تهذيب اللغة (أَبْوَاب الْكَاف وَالرَّاء)
ك ر ل
اسْتعْمل من وجوهه: ركل.
ركل: قَالَ اللَّيْث: الرَّكْلُ: الضَّرْب برجْلٍ وَاحِدَة،
والمرْكلانِ من الدَّابةِ هما موْضِعا القُصْريَيْنِ منَ الجَنْبين،
وَلذَلِك يُقَال: فرسٌ نهدُ المَرَاكلِ، والمركلُ: الرِّجْلُ منَ
الراكبِ.
قَالَ: والتركُّلُ كَمَا يَحفِرُ الحافرُ بالمسِحاةَ إِذْ تركَّلَ
عَلَيْهَا برِجْله.
وَقَالَ الأخطل يصف الْخمر:
(10/107)
رَبَتْ وَربا فِي كَرْمها ابنُ مَدِينَةٍ
يَظَلُّ على مِسحاتِهِ يَتَركلُ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الرَّكلُ: الطِّيطَانُ، وَهُوَ
الكرَّاثُ، وبائعه: رَكالٌ.
ك ر ن
كنر، كرن، نكر، ركن، رنك.
كرن: قَالَ اللَّيْث: الكَرِينَةُ: الضاربة بالصَّنْج، والكِرَانُ:
الصَّنْج.
قَالَ لبيد:
صَعْلٌ كَسَافِلَةِ القَنَاةِ وَظِيفُهُ
وكَأَنَّ جُؤْجُؤه صَفِيحُ كِران
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكَرِينَةُ المُغَنِّيَةُ.
كنر: قَالَ اللَّيْث: الكِنَّارَةُ: الشقة من ثيابُ الكتَّان.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل مثله.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن عَمْرو (إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
أنزلَ الحقَّ ليُذهبَ الباطلَ واللَّعِبَ والزَّمَّارَات والكنّارات) .
قَالَ أَبُو عبيد: الكِنَّاراتُ، اخْتلف فِيهَا فَيُقَال: إِنَّهَا
العيدان الَّتِي يضْرب بهَا، وَيُقَال: هِيَ الدُّفوف.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الكَنانيرُ: وَاحِدهَا
كنَّارةٌ.
قَالَ قومٌ: هِيَ العيدان، وَيُقَال: هِيَ الطنَابير. وَيُقَال:
الطُّبول.
ركن: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلاَ تَرْكَنُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ} (هود: 113) قَرَأَهُ القرّاء
بِفَتْح الْكَاف من ركِن يركَنُ رُكوناً إِذا مَال إِلَى الشَّيْء
واطمأنَّ إِلَيْهِ، ولغة أُخْرَى: رَكَن يركنُ، وَلَيْسَت بفصيحة.
وَقَالَ اللَّيْث: رَكَنَ إِلَى الدُّنْيَا إِذا مَال إِلَيْهَا.
وَكَانَ أَبُو عَمْرو الشَّيْبَانِيّ يُجيزُ: ركَنَ يركَنُ بِفَتْح
الْكَاف من الْمَاضِي والغابر، وَهُوَ خلاف مَا عَلَيْهِ أبنيَةُ
الْأَفْعَال فِي السَّالِم.
وَقَول الله جلّ وعزّ {أَوْ آوِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} (هود: 80) .
أَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الرُّكنُ:
العشيِرَة.
قَالَ: والرُّكنُ: رُكْنُ الْجَبَل وَهُوَ جَانِبه.
قَالَ: والرُّكْنُ: الأمرُ العظيمُ فِي بَيت النَّابِغَة:
لَا تَقْذِفَنِّي برُكْنٍ لَا كفاءَ لَهُ
وَلَو تَأَثَّفَكَ الأعداءُ بالرِّفَدِ
وَقيل فِي قَوْله تَعَالَى: {أَوْ آوِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} إنَّ الرُّكنَ: الْقُوَّة، وَيُقَال
للرجلِ الْكثير العددِ: إِنَّه ليأوِي إِلَى ركن شَدِيد، وَيُقَال
للرجل إِذا كَانَ سَاكِنا وقوراً: إِنَّه لرَكينٌ، وَقد رَكُنَ
رَكَانَةً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الرُّكَيْنُ الجُرَذَ، وَقَالَ
اللَّيْث مثله.
(10/108)
والمرْكَنُ: شبهُ تَوْرٍ من أَدَمٍ أَو
شِبهُ لَقْنٍ، وناقه مُرَكَّنَةُ الضَّرْعِ، وضَرْعٌ مُرَكَّنٌ وَهُوَ
الَّذِي قد انتفخ فِي مَوْضِعه حَتَّى مَلأَ الأرْفاغ وَلَيْسَ بحدًّ
طَوِيل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المِرْكَنُ: الإجَّانَةُ الَّتِي يُغسلُ فِيهَا
الثيابُ وَنَحْوهَا.
وَمِنْه حَدِيث حَمْنَةَ أَنَّهَا كَانَت تجلسُ فِي مِرْكنٍ لأخْتها
زَيْنَب وَهِي مُسْتَحَاضَةٌ.
وَفِي حَدِيث عمر أَنه دخل الشَّام فأتاهُ أُرْكُونُ قريةٍ فَقَالَ: قد
صَنَعْتُ لَك طَعَاما.
رَوَاهُ مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن نافعٍ عَن أسلم.
قَالَ شمر: أُرْكُونُ القريةِ: رئيسها، وفلانٌ ركنٌ من أَرْكَان قومه
أَي شرِيف من أَشْرَافهم.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: يُقَال للعظيم من الدَّهاقِينِ: أُرْكُونٌ.
نكر: قَالَ اللَّيْث: النُّكْرُ: الدَّهاءُ، والنُّكْرُ: نعت
لِلْأَمْرِ الشَّديد، والرجلِ الدَّاهي، تَقول: فَعَلَه من نُكْرِه
ونَكارَته، والنَّكِرَةُ: إنكارُكَ الشيءَ وَهُوَ نقيضُ الْمعرفَة.
وَيُقَال: أَنْكرْتُ الشيءَ وأَنا أُنْكِرُهُ إنكاراً ونكِرْتُه: مثله.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وأَنْكَرَتْنِي وَمَا كَانَ الَّذِي نَكِرَتْ
من الحوادثِ إلاَّ الشَّيْبَ والصَّلَعا
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً}
(هود: 70) .
قَالَ اللَّيْث: وَلَا يسْتَعْمل نَكِرَ فِي غابرٍ وَلَا أمْرٍ وَلَا
نهيٍ.
قَالَ: والاستنكارُ: استفهامُك أمرا تُنْكرُه، وَاللَّازِم من فِعل
النُّكْرِ المُنْكَرِ نَكرَ نَكارَةً.
قَالَ: وامرأَةٌ نكْراءُ، ورجلٌ مُنْكَرٌ: داهٍ، وَلَا يُقَال للرجلِ:
أَنكرُ بِهَذَا المعْنَى.
(قلت) : وَيُقَال: فلانٌ ذُو نَكْرَاءَ إِذا كَانَ داهياً عَاقِلا.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّنَكُّرُ: التّغَيُّر عَن حالٍ تَسُرُّكَ إِلَى
حالٍ تكْرَهُها، والنَّكيرُ: اسمٌ للإنكار الَّذِي مَعْنَاهُ
التَّغْيِير.
قَالَ الله تَعَالَى: {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} (الْملك: 18) أَي
إنكاري.
قَالَ: والنَّكرَةُ اسمٌ لما خرج من الحُوَلاءِ، وَهُوَ الخُرَاجُ من
قَيْحٍ ودَمٍ كالصَّديد وَكَذَلِكَ من الزّجير.
يُقَال: أسْهِلَ فلانٌ نكرَةً ودماً. وَلَيْسَ لَهُ فعلٌ مشتقٌّ،
وجماعةُ الْمُنكر من الرِّجال: مُنكرُونَ وَمن غير ذَلِك يجمع أَيْضا
بِالْمَنَاكِيرِ.
وَقَالَ الأُقَيْبِل القَيْني:
مُسْتَقْبلا صُحُفاً تَدْمِي طوابِعها
وَفِي الصَّحائِف حَيّاتٌ مَنَاكيرُ
وَقَالَ غَيره: المُناكرَة: الْمُحَاربَة، وَيُقَال: فلانٌ يناكرُ
فلَانا، وَبَينهمَا مُناكرةٌ أَي
(10/109)
معاداةٌ وقِتالٌ.
وَقَالَ أَبُو سُفْيَان بن حَرْب: إنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم لم يناكرْ أحدا إِلَّا كَانَت مَعَه الأهوالُ أَرَادَ أَنه كَانَ
منصوراً بالرُّعب.
حَدثنَا عبد الْملك عَن إِبْرَاهِيم بن مَرْزُوق عَن معَاذ بن هاني عَن
شُعْبَة عَن أبان بن ثَعْلَب عَن مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {مِن
صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الاَْصْوَاتِ} (لُقْمَان: 19) قَالَ: أقبح
الْأَصْوَات.
رنك: قَالَ: الرَّانِكيَّةُ: نسبةٌ إِلَى الرَّانِكِ، قَالَ
الْأَزْهَرِي: وَلَا أعرف مَا الرانِك.
ك ر ف
كرف، كفر، فرك، فكر، ركف: (مستعملة) .
كرف: قَالَ اللَّيْث: كرَفَ الحمارُ والبِرْذَوْن يكرِفُ كرفاً وَهُوَ
شَمُّه الْبَوْل وَرَفعه رَأسه حَتَّى تقْلص شفتاه. وَأنْشد:
مشاخساً طَوْراً وطوْراً كارفا
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكرْفىءُ واحدتها: كرْفئةٌ وَهِي
قطعٌ متراكمةٌ من السَّحَاب وَهِي الكرْثىءُ أَيْضا بالثاء.
قَالَ: وَقَالَ الْأَحْمَر: الكرْفِىءُ من الْبَيْضَة قِشْرُها
الْأَعْلَى الَّذِي يُقَال لَهُ: القيض.
كفر: قَالَ اللَّيْث: الْكفْر: نقِيض الْإِيمَان آمَنّا بِاللَّه
وكفرْنا بالطاغُوتِ وَيُقَال لأهل دَارِ الْحَرْب: قد كفَرُوا أَي
عَصوْا وامتنعوا.
قَالَ: وَالْكفْر: كُفرُ النِّعْمَة، وَهُوَ نقيضُ الشُّكْر.
قَالَ: وَإِذا ألجأت مُطيعَك إِلَى أَن يَعْصيكَ فقد أكفَرْتَه.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (قتالُ
الْمُسلم كُفرٌ، وسِبابُه فِسْقٌ) .
قَالَ شمر: قَالَ بعضُ أهلِ الْعلم: الْكفْر على أَرْبَعَة أنحاء: كفر
إنكارٍ، وكفرُ جُحودٍ، وَكفر مُعاندةٍ. وَكفر نفاقٍ. وَمن لِقي رَبَّهُ
بِشَيْء من ذَلِك لم يغْفر لَهُ ويغفرُ مَا دونَ ذَلِك لمن يَشَاء،
فأَما كُفرُ الإنكارِ فَهُوَ أَن يَكفُرَ بقلْبه ولسانِه وَلَا يَعْرفُ
مَا يُذكَر لَهُ من التَّوْحِيد.
وَكَذَلِكَ رُوي فِي تَفْسِير قَوْله جلّ وَعز: {إِنَّ الَّذِينَ
كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ
لاَ يُؤْمِنُونَ} (الْبَقَرَة: 6) ، أَي الَّذين كفرُوا بتوحيد الله.
وَأما كُفرُ الجُحُودِ فأَنْ يعرِفَ بِقَلْبِه وَلَا يُقِرَّ
بِلِسَانِهِ، فَهَذَا كافرٌ جاحِدٌ ككُفر إبليسَ، وَكفر أُمَيَّةَ ابْن
أَبي الصَّلْت.
وَمِنْه قَوْله سُبْحَانَهُ: {فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ
كَفَرُواْ بِهِ} (الْبَقَرَة: 89) يَعْنِي كُفر الجُحود.
(10/110)
وَأما كُفْرُ المعاندة فَهُوَ أَنْ يَعرف
بِقَلْبِه ويَقِرَّ بِلِسَانِهِ، ويأْبَى أَنْ يَقبَل ككفْر أَبي طَالب
حيثُ يَقُول:
وَلَقَد عَلِمْتُ بأَنَّ ديِنَ محمدٍ
مِن خيرِ أَدْيان البَرِيَّة دينَا
لوْلا المَلامةُ أَو حِذارُ مَسَبَّةٍ
لوَجَدْتَنِي سمْحاً بذاكَ مُبينَا
وَأما كُفر النِّفاق فأَن يَكفر بِقَلْبِه ويقِرَّ بِلِسَانِهِ.
وَقَالَ شمر: وَيكون الْكفْر أَيْضا بِمَعْنى البراءَة كَقَوْل الله
جلّ وعزّ حِكَايَة عَن الشَّيْطَان فِي خَطيئته إِذا دخل النَّار
{إِنِّى كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ} (إِبْرَاهِيم: 22)
أَي تبرَّأْتُ.
ورُوي عَن عبد الْملك أنَّهُ كَتب إِلَى سعيد بن جُبَيْرٍ يسأَلُه عَن
الكُفْرِ، فَقَالَ: الْكفْر عَلَى وُجوه، فكفْرٌ هُوَ شِرْكٌ يَتَّخِذُ
مَعَ الله إِلَهًا آخرَ، وكفرٌ بِكِتَاب الله وَرَسُوله، وَكفر
بادِّعاء وَلَدٍ لله، وكفرُ مُدَّعِي الْإِسْلَام، وَهُوَ أَنْ يعملَ
أعمالاً بِغَيْر مَا أنزل الله: يَسْعَى فِي الأرضِ فَسَادًا ويقتُل
نفسا محرَّمةً بِغَيْر حقَ، ثمَّ نَحْو ذَلِك من الْأَعْمَال.
وكفران أَحدهمَا يَكفر بنعمةِ الله، وَالْآخر التَّكْذِيب بِاللَّه.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {إِنَّ الَّذِينَءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ
ثُمَّءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ
يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} (النِّسَاء: 137) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق الزَّجَّاج: قيل فِيهِ غيرُ قَوْلٍ، قَالَ
بَعضهم: يَعْنِي بِهِ اليهودَ لأَنهم آمنُوا بمُوسَى عَلَيْهِ
السَّلَام ثمّ كفرُوا بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام ثمّ ازدَادُوا كفرا
بِكفرِهم بمحمدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وجائزٌ أنْ يَكونَ مُحاربٌ آمن ثمّ كَفَرَ ثمّ
آمنَ ثمّ كَفَرَ.
وَقيل جائزٌ أنْ يَكون منافقٌ أَظْهَر الإيمانَ وأَبطَنَ الكفرَ ثمّ
آمن بَعْدُ ثمّ كفر وازداد كفرا بإقامتِه عَلَى الكُفْرِ.
قَالَ فَإِن قَالَ قائلٌ: إِن الله جلّ وعزّ: لَا يَغْفِرُ كفرَ مرّةٍ
واحدةٍ، فلِمَ قيل هَا هُنَا فِيمَن آمنَ ثمَّ كفر ثمّ آمن ثمَّ كفر:
{لَّمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} وَمَا الفائدةُ فِي هَذَا؟
فَالْجَوَاب فِي هَذَا وَالله أعلم أَن اللَّهَ يغْفر للْكَافِرِ إِذا
آمَنَ بَعْدَ كفرِه، فإِن كَفَرَ بعد إيمَانه لمْ يَغفر الله لَهُ
الْكفْر الأوَّل، لأنّ اللَّه جلّ وعزّ يَقبل التَّوبة، فَإِذا كفر
بَعْد إيمانٍ قبلَه كفر فَهُوَ مُطالَبٌ بِجَمِيعِ كفرِه، وَلَا يجوزُ
أنْ يكونَ إِذا آمنَ بعد ذَلِك لَا يُغفَر لَهُ، لأنّ الله يَغفرُ
لكلِّ مُؤمن بعد كفره.
وَالدَّلِيل على ذَلِك قولُه تَعَالَى: {الصُّدُورِ وَهُوَ الَّذِى
يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ السَّيِّئَاتِ
وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} (الشورى: 25) وَهَذَا سيئةٌ
بِالْإِجْمَاع.
وَقَوله جلّ وَعز: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ
(10/111)
اللَّهُ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}
(الْمَائِدَة: 44) مَعْنَاهُ أَنّ مَن زَعَم أَنّ حُكْماً من أَحْكَام
اللَّهِ الَّذِي أَتَتْ بِهِ الأنبياءُ باطلٌ فَهُوَ كافرٌ.
وَقد أَجَمع الفقهاءُ أَنّ من قالَ: إنّ المُحصَنَيْنِ لَا يجبُ أَن
يُرْجَما إِذا زَنَيَا وكانَا حُرَّيْنِ كافرٌ، وَإِنَّمَا كُفِّرَ
مَنْ رَدَّ حُكماً من أَحْكَام النبيِّ عَلَيْهِ السَّلَام لِأَنَّهُ
مُكذِّبٌ لَهُ.
وَمن كذّبَ النبيَّ عَلَيْهِ السَّلَام فَهُوَ كافرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: إنّه سُمِّيَ الكافرُ كافرّاً لأنَّ الكُفْر
غطّى قَلْبَه كلَّه.
قَالَ: والكافرُ من الأَرْض: مَا بَعُدَ عَن النَّاس لَا يكادُ
يَنْزِلُه أَحدٌ وَلَا يَمرُّ بِهِ أَحدٌ.
وَأنْشد:
تَبَيَّنَتْ لَمْحَةً من فَزِّ عِكرِشَةٍ
فِي كافرٍ مَا بِهِ أَمْتٌ وَلَا عِوَجُ
شمر عَن ابْن شُمَيْل: الْكَافِر: الْحَائِط الواطىء. وَأنْشد هَذَا
الْبَيْت.
(قلت) : وَمعنى قَول اللَّيْث: قيل لَهُ كافرٌ لأنّ الْكفْر غطَّى
قلبَه، يحْتَاج إِلَى بيانٍ يَدلُّ عَلَيْهِ، وإيضاحه أنّ الْكفْر فِي
اللُّغَة مَعْنَاهُ التَّغْطيةُ، والكافرُ ذُو كفرٍ أَي ذُو تغطيةٍ
لِقَلْبِهِ بكفرِه كَمَا يُقَال للابِس السِّلاح: كافرٌ وَهُوَ الَّذِي
غطّاه السلاحُ.
وَمثله: رجلٌ كاسٍ: ذُو كسوةٍ، وماءٌ دافقٌ: ذُو دَفْقٍ.
وَفِيه قولٌ آخرُ: وَهُوَ أَحسنُ مِمَّا ذهب إِلَيْهِ اللَّيْث.
وَذَلِكَ أَنّ الكافرَ لمّا دَعَاهُ الله جلّ وعزّ إِلَى توحيدِه فقد
دَعَاهُ إِلَى نعمةٍ يُنعِم بهَا عَلَيْهِ إِذا قَبِلها، فلمَّا رَدَّ
مَا دَعَاهُ إِلَيْهِ من توحيده كَانَ كَافِرًا نعمةَ الله أَي
مُغَطِّياً لَهَا بِإبائِه حاجباً لَهَا عَنهُ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحرانيّ عَن ابْن السّكيت أَنه قَالَ: إِذا
لبس الرجل فَوق دِرْعِه ثوبا فَهُوَ كافرٌ، وَقد كَفَرَ فَوق دِرْعِه.
قَالَ: وكل مَا غَطّى شَيْئا فقد كَفَره.
وَمِنْه قيل لِليْل: كافرٌ لِأَنَّهُ ستَر بظلمته كل شَيْء وغطَّاه.
وَأنْشد لثَعْلَبَة بن صُعَيْرٍ الْمَازِني يصف الظليم والنعامة
ورواحهما إِلَى بيضهما عِنْد إياب الشَّمْس فَقَالَ:
فتَذَكَّرَا ثَقَلاً رَثِيداً بَعْدَمَا
ألْقَتْ ذُكَاءُ يَمِينهَا فِي كافرِ
وذُكاءُ: اسمٌ للشمس وَهِي معرفةٌ لَا تُصْرَفُ، أَلْقَت يَمِينهَا فِي
كَافِر أَي بَدَأتْ فِي المغيب.
قَالَ: وَمِنْه سُمِّي الكافرُ كَافِرًا لِأَنَّهُ ستَر نعمَ الله.
(قلت) : ونعمُ اللَّهِ جلّ وَعز: آياتُهُ الدَّالةُ على تَوْحيده.
حَدثنَا السَّعْدِي، قَالَ: حَدثنَا الرَّمادِيّ قَالَ: حَدثنَا عبد
الرَّزَّاق، قَالَ: أخبرنَا مَعْمَرٌ عَن أَيُّوب عَن ابْن سيِرِينَ
عَن
(10/112)
عبد الرحمان بن أبي بَكْرَةَ عَن أَبِيه،
قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآله فِي حَجَّةِ
الوَدَاع: (ألاَ لَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّاراً يضربُ بعضُكم رقابَ
بعض) .
قَالَ أَبُو مَنْصُور: فِي قَوْله كُفَّاراً قولانِ أَحدهمَا: لابسينَ
السِّلاحَ متهيئينَ للقتالِ.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه يُكَفِّرُ الناسَ فيكفُرُ كَمَا تفعل
الخوارجُ إِذا استعرضوا الناسَ فيكفِّروهم وَهُوَ كَقَوْلِه عَلَيْهِ
السَّلَام: (مَنْ قالَ لأخِيه يَا كافرُ. فقد بَاءَ بِهِ أَحُدُهما) .
وَيُقَال: رَمَادٌ مَكْفُورٌ أَي سَفَتْ عَلَيْهِ الرِّياحْ التُّراب
حَتَّى وارَتْه. قَالَ الراجز:
قدْ دَرَسَتْ غَيْرَ رمادٍ مَكْفُورْ
مُكتئبِ اللونِ مَرُوحٍ مَمْطور
وَقَالَ الآخر:
فَوَرَدتْ قبلَ انبلاجِ الفَجْرِ
وابنُ ذُكاءٍ كامنٌ فِي كَفْرِ
ويروى فِي كِفْرٍ، وهما لُغَتَانِ، وابنُ ذكاءَ يَعْنِي الصبحَ.
ويروى فِي كَفْرٍ أَي فِيمَا يواريه من سَواد اللَّيْل، وَقد كَفَرَ
الرَّجلُ متاعهُ أَي أوعاهُ فِي وعاءٍ.
(قلت) : ومَا قَالَه ابْن السّكيت، فَهُوَ بَيِّنٌ صَحِيح، والنِّعَمُ
الَّتِي سترهَا الكافُر هِيَ الآياتُ الَّتِي أبانت لِذَوي التَّمْيِيز
أنَّ خَالِقهَا وَاحد لَا شريكَ لَهُ، وَكَذَلِكَ إرسالُه الرسلَ
بِالْآيَاتِ المعجزة، والكتب الْمنزلَة، والبَراهِينِ الْوَاضِحَة:
نِعَمٌ مِنْهُ جلّ اسمُه بينةٌ، وَمن لم يصدِّقْ بهَا وردّها فقد
كَفَرَ نعْمَة الله أَي سَتَرها وحَجَبَها عَن نَفسه.
وَالْعرب تَقول للزارع: كافرٌ لِأَنَّهُ يَكْفُرُ البَذْرَ المبذورَ
فِي الأَرْض بِتُرَاب الأَرْض الَّتِي أثارها ثمَّ أمَرَّ عَلَيْهَا
مالَقَه.
وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز {وَالاَْوْلْادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ
الْكُفَّارَ} (الْحَدِيد: 20) ، أَي أعجب الزُّرَّاعَ نباتُه مَعَ
علمهمْ بِهِ فَهُوَ غايةُ مَا يُسْتَحْسَنُ، والغيثُ هَا هُنَا:
المطرُ، وَالله أعلم.
وَقد قيل: الكفَّارُ فِي هَذِه الْآيَة: الكفارُ باللَّهِ، وهم أَشد
إعجاباً بزينة الدُّنْيَا وحَرْثِها من الْمُؤمنِينَ.
وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: (لَيُخْرِجَنَّكُمُ الرُّومُ
مِنْهَا كَفْراً كَفْراً إِلَى سُنْبُكٍ مِنَ الأَرْض) قيل وَمَا ذَلِك
السُنْبُكُ؟ قَالَ: حِسْمَي جُذَامٍ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله كَفْراً كَفْراً يَعْنِي قَرْيةً قَرْيَة،
وأَكْثرُ من يتَكَلَّم بِهَذِهِ الْكَلِمَة أهلُ الشَّام، يُسَمُّونَ
القريةَ: الكَفْرَ.
وَلِهَذَا قَالُوا كَفْرُ تُوثا، وكَفْرُ يعْقابَ وكَفْرُ
(10/113)
بيا. وَإِنَّمَا هِيَ قرى نسبت إِلَى
رجالٍ.
وَقد رُوِيَ عَن مُعَاوِيَة أَنه قَالَ: (أهْلُ الكُفُور هم أهلُ
القُبور) .
(قلت) : أَرَادَ بالكفور الْقرى النائية عَن الْأَمْصَار ومجتمع أهل
الْعلم وَالْمُسْلِمين، فالجهل عَلَيْهِم أغلب، وهم إِلَى البِدع
والأهواء المضِلة أسْرع.
وَيُقَال: كافَرَني فلانٌ حَقي إِذا جَحده حقَّه والكفَّارَاتُ سمِّيت
كفاراتٍ لِأَنَّهَا تُكفِّرُ الذنوبَ أَي تستُرها مِثل كَفَّارَة
الْأَيْمَان، وَكَفَّارَة الظِّهَارِ، والقَتل الْخَطَأ، قد بَينهَا
الله جلّ وَعز فِي كِتَابه وَأمر بهَا عباده.
وَأما الحُدودُ فقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه
قَالَ: (مَا أدْري: الحدودُ كفاراتٌ لأَهْلهَا أمْ لَا) .
وَرُوِيَ غير ذَلِك، وكافُورُ الطَّلعةِ:
وِعاؤها الَّذِي يَنشَقُّ عَنْهَا، سمي كافوراً لِأَنَّهُ قد كفرها أَي
غَطَّاها.
وروى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: الكافُور: وِعاء طَلْعِ
النّخْل.
قَالَ وَيُقَال لَهُ: قَفُورٌ.
قَالَ: وَهُوَ الكفُرَّى، والجُفُرَّى.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) قَالَ: الكفِرُ: العظيمُ من الجِبال،
وَأنْشد:
تَطلّعَ رَيَّاهُ من الكفِرَاتِ
وَقَالَ أبوعبيد: التكفيرُ: أنْ يضعَ الرجلُ يَديهِ على صَدْره وَأنْشد
قَول جرير:
وَإِذا سمعتَ بحرْبِ قَيسٍ بعْدَها
فَضَعُوا السِّلاحَ وكَفِّروا تكْفيرا
واخْضُعوا وانقَادُوا.
حدّثنا الْحُسَيْن بن إِدْرِيس قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مُوسَى
الحَرشيُّ الْبَصْرِيّ قَالَ: أخبرنَا حَمَّاد بن زيد قَالَ: حَدثنَا
أَبُو الصَّهْبَاء عَن سعيد بن جُبَير عَن أبي سعيد الخُدْري، رفَعه
قَالَ: (إِذا أصبح ابنُ آدمَ فَإِن الْأَعْضَاء تكَفِّرُ كلهَا للسانِ،
تَقول: اتقِ الله فِينَا، فَإِن استقمتَ استقمنا، وَإِن اعوجَجْت
اعوجَجْنا) ، وَقَوله تكفِّر كلهَا للسان أَي تذلُّ وتقرّ بِالطَّاعَةِ
لَهُ، وتخضع لأَمره، والتكفير أَيْضا: أَن يتكفر المحاربُ فِي سلاحه،
وَمِنْه قَول الفرزدق:
حَرْبٌ تردّدُ بَينهَا بتشاجُرٍ
قد كفّرَتْ آباؤها أبناؤها
رفع أبناؤها بقوله: تَرَدّدُ، وَرفع قَوْله: آباؤها. بقوله قد كَفّرَتْ
أَي كفرت آباؤها فِي السِّلَاح.
(10/114)
وَقَالَ اللَّيْث: التكفيرُ: إِيمَاء
الذمِّي برأْسِه، لَا يُقَال: سَجدَ فلانٌ لفلانٍ وَإِنَّمَا كَفّرَ
لَهُ تكفيراً.
قَالَ: والتكفيرُ: تَتويج الْملك بتاج إِذا رؤى كُفِّرَ لَهُ وَأنْشد:
ملكٌ يُلاثُ برأسِهِ تكفيرُ
قَالَ: جعل التَّاج نَفسه هَا هُنَا تكفيراً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : اكْتَفَرَ فلانٌ إِذا لزمَ
الكُفورَ. وَقَالَ العجاج:
كالكرْمِ إذْ نادَى من الكافورِ
وكافور الكرمِ: الورقَ المغطِّي لما فِي جَوْفهِ من العُنقودِ، شبّهَه
بكافورِ الطّلع لِأَنَّهُ ينفرجُ عَمَّا فِيهِ أَيْضا.
وَقَالَ الله جلّ وَعز { (وَسَعِيراً إِنَّ الاَْبْرَارَ يَشْرَبُونَ
مِن كَأْسٍ كَانَ} (الْإِنْسَان: 5) قَالَ الْفراء يُقَال: إِنَّهَا
عَينٌ تُسَمَّى الكافورَ، وَقد يكون: كَانَ مِزَاجُهَا كالكافورِ لطيب
رِيحه.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: يجوز فِي اللغةِ أَن يكون طعمُ الطّيب فِيهَا
والكافور، وجائزٌ أَن تمْزَجَ بالكافورِ، وَلَا يكون فِي ذَلِك ضَرَرٌ،
لأنّ أهلَ الْجنَّة لَا يَمسهمْ فِيهَا ضَرَرٌ وَلَا نَصَبٌ ولاَ
وَصَبٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكافور: نَبَاتٌ لَهُ نَوْرٌ أَبيض كنورِ الأقحوان،
والكافور: عَيْن مَاء فِي الجنةِ طيبِ الرّيح، والكافور: من أخلاط
الطّيب، والكافور: وعَاء الطّلع. وَمِنْهُم من يَقُول: هَذِه كفرّاة
وَاحِدَة، وَهَذَا كفرّي وَاحِد.
قَالَ: والكَفْرُ: اسمٌ للعصا القصيرة، وَهِي الَّتِي تقطع من سَعفِ
النّخل.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكَفْرُ: الخشَبَةُ الغليظة
القصيرة، والكَفْرُ: تَعْظيم الفَارسيِّ لمِلكِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل كفرِّين عفرِّين أَي عفريت خَبِيث، وَرجل
مُكَفَّرٌ وَهُوَ المحسان الَّذِي لَا يُشْكر على إحْسانِه.
وكلمةٌ يلهجون بهَا لمن يُؤمر بأمرٍ فَيعْمل على غير مَا أُمر بِهِ
فَيَقُولُونَ لَهُ: مكْفُورٌ بكَ يَا فلَان عَنَّيْت وآذَيْتَ.
وَيُقَال: كَفَرَ نعمةَ الله وبنعمة الله كُفْراً وكُفْرَاناً
وكُفُوراً.
وَالْكَافِر: البَحر، وَيجمع الكافِرُ: كِفَاراً.
وَأنْشد اللحياني:
وغُرِّقَتِ الفَرَاعنةُ الكِفَارُ
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : الكافرتانِ والكافِلَتانِ:
الألْيَتانِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: القِيرُ: ثَلَاثَة أَضْرُبٍ الكُفْرُ، والقِير،
والزِّفت، فالكُفر يُطلى بِهِ السُّفنُ، والزِّفت يَجْعَل فِي الزِّقاق
والكُفْر
(10/115)
ُ يُذاب ثمَّ يُطلى بِهِ السُّفن،
وَيُقَال: كافرٌ وكُفَّارٌ، وكَفَرَةٌ.
فكر: قَالَ اللَّيْث: التَّفَكُّرُ: اسْم للتَّفكير، وَيَقُولُونَ:
فكّرَ فِي أمره، وتفكَّرَ، وَرجل فِكِّيٌ ر: كثير الإقبال على
التّفكُّرِ والفِكْرَة، وكلُّ ذَلِك مَعْنَاهُ وَاحِد.
وَمن الْعَرَب من يَقُول: الفِكرُ للفكرة والفِكرى على فعْلى: اسْم
وَهِي قليلةٌ.
فرك: قَالَ اللَّيْث: الفَرْك: دَلكك شَيْئا حَتَّى يتقّلعَ قشرهُ عَن
لُبِّه كاللَّوْز.
والفَرِكُ: المُتفرِّكْ قشره.
وَتقول: قد أَفرَكَ البُرُّ إِذا اشْتَدَّ فِي سُنْبله وبُرٌّ فَرِيكٌ،
وَهُوَ الَّذِي فُرِك ونُقِّيَ، والفِرْك: بُغضُ المَرْأَةِ زَوجهَا،
وَهِي امرأةٌ فَرُوكٌ، وفارِكٌ، وَجَمعهَا فَوَارِكُ، وَرجل مُفَرَّك:
يُبْغضه النِّساء.
قَالَ: وَيُقَال للرجل أَيْضا: فَرَكَها فَرْكاً أَي أَبْغَضها. قَالَ
رُؤبة:
وَلم يُضِعها بَين فِرْكٍ وعَشَقْ
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي
تزوَّجت امْرَأَة شَابة أَخَاف أَن تَفْرَكَني. فَقَالَ عبد الله: إنّ
الحبَّ من الله والفِرْك من الشّيطان فَإِذا دخَلتْ عَلَيْك فَصَلِّ
ركْعتْين ثمَّ ادْعُ بكَذَا وَكَذَا.
قَالَ أَبُو عبيد: الفِرْك: أَن تُبغِضَ الْمَرْأَة زَوجهَا، وَهِي
امرأةٌ فَرُوك، وَهَذَا حرف مَخْصُوص بِهِ الْمَرْأَة وَالزَّوْج.
وَقَالَ ذُو الرُّمة يصف إبِلا:
إِذا اللْيل عنْ نَشْزٍ تجلى رَمَيْنه
بأَمثال أَبصارِالنِّساءِ الفَوَارِك
يصف إِبلاً شبَّهها بالنِّساءِ الفَوَاركِ لأنّهُنَّ يطمحنَ إِلَى
الرِّجال ولَسْن بقاصراتِ الطّرْف على الأَزْوَاج.
يَقُول: فَهَذِهِ الإبلُ تصبح وَقد أسْأَدَتِ الليْلَ كلّه فَكلّمَا
أشرف لَهَا نَشْزٌ رميْنه بأبصارِهنَّ من النّشاط، والقوَّة على
السَّير.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد وَالْكسَائِيّ: إِذا أبغضَتِ
الْمَرْأَة زَوجهَا قيل: قد فركَتْهُ تفْرَكُه فِرْكاً وفُروكاً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : أولادُ الفِرْك فيهم نجابةٌ لأَنهم
أشبَه بآبائهم، وَذَلِكَ أنّه إِذا وَاقَعَ امرأتَه وَهِي فارِكٌ لم
يُشبهها وَلدُه مِنْهَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: فارَكَ فلانٌ صاحبَه مُفاركةً، وتارَكهُ مُتارَكةً
بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو بكر عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: المُفَرَّك:
الْمَتْرُوك المبْغَضُ.
يُقَال: فارك فلانٌ فلَانا إِذا تَاركه، فَإِذا أبْغض الزوجُ
الْمَرْأَة، قيل: صَلَفها، وصلِفَت عِنْده، وَإِذا أبغضته هِيَ. قيل:
فَرِكَتْه، تَفْرَكُه.
قَالَ: وَأَخْبرنِي أبي عَن أبي هِفّان عَن أبي عُبَيْدَة، قَالَ: خرج
أعرابيّ، وَكَانَت امرأتُه
(10/116)
تَفْرَكه، وَكَانَ يَصْلِفها فأتبعَتْه
نواةً وَقَالَت: شَطّتْ نواكَ، ثمَّ أتبعَتْه رَوْثة وَقَالَت:
رثَيْتُكَ ورَاثَ خبَرُك، ثمَّ أتبعته حَصاة. وَقَالَت: حاصَ رزْقُكَ،
وحُصَّ أثرُك، وَأنْشد:
وَقَدْ أُخبِرْتُ أنّكِ تَفْرَكِينِي
وأصلِفُكِ الغَدَاةَ فَلَا أُبَالِي
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا زالتِ الوابلة من العَضُدِ عَن صدفةِ الكتِفِ
فاسترخى المَنكب قيل: قد انفرك مَنْكِبُه، وانفركت وابِلَتُه، وَإِن
كَانَ مثل ذَلِك فِي وابلةِ الفَخِذ، والورك لَا يُقَال: انفرَك
وَلَكِن يُقَال: حُرقَ فَهُوَ محروق.
(أَبُو عُبَيْدَة) : الفَرَك: استرخاءٌ فِي الأذُن.
يُقَال: أذنٌ فركاءُ، وَقد فَرِكَتْ فَرَكاً.
وَقَالَ: هِيَ أشدَّ أصلا من الخذْوَاء.
وَقَالَ النضرُ: بعيرٌ مفروك وَهُوَ الأفَكُّ الَّذِي ينخرم منكِبهُ
وتنفكُّ الْعصبَة الَّتِي فِي جَوف الأَخرم.
ركف: أهمله اللَّيْث.
وَقَالَ شمر: ارتكفَ الثلجُ إِذا وَقع فَثَبت على الأَرْض.
ك ر ب
كرب، كبر، ركب، رَبك، برك، بكر: مستعملات.
كرب: قَالَ اللَّيْث: الكربُ مجزومٌ هُوَ الْغم الَّذِي يَأْخُذ
بِالنَّفسِ، يُقَال: كربه الْغم، وَإنَّهُ لمكروب النَّفس، والكربة:
الِاسْم، والكريب: المكروب، وأمرٌ كارب، والكُرُوبُ: مصدر كَرَب يكرُب،
وكل شَيْء دنا فقد كرَب.
يُقَال: كرَبت الشَّمْس أَن تغيبَ وكرَبت الجاريةُ أَن تُدرِك.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا اسْتَغْنى أَو كرَبَ اسْتَعَفَّ) . قَالَ أَبُو
عبيد: كرب أَي دنا من ذَلِك وقرُب، وكل دانٍ قريب فَهُوَ كارب.
وَقَالَ عبد قيس بن خفَافٍ البُرْجُمِي:
أَبُنيَّ إنَّ أباكَ كارِبُ يَوْمِه
فَإِذا دُعيتَ إِلَى المكارِم فاعْجَلِ
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : قَالَ: أصُول السَّعَفِ الغِلاَظُ
هِيَ الكرَانيف، واحدُها: كِرْنافة، والعريضة الَّتِي تيبسُ فتصيرُ مثل
الكتِف هِيَ الكَرَبة.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : سمِّيَ كَرَبُ النّخل كرَباً
لِأَنَّهُ استغنيَ عَنهُ، وكَرَبَ أَن يُقطعَ ودنا من ذَلِك.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الكرَابة: التَّمْر يُلقَط من الكَرَبَ بعد
الصِّرام.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: تكرَّبْتُ الكرَابة إِذا تلقّطتها من الكرَب.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الكرَابُ: واحدتها: كرَبة، وَهِي مَجَاري المَاء.
(10/117)
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ صُدورُ
الأودية.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب يصف النَّحْل:
جَوَارِسُهَا تَأرِي الشُّعُوفَ دوائباً
وتَنْصَبُّ أَلْهَاباً مَصِيفاً كِرَابُها
الشعوفُ: رُؤُوس الْجبَال، ألهاباً: شُقُوقاً فِي الْجبَال.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي أَيْضا: الكربُ: أَن يُشدّ الْحَبل فِي
الْعِرَاقِيّ، ثمَّ يثّنى ثمَّ يثَلث، يُقَال مِنْهُ: أكْربْتُ
الدَّلوَ فهيَ مُكرَبةٌ.
قَالَ الحطيئة:
قَوْمٌ إِذا عَقَدُوا عَقْداً لجَارِهِمُ
شَدُّوا العِنَاجَ وشَدُّوا فَوْقَهُ الكَرَبا
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: دلوٌ مُكربة: ذَات كرَبٍ، وَقيد مكروبٌ إِذا
ضُيِّقَ، وَأنْشد غَيره:
إذَنْ يُرَدُّ وقَيْدُ العَيْرِ مكْرُوبُ
(أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي) : أكربتُ السِّقاء إكرَاباً إِذا ملأته،
وَأنْشد:
بَجَّ المزَادَ مُكْرَباً تَوْكيرَا
ورَوى أَبُو الرّبيع، عَن أبي الْعَالِيَة أَنه قَالَ:
الكَرُوبِيُّونَ: سادةُ الْمَلَائِكَة. مِنْهُم: جِبريل، وميكائيلُ،
وإسرافيلُ.
وَأنْشد شمرٌ لأمية بن أبي الصَّلْت:
كَرُوبيَّةٌ مِنْهُم رُكوعٌ وسُجَّدُ
(اللَّيْث) : يُقَال لكلِّ شيءٍ من الْحَيَوَان إِذا كَانَ وَثِيقَ
المفاصل: إِنَّه لمُكْرَبُ المفاصل.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَكرَبَ الرّجلُ إكراباً إِذا أَحضرَ وعَداً، وإنّه
لَمُكْرَبُ الخَلْق إِذا كَانَ شديدَ الأسْر.
وَالْعرب تَقول: خُذْ رِجْلَك بإِكْرابٍ أَي أعْجَلْ وأَسْرعْ.
قَالَ اللَّيْث: وَمن الْعَرَب مَن يَقُول: أكربَ الرجل إِذا أَخذ
رجلَيْهِ بإكرابٍ، وقلَّما يُقَال.
قَالَ: والكِرَابُ: كَرْبُكَ الأرضَ حَتَّى تقْلبَها، وَهِي مَكروبةٌ
مُثارَةٌ.
وَيُقَال فِي مَثَلٍ: (الكِرَابُ على البَقر) أَي لَا تُكْرَبُ الأرضُ
إِلَّا عَلَى البقَر.
قَالَ: وَمِنْهُم مَن يَقُول: (الكلابَ على الْبَقر) بالنَّصْب أَي
أَوْسِدِ الكِلابَ عَلَى الْبَقر الوَحْشيّة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: القَوْلُ هُوَ الأوَّل.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبو عَمْرو: المُكْرَباتُ: الْإِبِل
الَّتِي إِذا اشتدَّ البرْد عَلَيْهَا جَاءُوا بهَا على أَبْوَاب
بُيُوتهم حَتَّى يُصيبَها الدُّخَانُ فتَدْفأَ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : الكرِيبُ: الشَّوَبقُ وَهُوَ
الفَيْلَكونُ. وَأنْشد:
لَا يَستوي الصَّوْتَانِ حِين تَجَاوَبَا
صوتُ الكَرِيبِ وصَوْتُ ذِئبٍ مُقْفِرِ
قَالَ: والكَرْبُ: القُرْب، وَالْمَلَائِكَة
(10/118)
الكَرُوِبيُّونَ: أقرب الْمَلَائِكَة إِلَى
حَمَلةِ الْعَرْش، والكَرَب: الحَبْل الَّذِي يُشَدُّ على الدلْو بَعْد
المَنِينِ وَهُوَ الحَبْل الأول فإِذا انْقَطع المَنِينُ بَقي الكرَبُ.
والتكريب: أَنْ تَزرعَ فِي الكَرِيب الجادِس، والكريبُ: القَرَاح،
والجادِسُ: الَّذِي لم يُزْرَعْ قطُّ.
كبر: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ
عَذَابٌ عَظِيمٌ} (النُّور: 11) .
قَالَ الفراءُ: أَجمع القُرَّاء على كَسر الْكَاف، وَقرأَهَا حُمَيْدٌ
الأعرجُ وَحْدَه (كُبْرَهُ) وَهُوَ وَجهٌ جيِّدٌ فِي النَّحْو، لِأَن
الْعَرَب تَقول: فلانٌ تولَّى عُظْمَ الْأَمر يُرِيدُونَ أكثَره (قلت)
: قاسَ الفرَّاء الكُبْرَ على العُظْم، وكلامُ العرَب على غَيره.
أَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحرّانيِّ عَن ابْن السّكيت أنّه قَالَ:
كِبْرُ الشَّيْء: مُعظُمه بالكسْر. وَأنْشد قولَ قيس بن الخَطِيم:
تنام عَن كِبْرِ شَأْنهَا فإِذا
قامتْ رُوَيْداً تكادُ تَنْغَرِفُ
وَمن أمثالهم: (كِبْرُ سياسة النَّاس فِي المَال) .
قَالَ: والكِبْر من التكبُّر أَيْضا، فأَما الكُبْر بالضمّ فَهُوَ أكبر
وَلد الرجل.
وَيُقَال: الوَلاء للكُبْر.
أَخْبرنِي الإياديُّ عَن شمرٍ، يُقَال: هَذَا كِبْرَةُ وَلَدِ أَبيه
للذَّكر وَالْأُنْثَى، وَكَذَلِكَ: هَذَا عِجزةُ وَلَدِ أَبِيه للذّكر
وَالْأُنْثَى، وَهُوَ آخرُ وَلد الرَّجل، ثمَّ قَالَ: كِبْرَة وَلَدِ
أَبيه بِمَعْنى عِجْزَة، وَفِي (الْمُؤلف) للكسائي فلَان عجزةُ وَلَد
أَبِيه: آخرُهم وَكَذَلِكَ: كِبْرَة وَلَدِ أَبِيه.
قَالَ: والمذكَّر والمؤنَّث فِي ذَلِك سواءٌ: بِالْهَاءِ، ذهب شمرٌ
إِلَى أنّ كِبْرَة: مَعْنَاهُ عِجْزَة، وَجعله الكسائيّ مِثله فِي
اللَّفْظ لَا فِي الْمَعْنى.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ابْن اليزيديّ لأبي زيد فِي قَوْله:
{وَالَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ} (النُّور: 11) بِكَسْر الْكَاف هَكَذَا
سمعناه، وَقد كَانَ بَعضهم يَرفع الْكَاف، وأظنها لُغة.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : قَالَ: إِذا كَانَ أقْعَدَهم فِي
النَّسَب قيل: هُوَ كُبْر قومه، وإكْبِرَّةُ قومه فِي وَزْن إفْعِلّة،
والمرأَة فِي ذَلِك كالرَّجل.
(ابْن السّكيت عَن أبي زيد) : يُقَال: هُوَ صِغْرَةُ ولد أَبِيه
وِكبرتهم أَي أكبرهم، وَفُلَان كبرة القومِ، وصغرة الْقَوْم إِذا كَانَ
أَصْغَرهم وأكبرهم.
وَقَول الله جلّ وَعز: {سَأَصْرِفُ عَنْءَايَاتِي الَّذِينَ
يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (الْأَعْرَاف: 146) .
قَالَ الزَّجّاج: أَي أجعَل جزاءهم الإضلال عَن هِدَايَة آياتي.
(10/119)
قَالَ: وَمعنى يتكَبرون أَي أَنهم يرَوْنَ
أَنهم أفضلُ الْخلق، وأنَّ لَهُم مِن الحقِّ مَا لَيْسَ لغَيرهم.
وَهَذِه الصّفة لَا تكونُ إِلَّا للَّهِ خَاصَّة، لِأَن الله جلّ وَعز
هُوَ الَّذِي لَهُ القدرةُ والفضلُ الَّذِي لَيْسَ لأحدٍ مِثله،
وَذَلِكَ الَّذِي يستحقُّ أَن يقالَ لَهُ المتكبِّر، وَلَيْسَ لأحدٍ
أَن يتكبَّر لأنَّ النَّاس فِي الحقوقِ سواءٌ، فَلَيْسَ لأحد مَا
لَيْسَ لغيره، فَالله المتكَبرُ جلّ وَعز، وأَعلم الله أنَّ هَؤُلَاءِ
يتكبَّرُونَ فِي الأَرْض بِغَيْر حقَ أَي هَؤُلَاءِ هَذِه صفتُهُمْ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: فِي قَوْله:
{يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} (الْأَعْرَاف: 146)
مِن الكِبَرِ لَا مِن الكِبْرِ أَي يتفضلون ويرون أَنهم أفضلُ من
غَيرهم.
وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَول الله جلّ وَعز: {قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ
تَعْلَمُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَنَّ أَبَاكُمْ} (يُوسُف: 80) أَي أعْلَمُهُمْ كأنَّه كَانَ
رئيسَهمْ، وأمَّا أكْبَرُهم فِي السِّنِّ فرُوبيلُ.
قَالَ: والرئيسُ: شَمعونُ.
وَقَالَ الْكسَائي فِي رِوَايَته: كبيرُهم: يَهُوذَا.
وَقَوله جلّ وَعز: {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِى عَلَّمَكُمُ
السِّحْرَ} (طه: 71) أَي معلمكم ورئيسكم، والصبيُّ بالحجاز إِذا جَاءَ
مِن عِنْد معلمه قَالَ: جِئْت مِن عِنْد كَبيري، والكَبيرُ فِي صفة
اللَّهِ تَعَالَى الْعَظِيم الْجَلِيل، المتكبر: الَّذِي تكبر عَن ظلم
عباده، وَالله أعلم.
وَأما قَول الله جلّ وَعز: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ}
(يُوسُف: 31) فأكثرُ المفسِّرينَ يقولونَ: أَعْظَمْنَه.
وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: أكبَرْنه: حِضْنَ، وَلَيْسَ ذَلِك
بِالْمَعْرُوفِ فِي اللُّغَة.
وَأنْشد بَعضهم:
نأتِي النِّسَاء على أَطْهَارِهنَّ وَلَا
نأتِي النِّساءَ إِذا أكبَرْنَ إكبْارا
(قلت) : وَإِن صحت هَذِه اللَّفْظَة بِمَعْنى الْحيض فلهَا مخرجٌ حسنٌ،
وَذَلِكَ أنَّ المرأةَ إِذا حاضتْ أوَّل مَا تحيض فقد خَرجَتْ من حدِّ
الصِّغَرِ إِلَى حدِّ الكِبَر. فَقيل لَهَا: أَكبَرتْ أَي حَاضَت
فَدخلت فِي حدِّ الكبَر الموجبِ عَلَيْهَا الأمرَ والنّهْيَ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: سأَلت رجلا
من طيىءٍ.
فَقلت لَهُ: يَا أَخا طيىءٍ: ألكَ زَوْجةٌ؟
قَالَ: لَا وَالله مَا تزَوَّجت، وَقد وُعِدْتُ فِي بنتِ عمَ لي.
قلت: وَمَا سِنُّها؟
قَالَ: قد أكْبرَتْ أَو كَرَبَتْ.
فَقلت: مَا أكْبرَتْ؟
فَقَالَ: حاضَتْ.
(10/120)
(قلت) أَنا: فَلُغَة الطَّائِيِّ تصحح أنَّ
إِكْبَارَ المرْأَة أوَّلُ حَيْضهَا إلاَّ أنَّ هَاءَ الكِنَاية فِي
قولِ الله {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} يَنْفِي هَذَا
الْمَعْنى، فالصَّحيح أنَّهُنَّ لما رأين يوسفَ رَاعَهُنَّ جماله
فأعظمنه.
وحَدثني الْمُنْذِرِيّ عَن عُثْمَان بن سعيد عَن أبي هِشَام
الرِّفاعيِّ، قَالَ: حَدثنَا جَمِيع عَن أبي رَوْقٍ عَن الضَّحَّاكِ
عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ}
(يُوسُف: 31) قَالَ: حِضْنَ.
(قلت) : فإِنْ صحَّتْ هَذِه الرِّوَايَة عَن ابْن عَبَّاس سلمنَا لَهُ،
وَجَعَلنَا الهاءَ فِي قَوْله أكْبرْنه هاءَ وقفةٍ لَا هاءَ كنايةٍ،
وَالله أعلم بِمَا أَرَادَ. وَيُقَال: رجلٌ كَبِير وكُبَارٌ وكُبَّار.
قَالَ الله جلّ وَعز: {خَسَاراً وَمَكَرُواْ مَكْراً كُبَّاراً} (نوح:
22) .
والكبِرِياء: عَظمَة الله جاءتْ على فعلياء.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: الْكِبْرِيَاء: المْلك فِي قَوْله تَعَالَى:
{وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَآءُ فِى الاَْرْضِ} (يُونُس: 78) .
والاستكْبارُ: الِامْتِنَاع عَن قبولِ الحقِّ معاندةً وتكَبُّراً.
والأكابر: أحياءٌ من بكرِ بن وائلٍ، وهم: شَيبَان، وعامِر، وجليحةُ من
بني تيم بن ثَعْلَبَة بن عُكَابةَ، أصابتهمْ سَنَةٌ فانتجعوا بِلَاد
تيم، وضبةَ، ونزلوا عَلَى بدرِ بن حَمْرَاء الضَّبِّي فأَجارهم وَوَفَى
لَهُم.
فَقَالَ بدر فِي ذَلِك:
وفيتُ وَفَاء لم يَرَ النَّاسُ مِثله
بتِعْشارَ إِذْ تحبو إليّ الأكابرُ
قَالَ: والكُبْر فِي الرِّفعة والشرف.
قَالَ المرّارُ:
وَلِيَ الْأَعْظَم من سُلاَّفها
ولي الهامةُ فِيهَا والكُبرْ
وروى عَمْرو عَن أَبِيه: الكابرُ: السَّيِّد، والكابر: الجَدُّ
الأكُبر.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن زيد الَّذِي أُري الْأَذَان: (أنهُ أخَذَ
عُوداً فِي مَنَامه ليتَّخذ مِنْهُ كَبَراً) رَوَاهُ شمر فِي كِتَابه.
قَالَ شمر: والكَبَر: الطَّبْل فِيمَا بلغنَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَبَر: الطَّبْل الَّذِي لَهُ وجهٌ واحدٌ بلغَة
أهلِ الْكُوفَة.
(ثَعْلَب عَن الْأَعرَابِي) : الكَبَر: الطَّبْل، وَجمعه: كِبار مِثل
جملٍ وجمالٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكِبْر: الْإِثْم، جعل من أَسمَاء الكبيرةِ
كالخِطْءِ من الْخَطِيئَة.
والكِبَر: مصدرُ الْكَبِير فِي السِّنِّ من النَّاس والدّوَابِّ، وَقد
كبِرَ كِبَراً، وَإِذا أَردْتَ عظمَ الشِّيءِ والأمْرِ قلتَ: كَبُرَ
يكبُر كِبَرا
(10/121)
ً أَيْضا، كَمَا تَقول: عظَمَ يعظُم
عِظَماً.
وَتقول: كبُر الأمْرُ يكبُر كَبَارَةً.
وَيُقَال: ورثوا المجدَ كَابِرًا عَن كابرٍ أَي عَظِيما وكبيراً عنْ
كبيرٍ فِي الشّرَف والعز.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : قَالَ: الكابر: السّيِّد والكابر: الجَدُّ
الْأَكْبَر.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمُلُوك الأكابرُ: جماعةُ أكبرَ، وَلَا تَجوزُ
النَّكرةُ فَلَا تَقول: ملوكٌ أَكابرُ، وَلَا رِجالٌ أكَابِر،
لِأَنَّهُ لَيْسَ بنعْتٍ إِنَّمَا هُوَ تعجُّبٌ، وَقَول المصلِّي: الله
أكبرُ، وَكَذَلِكَ قَول المؤَذِّن، فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: أنَّ مَعْنَاهُ: الله كبيرٌ، كَقَوْل الله جلّ وعزّ: {ثُمَّ
يُعِيدُهُ وَهُوَ} أَي هُوَ هَيِّنٌ عَلَيْهِ. ومِثلُه قَول مَعْنِ بن
أَوْسٍ:
لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي وإِني لأَوْجَلُ
مَعْنَاهُ: وإنِّي لوَجِلٌ، والقولُ الآخر أنَّ فِيهِ ضميراً،
الْمَعْنى: الله أكبرُ كبيرٍ وَكَذَلِكَ: الله الأعزُّ أَي أَعَزُّ
عزيزٍ. قَالَ الفرزدق:
إنَّ الَّذِي سَمَكَ السماءَ بَنَى لنا
بَيتاً دعائمُه أَعَزُّ وأطوَلُ
مَعْنَاهُ: أعَزُّ عزيزٍ، وأطول طَوِيل.
أخبرنَا ابْن مَنِيعٍ، قَالَ: أخبرنَا عليُّ بن الجَعْد عَن شُعبةَ عَن
عَمْرو بن مُرَّة، قَالَ: سمعتُ عَاصِمًا العَنَزِي يحدِّثُ عَن ابْن
جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ عَن أَبِيه أَنَّهُ رأى النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَآله وَسلم يُصَلِّي قَالَ: فكبَّرَ، وَقَالَ: الله أكبر
كَبيراً ثلاثَ مراتٍ، ثمَّ ذَكر الحَدِيث بِطُولِهِ.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: نصب كَبِيرا لِأَنَّهُ أَقامه مُقَام المصْدر
لِأَن معنى قَوْله: الله أكبرُ: أُكبِّرُ الله كَبِيرا بِمَعْنى
تَكْبِيرا، يدلُّ على ذَلِك مَا رَوَى سعيد عَن قَتادةَ عَن الْحسن
أنُّ نبيَّ الله عَلَيْهِ السلامُ كَانَ إِذا قَامَ إِلَى صلَاته من
اللَّيْل قَالَ: لَا إِلهَ إلاَّ الله، الله أكبرُ كَبِيرا ثَلَاث
مرّاتٍ، فقولُه: كَبِيرا بِمَعْنى: تَكْبِيرا فَأَقَامَ الاسمَ مُقَام
الْمصدر الْحَقِيقِيّ.
وَقَوله: الْحَمد لله كثيرا، أَي أحمدُ اللَّهَ حَمْداً كثيرا.
وَيُقَال للشَّيخ: قد عَلَتْهُ كَبْرَةٌ، وعلاه المَكْبَرُ إِذا
أَسَنَّ.
وَيُقَال للسيف والنَّصْل العَتِيق الَّذِي قَدُمَ: عَلَتْهُ كَبْرَةٌ.
وَمِنْه قَوْله:
سَلاَجِمُ يَثْرِبَ الَّلاتي عَلَتهَا
بِيَثْرِبَ كَبْرَةٌ بعد المرُونِ
(شمرٌ) : يُقَال: أَتَانِي فلانٌ أَكبرَ النَّهَار وشَبَابَ النَّهَار
أَي حِين ارْتَفَعَ النهارُ. وَقَالَ الْأَعْشَى:
سَاعَة أكبرَ النَّهَارُ كَمَا
شَدَّ مُحِيلٌ لَبُونَه إعْتَاماً
يَقُول: قتَلناهم أوَّلَ النَّهَار فِي ساعةٍ قَدْرَ مَا يشدُّ المحيلُ
أَخْلافَ إِبِلهِ لِئَلَّا يَرضَعها الفُصْلاَنُ.
(10/122)
ركب: قَالَ اللَّيْث: تَقول الْعَرَب:
رَكِبَ فلانٌ فلَانا يَركبُه رَكْباً إِذا قَبَضَ على فَوْدَيْ شَعْره
ثمَّ ضَرب جَبْهتَه بركبتَيْه.
قَالَ: ورُكْبةُ البَعيرِ فِي يَده، وَقد يُقَال لذوات الْأَرْبَع
كلِّها من الدَّوابِّ: رُكَبٌ، ورُكْبتَا يدَيِ الْبَعِير:
المَفْصِلانِ الَّلذانِ يليَانِ البَطْنَ إِذا برَك، وأمَّا
المَفْصِلان الناتِئَانِ من خلْف فهما العُرْقوبان.
وَيُقَال: للمُصَلِّي الَّذِي أثَّرَ السُّجودُ فِي جَبْهَتِه: بيْن
عَيْنَيْهِ مِثلُ رُكبةِ العَنْز، وَيُقَال لكلِّ شَيْئَيْنِ يستويان
ويتكافآن: هُما كركبَتَي العَنْزِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمَا يَقعان مَعًا
إِلَى الأَرْض مِنْهَا إِذا رَبَضَتْ.
وَيُقَال من الرُّكُوبِ: رَكِبَ يَرْكَبُ رُكوباً، والرَّكْبةُ: مرَّةٌ
وَاحِدَة، والرِّكبةُ: ضربٌ من الرُّكوب، يُقَال: حَسنُ الرِّكْبة،
وركبَ فلانٌ فلَانا بأَمْرٍ، وارْتكبَه، وكلُّ شَيْء علا شَيْئا فقد
رَكبَهُ، وركبَه الدَّيْنُ.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا سافرتم فِي الخِصْب فأعطوا الرُّكُبَ
أَسنَّتَهَا) .
قَالَ أَبُو عبيد: الرُّكُبُ: جمع الرِّكاب، والركابُ: الْإِبِل
الَّتِي يسَار عَلَيْهَا، ثمَّ يجمع الركابُ رُكباً.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرُّكُبُ لَا يَكون جمع رِكاب.
وَقَالَ غَيره: بعيرٌ رَكُوبٌ، وَجمعه: رُكُب، وَجمع الركاب: ركائب
وروَاكِبُ الشَّحْم: طرائقُ بَعْضهَا فَوق بعض فِي مقَدَّمِ السَّنَام،
فأمَّا الَّتِي فِي المؤخَّر: فهِي الرَّوَادِف.
والرِّكابةُ: شِبْهُ فَسِيلةٍ فِي أَعْلى النَّخْلَة عِنْد قِمّتِهَا،
ربَّما حملتْ مَعَ أُمِّهَا، وَإِذا قُلِعَتْ كَانَ أَفْضل للأمِّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: سمعتُ الأصمعيَّ يَقُول: إِذا كَانَت الفَسِيلةُ
فِي الجِذْع وَلم تكُنْ مُستأْرِضةً فَهِيَ من خَسِيسِ النّخل،
وَالْعرب تسَمِّيها الراكِب.
وَقَالَ شمر: هِيَ الرَّاكوبُ أَيْضا، وَجَمعهَا: رَوَاكيبُ.
وَقَالَ اللَّيْث: العربُ تسمِّي من يركب السفينةَ: رُكّابَ السفينةِ،
وأمَّا الرُّكْبَانُ الأرْكوبُ، والرَّكْب فراكبو الدَّوَابِّ، يُقَال:
مَرُّوا بِنَا رُكوبا (قُلت) : وَقد جَعل ابْن أحْمَرَ ركابَ
السَّفِينَة رُكباناً فَقَالَ:
يُهِلُّ بالفَرْقَدِ رُكبانُهَا
كَمَا يُهِلُّ الراكبُ المعْتَمِر
يَعْنِي قوما ركبُوا سفينة فغمَّت السماءُ وَلم يَهتدُوا، فَلَمَّا طلع
الفرْقدُ كبَّروا لأَنهم اهتدوْا للسَّمْتِ الَّذِي يَؤُمُّونه.
(الحرّانيُّ عَن ابْن السّكيت) : تَقول: مَرَّ بِنَا راكبٌ إِذا كَانَ
على بعيرٍ، والرَّكْب: أَصْحَاب الإبلِ، وهم: العَشَرَة فَمَا
فَوْقهَا، والأُركوبُ: أَكثر من الرَّكْبِ، والرَّكَبَةُ أقلُّ من
الرَّكْبِ، والرِّكاب: الْإِبِل، واحدتها: راحلةٌ، وَلَا وَاحدَ لَهَا
من لفَظِها.
(10/123)
وَمِنْه قيل: زَيْتٌ رِكَابيٌّ أَي يُحمَل
على ظُهُور الْإِبِل، فَإِذا كَان الرَّكْبُ على حافرٍ بِرْذَوْناً
كَان أَو فرَساً أَو بغلاً أَو حِماراً قلتَ: مرَّ بِنَا فارِس عَلَى
حِمار، ومرّ بِنَا فارسٌ على بَغل.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : راكِبٌ ورِكابٌ، وَهُوَ نادِرٌ.
قَالَ: والراكِبُ أَيْضا: رأسُ الْجَبَل، والرَّاكِبُ: النخلُ الصِّغار
يخرُج فِي أصُول النّخل الكِبار.
والرُّكْبَةُ: أصل الصِّلِّيَانة إِذا قُطعت.
وَقَالَ ابْن شُميلٍ فِي كتاب (الْإِبِل) : الْإِبِل الَّتِي تُخرَج
ليُجاءَ عَلَيْهَا بِالطَّعَامِ: تسمى رِكاباً حِين تَخرُج وَبَعْدَمَا
تجيءُ، وَتسَمى عِيراً على هَاتين المنزلتين، وَالَّتِي يُسافَرُ
عَلَيْهَا إِلَى مَكَّة أَيْضا رِكابٌ يحمَلُ عَلَيْهَا المحامل،
وَالَّتِي يُكْرُون ويُحمَل عَلَيْهَا مَتَاع التُّجّار وطعامهم كلُّها
ركابٌ، وَلَا تسمى عِيراً، وَإِن كَانَ عَلَيْهَا طعامٌ إِذا كَانت
مُؤاجَرة بكرَاء، وليسَ العيرُ الَّتِي تَأتي أهلَها بِالطَّعَامِ
وَلكنهَا رِكَابٌ. وَلَا تسمى عِيراً، وَالْجَمَاعَة: الرِّكَائب
والرِّكاباتُ إِذا كَانت ركَابٌ لي، وركَاب لكَ وركابٌ لهَذَا، جِئْنَا
فِي ركاباتِنا، وَهِي ركابٌ وَإِن كَانَت مرعِيّة: تَقول: تردُ علينا
اللَّيْلَة ركابُنا، وَإِنَّمَا تسمى رِكاباً إِذا كَانَ يحدِّث نَفسه
بِأَن يبعثَ بهَا أَو ينحدِرَ عَلَيْهَا، وَإِن كَانَت لم تُرْكَبْ
قطّ. هَذِه رِكابُ بني فلانٍ.
وَفِي حَدِيث حُذَيفَة: (إنَّما تَهلِكونَ إِذا صرْتُم تَمْشُون
الرَّكَباتِ كأنكم يَعَاقِيبُ الحَجَل، لَا تَعْرِفونَ مَعرُوفاً،
وَلَا تُنْكِرُونَ مُنكراً) مَعْنَاهُ أَنكُمْ تركبونَ رُؤوسكم فِي
الباطلِ والفِتَنِ يَتبعُ بَعْضكُم بَعْضًا بِلَا رَوِيَّةِ.
وأَركَبَ المُهْرُ إِذا حَان رُكوبُه، فَهُوَ مُرْكِبٌ، وتراكَبَ
السحابُ وترَاكَم: صَار بعضُه فَوق بعض. وشيءٌ حَسَنُ التَّرْكِيب.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {لَهَا مَالِكُونَ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ
فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} (يس: 72) .
قَالَ الْفراء: اجتمعَ الْقُرَّاء على فتح الرَّاء لِأَن الْمَعْنى
فَمِنْهَا يركبون، ويُقوِّي ذَلِك أَن عَائِشَة قرأتْ (فَمِنها
رَكُوبتهمْ)
وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ الْأَصْمَعِي: الرَّكوبة: مَا يركبون.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّكوبُ: كل دَابَّة يُركَب، والرَّكوبة: اسمٌ
لجَمِيع مَا يُركبُ، اسمٌ للواحدِ والجميع.
قَالَ: والركابُ: الإبلُ الَّتِي تحمل الْقَوْم وَهِي رِكابُ الْقَوْم
إِذا حَمَلتْ أَو أريدَ الحملُ عَلَيْهَا، وَهُوَ اسمُ جمَاعَة لَا
يُفرد والرِّياحُ: رِكابُ السَّحَاب. قَالَ أُميَّة:
تردَّدُ والرِّياحُ لَهَا رِكابُ
قَالَ: والرَّكِيبُ: مَا بَين نهرَيِ الكَرْم،
(10/124)
والركيبُ يكونُ اسْما للمرَكَّب فِي
الشَّيْء مثل الفَصِّ وَنَحْوه، لِأَن المفعَّلُ والمفْعَلَ كلٌّ يردُّ
إِلَى فَعيل، وثوبٌ مجدَّد: جديدٌ، ورجلٌ مُطْلقٌ: طليقٌ.
والمرْكَبُ: الدَّابَّة، تقولُ: هَذَا مَرْكَبي، والجميعُ: المراكب.
والمرْكبُ: المصدَرُ، تَقول: ركبْتُ مَرْكباً أَي ركوباً، والمرْكَبُ:
الموْضعُ.
والمرْكبُ: الَّذِي يَغْزُو على فرَس غَيره.
وَتقول: هَذَا الرَّجُل كريمُ المركَّب أَي كريمُ الأَصْل.
والرَّكَبُ: رَكبُ المرأةِ. معرُوف، والجميعُ: الأَركابُ، وَلَا
يُقَال: رَكبُ الرَّجُل
(قلت) : وغيرُه يجيزُ أَن يُقَال: رَكَب الرجل، وَأنْشد الْفراء:
لَا يُقْنِعُ الجاريةَ الخِضابُ
وَلَا الوشَاحانِ وَلَا الجِلْبابُ
مِنْ دون أَنْ تلتقيَ الأركابُ
ويَقْعُدَ الأيرُ لَهُ لُعابُ
وَقَالَ اللَّيْث: رِكابُ السَّرْج، والجميع: الرُّكُبُ.
قَالَ: والأرْكبُ: العظيمُ الرُّكْبةِ، وَنَحْو ذَلِك. قَالَ
الْأَصْمَعِي فِيمَا روى أَبُو عبيد عَنهُ، وَيُقَال: طَرِيق رَكُوبٌ
أَي موْطوءٌ مَلْحُوبٌ، وبَعير رَكُوب، بِهِ آثارُ الدَّبَر والقَتَب.
(ابْن شُمَيْل عَن الجعديِّ) : رُكْبانُ السُّنْبُل: سوابقُ السنبُل
الَّتِي تخرج فِي أوَّله.
يُقال: قد خرَجت فِي الحَبِّ رُكْبانُ السنبُل.
ورَكُوبة: اسْم ثَنيَّةٍ بحذاء العَرْج سلكها النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فِي مُهاجَره إِلَى الْمَدِينَة.
وَفِي الحَدِيث: (بَشِّرْ رِكيبَ السُّعاة بقِطْعٍ منْ جَهنمَ مثل قُور
حِسْمَي) ، الرَّكيبُ بِمَعْنى الرَّاكب، كَأَنَّهُ أَرَادَ الَّذِي
يرْكبُ السُّعاة فيظلمُهمْ ويكتبُ عَلَيْهِم أَكثر ممَّا قبَضوا،
ويرفعُه إِلَى مَنْ فَوْقهم، والسُّعاة: الَّذين يقبِضون الصَّدقَات.
وَفِي (النَّوَادِر) : يُقَال: رَكِيب من نخل وَهُوَ مَا غُرسَ سطراً
على جَدْوَل أَو غير جدول.
وَقَالَ: يُقَال للقَرَاح الَّذِي يُزرعُ فِيهِ: رَكِيب. قَالَ: تأَبط
شرّاً:
وَيوْماً عَلَى أَهلِ الموَاشِي وَتارةً
لأهلِ ركيبٍ ذِي ثَميلٍ وسُنْبُلِ
الثميل: بَقِيَّة مَاء بعد نضوب الْمِيَاه، قَالَ: أهل الركيب: هم
الحُضّار.
رَبك: (أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر) : الرَّبِيكةُ: شيءٌ يطْبَخ من بُرَ
وتمرٍ.
يُقَال: مِنْهُ: رَبَكْتُه أرْبُكهُ رَبْكاً، وَمن أمثالهم: (غَرْثَانُ
فارْبُكُوا لَهُ) وَأَصله أنَّ
(10/125)
رجلا قدِمَ من سفرٍ وَهُوَ جَائِع، وَقد
ولدتِ امرأَتهُ لَهُ غُلَاما فَبُشّرَ بِهِ فَقَالَ: مَا أَصنعُ بِهِ
أَآكلُه أَمْ أشربُهُ، ففطنت لَهُ امْرَأَته فَقَالَت: (غَرْثانُ
فارْبكُوا لَهُ) أَي أَنه جائعٌ فسَوُّوا لَهُ طَعَاما يهجأ غَرَثَه
ففَعَلوا فلمَّا شبع قَالَ: كَيفَ الطَّلاَ وأُمُّهُ؟
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّبْكُ: إصلاحُ الثَريدِ وخلطُهُ بِغَيْرِهِ.
والرَّبكُ: أَنْ تُلقَى إِنساناً فِي وَحْلٍ فَيَرْتَبِكَ فِيهِ، وَلَا
يُمكنهُ الخروجُ مِنْهُ، والصيدُ يَرْتَبِكُ فِي الحِبالة إِذا نشِبَ
فِيهَا، وإِذا تَتعْتَعَ الرَّجلُ فِي كلامِهِ قيل: قد ارْتَبَكَ فِي
منطقِه.
وَيُقَال: ارْتَبَكَ الأمرُ، والْتَبَكَ بِمَعْنى وَاحِد إِذا
اخْتَلَطَ.
فِي الحَدِيث عَن أبي أمامةَ فِي صفة أهل الْجنَّة: (إِنَّهُم
يَركَبونَ المَيَاثِرَ على النُّوقِ الرُّبْكِ، عَلَيْهَا الحَشَايَا)
.
قَالَ شمرٌ: الرُّبكُ، والرُّمْكُ: واحدٌ وَالْمِيم أعرفُ.
قَالَ: والأرْمَكُ والأرْبكُ منَ الْإِبِل: الأسودُ، وَهُوَ فِي ذَاك
مُشربٌ كُدْرَةً، وَهُوَ شديدُ سوادِ الأذُنْينِ، والدُّفوفِ، وَمَا
عدا أذنيِ الأرْمَكِ، ودُفوفَه مشربٌ كُدْرةً.
بكر: قَالَ اللَّيْث: البَكْرُ من الْإِبِل: مَا لم يَبْزُلْ،
وَالْأُنْثَى بَكْرَةٌ، فَإِذا بزَلاَ فجمَلٌ وناقةٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: البَكْرُ: ابْن المخاضِ،
وَابْن الَّلبُونِ، والحِقُّ والجَذَعُ، فَإِذا أثنى فَهُوَ جملٌ
وَهُوَ جِلَّةٌ، وَهُوَ بعيرٌ حَتَّى يبزُلَ وَلَيْسَ بعدَ البازلِ
سنٌّ يُسمى، وَلَا قبل الثّنِيّ سنٌّ يسمَّى.
(قلت) : وَمَا قَالَه ابْن الْأَعرَابِي صحيحٌ، وَعَلِيهِ كَلَام من
شاهدتُ من الْعَرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: البَكْرَةُ، والبَكَرَةُ: لُغتان للَّتِي يستقى
عَلَيْهَا، وَهِي خشبةٌ مستديرةٌ فِي وَسطهَا مَحَزٌّ للحبلِ، وَفِي
جوفها مِحْورٌ تَدور عَلَيْهِ.
قَالَ: والحَلَقُ الَّتِي فِي حلية السَّيْف هِيَ البَكَرَاتُ،
كَأَنَّهَا فتوخُ النساءِ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي طَالب أَنه قَالَ فِي قولهمْ: جَاءُوا
على بَكْرَةِ أَبيهم.
قَالَ قَالَ الأصمعيُّ: يَعْنِي جاءُوا على طريقةٍ واحدةٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: معناهُ جَاءُوا بأَجمعهم.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَعْنَاهُ جَاءُوا بَعضهم فِي إثرِ بعضٍ،
وَلَيْسَ هُنَاكَ بَكْرَةٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : البُكَيرةُ: تصغيرُ البَكْرَةِ
وَهِي جماعةُ الناسِ.
يُقَال: جَاءُوا على بَكْرَتهمْ، وعَلى بكْرَة أُمّهمْ أَي بأَجمعهمْ،
وليسَ ثَمَّ بكْرَةٌ، وَإِنَّمَا هُوَ مَثَل.
وَقَول الله جلّ وَعز: {لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ
ذالِكَ} (الْبَقَرَة: 68) .
(10/126)
قالَ أَبُو إِسْحَاق: أيْ ليستْ بِصغيرةٍ
وَلَا كبيرَة، وَمعنى (بَين ذَلِك) بَين البِكْرِ والفارضِ.
(الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت) قَالَ: البِكْرُ: الجاريةُ الَّتِي لم
تقتضَّ، وجمعُها: أبكارٌ، والبِكْرُ: النَّاقة الَّتِي حملتْ بَطنا
وَاحِدًا، وبِكْرُهَا: وَلَدهَا، والبَكْرُ: الفَتيُّ من الْإِبِل
وَجمعه: بِكارٌ، وبِكَارةٌ.
وَقَالَ أَبُو الهيثمِ: العربُ تسمِّي الَّتِي ولدت بَطنا وَاحِدًا
بِكْراً بولدِها الَّذِي تَبتكِرُ بِهِ.
وَيُقَال لَهَا أَيْضا بِكْرٌ مَا لم تَلد، وَنَحْو ذَلِك، قَالَ
الأصمعيُّ: إِذا كَانَ أولَ ولد ولدتهُ الناقةُ فَهِيَ بكْرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: البِكْرُ من النِّسَاء: الَّتِي لم تمسَّ، والبِكْرُ
من الرِّجَال: الَّذِي لم يقرب النِّسَاء بعْدُ، والبِكْرُ: أوَّلُ
وَلدِ الرجل غُلَاما كَانَ أَو جَارِيَة.
وَيُقَال: أشدَّ الرِّجَال بِكْرٌ ابنُ بِكْرَينِ، وبقرةٌ بِكْرٌ:
فتيَّةٌ لم تحمِل، وبِكْرُ كلِّ شَيْء: أولهُ.
(أَبُو عبيد عَن الكسائيّ) : هَذَا بكْر أَبويهِ وَهُوَ أَوَّلُ ولدٍ
يولدُ لَهما، وَكَذَلِكَ الْجَارِيَة بِغَيْر هَاء، والجميعُ
مِنْهُمَا: أبكارٌ، وبِكْرةُ ولدِ أَبويه: أَكْبرهمْ.
وَقَالَ الليثُ: يُقَال: مَا هَذَا الأمرُ منكَ بِكْراً وَلَا ثِنْياً
على معنى: مَا هُوَ بأَول وَلَا ثَان. قَالَ ذُو الرمة:
وقُوفاً لَدَى الأبوابِ طَلاَّبَ حاجةٍ
عوَانٍ من الحاجَاتِ أَو حَاجَةً بِكْرَا
وَبَنُو بكرٍ فِي العرَب: قبيلتانِ: إِحْدَاهمَا: بَنو بكر بن عبد
مَناةَ بنِ كِنانةَ.
والأخرَى: بكرُ بن وَائِل فِي ربيعَة، وَإِذا نُسِبَ إِلَيْهِمَا
قَالُوا بَكْريٌّ، وَأما بَنو بكر بنِ كِلابٍ فالنسبةُ إِلَيْهِم
بَكْرَاوِيٌّ، والبُكْرَةُ من الغَدَاة تُجمع بُكراً وأبكاراً.
وَقَول الله تَعَالَى: {وَنُذُرِ وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ
مُّسْتَقِرٌّ} (الْقَمَر: 38) بكرَة وغدوة إِذا كَانَتَا نكرتين أُنثتا
وصُرِفتا، وَإِذا أَرَادوا بهما بكرةَ يومِك؛ وغداةَ يَوْمك لم تصرفهما
فبكرة هَا هُنَا نكرَة.
والبُكورُ، والتبكيرُ: الْخُرُوج فِي ذَلِك الْوَقْت.
والإبكارُ: الدُّخول فِي ذَلِك الْوَقْت، وَيُقَال: باكَرْتُ الشَّيْء
إِذا بكَّرْتَ لَهُ. وَقَالَ لبيد:
بَاكَرْتُ حاجَتَها الدّجَاجَ بسُحْرَةٍ
لأعِلَّ مِنْهَا حِينَ هَبَّ نِيَامُهَا
أَي بادرْتُ صقيعَ الدِّيكِ سَحَراً إِلَى حَاجَتي.
والباكورُ من كل شَيْء هُوَ المبَكِّرُ السَّرِيع الْإِدْرَاك،
والأُنثى: باكورَةٌ، وغيثٌ بَكورٌ، وَهُوَ المبَكِّرُ فِي أوّل
الوَسْمِيِّ وَيُقَال أَيْضا: هُوَ الساري فِي آخر اللَّيْل وَأول
النَّهَار،
(10/127)
وَأنْشد:
جَرَّرَ السيْلُ بهَا عُثْنُونَه
وتَهادَتْها مَداليجٌ بُكرْ
وسحابةٌ مِدْلاجٌ: بَكُورٌ.
وَيُقَال: أتيتُهُ باكِراً. فَمن جعل الباكِرَ نعتاً قَالَ للأُنثى:
باكِرَة وَقَوله:
... أَوْ أَبكارُ كَرْمٍ تُقَطّفُ
واحِدُها: بِكْرٌ، وهوَ الكَرْمُ الَّذِي حملَ أول حملِه.
وعَسَلٌ أبكارٌ: يُعَسِّلهُ أبكارُ النَّحْل أَي أَفتاؤُها، وَيُقَال:
بل أبكار الجوارِي يلينَه.
وكتبَ الحجَّاجُ إِلَى عَامل لَهُ: ابعثْ إليَّ بعَسَل من
الدَّسْتَفْشارِ، الَّذِي لم تمَسَّهُ النارُ. وَقَالَ الْأَعْشَى:
تَنَحَّلَها مِن بِكارِ القِطافِ
أُزَيرِقُ آمِنُ إكْسادِها
بِكارُ القطاف جمع باكر كَمَا يُقَال: صَاحب وصِحاب، وَهُوَ أول مَا
يُدْرِكُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: نَارٌ بِكْرٌ: لم تُقْتَبَسْ من نارٍ، وحاجةٌ
بكْر: طُلِبت حَدِيثا.
وَفِي الحَدِيث: (لَا يزَالُ النَّاس بخيْرٍ مَا بَكَّرُوا بصلاةِ
المَغْرِب) مَعْنَاهُ: مَا صَلّوْها فِي أول وَقتهَا.
وَفِي حَدِيث آخر: (مَنْ بَكَّرَ يوْمَ الجُمَعةِ وابتَكر فلهُ كذَا)
فَمَعْنَى بَكَّرَ: خرج إِلَى الْمَسْجِد باكِراً، وَمعنى ابتَكرَ:
أَدركَ أول الخُطبة.
وَقَالَ أَبُو سعيد فِي قَوْله: من بكر وابتكر إِلَى الْجُمُعَة،
تَفْسِيره عندنَا: من بكر إِلَى الْجُمُعَة قبل الْأَذَان، وَإِن لم
يأتها باكراً فقد بكَّر، وَأما ابتكارها فَأن تدركَ أول وَقتهَا،
وَأَصله من ابتكار الْجَارِيَة، وَهُوَ أَخذ عُذْرتها.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : إِذا كَانَت النخلةُ تُدرِكُ فِي أوّل
النّخل، فهيَ البَكورُ، وهنّ البُكُر. وَقَالَ المُتَنَخِّلُ
الْهُذلِيّ:
ذلكَ مَا دِينُكَ إذْ جُنِّبَتْ
أحْمَالُها كالبُكُرِ المُبْتِلِ
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: البَكِيرةُ: مِثلُ البَكُور.
(أَبُو زيد) : أبكَرْتُ الوِرْدَ إبكاراً وأبكَرْتُ الغداءَ إبكاراً،
وبكَرْتُ على الْحَاجة بكوراً، وغدوْت عَلَيْهَا غُدُوّاً، مثل
البُكور، وأبكرْتُ الرّجلَ على صاحبهِ إبكاراً حَتَّى بَكر إِلَيْهِ
بُكوراً.
(ابْن شُمَيْل) قَالَ: قَالَ أَبُو البَيْداء: ابتكرَتِ الحاملُ إِذا
ولَدَت بِكرَها، وأثنتْ
(10/128)
فِي الثَّانِي، وثلَّثتْ فِي الثَّالِث:
ورَبَّعتْ وخَمَّستْ وعشّرتْ.
وَقَالَ بَعضهم: أَسْبَعتْ وأعْشرتْ وأَثمنتْ فِي الثَّامِن
وَالسَّابِع والعاشر.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : ابتَكرَتِ المرأةُ ولدا إِذا كانَ أولُ
ولدِها ذكرا، وأثْتَنَتْ إِذا جاءتْ بولدٍ ثِني، واثْتلثَتْ ولدَها
الثَّالِث، وابتكرْتُ أَنا واثْتنيْت، واثتلثتُ.
برك: قَالَ اللَّيْث: البَرْكُ: الْإِبِل البُرُوك اسمٌ لجماعتها.
قَالَ طرَفة:
وبَرْكٍ هُجودٍ قدْ أَثارَتْ مخافتي
نوَاديها أَمْشى بعَضْبٍ مُجَرّدِ
(أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة) : البَرْك: جماعةُ الْإِبِل البُرُوك.
قَالَ وَقَالَ أَبُو زيد: البِرْكة: أَن يَدُرّ لَبنُ النَّاقة بارِكةً
فيُقيمَها ويحلُبَها. وَقَالَ الْكُمَيْت:
وحَلَبْتُ بِرْكَتَها اللَّبُو
نَ لبُونُ جودِك غيرَ ماصِرْ
وَقَالَ اللَّيْث: البِرْكةُ: مَا وَلِيَ الأَرْض من جلدِ بطن البَعير
وَمَا يَلِيهِ من الصدْر، واشتِقَاقُه من مَبْرَك الْبَعِير.
والبَرْك: كَلْكَلُ الْبَعِير وصدرُه الَّذِي يَدُوك بِهِ الشَّيْء
تَحْتَهُ، يقالُ: حكَّه ودكَّه وداكهُ ببَركه ودلَكه، وَأنْشد فِي صفةِ
الحَرْبِ وشدَّتِها:
فأَقعَصتهمْ وحكَّت برْكها بهمُ
وأَعْطتْ النَّهْبَ هَيَّانَ بنَ بيَّانِ
قَالَ: والبِرْكة: شِبْه حوْض يُحفرُ فِي الأَرْض، وَلَا يُجعَل لَهُ
أعضاد فَوق صَعيد الأَرْض، وَهُوَ البِرْك أَيْضا؛ وَأنْشد:
وأَنتِ الَّتِي كلَّفْتِني البِرْكَ شاتياً
وأَوْرَدتِنيهِ فانظري أَيّ مَوْرِد
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : البِرْكة تطفح مثل الزَّلف، والزلف:
وَجه المِرْآة.
(قلت أَنا) : والعرَب تُسمِّي الصهاريجَ الَّتِي سُوِّيتْ بالآجر،
وصُرِّجتْ بالنّورة فِي طَرِيق مَكَّة ومناهلِها: بِرَكا، واحدتها:
بِرْكة، ورُبَّ بِركةٍ تكون أَلفَ ذِرَاع وَأكْثر وأقلَّ، وَأما
الحياضُ الَّتِي تحتفر وتسوّى لماء السَّمَاء وَلَا تُطوَى بالآجرِّ
فَهِيَ الأصْناع وَاحِدهَا: صِنْعٌ عِنْدهم.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : البَرُوكُ من النّسَاءِ: الَّتِي
تتزوَّجُ وَلها ولدٌ كبيرٌ واسمُ ذَلِك الْوَلَد: الجَرَنْبَذُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: الخَبِيصُ يُقَال لَهُ:
البُرُوكَ ليسَ الرُّبُوكُ.
قَالَ وَقَالَ رجلٌ من الأعرابِ لامْرَأَته: هَل لكِ فِي البُرُوكِ؟
فأجابتهُ: إنَّ البُرُوكَ عملُ الملوكِ، والاسمُ مِنْهُ البَرِيكةُ،
فأمَّا الرَّبِيكةُ فالحَيْسُ.
وَفِي كتاب شمرٍ، قَالَ: رَوى إِبْرَاهِيم عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه
أنْشد لمَالِك بن الرّيْبِ:
(10/129)
إِنَّا وَجدنَا طَرَدَ الهوامِلِ
والمَشْيَ فِي البِرْكةِ والمراجل
قَالَ: البِرْكةُ: جنس من برُودِ الْيمن، وَكَذَلِكَ المَرَاجِلُ.
وَقَالَ اللَّيْث: البُرَكُ: واحدتها: بُرْكَةٌ وَهُوَ من طيرِ المَاء
أَبيضُ. قَالَ زهيرٌ:
ثمَّ اسْتَغَاثَت بماءٍ لاَ رِشَاءَ لَهُ
من الأبَاطِح فِي حَافاتِهِ البُرَكُ
وَيُقَال: ابتَرَكَ الرجلُ فِي عِرْضِ أخيهِ يَقْصِبُه إِذا اجتهدَ فِي
ذمه، وَكَذَلِكَ الابِتَراكُ فِي الْعَدو: الاجْتهاد فِيهِ. وَقَالَ
زُهَيْر:
مَرًّا كِفَاتاً إِذا مَا الماءُ أَسْهَلهَا
حتَّى إِذا ضَرِبتْ بالسَّوْط تَبْتَرِكُ
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
وهُنَّ يَعْدُونَ بنَا بُرُوكَا
أَي تجتهدُ فِي عدوها.
قَالَ اللَّيْث: ابتَرَكَ القومُ فِي الْحَرْب إِذا جَثَوْا على
الرُّكبِ ثمَّ اقتتلُوا ابتراكاً، والبَرَاكاءُ: مُبَاحَتَهُ القتالِ.
قَالَ بشرٌ:
وَلَا يُنجِي منَ الغَمَراتِ إلاَّ
بَرَاكاءُ القتَالِ أَو الفرارُ
وَقَالَ اللَّيْث: ابتَرَكَ السَّحَابُ إِذا أَلَحَّ بالمطر.
والبِرْكانُ: من دِقِّ الشَّجَر، الواحدةُ: بِرْكانَةٌ. وَقَالَ
الرَّاعِي:
حَتَّى غَدَا خَرِصاً طَلاَّ فرائصُهُ
يَرْعَى شَقائقَ من عَلْقَى وبِركَانِ
وأَخبرني المنذريُّ عَن أبي العبَّاس أنهُ سئلَ عَن تَفْسِير
(تَبَارَكَ الله) فَقَالَ: ارتفعَ والمُتَبَارِكُ: المرتفعُ.
وَقَالَ الزَّجاجُ: تَبَارَكَ: تفَاعل منَ البَرَكةِ، كَذَلِك يقولُ
أهل اللغةِ.
وَنَحْو ذَلِك رُوِيَ عَن ابْن عباسٍ، وَمعنى البَرَكةِ: الكثرةُ فِي
كلِّ خيرٍ.
وَقَالَ فِي موضعٍ آخر: تَبَارَكَ: تَعَالَى، وتعَاظَمَ.
وَقَالَ ابنُ الأنباريّ: تَبَارَكَ الله أَي يُتَبَرَّكُ باسمهِ فِي
كلِّ أمرٍ.
وَقَالَ الليثُ فِي تَفْسِير: (تَبَارَك اللَّهُ) : تمجيدٌ وتعظيمٌ.
وَقَالَ أَبُو بكر: معنى تبَارك: تقدّسَ أَي تطهر، والمقدّسَ:
المطهَّرَ.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله تَعَالَى: {وَهَاذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ
مُبَارَكٌ} (الْأَنْعَام: 155) .
قَالَ: المُبَارَك: مَا يَأْتِي من قبله الخيرُ الكثيرُ، وَهُوَ من نعت
كتاب.
وَمن قَالَ: أَنزَلْنَاهُ مُبَاركاً: جَازَ فِي الْقِرَاءَة.
وَقَالَ اللحيانيُّ: بَارَكْتُ على التِّجَارَة وَغَيرهَا أَي وَاظبتُ
عَلَيْهَا.
وَقَول الله جلَّ وعزَّ: {نُودِىَ أَن بُورِكَ مَن فِى النَّارِ
(10/130)
وَمَنْ} (النَّمْل: 8) .
قَالَ: النَّارُ: نورُ الرَّحمن، والنورُ هُوَ الله تَبَاركَ
وَتَعَالَى، ومَنْ حوْلها: موسَى والمَلاَئكةُ.
وروَى شَرِيكٌ عَن عَطاء عَن سعيدِ بن جُبيرٍ عَن ابْن عَبَّاس:
{نُودِىَ أَن بُورِكَ مَن فِى} (النَّمْل: 8) ، قَالَ الله تَعَالَى
ومَنْ حَوْلهَا: المَلاَئكةُ.
(سلمةُ عَن الفرَّاء) أَنه قَالَ فِي حرف أبَيَ (أَنْ بُورِكَتِ
النارُ، ومَنْ حولهَا) .
قَالَ: والعربُ تَقول: بَارَكك اللَّهُ وبَارَكَ فيكَ.
(قلتُ) : وَمعنى بَرَكةِ الله: علوٌّ على كل حالٍ، وأصل البَرَكة:
الزِّيَادَة والنماءُ.
والتَّبْرِيكُ: الدعاءُ للإنسانِ وَغَيره بالبَرَكةِ.
يُقَال: بَرَّكْتُ عَلَيْهِ تَبْرِيكاً أَي قلتُ: بَارَكَ الله عليكَ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله تَعَالَى: {رَحْمَتُ اللَّهِ
وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ} (هود: 73) قَالَ: البَرَكاتُ: السَّعَادَة.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَكَذَلِكَ قولُه فِي التَّشَهُّد: (السَّلَام
عَلَيْك أَيها النَّبِي ورحمةُ الله وبركاتُه) ، لأنّ منْ أَسْعَدَه
الله بِمَا أسعدَ بِهِ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَآله فقد نَالَ
السَّعَادَة، الْمُبَارَكَة الدائمة.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : بُرَكُ: اسمُ ذِي الحِجَّة، قَالَ: والبُرَك
والبَارُوكُ: الكابوسُ وَهُوَ النَّيْدُلاَنُ.
وَقَالَ الْفراء، يُقَال: كِساءٌ بَرَّكانيٌّ وَلَا تقلُ:
برْنَكَانيٌّ.
وبَرْكُ الشتاءِ: صدرهُ، وَقَالَ الكميتُ:
واحْتَلَّ بَرْكُ الشتاءِ منزلهُ
وباتَ شيخُ العيالٍ يصطلبُ
قَالَ: أَرَادَ وَقت طلوعِ العَقْرَبِ، وَهُوَ اسمٌ لعدةِ نجومٍ،
مِنْهَا الزُّبانَى والإكليلُ والقَلْبُ، والشَّوْلة وَهِي تَطلعُ فِي
شدّةِ البردِ.
وَيُقَال لَهَا: البُرُوك، والجُثُوم، يَعْنِي الْعَقْرَب.
وَيُقَال: للجماعةِ يَتَحَّملون حَمالةً: بُرْكة وجَمَّةٌ، والحَمالةُ
نفسُهَا تسمَّى بُرْكةً.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : البَرِيكُ: الزُّبدُ بالرُّطَبِ.
ويقالُ: أَبْرَكْتُ النَّاقَةَ فَبَركَت بُرُوكاً.
والتَّبرَاكُ بِفَتْح: التَّاء البُرُوكُ. وَقَالَ جرير:
لقد قَرِحَتْ نَغانغُ رُكْبَتيْهَا
من التّبْرَاكِ ليسَ من الصَّلاةِ
وأمَّا تِبْرَاكُ بِكَسْر التَّاء فَهُوَ موضعٌ، وَلَا ينصرفُ.
(10/131)
ك ر م
كرم، كمر، ركم، رمك، مكر: مستعملات.
كرم: الكَرِيمُ: من صفاتِ الله عز وَجل وأسمائه، وَهُوَ الكثيرُ الخيرِ
الجوادُ المنعمُ المفضِلُ.
وَقَالَ الله جلّ ثَنَاؤُهُ: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الاَْرْضِ كَمْ
أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} (الشُّعَرَاء: 7) .
معنى الزَّوْجِ: النَّوْعُ، والكَرِيمُ: الْمَحْمُود فِيمَا تحْتَاج
إِلَيْهِ فِيهِ، الْمَعْنى من كل نوع نَافِع لَا يُثبتهُ إِلَّا رب
الْعَالمين.
وَقَالَ جلّ وَعز: {الْمَلأُ إِنَّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أُلْقِىَ إِلَىَّ كِتَابٌ} (النَّمْل: 29) .
قَالَ بعضهُم: مَعْنَاهُ: حسنٌ مَا فِيهِ، ثمَّ بَينَتْ مَا فِيهِ
فَقَالَت: {إنَّهُ منْ سَلَيمانَ وإنَّه بسمِ اللَّهِ الرحمان الرحيمِ
أَن لَا تَعْلُوا عليَّ وأْتُوني مسلِمينَ} (النَّمْل: 30، 31) .
وَقيل: {ألقيَ إليَّ كِتاب كريمٍ} (النَّمْل: 29) ، عَنَت أَنه جاءَ من
عِنْد رجل كريمٍ.
وَقيل: كتابٌ كرِيمٌ أَي مَخْتومٌ، وَقَوله تَعَالَى: {)) يَحْمُومٍ
لاَّ بَارِدٍ وَلاَ} (الْوَاقِعَة: 44) .
قَالَ الْفراء: العرَبُ تَجعل الكَريم تَابعا لكُلِّ شَيْء نَفَتْ
عَنهُ فِعْلاً تنْوي بِهِ الذَّمَّ.
يُقَال: أَسَمِينُ هَذَا؟ .
فَيُقَال: مَا هُوَ بسمينٍ وَلَا كَريم، وَمَا هَذِه الدَّارُ بواسعة
وَلَا كَريمةٍ.
والكريم: اسمٌ جامعٌ لكُلِّ مَا يُحمدُ. فَالله كريمٌ حميدُ الفعال.
وَقَالَ: {عَظِيمٌ إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ كَرِيمٌ} {كَرِيمٌ فِى كِتَابٍ
مَّكْنُونٍ} (الْوَاقِعَة: 77، 78) أَي قُرْآن يحمد مَا فِيهِ من
الهدْي وَالْبَيَان والعِلم وَالْحكمَة.
وَقَوله: {وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا} أَي سهلاً لينًا، {وَرب
الْعَرْش الْكَرِيم الْعَظِيم.
وَقَوله: أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا} (الْإِسْرَاء:
23) أَي كثيرا.
وروينا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا
تَسَمُّوا العِنَبَ الكَرْمَ فإنَّمَا الكَرْمُ الرَّجُلُ المسْلمُ) :
رَوَاهُ أَبُو الزِّناد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَآله.
وتأويله وَالله أعلم أَن الْكَرم: صفةٌ محمودة، والكريمُ من صِفَات
الله جلّ ذِكْرُه. ومَنْ آمن بِاللَّه فَهُوَ كريمٌ، والكَرَم: مصدر
يقامُ مُقَامَ الموصُوفِ.
فَيُقَال: رَجْلٌ كَرَمٌ. ورجُلانِ كَرَمٌ، ورجالٌ كَرَمٌ، وامرأةٌ
كَرَمٌ، لَا يثنى وَلَا يجمعُ وَلَا يُؤَنَّثُ، لأنَّ معنى قَوْلك:
رَجل كَرَمٍ أَي ذُو كرم. وَلذَلِك أُقيم مُقامَ المنعوتِ فُخفِّفَ،
والكرْمُ سُمِّي كَرْماً لأنهُ وصف بكَرَمِ شجرته وثمرته.
(10/132)
وَقيل: كرمٌ بسكُونِ الرَّاء لأنَّهُ
خُفِّف عَن لَفْظَة كَرَمٍ لما كثر فِي الْكَلَام. فَقيل: كَرْمٌ كَمَا
قَالَ امرؤُ الْقَيْس:
نَزَلْتُ عَلَى عمْرِو بْنِ دَرْعَاءَ بُلْطَةً
فَيَا كَرْمَ مَا جارٍ وَيَا كَرْمَ مَا محلْ
أَرَادَ: يَا كَرَم جارٍ، وَمَا صِلةٌ.
وَنهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن تَسْمِيَته بِهَذَا
الِاسْم لِأَنَّهُ يُعتْصرُ مِنْهُ المسكِر المنْهيُّ عَن شُرْبه
وَأَنه يُغير عَقْلَ شَاربه، ويوقعْ بَين شَرْبه العداوةَ والبغْضَاءَ.
فَقَالَ: الرجُلُ الْمُسلم أَحقُّ بِهَذِهِ الصِّفة من هَذِه
الشَّجَرَة الَّتِي يُؤَدِّي مَا يُعْتَصر من ثَمَرهَا إِلَى الأخْلاق
الذَّميمة اللئيمة.
قَالَ أَبُو بكر: يُسمى الكَرْمُ كرْماً لِأَن الْخمر الْمُتَّخذ
مِنْهُ يحث على السخاء وَالْكَرم وَيَأْمُر بمكارم الْأَخْلَاق فاشتقوا
لَهُ اسْما من الْكَرم للكرم الَّذِي يتَوَلَّد مِنْهُ فكره النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَآله أَن يُسمى أصل الْخمر باسم مَأْخُوذ من
الْكَرم، وَجعل الْمَرْء الْمُؤمن أولى بِهَذَا الِاسْم الْحسن،
وَأنْشد:
والخَمْرُ مشتقَّة الْمَعْنى من الكرَمِ
وَلذَلِك سموا الْخمر رَاحا لِأَن شاربها يرتاح للعطاء أَي يخف.
قَالَ: وَيُقَال للكرم: الجَفْنَة والحَبَلة، والزَّرَجُون.
وَقَالَ اللَّيْث يُقَال: رَجلٌ كريمٌ، وَقوم كرم كَمَا قَالُوا:
أَدِيم وأَدَم وعمود وعمَدٌ، وَأنْشد:
وأَنْ يَعْرَيْنَ إِنْ كُسِيَ الجَواري
فتنبوا العيْنُ عَن كرمٍ عِجافِ
(قلت) : والنحويون يأبون مَا قَالَ اللَّيْث.
وَيَقُولُونَ: رجلٌ كَرِيمٌ وقومٌ كِرامٌ.
كَمَا يُقَال: صغيرٌ وصِغَارٌ، وكبيرٌ وكِبارٌ.
وَلَكِن يُقَال: رَجُلٌ كَرَمٌ، ورِجَالٌ كَرمٌ أَي ذَوُو كَرَم،
ونساءٌ كَرَم أَي ذَوَات كَرَمٍ.
كَمَا يُقالُ: رجُلٌ عَدْلٌ، وقومٌ عدلٌ، ورَجْلٌ حَرَضٌ، وقومٌ حرضٌ،
ورَجلٌ دَنَفٌ وقومٌ دنفٌ.
وَقَالَ أَبُو عبيد وَابْن السّكيت وَهُوَ قَول الْفراء: رجلٌ كَرِيمٌ،
وكُرَامٌ، وكُرَّامٌ، بِمَعْنى وَاحِد.
قَالُوا: وكُرَامٌ: أبلغُ فِي الوصفِ من كريمٍ، وكُرَّامٌ
بِالتَّشْدِيدِ، أبلغ من كُرَامٍ.
وَكَذَلِكَ: رجلٌ كبيرٌ وكبَارٌ وكُبَّارٌ وظريفٌ وظُراف وظُرَّافٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقال: تكرَّمَ فلانٌ عَمَّا يشينه إِذا تَنَزَّه،
وأكرَمَ نَفسه عَن الشَّائِنَات والكَرَامةُ: اسمٌ يوضعُ مَوضِع
الإكرامِ، كَمَا وُضعت الطاعةُ مَوضِع الإطاعة، والغارةُ موضعَ
الإغارة.
والكَرْمَةُ: الطاقةُ الْوَاحِدَة من الكَرْم.
(10/133)
ويقالُ: هَذِه البقعةُ إِنَّمَا هِيَ كرمةٌ
ونَخلةٌ، يُعنى بذلكَ الكَثرَةُ.
وَالْعرب تَقول: هِيَ أكْثرُ الأرضِ سَمْنَة وعَسَلةً.
وَإِذا جاءتِ السماءُ بالقَطْر قيل: كَرَّمَتْ تَكْرِيماً.
قَالَ اللَّيْث: والمُكْرَمُ: الرجُلُ الكَرِيُم على كلِّ أحد.
وَيُقَال: كَرُمَ الشيءُ الكَرِيمُ كَرَماً، وكَرُمَ فلَان علينا
كَرَامة.
والكَرَمُ: أرضٌ مُثارة مُنَقّاة من الحجارةِ.
وَسمعت الْعَرَب تَقول: للبُقْعَة الطَّيِّبِة التُّربةِ العَذاةِ
المنبتِ: هَذِه بقعةٌ مكْرُمةٌ وَيَقُولُونَ للرَّجُل الكَرِيم:
مكْرَمَانٌ إِذا وُصف بالسخاءِ وسَعةِ الصدرِ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو) : الكُرُومُ: القلائدُ، وَاحِدهَا كرْمٌ،
وَأنْشد:
تَبَاهَى بصَوْغٍ من كُرُومٍ وفِضَّةٍ
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رَجُلاً أهْدى
إِلَيْهِ راويةَ خمرٍ فَقَالَ: (إنَّ الله حَرَّمَها، فَقَالَ الرجل:
أَفَلا أُكَارِمُ بهَا يَهودَ؟ فَقَالَ: إنَّ الَّذِي حَرَّمَها حَرَّم
أنْ يكَارَمَ بهَا) أَرَادَ بقوله أكَارِمُ بهَا يهودَ أَي أُهديها
إِلَيْهِم، فَيُثيبوني عَلَيْهَا.
وَمِنْه قَول دُكَيْن:
يَا عُمَرَ الخَيْراتِ والمَكَارِم
إنِي امْرُؤٌ من قَطَنِ بنِ دَارِم
أَطْلَبُ دَيْني من أخٍ مُكارِمٍ
أَي من أخٍ يْكافِئُني على مدحي إِيَّاه، يَقُول: لَا أطلب جائزتهُ
بِغَيْر وسيلةٍ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أفعلُ ذَلِك وكرْمَة لَك
وكُرْمَى لَك، وكَرَامَةً لَك، وكُرْماً لَك، وَكُرْمَةَ عَيْنٍ،
ونَعيمَ عينٍ ونُعمْة عينٍ، ونُعْمَ عينٍ، ونُعَامى عَيْنٍ ونَعام
عينٍ.
وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب فِي الكُرْمِ:
وأَيْقَنْتُ أَنِّ الجُود منكَ سَجِيَّة
وَمَا عِشْتَ عْيشاً مِثْلَ عْيشِك بالكُرْم
أَراد بالكُرْمِ: الكَرَامَةَ.
وَقَالَ ابْن شميلٍ: يُقَال: كَرُمَتْ أرضُ فلَان العامَ، وَذَلِكَ
إِذا دَمَلها فزَكا نَبْتُها، قَالَ: وَلَا يَكْرُمُ الحَبُّ حَتَّى
يكونَ كَثير العَصْفِ يَعْنِي التِّبْنَ وَالْوَرق.
(عَمْرو عَن أَبِيه) : يُقَال لطبق الْقدر والحُبِّ: الْكَرَامَة.
وَقَالَ الْكسَائي: لم يجىء عَن الْعَرَب مَفْعُلٌ مصدرا بِغَيْر هَاء
إِلَّا حرفان: مَكْرُمٌ ومعْونٌ.
وَأنْشد فِي المكْرُمِ:
لِيَوْمِ رَوْعٍ أَوْ فَعَالِ مَكْرُمِ
وَقَالَ:
بُثَيْنَ الْزَمِي (لَا) إنَّ (لَا) إِنْ لَزِمْتِهِ
على كَثْرَة الواشينَ أيُّ مَعُونِ
(10/134)
وَقَالَ الْفراء: مَكْرُمٌ: جَمْعُ
مَكْرُمَة وَكَذَلِكَ مَعُونٌ: جَمْعُ مَعُونَةٍ، وروى عَن النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِن الله يَقُول: إِذا أَنا
أَخَذْتُ من عَبْدِي كَرِيمَتَيْهِ وَهُوَ بهما ضَنِينٌ فصَبَرَ لي لم
أرْضَ لَهُ بِهمَا ثَوَاباً دُونَ الجَنَّةِ) . وَرَوَاهُ بَعضهم: إِذا
أَخذْتُ من عَبدِي كَرِيمَتَهُ.
وَقَالَ شمر: قَالَ إِسْحَاق بنُ مَنْصُورٍ: قَالَ بَعضهم: يُرِيدُ
أَهله، وبعضُهم يَقُول: عَيْنَه، قَالَ: وَمن رواهُ كَرِيمَتَيْهِ
فهما: العينانِ.
قَالَ شمر: كلُّ شَيْءٍ يَكْرُمُ عَلَيْك فَهُوَ كَرِيمُكَ
وكَرِيمَتُكَ، قَالَ: والكَرِيمَةُ: الرجُلُ الحَسيبُ، تَقول: هُوَ
كَرِيمَة قَوْمِهِ. وَأنْشد:
وأَرَى كَرِيمَكَ لَا كُرِيمةَ دُونَهُ
وأَرَى بِلادَكَ مَنْقَعَ الأَجْوَادِ
أَرَادَ من يَكْرُمُ عَلَيْك لَا تَدَّخِرُ عَنهُ شَيْئا يَكْرُمُ
عَلَيْك.
وَفِي حَدِيث آخِره: (إِذا أَتَاكُمْ كَرِيمَةُ قَوْمٍ فَأكْرِمُوهُ)
أَي كرِيمُ قومٍ. وَقَالَ صَخْرُ بنُ عَمْرو:
أَبَى الفَحْرَ أَنِّي قَدْ أَصَابُوا كَرِيمَتِي
وأَنْ ليسَ إِهْدَاءُ الخَنَا من شِمَالِيَا
يَعْنِي بقوله كَرِيمَتِي: أخَاه مُعَاوِيَة بن عَمْرو وَأما الحديثُ
الآخرُ (خيْرُ الناسِ يَوْمَئذٍ مُؤمِنٌ بَيْنَ كَرِيمْينِ) فإنَّ
بَعضهم قَالَ هما الحَجُّ والجِهَادُ، وَقيل أَرَادَ بَين فَرَسَيْنِ
يَغْزُو عَلَيْهِمَا.
وَقيل بَين أَبَوَيْنِ مُؤْمِنَيْنِ كَرِيميْنِ.
وَيُقَال: هَذَا رجُلٌ كَرَمٌ أَبوهُ وكرمٌ آباؤُهُ، وَقَول الله جلّ
وَعز: {وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً} (النِّسَاء: 31) قَالُوا
حَسَناً وَهُوَ الجَنَّةُ، وَقَوله: {وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا}
(الْإِسْرَاء: 23) أَي لينًا سهلاً إِكْرَاما لَهما، وَقَوله: {هَذَا
الَّذِي كرمت عَليّ} (الْإِسْرَاء: 62) أَي فضَّلتَ، وَقَوله: {رَبُّ
الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} (الْمُؤْمِنُونَ: 116) أَي الْعَظِيم.
وَقَوله: {كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّى غَنِىٌّ} (النَّمْل: 40) أَي عَظِيم
مفضل وَقَوله: {أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا}
(الْأَحْزَاب: 31) أَي كثيرا.
مكر: قَالَ اللَّيْث: المكْرُ: احتيالٌ فِي خُفْيَة، قَالَ: وَسَمعنَا
أنَّ الكَيْدَ فِي الحربِ حلالٌ، والمَكْرُ فِي كلِّ حالٍ حرامٌ.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {لله (لَصَادِقُونَ وَمَكَرُواْ مَكْراً
وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} (النَّمْل: 50) .
قَالَ غير واحدٍ من أهلِ الْعلم بالتأويلِ: المَكْرُ من الله: جَزَاءٌ،
سُمِّيَ باسم مَكْرِ المُجَازَى كَمَا قَالَ: {يَنتَصِرُونَ وَجَزَآءُ
سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا} (الشورى: 40) ، فالثانية
ليستْ بسيّئة فِي الْحَقِيقَة، وَلكنهَا سمّيت سَيِّئة للجَزَاء،
وَكَذَلِكَ قَوْله جلّ وَعز: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ
عَلَيْهِ} (الْبَقَرَة: 194) ، فَالْأول: ظلمٌ
(10/135)
وَالثَّانِي: لَيْسَ بظُلْم، ولكنَّه
سُمِّيَ باسم الذَّنب ليُعْلَمَ أَنه عِقابٌ عَلَيْهِ. وجَزَاءٌ بِهِ،
ويَجْرِي مَجْرى هَذَا القَوْل قَول الله جلّ وَعز: {يُخَادِعُونَ
اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} (النِّسَاء: 142) و {اللَّهُ
يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ} (الْبَقَرَة: 15) من هَذَا الضَّرب.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَكْرُ: الغْرَةُ. وَقَالَ
القَطَامِيُّ:
بِضَرْبٍ تَهْلِكُ الأبطالُ فِيهِ
وتَمْتَكِرُ اللِّحَى مِنْهُ امْتِكارَا
أَي تَخْتِضِبُ، وَيُقَال لِلأَسدِ: كَأَنَّهُ مُكِرَ بالمَكْرِ أَي
طُلِيَ بالمغْرَةِ، والمَكرُ: نَبْتٌ وَجمعه: مُكُورٌ. قَالَ العجاج:
تَظَلُّ فِي عَلْقَى وَفِي مُكُورِ
النَّضْرُ عَن الجعْدِيِّ قَالَ: المَكْرُ: سَقْيُ الأَرْض، يُقَال:
امْكُرُوا الأرضَ فَإِنَّها صُلبةٌ ثمَّ احْرُثُوهَا يُرِيد:
اسْقُوهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: المكْرُ: ضرْبٌ من النّباتِ، الواحِدةُ: مَكْرَةٌ،
سُمِّيت مَكْرَةً لارْتوائِها، وأمّا مُكُورُ الأغْصَانِ فَهِيَ
شَجَرَة على حِدَةٍ.
قَالَ: وضروبٌ من الشجرِ تُسَمَّى المكُورَ مثل الرُّغْل وَنَحْوه.
وَقَالَ أَبُو عبيد قَالَ الْأَصْمَعِي: الممْكُورَةُ من النِّساء:
المَطْوِيَّةُ الخَلْقِ.
وَقَالَ اللَّيْث: المَكْرُ: حُسْنُ خَدَالةِ السَّاقِ.
يُقَال: هِيَ مَمْكُورَةٌ: مُرْتَوِيَة السَّاقِ خَدْلةٌ، شُبِّهَت
بالمَكْرِ من النَّباتِ.
قَالَ: ومَكْوَرَّى: نَعْتٌ للرجُل، يُقَال: هُوَ القصيرُ اللئيمُ
الخِلْقَةِ.
وَيُقَال فِي الشَّتِيمةِ: ابْن مَكْوَرَّى، وَهُوَ فِي هَذَا القَوْل:
قَذْف، كأنَّها توصفُ بزِنْيةٍ.
قلت: هَذَا حرف لَا أَحْفَظُه لغير اللَّيْث، وَلَا أَدْري أَعَرَبٌ
يٌّ هُوَ أَو أَعْجَمِيٌّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المَكْرَةُ: الرُّطَبة
الْفَاسِدَة.
والمكْرةُ: التَّدبِيرُ والحِيلة فِي الْحَرْب.
والمكْرةُ: الساقُ الغليظةُ الحَسْنَاءُ.
والمكْرةُ: السَّقْيَةُ للزَّرْع.
يُقَال: مَرَرْت بزَرْعٍ مَمْكُورٍ أَي مَسْقِيَ.
والمكْرةُ: شجرةٌ، وَجَمعهَا: مُكُورٌ.
ركم: قَالَ اللَّيْث: الرَّكْمُ: جمعُكَ شَيْئا فَوق شيءٍ حَتَّى
تجعلَه رُكاماً مَرْكوماً، كرُكامِ الرَّمْل والسَّحابِ وَنَحْو ذَلِك
من الشَّيْء المرْتَكِمِ بعضُه على بعْضٍ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرّكَمُ: السحابُ المُتَرَاكِمُ.
كمر: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المكْمُورُ من الرِّجَال: الَّذِي
أَصَاب الخاتنُ كمَرَتَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَمَرُ: جمع الكَمَرَةِ.
وَقَالَ: رجلٌ كِمِرَّى إِذا كَانَ ضَخْمَ الكَمَرَةِ.
(10/136)
رمك: قَالَ اللَّيْث: الرَّمَكَةُ: هِيَ الفَرَسُ. والبِرْذَوْنَةُ
الَّتِي تتَّخذ للنسل، والجميعُ: الأرْماكُ، وأَمَّا قَول رؤبة:
لَا تَعْدِليِني بالرُّذالاَتِ الحَمَكْ
وَلاَ شَظٍ فَدْمً وَلَا عَبْدٍ فَلِكْ
يَربِضُ فِي الرَّوْثِ كَبِرْذَوْنِ الرَّمَكْ
فإنَّ أَبا عَمْرو زَعمَ أنَّ الرَّمَكَ فِي بَيت رؤبةَ أَصله
بالفارسيَّةِ: رَمَهْ.
قَالَ: وقولُ الناسِ: رَمَكَةٌ: خطأٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: رَمَكَ الرَّجلُ إِذا أَوْطَنَ البَلَد فَلم
يَبْرَحْ، ورَمَكَ فِي الطَّعَام رُمُوكاً، ورَجَنَ فِيهِ يَرْجُنُ
رجوناً إِذا لم يَعَفْ مِنْهُ شَيْئا.
وروى أَبُو عبيد عَنهُ: رَمَكْتُ بالمكانِ. وأَرْمَكْتُ غَيْرِي.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رَمَك بِالْمَكَانِ ودَمَكَ ومَكَدَ
إِذا أَقام فِيهِ.
وَقَالَ الْكسَائي: رَمَكَ بِالْمَكَانِ رُمُوكاً، ورَجَنَ رُجوناً.
والرامِكُ: المُقيمُ، بكسرِ الْمِيم.
والرامِكُ بالكسْرِ: الَّذِي يُسَمِّيهِ الناسُ الرَّامَك وَهُوَ
شَيْء، يُصَيَّرُ فِي الطَّيبِ.
اللَّيْث: الرامَكُ: شيءٌ أسودُ كالقَارِ يخلط بالمِسْكِ فَيجْعَل
سُكًّا، والرَّامَكُ تَتَضَيَّقُ بِهِ المَرْأَةُ.
ابْن السّكيت عَن الْفراء قَالَ: هُوَ الرامِك والرامَكُ، فِي بَاب مَا
يُفْتَحُ ويُكْسَرُ.
غَيره: اسْتَرْمَكَ القومُ استرماكاً إِذا اسْتَهْجَنُوا فِي
أَحسابِهِم، ورجلٌ رمَكَةٌ إِذا كَانَ ضَعِيفا.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: إِذا اشتدّتْ كُمْتَةُ الْبَعِير
حَتَّى يَدخُلَهَا سوادٌ فَتلك الرُّمْكةُ، وبعيرٌ أَرْمَكُ.
ابْن الْأَعرَابِي قَالَ حُنَيْفُ الحَنَاتمِ وَكَانَ من آبَلِ العربِ
الرَّمْكاءُ من النُّوقِ: بُهْيَا والحَمْرَاءُ: صُبْرَى والخَوَّارةُ:
غُزْرَى، والصَّهْبَاءُ: سُرْعَى. |