تهذيب اللغة

(أَبْوَاب الْكَاف وَاللَّام)
ك ل ن
اسْتعْمل من وجوهه: لَكِن، نكل، نلك.
نكل: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِن الله يُحِبُّ النَّكَلَ على النَّكَلِ) قيل وَمَا النَّكَلُ عَلَى النَّكَلِ؟ قَالَ: (الرَّجلُ القويُّ المُجرَّبُ المُبْدِىءُ المعيدُ على الفَرَسُ المجرَّبِ المبْدِىء المِعيدِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: يُقَال: رجلٌ نَكَلٌ، ونِكْلٌ، ومعناهُ قريبٌ من التَّفْسيرِ الَّذِي فِي الحَدِيث.
قَالَ وَيُقَال: رجلٌ بَدَلٌ وبِدْلٌ، ومَثلٌ ومِثْلٌ وشَبهٌ وشِبهٌ.
قَالَ: وَلم نسْمع فِي (فَعَلٍ وفعْلٍ) بِمَعْنى وَاحِد غيرَ هَذِه الْأَرْبَعَة الأحْرُفِ.

(10/137)


وَأما قَول الله جلّ وَعز: {قَلِيلاً إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً} (المزمل: 12) فَإِن التَّفْسِير جَاءَ فِي الأنكَال أَنَّهَا هَاهُنَا: قُيُودٌ من نَار، واحِدُهَا: نِكْلٌ.
وَقَالَ شمر: النِّكْلُ: الَّذِي يَغلِبُ قِرْنَه، والنِّكْلُ: القَيْدُ، والنِّكْل: اللّجَامُ، وفلانٌ نِكْلُ شَرَ أَي قويٌّ عَلَيْهِ، ويكونُ: نِكلُ شرَ أَي يُنكِّلُ فِي الشَّرِّ، ورَجلٌ نِكْلٌ ونَكَلٌ إِذا نُكِّلَ بِهِ أَعداؤه أَي دُفِعُوا وأُذِلُّوا، والنِّكْلُ: لِجَامُ البريدِ، وَقيل لَهُ نِكْلٌ لِأَنَّهُ يُنكلُ بِهِ المُلْجَمُ أَي يُدفَعُ كَمَا سمّيت حَكمةُ الدابَّةِ حَكمةً لِأَنَّهَا تمنع الدَّابَّة عَن الصعوبة.
وَيُقَال: نَكَلَ الرجلُ عَن الأمْر يَنْكُلُ نكولاً إِذا جَبُن عَنهُ، ولُغَة أُخرى: نَكِلَ يَنْكَلُ، وَالْأولَى: أَجودُ.
وَقَالَ اللَّيْث: النّكالُ: اسمٌ لما جَعلْتَهُ نَكالاً لغيره إِذا رَآهُ خافَ أَن يَعمَلَ عَملَه.
قَالَ: والمَنْكَلُ: اسمٌ للصَّخْرِ، (هُذَليةٌ) .
وَقَالَ غَيره: نكَّلْتُ بفلانٍ إِذا عَاقَبْتَه فِي جُرْمٍ أَجْرَمَه عُقُوبةً تُنَكِّلُ غيرَه عَن ارتكابِ مثله، وأَنْكَلْتُ الرجلَ عَن حاجَتِهِ إنْكالاً إِذا دَفَعْتَهُ عَنْهَا، وأَنكَلْتُ الحجَرَ عَن مكانهِ إِذا دَفَعْتَهُ عَنهُ.
وَمِنْه الحديثُ (مُضَرُ صَخْرَةُ الله الَّتِي لَا تُنْكَلُ) أَي لَا تُدْفَعُ عَمَّا سُلِّطَتْ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا} (الْبَقَرَة: 66) أَي جعلنَا هَذِه الفَعْلَة عِبْرةً يَنْكُلُ أَن يَفعلَ مثلهَا فَاعِلٌ فينالَه مثلُ الَّذِي نالَ اليهودَ والمعتدينَ فِي السَّبْتِ.
نلك: قَالَ اللَّيْث: النُّلْكُ: شَجَرةُ الدُّبِّ، الواحدةُ: نُلْكةٌ، وَهِي شجرةٌ حَمْلُها زُعْرُورٌ أَصْفَرُ. قلت: وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي النُّلْكِ إنَّه الزُّعْرُورُ.
لَكِن: قَالَ اللَّيْث: الألْكَنُ: الَّذِي لَا يقيمُ عَرَبِيَّتَه، وَذَلِكَ لعُجْمةٍ غالبةٍ على لسانهِ.
يُقَال: لُكْنةٌ شديدةٌ، ولُكُونةٌ، وأَخبرني المنذريُّ عَن المُبَرَّدِ أَنه قَالَ: اللُّكْنة: أَن تعترض على كَلَام الْمُتَكَلّم اللغةُ الأعَجِميَّةُ.
يُقَال فلانٌ يَرْتَضِخُ لُكْنةً رُومِيَّةً أَو حَبشِيَّةً أَو سندية، أَو مَا كَانَت من لُغاتِ العَجَمِ.
سَلمَة عَن الفراءِ أنَّهُ قَالَ: للْعَرَب فِي لاكِنْ وكُتِبَتْ فِي المَصَاحِفِ بِغَيْر أَلفٍ لَكِن لُغَتَانِ تَشْدِيد النُّونِ مَفْتُوحَة، وإسْكَانُها خَفيفةً، فمَنْ شَدَّدها نَصبَ بهَا الأَسماءَ، ولمُ يَلِهَا (فَعَلَ، وَلَا يَفْعَلُ) وَمن خَفَّفَ نُونَها وأَسْكنها لمْ يُعْمِلْها فِي شيْءٍ: اسْمٍ وَلَا فِعْلٍ، وَكَانَ الَّذِي يعْمَلُ فِي الاسْم الَّذِي بعْدهَا مَا مَعَه مِمَّا يَنْصِبُه أَوْ يرفعهُ أَو يخفِضهُ، من ذَلِك قولُ الله: {وَلَاكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (يُونُس: 44) و {وَلَاكِنَّ اللَّهَ رَمَى} (الْأَنْفَال: 17) {وَلَاكِنَّ الشَّيْاطِينَ

(10/138)


كَفَرُواْ} (الْبَقَرَة: 102) رُفعتْ هَذِه الأحْرُفُ بالأفَاعِيل الَّتِي بعْدهَا وَأما قولُهُ جَلَّ وعَزَّ: {بِاللَّهِ حَسِيباً مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مّن رِّجَالِكُمْ وَلَاكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (يُونُس: 37) فإِنك أَضْمَرْتَ كانَ بعد: (ولَكنْ) فنصبتَ بهَا وَلَو رفعْتَه على أَن تُضمر (هُوَ) فتريد وَلَكِن هُوَ رَسُول الله، كَانَ صَوَابا. وَمثله (وَمَا كَانَ هَذَا القرآنُ أَن يُفترَى من دون الله، ولكنْ تصديقُ) و {تَصْدِيقَ} (يُونُس: 37) وَإِذا أَلْقَيْتَ من (لَكِن) الواوَ الَّتِي فِي أَوَّلها آثرَتِ العربُ تخفِيفَ نونها، وَإِذا أَدخَلوا الواوَ آثروا تشديدها، وَإِنَّمَا فعلوا ذَلِك لِأَنَّهَا رُجُوعٌ عماأَصابَ أوَّل الْكَلَام فشُبِّهَتْ ببلْ إِذْ كَانَت رُجُوعا مِثلَها، ألاَ ترى أَنَّك تَقول: لم يَقمْ أخوكَ بل أَبوك ثمَّ تقولُ: لم يقم أخوكَ لكِن أَبوك فتراهما فِي معنى وَاحِد، وَالْوَاو لَا تَصْلح فِي بل فَإِذا قَالُوا: ولكِنْ فادخلُوا الْوَاو تباعَدت من بل إِذْ لم تصلح فِي بل الواوُ فآثروا فِيهَا تشديدَ النونِ، وَجعلُوا الواوَ كَأَنَّهَا دخلت لعَطفٍ لَا بِمَعْنى بلْ.
وَإِنَّمَا نصبتِ الْعَرَب بهَا إِذا شدَّدتْ نونها لأنَّ أَصلها إنَّ عبد الله قائمٌ زيدت على إنَّ لامٌ وكافٌ فصارتا جَمِيعًا حرفا وَاحِدًا.
أَلا ترى أَن الشَّاعِر قَالَ:
وَلَكِننِي مِن حُبِّهَا لَعَمِيدُ
فَلم يُدخل اللامَ إِلَّا أنَّ مَعْنَاهَا إِن.
وَلَا تجوز الإمالة فِي لَكِن، وَصُورَة اللَّفْظ بهَا لَا كن، وكتبت فِي الْمَصَاحِف بِغَيْر ألف، وألفها غير ممالة.
وَقَالَ الكسائيُّ: حرْفان من الِاسْتِثْنَاء لَا يقعان أَكثر مَا يقعان إِلَّا مَعَ الْجحْد، وهما: بل وَلَكِن.
قَالَ: والعربُ تجعلهما مثل وَاو النَّسَق.
ك ل ف
كلف، كفل، فلك، فَكل، لفك: مستعملات.
كلف: قَالَ اللَّيْث: كَلِفَ وجهُهُ يَكْلَفُ كَلَفاً، وبَعِيرٌ أكْلَفُ، وَبِه كُلْفَةٌ كل هَذَا فِي الْوَجْه خَاصَّة، وَهُوَ لونٌ يَعْلُو الجلدَ فيغيِّرُ بشرتَه.
وَيُقَال للبَهَقِ: الكَلَفُ وَالْبَعِير الأَكْلَفُ يكون فِي خدَّيه سوادٌ خفِيٌّ.
قَالَ: وخَدٌّ أَكْلَفُ أَي أَسْفَعُ.
وَقَالَ العجَّاج:
عَنْ حَرْفِ حَيْشُومٍ وخَدَ أَكْلَفَا
يصف الثور.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: قَالَ: إِذا كَانَ البعيرُ شديدَ الحمرَة يخلِط حُمرَته سوادٌ لَيْسَ بخالصٍ فتلكَ الكُلْفَةُ، وَهُوَ أَكْلَفُ، وناقة كَلفَاءُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: كَلِفْتُ هَذَا الأمرَ وتكلَّفتُه.

(10/139)


قَالَ: والكُلْفَة: مَا تكلّفْتَ من أمرٍ فِي نائبةٍ أَو حقَ، والجميعُ: الكُلَفُ.
وَيُقَال: فلانٌ يتكلَّفُ لإخوانه الكُلَفَ، والتكاليفَ.
والمُكَلَّفُ: الوقَّاعُ فِيمَا لَا يعنيه.
وذُو كُلاَفٍ: اسمُ وادٍ فِي شِعْر ابْن مُقبل.
وَقَالَ شمر وَغَيره: من أَسمَاء الْخمر: الكَلْفَاء والعَذْرَاء.
أَبُو زيد: كَلِفْتُ مِنْك أمرا كَلَفاً، وكَلِفْتُ بهَا أشدَّ الكَلَفِ إِذا أَحبها، ورجلٌ مِكْلافٌ: مُحبٌّ للنِّسَاء، وَرجل كَلِفٌ بِالنسَاء: مِثلُه.
كفل: قَالَ الله جلّ وَعز: {مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا} (النِّسَاء: 85) .
قَالَ الفرّاء: الكِفْلُ: الحظُّ، وَمِنْه قَول الله: {بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن} (الْحَدِيد: 28) مَعْنَاهُ: حظّين.
وَقَالَ الزجَّاج: الكِفْلُ فِي اللُّغَة: النَّصِيب أُخذ من قَوْلهم: اكتَفلْتُ البعيرَ إِذا أدرتَ عَلَى سَنَامه أَو على مَوضِع من ظهرهِ كسَاء وركبْتَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا قيل لَهُ كِفْل وَقيل: اكتَفلَ البعيرَ لِأَنَّهُ لم يسْتَعْمل الظَّهرَ كلّه إِنَّمَا اسْتعْمل نَصِيبا من الظّهْر.
وَقَالَ ابْن الأنباريِّ فِي قَوْلهم: قد تكفّلْتُ بالشَّيْء مَعْنَاهُ قد ألزمْتهُ نَفسِي، وأزلْتُ عَنهُ الضَّيْعة والذّهاب وَهُوَ مَأْخُوذ من الكِفْل.
والكِفْلُ: مَا يحفظُ الرَّاكبَ من خَلفه، والكِفْلُ، النصيبُ: مَأْخُوذ من هَذَا، وَرجل كِفْل: لَا يثُبت على الْجمل: لَيْسَ من الأوَّل.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ: عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: سُمِّي ذَا الكِفْل لِأَنَّهُ كفَلَ بمئة ركعةٍ كلَّ يَوْم.
قَالَ: والكِفْلُ: الَّذِي لَا يثبُت على مَتْن الْفرس، وَجمعه: أكْفال، وَأنْشد:
مَا كُنْتَ تَلْقى فِي الحُروب فوَارسي
مِيلاً إِذا رَكِبُوا وَلَا أَكفَالا
وَقَالَ الزّجاج: يُقَال: إنَّ ذَا الكِفْل سُمِّي بِهَذَا الِاسْم لِأَنَّهُ تكفَّل بأَمر نبيَ فِي أُمته، فَقَامَ بِمَا يجبُ فيهم.
وَقيل: تكفّلَ بِعَمَل رجل صَالح فَقَامَ بِهِ.
ورُوي عَن إِبْرَاهِيم: أَنه كره الشُّربَ من ثُلمةِ القَدَح أَو العروة، وَيُقَال: إِنَّهَا كِفْلُ الشَّيْطَان.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ: الكِفْلُ: أَصله: المرْكَبُ، فَأَرَادَ أَن العُروةَ والثُّلمةَ: مركبُ الشْيطان.
وَقَالَ أَبُو عبيد: والكِفْلُ أَيْضا: ضِعفُ الشيءِ.
وَيُقَال: إِنَّه النصيبُ.
النَّضْرُ عَن أبي الدُّقْيشِ: اكتَفَلْتُ بِكَذَا إِذا وَلَّيتَه كَفَلَك، قَالَ: وَهُوَ الافتعال،

(10/140)


وَأنْشد:
قدِ اكْتَفلَتْ بالحَزْن واعوَجَّ دُونَها
ضَوَارِبُ مِن خَفَّانَ مُجْتابةً سِدْرَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنَّهُ أَنشده بيتَ خِدَاش بن زُهير:
إِذا مَا أَصَاب الغَيْثُ لم يَرْعَ غيثَهُمْ
من النَّاس إلاّ مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ
قَالَ: والمُحْرِمُ: المُسالِم، والْمُكافِلُ: المُعَاقِدُ المحالِف، والكَفِيلُ: من هَذَا أُخِذ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الكافِلُ: الَّذِي لَا يَأْكل، وَيُقَال للَّذي يَصل الصيامَ من النَّاس: كافِلٌ.
وَقَالَ القطاميُّ يصف إبِلا عِطاشاً:
يَلُذْنَ بِأَعْقَارِ الحِياض كأَنَّها
نِساءُ النصارَى أَصبحَتْ فهْيَ كُفَّلُ
قَالَ ابْن لأعرابي فِي قَوْله: وَهِي كفّلُ أَي ضَمِنَتِ الصَّوْم.
وروى أَبُو إِسْحَاق عَن أبي الْأَحْوَص عَن أبي مُوسَى (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَحمِته) قَالَ: ضِعفين، وَقيل: مِثْلين.
يُقَال: مَا لفُلَان كِفْلٌ: أَي مَاله مِثْلٌ.
قَالَ عَمْرو بن الْحَارِث:
يَعْلُو بهَا ظَهْرَ الْبَعِير وَلم
يوجَد لَهَا فِي قَومهَا كِفْلُ
كأَنّه بِمَعْنى مِثل، قَالَ الأزهريُّ: والضِّعْفُ يكون بِمَعْنى المِثل.
وَفِي حديثٍ آخر: أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجُل: (لكَ كِفْلاَنِ من الأجْر) . أَي مِثلان، والكِفْلُ: النصِيب، والأجْر يُقَال: لَهُ كِفْلان أَي جزآن ونصيبان.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أَكْفَلْتُ فلَانا المالَ إِكْفالاً إِذا ضمَّنْتَه إيَّاهُ، وكفَلَ هُوَ بِهِ كُفولاً وكَفْلاً.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِى فِى} (ص: 23) .
قَالَ الزَّجَّاج: مَعْنَاهُ اجْعَلْني أَنا أَكفُلُهَا وانْزِلَ أَنتَ عَنْهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: كَفِيلٌ وكَافِلٌ، وضَمِينٌ وضامِنٌ بِمَعْنى وَاحِد.
وقرىءَ قولُ الله جلَّ وعزَّ: (وكَفَلَهَا زكريَّاءُ) (آل عمرَان: 37) بِالتَّخْفِيفِ، وقُرِىءَ (وكَفَّلَهَا زكريَّاءَ) أَي وكفَّلَها اللَّهُ زكرياءَ أَي ضَمَّنَه إيَّاها حَتَّى تكَفَّل بحَضَانَتها، وَمن قرأَ (وكَفَلَها زكريَّاءُ) (آل عمرَان: 37) فالفعلُ لزكرياء أَي ضَمِنَ القيامَ بأَمْرِها.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَفَلُ: رِدْفُ العَجُزِ، وَإِنَّهَا لَعَجْزاءُ الكفَل.
قَالَ: والكِفْلُ من الأَجْر والإثمِ: الضِّعْفُ.
يُقَال: لَهُ كِفْلاَن من الأجْرِ، وَلَا يُقَال: هَذَا كِفْلُ فلانٍ حَتَّى تكونَ قد هَيَّأْتَ لغيره مِثلَه كَالنَّصِيب، فَإِذا أَفردْتَ فَلَا يُقَال:

(10/141)


كِفْلٌ وَلَا نصيب.
قَالَ: والكِفْلُ من الرِّجال: الَّذِي يكون فِي مُؤخَّرِ الحَرْب، إِنَّمَا همَّتُه التأخُّر والفِرارُ وَهُوَ بَيِّنُ الكُفُولة.
قلتُ: الكِفْلُ من الرِّجَال: الَّذِي يكونُ فِي مؤخّر الْحَرْب لَا يَثْبُتُ عَلَى ظَهْر الدَّابة.
وَقَالَ اللَّيْث: الكفِيل: الضامِنُ للشيءِ.
يُقَال: كَفَلَ بِهِ يَكْفُلُ كَفَالةً، وأمّا الكَافلُ. فَهُوَ الَّذِي كَفَلَ إنْسَانا يَعُولُه ويُنْفِقُ عَلَيْهِ.
وَفِي الحَدِيث: (الرَّبِيبُ كَافِلٌ) وَهُوَ زَوْجُ أُمِّ الْيَتِيم، كأَنّه كفَل نفقتَه.
لفك: عَمْرو عَن أَبِيه: العَفِيكُ واللَّفِيكُ: المُشْبَعُ حُمْقاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي الألْفَكُ والألْفَتُ: الأَعْسَرُ.
وَقَالَ فِي موضعٍ آخر: الأَلْفَكُ: الأحمَقُ.
فلك: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الأَفْلَكُ: الَّذِي يَدُور حَوْلَ الفَلَك، وَهُوَ التَّلُّ من الرّمل، حولَه فضاءٌ.
وَقَالَ الليثُ: الفَلَكُ جَاءَ فِي الحَدِيث أنّه دَوَرَانُ السماءِ وَهُوَ اسمٌ للدَّوَران خاصَّةً، وأمَّا المُنَجِّمُونَ فَيَقُولُونَ: سبعةُ أَطْوَاقٍ دُونَ السماءِ قد رُكِّبَتْ فِيهَا النجومُ السبعةُ، فِي كلِّ طَوْقٍ مِنْهَا: نجْمٌ، وَبَعضهَا أَرفعُ من بعض تَدُورُ فِيهَا بإِذن الله.
وَقَالَ الفرَّاء يُقَال: إنَّ الْفَلَكَ: مَوْجٌ مَكْفورٌ تجْرِي فِيهِ الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب.
وَقَالَ الكَلْبيُّ: الفَلَكُ: اسْتِدارةُ السماءِ.
وَقَالَ الزَّجَّاج فِي قَول الله: {سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِى} (الْأَنْبِيَاء: 33) لكلَ مِنْهَا فَلَكٌ.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الفَلَكُ: قِطَعٌ من الأَرْض تستديرُ وترتفع عَمَّا حولهَا، والواحدة: فَلَكَةٌ، وَقَالَ الرَّاعِي:
إِذا خِفْنَ هَوْلَ بُصونِ البِلادِ
تَضَمَّنَهَا فَلَكٌ مُزْهِرُ
يَقُول: إِذا خافتِ الأدْغَالَ وبطونَ الأرضِ ظَهَرَتِ الفَلَكَ.
شمر عَن ابْن شميلٍ الفَلْكَةُ: أَصَاغِرُ الإكامِ وَإِنَّمَا فَلَّكَهَا اجْتماعُ رَأْسهَا كأَنها فَلْكةُ مِغْزَلٍ لَا تُنْبِتُ شَيْئا، والفَلْكَةُ: طويلةٌ قدرُ رُمْحَيْنِ أَو رُمْحٍ ونصفٍ، وَأنْشد:
يَظَلاَّنِ النَّهارَ برَأْسِ قُفَ
كُمَيْتِ اللَّوْنِ ذِي فَلكٍ رَفيعِ
وَقَالَ اللَّيْث: الفُلْكُ تُذَكَّرُ وتُؤنَّثُ وَهِي وَاحِدَة، وتكونُ جَمعاً، قَالَ الله تَعَالَى فِي التوحيدِ: {فِى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (يس: 41) فذكَّرَ الفُلكَ. وَقَالَ فِي الجمعِ {حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِى الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم} (يُونُس: 22) فأَنَّثَ وجَمعَ، ويجوزُ أَن يُؤنَّثَ واحدهُ كقولهِ تَعَالَى: {جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} (يُونُس: 22) فَقَالَ: جَاءَتْهَا فأَنَّثَ وَقَالَ: {حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ} فجمَعَ.
وَقَالَ اللَّيْث: فَلَّكَتِ الجاريةُ تَفْليكاً إِذا

(10/142)


تَفلَّكَ ثَدْيُهَا أَي صَارَ كالفَلْكةِ وَأنْشد:
جَارِيَةٌ شَبَّتْ شَبَاباً هَبْرَكَا
لم يَعْدُ ثَدْيَا نَحْرِهَا أَنْ فَلَّكَا
مُسْتَنْكِرَانِ المَسَّ قد تَدَمْلَكَا
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: التَّفْليكُ: أَنْ يَجْعَلَ الرَّاعِي مِن الهُلْبَ مثلَ فَلْكةِ المِغْزَلِ ثمَّ يَثْقُبُ لِسانَ الفَصِيلِ فيَجْعَلهُ فِيهِ لِئلا يَرضَعَ ثدْي أُمِّهِ.
قَالَ ابنُ مُقبلٍ فِيهِ:
رُبَيِّبُ لمْ تُفَلِّكهُ الرِّعَاءُ وَلمْ
يَقْصُرْ بِحَوْمَلَ أَدْنَى شُرِبْهِ وَرَعُ
أَي كَفٌّ.
وَقَالَ اللَّيْث: فلَّكتُ الجَدْيَ، وَهُوَ قضيبٌ يُدارُ عَلَى لسانهِ لِئَلاَّ يَرضَعَ.
قلت: والصوابُ فِي التَّفْليكِ مَا قَالَ أَبُو عَمْرو.
وَفِي حَدِيث ابْن مسعودٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَجُلاً وَهُوَ جَالِسٌ عِندهُ فَقَالَ: إِنِّي تركْتُ فرسكَ كأَنَّهُ يَدُورُ فِي فَلَكٍ.
قَالَ أَبُو عبيد فِي قَوْله: فِي فَلَكٍ، فيهِ قولانِ: فأَمَّا الَّذِي تَعرفُهُ العامَّةُ شَبَّهَهُ بِفَلكِ السَّمَاء الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ النجومُ وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ: القُطْبُ، شُبِّهَ بقُطْبِ الرَّحَا.
قَالَ وَقَالَ بعضُ الْأَعْرَاب: الفَلَكُ: المَوْجُ إِذا ماج فِي البحْرِ فَاضْطربَ وَجَاء وَذهب، فَشبَّه الفرسَ فِي اضْطِرابهِ بذلك، وَإِنَّمَا كانتْ عَيْناً أَصَابتْهُ وَقَول رؤبة:
وَلاَ شَظٍ فَدْمٍ وَلاَ عَبْدٍ فَلِكْ
قَالَ أَبُو عَمْرو: الفَلِكُ: العَبْدُ الَّذِي لَهُ أَلْيَةٌ على خِلْقةِ الفَلْكةِ، وأَليَاتُ الزِّنْجِ مُدَوَّرَةٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفَيْلَكُونُ: الشُّوبَقُ.
(قلت) : وهما مُعَرَّبانِ مَعًا.
وَيُقَال فَلْكةٌ، وفَلَكةٌ لِفَلْكةِ المِغْزَلِ.
فَكل: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: الأَفكَلُ: رِعْدةٌ تَعْلُو الإنسانَ، وَلا فِعْلَ لَهُ.
وَيُقَال: أَخذَ فُلاناً أَفْكَلٌ إِذا أَخذَتْهُ رعْدةٌ.
وَفِي الحَدِيث: أنَّ مُوسَى لمَّا ضَربَ البَحْرَ بعَصَاهُ فانْفرقَ بَاتَ وَله أفْكَلٌ أَي رِعْدةٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: افْتَكَلَ فلانٌ فِي فعْلهِ افتكَالاً، واحْتفل احتفالاً بِمَعْنى واحدٍ.
ك ل ب
كلب، كبل، لبك، لكب، بلك، بِكُل: مستعملات.
أما بلك، ولكب فإنَّ اللَّيْث أهملها، وهما مستعملانِ.
لكب: روى عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: المَلْكَبَةُ: الناقةُ الكثيرةُ الشَّحْم واللَّحْم.
قَالَ: والملكَبَةُ: القيادةُ.
بلك: ورَوَى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أنَّه قَالَ: البُلْكُ. أَصْواتُ الأشْداق إِذا

(10/143)


حرَّكتْها الأصابعُ من الوَلَع.
كلب: قَالَ اللَّيْث: الكَلْب: وَاحِد الكِلاب. قَالَ: والكَلْبُ الكَلِبُ: الَّذِي يَكْلَبُ فِي أَكل لُحُوم النَّاس فيأْخذُه شِبْهُ جُنونٍ، فإِذا عَقَرَ إنْسَانا كَلِبَ المعقورُ وأصابه داءُ الكَلَب، يَعْوِي عُواءَ الكَلْب، ويمزِّق ثِيَابه عَن نَفسه. ويَعقِرُ مَنْ أصابَ ثمَّ يَصير آخر أمره إِلَى أَنْ يأخذَه العُطَاشُ فيموتَ من شدَّة العَطش وَلَا يشرب.
ورجُل كَلِبٌ، وَقد كَلِبَ كَلَباً إِذا اشتدَّ حِرْصُه على طلب شيءٍ.
وَقَالَ الحَسن: إنَّ الدُّنيا لمّا فُتِحتْ عَلَى أَهلهَا كَلِبوا عَلَيْهَا أَشدَّ الكَلَب، وعَدَا بعضُهم على بعض بِالسَّيْفِ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الكَلْب: خَرْزُ السَّيْرِ بَين سَيْرَيْن، كلَبْتُه أَكلُبُه كَلْباً وَنَحْو ذَلِك قَالَ اللَّيْث. وَأنْشد:
سَيْرُ صَنَاعٍ فِي خَرِيزٍ تَكْلُبُهْ
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الكَلْبُ: مِسمارٌ يَكون فِي رَوافد السَّيْفِ يُجعلُ عَلَيْهِ الصُّفْنَةُ وَهِي السُّفرة الَّتِي تُجمَعُ بالخيط.
قَالَ: والكَلْبُ: أوَّلُ زيادةِ المَاء فِي الْوَادي.
والكَلْبُ: مِسْمارٌ على رَأس الرَّحْل يُعَلِّقُ عَلَيْهِ الراكبُ السَّطِيحَةَ.
والكَلْبُ مِسمارُ مَقْبِض السَّيْف، وَمَعَهُ آخرُ يُقَال لَهُ: العَجوزُ.
وَقَالَ: الكَلَبُ: القِيادةُ، والكَلَبُ: الأكلُ الكثيرُ بِلَا شِبَع، والكَلْبُ: القِدُّ، والكَلَبُ: وُقوعُ الحبْل بَين القَعْوِ والبَكْرَة، وَهُوَ المَرَسُ، والْحَضَبُ.
والكَلَبُ: أَنفُ الشِّتاء وحَدُّهُ. والكَلَبُ: صياحُ الَّذِي قد عضَّه الكلْب.
قَالَ: وَقَالَ المُفَضّل: أَصْلُ هَذَا أنَّ دَاء يقعُ على الزرْع فَلَا يَنْحَلُّ حَتَّى تطلُع عَلَيْهِ الشَّمْس فيذوبَ، فإِنْ أَكَلَ مِنْهُ المالُ قبلَ ذَلِك مَاتَ.
وَمِنْه مَا رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهَى عَن سَوْمِ اللَّيْل أَي عَن رَعْيِه، وَرُبمَا نَدَّ بعيرٌ فأَكل من هَذَا الزَّرْع قبْل طُلُوع الشَّمْس، فإِذا أَكله مَاتَ، فَيَأْتِي كلْبٌ فيأكلُ من لحمِه فيَكْلَبُ، فإِن عَضَّ إنْسَانا كَلِبَ المعضوضُ، فإِذا سَمع نُباحَ كلبٍ أَجَابه.
وَقَالَ اللَّيْث: دَهْرٌ كَلِبٌ: قد أَلَحَّ عَلَى أَهْلِه بِمَا يَسُوءُهم. وَأنْشد:
مالِي أَرَى الناسَ لَا أَبَا لَهُمُ
قد أَكلوا لحمَ نَابِحٍ كَلِبِ
ويقالُ للشجرة العارِدَةِ الأغصان، والشَّوْكِ اليابِسِ المقْشَعِرَّةِ: كَلِبَةٌ. والكُلاَّبُ والكَلُّوبُ: خشبةٌ فِي رَأسهَا عُقافَةٌ مِنْهَا أَو من حَدِيد، فأمّا الكلبتان: فالآلة الَّتِي تَكون مَعَ الحدَّادِين وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ: وحَديدةٌ ذاتُ كَلْبَتيْن وحَدِيدتانِ ذَوَاتَا كَلْبتين وحَدَائدُ ذَوَات كَلْبتين فِي الْجمع.

(10/144)


وكَلاَلِيبُ البَازِي: مَخَالبُه.
قَالَ. والكَلْبُ: من النُّجُوم بحِذَاء الدلْو من أَسْفَل، وعَلى طَرِيقَته نَجْمٌ آخرُ يُقَال لَهُ: الرَّاعِي.
والكَلِيبُ: جماعةُ الكِلاب، والكَلاَّبٌّ، والْمُكَلَّبُ: الَّذِي يُعلَم الكلابَ أخْذَ الصَّيد.
وكَلْبٌ: وكُلَيْبٌ، وكِلاَبٌ: قَبائلُ مَعْرُوفَة.
والكُلْبَةُ: شِدَّةُ البرْد. وَأنْشد:
أَنْجَمَتْ قِرَّةُ الشِّتاءِ وكانَتْ
قد أقامَتْ بِكُلْبَةٍ وقِطَارِ
وَيُقَال: كَلِبَ عَلَيْهِ القِدُّ كَلَباً إِذا أُسِرَ بِهِ فيَبِسَ وعضَّه.
وأَسِيرٌ مُكَلَّب ومُكَبَّلٌ أَي مقيَّدٌ، وأَسِيرٌ مُكَلَّبٌ: مأْسُور بالقِدِّ.
وأرْضٌ كَلِبَةُ الشَّجَر إِذا لم يُصِبْها الرَّبيع.
اللحياني: اكْتَلَبَ الخارِزُ إِذا استَعمل الكُلْبَةَ، والكُلْبَةُ: السَّير وراءَ الطَّاقَة من اللِّيف، تسْتَعْمل كَمَا يسْتَعْمل الإِشْفَى الَّذِي فِي رَأسه جُحْرٌ يَدْخَلُ السيرُ أَو الخيْطُ فِي الكُلْبَة، وَهِي مَثْنِيَّة، فيُدخَل فِي مَوضِع الخَرْز، ويُدْخِلُ الخارزُ يَده فِي الإدَاوةِ، ثمَّ يَمُدُّ السيرَ أَو الخيطَ، والخارِزُ يُقَال لَهُ: مُكْتَلِبٌ.
ولِسَان الكَلْبِ: اسْم سيفٍ كَانَ لأوس بن حارثةَ بن لأْمٍ الطائيّ وَفِيه يَقُول:
فإنَّ لسَانَ الكَلْبِ مانعُ حَوْزَتي
إِذا حَشَدَتْ مَعْنٌ وأَفنَاءُ بُحْتُرِ
وَقَالَ النَّضْرُ: الناسُ فِي كُلْبَةٍ أَي فِي قَحْطٍ وشدَّةٍ من الزَّمَان.
ورَأْسُ الكَلْبِ: اسمُ جَبلٍ مَعْرُوف.
أَبُو زيد: كُلْبَة الشتاءِ وهُلْبَتُه: شِدَّتُه.
وَقَالَ الْكسَائي: أَصَابَتْهُم كُلْبَةٌ من الزَّمَان فِي شدَّة حَالهم وعيشهم، وهُلبةٌ من الزَّمان.
قَالَ، وَيُقَال: هُلْبة، وهُلُبّةٌ من الحرّ وَمن القُرّ.
شمر عَن ابْن شُمَيْل عَن أَبي خَيْرةَ: أرضٌ كَلِبَةٌ: أَي غليظةٌ قُفٌّ، لَا يكون فِيهَا شجرٌ وَلَا كلأٌ، وَلَا تكون جبلا.
وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْشِ: أَرضٌ كَلِبَةُ الشَّجَرِ أَي خَشِنَةٌ يابسةٌ لم يُصِبْها الربيعُ بعدُ، وَلم تَلِنْ.
كبل: قَالَ اللَّيْث: الكَبْلُ: قيد ضخمٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ القَيدُ: والكَبْلُ، والنِّكْلُ، والوَلْمُ، والقُرْزُلُ والمكْبولُ: المحبوسُ.
وَفِي حَدِيث عُثْمَان: (إذَا وَقَعَتِ السُّهْمَانُ فَلَا مُكَابَلَةَ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: تكون المكابلةُ بمعنيين، تكون من الحبْس، يَقُول: إِذا حُدَّت الحدُود فَلَا يحبسُ أحدٌ

(10/145)


عَن حقِّه، وَأَصله من الكَبْلِ، وَهُوَ القيدُ، وَجمعه: كُبولٌ، والمكْبول: المحبوسُ.
وأنشدني الأصمعيّ:
إِذا كنتَ فِي دارٍ يُهينُكَ أَهْلُهَا
وَلم تكُ مَكبولاً بهَا فتحوَّلِ
قَالَ الأصمعيُّ: وَالْوَجْه الآخر أَن تكونَ المكَابَلَةُ من الِاخْتِلَاط وَهُوَ مقلوبٌ من قَوْلك: لبَكْتُ الشيءَ، وبكَلْته إِذا خَلَطتَه.
يَقُول: فَإِذا حُدَّتِ الحدُودُ، فقد ذهبَ الاختلاطُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: هُوَ الكَبْلُ وَمَعْنَاهُ الحبْس عَن حَقه، وَلم يذكر الوجهَ الآخر.
قَالَ أَبُو عبيد: وَهَذَا عِنْدِي هُوَ الصوابُ، وَالتَّفْسِير الآخر غلطٌ، لِأَنَّهُ لَو كَانَ من بَكلْتُ لقَالَ: مُبَاكَلَةً.
وَقَالَ اللحياني فِي المُكَابَلَةِ، قَالَ بَعضُهم: هِيَ التَّأخِيرُ.
يُقَال: كَبَلْتُكَ دَيْنَكَ: أَخَّرْتُهُ عنكَ.
وَقَالَ بعضُهم: المُكَابَلَةُ: أَن تُبَاعَ الدارُ إِلَى جَنْبِ داركَ وَأَنت تُرِيدُهَا فَتُؤَخِّر ذَلِك حَتَّى يَسْتَوْجِبهَا المُشْتَرِي ثمَّ تأخذها بالشّفْعِةِ، وَهِي مَكرُوهَةٌ.
قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
مَتَى يَعِدْ يُنْجِزْ وَلَا يَكْتَبِلْ
مِنْهُ العَطَايَا طُولُ إِعْتَامِهَا
اعْتَامها: الإبْطَاءُ بهَا، لَا يَكْتَبِلْ: لَا يَحْتَبِسْ.
وَذُو الكَبْلَيْنِ: فَحْلٌ فِي الجاهليّة كَانَ ضَبَّاراً فِي قَيْدِه.
لبك: قَالَ اللَّيْث: اللَّبْكُ: جَمْعُكَ الثَّرِيدَ لِتَأْكُلَهُ.
والْتَبَكَ الأمرُ إِذا اخْتَلَطَ والْتبَسَ. قَالَ زُهَيْر:
إِلَى الظَّهِيرَةِ أَمْرٌ بَيْنَهُمْ لَبِكُ
أَي مُلْتَبِسٌ لَا يَسْتَقِيمُ رَأَيُهُمْ على شَيْء وَاحِدٍ.
وَيُقَال: مَا ذُقْتُ عِنْده عَبَكةٌ وَلَا لَبَكةٌ فالعَبَكَةُ: الحبّةُ من السَّويقِ وَنَحْوه، واللَّبَكَةُ: القِطْعَةُ من الثَّريدِ.
ابْن السّكيت عَن الْكلابِي قَالَ: أَقولُ: لَبِيكَةٌ من غنَمٍ. وَقد لَبَكُوا بَين الشَّاءِ أَي خَلَطُوا بَيْنَه.
وَقَالَ عَرَّامٌ: رَأَيْت لُبَاكةً من النَّاس ولَبيكة أَي جمَاعَة.
بِكُل: أَبُو عبيد عَن الأمَوِيِّ: البَكْلُ: الأَقِطُ بالسَّمْنِ.
قَالَ وَقَالَ أَبُو زيد: البَكِيلَةُ والبَكَالةُ جَمِيعًا: الدقيقُ يُخْلَطُ بالسوِيق ثمَّ تَبُلُّهُ بِمَاء أَو زيتٍ أَو سَمْنٍ، بَكلْتُهُ أَبْكُلَهُ بَكْلاً.
وَقَالَ ابْن السّكيت عَن الْكلابِي: البَكِيلَةُ: الجافُّ من الأقِطِ الَّذِي يُبْكَلُ بِهِ الرَّطْب.
يُقَال: (ابْكُلي واعْبِثي) وَيُقَال للغنمِ إِذا

(10/146)


لَقِيَتْ غَنَماً أُخرى فدخَلَتْ فِيهَا: ظَلَّتْ عَبِيثَةً وَاحِدَة، وبَكيلَةً وَاحِدَة أَي قد اخْتَلَط بَعْضها ببَعْضٍ، وَهُوَ مَثَلٌ، وَأَصله من الأقِط والدّقِيقِ يُبْكَلُ بالسّمْن فَيُؤْكَلُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: قَالَ الطائيّ: البَكِيلَةُ: تَمْرٌ وطَحِينٌ يُخْلَطُ، يُصَبُّ عَلَيْهِ السَّمْنُ أَو الزَّيْت وَلَا يُطْبَخُ، وَمن أَمثالهم فِي الْتِبَاسِ الأمْرِ (بَكْلٌ مِنَ البَكْل) وَهُوَ اخْتِلَاط الرَّأْي فِيهِ وارْتِجَانُهُ.
أَبُو عبيد: التَّبَكُّلُ: الغنِيمَةُ. وَقَالَ أَوْسٌ:
عَلَى خَيْرِ مَا أَبْصَرْتُها من بِضَاعَةٍ
لِمُلْتَمِسٍ بَيْعاً لهَا أَو تَبَكُّلاَ
وَقَالَ اللَّيْث: الإنسانُ يَتَبَكَّلُ: أَي يَخْتالُ.
قَالَ: والبَكِيلُ: مَسُوطُ الأقِطِ.
وَفِي بعض اللُّغَات: إِنَّه لجَمِيلٌ بَكِيلٌ أَي مُتَنَوِّقٌ فِي لُبْسِهِ ومَشْيهِ.
وَقَالَ عَرَّامٌ: رَأَيتُ لُبَاكَةً من النّاس وَلبِيكَةً أَي جمَاعَة.
ك ل م
كلم. كمل. لكم. لمك. ملك. مكل: مستعملات.
كلم: قَالَ اللَّيْث: الكَلْمُ: الجَرْحُ، والجميع: كُلُومٌ، وَتقول: كلَمْتُه وأَنا أَكْلِمُه كَلْماً وأَنا كالِمٌ، وَهُوَ مَكْلُومٌ.
وَقَالَ الله جلّ وَعَزَّ: {عَلَيْهِم أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ الاَْرْضِ} (النَّمْل: 82) .
قَالَ الفرَّاءُ: اجْتَمَعَ القُرَّاءُ على تَشْدِيد تُكَلِّمُهُم وَهُوَ من الكَلام وحَدَّثِني بعض المُحَدِّثِينَ أَنه قُرىءِ: تَكْلِمُهُمْ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ابْن اليزيدي: سَمِعَ أَبَا حَاتِم يَقُول: قَرَأَ بعضُهم: تَكْلِمُهُمْ، وفُسِّرَ: تَجْرَحُهُم، والكِلاَمُ: الجِرَاحُ، وَكَذَلِكَ إنْ شُدِّدَ: تُكلِّمُهُم فَذَلِك الْمَعْنى: تُجَرِّحُهُم، وفُسِّرَ فَقيل: تَسِمُهُمْ فِي وُجُوهِهِم، تَسِمُ المؤمنينَ بِنُقْطَةٍ بَيضاءَ، فَيَبْيَضُّ وجهُهُ، وتَسِمُ الكافرَ بنقطةٍ سوداءَ فَيَسْوَدُّ وَجهه.
وَقَالَ اللَّيْث: كَلِيمُكَ الَّذِي تُكَلِّمُهُ ويُكَلِّمُكَ، والكلامُ: مَعْرُوف، والكِلْمَةُ: لُغَةٌ تَمِيمِيّةٌ، والكلِمةُ: لُغة حِجَازيَّة، والجميعُ فِي لُغَة تَمِيم: الكِلَمُ، قَالَ رؤبة:
لَا يَسْمَعُ الرَّكْبُ بهَا رَجْعَ الكِلَمْ
وَقَالَ غَيره: الْكَلِمَة تقع على الْحَرْف الْوَاحِد من حُرُوف الهجاء، وَتَقَع على لَفْظَةٍ وَاحِدَة مُؤلَّفةٍ من جماعةِ حروفٍ لَهَا مَعْنى، وَتَقَع على قصيدة بكمالها وخُطْبَة بأسْرها.
يُقَال: قَالَ الشَّاعِر فِي كَلمته أَي فِي قصيدته، والقرآنُ كلاَمُ الله، وكَلِمُ الله، وكَلمَاتُ الله، وكلمةُ اللَّهُ، وَهُوَ كَيْفَمَا تَصَرَّفَ، مَتْلُوَّا، ومَحْفُوظَاً، ومَكْتُوباً: غيرُ مَخْلُوق، ورجلٌ تِكْلاَمَةٌ يُحْسِنُ الكَلاَمَ.

(10/147)


وَقَالَ أَحْمد بن يحيى فِي قَول الله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} (النِّسَاء: 164) لَو جَاءتْ: كلَّمَ الله مُوسَى مُجَرّداً لاحْتَمَلَ مَا قُلْنَا وَمَا قَالُوا يَعْني المُعْتَزِلةَ فلمَّا جَاءتْ: (تكليماً) خَرجَ الشَّكُّ الَّذِي كَانَ يدخلُ فِي الْكَلَام، وخَرجَ الاحْتمالُ للشَّيْئَيْنِ، وَالْعرب تَقول: إِذا وُكِّدَ الكلامُ لم يَجُزْ أَن يكونَ التوكيدُ لَغوا، والتَّوكيدُ بالمَصْدَرِ دَخَلَ لإخْرَاجِ الشّكِّ.
ابْن السّكيت يُقَال: كانَا مُتَهَاجِرَيْنِ، فَأصْبَحَا يَتَكَالَمَانِ، وَلَا تَقُلْ يَتَكَلَّمَانِ.
كمل: قَالَ اللَّيْث: كَمَلَ الشيءُ يَكْمُلُ كَمَالاً، ولُغةٌ أخْرَى: كَمُلَ يَكْمُلُ، فَهُوَ كَاملٌ فِي اللُّغتيْنِ، وأكملتُ الشيءَ أَي أَجْمَلْتُهُ وأَتْمَمْتُهُ.
والكمالُ: التَّمَامُ الَّذِي يُجَزَّأ مِنْهُ أَجْزاؤهُ.
يُقَال: لَكَ نِصْفُهُ، وبَعْضُه، وكمالهُ.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى} (الْمَائِدَة: 3) الآيةَ، ومعنَاهُ واللَّهُ أَعْلَمُ الآنَ أكْمَلْتُ لكُمْ الدِّينَ بِأَن كَفَيْتُكُمْ خوْفً عَدُوِّكم، وأَظْهَرْتُكُمْ عَلَيْهِم، كَمَا تقولُ: الْآن كملَ لَنَا المُلكُ، وكملَ لنا مَا نريدُ، بأَنْ كُفِينَا من كُنَّا نَخَافهُ، وَقد قيل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (الْمَائِدَة: 3) أَي أكمْلتُ لكُمْ فَرق مَا تَحتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي دِيِنكم، وَذَلِكَ جائزٌ، فأَمَّا أَن يكون دِينُ اللَّهِ فِي وقْتٍ من الأوقاتِ غيرَ كاملٍ فَلَا.
قلت وَهَذَا كلُّهُ كلامُ أبي إِسْحَاق النَّحْويِّ وَهُوَ حَسنٌ.
وَقَالَ الليثُ: كاملٌ: اسمُ فَرَسٍ سَابِقٍ كَانَ لِبَنِي امرىءِ القَيسِ، وتقولُ: أَعْطَيْتُه هَذَا المَال كَمَلاً هَكَذَا يُتَكلمُ بِهِ، وَهُوَ فِي الْجَمِيع والوُحْدَانِ: سواءٌ، وَلَيْسَ بمصدرٍ وَلَا نَعْتٍ، إِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِك: أَعْطَيْتُهُ كلَّهُ، ويجوزُ للشاعر أَن يجعلَ الكامِلَ كمِيلاً.
وَأنْشد:
عَلَى أَنَّنِي بَعْدَ مَا قَدْ مَضَى
ثَلاثُونَ للهَجْرِ حَوْلاً كمِيلا
ويقالُ: كَمَّلْتُ لَهُ عددَ حَقِّهِ تَكْمِيلاً وَتَكْمِلَةً، فَهُوَ مُكَمَّلٌ.
ويقالُ: هَذَا المُكَمِّلُ عِشرينَ، والمُكَمِّلُ مِئَةً، والمُكمِّلُ ألْفاً. وَقَالَ النَّابِغَة:
فكمَّلَتْ مِئَةً فِيهَا حَمَامَتُها
وأَسْرَعَتْ حِسْبَةً فِي ذَلِك العَدَدِ
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: المِكْمَلُ:
الرجلُ الكاملُ لِلْخَيْرِ والشَّرِّ
والكامِلِيّةُ من الرَّوافِضِ، شَرُّ جِيل
لكم: قَالَ اللَّيْث: اللّكْمُ: اللّكْزُ فِي الصَّدْرِ.
يُقَال: لَكَمَهُ يَلْكُمُهُ لَكْماً.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: وَقَالَ أعرابيٌّ: جَاءَ فُلانٌ فِي نِخَافَيْنِ مُلَكَّمَيْنِ أَي فِي خُفَّيْنِ مُرَقّعَيْنِ، والمُلَكَّمُ: الَّذِي فِي

(10/148)


جَوانِبه رِقاعٌ يَلْكُمْ بهَا الأرضَ.
لمك: قَالَ اللَّيْث: نُوحُ بْنُ لَمَكَ وَيُقَال: ابْن لاَمَكَ.
(ابْن السّكيت) يُقَال: مَا تَلَمَّجَ عندنَا بِلَمَاجٍ، وَلَا تَلَمّكَ عندنَا بلَمَاك، وَمَا ذاق لماكاً وَلَا لماجاً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللّمَاكُ واللّمْكُ: الجِلاَءُ يُكحَلُ بِهِ العَيْنُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اللِّمِيكُ: المكحُولُ العَيْنَيْنِ.
مكل: (أَبُو عبيد عَن أبي زيد) بِئْرٌ مكُولٌ. وَهِي الَّتِي يَقلُّ مَاؤُهَا فيَسْتَجمُّ حَتَّى يجتَمِعَ المَاء فِي أسْفلِها، واسْمُ ذَلِك المَاء: الْمُكْلَةُ.
وَقَالَ الكسائيُّ، يقالُ: مُكْلَةٌ، ومَكْلَةٌ لِجَمَّةِ البِئر.
(عَمْرو عَن أَبِيه) المَكْلُ: اجْتِماعُ المَاء فِي البِئْر.
وَقَالَ اللَّيْث: مَكَلَتِ البِئرُ إِذا اجْتَمع المَاء فِي وَسَطِها وكَثُرَ وَهِي: الْمُكْلَةُ وبئرٌ مَكُولٌ، وجمّةٌ مَكُولٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المِمْكَلُ: الغديرُ القليلُ المَاء.
ملك: قرأَ ابنُ كثِيرٍ ونافِعٌ، وأَبو عَمْرٍ و، وابنُ عامرٍ، وحَمْزَةُ (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بغيْر أَلفٍ، وقَرَأَ عاصمٌ والكسائيُّ ويعقوبُ {) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (الْفَاتِحَة: 4) بألفٍ.
ورَوَى عَبْد الوَارِث عَن أبي عَمْرٍ و: (مَلْكِ يَومَ الدِّينِ) وَهَذَا من اخْتِلاسِ أَبي عمرٍ و.
وأَخبرني المنْذِرِيُّ عَن أَبي الْعَبَّاس أَنَّه اخْتَارَ {) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (الْفَاتِحَة: 4) .
وكلُّ من يمْلِكُ فَهُوَ مالكٌ لِأَنَّهُ بتَأويل الفِعْل مالكُ الدّرَاهِم، ومالكُ الثَّوبِ، ومَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ يَمْلِكُ إِقامَةَ يَوْمِ الدِّينِ، وَمِنْه قَوْلُه: (مَالِكَ الْمُلْكِ) .
قَالَ: وأَما (مَلِكُ النّاسِ، وسَيِّدُ النَّاس، ورَبُّ النَّاسِ) ، فَإِنَّهُ أَرادَ أَفْضَل من هَؤلاءِ، ولَمْ يُرِدْ أَنهُ يَمْلِكُ هَؤُلاءِ، وَقد قَالَ اللَّهُ جلّ وعزَّ: {مَالِكَ الْمُلْكِ} (الْفَاتِحَة: 4) أَلاَ ترى أَنه جعلهُ مَالِكاً لكلِّ شيءٍ، فَهَذَا يَدُلُّ على الفِعْلِ، ذكرَ هَذَا بِعَقِبِ قَول أبي عُبَيْدٍ واخْتِيَارِه.
وَقَالَ اللَّيْث: المَلِكُ هُوَ اللَّهُ، مَلكُ الملُوكِ، لهُ المُلكُ، وَهُوَ مالكُ يَوْمِ الدِّينِ، وَهُوَ مَلِيكُ الْخلْقِ أَي رَبُّهمْ ومالِكُهُمْ، والملِكُ من مُلوكِ الأرْضِ، وَيُقَال لَهُ: مَلْكٌ بِالتَّخْفِيفِ، والجمعُ: ملوكٌ، وأملاكٌ، والمِلْكُ: مَا مَلَكَتِ اليَدُ من مالٍ وخَوَلٍ، والمَلَكةُ: مِلْكُكَ العَبْدَ، والمَمْلَكة: سُلْطَانُ الملِكِ فِي رَعِيَّتِهِ.
ويقالُ: طالتْ مَمْلَكَتُهُ، وساءتْ مملَكتُهُ،

(10/149)


وحَسُنَتْ مَملكَتُهُ، وعَظمَ مُلْكُهُ، وكَبُرَ مُلْكُهُ.
وَيُقَال: هم عَبيدُ مَملَكةٍ، وَهُوَ أَن يُغلَبَ عَلَيْهِم فيُسْتَعْبَدُوا وهُم أحرارٌ.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : يُقَال: هَذَا عَبْدُ مَملَكةٍ ومملُكَةٍ جَمِيعًا، وَهُوَ الَّذِي سُبِيَ وَلم يُملَكْ أَبَوَاهُ.
والعَبْدُ: القِنُّ الَّذِي مُلِكَ هُوَ وأَبوَاهُ.
وَقَالَ شمرٌ: قَالَ الكسائيُّ: المَمْلكَةُ أَنْ يَغلِبَ عَلَيْهِم وهم أَحْرَارٌ فيستعبدَهم.
(اللِّحيَانيُّ) : مَلَكَ فلانٌ فَهُوَ يملِكُ مُلْكاً، ومِلْكاً، ومَلَكةً، ومَملَكةً، ومَملُكةً، ومَلْكاً، ورجُلٌ مَلِكٌ، وثلاثةُ أملاكٍ إِلَى العَشَرَةِ، فإِذا كَثُرُوا فهم مُلوكٌ.
وَيُقَال للملِكِ: مَليكٌ، ويُجْمَعُ مُلَكاءَ.
وَيُقَال: لَهُ مَلَكُوتُ العِرَاقِ وعِزُّهُ وسُلطَانُه ومُلْكُه.
وَيُقَال: مَلْكُوَةٌ.
وَيُقَال: طالتْ مَلَكةُ العَبْدِ، أَي: رِقُّهُ.
وَيُقَال: إِنهُ لَحسَنُ المَلكةِ والمِلْكِ.
وَيُقَال للرَّجُل إِذا تزوَّجَ: قد مَلَكَ فلانٌ يَملِكُ مَلْكاً، ومُلكاً، ومِلكاً، وَقد أُمْلِكَ فلانٌ يُملَكُ إملاكاً إِذا زُوِّجَ.
وَقَالَ الكسائيُّ: يُقَال: شَهِدْنا إملاكَ فلانٍ، ومِلاكُه، ومَلاكَهُ، وَهَذَا مِلاكُ الأمْر ومَلاكُه، أَي صَلاحُه.
ويقالُ: خَلِّ عَن مِلْكِ الطريقِ، ومِلْك الوَادي، ومَلْكِه ومُلْكِه أَي حَدِّه ووسَطِه.
وَيُقَال: مالَهُ مُلْكٌ، ومَلْكٌ، ومِلكٌ أَي شيءٌ يملِكَه.
الكسائيُّ: ارحموا هَذَا الشيْخَ الَّذِي ليسَ لهُ مُلْكٌ وَلَا بَصَرٌ أَي لَيْسَ لَهُ شَيْء.
وَيُقَال: مَلَّكَ القوْمُ فلَانا، وأَملَكوهُ على أَنفُسهم، أَي صَيَّرُوهُ مَلِكاً.
ويقالُ: أُمْلِكَتْ فلانةُ أَمْرَها إِذا جُعِلَ أَمرُ طلاقِها بيَدِها.
(قلت) : ومُلِّكتْ أَمرَها أَكثر من أُملِكتْ، وَهُوَ التمليكُ.
ويقالُ: مَلِّكْ ذَا أَمرٍ أَمرَه، كَقَوْلِك: مَلِّكَ المالَ ربَّهُ وَإِن كَانَ أَحْمَقَ.
وَقَالَ الليثُ: مِلاكُ الْأَمر: الَّذِي يُعتمَدُ عَلَيْهِ، والقَلْبُ: مِلاكُ الجسدِ.
وَفِي حَدِيث عمر: (أَمْلِكُوا العَجِينَ فَإِنَّهُ أَحَدُ الرّيعيْنِ) . قَالَ شمرٌ:
قَالَ الْفراء: يُقَال: عَجَنَتِ المرْأَةُ فأَمْلَكتْ إِذا بَلَغتْ مَلاَكتَهُ وأجادتْ عَجْنهُ، حَتَّى يأخُذَ بَعضُه بَعْضًا، وَقد مَلَكَتْه تَملِكُه مَلْكاً إِذا أَنعَمتْ عَجْنَهُ، وَنَحْو ذَلِك.
وَحكى أَبُو عبيدٍ عَن الأمويِّ، وَأنْشد غَيره لأوْس بن حجَرٍ يصفُ قوْساً:
فَمَلَّكَ باللِّيطِ الَّذِي تحْتَ قِشْرِها
كَغِرْقىءٍ بَيْضٍ كنَّهُ القَيْضُ مِنْ عَلُ

(10/150)


قَالَ: مَلَّكَ، شَدَّدَ كَمَا تمَلِّكُ المرأةُ العَجِينَ تَشُدُّ عَجْنَهُ، أَي تركَ من القِشر شَيْئا تتمالكُ القوْسُ بِهِ، يَكنُّها لئلاّ يَبْدُوَ قَلبُ القَوْسِ فتتشقَّقَ، وهم يجْعَلُونَ عَلَيْهَا عَقَباً، إِذا لم يكن عَلَيْهَا قِشْرٌ.
وَقَالَ قيسُ بن الخَطِيمِ يصف طَعْنةً شَدَّ بهَا كفَّه حِين طَعَنَ:
مَلَكْتُ بهَا كَفِّي فَأَنْهَرْتُ فَتْقَها
يَرَى قائمٌ مِنْ دونهَا مَا وَرَاءها
أيْ شَدَدْتُ بالطعنة كَفِّي.
(غيرُه) : مَا تَمالك فلانٌ أَن وقَعَ فِي كَذَا إِذا لم يسْتَطع أَن يَحبسَ نفْسَه. وَقَالَ الشَّاعِر:
فَلَا تَمَالُكَ عَن أرْضٍ لَهَا عَمَدُوا
(أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي) : الماءُ مَلَكُ أَمْرِه.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ، عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: مالَه مَلْكٌ وَلَا نَقْرٌ، أَي مَا لَه ماءٌ.
(الحرّانيُّ عَن ابْن السكِّيت) أنَّه قَالَ: المَلْكُ: مَا مُلِكَ.
يُقَال: هَذَا مَلْكُ يَدِي، وَمَا لأحَدٍ فِي هَذَا مَلْكٌ غَيْرِي، ومِلْكٌ.
وَيُقَال: الماءُ مَلْكُ أَمْرِي إِذا كَانَ مَعَ الْقَوْم ماءٌ مَلَكُوا أَمرَهم.
وَقَالَ أَبُو وَجْزَةَ السَّعْديُّ:
ولَمْ يَكُنْ مَلَكٌ لِلْقَوْمِ يُنْزِلُهُمْ
إِلاَّ صَلاصِلُ لَا تُلْوِي عَلَى حَسَبِ
(أَبُو عُبيد عَن الْأمَوِي) : من أمثالهم: (المَاء مَلك أَمْرِه أَي أَن المَاء ملاك الْأَشْيَاء يضْرب للشَّيْء الَّذِي بِهِ كَمَال الأمْرِ) .
والأمْلُوكُ: مَقَاوِلُ من حمِيرَ كتب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَسلم إِلَى أُمْلُوكِ رَدْمَانَ، ورَدْمَانُ: مَوضِع بِالْيمن.
(ابْن بُزُرْجَ) : مِيَاهُنا: مُلوكُنَا، وَمَات فلَان عَن مُلوكٍ كَثِيرَة.
(الأصمعيُّ) : مالَه مَلاكٌ أَي لَا يَتماسَك، وَهَذَا مِلاَكُ الْأَمر، (وَلَا يَدخُلُ الْجنّة سَيِّىءُ الْمَلَكَة) مُتَحَرِّكٌ.
وَيُقَال: الْزَمْ مِلْكَ الطَّرِيق أَي وَسَطه، وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
رَثِيمَ الْحَصا مِن مَلْكِها المُتَوَضِّحِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَبو مالكٍ كُنْيَةُ الكِبَرِ والسنِّ، كُنِيَ بِهِ لِأَنَّهُ مَلَكَه وغَلَبَهُ وَأنْشد:
أَبَا مَالِكٍ إنَّ الْغَوَانِي هَجَرْنَنِي
أَبَا مالِكٍ إِنِّي أَظنُّكَ دَائِبَا
(أَبُو عبيد) : جَاءَنَا تقودُه مُلُكُهُ يَعني قوائمَه وهادِيَه، وقوائمُ كلِّ دابَّةٍ: مُلُكُهُ.
وَيُقَال: نفْسي لَا تُمَالِكُني لأنْ أَفعلَ كَذَا أَي لَا تُطَاوِعُنِي.
وَفِي حَدِيث أَنسٍ (البَصْرَةُ إِحْدَى

(10/151)


المُؤْتَفِكَاتِ فانْزِلْ فِي ضواحيها وإِيَّاكَ والمَمْلَكَةَ) .
قَالَ شمرٌ: أَرَادَ بالممْلَكةِ وَسَطها، ومَلْكُ الطَّرِيق: مُعْظمُه ووسَطُه.
(الفرّاء عَن الدُّبَيْرِيَّةِ) : يُقَال للعَجِينِ إِذا كَانَ مُتمَاسِكاً متِيناً: مَمْلوكٌ، ومُمَلَّكٌ.
وَقَالَ الليثُ: المَلَكُ: واحدُ المَلاَئِكةِ، إِنَّمَا هُوَ تخفيفُ الْمَلأَكِ، واجتمعوا على حَذْف همزِه، وَهُوَ مَفْعَلٌ من الأَلُوكِ، وتمامُ تَفْسِيره فِي مُعْتَلاَّتِ حرف الْكَاف.