تهذيب اللغة (أَبْوَاب الْكَاف وَالنُّون)
ك ن ف
كنف، كفن، نكف، فنك، فَكُن: مستعملات.
كنف: قَالَ اللَّيْث: الكَنَفَانِ: الجَناحان، وَأنْشد:
سِقْطَانِ مِن كَنَفَيْ نعَامٍ جافِلِ
وكَنَفَا الإنسانِ: جانباه، وناحِيَتَا كلِّ شيءٍ: كَنَفاه.
وقولُهم: فِي حِفظ الله وكَنَفه أَي فِي حِرزه وظلِّه، يَكْنُفُه
بالكَلاءَة وحُسْنِ الْولَايَة.
وَفِي حَدِيث ابْن عمر فِي النَّجوى: (يَدْنُو المؤمِنُ من رَبِّهِ
يومَ القِيَامَةِ حتَّى يَضَعَ عَليه كَنَفَهُ) .
قَالَ ابنُ المبارَكِ: يَعني ستره.
وَقَالَ ابنُ شُمَيْل: يَضعُ الله عَلَيْهِ كَنَفه أَي رَحمتَه
وبِرِّه.
قَالَ: وكَنَفا الْإِنْسَان: ناحيَتاه عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله،
وهُما حِضْناه. وفلانٌ يعيشُ فِي كَنَف فلانٍ أَي فِي ظلِّه.
وَقَالَ اللَّيْث: أَكْنَفْتُ الرجلَ: حَفِظتُه وأعنتُه فَهُوَ
مُكْنَف.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : أكْنَفتُ الرَّجلَ: حفِظْتُه وأعنتُه.
وكَنَفْتُ كَنِيفاً: عَمِلْتُه، وأَنا أَكْنُفُه كَنْفاً وكُنوفاً.
وَقَالَ غيرُه: الكَنِيفُ: الحَظيرَةُ تُحْظَرُ لِلْإِبِلِ والغنمِ من
الشَّجَرِ تقِيها البَرْدَ والرِّيحَ.
وَقَالَ الراجز:
تبيت بَين الزَرْب والكثيف
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للإنسانِ لَا تَكْنُفُه من الله كَانِفَةٌ:
أَي لَا تحجِزُه.
وتَكَنَّفوهُ من كل جانبٍ أَي احْتَوَشُوهُ.
والكِنْفُ: وعاءٌ يضعُ فِيهِ الصَّائغُ أداتَه.
وَقَالَ عُمَرُ لِابْنِ مَسْعُود: كُنَيْفٌ مُلِىءَ عِلْماً، أَرَادَ
أَنه وعَاء للعلوم بِمَنْزِلَة الْوِعَاء الَّذِي يضع فِيهِ الرجل
أداته، وتصغيرُه على جِهَة المَدْحِ لَهُ.
وناقةٌ كَنُوفٌ: وَهِي الَّتِي إِذا أَصَابَهَا البَرْدُ اكْتَنَفَت
فِي أكْنَافِ الإبلِ تَسْتَتِرُ بهَا من البردِ.
اللحياني: جَاءَ فلَان بِكِنْفٍ فِيهِ متاعٌ، وَهُوَ
(10/152)
مثلُ العَيْبة، وَبَنُو فلَان يكنفونَ بني
فلَان أَي هم نزُول فِي ناحيتهم، وأَكْنَفْتُ فلَانا أَي أعنته،
وَأَجَازَ بَعضهم كنفتهُ، واطلب ناقَتكَ كَنَفَ الْإِبِل وكَنَفَيْها
أَي فِي ناحيتها، وناقة كَنُوفٌ تبرك فِي نَاحيَة الْإِبِل، وكَنَفْت
الدارَ اكنُفُها اتِّخذت لَهَا كنيفاً.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) مُكْنِف من الْأَسْمَاء بِضَم الْمِيم
وَكسر النُّون.
وأهلُ العراقِ يسمُّونَ مَا أَشرَعُوا أَعالي دُورهم كَنِيفاً.
قَالَ واشْتقاقُ اسْم الكَنِيفِ كأَنَّه كُنِفَ فِي أَسْتَرِ
النَّوَاحي.
والحظيرةُ تسمَّى كَنِيفاً لِأَنَّهَا تَكْنُفُ الإبلَ من البردِ،
فعيلٌ بِمَعْنى فَاعل.
وأَكْنافُ الجَبَلِ والوادي: نواحيهما حَيْثُ تنضم إِلَيْهِ، الواحدُ:
كَنَفٌ.
وَقَالَ غَيره: الكَنِيفُ: التُّرْسُ: وكلُّ ساترٍ: كَنِيفٌ. وَقَالَ
لبيد:
حَرِيما حِين لم يَمنَعْ حَرِيما
سيوفهُمُ وَلاَ الحَجَفُ الكَنِيفُ
أَي السَّاترُ.
(أَبُو عبيد) : كَنَفَ عَن الشَّيْء ونكَبَ أَي عدَلَ. قَالَ
القُطَامِيُّ:
ليُعْلَمَ مَا فينَا عَن البيعِ كَانِفُ
(شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي) : كَنَفَه عَن الشيءِ أَي حجزه عَنهُ.
وَيُقَال: انهزمَ القومُ فَمَا كانَتْ لَهُم كَانِفَةٌ دونَ
العَسْكَرِ: أَي حاجزٌ يحجزُ العدُوَّ عَنْهُم.
وكَنَفَ الكيالُ يَكْنُفُ كَنْفاً حَسَناً وَهُوَ أَن يَجْعَل يديهِ
على رأسِ القَفيزِ يمسِكُ بهما الطَّعَامَ.
يُقَال: كِلْه كَيْلا غير مَكْنُوفٍ.
كفن: (اللَّيْث) : كَفَنَ الرَّجُلُ يَكْفِنُ أَي يغزلُ الصُّوف،
كَقَوْل الشَّاعِر:
يَظَلُّ فِي الشَّاءِ يرعاهَا ويَعْمِتُهَا
ويَكْفِنُ الدَّهْرَ إلاَّ رَيْثَ يَهْتَبِدُ
قَالَ: وخَالَف أَبُو الدُّقَيْشِ فِي هَذَا الْبَيْت بِعَيْنِه،
فَقَالَ يَكْفِنُ يَخْتَلي الكَفْنَةَ للمراضيع من الشَّاء،
والكَفْنَةُ من دِقّ الشَّجَرِ صغيرةٌ جعدةٌ إِذا يبسَت صَلُبَت
عيدانُها كَأَنَّهَا قطعٌ شُقّقَتْ عَن القَنَا.
قَالَ: والكَفَنُ: معروفٌ، يُقَال ميّتٌ مكْفونٌ مُكَفَّنٌ. وأنشده
أَبُو عَمْرو:
فظلَّ يَعْمِتُ فِي قَوْطٍ ورَاجِلَةٍ
يُكَفّتُ الدَّهرَ إلاَّ ريثَ يَهْتَبِدُ
وَيُقَال: يُكَفِّتُ: يَجمع ويَحْرِص إلاَّ سَاعَة يَقْعُدُ يَطبُخُ
الهَبِيدَ.
والرّاجِلَةُ: كَبْشُ الرّاعِي يَحمِلُ عَلَيْهِ متاعَه وَهُوَ
الكَرَّازُ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ) : الكَفْنُ: التَّغْطِيَةُ.
(10/153)
(قلت) : وَمِنْه أُخذ كَفَنُ الميِّتِ
لِأَنَّهُ يَسْتُرُه.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
عَلَى حَرَجٍ كَالْقَرِّ يَحْمِلُ أَكْفَانِي
أَرَادَ بأَكفانه ثيابَه الَّتِي تُوَارِيه. وكَفَنْتُ الخُبْزَةَ فِي
المَلَّةِ إِذا وَاريتها بهَا.
نكف: قَالَ اللَّيْث: النَّكْفُ تَنْحِيَتُكَ الدُّموعَ عَن خدِّكَ
بإصبَعِك، وَأنْشد:
فَبانُوا فَلَوْلاَ مَا تَذَكَّرُ مِنْهُمُ
مِن الْخُلْفِ لم يُنْكَفْ لعَيْنِكَ مَدْمَعُ
وسمِعتُ المُنْذِرِيّ يَقُول: سمِعْتُ أَبَا العبّاس، وسُئِل عَن
الاستِنكَافِ فِي قَوْله تَعَالَى: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن
يَكُونَ عَبْداً للَّهِ} (النِّسَاء: 172) ، فَقَالَ: هُوَ أَنْ
يَقُولَ: لَا، وَهُوَ من النَّكَفِ والوَكَفِ.
يُقَال: مَا عَلَيْهِ فِي ذَاك الْأَمر نَكَفٌ وَلَا وَكَفٌ، فالنكَفُ
أَنْ يقالَ لَهُ سُوءٌ، واسْتَنكَفَ ونَكِفَ إِذا دفَعه وَقَالَ: لَا،
والمفسِّرون يَقُولُونَ: الاستِنكافُ والاستِكْبَارُ وَاحِد.
والاستكبارُ: أَن يتكبَّرَ ويتعظَّمَ والاستنكافُ: مَا قُلْنَا.
وَقَالَ الزَّجَّاج فِي قَوْله تَعَالَى: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ
أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ} ، أيْ: لَيْسَ يَسْتنكف الَّذِي تَزْعمون
أَنَّه إلاهٌ أَنْ يَكونَ عبدا لله وَلَا الملائكةُ المقَرّبُونَ وهم
أَكْثَرُ من البَشَرِ.
قَالَ: وَمعنى لَنْ يَسْتَنْكِفَ: لن يأْنف، وأصلُه مُن نَكَفْتَ
الدمْعَ إِذا نَحَّيْته بإِصبَعيكَ عَن خدِّك ثمَّ ذَكَر الْبَيْت.
قَالَ: فتأويلُ (لَنْ يَسْتَنْكِفَ) لن يَنْقَبِضَ وَلنْ يَمتنِعَ من
عُبُودَةِ الله.
قَالَ اللحياني: النَّكَفُ ذِرْبَةٌ تحتَ اللُّغْدَيْن مثل الغُدَدِ.
(الحرَّانيُّ عَن ابْن السكِّيت) : النَّكْفُ: مَصْدَرُ نَكَفْتُ
الغيْثَ أَنكفُهُ إِذا أَقْطَعْته.
وَيُقَال: هَذَا غيثٌ لَا يُنْكَفُ.
والنَّكَفُ: غُدَدَةٌ فِي أصل اللَّحْي بَين الرَّأْدِ وَشَحْم الأُذن.
وإبِلٌ مُنَكِّفةٌ، إِذا ظَهرت نَكَفَاتُها.
وَقَالَ أَيْضا: نَكَفْتُ أَثَرَه وانتَكَفْتُه إِذا اعْتَرَضْتَه
أَنْكُفُهُ نَكْفاً، وَذَلِكَ إِذا علا ظَلَفاً من الأَرْض غليظاً لَا
يُؤَدِّي الأثَرَ فاعْتَرَضْتَه فِي مكانٍ سَهْلٍ.
وَيُقَال: نَكِفْتُ من ذَلِك الأمْرِ أَنْكَفُ نَكَفاً إِذا
اسْتَنْكَفْتَ مِنْهُ، حَكَاهَا أَبو عمرٍ وَعَن أبي حِزَامٍ
العُكْلِيِّ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: النَّكَفُ: اللُّغْدَانِ
اللذانِ فِي الحَلْقِ وهُمَا جَانِبَا الْحُلقُوم.
وَأنْشد:
(10/154)
فَطَوَّحَتْ ببَضْعَةٍ والبَطْنُ خِفْ
فَقَذَفَتْهَا فَأَبَتْ أَنْ تَنْقَذِفْ
فَحَرَفَتْها فَتَلَقَّاهَا النَّكَفْ
قَالَ: والمَنْكُوفُ: الَّذِي يشتكي نَكَفَتَه، وَهُوَ أَصْلُ
اللِّهْزِمَة.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّفَكَةُ: لغَةٌ فِي النَّكَفَة.
وَقَالَ غيرُه: النُّكَافُ أَنْ تَدْرَأَ الغُدَّةَ فِي النَّكَفَة.
وَقَالَ غيرُه عِنْده شجاعَةٌ لَا تُنْكَفُ وَلَا تُنْكَشُ أَي لَا
تُدْرَكُ كُلُّها.
وَقَالَ بعضُهم: انْتَكَفْتُ لَهُ فَضَرَبْتُهُ انْتِكافاً أَي مِلْتُ
عَلَيْهِ.
وَأنْشد:
لمَّا انْتَكَفْتُ لَهُ فَوَلَّى مُدْبِراً
كَرْنَفْتُهُ بهِرَاوَةٍ عَجْرَاء
وَقَالَ أَبُو تُرَاب قَالَ الْأَصْمَعِي: ماءٌ لاَ يُنْكَفُ وَلَا
يُنْزَحُ.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: نَكَفَ البِئْرَ ونَكَشَهَا أَي
نَزَحَهَا.
وَفِي (النَّوَادِر) يُقَال: تَناكَفَ الرَّجُلاَنِ الكَلاَمَ إِذا
تَعَاوَرَاهُ.
فَكُن: فِي الحَدِيث: (مَثَلُ العَالِم مَثَلُ الحَمَّةِ منَ المَاءِ
يأْتِيهَا البُعَدَاءْ ويِتْرُكُهَا القُرَبَاءُ، حَتى إِذا غَاضَ
ماؤُهَا بَقِي قَوْمٌ يَتَفكَّنُونُ) .
قَالَ أَبُو عبيد: يَتَفَكَّنُونَ أَي يَتَنَدَّمُونَ.
وَقَالَ اللحياني: أزْدُشَنُوءَةَ يقولونَ: يَتَفَكَّهُونَ، وتَمِيمٌ
تقولُ: يَتَفَكَّنُونَ.
وَقَالَ مجاهدٌ فِي قَوْله: {حُطَاماً فَظَلْتُمْ} (الْوَاقِعَة: 65)
أَي تَعَجَّبُونَ.
وَقَالَ عِكْرِمَة: تَنَدَّمُونَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تَفَكَّهْتُ وَتَفَكَّنْتُ أَي
تَنَدَّمْتُ. وَقَالَ رؤبة:
أَمَا جَزَاءُ العَارِفِ المُسْتَيْقِنِ
عِنْدَكِ إلاَّ حَاجَةُ التَّفَكُّنِ
وَقَالَ الكسائيُّ وَأَبُو عمرٍ و: التَّفَكُّنُ: التَّلَهُّفُ على مَا
فَاتَ. وَأنْشد:
وَلا خَائِبٌ إنْ فَاتَهُ زَادُ ضَيْفِهِ
يَعَضُّ على إبْهَامِه يَتَفَكَّنُ
وَقَالَ أَبو تُرَاب سَمِعْتُ مُزَاحِماً يَقُول: تَفَكَّنَ وتَفَكَّر:
واحدٌ.
وروى أَبُو العَبَّاسِ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفُكْنَةُ:
النَّدَامَةُ.
فنك: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفَنْكُ العَجَبُ، والفَنْكُ الكَذِبُ،
والفَنْكُ التَّعَدِّي، والفَنْكُ اللَّجَاحُ.
(أَبُو عبيد عَن أبي عبيدةَ) : فَنَكَ فِي أَمْرِه أَي ابْتزّه
وغَلَبَه. من قَول عبيدٍ:
إِذْ فَنَكَتْ فِي فَسَاد بَعْدَ إِصْلاحِ
قَالَ: والفَنَكَ: مِثْلُه سَوَاء.
قَالَ وَقَالَ الْكسَائي: فَنَكَ بالمَكَانِ فُنُوكاً وأَرَكَ أُرُوكاً
إِذْ أَقَامَ.
(سَلَمَةُ عَن الْفراء) : قَالَ فَنَكْتَ فِي لَوْمِي
(10/155)
وأَفْنَكْتَ إِذَا مَهَرْتَ ذَاكَ
وأَكْثَرْتَ فِيهِ، فَنَكْتَ تَفْنُكُ فَنْكاً وفُنُوكاً.
وَأنْشد:
لَمَّا رَأَيْتُ أَمْرَهَا فِي حُطِّي
وفَنَكَتْ فِي كَذبِي ولَطِّي
أَخَذْتُ مِنْهَا بقُرُونٍ شُمْطِ
وَقَالَ أَبُو طَالب: فَانَكَ فِي الكَذِبِ والشَّرّ، وفَنَكَ
وفَنَّكَ، وَلَا يُقَال فِي الخَيْرِ ومعناهُ لَجَّ فِيهِ ومَحك وَهُوَ
مثل التَّتَابُعِ لَا يَكونُ إلاّ فِي الشَّرِّ.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : الفَنِيكُ: طَرَفُ اللّحْيَيْنِ عندَ
العَنْفَقَةِ، وَلم يَعْرِف الإفْنِيك.
وأَخْبَرَنِي الإيَادِيُّ عَن شمرٍ أنَّه قَالَ: الفَنِيكَانِ: طَرَفَا
اللّحْيَيْنِ، العَظْمَانِ الدَّقِيقَان النَّاشِزَان أسْفَلَ من
الأذُنَيْنِ بَيْنَ الصُّدْغِ والوَجْنَةِ، والصَّبِيّانِ: مُلْتَقَى
اللَّحْيَيْنِ الأسْفَلَيْنِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَنِيكَانِ من لَحْي كُلِّ إِنْسَانِ: الطّرَفَان
اللّذَان يتَحَرّكان مِنَ المَاضِغِ دُونَ الصُّدْغَينِ. ومَنْ جَعَلَ
الفَنِيكَ وَاحِدًا فِي الإنْسَانِ فَهُوَ مَجمَعُ اللّحْيَينِ فِي
وَسَطِ الذّقَنِ.
وَفِي الحَدِيث أَنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَ:
(أَمَرَنِي جبريلُ عَلَيْهِ السَّلَام أَنْ أَتَعَاهَدَ فَنيكَيَّ
بالمَاءِ عِنْدَ الوُضُوءِ) .
وَقَالَ الفَنِيكانِ: عَظْمَانِ مُلزَقَان فِي الحَمَامَةِ إِذا
كُسِرَا يَسْتمْسِكْ بيضُها فِي بَطْنها حتَّى تُخْدِجَهُ.
والفَنَكُ مُعَرَّب.
(عَمْرٌ وَعَن أَبيه) : الفَنِيكُ: عَجْبُ الذّنَبِ.
ك ن ب
كنب، كبن، نكب، نبك، بنك، بكن: مستعملات.
كنب: (أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : أكْنَبَتْ يَدُهُ فَهِيَ مُكْنِبَةٌ،
وثَفِنتَ ثَفَناً: مِثْلُه.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
قَدْ أكْنَبَتْ يَدَاكَ بَعْدَ لِينِ
وبَعْدَ دُهْنِ البَانِ والمَضْنُونِ
وهَمَّتَا بالمَسِّ والمُرُونِ
والمضنون: جِنْس من الغالية.
وَقَالَ العجاج:
قَدْ أَكْنَبَتْ نُسُورهُ وأكْنَبَا
أَيْ: غَلَظَتْ وَعَسَتْ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَنَبُ: غِلَظٌ يَعْلُو اليَدَ من العَمَلِ إِذا
صَلُبَتْ.
(أَبُو عبيد عَن الأمَوي) : الكِنَابُ والعَاسِي: الشِّمْرَاخُ.
وَقَالَ دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّة:
وأَنْتَ امْرُؤٌ جَعْدُ القَفَا مُتَعَكِّسٌ
مِنَ الأقِطِ الْحَوْلِيِّ شَبْعَانُ كانِبُ
وَقَالَ أَبُو زيد: كَانِبٌ: كَانِزٌ. يُقَال: كَنَبَ فِي جِرَابِه
شَيئاً إِذا كَنَزَه فِيهِ.
(10/156)
الكَنِبُ: شَجَرٌ، قَالَ الشَّاعِر:
فِي خَضَد من الكَرَاث والكَنِب
كبن: (أَبُو عبيدٍ عَن الْفراء) : رَجُلٌ مَكْبُونُ الأصابِعِ: مِثْلُ
الشَّثنِ.
(اللحياني عَن الْأَصْمَعِي) : كلُّ كَبْنٍ: كَفٌّ، يُقَال: كَبَنْتُ
عنكَ لِسَاني أَي: كَفَفْتُه.
(ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي) : رَجُلٌ كُبنَّةٌ، وامرأةٌ
كُبُنَّةٌ: الَّذِي فِيهِ انقباضٌ، وَأنْشد:
فِي القَوْمِ كل كَبُنَةٍ عُلْفُوفِ
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الكُبُنّةُ: الْخُبْزَةُ اليَابِسَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَبْنُ: عَدْوٌ ليِّنٌ فِي اسْتِرْسَالٍ. وَأنْشد:
يَمُرُّ وهْوَ كَابِنٌ حَيِيُّ
والفِعْلُ كَبَنَ يَكْبِنُ كُبوناً وكَبْناً.
(قُلْتُ) : الكبْنُ فِي العَدْوِ: أَنْ يَكُفَّ بَعْضَ عَدْوِه وَلاَ
يَجْهَدَ نَفْسَه والكُبُونُ: السُّكُونُ. وَمِنْه قَوْله:
وَاضِحَةُ الخَدِّ شَرُوبٌ لِلَّبَنْ
كَأَنَّها أُمُّ غَزَالٍ قَدْ كَبَنْ
أَي سَكَنَ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : الكَبْنُ: مَا ثُنِيَ مِنَ الجِلْدِ
عندَ شَفَةِ الدَّلْوِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هُوَ الكَبْنٌ والكَبْلُ، بالنُّونِ واللاَّم،
حَكَاهُ عَن الْفراء.
وَقَالَ أَبُو عبيد: اكْبَأَنَّ اكْبئْناناً إِذا انْقَبَضَ.
وَقَالَ ابنُ بُزُرْجَ: الْمُكْبِئنُّ الَّذِي قد احْتَبَى وأَدخَلَ
مِرْفَقَيْهِ فِي حُبْوَتِه ثمَّ خَضَعَ بَرقَبته ورَأْسِه على
يَدَيْهِ.
قَالَ: والْمُكْبَئِنُّ والمُقْبَئِنُّ: الْمُنْقَبِضُ المُنْخَنِسُ.
وَقَالَ غَيره: الكُبْنَةُ: لُعْبَةٌ للأعْرَابِ، تُجْمَعُ كُبَناً.
وَأنْشد:
تَدَكّلَتْ بَعْدِي وأَلْهَتْها الكُبَنْ
(أَبُو عُبَيْدَة) : فَرَسٌ مَكْبُونٌ، والأُنْثى: مَكْبُونَةٌ،
والجميعُ: المكَابِينُ، وَهُوَ القَصِيرُ القَوَائِمِ، الرَّحيبُ
الجَوْفِ، الشّخْتُ العِظَامِ.
قَالَ: ولاَ يكُونُ المكْبُونُ أَقْعَسَ.
(أَبُو عبيد عَن الْفراء) : فَرَسٌ فِيهِ كُبْنَةٌ وَكَبَنٌ إِذا كَانَ
لَيْسَ بالعَظِيمِ وَلَا القَمِىءِ.
قَالَ: والكُبَانُ: دَاءٌ يأْخُذُ الإبِلَ، يُقَال مِنْهُ: بَعِيرٌ
مَكْبُونٌ.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) : المكْبُونَةٌ: المرْأَةُ
العَجِلَةُ.
والمكْبُونَةُ: الذّلِيلةُ.
بكن: أهمله اللَّيْث، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المَبْكونَةُ
المرأَةُ الذَّلِيلَةُ.
نكب: قَالَ اللَّيْث: النَّكَبُ: شِبْهُ مَيَلٍ فِي المَشْيِ.
وأنْشَدَ:
... عَنِ الحَقِّ أَنْكَبُ
(10/157)
أَي مائلٌ عَنهُ، وإِنه لَمِنْكَابٌ عَن
الحَقِّ.
والأنْكَبُ من الْإِبِل كأنَّما يَمْشي فِي شِقَ.
وَأنْشد:
أَنْكَبُ زَيَّافٌ وَمَا فِيهِ نَكَبْ
والعربُ تقولُ: نَكَبَ الدَّليلُ عَن صَوْبِه يَنْكُبُ نُكُوباً إِذا
عَدَل عَنهُ، ونَكَّبَ عَنهُ تَنْكِيباً: مثلُه، ونَكَّبَ غَيْرَهُ.
وَرُوِيَ عَن عمرَ أَنه قَالَ لِهُنيَ مَولاهُ: (نكِّبْ عَنَّا ابنَ
أُمِّ عَبْدٍ) ، أَي نَحِّهِ عَنَّا.
وتَنَكّب فلانٌ عنّا تَنَكُّباً أَي مالَ عنّا.
وَقَالَ اللَّيْث: الرجلُ يَنْتَكِبُ كِنانَتَهُ ويَتَنَكَّبُها إِذا
أَلْقَاهَا فِي مَنْكِبِه.
ومَنْكِبا كلِّ شيءٍ: مَجْمَعُ عظْم العَضُدِ والكتِفِ وحَبْل
العَاتِقِ مِنَ الإنسانِ والطّائرِ، وكلِّ شيءٍ.
وقولُ الله جلَّ وعزَّ: {ذَلُولاً فَامْشُواْ فِى} (الْملك: 15) .
قَالَ الْفراء: يُريدُ فِي جَوَانبها.
وَقَالَ الزّجاج: معناهُ فِي جِبَالها، وَقيل فِي طُرُقِهَا.
وأَشْبَهُ التفسيرِ واللَّهُ أعلَمُ تَفسيرُ من قَالَ فِي جِبَالها،
لأنَّ قَوْله: {الْخَبِيرُ هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الاَْرْضَ
ذَلُولاً فَامْشُواْ} (الْملك: 15) مَعْنَاهُ: سَهَّلَ لكم السُّلُوكَ
فِيهَا فأمْكَنَكُمُ السُّلُوكُ فِي جبالها، فَهُوَ أَبْلَغُ فِي
التَّذْليلِ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : يُقَال لِلْمَنْكبِ نَكَبَ: عَلَيْهِم
فَهُوَ يَنْكُبُ نِكابَةً.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: المَنْكِبُ: عَوْنُ العَرِيفِ.
وَقَالَ اللَّيْث: مَنْكِبُ القومِ: رأسُ العُرَفَاءِ، على كذَا وكذَا
عرِيفاً: مَنْكِبٌ.
وَيُقَال: لهُ النِّكابَةُ فِي قوْمِهِ.
قَالَ: والنَّكْبُ: أنْ يَنْكُبَ الحَجَرُ ظَفْراً أَو حافراً أَو
مَنْسِماً.
يُقَال: مَنْسِمٌ مَنْكُوبٌ ونَكِبٌ.
وَقَالَ لبيد:
وتَصُكُّ المَرْوَ لَمَّا هَجَّرَتْ
بِنَكِيبٍ مَعِرٍ دَامِي الأظَلّ
وَيُقَال: نكَبَتْهُ حوادثُ الدَّهْرِ، وأَصابَتْهُ نَكْبةٌ ونَكبَاتٌ
ونُكُوبٌ كَثِيرَة.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) قَالَ: كلُّ رِيحٍ من الرِّياحِ
تَحَرَّفَتْ فَوقَعَتْ بَين رِيحيْنِ فهيَ نَكْبَاءُ، وقَدْ نَكَبَتْ
تَنْكُبُ نُكُوباً.
وَقَالَ أَبُو زيد: النِّكْبَاءُ: الَّتِي تَهُبُّ بَين الصَّبَا
والشَّمالِ، والجِرْبيَاءُ: الَّتِي بَين الجَنُوبِ والصَّبَا.
(ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي) قَالَ: النُّكْبُ من الرِّياحِ
أَرْبعٌ: فَنَكْبَاءُ الصَّبَا والجَنوب: مِهْيَافٌ مِلْوَاحٌ مِيبَاسٌ
للبَقْلِ، وَهِي الَّتِي تَجِيءُ بَين الرِّيحيْنِ. ونَكْبَاءُ
الشَّمالِ: مِعْجَاج مِصْرَادُ لَا مطر فِيهَا وَلَا خَيرَ، وَهِي
قَرَّةٌ، وَرُبمَا كَانَ مَعهَا مطرٌ قليلٌ.
(10/158)
ونكباءُ الدَّبُورِ والجَنوب حارَّةٌ.
قَالَ: والدبورُ: ريحُ من رِياحِ القَيْظِ، لَا تكونُ إِلَّا فِيهِ
وَهِي مِهْيَافُ.
والجنُوبُ تَهُبُّ فِي كلِّ وقتٍ.
قَالَ ابْن كُنَاسَةَ: مَخْرَجُ النَّكْبَاء: مَا بَين مَطْلَع
الذّراعِ إِلَى القُطْبِ، وَهُوَ مطلع الْكَوَاكِب الشامية، وجعلَ مَا
بَين القُطْب إِلَى مَسْقَط الذِّرَاع مَخْرَجَ الشّمال، وَهُوَ مسْقط
كل نجم طلع من مَخْرَج النكباء من اليمَانيَةِ، واليَمانِيَةُ لَا تنزل
فِيهَا شمسٌ وَلَا قمرٌ، إِنَّمَا يُهْتَدَى بهَا فِي البَرِّ
والبَحْرِ، فَهِيَ شامية.
وَقَالَ غيرُه: قامَةٌ نكْبَاءُ: مائلَةٌ وقِيمٌ نُكْبٌ والقامةُ:
البَكْرَةُ. ونَكَبَ فلانٌ كنانتَه إِذا كبَّها ليُخرجَ مَا فِيهَا من
السِّهامِ نَكْباً.
ونَكِبَ فلانٌ يَنْكَبُ نَكَباً إِذا اشتَكى مَنْكِبَهِ.
وَقَالَ شمرٌ: لكلِّ ريحٍ من الرِّيَاح الأربعِ: نكباءُ تُنْسَبُ
إِلَيْهَا، فالنكباءُ الَّتِي تنْسب إِلَى الصَّبَا: هِيَ الَّتِي
بَينهَا وَبَين الشّمال، وَهِي تشبهها فِي اللِّينِ، وَلها أَحْيَانًا
عُرَامٌ وَهُوَ قَلِيل، إِنَّمَا يكون فِي الدَّهْر مرَّةً، والنكباءُ
الَّتِي تنْسب إِلَى الشّمَال، وَهِي الَّتِي بَينهَا وَبَين الدّبُور،
وَهِي تشبهها فِي البَرْدِ.
وَيُقَال لهَذِهِ الشمالِ: الشاميَّة، كل وَاحِدَة مِنْهُمَا عِنْد
الْعَرَب: شاميةٌ، والنكباءُ الَّتِي تنْسب إِلَى الدَّبُورِ هِيَ
الَّتِي بَينهَا وَبَين الجَنُوب، تَجِيء من مَغِيبِ سُهيْلٍ، وَهِي
تُشبهُ الدبورَ فِي شِدَّتها وعَجَاجِها، والنكباء الَّتِي تنْسب إِلَى
الْجنُوب: هِيَ الَّتِي بَينهَا وَبَين الصَّبَا، وَهِي أشبهُ
الرِّيَاح بهَا فِي دفئها ولينها فِي الشتَاء.
نبك: شمرٌ فِيمَا أَلَّفَ بخطِّهِ: النَّبَكُ: هِيَ رَوَابٍ من طينٍ،
واحدتُها: نَبَكَةٌ.
قَالَ وَقَالَ ابْن شُمَيْل: النَّبْكَةُ مِثل الفَلْكةِ غيرَ أنَّ
الفلكةَ أَعْلَاهَا مُدَوَّرٌ مجتمِعٌ، والنّبْكَةُ رَأسهَا مُحَدَّدٌ
كَأَنَّهُ سِنَانُ رُمْحٍ وهما مصعّدتان.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: النّبْك: مَا ارتفَع من الأَرْض.
وَقَالَ طرفَة:
تَتَّقِي الأرضَ برُحَ وُقَّحٍ
وُرُقٍ تَقْعَرُ أَنْباكَ الأكَمْ
(قلت) : وَالَّذِي شاهدتُ الْعَرَب عَلَيْهِ فِي النِّبَاكِ أَنَّهَا
رَوَابِي الرِّمال فِي الْجرْعاوَاتِ اللَّيِّنة، الواحدةُ: نَبَكَةٌ.
بنك: قَالَ اللَّيْث: تقولُ العربُ: كلمة كَأَنَّهَا دَخِيلٌ تَقول:
ردَّهُ إِلَى بُنْكهِ الخَبيث تريدُ أَصْلَه.
وَيُقَال: تَبَنّك فلانٌ فِي عِزَ راتِبٍ.
(قلت) : البُنْكُ: أَصْلُه فارسيَّةٌ مَعْنَاهُ: الأصلُ.
وأَنشد ابنُ بُزُرْجَ:
(10/159)
وصاحبٍ صاحَبْتُهُ ذِي مأْفَكَهْ
يَمْشِي الدَّوَالَيْكَ ويَعْدُو البُنَّكَهْ
قَالَ: البُنَّكَةَ يَعْنِي ثِقْلَه إِذا عَدا، والدَّوَالِيكُ:
التَّحَفُّزُ فِي مَشْيه إِذا حَاكَ.
ك ن م
كمن، كنم، مكن، نكم: (مستعملة) .
أهمل اللَّيْث: نكم، وكنم.
(نكم كنم) : وَقد رَوَى أَبُو عُمَر، عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن
الأعرابيِّ أَنه قَالَ: النَّكْمَةُ: المصيبةُ الفادحة، والكَنْمةُ:
الْجِراحة.
كمن: قَالَ اللَّيْث: كَمَنَ فلَان يَكْمُنُ كُموناً إِذا اسْتَخْفَى
فِي مَكْمَنٍ لَا يُفْطَنُ لَهُ.
ولكلِّ حرفٍ مَكْمَنٌ إِذا مرَّ بِهِ الصّوت أَثَارَه.
والكَمِينُ فِي الحَرْبِ: معروفٌ.
وَتقول: هَذَا أَمْرٌ فِيهِ كَمِينٌ أَي فِيهِ دَغَلٌ لَا يُفْطَنُ
لَهُ.
(قلت) : كمينٌ بِمَعْنى كامِن مثلُ علِيمٍ وعالمٍ وقديرٍ وقادرٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: ناقةٌ كَمُونٌ، وَهِي الكَتُومُ لِلِّقَاحِ إِذا
لَقِحَتْ لم تبشِّرْ بذنَبها وَلم تَشُلْ، وَإِنَّمَا يُعرفُ حَمْلُها
بِشوَلاَنِ ذَنَبِها.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ناقةٌ كَمُونٌ إِذا كَانَت فِي مُنْيَتِهَا
وزادت عَلَى عَشْر ليالٍ إِلَى خَمْسَ عَشْرَةَ ويُستَيْقَنُ
لِقَاحُها.
وَقَالَ اللَّيْث: الكَمُّونُ: معروفٌ. وأَنشدَ:
فأصْبَحْتُ كالكمُّونِ ماتَتْ عُروقُهُ
وأغْصانُه مِمَا يُمنُّونه خُضْرُ
قَالَ: والكُمْنةُ: جَرَبٌ وحُمْرَةٌ تَبقَى فِي العَين من رَمَدٍ
يُساءُ علاجه فتُكْمَنُ: وَهِي مَكْمُونة. وَأنْشد ابنُ الْأَعرَابِي:
سِلاحُها مُقْلةٌ تَرَقْرَقُ لَمْ
تَحْذَلْ بهَا كُمْنَةٌ وَلَا رَمَدُ
وَقَالَ أَبُو عبيد: الكُمْنَةُ فِي العَين: وَرَمٌ فِي الأجفان
وغِلَظٌ وأُكَالٌ يَأْخذُ فِي الْعين فتَحْمَرُّ لَهُ.
يُقَال: كَمِنَتْ عَينُهُ تَكْمَنُ كُمْنَةً شَدِيدَة.
وَقَالَ الطرماح:
بِمُكْتَمِنٍ مِنْ لاعِجِ الْحُزْنِ وَاتِنِ
المكْتَمِن: الخافي الْمُضْمَرُ.
وروى شمرٌ عَن إسحاقَ بنِ منصورٍ عَن سعيدِ بنِ سليمانَ، عَن فرج بن
فُضَالَة عَن ابْن عامرٍ عَن أبي أمامةَ الباهليِّ قَالَ: نَهى رسولُ
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَتْلِ عَوَامِرِ الْبيُوت إلاّ مَا
كَانَ مِن ذِي الطُّفْيَتَيْنِ، والأبْتَرِ، فَإِنَّهُمَا يُكمِنَانِ
الأبصارَ أَو يُكْمِهَان وتُخْدِجُ مِنْهُ النِّسَاء.
قَالَ شمرٌ: الكُمْنَةَ: وَرَمٌ فِي الأجْفَانِ،
(10/160)
وَقيل: قَرْحٌ فِي المآقِي.
وَيُقَال: حِكَّةٌ ويُبْسٌ وَحُمْرَةٌ. قَالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
تَأَوَّبَنِي الدَّاءُ الَّذِي أَنَا حَاذِرُهْ
كَمَا اعْتَادَ مَكْمُوناً مِن اللَّيْلِ عَاثِرُهْ
ومَن رَوَاهُ بالهاءِ: يُكْمِهَانِ، فَمَعْنَاه يُعْمِيَانِ، من
الأكْمَهِ، وَهُوَ الأعمَى.
قَالَ حدّثنا عبدُ الله بن عمرَ عَن حَجَّاج عَن عَطاء بن عمرَ أَنه
قَالَ: الأكْمَهُ: الممْسُوحُ العَيْنِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الَّذِي يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ، وَلَا
يُبْصِرُ باللَّيْل.
مكن: (أَبُو زيد) يُقَال: امْشِ على مَكِينَتِكَ ومكَانتِكَ وهِينَتِك.
وَقَالَ ابنُ المُسْتَنِيرِ: يُقَال: فلانٌ يَعمَلُ على مَكينَتِه أَي
على اتِّئَادِه.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ}
(الْأَنْعَام: 135) أَي: على حِيالِكُمْ ونَاحِيَتِكُمْ.
وأَخبَرَني المُنْذِرِيُّ عَن الغَسَّاني عَن سَلَمَة عَن أبي عبيدةَ
مِثْلُه.
وَقَالَ سَلمَة: قَالَ الْفراء: لَهُ فِي قَلْبي مكانَةٌ ومَوْقِعَةٌ
ومَحِلَّةٌ.
(أَبُو عبيد عَن أبي زيد) : فلانٌ مَكينٌ عِنْد فلانٍ بَيِّنُ
المكانَةِ يَعْنِي المنزِلَة، قَالَ: والمَكَانَةُ: التؤدَةُ أَيْضا.
وَقَالَ الليثُ: المَكْنِ بَيْضُ الضَّبِّ وَنَحْوه، ضَبَّة مكُونٌ،
والوَاحِدَة: مَكْنَةٌ. قَالَ: وكلُّ ذِي رِيشٍ وكلُّ أَجْرَدَ
يَبِيضُ، وَمَا سواهُما يَلِدُ.
وَقَالَ شمرٌ: يُقَال: ضَبَّةٌ مَكُونٌ، وضِبَابٌ مِكَانٌ. وَأنْشد:
وقالَ تَعْلّمْ أنَّها صَفَرِيَّةٌ
مِكَانٌ نمَا فِيهَا الدَّبَا وجَنَادِبُه
قَالَ: ومَكِنَتِ الضَّبَّةُ وأَمْكَنَتْ إِذا جَمَعَتْ البيْضَ فِي
جَوْفِها.
(أَبُو عبيد عَن الْكسَائي) : الضَّبَّةُ المَكُونُ: الَّتِي قد
جَمَعَتْ بَيْضها فِي بَطْنِهَا، يُقَال مِنْهُ: قَدْ أَمْكَنَتْ
فَهِيَ مُمْكِنٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد مثلَه، قَالَ: والجَرَادَةُ مِثْلُها، واسمُ
البَيْض: المِكْنُ.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (أَقِرُّوا
الطَّيْرَ فِي مَكُنَاتِهَا) .
قَالَ أَبُو عبيد: سألتُ عِدَّةً من الْأَعْرَاب عَنهُ فَقَالُوا: لَا
نَعْرِفُ للطّيْرِ مَكِناتٍ إِنَّمَا المكِنَاتُ بَيْضُ الضِّبَابِ،
واحدتها: مكِنَة، وَقد مَكِنَتِ الضَّبّةُ وأَمْكَنَتْ، فَهِيَ ضَبّةٌ
مَكُونٌ.
قَالَ أَبُو عبيد: وجائزٌ فِي كَلَام العربِ: أَن يُسْتَعَارَ مَكْنُ
الضِّبابِ فيُجْعَلَ للطّيْرِ كَمَا قَالُوا: مَشَافِرُ الْحَبَشِ،
وإنّما المشَافِرُ للإبلِ.
قَالَ: وَقيل فِي تَفْسِير قَوْله: (أَقِرُّوا الطَّيْرَ
(10/161)
على مَكِناتِها) (يُرِيد على أَمْكِنَتها)
ومعناهُ: الطّيْرُ الَّتِي يُزْجَرُ بهَا.
يقولُ: لَا تزْجُرُوا الطّيْرَ وَلَا تَلْتَفِتُوا إِلَيْهَا
أَقِرُّوها على مَوَاضِعها الَّتِي جعلهَا اللَّهُ بهَا أَي أَنَّهَا
لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ.
وَقَالَ شمرٌ: الصَّحِيحُ من قَوْله: (أَقِرُّوا الطيْرَ على
مَكِنَاتِها) أَنَّهَا جَمْعُ المَكِنَة، والمكِنَةُ: التَّمكُّنُ،
تَقول العربُ: إنَّ بَنِي فُلانٍ لَذُو مَكِنَةٍ منَ السُّلطانِ أَي
ذُو تمكُّنٍ، فيقولُ: أَقِرُّوا الطّيْرَ على مكِنَةٍ ترَوْنها
عَلَيْهَا ودَعُوا التَّطيُّرَ مِنْهَا، قَالَ: وَهِي مِثْلُ
التَّبِعَةِ من التَّتَبُّع والطَّلِبَةِ منَ التَّطَلُّبِ.
قَالَ: وَقَول الله: {اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ} (الْأَنْعَام:
135) أَي: على مَا أَنْتُم عَلَيْهِ مُسْتَمْكِنُون.
قَالَ شمرٌ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الناسُ على سَكِنَاتِهمْ،
ونَزِلاتهمْ، ومَكِنَاتِهم.
وَقَالَ الشافعيُّ فِي تَفْسِير قَوْله: (أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى
مَكِنَاتِها) مَعْنَاهُ: أَن أهلَ الجاهليةِ كَانَ الرجلُ يخْرُجُ من
بيْتِه فِي حاجَتِهِ فإِنْ رأَى طيراً فِي طريقِه طيَّرَه فَإِن أخذَ
ذاتَ اليمينِ ذهب فِي حاجتِه، وَإِن أَخَذ ذاتَ الشِّمالِ لم يَذهب.
(قلتُ) : وَهَذَا هُوَ الصحيحُ، وَكَانَ ابنُ عُيَيْنَة يذهبُ
إِلَيْهِ، والمكِنَاتُ بِمَعْنى الأمكِنةِ على تأوِيلِها.
وَقَالَ اللَّيْث: مَكَان فِي أَصْلِ تَقْدِير الْفِعْل (مَفْعَل)
لِأَنَّهُ موضعٌ لِكَيْنُونَة الشَّيْء فِيهِ غيرَ أَنه لما كثُرَ
أَجْرَوْهُ فِي التصْريف مجْرى (فَعَال) فَقَالُوا: مكَّنَّا لَهُ وَقد
تَمَكَّنَ وَلَيْسَ هَذَا بأَعْجَبَ من تَمْسكنَ من المسكِين، قَالَ:
والدليلُ على أَن مَكَان (مفعل) أَن العربَ لَا تقولُ: هُوَ مِنِّي
مكَانَ كَذَا وَكَذَا بالنّصْبِ.
وَقَالَ غَيره: أمكنني الأمرُ يُمْكِنُني فَهُوَ أَمْرٌ مُمكِنٌ: وَلَا
يقالُ: أَنا أُمكِنُه بِمَعْنى أَسْتطيعُه، ويقالُ لَا يُمكِنُكَ
الصُّعُودُ إِلَى هَذَا الْجَبَل، وَلَا يقالُ: أنتَ تُمكِنُ
الصُّعُودَ إِلَيْهِ.
(أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي) : المَكْنَانُ: نَبْتٌ.
(قلت) : وَهُوَ من بُقُولِ الرَّبيعِ (الوَاحِدَةُ: مَكْنَانة) .
وَقَالَ ذُو الرمة:
وَبِالرَّوْضِ مَكْنَانٌ كأَنَّ حَدِيقَهُ
زَرَابِيُّ وَشَّتْها أكُفُّ الصَّوَانِع
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فِي قَول الشَّاعِر، رواهُ عَنهُ أحمدُ بن
يحيى:
ومجَرَّ مُنْتَحَرِ الطَّلِيِّ تَنَاوَحَتْ
فِيهِ الظِّبَاءُ بِبَطنِ وَادٍ مُمْكِنِ
قَالَ: مُمكِن: يُنبِتُ المكْنَانَ.
ك ف ب ك ف م: أهملت وجوهها.
(10/162)
(بَاب الْكَاف وَالْبَاء مَعَ الْمِيم)
ك ب م
بكم: قَالَ اللَّيْث: يُقَال للرَّجُل إِذا امْتنع مِنَ الكَلاَمِ
جَهْلاً أَو تَعَمُّداً: بَكِمَ عَنِ الكَلاَمِ.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي (النَّوَادِر) : رَجُلٌ أَبْكَمُ وَهُوَ العَيُّ
الْمُفْحَمُ، وَقد بَكِمَ بَكَماً وبَكَامَةً.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخر: الأبْكَمُ: الأقْطَعُ اللِّسَانِ، وَهُوَ
العَيُّ بالجوابِ الَّذِي لَا يُحْسِنُ وَجْهَ الكَلاَمِ.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أنَّهُ قَالَ: الأبكَمُ:
الَّذِي لَا يعْقِلْ الجوابَ.
وَقَالَ الله تَعَالَى فِي صفةِ الكُفَّار: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ}
(الْبَقَرَة: 18) وَكَانُوا يَسْمَعُونَ وينْطِقُونَ ويُبْصِرُونَ
ولكِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعُونَ مَا أَنْزَلَ الله وَلَا
يَتَكَلَّمونَ بِمَا أُمِرُوا بِهِ، فَهُمْ بمنزلةِ الصُّمِّ البُكْمِ
العُمْيِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: (بُكْمٌ) إنَّهُمْ بمنْزلةِ مَنْ
وُلِدَ أَخْرَسَ.
وَيُقَال: الأبْكَمُ: المسْلُوبُ الفُؤَادِ.
(قلت) : وبَيْنَ الأخْرَسِ والأبْكَمِ فَرْقٌ فِي كَلَام العَربِ،
فالأخْرَسُ: الَّذِي خُلِقَ وَلَا نُطْقَ لَهُ كالبَهِيمَةِ
العَجْمَاءِ، والأبكَمُ: الَّذِي لِلسَانِه نُطْقٌ وهُوَ لَا يعقِلُ
الجوابَ وَلَا يحْسِنُ وَجْهَ الكَلاَمِ، وجَمْعُ الأبكَمِ: بُكْمٌ
وبُكْمَانٌ، وجَمْعْ الأصَمِّ: صُمٌّ وصُمَّانٌ.
(10/163)
|