْهِ أوراقَه وشَراشِرَه، وَهُوَ أَن يُحبَّه حَتَّى يَسْتَهْلك فِي حُبه. وألقَى أرواقَه: إِذا اشتدَّ عَدْوُه.
وَأَخْبرنِي الإياديّ عَن شمر يُقَال للسحابة: أَلْقَت أرواقها: إِذا جَدَّت فِي الْمَطَر. وإنَّه لَيركَبُ النَّاسَ بأرواقه.
وأرواق الرجل: أطرافُه وجسَدُه. وألقَى علينا أرواقَه، أَي: غطّانا بِنَفسِهِ.
يُقَال: رقونا بأوراقهم، أَي: رَمَوْنا بِأَنْفسِهِم.
وَقَالَ شمر: لَا أعرف قَوْله ألقَى أَرواقَه: إِذا اشتدَّ عَدْوَه، وَلَكِن أعرِفه بِمَعْنى الجدّ فِي الشَّيْء.
قَالَ تأبّط شرا:
نجوتُ مِنْهَا نجاتي من بجيلة إذْ
أرسلتُ لَيْلَة جَنْب الرَّعْنِ أرواقي
يُقَال: أرسل أرواقَه: إِذا عدا. وَرمى أرواقَه: إِذا قَامَ وَضرب بِنَفسِهِ الأَرْض.
وَفِي (النَّوَادِر) : رَوْقُ المَطَر ورَوْقُ الْجَيْش ورَوْقُ الْبَيْت ورَوْقُ الجَبَل: مقدَّمُه. ورَوْق الرجل: شَبابُه، وَهُوَ أوَّل كلِّ شيءٍ مِمَّا ذكرتُ.
وَيُقَال: جَاءَنَا رَوقٌ من بني فلَان، أَي: جمَاعَة.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرَّوْق: السَّيد. والرَّوْق: الصافي من المَاء وَغَيره. والرَّوْق: العُمْر، يُقَال: أكل رَوْقَه. والرَّوْق: نَفْس النَّزْعِ. والرَّوْق: المعجِب. يُقَال: رَوْقٌ ورَيق.
وَأنْشد المفضّل:
على كلّ رَيْقٍ ترى مُعَلّماً
يُهدِّرُ كالجملِ الأجرَبِ
قَالَ: الرَّيْق هَا هُنَا: الْفرس الشريف.
قَالَ: والرَّوْق: الحُبُّ الْخَالِص. والرُّوق: الطِّوال الْأَسْنَان. والرُّوق: الغِلمان المِلاح.
قلت: أمَّا قَوْله: الرُوق: الطِّوال الْأَسْنَان، فَهُوَ جمع الأَرْوَق. وَيُقَال: رَوِقَ يَرْوَقُ رَوَقاً فَهُوَ أروَقُ: إِذا طَالَتْ أسنانهُ.
قَالَ لبيد:

(9/217)


تُكْلحُ الأرْوَقَ مِنْهُم والأيَلّ
وَأما الرُّوق: الغِلمان الملاح فالواحد رائق. وَيُقَال: غِلْمانٌ رُوقة كَمَا يُقَال صَاحب وصُحْبة، وفارِهٌ وفُرْهةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّوَاق: بيتٌ كالفُساطُ يُحمَل على سِطاعٍ وَاحِد فِي وَسَطَه، والجميع الأرْوِقة.
ورُوِي عَن عَائِشَة فِي حَدِيث رُوِي عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت: وضَرَبَ الشَّيطان رَوْقَه.
قلتَ: رَوْق الْبَيْت ورِوقُه، وَاحِد، وَهِي الشُّقة الَّتِي دون الشّقة العُلْيا.
وَمِنْه قَول ذِي الرمة:
وميّتةٍ فِي الأَرْض إلاّ حُشاشةً
ثَنَيْتُ بهَا حَيّاً بمَيْسُورِ أربَعِ
بِثنتَيْن إنْ تَضْرِبْ ذِهِ تنصرفْ ذِهِ
لكتيهما رَوْقٌ إِلَى جَنْبِ مُخْدَعِ
قَالَ الْبَاهِلِيّ: أَرَادَ بالميِّتة الأثرة ثنيتُ بهَا حيّاً، أَي: بَعِيرًا. يَقُول: اتّبعتُ أَثَره حتّى ردَدْتُه. والأثْرة: مِيسمٌ فِي خُفّ الْبَعِير. ميِّتة أَي خُفْيَة، وَذَلِكَ أَنَّهَا لَا تكون بيِّنة، ثمَّ ثبتَتْ مَعَ الخُفّ فتكاد تستوي حَتَّى تُعاد. إلاَّ بَقِيَّة مِنْهَا بميسور، أَي: بشقَ ميسور، يَعْنِي أَنه رأى النَّاحِيَة الْيُسْرَى فعَرَفه. ثَنيتَين، يَعْنِي عينين. رَوْقَ، يَعْنِي رِواقاً وَاحِدًا، وَهُوَ حِجاجُها المشْرِف عَلَيْهَا. وَأَرَادَ بالمخْدع داخلَ العَين.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّوْق: الْإِعْجَاب، يُقَال: راقني هَذَا الْأَمر يَرُوقُني رَوْقاً، أَي: أعجَبَني فَهُوَ رائقُ وَأَنا مَرْوق، واشتُقَّتْ مِنْهُ الرُّوقة، وَهُوَ مَا حَسُن من الوصائف والوصَفاء، يُقَال: وصيفٌ رُوقة ووُصَفاء رُوقة.
وَقَالَ بَعضهم: وُصفاء رُوق. ويوصف بِهِ الخيلُ فِي الشِّعر.
وَقَالَ غَيره: أرواق اللَّيْل: أثْنَاء ظُلَمه.
وَقَالَ الراجز:
وليلةٍ ذَات قَتَامٍ أطباقْ
وذاتِ أرواقٍ كأثناء الطَّاقْ
وَيُقَال: أسبلت أرواقُ العَيْن: إِذا سَالَتْ دموعُها.
وَقَالَ الطِّرِمَّاح:
عَيْنَاك غَرْبَاشَنةٍ أسبلَتْ
أرواقُها من كَبْنِ أخصامها
وَيُقَال: أرخت السَّمَاء أرواقَها وعَزَالِيَها.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: من الأخبية مَا يُرَوَّق وَمِنْهَا مَا لَا يُرَوَّق. فَإِذا كَانَ بَيْتا ضخماً جُعل لَهُ رِواقٌ وكفاء. وَقد يكون الرِّواق من شُقّة وشقتين وَثَلَاث شقائق.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: رِوَاق الْبَيْت: سماوته وَهِي الشّفة الَّتِي دون العُليا.
وَقَالَ أَبُو زيد: رواق الْبَيْت: ستْرَة مقدّمه من أَعْلَاهُ إِلَى الأَرْض، وكفاؤه: سترةُ أَعْلَاهُ إِلَى أَسْفَله من مؤخره. وَستر الْبَيْت أَصْغَر من الرّواق. وَفِي الْبَيْت فِي جَوْفه

(9/218)


ستر آخر يدعى الحجَلة.
وَقَالَ غَيره: رواق الْبَيْت: مقدّمه. وكِفاؤه. مؤخَّرُه، سمِّيَ كِفاءً لِأَنَّهُ يكافىء الرِواق. وخالِفَتاه: جانِباه.
وَقَالَ ذُو الرمّة يصف الفَجْر:
وَقد هَتَكَ الصُّبحُ الجَلِيّ كِفاءَه
ولكنَّه جَوْن السَراةِ مُرَوَّقُ
شبَّه مَا بدا من الصُّبح ولمَّا ينسفِر الظّلامُ ببيتٍ رُفع كِفاؤه وأسبِل رِواقُه.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: هُوَ يَرِيق بِنَفسِهِ ويَفُوق بِنَفسِهِ، وَهُوَ يَسُوق نفسَه.
وَقَالَ ابْن مُقبل فِي راقَ:
راقَتْ على مُقْلَتَيْ سُوذانِق خَرِصٍ
طاو تنَقَّضَ من طَلَ وأمطار
وصفَ عَينَ نَفسه أَنَّهَا زَادَت على عينَي سُواذنِق.
وَيُقَال: راقَ فلانٌ على فلَان: إِذا زَاد عَلَيْهِ فضلا يَرُوق عَلَيْهِ، فَهُوَ رائق عَلَيْهِ.
وَقَالَ الشَّاعِر يصف جَارِيَة:
راقت على البِيض الحِسا
نِ بحُسْنها وبَهائها
وَقَالَ ذُو الرمَّة يصف ثوراً:
حتّى إِذا شمَّ الصَّبا وأوردا
سَوْفَ العَذَارَى الرّائق المجسَّدا
قيل: أَرَادَ بالرائق ثوبا قد عُجِن بالمسك. والمجسَّد: المشبَع صبغاً.
وَقيل: الرَّائِق: الشَّبابُ الَّذِي يعجبها حسنُه وشبابه.
وَيُقَال: رَمَى فلانٌ بأرواقه على الدّابة: إِذا ركِبها، ورَمَى بأرواقه عَن الدَّابَّة: إِذا نزل عَنْهَا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: جَاءنا رَوْقٌ من بني فلَان، أَي جماعةٌ مِنْهُم، كَمَا يُقَال جَاءَنَا رأسٌ، لجَماعَة الْقَوْم.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَوْق: طول الْأَسْنَان وإشْرَافُ العُلاَ على السُّفلى، والنَّعت أَروَق، ورَوْقاء، والجميع رُوق.
وَأنْشد:
إِذا مَا حَال كُسُّ القومِ رُوقا
أَبُو عبيد: الراووق: المِصفاة.
وَقَالَ اللَّيْث: الراووق: ناجود الشَّراب الَّذِي يُرَوَّق بِهِ فيُصفّى، والسراب يتروَّق من غير عَصْرٍ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
راووقَه خَضِلُ
قَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الراووق: الكأس بِعَينهَا.
قَالَ شمر: وخالفَه فِي ذَلِك جميعُ النَّاس. وَجمعه روَائق.
أَبُو عبيد: راقَ الشَّرَاب يَروق، ورَوَّقْته.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّيْق: ترَدُّدُ المَاء على وَجه الأَرْض من الضَّحضاح وَنَحْوه إِذا انصبَّ المَاء.

(9/219)


وَقَالَ غَيره: راقَ الماءُ يَريق رَيْقاً، وأرقْتُه أَنا إِرَاقَة. وراقَ الشرابُ يَرِيق رَيْقاً: إِذا تضحضح فَوق الأَرْض.
قَالَ رؤبة:
إِذا جَرَى من آلها الرَّقْراق
رَيْقٌ وضحضاحٌ على القياقي
قَالَ: ورَيِّقُ كل شَيْء: أفضَلُه، تَقول: رَيِّق الشَّبَاب، ورَيِّق الْمَطَر: ناحيته وطرفه. يُقَال: كَانَ ريّقُه علينا وحِمِرُّه على بني فلَان. وحِمِرُّه: معظمه. وَيُقَال: ريّق الْمَطَر: أوّل شؤبوبه.
وَقَالَ شمر: روق السَّحاب: سيله.
وَأنْشد:
مثل السَّحَاب إِذا تحدَّرَ رَوقُه
ودنا أُمِرَّ وَكَانَ مِمَّا يُمنَع
أَي: أُمِرَّ عَلَيْهِ فمرّ وَلم يصبهُ مِنْهُ شَيْء بعد مَا رجاه.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّيق: مَاء الفَمِ.
وَيُؤَنث فِي الشّعْر فَيُقَال ريقتها.
وَيُقَال: شربتُ المَاء رائقاً، وَهُوَ أَن يشربه شاربُه غدْوَة بِلَا ثقل، وَلَا يُقَال إِلَّا للْمَاء.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: ريق، مثل: فيعل: الَّذِي على الرّيق.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّيق: مَاء الْفَم غُدوةً قبل الْأكل.
وَقَالَ أَبُو عُثْمَان الْمَازِني: لم يَصح عندنَا أنَّ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ تَكلم بِشَيْء من الشّعْر إلاّ هذَيْن الْبَيْتَيْنِ:
تلكمْ قُرَيْش تمناني لتقتلني
فَلَا وجَدِّك مَا بروا وَلَا ظفروا
فإِن هلكتُ فرهنٌ ذِمتي لَهُم
بذاتِ رَوْقَين لَا يعْفُو لَهَا أَثَر

قَالَ: وَيُقَال: داهية ذاتُ رَوْقين وَذَات وَدْقين: إِذا كَانَت عَظِيمَة.
وَقَالَ غَيره: الترْياق: اسْم على تفْعال، تسمى بالرِّيق، لما فِيهِ من ريق الْحَيَّات، وَلَا يُقَال: ترْياق، وَيُقَال: درْياق.
وَيُقَال: ذهب رَيْقاً، أَي: بَاطِلا. وَقَالَ الشَّاعِر:
حمارَيْكِ سُوقِي وازجري إنْ أطعتنِي
وَلَا تَذهبي فِي رَيْق لُبَ مضلَّلِ
وَيُقَال: اقصر عَن رَيْقك، أَي: عَن باطلك.
عَمْرو عَن أَبِيه: جَاءَنَا فلانٌ رائقاً عَثْريّاً: إِذا جَاءَ فَارغًا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: التروِيق: أَن يَبيع الرجل سِلْعةً ويَشتري أجودَ مِنْهَا. يُقَال: بَاعَ سِلْعته فرَوَّقُ أَي اشتَرى أَجود مِنْهَا. وَيُقَال: كَانَ هَذَا الْأَمر وبنا رَيْقٌ، أَي: قوّة. وَكَذَلِكَ كَانَ هَذَا الْأَمر وَفينَا رَمَق

(9/220)


وبُلَّة، كلُّه الرّخاء والرِفْق.
ورق: قَالَ اللَّيْث: الوَرَق: وَرَق الشّجر والشوك. ورقَّت الشجرةُ توريقاً، وأورقتْ إيراقاً: إِذا أخرجتْ ورقَهَا. وشجرةٌ وَرِيقَة: كَثِيرَة الوَرَق.
أَبُو عبيد: شَجَرَة وارقة، وَهِي الخضراء الْوَرق الحسنَتُهُ.
قَالَ: وأمَّا الْوراق فخضرة الأَرْض من الْحَشِيش، وليسَ الوَرَق. وَقَالَ أَوْس بن زُهير:
كأنَّ جِيادَهُنْ بِرَعْنِ زُمَ
جَرَادٌ قد أطَاعَ لَهُ الوَرَاقُ
وَأنْشد غَيره:
قل لنُصَيْب يَحْتلِبْ نابَ جعفرٍ
إِذا شَكِرَتْ عِنْد الوَرَاق جِلامُها
الجِلام: الجِداء.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَرَق: الدَمُ الَّذِي يَسقُط من الجِراح عَلَقاً قِطَعاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الوَرْقة: العَيْبُ فِي الغُصْن، فَإِذا زَادَت فَهِيَ الأُبنة، فَإِذا زَادَت فَهِيَ السَّحْتنة.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا كَانَ فِي الْقوس مَخرَجُ غُصْن فَهُوَ أُبْنة، فَإِذا كَانَ أخْفى من ذَلِك فَهُوَ وَرْقة.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الوَرقة: الخَسيسُ من الرِّجَال، والوَرَقة: الْكَرِيم من الرِّجَال، والوَرَقة: مِقْدَار الدِّرهم مِن الدَمِ. والوَرَق: المَال النَّاطِق كلُّه، والوَرَق: الْأَحْدَاث من الغِلْمان.
ابْن السّكيت: الورَق من الْقَوْم: أحداثهم. وَأنْشد:
إِذا وَرَقُ الفتيان صَارُوا كأنّهم
دراهمُ مِنْهَا جائزاتٌ وزُيَّفُ
وَالْوَرق: المَال من الْإِبِل وَالْغنم. وَالْوَرق من الدَّم: مَا اسْتَدَارَ. وَقَالَ أَبُو سعيد: فَتى ورَق، أَي: ظريف، وفتيانٌ وَرَق. وَأنْشد الْبَيْت. قَالَ عَمْرو بن الْأَهْتَم فِي نَاقَته وَكَانَ قدمَ الْمَدِينَة:
طَال التِّواء عَلَيْهَا بِالْمَدِينَةِ لَا
ترعى وبِيع لَهَا البيضاءُ والوَرقُ
أَرَادَ بالبيضاء الحَلِيَّ، وبالورق: الخبَط. وَبيع، أَي: اشْترى.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَرَق: أَدَمٌ رِقاق، مِنْهَا وَرَق المُصحَف، الْوَاحِدَة وَرَقة. قَالَ: والوَرِق: اسمٌ للدَّراهم وَكَذَلِكَ الرِّقَة؛ يُقَال: أعطَاهُ ألفَ درهمٍ رِقَةً لَا يخالطها شيءٌ من المَال غَيرهَا. ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (وَفِي الرِّقَة رُبْع

(9/221)


العُشْر) .
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أنّه قَالَ: الوَرِق والرِّقَة: الدّراهم خَالِصَة. والورّاق: الرجل الْكثير الوَرِق.
قَالَ: الْوَرق: المالُ كلّه. وَأنْشد:
اِغفِرْ خَطايايَ وثَمِّرْ وَرِقِي
أَي: مَالِي.
قَالَ شمر: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الوَرِق: الفضّة كَانَت مَضْرُوبَة دَراهم أوْ لَا.
وأخبَرَني أَبُو الْحُسَيْن المُزَني عَن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى أنّه قَالَ: تُجمَع الرِّقَة رِقِينَ؛ وَمِنْه قَوْلهم: (وجْدانُ الرِّقِينَ، يُغَطّي أفْنَ الأفين) .
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال: رأيتهُ وَرَقاً، أَي: حيّاً، وكلّ حَيّ وَرَق؛ لأنّهم يَقُولُونَ: يموتُ كَمَا يَموت الوَرَق، أَي: يَيْبَسُ كَمَا يَيْبس الورَق. وَقَالَ الطَّائِي:
وهزَّت رأسَها عَجَباً وَقَالَت
أَنا العَبْرَى أإيَّانا تُريدُ
ومَا يَدْرِي الوَدُودُ لعلّ قلبِي
وَلَو خُبِّرتَهُ وَرَقاً جَليدُ
أَي: وَلَو خُبِّرْتَه حيّاً فإنّه جليد.
عَمْرو عَن أَبِيه: الوَرِيقة: الشَّجَرَة الحَسَنة الوَرَق.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للنِّصِيّ والصِّلِّيان إِذا نَبَتَا رِقةٌ، خَفِيفَة، مَا داما رَطْبَيْن. والرِّقَة أَيْضا: رِقة الْكلأ إِذا خرجَ لَهُ وَرَق.
قَالَ: والأوْرَق مِن كلِّ شَيْء: مَا كَانَ لونُه لونَ الرماد. وَأنْشد:
وَلَا تَكُوني يَا ابنةَ الأشَمِّ
وَرْقاءَ دَمَّي ذِئبَها المدمِّي
قَالَ: والذِّئابُ إِذا رَأَتْ ذئباً قد عُقِر وظَهَر دَمُه أكبَّتْ عَلَيْهِ فقطَعْته وأُنثاه مَعهَا. فَيَقُول هَذَا الرجل لامْرَأَته: لَا تَكُونِي إِذا رأيتِ الناسَ قد ظَلموني، مَعَهم عليّ فتكوني كَذِئبة السَّوء.
قَالَ: والأورَق من النَّاس: الأسمر. وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي ولد المُلاعَنة: (إِنْ جَاءَت بِهِ أمُّه أَوْرَق) ، أَي: أسمر.
قَالَ: والسُّمْرة: الوَرْقة. والسَّمْرة: الأُحْدُوثة باللَّيل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الأوْرَق الَّذِي لونهُ بَين السَّواد والغُبْرة، وَمِنْه قيل للرَّماد أَورَق وللحمامة وَرْقاءَ، وإِنَّما وصَفَه بالأدْمة.
أَبُو عبيد من أمثالهم: (إنّه لأشأمُ من وَرْقَاء) ، وَهِي مشؤومة. يَعْنِي النَّاقة ربَّما نفرتْ فَذَهَبت فِي الأَرْض.
وَيُقَال للحمامة وَرْقَاء للونها.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: جَاءَ فلانٌ بالرُّبيق على أُرَيق: إِذا جَاءَ بالداهية الْكَبِيرَة.
قَالَ الْأَزْهَرِي: أرَيق تصغر أورَق على التَّرْخِيم، كَمَا صغّروا أسوَد سُوَيد. وأُرَيق فِي الأَصْل وُرَيق، فقلبت الْوَاو ألفا

(9/222)


ً للضمَّة، كَمَا قَالَ: {نُسِفَتْ وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} (المرسلات: 11) وَالْأَصْل وُقّتت. وَيُقَال: رعَينا رِقَة الطَّريفة، وَهِي الصِّلّيانُ والنَّصيّ مرّة. والرِّقَة: أول خُرُوج نباتها رطبا. رَوَاهُ الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي.
وَقَالَ غَيره: تَوَرَّقَت النَّاقة: إِذا رَعَت الرِّقَة.
وَيُقَال: رِقْ لي هَذِه الشجرةَ وَرْقاً، أَي: خُذ وَرَقَها، وَقد وَرَقْتُها أرِقُها وَرْقاً فَهِيَ مَوْروقة.
وَيُقَال: أَورَقَ الحابِل يُورِق إيراقاً فَهُوَ مُورِق: إِذا لم يَقَعْ فِي حِبالته صَيْد، وَكَذَلِكَ الْغَازِي إِذا لم يَغنَم، فَهُوَ مُورِق ومُخْفِق.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشدهُ:
فَلَا تلحيَا الدُّنيا إليَّ فإنني
أرى ورق الدُّنيا يَسُلّ السخائما
وَيَا ربّ مُلتاثٍ يجرُّ نساءَه
نفَى عَنهُ وِجدانُ الرِّقين العزائما
يَقُول: يَنْفِي عَنهُ كثرةُ المَال عزائمَ النَّاس فِيهِ أَنه أَحمَق مَجْنُون.
قَالَ الْأَزْهَرِي: لَا تلحيا: لَا تذمَّا. والملتاث: الأحمق.
وَقَالَ النَّضر: يُقَال: إيراقّ العِنَب يَوْراقُّ ايرِيقاقاً: إِذا لوَّن فَهُوَ مُورَاقٌّ.
وَقَالَ اللحياني: إنْ تَتْجُرْ فإِنّه مَوْرَقَةٌ لمالِك، أَي: مَكثَرة. وزمانٌ أورَق، أَي: جَدْب. وَقَالَ جندلٌ:
إنْ كانَ عَمِّي لكريمَ المَصْدَقِ
عَفّا هَضوماً فِي الزَّمانِ الأورَقِ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا كَانَ الْبَعِير أسودَ يخالط سوادَهُ بياضٌ كدُخان الرِّمْث، فَتلك الوُرْقة؛ فَإِن اشتدَّت وُرْقته حتّى يذهب الْبيَاض الَّذِي فِيهِ فَهُوَ أدهم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ أَبُو نصرٍ النَّعاميّ: هَجِّرْ بحمراءَ، وأَسْرِ بوَرْقاء، وصَبّحِ القومَ على صَهْباء، قيل لَهُ: وَلم ذَلِك؟ قَالَ: لأنَّ الْحَمْرَاء أصبَرُ على الهَواجِر، والوَرْقاء: أصبَرُ على طول السُّرَى، والصِّهْباء أشهر وَأحسن حينَ ينظر إِلَيْهَا.
شَمِر عَن ابْن سِمْعان وَغَيره: الرِّقة: الأَرْض الَّتِي يُصِبها المَطَر فِي الصَّفَريّة أَو فِي القَيْظ، فتنبت فَتكون خضراء.
فَيُقَال: هِيَ رِقَةٌ خضراء.
والرِّقَة: رِقَةُ النَّصِيِّ والصِّلِّيان: إِذا اخضرَّ فِي الرّبيع.
وَقَالَ شمِر: الرِّقَة: العَيْن؛ وَيُقَال: هِيَ من الفضَّة خاصَّة.
قلت: الرِّقَة أصلُها وِرْقة، مثل: العِدَة والصِّلَة والزّنَة.
والوَرقاء: شَجَرَة مَعْرُوفَة تسمو قدر قامةِ رجل، لَهَا ورق مدوَّر وَاسع رَقِيق ناعم.

(9/223)


أرق: قَالَ اللَّيْث: الأَرَق: ذَهابُ النّوم باللَّيل؛ يُقَال: أَرِقْت آرَقُ أَرَقاً فَأَنا أرِقٌ، وأرَّقَني كَذَا وَكَذَا فَأَنا مؤرَّق. وزَرْعٌ مأروق، ونخلةٌ مأروقة. والْيَرَقان والأَرقان: آفةٌ تصيب الزّرعَ، يُقَال: زَرْعٌ مَيْرُوق. وَقد يُرِق أَيْضا. والْيَرَقان والأَرَقان أَيْضا: داءٌ يُصِيب النّاسَ شِبهُ الصُّفار يَصْفَرّ مِنْهُ حَدَقُ الْإِنْسَان وبَشَرَتُه.
رقا: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: رَقأ الدَّم فَهُوَ يَرْقأُ رُقوءاً. ورقأَ العِرْق: إِذا سَكَنَ. ورَقأَ الدَمعُ رُقوءاً: إِذا انْقَطع.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الرَّقُوء: الدَّوَاء الَّذِي يُرقأ بِهِ الدَّم. وَالْعرب تَقول: لَا تَسُبُّوا الْإِبِل فإنَّ فِيهَا رَقُوءَ الدِّمَاء، أَي: تُعطى فِي الدِّيات فتَحقِن الدِّمَاء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: ارْقَ على ظَلْعِك، فَيَقُول: رَقِيتُ رُقِيّاً، وَيُقَال: ارْقَأ على ظَلْعِك فَيَقُول: رَقأْتُ رَقئاً. وَمَعْنَاهُ: أصلِحْ أمركَ أَولا وَيُقَال: رَقِي على ظلْعك بِالْهَمْز، فيُجيبُه وَقَيْتُ أقي وُقِيّاً.
وَيُقَال: رقَى الراقي رَقْيةً وَرَقْياً: إِذا عَوَّذ ونَفَثَ فِي عُوذتِه، وصاحبُها رقَّاءٌ. والمَرْقيّ يَسترْقي، وهم الراقُون.
وَقَالَ النَّابِغَة:
تناذَرَها الرَّاقونَ مِن سَوءِ سَمِّها
وَيُقَال: رَقِيَ فلانٌ فِي الْجَبَل يَرقى رُقِيّاً: إِذا صَعِد.
وَيُقَال: ارتَقى يَرْتَقي.
والمَرْقاة: وَاحِدَة مراقي الدرجَة. وَيُقَال: هَذَا جبلٌ لَا مَرقَى فِيهِ وَلَا مُرْتقَى.
وَيُقَال: مَا زَالَ فلانٌ يترقَّى بِهِ الْأَمر حَتَّى بلغ غايتَه.
وَالرَّقْوَة: فُوَيق الدِّعْص من الرمل.
وَيُقَال: رَقُوٌ، بِلَا هَاء. وَأكْثر مَا يكون الرُّقْوُ إِلَى جَنب الأودية. وَقَالَ الشَّاعِر:
لَهَا أُمٌّ مُوَقَّفةٌ وَكُوبٌ
بحيثُ الرَّقْوُ مَرْتَعْها البَريرُ
يصف ظبيَة وخِشْفها. والمُوَقَّفة الَّتِي فِي ذراعيها بَيَاض. والوكوب: الَّتِي واكبَتْ ولدَها ولازمتْه. وَقَالَ آخر:
مِن الْبيض مِبْهاج كأنَّ ضَجِيعَها
يَبيتُ إِلَى رَقْوٍ مِن الرَمْلِ مُصعَبِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الرَّقْوة: القُمزَة من التُّراب تَجْتَمِع على شَفير الْوَادي، وجمعُها الرُّقَى.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرُقّي هِيَ الشَّحمة الْبَيْضَاء النقيَّة تكون فِي مَرجع الكَتِف وَعَلَيْهَا أُخْرَى مِثلُها يُقَال لَهَا المأَناتُ. فَلَمَّا يَرَها الْآكِل يَأْخُذهَا مُسابَقةً. قَالَ: ومَثَلٌ يضربُه النِّحرير لِلخَوْعَم حسِبْتَني الرُقَّي عَلَيْهَا المأنات.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي فِي بَاب لُزُوم الْإِنْسَان أمره: ارقأ على ظلعك، وارقَ على ظلعك، وقِ على ظَلْعك بِغَيْر همزَة

(9/224)


من وقيت، أَي: الزمْه واربعْ عَلَيْهِ. وَقَالَ شمر: مَعْنَاهَا كلّها، أَي: اسْكُتْ على مَا فِيك من الْعَيْب. وَذَلِكَ أَن الظَّلْع الْعَيْب.
أَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي طَالب فِي قَوْلهم: لَا أرقَأَ الله دَمعتَه.
قَالَ: مَعْنَاهُ: لَا رفَع الله دمْعَتَه. وَمِنْه رَقأتُ الدرجَة، وَمن هَذَا سُمِّيت المِرْقاة. يُقَال: رقأتُ ورقيتُه، وتَرْك الْهَمْز أَكثر.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيُّ: مثلَ ذَلِك فِي الدَّم إِذا قَتل رجلٌ رجلا فَأخذ وليُّ الدمِ الدِّيةَ رَقأَ دَمُ الْقَاتِل، أَي: ارتفَع، وَلَو لم تُؤخذ الدِّية لَهُرِيقَ دَمُه فانحدَر.
قَالَ: وَكَذَلِكَ قَالَ المفضَّل الضبيّ.
وَأنْشد:
وتَرقَأُ فِي مَعاقِلها الدِّماءُ

(بَاب الْقَاف وَاللَّام)
ق ل (وايء)
قَول، قيل، قلا، لقا، ليق، يلق، ولق، وَقل، (ألق) .
قلا: قَالَ الله جلّ وَعز: {سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} (الضُّحَى: 3) .
قَالَ الْفراء: نزلتْ فِي احتباس الوَحْي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمسَ عشرةَ لَيْلَة، فَقَالَ الْمُشْركُونَ: قد وَدّعَ مُحَمَّدًا ربُّه، وقَلاه التابعُ الَّذِي يكون مَعَه، فأنزَل الله جلّ وَعز: {سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} يُرِيد: وَمَا قَلاك، فأُلقِيت الكافُ كَمَا تَقول: قد أَعطيتك وأحسنت مَعْنَاهُ وأحسنت إِلَيْك. فتكتفي بِالْكَاف الأولى، من إِعَادَة الْأُخْرَى.
وَقَالَ الزّجاج: مَعْنَاهُ: لم يَقطع الوحيَ عَنْك وَلا أبغضك.
قلت: وَكَلَام الْعَرَب الفصيحُ: قَلاه يقلِيه قِلًى ومَقلِيةً: إِذا أبغضه، ولغةٌ أُخْرَى وَلَيْسَت بجيدة: قَلاه يَقْلاهُ وَهِي قَليلَة.
وَيُقَال: قَلَيْت اللَّحم على المِقْلَى أقليه قَلْياً: إِذا شوَيْتَه حَتَّى تُنضِجَه، وَكَذَلِكَ الحبُّ يُقلَى على المِقْلى.
الحرَّاني عَن ابْن السّكيت يُقَال: قَلَوْت البُسر وَالبُرّ.
وَبَعْضهمْ يَقُول: قَلَيْت وَلَا يكون فِي البُغض إلاّ قَلَيت.
أَبُو عبيدٍ عَن الْكسَائي: قَلَيْتُ الحَبّ على المِقْلَى أقْلِيه، وقَلَوْتُه.
وَقَالَ غَيره: قليتُ اللحمَ على المِقْلَى أقليه قَلْياً: إِذا شوَيْتَه حَتَّى تُنضِجَه، وَكَذَلِكَ الحَبُّ يُقْلَى على المِقْلى.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: القَلَى والقِلَى والقَلاءُ: المَقْلية.
وَيُقَال: قَلا العَيْرُ عانته يَقلوها، وكسأَها، وشَحَنها، وشَذَّرَها: إِذا طردَها.
وَقَالَ اللَّيْث: القَلِيّة: مَرَقةٌ مِن لحُوم الجُزُر وأكبادها، وَالقَلاّء: الَّذِي يَقلِي البُرّ للبَيع. وَالقَلاَّءة محدودة: الْموضع الَّذِي يُتخذ فِيهِ

(9/225)


مقالي البَرّ.
وَيُقَال للرجل إِذا أملقَه أمرٌ مُهِمٌّ فباتَ ليلتَه ساهراً: باتَ يَتَقَلَّى، أَي: يتقلّب على فِراشه كأَنه على المِقْلى.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: القُلَّى: القصيرة من الْجَوَارِي.
قلتُ: هَذَا فُعْلَى مِن الْأَقَل والقلَّة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المِقْلاء وَالقُلة: عُودان يلْعَب بهما الصِّبيان، فالمِقلاء الْعود الَّذِي يُضْرَب بِهِ القُلَة، والقلة الصَّغِيرَة الَّتِي تُنْصَب.
قلت: القَالي: الَّذِي يَلعب فَيضْرب القُلَة بالمقلاء، وَمِنْه قَوْله:
كأَنَّ نَزْوَ فِراخ الهامِ بَينهم
نزْوُ القُلاَتِ زَهاها قَالَ قالِينَا
قَالَ الْأَصْمَعِي: وَالقال هُوَ المِقلاء، والقالُون: الَّذين يلعَبون بهَا، يُقَال: قَلَوْت أَقلو.
ابْن السّكيت: قَلاَ العَيْرُ أُتُنَه يَقْلُوها قَلْواً: إِذا طردَها.
وَقَالَ ذُو الرمة:
يَقْلو نحائصَ أشباهاً محملجةً
قَالَ: والقِلْو: الحِمار الْخَفِيف. قَالَه أَبُو عُبيدٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: تجمع القُلة قُلِينَ.
وَأنْشد الْفراء:
مِثْل المَقالي ضُرِبتْ قُلِينُها
قلت: جعل النُّون كأَنّها أصليَّة فرفَعها، وَذَلِكَ على التوهّم، وَوجه الْكَلَام فتحُ النُّون لِأَنَّهَا نونُ الْجمع.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال الدابّةُ تقلو بصاحبها قَلْواً وَهُوَ تَقَدِّيها بِهِ فِي السيْر فِي سرعَة، يُقَال: جَاءَ يقْلُو بِهِ حمارُه.
قَالَ: والقِلو: الجَحْش الفتيّ الَّذِي قد أركَبَ وحَمَل.
وَفِي حَدِيث ابْن عمر: أَنه كَانَ لَا يُرَى إلاَّ مُقْلوْلِياً.
قَالَ أَبُو عبيدٍ: المَقْلوْلِي: المتجافي المستوفِز.
قَالَ: وأنشدني الْأَحْمَر:
قد عَجبت مِنّي ومِن يُعَيْلِيَا
لمّا رأتني خَلَقاً مُقْلوْليَا
قَالَ أَبُو عبيد: وَبَعض الْمُحدثين كَانَ يُفَسر مُقُلَولياً كأَنه على مِقْلًى.
قَالَ أَبُو عبيد: وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء، إِنَّمَا هُوَ من التَّجَافِي فِي السُّجود. وَأنْشد:
تَقول إِذا اقلَوْلى عَلَيْهَا وأَقْرَدَتْ
أَلا هلْ أَخُو عيشٍ لذيذٍ بدائم
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي تَفْسِير هَذَا الْبَيْت كَانَ يزنِي بهَا فانقضت شهوتُه قبل انْقِضَاء شهوتها.
قَالَ: وأقردت، أَي: ذلّت.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال لهَذَا الَّذِي يُغسل بِهِ الثِّيَاب قِلْيٌ، وَهُوَ رَمادُ الغَضَى والرِّمث

(9/226)


يُحرَقُ رَطباً ويُرَشُّ بِالْمَاءِ فيَنعقد قِلْياً.
وَقَالَ أَبُو عمرٍ وَفِي قَول الطّرماح:
حوائم يتَّخذنَ الغِبَّ رِفْهاً
إِذا اقلَوْلَيْن للقَرَب البَطِين
أَي: ذهبن.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: القُلَى: رُؤُوس الْجبَال. والقُلى: رُؤُوس هامات الرِّجَال. والقُلى: جمعُ القُلَة الَّتِي يُلعب بهَا.
وقطاةٌ قلَوْلاة: تَقْلولى فِي السَّمَاء.
قَالَ حميد بن ثَوْر:
وقَعْنَ بجوف المَاء ثمَّ تصوَّبت
بهنّ قَلولاةُ الغدوِّ ضَروبُ
لقا: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: اللُّقَى: الطُّيور. واللُّقى: الأوجاع. واللقَى: السَّرِيعات اللَّقْح من جَمِيع الْحَيَوَان.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّقْوة من النِّسَاء: السّريعة اللّقْح. واللَّقوة: داءٌ يَأْخُذ فِي الْوَجْه يعوجّ مِنْهُ الشَّدِق.
يُقَال: لَقِي الرجلُ فَهُوَ مَلقُوٌّ. واللَّقوة واللِّقوة: العُقاب.
أَبُو عبيد عَن أبي زيدٍ، والأمويِّ، وَالْكسَائِيّ: اللَّقوة: الدَّاء الَّذِي يكون بِالْوَجْهِ.
وَقَالَ الأمويُّ وَحده: اللَّقْوة واللِّقوة: العُقاب، وجمعُها لِقاءٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي بَاب سرعَة اتِّفَاق الأخوَين فِي التَّحابّ والمودة.
قَالَ أَبُو زيد: مِن أمثالهم فِي هَذَا: كَانَت لِقْوةً صادفتْ قبيساً.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: اللَّقْوة هِيَ السَّريعة اللَّقْح والحَمْل، والقَبيسُ هُوَ الفَحل السَّرِيع الإلقاح، أَي: لَا إبطاء عِنْدهمَا فِي النَّتاج. يُضرب للرجلين يكونَانِ متَّفِقَين على رأيٍ وَمذهب، فيلتقيان فَلَا يلبثان أَن يتصاحبا ويتصافَيا على ذَلِك.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال فِي الْمَرْأَة والناقة لِقْوة ولَقْوة.
أَبُو عبيد عَن الْفراء قَالَ: اللَّقْوة من النِّسَاء بِفَتْح اللَّام، هِيَ السريعة اللَّقْح.
وَأنْشد:
حَملْتِ ثَلَاثَة فوَلدْتِ تِمَّا
فأمٌّ لَقْوةٌ وأبٌ قَبيسُ
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ: سُمّيت العُقاب لِقْوةً لسَعة أشداقها.
قلت: واللَّقْوة فِي الْمَرْأَة والناقة بِفَتْح اللَّام أفْصح من اللِّقوة. وَكَانَ شمر وَأَبُو الْهَيْثَم يَقُولَانِ لَقْوة فيهمَا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: لقِيَ فلانٌ فلَانا لِقاءً ولُقِيّاً ولَقْية وَاحِدَة، وَهِي أقبحها على جَوَازهَا. وكلُّ شيءٍ استقبلَ شَيْئا أَو صادفَه فقد لقِيه، من الْأَشْيَاء كلّها.
واللَّقِيّان: كلُّ شَيْئَيْنِ يَلقَى أحدُهما

(9/227)


صَاحبه، فهما لَقِيّان.
ورُوِي عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: (إِذا التَقى الخِتانان فقد وجَب الغُسْل) .
وَقَالَ الشافعيّ: التقاؤهما من الْمَرْأَة وَالرجل: تَحاذِيهما مَعَ غُيوب الْحَشَفَةِ فِي فَرْجها، لَا أَن يُماسَّ خِتانُه ختانَها، وَذَلِكَ أنَّ الْحَشفةَ إِذا غَابَتْ فِي الفَرْج مِنْهَا صَار خِتانُه بحذاء خِتان الْمَرْأَة، وخِتان الْمَرْأَة عالٍ على مَدخَل الحَشَفة، وخِتان الرجل أسفلَ من ذَلِك، وَهُوَ مَوضِع قَطْع الفُرْلة من الذّكر. فَهَذَا معنى التقاء الختانين.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت، يُقَال: لقيتُه لِقَاء ولُقْياناً ولُقِيّاً ولَقًى ولِقْيانةً وَاحِدَة، ولَقْية وَاحِدَة، ولقاءةً وَاحِدَة؛ وَلَا تقل لَقَاةً فَإِنَّهَا مولّدةٌ لَيست بفصيحة عربيَّة.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل شَقِيٌّ لَقِيٌّ: لَا يزَال يلقى شَرّاً.
ونَهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنْ تلقّي الرُّكبان وَجَاء تَفْسِيره فِي حديثٍ حدّثنا بِهِ مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن أبي حَاتِم الرَّازِيّ، عَن الْأنْصَارِيّ، عَن هِشَام بن حسّان، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تتلقَّوُا الرُّكبانَ والأجلاب، فَمن تَلقَّاه فَاشْترى مِنْهُ شَيْئا فصاحِبُه بالخِيار إِذا أَتى السُّوق) .
وَأخْبرنَا عبد الْملك عَن الرّبيع عَن الشافعيّ أَنه قَالَ: وَبِهَذَا آخُذ إنْ كَانَ ثَابتا.
وَقَالَ: وَفِي هَذَا دليلٌ على أنَّ البَيع جَائِز غيرَ أنَّ لصَاحِبهَا الخيارَ بعد قُدوم السُّوق، لأنَّ شراءها مِن البَدَوِيّ قَبْل أنْ يصير إِلَى مَوضِع المتساومَيْن من الغُرور بِوَجْه النَّقْص من الثَمن؛ فَلهُ الخِيارُ.
قلتُ: والتَلَقِّي هُوَ الِاسْتِقْبَال.
وَمِنْه قَول الله جلَّ وعزَّ: { (حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظِّ عَظِيمٍ} (فصلت: 35) .
قَالَ الْفراء: يُرِيد مَا يُلَقّي دَفعَ السيِّئة بِالْحَسَنَة إلاَّ مَن هُوَ صابرٌ أَو ذُو حَظَ عَظِيم، فأنَّثها لتأنيث إِرَادَة الْكَلِمَة.
وَأما قَوْله عز وَجل: {فَتَلَقَّىءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} (الْبَقَرَة: 37) فَمَعْنَاه: أنَّه أَخذهَا عَنهُ. ومِثله لَقِنها وتلقّنها.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أَلْقيتُ عَلَيْهِ أُلْقِيَّةً.
قلت: مَعْنَاهُ: كلمة مُعاياةٍ يُلْقيها عَلَيْهِ ليستخرجها.
وَقَالَ اللَّيْث: الألقِية وَاحِدَة من قَوْلك: لَقِيَ فلانٌ الألاقِيَّ مِن شرَ وعسر.
وَقَالَ اللِّحياني: يُقَال: هم يتلاقون بأُلْقِيَّةٍ لَهُم.
وَقَالَ اللَّيْث: الاستلقاء على الْقَفَا، وكلُّ شَيْء كَانَ فِيهِ كالانبطاح فَفِيهِ استلقاء.

(9/228)


وَقَوله تَعَالَى: {فَتَلَقَّىءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ} ، أَي: تعلّمها ودعا بهَا.
وَقَوله تَعَالَى: {حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظِّ عَظِيمٍ} ، أَي: مَا يُعلّمها ويُوفَّق لَهَا إلاَّ الصّابرون.
وَتقول: لاقيتُ بَين فلانٍ وفلانٍ، ولاقيتُ بَين طَرَفَيْ قضيبٍ: حَنَيتُه حَتَّى تَلاقَيا والتَقَيَا.
قَالَ: والمَلْقى: أشرافُ نَواحي أَعلَى الْجَبَل، لَا يزَال يمثل عَلَيْهَا الوَعِل يَستعصِم بِهِ من الصيّاد.
وَأنْشد:
إِذا سامت على المَلْقاةِ ساما
قلتُ: والرواة رووا:
إِذا سامت على المَلَقات ساما
قَالَ النَّضر: الوعل: الضَّأْن الجبليُّ الْكَبْش، والأرويّةَ: النعجة والمصامَ.
قَالَ الهذليّ:
إِذا صَامت على المَلْقَاة صاما
جعله من لقى يلقى. والملقات، واحدتها مَلقة، وَهِي الصَّفاء المَلْساء، وَالْمِيم أَصْلِيَّة.
كَذَلِك أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت أنّه أنْشدهُ الْبَيْت. وَالَّذِي رَوَاهُ الليثُ إِن صحَّ فَهُوَ مُلْتقى مَا بَين الجبلين.
وَقَالَ: الملْقَاة، وجمعُها المَلاقي: شُعَبُ رَأس الرَّحِم، وشُعَبٌ دون ذَلِك أَيْضا.
ورَوَى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي، أَنه قَالَ: المتلاحمة من النِّسَاء: الضيِّقة المَلاقي، وَهِي مآزِمُ الفَرْج ومَضايِقُه.
وَقَالَ اللَّيْث: ورجلٌ ملقًّى: لَا يزَال يلقاه مَكْرُوه. وَفُلَان يتلقَّى فلَانا، أَي: يستقبله. فالرجل يُلقَّى الْكَلَام، أَي: يُلقّنه.
قَالَ الأصمعيّ: تلقَّت الرّحمُ ماءَ الْفَحْل: إِذا قبلْته وأرتجت عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: اللَّقَى: ثَوب المُحرِم يُلقيه إِذا طَاف بِالْبَيْتِ فِي الْجَاهِلِيَّة؛ وجمعُه أَلْقَاهُ. وَقَالَ:
ومنهل أقْفَرَ من ألقائه
وردتُه واللَّيلُ فِي غشائه.
أَي: مقفر من ألقاء النَّاس، وَهُوَ مَا يُلقونه ممَّا لَا خيرَ فِيهِ.
وَقيل: من ألقائه، أَي: من النَّاس.
يُقَال: مَا بهَا لقًى، أَي: مَا بهَا أَحد. وفلانٌ شقيٌّ لقيٌّ.
قَالَ: واللَّقَى: كلُّ شيءٍ مَتْرُوك مطروح كاللُّقَطَة.
وَقَالَ فِي قَول جرير:
لَقًى حَملْته أُمُّه وَهِي ضَيفَةٌ
فَجَاءَت بيَتْنٍ للنِّزالة أَرشَما
جعَلَ البعيثَ لَقًى لَا يُدرَى لمن هُوَ وَابْن مَن هُوَ.
قلت: أَرَادَ أَنّه وُجِد مَنْبُوذًا لَا يُدرَى ابنُ مَن هُوَ؟ .

(9/229)


قَول قيل: قَالَ اللَّيْث: القَولُ: الْكَلَام، تَقول: قَالَ يَقُول قَوْلاً، وَالْفَاعِل قَائِل، وَالْمَفْعُول مَقُول.
وَيُقَال: إنَّ لي مِقْولاً مَا يَسُرّني بِهِ مِقْوَلٌ؛ وَهُوَ لِسَانه. والمِقْوَل بلغَة أَهل الْيمن: القَيْل، وجمعُه المقَاوِلة، وهم الْأَقْوَال والأقيال، وَالْوَاحد قَيْل.
قَالَ الفرّاء: الْعَرَب تَقول: إنّه لِابْنِ قَول وَابن أَقوالٍ: إِذا كَانَ ذَا كلامٍ وَلسانٍ جيّد.
الحرّاني عَن ابْن السكّيت: القَيْل: المَلِك مِن مُلوكِ حِميَر، وجمعُه أَقيال وأَقوال؛ فَمن قَالَ: أَقيال بَناه على لفظ قَيْل، وَمَن قَالَ أَقوال بَناه على الأَصْل، وأَصله من ذَوَات الْوَاو. وَكَانَ أصلُ قَيْل قَيِّلا فخُفّف، مثل سَيِّد مِن سادَ يَسُود.
قَالَ: والقَيْل أَيْضا: شُربُ نِصف النَّهَار.
وَقَالَ اللَّيْث: القَيْل: رَضْعَةُ نِصفِ النَّهَار.
وَأنْشد:
يُسْقَيْن رَفْهاً بالنَّهار وَاللَّيْل
مِن الصَّبوح والغَبُوق والقَيْل
جعل القَيْل هَا هُنَا شَربةَ نصف النَّهَار.
وَقَالَت أمُّ تأبط شرّاً: مَا سقَيْتُه غَيْلاً، وَلَا حَرَمْتُه قَيْلاً.
شمر عَن ابْن شُمَيْل، يُقَال للرجل: إنَّه لمِقْوَل: إِذا كَانَ بيِّناً ظريف اللِّسَان. والتِّقْوَلة: الْكثير الْكَلَام، البليغ فِي حَاجته وَأمره.
ورَوَى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كتب لِوَائِل بن جُحْر الحَضْرميّ ولقومه: مِن محمدٍ رَسُول الله إِلَى الْأَقْيَال العباهلة من أَهل حَضرمَوْت.
قَالَ أَبو عبيدٍ: قَالَ أَبو عُبَيْدَة: الْأَقْيَال: مُلُوك بِالْيمن دون المَلِك الْأَعْظَم، واحدهم قَيْل يكون ملكا على قومِه ومِخْلافه ومَحجَره.
وَقَالَ غَيره: سمِّي المَلِك قَيْلاً لِأَنَّهُ إِذا قَالَ قَولاً نَفَذ قولُه.
وَقَالَ الْأَعْشَى فجَمَعه أَقوالاً:
ثمَّ دانتْ بَعدُ الرِّبابُ وَكَانَت
كعذابٍ عقوبةُ الأقوالِ
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَوْله: {حَمِيدٌ زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ قُلْ بَلَى وَرَبِّى لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى} (التغابن: 7) : اعْلَم أَن الْعَرَب تَقول: قَالَ: إنّه زعم أَنه، فكسروا الألفَ فِي قَالَ على الِابْتِدَاء، وفتحوها فِي زعم لأنّ زعم فعلٌ واقعٌ بهَا متعدَ إِلَيْهَا.
تَقول: زعمتُ عبد الله قَائِما.
وَلَا تَقول: قلت: زيدا خَارِجا، إِلَّا أَن تُدخلَ حرفا من حُرُوف الِاسْتِفْهَام فِي أوّله.

(9/230)


فَتَقول: هَل تَقوله خَارِجا؟ .
وَمَتى تَقوله فعل كَذَا؟ وَكَيف تقولهُ صنع؟ .
وعلام تَقوله فَاعِلا، فَيصير عِنْد دُخُول حرف الِاسْتِفْهَام عَلَيْهِ بِمَنْزِلَة الظَّن.
وَكَذَلِكَ تَقول: مَتى تقولني خَارِجا؟ .
وَكَيف تقولني صانعاً؟ وَأنْشد:
فَمَتَى تَقول الدَّار تجمعنا
وَقَالَ الْكُمَيْت:
علامَ تقوم همدانَ احتذتنا
وكندةَ بالقوارِص مُجلِبينا
اللَّيْث، رجل تِقْوالةٌ: منطيق. وَرجل قوّالٌ قَوَّالةٌ وَامْرَأَة قَوّالة: كَثِيرَة القَوْل.
وَيُقَال: تَقول فلانٌ على بَاطِلا، أَي: قَالَ عَليّ مَا لم أكن قلتُ.
وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {)) الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ} (الحاقة: 44) .
أَبُو عُبَيْدَة عَن الْكسَائي يُقَال: أقوَلْتَني مَا لم أَقُلْ، وقوَّلتني مثله وأكلتَني وأكَّلتني مَا لم آكل، أَي: ادَّعيته عليَّ.
وَقَالَ شمر: تَقول أَيْضا: قوَّلني فلانٌ حَتَّى قلت، أَي: عَلمنِي وَأَمرَنِي أَن أَقُول.
وَمِنْه قَول سعيد بن الْمسيب حِين قيل لَهُ: مَا تَقول فِي عُثْمَان وَعلي؟ فَقَالَ: أَقُول فيهم مَا قولني الله. ثمَّ قَرَأَ: {الْمُفْلِحُونَ وَالَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإَيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} (الْحَشْر: 10) .
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: اقتالَ قولا، أَي: اجترَّ إِلَى نَفسه قولا من خير أَو شَرّ.
قَالَ أَبُو عبيد: سمعتُ الْهَيْثَم بن عَدِيّ يَقُول: سمعتُ عبد الْعَزِيز بن عمر بن عبد الْعَزِيز يَقُول فِي رُقيَة النَّمْل: (العَروس تحتفل، وتَقْتال وتَكتحل، وكلَّ شَيْء تفتعل، غير أَن لَا تَعصي الرجل) .
قَالَ: تقتال: تحتكم على زَوجهَا.
قَالَ الْأَزْهَرِي: واقتالَ الرجلُ: إِذا احتكم، فَهُوَ مُقْتال.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: انتشرتْ لفلانٍ فِي النَّاس قالةٌ حَسَنَة أَو قالةٌ سيّئة.
قَالَ: والقالة تكون بِمَعْنى قائلة، والقال بِمَعْنى قَائِل.
وَقَالَ بعض الشُّعَرَاء فِي قصيدة:
أَنا قالُها
أَي: أَنا قَائِلهَا.
قَالَ: والقالة: القولُ الفاشي فِي النَّاس.
وروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه: (نَهَى عَن قيلٍ وَقَالَ، وَعَن إِضَاعَة المَال) .
قَالَ أَبُو عبيد فِي قَوْله: نَهَى عَن قيلٍ وَقَالَ، نحوٌ وعربيةً، وَذَلِكَ أنّه جعل القال مَصدَراً؛ أَلا تَراه يَقُول: عَن قيلٍ وقالٍ. كَأَنَّهُ قَالَ: عَن قيل وقَوْل.
يُقَال: قلتُ قوْلاً وقيلاً وَقَالا.
قَالَ: وسمعتُ الْكسَائي يَقُول فِي قِرَاءَة عبد الله: (ذَلِك عِيسَى بن مَرْيَم قَالَ الْحق)

(9/231)


(مَرْيَم: 34) فَهَذَا مِن هَذَا، كَأَنَّهُ قَالَ: قولُ الْحق.
وَقَالَ الْفراء: القال بِمَعْنى القَول، مِثل العَيْب والعاب.
قَالَ: وقولُه: (الْحق) ، فِي هَذَا الْموضع أريدَ بِهِ اللَّهُ، كَأَنَّهُ قَالَ: قولُ الله.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الْمفضل بن سَلمَة عَن أَبِيه عَن الْفراء: أَنه قَالَ فِي قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ونَهيه عَن قيلَ وقالَ وَكَثْرَة السُّؤَال قَالَ: فكانتا كالاسمين، وهما منصوبتان، وَلَو خُفِضتا على أَنَّهُمَا أُخرجتا من نِيَّة الْفِعْل إِلَى نِيَّة الْأَسْمَاء كَانَ صَوَابا، كَقَوْلِهِم: أعييتني من شُبْ إِلَى دُبَّ، وَمن شُبَ إِلَى دُبَ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول الْعَرَب: كثر فِيهِ القِيلُ والقال.
وَيُقَال: إِن اشتقاقهما من كَثْرَة مَا يَقُولُونَ قَالَ وَقيل لَهُ.
وَيُقَال: بل هما اسمان مشتقان من القَوْل.
وَيُقَال: قيلٌ على بِنَاء فِعْلٍ، وقُيلَ على بِنَاء فُعِلَ، كِلَاهُمَا من الْوَاو، وَلَكِن الكسرة غَلَبَتْ فقلبت الْوَاو يَاء.
وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {الْمُتَكَبِّرِينَ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى الّجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا} (الزمر: 73) .
وَقَالَ غَيره: الْعَرَب تقولُ للرجل إِذا كَانَ ذَا لسانٍ طُلُق: إِنَّه لِابْنِ قولٍ وَابْن أَقْوَال.
وَقَالَ الْفراء: بَنو أَسد يَقُولُونَ قَول وَقيل بِمَعْنى وَاحِد. وَأنْشد:
وابتذَلتْ غَضْبَى وأمُّ الرَّحَّالْ
وقُولَ لَا أهلٌ لَهُ وَلَا مالْ
بِمَعْنى وَقيل.
شمر عَن أبي زيد يُقَال: مَا أحسنَ قِعلك وقَوْلك، ومقالك ومقالَتك، وقالك: خَمْسَة أوجه.
قلت: وسمعتُ بعض الْعَرَب يَقُول للناقة الَّتِي يُشرب لَبنهَا نصفَ النَّهَار قَيْلة، وهنَّ قَيْلاثى، للِّقاح الَّتِي يحْتلبونها وقتَ القائلة.
وأنشدني أَعْرَابِي:
مَا ليَ لَا أَسقي حُبَيِّباتي
وهُنّ يومَ الوِرْد أمهاتي
صبائحي غِبائقي قَيْلاتي أَرَادَ بحبيِّباته إبِله الَّتِي يسقيها يومَ وِردِها وَيشْرب أَلْبَانهَا، جعلهنَّ كأمَّهاته اللَّاتِي أرضعنه.
وَقَالَ اللَّيْث: القَيلولة: نَومَةُ نصف النَّهَار، وَهِي القائلة: وَقد قَالَ يقيل مقيلاً. والمقيل أَيْضا: الْموضع.
قَالَ: وَقَالَت قريشٌ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن فَتَح الله عَلَيْهِ الفُتوح: إِنَّا لأكرم مُقَاماً وأحسنُ مَقيلاً. فَأنْزل الله: {) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} (الْفرْقَان: 24) .
وَقَالَ الْفراء: قَالَ بعض الْمُحدثين: يرْوى

(9/232)


أَنه يُفْرَغ من حِسَاب النَّاس فِي نصف ذَلِك الْيَوْم فيَقِيل أهل الْجنَّة فِي الجنّة، وَأهل النَّار فِي النَّار.
فَذَلِك قَوْله تَعَالَى: {خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً} .
وَقَالَ الْفراء: وَأهل الْكَلَام إِذا اجْتمع لَهُم أحمقُ وعاقل لم يستجيزوا أَن يَقُولُوا: هَذَا أَحمَق الرجلَيْن وَلَا أَعقل الرجلَيْن.
وَيَقُولُونَ: لَا يَقُول هَذَا أعقلُ الرّجلين إلاَّ العاقلين يُفضَّل أَحدهمَا على صَاحبه.
قَالَ الْفراء: وَقد قَالَ الله جلّ وَعز: {خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً} فَجعل أهل الْجنَّة خيرا مستقرّاً من أهل وَلَيْسَ فِي مُسْتَقر أهل النَّار شيءٌ من الْخَيْر فاعرِف ذَلِك مِن خَطائِهم.
وَذكر الْمُنْذِرِيّ عَن المفضَّل بن سَلمَة أَنه قَالَ إِنَّمَا جَازَ ذَلِك لِأَنَّهُ مَوضِع، فَيُقَال: هَذَا الْموضع خيرٌ من ذَلِك الْموضع، وَإِذا كَانَت نَعْتاً لم يستقم أَن يكون نعتٌ واحدٌ لاثْنَيْنِ مُخْتَلفين.
قلت: وَنَحْو ذَلِك قَالَ الزّجاج، وَقَالَ: يفرَّق بَين الْمنَازل والنُعوت.
قلت: والقَيلولة عِنْد العربِ. والمَقيلُ: الاسْتِرَاحَة نصفِ النَّهَار إِذا اشتدَّ الحرّ، وَإِن لم يكن مَعَ ذَلِك نوم، وَالدَّلِيل على ذَلِك أنَّ الْجنَّة لَا نوم فِيهَا.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (قِيلُوا فإنَّ الشَّياطينَ لَا تَقِيل) .
وَقَالَ أَبُو زيد: تَقول: قِلْتُه البيْع قَيْلاً، وأقَلْته البيعَ إِقَالَة، وَهَذَا أحسنُ. وَقد تَقَايلا بَعْد مَا تَبايعا، أَي: تَتارَكا.
أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه، يُقَال: قِلْتُه البيعَ وأقلتُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: تَقَيَّلَ فلانٌ أَباه وتقيَّضه، تقيُّلاً وتَقيُّضاً: إِذا نَزع إِلَيْهِ فِي الشَّبَه.
وَيُقَال: أَقال فلانٌ إِبِلَه يُقِيلها إِقَالَة: إِذا سَقَاهَا الماءَ نصف النَّهَار.
وَيُقَال: قَالَ الله فلَانا عَثَرتَه: إِذا صَفح عَنهُ، وتَرك عُقُوبَته.
وَفِي الحَدِيث: (أَقِيلوا ذوِي الهيئات عَثَراتهم) .
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ يُقَال: أدْخِلْ بَعيرَك السُّوقَ واقتَلْ بِهِ غيرَه، أَي: استَبدِل بِهِ.
وَأنْشد:
واقتلْتُ بالجِدَّةِ لَوْناً أَطْحَلا
أَي: استَبْدَلْتُ.
قَالَ الْأَزْهَرِي: والمُقايلةُ والمقايَضَةُ: المبادَلة، يُقَال: قايَضَهُ وقايَله: إِذا بادَله.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الْعَرَب تَقول: قَالُوا بزيد، أَي: قَتَلُوهُ. وقُلنا بِهِ، أَي: قَتَلْنَاهُ.
وَأنْشد:
نحنُ ضَرَبناه على نِطابه
قُلنا بِهِ قُلْنا بِهِ قُلْنا بِهْ

(9/233)


أَي: قتلْناه. والنِّطَاب: حَبْلَ العاتق، والقَيلة: الأُدرة.
وَفِي الحَدِيث: (سُبْحَانَ مَن تَعَطَّفَ بالعِزِّ وَقَالَ بِهِ) تعطَّف بالْعزّ، أَي: اشْتَمَل بالعزّ وغَلب بِهِ كلَّ عَزِيز. وَأَصله من القَيْل المَلِك الَّذِي يَنفُذ قولُه فِيمَا يُرِيد. وَالله أعلم.
والقِيلَة: الأُدْرة.
وَيُقَال للَّذي بِهِ أُدرة: القِيليط والآدَر.
ليق: أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، يُقَال: فلانٌ يَلِيقُ بِيَدِهِ مَالا وَلَا يَلِيق مَالا وَلَا يَليق بِبَلد وَلَا يليقُ بِهِ بلد.
قَالَ: والالتياق: لُزُوم الشَّيْء للشَّيْء.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: أَلقتُ الدَّواةَ إلاقةَ، ولِقْتُها لَيْقاً، والأَولى أعرَب.
وَيُقَال: هَذَا الْأَمر لَا يَليقُ بك، أَي: لَا يَزكو بك، فَإِذا كَانَ مَعْنَاهُ لَا يَعْلَق قيل: لَا يَلْبَقُ بك.
قَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: يُقَال: أَلْقَتُ الدّواة فَهِيَ مُلاقة. روَاه ثعلبٌ عَنهُ.
قَالَ ثَعْلَب: وَحكى بعضُ أَصْحَابنَا عَن أبي زيد: لِقْتُ الدوَاةَ فَهِيَ مَليقة، ولُقْتها فَهِيَ مَلوقة.
رَوَاهُ المنذريّ عَن أَحْمد بن يحيى عَنهُ.
قَالَ أَبُو الْعِيَال يصف السَّيف:
خِضَمّ لم يُلِقْ شَيْئا
كأنَّ حُسامَه اللَّهَبُ
لم يُلِق شَيْئا إلاّ قطعَه حسامه. يُقَال: مَا ألاقَني، أَي: مَا حَبَسَنِي، أَي: لَا يحبس شَيْئا.
قَالَ: واللِّيق شيءٌ يُجعل فِي دَوَاء الكحْل القِطعة مِنْهَا لِيقة.
قَالَ: واللِّيقة: ليقة الدَّوَاة، وَهِي مَا اجتَمَع فِي وَقْبَتها مِن سوادها بِمَائِهَا.
أَبُو عبيدٍ عَن أَبي عُبَيْدَة: لِقْتُ الدَّوَاةَ وأَلَقْتُها حَتَّى لاقَتْ، فَهِيَ لَائِق.
وَيُقَال: مَا أَلْقَت بعْدك بأَرْضٍ، أَي: مَا ثبتّ وفلانٌ مَا يُليق شَيْئا من سخائه، أَي: مَا يُمسك.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: مَا لاقتني الْبَصْرَة، أَي: مَا ثبتُّ بهَا.
قَالَ: وَقَالَ الأمويّ: يُقَال للْمَرْأَة، إِذا لم تَحْظَ عِنْد زَوجهَا. مَا لاقتْ عِنْد زَوجهَا وَلَا عاقَت، أَي: لم تَلصق بِقَلْبِه.
وَمِنْه لاقَت الدواةُ، أَي: لَصِقَتْ، وألَقْتُها أَنا أُليقها.
قلت: وَالْعرب تَقول: هَذَا الْأَمر لَا يَليق بك. فَمن قَالَ لَا يَليقُ بك فَمَعْنَاه لَا يَحسُن بك حَتَّى يلصَق بك.
ومَن قَالَ: لَا يَلْبَق بك فَمَعْنَاه أنّه لَيْسَ بوَفْقٍ لَك، وَمِنْه تلبيق الثَّرِيد بالسَّمن: إِذا رُوِّغ بالسَّمن.

(9/234)


وَفِي حَدِيث عُبَادة بن الصَّامِت أَنه قَال: لَا آكل إلاّ مَا لُوِّق لي.
قَالَ أَبُو عبيدٍ: هُوَ مأْخوذٌ من اللُّوقة وَهِي الزُّبدة فِي قَول الفرّاء والكسائيّ.
وَقَالَ ابْن الكلبيّ: هُوَ الزُّبْد بالرُّطب. وَفِيه لُغتان: لُوقة وألُوقة.
وَأنْشد لرجُلٍ من عُذْرة:
وإنِّي لمَن سالَمتُمُ لألُوقةٌ
وَإِنِّي لِمَنْ عاديْتُمْ سَمُّ أَسْوَدِ
وَقَالَ آخر:
حديثُكَ أشهى عندنَا من أَلُوقةٍ
تعَجَّلَها ظَمْآنُ شَهْوَانُ للطُّعْمِ
قَالَ: وَالَّذِي أَرَادَ عُبادة بقوله: (لُوِّقَ لي) ، أَي: لُيِّنَ لي من الطّعام حَتَّى يَكونَ كالزُّبد فِي لينه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: اللَّوقة: الرُّطَب بالسَّمْن.
وَقَالَ اللَّيْث: الألْوَقُ: الأحمق فِي الْكَلَام بيِّنِ اللَّوَق.
أَبُو زيد: هُوَ صَيْقٌ لَيْق، وصيِّق لَيِّق.
وَقد التاقَ فلانٌ بفلان: إِذا صافاه كأَنه لَزِق بِهِ.
واللِّيقَةُ: الطِّينة اللَّزِجة يُرْمَى بهَا الحائطُ فتلزق بِهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللَّوْق: كلُّ شيءٍ ليِّن من طعامٍ أَو غيرِه. واللُّوق: جمعُ لُوقة، وَهِي الزُّبدةُ بالرُّطب.
ولق: قَالَ الفرّاء: رُوِيَ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قرأَتْ قولَ الله عزَّ وجلَّ: (إِذْ تَلِقُونه بأَلْسنَتِكم) (النُّور: 15) .
قَالَ الفرّاء: وَهُوَ الوَلْق فِي السَّيْر، والوَلْق فِي الْكَذِب بمنزلةٍ، إِذا استمرَّ فِي السّير وَالْكذب.
وَأنْشد الْفراء:
إنَّ الجَلِيدَ زَلِقٌ وزُمَّلِقْ
جاءَتْ بِهِ عَنْسٌ من الشَّام تَلِقْ
قَالَ: وَيُقَال فِي الولْق من الْكَذِب هُوَ الألْق والإلْق. وفعَلْتُ مِنْهُ أَلَقْت فَأنْتم تألِقُونه.
وأنشدني بَعضهم:
مَن ليَ بالمُزَرَّرِ التِلامِق
صاحبِ إدْهانٍ وإِلْقِ آلِقِ
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: أَخَفُّ الطَّعْنِ الولْق.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ، عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالُوا: الولْق: إسْرَاعُك بالشَّيْء فِي أثر الشَّيْء، مثلَ: عَدْوٍ فِي أَثَرِ عَدْوٍ، وكلامٍ فِي أثَرِ كلامٍ.
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
أحينَ بلغْتُ الأربعينَ وأحْصِيَتْ
عَلَيَّ إِذا لم يَعْفُ ربِّي ذُنُوبُها

(9/235)


يُصَبِّبنا حَتَّى تَرِفَّ قلوبُنا
أُوالق مِخْلافُ العِداتِ كذوبُها
قَالَ: أوَالِق مِن أَلْق الْكَلَام، وَهُوَ مُتابعتُه.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَوْله: (إذْ تَلِقُونه) ، أَي: تُدَبِّرونه. وفلانٌ يَلقُ الكلامَ، أَي: يُدَبِّرُه.
قلت: لَا أدْرِي تدبِّرونه أَو تُدِيرُونه.
قَالَ: والوَليقةُ تُتَّخَذ من دَقيقٍ وسَمْن ولبَن.
وَقَالَ ابْن دُرَيد فِي الوَليقة مِثله. وَأرَاهُ أَخذَه من (كتَاب اللَّيْث) ، وَلَا أَعْرِفُ الوليقةَ لغَيْرِهِمَا.
ألق: قَالَ أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر، قَالَ: رجلٌ مَألوقٌ ومُؤَوْلَق، عَلَى مِثال مُعَوْلَق، من الأوْلق.
وَأنْشد أَبُو عُبَيدة فِيمَا روى الرياشي عَنهُ:
كَأَنَّمَا بِي منْ أَراني أوْلَقُ
قَالَ: والأولق: الْجُنُون.
وَأنْشد ابنُ الْأَعرَابِي:
شمَرْدَلٍ غير هُراءٍ مِئلقِ
قَالَ: المئلق من المألوق، وَهُوَ الأحمق أَو الْمَعْتُوه.
أَبُو زيد: ألق الرجُلُ يُؤلق أَلْقاً، فَهُوَ مألوق: إِذا أخذَه الأولَق.
وَقَالَ اللَّيْث: الإلقة يُوصف بهَا السّعلاة والذئبةُ والمرأةُ الجريئة، لخبثهنّ.
وَفِي الحَدِيث: (اللهمَّ إنَّا نَعُوذ بك من الألسن الألْق) .
قَالَ أَبُو عبيد: لَا أَحْسبهُ أَراد بالألق إلاّ الأوْلق، وَهُوَ الْجُنُون.
وَأنشد:
ألمَّ بهَا مِن طائف الجنّ أوْلقُ
قَالَ: وَيجوز أَن يكون أَرَادَ بالأْلْق الوَلْق، وَهُوَ الْكَذِب.
وَقَالَ غَيره: بَرْقٌ إلاقٌ: لَا مطرَ فِيهِ، كأنّه كذوب.
قَالَ الجعديّ: فَجَعل الكَذُوبَ إلاَقاً:
ولستُ بِذِي مَلَقٍ كاذبٍ
إلاقٍ كبَرْقٍ من الخُلَّب
وَيُقَال: ائتلقَ البرقُ يأتلقُ إتلاقاً: إِذا أَضَاء.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: بِهِ أُلاَق وأُلاس، من الأوْلَق والأَلْس، وَهُوَ الْجُنُون.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال للذئب سِلْق وإلْق. قَالَ: والألقُ: الكَذِب.
وَقل: قَالَ أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الوَقْل: شجر واحدته وَقْلة.
وسمعتُ غير واحدٍ من أَعْرَاب بني كلاب يَقُول: الوَقل ثَمَر المُقْل. ودلَّ على صحَّة مَا سمعتُ قولَ الجعديّ:
وكأنّ عيرهُم تُحَثُّ غُديَّةً
دَوْمٌ تَنُوءُ بِناعمِ الأوْقالِ
فالدَّوْم: شجر المُقْل، وأوقاله: ثمَرُه.

(9/236)


وَقَالَ الْفراء: أَنْشدني المفضّلُ:
لم يَمنَع الشِرّب مِنْهَا غيرَ أنْ هَتَفَتْ
حَمامةٌ مِن سَحوق ذَات أوقالِ
والسَّحوق: مَا طَال من الدَّوْم، وأوقالُه: ثِمارُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: وَقَل فِي الجَبل يَقِلُ وُقولاً، وتَوَقَّلَ تَوَقُلاً: إِذا صَعِد فِيهِ.
وَقَالَ اللحيانيّ: وَعِلٌ وَقِلٌ ووَقُلٌ، وَقد وَقَل فِي الْجَبَل يَقِل.
وَقَالَ اللَّيْث: الواقل: الصاعد بَين حُزُونة الْجبَال. والوَقْل: الْحِجَارَة.
يلق: يُقَال: أَبيض يَلَق ولَهَق ويَقَق، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو سعيد: المقلة ثمَّ حبُّها الَّذِي يجنى ثمَّ يسف. فالوقلة الْيَابِسَة الَّتِي فِي جوفها لَا تُؤْكَل.

(بَاب الْقَاف وَالنُّون)
ق ن (وايء)
قِنَا، قين، وقن، نُوق، نيق، نقا، أنق، أقن، (قنأ، يقن) .
قِنَا: قَالَ الله جلّ وَعز: {قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ} (الْأَنْعَام: 99) .
أَبُو عبيدٍ عَن الأصمعيّ: القِنْو: الَّذِي يُقَال لَهُ الكِباسة وَهُوَ القَنا أَيْضا مَقْصُور.
قَالَ: ومَن قَالَ قِنْو فإنّه يَقُول للاثنين قِنوانِ بِالْكَسْرِ، وللجميع قُنْوانٌ بِالضَّمِّ والتنوين، ومِثْله صنوٌ وصِنْوانِ وصنوانٌ للْجَمِيع. قَالَ: ومَن قَالَ هَذَا قَناً جَمعَه أقناءً.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ} ، أَي: قريبَة المتناوَل.
حَدثنَا عُرْوَة عَن يحيى بن حَكِيم عَن يحيى بن سعيد عَن عبد الحميد بن جَعْفَر عَن صَالح عَن أبي عريب عَن كثير بن مرّة الْحَضْرَمِيّ عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ، قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد علّق رَجلٌ قِنَا حَشَفٍ وَفِي يَده عَصا فَجعل يطعن بِيَدِهِ فِي ذَلِك القنو وَقَالَ: (لَو شَاءَ ربُّ هَذِه الصَّدَقَة قد تصدَّق بأطيب مِنْهَا) ، هَكَذَا رَوَاهُ قِنا بِكَسْر الْقَاف، وَأرَاهُ قَنا.
وَقَالَ جلّ وعزَّ: {) الاُْخْرَى وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} (النَّجْم: 48) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: قيل فِي أقْنى قَولَانِ: أَحدهمَا: أقْنَى: أرْضَى، وَالْآخر: جُعِل الغِنى أصلا لصَاحبه ثَابتا. ومِن هَذَا قولُك: اقتنَيْتُ كَذَا وَكَذَا، أَي: عَمِلتُ على أنّه يكون عِنْدِي لَا أخرجه مِن يَدي.
وَقَالَ الْفراء: أقنَى: رَضَّى الفقيرَ بِمَا أغناه بِهِ. وأقنَى مِن القِنْية والنَّشَب.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: أَقْنَى: أعطَاهُ مَا يدَّخره بعدَ الكِفاية.
وَقَالَ الكسائيّ: أقْنَى واستَقْنَى وقَنَا وقَنَّى: إِذا حَفِظ حياءَه ولَزِمه.
وَقَالَ غَيره: قنيتُ الْحيَاء، أَي: لزِمتُه.

(9/237)


وَقَالَ ابْن شُمَيْل: قَنَاني الحياءُ أنْ أفعلَ كَذَا، أَي: رَدَّني ووَعظني، وَهُوَ يَقْنيني.
وَأنْشد:
وإنِّي لَيَقْنيني حياؤكِ كلّما
لقيتُكِ يَوْمًا أَن أبثكِ مَا بيا
قَالَ: وَقد قَنِيَ الحياءَ: إِذا استَحْيا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: قَنا الإنسانُ يَقْنو غَنماً وشيئاً قَنْواً وقُنواناً، والمصدَرُ القِنانِ والقُنْيان. وَيُقَال: اقتَنَى يقتَنِي اقتناءً، وَهُوَ أَن يَتَّخِذهُ لنَفسِهِ لَا للْبيع.
يُقَال: هَذِه قِنْية، واتَّخذَها قِنيةً للنَّسْل لَا للتِّجَارَة. وَأنْشد:
وإنَّ قنَاتي إِن سألتَ وأسرتي
مِن النَّاس قومٌ يقْتَنون المُزَنما
وغَنمُ قِنْية ومالٌ قِنْيان: اتخذتَه لنَفسك. قَالَ: وَمِنْه قَنِيتُ حيائي، أَي: لزمْتُه.
وَأنْشد:
فاقْنَى حياءَكِ لَا أبالَكِ واعْلَمي
أنّي امرؤٌ سأموتُ إِن لم أُقْتَلِ
قَالَ: وَقيل: قَنيتُ بِهِ، أَي: رَضيتُ بِهِ، واقتنَيْتُ لنَفْسي مَالا، أَي: جعلتُه قِنْيةً ارتَضَيت.
وَقَالَ فِي قَول المتلمس:
أَلقيته بالثِّنْي من جَنْب كَافِر
كَذَلِك أَقْنُو كلَّ قِطِّ مُضَلِّل
إِنَّه بِمَعْنى أرضَى.
وَقَالَ غَيره: أقْنو، أَي: أَلْزَم وأحفَظ.
وَقيل: أقنو: أجزي. وَيُقَال: لأقنونّك قِناوتَك، أَي: لأجزيّنك جزاءك. وَيُقَال: قنوتُ المَال، أَي: اتخذته أَصلاً.
قَالَ: والمَقْنُوة خَفِيفَة، من الظلّ: حَيْثُ لَا تُصيبه الشَّمْس فِي الشتَاء.
الحرانيّ عَن ابْن السكّيت عَن أبي عَمْرو: المَقْنأة والمَقْنُؤة: الْمَكَان الَّذِي لَا تَطلُع عَلَيْهِ الشمْس.
وَقَالَ غير أبي عَمْرو: مقناة ومَقنُوَة بِغَيْر همز.
وَقَالَ الطرماح: فَجَمعها مَقانيَ غير مَهْمُوزَة:
فِي مَقاني أقَنٍ بَينهَا
عُرّة الطَّيْر كصَوْم النَّعامْ
وَقَالَ قيس بن العَيزارة الهذليّ:
بِمَا هِيَ مقناةٌ أنيقٌ نباتها
مرَبٌّ فتهواها المَخاض النوازع
قَالَ: مَعْنَاهُ: أَي هِيَ مُوَافقَة لكل من نزلها، من قَوْله:
مقاناة الْبيَاض بصفرة
أَي: يُوَافق بياضها صفرتَها.
قَالَ الْأَصْمَعِي: ولغة هُذَيْل مفناة، بِالْفَاءِ، وَقيل المَقناة مثل المرَبّ تحفظ الندى فترمه من قَنوتُ المَال: إِذا اتخذته أصلا.
وَقَالَ الشَّاعِر يصف حميراً جزأت بالرطب إِلَى أَن هاجه المقاني:

(9/238)


أخلقتهن اللواتي الألى
بالمقاني بعد حسن اعتمام
أَي: الرياض اللواتي فِي المقاني.
وَقَالَ الْفراء: أهل الْحجاز يَقُولُونَ: قِنْوان وَقيسٌ قُنوان، وَتَمِيم وضَبّة قُنْيان.
وَأنْشد:
ومالَ بقُنْيانٍ من البُسر أحمَرا
قَالَ: ويجتمعون فَيَقُولُونَ: قِنْو وقُنو، وَلا يَقُولُونَ قِنى.
قَالَ: وكلبٌ تَقول قِنيان.
وَقَالَ اللَّيْث: القَناة أَلفُها وَاو، والجميع قَنوَات وقَناً. وَرجل قَنَّاءُ ومُقنٍ، أَي: صَاحب قَناً.
وَأنْشد:
عَضّ الثَقافِ خُرُصَ المُقنِّي
قلت: القَناة من الرِّماح مَا كَانَ ذَا أنابيبَ كالقَصَب، وَلذَلِك قيل للكظائم الَّتِي تجْرِي تَحت الأَرْض قَنوات، واحدتها قَناة، وَيُقَال لمجاري مَائِهَا قصَب، تَشْبِيها بالقصَب الأجوف.
اللَّيْث: القَنا مَقْصُور: مصدَر الأَقنَى من الأنوف، والجميع القُنْو، وَهُوَ ارتفاعٌ فِي أَعْلَاهُ بَين القَصَبة والمارِن من غير قُبح، وفَرَسٌ أقْنى إِذا كَانَ نحوَ ذَلِك. والبازي والصَّقْر وَنَحْوه أقْنى، أَي: فِي مِنقاره حُجْنة.
وَأنْشد:
مِن الطير أَقْنى ينفُضُ الطَّلَّ أَزرقُ
والفِعل قَنِيَ يَقْني قِناً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: القَنَا: نُتُوٌّ فِي وسَطَ قَصَبة الْأنف، وإشرافٌ وضيقٌ فِي المِنْخرين.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: القَنا فِي الْخَيل: احديدابٌ فِي الْأنف، يكون فِي الهجن.
وَأنْشد:
لَيْسَ بأقنى وَلَا أسْفي وَلَا سَغِلِ
يُسقَى دَوَاء قَفيِّ السكن مَرْبوبِ
أَبُو بكر: قَوْلهم: فلَان صُلب الْقَنَاة، وَمَعْنَاهُ: صُلب الْقَامَة. والقناة عِنْد الْعَرَب الْقَامَة. وَأنْشد:
سباط البنان والعرانين والقنا
لطاف الخصور فِي تَمام وإكمال
أَرَادَ بالقنا القامات.
قَالَ: وكل خَشَبَة عِنْد الْعَرَب قناة وعصا. وَالرمْح عَصا.
وَأنْشد قَول الْأسود بن يعفر:
وَقَالُوا شريسُ قلت يَكْفِي شريسَكم
سنانٌ كنبراس النِّهامي مفتَّقُ
نمتْه الْعَصَا ثمَّ اسْتمرّ كأَنه
شهابٌ يكفَّيْ قابس يتحرقُ
نمته: رفعته، يَعْنِي السنان. والنهامي فِي قَول ابْن الْأَعرَابِي: الراهب.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ النَّجَّار. وَيُقَال: قناة

(9/239)


وقناً ثمَّ قنى جمع الْجمع.
كَمَا يُقَال: دلاة ودلا، ثمَّ دِليّ ودُليّ جمع الْجمع.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: مَا يُقانيني هَذَا الشَّيْء وَمَا يُقاميني، أَي: مَا يوافقُني.
وَقَالَ الأصمعيّ: قانيْتُ الشَّيْء: خَلَطته. وكلُّ شَيْء خَلَطته فقد قانيته.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم فِي قَوْله:
كبِكر المُقاناة البياضَ بصُفْرةٍ
قَالَ: أَرَادَ كالبكر المقاناة بصفرة، أَي: خُلط بياضها بصُفْرة، فَكَانَت صفراء بَيْضَاء، فَترك الْألف وَاللَّام من البِكْر، وأضافَ البِكْرَ إِلَى نعْتِها.
وَقَالَ غير أبي الْهَيْثَم: أَرَادَ كبِكر الصَّدَفة المُقاناة البياضَ بصُفْرة، لِأَن فِي الصَّدَفة لونَيْن من بَيَاض وصُفْرة، أَضافَ الدَّرةَ إِلَيْهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المُقاناة فِي النَّسْج: خيطٌ أَبيض وخيطٌ أَسوَد.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: المُقاناة: خَلْط الصُوف بالوَبَر أَو بالشَّعر من الغَزْل، يؤلَّف بَين ذَلِك ثمَّ يُبرَم.
وَقَالَ اللَّيْث: المُقاناة: إشرابُ لونٍ بلَوْنٍ يُقَال: قُونِيَ هَذَا بذاكَ، أَي أُشرِب أَحدهمَا بِالْآخرِ.
وَقَالَ غَيره: قانَى لَك عيشٌ ناعِمٌ، أَي: دامَ.
وَأنْشد:
قانَى لَهُ بالقَيظ ظِلٌّ بَارِد
ونَصِيٌّ باعِجَة ومَحْضٌ مُنْقَعُ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: القُنَا: ادِّخار المَال.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سَمِعت الحُصَينيّ يَقُول: همْ لَا يُقانُون مَا لَهم وَلَا يفانونَه بِالْقَافِ وَالْفَاء، أَي: مَا يقومُونَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تقنّى فلانٌ: إِذا اكْتفى بنَفَقَته ثمَّ فَضَلتْ فَضْلةٌ فادَّخَرها، يُقاني هَذَا، أَي: يوافقُه.
يُقَال: قنوته أقنوه قناوةً: إِذا جزيته، وَمِنْه قَول المتلمس:
ألقيتها بالثِّني من جنب كَافِر
كَذَلِك أَقْنو كلَّ قِطَ مضلّل
أقنو: أجزي وأكافىء. يُقَال: لأقنونّك قناوتك، ولأمنونّك مناوتك، كَقَوْلِك: لأجزَيَّنك جزاءك. قَالَه خَالِد بن زيد.
قنأ: أَبُو عبيد: أَحْمَر قانىء، وَقد قنأ يقنأ.
أَبُو زيد: قَنأَتْ أطرافُ الْمَرْأَة قُنوءاً بالحنَّاء: إِذا احمرَّت احمراراً شَدِيدا.
وقرأت للمؤرِّج: يُقَال: ضربتُه حتَّى قَنِىءَ يَقنأ قُنُوءاً: إِذا مَاتَ. وقَنَأه فلانٌ يَقْنَؤُه قَنَئاً وأقْنأَتُ الرَّجُلَ إقناءاً: حملتَه على القتْل.
نقا: قَالَ اللَّيْث: النِّقْوُ: كلُّ عَظْم من قَصَب الْيَدَيْنِ والرِّجلين نِقْوٌ على حِياله، والجميع الأنقاء.

(9/240)


أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الأنقاء: كلُّ عَظْم ذِي مُخّ، وَهِي القَصَب. وَقَالَ غَيره: وَاحِدهَا نِقْي ونِقْوٌ.
ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ أَحْمَر كالنَّكَعة، وَهِي ثَمَرَة النُّقاوى، وَهُوَ نبت أَحْمَر.
وَأنْشد:
إِلَيْكُم لَا نَكون لكم خلاةً
وَلَا نكَعُ النُّقاوَى إذْ أحالا
قَالَ ثَعْلَب: النُّقاوى: ضرب من النبت، وَجمعه نقاويات، وَاحِدهَا نُقاوةٌ ونُقاوَى.
وَقَالَ اللِّحياني: يُقَال: أخذتُ نُقاوَتَه ونُقايَتَه، أَي: أفضَلَه، وَجمع النُّقاوة نُقَاوَى ونُقاء، وَجمع النُّقاية نَقَايَا ونُقاء مَمْدُود.
والنُّقاوى: نبتٌ بِعينه لَهُ زَهْر أَحْمَر.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ أنْقَى: دَقِيق عَظْم الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ والفَخِذ، وامرأةٌ نَقْوَاء. وفَخِذٌ نَقْواء: دقيقة القصَب نَحيفة الجِسم قليلةُ اللَّحْم فِي طُول.
قَالَ: النِّقْي: شحمُ العِظام، وشحم العَيْن من السِّمن. وناقة مُنْقِية ونُوقٌ مَناقٍ.
وَقَالَ الراجز:
لَا يَشتَكين عَمَلاً مَا أنْقَيْن
مَا دامَ مُخٌّ فِي سُلامَى أَو عَيْن
وَيُقَال: نقَوْتُ العَظْم ونَقيْتُه: إِذا استخرجتَ النِّقِيَ مِنْهُ.
والنُّقاوَة: أفضَل مَا انتقيتَ من الشَّيْء. والنَّقاوَة مصدر الشَّيْء النَقِيّ. تَقول: نَقِيَ يَنْقَى نَقاوَة، وَأَنا أنقيتُه إنقاءً. والانتقاء: تجوُّدُه. وانتقيتُ الْعظم: إِذا أخرجتَ نِقيه، أَي: مخّه. وانْتقيت الشَّيْء: إِذا أخذتَ خِيَاره.
أَبُو عبيد عَن أبي مُحَمَّد الْأمَوِي: النَّقاة: مَا يُلقَى فِي الطَّعَام ويُرمي بِهِ.
قَالَ: سمعتُه من ابْن قَطَريّ قَالَ: والنُّقاوة خِيارُه.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي النَّقاة مِثلَه، وَكَذَلِكَ فِي النُّقاوة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زِيَاد: النُّقاة والنُّقاية: الرَّدِيء. قَالَ: والنُّقاوة: الْجيد.
أَخْبرنِي بذلك الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّقاء مَمْدُود: مصدر النَّقيّ، والنقَا مَقْصورٌ من كُثْبان الرَمْل، ونَقَوانِ، وأنقاءٌ للْجَمِيع. وَيُقَال لجَمع الشَّيْء النَّقيّ أَنقاء.
وَفِي الحَدِيث: (يُحْشَر الناسُ على أَرض بيضاءُ كقُرصة النّقِيّ) .
قَالَ أَبو عبيد: النَّقِيُّ: الحُوَّارَى، وأَنشد لطرفة:
نُطعِم النّاسَ إِذا مَا أَمْحَلُوا
مِنْ نَقِيَ فوقَه أُدُمُهْ
وَيُقَال للحُلَكَة، وَهِي دويْبَةٌ تسكن الرّمْل كَأَنَّهَا سَمَكة مَلساءُ فِيهَا بَياضٌ وحُمْرة:

(9/241)


شحمة النَّقا. وَيُقَال لَهَا بَنَات النَّقا.
وَقَالَ ذُو الرمَّة وشبَّه بنانَ العَذارَى بهَا:
بناتُ النُّقَا تَخفَى مِراراً وتَظهَرُ
ويُجمَع نقَا الرملِ نُقياناً، وَهَذِه نقاةٌ من الرَّمل، للكثيب الْمُجْتَمع الْأَبْيَض الَّذِي لَا يُنبت شَيْئا.
وَفِي حَدِيث أم زرع: (لَا سَهْلٌ فيُرْتَقى، وَلَا سَمِين فيُنتَقَى) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: يُقَال: نَقَوْتُ العَظْم ونَقيْتُه: إِذا استخرجْتَ النِقْيَ مِنْهُ. قَالَ: وَكلهمْ يَقُول: انتقيتُه. وقولُها: (وَلَا سَمينٌ فيُنتَقَى) ، أَي: لَيْسَ لَهُ نِقْيٌ.
وَقَالَ أَبو تُرَاب: سمعتُ الحُصَيْني يَقُول: سمعتُ نَغْيَة حَقَ ونَقْيَة حَقٍ، أَي: كلمةَ حقّ.
قين قون: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: قانَ الحَدَّادُ الحديدَ يَقِينُه قَيْناً: إِذا سَوَّاه.
وَقال اللَّيْث: القَيْن: الحَدّاد، وَجمعُه قيون.
وَقال غَيره: كلُّ عامِلٍ بالحَديد عِنْد الْعَرَب قَيْن.
وَقال اللَّيْث: القَيْن وَالقيُنَة: العَبْد والأَمَة. قَالَ زُهَيْر:
رَدَّ القِيانُ جِمال الحَيِّ فاحتَمَلوا
أَراد بالقِيان الْإِمَاء، أَنَّهُنَّ رَدَدْن يَوْم الظَّعْن الجِمالَ إِلَى الدّرّ لَشَدِّ أَقتابِها عَلَيْهَا.
وَقال اللَّيْث: عَوَام النَّاس يَقُولُونَ: القَيْنة: المغنّية.
قلت: إنّما قيل للمغنّية قَينَةً: إِذا كَانَ الغِناءُ لَهَا صناعَة، وَذَلِكَ مِن عَمَل الْإِمَاء دُونَ الحَرائر.
وَقَالَ اللَّيْث: ربَّما قَالَت الْعَرَب للرجل المتزيِّن باللباس قَيْنةٌ، إِذا كَانَ الغِناء صناعَة لَهُ أَو لم يكن؛ وَهِي كلمةٌ هُذلّيّة. والتقيُّن: التزيُّن بألوان الزِّينَة. قَالَ: واقتانت الروضةُ: إِذا ازدانت بألوان زَهْرتِها. وَأنْشد:
كَمَا اقتان بالنَّبْت العِهَادُ المُحَوَّفُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القَيْنة: الفِقْرة من اللَّحْم. والقَيْنة: الماشطة. والقَيْنَة: المغنّيَّة. والقَيْنة: الْجَارِيَة تخدُم حَسْبُ.
أَبُو عبيد أبي عَمْرو: اقتانَ النَّبْت اقتياناً: إِذا حَسُن. وَمِنْه قِيل للْمَرْأَة مُقَيِّنَة، أَي: أنَّها تزيِّن العَرائسَ.
قلتُ: وَيُقَال للماشطة مقيِّنةٌ لتزيينها النِّساء.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: قانني الله على حبّه يَوْم قانني، وطانني الله على حبّه يَوْم طانني، وطواني على حبّه يَوْم طواني، أَي: خلقني على حبه، يقينني ويطينني.
قَالَ أَبُو بكر: قَوْلهم: فُلَانَة قينة، قَالَ: الْقَيْنَة مَعْنَاهَا فِي كَلَام الْعَرَب الصانعة. والقين: الصَّانِع؛ قَالَ خبّاب بن الأرتّ: كنت قينا فِي الجاهليّة، أَي: صانعاً.

(9/242)


والقينة: هِيَ الأَمة صانعةً كَانَت أَو غير صانعة. وَقَوله:
رد القيانُ جِمالِ الحيّ
العبيدُ وَالْإِمَاء.
ابْن السّكيت: قلت لعُمارة: إنَّ بعض الروَاة زعم أنّ كلّ عَامل بالحديد قيْن فَقَالَ: كذب إِنَّمَا القينُ الَّذِي يعْمل الحديدَ وَيعْمل بالكِير وَلَا يقالُ للصائغ قَيْنٌ وَلَا للنّجّار قَيْن.
وَبَنُو أَسد يُقَال لَهُم: القُيُون، لأنَّ أوَّل من عَمِلَ الحَدِيدَ بالبادية الْهَالِك بن أسَد بن خُزَيمة. ومِن أمثالهم: (إِذا سَمِعتَ بسُرَى القَيْن فإِنَّه مصبِّح) . قَالَ أَبُو عبيد: يُضرب للرجُل يُعرَف بِالْكَذِبِ حتّى يُرَدَّ صِدقُه. قَالَ الأصمعيّ: وأَصله أَنَّ القَيْن بالبادية يتنقَّل فِي مِيَاههمْ فيُقيم بالموضع أيّاماً. فيكسُد عَلَيْهِ عملُه، فَيَقُول لأهل المَاء: إنِّي راحلٌ عَنْكُم الليلةَ وَإِن لم يُردْ ذَلِك، ولكنّه يُشيعُه ليستعمله مَن يُرِيد استعمالَه. فكَثُر ذَلِك مِن قَوْله حتّى صَار لَا يصدَّق.
وَقَالَ أَوْس بن حَجَر:
بَكَرتْ أُميّةُ غُدْوَةً برَهِينِ
خانتكَ إنَّ القينَ غيرُ أمينِ
والقانُ: شجرةٌ تنبُتُ فِي جبال تِهامة. وَقَالَ سَاعِدَة:
يَأوي إِلَى مشمخَّراتٍ مصعِّدة
شُمَ بهنّ فُروع القانِ والنَّشَم
أَبُو عُبَيْدَة: القَيْنان مِن يَدِي الفَرَس: موضِعَا القَيْد. قَالَ ذُو الرمّة:
دَانَى لَهُ القَيدُ فِي ديمومةٍ قَذَفٍ
قَيْنَيْه وانحسرتْ عَنهُ الأناعيمُ
وَقَالَ اللَّيْث: القَيْنانِ: الوَظيفان لكلِّ ذِي أَربع.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: القَوْنة: الْقطعَة من الْحَدِيد أَو الصُّفْر يُرْفع بهَا الْإِنَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: قَوْن وقُوَيْن: موضعان.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: التقَوّن: التعدّي بِاللِّسَانِ، وَهُوَ الْمَدْح التَّامّ.
نُوق نيق: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: النَّوَقة: الَّذين يُنْقُّون الشَّحْم مِن اللَّحْم لليَهود، وهم أمَناؤهم. وَأنْشد:
مُخّةُ ساقٍ بأيادِي ناقِي
قلت: وَهَذَا مقلوب.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: والنَّوْقَة: الحَذَاقة فِي كل شَيْء. قَالَ: والمنَوَّق: المذلَّل من كلِّ شَيْء، حتّى الْفَاكِهَة إِذا قُرِّبتْ قُطوفُها لآكلها فقد ذُلِّلتْ.
الفَرّاء عَن الدُّبَيْريّة أنّها قَالَت: تَقول للجَمَل المليَّن: المُنَوَّق.
وَقَالَ الأصمعيَّ: المنوَّق من النَّخل الملقَّح. والمنوَّق مِن العُذَوق: المُنَقَى. المُنَوَّق: المصَفَّف، وَهُوَ المُطَرَّق والمُسَكَّك.
وَقَالَ اللَّيْث: النِّيق: حرفٌ مِن حُرُوف

(9/243)


الجَبَل. وَقَالَ أَبُو عبيد: النِّيق: الطَّوِيل من الْجبَال.
وَقَالَ اللَّيْث: النِّيقَة مِن التنوُّق، تَنَوَّقَ فلانٌ فِي مَطعَمِه ومَلبَسه وأمُورِه: إِذا تَجوّدَ وبالَغ. وتنيَّقَ لغةٌ.
والناقة جمعُها نُوق ونِياق، والعَددُ أيْنُق وأيانِق على قلب أنُوق. وَأنْشد:
خيَّبكنَّ اللَّهُ مِن نِياقِ
إنْ لم تُنجِّين مِن الوَثاقِ
قَالَ: والنَّاقُ: شبه مَشَقِّ بَين ضَرّة الْإِبْهَام وأصل أَلْية الْخِنْصِر مستقبلٌ بطنَ الساعِد بلِزْق الرَّاحَة. وَكَذَلِكَ كلُّ موضعٍ مثل ذَلِك فِي بَاطِن الْمرْفق، وَفِي أصل العُصْعُص النَّاقُ. وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي الناق رَوَاهُ ثعلبٌ عَنهُ.
قَالَ: وَيُقَال: نُقْ نُقْ: إِذا أمرتَه بتمييز الشّحْم من اللَّحْم.
أنق: أَبُو زيد: أنِقْتُ الشيءَ أَنَقاً: إِذا أحْببتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الأنَقْ: الْإِعْجَاب بالشَّيْء. تَقول: أَنِقْتُ بِهِ، وَأَنا آنَقُ بِهِ أَنَقاً، وَأَنا بِهِ أَنقٌ: مُعجَبٌ؛ وَقد آنَقَني الشَّيْء يُؤنقني إيناقاً؛ وإنّه لأَنِيقٌ مُؤْنق، لكلِّ شيءٍ أعْجبك حُسنُه.
وَتقول: روضةٌ أنِيقٌ، ونباتٌ أنِيق. وَأنْشد:
لَا آمِنٌ جَليسُه وَلَا أَنِقْ
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: إِذا وقعْتُ فِي آل حِمْيَر وقعتُ فِي رَوْضات دَمِثات أتأنَّق فيهنّ. قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: أتأنق فِيهِنَّ: يَعْنِي أتتبَّع مَحَاسنَهُنّ، وَمِنْه قيل: منظر أنيقٌ: إِذا كَانَ حَسَناً مُعْجِباً. وَكَذَلِكَ قَول عُبيد بن عُمَيْر: مَا من عَاشيةٍ أشدُّ أَنَقاً وَلَا أبعَد شِبَعاً مِن طالبِ عِلْم.
وَمن أمثالهم: لَيْسَ المتعلِّق كالمتأنّق. وَمَعْنَاهُ: لَيْسَ القانع بالعُلقة وَهِي البُلغة من الْعَيْش كَالَّذي لَا يقنع إِلَّا بآنق الْأَشْيَاء وأعجبها يُقَال: هُوَ يتأنق، أَي: يطْلب آنق الْأَشْيَاء إِلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: نِقةُ المَال: خِيارُه. يُقَال: أخذتُ نِقتي من الْمَتَاع، أَي: مَا أعجَبَني وآنَقَني.
قلتُ: نِقة المَال فِي الأَصْل نِقْوَة المَال، وَهُوَ مَا انتُقيَ مِنْهُ. وَلَيْسَ مِن بَاب الأنَقْ وَلَا الأنيق فِي شَيْء.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: أنْوَقَ الرجُل: إِذا اصطادَ الأنُوق، وَهِي الرَّخَمَة. قَالَ: وَقَالَ معاويةُ لرجلٍ أدارَهُ عَلَى حاجةٍ لَا يسْأَل مِثلُها وَهُوَ يَفْتل لَهُ فِي الذَّروة ليخدعه عَنْهَا: أَنا أَجلُّ مِن الحَرْش، يُرِيد: الخديعة، ثمَّ سَأَلَهُ أُخْرَى أصعبَ مِنْهَا فَقَالَ:
طلبَ الأبلقَ العَقوقَ فلمَّا
لم يَنَلْه أرادَ بَيْضَ الأنُوقِ
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وبَيْض الأنُوق عزيزٌ ل

(9/244)


ايوجد. وَهَذَا مَثَلٌ يُضرب للَّذي يَسأل الهيِّن فَلَا يُعطى فَيسْأَل مَا هُوَ أعزُّ مِنْهُ.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: قَالَ عمَارَة: الأنوق عِنْدِي: الْعقَاب، وَالنَّاس يَقُولُونَ الرخمة، والرّخَمة تُوجد فِي الخراباتِ وَفِي السَّهل. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأنوق: طَائِر أسود لَهُ كالعرف، يُبعِد لبيضه.
وَيُقَال: فلَان فِيهِ مُوقُ الأنوق، لأنَّها تحمَّق. وَقد ذكرهَا الْكُمَيْت فَقَالَ:
وذاتِ اسمينِ والألوانُ شتَّى
تُحمّقُ وَهِي كيِّسة الحَوِيلِ
يَعْنِي الرّخمة، وإنّما كيَّس حَوِيلها، أَي: حيلتها، لأنَّها أوّل الطَّيْر قِطاعاً، وَأَنَّهَا تبيض حيثُ لَا يلْحق شيءٌ بيضها.
وقن أقن: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: أَوقَنَ الرجلُ: إِذا اصطادَ الطَّير مِن وُقْنيه، وَهِي مِحْضَنُهُ. وَكَذَلِكَ تَوَقَّنَ: إِذا صَاد الحَمامَ مِن مَحاضِنها فِي رُؤُوس الْجبَال.
قَالَ: والتوقُّن: التوقُّل فِي الْجَبَل، وَهُوَ الصُّعود فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الأَقْنَة والوقْنة، مَوضِع الطَّائِر فِي الجَبَل، الأُقَنات والوقَنات والوُكَنات. وَقَالَ الطِرماح:
فِي شَناظِي أُقَنٍ بَينهَا
عُرّةُ الطيرِ كصَوْم النَّعامْ
وَقَالَ أَبُو سعيد: الأُقْنة: الْحُفْرة فِي الجبَل وجمعُها أُقَنٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الأقنة: شِبه حُفْرة تكون فِي ظهر قُفَ أَو جَبَلٍ ضيِّقة الرَّأْس، قَعْرُها قَدْرُ قامة أَو قامتين خِلْقةً، وَرُبمَا كَانَت مَهْواة بَين نِيقَيْن.
يقن: أَبُو زيد: رجلٌ أَذنٌ يَقَنٌ، وهما وَاحِد، وَهُوَ الَّذِي لَا يسمع بشيءٍ إلاَّ أَيقَن بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: اليَقَن: الْيَقِين، وَأنْشد قَول الْأَعْشَى:
وَمَا بِالَّذِي أبصرتْه العُيونُ
من قَطْع يأسٍ وَلَا مِن يَقَنْ
قَالَ: وَالْيَقِين: إزاحة الشَّك وَتَحْقِيق الْأَمر. وَقد أيقَنَ يُوقن إيقاناً فَهُوَ مُوقِنٌ، ويَقِنَ يَيْقَنُ يَقَناً فَهُوَ يَقِن. وتيقَّنْتُ بِالْأَمر واستيقنت بِهِ، كلُّه واحِدٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: المَوْقونَة: الْجَارِيَة المَصُونة المخدَّرة.

(بَاب الْقَاف وَالْفَاء)
ق ف (وايء)
قفا، قوف، قيف، فَقَأَ، وقف، وفْق، أَفق، فَوق، فأق.
قفا: قَالَ اللَّيْث: القَفْوُ: مصدرُ قولِك: قَفَا يَقْفُو قَفْواً، وَهُوَ أَن يتَّبع شَيْئا.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (الْإِسْرَاء: 36) .
قَالَ الْفراء: أَكثر الْقُرَّاء يجعلونها مِن

(9/245)


قَفَوْتُ، كَمَا تَقول: لَا تَدْعُ مِنْ دعوْتُ. قَالَ: وَقَرَأَ بَعضهم: (لَا تَقُفْ) مِثل وَلَا تَقُل. وَالْعرب تَقول: قُفْتُ أثرَه وقَفَوْتُه، مِثل قاعَ الجملُ الناقةَ وقَعَاها: إِذا ركبهَا ليَضربها. ومِثله عاثَ وعَثَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقالُ: قَفَوْتُ فلَانا: اتّبعتُ أَثَرَه، وقَفْوَتُه: رَمَيْتُه بِأَمْر قَبِيح. وَله عِنْدِي قَفِيّةٌ ومَزِيّةٌ: إِذا كَانَت لَهُ منزِلة لَيست لِغيره. وَيُقَال: أقْفَيتُه وَلَا يُقَال أمْزَيْتُه.
وَمن أمثالهم: (رُبَّ سامِعٍ عِذْرَتي، لم يَسمَع قِفْوَتي) ؛ والقِفْوة: الذَّنْب. يَقُول: ربَّما اعتذرتُ إِلَى رجلٍ من شَيْء قد كَانَ منّي إِلَى مَن لم يبلْغه ذَنْبي. يُضرَبُ مَثَلاً لمن لَا يحفَظ سِرّه.
أَخْبرنِي بذلك كُله عَن الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي.
وَقَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (الْإِسْرَاء: 36) ، أَي: لَا تتَّبع مَا لَا تَعلم.
قَالَ: والقَفْو: القَذْف. قَالَ: والقَوْفُ مثل القَفْو. وَأنْشد:
أَعُوذُ بِاللَّه الجليلِ الأعظَمِ
مِن قَوفيَ الشيءَ الَّذِي لم أعلَمِ
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن المبرّد، أنّ أَبَا عمر الجرميّ حَدَّثَه عَن كَهمَس عَن سعيد عَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} قَالَ: لَا تقل سمعتُ وَلم تَسمَع، وَلَا رأيتُ وَلم تَرَ، وَلَا علمتُ وَلم تَعلَم، وإنّ السّمَع والبصَر والفؤاد كلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مسؤولاً.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ يَقْفو ويقُوفُ ويَقتاف، أَي: يتّبع الأَثَرَ.
وَقَالَ اللَّيْث: القَفَا: مؤخَّر العُنُق، أَلِفُها واواً. قَالَ: والعَرب تؤنّثها، والتذكير أعمّ؛ يُقَال: ثَلَاثَة أقفاء، ومَن قَالَ: أقفيَة فإِنّ جماعَه القِفِيّ والقُفِيّ.
وَيُقَال للشَّيْخ إِذا هَرِم: رُدَّ على قَفاً. وَقَالَ الشَّاعِر:
إنْ تَلْقَ رَيْبَ المَنايا أَو تَرُدَّ قَفاً
لَا أَبكِ منكَ على دِينً وَلَا حَسَبِ
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: جمعُ القَفا أَقْفاء، ومَن قَالَ: أقفِيَة فقد أَخطَأ.
قَالَ: وسمعْنا فِي أدنى العَدد ثَلَاثَة أقْفٍ. والقَفا مؤنّثة. قَالَ: ومِن الْعَرَب مَن يذكِّر القَفَا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَفا مذكَّر، وَقد تؤنَّث. وَأنْشد:
وَمَا المَولَى وإنْ عَرُضتْ قَفاهُ
بأحمَلَ للمَحامِدِ مِن حِمارِ
وَقَالَ اللَّيْث: تقفَّيْتُ فلَانا بعَصاً فضربتُه، واستَقْفَيته كَذَلِك إِذا جِئْته من خَلْفُ.
قَالَ: وسمّيت قافية الشِعْر قافِية لِأَنَّهَا تَقْفو البَيْت.

(9/246)


وَفِي حَدِيث مَرْفُوع: على قافية رَأس أحدِكم ثَلَاث عُقَد، فإِذا قَامَ من اللَّيْل وتوضأَ انحلَّت عُقْدَةٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: يَعني بالقافية الْقَفَا. وَيَقُولُونَ: القَفَنُّ فِي مَوضِع القَفا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: هِيَ قافية الرَّأْس. وقافية كلِّ شَيْء آخِره؛ وَمِنْه قافية بَيت الشّعْر.
وَقَالَ غَيره: الْعَرَب تسمِّي الْبَيْت من الشّعْر قافية، وربَّما سمَّوا القصيدة بكمالها قافيةً. وَيَقُول الرجُل مِنْهُم: رَوَيْتُ لفُلَان كَذَا وَكَذَا قافيةً. وَقَالَت خَنْساء:
وقافيَةٍ مِثْلِ حَدِّ السِّنا
نِ تَبقَى ويَهلِكُ مَن قالَها
وَيُقَال: قفّيْتُ الشِعْر تقفِيةً، أَي: جعلتُ لَهُ قافيَةً. وَقَالَ الله جلّ وَعز: {فَاسِقُونَ ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىءَاثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَءَاتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِى قُلُوبِ} (الْحَدِيد: 27) ، أَي: أَتْبعنا نوحًا وإبراهيمَ رُسُلاً بعدَهم. وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وقَفَّى على آثارهنَّ بحاصِبِ
أَي: أتْبع آثارَهنَّ حاصباً. وَقَالَ ابْن مقبل: قَفَّى بِمَعْنى أتَى:
كم دُونها مِن فَلاةٍ ذَات مطّرَدٍ
قَفَّى عَلَيْهَا سَرابٌ سارِبٌ جارِي
أَي: أتَى عَلَيْهَا وغَشِيَها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَفَّى عَلَيْهِ: ذهَبَ بِهِ. وَأنْشد:
ومأرِبُ قَفّى عَلَيْهِ العَرِمْ
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (لي خمسةُ أَسمَاء، مِنْهَا كَذَا وَكَذَا، وَأَنا المُقَفِّي.
وَفِي حَدِيث آخر: (وَأَنا العاقب) .
حَدثنَا ابْن منيع قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن الْجَعْد عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن جَعْفَر بن أَوْس عَن نَافِع بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (أَنا مُحَمَّد، وَأحمد، والمقفّى، والحاشر، ونبيّ الرَّحْمَة، ونبيّ الملحمة) .
قَالَ شمر: المقَفِّي نَحْو العاقب، وَهُوَ المولِّي الذَّاهِب؛ يُقَال: قَفّى عَلَيْهِ، أَي: ذَهَب بِهِ، فكأنَّ الْمَعْنى أنّه آخر الْأَنْبِيَاء، فإِذا قَفّى فَلَا نبيَّ بعدَه قَالَ: والمُقَفِّي: المتَّبِع للنبيِّين.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
لَا تقتفي بهم الشمالُ إِذا
هبّت وَلَا آفاقُها الغُبر
أَي: لَا تقيمَ الشمَال عَلَيْهِم، يُرِيد تجاوزهم إِلَى غَيرهم وَلَا تستبين عَلَيْهِم لخصبهم وَكَثْرَة خَيرهمْ. مثله قَوْله:
إِذا نزل الشتاءُ بدار قوم
تجنّبَ دارَ بَيتهمْ الشتاءُ
أَي: لَا يظْهر لجارهم أَثر الشتَاء.
قَالَ شمر فِي تَفْسِير بَيت ابْن أَحْمَر.
قَالَ أَبُو عبيد الله: معنى قَوْله: لَا تقتفي بهم الشمَال، أَي: لَا تتخذهم قفوة فتطمع

(9/247)


فيهم، وَلَا تصيبهم شدَّة الْمحل فهم مخصبون.
وَقَالَ غَيره: لَا تودهم، تتعهدهم جعلهَا عدوّاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يَعْنِي أَنهم يُطعمون فِيهَا فهم حربٌ لَهَا، وَلَو تركُوا الْإِطْعَام كَانُوا سلما لَهَا، أَي: هم حربٌ لَهَا يبارونها إِذا هبّت.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: القُفْية مِثل الزُّبْية، إلاّ أنّ فوقَها شَجراً.
وَقَالَ اللِّحياني: هِيَ القُفْية والغُفْية.
وَقَالَ غَيره: القِفْوَة: مَا اخترتَ من شَيْء؛ وَقد اقتفَيْتُ، أَي: اخترتُ. رَوَاهُ أَبُو عبيد عَن أبي زيد.
قَالَ أَبُو عبيد: والقَفِيُّ: الَّذِي يُكرَمُ بِهِ الرجلُ من الطَّعَام. تَقول: قَفَوْتُه.
وَأنْشد:
يُسْقَى دواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبوبِ
قَالَ أَبُو عبيد: اللَّبن لَيْسَ باسم القَفِيّ، وَلكنه كَانَ رُفع لإنسانٍ خُصَّ بِهِ.
يَقُول فآثرْتُ بِهِ الفَرَس.
وَقَالَ اللَّيْث: قَفيّ السكْن هُوَ ضَيفُ أهلِ الْبَيْت.
وَقَالَ الكُمَيت:
وكاعبُهم ذاتُ القَفاوَة أسغَبُ
أَي: ذاتُ الأُثْرَة والقَفِية.
وَيُقَال: فلانٌ قَفِيٌّ بفلان: إِذا كَانَ لَهُ مُكرِماً؛ وَهُوَ مُقتفٍ بِهِ، أَي: ذُو لَطَف وبِرّ.
أَبُو زيد: قَفَوْتُه أقفُوه، أَي: رميتُه بأمرٍ قَبِيح. وقفَيتُه أقْفيه: ضرَبتُ قَفاه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: قَفَيْتُه ولَصَيتُه: رَمَيته بِالزِّنَا.
وقَفَوْتُ الرجلَ أقْفوه: ضَربْتُ قَفاه، وَهُوَ بِالْوَاو. وَيُقَال: قَفاً وقَفوان، وَلم أسمعْ قَفَيان.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: شاةٌ قَفِيَّةٌ: مذبوحة من قفاها، وَغَيره يَقُول: قَفينَةٌ، وَالْأَصْل قفِيَّة، وَالنُّون زَائِدَة.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : قَفَا أثَرَه، أَي: تَبِعه وضدُّه فِي الدُّعَاء: قَفا الله أَثرَه، مِثل عَفا الله أثَرَه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القَفْو: أنْ يصيبُ النبتَ المطرُ ثمّ يركَبه التُّرَاب فيَفسد.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي كتاب (الْهَمْز) : قفِئتِ الأرضُ قَفئاً: إِذا مطرتْ وفيهَا نبت، فَجعل المطرُ على النّبت الغُبارَ فَلَا تأكلُه الْمَاشِيَة حَتَّى يجلوَه النَّدَى.
قلت: وَسمعت بعض الْعَرَب يَقُول: قُفِيَ العُشْب فَهُوَ مَقفُوٌّ، وَقد قَفاهُ السَّيل، وَذَلِكَ إِذا حملَ الماءُ الترابَ عَلَيْهِ، فَصَارَ مُؤبِياً.
قَالَ أَبُو بكر: قَوْلهم: قد قَفَا فلانٌ فلَانا.
قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ: أتبَعه كلَاما قبيحاً. وقَفَوْت فلَانا: اتَّبعت أثَره. وقَفا فلَان

(9/248)


ٌ فلَانا يقفو: إِذا رَمَاه بالقبيح.
وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (الْإِسْرَاء: 36) ، لَا تَرْمِ.
وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة: مَعْنَاهُ: لَا تَشْهَدْ بالزُّور.
قَالَ أَبُو عبيد: الأَصْل فِي القَفْو والتَّقافي: البُهْتان يَرْمي بِهِ الرجلُ صاحبَه.
وَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: (نَحن بني النَّضر لَا نَقذف بِالزِّنَا، وَلَا نقْفُو أُمَّنا) معنى نَقْفو: نَقْذِف.
قوف قيف: يُقَال: قافَ أثَره يقُوفُه قَوْفاً، واقتافَ أَثَره اقتِيافاً: إِذا تَبِع أَثَره. وَمِنْه قيل للَّذي ينظر إِلَى شَبَه الوَلد بِأَبِيهِ قائف، وجمعُه الْقَافة، ومصدرُه القيافة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: خُذْ بقوفِ قَفاهُ وبقوفة قَفاهُ، وبقافية قَفاهُ، وبصوف قَفاه وصوفته، وبظَليفته، وبصليفه وبصلِيفته، كلُّه بِمَعْنى قَفاهُ.
أَبُو عبيد: يُقَال: أخذْتُه بقوفِ رقبته، أَي: أخذتُه كلَّه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: فلانٌ يتقوَّف على مَالِي، أَي: يحجُر عليَّ فِيهِ، وَهُوَ يتقوَّفني فِي الْمجْلس، أَي: يَأْخُذ عليَّ فِي كَلَامي، وَيَقُول: قل كَذَا وَكَذَا.
وَقَالَ بَعضهم: قُوفُ الأُذن: مُستدارُ سَمّها.
وَقَالَ الْكسَائي: أخذتُ بقوف رقَبته وصوفِ رقَبَتَه، وَمَعْنَاهُ: أَن يَأْخُذ بِرَقَبَتِهِ فيعصرها.
فَقَأَ: أَبُو زيد: فَقأتُ عينَه فقْئاً. وَتقول: تفقّأت البُهْمَى تَقَفُؤاً.
وَيُقَال: فقَأَتْ فَقئاً: إِذا تَشقَّقتْ لفائقُها عَن ثمرَتها.
وَيُقَال: أصابتْنا فقأَة، أَي: سحابَةٌ لَا رَعدَ فِيهَا وَلَا بَرْق، ومطرُها مُتَقَارب وَهَذَا فِي (نوادره) .
ثَعْلَب عَن الأعرابيّ: الفَقْءُ: الحُفْرة فِي الجَبَل.
قَالَ: والفَقَأ: خُرُوج الصَّدْر. والنّسَأ: دخولُ الصُّلب.
وَقَالَ شمر: الفَقْء: كالجُفرة فِي وسط الحرَّة وَجَمعهَا فُقْآن.
قَالَ: والمفَقِّئة: الأودية الَّتِي تَشُق الأرضَ شَقّاً. وَأنْشد قَول الفرزدق هَذَا:
أتعْدِلُ دارماً ببَني كلَيْب
وتَعدِلُ بالمُفقئة الشِّعَابا
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الفَقْءُ: كالحفْرة فِي وسَط الحرَّة. شكَّ أَبُو عبيد فِي الحُفرة أَو الجُفْرة.

(9/249)


قلتُ: وهما عِنْدِي شَيْء وَاحِد.
قَالَ أَبُو الْحسن اللحياني: قيل لامْرَأَة: إِنَّك لم تحسني الخرز فافتقِئيه، أَي: أعيدي عَلَيْهِ. يُقَال: افتقأته، أَي: أعدت عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَن يَجْعَل بَين الكلبتين كُلبة، كَمَا تخاط البواري إِذا أُعِيد عَلَيْهَا.
والكُلبة: السَّير والطاقة من اللِّيف يسْتَعْمل كَمَا يسْتَعْمل الإشفى الَّذِي فِي رَأسه جُحر يدْخل السَّير أَو الْخَيط فِي الكلبة وَهِي مثنيَّة، فَتدخل فِي مَوَاضِع الخرز، وَيدخل الخارز يَده فِي الْإِدَاوَة ثمَّ يمد السَّير أَو الْخَيط. وَقد اكتلبَ إِذا اسْتعْمل الكِلبة.
ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفُقْأة: جُلَيْدَة رقيقَة تكون على الْأنف، فَإِن لم تَكشِفها مَاتَ الوَلَد.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السابياء: السَّلَى الَّذِي يكون فِيهِ الوَلَد وَكثر سابياءهم العامَ، أَي: كثر نتاجهم. قَالَ: والسُّخْد: دمٌ وَمَاء فِي السابِياء.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الفقْءُ مَهْمُوز: السَّابِياء.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: السَّابِياء: المَاء الَّذِي يكون على رَأس الْوَلَد.
قَالَ اللَّيْث: انفقأتِ العَيْن وانفقأَت البَثْرة، وَبكى حتَّى كَاد ينفقِىءُ بطنُه، أَي: ينشقّ.
وَكَانَت الْعَرَب فِي الجاهليّة إِذا بَلَغتْ إبِلُ الرجل مِنْهُم ألفا فَقَأَ عَيْنِ بعيرٍ مِنْهَا وسَرَّحَه لَا يُنتَفع بظَهْره.
وَقَالَ الفرزدق:
غلبتُك بالمفَقِّىء والمُعَنِّي
وبيتِ المحتبِي والخافقاتِ
قلت: لَيْسَ معنى المُفَقِّىء فِي هَذَا الْبَيْت مَا ذَهَب إِلَيْهِ اللَّيْث، إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الفرزدق قَوْله لجرير:
وَلست وَلَو فقّأت عينَك واجداً
أَبَا لَك إنْ عُدَّ المَساعي كدارِمِ
وَهَكَذَا أَخْبرنِي بِهِ أَبُو مُحَمَّد المُزَنيّ عَن أبي خَليفَة عَن مُحَمَّد بن سلاّم.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: تفقَّأت السحابة: إِذا تبعّجتْ بِمَائِهَا. وَأنْشد:
تفقأ حولَه القَلَعُ السَّوارِي
وجُنَّ الخازِبازِ بِهِ جُنونا
وَقَالَ أَبُو نخيلة:
أَنا الَّذِي سقيت قومِي علقا
بالفقء ساقوا القِرْمليّ الأطْرَقا
يرجون بذَّاخ الهديرِ أشوَقا
الفقء: مَوضِع وَمَاء عَلَيْهِ نخيل كَانَ لأبي نخيلة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أفقأ: إِذا انخَسَفَ صدْرُه مِن عِلّة. قَالَ: والفَقْءُ: الحُفْرة فِي الجَبَل. والفَقْء: الماءُ الَّذِي فِي المَشيمة. قَالَ: وَهُوَ السُّخْتُ والسُّخْدُ والنُّخْط.

(9/250)


وقف: قَالَ اللَّيْث: الوَقْف: مصدرُ قَوْلك: وقفتُ الدَّابَّة ووقَفْتُ الكلمةَ وَقْفاً. وَهَذَا مُجاوِزٌ، فإِذا كَانَ لَازِما قلتَ: وقفت وُقُوفاً. وَإِذا وقّفْتَ الرجلَ على كلمةِ قلتَ وقَّفتُه توقيفاً. وَفِي حَدِيث الْحسن: (إنّ المؤمنَ وقّافٌ، متأنَ، وَلَيْسَ كحاطب اللَّيْل) . وَيُقَال للمُحْجم عَن الْقِتَال: وَقَّاف. وَقَالَ دُرَيد:
فإِنْ يَكُ عبدُ الله خَلَّى مكانَه
فَمَا كانَ وَقّافاً وَلَا رَعِشَ اليَدِ
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: وقَفْتُ الدّابة والأرضَ وكلَّ شَيْء؛ وَأما أوقَفْت فَهِيَ رَدِيئَة.
قَالَ: قَالَ الأصمعيّ واليزيدي عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء: وقَفْتُ فِي كل شَيْء. قَالَا: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ألاَ إنِّي لَو مررتُ برجُل وَاقِف فَقلت: مَا أوقَفَك هُنَا رَأَيْته حَسَناً.
وَقَالَ أَبُو زيد: أوقفت الرجل على خزية: إِذا كنت لَا تحبسه بِيَدِك، فَأَنا أوقفهُ إيقافاً. قَالَ: وَمَالك تقف دابتك: تحبسها بِيَدِك. وَقَالَ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: كَانَ على أَمر فَأوقف، أَي: قصّر.
وَقَالَ أَبُو زيد: وقَّفْتُ الحديثَ توقيفاً وبَيّنتُه تَبْييناً، وهما وَاحِد. ودابةٌ مُوَقَّفةٌ توقيفاً، وَهِي شِيَتها. ووَقّفَت المرأةُ يدَيْها بالحِنّاء: إِذا نقّطتْ يَديهَا.
قَالَ اللحياني: حمَار موقَّف وموقَّح ومنقَّح. فالموقّف الَّذِي كويت ذراعاه كيّاً مستديراً.
وَأنْشد:
كويْنَا خَشرماً فِي الرَّأْس عشرا
ووقَّفْنا هُديْبَة إذْ أَتَانَا
قَالَ: والموقَّح والمنقَّح: الدَّبر. وَرجل موقَّف على الحقّ، أَي: ذَلُول بِهِ.
وَقَالَ بَعضهم: حمارٌ موقَّف: قد دنا من ذِرَاعَيْهِ مثل وقُوف العاج.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الوَقْف: الخَلخال مَا كانَ من شيءٍ، فضةٍ أَو غَيرهَا، وَأكْثر مَا يكون من الذَّبْلِ. وأمَّا التَّوْقِيف فالبياض مَعَ السوَاد.
وقا ابْن شُميل: التَّوْقِيف: أَن يوقَّف على طائِفي القَوْس بمضائغَ من عَقَب قد جَعَلهن فِي غِراءٍ من دِمَاء الظِّباء فيحئن سُوداً، ثمَّ يُعَلَّى على الغِراءِ بصَدَأ أَطْرَاف النَّبْل، فَيَجِيء أسْود لازقاً لَا يَنْقَطِع أبدا.
قَالَ: والمَسْك إِذا كَانَ من عاجٍ فَهُوَ وقْف، وَإِذا كَانَ من ذَبْل فَهُوَ مَسْك، وَهُوَ كَهَيئَةِ السِّوار.
وَقَالَ اللَّيْث: وَقْفُ التُّرس من حَدِيد أَو مِنْ قَرْنٍ يستدير بحافَّتَيه، وَكَذَلِكَ مَا أشبهه.
أَبُو عبيدٍ: إِذا أَصَابَت الأوظِفة بياضٌ وَلم يَعْدُها إِلَى أسفلَ وَلَا فَوْق فَذَلِك التَّوْقِيف

(9/251)


يُقَال: فَرَسٌ مُوَقّف.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّوْقِيف فِي قَوَائِم الدَّابَّة وبَقَر الْوَحْش: خطوطٌ سُود.
وَأنْشد:
شَبَباً مُوقّفاً
وَقَالَ آخر:
لَهَا أُمٌّ مُوَقَّفَةُ وَكُوبٌ
بِحَيْثُ الرَّقْو مرتَعُها البَريرُ
أَبُو عُبَيْدَة: الموْقِفانِ من الفَرَس: نُقْرَتا خاصِرَتَيْه، يُقَال: فَرَسٌ شَدِيد المَوْقِفَيْن، كَمَا يُقَال: شَدِيد الجَنْبَيْن، وحَبِط المَوْقِفَيْن، إِذا كَانَ عَظِيما الجنبين.
قَالَ الجعديّ:
شَدِيد قِلات الموقَفينِ كَأَنَّمَا
بِهِ نفَسٌ أَو قد أَرَادَ ليَزفرا
وَقَالَ آخر:
فليق النَّسا حَبِط الموقفَيْ
نِ يسَنُّ كالصَّدَع الأشعبِ
وَقَالَ غَيره: مَوْقف الدَّابَّة مَا أشرَفَ مِن صُلْبه على خاصرتيه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: بَدَا من الْمَرْأَة مَوْقِفُها، وَهُوَ يداها وعيناها وَمَا لَا بدَّ لَهَا من إِظْهَاره.
وَقَالَ بَعضهم: فَرَس موقَّف، وَهُوَ أبرَشُ أَعلَى الأُذُنين كأنَّهما منقوشتان ببياض، ولونُ سائره مَا كَانَ.
والوَقِيفة: الأُرْوِيَّة.
وَقَالَ الشَّاعِر:
فَلَا تحسبنِّي شحمةً من وقيفةٍ
تَسَرَّطُها مِمَّا تَصِيدُك سَلْفَعُ
يُرِيد أرويَّةً ألجأها الكلابُ (إِلَى) مَوضِع لَا مَخْلَصَ لَهَا مِنْهُ فِي الجَبل.
وَقَالَ اللِّحياني: المِيقَفُ والميقافُ: العُودُ الَّذِي يُحرَّك بِهِ القِدْرُ ويُسكّن بِهِ غَلَيانُها، وَهُوَ المِدْوَم والمِدْوام. قَالَ: والإدامة: تَرْكُ القِدْرِ على الأثَافي بعد الفَراغ.
فَوق: قَالَ أَبُو عَمْرو وشِمر بن حَمْدويه: الفُواق: ثائب اللّبَنَ بعد رضاعٍ أَو حِلاب، وَهُوَ أَن تُحلَب ثمَّ تُترك سَاعَة حَتَّى تَدُرّ، وَقد فاقت تَفُوقُ فواقاً وفيقةً.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أفاقت النَّاقة تُفيق إفاقةً، وفُواقاً: إِذا جَاءَ حينُ حَلْبِها.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الْإِفَاقَة للناقة: أَن تُرَدّ من الرِعْي وتُترك سَاعَة حَتَّى تستريح وتُفيق.
وَقَالَ زيد بن كُثْوة: إفاقة الدِّرّة: رُجُوعهَا

(9/252)


وغِرَارُها: ذَهابُها.
وَيُقَال: استفق النَّاقة، أَي: لَا تَحلُبها قبلَ الوَقت. وَمِنْه قَوْله: مَا يستفيق من الشَّراب، أَي: لَا يشربه فِي الْوَقْت.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَوْق: نقيض التَّحْت. فَمن جَعلَه صِفةً كَانَ سَبيله النصب كَقَوْلِك: عبد الله فَوق زيد، نصبٌ لأنَّه صفة. فإِنْ صيَّرته اسْما رفعتَه فَقلت: فَوْقُه رأسُه، صَار رفعا هَا هُنَا لأنَّه هُوَ الرَّأْس نفسُه رَفَعْتَ كلَّ واحدٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبِهِ، الفَوْقَ بِالرَّأْسِ والرأسَ بالفَوْق وَتقول: فَوْقَه قَلَنْسُوَة، نصبْت الفَوْق لأنَّه صفةٌ غير القَلَنْسُوَة.
وَتقول: فلانٌ يَفُوقُ قَوْمه، أَي: يَعلوهم ويَفُوق سَطْحاً، أَي: يَعْلُوه. وَجَارِيَة فائقة: فاقت فِي الْجمال.
قَالَ: والفُواق: ترجيعُ الشَّهقة الْغَالِبَة. تَقول للَّذي يُصيبه البُهْر: يَفُوقُ فُواقاً وفُؤوقاً.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: هُوَ يَفُوقُ بِنَفسِهِ فُؤُوقاً، وَهُوَ يَسُوقُ نفسَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَوْق: نَفَس المَوْت.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الفُوق: الطَّريق الأوَّل.
وَالْعرب تَقول فِي الدُّعَاء: لَا رَجَعَ فلانٌ فُوقه، أَي: ماتَ.
وَأنْشد:
مَا بَال عِرْسِي شَرِقتْ برِيقِها
ثمَّتَ لَا يَرجِعْ لَهَا فِي فُوقِها
أَي: لَا يرجع بريقُها إِلَى مجْرَاه.
ابْن الْأَعرَابِي: الفُوق: السِّهَام الساقطات النُّصول. والفُوق: أَعلَى الْفَضَائِل.
وَفِي حَدِيث ابْن مسعودٍ: ولَّينا أعلانا ذَا فُوقٍ، أَي: ولَّينا أعلانا سَهماً ذَا فُوق.
وَقَالَ أَبُو عبيدٍ فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: إِنَّا أصحابَ محمدٍ اجتَمَعْنا فأمَّرنا عثمانَ، وَلم نأْلُ عَن خَيرنا ذَا فُوق.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: قَوْله: ذَا فُوق، يَعْنِي السَّهم الَّذِي لَهُ فُوق، وَهُوَ مَوضِع الوَتر.
قَالَ: وَإِنَّمَا نرى أَنه قَالَ خيرنا ذَا فُوق، وَلم يَقل خيرنا سَهْماً، لِأَنَّهُ قد يُقَال لَهُ سهم وَإِن لم يكن أُصْلِح فُوقُه وَلَا أُحكِم عمله، فَهُوَ سَهْم، وَلَيْسَ بتامَ كَامِل، حَتَّى إِذا أُصلح عَمَله واستَحكم فَهُوَ حِينَئِذٍ سهمٌ ذُو فُوق، فجعلَه عبدُ الله مَثَلاً لعُثْمَان بقوله: إِنَّه خيرُنا سَهْماً تامّاً فِي الْإِسْلَام والسابقة والفَضْل، فَلهَذَا خَصَّ ذَا الفُوق.
قَالَ الفرّاء: أَنْشدني المفضّل بَيت الفرزدق:
وَلَكِن وجدتُ السهمَ أهونَ فُوقُه
عَلَيْك فقد أودى دمٌ أَنت طَالبه
قَالَ: وَهَكَذَا أنشدنيه الْمفضل.

(9/253)


قَالَ: إيَّاك وَهَؤُلَاء الَّذين يَرْوُونَهُ: فُوقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال: شَنَّة وشَنَّات، وشَنٌّ وشِنانٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المفوَّق: الَّذِي يُؤْخَذ قَلِيلا قَلِيلا مِن مَأْكُول أَو مشروب.
قَالَ: والفؤاق: الوجَع مَهْمُوز لَا غير. وأمّا الفُوَاق بَين الحَلْبتين وَهُوَ السُّكون فغيرُ مَهْمُوز، وَيجوز فِيهِ الْفَتْح.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: { (عِقَابِ وَمَا يَنظُرُ هَاؤُلآءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً مَّا} (ص: 15) .
قَالَ الْفراء: مَا لَهَا مِن فَواق، وقرىء: (مَا لَهَا مِن فُواق) ، ومعناهما وَاحِد، أَي: مَا لَها مِن راحةٍ وَلَا إفاقةٍ، وأصلُها من الْإِفَاقَة فِي الرَّضَاع إِذا ارتضَعت البُهْمةُ أُمَّها ثمَّ تركَتها حَتَّى تُنزِل شَيْئا من اللَّبن، فَتلك الإفاقةُ الفُواق.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (العيادة قَدْر فُوَاق نَاقَة) .
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَن قَرَأَهَا: {واحِدَةً مَّا لَهَا مِن} (ص: 15) ، أرادَ مَا لَها مِن إفاقة وَلَا رَاحَة، ذهب بهَا إِلَى إفاقة الْمَرِيض، ومَن ضَمَّها جعلَها مِن فُواق النَّاقة، وَهُوَ مَا بَين الحَلْبَتين، يُرِيد مَا لَها مِن انْتِظَار.
وَقَالَ قتَادة: مَا لَهَا مِن فَواق، مِن مَرجوع وَلَا مثَنوِيَّة وَلَا ارتداد.
وَقَالَ اللَّيْث: فُواق النَّاقة: رُجوعُ اللَّبن فِي ضَرْعها بعد حَلبها. تَقول الْعَرَب: مَا أَقامَ عِنْدِي فُواقَ نَاقَة.
قَالَ: وكلَّما اجْتمع مِن الفُواق دِرَّةٌ فاسمُها الفِيقة، وَقد أفاقت النَّاقة واستفاقها أَهلهَا، إِذا نفَّسوا حَلَبَها حَتَّى تَجْتَمِع دِرَّتها. وبعضٌ يَقُول: فَواق نَاقَة بِمَعْنى الْإِفَاقَة، كإفاقة المَغْشيّ عَلَيْهِ. تَقول: أفاقَ يُفيق إفاقةً وفَواقاً.
قَالَ: وكلُّ مغْشيَ عَلَيْهِ أَو سَكْران أَو مَعْتوهٍ إِذا انجَلى ذَلِك عَنهُ قيل: قد أَفاقَ واستَفاقَ.
وَقَالَت خنساء:
هَرِيقي مِن دُموعِكِ واستفِيقي
وصَبْراً إنْ أَطَقْتِ ولَنْ تُطيقي
والفُوقُ: مَشَقُّ رَأس السهْم حيثُ يَقع الوَتر. وحَرْفاه: زنمتاه. وهُذيلٌ تسمَّى الزَّنمَتين: الفُوقَين.
وَأنْشد:
كأنَّ النَّصْلَ والفُوقَين مِنْهُ
خِلالَ الرَّأْس شِيطَ بِهِ مُشيحُ
قَالَ: وَإِذا كَانَ فِي الفُوق مَيل أَو انكسارٌ فِي إِحْدَى زنمَتيه فَذَلِك السهمُ أفْوَق، وفِعْله الفَوَق.
وَأنْشد:
كَسَّر مِن عَيْنَيْهِ تقويمُ الفَوَق
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: الأفْوَق من السِّهام: المكسور الفُوق.

(9/254)


قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: قد انفاق السهمُ: إِذا انشقّ فوقُه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: فَإِن كسرتَه أَنْت قلت: فقْتُ السهمَ أفوقه. فَإِن عمِلتَ لَهُ فوقاً قلتَ: فَوَّقتُه تَفْويقاً، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الكسائيّ: قَالَا: فَإِن وضعتَه فِي الْوتر لتَرمِيَ بِهِ قلت: أَفقتُ السَّهمَ وأفوقْتُه.
الأصمعيّ مثلَ هَذَا إِلَّا أَنه قَالَ بالسِّهم بِالْبَاء.
قَالَ: وجمعُ الفوق أَفواق وفُوَق وفُقًى مقلوب.
وَقَالَ شَهْل بن شَيبان، وَهُوَ الفِنْد الزِّمَّانيّ:
ونبلِي وفقاها ك
عراقيبِ القطَا الطُّحْلِ
وَقَالَ الْكُمَيْت:
ومِنْ دُونِ ذاكَ قِسِيُّ المَنو
نِ لَا الفوقُ نَبْلاً وَلَا النُّصَّلُ
أَي: لَيست القوسُ بفَوقاء النّبْل، أَي: لَيست نبالُها بفوق وَلَا بِنُصَّلٍ، أَي: بخارجة النِّصال من أَرعاظها.
قَالَ: ونَصب نَبْلاً على توهُّم التَّنْوِين وَإِخْرَاج اللَّام كَمَا تَقول: هُوَ حَسَنٌ وَجها، وكريمٌ والداً.
قَالَ: والفاقة: الْحَاجة، وَلَا فِعْل لَهَا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال من الْفَاقَة: إِنَّه لمُفْتاق ذُو فاقة.
وَقَالَ اللَّيْث: الفاق: الْجَفْنَة المملوءةُ طَعَاما وَمِنْه قَوْله:
ترَى الأضيافَ ينتجِعون فاقِي
وَقَالَ غَيره: الفاقُ: الزيتُ الْمَطْبُوخ فِي قَول الشمَّاخ:
قَامَت تريكَ أَثِيثَ النَّبْت مُنْسدِلاً
مِثل الأساوِدِ قد مُسِّحْن بالقافِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الفاق: البان فِي قَول الشّمَّاخ.
وَقَالَ بَعضهم: أَراد الأنفاق، وَهُوَ الغَضُّ من الزَّيْت.
وَرَوَاهُ أَبو عَمْرو:
قد شدِّخْن بالفاق
وَقَالَ: الفاق: الصَّحْراء. وَقَالَ مَرّة: هِيَ أَرض.
وَقَالَ اللِّحياني: خرجنَا بعدَ أَفاويقَ من اللّيل، أَي: بَعْدَمَا تمضى عامَّة اللَّيْل. وأفاوِيقُ السحابة: مَطرُها مرَّةً بعد مرَّة.
وَفي حَدِيث أبي مُوسَى أَنه ذكر قِرَاءَته الْقُرْآن فَقَالَ: (أما أَنا فأتَفَوّقه تَفوُّقَ اللَّقوحِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: يَقُول: لَا أَقرأ جُزْئِي بمَرةٍ، وَلَكِنِّي أَقرأ مِنْهُ شَيْئا بعد شَيْء فِي آنَاء اللّيل وَالنَّهَار، مَأْخُوذ مِن فوَاق النَّاقة،

(9/255)


وَذَلِكَ أَنَّهَا تحلَب ثمَّ تتْرك سَاعَة حَتَّى تَدِرَّ ثمَّ تحلَب. يُقَال مِنْهُ: قد فاقت تَفوق فواقاً وفِيقة.
وَأنْشد:
فأَضحَى يَسُحُّ الماءَ مِن كلِّ فِيقةٍ
قَالَ: وَفِي حديثٍ مَرْفُوع أنّه قَسَم الغنائمَ يومَ بَدْرٍ عَن فُواق، كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنه فَعَل ذَلِك فِي قَدْر فُواقِ نَاقَة، وَفِيه لُغَتان: فُواق وفَواق.
قَالَ: وَقيل: إِنَّه أَرَادَ التَّفْضِيل، أنَّه جعل بَعضهم فِيهِ أَفْوَقَ مِن بعض على قدر غَنائهم.
وَقَالَ النَّضْر: فُوقُ الذّكر: أَعْلَاهُ.
يُقَال: كَمَرةٌ ذاتُ فُوق. وَأنْشد:
يَا أيُّها الشيخُ الطَّويلُ المُوقِ
إِغْمزْ بهنَّ وضَحَ الطَرِيق
غمزَك بالحوْقاءِ ذاتِ الفُوقِ
بَين مَنَاطيْ رَكَبٍ مخلوقِ
قَالَ أَبُو شُعَيْب: قَالَ أَبُو يُوسُف: يُقَال: فُوقَة وفُوق وفُوَق وأفواق.
قَالَ رؤبة:
كسَّر من عَيْنَيْهِ تقويمُ الفُوَق
فَهَذَا جمع فُوقة.
وَيُقَال: فُقوة وفقى على الْقلب.
وَيُقَال: مَا بللتُ مِنْهُ بأفوقَ ناصل، وَهُوَ السَّهم المكسَّر الفوق السَّاقِط النَّصل.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: رمَيْنا فُوقاً وَاحِدًا، وَهُوَ أَن يرمِيَ القومُ المجتمعون رَميةً رَميةً بِجَمِيعِ مَا مَعَهم من السِّهام، يَعْنِي يَرمي هَذَا رَميةً وَهَذَا رمْية.
وَالْعرب تَقول: أقْبِل على فُوقِ نبلك، أَي: أقبلْ على شَأْنك وَمَا يَعْنِيك.
وَيُقَال: فلَان لَا يستفيق من الشَّرَاب، أَي: لَا يَجْعَل لشُرْبه وَقْتاً، إِنَّمَا يشربه دَائِما.
وَيُقَال: أَفاق الزمانُ: إِذا أخصبَ بعدَ جَدْب.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
المُهينين مَا لَهمْ فِي زمَان ال
سَّوْءِ حَتَّى إِذا أفاقَ أفاقوا
يَقُول: إِذا أَفَاق الزمانُ بالخِصْب أفاقوا مِن نَحْر إبلهمْ.
وَقَالَ نُصَير: يُرِيد إِذا أَفَاق الزمانُ سهمَه ليَرميَهم بالقَحْط أفاقوا لَهُ سِهامهم بنَحْر إبلهم.
وَيُقَال: محالةٌ فَوْقاء: إِذا كَانَ لكلِّ سِنَ مِنْهَا فوقان، مثل فَوقِي السَّهْم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفَوَقة: الأدباء الخُطْباء.
الْأَصْمَعِي: فوّقَ نبله تَفْويقاً: إِذا قَرَضَها وجَعل لَهَا أفواقاً.
ومَثَل للْعَرَب يُضرب للطَّالِب لَا يجدُ مَا طَلَب: رجعَ بأفْوَقَ ناصلٍ، أَي: بسهمٍ

(9/256)


منكسر الفوق لَا نَصْلَ لَهُ.
وَيُقَال للْإنْسَان تشخص الرِّيحُ فِي صَدْرِه فاقَ يفُوق فُواقاً وَبِه فوَاق.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ السُّلَمي: شَاعِر مُفْلِق ومُفِيقٌ، بِاللَّامِ وَالْيَاء.
ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: يجمع الفُواق أَفيقَة، وَالْأَصْل أَفْوِقة، فنقِلتْ كسرة الْوَاو لما قبلهَا فقلبت يَاء لانكسار مَا قَبْلها ومِثلُه: {أَقِيمُواْ الصَّلواةَ} (الْبَقَرَة: 43) ، الأَصْل أقْوِموا، فألْقَوا حرَكَة الواوِ على الْقَاف فانكسرتْ وقَلبوا الْوَاو يَاء لكسرة الْقَاف، فقُرئت أقِيمُوا. كَذَلِك قَوْلهم أَفيقَة، هَذَا ميزانُ وَاحِد، وَمثله مُصيبة، كَانَت فِي الأَصْل مُصْوبة وأفْوِقة مثل جَواب وأجوبة.
وفْق: قَالَ اللَّيْث: الوَفْق: كلُّ شَيْء يكون مُتَّفقا على تيفاقٍ وَاحِد فَهُوَ وَفْق، كَقَوْلِه:
يَهْوِينَ شَتّى ويَقَعْنَ وَفْقا
قَالَ: وَمِنْه الْمُوَافقَة.
تَقول: وافقتُ فلَانا فِي مَوضِع كَذَا وَكَذَا، أَي: صادفتُه. ووافقتُ فلَانا على أَمر كَذَا وَكَذَا، أَي: اتفقنا عَلَيْهِ مَعاً.
وَتقول: لَا يتوفق عبدٌ حتّى يوفِّقه الله وأنَّ فلَانا موفَّق: رَشيد. وكنَّا مِن أمرنَا على وِفاق.
وَقَالَ اللَّيْث: لغةٌ أوفقتُ السهمَ إِذا جعلتَ فوقَه فِي الوَتر، واشتق هَذَا الْفِعْل من موافَقة الْوتر مَحزَّ الفُوق.
وَقال غَيره: الأصلُ: فوقتُ السهمَ مِن الفوق.
ومَن قَالَ: أَوفَقْتُ فَهُوَ مقلوب.
وَقَالَ ابْن بُزرج: أَوفَقَ القومُ الرجلَ: دَنَوْا مِنْهُ واجتمعتْ كلمتُهم عَلَيْهِ. وأَوفَقَت الإبلُ: اصطفت واستَوت مَعاً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هَذَا وَفْقُ هَذَا ووِفاقُه، وفيقُه وفُوقُه، ورسيّه وعِدْله، وَاحِد.
وَيُقَال: أتان لتَوْفاق الْهلَال، وتِيفاق الْهلَال، ومِيفاق الْهلَال، وتوفيق الْهلَال مَعْنَاهُ أَتَانَا حينَ أُهِلَّ الْهلَال.
وَيُقَال: حَلوبة فلانٍ وَفْقُ عِيَاله، أَي: قدر مَا يقُوتُهم.
قَالَ الرَّاعِي:
أمَّا الْفَقِير الَّذِي كَانَت حَلُوبتُه
وفقَ العِيالِ فَلم يُترَكْ لَهُ سَيَدُ
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: ووفق أمرُه يفِق.
وَقَالَ الْكسَائي: يُقَال: رَشِدْتَ أَمرَكَ وَوفِقْتَ رأْيك.
وَقَالَ القُتيبيّ معنى وَفِقَ أَمْرَهُ: وجدهُ مُوَافقا.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: وَفِقه: فَهِمه.
وَفِي (النَّوَادِر) : فلانٌ لَا يفِقُ لكذا وَكَذَا، أَي: لَا يقدَّر لَهُ لوقته، يُقَال: وَفِقْتُ لَهُ،

(9/257)


ووفقْتُه ووفقني، وَذَلِكَ إِذا صادَفني ولقِيني.
وَقَالَ أَبُو زيد: مِن الرِّجال الوفيق، وَهُوَ الرفيق؛ يُقَال: رَفِيق وفيق.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: أَوفقَ الرَّامِي إيفاقاً: إِذا جَعَل الفُوقَ فِي الْوتر.
وَقَالَ رؤبة:
وأُوفِقَتْ للرمي حَشْرابُ الرَّشَقْ
وَيُقَال: إِنَّه لَمُستَوفقُ لَهُ بالحُجّة ومفيق لَهُ: إِذا أصَاب فِيهَا.
أفق: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الآفِق على ميزَان فَاعل: الَّذِي قد بلغ فِي العِلم الْغَايَة، وَكَذَلِكَ فِي غَيره من أَبْوَاب الْخَير. وَقد أفَق يأفِق.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وَلَا الملكُ النعمانُ يَوْم لَقيته
بغِبْطتِه يُعْطِي القُطوطَ ويأْفِقُ
قَالَ: يأفق: يُفْضِل.
وَقَالَ اللَّيْث: أفقَ الرجلُ يأفقُ: إِذا ركِب رأسَه فَذهب فِي الْآفَاق.
قَالَ: وَقَوله: (يُعْطي القطوطَ ويأفقْ) ، أَي: يَأْخُذ من الْآفَاق وَوَاحِد الْآفَاق أُفْق، وَهِي النواحي. وَكَذَلِكَ آفَاق السَّمَاء نَوَاحِيهَا، وَكَذَلِكَ أُفق الْبَيْت من بيُوت الْأَعْرَاب: مَا دُون سَمْكه.
وَقَالَ أَبُو عبيد عَن غير وَاحِد من أَصْحَابه: الجِلد أوّلُ مَا يُدبَغ فَهُوَ منيئة ثمَّ أفِيق، ثمَّ يكون أَدِيماً. وَقد أَفقْته. قَالَ: وجمعُ الأفيق أفَقَ، مثل: أَديم وأَدَم.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنَّ عمر دخلَ بيتَه وَفِيه أفِيق) .
وَقَالَ اللَّيْث: الأفَقَة: مَرْقَةٌ مِن مَرْق الإهاب.
وَقَالَ الأصمعيّ: بعيرٌ آفِق، وفَرَسٌ آفِق: إِذا كَانَ رائعاً كَرِيمًا وَكَانَ البعيرُ عَتيقاً كَرِيمًا.
وَقَالَ شمِر: فرَس أُفُقٌ رائِعَة.
وَأنْشد:
أرجِّلُ لِمَّتِي وأَجُرّ ثوْبي
ويَحْمِل بِزَّتي أُفق كُتَيْتُ
قَالَ أَبُو سعيد: الأفيق من الْجُلُود: مَا دُبغ بِغَيْر القَرظ من أَدْبِغة أهل نجد، مثل الأرْطَى والحُلَّب والقَرْنُوَة والعِرْنة وَأَشْيَاء غَيرهَا، فَهَذِهِ الَّتِي تدبغ بِهَذِهِ الْأَرْبَعَة فَهِيَ أَفَق حَتَّى تُقَدَّ فيُتَّخذ مِنْهَا مَا يُتَّخَذ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: رجُلٌ أَفَقِيٌّ: إِذا كَانَ من آفَاق الأَرْض، أَي: نَوَاحِيهَا.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
الفاتقون الراتقو
ن الآفِقون على المعاشر
وَيُقَال: تأَفّق: إِذا جاءَ من أُفق.
وَقَالَ أَبُو وجْزة:

(9/258)


أَلاَ طُرقَتْ سُعْدَى فَكيف تأَفَّقَتْ
بِنَا وَهِي مِيسانُ الليَالي كَسُولُها
قَالُوا: تأفَّقَتْ بِنَا: أَلَمَّتْ بِنَا وأتتنا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: رجُلٌ أَفَقِيّ بِفَتْح الْألف وَالْفَاء: إِذا أضفتَه إِلَى الْآفَاق.
وَبَعْضهمْ يَقُول: أُفُقِيّ بِضَم الْألف وَالْفَاء.
وأُفاقة: موضعٌ ذكره لَبيدٌ فَقَالَ:
وَشهدْتُ أنجيةَ الأُفاقة عَالِيا
كَعْبِي وأرْدافُ الملوكِ شُهودُ
وَفِي حَدِيث لُقْمَان بن عَاد حِين وَصَف أَخَاهُ فَقَالَ: صَفَّاقٌ أفّاق، يُعمِل الناقةَ والسَّاق.
مَعْنَاهُ: أَنه يضْرب فِي آفَاق الأَرْض كاسباً.
وَيُقَال: أفقَه يأفِقُه: إِذا سبقه بالفضْل.
وَقَالَ أَبُو زيد: أفَقَ يأفِق أفْقاً، أَي: غَلَب يغلب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الأفَقَةُ: الخاصِرَة.
قَالَ: وقَعَدْتُ على أَفَق الطَّرِيق، أَي: على وَجْهه، والجميعُ آفَاق.
فأق: قَالَ اللَّيْث: الفَأَق: داءٌ يأخذُ الإنسانَ فِي عَظْم عُنقه الْمَوْصُول بدماغه، فَيُقَال: فَئِق الرجلُ فأَقاً فَهُوَ فَئق مُفْئِقٌ، واسمُ ذَلِك: العظْم الْفَائِق.
وَأنْشد:
أَو مُشْتَكٍ فائِقُه من الفَأَق
وإكافٌ مُفْأَقٌ: مُفَرَّج.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الْفَائِق هُوَ الدُّرْدَاقِسُ.
وَقَالَ أَبُو نصر، يُقَال: فلانٌ يشتكِي عَظْمَ فائقه، يَعْنِي الْعظم الَّذِي فِي مؤخّر الرَّأْس يُغمَز من دَاخل الحَلْق إِذا سَقَط.
وَقَالَ اللّحياني: الْفَائِق: عظْم فِي مؤخّر الرَّأْس مِمَّا يَلي الْحلق.
يُقَال: فاقه فَهُوَ يفُوقه: إِذا أَزَال فائقَه.
وَقَالَ كثير:
يفوق رقاته الثّؤباء فوقاً
أَجَابَتْهُ وَلَيْسَت لانسياب
يصف رجلا كأنّه حيَّة صماء لَا تغني فِيهَا الرُّقي، أنَّ الرقاة يَرْمُونَهَا ويتثاءبون حَتَّى تفوقهم الثؤباء، أَي: تزيل فائقهم.

(بَاب الْقَاف وَالْبَاء)
ق ب (وايء)
قوب، قبا، قأب، بَقِي، وَقب، وبق، أبق، (بوق) .
قبا: رَوى شمر بإِسنادٍ لَهُ عَن عَطاء أنّه قَالَ: يُكره أَن يَدخل الْمُعْتَكف قَبْواً مَقْبُوّاً. قيل لَهُ: فأَيْنَ يُحْدِث؟ قَالَ: فِي الشِّعَابِ. قيل: فقعود الْمَسْجِد؟ فَقَالَ: إنَّ الْمَسْجِد لَيْسَ كَذَلِك.
قَالَ شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: قَبَوْتُ البِناء،

(9/259)


أَي: رَفَعْتُه.
قَالَ: وَالسَّمَاء مَقْبُوَّةٌ، أَي: مَرْفُوعَة.
قَالَ: وَلَا يُقَال: مَقْبُوَّةٌ من القُبَّة، وَلَكِن يُقَال: مُقَبَّبة.
وَقَالَ اللَّيْث: القَباءُ مَمْدُود، وثلاثةُ أُقْبِية. وَقد تَقَبَّى الرجلُ: إِذا لبس قَباءَه. وقُبا: قَرْيَة بِالْمَدِينَةِ.
وَيُقَال: اللِّئام: قابياً وقابِعاً.
وَمِنْه قَوْله:
بَنو قابياً وبَنُو قَوْبَعَه
والقَبَايَة: المَفازَة بلُغة حِمْيَر.
وَقَالَ الرَّاجز:
وَمَا كَانَ عَنْزٌ تَرْتَقِي بقَبايةٍ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القَبا: ضَرْبٌ من الشّجر. والقَبَا: تقويسُ الشَّيْء. وتَقبَّى الرجلُ فلَانا: إِذا أَتَاهُ مِن قِبَل قَفَاه.
وَقَالَ رؤبة:
وَإِن تَقَبَّى أَنْبَتَ الأنايبا
فِي أُمَّهاتِ الرأسِ هَمْزاً وَاقبَا
شمر عَن أبي عَمْرو: قَبَوْتُ الزَّعفَرانَ والعُصْفُر أقْبُوه قَبْواً، أَي: جَنَيْتُهُ.
سَلَمة عَن الفرَّاء: القابِيَة: الْمَرْأَة الَّتِي تلقُطُ العُصْفُر.
وَقَالَ شمر فِي قَوْله:
مِنْ كلِّ ذاتِ ثَبَجٍ مَقَبِّي
المقبِّي: الْكثير الشَّحْم. وَأهل الْمَدِينَة يَقُولُونَ للضَّمة قَبْوَة. وَقد قَبا الحَرفَ يَقْبُوه: إِذا ضمَّه وكأنَّ القَباء مشتقٌّ مِنْهُ.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: يُقَال: قَبِّ هَذَا الثَّوْب تقبيةً، أَي: اقطعْ مِنْهُ قَباء. وانقَبَى فلانٌ عنَّا انقِباءً: إِذا استخفَى.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سمِعتُ الجَعْفَرِيّ يَقُول: اعتبَيْتُ المتاعَ واقتبيتُه: إِذا جمعته. وَقد عَبَا الثيابَ يَعبَاها وقَباها يقباها.
قلت: وَهَذَا جائزٌ على لُغة مَن يَرَى تَليين الْهمزَة.
بَقِي: قَالَ اللَّيْث: تَقول الْعَرَب: نشدتُك الله والبُقْيا، وَهِي البقِيّة.
أَبُو عُبَيدٍ عَن الكسائيِّ قَالَ: البَقْوَى والبُقْيا هِيَ الْإِبْقَاء، مِثل الرَّعْوَى، والرُّعْيَا مِن الإرعاء على الشَّيْء، وَهُوَ الإبقاءُ عَلَيْهِ.
الْعَرَب تَقول للعدوّ إِذا غلب: البقيَّة أَي: أَبقوا علينا وَلَا تستأصلونا.
وَمِنْه قَول الْأَعْشَى:
قَالُوا الْبَقِيَّة والخطيّ تأخذهم
وَقَوله: {أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ} (هود: 116) من دينٍ، قومٌ لَهُم بقيّة: إِذا كَانَت بهم مُسْكَة، وَفِيهِمْ خير.
قَالَ الْأَزْهَرِي: البقيّة: اسمٌ من الْإِبْقَاء، كَأَنَّهُ أَرَادَ، وَالله أعلم: فلولا كَانَ من الْقُرُون قومٌ أُولوا إبقاءٍ على أنفسهم لتمسكهم بالدِّين المرضيّ. وَنصب {إِلاَّ قَلِيلاً} (هود: 116) لأنَّ الْمَعْنى فِي قَوْله

(9/260)


(فلولا) : فَمَا كَانَ. وَلِأَن انتصاب قَلِيلا على انقطاعٍ من الأول.
وَقَالَ الفرّاء: قَوْله: {بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ} (هود: 86) ، أَي: مَا أبقى لكم من الْحَلَال خير لكم.
قَالَ: وَيُقَال: مراقبة الله خير لكم.
اللَّيْث: بَقِيَ الشيءُ يَبْقَى بقَاءً، وَهُوَ ضِدُّ الفناء.
وَيُقَال: مَا بقيَت مِنْهُم باقيةٌ، وَلَا وَقاهم من اللهاِ وَاقية.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {خَاوِيَةٍ فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ} (الحاقة: 8) .
قَالَ الفرّاء: يُرِيد من بَقَاء، وَيُقَال: هَل تَرى مِنْهُم بَاقِيا، كلُّ ذَلِك فِي العربيّة جائزٌ حَسَن.
وَقَالَ اللَّيْث: الْبَاقِي حَاصِل الْخراج ونحوِه.
وَفِي لُغَة طيِّىء: بَقَى يبقَى، وَكَذَلِكَ لُغَتُهم فِي كل ياءٍ انْكَسَرَ مَا قبلهَا، يجعلونها ألفا سَاكِنة نحوَ بَقِيَ ورَضِيَ وفَنِيَ.
قَالَ: واستَبْقَيْت فلَانا: إِذا وَجَب عَلَيْهِ قَتْلٌ فعفوْتَ عَنهُ. وَإِذا أعطيتَ شَيْئا وحبستَ بعضَه قلت: استبقَيْتَ بعضَه. واسْتَبْقَيْتُ فلَانا فِي معنى الْعَفو عَن ذَنبه، واستِبقاء مودَّته.
وَقَالَ النَّابِغَة:
وَلست بمستَبقٍ أَخا لَا تلُمُّه
على شَعَثٍ أيُّ الرِّجَال المهذّبُ
الأصمعيّ: المُبْقِيات من الْخَيل: الَّتِي تُبْقِي بعضَ جَرْيها تدَّخره.
وَقَول الله: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا} (الْكَهْف: 46) ، هِيَ: الصَّلَوَات الْخمس.
وَقيل: الأعمالُ الصالحةُ كلُّها.
بقا: فِي حَدِيث معَاذ بن جبل: (بَقَيْنَا رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أشهر رَمَضَان حَتَّى خشينا فَوت الفَلاح) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَحْمَر فِي قَوْله: بَقَيْنَا، أَي: انتظرْنا وتبصَّرْنَا.
يُقَال مِنْهُ: بقيْتُ الرجلَ أَبْقِيه بَقْياً.
وَأنْشد الْأَحْمَر:
فهنَّ يَعْلِكْنَ حدائداتها
جُنْحَ النواصِي نحوَ أَلْوِياتِها
كالطَّيْرِ تَبقى متداوماتِها
يَعْنِي: تنظر إِلَيْهَا.
وَقَالَ اللحيانيّ: بَقَيْتُه وبقَوْتُه: نظرْتُ إِلَيْهِ.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله جلّ وعزّ: {أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ} (هود: 116) ، مَعْنَاهُ: أُولوا تَمْيِيز.
قَالَ: وَيجوز أولُوا بقيّة: أُولوا طَاعَة.
قَالَ: وَمعنى الْبَقِيَّة إِذا قلتَ فِي فلانٍ بقيّة، مَعْنَاهُ: فِيهِ فضلٌ فِيمَا يُمْدَح بِهِ، وجمعُ

(9/261)


البقيَّة بَقَايا.
بوق: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَيْسَ بمؤمنٍ من لَا يأمَن جارُه بَوائقَه) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي وَغَيره: بوائقه غوائله وشرّه. وَيُقَال للداهية والبليَّة تنزل بالقوم: أَصَابَتْهُم بائقة.
وَفِي حَدِيث آخر: (اللهمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن بَوائق الدَّهْر) .
قَالَ الْكسَائي: يُقَال: باقَتهم البائقة فَهِيَ تَبُوقُهم بَوْقاً، وَمثله فقَرَتْهم الفاقرة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: باقَ: إِذْ هَجَم على قومٍ بِغَيْر إذْنهمْ. وباق: إِذا كذب. وباقَ: إِذا جَاءَ بالشَّرّ والخُصومات.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أصابتْنا بُوقةٌ منكَرة وبوق، وَهِي دُفْعةٌ من الْمَطَر انبعجتْ ضَرْبةً.
وَقَالَ رؤبة:
نَضّاح البُوَقْ
وَيُقَال: هِيَ جمع بُوقة مِثل أُوقةٍ وأُوَق.
وَقَالَ اللَّيْث: البُوقة: شجرةٌ مِن دِقّ الشَّجر، شَدِيدَة الالتواء.
قَالَ: وَيُقَال: أصابَهمْ بَوْقٌ من الْمَطَر، وَهُوَ كَثْرته.
قَالَ: والبُوقُ شِبه منقافٍ مُلْتوِي الخَرْق، وربّما نَفخ فِيهِ الطَّحان فيَعلو صوْته فيُعلَم المرادُ بِهِ. وَيُقَال للْإنْسَان الَّذِي لَا يكتم سرَّه: إنّما هُوَ بُوق.
أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ وَقَالَ: البُوق: الْبَاطِل. وَأنْشد:
إِلَّا الَّذِي نطقوا بُوقا
وَقَالَ شمر: البُوق: شَيْء يُنفَخ فِيهِ. قَالَ: وَلم أسمع البُوق فِي الْبَاطِل إلاَّ هُنَا، وَأنكر بَيت حسان فَلم يعرفهُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ يُقَال: باقَ يَبوق بَوْقاً: إِذا تَعَدَّى على إِنْسَان. وباقَ يَبُوقُ بَوْقاً: إِذْ جَاءَ بالبُوق، وَهُوَ الْكَذِب السُّماق.
قلت: وَهَذَا يدلّ على أنَّ الْبَاطِل يسمَّى بُوقاً.
قوب: قَالَ اللَّيْث: القَوْب: أَن تُقوِّب أَرضًا أَو حُفْرةً شِبْه التقوير. تَقول: قُبْتُها فانقابت.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: قاب الرجلُ: إِذا قَرُب، وقابَ: إِذا تَقوَّب جِلدُه، وقاب يَقوبُ قَوْباً: إِذا هَرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: الجَرَبُ يُقوِّب جِلد الْبَعِير فتَرى فِيهِ قُوَباً قد انحردتْ مِن الوَبَر، وَلذَلِك سمِّيت القُوبَاء الَّتِي تخرج فِي جِلد الْإِنْسَان فتُداوى بالرِّيق، وَأنْشد:
يَا عَجَبَاً لهَذِهِ الفَلِيقَهْ
هَل ينفعنَّ القُوَباءَ الرِّيقَه
ابْن السّكيت: رجلٌ قُوَبة: ثَابت الدَّار مُقيم.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: القُوبا مؤنَّث

(9/262)


وتذكّر، وتُحرَّك وتُسكّن، فَيُقَال: هَذِه قُوَباءُ فَلَا تُصرَف فِي معرفَة وَلَا نكرَة، وتُلحَق بِبَاب فُقَهاء وَهُوَ نَادِر، وَتقول فِي التَّخْفِيف هَذِه قُوبى فَلَا تصرف فِي الْمعرفَة وَتصرف فِي النكرَة، وَتقول: هَذِه قُوباء فتصرف فِي الْمعرفَة والنكرة وتُلحق بِبَاب طُومار. وَأنْشد:
بِهِ عَرَصاتُ الحَيِّ قَوَّبْن مَتنَه
وجَرَّدَ أثباجَ الجراثيم حاطبُه
قوّبنَ متنَه، أَي: أثّرن فِيهِ بمَوْطئهم ومَحَلِّهم.
وَقَالَ العجّاج:
مِن عَرَصات الحيِّ أمْسَتْ قُوَبا
أَي: أمست مقوَّبة.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ} (النَّجْم: 9) ، قَالَ مُقاتل: لكلَ قابان، وهما مَا بَين المَقْبِض والسّية.
وَقَالَ الْحسن: {فَكَانَ قَابَ} ، أَي: طول قوسين.
وَقَالَ الْفراء: {فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ} ، أَي: قدر قوسين عربيَّتين، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الزّجاج.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: القُوبيُّ: المُولع بِأَكْل الأقواب وَهِي الْفِرَاخ.
وَقَالَ الْفراء: القائبة: الْبَيْضَة، والقوب: الفرخ.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
لهنَّ وللمشيب ومَن عَلاهُ
من الْأَمْثَال قائبة وقوبُ
شبه مزايلة النساءِ من الشُّيُوخ بِخُرُوج القوب، وَهُوَ الفَرْخُ، من القائبة، وَهِي البَيضة. فَيَقُول: لَا يرجعن إِلَى الشَّيْخ كَمَا لَا يرجع الفرخ إِلَى الْبَيْضَة.
وَنهى عمر عَن التَّمَتُّع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج وَقَالَ: (إِنَّكُم إِن اعتمرتم فِي شَهر الْحَج رأيتموها جازيةً مِن حجِّكم وعمرتكم، فقَرعَ موضعُ الْحَج سَائِر السنَة، وَكَانَت قائبة قَوبٍ) . ضَرَب عمر هَذَا مثلا لخلاء مكّة من المعتمرين سَائِر السّنة، أَرَادَ أَن تكون مكةُ معمورةً بالمعتمرين فِي غير شهور الْحَج.
وَيُقَال: قُبتُ البيضَة أقُوبُها قَوْباً فانقابت انقياباً.
قلت: وَقيل للبيضة قائبة، وَهِي مَقُوبة لأنّهم أَرَادوا أَنَّهَا ذاتُ قُوب، أَي: ذاتُ فَرْخ. وَيُقَال لَهَا قاوبة: إِذا خَرج مِنْهَا الفَرْخ، والفَرْخ الْخَارِج مِنْهَا يُقَال لَهُ قُوبٌ وقُوبيٌّ.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
وأفرَخَ مِن بَيض الأنُوقِ مَقُوبُها
وَيُقَال: انقابَ الْمَكَان وتقوَّب: إِذا جُرِّد فِيهِ مواضعُ من الشّجر والكلأ.
وَقَالَ الفرّاء: هِيَ القِبة للفَحِث.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : قِبَّة السَّاق:

(9/263)


عَضَلتها. وتقوّبت الْبَيْضَة: إِذا انفلقت عَن فرخها.
يُقَال: انْقَضتْ قائبة من قُوبها، وانقضى قوبيٌّ من قائبة. مَعْنَاهُ: أنّ الفرخ إِذا فَارق بيضتَه لم يَعُد إِلَيْهَا.
وَقَالَ الْكُمَيْت:
فقائبةٌ مَا نَحن يَوْمًا وَأَنْتُم
بني مَالك إِن لم تفيئوا وقوبها
يعاتبهم على تحوُّلهم بنسبهم إِلَى الْيمن. يَقُول: إِن لم ترجعوا إِلَى نسبكم لم تعودوا إِلَيْهِ أبدا فَكَانَت بليّة مَا بَيْننَا وَبَيْنكُم.
وَقَالَ شمر: قِيبت البيضةُ، فَهِيَ مقوبةٌ: إِذا خرجَ فرخها.
وَيُقَال: قابة وقوب، بِمَعْنى قائبة وقوب.
ابْن هانىء: القوب: قِشر الْبيض.
وَقَالَ الْكُمَيْت يصف بيض النعام:
إِلَى توائم أصغى من أجنّتها
وساوسَ عَنْهَا قابت القُوَبُ
أصغَى من أجنّتها، يَقُول: لما تحرَّك الولدُ فِي الْبيض تسمَّعَ إِلَى وسواس. جعل تِلْكَ وَسْوَسَة. قَالَ: وقابت: تفلَّقَت. والقوب: الْبَيْضَة.
قأب: أَبُو عبيد عَن الْفراء: قَئِب وصئِب وذَبحَ: إِذا أَكثر من شرب المَاء.
وَقَالَ أَبُو زيد: قَئبْتُ مِن الشَّرَاب أقَأَب قأباً: إِذا شرِبتَ مِنْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: قئبت من الشَّرَاب أقأبُ، وقأبْتُ لُغَة: إِذا امتلأتَ مِنْهُ.
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: قأبتُ الطَّعَام: أَكلته وَكَذَلِكَ دأثْتُه.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: إِنَاء قَوأبٌ وقوأبيٌّ كثير الأخْذ للْمَاء. وَأنْشد:
مدٌّ من المِداد قوأَبيُّ
وَقَالَ شمر: القوأبيّ: الْكثير الْأَخْذ.
وَقب: اللَّيْث: الوَقْب: كلُّ قَلْت أَو حُفْرة كقَلْتٍ فِي فهرٍ وكوقْب المُدْهُنة. ووَقْبةُ الثّريد: أُنقوعتُه.
وَأنْشد:
فِي وَقْبِ خَوْصاء كوقْبِ المُدْهُنِ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الوَقيت: صوتٌ يخرج من قُنْب الفَرس، وَهُوَ وِعاء قضيبه، وَقد وقَب يَقب.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وَعز: {خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا} (الفلق: 3) ، الْغَاسِق: اللَّيل. إِذا وَقَب: إِذا دخلَ فِي كلّ شَيْء أَو ظلم.
ورُوِي عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما طلع القمَر: (هَذَا الْغَاسِق إِذا وَقَبَ فتعوَّذي بِاللَّه من شرّه) .
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الأوقاب: قماش الْبَيْت. والوَقْب: الرجل الأحمق، وجمعُه

(9/264)


أوقاب. والأوقاب: الكِوَى، وَاحِدهَا وَقب.
قَالَ: والوُقبيّ: المولَعُ بِصِحَّة الأوقاب، وهم الحَمقى. والمنقاب: الرجل الْكثير الشُّرب للنَّبيذ.
وَقَالَ الْفراء: الإيقاب: إِدْخَال الشَّيْء فِي الوَقْبة.
وَأنْشد غَيره:
أبني لُبَيْنَى إنّ أمَّكُمُ
أمَةٌ وإنَّ أباكُمَّ وَقْبُ
وَقَالَ مبتكرٌ الأعرابيّ فِيمَا رَوى أَبُو تُرَاب عَنهُ: إِنَّهُم يَسِيرُونَ سَيْر الميقاب، وَهُوَ أَن يُواصلوا بَين يومٍ وَلَيْلَة.
ثعلبٌ عَن ابْن الأعرابيّ: الميقَب: الوَدَعة.
وبق: قَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً} (الْكَهْف: 52) ، يَقُول: جعلْنا تَواصُلهم فِي الدُّنيا مَوْبِقاً، أَي: مَهْلَكاً لَهُم فِي الْآخِرَة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: جعلنَا بَينهم موبقاً، أَي: حاجزاً. قَالَ: وكلُّ حاجزٍ بَين شَيْئَيْنِ فَهُوَ مَوْبق.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الموبق: الْموعد فِي قَوْله: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً} ، واحتجّ بقوله:
وجادَ شَرَوْرَى والسِّتَار فَلم يَدعْ
بعاراً لَهُ والواديين بموبقِ
يَعْنِي بموعد.
وَقَالَ الْفراء: يُقَال: أوبقتْ فلَانا ذُنوبُه، أَي: أهلكتْه فَوَبِقَ يَوْبقُ وَبقاً ومَوْبِقاً: إِذا هَلَك.
قَالَ: وحَكى الْكسَائي: وَبقَ يَبِق وُبُوقاً.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : وبقت الْإِبِل فِي الطِّين: إِذا وَحِلَتْ فنشبتْ فِيهِ. ووَبق فِي ذَنْبه: إِذا نَشِب فِيهِ فَلم يتخلّصْ مِنْهُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {شَكُورٍ أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ} (الشورى: 34) ، أَي يحبسهنّ، يَعْنِي الفُلْك ورُكبانها، فيهلكوا غرقاً.
أبق: قَالَ اللَّيْث: الأبَق: القُنب، وَمِنْه قَول زُهَيْر:
قد أحكِمَتْ حَكماتِ القِدّ والأبَقا

وَقَالَ اللَّيْث: الإباقُ: ذَهاب العَبْد من خَوْف وَلَا كد عمل.
قَالَ: وَهَكَذَا الحكمْ فِيهِ أَن يُرَد، فَإِذا كَانَ من كَدّ عملٍ أَو خوف لم يُرَدّ.
قلتُ: الْإِبَاق: هَرَب العَبْد من سيّده.
وَقَالَ الله جلّ وَعز فِي قصَّة يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام حِين نَدَّ فِي الأَرْض مغاضباً لِقَوْمِهِ: {لله) لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى} (الصافات: 140) .

(9/265)


أَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أنّه أنْشدهُ:
ألاَ قَالَت بَهانِ وَلم تَأَبَّقْ
نَعِمْتَ وَلَا يَليقُ بك النَّعيمُ
قَالَ: لم تأَبقْ، أَي: تَأَثمْ من مَقالتها. وَقَالَ غَيره: لم تأبقْ، أَي: لم تأنفْ.
وَيُقَال: أبَق العبدُ يأَبقُ إباقاً فَهُوَ آبِق، وجمعُه أبَّاق.

(بَاب الْقَاف وَالْمِيم)
ق م (وايء)
قوم، قمي، قمأ، وقم، ومق، موق، مأق، مقا.
قوم: قَالَ اللَّيْث: الْقَوْم: الرِّجال دون النِّسَاء.
وَمِنْه قَول الله: {ءَامَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن} ، أَي: رجالٌ من رجال، {مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن} (الحجرات: 11) يدلُّ عَلَيْهِ قولُ زُهَيْر:
وَمَا أَدْرِي ولستُ إخالُ أدرِي
أقومٌ آلُ حِصْنٍ أم نِسَاءُ
قَالَ: وقومُ كلِّ رجلٍ شيعتُه وعشيرته.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس، أنّه قَالَ: النَّفَر والقَومُ والرَهْط، هَؤُلَاءِ معناهم الجَمع، لَا واحدَ لَهُم من لَفظهمْ، للرِّجال دون النِّسَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: القَوْمة: مَا بَين الرَّكعتين مِن الْقيام.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الدُّقَيش: (أُصَلِّي الْغَدَاة قَوْمَتَين، والمغربَ ثَلَاث قومات) . وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الصَّلَاة.
وَقَالَ اللَّيْث: الْقَامَة: مقدارٌ كَهَيئَةِ رجُل، يُبنَى على شَفير الْبِئْر، يوضع عَلَيْهِ عُودُ البَكرة: والجميع القِيَم. وكلُّ شيءٍ كَذَلِك فَوق سطحٍ وَنَحْوه فَهُوَ قامة.
قلت: الَّذِي قَالَه اللَّيْث فِي تَفْسِير الْقَامَة غير صَحِيح. والقامة عِنْد الْعَرَب: البَكْرة الَّتِي يُسْتَقى بهَا المَاء من الْبِئْر.
وأقرأني الإياديُّ عَن شمر لأبي عُبيدٍ عَن أبي زيد أَنه قَالَ: النَّعامة الْخَشَبَة المعترضة على زُرنُوقَيِ الْبِئْر، ثمَّ تُعلَّق الْقَامَة، وَهِي البكرة، من النَّعامة، وجميعها قِيَم.
وَأَخْبرنِي غير واحدٍ عَن أبي الْهَيْثَم، أَنه قَالَ: الْقَامَة: جمَاعَة النَّاس. والقامة أَيْضا: قامة الرجل.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: فلانٌ حسن الْقَامَة والقِمَّة والقُومِيَّة بِمَعْنى وَاحِد.
وَأنْشد:
فتَمَّ من قَوامها قُوميُّ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال فلَان ذُو قُوميَّةٍ على مالِه وأمرِه. وَتقول: هَذَا الْأَمر لَا قُوميّة لَهُ، أَي: لَا قِوَامَ لَهُ.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: هُوَ قِوام أهل بَيته وقِيَام أهل بَيته، من قَول الله جلَّ وعزَّ: {جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً} (النِّسَاء: 5) .

(9/266)


وَقَالَ الزّجاج: قُرئت: {جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً} و (قِيَماً) .
قَالَ: وَيُقَال: هَذَا قِوام الْأَمر ومِلاكُه. الْمَعْنى: الَّتِي جعلهَا الله لكم قِياماً تُقِيمُكم فتَقومون بهَا قِياماً. ومَن قَرَأَ: (قِيَماً) فَهُوَ راجعٌ إِلَى هَذَا. وَالْمعْنَى: جعَلَها الله قَيِّمةَ الْأَشْيَاء، فِيهَا تَقُومُ أمورُكم.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِى جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً} (النِّسَاء: 5) يَعْنِي الَّتِي بهَا تقومون قيَاما وقِواماً.
قَالَ: وَقرأَهَا نَافِع المَدَنيّ: (قِيَماً) وَالْمعْنَى وَاحِد. وَالله أعلم.
اللَّيْث: قمتُ قيَاما. والمَقام: مَوضِع القَدمين. وأقمتُ بِالْمَكَانِ مُقاماً وَإِقَامَة. والمَقام والمُقامة: الْموضع الَّذِي تقيم بِهِ. ورجالٌ قيام ونساءٌ قُيّمٌ، وقائمات أعرف. ودنانيرُ قُوَّم وقُيَّم. ودينارٌ قَائِم: إِذا كَانَ مِثْقَالا سَوَاء لَا يرجَح، وَهُوَ عِنْد الصَّيارِفة ناقصٌ حَتَّى يرجَحَ بِشَيْء فيسمَّى مَيَّالاً.
والعَيْن الْقَائِمَة: أَن يذهب بَصَرُها والحَدَقةُ صَحِيحَة.
قَالَ: وَإِذا أصَاب البَرْدُ شَجرا أَو نبْتاً فأهلَك بَعْضًا وبقيَ بعضٌ، قيل: مِنْهَا: هامد وَمِنْهَا قَائِم. وَنَحْو ذَلِك كَذَلِك.
قَالَ: وقائم السَّيْف مَقبِضُه وَمَا سِوَى ذَلِك فَهُوَ قَائِمَة نَحْو قَائِمَة الخِوان والسَريرِ الدَّابة.
وَيُقَال: قَامَ قَائِم الظَهيرة، وَذَلِكَ إِذا قَامَت الشَّمْس وَكَاد الظلّ يَعقِل: وَإِذا لم يُطِق الْإِنْسَان شَيْئا قيل: مَا قَامَ بِهِ.
وقيّم القومِ: الَّذِي يقوِّمهم ويَسُوسُ أمرَهم.
وَفِي الحَدِيث: (مَا أَفْلح قومٌ قيِّمتُهم امْرَأَة) .
وَفِي الحَدِيث: (قل آمنتُ بِاللَّه ثمَّ استقِمْ) فسِّر على وَجْهَيْن: قيل: هُوَ الاسْتقَامَة على الطَّاعَة، وَقيل: هُوَ ترك الشِّرك.
قَالَ الْأسود بن هِلال فِي قَوْله تَعَالَى: {قَالُواْ رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ} (فصلت: 30) : لم يُشرِكوا بِهِ شَيْئا.
وَقَالَ قَتَادَة: استقاموا على طَاعَة الله تَعَالَى.
وَقَالَ كَعْب بن زُهَيْر:
فهم ضربوكم حِين جُرتم عَن الهُدَى
بأسيافكم حَتَّى استقمتُم على القِيَمْ
قَالُوا: القِيَم: الاسْتقَامَة. دينا قِيماً: مُسْتَقِيمًا.
وَيُقَال: رُمْح قَوِيم، وقَوامٌ قَوِيم، أَي: مُسْتَقِيم.
وَفِي حَدِيث حَكِيم بن حزَام: (بايعتُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألاّ أخِرَّ إِلَّا قَائِما) .
قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ: بايعتُ أَن لَا أمُوتَ إلاَّ ثَابتا على الْإِسْلَام. وكلُّ من ثبتَ على شيءٍ وتمسّك بِهِ فَهُوَ قَائِم عَلَيْهِ.

(9/267)


قَالَ الله جلّ وعزّ: {لَيْسُواْ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَءَايَاتِ اللَّهِ} (آل عمرَان: 113) ، إِنَّمَا هُوَ من الْمُوَاظبَة على الدِّين وَالْقِيَام بِهِ.
وَقَالَ جلّ وعزّ: {لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا} (آل عمرَان: 75) .
قَالَ مُجَاهِد: مواظباً. وَمِنْه قيل فِي الْكَلَام للخليفة: هُوَ الْقَائِم بِالْأَمر. وَكَذَلِكَ فلانٌ قَائِم بِكَذَا وَكَذَا، إِذا كَانَ حَافِظًا لَهُ مستمسكاً بِهِ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَفِي الحَدِيث أنّه لما قَالَ لَهُ: (أبايُعك ألاَّ أخِرَّ إلاّ قَائِما) ، قَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أمَّا مِن قِبَلِنا فلستَ تَخِرّ إلاّ قَائِما) ، أَي: لسنا ندعوك وَلَا نبايُعك إلاَّ قَائِما، أَي: على الْحق.
وَرُوِيَ عَن الْفراء قَالَ: الْقَائِم: المستمسك بِدِينِهِ. ثمَّ ذكر هَذَا الحَدِيث.
وَقَالَ فِي قَول الله: {أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ} ، أَي: مستمسكة بدينها.
وَقَول الله جلّ وعزّ: (دينا قيمًا) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: القيِّم، هُوَ الْمُسْتَقيم؛ وقرئت: {قِيَمًا} (الْأَنْعَام: 161) .
والقِيَم مصدر كالصِّغَر وَالْكبر، إِلَّا أَنه لم يُقَل قِوَم مثل قَوْله: {لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} (الْكَهْف: 108) ، لأنَّ قِيَماً من قَوْلك: قَامَ قِيَماً، وَقَامَ كَانَ فِي الأَصْل قَوَمَ أَو قَوُمَ فَصَارَ قَامَ، فاعتلّ قِيَم.
فأَمَّا حِوَل فَهُوَ على أَنه جارِ على غير فِعْل.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {الزَّكَواةَ وَذَلِكَ دِينُ} (الْبَيِّنَة: 5) .
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس والمبرِّد: هَا هُنَا مضمَر، أَرَادَ ذَلِك دِين المِلَّة القيّمة، فَهُوَ نعت مضمَرٍ مَحْذُوف.
وَقَالَ الْفراء: هَذَا ممَّا أضيف إِلَى نَفسه، لاخْتِلَاف لفظيه.
قلتُ: وَالْقَوْل مَا قَالَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ أَنه قَالَ: القَيّوم والقَيّام والمدبِّر وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: القيّوم والقَيّام فِي صفة الله: القائمُ بتدبيرِ أَمر خلقِه فِي إنشائهم ورِزقهم وعِلمِه بأمكنتهم.
قَالَ الله: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الاَْرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا} (هود: 6) .
وَقَالَ الْفراء: صُورة القَيُّوم مِن الفِعل الفَيْعول، وَصُورَة القَيَّام الفَيْعال، وهما جَمِيعًا مَدْح.
قَالَ: وَأهل الْحجاز أَكثر شيءٍ قَوْلاً للفَيْعال مِن ذَوَات الثَّلَاثَة، مِثل الصَّوَّاغ، يَقُولُونَ الصَّيّاغ.
وَقَالَ مُجَاهِد: القَيّوم: الْقَائِم على كلِّ شَيْء.
وَقَالَ قَتَادَة: القيُّوم: الْقَائِم على خَلْقه

(9/268)


بآجالهم وأعمالهم وأرزاقهم.
وَقَالَ الكلبيّ: القيّوم الَّذِي لَا بَدىءَ لَهُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: القَيّوم الْقَائِم على الْأَشْيَاء.
وَقَالَ الفرَّاء فِي القيِّم: هُوَ من الْفِعْل فَعِيل، أَصله قَوِيم، وَكَذَلِكَ سَيِّدٌ سَوِيد، وجَيِّدٌ جَوِيد، بِوَزْن ظريف وكريم، وَكَانَ يلْزمهُم أَن يجْعَلُوا الواوَ ألفا لانفتاح مَا قَبلَها ثمَّ يُسقِطوها لسكونها وَسُكُون الَّتِي بعْدهَا. فَلَمَّا فَعَلوا ذَلِك صَارَت سَيْد على وزن فَعْل، فزادوا يَاء على الياءَ ليكمل بناءَ الْحَرْف.
وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: قَيِّم وزنُه فَيْعل، وَأَصله قَيْوِم، فَلَمَّا اجْتمعت الْوَاو وَالْيَاء وَالسَّابِق ساكنٌ أبدَلوا مِن الْوَاو يَاء وأَدْغَموا فِيهَا الْيَاء الَّتِي قَبلَها فصارتا يَاء مشدَّدة. كَذَلِك قَالَ فِي سيِّد وجيِّد وميِّت وهيّن وليِّن.
قَالَ الْفراء لَيْسَ فِي أبنية الْعَرَب فَيْعِل، والحَيُّ كَانَ فِي الأَصْل حَيْوٌ، فلمَّا اجْتمعت الْيَاء وَالْوَاو وَالسَّابِق سَاكن جُعِلتا يَاء مشدَّدة.
وَقَالَ اللَّيْث: الْقِيَامَة: يومُ البَعْث، يومَ يقوم فِيهِ الخَلْقُ بَين يَدَي الحيِّ القيوم قَالَ: والقِوام مِن العَيْش: مَا يُقيمُك: وقوام الجِسم: تَمامُه وقوام كلِّ شيءٍ مَا استقام بِهِ.
وَقَالَ العجاج:
رأسَ قِوام الدِّين وابنُ رأْسِ
وَيُقَال: مَا زلتُ أقاوِم فلَانا فِي هَذَا الْأَمر، أَي: أنازلُه.
والقِيمة: ثمن الشّيء بالتّقويم. يُقَال: تَقاوَموه فِيمَا بَينهم.
وَإِذا انقادَ الشيءُ واستمرّت طَرِيقَته فقد استقامَ لوجهه. وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس: (إِذا استقَمْتَ بنَقْدٍ فبعتَ بِنَقْد فَلَا بأسَ بِهِ. وَإِذا استقمتَ بِنَقْد فبعتَ بنَسيئةٍ فَلَا خير فِيهِ) . قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: إِذا استَقَمْت يَعْنِي قوّمت. وَهَذَا كلامُ أهلِ مَكّة، يَقُولُونَ: استقمتُ المتاعَ، أَي: قوّمتُه. ومَعْنى الحَدِيث أنْ يَدفع الرجل إِلَى الرجل الثَّوبَ فيقوِّمه ثَلَاثِينَ، ثمَّ يقولُ لَهُ: بِعْه، فَمَا زَاد عَلَيْهَا فلك. فَإِن بَاعه بِأَكْثَرَ من ثَلَاثِينَ بِالنَّقْدِ فَهُوَ جَائِز، وَيَأْخُذ مَا زَاد على الثَّلَاثِينَ؛ وَإِن بَاعه بالنَّسيئة بِأَكْثَرَ مِمَّا يَبِيعهُ بالنَّقد فالبَيع مَرْدُود لَا يجوز.
قَالَ أَبُو عبيد: وَهَذَا عِنْد من يَقُول بِالرَّأْيِ لَا يجوز؛ لأنَّها إجَازَة مَجْهُولَة وَهِي عندنَا مَعْلُومَة جَائِزَة؛ لأنَّه إِذا وَقَّت لَهُ وقتا فَمَا كَانَ وَرَاء ذَلِك من قليلٍ أَو كثير فالوقتُ يَأْتِي عَلَيْهِ.
وَأَخْبرنِي مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن المخزوميّ قَالَ: قَالَ سُفْيَان بن عُيينة بَعْدَمَا رَوَى هَذَا الحَدِيث: يستقيمه بِعشْرَة نَقْداً فيبيعه بِخَمْسَة عشر نَسيئة، فَيَقُول: أعْطى صاحبَ الثَّوْب مِن عِنْدِي عَشرَة فَتكون الخمسةَ

(9/269)


عشر لي، فَهَذَا الَّذِي كُرِهَ.
أَبُو زيد الْأنْصَارِيّ: أَقمت الشَّيْء وقوّمته فَقَامَ، بِمَعْنى استقام. قَالَ: والاستقامة: اعْتِدَال الشَّيْء واستواؤه. واستقام فلانٌ بفلانٍ، أَي: مدَحَه وأثنَى عَلَيْهِ.
أَبُو زيد الْأنْصَارِيّ فِي (نوادره) : يُقَال: قامَ بِي ظَهْرِي، أَي: أوجَعَني؛ وَقَامَت بِي عَينايَ؛ وكلُّ مَا أوجَعَكَ مِن جَسَدك فقد قَامَ بك. قَالَ: وَيُقَال: كم قَامَت ناقتُك؟ أَي: كم بَلَغتْ وَقد قَامَت الأمَةُ مائةَ دِينَار، أَي: بلغَ قيمتهَا مائةَ دِينَار.
وَقَالَ غَيره: قَامَت لفلانٍ دابّتُه: إِذا كَلَّت أَو عيّتْ فلمْ تَسِر وَقَامَت السُّوقُ: إِذا نَفَقَتْ. ونامَت: إِذا كَسَدَتْ. وَقَامَ ميزَان النَّهَار: إِذا انتَصَف. وَقَامَ قَائِم الظَهيرة. وَقَالَ الراجز:
وقامَ مِيزانُ النهارِ فاعتدَلْ
أَبُو عبيدٍ عَن الْكسَائي فِي بَاب أمراض الْغنم: أخَذها قُوامٌ، وَهُوَ دَاء يأْخذها فِي قَوَائِمهَا تقوّم مِنْهُ. وَقَالَ غَيره: فلانٌ أقوَمُ كلَاما مِن فلانٍ، أَي: أعدَلُ كلَاما.
ومَقامات النَّاس: مَجالسهم. وَيُقَال للْجَمَاعَة يَجْتمعون فِي مجلسٍ مَقامة، وَمِنْه قَول لبيد:
ومَقامةٍ غُلْب الرِّقاب كأَنّهمْ
جِنٌّ لَدَى بابِ الحَصِيرِ قِيامُ
وَيُقَال: أقمتُ بِالْمَكَانِ مُقاماً وإقامَة، فَإِذا أَضفْتَ حذفْتَ الْهَاء كَقَوْل الله جلّ وَعز: {وَإِقَامَ الصَّلواة وَإِيتَآءَ الزَّكَواةِ} (الْأَنْبِيَاء: 73) .
قمي: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: القُمَى: الدُّخول. وَفِي الحَدِيث: (كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقْمو إِلَى منزل عَائِشَة كثيرا) ، أَي: يَدخل. قَالَ: والقُمَى: السِّمَن، يُقَال: مَا أحْسَنَ قَمْوَ هَذِه الْإِبِل. قَالَ: والقُمَى: تنظيف الدَّار مِن الكِبا.
ورَوَى سَلَمة عَن الْفراء قَالَ: القامِيّة من النِّسَاء: الذّليلةُ فِي نفْسها.
قمأ: قَالَ أَبُو زيد فِي كتاب (الْهَمْز) : قمَأَتِ الْمَاشِيَة قُمُوءاً وَقُمُوءة. وَتقول: قَمُؤتْ قَماءة، وَذَلِكَ إِذا سَمِنَتْ. وَتقول: قَمُؤ الرجل قَماءةً: إِذا صَغُر.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل قَمِيءٌ وَامْرَأَة قَميئَة، وَقد قَمُؤَ الرجل قَماءةً فَهُوَ قَمِيء: قصير ذليل. قَالَ: والصاغر: القَمِيء، يُصغَّر بذلك وَإِن لم يكن قَصِيرا. وقمأت الْمَاشِيَة تَقمَأُ فَهِيَ قامِئة: إِذا امْتَلَأت سَمِناً. وَأنْشد الباهليّ:
وحُرْدٍ طارَ باطلُها نَسِيلاً
وأحدَثَ قَمْؤُها شَعَراً قِصار
قَالَ: وَيُقَال: قَمَأت الماشيةُ بمَكَان كَذَا وَكَذَا حتَّى سَمِنت. وَقَالَ اللَّيْث: أقمَيْتُ الرجلَ: إِذا ذَلّلْتَه. قَالَ: القَمْأَة: الْمَكَان الَّذِي تَطْلُع عَلَيْهِ الشَّمْس وَجَمعهَا القِماء.

(9/270)


وَقَالَ غَيره: هِيَ المقمأة والقُمؤة، وَهِي المقنأة والمقْنؤة. وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ أَبُو عَمْرو: المقنأة والمقْنؤة: الْمَكَان الَّذِي لَا تطلع عَلَيْهِ الشَّمْس. قَالَ: وَقَالَ غير أبي عَمْرو: مَقْناةٌ بِغَيْر هَمْز.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقامِيني الشيءُ وَمَا يقانيني، أَي: مَا يوافِقُني وَمِنْهُم من يهمزه يقامِئني. قَالَ: وتقمَّأتُ المكانَ تَقَمُّؤاً، أَي: وافَقَيي فأقمتُ بِهِ. وَقَالَ ابْن مقبِل:
لقد قضيتُ فَلَا تستهزئا سَفَهاً
مِمَّا تَقَمأْتُه مِنْ لذَّةٍ وَطَرِي
وَقَالَ أَبُو زيد: هَذَا زمانٌ تَقْمأُ فِيهِ الْإِبِل، أَي: يحسُن وبَرُها وتَسمَن.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أقْمَى الرجُل: إِذا سَمِنَ بعدَ هُزال. وقمَى: إِذا لَزم. البيتَ فِراراً من الفِتَن. وأقْمَن عَدُوَّه: إِذا أذَلَّه.
قلت: والهمز جَائِز فِي جَمِيعهَا.
موق (مأق) : قَالَ اللَّيْث: المُوقان: ضَرْبٌ مِن الخِفاف ويُجمع على الأمواق. قَالَ: والمُئُوقُ: حُمْق فِي غَباوة. والنعت مائق ومائقة والفِعل ماقَ يَموق مُئُوقاً ودُؤوقاً، وَكَذَلِكَ استَماقَ.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ هُوَ مائقٌ دائق، وَقد ماقَ ودَاقَ يَموقُ ويَدُوق مَوَاقَةً ودَوَاقة ومُؤُوقاً ودُؤوقاً.
وَقَالَ أَبُو زيد: ماقَ الطعامُ وانحَمَق: إِذا رَخُصَ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أَبي الْهَيْثَم أنّه قَالَ فِي حرف الْعين الَّذِي يَلِي الْأنف خمس لُغَات، يُقَال: مُؤْق ومَأْق مهموزان ويُجمعان أَمآقاً، وَقد يُترَك همزُهما فَيُقَال: مُوق وماق ويُجمعان أَمواقاً بِالْوَاو إلاَّ فِي لُغَة مَن قَلَب فَقَالَ آماق، وَيُقَال: مُوقٍ على مُفْعِل فِي وزن مُؤْتٍ ويُجْمع هَذَا مآقي. وأَنشد لحسّان:
مَا بَال عَيْنك لَا تنام كأنّما
كُحلتْ مَآقِيها بكُحْل الإثمِد
قَالَ: وَيُقَال: هَذَا ماقِي العَيْن، على مِثال قَاضِي البَلَد، ويُهمز هَذَا فَيُقَال: مَأْقي، وَلَيْسَ لَهَا نظيرٌ فِي كَلَام الْعَرَب فِيمَا قَالَ نصيرٌ النَّحْوِيّ، لأنَّ ألف كل فَاعل من بَنَات الْأَرْبَعَة مِثل داعٍ وقاضٍ ورامٍ وعالٍ لَا تهمز، وحُكي الْهَمْز فِي مأْقٍ خَاصَّة.
وروى سَلَمة عَن الْفراء فِي بَاب مَفعل: مَا كَانَ من ذَوَات الْوَاو وَالْيَاء من دَعوتُ وقضيت فالمفعَل فِيهِ مَفْتُوح اسْما كَانَ أَو مصدرا، إلاَّ المأقى من الْعين، فَإِن العربَ كسَرَتْ هَذَا الحرفَ.
قَالَ: ورُوِي عَن بَعضهم أنَّه قَالَ فِي مأْوى الْإِبِل مَأْوى، فهذان نادران لَا يُقاس عَلَيْهِمَا.
وَقَالَ اللحياني: القَلْب فِي مَأْق فِي لُغَة من

(9/271)


يَقُول: مَأْق ومَؤق أَمْق العَيْن والجميع آماق، وَهِي فِي الأَصْل أمْآق فقُلِبَت. فلمَّا وَحَّدُوا قَالُوا أَمْق لأَنهم وَجدوه فِي الْجمع كَذَلِك.
قَالَ: وَمن قَالَ ماقي جمعَه مَوَاقي.
وَأنْشد أَبُو الحَسن:
كأَنَّ اصْطِفافَ الماقتِينِ بطَرْفها
نَثِيرُ جُمانٍ أَخطأَ السِّلْك نَاظمُه
وَقَالَ الآخر فِيمَن جمَعه مَواقي:
فظلَّ خليلي مستكِيناً كأنَّه
قَذًى فِي مَوَاقي مُقْلَتيه يُقلْقِل
وَقَالَ اللَّيْث: المَأق مَهْمُوز: مَا يعتَرِي الصّبِيَّ بعد الْبكاء.
يُقَال: مَئِقَ فلانٌ مَأَقاً، وقَدِم فلانٌ فامْتَأَقْنا إِلَيْهِ، وَهُوَ شِبْه التَّباكي إِلَيْهِ لطُول الغِيبة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: المَأَق: شِدَّةُ البُكاء.
وَقَالَت أمُّ تأبّط شرّاً تُؤَبِّنُه: مَا أَبتُّه مَئِقاً، أَي: باكياً.
وَأنْشد:
عَوْلَةُ ثَكْلَى وَلْوَلَتْ بَعْدَ المَأَق
وَقَالَ اللَّيْث: مُوق العينُ: مُؤخرها. وماقُها: مُقدِمُها.
رَوَاهُ عَن أبي الدُّقيش. قَالَ: ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّه (كانَ يَكْتَحِلُ مِن قِبل مُوقه مرَّة ومِن قِبل ماقِه مَرَّة) يَعْنِي مُقْدِم الْعين ومؤَخِّرَها.
قُلتُ: وأهلُ اللُّغَة مُجْمِعُون على أنَّ المُوق والماق: حرفُ الْعين مِمَّا يَلِي الْأنف، وأنَّ الَّذِي يَلِي الصُّدْغ يُقَال لَهُ اللَّحاظ.
والْحَدِيث الَّذِي استشهدَ بِهِ اللَّيث غير مَعْرُوف.
وَقَالَ اللَّيْث: المُؤْق من الأَرْض والجميع الأمآق، وَهِي النَّواحي الغامضة من أطرافها.
وَقَالَ رؤبة:
تَفْضِي إِلَى نازِحَة الأمْآق
وَقَول الشَّاعِر:
لعَمْري لَئِن عينٌ من الدمع أنزحتْ
مقاها لقد كَانَت سَرِيعا جموحُها
أَرَادَ بالمقَى جمع مأقي الْعين فقلبه.
وَقَالَ غَيره: المَأَقة: الأنفة وشدّة الْغَضَب.
وَقد أَمْأَق الرجل إمآقاً: إِذا دخل فِي المأَقة، كَمَا يُقَال اكْأَبَ. والإمْآق نَكث العهدِ من الأنَفة.
وَفِي كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لبَعض الْوُفُود واليمانيِّين: (مَا لمْ تُضْمِروا الإماق، وتأكلوا الرّباق) ، ترْكُ الْهَمْز مِن الإماق لِيُوازِن بِهِ الرّباق.
يَقُول: لكم الْوَفَاء بِمَا كتبتُ لكم مَا لم تَأْتُوا بالمأَقة فتغدِروا وتقطعوا رِباق العَهد الَّذِي فِي رِقابكم.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: امتأَق غَضبُه امتِآقاً: إِذا اشتدَّ.

(9/272)


أَبُو عبيدٍ عَن الأمويّ: من أمثالهم فِي سُوء الاتِّفاق والمعاشَرَة: (أنْتَ تَئِقٌ، وأَنا مَئِق، فَمَتَى نتّفق) .
قَالَ الأمويّ: النئِق: السَّرِيع إِلَى الشَّرّ، والمئِق: السَّريعُ الْبكاء. وَيُقَال للممْتَلِىء من الْغَضَب.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: فِي التئق والمئق نَحوه.
قَالَ أَبُو بكر: قولُهم فلانٌ مائق فِيهِ ثَلَاثَة أقاويل.
قَالَ قومٌ: المائق: السِّيء الخُلُق مِن قَوْلهم: أَنْت تئق وَأَنا مئق، أَي: أَنْت ممتلىء غَضبا وَأَنا سيِّء الْخُلْق فَلَا نتَّفق.
وَقيل: المائق: الأحمق لَيْسَ لَهُ معنى غَيره.
وَقَالَ قومٌ: المائق: السَّرِيع الْبكاء الْقَلِيل الحَزم والثبات، من قَوْلهم: مَا أباتَتْه أمُّه مَئِقاً، أَي: مَا أَباتَتْهُ باكياً.
ومق: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: وَمِقْتُ فلَانا أمقُه وَأَنا وامِقٌ، وَهُوَ مومُوق، وَأَنا لَك ذُو مِقَة، وَبِك ذُو ثِقَة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: فِي بَاب فَعِل يَفعِل، ومِق يَمِق، ووَثِق يثِق. والتَّومُّق: التودّد.
مقا: ابْن السّكيت يُقَال: مقَا الطَّسْتَ يَمقُوها: إِذا جَلاهَا، ويَمقيها، ومَقَوْتُ أَسنَاني ومقيتُها.
وقم: أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: المَوْقومُ والموْكُوم: الشَّديد الحُزْن، وَقد وقمَه لأمر ووَكَمَه.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: المَوْقوم: الْمَرْدُود عَن حَاجته أشدَّ الرَّد. وَقد وقمتُه وَقْماً.
وَأنْشد:
أَجازَ منّا جائزٌ لَم يُوقَمِ
وَيُقَال: قِمْه عَن حَاجته، أَي: رُدَّه. وَقيل فِي قَول الْأَعْشَى:
بَناها من الشَّتويِّ رامٍ يُعِدُّها
لقَتل الهوادي داجِنٌ بالتوقُّم
إنّ مَعْنَاهُ: أنّه مُعْتَاد للتولُّج فِي قترته.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: إنَّك لتَوقَّمُني بالْكلَام، أَي: تركبني وتتوثَّب عليّ. قَالَ: وسمعتُ أعرابيّاً يَقُول: التوقُّم: التهدُّد والزَّجر.
وَقَالَ أَبُو زيد: الوِقام: الحَبْل. والوقام: السّيْف. والوِقام: العَصا. والوِقام: السَوْط وحَرّة واقم مَعْرُوفَة.

(9/273)


بَاب لفيف حرف الْقَاف
قوى، قوقى، قأى، قاء، قاق، آق، وقوق، يق، ققق، واق (وقِي) .
يقّ: أَبُو عَمْرو: يُقَال لجُمَّارة النَّخْلَة يَقَقة، والجميع يَقَق.
أَبُو عبيد: أبيضُ يَقَق ويَلَق. وَقد يَقَّ يَيقُّ يَقَقاً.
قوي: يُقَال: قويَ الرجلُ يقوَى قُوّة، فَهُوَ قَوِيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: القُوَّة من تأليف قَاف وواو وياء، ولكنَّها حُمِلت على فُعلة، فأدغِمت الْيَاء فِي الْوَاو كَرَاهِيَة تغير الضمَّة، والفعالة مِنْهَا قِواية، يُقَال ذَلِك فِي الحزْم دون البَدَن. وَأنْشد:
ومالَ بأعناق الكَرَى غالباتُها
وإنِّي على أَمر القوايةِ حازمُ
قَالَ: جَعَل مصدرَ القَوِيِّ على فِعالة، وَقد يتكلّف الشُّعَرَاء ذَلِك فِي النَّعْت اللَّازِم، وجمعُ القُوَّة قُوى. قَالَ الله: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ} (النَّجْم: 5) . قيل: هُوَ جِبْرِيل، والقُوَى: جمعُ القوَّة. وَقَالَ الله لمُوسَى حِين كَتب لَهُ الألواح: {فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ} (الْأَعْرَاف: 145) ، قَالَ الزّجاج: أَي: خذْها بقوَّةٍ فِي دِينِك وحُجَّتك. وَقَالَ الله جلّ وعزّ ليحيى: {خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} (مَرْيَم: 12) ، أَي: بجِدّ وعَوْن من الله جلّ وعزَّ.
الحرانيّ عَن ابْن السّكيت قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة يُقَال: أقوَيْتَ حَبْلَك، وَهُوَ حبلٌ مُقْوى، وَهُوَ أَن تُرْخَى قُوّةً وتُغير قوَّة، فَلَا يَلْبث الْحَبل أنْ يتقطّع. وَمِنْه الإقواء فِي الشِّعر.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القُوة: الخُصْلة الْوَاحِدَة من قُوى الحَبْل.
وَقَالَ غَيره: هِيَ الطَّاقة الْوَاحِدَة مِن طاقات الحَبْل، يُقَال: قُوّةٌ وقُوى، مِثل صُوّة وصُوى وهُوَّةٍ وهُوًى.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ شَدِيد القوى، أَي: شَدِيد أَسْر الخَلْق مُمَرُّه. قَالَ: وَجَاء فِي الحَدِيث: (يذهب الدّين سُنَّةً سُنَّة كَمَا يذهب الحبْلُ قُوَّةً قُوَّة) .
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: الإقواء فِي عُيُوب الشّعْر: نُقصان الْحَرْف من الفاصلة، كَقَوْلِه:
أَفبعد مَقتَل مالكِ بن زُهيرٍ
ترجو النِّساءُ عواقبُ الأطهارِ
فنقص من عَروضه قُوّة. والعَروض فِي وسط الْبَيْت.

(9/274)


قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو الشيبانيّ: الإقواء: اخْتِلَاف إِعْرَاب القَوافي. وَكَانَ يَروِي بَيت الْأَعْشَى:
مَا بالُها بِاللَّيْلِ زالَ زَوَالُها
بِالرَّفْع. وَيَقُول: هَذَا إقواء. قَالَ: وَهُوَ عِنْد النَّاس الإكْفاء، وَهُوَ اختلافُ إِعْرَاب القوافي.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المَقْوِي الَّذِي يُقْوى وَتَره، وَذَلِكَ إِذا لم يُجِدْ غَارَتَه فتراكَبتْ قواه. يُقَال: وَتَرٌ مُقْوى.
سَلمَة عَن الْفراء فِي قَول الله: {الْمُنشِئُونَ نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ} (الْوَاقِعَة: 73) ، يَقُول: نحنُ جعلنَا النارَ تذكرةً لجهنّم ومَتاعاً للمُقْوِين، يُرِيد مَنفعَةً للمسافرين إِذا نزلُوا بِالْأَرْضِ القِيِّ وَهِي القَفْر. وَقَالَ أَبُو عبيد: المُقْوِي الَّذِي لَا زَاد مَعَه، يُقَال: أقوى الرجلُ: إِذا نَفِد زَاده.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: المُقْوِي: الَّذِي يَنزل بالقَواء، وَهِي الأَرْض الخالية.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: القَوَايَة: الأَرْض الَّتِي لم تُمطَر. وَقد قَوِيَ المَطَر يَقوى: إِذا احتبَسَ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَقوَى: إِذا اسْتغنى. وأقوَى: إِذا افْتقر. وَيُقَال: أقوَى الرجلُ فَهُوَ مُقْوٍ: إِذا كَانَت دابَّتُه قويّة.
وَقَالَ اللَّيْث: أقوَى القومُ: إِذا وَقَعُوا فِي قِيَ من الأَرْض، والقِيُّ: المستوي، وَأنْشد:
قِيٌّ تُناصِيها بلادُ قِيِّ
واشتقاقه من القَوَاء. يُقَال: أرضٌ قَواء: لَا أهل فِيهَا. والفِعل أقوت الأَرْض. وأقْوَت الدَّار، أَي: خلتْ من أَهلهَا.
ورُوِي عَن مَسْرُوق أنّه أوْصى فِي جَارِيَة لَهُ: أَن قُولُوا لبَنِيَّ ألاَّ تَقتَوُوها بَيْنكُم وَلَكِن بِيعُوها، إنِّي لم أَغْشها، ولكنِّي جلستُ مِنْهَا مَجْلِسا مَا أحِبُّ أَن يجلس ولدٌ لي ذَلِك الْمجْلس.
قَالَ شمر: قَالَ أَبو زيد: يُقَال: إِذا كَانَ الغلامُ أَو الْجَارِيَة أَو الدابّة أَو الدَّار بَين الرجُلين فقد يتقاويانِها، وَذَلِكَ إِذا قَوَّماها فَقَامَتْ على ثمَنٍ، فهما فِي التّقاوِي سَوَاء، فَإِذا اشْتَرَاهَا أحدُهما فَهُوَ المقتوي دون صاحبِه، وَلَا يكون اقتواؤها وَهِي بَينهمَا إلاَّ أَن تكون بَين ثَلَاثَة فَأَقُول للاثنين من الثَّلَاثَة إِذا اشتريَا نصيبَ الثَّالِث اقتويَاها، وأقواهما البائعُ إقواءً. والمُقْوِي: البَائِع الَّذِي بَاعَ. وَلَا يكون الإقواء إلاَّ من البَائِع، وَلَا التقاوِي من الشُّرَكَاء وَلَا الاقتواء مِمَّن يَشْتَرِي من الشُّركاء إِلَّا وَالَّذِي يُباعُ من العَبْد أَو الْجَارِيَة أَو الدَّابَّة من اللَّذين تَقَاويَا، فأمَّا فِي غيرِ الشُّرَكَاء فَلَيْسَ اقتواءٌ وَلَا تقاوٍ وَلَا إقواء.
وَقَالَ شمر: يرْوى بَيت عَمْرو بن كُلْثُوم:

(9/275)


مَتَى كنَّا لأمّك مُقْتوِينا
أَي: مَتى اقتوتْنا أمُّك فاشترتْنا.
قَالَ: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: كَانَ بيني وَبَين فلانٍ ثوبٌ فتَقاويْناه بَيْننَا، أَي: أعطيتُه ثمَناً وَأَعْطَانِي بِهِ هُوَ فأخَذَه أحدُنا. وَقد اقتويتُ مِنْهُ الغلامَ الَّذِي كَانَ بَيْننَا، أَي: اشْتريت نَصِيبَه.
وَقَالَ الأسديّ: القاوِي: الآخِذ.
يُقَال: قاوِهِ، أَي: أعطِه نَصِيبَه. وَقَالَ النّظَّار الأسَدِيّ:
ويومَ النِّسارِ ويومَ الجِفا
رِ كَانُوا لَنَا مُقتَوى المقتَوِينا
وَقَالَ اللَّيْث فِي الاقتواء والمُقاواة والتَّقاوِي نَحوا مِمَّا قَالَ أَبُو زيد.
وَسمعت العربَ تَقول للسُّقاة إِذا كَرَعوا فِي دَلْوٍ ملآن مَاء فَشربوا ماءهُ قد تقاووه: وَقد تَقاوَيْنا الدّلْوَ تَقاوِياً.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: قَوِيت الدَّار قَوي مَقْصُور، وأقوَتْ إقواءً: إِذا أقفرَتْ.
وَقَالَ شمر: قَالَ بَعضهم: بلدٌ مُقْوٍ: إِذا لم يكن فِيهِ مَطَر. وبلدٌ قاوٍ: لَيْسَ بِهِ أحَد.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المُقْوِية: الأَرْض الَّتِي لم يُصبْها مَطَر وَلَيْسَ بهَا كلأ. وَلَا يُقَال لَهَا مُقْوِية وَبهَا يَبْسٌ مِن يَبس عامٍ أوّل.
قَالَ: والمُقْوية: المَلْساء الَّتِي لَيْسَ بهَا شَيْء، مِثل إقواء الْقَوْم إِذا تَفِد طعامُهُمْ.
وَأنْشد شمرٌ لأبي الصُّوف الطائيّ:
لَا تكسعنّ بَعدَها بالأغبارْ
رِسْلاً وإِنْ خِفتَ تَقاوِي الأمطارْ
قَالَ: والتَّقاوِي قِلّتُه. وسَنَة قاوِيَة: قَليلَة الأمطار.
وَقَالَ الْفراء: أرضٌ قِيٌّ، وَقد قَوِيَتْ وأقوَتْ قَوايةً وقَوًى وقَواءً.
قَالَ: أقوَى الرجُل وأقفَر وأرمَلَ: إِذا كَانَ بأرضٍ قَفْرٍ لَيْسَ مَعَه زَاد. وأقوَى: إِذا جَاع فَلم يكن مَعَه شَيْء وَإِن كَانَ فِي بَيته وسْطَ قومِه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: القَواء: القَفْر. والقِيّ من القَواء، فِعْل مِنْهُ مَأْخُوذ.
قَالَ أَبُو عبيد: كَانَ يَنْبَغِي أَن يكون قُوى، فَلَمَّا جَاءَت الْيَاء كسرت الْقَاف.
اللحياني قَالَ الْأَصْمَعِي: من أمثالهم: انقَطَع قُوَيٌّ من قاوية: إِذا انْقَطع مَا بَين الرِجلين أَو وَجبتْ بَيْعَةٌ لَا تُستقال.
قلت: والقاوِية هِيَ الْبَيْضَة، سُمِّيت قاويَةً لِأَنَّهَا قَوِيتْ عَن فَرْخها. فالقويُّ: الفرخُ تَصْغِير قاوٍ، سمِّي قُوَيّا لأنَّه زايَلَ البيضَةَ فقوِيتْ عَنهُ وقَوِيَ عَنْهَا، أَي: خلا وخَلَت. ومِثله: (انقضَت قائبة مِن قُوبِ) .
عَمْرو عَن أَبِيه: هِيَ القائبة والقاوِية للبيضَة، فَإِذا نَقَبَها الفَرْخُ فَخرج فَهُوَ القُوب، وَهُوَ القُوَيّ.
قَالَ: وَالْعرب تَقول للدنيء: (قُوَيٌّ مِن قاوية) .

(9/276)


قوقى: قَالَ اللَّيْث: القَوْقاة: صَوتُ الدَّجَاجَة، وَقد قَوَّقَتْ تُقَوْقِي قَوْقاةً وقيقاءً فَهِيَ مُقَوْقِية.
أَبُو عبيد: قَوْقَت الدَجاجة قِيقاءً وقَوْقاةً، مِثل دَهْدَيت الحَجَر دِهْداءً ودَهْداةً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: القِيقاءة: قِشرُ الطَّلْعة.
اللَّيْث: هِيَ القِيقاةُ والقِيقاية لُغَتَانِ تُجعَل مِشْرَبة، كالتَّلْتَلة. وَأنْشد:
وشُرْبٌ بقِيقاةٍ وأنتَ بَغِيرُ
قَصَره الشَّاعِر للضَّرُورَة. قَالَ: والقِيقاءةُ: القاع المستديرةُ فِي صَلابة مِن الأرضِ إِلَى جَانب سهل. وَمِنْهُم من يَقُول: قِيقاةٌ، وَقَالَ رؤبة:
إِذا جَرَى مِنْ آلِها الرَقْراقِ
رَيْقٌ وضَحضاحٌ على القَياقِي
وَقَالَ أَيْضا:
وخَبَّ أعرافُ السَقَا على القِيَقْ
كأنّه جمعُ قِيقة وإنَّما هِيَ قِيقاةٌ حُدفتْ ألفُها. قَالَ: وَمن هِيَ قِيقةٌ وجمعُها قِياقٌ فِي الْبَيْت الأول كَانَ لَهُ مَخَرَجٌ.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: القِيقَاءة: الأَرْض الغليظة.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: القِيقاءة جمعهَا، قيقاءُ، والقَواقي، وَهُوَ مكانٌ ظَاهر غليظ كثيرُ الْحِجَارَة، وحجارتها الأظِرَّةُ وَهِي مستويةٌ بِالْأَرْضِ، وفيهَا نُشوز وارتفاع مَعَ النُّشُوز، نُثرت فِيهَا الْحِجَارَة نَثْراً لَا تكَاد تَسْتَطِيع أَن تمشي، وَمَا تحتَ الْحِجَارَة المنثورةِ حجارةٌ عاضٌّ بعضُها بِبَعْض لَا تَقدر أَن تحفرها، وحجارتها حُمْر تُنبت الشّجر والبَقْل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القَيْق: صوتُ الدَّجاجَة: إِذا دَعَت الدِّيكَ للسِّفاد.
أَبُو عبيد عَن الْفراء قَالَ: القِيقِيةِ: القِشرة الرقيقة الَّتِي تَحت القَيْض من الْبيض. ونحوَ ذَلِك قَالَ الأحْمر.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال لبَياض البَيض القئقىء، ولصُفْرَتها المحُّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القِيق: الجَبَل المُحِيط بالدُّنيا.
قيأ قاء: قَالَ اللَّيْث: القَيْءُ مَهْمُوز، وَمِنْه استقاءَ: إِذا تكلَّف ذَلِك. والتقيّؤ: أبلغ وَأكْثر.
وَفِي الحَدِيث: (لَو يَعلم الشَّارِب قَائِما مَاذَا عَلَيْهِ لاستقاء مَا شَرِب) .
وَفِي حَدِيث آخر: (مَن ذَرَعَه القَيء وَهُوَ صَائِم فَلَا شَيْء عَلَيْهِ، ومَن تقيّأ فَعَلَيهِ الْإِعَادَة) .
وقَيّأَت الرجل: إِذا فعلتَ بِهِ فعْلاً يتقيّأ مِنْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: تقيّأتِ الْمَرْأَة لزوجِها.
قَالَ: وتقيؤُها: تكسُّرها لَهُ، وإلقاؤها نفسَها عَلَيْهِ وتَعرضُها لَهُ.

(9/277)


وَأنْشد:
تقيّأَتْ ذاتُ الدَّلالِ والخَفْر
لعابسٍ جافي الدَّلالِ مُقْشَعرّ
قلت: لم أسمع تقيأَت الْمَرْأَة بِالْقَافِ بِهَذَا الْمَعْنى، وَهُوَ عِنْدِي تَصْحِيف. وَالصَّوَاب: تفيّأَت بِالْفَاءِ، وتفيؤُها: تثَنّيها وتكسُّرها عَلَيْهِ من الفَيء، وَهُوَ الرُّجُوع.
قوق: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: القاق غير مهموزٍ. والقوق: الطَّوِيل.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال للطويل قاقٌ وقُوق وقِيق وأَنقوق.
وَقَالَ اللَّيْث: القاق: الأحمق الطائش.
وَأنْشد:
لَا طائشٌ قاقٌ وَلَا عَييُّ
قَالَ: والقُوقُ: الأهوَج الطَّوِيل.
وَأنْشد:
أحزَمُ لَا قوقٌ وَلَا حَزَنبَلُ
قَالَ: وَالدَّنَانِير القُوقيَّة من ضَرْبِ قيْصَر، كَانَ يُسمى قوقاً.
قَالَ: والقوقُ: طَائِر من طير المَاء طَوِيل العُنق؛ قليلُ نَحْض الْجِسْم.
وَأنْشد:
كأَنك من بَنَات الماءِ قوقُ
أَبُو عبيد: فرسٌ قُوقٌ، وَالْأُنْثَى قُوقةٌ: الطويلُ القوائم.
قَالَ: وَإِن شِئْت قلت: قاق وقَاقَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: القُوقة: الصَّلَعَة.
وَرجل مقوَّق: عَظِيم الصَّلَعة.
قَالَ اللَّيْث: والإقاءة: شَجَرَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: قُوق الْمَرْأَة وسُوسها: صدع فرجهَا.
وَأنْشد:
نُفاثية أيّانَ مَا شاءَ أهلُها
رأَوا قُوقها فِي الخُصِّ لم يتغيّب
وقوق: قَالَ اللَّيْث: رجلٌ وَقْواقة: كثير الْكَلَام. والوَقْوقة: نُباح الْكَلْب عِنْد الغرَق.
وَأنْشد:
حَتَّى ضَغَا نابحُهم فوَقوَقا
والكلبُ لَا يَنبحُ إِلَّا فَرَقَا
وَيُقَال: امرأةٌ وقواقة بِالْهَاءِ، ورجلٌ وقواق، وَهُوَ أَكثر. وَقَالَ:
لَدَى ثَرْماء أمةٌ وقواقه
وقِي: الوِقاية والوَقاية: كلُّ مَا وَقَى شَيْئا فَهُوَ وِقاية.
وَفِي الحَدِيث: (مَن عَصى الله لم تَقِه مِنْهُ

(9/278)


واقية إلاَّ بإحداث تَوْبَة) .
وَأنْشد الباهليّ للمتنخِّل الهذَليّ:
لَا تَقِهِ الموتَ وقِيّاتُه
خُطَّ لَهُ ذَلِك فِي المَهبِلِ
قَالَ: وَقِيّاتُه مَا تَوقَّى بِهِ من مَاله والمَهْبِل: المستودَع.
ورجلٌ وَقِيٌّ تقيٌّ بِمَعْنى وَاحِد.
وَيُقَال: وقاك الله شرَّ فلَان وِقاية.
وَقَالَ الله: {وَمَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ} (الرَّعْد: 34) ، أَي: من دَافع.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة فِي بَاب الطِّيرَة والفأْل: الواقي: الصُّرَد. وَقَالَ مرقّش:
وَلَقَد غَدَوْتُ وكنتُ لَا
أغدو على واق وحاتمْ
فإِذا الأشائم كالأيا
مِن والأيامِن كالأشائم
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: قيل للصُّرَدِ واق لِأَنَّهُ لَا ينبسط فِي مَشيه، فشُبه بالواقي من الدوابّ إِذا خَفِيَ. وَقَالَ غَيره: سَرجٌ واق: إِذا لم يكن مُعقِراً. وَمَا أوقاه.
وَيُقَال: فَرَسٌ واق: إِذا حَفِي من غِلظ الأَرْض ورقّة الْحَافِر، فوَقَى حافرُه الموضعَ الغليظ، وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
تَمشِي بأَوظفة شِدادٍ أسرُها
شُمِّ السنابِك لَا تقِي بالجَدجَدِ
أَي: لَا تَشْتَكِي حزونة الأَرْض لصلابة حوافرها.
وَقَالَ اللَّيْث: الوُقيّة: وزنٌ من أوزان الدُّهن، وَهِي سَبْعَة مَثَاقِيل.
قلت: واللغة الجيّدة أُوقِيَّة، وجمعُها أواقيّ وأواق.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه لم يُصْدِق امْرَأَة من نِسَائِهِ أَكثر من اثْنَتَيْ عشرَة أُوقِيَّة ونَشَ) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الأُوقية والنَّشّ يُروى تفسيرهما عَن مُجاهد.
قَالَ: الْأُوقِيَّة: أَرْبَعُونَ، والنّش: عشرُون. وَفِي حَدِيث آخر مَرْفُوع: (لَيْسَ فِيمَا دون خمسِ أَوَاقٍ مِن الوَرِق صَدقة) .
قلت: وَخمْس أواقيّ مِائَتَا دِرْهَم. وَهَذَا يحقّق قَول مُجَاهِد.
وَقَالَ اللَّيْث: التّقوى أَصْلهَا وَقوَى على فَعلى من وقيت، فلمّا فتحت قلبت الْوَاو تَاء، ثمَّ تركت التَّاء فِي تصريف الْفِعْل على حَالهَا فِي التُّقى والتَّقوَى والتَّقِيَّة والتَّقِيّ والاتقاء.
قَالَ: والتُقاة جمعٌ، وتُجمع تُقِياً، كالأباةِ تُجمَع أبِيّاً. وَيُقَال: تُقاة وتُقًّى، طُلاة وطُلًى. وَرجل تَقيّ ويُجمع أتقياء، مَعْنَاهُ: أنّه مُوَقَ نَفسه عَن الْمعاصِي. وتَقِيّ كَانَ فِي الأَصْل وَقُويٌ على فعول فقُلِبتْ الْوَاو الأولى تَاء، كَمَا قَالُوا: تَوَلَج وَأَصله وَوْلَج، وَالْوَاو الثَّانِيَة قُلبتْ يَاء للياء

(9/279)


الْأَخِيرَة، ثمَّ أدغمتْ فِيهَا فَقيل: تَقِيّ.
وَقَالَ ابْن الأنباريَّ: تَقيّ كَانَ فِي الأَصْل وَقِيّ كَأَنَّهُ فَعِيل، وَلذَلِك جُمع أَتقياء.
واق: قَالَ اللَّيْث: الواقة من طير المَاء عِنْد أهل الْعرَاق، وَأنْشد:
أَبوكَ نهاريٌّ وأُمُّك واقَةٌ
قَالَ: وَمِنْهُم من يَهمز فَيَقُول وأَقة، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب واوٌ بعدَها ألف أَصْلِيَّة فِي صَدْر الْبناء إلاّ مَهْمُوزَة، نَحْو: الوَأْلةِ فَتَقول: كَانَ جَدُّهُ وأَلْةَ، فَلُينت الْهمزَة. وَبَعْضهمْ يَقُول لهَذَا الطَّائِر قائي.
قأي: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَأَى: إِذا أَقرَّ لخصمه بحقَ وذَلَّ وأَقَي، إِذا كرِه الطعامَ وَالشرَاب لِعلَّة.
قَالَ: والقَيْق والقَوْق: صَوت الغِرْغِرة إِذا أَرادت السِّفاد، وَهِي الدَّجاجة السِّندية.
أوق أيق: قَالَ اللَّيْث: يقَال آق فلانٌ علينَا، أَي: أَشرف. وأَنشد قَوْله:
آقَ علينا وَهُوَ شَرُّ آيقٍ
أَبُو عبيدٍ عَن أبي عَمْرو: أَوَّقتُه تأويقاً، وَهُوَ أَن يُقلِّلَ طعامَه.
وَأنْشد:
عَزَّ عَلَى عَمِّكِ أَنْ تؤَوِّقي
وَأَن تَبِيتِي لَيْلَة لم تُغْبَقِي
أَبُو عُبَيْدَة: الأيْقَانِ من الوَظِيفين: موضِعا القَيد، وهما القَيْنَان.
وَقَالَ الطِّرِمَّاح:
وَقَامَ المَها يُقْفِلْنَ كلَّ مكبَّلٍ
كَمَا رُصَّ أَيْقاً مُذْهَبِ اللَّونِ صافِنِ
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: الأَيْقُ هُوَ المَرِيطُ بَين الثُّنّة وأمّ القرْدان مِن بَاطِن الرُّسْغ.
وَقَالَ غيرُه: آق فلانٌ علينا أَتانا بالأوْق وَهُوَ الشُّؤْم.
وَمِنْه قيل: بَيت مُؤَوَّق.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وبيتٍ يفوح الْمسك مِن حَجَرَاته
بعيدٍ من الْآفَاق غير مؤوَّقِ
أَي: غير مشؤوم.
وَقَالَ: آقَ فلَان علينا يَئُوق، أَي: مَال علينا. والأوْق: الثّقْل؛ يُقَال: أَلْقَى أَوْقَه، أَي: ثِقلَه.
قَالَ أَبو عبيد: وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن شُميل: الأُوقة: الرَكيَّة مِثل البالُوعة فِي الأَرْض، هُوّةٌ فِي الأَرْض خَليقَةٌ فِي بطُون الأودية، وَتَكون فِي الرياض أَحياناً، أَسمِّيها إِذا كَانَت قامَتين أَوْقةً فَمَا زَاد، وَمَا كَانَ أَقلَّ من قامتين فَلَا أَعدّها أُوقَة. وَفمها مثلُ فَم الركيّة أَو أَوسع أَحْيَانًا وَهِي الهُوّة. وَقَالَ رؤبة:
وانْغمَسَ الرامِي لَهَا بينَ الأُوَقْ
فِي غِيلِ قَصْباءَ وخِيسٍ ممتَلَقْ
ققق: فِي الحَدِيث: (أَنَّ فلَانا وضع يَده فِي قَقَّة) . قَالَ شمر: قَالَ الهوازنيّ: القَقَّة:

(9/280)


مَشْي الصبيّ وَهُوَ حَدَثٌ. قَالَ: وَإِذا سَلَحَ الصبيّ قَالَت أمُّه: قَقَّة: دَعَه، ققَةٌ: دَعَهْ، ققَّه: دَعْهُ، فَرفع ونَوَّن.
وَيُقَال: وقعَ فلانٌ فِي ققّةٍ: إِذا وَقع فِي رأْيِ سوء.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: القَقَقَة: الغِرْبان الْأَهْلِيَّة.

(9/281)


أَبْوَاب رباعي حرف الْقَاف

(بَاب الْقَاف وَالْجِيم)
(ق ج)
(قمجر) : أَبُو الْعَبَّاس عَن أَبي نصر عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: يُقَال لغِلاف السِّكّين القِمْجار.
وَقَالَ ابْن السكّيت: القَوَّاس يُقَال لَهُ المُقمجِرُ وأَنشد:
مِثلَ القِسي عاجَها المقَمجِرُ
وَبَعْضهمْ يَقُول: القَمنجَر: القواس، وإنّما هُوَ، بِالْفَارِسِيَّةِ كمان قرْ.
(مجنق) : أَبُو تُرَاب: يُقَال للمنجنيق المنجليق.
وَقَالَ غَيره: مَجنَقَ المنجنيق.
وَيُقَال: جَنقَ.
(جرمق) : وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ شُجَاع الْجِرْماق والجِلماق: مَا عُصِب بِهِ القَوْس مِن العَقَب والجرامقة: جيلٌ من الناسِ.
(قنجر) : وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: القُنجور: الرجُل الصَّغِير الرَّأْس الضَّعِيف الْعقل.
(قنجل) : وَقَالَ أَبُو بكر بن دُرَيْد: القُنْجُل: العَبد.
(جردق) : وَيُقَال للرغيف: الجرْدَق.
وَيُقَال للحانوت كُرْبَج وقُربَج.
قلت: وَهَذِه الْحُرُوف كلُّها عِنْدِي معربة وَلَا أُصولَ لَهَا فِي كَلَام الْعَرَب.

(بَاب الْقَاف والشين)
(ق ش)
(شدقم) : قَالَ اللَّيْث: الشّدْقَمِيّ والشَدْقَم: الواسِع الشِّدْق، وَهُوَ من الْحُرُوف زَادَت العربُ فِيهَا الْمِيم مِثل زُرْقم وسُتْهُم وفُسحُم وشَدقَم: اسْم فحلٍ من فحول الْعَرَب مَعْرُوف.
(دمشق) : ودِمْشَق جُند من أجناد الشَّام، وَاسم كُورة مِن كُوَرِها.
وَقَالَ عَمْرو بن أبي عَمْرو عَن أَبِيه الدَّمْشق: النَّاقة السريعة، وَاسم الْمَدِينَة من هَذَا أُخذ. قيل: فَدمشْقوها إِذا، أَي: ابنُوها بالعَجلة. وَأنْشد أَبُو عُبَيْدَة للزَّفَيان:
وصاحبي ذاتُ هِيابٍ دَمْشقُ

(9/282)


(دنقش) : ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الْفراء قَالَ: الدَّنْقَشة الفَساد.
رَوَاهُ بالشين وَرَوَاهُ غَيره الدَّنْقسة بِالسِّين، وهما لُغَتَانِ.
(برقش) : وَقَالَ اللَّيْث: البَرْقَشة: شِبهُ تنقيشٍ بألوانٍ شتَّى، وَإِذا اخْتلف لونُ الأَرقش سُمِّي بَرْقَشَة.
قَالَ: والبِرْقِش طُوَيئر من الحُمّر صغيرٌ.
مبرقش بسوادٍ وَبَيَاض. وَأنْشد:
وبرقشاً يَغْدُو على معالقا
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: البرقش: طَائِر صَغِير. مثل العصفور يسمّيه أهل الْحجاز الشُّرْشور.
قلتُ: وسمعتُ صِبيانَ الْأَعْرَاب يسمُّونه أَبَا براقِش.
وَقَالَ عبد الرحمان بن هانىء: زعم يُونُس أنَّ أَبَا عمرٍ ووقال فِي هَذَا الْمثل: (على أَهلهَا تجني براقِش) ، أنَّ براقِش كَانَت امْرَأَة لبَعض الْمُلُوك، فسافر الْملك واسْتَخلَفَها، وَكَانَ لَهُم موضعٌ إِذا فَزِعوا دَخَّنوا فِيهِ، فَإِذا أَبصَره الجُند اجتَمعوا، وَأَن جَوارِيها عَبِثْن لَيْلَة فدخَّنَّ فجَاء الجُند، فلمّا اجتَمعوا قَالَ لَهَا نُصَحاؤها إنّك إِن رَدَدْتهم وَلم تستعمليهم فِي شيءٍ فدخَّنتُمْ مرّة أُخْرَى لم يأتكم أحد، فأمرتهِمْ فبنوا بِنَاء دون دارها، فَلَمَّا جَاءَ الْملك سَأَلَ عَن البِناء فحدَّثوه الْقِصَّة.
فَقَالَ: (على أَهلهَا تجني براقش) فَصَارَ مَثَلاً.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: بَراقِش اسْم كلْبة نبحَتْ على جيشٍ مَرُّوا لَيْلًا وَلم يشعروا بالحيّ الَّذين فيهم الكلبة، فَلَمَّا سمعُوا نُبَاحَها عَلموا أَن أَهلهَا هُنَاكَ، فَعَطَفُوا عَلَيْهِم فاستباحوهم، فَذَهَبت مَثلاً.
(مردقش) : وَقَالَ ابْن مقبل:
يعلُون بالمرْدقوش الوردِ ضاحيةً
على سعابيبِ مَاء الضَّالَة اللَّجنِ
قيل: المردقوش: هُوَ المرْزَجوش: ونعته بالوَرِد لأنّ المرزجوشَ إِذا بلغ احمرَّتْ أَطْرَافه.
وَيُقَال للمردقوش أَيْضا: العَنْقَز والسَّمْسَق.
قلت: وَلَيْسَ المردقوش من كَلَام الْعَرَب، إِنَّمَا هُوَ مَرْدقوش، أَي: ليّن الْأذن.
أَبُو عَمْرو: السَّمسَق: الياسمين.
وروى أَبو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: المردقوش: الزَّعفرانُ أَيْضا.
(برقش) : أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: البرْقَشة: التفرّق. وتركتُ البلادَ براقِشَ، أَي: ممتلئة زهراً مُخْتَلفَة مِن كلِّ لون.
وبرقش لنا الرَّجُلُ، أَي: تَزَيّن بألوان مُخْتَلفَة.
وَقَالَت خنساء ترثي أخاها:

(9/283)


تَطير حَواليَّ البلادُ بَراقِشاً
بأرْوَع طَلاّبِ التِّراث مطلَّبِ
(قشبر) : ثَعْلَب عَن ابْن نَجْدة عَن أبي زيد قَالَ: القِشْبارة والقِسبارة: العَصَا.
(شبرق) : وَقَالَ اللَّيْث: الشِّبرق نباتٌ غَضّ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الشِّبْرق: الشَّيْء السَّخيف من نبتٍ أَو بَقْل أَو شجَر أَو عِضاةٍ.
يُقَال: فِي الأَرْض شِبْرِقة مِن نبت، وَهِي المشْرة.
وَقَالَ غَيره: الشِّبرقة مِن الْجَنبة وَلَيْسَ فِي البَقْل شبْرقَة، وَلَا تَخرج إلاّ فِي الصَّيف.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الشِّبرق: نبتٌ. وأَهل الْحجاز يسمُّونه الضَّرِيع إِذا يبس وَغَيرهم يسمِّيه الشِّبرق.
وَقَالَ الزّجاج: الشبرق جنس من الشّوك: إِذا كَانَ رطْباً فَهُوَ شِبْرق، فَإِذا يبس فَهُوَ الضَّريع.
أَبُو عبيد عَن أَبي عَمْرو: المُشَبرق: الرَّقِيق من الثِّيَاب.
قَالَ: والمقطوع أَيْضا مُشبرَق.
وَقَالَ اللحياني: ثوبٌ شبارِق وشَمَارِق ومُشبرَق ومُشمْرَق.
وَقَالَ أَبُو زيد: الشِّبْرق الْوَاحِدَة شِبْرقة.
يُقَال لَهَا: الحِلة، ومنبتُها نَجد وتهامة، وثمرتها حُبْلةٌ صغَار، وَلها زهرَة حَمْرَاء.
وَقَالَ الهذليّ:
كَأَن بِأَيْدِيهِم حَوَاشِي شبرق
قَالَ: شبرق: شَجَرَة لَهَا ثمرةٌ حَمْرَاء. أَرَادَ أَنَّهم رُمِّلوا بالدَّم.
قَالَ الْفراء: شرْبَقْت الثَّوْب فَهُوَ مُشَربَق، أَي: قطعته مثلَ شَبْرَقت.
وَقَالَ اللَّيْث: ثوب مشبرق: أفسِد نَسْجاً وسخافةً. وَصَارَ الثوبُ شَباريق، أَي: قطعا.
قَالَ ذُو الرمة يصف الدَّار:
فَجَاءَت بنسج العنكبوتِ كأنّه
على عَصَوَيْها سابِريٌّ مُشبرَق
قَالَ: والدابّةُ يشبرق فِي عَدْوه، وَهُوَ شدَّة تبَاعد قوائمه. وأَنشد:
مِنْ جَذْبه شِبْرَاق شَدَ ذِي مَعَقْ
(برشق) : أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: رجل مُبْرَنْشِق: فَرِحٌ مسرور.
قَالَ: وحدثْتُ هارونَ الرَّشيد بِحَدِيث فابرنْشَقَ، أَي: فَرِحَ وسُرَّ.
(قبشر) : وَقَالَ اللَّيْث: القُبْشُورُ: المرأَة الَّتِي لَا تحيض.
(قرشب) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجل قِرشَبٌّ سيِّىء الْحَال.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: القِرْشَبُّ الأكُول.
وَقَالَ أَبو مَالك: القَراشِب الضِخام، رجل قِرْشَبٌّ.

(9/284)


وَقَالَ غَيره: هُوَ السيِّىء الْحَال. وأَنشد:
كَيفَ قَرَيْتَ شيخك الأزَبّا
لما أَتَاك بائساً قِرْشَبّا
(شرنق) : وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ثِيَاب شرانق مُتَخَرِّقة، لَا وَاحِد لَهَا. وَأنْشد:
كَأَنَّهَا بصرية صوافقُ
لما حمته كَنَّةٌ وحالقُ
مِنْهُ وَأَعْلَى جلده شرانقُ وَيُقَال لِسَلخ الْحَيَّة إِذا ألقتْه: شَرانق.
(قفشل) : عَمْرو عَن أَبيه: يُقَال للمغْرفة القَفْشَلِيل.
قلت: وَهُوَ مُعرب أَصله كفجلين.
(قرشم) : سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: يسمَّى القُراد القِرْشام.
وَقَالَ الطرماح:
وَقد لَوَى أَنفه بمشفَرها
طِلْحُ قراشيمَ شاحبٌ جسدُه
وَقَالَ اللَّيْث: القُرْشوم: شَجَرَة زعمت الْعَرَب أَنَّهَا القِردان، وَذَلِكَ أنَّها مأوى القِرْدَان.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: فِيهَا قَرَمَّشٌ مِن النَّاس، أَي: أخلاط.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: القِرشَمُّ: الصُّلب الشَّديد.
(شفشلق) : وَقَالَ: عَجُوز شَفْشَليق وشَمْشَليقٌ: إِذا استَرخَى لَحمهَا.
(شملق) : وَقَالَ أَبو عَمْرو: يُقَال للعجوز شُمْلق وشَمْلق، وسُمْلق وسَمْلق، كلُّه تَقول.
(شقشق) : وَيُقَال للشِقْشِقة شِمْشِقة.
(قنفش) : قَالَ: القَنْفَشة: التقبض.
(ششقل) : قَالَ: والشَّشْقَلة: كلمةٌ حِمْيرية لهَج بهَا صيارفة أهل الْعرَاق فِي تعيير الدَّنَانِير. يَقُولُونَ: قد ششقلناها، أَي: عيَّرناها، أَي: وزناها دِينَارا دِينَارا، وليستْ الشَّشقلة عَرَبِيَّة مَحْضَة.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: اشقُل الدَّنانير، وَقد شقلْتُها، أَي: وزَنتُها.
قلتُ: وَهَذَا أشْبه بِكَلَام الْعَرَب.
وأمَّا قولُ اللَّيْث تعيير الدَّنانير، فإنَّ أَبَا عُبيد رَوى عَن الْكسَائي والأصمعيّ وَأبي زيد أَنهم قَالُوا جَمِيعًا عايرْتُ المكاييل وعاوَرْتُها، وَلم يُجيزوا عَيَّرَتْها.
وَقَالُوا: التعْيير بِهَذَا الْمَعْنى لحْن.
(شقرق) : أَبُو عبيد عَن الفرّاء: الأخيل: الشِّقِرَّاق عِنْد الْعَرَب، بِكَسْر الشين.
وَرَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الأخطَب هُوَ الشَّقِراق بِفَتْح الشين.
وَقَالَ اللِّحيانيّ: شِقِرَّاق فِي بَاب فِعِلاّل.
وَقَالَ اللَّيْث: الشِّقِراق والشِّرِقراق لُغتان: طَائرٌ يكون فِي آخر الأَرْض الجَرْم فِي منابت النَّخيل كقَدر الْهُدْهُد، مرقّط بحمرة وخُضرة وَبَيَاض وسوادٍ.

(9/285)


(شفلق) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الشَّفَلَّقَة: لُعْبَةٌ للحاضرة، وَهُوَ أَن يَكسع إنْسَانا من خَلْفِ فيصرعَه، وَهُوَ الأسْنُ عِنْد الْعَرَب.
قَالَ: وَيُقَال: ساتاه: إِذا لَعِبَ مَعَه الشَّفَلّقَة.
(شبزق) : وسمعْتُ الْمُنْذِرِيّ يَقُول: سمعتُ أَبَا عليَ يَقُول: سمعتُ أَبَا الْهَيْثَم يَقُول: الشَبْزَق هَكَذَا سمعته: دِيْوكَذْ خَرِيذِه كَرْدَه.
(عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال للعجوز: شملق، وشلمق، وسملق، وسلمق، كلُّه مَقول) .

(وَمن بَاب الْقَاف وَالْجِيم)
(قنفج) : اللَّيْث: القِنْفِج: الأتان العريضة القصيرة.
وَيُقَال للحانوت: كُرْبُق وكُربَق وكُربَج.
(جرمق) : والجُرموق: خُفٌّ يُلبَس فَوق الخُفّ. وجَرامقة الشَّام: نبطها.
(جبلق) : وجابَلْق، وجابَرْص: مدينتان إِحْدَاهمَا بالمشرق، وَالْأُخْرَى بالمغرب لَيْسَ وراءهما إنسيْ.
وَرُوِيَ عَن الْحسن بن عَليّ عَلَيْهِمَا السَّلَام حَدِيث ذكر فِيهِ هَاتين المدينتين.
وَيُقَال جابَلَق وجابَرص، قَيدَهما أَبُو هَاشم كَذَلِك.
(جردق) : وَمن المعرب قَوْلهم: جَرْدق وجَرْذَق.
(مجنق) : وَيُقَال: جَنَّقُوا المجانيق ومَجْنَقُوها.
(جبثق) : وبخطّ أَبي هَاشم فِي هَذَا الْبَاب: الجُنَبْثِقَة: امرأَة السَّوء.
وَقَالَ:
بَنو جُنَبْثقَةٍ وَلدَتْ لِئَامًا
عَلَيَّ بلؤْمكم تتوثَّبونا
والكلمة خماسيّة، وَقَالَ: أَرَاهَا عربيَّة.

(بَاب الْقَاف وَالضَّاد)
(ق ض)
(قرضب) : قَالَ اللَّيْث: القَرْضَبَة: شدَّة القَطْع. وسيفٌ قِرْضابٌ ومُقَرضِبٌ: قطَّاع.
وَقَالَ لبيد:
ومدجّجِين ترى المغاوِلَ وَسْطَهم
وذبابَ كلِّ مُهَنَّدٍ قِرضابِ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: قرضبتُ الشَّيْء وَلهذَمتُه: قطعتُه؛ وَبِه سمِّي اللُّصوص

(9/286)


لهاذِمَةٌ وقَرَاضِبَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القِرْضاب: الْفَقِير. والقِرضاب: الرجل الكثيرُ الْأكل. والقِرْضاب: اللِّصّ، وَهُوَ القُرْضُوبُ. والقَراضِبة: الصَّعاليك واحدهم قُرْضوب.
وَأنْشد ابْن كيسَان:
وعامُنا أعجبَنا مُقَدَّمُه
يُدْعَى أَبَا السَّمْح وقِرْضابٌ سُمُه
قَالَ: القِرْضابُ: الَّذِي يأكلُ الشيءَ الْيَابِس. قرضَب الرجلُ: إِذا أَكلَ شَيْئا يَابسا. وقُراضبة: مَوضِع.
وَقَالَ بشر بن أبي حَازِم:
وحَلَّ الحيُّ حيُّ بني سُبَيْع
قُراضبةً وَنحن لَهُم إطارُ
(قنبض) : أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و: القُنْبُضَة: القصيرةُ من النِّساء.
قَالَ الفرزدق:
إِذا القُنْبُضَاتُ السُّودُ طَوَّفْنَ بالضحى
رَقَدْن عليهنّ الحِجال المسجَّفُ
(قرضم) : عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: من غَرِيب شجر البَرّ القِرْضِىءْ واحدته قِرْضِئيَّة. وقِرضِم: اسْم.
قَالَ ذُو الرمة يصف إبِلا:
قهاريسُ مِثل الهَضْب يَنمي فُحُولُها
إِلَى الشَّرّ مِن أَوْلَاد رَهْط ابْن قِرْضِم
قلت: وَالْمِيم فِيهِ زَائِدَة. وقرضَمْتُ الشيءَ: قطعتُه. وَالأصلُ قَرَضْتُه.
(قرضف) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: القُرْضُوف: الْقَاطِع. والقُرضُوف: الكثيرُ الْأكل.

(بَاب الْقَاف وَالصَّاد)
(ق ص)
(صندق) : قَالَ اللَّيْث: الصُّنْدوق: لُغة فِي السُّنْدُوق، ويُجمع صَناديق.
(قنصر) : وَقَالَ: قُناصِرِين: موضعٌ بِالشَّام.
(قرصد) : وَذكر بعضُ مَن لَا يوثق بعربيَّته: القَرصَد للقِصْرِيِّ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ كَفَه. وَلَا أَدْرِي مَا صحَّته.
(قرمص) : أَبُو عبيد: القُرْمُوص: وَكْرُ الطَّائِر حَيْثُ يَفحَص عَن الأَرْض.
قَالَ أَبُو النَّجْم:
عَن ذِي قرامِيصَ لَهَا مُحَجَّل
قَالَ: قراميصُ ضَرْعها بَواطن أفخاذها فِي قَول بَعضهم.
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أَرَادَ أَنَّهَا تُؤثر لِعظَم ضَرعِها: إِذا بَرَكتْ مِثل قُرموص القَطَاة إِذا جَثَمَتْ.
قَالَ: ويقالُ لحُفْرة الصَّائِد قُرْمُوص.
قلت: وَكنت فِي الْبَادِيَة فهبَّتْ ريحٌ عَرِيَّةٌ فرأيتُ مَن لَا كنّ لَهُ مِن خَدَمِهم يَحْتفِرُون حُفَراً فِي الأَرْض السَّهلة ويَبيتون فِيهَا ويُلقُون أهدامهم فَوْقهم، يردُّون بذلك برْدَ

(9/287)


الشمَال عَنْهُم، ويسمُّون تِلْكَ الحُفَر القراميص.
وَقد تقرْمَصَ فلانٌ فِي قُرْمُوصه: إِذا انقبض فِيهِ.
وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
جاءَ الشِّتاءُ ولمَّا أتَّخِذْ رَبَضاً
يَا وَيْحَ نفْسِيَ مِن حَفْر القراميص
وَقَالَ أَبُو زيدٍ: فِي وجهِهِ قِرْماصٌ إِذا كَانَ قصيرَ الخَدَّين.
ابْن بزرج فِي وَجهه قِرْماصٌ، أَي: قِصَرُ خدَّين.
(صمقر) : وَقَالَ شمر وَغَيره: يومٌ مُصْمَقِرّ: إِذا كَانَ شَدِيد الحرّ، وَالْمِيم زَائِدَة.
وَيُقَال: اصْمَقَرَّ اللَّبَنُ فَهُوَ مُصمَقِرّ: إِذا اشتدَّت حُموضُته، والميمُ فِيهِ أَيْضا زَائِدَة.
يُقَال: جَاءَنَا بصَقْرَة مَا تُذاق حُموضته.
(قرصم) : أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: قرصمْتُ الشيءَ: كسرتُه.
وَقَالَ شمر: قَرْصَمْتُه: قطعتُه. وقَرصَمتُه: كسَرْتُه.
(قرفص) : (والقرافصة: اللُّصوص، سُمُّوا قرافصةً لشدِّهم يدَ الْأَسير تَحت رجلَيْهِ) .
وَفِي حديثِ قَيْلةَ أَنَّهَا وَفَدَتْ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرأتْه وَهُوَ جالسٌ القُرْفُصاء.
قَالَ أَبُو عبيد: القُرفصاء: جِلسةَ المحتبي، إِلَّا أنّه لَا يَحتبي بثوبٍ وَلَكِن يَجعل يَدَيْهِ مكانَ الثَّوْب على ساقَيْه.
قَالَ: وَقَالَ الفرّاء: جلس فلانٌ القُرْفصاء، مَمْدُود مضموم.
قَالَ بَعضهم: القِرْفِصَى مكسور الأول مَقْصُور.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قعَد فلَان القُرْفُصاء، (فَاعْلَم) ، وَهُوَ أَن يَقعُد على رجلَيْهِ ويَجمع رُكبتيه ويَقبِض يَدَيْهِ إِلَى صَدره.
وَقَالَ غَيره: قَرْفَصْتُ الرجُل: إِذا شدَدْتَه.
(صلقم) : وَقَالَ اللَّيْث: الصَّلْقَمَةُ: تَصَادُم الأنياب.
وَأنْشد:
أَصْلَقَهُ العزُّ بنابٍ فاصْلَقَم
قَالَ: والصِّلْقام: الضَّخْم من الْإِبِل.
وَأنْشد:
يَعلو صَلاَقِيمَ العظامِ صَلْقَمُهْ
أَي: جِسْمه الْعَظِيم.
(قصمل) : قَالَ: والقَصْمَلَة: شدَّة العضّ وَالْأكل.

(9/288)


وَيُقَال: أَلْقَاهُ فِي فِيهِ فالْتَقمه القَصْمَلَى.
وأَنشد فِي صفة الدَّهر:
والدَّهْرُ أَحْبَى يَقْتُل المَقاتلا
جارحةً أنيابُه قَصامِلا
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
وَلَيْسَ بالفيَّادة المقَصْمِلِ
(ابْن الأعرابيّ: يقالُ: رميتُ أرنباً فدرْ بَيْتُها وقصملتها وقرْمَلْتُها: إِذا صرعتَها. ورجرحته مِثله. ورميتُه بحجرٍ فتَدَرْبَى) .
قَالَ: والقَصملة: دوْيبَّة تقع فِي الأضراس فَلَا تلبث أَن تُقَصْمِلَها حَتَّى تَهتِكَ فمَ الْإِنْسَان.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَصْمَلَ الرجل: إِذا قاربَ الخُطَى فِي مشيِه.
قلت: القَصْمَلة مَأْخُوذَة من القَصْل، وَهُوَ القَطْع وَالْمِيم زَائِدَة. وسيفٌ مِقْصَل وقَصَّال: قَاطع.
(قصلم) : وفحلٌ قِصلامٌ: قُضوضٌ.
وَأنْشد شمر:
سِوى زِجَاجاتٍ مُعِيدٍ قِصْلامْ

(والمُعِيد: الْفَحْل الَّذِي أَعاد الضِّرَاب فِي الْإِبِل مرَّةً بعد أُخْرَى) .
(قنصف) : وَقَالَ اللَّيْث: القِنصِف: طُوطُ البَرديّ نفسُه.
(صقلب) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الصِّقْلاب: الرجل الْأَبْيَض.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ الْأَحْمَر.
وَأنْشد لجندلٍ الطُّهَوِيّ:
بينَ مَقَذَّيْ رأسِه الصِّقْلابِ
قلت: الصَّقالبةُ: جِيلٌ حُمْر الألوان صُهْبُ الشُّعور يُتاخِمُون بلادَ الْخزَر فِي أعالي جبل الرُّوم.
وَقيل للرجل الْأَحْمَر صِقلاب على التَّشْبِيه بألوان الصَّقالبة.
(قرنص) : وَقَالَ اللَّيْث: القَرانيص: غُرَزٌ فِي أَعلَى الخُفّ، وَاحِدهَا قُرْنُوص.
قلتُ: وَيُقَال للبازي إِذا كُرِّزَ قد قُرْنِصَ قَرْنصةً فَهُوَ مُقَرْنَص.
وَقَالَ اللَّيْث: قَرْنَسَ البازِي، فعل لَهُ لازمٌ، إِذا كُرِّزَ، وخِيطَتْ عَيناهُ أوَّلَ مَا يصَاد، رَوَاهُ بالسِّين على فِعللِ.
وغيرُه يَقُول: قَرْنَصِ البازِي.
وَقَالَ غير هَؤُلَاءِ: قَرْنص الدِّيكُ وقَرْنَسَ إِذا قَوْزَع من دِيكٍ آخر.

(9/289)


(قصفل) : وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : قَصْفَل الطعامَ، وقَصمَلَه، وقَصْبَله: إِذا أكلَه أجْمَع.

(بَاب الْقَاف وَالسِّين)
(ق س)
(قسطس) : قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} (الْإِسْرَاء: 35) .
قَالَ اللَّيْث: القِسطاس والقُسطاس لُغة، وَهُوَ أَقوم الموازين. وَبَعْضهمْ يفسّره الشاهين.
وَقَالَ الزّجاج: قيل للقسطاس: القَرَسْطُون، وَقيل: هُوَ القبّان.
قَالَ: والقِسْطاس هُوَ مِيزان العَدْل، أيَّ ميزانٍ كَانَ مِن مَوَازِين الدَّرَاهِم وَغَيرهَا.
قَالَ: وهما لُغتان: قُسْطاس وَقِسْطاس.
(وَقَالَ عديّ:
فِي حَدِيد القِسطاسِ يرقبني الحا
رسُ والمرءُ كلَّ شَيْء يلاقي
أُراه أَرَادَ حَدِيد القَبَّان) .
(قسطنس) : وَقَالَ اللَّيْث: القُسْطَناس (والقُسْنَطاسُ) : صَلاية الطّيب والقُسْطَنَاسُ: صلاية العَطّار.
وَقَالَ الْخَلِيل: قُسْطَناس: اسْم شجرٍ، وَهُوَ من الْخُماسيّ المترادف، وَأَصله قَسْطَنَس) . وَأنْشد:

كالقَسْطناسِ (عَلاها الورس) والجَسَدُ

وَقَالَ ابْن الأعرابيّ نَحوه. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: قسطناس أَصله قسطنس، فمدَّ بِأَلف كَمَا مدُّوا عضرفوط بِالْوَاو، وَالْأَصْل عضرفط.
(قسطر) : وَقَالَ اللَّيْث: القَسْطَريّ: الجِهْبِذ بلغَة أهل الشَّام، وهم القَساطرة.
وَأنْشد:
دنانيرُنا مِن قَرْنِ ثَوْرٍ وَلم تكُن
مِن الذَّهب المضروبِ عِنْد القَساطرة
وَيُقَال أَيْضا للْوَاحِد: قَسْطَر وقِسْطار. والقَسْطَرِيّ أَيْضا: الجَسيم.
(قسطن) : وَقَالَ اللَّيْث: القُسْطانيّة: نُدْأة قَوس قُزَح، أَي: عِوَجُه.
وَأنْشد:
ونُؤيٍ كقُسْطانية الدّجْنِ مُلْبَدِ

(9/290)


ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: القُسْطالَة: قوسُ قُزَح، وَهِي القُسْطانة.
(قسطل) : وَقَالَ اللَّيْث: القَسْطل: الغُبار الساطع، وَهُوَ القَسْطلان.
قَالَ: والقَسْطلانيّ: قُطُفٌ منسوبة إِلَى عَامل أَو بَلَد، الْوَاحِدَة قَسْطلانية.
وَأنْشد:
كأنّ عَلَيْهَا القَسْطلانيّ مُخْملاً
إِذا مَا اتَّقَت شَفَّانَهُ بالمناكِبِ
(قسطن) : وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القَسْطان والكَسْطان: الغُبار، وَأنْشد:
تُثيرُ قسْطان غُبارٍ ذِي رَهَجْ
قَالَ: وَهُوَ القَسْطَل والكَسْطل: لِلغُبار.
(قرطس) : وَقَالَ اللَّيْث: القِرْطاس مَعْرُوف يُتخذ مِن بَرْديَ يكون بِمصْر.
قَالَ: وكلُّ أدِيم يُنصَب للنّضالِ فاسمُه قِرْطاس، فإِذا أَصَابَهُ الرَّامي بسَهْمِه، قيل: قَرْطَس. والرَّمْية الَّتِي تُصيب مُقَرْطِسة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال لِلْجَارِيَةِ الْبَيْضَاء المَديدة الْقَامَة قِرطاس.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال لجَمل الآدمِ: قِرْطاس.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: القِرْطاس: الصَّحيفة، وَهُوَ القَرْطَس.
وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {فِى قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} (الْأَنْعَام: 7) .
وَقَالَ غَيره: دَابَّة قِرطاسيّ: إِذا كَانَ أبيَض اللَّون لَا يخالط لونَه شية، فَإِذا ضَرب بياضُه إِلَى الصُفْرة فَهُوَ نرجِسيّ.
(قردس) : وَقَالَ اللَّيْث: قُرْدُوس: اسمُ أبي حَيَ مِن أَحيَاء الْعَرَب، وهم مِن اليَمَن، فُلانٌ القُرْدُوسيّ.
(قدس) : قَالَ: والقُدْمُوس: الْملك الضّخم. والقُدْمُوسة: الصَّخْرَة الْعَظِيمَة.
وَأنْشد:
ابنَا نزارٍ أحَلاَّني بمنزلةٍ
فِي رأسِ أرْعَنَ عادِيّ القَدامِيس
أَبُو عبيد: القُدْمُوس: القَديم.
(دنقس) : وَقَالَ اللَّيْث: الدَّنقَسَة: تَطأطُؤ الرَّأْس. وَأنْشد:
إِذا رَآنِي مِن بَعيدٍ دَنْقَسا
قَالَ: والدَّنْقَسة: خَفْض الْبَصَر.
وَأنْشد:
يُدَنْقِسُ العَيْنَ إِذا مَا نَظَرا
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم والإيادي عَن شمر، كِلَاهُمَا لأبي عبيدٍ فِي بَاب الْعين: دَنْقَسَ الرجلُ دَنْقَسة وطَرْفَشَ طَرْفَشةً: إِذا نظر وكَسَر عينه.
وَقَالَ شمر: إنّما هُوَ دَنْفَش بِالْفَاءِ والشين.
وروى ثعلبٌ عَن سَلمَة عَن الْفراء: الدَّنقَشة: الْفساد. رَوَاهُ فِي حُرُوف شينية مثل: الدهْفَشة والعكبشة والخنبشة، وَرَوَاهُ

(9/291)


بِالْقَافِ.
وَأَخْبرنِي الْإِيَادِي لأبي عبيدٍ عَن الْأمَوِي: المدَنقِسُ: المُفْسِد. وَقد دَنْقَسْتُ بَينهم: أفسدْتُ.
قَالَ أَبُو بكر: ورأيتُه فِي نُسْخَة غَيْرِي دنقشت بَينهم: أفسدت. والمدنقِش: المُفْسد.
وَكَانَ فِي نُسْخَة أبي بكر بِالسِّين.
قلت: وَالصَّوَاب عِنْدِي بِالْقَافِ والشين.
(قندس) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: قَندَسَ الرجلُ: إِذا تَابَ بعد مَعْصِيَته.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: قَنْدَسَ فلانٌ فِي الأَرْض قَنْدسة: إِذا ذهب على وَجهه سارِباً فِي الأَرْض. 5 وَأنْشد:
وقندسْتَ فِي الأَرْض العريضة تَبتغي
بهَا مَلَسي فَكنت شَرّ مُقَنْدِسِ
(سندق) : وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ الْفراء: سُنْدوق وصُنْدوق، وَيجمع صَناديق وسَناديقِ.
(دمقس) : وَقَالُوا للإِبْرَيْسَم: دِمَقْسِ ودِقَمْس. وَأنْشد:
وشَحْمٍ كهُدّاب الدَّمَقْسِ المفتَّلِ
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الدِمَقْس مِن الْكَتَّان.
وَقَالَ: دِمَقْس ومِدَقس مقلوب.
وَقَالَ غَيره: الدّمَقْس: الدِّيباج، وَيُقَال: هُوَ الْحَرِير. وَيُقَال: الإبرَيْسَم.
ورَوى أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الدَّمَقْص: القزّ بالصَّاد.
(مستق) : ورُوِي عَن عمر أنَّه كَانَ يُصَلِّي ويداه فِي مُسْتُقه.
قَالَ أَبُو عبيد: المَسَاتق: فِراءٌ طِوال الأكمام، وَاحِدهَا مُستَقة، وأصلُها بِالْفَارِسِيَّةِ مُشْتَة فعُرِّب.
قلت: والفُسْتُقة أَيْضا فارسية معرّبة، وَهِي ثمرةُ شجرةٍ مَعْرُوفَة.
وَقَالَ شمر: يُقَال: مُسْتُفة ومُسْتَقَة.
وَعَن أنس رَضِي الله عَنهُ، (أَن ملك الرُّوم أهْدى إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُسْتُقةً من سُندسٍ فلبِسها رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فكأنّي أنظُر إِلَى يَديهَا تذبذِبان، فبعثَ بهَا إِلَى جَعْفَر، وَقَالَ: ابعثْ بهَا إِلَى أَخِيك النَّجاشيّ) .
وَأنْشد:
إِذا لبِسَتْ مساتقَها غنيٌّ
فيا ويحَ المساتقِ مَا لَقِينا
قَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: هُوَ فروٌ طويلُ الْكمّ، وَكَذَلِكَ قَالَ الأصمعيّ، قَالَ النَّضر: هِيَ الجُبة الواسعة.
(سنسق) : قَالَ المبرِّد: رُوِيَ أنّ خَالِد بن صَفْوَان دخلَ على يزِيد بن المهلَّب وَهُوَ يتغدَّى فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَان، الغَداء. فَقَالَ: يَا أَيهَا الْأَمِير، لقد أكلتُ أَكلَة لستُ ناسيها، أتيتُ ضيعتي إيان الْعِمَارَة،

(9/292)


فجلتُ فِيهَا جَوْلَة، ثمَّ ملتُ إِلَى غرفةٍ هفهافةٍ تخترقها الرياحُ، فُرِشتْ أرضُها بالرّياحين، من بَين ضَيمُرانٍ نافح، وسنسقٍ فائح، وأتيتُ بخُبز أرزٍ كَأَنَّهُ قطع العقيق، وسمك بَنَاني بيض البطونِ سود الْمُتُون عِراض السُّرر غِلاظ القَصَر، ودُقَّة وخلَ ومُرِّي.
قَالَ المبرّد: السَّنْسَق: صِغار الآس. والدُّقَّة: المِلْح. والرَّند: الآسُ على دحنة.
(سردق) : وَقَول الله جلّ وَعز: {أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} (الْكَهْف: 29) ، فِي صفة النَّار أعاذنا الله مِنْهَا.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: صَار عَلَيْهِم سرادِقٌ مِن العَذاب.
قَالَ: والسُّرادِق: كلُّ مَا أَحاط بِشَيْء نَحْو الشُّقّة فِي المضْرِب، أَو الْحَائِط الْمُشْتَمل على الشَّيْء.
وَقَالَ بعض أهل التَّفْسِير فِي قَوْله جلّ وعزّ: {) وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ} (الْوَاقِعَة: 43) ، هُوَ سُرادق أهلِ النَّار.
وَقَالَ اللَّيْث: يُجمع السُّرادِق سُرادِقات. وَبَيت مُسَرْدَق، وَهُوَ أَن يكون أَعْلَاهُ وأسفله مسدوداً كُله.
وَأنْشد قَول الْأَعْشَى:
هُوَ المدخِلُ النُعمانَ بَيْتا سَماؤه
نحورُ الفُيول بعد بَيْتٍ مُسَرْدَق
وَيُقَال للغُبار الساطع والدُّخان الشاخص المحيطِ بالشَّيء: سُرادِق.
وَقَالَ لبيدٌ يصف عَيْراً يطرد أتُنَه:
رَفَعْنَ سُرادِقاً فِي يومِ رِيح
يصفِّق بَين مَيْلٍ واعتدالِ
وَقَالَ ابْن السكّيت: هُوَ الرُّسْداق، والرُّزْداق، وَلَا تَقل رُسْتاق وكلُّ صفٍ رَستَقٌ ورَزْدقٌ.
(سرقن) : السِّرقِين معرَّب، أَصله سِرْجين.
(قنسر) : وَقَالَ اللَّيْث: قِنَّسْرين: كورة من كُوَر الشَّام.
قَالَ: ورجلٌ قِنَّسْر وقِنَّسْرى: إِذا أَتَى عَلَيْهِ الدهرُ. وَأنْشد:
أطَرَباً وأنتَ قِنَّسْرِيُّ
وَيُقَال للشَّيْخ إِذا وَلّى وعَسَا: قد قَنْسَره الدَّهْر، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
وقَنْسَرَتْه أمورٌ فاقْسَأَنّ لَهَا
وَقد حَنَى ظَهره دهْرٌ وَقد كَبرا
(نقرس) : وَقَالَ اللَّيْث: النِقْرِس: داءٌ يَأْخُذ فِي المَفاصل والنّقرس: الدّاهية من الأدِلاء، يُقَال: دليلٌ نِقْرِس ونَقرِيس.
وَأنْشد أَبُو عبيد:

(9/293)


وَقد أكون مرّةَ نطِّيسا
صَبّاً بأَدواء النّسا نِقْرِيسا
وَقَالَ المتلمِّس:
يُخشَى عَلَيْك من الحِباءِ النِّقْرسُ
يُخَاطب طرفَة أَنه يخْشَى عَلَيْهِ من الحباء الَّذِي كتب لَهُ بِهِ النِّقرس، وَهُوَ الْهَلَاك والدَّاهية الْعَظِيمَة.
وبخطّ أبي الْهَيْثَم: النّقرس: الداهية. قَالَ: ورجلٌ نِقْرسٌ، أَي: داهية.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّقاريس: أَشْيَاء تتخذها الْمَرْأَة على صَنْعة الْورْد يغَرِّزنها فِي رؤوسهن وَأنْشد:
فحلِّيتِ من خَزَ وبَزَ وقِرْمِز
ومِن صَنْعة الدُّنيا عَلَيْك النقارسُ
قَالَ: وَاحِدهَا نقْريس.
(قرنس) : أَبُو عبيد: القُرْناس: شِبه الْأنف مِن الجَبَل. وَأنْشد لمَالِك بن خَالِد الهذليّ يصف الوعل:
دون السَّمَاء لَهُ فِي الجوِّ قُرْناسُ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: القِرْناس بِكَسْر الْقَاف: أنف الجَبَل. قَالَ: والقِرْناس: عِرْناس المغْزَل.
قلت: وَهُوَ صِنارته. وَيُقَال لأنف الْجَبَل: عِرناسٌ أَيْضا.
(قربس) : وَقَالَ اللَّيْث: القَرَبُوس: حِنْو السَّرْج وجمعُه قَرابيس.
قَالَ: وَبَعض أهل الشَّام (يَقُول) قَرَبُّوس مثقّل الرَّاء، وَهُوَ خطأ، ثمَّ يجمعونه على قَرَابيس وَهُوَ أشدُّ خطأ.
قلت: وللسرج قَرَبوسان، فأَما القربوس المقدَّم فَفِيهِ العَضُدان وهما رِجلا السَّرْج.
وَيُقَال لَهما: صِنْواه، وَمَا قُدَّام القَرَبُوسَيْن من فَضْلة دَفَّة السَّرْج، يُقَال لَهُ: الدَّرْوَاسيج، وَمَا تَحت قُدَّام القَرَبُوس فِي الدّفة يُقَال لَهُ الأبراز.
والقربوس الآخر فِيهِ رِجْلا المؤخرة وهما صِنْواه. والقَيْقَبُ: سيرٌ يَدورُ على القَرَبوسَيْن كليهمَا.
(قسبر) : (وَمن أسماءِ الذّكر: القُسبُرِي والقُزْبري) .
ومِن أَسمَاء الْعَصَا: القِسْبار، والقِشبار.
وَأنْشد أَبُو زيد:

(9/294)


لَا يَلتَوِي من الوَبِيل القِشْبَارْ
وإنْ تَهَرَّاهُ بهَا العَبْد الهارْ
(قبرس) : وَقَالَ اللَّيْث: القُبَرُس: من النّحاس أجوَدُه. وَفِي ثغور الشَّام موضعٌ يُقَال لَهُ قُبْرُس.
(قرقس) : وَقَالَ اللَّيْث: القَرَقُوس: القُفُّ الصُّلْب.
وَقَالَ شمر: قَالَ الْفراء: أرضٌ قَرَقُوس وقاعٌ قَرَقُوس: إِذا كَانَت ملساء مستوية.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: القَرَقُوس: القاع فِي الأملَس الغليظ الأجرد الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء، وَرُبمَا نبع فِيهِ مَاء، وَلكنه محتَرِق خَبِيث، إِنَّمَا هُوَ مِثل قِطعةٍ من النَّار، وَيكون مرتفعاً مطمئناً، وَهِي أرضٌ مسحورةٌ خبيثة.
قلت: من سحرها أَيبَس الله نَبْتَها ومَنَعَه.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: وادٍ قَرَقٌ وقَرْقَر وقَرْقُوس، أَي: أملس. والقَرَق: الْمصدر.
وَأنْشد:
تَرَبَّعتْ مِن صُلْب رَهْبَى أنَقا
ظواهراً مَرّاً ومَرّاً غَدَقا
وَمن قَياقي الصُّوَّتين قِيَقا
صُهْباً وقُرياناً تُنَاصِي قَرَقَا
وَقَالَ أَبُو نصر: القَرَق: شَبيه بالمصدَر، ويُروَى على وجهينِ: قَرِق وقَرَق.
وَقَالَ الْفراء: هُوَ القِرْقِس للجِرْجِس، شِبْه البَقّ.
وَأنْشد:
فليتَ الأفاعي تعضَضْنَنا
مَكانَ البراغيث والقِرْقِسِ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أشْلَيْتُ الْكَلْب، وقرقَسْت بِهِ: إِذا دعوتَه.
(سمقر) : أَبُو عَمْرو: يومٌ مسمقرُّ: شَدِيد الحرّ. وَقد اسمقرَّ اسمقراراً. وَكَذَلِكَ يَوْم صَيخود.
(بستق) : وقدِم أعرابيٌّ من نجدٍ فَقَالَ:
سقَى نجداً وساكِنَه هزيمٌ
حثيث الوَدْق منسكبٌ يمانِ
بلادٌ لَا يحَسُّ البَقُّ فِيهَا
وَلَا يُدرى بهَا مَا البَسْتَقَاني
وَلم يَستَبَّ ساكنُها عِشاءً
بكَشْخانٍ وَلَا بالقَرْطَبانِ
قيل: البَسْتَقان: صاحبُ الْبُسْتَان، وَقيل: هُوَ النّاطور.
(سملق) (1: شمر عَن أبي عَمْرو: السَّمْلَق: الأَرْض المستوية.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: السَّمْلق: القاعُ المستوِي الأجرَد لَا شجر فِيهِ، وَهُوَ القَرِق.
(صملق) : (وَقَالَ ابْن الدُّقَيْش: صَمْلَق. يُقَال: تركتُه بقاعٍ صَمْلَق.
وَأنْشد قَول رؤبة:

(9/295)


ومخفقٍ أطرافُه فِي مَخْفَق
أخْوَق من ذَاك الْبعيد الأخْوَق
إِذا انفأتْ أجوافُه عَن صَمْلَقِ
مَرْتٍ كجِلد الصَّرصَران الأمْهَق) 1)

عَمْرو عَن أَبِيه يُقَال للعجوز: سَمْلَق وشَمْلَق.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّمْلَقة: الْمَرْأَة الرَّديئَة فِي البضْع. وعجوزٌ سَمْلَق: سَيِّئة الخُلُق.
وَقَالَ ابْن السكّيت: السَّمْلقة: الْمَرْأَة الَّتِي لَا إسكَتَانِ لَهَا.
(قسمل) : وَقَالَ اللَّيْث: القَسامِلة: حيٌّ من اليَمَن، وَالنِّسْبَة إِلَيْهِم قَسْمَلِيّ.
(قلمس) : أَبُو عبيد عَن الْفراء: القَلَمَّس: الْبَحْر.
وأنشدنا:
فصَبّحتْ قَلَمَّساً هَموما
شمر: القَلَمّس من الرَّكايا: الْكَثِيرَة المَاء.
يُقَال: إِنَّهَا لقَلَمّسة المَاء، أَي: كَثِيرَة المَاء لَا تُنزَح. وَرجل قَلَمَّسٌ: إِذا كَانَ كثير الْخَيْر والعطيّة.
وَقَالَ اللَّيْث: القَلمَّس: الرجل الداهية الْمُنكر الْبعيد الغَور. وَكَانَ القَلَمَّس الكِنانيُّ مِن نَسَأة الشُّهور فِي الْجَاهِلِيَّة، فَأبْطل الله النسيءَ بقوله: {إِنَّمَا النَّسِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءُ زِيَادَةٌ فِى الْكُفْرِ} (التَّوْبَة: 37) .
(انقلس) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الشِّلْق: الأنكليس. وَمرَّة قَالَ: الأنقليس، وَهُوَ السَّمك الجِزّيّ والجِرّيت.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ بِفَتْح الْألف وَاللَّام، وَمِنْهُم من يكسر الْألف وَاللَّام، وَهُوَ سمكةٌ على خِلْقَة حيّة.
قلت: أَرَاهَا معرّبة، وَالله أعلم.
(سفسق) : أَبُو عبيد: سَفاسِق السَّيف: طرائقه الَّتِي يُقَال لَهَا الفِرِنْد.
وَقَالَ اللَّيْث: الْوَاحِدَة مِنْهَا سِفسِقة، وَهِي شُطْبة السَّيف كأَنها عمودٌ فِي مَتْنه كالخَيط.
وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ مَا بَين الشُّطْبتين على صَفحة السَّيْف طولا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: سَفْسَقَ الطَّائِر: إِذا رَمَى بسَلْحِه.
وَعَن أبي عُثْمَان النّهدي عَن ابْن مَسْعُود وَزعم أَنه كَانَ يُجالسه بالكوة إِذْ سَفسَق على رَأسه عُصْفُور، ثمَّ قذف رابطته فنكتَه بِيَدِهِ. سَفسَق: رمَى بذَرْقه، فنكتَه، أَي: رمَى بِهِ الأَرْض.
عَمْرو عَن أَبِيه: فِيهِ سُفْسُوقة من أَبِيه ودُبَّة، أَي: شَبَه.
(والسَّفسوقة: المحجَّة الْوَاضِحَة) .
(سمسق) : قَالَ: والسَّمْسَق: الياسَمين.

(9/296)


وَقَالَ اللَّيْث: سِمْسِق.
(رستق) : وَكَانَ الفرّاء يَقُول للَّذي يَقُول لَهُ النَّاس: الرُّسْتاق: الرُزْداق، وَالَّذِي يَقُولُونَ لَهُ: الرَّسْتَق وَهُوَ الصَّفّ: رَزْدَق. وَهَذَا كلّه دخيل.
(والسِّرْقين معرّب، وَيُقَال لَهُ سِرجين) .
(قلنس) : أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: القُلَنْسِية وَجَمعهَا قَلانِس، والقُلَيْسِية وجمعُها قَلاسي. وَقد تقَلْنَسْت وتقلْسَيْت.
قَالَ: وَيُقَال: قَلَنْسُوَة وقَلانِس.
(سقدد) : عَمْرو عَن أَبِيه: السُّقدُد: الفَرَس المضمَّر.
(سلقد) : وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السِّلقِد: الضاوي المهزول.
وَمِنْه قَول ابْن مِعْيَرِ: خرجتُ أسَلْقِد فَرَسي، أَي: أضمِّره.
(قنسط) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القُنْسَطِيط: شَجَرَة مَعْرُوفَة.

(بَاب الْقَاف وَالزَّاي)
(ق ز)
(قرمز) : وَقَالَ اللَّيْث: قِرمِز: صبْغ أرمَنيٌّ أَحْمَر يُقَال: إنَّه من عُصارة دودٍ يكون فِي آجامهم) .
أنْشد شمر لبَعض الْأَعْرَاب:
جَاءَ من الدَهْنا ومِن آرابِه لَا يَأْكُل القِرماز فِي صِنَابِه وَلَا شواءَ الرُّغْفِ معْ جُوذا بِه إلاّ بقايا فضلِ مَا يؤتَى بِهِ مِن اليرابيع ومِن ضِبابِه أَرَادَ بالقِرماز: الْخُبْز المحوَّر؛ وَهُوَ مُعرب.
(قرزم) : شمر عَن ابْن الأعرابيّ: القُرزُوم بِالْقَافِ: الْخَشَبَة الَّتِي يَحْذو عَلَيْهَا الحَذّاء، وجمعُها قَرازيم.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: هُوَ الفُرزوم، بِالْفَاءِ.
وَفِي شعر الطرماح فِي نعت النِّسَاء:
إِلَى الْأَبْطَال من سبأَ تنمَّتْ
مناسبُ مِنْهُ غير مُقَرزماتِ
أَي: غير لئيماتٍ، من القرزوم.
وكتبتُ من خطّ الإياديِّ فِي صفة النَّعل: القُرزوم بِالْقَافِ: خشبةُ الحذّاء.
وَهَذَا حُجّة لقَوْل ابْن الأعرابيّ. وهما لُغَتَانِ.
(زندق) : وَقَالَ اللَّيْث: الزِّنديق مَعْرُوف. وزندقتُه أنَّه لَا يُؤمن بِالآخِرَة وأنَّ الله وَاحِد.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: لَيْسَ زنديق ول ا

(9/297)


فِرْزيق من كَلَام الْعَرَب.
ثمَّ قَالَ: ولكنَّ البياذقة هم الرجَّالة.
قَالَ: وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب زِنديق، وَإِنَّمَا تَقول الْعَرَب: رجل زَندق وزَنْدَقى: إِذا كانَ شَدِيد الْبُخْل. فَإِذا أَرَادَت العربُ معنى مَا تَقول العامّة قَالُوا: مُلحِد ودَهريٌّ.
فَإِذا أَرَادوا معنى السنّ قَالُوا دُهريّ.
قَالَ: وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: الْهَاء فِي زنادقة وفرازنة، عوضٌ من الياءَ فِي زنديق وفِرْزين.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الزِّنديق: فارسيٌّ مُعرب، كأَنَّ أَصله عِنْده زَنْدَه، أَي: يَقُول بدوام بقاءَ الدَّهْر.
(قرزل) : وَقَالَ اللَّيْث: القُرزُل شَيْئَانِ: أَحدهمَا اسْم فرس كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة، وشيءٌ تتَّخذه الْمَرْأَة فَوق رَأسهَا كالقُنزُعة.
يُقَال: قَرزَلَتِ الْمَرْأَة شعرهَا: إِذا جَمعتْه وسطَ رَأسهَا.
عَمْرو عَن أَبِيه: القُرْزُل: القَيْد.
وَقيل لفرس عَامر بن الطُّفَيْل قُرْزُل، كأَنه قَيْدٌ للوحش يَلحَقُها.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قُرزُل كَانَت للطُّفيل أبي عَامر بن الطُّفيل العامريّ. قَالَ: وَهُوَ الفَرَس الْمُجْتَمع الخَلْق الشَّديد الأسْر.
(زبرق) : وَقَالَ اللَّيْث: الزِّبْرِقان: لَيْلَة خَمْس عشرَة من الشَّهْر؛ يُقَال: لَيْلَة الزِّبرقان. وأمّا لَيْلَة الْبَدْر فَهِيَ لَيْلَة أربعَ عشرَة.
وَقَالَ غَيره: الزِّبرقان: الرجل الْخَفِيف اللِّحْيَة. وَالزِّبرقان: الْقَمَر. وَقد زبرق ثَوْبه: إِذا صَفَّره.
وَقيل: إنّ الزِّبرقان بن بدرٍ سمّي بصُفرةِ عمَامَته؛ واسْمه حُصَين.
(قزبر) : وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للذكَر القَزْبرُ والفَيْخَرُ والجُردَان والعُجَارم والمتْمَئِرُّ.
(برزق) : وَقَالَ ابْن السّكيت: البِرْزِيق: جماعةُ خيل دونَ الموكِب.
وَقَالَ زِيَاد: هَذِه البرازيق الَّتِي تتردَّد.
وروى أَبُو عبيد عَن حجَّاج عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن حُمَيد قَالَ: كَانَ يُقَال: لَا تَقوم السَّاعَة حَتَّى يكون النَّاس برَازيق.
قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي جماعات.
قَالَ: وأنشدنا ابنُ الْكَلْبِيّ:
يَظَلّ جيادُه متمطّرات
بَرازيقاً تُصبِّح أَو تُغيرُ
وَقَالَ اللَّيْث: البَرْزَق: نَبَات.
قلت: هَذَا منكرٌ وَأرَاهُ البَرْوَق فغُيِّر.
(زرقم) : أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: وَمِمَّا زادوا فِيهِ الْمِيم: رَحل زُرْقُم للأزرق.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا اشتدَّت زُرقة عين الْمَرْأَة، قيل: إِنَّهَا لزَرقاء زُرْقم.
وَقَالَ بعض الْعَرَب: زَرْقاءُ زُرْقم، بِيَدَيْهَا ترقُم، تحتَ القُمْقم.

(9/298)


(قمرز) : اللحيانيّ: رجلٌ قُمَّرِزٌ، أَي: قصير، وَهُوَ على بِنَاء الهُمَّقِع، وَهُوَ جَنَى التّنْضُب.
(زرمق) : وَجَاء فِي الحَدِيث: أَنَّ مُوسَى كَانَت عَلَيْهِ زُرْمانِقة: صُوف لمّا قَالَ لَهُ ربه: {رَّحِيمٌ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءٍ فِى تِسْعِ} (النَّمْل: 12) .
قَالَ أَبُو عبيد: زُرمانِقة: جُبَّة صوف.
قلت: وَهُوَ مُعرب.
(زملق) : وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال: رجل زُمَّلِق وزُمَلِق، أَي: شَكَّازٌ يُنزل إِذا حدَّثَ الْمَرْأَة مِن غير جماع.
وَأنْشد:
يُدْعَى الجُلَيدَ وَهُوَ فِينا زُمَّلِقْ
كذنب الْعَقْرَب شَوّالٌ غَلِقْ
وأنشده الْفراء:
إنَّ الجُليد زَلِقٌ وزُمَّلقْ
جَاءَت بِهِ عَنْسٌ مِن الشَّام تَلِقْ
بتَشْديد الْمِيم.
وَسمعت شُقَيراً السعديّ يَقُول للغلام النّزِّ الْخَفِيف: زُملُوق وزُمَالق: لَا يكَاد يدرِكه طالبُه لخفَّته فِي عَدْوِه.
وَقَالَ اللَّيْث: الزُّمَلِق: الْخَفِيف الطيّاش.
(زلقم) : ثَعْلَب عَن أبي نصر عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: مِقَمّة الشَّاة، وَمِنْهُم من يَقُول مَقَمّة، وَهِي مِن الكَلْب الزُّلْقوم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: زُلْقوم الفِيل: خُرطومُه.
(قلزم) : والقَلزَمة: ابتلاع الشَّيْء. يُقَال: تقلزَمه: إِذا التَهَمه. وسمِّي بَحر القُلزُم قلزُماً لالتهامِه مَن رَكبه، وَهُوَ الْمَكَان الَّذِي غرق فِيهِ فرعونُ وَآله.
زرنق (زنقر) : قَالَ اللَّيْث: الزُّرنُوق ظَرْفٌ يُستقى بِهِ المَاء.
قلت: لم يعرف اللّيث تَفْسِير الزرنوق فغيّره تخميناً وحَدْساً.
وروى أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ وَقَالَ: الزرنُوقان: حائطان يُبنيان على رَأس الْبِئْر من جانبيها، وتُعْرض عَلَيْهِمَا خَشَبَة ثمَّ تُعلَّق مِنْهَا البكرة فيُستقى بهَا وَهِي الزرانيق.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الزرْنقة على وُجُوه:
فالزرْنقة: الحُسن التَّام.
ابْن الأنباريّ: تزرنق فِي الثِّيَاب: إِذا لبسَها.
وَأنْشد:
ويُصبح مِنْهَا اليومَ فِي ثوب حائضٍ
كثير بِهِ نَضْحُ الدِّماءِ مزرنقا
قَالَ اللِّحيانيّ: مَا كَانَ من الْأَسْمَاء على فعلول فَهُوَ مضموم الأول، مثل بُهلول وقرقُور، إِلَّا أحرفاً جَاءَت نَوَادِر مِنْهَا بِالضَّمِّ وَالْفَتْح، يُقَال لحيَ من الْيمن صَعفوق.

(9/299)


قَالَ: وَيُقَال: زَرنوق وذُربوق، لبناءين على شَفير الْبِئْر. وَيُقَال: تركتُهم فِي بُعكوكة الْقَوْم وبُعكوكة الشرّ، وَهِي وسطُه.
والزرْنقة: السَّقْي بالزرنوق.
قَالَ: والزرْنقة: الزِّيَادَة، يُقَال: لَا يُزَرْنقك أحدٌ على فضل زيد.
وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: (لَا أدَع الحَجَّ وَلَو تزرنقتُ) ، قيل: مَعْنَاهُ: وَلَو استقَيتُ بِالْأَجْرِ. وَقيل: وَلَو تعيَّنْتُ عِينة للزاد وَالرَّاحِلَة.
وَرُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: أَنَّهَا كَانَت تَأْخُذ الزرنَقة، فَقيل لَهَا: أتأخذين الزرنقةَ وعطاؤكِ من قِبَل مُعَاوِيَة عشرَة آلَاف دِرْهَم كل سنة؟ فَقَالَت: سمعتُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (مَن كَانَ عَلَيْهِ دَينٌ وَفِي نِيَّته أَدَاؤُهُ كَانَ فِي عَون الله) ، فأحببتُ أَن آخذ الشَّيْء يكون فِي نيَّتي أَدَاؤُهُ فَأَكُون فِي عَون الله.
ورُوي عَن عِكْرِمَة أَنه قيل لَهُ: الجُنُب يغتَمِس فِي الزرنوق يُجزئه من غُسل الْجَنَابَة؟ قَالَ: نعم.
قَالَ شمر: الزرنوق: النَّهر الصَّغِير هَا هُنَا.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي قَوْله: لَا أدع الحجَّ وَلَو تزرنَقْت.
قَالَ: وَيَقُول: وَلَو تعيّنْتُ. والزرنقة: العِينة.
والزنقِير قَالُوا: هُوَ قُلامَة الظُّفر، وَيُقَال لَهُ: الزنجير، وَكِلَاهُمَا دخيلان. وَيُقَال: للزِّرنيخ: زِرْنيق وهما دخيلان أَيْضا.
وَقَالَ الشَّاعِر:
معنَّز الْوَجْه فِي عِرنينه شَمَمٌ
كَأَنَّمَا لِيطَ ناباه بزِرنيق
(زنبق) : عَمْرو عَن أَبِيه: الزَنْبق: الزمَّارة.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الزنْبق: المِزْمار.
وَقَالَ المعلوط:
وحنّتْ بِقاع الشامِ حَتَّى كَأَنَّمَا
لأصواتها فِي منزل الْقَوْم زَنبقُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أمُّ زَنْبق مِن كُنى الْخمر، وَهِي أمّ ليلى، وَهِي الزَّرْقَاء والصِّنديد.
قلت: وَأهل الْعرَاق يَقُولُونَ لدهن الياسَمين: دهن الزنبَق.
(زفلق) : وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الزرْفَقة: السُّرعة وَكَذَلِكَ الزفْلَقة.
(قرزم) : وَقَالَ: القُرْزُم: سِندانُ الحَدَّاد.
وَيُقَال: هُوَ يُزرق فِي أَمر فلانٍ، أَي: يخف ويُسرع فِيهِ.

(بَاب الْقَاف والطاء)
(ق ط)
(قنطر) : قَالَ الله جلّ وَعز: {وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ} (آل عمرَان: 14) .

(9/300)


حَدثنِي المنذريّ عَن أبي بكر الخطَّابي عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَاصِم عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (القنطار: اثْنَا عشر ألف أُوقِيَّة، وَالْأُوقِية خيرٌ مِمَّا بَين السماءِ وَالْأَرْض) .
قَالَ: وحَدثني أَحمد بن عَليّ بن مَرْوَان الحنّاط عَن عَليّ بن حَرْب عَن حَفْص بن عُمير بن حَكِيم عَن عُمر بن قيس المُلائي عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَن قَرَأَ أَرْبَعمِائَة آيَة كُتب لَهُ قِنطار؛ القنطار مائَة مِثْقَال، المثقال عشرُون قيراطاً، القيراط مثل أُحُد) .
قَالَ: وَأَخْبرنِي الغَسَّانيّ عَن سَلمَة عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: القناطير وَاحِدهَا قِنْطَار.
قَالَ: وَلَا تَجِد الْعَرَب تعرِف وَزنه، وَلَا واحدَ لَهُ من نَفسه، يَقُولُونَ: هُوَ قَدْر وزن مَسْكِ ثورٍ ذَهَبا. والمقنطَرة مُفَنْعلة مِن لَفظه، أَي: مُتَمَّمة، كَمَا قَالُوا: أَلفٌ مؤلَّفة: متمَّمة.
قَالَ: وَأَخْبرنِي أَبُو طَالب عَن أَبِيه عَن الْفراء قَالَ: وَاحِد القناطير قِنْطَار، وَيُقَال: إِنه مِلء مَسْك ثَوْر ذَهَبا أَو فضَّة. وَيجوز القناطر فِي الْكَلَام. والقنطرة تِسْعَة والقناطير ثَلَاثَة. وَمعنى المقنطرة المضعَّفة.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: اخْتلف النَّاس فِي القنطار مَا هُوَ؟ فَقَالَت طَائِفَة: مائَة أُوقِيَّة من ذهب. وَقيل: مائَة أُوقِيَّة من الْفضة. وَقل: ألف أُوقِيَّة من الذَّهَب، وَقيل: ألف أُوقِيَّة من الْفضة. وَقيل: ملْء مَسْك ثورٍ ذَهَبا، وَيُقَال: مِلْء مَسْك ثورٍ فضَّة. وَقيل: أَرْبَعَة آلَاف دِينَار. وَقيل: أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم.
قَالَ: والمعمول عَلَيْهِ عِنْد الْعَرَب الْأَكْثَر أَنه أَرْبَعَة آلَاف دِينَار. فَإِذا قَالُوا مقنطَرة فمعناها ثَلَاثَة أدوار: دَوْرٌ ودَوْرٌ وَدَوْر، فمحصولها اثْنَا عشر ألف دِينَار.
وَقَالَ اللَّيْث: القنطرة مَعْرُوفَة.
قلت: هُوَ أزَج يُبنى بالآجُرّ أَو بِالْحِجَارَةِ على المَاء يُعبَر عَلَيْهِ.
قَالَ طرفَة:
كقنطرة الرُّومي أقسَم ربُّها
لتُكتَنَفَنْ حتّى تُشادَ بقَرمَدِ
وَقَالَ أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: جَاءَ فلانٌ بالقِنطر، وَهِي الداهية.
وَأنْشد شمر:
وكلّ امرىء لاقٍ من الدَّهر قِنطِرا
وأنشدني مُحَمَّد بن إِسْحَاق السَّعْدِيّ:

(9/301)


لَعَمرِي لقد لَاقَى الطُّلَيْلِي قِنطراً
من الدَّهر إنَّ الدَّهْر جَمٌ قناطِرُهْ
أَي: دواهيه. وَبَنُو قنْطُور هم التُرْك.
ورُوي عَن حُذَيْفَة أَنه قَالَ: يُوشك بَنو قَنطور أَن يُخرجوا أهلَ الْبَصْرَة مِنْهَا، كأنِّي بهم خُزْرَ الْعُيُون عِراض الْوُجُوه.
قَالَ: وَيُقَال: إِن قَنطوراء كَانَت جَارِيَة لإِبْرَاهِيم فولدتْ لَهُ أَوْلَادًا، والتُرك من نَسلِها.
قطرب: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القُطْرُبُ: دويْبَّة. قَالَ: والقُطْرب: اللِّصّ الفارِه فِي اللُّصوصية. والقطرب: الذِّئْب الأمْعط. والقُطْرَب: الْجَاهِل الَّذِي يَظهر بجهله. والقُطرب: الجبان وَإِن كَانَ عَاقِلا. والقطرب: السَّفِيه. والقطرب: المصروع من لَممٍ أَو مِرار، وجمعُها كلُّها قطارِيب.
وَقَالَ عبد الله بن مَسْعُود: لَا أعرِفنَّ أحدَكم. جِيفَةَ ليل قُطربَ نَهَار.
وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال: إِن القطرب دوْيبَّة لَا تستريح نهارَها سَعْياً، فَشبه عبد الله الرجل يَسعَى نهارَه فِي حوائج دُنْيَاهُ فَإِذا أمْسَى أَمْسَى كالاًّ مُزْحِفاً فينامُ ليلته حَتَّى يصبح بِمثل ذَلِك فَهَذَا جِيفة ليلٍ قُطرب نَهَار.
وَقَالَ اللَّيْث: القُطْرب: الذَّكر من السَّعَالي.
قرطب: عَمْرو عَن أَبِيه: قَرطَبَ الرجل: إِذا عَدَا عَدْواً شَدِيدا.
وَأنْشد:
إِذا رَآنِي قد أتيت قَرطَباً
وجالَ فِي جِحاشِهِ وطَرْطَبا
والطَرطبة: دعاءُ الحُمُر.
أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي: طَعَنه فقرطَبَه وقَحْطَبَه: إِذا صَرَعَه.
وأمَّا القَرطَبانُ الَّذِي يَقُوله الْعَامَّة للَّذي لَا غَيرةَ لَهُ فَهُوَ مغيَّرٌ عَن وَجهه.
وروى ثَعْلَب عَن أبي نصر عَن الْأَصْمَعِي، قَالَ: الكلبتَان مَأْخُوذ من الكَلْب، وَهُوَ القيادة، وَالتَّاء وَالنُّون زائدتان. قَالَ: وَهَذِه اللَّفْظَة هِيَ الْقَدِيمَة عَن الْعَرَب.
قَالَ: وغيّرتها الْعَامَّة الأولى، فَقَالَت: القَلْطَبان، وَجَاءَت عامةٌ سُفْلَى فغيَّرت على الأولى فَقَالَت: القَرطَبان.
وأمَّا قَول أبي وجزة السعديّ:
والضَّربُ قَرْطَبةٌ بِكُل مهنَّدٍ
تَرَك المداوِسُ مَتنه مَصقولا
وَقَالَ أَبُو عبيد عَن الْفراء: قرطبته: إِذا صرعتَه، والقُرطبيّ: السَّيف.
وَأنْشد أَبُو تُرَاب فِي كتاب (الاعتقاب) بَيْتا لِابْنِ الصَّامت الجُشَمِي:
رفَوْني وَقَالُوا لَا تُرَعْ يَابْنَ صامتٍ
فظَلْتُ أناديهمْ بثَدْيٍ مجدَّدِ

(9/302)


وَمَا كنت مغترّاً بأصحابِ عامِرٍ
مَعَ القُرطبَي تبّتْ بقائمة يَدِي
قَالَ: القُرطُبَى: السَّيْف.
قلت: كَأَنَّهُ من قَرْطَبَة: إِذا قَطَعَه.
بطرق: وَقَالَ اللَّيْث: البطْريق: بلغَة أهل الشَّام وَالروم هُوَ الْقَائِد، وجمعُه بَطارقة.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: البِطْرِيقان: اللَّذَان على ظَهر القَدَم من الشِّراك.
(قبطر) : أَبُو عبيد: القُبْطُري: ثيابٌ بيض.
وَأنْشد:
كأنَّ لونَ القِهْزِ فِي خُصورها
والقُبطُريّ البِيض فِي تأزيرها
قمطر: قَالَ اللَّيْث: القِمَطْرِ: جَمَلٌ قويّ ضَخْم.
وَقَالَ حُميد بن ثَوْر:
قِمَطْرٌ يَلوح الوَدْعُ تَحت لَبانه
إِذا أرْزمَتْ من تَحْتَهُ الرِّيحُ أرْزَما
قَالَ: والقِمَطْرة: شِبه سَفَطٍ يُسَفُّ من قَصَب.
وَقَالَ شمر: رجل قَمِطْر: قصير.
وَأنْشد أَبُو بكر الإياديُّ لعُجَيْر السَّلوليّ:
قِمَطْرٌ كحُوَّاز الدَّحاريج أبْتَرُ
وَقَالَ اللِّحياني: قَمْطَرْتُ القِرْبة: إِذا ملأتَها. وقَمْطَر فلانٌ العَدْوَ قَمْطَرَةً: إِذا هَرَب. وقَمْطَر فلانٌ جاريتَه قَمْطَرةً: إِذا جامَعَها. وكلبٌ قِمَطر الرِّجل: كَأَن بِهِ عُقَّالاً من اعوجاج ساقَيه.
وَقَالَ الطرماحُ وَذكر كَلْبا:
مُعيدٌ قِمطرُ الرِّجْل مُخْتَلف الشَّبا
شَرَنْبَثُ شوكِ الكفِّ شَثْنُ البَراثن
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً} (الْإِنْسَان: 10) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: يَوْم قَمطريرٌ ويومٌ قُماطِر: إِذا كَانَ شَدِيدا غليظاً.
وَجَاء فِي التَّفْسِير أَن معنى قَوْله {عَبُوساً} يعبِّس الْوَجْه فَيجمع مَا بَين الْعَينَيْنِ. وَهَذَا سَائِغ فِي اللُّغَة. يُقَال: اقمطَرَّت الناقةُ: إِذا رفعتْ ذنَبَها وجَمَعَتْ قَطْرِنها وزَمَّت بأَنْفها.
أَبُو عبيد: قَمَطرِير: مقبَّض مَا بَين الْعَينَيْنِ وَقد اقمَطرَّ.
وَقَالَ اللَّيْث: شرٌّ قماطر وقِمْطِر.
وَأنْشد:
وكنتُ إِذا قومٌ رَمَوْني رميتُهمْ
بمُسقِطة الأحمالِ فقماءَ قِمْطرِ
وَيُقَال: اقمطرَّت عَلَيْهِ الْحِجَارَة، أَي: تراكمت وأظلّت.
وَقَالَت خنساءُ تصف قَبْراً فَقَالَت:
مُقْمَطِرّات وأحجارُ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُقْمَطَرّ: الْمُنْتَشِر.
وَأنْشد غَيره:

(9/303)


قد جعلَتْ شَبْوةُ تزبئرُّ
تكسو استَها لَحْمًا وتقمطرُّ
وَمن الأحاجي الَّتِي رُوِيتْ عَن الْعَرَب: مَا أبيَضُ شَطْراً، أسوَدُ ظَهْراً، يمشي قِمَطْراً، وَيبُول قَطْراً؟ وَهُوَ القُنفذُ.
يمشي قِمَطراً، أَي: مجتمعاً. وكل شيءٍ قَمطَرتَه فقد جمعتَه) .
قرمط: قَالَ اللَّيْث: القَرْمطة: دِقَّة الْكتاب وتَداني الْحُرُوف والسُّطور، وَكَذَلِكَ القَرمطة فِي مَشي القَطُوف.
وَقَالَ أَبُو زيد: قَرْمَط الْكَاتِب: إِذْ قارَبَ بَين كِتَابَته. وقرمط البعيرُ: إِذا قاربَ خُطاه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لدُحْروجة الجُعَل القُرْمُوطة.
قَالَ: وَقَالَ أعرابيٌّ: جَاءَنَا فِي نِخافَينِ ملكمين فَقَّاعِيَّين مُقَرطَمين. قَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي قَوْله: ملكَّمين: جَوانبهما رِقاع، فكأَنّه يَلْكُم بهما الأَرْض. وَقَوله: فَقّاعِيين: يَصِرَّان. وَقَوله: مقرطَمَين: لَهما مِنقاران.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القُرمُوط مِن ثمَرَ الغَضا. كالرمَّان، يشبّه بِهِ بالثَّدْي. وَأنْشد هَذَا الشّعْر فِي صفة جَارِيَة نَهَد ثَدْياها:
وبُنْشِز جَيْبَ الدِّرعِ عَنْهَا إِذا مَشتْ
خَمِيلٌ كقُرموط الغضا الخَضِل النَدِي
قَالَ: يَعْنِي ثدييها. وَيُقَال: اقرمَّط الرجل اقْرِمَّاطاً: إِذا غَضِب وتقبَّض. وَأنْشد لزيد الْخَيل:
إِذا اقرمَّطَتْ يَوْمًا مِن الفَزَع المَطِي
قلت أَنا: قُرمُوط الغضا: زهرُه الْأَحْمَر يَحكي لونُه لونَ نُور الرّمان أوَّلَ مَا يخرج.
(قرطم) : وَقَالَ اللَّيْث: القِرطِم: ثمرَ العُصْفُر.
أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: هُوَ القُرطُم والقِرطِم.
(طمرق طرمق) : وَقَالَ اللَّيْث: الطُّمْرُوق اسمٌ من أسماءِ الخُشَّاف. وَقَالَ ابْن دُرَيد: الطُّرموق: الخُفّاش.
قَالَ: وقُرْمُود: ثَمرَ الغَضَا.
(قطمر) : وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الحرّاني عَن ابْن السكّيت قَالَ: القِطْمير: القِشرة الرَّقيقة الَّتِي على النَّواة.
وَأَخْبرنِي عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أنّه قَالَ فِي القطمير نَحوه، وَهِي لِفافةُ النَّوَى.
(قرطل) : وَفِي بعض نسخ (كتاب اللَّيْث) :

(9/304)


القِرطالة البَرْذَعة، وَكَذَلِكَ القِرطاط والقِرطِيط.
(قرطف) : والقَرْطَف: قطيفةٌ مُخْملة. وَأنْشد غَيره:
بأَن كذب القراطف والقُروف
(قرطب) : والمقرطب: الغضْبان. وَأنْشد:
إِذا رَآنِي قد أتَيتُ قَرْطبا
وجال فِي جحاشِه وطرطَبا

(بَاب الْقَاف وَالدَّال)
(ق د)
قرمد: قَالَ اللَّيْث: القَرمَد: كلُّ شَيْء يُطلَى بِهِ للزِّينة نَحْو الجِصّ. حتَّى يُقَال: ثوب مُقرمَد بالزَّعفران والطِّيب، أَي: مَطْليّ. قَالَ: والقرميد اسْم الإردبِّة.
وَقَالَ الأصمعيّ فِي قَوْله:
يَنْفي القراميدَ عَنْهَا الأعصَمُ الوَعِلُ
قَالَ: القَراميد فِي كَلَام أهل الشَّام آجُرّ الحمّامات. وَقيل: هِيَ بالرومية قِرْمِيدَى.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لطوابيق الدَّار: القَراميد، وَاحِدهَا قِرْمِيد.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عمرٍ ووابنُ الأعرابيّ: القَرمَد: الصُّخور.
وَقَالَ العَدَبَّس الكِنانيّ: القَرْمَدَ: حجارةٌ لَهَا نَخارِيبُ، وَهِي خُرُوق، يُوقَد عَلَيْهَا حتّى إِذا نَضِجَتْ قُرْمِدَتْ بهَا الحِياض. وَقَالَ النَّابِغَة يصف الرَّكَب:
رابِي المَجَسّةِ بالعَبير مُقَرْمَدِ
وَقَالَ بَعضهم: المقرمَد: المطليّ بالزَّعفران. وَقيل: المقرمَد: المُضَيَّق. وَقيل: المقرمَد: المُشْرِف.
وَقَالَ يَعْقُوب فِي قَول الطرماح:
حرَجاً كمِجدل هاجريّ لزَّه
تذواب طبخ أطيمة لَا تخمدُ
قُدِرت على مُثُلٍ فهنّ توائم
شَتّى يلائم بينهنّ القَرمدُ

وَقَالَ: القَرمد: خزف يطْبخ. والحرَج: الطَّوِيلَة. والأطيمة: الأَتون، وَأَرَادَ تذواب طبخ الآخر.
(قردم) : وَقَالَ شمر: فِيمَا قرأتُ بخطّه: القَرْدُمانيّة، قَالَ بَعضهم: سِلاحٌ كَانَت الأكاسرة تدّخِرُها فِي خزائنها، يسمُّونه كَرْدماند، أَي: عُمل وَبَقِي.
قلت: وَهَذَا حَكَاهُ أَبُو عبيدٍ عَن الأصمعيّ. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أرَاهُ فارسية. وأنشدَ بَيت لبيد:
فَحْمةً ذَفْراءَ تُرْتَى بالعُرَى
قُرْدُمانيّاً وتَرْكاً كالبَصَلْ
وَيُقَال: القُردُمانية: الدُّروع الغليظة مِثل الثَّوْب الكُردُوانيّ. وَيُقَال: هُوَ المِغفَر.

(9/305)


وَقَالَ بَعضهم: إِذا كَانَ للبيضة مِغْفَر فَهِيَ قُردُمانيّة.
(درقل) : أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: الدِّرَقْلُ: ثيابٌ.
قَالَ شمِر: لم أسمَع الدِّرَقْل إلاّ هُنَا.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ الغَنَويّ يَقُول: دَرْقَلَ القومُ دَرقلةً ودرقَعُوا دَرْقعةً، إِذا مَرُّوا مَرّاً سَرِيعا.
(دردق) : وَقَالَ اللَّيْث: الدَّرْدَق: والجمِيعُ الدَّرادِق: صغارُ الْإِبِل والناسِ. قَالَ الْأَعْشَى:
يَهَب الجِلَّةَ الجراجرَ كالبُ
ستانِ تَحْنو لِدَرْدَقٍ أطفالِ
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّرْداق: دَكٌّ صَغِير. وَأنْشد غَيره للأعشى:
وتَعادَى عَنهُ النَّهارَ تُواري
هِ عِراضُ الرِّمال والدَّرْدَاقُ
قلت أَنا: الدَّرْدَاق: حِبال صغارٌ مِن حِبال الرملِ الْعَظِيمَة.
(دلقم) : أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: الدِّلْقِم: النَّاقة الَّتِي قد تَكسَّر فُوها وسال مرْغُها.
(دملق) : أَبُو عَمْرو: المُدَمْلَق: الأملس الصُلْب. يُقَال: دَمْلَقَه ودمْلَكَه: إِذا مَلَّسَه وسَوَّاه.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: حَجَر دُمَلِقٌّ دُمالِق مُدَمْلَق دُمْلوق، وَهُوَ الشَّديد الاستدارة. وَأنْشد:
وعَضَّ بالناسِ زَمَانٌ عارِقٌ
يَرفَضُّ مِنْهُ الحَجَر الدُّمالِق
شمِر عَن أبي خيرة: الدُّمْلُوق: الحجَر الأملَسَ مِلءُ الكَفِّ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الْوَاحِد دُماليق، وَجمعه دَمالِيق. قَالَ: وَرجل دُمالق الرَّأْس: محلُوقَة.
(قندل) : ثعلبٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَنْدَل الرجل: ضَخُم رأسُه. وصَنْدَل البعيرُ: ضَخُم رَأسه.
قَالَ: والقَنْدَويل: الطَّويل القَفا.
وَقَالَ أَبُو زيد: إنَّ فلَانا لقَنْدَل الرَّأْس، وصندل الرَّأْس وَهُوَ الْعَظِيم الرَّأْس.
وَقَالَ اللَّيْث: القَنْدَل: الضخم الرَّأْس من الْإِبِل، وَكَذَلِكَ هُوَ مِن الدوابّ.
الْأَصْمَعِي: مَرَّ الرجل مُسَنْدِلاً ومَقُنْدِلاً، وَذَلِكَ استرخاءٌ فِي الْمَشْي.
(بندق فندق) : وَقَالَ اللَّيْث: البُنْدُق: الْوَاحِدَة بُندقة وَهُوَ الَّذِي يُرمَى بِهِ. قَالَ: والفُندق: حَمل شَجَرَة مدحرج كالبُندق يُكسَر عَن لبَ كالفُسْتُق. قَالَ: والفُندق أَيْضا بلغَة أهل الشَّام خانٌ من هَذِه الْخَانَات الَّتِي يَنزلها النَّاس ممّا يكون فِي

(9/306)


الطُّرْق والمدائن.
سَلمَة عَن الْفراء: سمعتُ أعرابيّاً من قُضاعة يَقُول: فُنْتُق للفُنْدُق، وَهُوَ الخان.
وَقَالَ اللَّيْث: الفُنْداق هُوَ صحيفَة الْحساب.
قلت: أَحْسبهُ معرباً.
(درمق) : والدَرْمَقُ: لُغَة فِي الدَرْمَك، وَهُوَ الدَّقِيق المحوَّر. وَذكر عَن خَالِد بن صَفوان أنَّه وصف الدِّرْهَم فَقَالَ: يُطعِم الدَّرْمَق، وَيكسر النَّرْمَق، أَرَادَ بالنَّرْمَق اللِّين، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ نَرْم.
(قندد) : وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القِنْديد: الخمرُ.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الوَرْسُ الجيِّد. وَأنْشد:
كأنَّها فِي سَيَاعِ الدَّنِّ قِنْدِيدُ
(قفند) : قَالَ: والقَفَنَّد: الشَّديد الرَّأْس.
(قردن) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: خُذْ بقَرْدَنِه وبكَرْدَنه وبكَرْدِه، أَي: بقفاه.
(نقرد) : وَقَالَ اللَّيْث: النِّقْرِد: الكَرَوْيا.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التِّقْدة: الكُزبرة. والنِّقدة: الكرويا.
قلت: وَهَذَا صَحِيح. وَأما النِّقْرِد فَلَا أعرفهُ فِي كَلَام الْعَرَب وَقد ذكره الدِّينَوريَّ.
(فرقد) : الفرقدان: نَجمان فِي السَّمَاء لَا يَغْرُبان، ولكنَّهما يطوفان بالجَدْي، وَرُبمَا قَالَت الْعَرَب لَهما الفَرْقَد.
قَالَ لبيد:
حالَفَ الفَرْقَدُ شركا فِي الهُدَى
خُلَّةً بَاقِيَة دونَ الخُلَل
أَبُو عبيد: الفَرْقَد: ولد الْبَقَرَة. وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ الفُرْقُود. وَأنْشد:
وليلةٍ خامِدَةٍ خُموداً
طَخْياء تُعْشِي الجَدْيَ والفُرْقُودا
(قرمد) : وَقَالَ شمر: قَالَ الْأَخْفَش: القَرامِيد: أَوْلَاد الوُعُول، وَاحِدهَا قُرْمُود.
(فقدد) : عَمْرو عَن أَبِيه: الفُقْدُ: نَبيذ الكَشُوث.
(قندد) : والقِنْدِ: حالُ الرجل. والقِنديد: الْخمر.
قَالَ: والقِنْدَأْو: السيِّىءَ الخُلُق والغِذاء. وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ أَبُو زيد: القِنْدَأْو: الْقصير من الرِّجَال، وهم قِنْدَأْوُون. والسِّنْدأْوُ: الفَسِيح من الْإِبِل فِي مَشيه، والجمعَ السِنْدَأْوُون.

(بَاب الْقَاف وَالتَّاء)
ق ت)
(ترنق) : شمِر: التَّرْنُوق: الطين الَّذِي يَرْسُب فِي مَسايِل الْمِيَاه. وَقَالَ أَبُو عبيد: تُرْنوق المَسِيل بِضَم التَاء، وهما لُغَتان.
(قربت) : وَقَالَ اللِّحياني: يُقَال لقَرَبُوس السَّرْجِ قَرَبُوت.

(9/307)


(بَاب الْقَاف والذال)
ق ذ)
(مذقر ذمقر) : فِي حَدِيث عبد الله بن خَبَّاب أنَّه لما قَتَله الْخَوَارِج بالنَّهْروان سَالَ دَمُه فِي النَّهر فَمَا امذَقَرَّ وَمَا اختَلَط. قَالَ الرَّاوِي: فأتبعتُه بَصرِي كَأَنَّهُ شِراكٌ أَحمر. قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ: أنّه امتزجَ بِالْمَاءِ. وَقَالَ شمر: الامذِقْرَار أنَّه يجْتَمع الدَّم ثمَّ يَنْقَطِع قِطَعاً وَلَا يَختلط بِالْمَاءِ.
يَقُول: فَلم يكن كَذَلِك، ولكنَّه سالَ وامتَزَج. قَالَ شمر: وَقَالَ أَبُو النَّضر هَاشم بن الْقَاسِم: معنى قَوْله: فَمَا امذَقرَّ دَمُه، أَي: لم يتفرق وَلَا اختلَط.
قلت: وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَالدَّلِيل على ذَلِك قَوْله: رأيتُ دمَه مِثل الشِّراك فِي المَاء، أَرَادَ أَنه بَقيَ فِي المَاء كالطَّريقة غير مختلطة بِالْمَاءِ. وَرَوَاهُ بَعضهم: فَمَا ابذَقَرَّ دَمُه، وَهِي لُغَة، مَعْنَاهُ مَا تفرَّق. وَلَا تمذَّرَ مثله، وَمِنْه قَوْلهم: تَفَرَّق القومُ شَذَر مَذَر. وَالدَّلِيل على صِحَة هَذَا القَوْل مَا رَوَاهُ أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: إِذا انْقَطع اللبنُ فَصَارَ اللَّبن نَاحيَة وَالْمَاء نَاحيَة فَهُوَ ممذقِر.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المُمَذْقر: اللَّبن الَّذِي تَفَلَّقَ شَيْئا، فَإِذا مُخِض اسْتَوَى.
وَقَالَ الْفراء: امذَقَرَّ اللبنُ واذمَقرّ: إِذا تَفَلَقَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: لبنٌ مُمْذَقِرٌّ: إِذا تقطَّعَ حَمْضاً.
(قلذمها) : وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: القَلَيْذِمَ: الْبِئْر الْكَثِيرَة المَاء. وَأنْشد:
إنَّ لنا قَلَيْذَماً قدُوما
يزيدها مَخْج الدِّلا جُمُوما
(قنفذ) : وَقَالَ اللَّيْث: الْقُنْفُذ مَعْرُوف، وَالْأُنْثَى قنفذة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للشجرة إِذا كَانَت فِي وسط الرّملة القُنْفُذة والقُنفُذ. وَيُقَال للموضع الَّذِي دون القَمَحْدوَة: القُنْفُذة. وَيُقَال للرجل النمّام: مَا هُوَ إلاّ قنفُذ ليل، وأنْقَد ليل.

(بَاب الْقَاف والثاء)
ق ث)
(قمثل) : أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: القميثل: الرجل الْقَبِيح المِشية) .
(قنثل) : الْأَصْمَعِي: القَنثَلة أَن يَنْبُثَ الترابَ إِذا مَشى؛ (و) هُوَ مُقَنْثِل.
قلت: وَقَالَ غَيره: هُوَ النّقْثَلة أَيْضا، حَكَاهُ اللحياني، كأَنه مقلوب.
(بلثق) : أَبُو عبيد: البلاثقّ: المَاء الْكثير.

(9/308)


وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
بَلاثِق خُضْراً مَاؤهنَّ فَضيضُ
(قثرد) : عَمْرو عَن أَبِيه: القِثْرِد: قُماش الْبَيْت.
وَقَالَ غَيره: هُوَ القثرد والقُثارِد، وَهُوَ القَرْبَشُوش.
(ذملق) : الذَّمْلَق: الرجلُ المَلاَّذ.
(وَفِي (النَّوَادِر) : رجل ذمَلَّقُ الْوَجْه: مُحَدَّدُه)
(الفالوذ) : ابْن السّكيت: لَا يُقَال الفالوذج، وَقل هُوَ الفالوذق والفالوذ.
قَالَه ابْن الْأَعرَابِي.
(ثفرق) : وروى مُجَاهِد أنَّه قَالَ فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَءَاتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (الْأَنْعَام: 141) ، قَالَ: يُلقَى لَهُم مِن الثَّفَارِيق وَالتَّمْر.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: العُنْقُود إِذا أُكِل مَا عَلَيْهِ فَهُوَ ثُفْرُوق وعُمْشُوش، وَأَرَادَ مُجَاهِد بالثفاريق العناقيد تُخرط ممَّا عَلَيْهَا فيَبقَى عَلَيْهَا التَّمرة وَالتَّمْرَتَانِ والثّلاث، يُخطئها المِخلب، فتلقَى للْمَسَاكِين.
وَقَالَ اللَّيْث: الثُّفْروق: غِلافُ مَا بَين النَّوى والقِمَع.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الثُّفْروق: قِمَع البُسْرة والتُّمْرة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ العَدَبّسُ: الثُّفروق: هُوَ مَا يلتزق بِهِ القِمع من التمرة.

(بَاب الْقَاف وَالرَّاء)
ق ر)
(برقل) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي. بَرْقَل الرجُل: إِذا كَذَب.
(قرمل) : وَالْعرب تَقول للرجل الذَّلِيل يَعوذُ بِمن هُوَ أضْعَفُ من ذلِيلٌ عاذ بقَرْمَلة.
قَالَ: والقَرْمَلةُ مِن دِقّ الشّجر لَا أصلَ لَهُ. وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
يَخْبطْن مُلاَّحاً كذاوِي القَرْمَلِ
وَقَالَ اللحياني: هِيَ شَجَرَة مِن الحَمض ضَعِيفَة لَا ذَرَى لَهَا وَلَا سُتْرَةَ وَلَا مَلجأ.
وَقَالَ اللَّيْث: القَرامِيل مِن الشَّعَر وَالصُّوف: مَا تَصِل بِهِ المرأةُ شَعرها. والقَرْمَلِيّة: إبِلٌ كلُّها ذُو سَنامَيْن.
عَمْرو عَن أَبِيه: القِرْمِلِيّ: الجَمَل الصَّغِير.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي مِثلَه.
وأَخبرني الإياديّ عَن شمر أنَّه قَالَ: القِرْمِليَّة من الْإِبِل: الصِّغار الْكَثِيرَة الأوبار، وَهِي إبِل التُّرك.
وَقَالَ أَبُو الدُقيش: أمُّها البُختِيَّة، وأبوها الفالِج.

(9/309)


(قرنفل) : وَقَالَ اللَّيْث: القَرَنْفُل: حَمل شجرةٍ هنديّة. وطِيبٌ مُقَرْفَل: فِيهِ قَرَنْفُل. وجائزٌ للشاعر أَن يَقُول قَرَنْفُول. وَأنْشد:
خُودٌ أناةٌ كالمَهاة عُطْبولْ
كأَنَّ فِي أنيابها القَرَنْفولْ
(قنبر) : وَقَالَ اللَّيْث: القُنْبُر: ضَربٌ من الحُمَّر. قَالَ: ودَجاجة قُنبُرانيَّة، وَهِي الَّتِي على رَأسهَا قُنبرة، أَي: فضلُ رِيشِ قَائِم مثل مَا على رَأس القُنْبر.
وَقَالَ أَبُو الدُقيش: قُنبُرْتها الَّتِي على رَأسهَا.
وَقَالَ: القُنْبر: نَبَات يسمِّيهِ أهل الْعرَاق البَقْر فيُمْشِي كدواء المَشي.
(فَنقرَ) : وَقَالَ اللَّيْث: الفُنقُورة: ثَقب الفَقْحة.
(فرنق) : اللَّيْث: فُرانِق: دخيلٌ معرّب.
وَقَالَ ابْن دُرَيد: فُرانِق البَريد فَرْوانَه.
(قرنب) : أَبُو عبيد: القَرَنْبَى: وجعَلَه مِن بابِ فَعَنْلَلَ مُعْتَلًّا.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: هِيَ دُوَيْبّةٌ شِبه الخُنْفَساء طَوِيلَة الرجْل. وَأنْشد لجرير:
تَرى التّيْمِيَّ يَزْحَفُ كالقَرَنْبى
إِلَى تَيْمِيَّةٍ كعَصَا المَلِيلِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القُرْنُب: الخاصرة المسترخية.
(قرقب) : قَالَ: والقُرْقُبُ: البَطْن.
(نمرق) : وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: { (مَّوْضُوعَةٌ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ} (الغاشية: 15) : هِيَ الوسائد، وَاحِدهَا نُمرُقَة.
قَالَ: وسمعتُ بعضَ كلبٍ يَقُول: نِمْرِقة، بِالْكَسْرِ.
(نرمق) : وَقَالَ اللَّيْث فِي قَول رؤبة:
أَعَدَّ أخطَالاً لَهُ ونَرْمَقَا
النَرْمَق فارسيٌّ مُعرب، لأنَّه لَيْسَ فِي الْكَلَام كلمةٌ صَدْرُها نونٌ أصليَّة.
وَقَالَ غَيره: مَعْنَاهُ: نَرْم، وَهُوَ الليِّن.
(قرقف) : أَبُو عبيد: القَرْقَف: اسمُ الخَمْرِ. وَأنكر قَول من يَقُول: إِنَّهَا تُقرقِفُ، أَي: تُرعِد الناسَ.
وَقَالَ اللَّيْث: القَرقَف: اسْم للخمر، ويوصف بِهِ المَاء الباردُ ذُو الصَفاء. وَقَالَ الفرزدق:
وَلَا زادَ إلاَّ فَضْلتان سُلافةٌ
وأَبيَضُ مِن ماءِ الغمامة قَرْقَفُ
أَرَادَ بِهِ الماءَ.
قلت: قَول اللَّيْث: إنَّه يوصَف بالقَرْقف الماءُ الْبَارِد وَهْم، وأوهَمَه بَيت الفرزدق.
وَفِي الْبَيْت تَأْخِير أُرِيد بِهِ التَّقْدِيم، وَذَلِكَ الَّذِي شَبَّه على اللَّيْث، وَالْمعْنَى: سُلافة قرقف وأبيَضُ من مَاء الغمامة.
وَقَالَ اللَّيْث: يسمّى الدِّرْهَم قُرقُوفاً.
وَقَالَ بعض الْأَعْرَاب فِي أدعيَّةٍ لَهُ: أبيضُ

(9/310)


قُرقُوف، بِلَا شَعْر وَلَا صُوف، فِي كلّ الْبِلَاد يَطُوف، أَرَادَ بِهِ الدِّرهَم الْأَبْيَض.
وَقَالَ شمر: القرقَفة: الرِّعْدة؛ يُقَال: إنِّي لأُقرْقِف من البَرْدِ، أَي: أُرْعَدُ.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سُمِّيت الخمرُ قرقفاً لأنَّه إِذا شربَها شاربُها قَرْقَفَتْه، أَي: أخذَتْه عَلَيْهَا رِعْدة.
وَفِي الحَدِيث: إنّ الرجل إِذا لم يَغَرْ عَلَى أَهله بعثَ الله طائراً يُقَال لَهُ القَرْقَفَنّة، فيقَع على مِشرِيق بَابه، فَلَو رأى الرجالَ مَعَ أهلِه لم يُبصرِهم وَلم يُغَيِّر أَمرهم.
وَقَالَ الْفراء: مِن نَادِر كَلَامهم: القَرْقَفنَّة: الكَمَرَة.
وَقَالَ غَيره: القُرقُف: طيرٌ صغَار كَأَنَّهَا الصِّعاء. قلت: لَا أعرفهُ. وَهُوَ قرقب بِالْبَاء.
(نمرق) : وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: النُّمرُقة والنُّمرق والمِيثَرة: مَا افترشت استُ الراكبِ على الرَّحْل كالمِرفَقة غير أَن مؤخّرها أعظم من مقدّمها وَلها أَرْبَعَة سُيور تُشدّ بآخرة الرَّحْل وواسطِه.
وَأنْشد:
تَضِجُّ من أستاهها النَّمارقُ
مفارِشُ الرِّحال والأيانقُ
(فرقب) : وَقَالَ الْفراء: زهيرٌ الفُرْقبيُّ رجلٌ من أهل الْقُرْآن مَنْسُوب إِلَى فُرقُب.
وَقَالَ اللحياني: ثوب فُرقبيٌّ وثُرقبيٌّ بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: الفُرقبيَّة: ثيابٌ بيضٌ من كَتَّان.
(قرقب) : وَقَالَ اللَّيْث: القُرقب: الصِّغار من الطير نَحْو من الصَّعْو.
قَالَ: والقُرقب: الْبَطن. يُقَال: ألقَى طَعَامه فِي قُرقبِه. وَجمعه القراقب.
عَمْرو عَن أَبِيه: القَرْقبة: صوتُ البَطن: إِذا اشْتَكَى.
(قرقم) : وقُرقم الصبيُّ: إِذا أُسيءَ غذاؤه.

(بَاب الْقَاف وَاللَّام)
ق ل)
(قنقل) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: القَنْقَل: اسْم مِكيال.
(قنبل) : وَقَالَ اللَّيْث: القَنْبَلة: الطَّائِفَة، قَنبلة من الْخَيل، وقَنبلة من النَّاس.
وَأنْشد:
شَذَّبَ عَن عاناته القَنابلا
أثناءَها والرُّبَعَ القُنادِلا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: القُنبُلة: مِصيدَة يُصاد بهَا النُّهَس، وَهُوَ أَبُو بَرَاقش.
وقِدْر قُنْبُلانية: تجمع القَنْبلَة من النَّاس، أَي: الْجَمَاعَة.
قَالَ: وقَنبَل الرجل: إِذا أوقدَ القُنبُل، وَهُوَ شجر.

(9/311)


(قرقم) : أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُقَرقَم: البطيء الشَّبَاب.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الَّذِي أُسيءَ غذاؤه.
وَأنْشد شمر:
أَشْكُو إِلَى الله عِيالاً دَرْدَقا
مُقَرْقَمين وعَجُوزاً سَمْلقا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القِرْقمُ: حَشفة الرجُل. وَأنْشد:
مشغوفةٌ برَهْزِ حَكِّ القِرْقِمِ
وَرَوَاهُ بَعضهم: الفِرقم، وَأَنا لَا أعرفهَا) .
(قرقل) : أَبُو عبيد عَن الأمويّ: هُوَ القَرْقَلُ الَّذِي يُسَمِّيه النَّاس القَرقَر.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: القَرْقل: قَمِيص من قمُص النِّسَاء، بِلَا لَبِنَةٍ، وجمعُه قَراقل.
(قلمون) : وَقَالَ الْفراء: قَلَمون هُوَ فَعَلول مثل قَرَبوس.
قَالَ: وَهُوَ مَوضِع.
وَقَالَ غَيره: أَبُو قلمون: ثوبٌ يتَرَاءَى إِذا قُوبِل بِهِ عينُ الشَّمْس بألوان شتَّى، يعْمل بِبِلَاد يونان.
وَلَا أَدْرِي لم قيل لَهُ ذَلِك. وَقَالَ لي قَائِل سكن مصر: أَبُو قلمون أَصله طَائِر من طير المَاء يتَرَاءَى بألوانٍ شَتَّى، فيشبَّه الثوْب بِهِ. وَقَول الْقَائِل:
بنفسي حاضرٌ ببقيع خَوعَى
وأبياتٌ على القلمون جُونُ
جعل القلمونَ موضعا.
(رزتق) : (اللِّحياني: الرُّزتاق والرُّستاق وَاحِد) (1) .
وَقَالَ الأصمعيّ: اندقرَّ القومُ وابذَعَرُّوا: تفرَّقوا.
بَاب خماسي حرف الْقَاف
أَخْبرنِي المنذريّ عَن أَحْمد بن يحيى أَنه قَالَ: الحُرّ: ابنُ عَربيَّيْن. والفَلَنْقَس: ابْن عربيَّين لأمَتين.
وَقَالَ شمِر: (الفَلَنْقس) : الَّذِي أَبوهُ مولى وأمُّه عَرَبِيَّة.
وَأنكر أَبُو الْهَيْثَم مَا قَالَه شمِر وَقَالَ: الفلنقَس: الَّذِي أَبَوَاهُ عربيان وجَدَّتاه من قبل أَبِيه وأمِّه أَمَتان.
قلت: وَهَذَا قَول أبي زيد قَالَ: هُوَ ابْن عربيَّين لأَمتين.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الَّذِي أمُّه عربيةٌ وَأَبوهُ لَيْسَ بعربيّ.
(القطربوس) : الشَّديد الضَّرب من العقارب. يُقَال: عقربٌ قطربوسٌ. قَالَه أَبُو زيد.

(9/312)


وَأنْشد:
فقرَّبوا لي قطربوساً ضَارِبًا
عقربةً تناهز العقاربا
المازنيّ: القطربوس: النَّاقة السريعة.
قَالَ: وناقة (قَنطَرِيسٌ) : وَهِي الشَّدِيدَة الضخمة.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: (القَنْفَرِش) : الْعَجُوز الْكَبِيرَة.
وَقَالَ شمِر: القنفَرِش: الضخمة من الكَمَر.
وَقَالَ رؤبة:
عَن واسعٍ يذهبُ فِيهِ القَنْفَرِشْ
وَقَالَ آخر فِي صفة الْعَجُوز:
فانية النَّابِ كَزومٌ قنفرِشْ
أَبُو عبيد عَن الأمويّ: (القَفَنْدَر) : الرجُل الضخم الرِّجل.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ الضخم من الْإِبِل، وَيُقَال: الضخم الرَّأْس.
أَبُو عبيد عَن الأمويّ يُقَال للعجين الَّذِي يقطّع ويُعمَل بالزيت (مُشَنَّق) .
قَالَ الْفراء: وَاسم كلِّ قِطْعَة مِنْهُ (فَرَزْدَقة) ، وَجَمعهَا فَرَزْدق.
وَقَالَ شمر: سُمِّي الفرزدقَ لغلظ حروفِ وجهِه، شُبِّه بالعجين الَّذِي يسوَّى مِنْهُ الرَّغِيف.
وَيُقَال للجَردَق الْعَظِيم الحُروف: فرزْدقٌ. وَقَالَ الأصمعيّ: الفرزدق: الفَتوت الَّذِي يفَتُّ من الْخبز الَّذِي تشربُه النِّسَاء.
اللَّيْث: (ادْرنفَقَ) ، أَي: اقتحمَ قدُماً. وادرنفَقَت النَّاقة: إِذا تقدَّمت الْإِبِل.
وَقَالَ اللَّيْث: (الجَنْفَلِيق) مِن النِّساء هِيَ الْعَظِيمَة وَكَذَلِكَ الشَّفْشَلِيق.
قلت: مِن الخماسيّ الملحق مَا رَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: (اقرَنْفَطَ) : إِذا تَقبّضَ وَاجْتمعَ. وَأنْشد:
يَا حبّذا مُقْرَنفطُكْ
وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: (المُدْرَنْفَق) : المسرِعُ فِي سَيْرِه.
وَقَالَ اللحياني: ادرنفقَت النَّاقة: إِذا مَضَت فِي السَّيْر وأسْرعَتْ.
قَالَ: و (اسْلَنْقَى) على قفاهُ، وَقد سَلْقَيْتُه على قَفاهُ.
(الدّملقى) : الفصيح اللِّسَان.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {عَلَيْهِم ثِيَاب سندس خضر وإستبرق} (الْإِنْسَان: 21) ، قَالَ: هُوَ الدِّيباج الصفيق الغليظ الحَسَن. قَالَ: وَهُوَ اسمٌ أعجمي أَصله بِالْفَارِسِيَّةِ: استَفْره. قَالَ: ونُقِل من العَجَميَّة إِلَى الْعَرَبيَّة، كَمَا سُمِّي الديباج، وَهُوَ مَنْقُول من الفارسية.
وَقَالَ غَيره: هَذِه حُرُوف عَرَبِيَّة وقَع فِيهَا وِفاقٌ بَين ألفاظها فِي العجمية والعربية. وَهَذَا عِنْدِي هُوَ الصَّوَاب.
أَبُو عبيد عَن أبي عمرٍ و: (المَرْدَقُوش) :

(9/313)


الزَّعفران.
قَالَ ابْن مُقْبل:
يَعْلُون بالمَرْدَقُوش الوَرْدَ ضاحيةً
سَعابيب ماءِ الضالَةِ اللَّجِنِ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: المَرْدَقوش معرَّبٌ مَعْنَاهُ: الليِّن الأُذن.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: (الدُّرْداقِس) : عَظْمٌ يَصل بَين الرّأس والعُنُق كَأَنَّهُ رُومِيٌّ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: (الشِّمشليقُ) من النِّساء: السَّرِيعةُ الْمَشْي الصّخّابة. وَأنْشد:
بضَرّةٍ تَشُلُّ فِي وسيقِها
نئَّاجَة العَدْوةِ شَمْشَلِيقَهَا
صَليبَة الصَّيحة صَهْصَلِيقِها
أَبُو تُرَاب: مَرَّ مَرّاً (دَرَنْفَقا) و (دَلَنْفَقا) ، وَهُوَ مَرٌّ سَريع شبيهٌ بالهَمْلَجة. وَأنْشد قَول عليّ بن شيبَة الغَطَفاني:
فَراحَ يُعاطِينَ مَشْياً دَلَنْفَقا
وهنَّ بعَطفَيه لهنَّ خَبيبُ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِيمَا رَوَى عَنهُ أَبُو تُرَاب أَيْضا: (القَنْدَفِيل) : الضخم.
وَقَالَ المخروع السَّعديّ:
مائرة الضَّبْعين قَنْدَفيلُ
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: (القَنْدَفير) : الْعَجُوز.
قلتُ: وَأَصله عجميٌّ كندبير.
وَفِي (النَّوَادِر) : (القُسْطِبينَة) وَ (القُسْطَبِيلَة) : الكَمَرة.
آخر حرف الْقَاف

(9/314)