تهذيب اللغة كتاب حرف الصَّاد من تَهْذِيب اللُّغَة
أَبْوَاب المضاعف من حرف الصّاد
أُهملت الصَّاد مَعَ السِّين وَالزَّاي والطاء فِي المضاعف.
(بَاب الصّاد وَالدَّال)
ص د
صد، دص: مستعملان.
(صد) : يُقَال: صَدّه يَصُدّه صَدّاً، وَقَالَ الله تَعَالَى: {)
مُسْلِمِينَ وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ
إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ} (النَّمْل: 43) .
يَقُول: صدَّها عَن الْإِيمَان، العادةُ الَّتِي كَانَت عَلَيْهَا،
لأنهَا نشأت وَلم تعرف إلاّ قوما يعْبدُونَ الشَّمْس، فصدّتها العادةُ،
وبيّن عادتَها بقوله: {اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ} .
الْمَعْنى: صَدّها كونُهَا من قوم كَافِرين عَن الْإِيمَان.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: { (لِّلاَْخِرِينَ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ
مَرْيَمَ} (الزخرف: 57) .
قَالَ الفرّاء: قرىء (يَصِدّون) و (يَصُدُّون) .
قَالَ: والعربُ تَقول: صَدَّ يَصِدّ ويَصُدّ، مثل: شَدّ يَشِدّ
ويَشُدّ، وَالِاخْتِيَار (يَصِدُّون) وَهِي قِرَاءَة ابْن عبّاس،
وفسّره يَضِجُّون ويَعِجُّون.
قلت: يُقَال: صددتُ فلَانا عَن أمرِه أصُدُّهُ صَدّاً فصَدّ يَصُدّ،
يَسْتَوِي فِيهِ لفظ الْوَاقِع وَاللَّازِم. وَإِن كَانَ بِمَعْنى
يَضجّ ويَعِجّ، فَالْوَجْه الْجيد: صَدّ يصدّ، وَمن هَذَا قَول الله
جلّ وعزّ: {إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً} (الْأَنْفَال: 35) ،
فالمُكاء: الصَّفِير، والتَّصْدِية: التصفيق. وَيُقَال: صَدّى يُصَدِّي
تَصْدِيةً: إِذا صَفَّق، وَأَصله صَدّ. ويُصَدِّد، فكثرت الدالات
فقُلِبت إِحْدَاهُنَّ يَاء، كَمَا قَالُوا: قَصَّيْتُ أظفاري،
وَالْأَصْل قَصَصْتُ.
قَالَ ذَلِك أَبُو عُبَيد وَابْن السّكيت
(12/73)
وَغَيرهمَا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَول الله جلّ وَعز: {مَثَلاً إِذَا
قَوْمُكَ مِنْهُ} (الزخرف: 57) ، أَي: يَضِجُون ويعِجّون. يُقَال: صَدّ
يَصِدّ، مثل: ضَجَّ يَضجّ. وَأما قولُ الله جلّ وَعز: { (الذِّكْرَى
أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى} {اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى} (عبس: 5،
6) فَمَعْنَاه: تتعرّض لَهُ، وتميل إِلَيْهِ، وتُقبل عَلَيْهِ، يُقَال:
تصدَّى فلَان بفلانٍ يتصدَّى: إِذا تعرّض لَهُ، وَالْأَصْل فِيهِ
أَيْضا تصدَّدَ يتصدَّدُ، يُقَال: تصدّيت لَهُ، أَي: أقبلتُ عَلَيْهِ،
وَقَالَ الراجز:
لما رأيتُ وَلَدِي فيهمْ مَيَلْ
إِلَى الْبيُوت وتَصَدّوْا للحَجلْ
قلتُ: وَأَصله من الصَّدد، وَهُوَ مَا استقبلك وَصَارَ قُبَالَتَكَ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الزجّاج: معنى قَوْله: {اسْتَغْنَى فَأَنتَ
لَهُ تَصَدَّى} ، أَي: أَنْت تُقبِل عَلَيْهِ، جعلَه من الصَّدد وَهُوَ
القُبالة.
وَقَالَ الليثُ: يُقَال: هَذِه الدَّار على صَدَد هَذِه، أَي:
قُبالتهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الصَدَد والصَّقب: القُرْب، وَنَحْو ذَلِك قَالَ
ابْن السّكيت.
قلتُ: فَقَوْل الله جلّ وَعز: {اسْتَغْنَى فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى} ،
أَي: تتقرب إِلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَوْله: {مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ} ، أَي:
يَضْحَكُونَ.
قلتُ: وَالتَّفْسِير عَن ابْن عَبَّاس: يَضِجون ويعجّون وَعَلِيهِ
الْعَمَل.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَيُسْقَى مِن مَّآءٍ
صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ} (إِبْرَاهِيم: 16، 17)
، قَالَ: الصَّديد: مَا يسيل من أهل النَّار من الدّم والقَيْح.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّديدُ: الدّم المختلطُ بالقَيْح فِي الجُرح،
يُقَال: أصَدّ الجُرح. قَالَ: والصّديد فِي الْقُرْآن: مَا سَالَ من
أهل النَّار. وَيُقَال: بل هُوَ الحميمُ أُغْلِي حَتَّى خَثُر.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد قَالَ: الصُّدّادُ فِي كَلَام قيس: سامُّ
أبْرَصَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّدّاد: ضرب من الجُرْذان، وَأنْشد:
إِذا مَا رَأَى أشرافهن انطوى لَهَا
خَفِيٌّ كصُدّادِ الجديرة أَطلَسُ
قَالَ: وصَدْصَدٌ: اسمُ امْرَأَة.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ الأصمعيّ: الصَّدّان: ناحيتا الْجَبَل، وأَنشد
قولَ حُمَيد:
تَقَلقَلَ قِدْحٌ بَين صَدّيْن أَشْخَصَتْ
لَهُ كَفُّ رامٍ وِجْهَةً لَا يُرِيدُها
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الصّدّان: الجَبلان. وَقَالَت ليلى الأخيليَّة:
وكُنْتَ صُنَيّاً بَين صَدّيْنِ مَجْهَلا
(12/74)
والصُّنَيّ: شِعْبٌ صغيرٌ يسيل فِيهِ
المَاء.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : الصِّدَاد: مَا اصْطَدّت بِهِ
الْمَرْأَة وَهُوَ السِّتْر.
وَقَالَ ابْن بُزرج: الصَّدُود: مَا دَلكْتَهُ على مِرْآة ثمَّ
كَحَلْتَ بِهِ عَيْناً.
دصّ: قَالَ اللَّيْث: الدَّصْدَصَةُ: ضَرْبُك المُنْجَل بكَفَّيك.
(بَاب الصَّاد وَالتَّاء)
ص ت
صتّ: قَالَ اللَّيْث: الصَّتُّ: شِبْهُ الصَّدْمِ والقَهْرِ.
ورجلٌ مِصْتِيتٌ: فاضٍ متكَمِّش.
قَالَ: والصَّتِيتُ: الصَّوْتُ والجَلَبَة. وَفِي الحَدِيث: (قَامُوا
صِتَّيْن) .
قَالَ أَبُو عُبَيد، أَي: جَماعَتين. يُقَال: صَاتَّ القومُ.
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: الصَّتِيتُ: الفِرقة.
يُقَال: تركتُ بني فلَان صَتِيتَيْن: يَعْنِي فِرْقَتين. وَقَالَ أَبُو
زيد مِثلَه.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: مَا زلتُ أُصَاتُّه وأُعَاثُّه صِتَاتاً
وعِثَاثاً، وَهِي الْخُصُومَة.
ورَوَى عَمرو عَن أَبِيه قَالَ: الصُّتَّة: الجماعةُ من النَّاس.
ص ظ ص ذ ص ث: أهملت وجوهها.
(بَاب الصّاد والرّاء)
ص ر
صر، رص: (مستعملة) .
(صر) : قَالَ اللَّيْث: صَرَّ الجُنْدَبُ يصِرّ صَرِيراً. وصَرّ البابُ
يَصِرُّ؛ وكلُّ صوتٍ شِبْهُ ذَلِك فَهُوَ صَرِيرٌ: إِذا امتدّ، فإِذا
كَانَ فِيهِ تخفيفٌ وترجيعٌ فِي إعادةٍ ضُوعِف. كَقَوْلِك: صَرْصَر
الأخْطَبُ صَرْصَرةً.
الحرّاني عَن ابْن السكّيت: صَرّ المَحْمِل يَصِرّ صَرِيراً.
قلتُ: والصَّقْرُ يُصَرْصِرُ صَرْصَرَةً.
وَقَالَ الزَّجاجُ فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ} :
(الحاقة: 6) الصِّرُّ والصِّرّة: شِدَّةُ البَرْدِ.
قَالَ: وصَرْصَرٌ متكرِّرٌ فِيهَا الرَّاء؛ كَمَا تَقول: قَلقلتُ
الشيءَ وأَقْلَلْتُه: إِذا رفعتَه من مَكَانَهُ إلاّ أنّ قَلْقَلتُه:
رددتُه وكرَّرْتُ رَفْعَه. وأقْلَلْتُه: رفَعْتُه، وَلَيْسَ فِيهِ
دليلُ تَكْرِير. وَكَذَلِكَ صَرْصَرَ وصَرَّ، وصَلْصَلَ وصَلَّ: إِذا
سمعتَ صوتَ الصَّرير غيرَ مكرَّر.
قلتَ: صَرَّ وصَلَّ؛ فَإِذا أردتَ أنّ الصَّوْت تَكرَّر قلتَ: قد
صَرْصَرَ وصَلْصَلَ.
قلتُ: وقولُه: {فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ} ، أَي: شديدِ البَرْد جدّاً.
(12/75)
وَقَالَ ابْن السكّيت: ريحٌ صَرْصَر، فِيهِ
قَولَانِ:
يُقَال: أصلُها صَرَرٌ من الصِّرِّ وَهُوَ البَرْد، فأَبدَلوا مكانَ
الرّاء الْوُسْطَى فاءَ الْفِعْل، كَمَا قَالُوا: تَجَفْجَفَ، وأصلُه
تَجَفَّف.
وَيُقَال: هُوَ من صَرِير الْبَاب وَمن الصَّرَّة وَهُوَ الضَّجَّة.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {عَلَيمٍ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِى
صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} (الذاريات:
29) .
قَالَ المفسِّرون: فِي ضَجَّة وصَيْحة، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
جَواحِرُها فِي صَرّةٍ لم تَزَيِّلِ
وَقيل: (فِي صرَّةٍ) : فِي جمَاعَة لم تتفرَّق.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال: صَرَّ الْفرس أذُنَيه، فَإِذا لم
يُوقِعوا قَالُوا: أصَرَّ الفرسُ، وَذَلِكَ إِذا جمع أذُنَيه وعَزَمَ
على الشّدّ.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: كَانَت مني صِرِّي وأَصِرِّي، وصِرَّى
وأصِرَّى؛ أَي: كَانَت منّي عَزِيمَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: إِنَّهَا مِنّي لأَصِرِّي، أَي: لحَقيقة. وَأنْشد
أَبُو مَالك:
قد عَلِمتْ ذاتُ الثّنايا الغُرّ
أنّ النَّدَى من شِيمَتِي أصِرِّي
أَي: حَقِيقَة.
شَمِر عَن ابْن الْأَعرَابِي: علم اللَّهُ أَنَّهَا كَانَت منّي صِرِّي
وأصِرَّى، وصِرِّي وأصِرِّي، وقائلها أَبُو السّمّاك الأسَدي حينَ
ضَلَّتْ ناقتُه فَقَالَ: اللهمَّ إِن لم تردَّها عليّ لم أصلِّ لَك
صَلَاة، فوجَدَها عَن قريب، فَقَالَ: علمَ اللَّهُ أَنَّهَا منّي
صِرِّي، أَي: عَزْم عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن السكّيت: مَعْنَاهُ: أَنَّهَا عَزِيمَة محتومةٌ.
قَالَ: وَهِي مشتقّة من أصررتُ على الشَّيْء: إِذا أقمتَ ودمتَ
عَلَيْهِ، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا
فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (آل عمرَان: 125) .
وأخبرَني المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم قَالَ: أصِرِّي، أَي: اعْزِمي،
وكأنّه يُخَاطِب نفسَه، من قَوْلك: أصرَّ على فِعله يُصِرّ إصراراً:
إِذا عَزَم على أَن يَمضي فِيهِ وَلَا يَرجع.
قَالَ: وَيُقَال: كَانَت هَذِه الفَعْلة مِنِّي أَصِرِّي، أَي:
عَزِيمَة، ثمَّ جُعلت هَذِه الياءُ ألفا، كَمَا قَالُوا: بأَبي أنتَ،
وبِأَبَا أنْتَ، وَكَذَلِكَ صِرِّي، على أَن تحذف الألفُ من أصِرّي لَا
على أنّها لُغَة صَرَرتُ على الشَّيْء وأصرَرت.
قَالَ: وَجَاءَت الخيلُ مُصِرَّةً آذانَها محدِّدةً رَافِعَة لَهَا،
وَإِنَّمَا تُصرّ آذانها: إِذا جَدّت فِي السَّيْر.
وَقَالَ الْفراء: الأَصْل فِي قَوْلهم: كَانَت منّي صِرِّي وأصِري:
أمْرٌ، فَلَمَّا أَرَادوا أَن
(12/76)
يغيِّروه عَن مَذهَب الْفِعْل حَوّلوا
ياءَه ألفا، فَقَالُوا: صِرَّى وأصِرَّى، كَمَا قَالُوا: نُهِي عَن
قَيَلٍ وَقَالَ، أُخْرِجِتَا من نيّة الْفِعْل إِلَى الْأَسْمَاء.
قَالَ: وسمعتُ الْعَرَب تَقول: أعْيَيْتَني من شُبَّ إِلَى دُبَّ،
ويُخفض فَيُقَال: من شُبَ إِلَى دُبَ، وَمَعْنَاهُ: فَعَل ذَلِك مُذْ
كَانَ صَغِيرا إِلَى أَن دَبَّ كَبِيرا.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَا لفُلَان صَريّ، أَي: مَا عندَه دِرْهم
وَلَا دِينَار، وَيُقَال ذَلِك فِي النَّفْي خاصّة.
وَقَالَ خالدُ بنُ جَنْبة: يُقَال للدِّرهم صَريٌّ، وَمَا ترك صَريّاً
إِلَّا قَبضه، وَلم يُثَنِّه وَلم يَجْمعه.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال: دِرْهمٌ صَريّ وصِريّ للَّذي لَهُ
صَرير: إِذا نقَرْتَه.
وَفِي الحَدِيث: (لَا صَرورةَ فِي الْإِسْلَام) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: الصَّرورة فِي هَذَا الحَدِيث: هُوَ التبتل وتركُ
النِّكاح.
قَالَ: لَيْسَ يَنْبَغِي لأحد أَن يَقُول: لَا أتزوّج. يَقُول: لَيْسَ
هَذَا من أَخْلَاق الْمُسلمين، وَهُوَ مَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب،
وَمِنْه قولُ النَّابِغَة:
وَلَو أَنَّهَا عرضت لأشْمَطَ رَاهِب
عَبَدَ الإلهَ صَرورةٍ متعبِّدِ
وَيَعْنِي الراهبَ الَّذِي قد ترك النّساء.
قَالَ: والصَّرورة فِي غير هَذَا الَّذِي لم يَحْجُجْ قَطّ، وَهُوَ
الْمَعْرُوف فِي الْكَلَام.
وَقَالَ ابْن السكّيت: رجل صَرورةٌ وصارُورَةُ وصَرورِيّ: وَهُوَ
الَّذِي لم يَحْجُجْ.
وَحكى الْفراء عَن بعض الْعَرَب قَالَ: رأيتُ قوما صَراراً واحدُهم
صَرورة.
وَقَالَ اللّحياني: حَكى الكسائيّ: رجلٌ صَرارَةٌ للّذي لم يَحْجُجْ.
ورجلٌ صَرورة وصَرارَة. وصاروريّ.
فَمن قَالَ: صَرورة، فَهُوَ فِي الْوَاحِد والجميع والمؤنث سَوَاء.
وَكَذَلِكَ من قَالَ: صرارة وصَرَّارة وصارورة.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: قوم صَراير، جمع صارورة. وَمن قَالَ: صرورى
وصارورى، ثنّى وَجمع وأنّث.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّرُّ: البَرْدُ الَّذِي يَضرب النباتَ
ويُحسِّنه. الصَّرَّةُ: شدّة الصِّياح. جَاءَ فِي صَرةٍ، وَجَاء
يَصْطَرُّ.
والصُّرّة: صُرةُ الدّراهم وَغَيرهَا مَعْرُوفَة.
والصِّرارُ: الخَيْط الَّذِي يُشَدُّ بِهِ التَّوادِي على أخلاف
النَّاقة وتُذَيَّر الأطْباءُ لبعَرِ الرَّطْب لئلاّ يؤثِّر الصِّرارُ
فِيهَا.
قَالَ: والصَّرْصَرُ: دُويْبَّةٌ تَحت الأَرْض تَصِرّ أيّام الرّبيع.
وصَرَّت أُذُني صَرِيراً: إِذا سمعتَ لَهَا صَوتاً ودَوِيّاً.
(12/77)
وَقَالَ أَبُو عبيد: الصَّرارِيُّ:
الملاّحُ، وَأنْشد:
إِذا الصَّراريُّ من أهواله ارْتَسما
اللَّيْث: الصَّرْصرانُ والصَّرْصرانيّ: ضربٌ من السَّمك أملسُ الجِلْد
ضخم وَأنْشد:
مَرّتْ لظَهْر الصَّرْصَران الأدْخَنِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الصَّرْصَرانُ: إبلٌ نَبَطيَّة يُقَال لَهَا
الصَّرْصَرانيّات.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الصرصرانيات: الْإِبِل الَّتِي بَين العِراب
والبخاتيّ، وَهِي الفوالج.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الضَّارَّةُ: العَطَش، وجمعُها صرائر،
وَأنْشد:
فانْصاعَت الحُقْبُ لم تَقْصَعْ صَرائِرَها
وَقد نَشَحْن فلارِيٌّ وَلَا هيمُ
وَقَالَ أَبُو عبيد: لنا قِبَلَه صارَّةٌ، وجمعُها صَوارُّ، وَهِي
الْحَاجة.
ابْن شُميل: أصَرَّ الزرعُ إصْراراً: إِذا خَرَج أَطْرَاف السَّفَاء
قبل أَن يَخلص سُنْبُله فَإِذا خلص سنبله قيل: قد أسبل وَقَالَ فِي
مَوضِع آخر: يكون الزَّرْع صَرراً حَتَّى يَلتويَ الْوَرق ويَيْبَس
طرَف السنبل، وَإِن لم يجر فِيهِ القَمْحُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الحافِرُ المَصْرور: المُنْقَبِض. والأرَحّ:
العريض؛ وَكِلَاهُمَا عَيْب، وَأنْشد غَيره:
لَا رَحَحٌ فِيهِ وَلَا اصْطِرارُ
وَقَالَ أَبُو عبيد: اصْطَرّ الحافرُ اصْطراراً: إِذا كَانَ فَاحش
الضِّيقِ، وَأنْشد:
لَيْسَ بمصْطَرَ وَلَا فِرشاحِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصُرْصُورُ: الفَحْلُ النَّجيب من
الْإِبِل.
قَالَ: والصَّرُّ: الدَّلْوُ تسترخى فتُصَرُّ، أَي: تُشد وَتسمع
بالمِسمَع، وَهُوَ عروةٌ فِي دَاخل الدَّلْو بإزائها عُروةٌ أُخْرَى،
وَأنْشد فِي ذَلِك:
إِن كانتِ امَّا امَّصَرَتْ فصرَّها
إِن امِّصار الدِّلوِ لَا يضُرُّها
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: صَرَّ يَصِرُّ: إِذا عَطِشَ.
وصَرًّ يَصُرّ: إِذا جَمَع.
قَالَ: والصَّرَّة: تقطيبُ الوجْه من الْكَرَاهَة. والصَّرَّةُ: الشاةُ
المُصرَّاة.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: المُصْطارةُ: الخَمر الحامض.
رص: رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (تراصُّوا
فِي الصَّلَاة) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الْكسَائي: التَّراصُّ: أَن يَلصَق بعضُهم
بِبَعْض حَتَّى لَا يكون بَينهم خَلَل؛ وَمِنْه قولُ الله جلّ وَعز:
{كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ} (الصَّفّ: 4) .
وَقَالَ اللَّيْث: رصَصتُ البنيانَ رَصّاً: إِذا ضممتَ بعضَه إِلَى
بعض. والرِّصاص مَعْرُوف.
(12/78)
سلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الرَّصاص أكثرُ
من الرِّصاص.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّصّاصةُ والرَّصْراصة: حجارةٌ لازقةٌ بحوالَيِ
العَيْن الْجَارِيَة، وَأنْشد:
حِجَارَة قَلْتٍ برَصراصةٍ
كُسِين غِشاءً من الطُّحْلُبِ
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد قَالَ: النِّقابُ على مارِنِ الْأنف. قَالَ:
والترصيص: ألاّ يُرَى إلاّ عَيناهَا وتَميمٌ تَقول: هُوَ التَّوْصيص
بِالْوَاو وَقد رَصّصَتْ ووَصّصَتْ.
سلَمة عَن الْفراء قَالَ: رَصَّص: إِذا ألحّ فِي السُّؤَال، ورصصَ
النِّقابَ أَيْضا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: رَصرَصَ: إِذا ثَبت فِي الْمَكَان.
أَبُو عَمْرو: الرَّصيص: نِقابُ الْمَرْأَة: إِذا أدْنَتْه من عينيْها.
(بَاب الصَّاد وَاللَّام)
ص ل
صل، لص: (مستعملة) .
صل: أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: سَمِعت لجوفِه صلِيلاً من العَطَش،
وَجَاءَت الإبلُ تَصِلّ عَطشاً، وَذَلِكَ إِذا سمعتَ لأجوافها صوْتاً
كالبُحّة. وَقَالَ مُزاحم العُقَيلِيُّ يصف القَطا:
غَدَت مِن عَلَيْهِ بَعْدَمَا تمَّ ظِمْؤُها
تَصِلُّ وَعَن قَيْضٍ بزيْزاءَ مَجهَلِ
قَالَ ابْن السكّيت فِي قَوْله: من عَلَيْهِ: من فَوْقه، يَعْنِي من
فوْق الفَرْخ.
قَالَ: وَمعنى: تَصِلُّ، أَي: هِيَ يابسة من الْعَطش.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: معنى قَوْله: من عَلَيْهِ من عِنْد فَرْخها.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: سمعتُ صليلَ الْحَدِيد، يَعْنِي صوْتَه.
وصلَّ المِسمارُ يَصِلُّ صلِيلاً: إِذا أكْرهْتَه على أَن يدخُل فِي
القَتِير فَأَنت تسمَع لَهُ صَوتا، وَقَالَ لَبيد:
أحكم الجُنْثيّ من عَوْراتِها
كلَّ حِرباءٍ إِذا أُكرِه صلّ
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الصَّلصالُ: الطينُ اليابسُ الَّذِي يَصِلُّ
من يُبْسِه، أَي: يصوِّت، قَالَه فِي قَوْله: {الإِنسَانَ مِن
صَلْصَالٍ} (الرَّحْمَن: 14) ، وَأنْشد:
رَجَعتُ إِلَى صوتٍ كجِرَّة حَنْتَمٍ
إِذا قُرِعتْ صِفراً من الماءِ صلَّتِ
وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْفراء. قَالَ: هُوَ طينٌ حُرٌّ خُلط برمْل
فَصَارَ يُصلْصِل كالفَخّار.
قلتُ: هُوَ صَلصال مَا لم تُصِبه النَّار، فَإِذا مسّتْه النَّار
فَهُوَ فَخّار.
وَقَالَ الْأَخْفَش نَحوه، قَالَ: وكلُّ شَيْء لَهُ صوتٌ فَهُوَ
صلْصالٌ من غير الطين.
ورُوِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: الصالُّ:
(12/79)
الماءُ يقعُ على الأرضِ فتنشّق، فَذَلِك
الصال.
وَقَالَ مُجَاهِد: الصَّلصالُ: حَمَأٌ مسنون.
قلتُ: جعلَه حَمأً مَسنوناً لِأَنَّهُ جعله تَفْسِيرا للصلصال، ذهَب
بِهِ إِلَى صلَّ، أَي: أَنتَنَ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق مَنْ قَرَأَ: {ءإذا صَلَلْنا فِي الأَرْض}
(السَّجْدَة: 10) ، بالصَّاد فَهُوَ على ضَرْبَيْنِ: أَحدهمَا:
أَنْتَنَّا وتغيَّرْنا، وتغيرت صوَرُنا، يُقَال: صلَّ اللحمُ وأَصلَّ
إِذا أنتَن وتغيَّر.
والضربُ الثَّانِي: (صلَلْنا) : يَبِسنا من الصلَّة، وَهِي الأرضُ
الْيَابِسَة.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: مَا يَرفَعه من الصلّة من هوانِه عَلَيْهِ،
يَعْنِي من الأَرْض.
وخُفٌّ حَيّد الصِّلَة، أَي: جيِّد الجِلْد.
وَيُقَال: بِالْأَرْضِ صِلالٌ من مَطر، الْوَاحِدَة صلَّة، وَهِي
القطَع المتفرقة.
وَقَالَ الشَّاعِر:
سيَكفيكَ الْإِلَه بمُسْنَماتٍ
كجَنْدَلِ لُبْنَ تَطَّرِدُ الصلالاَ
أَبُو عبيد عَن الْفراء: الصلاصلُ: بقايا الماءِ، وَاحِدهَا صَلصلة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصُّلصل: الرَّاعِي الحاذق.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّلصل: طَائِر تسميه العجَمُ الفاخِتَة،
وَيُقَال: بل هُوَ الَّذِي يشبهها، والصُّلصل: ناصيةُ الفرَس.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصلاصِل: الفَواخِتُ وَاحِدهَا
صُلْصل. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الصلْصل والعِكْرِمة والسّعْدانة:
الحَمامة.
عَمْرو عَن أَبِيه: هِيَ الجُمَّة. والصُّلصلة للوَفْرة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي صلْصل: إِذا أَوْعَد.
وصلْصل: إِذا قتل سيِّد الْعَسْكَر.
وَقَالَ الأصمعيّ: الصُّلْصُل: القَدَح الصَّغِير.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصلُّ والصِّفصِلّ نبتان،
وَأنْشد:
أرعَيْتُها أطيَبَ عُودٍ عُودَا
الصِّلَّ والصِّفْصِلَ واليَعْضِيدَا
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: إِنَّه لَصِلُّ أصْلالٍ وإنّه لَهِتْر أهتار.
يُقَال ذَلِك للرّجل ذِي الدَّهاء والإرْب، وأصلُ الصِّلّ من الحيّات
يُشبَّه الرجل بِهِ إِذا كَانَ داهيةً؛ وَقَالَ النَّابِغَة
الذُّبياني:
مَاذَا رُزِئْنا بِهِ من حَيّةٍ ذَكَرٍ
نَضْنَاضَةٍ بالرَّزايَا صِلِّ أَصْلالِ
والصِّلِّيَان: من أطيَب الكَلأ، وَله جِعْثِنَةٌ ووَرَقُه رقيقٌ.
والعَرَب تَقول للرجُل يُقدم على يمينٍ كَاذِبَة، وَلَا يَتَتَعْتَع:
جَذَّها جَذ العَيْر
(12/80)
الصِّلِّيانة. وَذَلِكَ أَن العَيْرَ إِذا
كَدَمَها بِفِيهِ اجتَثَّها بأَصلِها، وَالتَّشْدِيد فِيهَا على
اللاّم، والياءُ خَفِيفَة، وَهِي فِعْلِيَانة من الصَّلْي، مثل
حِرْصِيانة من الحِرْص، وَيجوز أَن يكون من الصِّلّ، وَالْيَاء
وَالنُّون زائدتان.
أَبُو عُبيد: قَبَرَه اللَّهُ فِي الصَّلَّة، وَهِي الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: صَلَّ اللّجام: إِذا تَوهَّمْتَ فِي صوتِه
حِكايَة صوتِ صَلْ، وَإِن توهَّمتَ ترجيعاً قلتَ: صَلصَل اللجامُ،
وَكَذَلِكَ كلُّ يَابِس يُصَلْصِل.
وَقَالَ خَالِد بنُ كُلْثوم فِي قَول ابْن مُقبل:
ليَبْكِ بَنُو عُثمانَ مَا دامَ جِذْمُهمْ
عَلَيْهِ بأَصْلالٍ تُعَرَّى وتُخْشَبُ
الأصلال: السيوفُ القاطعة، وَالْوَاحد صِلّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المصَلِّل: الأسْكَفُ، وَهُوَ
الإسْكافُ عِنْد العامّة. والمصَلِّل أَيْضا: الخالصُ الكَرَم
والنَّسب. والمصَلِّل: المَطَر الجَوْدُ.
سَلَمةُ عَن الفرّاء: قَالَ: الصَّلَّة: بقيَّةُ المَاء فِي الْحَوْض:
والصَّلَّةُ: المَطْرة الواسعة. والصَّلَّةُ: الجِلْد المتين.
والصَّلّةُ: الأَرْض الصُّلْبة. والصَّلة: صوتُ المِسمار إِذا أُكرِه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الصَّلّة: المَطْرةُ الْخَفِيفَة. والصَّلَّة:
قُوَارَةُ الخُفّ الصُّلْبة.
لص: قَالَ اللَّيْث: اللِّصُّ معروفٌ، ومصدرُه اللصُوصة واللُّصوصِيَّة
والتلصُّص.
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: هُوَ لَصٌّ بيّن اللَّصوصِية، وفعلتُ ذَلِك
بعد خصُوصيّة، وحَرُوريّ بيّن الحَرُوريّة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الألَصُّ: المجتمِعُ
المَنكِبين يكادان يمُسَّان أُذُنَيه. قَالَ: والألَصّ أَيْضا:
المتقاربُ الأضراس، وَفِيه لصَصَ.
الليثُ: التَّلْصِيص كالتَّرْصيص فِي البُنْيان. قَالَ رُؤبة:
لَصَّصَ من بُنْيانِه المُلَصِّصُ
الْأَصْمَعِي: رجل أَلَصُّ وَامْرَأَة لَصّاء: إِذا كَانَ مُلتَزِقي
الفَخِذَين لَيْسَ بَينهمَا فُرْجة. وَيُقَال للزَّنْجيّ: ألَصّ
الألْيَتَين والفَخِذَين.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: اللَّصَص فِي مَرْفَقي الفَرَس أَن تنضَمَّا
إِلَى زَوْرِه وتَلْصقا بِهِ. قَالَ: ويستحبّ اللَّصَصُ فِي مَرْفِقَي
الْفرس.
وَقَالَ أَبُو زيد: جمعُ اللَّصّ لُصوص وأَلْصاص، وَامْرَأَة لَصَّةٌ
من نسْوَة لَصائص ولَصَّات.
(بَاب الصّاد وَالنُّون)
ص ن
صن، نَص: (مستعملان) .
صن: قَالَ اللَّيث: الصَّنُّ: شِبْه السَّلَّة المُطْبَقَة
(12/81)
يُجعل فِيهَا الطّعام.
سَلَمة عَن الفرَّاء قَالَ: الصِّنّ: بَوْل الوَبْر. والصِّنُّ أَيْضا:
أوّل يَوْم من أيّام العَجوز، وَأنْشد غَيره:
فَإِذا انقَضَتْ أيّامُ شَهْلَتِنا
صِنٌّ وصِنَّبْرٌ مَعَ الوَبْرِ
وَقَالَ جرير فِي صِنّ الوَبْرِ:
تَطَلَّى وهيَ سَيِّئَةُ المعَرَّى
بِصِنِّ الوَبْر تحسَبه مَلابَا
وأخبرَني المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم عَن نُصَيْر الرّازيّ يُقَال
للتَّيْس إِذا هاج: قد أصَنّ فَهُوَ مُصِن. وصُنانه: ريحُه عِنْد
هِياجه.
وَيُقَال للبَغْلَة إِذا أمسكْتَها فِي يَدِك فأنتَنَتْ: قد أصَنَّتْ.
وَيُقَال للرَّجُل المُطَيَّخِ المُخْفِي كلامَه: مُصِنَّ.
قَالَ: وَإِذا تأخَّر ولدُ النَّاقة حَتَّى يَقع فِي الصَّلاَ فَهُوَ
مُصِنّ وهُنّ مِصِنّاتٌ مَصَانٌّ.
وَقَالَ ابْن السكّيت: المُصِنّ: الرافعُ رأسَه تكبُّراً، وَأنْشد:
يَا كَرَواناً صُكَّ فاكْبأنّا
فشَنَّ بالسَّلْحِ فلمّا شَنَّا
بَلَّ الذَّنابَى عَبَساً مُبِنَّا
أَإِبِلِي نأكُلُها مُصِنَّا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: أَتَانَا فلانٌ مُصِنّاً بأَنْفه: إِذا رَفع
أَنفَه من العَظَمة. وأَصَنَّ: إِذا سَكَت؛ فَهُوَ مُصِنٌّ ساكِت،
وأَنشَد:
قد أخَذَتْني نَعْسَةٌ أُرْدُنُّ
ومَوْهَبٌ مُبْزٍ بهَا مُصِنُّ
وَقَالَ أَبُو عُبَيدةَ: إِذا دنا نَتاجُ الفَرَسِ وارْتَكَضَ ولدُها
وتحرّك فِي صَلاَها فَهِيَ حِينَئِذٍ مُصِنّة وَقد أصنّت الْفرس،
ورُبَّما وَقع السّقيُ فِي بعض حركته حَتَّى ترى سوَاده من طُبييها،
والسَّقيُ طرف السَّابيَاء.
قَالَ: وقلّ مَا تكونُ الْفرس مُصِنَّة: إِذا كَانَت مُذْكِرة تَلد
الذُّكُور.
نَص: قَالَ اللَّيْث: النَّصُّ: رَفْعُك الشيءَ. ونَصَّصْتُ نَاقَتي:
إِذا رَفَعْتَهَا فِي السَّيْرِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّصّ: الْإِسْنَاد إِلَى الرئيس
الْأَكْبَر. والنَّصّ: التَّوْقيف. والنَّصّ: التَّعْيِين على شيءٍ
مّا.
وَفِي الحَدِيث (أنَّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين دَفَع من
عَرَفات سارَ العَنَق، فَإِذا وَجد فَجْوَةً نَصَّ) . قَالَ أَبُو
عُبَيْد: النَّصُّ: التحريك حتّى تستخرج من النَّاقة أَقْصَى سَيْرِها،
وأَنشَد:
وتَقْطَع الخَرْقَ بسَيْرٍ نَصِّ
رُوي عَن عليّ أَنه قَالَ: إِذا بلغ النساءُ نَصَّ الحِقَاقِ
فالعَصَبَةُ أَوْلى.
قَالَ أَبُو عُبيد: النَّصُّ: أصلُه منتَهى الْأَشْيَاء ومبلغُ
أَقصاها، وَمِنْه قيل:
(12/82)
نَصَصْتُ الرجلَ: إِذا استقصيْتَ مسألتَه
عَن الشيءِ حَتَّى يسْتَخْرج كلَّ مَا عندَه، وَكَذَلِكَ النَّصّ فِي
السَّيْرِ إنّما هُوَ أَقصَى مَا تَقدر عَلَيْهِ الدابّة. قَالَ:
فَنَصّ الحِقاقِ إِنّما هُوَ الإدرَاك.
وَقَالَ ابْن المُبَارَك: نَصُّ الحِقاق: بُلُوغُ العَقْل.
ورُوِيَ عَن كَعْب أنّه قَالَ: يَقُول الجبّارُ: احذَروني فإنِّي لَا
أُناصُّ عَبْداً إلاَّ عَذَّبْتُه) ، أَي: لَا أستقصِي عَلَيْهِ إِلَّا
عَذَّبْتُه؛ قَالَه ابْن الْأَعرَابِي، وَقَالَ: نَصَّص الرجلُ
غَرِيمَه: إِذا اسْتَقْصَى عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللّيث: الماشطة تَنُصُّ العَروسَ فتُقْعِدُها على المِنَصَّة،
وهيَ تَنْتَصُّ عَلَيْهَا لِتُرَى من بَين النِّسَاء.
وَقَالَ شمر: النّصْنَصَةُ والنّضْنَضَةُ: الْحَرَكَة، وكل شيءٍ قلقلته
فقد نَصْنَصْتَه.
وَقَالَ الأصمعيّ: نَصْنَصَ لسانَه ونَضْنَضَهُ: إِذا حَرَّكه.
وَقَالَ اللَّيث: النَّضْنَضَةُ: إثْبَاتُ الْبَعيرِ رُكْبَتَيْه فِي
الأَرْض، وتَحَرُّكه إِذا هَمَّ بالنُّهُوضِ. قَالَ: وانتَصَّ الشيءُ
وانتَصَب: إِذا استوَى واستَقامَ، وَقَالَ الرّاجز:
فَبَاتَ مُنْتَصّاً ومَا تَكَرْدَسَا
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: كَانَ حَصِيصُ الْقَوْم وبَصيصُهم ونَصِيصُهم
كَذَا وَكَذَا، أَي: عَدَدُهم بِالْحَاء وَالنُّون وَالْبَاء.
(بَاب الصَّاد وَالْفَاء)
ص ف
صف، فص.
(صف) : قَالَ اللَّيْث: الصَّفُّ مَعْرُوف قَالَ: والطّير الصّوَافُّ:
الَّتِي تَصُفّ أجنَحتها فَلَا تحرِّكُها.
والْبُدنَ الصَّوافُّ: الَّتِي تُصَفَّفُ ثمَّ تُنْحَر.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَإِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ} (الصافات: 1) ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هم الْمَلَائِكَة،
أَي: هم مصطفُّون فِي السَّمَاء يُسبِّحون لله.
وَقَالَ فِي قَوْله عزّ وجلّ: {فَاذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا
صَوَآفَّ} (الْحَج: 36) ، قَالَ: صَوافُّ منصوبةٌ على الْحَال، أَي: قد
صفَّت قوائمَها؛ أَي: فاذكُروا اسمَ الله عَلَيْهَا فِي حَال نحرِها.
قَالَ: {وَالطَّيْرُ صَآفَّاتٍ} (النُّور: 41) ، باسطات أجنِحَتها.
وَقَالَ اللَّيْث: صَفَفْتُ القومَ فاصطَفُّوا. والمَصَفُّ: المَوْقِفُ
والجميع المَصَافّ. والصَّفِيفُ: القَدِيدُ إِذا شُرِّر فِي الشَّمْس،
يُقَال: صَفَفْتُه أصُفُّه صَفّاً.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي قَالَ: الصَّفِيفُ: القَدِيدُ، وَقد
صَفَفْتُه أصُفُّه صَفّاً.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
صَفِيفَ شِواءٍ أَو قَدِيرٍ مُعَجَّلِ
(12/83)
قَالَ شَمِر: قَالَ ابْن شُميل: التَّصفيف
نحوُ التّشريح، وَهُوَ أَن تَقرض البَضْعة حَتَّى تَرِقّ فترَاهَا
تَشِفّ شَفِيفاً. وَقد صفَفْتُ اللَّحْم أصُفُّه صفّاً.
وَقَالَ خالدُ بنُ جَنْبَة: الصَّفِيفُ: أَن يُشرّح اللحمُ غيرَ
تَشريحِ القَدِيد، وَلَكِن يُوَسَّع مثل الرُغْفان الرِّقاق، فَإِذا
دُقّ الصَّفِيف ليؤكل فَهُوَ زِيم، وَإِذا تُرِك وَلم يُدَقّ فَهُوَ
صَفِيف.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّفّةُ: صُفّةُ السَّرْج.
أَبُو عُبَيْد عَن الْكسَائي: صَفَفْتُ للدابة صُفّةً، أَي: عملتُها
لَهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّفّة من البُنْيان. قَالَ: وعذابُ يَوْم
الصُّفّة: كَانَ قَومٌ قد عَصَوْا رسولهم فأَرسَل الله عَلَيْهِم
حَرَّاً وغَمَّاً غَشِيَهم من فَوقهم حَتَّى هَلَكوا.
قلتُ: الَّذِي ذكره الله فِي كِتَابه: {عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ}
(الشُّعَرَاء: 189) ، لَا عَذَابُ يَوْم الصُّفّة، وعُذِّب قومُ
شُعَيْب بِهِ، وَلَا أَدْرِي مَا عذابُ يَوْم الصُّفّة.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {للهفَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً} (طه: 106) .
قَالَ الفرّاء: الصَّفْصَفُ: الَّذِي لَا نَبات فِيهِ، وَهُوَ قولُ
الكَلْبيّ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الصَفْصَفُ: القَرْعاء.
وَقَالَ مُجَاهِد: {قَاعاً صَفْصَفاً} : مستوياً.
شمر عَن أبي عَمْرو: الصَّفْصَف: المستوِي من الأَرْض، وجمعُه صفَاصِف.
وَقيل: الصَفْصَفُ: المُستوِي الأملَس.
وَقَالَ الشَّاعِر:
إِذا رَكبْتَ داوِّيةً مُدْلَهِمّةً
وغَرَّدَ حَادِيها لَهَا بالصَّفاصِفِ
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: الصَّفُوفُ: الناقةُ الَّتِي تَجمَع
بَين مِحْلَبَين فِي حَلْبة وَاحِدَة؛ والشَّفُوعُ والقَرُونَ
مِثْلُها.
قَالَ: والصَّفوف أَيْضا: الَّتِي تَصُفّ يَدَيْها عِنْد الحَلب.
وَقَالَ اللّحياني: يُقَال: تضافّوا على المَاء وتَصافُّوا عَلَيْهِ
بِمَعْنى وَاحِد: إِذا اجتَمَعوا عَلَيْهِ.
اللّيْثُ: الصَّفْصَفة: دخِيل فِي الْعَرَبيَّة، وَهِي الدُّوَيْبّة
الَّتِي يسميها العَجَم السّيسك.
أَبُو عُبَيد: الصَّفْصافُ: الخِلافُ.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ شجَر الْخِلاف بلُغة أهلِ الشَّام.
فص: أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: فَصُّ الشَّيءِ: حقيقتُه
كُنْهُه. قَالَ: والكُنْه: جَوْهَرُ الشَّيْء. والكُنْهُ: نهايةُ
الشَّيْء وحقيقتُه.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا أصابَ الإنسانَ جُرحٌ فجَعل يَسيلُ.
قيل: فَصَّ يَفِصّ فَصيصاً، وفَزّ يَفِزّ فَزِيزاً. قَالَ: وَقَالَ
(12/84)
أَبُو زيد: الفُصوصُ: المَفاصلُ فِي
العِظام كلهَا إِلَّا الْأَصَابِع واحِدُها فَصّ.
وَقَالَ شَمِر: خُولِف أَبُو زيد فِي الفُصوص فَقيل: إِنَّهَا
البَراجِم والسُّلاَمَيَات.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي كتاب (الْخَيل) : الفُصوصُ من الفَرَس:
مَفاصِلُ رُكبتَيه وأَرساغِه وفيهَا السُّلامَيَات، وَهِي عِظام
الرُّسْغَيْن، وَأنْشد غيرُه فِي صفة الفَحْل:
قَريعُ هِجانٍ لم تُعَذَّبْ فُصوصُه
بِقَيْد وَلم يُرْكَب صَغيراً فيُجْدَعا
الحَرّاني عَن ابْن السّكيت فِي بَاب مَا جَاءَ بِالْفَتْح، يُقَال:
فَصُّ الخاتَم. وَهُوَ يَأْتِيك بالأمْر من فَصِّه، أَي: مَفْصِله،
يُفصِّله لَك. وكلُّ ملتقَى عَظْمَيْن فَهُوَ فَصّ.
وَيُقَال للفَرَس: إِن فُصُوصَه لظِمَاء، أَي: لَيست برَهِلة كَثِيرَة
اللَّحْم. والكلامُ فِي هَؤُلَاءِ الأحرف بِالْفَتْح.
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَيُقَال: فِصُّ الْخَاتم وَهِي لُغَة ردية.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَصُّ: السِّنُّ من أَسْنان الثُّوم، وَأنْشد
شَمِر قولَ امرىء الْقَيْس:
يُغالِينَ فِيهِ الجزْء لَوْلَا هَواجِرٌ
جَنادِبُها صَرْعَى لهنّ فَصِيصُ
يُغالين: يُطاوِلْن، يُقَال: غالبْتُ فلَانا فلَانا، أَي: طاوَلْتُه،
وقولُه: لهنّ فَصِيصُ، أَي: صَوْتٌ ضعِيف مثل الصفير. يَقُول:
يُطاوِلْن الجَزْء لَو قَدَرْنَ عَلَيْهِ، ولكنَّ الحَرَّ يُعْجِلُهنّ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: الفَصافِص: واحدتُها فِصْفِصَة وَهِي
بِالْفَارِسِيَّةِ أَسْبُسْت، وَأنْشد للنابغة:
من الفَصافِص بالنُّمِّيّ سِفْسِيرُ
وَقَالَ اللَّيْث: فَصُّ العَيْن: حَدَقَتُها، وَأنْشد:
بمُقْلةٍ تُوقِد فَصّاً أَزْرَقا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فَصْفَص: إِذا أَتَى بالخَبَر حقّاً.
قَالَ: وَيُقَال: مَا فَصَّ فِي يَدَيّ شَيْء، أَي: مَا بَرَدَ،
وَأنْشد:
لأُمِّكَ وَيْلَةٌ وعليكَ أُخْرَى
فَلَا شاةٌ تَفِصُّ وَلَا بَعيرُ
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ حترش: قَصَصْتُ كَذَا مِن كَذَا، أَي:
فصلته. وانْفَصّ مِنْهُ، أَي: انفَصَل. وافتَصَصْتُه: افْتَرَزْتُه.
(بَاب الصّاد والبَاء)
ص ب
صب. بص: (مستعملان) .
(صبّ) : قَالَ اللَّيْث: الصَّبُّ: صَبُّك الماءَ ونحوَه. والصَّبَبُ:
تَصوُّبُ نهرٍ أَو طَرِيق يكون فِي حُدور.
وَفِي صِفَةِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنّه كَانَ إِذا مَشَى
كأنّما ينحطُّ فِي صَبَب) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ أَبُو عَمرو: الصَّبَبُ:
(12/85)
مَا انحدَرَ من الأَرْض، وجمعُه أصْبَاب.
وَقَالَ رُؤْبة:
بَلْ بَلَدٍ ذِي صُعُدٍ وأصْبابْ
وَفِي حَدِيث عُتبة بن غَزْوانَ أنّه خطب الناسَ فَقَالَ: (ألاّ إنّ
الدُّنْيَا قد آذَنَتْ بصَرْم، ووَلَّت حَذّاء، فلَم يَبقَ فِيهَا
إِلَّا صُبابةٌ كصُبابة الْإِنَاء) .
وَلّت حَذّاء، أَي: مُسرِعةً.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الصبابةُ: البَقِيَّةُ اليسيرةُ تَبقَى فِي
الْإِنَاء من الشّراب؛ فَإِذا شَرِبها الرجل قَالَ: تصابَبْتُها.
وَقَالَ الشَّماخ:
لَقَوْمٌ تَصابَبْتُ المعيشةَ بَعْدَهُمْ
أَشدُّ عليّ من عِفَاءٍ تَغَيَّرا
فشبّه مَا بَقي من العَيْشِ ببقيّة الشّراب يتمزّزُه ويتصَابُّه.
وَفِي حَدِيث عُقْبة بنِ عَامر أنّه كَانَ يَختَضِب بالصَّبِيب.
قَالَ أَبُو عُبيد: الصَّبِيب يُقَال: إنَّه مَاء وَرَق السِّمْسم أَو
غيرِه من نباتِ الأَرْض.
وَقد وُصِف لي بِمصْر، ولونُ مائِه أحمرُ يعلوه سَواد، وَمِنْه قَول
عَلْقَمَة بن عَبَدَةَ:
فأورَدْتُها مَاء كَأنّ جِمامَه
من الأجْنِ حِنَّاءٌ مَعًا وصَبِيبُ
وَقَالَ اللَّيْث: الدّمُ، والعُصْفُر المُخلِص؛ وَأنْشد:
يَبْكُون من بَعد الدُّموعِ الغُزَّرِ
دَماً سِجالاً كصبِيب العُصْفُرِ
وَقَالَ غيرُه: يُقَال للعَرَق صَبيبٌ، وَأنْشد قولَه:
هَواجِرٌ تحْتَلِبُ الصَّبيبَا
وَقَالَ أَبُو عمْرَة: الصَّبيبُ: الجليدُ، وَأنْشد فِي صفة الشّتاء:
وَلَا كلْبَ إِلَّا والِجٌ أنفَه استَنّه
وَلَيْسَ بهَا إلاّ صَباً وصَبِيبُها
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: صبّ الرجلُ: إِذا عشِق، يَصبّ
صَبابةً. والصبابةُ: رقةُ الْهوى. قَالَ: وصُبّ الرجلُ والشيءُ: إِذا
مُحِق.
عَمْرو عَن أَبِيه: صَبْصَب: إِذا فرّق جَيْشًا أَو مَالا.
قَالَ اللَّيْث: رجلٌ صَبٌّ، وامرأةٌ صَبّة، وَالْفِعْل يَصبُّ
إِلَيْهَا عِشقاً، وَهُوَ صبٌّ قَالَ: والصبيبُ: الدّور. والعصفر
المخلص؛ وَأنْشد:
يَبْكُونَ من بَعد الدُّمُوع الغُزّر
دَمًا سجالاً كسجال العُصفُر
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: خِمْسٌ صبْصَاب وبَصبَاص وحَصْحَاص، كلّ
هَذَا السيرُ
(12/86)
الَّذِي لَيست فِيهِ وتيرة وَلَا فتور.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عمر: المُتَصَبْصبُ: الذَّاهِب المُمحق.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: تَصبْصبَ تَصبْصُباً: وَهُوَ أَن يذهب إِلَّا
قَلِيلا.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَصبصب الْقَوْم: إِذا تفرّقوا؛ أنْشد:
حَتَّى إِذا مَا يَوْمُها تَصبْصَبَا
أَي: ذهب إلاَّ قَلِيلا.
وسمعتُ الْعَرَب تَقول للحَدُور: الصبوب، وَجَمعهَا صُبُب، وَهُوَ
الصب، وَجمعه أصْباب.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الصُّبَّة: الجماعةُ من النَّاس.
وَقَالَ غَيره: الصُّبّةُ: الْقطعَة من الْإِبِل والشاه.
وَقَالَ شمر: قَالَ زيد بن كُثْوة: الصُّبةُ مَا بَين العشْر إِلَى
الْأَرْبَعين من المِعْزَى.
قَالَ: والفِزْر من الضَّأْن مثلُ ذَلِك، والصِّدْعَةُ نحوُها، وَقد
يُقَال فِي الْإِبِل.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّصَبْصُبُ: شدَّة الخِلاف والجُرأة؛ يُقَال:
تَصَبْصبَ علينا فلَان.
وَقَالَ فِي قَول الراجز:
حَتَّى إِذا مَا يومُها تَصبْصبَا
أَي: اشْتَدَّ عليّ الْخمر ذَلِك الْيَوْم.
قلتُ: وَقَول أبي زيد أحبُّ إليّ.
وَيُقَال: صَبَّ فلَان غنم فلَان: إِذا عاث فِيهَا. وصَبَّ الله
عَلَيْهِم سَوْطَ عَذَابه، أَي: عَذبهم. وصبَّت الحيّةُ عَلَيْهِ: إِذا
ارْتَفَعت، فانصبّتْ عَلَيْهِ من فوقُ. وَمِنْه حديثُ النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه ذكر فِتَناً فَقَالَ: (لَتَعودُنَّ فِيهَا
أساوِدَ صُبّاً يَضربُ بَعْضكُم رِقابَ بعض) . والأسَاوِدُ: الحيّات.
وَقَوله: صُبّاً:
قَالَ الزُّهْرِيّ وَهُوَ رَاوِي الحَدِيث: هُوَ من الصبّ.
قَالَ: والحيّةُ إِذا أَرَادَ النَّهْسَ ارْتَفع ثمَّ صَبّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد نَحوه. وَقَالَ: هِيَ جمعُ صَبُوبٍ أَو صابَ صُبُب،
كَمَا يُقَال شاةٌ عَزُوز وعُززُ، وجَدود وجُدُد.
وَقَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي الحَدِيث: (لتَعودُنّ أَسَاوِدَ صُبّاً)
، على فُعْل من صَبَا يَصبو إِذا مَال إِلَى الدُّنْيَا، كَمَا يُقَال
غازٍ وغُزّى. أَرَادَ: لتعودُنَّ فِيهَا أساوِد، أَي: جماعاتٍ
مُخْتَلفين وطوائفَ متنابِذين، صائبين إِلَى الْفِتْنَة، مائِلين إِلَى
الدُّنْيَا وزُخْرُفها.
وَكَانَ ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: أصلُه صَبأَ عَلَى فعَل بِالْهَمْز،
جمعُ صابىء، من صبَأَ عَلَيْهِ: إِذا اندرأ عَلَيْهِ من حَيْثُ لَا
يحتسبُه، ثمَّ خُفّف همزه ونوِّن فَقيل: صُبَّى مَوْزن غُزَّى.
وَسمعت الْعَرَب تَقول: صب فلَان لفُلَان مغرفاً من اللَّبن وَالْمَاء.
(12/87)
وَيُقَال: صُبّ رِجْلُ فلَان فِي القَيْد:
إِذا قُيّد.
وَقَالَ الفرزدق:
وَمَا صَبَّ رِجْلي فِي حَدِيد مُجاشعٍ
مَعَ القَدرِ إِلَّا حَاجَة لي أُريدُها
وَيُقَال: صببتُ لفُلَان مَاء فِي قَدَح ليشربَه، واصطبَبْتُ لنَفْسي
مَاء من القِرْبة لأشرَبَه.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ فِي تَفْسِير
قَوْله: كَأَنَّمَا ينحطّ من صَبَب، أَرَادَ أَنه قويُّ الْبدن، فَإِذا
مَشَى فَكَأَنَّهُ يَمْشي على صُدور قَدَمَيه من الْقُوَّة، وَأنْشد:
الواطِئين على صُدورِ نِعالهمْ
يَمشون فِي الدِّفْئِيِّ والإبْرادِ
بص: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: بَصَّ الشيءُ يَبِصّ بَصِيصاً، ووبَص
بَيِصُ وَبيصاً: إِذا بَرَقَ وتلألأ.
وَقَالَ أَبُو زيْد: بَصَّصَ الجِرْوُ تَبْصيصاً: إِذا فتح عَيْنه.
أَبُو عبيد عَنهُ: قَالَ شَمِر: وَقَالَ الْفراء: بصَّصَ الجِرْوُ
تَبْصيصاً بِالْيَاءِ.
قلتُ: وهما لغَتان، وَفِيه لغاتٌ قد مرَّت فِي حرف الضَّاد.
وَقَالَ اللَّيْث: البَصْبَصةُ: تحريكُ الكلْب ذَنَبَه طَمَعا أَو
خَوْفاً، والإبلُ تفعَل ذَلِك إِذا حُدِي بهَا.
وَقَالَ رؤبة:
بَصْبَصْنَ بالأذناب من لَوْحٍ وَبَقْ
يصف الوحشَ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: من أمثالهم فِي فِرار الجبَان وخضوعه
بَصْبَصْنَ إِذا حُدِين بالأذْنابِ.
ومثلُه قولُه: دَرْدَبَ لمّا عَضَّه الثِّقّافُ، أَي: ذَلّ وخَضَع.
وَقَالَ الأصْمَعِيُّ: خِمْسٌ بَصْبَاصٌ، أَي: مُتْعِبٌ لَا فُتُورَ
فِي سَيْرِه.
وَيُقَال: أبصَّتِ الأرضُ إِبْصَاصاً، وَأوبَصَصَتْ إيباصاً: أَوَّلُ
مَا يَطْهَرُ نَبْتُها.
وَيُقَال: بَصَّصَتِ الْبَراعِيمُ: إِذا تفتّحتْ أكِمَّةُ زَهر الرياض.
(بَاب الصّاد وَالْمِيم)
(ص م)
صم، مص: مستعملان.
صم: قَالَ اللَّيْث: الصَّمَمُ فِي الْأذن ذَهابُ سَمْعِها. وَفِي
القَناةِ: اكتنازُ جَوْفها. وَفِي الحَجَر: صَلاَبَتُه، وَفِي الْأَمر:
شِدَّتُه.
وَيُقَال: أُذُنٌ صَمَّاءُ، وحَجَرٌ أصَمُّ، وفِتْنَةٌ صَمَّاء.
وَقَالَ اللَّهُ جلّ وعَزّ فِي صفة الْكَافرين: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ
فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} (الْبَقَرَة: 171) ، يَقُول الْقَائِل:
جَعلَهم اللَّهُ صُمّاً وهم يَسْمعون، وبُكْماً وهم ناطِقون،
(12/88)
وعُمْياً وهم يُبْصِرون؟ وَالْجَوَاب فِي
ذَلِك: أنَّ سَمْعَهم لمّا لم يَنفعْهم لأنَّهم لم يَعُوا بِهِ مَا
سَمعوا، وبَصَرهم لما لم يُجْدِ عَلَيْهِم لأَنهم لم يَعْتَبِرُوا
بِمَا عايَنوه من قُدْرة الله تَعَالَى وخَلْقِه الدَّالِّ على أنَّه
وَاحِد لَا شريكَ لَهُ، ونُطقَهم لما لم يُغْنِ عَنْهُم شَيْئا إذْ لم
يُؤمنوا بِهِ إِيمَانًا يَنْفَعهم، كَانُوا بِمَنْزِلَة مَنْ لَا
يَسْمَع وَلَا يُبْصِر وَلَا يَعِي، ونحوٌ من قَول الشَّاعِر:
أصَمُّ عمّا ساءَه سَمِيعُ
يَقُول: يتصامَم عمّا يَسوءُه، وَإِن سَمِعه فَكَانَ كَأَنَّهُ لم
يسمعهُ، فَهُوَ سميع ذُو سَمْع، أصَمُّ فِي تَغَابِيه عمّا أُريدَ
بِهِ. وجمعُ الأصَم: صُمٌّ وصُمَّانٌ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ من أمثالهم: صَمِّي صَمَامِ. وَيُقَال:
صَمِّي ابْنَةَ الجَبَل، يضْرب مَثَلاً للداهية الشَّدِيدَة، كأنَّه
قيل لَهَا: اخْرَسِي يَا داهية.
وَكَذَلِكَ يُقَال للحيّة الَّتِي لَا تجيب الرَّاقيَ: صَمّاء، لأنّ
الرُّقَى لَا تَنْفَعُها. والعَرَبُ تَقول: أصَمّ اللَّهُ صَدَى فلَان،
أَي: أهْلَكَهُ الله. والصّدَى: الصوتُ الّذي يَرُدُّهُ الجَبَلُ إِذا
رَفعَ فِيهِ الإنسانُ صوتَهُ، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
صَمَّ صَداها وعَفَا رَسْمُهَا
واسْتَعْجَمَتْ عَن مَنْطِق السائِل
وَمِنْه قولُهم: صَمِّي ابْنَة الجَبَل، مهما يُقَلْ تَقُلْ،
يُرِيدُونَ بابنةَ الجبَل: الصّدى.
والعَرَبُ تَقول للحرب إِذا اشتدَّتْ وسُفِكَ فِيهَا الدِّماء
الكثيرةُ: صَمَّتْ حَصَاةٌ بدَمٍ، يُرِيدُونَ أنّ الدِّماء لما سُفكَتْ
وكثُرَتْ اسْتَنْقَعَتْ فِي المَعركة، فَلَو وقعتْ حَصاةٌ على الأَرْض
لم يُسمع لَهَا صوتٌ، لأنَّها لَا تقعُ إلاَّ فِي نجيع.
وَيُقَال للدَّاهية الشَّدِيدَة: صَمَّاءُ وصَمَامِ، وَقَالَ العجَّاج:
صَمَّاءُ لَا يبْرِئها من الصَّمَمْ
حوادثُ الدهرِ وَلَا طُولُ القِدَمْ
وَيُقَال للنَّذير إِذا أَنْذَرَ قوما من بَعِيدٍ وأَلْمَعَ لَهُم
بثَوْبه: لمعَ بهمْ لَمْعَ الأصَمّ، وَإِن بالَغَ يَظنّ أنّه مقصّر،
وَذَلِكَ أَنه لما كثر إلماعُه بِثَوْبِهِ كَانَ كأنهُ لَا يسمعُ
الجوابَ، فَهُوَ يُديمُ اللمعَ، وَمن ذَلِك قَول بشر:
أَشَارَ بهم لمع الأصمِّ فَأَقْبَلُوا
عرانين لَا يَأْتِيهِ للنصر مُجلِبُ
أَي: لَا يَأْتِيهِ مُعينٌ من غير قومه، وَإِذا كَانَ المعينُ من قومه
لم يكن مُجلباً. وَيُقَال: ضربه ضربَ الأصمّ: إِذا تابعَ الضربَ
وَبَالغ فِيهِ، وَذَلِكَ أنَّ الأصمَّ وَإِن بَالغ يظنّ أَنه مقصِّر
فَلَا يُقلع، وَقَالَ الشَّاعِر:
فأبْلِغْ بَني أسَدٍ آيَة
إضا جِئتَ سَيِّدَهُمْ والمَسُودَا
فأُوصيكُمْ بطِعَانِ الكُماةِ
فقد تَعلمون بأنْ لَا خُلودَا
(12/89)
وضَرْبِ الجماجِمِ ضربَ الأصَمّ
حَنْظَلَ شابةَ يَجْنِي هَبِيدَا
وَيُقَال: دعاهُ دعوةَ الأصمّ: إِذا بَالغ فِي النّدَاء. وَقَالَ
الراجزُ يصف فَلاَةً:
يُدْعَى بهَا القومُ دُعاءَ الصُّمّانْ
وَهَذِه الْأَمْثَال الَّتِي مرّتْ فِي هَذَا الْبَاب مسموعة من
الْعَرَب وَأهل اللُّغَة المعروفين، وَهِي صَحِيحَة وَإِن لم أعزها
إِلَى الروَاة.
أَبُو عُبَيْد عَن الكسائيّ: الصِّمَّةُ: الشُّجاع، وَجمعه صِمَم.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّمَّةُ من أسْمَاءِ الْأسد. قَالَ: والصَّمِيمُ:
هُوَ الْعَظْمُ الَّذِي بِهِ قِوَامُ العُضْو مثلُ صَمِيمِ الوَظيف،
وصَمِيم الرَّأْس، وَبِه يُقَال للرجل: فُلانٌ مِنْ صَمِيمِ قومه: إِذا
كَانَ من خالِصهم، وَأنْشد الكسائيّ:
بمَصْرَعِنَا النُّعْمانَ يَوْمَ تَأَلَّبتْ
علينا تميمٌ من شَظًى وصَمِيمِ
وَيُقَال للضارب بالسّيف إِذا أصابَ الْعظم فأَنفَذَ الضَّريبةَ: قد
صَمَّمَ فَهُوَ مصمِّم، فَإِذا أصَاب المَفْصِل فَهُوَ مُطَبِّق،
وَأنْشد أَبُو عُبَيْد:
يُصَمِّمُ أَحياناً وَحِيناً يُطَبِّقُ
أَرَادَ أنَّه يَضْرِبُ مرّة صميمَ العَظْم، وَمرَّة يُصِيب المَفْصِل.
وَيُقَال للَّذِي يَشُدُّ على الْقَوْم وَلَا ينْثَنِي عَنْهُم: قد
صَمَّم تَصْميماً. وصَمَّمَ الحيَّة فِي نَهْشِهِ: إِذا نَيّبَ،
وَقَالَ المتلمِّس:
فأَطْرَقَ إِطراقَ الشُّجاعِ وَلَو يرى
مَسَاغاً لِنَاباهُ الشُّجَاعُ لَصَمَّما
هَكَذَا أَنشدَه الفَرَّاء (لناباه) على اللُّغَة القَدِيمة لبَعض
الْعَرَب.
أَبُو عُبَيْدة: من صِفَات الخَيْل: الصَّمَمُ، وَالْأُنْثَى صَمَمّة،
وَهُوَ الشَّديد الأَسْرِ المَعْصوبُ الَّذِي لَيْسَ فِي خلقه انتشار.
وَقَالَ الجَعديّ:
وغارةٍ تَقطَع الفَيافِيَ قد
حارَبْتُ فِيهَا بِصِلْدِمٍ صَمَمِ
وَيُقَال لصِمام القارورة: صِمّة.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الصْمُّ: مصدرُ صَمَتُ القارورةَ أَصُمُّها
صَمّاً: إِذا سددتَ رَأسهَا وَيُقَال: قد صَمَّه بالعَصا يصُمُّه
صَمّاً: إِذا ضَرَبه بهَا، وَقد صَمَّه بحَجَر والصمم فِي الْأذن.
وَقَالَ ابْن الأعْرابيّ: صُمَّ: إِذا ضُرب ضَرْباً شَدِيدا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي قَول ابْن أَحْمَر:
أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلتِي تَحَجَّى
بآخِرِنا وتَنْسَى أَوَّلِينَا
قَالَ: أصمّ دعاءُها، أَي: وافَق قوما صُمّاً لَا يَسمعون عَذْلَها.
وَيُقَال: ناديْته فأصْمَمْتُه، أَي: صادفتُه أصَمّ.
(12/90)
أَبُو عُبَيد: الصِّمْصِم: الغَليظُ من
الرِّجَال.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الصِّمْصِمة والزِّمْزِمَة: الجماعةُ من
النَّاس.
وَقَالَ النَّضر: الصِّمْصِمة: الأكمَةُ الغليظة الَّتِي كَادَت
حجارتُها أَن تكون منتصِبة.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ الْأَصْمَعِي: الصَّمّان: أرضٌ غَلِيظَة دون
الجَبَل.
قلتُ: وَقد شَتَوْتُ الصَّمانَ ورياضها شَتوَتَين، وَهِي أرضٌ فِيهَا
غِلَظ وارتفاع، قيعان واسعةٌ وخَبَارَى تُنْبِت السِّدْرَ عَذِية،
ورِياضٌ مُعْشِبة، وَإِذا أَخصبت الصَّمانُ رَتَعت العربُ جمْعاء.
وَكَانَت الصَّمانُ فِي قديم الدَّهْر لبني حَنْظَلة، والحَزْن لبني
يَرْبوع والدَّهْناءُ لجماعاتهم. والصَّمان مُتاخِم للدَّهْناء.
أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ: الصَّمْصامةُ: السيفُ الصارمُ الَّذِي لَا
يَنثَني. قَالَ: والمصمِّمُ من السُّيوف: الَّذِي يَمُرّ فِي
الْعِظَام.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّمْصامة: اسمٌ للسيف الْقَاطِع، وللأَسَد.
قَالَ: وَيُقَال: إِن أوّل من سَمَّى سيفَهُ صَمْصامة: عمرُو بن معدِي
كَرِبَ حِين وهبَه فَقَالَ:
خليلٌ لَم أخُنْه وَلم يَخُنِّي
على الصَّمصامة السَّيفِ السَّلامُ
قَالَ: وَمن الْعَرَب من يَجعل صَمصامة معرفَة فَلَا يَصْرِفه إِذا
سَمَّى بِهِ سَيْفاً بعَيْنه؛ كَقَوْل الْقَائِل:
تَصميمَ صَمصامةَ حينَ صَمَّمَا
قَالَ: وصوتٌ مُصِمٌّ، يُصِمُّ الصِّماخ. وصَمِيمُ القَيْظ: أشدُّه
حَرّاً. وصَمِيمُ الشِّتاء. أشَدُّه بَرْداً.
قَالَ: وَيُقَال: صَمَامِ صَمَامِ، يُحمَل على معنَييْن: على معنى
تصامُّوا واسكُتوا، وعَلى معنى احمِلُوا على العَدُو.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصَمْصَم: البخيلُ النهايةُ فِي
الْبُخْل.
شمِر عَن أبي بخَيْم قَالَ: الصَّمَّاءُ من النُّوق اللاقح، إبِل صُمّ.
وَقَالَ المعْلُوط القُريْعيّ:
وَكَأن أوابيها وصُمّ مخاضها
وشافعة أم الفصال رفُود
أَظُنهُ: وشافعها وإبلٌ صُمٌّ.
مص: قَالَ ابْن السّكيت: مَصِصْتُ الرّمّان أمَصُّه قَالَ: ومضِضْتُ من
ذَلِك الْأَمر مِثله.
قلتُ: وَمن العَرَب من يَقُول: مَصَصْتُ أَمُصّ؛ والفصيح الْجيد
مَصِصْتُ بِالْكَسْرِ أَمَص.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: مَصِصْتُه وامتصَصْتُه، والمَصُّ فِي
مُهْلَةٍ ومُصاصَتُه: مَا امتصصتَ مِنْهُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: مَصمَص إناءَه إِذا
(12/91)
جعل فِيهِ الماءَ وحرّكه، وَكَذَلِكَ
مَضْمَضَه.
وَقَالَ اللّحياني وَأَبُو سَعيد: إِذا غَسَلَه.
ورَوى بعضُ التَّابِعين أَنه قَالَ: أُمِرْنا أَن نُمَصْمِص من
اللَّبَن وألاَّ نُمَصْمِص من التَّمْرَ.
قَالَ أَبُو عُبَيد: المَصمَصة بطرَف اللِّسان وَهُوَ دون المَضْمَضَة.
والمضمضةُ بالفم كلِّه، وَفرق مَا بَينهمَا شَبيه بِالْفرقِ مَا بَين
القبضة والقبصة.
وَفِي حديثٍ مَرْفُوع: (القتلُ فِي سَبِيل الله مُمَصْمِصَة) ،
الْمَعْنى: أَن الشَّهَادَة فِي سَبِيل الله مطهِّرة للشهيد من ذنُوبه،
ماحيةٌ خطاياه، كَمَا يُمَصْمَصُ الْإِنَاء بِالْمَاءِ إِذا رُقرق
فِيهِ وحُرِّك حَتَّى يطهر، وَأَصله من المَوْص، وَهُوَ الغسيلُ.
قلتُ: والمصاصُ: نَبْت لَهُ قُشورٌ كثيرةٌ يابسةٌ، وَيُقَال لَهُ:
المُصّاخ، وَهُوَ الثُّدّاء، وَهُوَ ثَقُوبٌ جيّد، وَأهل هَراةَ
يسمّونه دِليزَاد.
وَيُقَال: فلانٌ من مُصاص قومه، أَي: من خالِصهم.
وَقَالَ رُؤبة:
أُلاكَ يَحْمُون المُصاصَ المَحْضَنا
وَقَالَ اللَّيْث: مُصاصُ الْقَوْم: أَصْلُ مَنبِتهم وَأفضل سِطِتْهم.
قَالَ: والماصّةُ: داءٌ يَأْخُذ الصبيَّ، وَهِي شَعَرات تَنْبُت على
سَناسنِ القَفَار فَلَا يَنْجَع فِيهِ طعامٌ وَلَا شرابٌ حَتَّى تُنتَف
من أُصُولهَا. ومَصّانّ ومَصّانّة: شَتْمُ للرجل يعيَّر برَضع الغَنَم
من أخْلافها بِفِيهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: يُقَال: رجلٌ مَصّانٌ ومَلْحانٌ ومَكّانٌ، كلُّ
هَذَا من المَصّ، يَعنُون أَنه يَرضع الْغنم من اللّؤم، لَا يَجتلبها
فيُسمع صوتُ الْحَلب وَلِهَذَا قيل: لئيم راضع.
وَقَالَ ابْن السكّيت: قل يَا مَصّانُ، وللأنثى يَا مَصّانة، وَلَا تقل
يَا ماصَّان.
وَفِي حَدِيث مَرْفُوع: (لَا تُحرِّم المَصَّةُ وَلَا المَصَّتان وَلَا
الرَّضْعةُ وَلَا الرَّضْعتان، وَلَا الإملاجةُ وَلَا الإملاجَتان.
وَيُقَال: أمصَّ فلانٌ فلَانا: إِذا شَتَمه بالمَصَّان.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَصُوص: النَّاقة القَمِئة.
وَقَالَ أَبُو زيد: المَصوصَةُ من النِّسَاء: المهزولة من داءٍ قد
خامَرَها؛ رَوَاهُ ابْن السكّيت عَنهُ.
أَبُو عُبَيدة: من الخَيل الوَرْدُ المُصَامِصُ وَهُوَ الَّذِي يستقري
سراتَه جُدةٌ سَوْداء لَيست بحالكة، ولونُها لونُ السوَاد، وَهُوَ
وَرْدُ الجَنْبَيْنِ وصفقتي الْعُنُق والجِرانِ والمَرَاقّ، ويعلو
أَوظِفَته سوادٌ لَيْسَ بحالكٍ، وَالْأُنْثَى مُصَامِصة.
وَقَالَ غَيره: كُمَيْتٌ مُصامِص، أَي:
(12/92)
خَالص الكُمْتة قَالَ: والمُصامِص: الخالصُ
من كلّ شَيْء. وَإنَّهُ لمُصامِصٌ فِي قومه: إِذا كَانَ زاكِيَ الحَسَب
خَالِصا فيهم.
وَقَالَ اللَّيْث: فَرسٌ مُصامِصٌ: شديدُ تركيب الْعِظَام والمفاصلُ.
وَكَذَلِكَ المُصمِّص وثغرُ المصِّيصة مَعْرُوفَة بتَشْديد الصَّاد
الأولى، وَالله أعلم.
(12/93)
|