تهذيب اللغة أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الصّاد
(ص س ص ز: مهمل)
أهمِلت الصَّاد وَالسِّين مَعَ الْحَرْف الَّذِي يَليهَا.
ص ط
استُعمل من جَمِيع وجوهها مَعَ الْحُرُوف الَّتِي تَلِيهَا أحرف
قَليلَة أهملها اللَّيْث.
مِنْهَا مَا رَوَى أَبُو الْعَبَّاس قَالَ.
(صطب) : المِصْطَب: سَنْدان الحدّاد.
ورَوَى عَمرو عَن أَبِيه: الأُصْطبَّة: مُشَاقَة الكَتّان.
قلت: وَقد سمِعْتُ أعرابيّاً من بني فَزارة يَقُول لخادم لَهُ: أَلا
وارفَع لي على صَعيدِ الأَرْض مِصْطبة أَبيتُ عَلَيْهَا بِاللَّيْلِ،
فرَفع لَهُ من السّهْلة شِبْهَ دُكّانٍ مربّع قَدرَ ذِرَاع من الأَرْض
يتّقي بهَا من الهَوامّ بِاللَّيْلِ. وسمعتُ أعرابيّاً آخَر من بني
حنظلةَ سَمَّاهَا المَصْطَفّة بِالْفَاءِ.
(صطر) : ورَوَى أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: المُصطارُّ: الخمرُ الحامض؛
بتَشْديد الرَّاء.
قلتُ: وأصلُه من صَطَر مُفْعالٌّ مِنْهُ. وَأما الصِّراط والبَسْط
والمُصَيْطِر، فَأصل هَذِه الصادات سِينٌ قُلِبت مَعَ الطَّاء صاداً
لقُرب مَخارجِها.
(أَبْوَاب) الصّاد وَالدَّال)
ص د ت ص د ظ ص د ذ ص د ث: أهملت وجوهها.
ص د ر
اسْتعْمل من وجوهها: صدر، صرد، رصد، درص.
صدر: قَالَ ابْن المظفّر: الصَّدْرُ: أعْلى مقدَّم كلّ شَيْء قَالَ:
وصَدْرُ القَناة: أعْلاها. وصَدْرُ الْأَمر أوّله. قَالَ: والصُّدْرةُ
من الْإِنْسَان: مَا أشرَفَ من أَعْلى صَدْرِه.
قلتُ: وَمن هَذَا قَول امْرَأَة طائيَّةٍ كَانَت تحتَ امرىء الْقَيْس
ففَرِكَتْه وَقَالَت: إِنِّي مَا علمتُك إلاّ ثقيلَ الصُّدْرة، سريع
الهِراقة، بطيءَ الْإِفَاقَة.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المِجْوَلُ
الصُّدْرَةُ، وَهِي الصِّدار والأُصْدَة والإتْب والعَلَقة.
قلت: والعربُ تَقول للقميص الْقصير والدّرع القَصيرة: الصُّدْرةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّدارُ: ثوبٌ رأسُه
(12/94)
كالمِقْنَعَةِ وأسفلُه يُغَشِّي الصدرَ
والمنكِبين تَلبَسه الْمَرْأَة.
قلتُ: وَكَانَت الْمَرْأَة الثَّكلَى إِذا فَقدتْ حَميمَها فأحَدَّت
عَلَيْهِ لبِستْ صِدَاراً من صوف، وَمِنْه قَول أخي خَنساءَ:
وَلَو هلكتُ لبستْ صِدَارَها
وَقَالَ الرّاعي يصف فَلاةً:
كأنّ العِرْمَسَ الوَجْناءَ فِيهَا
عَجُولٌ خَرّقتْ عَنْهَا الصِّدَارَا
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال لِمَا يَلِي الصَّدْر من الدِّرْع: صِدار.
وَقَالَ اللّيث: التصدير: حَبلٌ يُصدَّر بِهِ البعيرُ إِذا جرَّ
حِمْلَه إِلَى خَلْف. والحبلُ اسْمه التَّصْدير، وَالْفِعْل
التَّصْدير.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: وَفِي الرَّحْل حِزامَةٌ يُقَال لَهَا:
التَّصْدير قَالَ: والوَضِينُ للهَوْدَج، والبِطَان للقَتَب؛ وأكثرُ
مَا يُقَال الحِزامُ للسَّرج.
وَقَالَ اللَّيْث يُقَال: صَدِّر عَن بَعيرك، وَذَلِكَ إِذا خَمُص
بطنُه واضطرب تصديرُه، فيُشدُّ حبلٌ من التَّصدير إِلَى مَا وَرَاء
الكرْكِرَة فيثبتُ التصديرُ فِي مَوْضِعه؛ وَذَلِكَ الحبلُ يُقَال
لَهُ: السِّناف، قلت: الَّذِي قَالَه اللَّيْث: إِن التصدير حَبل
يُصَدَّر بِهِ الْبَعِير إِذا جَرّ حمله خطأ، وَالَّذِي أَرَادَهُ
يسمّى السِّناف والتَّصديرُ الحزامُ نفسُه.
وَقَالَ الليثُ: التصديرُ: نَصْبُ الصَّدر فِي الجُلوس. قَالَ:
والأَصْدَرُ الَّذِي أشْرفتْ صُدْرَته.
قَالَ: وَيُقَال: صَدَرَ فلَان فلَانا: إِذا أصَاب صَدْرَه. وصُدِر
فلَان: إِذا وَجِع صَدْرُه.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: صَدَرْتُ عَن المَاء صَدَراً، وَهُوَ
الِاسْم، فَإِن أردتَ المَصدَر جزمْتَ الدَّال، وأَنشدَنا:
وليلةٍ قد جعلتُ الصبحَ مَوْعِدَها
صَدْرَ المَطِيّة حَتَّى تعرف السَّدَفا
قَالَ: صَدْر المَطِيّة مصدر.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّدَر: الِانْصِرَاف عَن الوِرْد وَعَن كل أَمر،
يُقَال: صَدَرُوا، وأصدَرْناهم. وطريقٌ صادر، مَعْنَاهُ: أنّه يَصدُر
بأَهْله عَن المَاء. وَطَرِيق وارِدٌ يَرِدُ بِهِم، وَقَالَ لبيد يذكر
ناقتين:
ثمَّ أصدَرْناهُمَا فِي واردٍ
صَادِرٍ وَهْمٍ صُوَاهُ قد مَثَلْ
أَرَادَ فِي طريقٍ يُورَد فِيهِ ويُصدَر عَن المَاء فِيهِ. والوَهْمُ:
الضَّخم.
وَقَالَ اللَّيْث: المَصدَر: أصلُ الْكَلِمَة الّتي تصدر عَنْهَا
صَوَادِرُ الأَفعال. وتفسيرُه: أَن المصادر كَانَت أوّل الْكَلَام،
كَقَوْلِك: الذَّهاب والسمعُ وَالْحِفْظ، وإنّما صَدَرت الأفعالُ
عَنْهَا، فَيُقَال: ذهبَ ذَهاباً. وسَمِع سَمْعاً وسَمَاعاً، وحَفِظ
حِفْظاً.
وَقَالَ اللَّيْث: المصدَّر من السِّهَام: الّذي
(12/95)
صَدْرُه غليظ. وصَدْرُ السَّهم: مَا فَوق
نِصْفِه إِلَى المَرَاش.
الْأَصْمَعِي: صُدِرَ الرجلُ يُصْدَرُ صَدْراً، فَهُوَ مَصْدور: إِذا
اشتكَى صَدْرَه، وأَنشد:
كأنّما هُوَ فِي أحشاءِ مَصْدورِ
وَيُقَال: صَدّرَ الفرسُ: إِذا جاءَ قد سَبَق بصَدْرِه، وَجَاء
مُصَدّراً، وَقَالَ طُفَيل الغَنَويّ يصف فرسا:
كأنّه بعدَ مَا صَدَّرن مِن عَرَقٍ
سِيدٌ تَمطَّرَ جُنحَ اللّيلِ مَبْلولُ
(كَأَنَّهُ) لهاء لفَرَسِه، (بَعْدَمَا صَدَّرْن) يَعْنِي خيلاً
سَبَقْن بصُدُورهن. والعَرَقُ: الصّفُّ من الْخَيل. وَقَالَ دُكَين:
مُصَدَّرٌ لَا وَسَطٌ لَا تالٍ
وَقَالَ أَبُو سَعِيد فِي قَوْله: بَعْدَمَا صَدَّرْن من عَرَق، أَي:
هَرَقن صَدْراً من العَرَق وَلم يَستَفرِغْنَه كلَّه.
وَرُوِيَ عَن ابْن الْأَعرَابِي أنّه رَوَاهُ: بعدَما صدِّرْن، أَي:
أصَاب العَرَقُ صدورَهن بَعْدَمَا عَرِقن.
وَيُقَال للّذي يبتدىءُ أمرا ثمَّ لَا يُتمّه: فلانٌ يُورِد وَلَا
يُصدِر، فَإِذا أَتمَه قيل: أَورَدَ وأَصدَر. وَقَالَ الفَرَزْدَقُ
يُخَاطب جَرِيرًا:
وحسبتَ خَيَل بني كُلَيب مَصْدَراً
فغَرِقْتَ حِين وقَعْتَ فِي القَمْقَامِ
يَقُول: اغتررتَ بخَيْل قَوْمك وظننتَ أنّهم يُخلِّصونك من بَحْرِي
فَلم يَفْعَلُوا.
وَمن كَلَام كتّاب الدّواوين أَن يُقَال: صُودِرَ فلانٌ العاملُ على
مالٍ يؤدّيه، أَي: فورِق على مالٍ ضَمَنه.
أَبُو زَيد: نعجةٌ مُصدَّرَة: إِذا كَانَت سَوداءَ الصَّدر بيضاءَ
سائرِ الجسَد.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: إِذا جَاءَ الرجلُ فَارغًا قيل: قد جاءَ
يضْرب أَصَدَريه. قَالَ: يَعْنِي عِطْفيه. قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ
مِثلَه، إِلَّا أنّه قَالَ بالسّين.
رصد: أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: من أَسماء المَطَر: الرّصْدُ،
واحدتُها رَصَدة، وَهِي المطَرةُ تقع أوّلاً لما يَأْتِي بعْدهَا.
يُقَال: قد كانَ قبل هَذَا الْمَطَر لَهُ رَصْدة، والعِهَادُ نحوٌ
مِنْهَا، واحدتها عِهْدة.
وَقَالَ اللّيث: الرصَدُ كَلأٌ قَلِيل فِي أَرض يُرجى بهَا حَيَا
الرّبيع، تَقول: بهَا رَصَد من حَياً، وأرضٌ مُرْصِدَة: بهَا شيءٌ من
رَصَد.
شمر عَن ابْن شمَيْلٍ: أرضٌ مُرصِدةٌ: وَهِي الَّتِي مُطِرتْ وَهِي
تُرجَى لِأَن تُنبِتَ. قَالَ: وَإِذا مُطرت الأَرْض فِي أوّل الشِّتاء
فَلَا يُقَال لَهَا مَرْتٌ؛ لِأَن بهَا حِينَئِذٍ رَصَداً والرصَدُ
حِينَئِذٍ: الرَّجاء لَهَا، كَمَا ترجى الحاملة.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرَّصْدةُ: ترصُد وَليّاً من المَطَر.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا}
، إِلَى
(12/96)
قَوْله: {وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (التَّوْبَة: 107) وَقَالَ الزَّجّاج: كَانَ رجل
يُقَال لَهُ أَبُو عَامر الرّاهب حارَبَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم وَمضى إِلَى هِرَقْل، قَالَ: وَكَانَ أحدَ الْمُنَافِقين؛
فَقَالَ المُنَافِقُونَ الّذين بنَوْا مَسجِد الضِّرَار: نَبني هَذَا
الْمَسْجِد وننتظرُ أَبَا عَامر حَتَّى يَجِيء وَيُصلي فِيهِ. وَقَالَ:
الإرصادُ: الانتظارُ.
وَقَالَ غَيره: الإرصاد: الإعدادُ. وَكَانُوا قَالُوا نَقْضي فِيهِ
حاجتَنا وَلَا يُعاب علينا إِذا خَلَوْنا ونَرْصُدُه لأبي عَامر مجيئَه
من الشَّام، أَي: نُعِدُّه.
قلت: وَهَذَا صَحِيح من جِهَة اللَّغة، رَوَى أَبُو عُبَيد عَن
الأصمعيّ وَالْكسَائِيّ: رصَدتْ فلَانا أرصُدُه: إِذا ترقّبته.
وأَرصْدتُ لَهُ شَيْئا أَرْصده: أعددتُ لَهُ.
ورُوي عَن ابْن سِيرِين أَنه قَالَ: كَانُوا لَا يَرْصدون الثِّمار فِي
الدَّين، وَيَنْبَغِي أَن يُرصد العينُ فِي الدَّين، وفسّره ابْن
المُبارك وَقَالَ: إِذا كَانَ على الرجل دَينٌ وَعِنْده مِثله لم تجب
عَلَيْهِ الزَّكَاة، وَإِذا كَانَ عَلَيْهِ دينٌ وأخرجتْ أرضُه ثَمَرَة
يجب فِيهَا العُشر لم يسقُطْ عَنهُ العُشْرُ من أجل مَا عَلَيْهِ من
الدَّين، وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عبيد.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: أَنا لَك مُرْصد بإحسانك حَتَّى أكافئك بِهِ.
قَالَ: والإرصادُ فِي الْمُكَافَأَة بِالْخَيرِ، وَقد جعلَه بَعضهم فِي
الشّر أَيْضا، وأَنشد:
لَا هُمَّ ربَّ الراكِب المُسافِرِ
احْفَظْه لي من أعيُن السَّواحِر
وَحيّةٍ تُرصِدُ بالهواجِر
فالحية لَا تُرصد إِلَّا بالشرّ.
وَقَالَ اللَّيْث: المرصد: مَوَاضِع الرصد. والرّصَد أَيْضا: القومُ
الّذين يَرصدون الطَّرِيق، راصد، كَمَا يُقَال: حارسٌ وحرس، وَقَالَ
الله جلّ وَعز: {) عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} (الْفجْر:
14) ، قَالَ الزّجاج: أَي يَرْصُد من كفر بِهِ وصَدَّ عَنهُ الْعَذَاب.
وَقَالَ غَيره: المرصادُ: المكانُ الَّذِي يرصد بِهِ الراصد الْعدَد
وَهُوَ مثل الْمِضْمَار الْموضع الَّذِي تُضَمَّر فِيهِ الخيلُ للسّباق
من مَيْدانٍ وَنَحْوه. والمرصد مثلُ المرصاد، وَجمعه المراصِد.
وحدّثنا السَّعديّ مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ: حَدثنَا القيراطي عَن
عَليّ بن الْحسن قَالَ: حَدثنَا الْحُسَيْن عَن الْأَعْمَش فِي قَوْله:
{) عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} قَالَ: المرصاد: ثلاثةُ
جُسُور خلف الصّراط: جِسرٌ عَلَيْهِ الْأَمَانَة، وجسرٌ عَلَيْهِ
الرَّحِم وجسرٌ عَلَيْهِ الرّبّ.
قَالَ أَبُو بكر ابْن الأنباريّ فِي قَوْلهم: فلَان يرصُدُ فلَانا،
مَعْنَاهُ: يَقْعُد لَهُ على
(12/97)
طَرِيقه. قَالَ: والمَرَصد والمرْصاد عِنْد
الْعَرَب: الطَّرِيق. قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ
مَرْصَدٍ} (التَّوْبَة: 5) .
قَالَ الفرّاء: مَعْنَاهُ: اقعُدوا لَهُم على طريقهم إِلَى الْبَيْت
الْحَرَام. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {) عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ
لَبِالْمِرْصَادِ} مَعْنَاهُ: لبالطّريق.
وَيُقَال للحيّة الَّتِي ترصد المارّة على الطَّرِيق: رَصيد.
وَقَالَ عرّام: الرَّصائدُ الوصائِد: مصايدُ تُعدّ للسّباع.
صرد: (نَهى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قَتْلِ أَربع:
النَّملة والنّحلة والصُّرَد والهُدهُد) .
أَخْبرنِي المنذريُّ عَن إِبْرَاهِيم الحربيّ أَنه قَالَ: أَرَادَ
بالنملة الطويلَة القوائم الَّتِي تكون فِي الحِزَبات وَهِي لَا تؤذِي،
ونَهى عَن قتل النحلة لِأَنَّهَا تُعسِّل شرابًا فِيهِ شِفاءٌ للنَّاس،
ونَهَى عَن قتل الصُّرَد لأنّ الْعَرَب كَانَت تطَّيَّر من صَوْته،
وَهُوَ الواقي عِنْدهم، فَنهى عَن قتلِه رَداً للطِّيَرَة. وَنهى عَن
قتل الهدهد لِأَنَّهُ أطَاع نبيّاً من الْأَنْبِيَاء وأعانَه.
قَالَ شَمِر: قَالَ ابْن شُمَيْل: الصُّرَدُ: طائرٌ أبقَع ضخمُ
الرَّأْس يكون فِي الشَّجر، نصفُه أبيَضُ، ونصفُه أسوَد، ضخمُ
المِنْقار، لَهُ بُرْثُنٌ عظيمٌ نحوٌ من القارِيَة فِي العِظَم،
وَيُقَال لَهُ: الأخْطبُ لاخْتِلَاف لَوْنَيه، والصُّرَدُ لَا ترَاهُ
إِلَّا فِي شُعْبةٍ أَو شَجَرَة لَا يَقدِر عَلَيْهِ أحد.
قَالَ: وَقَالَ سُكيْن النُّمَيريُّ: الصُّرَدُ صُرَدان: أحدُهما
أسْبَدُ يُسمّيه أهلُ العِراق العَقْعق.
قَالَ: وَأما الصُّرَد الْهَمهام فَهُوَ البَرِّيِّ الَّذِي يكون ينجَد
فِي العِضاه لَا تَراه فِي الأَرْض يَقفِز من شَجَرَة إِلَى شَجَرَة.
قَالَ: وَإِن أصْحَر طُرِد فأُخِذ.
يَقُول: لَو وَقَع على الأَرْض لم يسْتَقلّ حَتَّى يُؤْخَذ.
قَالَ: ويُصَرْصِر كالصَّقْر.
وَقَالَ اللَّيْث: الصُّرَد: طَائِر فوقَ العُصفور يَصيد العصافيرَ،
وَجمعه صِرْدان قلت:
غلط اللَّيْث فِي تَفْسِير الصرد، والصرد ابْن شُمَيْل.
وَقَالَ ابْن السكّيت: التصريدُ: شُربٌ دُون الرِّيّ، يُقَال: صَرَّدَ
شُرْبه، أَي: قَطَعه.
وَيُقَال: صَرِد السِّقاءُ صرداً: إِذا خَرجَ زُبْدُه متقطعاً فيداوَى
بِالْمَاءِ الْحَار، وَمن ذَلِك أُخِذ صَرْدُ البَرْد.
وَقَالَ اللَّيْث: الصرَدُ: مصدَر الصرد من الْبرد. وقومٌ صَرْدَى،
وَرجل صَرِدٌ ومِصْرادٌ وَهُوَ الَّذِي يشتدّ عَلَيْهِ البَرْد ويقلّ
صبرُه عَلَيْهِ، وليلةٌ صَردَة، والاسمُ الصّرْد، مجزوم.
(12/98)
وَقَالَ رُؤْبة:
بمَطَرٍ لَيْسَ بثَلْجٍ صَرْدِ
قَالَ: وَإِذا انْتهى القَلبُ عَن شَيْء صَرِد عَنهُ كَمَا قَالَ:
أصبَح قَلبي صَرِدا
لَا يَشْتَهِي أَن يرِدَا
قَالَ: وَقد يُوصَف الجيشُ بالصَّرْد فَيُقَال: صَرْدٌ مجزوم وصَردٌ؛
كَأَنَّهُ من تُؤدةِ سَيْرِه جامِدٌ.
خُفافُ بن ندبة:
صَرَدٌ تَوقَّصَ بالأبدان جُمْهور
والتَّوَقُّصُ: ثِقَل الوَطْء على الأَرْض.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّرِيدَةُ: النَّعْجَةُ: الَّتِي
قد أنحلها البَرْدُ وأضرَّ بهَا وجمعُها صَرائِد.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الصُّرَّاد: سَحابٌ باردٌ نَدٍ لَيْسَ
فِيهِ مَاء، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو عَمْرو: قَالَ أَبُو عبيد: والصَّرْدُ والبَرْد، وَرجل
صَرِد. وَيُقَال: صَرّد عطاءَه: إِذا قلّلَه.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمرو: الصّرْد: الطَّعْن النَّافِذ. وَقد صَرِدَ
السهْم يَصرَد، وَأَنا أصْرَدْتُه، وَقَالَ اللَّعِينُ المنْقَرِيّ:
فَمَا بُقْيا عليَّ تركتُماني
ولكنْ خِفْتُما صَرَدَ النِّبالِ
يخاطِب جَرِيرًا والفرزدق.
وَقَالَ قُطرب: سهمٌ مُصَرِّد: مُصيب. وَسَهْم مُصْرِد، أَي: مخطىء،
وَأنْشد فِي الْإِصَابَة للنابغة:
وَلَقَد أَصَابَت قلبَه من حبِّها
عَن ظهرِ مِرْنانٍ بسَهْمٍ مُصْردِ
أَي: مُصيب. وَقَالَ الآخَر: أصرَدَه الموتُ وَقد أظَلاَّ: أخطأه.
أَبُو زيد: يُقَال: أُحِبُّكَ حُبّاً صَرْداً، أَي: خَالِصا. وشرابٌ
صَرْد، وسَقاهُ الخمرَ صَرْداً، أَي: صِرْفاً، وَأنْشد:
فَإِن النَّبيذ الصَّرْد إِن شُرْبَ وَحده
على غير شَيْء أوْجَع الكبد جُوعها
وذهبٌ صَرْدٌ: خالصٌ. وجيشٌ صَرْدٌ: بنُو أبٍ واحدٍ لَا يخالطهم
غَيرهم.
وَقَالَ ابْن هانىء: قَالَ أَبُو عُبَيْدة يُقَال: مَعَه جيشٌ صَرْدٌ،
أَي: كلهم بَنو عمّه أَبُو حَاتِم فِي كِتَابه فِي الأضداد: أصرد
السهمُ: إِذا نفذ من الرَّمية.
وَيُقَال أَيْضا: أصرد: إِذا أَخطأ. والسهمُ المصرد: المخطىء والمصيب.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة فِي قَول اللعين: وَلَكِن خفتما صَرَد النبال.
وَقَالَ: من أَرَادَ الصَّوَاب قَالَ: خفتما أَن تصيبكما نبالي. وَمن
أَرَادَ الْخَطَأ قَالَ: خفتما أَن تخطىء نبلكما. وَأنْشد للنظار
الْأَسدي:
أصرده السهمُ وَقد أطلاَّ
(12/99)
أَي: أَخطَأ وَقد أشرف.
شَمِر عَن أبي عَمْرو: الصَّرْدُ: مكانٌ مُرْتَفع من الْجبَال وَهُوَ
أبرزها.
وَقَالَ الْجَعْدِي:
أسَدِيَّةٌ تُدْعَى الصِّرَاد إِذا
نَشِبُوا وتحضُر جَانِبي شِعْر
شعرٌ: جبل. ابْن السكّيت: الصُّرَدان: عِرقان مكتنفا اللِّسَان؛
وَأنْشد:
وأيُّ النَّاس أغدر من شآم
لَهُ صُرَدان منطلَق اللِّسَان
وَقَالَ اللَّيْث: هما عِرْقان أخضران أَسْفَل اللِّسَان.
أَبُو عُبَيْدَة قَالَ: الصُّردُ: أَن يخرج وَبَرٌ أَبيض فِي مَوضِع
الدَّبرة إِذا برأت؛ فَيُقَال لذَلِك الْموضع: صُرد وَجمعه صِرْدَان،
وَإِيَّاهَا عَنى الرّاعي يصف إبِلا:
كَأَن مواقِعَ الصِّردَان مِنْهَا
منَارَاتٌ بَنِينَ على جماد
جعل الدَّبر فِي أسنمة شبّهها بالمنار.
قَالَ: وفرسٌ صَرِدٌ: إِذا كَانَ بِموضع السَّرج مِنْهُ بياضٌ من
دَبَرٍ أَصَابَهُ يُقَال لَهُ الصُّرد.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الصُّرد من الفَرَس: عِرْقٌ تَحت لسانِهِ،
وَأنْشد:
خفيفُ النَّعامة ذُو مبعةٍ
كثيفُ الفَرَاشة ناتِي الصُّرَدْ
وبَنُو الصَّياد: حيٌّ من بني مُرّة بن عَوْف بن غطفان.
درص: أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: من أمثالهم فِي الحُجّة إِذا
أَضَلَّها الظَّالِم ضَلَّ الدُّريصُ نَفَقَهُ وَهُوَ تَصْغِير
الدِّرْص، وَهُوَ وَلَد اليربوع. ونَفَقُهُ: حُجره.
وَقَالَ اللَّيث: الدَّرْصُ والدِّرْص لُغَة، والجميع الدِّرْصان،
وَهِي أَوْلَاد الفِأَرِ والقَنِافذ والأرانب وَمَا أشبه بهَا،
وَأنْشد:
لَعَمْرُكَ لَو تَغْدو عليّ بِدِرْصِها
عَشَرْتُ لَهَا مَالِي إِذا مَا تَأَلَّتِ
وَقَالَ غيرُه: الجَنين فِي بطن الْأَوْثَان: دَرْصٌ.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
أذلك أم جَأبٌ يُطَارِدُ آتُناً
حَمَلْنَ فأدنى حَمْلِهِنَّ دُرُوصُ
يُقَال: دَرْص ودُرُوص وأَدْراص.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الدروص: النَّاقة السريعة.
(بَاب الصّاد وَالدَّال مَعَ اللَّام)
ص ل د
استُعمل من وجوهه: صَلَد، دَلَص.
صلد: قَالَ الله جلّ وَعز: {فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى
شَىْءٍ} (الْبَقَرَة: 264) .
قَالَ اللَّيْث: يُقَال: حَجَر صَلدٌ أَو جَبينٌ
(12/100)
صَلدٌ: أَمْلَسُ يَابِس. وَإِذا قلتَ:
صَلْتٌ، فَهُوَ مستَوٍ. ورجلٌ أصلَدُ صَلْدٌ، أَي: بَخيلٌ جدا، وَقد
صَلُد صَلادَةً. وَيُقَال: رجلٌ صلُودٌ أَيْضا.
الحرانيّ عَن ابْن السكّيت: الصفَا: العريضُ من الْحِجَارَة الأملسُ.
قَالَ: والصِّلْداء والصِّلداءةُ: الأَرْض الغليظة الصُّلبة. قَالَ:
وكلُّ حجَرٍ صُلْبٍ فكلُّ ناحيةٍ مِنْهُ صَلْدٌ وأصلادٌ: جمعُ صَلْد،
وَأنْشد:
بَرَّاقُ أَصلادِ الجَبين الأجْلَهِ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أصلادُ الجَبين: الْموضع الَّذِي لَا شعر
عَلَيْهِ، شُبِّه بالحَجر الأمْلَس. قَالَ: وحَجرٌ صَلْدٌ. لَا يُورِي
نَارا، وحَجرٌ صَلود مِثلُه، وفرَسٌ صَلَدٌ وصلُود: إِذا لم يَعْرَق،
وَهُوَ مَذْمُوم.
قَالَ: وأخبرَني أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ:
صَلَدَتِ الأَرْض وأصلَدَتْ. وحجَرٌ صَلْدٌ ومكانٌ صلْدٌ: صلْبٌ
شَدِيد.
وَفِي حَدِيث عمرَ: (أنّه لمّا طعن سقَاهُ الطَّبِيب لَبَنًا فخَرَج من
مَوضِع الطَّعْنة أَبيض يَصْلِد) ، أَي: يَبْرُق ويَبِصُّ وصلدتْ
صَلعَة الرَّجل: إِذا بَرَقَتْ، وَقَالَ الهُذَليّ:
أشْغتْ مَقاطِيعُ الرُّماةِ فُؤَادَها
إِذا سَمِعتْ صوتَ المُغَرِّدِ يَصْلِدُ
يصف بقرة وحشية. والمقاطعُ النِّضال. وقولُه: تصلد، أَي: تنتَصب.
والصَّلُود الْمُنْفَرد: قَالَ ذَلِك الأصمعيّ، وَأنْشد:
تالله يَبْقَى على الْأَيَّام ذُو حِيدٍ
أدْفَى صَلُودٌ مِنَ الأوعالِ ذُو خَدَم
أَرَادَ بالحيد عُقَدَ قَرْنه، الْوَاحِد حَيْدٌ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: صَلَدَ الزّنْدُ يَصْلِد: إِذا صَوّت وَلم
يُخرِج نَارا. وأصلدتُه أَنا قَالَ: وصلَد المسؤولُ الْمسَائِل: إِذا
لم يُعطِه شَيْئا.
دلص: فِي (النَّوَادِر) : بَاب دلشاء ودرصاءُ، مثل: الدلقاء. وَقد دلصت
ودرصت. وَفِيمَا قَرَأت بِخَط شمر قَالَ.
قَالَ شمر: الدَّلاَص من الدُّروع: اللَّينة.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: هِيَ الليّنة المَلْساء بينةُ الدَّلَص. قَالَ:
ودَلّصْتُ الشيءَ: مَلَّسْته. وَقَالَ عَمْرو بن كُلْثُوم:
علينا كلُّ سابغَةٍ دِلاصٍ
تَرَى تحتَ النِّطاق لَهَا عُضُونَا
وَيُقَال: حَجَر دَلاَّصٌ: شديدُ المُلوسة. الدَّلاّص: اللّيّن
البَرَّاق، وَأنْشد:
مَتْن الصَّفا المتزحلف الدَّلاّص
وَأَخْبرنِي المنذريُّ أنّ أعرابيّاً بفَيْدَ أَنْشَدَه:
كأنّ مَجْرَى النِّسْع من غِضَابِهِ
صَلْدٌ صفا دُلِّص من هِضَابِهِ
قَالَ: وغِضَابُ الْبَعِير: مَوَاضِع الحِزام ممّا
(12/101)
يَلِي الظَّهر، واحدُها غَضْبة. وأَرْضٌ
دَلاّصٌ ودِلاصٌ: مَلْساء.
قَالَ الْأَغْلَب:
فَهِيَ على مَا كَانَ من نَشاصِ
بظَرِب الأرضِ وبالدِّلاصِ
والدَّليص: البريق، وَأنْشد أَبُو تُرَاب:
باتَ يَضُوزُ الصِّلِّيَانَ ضَوْزَا
ضَوْزَ العجوزِ العَصَبَ الدَّلَّوْصَا
قَالَ: والدَّلَّوْص: الَّذِي يَدِيصُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الاندِلاصُ: الانملاَصُ، وَهُوَ سرعةُ ضروج الشَّيْء
من الشَّيْء وسقوطه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَّدليص: النِّكاحُ خَارج الفَرْج، يُقَال:
دَلّص وَلم يُوعِبْ، وَأنْشد:
واكتَشفَتْ لنا شيءٍ دَمَكْمَكِ
تَقول دَلِّصْ سَاعَة لَا بل نِكَ
ونابٌ دَلْصاء دَرْصاءُ ودَلْقاء، وَقد دلِصَتْ ودَرِصَت ودَرِقَتْ.
ص د ن
صدن، ندص، صند: (مستعملة) .
(صند) : أهمل اللَّيْث صند وَهُوَ مُسْتَعْمل. رَوَى أَبُو عبيد عَن
الأصمعيّ: الصنديد والصِّنتيتُ: السَّيِّد الشريف.
وَقَالَ غَيره: يومٌ حامِي الصناديد: إِذا كَانَ شَديد الحَرّ،
وَأنْشد:
حامِي الصَّنادِيد يُعَنِّي الْجُنْدُبَا
وصنادِيد السَّحاب: مَا كثُر وَبْلَه. وبردٌ صنديدٌ: شديدٌ ومَطَرٌ
صنديد: وابِلٌ. وَقَالَ أَبُو وَجْزَةَ السعديّ:
دعتْنا لِمَسْرَى ليلةٍ رَجَبيّةٍ
جَلا برْفها جَوْنَ الصَّنادِيد مُظلما
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصَّناديد: السادات، وهم الأجواد، وهم
الحُلَماء، وهم حُماة العَسكر، وَيُقَال: صندد. قَالَ: والصَّناديد:
الشَّدائد من الْأُمُور والدّواهي.
وَكَانَ الحسنُ يتعوّذ من صنادِيد القَدَر، أَي: من دواهِيه، وَمن
جُنُون الْعَمَل، وَهُوَ الْإِعْجَاب بِهِ، وَمن ملح الْبَاطِل، وَهُوَ
التَّبَخْتُر فِيهِ.
صدن: قَالَ اللَّيْث: الصيدَن: من أَسمَاء الثعالب. فَأَنْشد:
بُنَى مُكَوَيْن ثُلِّما بعد صيدينِ
وأخبَرَني الإياديّ عَن شمر أنّه قَالَ: الصَّيْدَن: المَلِك.
والصَّيْدَنُ: الثَّعلَبُ. وَقَالَ رؤبة:
إنِّي إِذا اسْتَغلَق بابُ الصَّيْدَنِ
سَلَمة عَن الفرّاءِ: الصَّيْدَن: الكِساءُ الصِّفِيق، وَهُوَ إِلَى
القِصَر، لَيْسَ بذلك الْعَظِيم ولكنّه وثيقُ العَمَل.
والصَّيْدَنُ: المَلِك أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن العَتَابي قَالَ الصَّيْدَنانيّ: دابةٌ تَعمَل لنَفسهَا
شَيْئا فِي جَوف الأَرْض وتُعَمِّيه.
(12/102)
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال
لدابة كَثِيرَة الأَرجُل لَا تُعَدّ أَرجلُها من كثرتها، وَهِي قِصار
وطِوال: صَيْدَ نانيّ، وَبِه شُبِّه الصَّيْدَ نانيّ كَثْرَة مَا
عِنْده من الْأَدْوِيَة قَالَ الْأَعْشَى يَصفُ جَمَلاً:
وزَوْراً تَرى فِي مِرْفَقَيْه تَجانُفاً
نَبِيلاً كبَيت الصَّيْدَ ناني تامِكَا
وَقَالَ ابْن السّكيت: أَرَادَ بالصَّيْدَ نانيّ الثَّعْلَب.
وَقَالَ كُثيّر فِي مِثلِه:
كأنّ خَليفَيْ زَوْرِها ورَحاهُما
بُنَى مَكَويْن ثُلِّما بعد صَيْدَنٍ
هُوَ: الصَّيْدَنُ والصَّيْدَ نانيّ وَاحِد. وَقَالَ حُميدُ بنُ ثَور
يصف صائداً وبيتَه:
ظَليلٌ كَبيت الصَّيْدَ نانيّ قُضْبُه
من النَّبْع والضّالِ السَّليم المثقَّفِ
وَقيل: الصَّيْدَ نانيّ المَلِك.
الصَّيْدَانُ: بِرام الحِجارة. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
وسُودٌ من الصَّيْدَان فِيهَا مَذانِبٌ
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّيْدَان: ضَرْبٌ من حَجَر الفِضّة، الْقطعَة
صَيْدَانة.
وَقَالَ ابْن السكّيت: الصَّيْدانة من النساءِ: السيّئة الخُلُق
الكثيرةُ الْكَلَام. والصَّيْدانة: الغُولُ. وأَنشَد:
صَيْدَانَةٌ تُوقِد نارَ الْجنِّ
قلتُ: الصَّيْدانُ إِن جعلته فَيْعالاً فالنون أصليّة، وَإِن جعلته
فَعْلاناً فالنّون زَائِدَة كنون السَّكْران والسَّكْرانة. وَالله
أعلم.
ندص: قَالَ اللَّيْث: نَدَصَتْ عينُه نُدوصاً: إِذا جَحَظتْ وكادت
تَخرج من قَلْتها كَمَا تَنْدُص عينُ الخَنيق. ورجلٌ مِنْداص: لَا
يزَال يَندصُ على قوم بِمَا يَكرهون، أَي: يَطْرَأُ عَلَيْهِم، وَيظْهر
بشَر.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: المِنْداص من النِّساء: الْخَفِيفَة
الطّيّاشة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المِنداص من النِّساء: الرَّسْحاء.
والمِنداص: الحَمقاء. والمِنْداص: البذِيّة.
وَقَالَ اللّحياني: نَدَصتِ التَبْرة تَنْدُص ندْصاً: إِذا غَمَزْتَها
فَخرج مَا فِيهَا.
ص د ف
صدف، صفد، دفص، فصد: مستعملة.
(دفص) : أهمل اللَّيْث: دفص. وروى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي
أَنه قَالَ: الدَّوفص: البَصَل.
قلتُ: وَهُوَ حرف غَرِيب.
صدف: قَالَ اللَّيْث: الصَّدَف: غِشاءُ خَلْقٍ فِي البَحْر تضمُّه
صَدَفَتان مَفرُوجَتان عَن لحم فِيهِ روح يسمَّى المَحارَة، وَفِي
مِثلِه يكون اللّؤلؤ.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ
الصَّدَفَيْنِ} (الْكَهْف: 96) .
(12/103)
قرىء: (بَين الصَّدَفين) و (الصُّدُفَين) و
(الصُدَفيْن) . والصَدَفة: الْجَانِب والناحية.
وَيُقَال لجَانب الجَبَلين إِذا تحاذَيا: صُدُفان وصَدَفان لتَصادفهما،
أَي: تَلاقيهما يلاقي هَذَا الجانبُ الجانبَ الّذي يلاقيه، وَمَا
بَينهمَا فَجٌّ أَو شِعْبٌ أَو وادٍ، ومِن هَذَا يُقَال: صادفْت
فلَانا، أَي: لاقيْتُه.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن ابْن اليزيديّ لأبي زيد قَالَ: الصُّدُفان:
جانبا الجَبَل.
وَفِي الحَدِيث: (أنّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا مَرّ
بصَدَف مائلٍ أَو هَدَف مائلٍ أَسرَعَ المَشيَ) .
قَالَ أَبُو عبيد: الصَّدَف والهَدَف وَاحِد، وَهُوَ كلُّ بِنَاء
عَظِيم مُرْتَفع.
قلتُ: وَهُوَ مثل صَدَف الْجَبَل، شُبّه بِهِ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الصَّدَف: أَن يَمِيل خُفُّ البَعير من
الْيَد أَو الرِّجل إِلَى الْجَانِب الوحشيّ، وَقد صَدِفَ صَدَفاً.
فَإِن مَال إِلَى الْجَانِب الإنسيّ فَهُوَ القَفَد وَقد قَفِد
قَفَداً، وقولُ الله جلّ وعزّ: {سُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ} (الْأَنْعَام: 157)
، أَي: يُعرضون.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّدَف: المَيل عَن الشَّيْء، وأَصدَفَني عَنهُ
كَذَا وَكَذَا.
أَبُو عُبيد: صَدَف ونَكب وكَنف: إِذا عَدَل. وَقيل فِي قَول
الْأَعْشَى:
فَلَطْت بحجاب من دُوننا مَصْدُوف
إِنَّه بِمَعْنى مَسْتور.
فصد: قَالَ اللَّيْث: الفَصْد: قَطْع العُروق. وافتَصَد فلانٌ: إِذا
قَطَع عِرْقَه ففَصَد.
قَالَ: والفَصيد: دمٌ كَانَ يُجعَل فِي مِعى لمن فَصْد عِرْق الْبَعِير
فيُشْوَى، كَانَ أهلُ الجاهليّة يَأْكُلُونَهُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: من أمثالهم فِي الّذي يُقضَى لَهُ بعضُ حَاجته دون
تَمَامه لم يُحرَمْ مَنْ فُصْدَ لَهُ بِإِسْكَان الصَّاد وربّما
قَالُوا: فزْدَ لَهُ، مَأْخُوذ من الفِصيد الّذي وَصفه اللَّيْث،
يَقُول: كمَا يتبلّغ المُضْطرّ بالفَصيد، فاقنع أنتَ بِمَا ارْتَفع لكَ
من قضاءِ حَاجَتك وَإِن لم تُقضَ كلُّها.
وَفِي الحَدِيث: (أنّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا نَزَل
عَلَيْهِ الوحيُ تَفصَّد عَرَقاً) .
قَالَ أَبُو عبيد: المتفصَّد: السَّائِل. يُقَال: هُوَ يتفَصّد
عَرَقاً، ويتبَضّع عَرَقاً.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: رأيتُ فِي الأَرْض تَفْصيداً من السَّيل، أَي:
تَشقُّقاً وتخدُّداً.
وَقَالَ أَبُو الدُّقيش: التّفصيد: أَن يُنقَع بِشَيْء من ماءٍ قَلِيل.
وَيُقَال: فَصَد لَهُ عَطاءً، أَي: قَطَع لَهُ وأَمضاه، يَفصِده
فَصْداً.
وَقَالَ ابْن هاني: قَالَ ابْن كثوة: الفَصيدة: تمرٌ يعجَن ويُشابُ
بِشَيْء من دَم وَهُوَ دَواءٌ يداوَى بِهِ الصِّبيان. قَالَه فِي
تَفْسِير قَوْلهم:
(12/104)
مَا حُرِم مَن فُصْدَ لَهُ.
صفد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {مُّقَرَّنِينَ فِى الاَْصْفَادِ}
(إِبْرَاهِيم: 49) ، ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه
قَالَ: (إِذا دخل شهرُ رَمَضَان صُفِّدت الشَّيَاطِين) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي وغيرُه فِي قَوْله: (صُفِّدَتْ)
يَعْنِي شُدَّت بالأغْلال وأُوثقَتْ، يُقَال مِنْهُ: صَفَدْتُ الرحلَ
فَهُوَ مَصْفود، وصفَّدْتُه فَهُوَ مُصفَّد. وَأما أصفَدْته بِالْألف
إصفاداً، فَهُوَ أَن تُعطِيَه وتَصِلَه، وَالِاسْم من العطيّة:
الصَّفَد، وَكَذَلِكَ الوثاق، وَقَالَ النَّابِغَة:
فلَم أُعرضْ أبَّيْتَ اللَّعْنَ بالصَّفَدِ
يَقُول: لم أمدَحْك لتُعطِيَني، وَالْجمع مِنْهَا أصْفاد.
وَقَالَ الْأَعْشَى فِي العطيّة يمدَحُ رجلا:
تضيّفْتُه يَوْمًا فأكرَمَ مَقْعَدِي
وأصفَدَني على الزَّمانة قائِدَا
يُرِيد: وَهب لي قائداً يَقودني.
قَالَ: والمصدَر من العطيّة: الإصفاد، وَمن الوَثاق: الصَّفْد
والتَّصْفيد.
وَيُقَال للشَّيْء الَّذِي يُوثَق بِهِ الْإِنْسَان: الصِّفاد، وَيكون
من نِسْع أَو قِدّ، وَأنْشد:
هَلاّ مَنَنْتَ على أَخِيك مُعَبّدٍ
والعامِرِي يَقُودُه بِصِفادِ
وأخبَرَني المنذريّ عَن المُفضَّل بن سَلَمة، عَن أَبِيه عَن أبي
عُبَيْدَة فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مُّقَرَّنِينَ فِى الاَْصْفَادِ}
(إِبْرَاهِيم: 49) ، أَي: الأغلال، وَاحِدهَا صَفَد.
وَقيل: الصَّفَد: القَيْد، وجمعُه أصفاد.
ص د ب: مهمل.
ص د م
صدم، صَمد، دمص، مصد: (مستعملة) .
دصم، مدص: (مهملان) .
صدم: قَالَ اللَّيْث: الصَّدْمُ: ضربُ الشَّيْء الصُّلْب بشيءٍ مثله،
وَالرجلَانِ يَعْدُوان فيتصادَمان.
قلت: والجيشان يتصادمان واصطدام السَّفينتين: إِذا ضَربَتْ كلُّ واحدةٍ
صاحبتَها إِذا جَرَيا فوقَ المَاء بحَمُولَتهِما.
وَفِي الحَدِيث: (الصَّبْر عِنْد الصَّدْمة الأولى) ، أَي: عِنْد
فَوْرة الْمُصِيبَة وحَمْوَتِها.
قَالَ شَمِر: يَقُول: مَن صَبَر تِلْكَ الساعَة وتلقّاها بالرِّضَى
فَلهُ الْأجر.
قَالَ اللَّيْث: صِدام: اسمُ فَرَس.
قلتُ: لَا أَدْرِي صِدام أَو صِرام.
قَالَ: والصُّدَامُ داءٌ يَأْخُذ فِي رُؤُوس الدوابّ.
(12/105)
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: وَرجل مصدامَ: مجرب
الصُّدام: داءٌ يَأْخُذ الْإِبِل فَتَخْمص بطونُها وتَدَعُ المَاء
وَهِي عِطاش أَيَّاماً حَتَّى تَبرأ أَو تَمُوت.
يُقَال مِنْهُ: جمل مَصْدوم، وإبل مُصدَّمة.
وَقَالَ بَعضهم: الصُّدام: ثِقَلٌ يَأْخُذ الْإِنْسَان فِي رَأسه،
وَهُوَ الخُشام.
وَالْعرب تَقول: رَمَاه بالصّدام والأولق والجذام.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الصَّدْم: الدَّفْع.
والصَّدِمتان: الجَبِينان. والصَّدمة: النزَعة. ورجلٌ أصدَم: أنزَع.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: لَا أفعل الْأَمريْنِ صَدْمةً وَاحِدَة، أَي:
دَفْعةً وَاحِدَة.
وَقَالَ عبدُ الْملك بنُ مَرْوان لبَعض عمَّاله: إِنِّي ولّيتُك
العِراقَين صَدْمة وَاحِدَة، أَي: دَفْعة وَاحِدَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: فِي الرَّأْس الصَّدِمتان بِكَسْر الدَّال وهما
الجَبِينَان.
صَمد: الصَّمَد: من أَسمَاء الله جلَّ وعزَّ.
ورَوَى الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل أَنه قَالَ: الصَّمَدُ: السيّدُ
الَّذِي قد انْتهى سُؤدُدُه.
قلتُ: أمَّا الله تبَارك وَتَعَالَى فَلَا نهايَة لسؤدُدِه، لِأَن
سؤدده غير مَحْدود.
وَقَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن السُّلَمي: الصمَد الَّذِي يُصمَد
إِلَيْهِ الأمْر فَلَا يُقضَى دُونَه، وَهُوَ من الرِّجَال الَّذِي
لَيْسَ فوقَه أحد.
وَقَالَ الْحسن: الصَّمَدُ: الدَّائِم.
وَقَالَ ميسرَة: المُصْمَت: المصْمَد. والمُصمَت: الَّذِي لَا جَوْفَ
لَهُ، ونحواً من ذَلِك قَالَ الشّعْبي.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الصَّمَد: الَّذِي يَنتَهي إِلَيْهِ
السُّودَد، وَأنْشد:
لقد بَكَّر النّاعي بخَيْرَيْ بني أسَدْ
بعَمرو بنِ مَسْعُود وبالسَّيّد الصَّمَدْ
وَقيل: الصمَد: الَّذِي صَمَد إِلَيْهِ كلُّ شَيْء، أَي: الَّذِي خَلَق
الأشياءَ كلَّها لَا يَستغني عَنهُ شَيْء وكلُّها دالٌّ على واحدنيّته.
وَقيل: الصَّمَد: الدائِم الْبَاقِي بعد فَنَاءِ خَلْقه، وَهَذِه
الصِّفَات كلُّها يجوز أَن تكون لله جلّ وعزّ.
وَرُوِيَ عَن عمر أَنه قَالَ: أيّها النَّاس، إيّاكم وتَعلُّمَ
الأنسابِ والطَّعنَ فِيهَا، والَّذي نفسُ عمر بِيَدِه، لَو قلتُ: وَلَا
يخرج من هَذَا البابِ إِلَّا صَمَدٌ مَا خرج إِلَّا أقلُّكم.
وَقَالَ شمر: الصَّمَد: السيّد الَّذِي قد انْتهى سُؤدُدُه.
وَقَالَ اللَّيْث: صمدتُ صَمْدَ هَذَا الْأَمر، أَي: قصدتُ قصْدَه
واعتمدتُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: صَمَده بالعصا صَمْداً: إِذا ضَرَبه بهَا.
(12/106)
وَيَقُول: إِنِّي على صمادة من أَمر: إِذا
أشرف عَلَيْهِ وحفلت بِهِ.
قَالَ: وصَمَّد رأسَه تصميداً، وَذَلِكَ إِذا لَفَّ رأسَه بِخرقة أَو
منديل أَو ثوبٍ مَا خلا الْعِمَامَة، وَهِي الصِّمادُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصِّماد: سِدادُ القَارُورة.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّماد: عِفاصُ القارورة، وَقد صَمَدْتها أصمِدها.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الصَّمْدُ: الْمَكَان الْمُرْتَفع الغليظ،
والمُصمَّدُ: الصلْبُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ خَدد.
وَقَالَ أَبُو خَيرة: الصَّمْد والصِّماد: مَا دقَّ من غِلَظ الجَبَل
وتواضَع واطمأنَّ ونَبَت فِيهِ الشّجر.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الصمْد: الشديدُ من الأَرْض.
وَقَالَ اللَّيْث: الصمْدة: صخرةٌ راسيةٌ فِي الأَرض مستويةٌ بمَتْن
الأَرْض، وَرُبمَا ارتفعتْ شَيْئا.
وَقَالَ غَيره: نَاقَة مِصْمادٌ وَهِي الْبَاقِيَة على القُرّ
والجَدْب، الدائمةُ الرِّسْل. ونُوقٌ مَصامِد ومَصامِيد.
وَقَالَ الْأَغْلَب:
بَين طَرِيِّ سَمَكٍ ومالحِ
ولُقَّحٍ مصامدٍ مجَالِحِ
دمص: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدَّمصُ: الإسراعُ
فِي كلّ شَيْء، وَأَصله فِي الدَّجاجة، يُقَال: دَمَصت بالكَيْكَة،
وَيُقَال للْمَرْأَة إِذا رمتْ ولدَها بزَحْرة وَاحِدَة: قد دَمَصَتْ
بِهِ، وزَكَبَتْ بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: كلَّ عِرْق من أعراق الْحَائِط يسمَّى دِمْصاً، مَا
خلا العِرْق الأَسفل، فَإِنَّهُ دِهْص.
قَالَ: والدّمَص: مصدَرُ الأدمص، وَهُوَ الَّذِي رقَّ حاجِبهُ من
أُخُرٍ، وكَثُفَ من قُدُم. وربَّما قَالُوا: أدمص الرّأس: إِذا رَقَّ
مِنْهُ مَوَاضِع وقلَّ شعرُه.
وَيُقَال: دمَصَت الكلبةُ ولدَها: إِذا أسقَطَتْه، وَلَا يُقَال فِي
الْكلاب أسقَطَتْ.
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال للبَيْضة: الدَّوْمَصة ودَمَصت السباعُ إِذا
وَلَدَتْ، ووضعتْ مَا فِي بطونها.
مصد: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المصْدُ: المَصُّ، مَصدَ
جارِيَته ورَفَّها ومَصَّها ورَشَفَها بمعنَى وَاحِد.
قَالَ: والمصدُ: الرَّعد. والمصدُ: الْمَطَر.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَا لَهَا مصْدةٌ، أَي: مَا للْأَرْض قُرٌّ
وَلَا حَرّ.
وَيُقَال: مصَدَ الرجُل جَارِيَته وعصدها: إِذا نكَحها، وَأنْشد:
فأَبِيتُ أعتنِقُ الثُّغورَ وأقتفي
عَن مَصدها وشِفاؤها المصدُ
(12/107)
وَقَالَ الرِّياشيّ: المصدُ: الْبرد.
وَرَوَاهُ وانْتهى، عَن مصدها، أَي: أتَّقِي أخبرنيه المنذريُّ عَن
الْأَسدي عَن الرِّياشيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: المصد: ضَرْبٌ من الرَّضاع، يُقَال: قبَّلها فمصدها.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُصدانُ: أعالي الْجبَال، وَاحِدهَا
مصَاد.
قلت: ميمُ مصاد ميمُ مفْعَل وَجمع، على مُصدان، كَمَا قَالُوا مطيرٌ
ومُطران، على توهُّم أنّ الْمِيم فاءُ الْفِعْل.
(أَبْوَاب) الصَّاد وَالتَّاء)
أهملت الصَّاد وَالتَّاء مَعَ الظَّاء والذال والثاء.
ص ت ر
ترص: عَمْرو عَن أَبِيه: التَّريصُ: المحكَمُ، يُقَال: أترصتهُ وترصتُه
وترّصْتُه.
قَالَ الْأَصْمَعِي: رَصنتُ الشيءَ: أكملْتُه، وأتْرَصتُه: أحكمتُه،
وَقَالَ الشَّاعِر:
تَرَّصَ أفْواقَها وقَوّمها
أنبلُ عَدْوانَ كلِّها صَنَعَا
وَفِي الحَدِيث: (وزِن رَجاءُ المُؤمِن وخَوفُه بميزانٍ تَرِبصٍ فَمَا
زادَ أحدُهما على الآخر) ، أَي: بميزانٍ مستوٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَرصَ الشَّيْء تَراصةً فَهُوَ تريص، أَي: محكَم
شَدِيد. وأَتْرَصْتُه أَنا إتراصاً.
وَيُقَال: أَتْرِصْ مِيزانَك فَإِنَّهُ شائل، أَي: سَوِّه وأَحكِمْه.
ص ت ل
صلت، لصت، تلص: (مستعملة) .
صلت: قَالَ اللَّيْث: الصَّلْتُ: الأَملسُ. رَجُل صَلْتُ الوَجْه
والخَدّ، وصَلْت الجَبين. وسيفٌ صَلْت.
وبعضٌ يَقُول: لَا يُقَال: الصّلتُ إِلَّا لما كَانَ فِيهِ طولٌ.
وَيُقَال: أصلتّ السيفَ: إِذا جَرّبته. وسيفٌ صليتٌ، أَي: مُنْصَلتٌ
ماضٍ فِي الضَّريبة. وربّما اشْتَقَّوا نَعْت أفْعَل من إفعِيلِ مثل
إِبْلِيس، لأنّ الله عز وَجل أبلَسه. وَرجل مُنْصَلتٌ وأصلتيّ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو والفرّاء: الصَّلَتان: الرجل الشَّديد
الصُّلْب، وَكَذَلِكَ الحِمار.
وَقَالَ شمر قَالَ الأصمعيّ: الصَّلتان من الْحمير المُنْجَردُ القصيرُ
الشَّعر.
وَقَالَ: أَخَذه من قَوْلك: هُوَ مِصْلاتُ العُنُق، أَي: بارِزُه
مُنجردُه.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر والفرّاءِ: قَالَا: الصَّلتان والفَلتان
والبَزَوَان والصَّمَيان كلّ هَذَا من التغلب والوَثب ونحوهِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الصَّلتُ: السكين الْكَبِير، وجمعُه أَصلات.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَمْرو: وسكِّين
(12/108)
صَلْت، وسَيْفٌ صَلْت، ومِخْيَطٌ صَلْت:
إِذا لم يكن لَهُ غِلاف. قَالَ: ويُرْوَى عَن العُكْلِيّ أَو غَيره:
جَاءُوا بصَلْتٍ مِثلِ كَتِفِ النَّاقة، أَي: بشَفْرَةٍ عَظِيمَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: سكّين صَلْتٌ، وسَيْفٌ صَلْتٌ: انْجَرَدَ
من غِمْدِه. وانْصَلَتَ فِي الأَمر: انْجَرَدَ.
أَبُو عُبيد يُقَال: انْصَلَتَ: يَعْدُو، وانْكَدَرَ فِي الأمْرِ،
وانْجَرَدَ يَعْدُو: إِذا أسرَع بعضَ الْإِسْرَاع.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال: جَاءَنَا بمَرَقٍ يَصْلِتُ،
ولَبَنٍ يَصْلِت: إِذا كَانَ قليلَ الدّسَم، كثيرَ المَاء. وَيجوز:
يَصْلِد بِالدَّال، بِهَذَا الْمَعْنى.
لصت: أَبُو عُبَيد وَغَيره فِي لُغَة طَيء: يُقَال لِلِّص: لَصْتٌ،
وجمعُه لُصوت، وَأنْشد:
فَتَرَكْنَ نَهداً عَيِّلاً أَبْنَاؤُهُمْ
وَبَنِي كِنانَة كاللُّصُوتِ المُردِ
تلص: يُقَال: دَلَّصَه وتَلَّصَه: إِذا مَلَّسَه ولَيَّنَه.
ص ت ن
نصت، صنت، صتن: (مستعملة) .
نصت: قَالَ اللَّيْث: الإنصاتُ هُوَ السكوتُ لاستماع الحَدِيث، قَالَ
الله جلّ وعزّ: {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْءَانُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ
وَأَنصِتُواْ} (الْأَعْرَاف: 204) .
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: نَصَتَ وَأَنْصَت وانْتَصَت بِمَعْنى
وَاحِد.
وَقَالَ غَيره: أنْصَتَهُ وأنْصَت لَهُ. وَقَالَ الطِّرِمّاح فِي
الانتصات:
يُخَافِتْنَ بعضَ المَضْغ من خشيَة الرَّدَى
ويُنْصِتْنَ للسّمع انْتِصَاتَ الْقَنَاقِنِ
شمر: أَنْصَتُ الرَّجُلَ، أَي: سَكَتّ لَهُ. وأنصَتُّهُ: إِذا
أسْكَتَّه؛ جعله من الأضداد. وَأنْشد للكُمَيْت:
صَهٍ وانْصِتُونَا؛ لِلتَّحاوُر واسْمَعُوا
تَشَهُّدَها من خُطبةٍ وارْتجَالِها
أَرَادَ: وأنصتوا لنا. وَقَالَ آخر فِي الْمَعْنى الثَّانِي:
أبوكَ الَّذِي أَجْدَى عَلَيَّ بنصرِهِ
فأَنْصَتَ عَنِّي بعدَه كلَّ قائِلِ
قَالَ الأصمعيّ: يُرِيد فأسكت عنِّي. ويروَى كلُّ قائِل.
صنت: أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ: الصِّنتيتُ: السيّد الشريفُ؛ مثلُ
الصِّنْدِيد سَوَاء.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصُّنْتُوتُ: الفَرْدُ الحَرِيد.
صتن: اللّحياني عَن الأمويّ: يُقَال للبخيل: الصُّوتَنُ.
ص ت ف
صفت: فِي حَدِيث الْحسن: أَن رجلا قَالَ: سَأَلته عَن الَّذِي
يَسْتَيْقِظ فيجدُ بَلةً، قَالَ: أما أَنْت فاغتسل ورآني صِفتاتاً.
قَالَ
(12/109)
اللَّيْث وَغَيره: الصفتاتُ: الرّجُلُ
الْمُجْتَمع الشد، وَاخْتلفُوا فِي الْمَرْأَة، فَقَالَ بَعضهم:
صفتاتة. وَقَالَ بَعضهم: صرفتات، بِلَا هاءِ.
وَقَالَ بَعضهم: لَا تُتْعَثُ الْمَرْأَة بالصِّفْتَات، بالهاءِ وَلَا
بِغَيْر الْهَاء.
ابْن شُمَيْل: الصفتات: التّارّ الْكثير اللَّحْم المكتنز.
ص ت ب: مهمل
(ص ت م)
(مصت) ، صمت، صتم: (مستعملى) .
مصت: قَالَ اللَّيْث: المَصْتُ: لغةٌ فِي المسط، فَإِذا جعلُوا مَكَان
السّين صاداً جعلُوا مَكَان الطّاء تَاء، وَهُوَ أَنْ يُدْخِل يَدَه
فيقبضَ على الرَّحِم فَيَمْصُتَ مَا فِيهَا مَصْتاً.
صمت: سلَمة عَن الكسائيّ قَالَ الْفراء: تَقول الْعَرَب: لَا صمْتَ
يَوْمًا إِلَى اللَّيْل، وَلَا صَمْتَ يومٌ إِلَى اللَّيْل، وَلَا
صَمْتَ يومٍ إِلَى اللَّيْل، فَمن نصب أَرَادَ: لَا تَصْمُتْ يَوْمًا
إِلَى اللَّيْل، وَمن رفع أَرَادَ: لَا يُصْمَتُ يومٌ إِلَى اللَّيْل.
وَمن خفض فَلَا سؤالَ فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصّمْتُ: السُّكُوت. وَقد أَخذه الصُّمَات. وقُفْلٌ
مُصْمَتٌ، أَي: قد أُبْهِم إغلاقُه. وبابٌ مُصْمَتٌ كَذَلِك، وَأنْشد:
ومِن دون لَيْلَى مُصْمَتَاتُ المَقاصِرِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: جَاءَ بِمَا صَاءَ وصَمَت. قَالَ: مَا صاء
يَعْنِي الشاءَ والإبلَ. وَمَا صَمَت يَعْنِي الذَّهبَ والفِضَّة.
أَبُو عُبَيد: صَمتَ الرجلُ وأصْمَتَ بِمَعْنى وَاحِد. قَالَ: وَقَالَ
أَبُو زيد: لقيتُه ببلدةِ إصْمِتْ، وَهِي القفرُ الَّتِي لَا أَحَدَ
بهَا. وقطَع بَعضهم الْألف من إصمت فَقَالَ:
بوَحْشِ الإصْمِتَيْنِ لَهُ ذُبابُ
أنْشدهُ شمر. وَقَالَ: يقالُ: لَقِيتُهُ بوَحْشِ إصْمِتَ، الألفُ
مكسورةٌ مَقْطُوعَة.
شَمِر: الصُّمُوتُ من الدُّروع: اللّينةُ المَسِّ ليستْ بخَشِنة وَلَا
صَدِئةٍ، وَلَا يكون لَهَا صوتٌ قَالَ النَّابِغَة:
وكلّ صَمُوتٍ نَثْلةٍ تُبَّعِيّةٍ
ونَسْجُ سُلَيْم كلّ قَضّاءَ ذَائلِ
قَالَ: والسيفُ أَيْضا يُقَال لَهُ صموتٌ لرسوبه فِي الضَّرِيبة،
وَإِذا كَانَ كَذَلِك قَلَّ صوْتُ خُرُوج الدّم.
وَقَالَ الزُّبيرُ بن عبد الْمطلب:
ويَنْفِي الجاهلَ المُخْتالَ عني
رُقاقُ الحَدِّ وَقْعَتُه صَمُوتُ
وَيُقَال: بَات فلانٌ على صِمَات أمرِه: إِذا كَانَ مُعْتَزِماً
عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الصِّمَاتُ: القصدُ، وَأنْشد:
وحاجةٍ بِتُّ على صِماتِها
(12/110)
أَي: وَأَنا معتزم عَلَيْهَا.
وَمن أمثالهم: إِنَّك لَا تَشْكُو إِلَى مُصْمِتٍ، أَي: لَا تَشْكُو
إِلَى مَن يعبأ بشكواك. والصُّمْتَةُ: مَا يُصْمَتُ بِهِ الصبيُّ من
تمر أَو شَيْء ظريف.
وَقَالَ ابْن هانىء يُقَال: مَا ذُقْتُ صُمَاتاً، أَي: مَا ذُقْت
شَيْئا.
وَيُقَال: لم يُصْمِته ذَاك، بِمَعْنى لم يَكْفِه، وأصلُه فِي النَّفي،
وَإِنَّمَا يُقَال فِيمَا يُؤْكَل أَو يُشرب.
وجاريةٌ صَمُوتُ الخَلْخاليْن: إِذا كَانَت غليظَة السّاقيْن لَا يُسمع
لخَلْخالها صوتٌ لغموضه فِي رِجْلَيْهَا.
وَيُقَال للّوْن البَهِيم: مُصْمَت. وللذي لَا جَوْفَ لَهُ مُصْمت.
وفَرَسٌ مُصْمت؛ وخيلٌ مُصْمَتَاتٌ: إِذا لم يكن فِيهَا شِيَةٌ
وَكَانَت بُهْماً.
وَيُقَال للرجل إِذا اعتقل لسانُه فَلم يتكلّم: أصْمَت، فَهُوَ
مُصْمِت.
وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
مَا إِن رأيتُ من مُعَنياتِ
ذواتِ آذانٍ وجُمْجُمَاتِ
أَصْبَر مِنْهُنَّ على الصُّمات
قَالَ: الصُّمات: السكوتُ. وَرَوَاهُ الْأَصْمَعِي: مِن مُغَنِّيات،
أَرَادَ من صريفهن. قَالَ: والصُّمَاتُ العَطَشُ هَهُنَا، روَى ذَلِك
كلَّه عَنْهُمَا أَحْمد بن يحيى.
قَالَ ابْن السّكيت: الثَّوْب المُصْمَتُ: الَّذِي لوْنُه لونٌ وَاحِد
لَا يخالط لونَه لونٌ آخَرُ. وَحَلْيٌ مُصْمَتٌ: إِذا كَانَ لَا
يُخالطُه غيرُه. وأدْهَمٌ مُصْمَتٌ: لَا يُخالط لونَه غير الدُّهْمة.
وَقَالَ أَحْمد بن عُبَيد: حَلْيٌ مُصْمَتٌ مَعْنَاهُ: قد نَشِب على
لابسه فَمَا يَتحرّك وَلَا يتَزعزَع، مثلُ الدُّمْلُج والحِجْل وَمَا
أشبهه.
صتم: أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: صَتَمْتُ الشيءَ فَهُوَ مُصَتَّم
وَصَتْمٌ، أَي: محكمٌ تامٌ.
الْفراء قَالَ: مالٌ صَتْمٌ، وأموال صُتْمٌ. وَيَقُول: عبدٌ صَتْمٌ،
أَي: شَدِيد غليظ. وجَمَلٌ صَتْمٌ، وناقة صَتْمَةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّتْمُ من كل شَيْء: مَا عَظُمَ واشتدّ. جملٌ
صَتْمٌ، وبيتٌ صَتْمٌ. وأعطيْته ألفا صَتْماً. وَقَالَ زُهَير:
صحيحات ألْفٍ بعدَ ألفٍ مُصَتَّم
قَالَ: والحروف الصُّتْمُ: الَّتِي لَيست من حُرُوف الحَلْق.
قَالَ غَيره: صتمت لَهُ ألفا تصطيماً، أَي: تممتها. قَالَ: والأصاتم
جمع الأُصْطَمّة بلغَة تَمِيم؛ جمعوها بِالتَّاءِ كراهيةَ تفخيم
أَصَاطم فردُّوا الطَّاء إِلَى التَّاء.
(ص ظ: مهمل)
(12/111)
ص ذ
(صذم) : قَالَ أَبُو حَاتِم: يُقَال: هَذَا قَضاءُ صَذُومُ (بِالذَّالِ
الْمُعْجَمَة) وَلَا يُقَال: سَدوم.
ص ث
أهملَها الليثُ مَعَ الْحُرُوف الَّتِي تَلِيهَا.
(صبث) : وروى سَلَمة عَن الفرّاء أَنه قَالَ: الصَّبْثُ: ترقيعُ
الْقَمِيص ورَفْوُه. يُقَال: رَأَيْت عَلَيْهِ قَمِيصًا مُصَبَّثاً،
أَي: مُرَقّعاً.
(أَبْوَاب) الصّاد والرّاء)
ص ر ل: مهمل.
ص ر ن
صنر، نصر، رصن: (مستعملة) .
صنر: الحَرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ أَبُو عَمْرو: تَقول: هِيَ
الصِّنَارة بِكَسْر الصَّاد وَلَا تقل: صَنَّارة.
وَقَالَ اللَّيْث: الصِّنَّارةُ: مِغْزَلُ الْمَرْأَة، وَهُوَ دخيل.
وَقَالَ غَيره: صِنَّارةُ المِغْزل: هِيَ الحديدةُ المُعَقَّفةُ فِي
رَأسه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الصِنَّارَة: السيء الخُلق. والصِّنْوَرُ:
الْبَخِيل السيىءُ الخلُق. والصنانير: البخلاء من الرِّجَال وَإِن
كَانُوا ذَوي شرف.
قَالَ: والصّنانير: السَّيِّئُو الْآدَاب وَإِن كَانُوا ذوِي نباهة.
رصن: قَالَ اللَّيْث: رصن الشَّيْء يرصن رصانة، وَهُوَ شدَّة
الثَّبَات. وأرصنته أَنا إرصاناً.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: رَصَنتُ الشَّيْء: أكملته.
وَقَالَ غَيره: أرصَنته: أحكمته، فَهُوَ مرصون، وَقَالَ لبيد:
أَو مُسلِمٌ عَمِلتْ لَهُ عُلوِيَّةٌ
رَصنتْ ظهورَ رواجبٍ وبَنَانِ
أَرَادَ بِالْمُسلمِ غُلَاما وَشَمَتْ يدَه امرأةٌ من أهل الْعَالِيَة.
نصر: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النُّصْرةُ: المَطْرةُ التّامّة،
وأرضٌ منصورةٌ ومَضْبُوطة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: نُصِرت البلادُ: إِذا مُطِرت، فَهِيَ منصورة.
ونُصِر القومُ: إِذا أغِيثُوا.
وَقَالَ الشَّاعِر:
من كَانَ أخطاه الرّبيعُ فَإِنَّمَا
نُصر الْحجاز بِغيْث عبد الْوَاحِد
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: نَصرْتُ أرضَ بني فلَان، أَي: أتيتها. وَقَالَ
الرّاعي:
إِذا مَا انْقَضى الشَّهْر الْحَرَام فَودِّعِي
(12/112)
بلادَ تميمٍ وانْصُرِي أرضَ عامِرِ
وَقَالَ الْفراء: نَصَر الغيثُ البلادَ: إِذا أنبتها.
وَقَالَ أَبُو خَيرة: النّواصرُ من الشِّعاب: مَا جَاءَ من مَكَان بعيد
إِلَى الْوَادي فنصَرَ سيْلَ الْوَادي؛ الْوَاحِد نَاصِر.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّصْرُ: عوْنُ الْمَظْلُوم، وَفِي الحَدِيث:
(انصُرْ أَخَاك ظَالِما أَو مَظْلُوما) ، وَتَفْسِيره: أَن يمنعهُ من
الظُّلم إِن وجَدَه ظَالِما، وَإِن كَانَ مَظْلُوما أَعَانَهُ على
ظالمه، وجمعُ النّاصِر أنصار. وانتصر الرجُل: إِذا امْتنع مِنْ ظالمه.
قلت: وَيكون الانتصارُ من الظَّالِم: الانتصافُ والانتقامُ مِنْهُ،
قَالَ الله مخبرا عَن نوح ودُعائه إيّاه بِأَن ينصره على قومه:
{مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ} (الْقَمَر: 10، 11) ، كَأَنَّهُ قَالَ لربّه
انتقم مِنْهُم، كَمَا قَالَ: {نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الاَْرْضِ
مِنَ الْكَافِرِينَ} (نوح: 26) .
والنصيرُ: الناصرُ، قَالَ الله جلّ وَعز: {نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ
النَّصِيرُ} (الْأَنْفَال: 40) . والنُّصْرَةُ: حسنُ المعونة، وَقَالَ
الله جلّ وَعز: {مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِى
الدُّنْيَا وَالاَْخِرَةِ} (الْحَج: 15) الْآيَة. الْمَعْنى: من ظن من
الْكفَّار أَن الله لَا يُظْهر محمّداً على مَن خالَفَه فليختنق غيْظاً
حَتَّى يموتَ كمداً فَإِن الله يُظْهره وَلَا ينْفعُه موْتُه خَنْقاً.
وَالْهَاء فِي قَوْله: {أَن لَّن يَنصُرَهُ} للنبيّ محمدٍ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَاحِد النَّصَارَى فِي أحد الْقَوْلَيْنِ:
نصران كَمَا ترى؛ مثل نَدْمان ونَدامَى وَالْأُنْثَى نصرانة، وَأنْشد:
فكِلْتاهما خَرَّتْ وأَسْجَد رأسُها
كَمَا سَجَدَتْ نَصْرَانة لم تَحنَّفِ
فنَصْرانة: تأنيثُ نَصْران. وَيجوز أَن يكون واحدُ النَّصَارَى:
نَصْرِيًّا مثلُ بعير مَهْرِيَ وإبلٍ مَهَارَى.
وَقَالَ اللَّيْث: زَعَمُوا أَنهم نُسِبوا إِلَى قَرْيَة بِالشَّام
اسمُها نَصْرُونَه. والتّنَصُّرُ: الدخولُ فِي النّصرانية.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: النَّواصِرُ: مَسايل الْمِيَاه، واحدُها ناصِرة،
لِأَنَّهَا تَجِيء من مَكَان بعيد حَتَّى تقع فِي مُجْتَمع المَاء
حَيْثُ انْتَهَت، لِأَن كلّ مَسِيل يَضِيع مَاؤُهُ فَلَا يَقع فِي
مُجْتَمع المَاء فَهُوَ ظَالِم لمائه.
ص ر ف
صرف، صفر، رصف، رفص، فرص.
صرف: رُوِيَ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر الْمَدِينَة
فَقَالَ: (مَن أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً أَو أَوَى مُحدثاً لَا يُقبَل
مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: رُوي عَن مَكْحُول أَنه قَالَ: الصَّرْفُ:
التَّوْبَة. والعَدْلُ: الفِدْيَةُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: وَقيل: الصّرفُ: النافلةُ،
(12/113)
والعدلُ: الفَرِيضةُ.
وَرُوِيَ عَن يُونُس أَنه قَالَ: الصّرفُ: الحيلةُ وَمِنْه قيل: فلَان
يتصرّف، أَي: يحتال. قَالَ الله جلّ وَعز: {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ
صَرْفاً وَلاَ نَصْراً} (الْفرْقَان: 19) ، قلت: وَهَذَا أشبه
الْأَقَاوِيل بِتَأْوِيل الْقُرْآن. وَيُقَال للرجل الْمُحْتَال:
صَيْرَفٌ وصَيْرَفيّ، وَمِنْه قولُ أُميَّة بن أبي عَائِذ الْهُذلِيّ:
قد كنتُ وَلاّجاً خَروجاً صَيْرَفاً
لم تَلْتَحِصنِي حَيصَ بَيص لحَاصِ
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الهَيْثَم أَنه قَالَ: الصَّيْرَفُ
والصَّيْرَفِي: المحتالُ المُتَقَلِّبُ فِي أُمُوره المُجَرّبُ لَهَا.
والصَّرْفُ: التَّقَلُّبُ والحِيلة، يُقَال: فلانٌ يَصْرِفُ
ويتَصَرَّفُ ويصطَرِفُ لِعِيَالِه، أَي: يَكتسب لَهُم.
وَفِي حَدِيث أبي إِدْرِيس الْخَوْلانِيّ أَنه قَالَ: (من طلب صَرْفَ
الحَدِيث يَبْتَغِي بِهِ إقبالَ وجوهِ النَّاس إِلَيْهِ لم يُرَح
رائحةَ الجَنَّة) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: صَرْفُ الحَدِيث أَن يزِيد فِيهِ لِيُمِيلَ قلوبَ
النَّاس إِلَيْهِ، أُخِذَ من صَرْفِ الدّراهم. والصرفُ: الفَضْلُ،
يقالُ: لهَذَا صَرْفٌ على هَذَا، أَي: فضل. وَيُقَال: فلَان لم يُحسن
صَرْفَ الْكَلَام، أَي: فضلَ بعض الْكَلَام على بعضٍ. وَقيل لمن
يُمَيِّز ذَلِك: صَيْرَفٌ وصَيرَفيّ.
وَقَالَ اللَّيْث: تصريفُ الرّياح: صَرْفُها من جِهَة إِلَى جِهَة.
وَكَذَلِكَ تصريف السُّيُول والخيول والأمور والآيات.
قَالَ: وَصرف الدَّهْر: حَدَثُه وصَرْفُ الكلمةِ: إجراؤها
بِالتَّنْوِينِ والصَّرَفُ أَن تَصرِفَ إنْسَانا على وجهٍ يُريدهُ
إِلَى مَصْرِف غيرِ ذَلِك.
والصَّرْفَةُ: كوكبٌ واحدٌ خلْفَ خَرَاتَيِ الأسدِ، إِذا طلع أمامَ
الْفجْر فَذَاك أوّل الخريف، وَإِذا غَابَ مَعَ طُلُوع الْفجْر فَذَاك
أوّل الرّبيع، وَهُوَ من منَازِل الْقَمَر.
وَالْعرب تَقول: الصَّرْفَةُ: نابُ الدّهرِ، لِأَنَّهَا تَفْترُّ عَن
الْبرد أَو عَن الحرّ فِي الحالتيْن.
وَقَالَ الزّجّاج: تصريفُ الْآيَات تَبْيينُها. وَلَقَد صرّفْنا
الْآيَات: بَيّناها.
عَمْرو عَن أَبِيه: الصَّرِيفُ: الفضّة، وَأنْشد:
بني غُدَانةَ حَقّاً لستُم ذَهَباً
وَلَا صَرِيفاً وَلَكِن أَنْتُم خَزَفُ
والصَّرِيفُ: صوتُ الأنياب والأبواب.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الصَّرِيفُ: اللّبَنُ الَّذِي يَنْصرِف
بِهِ عَن الضَّرْع حارّاً، فَإِذا سكنَتْ رَغْوَتهُ فَهُوَ الصَّريح.
وَقَالَ اللَّيْث: الصريفُ: الخمرُ الطيّبة. وَقَالَ فِي قَول
الْأَعْشَى:
(12/114)
صَرِيفِيّة طَيِّبٌ طَعْمُها
لَهَا زَبَدٌ بَين كُوبٍ ودَنْ
قَالَ بَعضهم: جعلهَا صَرِيفيّة لِأَنَّهَا أخِذت من الدَّنّ ساعتئذ
كاللبن الصريف. وَقيل: نسِبت إِلَى صَرِيفِين، وَهُوَ نهر يَتَخَلَّجُ
من الفُرات. والصِّرفُ: الخمرُ الَّتِي لم تُمْزَج بِالْمَاءِ،
وَكَذَلِكَ كلّ شَيْء لَا خِلْطَ فِيهِ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الصِّرفُ: شَيْء أحمرُ يُدبَغ بِهِ الأدِيمُ.
وَأنْشد:
كُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفةٍ وَلَكِن
كلَوْن الصِّرِفِ عُلَّ بِهِ الأَدِيمُ
أَي: أَنَّهَا خَالِصَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الصَّرفانُ: اسمٌ. الْمَوْت
والصَّرَفانُ: جنسٌ من التَّمْر. والصَّرَفان: الرَّصاص، وَمِنْه قولُ
الرّاجز:
أمْ صَرَفاناً بارِداً شَدِيداً
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السّبَاعُ كلُّها تُجْعِل
وتَصْرفُ إِذا اشتهتِ الفحلَ، وَقد صرَفت صِرافاً فَهِيَ صارِفٌ.
وَأكْثر مَا يُقَال ذَلِك للكلبة.
وَقَالَ اللّيث: حِرْمةُ الشّاءِ والكلابِ والبقرِ. وَقَالَ
المُتَنَخّل:
إِن يُمْس نَشْوانَ بمَصْرُوفة
مِنْهَا بِرِيَ وعَلى مِرْجَل
قَالَ: بمصروفة، أَي: بكأس شُرِبت صِرْفاً. وعَلى مِرْجل: أَي على لحم
طُبخ فِي مِرجل وَهِي القِدر.
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّيرِفيّ من النجائب منسوبة وَلَا أعرفهُ، وَلَا
الصَّدَفِي بِالدَّال.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَصْرفَ الشَّاعِر شِعرَهُ يُصْرِفه
إصرافاً: إِذا أقْوَى فِيهِ. وَأنْشد:
بِغَيْر مُصرَفة القَوافِي
وَيُقَال: صَرَفْتُ فلَانا وَلَا يُقَال: أصرفته. وتصريف الْآيَات
تبيينها.
رصف: الأَصْمَعِيُّ: الرَّصَفُ: صَفاً يَتَّصَل بعضُه بِبَعْض،
وَاحِدهَا رَصَفه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرَّصَفُ: صَفاً طويلٌ كَأَنَّهُ مَرْصُوف.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكِّيت قَالَ: الرَّصفُ: مصدرُ رَصَفْتُ
السّهمَ أرْصُفُه: إِذا شَدَدْتَ عَلَيْهِ الرِّصاف، وَهِي عَقَبةٌ
تُشَدّ على الرَّعْط، والرُّعْطُ مَدْخَلُ سنح النَّصْل.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِيمَا يروي أَبُو عبيد: هِيَ الرَّصفَة، وجمعُها
الرِّصاف. وَفِي الحَدِيث: ثمَّ نظر فِي الرِّصاف فتحَارى أيرَى شَيْئا
أم لَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّصَفَةُ: عَقبةٌ تُلْوَى على مَوضِع الفُوق.
قلت: وَهَذَا خطأ، والصوابُ مَا قَالَ ابْن السكّيت.
والرَّصَفُ: حجارةٌ مرصوفٌ بعضُها إِلَى بعض. وَأنْشد للعَجّاج:
(12/115)
فشَنّ فِي الإِبْرِيق مِنْهَا نُزَفا
من رَصفٍ نازعَ سيْلاً رَصفَا
قَالَ الْبَاهِلِيّ: أَرَادَ أنَّه صَبَّ فِي إبريق الْخمر من ماءٍ
رَصفٍ نَازع سيلاً كَانَ فِي رَصَفٍ فَصَارَ مِنْهُ فِي هَذَا،
فَكَأَنَّهُ نازعه إِيَّاه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَرْصَف الرّجلُ: إِذا مَزَج شرابه
بِمَاء الرَّصف، وَهُوَ الَّذِي يَنحدر من الْجبَال على الصخر
فيَصْفُو، وَأنْشد بَيت العجاج.
وَقَالَ: الرَّصفْاء من النِّسَاء: الضيّقةُ المَلاقِي وَهِي
الرَّصُوف.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للقائم إِذا صَفّ قَدَمَيْه: رَصَف قدمَيْه،
وَذَلِكَ إِذا ضم إِحْدَاهمَا إِلَى الْأُخْرَى.
فرص: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَرْصاءُ من النُّوق: الَّتِي
تقوم نَاحيَة، فَإِذا خلا الحوْضُ جَاءَت فشرِبتْ.
قلت: أُخذَت من الفُرْصة وَهِي النُّهْزة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: إِذا جَاءَت فُرْصَتُك من الْبِئْر
فأدْل. وفُرُّصَته ساعتُه الَّتِي يُستَقَى فِيهَا. وَيُقَال: بَنو
فلَان يَتفارَصُون بئرهم، أَي: يَتناوَبُونها. قلت: مَعْنَاهَا أَنهم
يتناوبون الاستقاء مِنْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الفُرْصة كالنُّهْزَةِ والنَّوْبة. تَقول: أصبت
فرصتك يَا فلَان ونوبتك ونهزتك، وَالْمعْنَى وَاحِد، وَالْفِعْل أَن
تَقول: انتهزها وافترضها وَقد افترضت وانتهزت.
وَفِي الحَدِيث أَن النبيّ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ للْمَرْأَة
الَّتِي أمرهَا بالاغتسال من المَحِيض: (خُذِي فِرْصةً مُمسّكة فتطهّري
بهَا) ، قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: الفِرْصة: القطعةُ من
الصُّوف أَو الْقطن أَو غَيره، وَإِنَّمَا أُخِذت من فَرصت الشَّيْء،
أَي: قطعته.
وَيُقَال للحديدة الَّتِي يقطع بهَا الفضّة: مِقْراض، لِأَنَّهُ يقطع
بهَا، وأنشدَنا للأعشى:
وأَدْفَعُ عَن أعراضكم وأُعيرُكم
لِساناً كمِفراصِ الخَفَاجِيّ ملْحَبَا
وَقَالَ غَيره: يُقَال: افْرِصْ نعلَك، أَي: أخْرِق فِي أُذُنها
للشِّراك.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِنِّي
لأكْره أَن أرى الرجلَ ثائراً فريصُ رقبته قَائِما على مُرَيَّته
يضْربهَا) .
قَالَ أَبُو عَمْرو: الفَرِيصة: المُضغةُ القليلة تكون فِي الجَنْب
تُرْعد من الدَّابَّة إِذا فَزِعت، وجمعُها فَرِيص. وَقَالَ
النَّابِغَة:
شكّ الفريصةَ بالمدْرى فأنقذه
شكّ المبيطر إِذْ يشفي من العضدِ
وَقَالَ أَبُو عبيد: هِيَ اللّحمة الَّتِي بَين الجَنْب والكَثف
الَّتِي لَا تزَال تُرْعَد من الدَّابَّة.
(12/116)
قَالَ: وأَحْسَب الَّذِي فِي الحَدِيث غير
هَذَا، إِنَّمَا أَرَادَ عَصَبَ الرَّقبة وعروقَها، لِأَنَّهَا هِيَ
الَّتِي تثور عِنْد الْغَضَب.
وَأَخْبرنِي ابنُ هاجك عَن ابْن جبلة أَنه سمع ابْن الْأَعرَابِي فسّر
الفَرِيص كَمَا فسّره الْأَصْمَعِي، فَقيل لَهُ: هَل يَثور الفَرِيص؟
قَالَ: إِنَّمَا يَعْنِي الشّعْر الّذي على الفَرِيص كَمَا يُقَال:
فلَان ثَائِر الرأسِ: أَي ثَائِر شَعرِ الرَّأْس.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: فَرَصْت الرجلَ أفْرِصه: إِذا أصبتَ فريصتَه.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الفَرِيصةُ: اللّحمَةُ الَّتِي بَين الكَتِف
والصّدْر. والفَرِيصة أُم سُوَيْد.
وروى أَبُو تُرَاب للخليل أَنه قَالَ: فريصةُ الرجل: الرَّقَبَة.
وفَرِيسُها: عروقُها.
وَفِي حَدِيث قَيْلَة: أَن جُوَيْرِيَةً لَهَا كَانَت قد أَخَذتهَا
الفَرْصة.
قَالَ أَبُو عُبيد: الْعَامَّة تَقول لَهَا: الفَرسة بِالسِّين
والمسموع من الْعَرَب بالصَّاد وَهِي ريحُ الحدَبة.
قَالَ: والفَرْسُ بِالسِّين: الكَسْر. والفَرْص: الشّق.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرْصُ: شَدُّ الجلدِ بحديدة عريضة الطَّرَف
تَفْرِصُه بهَا فَرْصاً غَمزاً؛ كَمَا يَفْرِص الحَذَّاءُ أُذُنَي
النَّعل عِنْد عقبهما بالمِفْرَص ليجعل فِيهَا الشِّراك.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الفريصة: الاست، وَهُوَ أَيْضا مرجع الْمرْفق.
وَأنْشد:
جَوادٌ حِين يَفْرِصُه الفَرِيصُ
يَعْنِي حِين يشُقّ جلدَه العرَقُ.
وتَفْرِيصُ أسْفل نَعْلِ القِرَاب: تَنْقيشُه بِطرف الحديدة.
رفص: أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: هِيَ الفُرْصةُ والرُّفْصة:
النَّوْبةُ تكون بَين الْقَوْم يتَناوَبُونها على المَاء.
قَالَ الطِّرِمّاح:
كأَوْبِ يَدَيْ ذِي الرُّفْصَةِ المُتَمَتِّحِ
أَبُو عُبَيْد عَن أبي زيد: ارْتَفَص السّعرُ ارتفاصاً فَهُوَ
مُرْتَفِص: إِذا غلا وارتفع.
قلت: كَأَنَّهُ مَأْخُوذ من الرُّفْصة وَهِي النَّوْبَة.
صفر: فِي الحَدِيث: (لَا عَدْوَى وَلَا هامَةَ وَلَا صَفَر) .
قَالَ أَبُو عبيد: فسّر الَّذِي روى الحديثَ أَن الصَّفَر: دوابُّ
الْبَطن.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: سمعتُ يُونُس يسْأَل رُؤْبَةَ عَن الصَّفَر
فَقَالَ: هُوَ حَيَّةٌ تكون فِي الْبَطن، تصيبُ الماشيةَ وَالنَّاس.
قَالَ: وَهِي عِنْدِي أعْدَى من الجَرَب عِنْد الْعَرَب.
قَالَ أَبُو عُبَيْد: فأَبطل النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا
تُعْدِي.
(12/117)
قَالَ: وَيُقَال: إِنَّهَا تشتدّ على
الْإِنْسَان وتؤذيه إِذا جَاع.
وَقَالَ أعشى باهلة:
وَلَا يَعَضُّ على شُرْسُوفِهِ الصَّفَر
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: يُقَال فِي الصفَر أَيْضا: أَنه تأخيرهم
المُحَرَّم إِلَى صفر فِي تَحْرِيمه. والوَجْه فِيهِ التفسيرُ الأوّل.
وَفِي حَدِيث آخر قَالَ: (صَفْرَةٌ فِي سَبِيل الله خيرٌ من حُمْرِ
النَّعَم) ، أَي: جَوْعةٌ.
وَقَالَ التّمِيميّ: الصَّفَرُ: الجوعُ. وَقيل للحيّة الَّتِي تَعُضُّ
البطنَ: صَفَرٌ، لِأَنَّهَا تفعل ذَلِك إِذا جَاع الْإِنْسَان.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت: صَفِرَ الرجل يَصْفَر تصفيراً. وصَفِرَ
الْإِنَاء من الطعامِ وَالشرَاب، والرَطْبُ من اللّبن يَصْفَر صَفَراً،
أَي: خلا، فَهُوَ صَفِر.
وَيُقَال: نَعُوذ بِاللَّه من قرَع الْغناء وصَفَر الْإِنَاء. وَأنْشد:
وَلَو أَدْرَكْنَهُ صَفِرَ الوِطاب
يَقُول: لَو أدركتْه الخيلُ لقتلته ففرَغَت وِطابُ دَمِهِ وَهِي
جُسمانه مِن دَمِه إِذا سُفِك.
أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: الصُّفارُ: الماءُ الْأَصْفَر.
وَقَالَ اللّيثُ: صَفَرُ: شهرٌ بعد المُحَرَّم، وَإِذا جُمعا قيل لَهما
الصّفَران، قَالَ: والصُّفَارُ: صَفْرَةٌ تعلو اللَّونَ والبَشَرة من
داءٍ.
قَالَ: وصاحبُه مَصْفُور، وَأنْشد:
قَضْبَ الطَّبيبِ نائِطَ المَصْفُور
وَقَالَ اللَّيْث: والصُّفْرَةُ: لونُ الْأَصْفَر. وَفعله اللازمُ
الاصفرار.
قَالَ: وَأما الاصفِيرارُ: فَعَرَضٌ يَعْرِض للْإنْسَان، يُقَال:
يَصْفَارُّ مرَّةً ويحمارُّ أُخْرَى. وَيُقَال فِي الأول: اصْفَرَّ
يَصْفَرّ.
قَالَ: والصَّفِير من الصَّوْت بالدواب: إِذا سُقيت.
والصّفَّارةُ: هَنَةٌ جوفاءُ من نُحاس يَصْفِر فِيهَا الغلامُ للحَمام،
ويصفِر فِيهَا بالحِمار ليَشربَ.
قَالَ: والصِّفرُ: الشَّيْء الْخَالِي، يُقَال: صَفِرَ يَصفُر صُفُوراً
فَهُوَ صِفْر، والجميع والذّكَرُ وَالْأُنْثَى والواحدُ فِيهِ سَوَاء.
والصِّفْرُ فِي حِسَاب الهِنْد: هُوَ الدائرة فِي الْبَيْت يُغني
حسابه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي طَالب قَالَ: قولُهم مَا فِي الدَّار
صافِر.
قَالَ أَبُو عُبَيدة والأصمعي: الْمَعْنى مَا فِي الدَّار أحَدٌ
يَصْفِرُ بِهِ، وَهَذَا مِمَّا جَاءَ على لفظ فَاعل، وَمَعْنَاهُ
مَفْعول بِهِ، وَأنْشد:
خَلَت المَنازِلُ مَا بهَا
ممّن عَهِدْتُ بهنّ صافِرْ
قَالَ: وَقَالَ غيرُهما: مَا بهَا صافر، أَي:
(12/118)
مَا بهَا أحد، كَمَا يُقَال: مَا بهَا
دَيَّار.
وَقَالَ اللَّيْث: أَي مَا بهَا أحدٌ ذُو صَفِير. وَبَنُو الأصفَر:
مُلوكُ الرُّوم.
وَقَالَ عديُّ بنُ زيد:
وَبَنُو الْأَصْفَر الكرامُ مُلُوكُ الر
وم لم يَبقَ منهمُ مأثُورُ
والصُّفْر: النُّحَاسُ الجيّد.
وأَبو صُفْرَة: كُنْيَةُ والدِ المُهلّب. والصُّفْرِيَّة: جنسٌ من
الْخَوَارِج.
قَالَ بَعضهم: سُمُّوا صُفْرِيَّةً لأَنهم نُسِبوا إِلَى صُفرة
ألوانهم.
وروَى أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ أَنه قَالَ: الصوابُ فِي الْخَوَارِج
الصِّفْرِيَّة، بِالْكَسْرِ.
قَالَ: وخاصَمَ رجل مِنْهُم صاحبَه فِي السجْن فَقَالَ لَهُ: أَنْت
وَالله صِفرٌ من الدّين؛ فسُمُّوا صِفْرِيَّة.
قَالَ: وَأما الصَّفريَّة فهم المهالبة، نُسِبوا إِلَى أبي صفْرَة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه أنْشدهُ:
يَا رِيحَ بَيْنُونَة لَا تَذْمِينا
جئتِ بألوان المُصْفَرِّينا
قَالَ قوم: هُوَ مَأْخُوذ من المَاء الْأَصْفَر، وصاحبُه يَرشَح رَشحاً
مُنْتِناً.
وَقَالَ قوم: هُوَ مأخوذٌ من الصَّفَر، وَهِي حَيَّاتُ البَطن.
وأخبرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ:
الصَّفَرِيَّة: من لَدُن طُلُوع سُهَيل إِلَى سُقوط الذِّرَاع، تُسمَّى
أَمطارُ هَذَا الْوَقْت صَفَرِية.
وَقَالَ: يطلع سُهَيْل والجبهة لَيْلَة وَاحِدَة لاثني عشرَة لَيْلَة
من آب.
وَقَالَ أَبُو سَعيد الصفَرِيَّة: مَا بَين تَوَلِّي القَيْظ إِلَى
إقبال الشتَاء.
وَقَالَ أَبُو زيد: أوّل الصفَرِيَّة طلوعُ سُهَيل وآخرُها طلوعُ
السِّماك.
قَالَ: وَفِي أوّل الصفَرِيّة أَرْبَعُونَ لَيْلَة يخْتَلف حرُّها
وبردُها تسمَّى المعتدِلات.
وَقَالَ اللَّيْث: الصفَرِيّة: نباتٌ يكونُ فِي أوّل الخريف تَخضرّ
الأرضُ ويورق الشّجر.
وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ: الصّقَعِيّ أولُ النّتاج، وَذَلِكَ حِين تَصقَع
الشمسُ فِيهِ رؤوسَ البَهْم صَقْعاً. وبعضُ العَرب يَقُول لَهُ:
الشمسيّ والقَيْظِي، ثمَّ الصفَرِيّ بعد الصقَعِيّ وَذَلِكَ عِنْد
صِرامِ النّخل، ثمَّ الشّتوِيّ وَذَلِكَ فِي الرّبيع، ثمَّ الدفَئِيّ
وَذَلِكَ حِين تَدفَأُ الشَّمْس، ثمَّ الصيْفِيّ ثمَّ القَيْظِيّ، ثمَّ
الخَرَفيَّ فِي آخر القَيْظ.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وَعز: {كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ}
(المرسلات: 33) ، قَالَ: الصُّفر: سودُ الْإِبِل، لَا تَرى أسوَدَ من
الْإِبِل إلاّ وَهُوَ مُشرَب صفْرةً، وَلذَلِك سَمَّت العربُ سودَ
الْإِبِل صفْراً، كَمَا
(12/119)
سَمّوا الظِّباء أُدْماً لما يعلوها من
الظُّلمة فِي بياضِها.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الأصفرُ: الأسوَد. وَقَالَ الْأَعْشَى:
تلكَ خَيلِي مِنْهُ وَتلك رِكابي
هن صفْرٌ أولادُها كالزَّبيبِ
وَقَالَ الليثُ: الصفَارُ: مَا بَقيَ فِي أصُول أَسْنَان الدابَّة من
التِّبْن والعَلَف للدوابّ كلهَا.
وَقَالَ ابْن السكّيت: السَّحَم والصَّفار بِفَتْح الصَّاد نَبْتان.
وأَنشد:
إِن العُرَيْمَة مانعٌ أرمَاحنا
مَا كَانَ من سَحَمٍ بهَا وصفَارِ
والصفْراء: نَبْتٌ من العُشْب. والصفْراء: شِعبٌ بِنَاحِيَة بَدْرٍ،
وَيُقَال لَهَا الأصافر.
وَقَالَ ابْن الأَعرابي: الصفَارِيّة: الصَّعْوَة. والصافر: الجبان.
ص ر ب
صَبر، صرب، برص، بصر، ربص: مُستعملة.
صَبر: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أصبَرَ الرجلُ: إِذا
أَكل الصَّبِيرَة، وَهِي الرُّقاقةُ الَّتِي يَغْرِفُ عَلَيْهَا
الخبازُ طعامَ العُرْس.
قَالَ ابْن عَرَفَة فِي قَوْله تَعَالَى: {وَاصْبِرُو صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الْأَنْفَال: 46) ،
قَالَ: الصبرُ صبران هما عُدَّتان للْإيمَان: الصَّبْر على طَاعَة الله
وَمَا أمره، وَالصَّبْر عَن مَعْصِيّة الله جلّ ثَنَاؤُهُ وَمَا نهى
عَنهُ.
وَقَالَ فِي قَوْله: {لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} (إِبْرَاهِيم: 5) ،
يُقَال: صابر وصبّار وصبور؛ فَأَما الصّبور فالمقتدر على الصَّبْر،
كَمَا يُقَال: قتول وضروب، أَي: فِيهِ قدرَة على ذَلِك. والصبَّار:
الَّذِي يصبر وقتا بعد وَقت. والشكور: أوكد من الشاكر وَهَذَانِ خلقان
مدح الله بهما نَفسه، وَقد نعت بهما خلقه.
وأصبَرَ الرجلُ: وَقَع فِي أُمّ صَبُّور، وَهِي الدَّاهية، وَكَذَلِكَ
إِذا وَقع فِي أمِّ صبّار، وَهِي الحرّة.
وأصبَر الرجل: إِذا جَلَس على الصَّبير الأقدر وَهُوَ الْوسط من
الْجبَال وأصبَر سَدَّ رَأسَ الحَوْجَلَة بالصِّبار، وَهُوَ السِّداد.
وَيُقَال لِرَأسها الفعولة والعرعُرة والأنبوب والبلبة.
وَقَالَ اللَّيْث: الصبْرُ: نقيضُ الجَزَع. والصبْر: نَصْبُ الإنسانِ
للْقتْل، فَهُوَ مَصْبور. والصَّبر: أَن تَأْخُذ يمينَ إنسانٍ، تَقول:
صبَرتُ يمينَه، أَي: حلَّفْتُه، وكلُّ من حبستَه لقتلٍ أَو يمينٍ
فَهُوَ قتلُ صبْرٍ، ويمينُ صبْرٍ.
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه نَهى عَن قَتْل
شيءٍ من الدَّوَابّ صَبراً) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ أَبُو زيد وَأَبُو عَمْرو فِي
(12/120)
قَوْله: (صَبراً) : هُوَ الطَّائِر أَو
غيرُه من ذواتِ الرُّوح يُصْبر حيّاً ثمَّ يُرمَى حَتَّى يُقتَل.
قَالَ: وأصلُ الصَّبر الحَبْس، وكلُّ من حَبَس شَيْئا فقد صبَره.
وَمِنْه الحَدِيث الآخَر فِي رجُلٍ أمسَكَ رجلا وقتَلَه آخَرُ فَقَالَ:
(اقتُلوا الْقَاتِل واصبروا الصابر) . قَوْله: اصبِرُوا الصابر:
يَعْنِي احبِسوا الَّذِي حَبَسه للْمَوْت حَتَّى يموتَ.
وَمِنْه يُقَال للرجل يقدَّم فتُضرَب عُنقه: قُتِل صبرا، يَعْنِي أنّه
أُمْسِك على الْمَوْت، وَكَذَلِكَ لَو حَبَس رجلٌ نفسَه على شَيْء
يُريدهُ قَالَ: صبرتُ نَفسِي.
وَقَالَ عنترة يذكر حَربًا كَانَ فِيهَا:
فصبَرْت عارِفَة لذَلِك حُرَّةً
تَرْسُو إِذا نَفْسُ الجبَان تَطلَّعُ
قَالَ أَبُو عُبَيد: يقولُ: إِنَّه قد حبس نَفسه، ومِن هَذَا يَمين
الصَّبْر، وَهُوَ أَن يَحبِسه، السّلطان على الْيَمين حَتَّى يحلِف
بهَا، فَلَو حلَف إنسانٌ من غير إحلافٍ مَا قيل: حلف صبْراً.
وَقَالَ اللَّيْث: الصبِرُ: عُصارة شجرٍ ورقُها كقُرُب السكاكين طوالٌ
غِلاظٌ فِي خُضْرَتها غُبْرة وكُمْدَة مقشعّرة المنظر، يخرج وَسطهَا
ساقٌ عَلَيْهِ نَوْرٌ أصفرُ ثَمِه الرِّيح.
قَالَ: والصُّبَارُ: حَمل شَجَرَة طعمُه أشدُّ حموضةً من المَصْل لَهُ
عجْم أحمرُ عريضٌ يسمَّى التَّمَر الهِنْدِيّ.
ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الْفراء قَالَ: الصُّبَار: التَّمْر الهِنْديّ،
بِضَم الصَّاد. والصُبَار: الحجارةُ المُلْس. قَالَ: والصبار: صِمامُ
القارُورة.
أَبُو عُبَيد، عَن أبي عُبَيْدةَ قَالَ: الصُّبارة: الْحِجَارَة، بِضَم
الصَّاد قَالَ الْأَعْشَى:
من مُبْلغُ عَمْراً بأنَّ
المَرْءَ لم يُخلق صبارَة
وَقَالَ: الصّبرُ: الأَرْض الَّتِي فِيهَا حَصباء وَلَيْسَت بغليظةٍ،
وَمِنْه قيل للحَرّة: أمُّ صبار.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: أمُّ صبَّار: هِيَ الصَّفاة الَّتِي لَا يَحيكُ
فِيهَا شَيْء. وَقَالَ: الصبَّارة: الأرضُ الغليظة المَشرفة الشأْسه
لَا تُنبتُ شَيْئا، وَهِي نحوٌ من الجبلُ.
وَقَالَ: هِيَ أم صبّارٍ، وَلَا تسمَّى صبارةً، وَإِنَّمَا هِيَ قُفٌّ
غَلِيظَة.
وَقَالَ الْأَحْمَر: الصُّبْرُ جانبُ الشَّيْء، وبُصْرُه مِثلُه.
وَيُقَال: صُبْرُ الشَّيْء: أَعْلَاهُ. ومنهُ قولُ ابْن مَسْعُود:
سِدرَة المنتهَى: صُبْرُ الْجنَّة. قَالَ: صُبْرُها: أَعْلَاهَا.
وَقَالَ النَّمِر يصفُ رَوْضةً:
(12/121)
عَزَبَتْ وباكَرَها الرَّبيع بدِيمَةٍ
وَطْفاءَ يَملؤُها إِلَى أَصْبارِها
وَقَالَ غَيره: أصبارُ القَبْر: نواحِيه.
والصَّبْرة من الْحِجَارَة: مَا اشتدّ وغَلُظ، وجمعُها الصَّبار،
وَأنْشد:
كأنّ تَرنُّم الهاجاتِ فِيهَا
قُبيلَ الصّبح أصواتَ الضَّبار
شبه نَقِيقَ الضَّفادِع بوَقْع الْحِجَارَة. ويُقال للداهية
الشَّدِيدَة أم صبور. وَقَالَ غَيره: يُقَال: وَقَع فلانٌ فِي أم
صَبُّور، أَي: فِي أَمر لَا مَنْفَذ لَهُ عَنهُ. وَقيل: أمُّ صَبّور:
هَضْبة لَا مَنفَذ لَهَا، تضْرب مَثلاً للداهية وَأنْشد:
أوقعَه اللَّهُ بسوءِ سَعْيِه
فِي أمِّ صَبُّورِ فأَوْدَى ونَشِبْ
وَفِي حَدِيث عمَّار حِين ضرَبه عُثْمَان رحمهمَا الله فلمّا عُوتِبَ
فِي ضربِه إيّاه قَالَ: هَذِه يَدِي لعَمّارٍ فليَصْطَبر، مَعْنَاهُ
فليقتصّ. يُقَال: صَبَر فلانٌ فلَانا لوليِّ فلانٍ، أَي: حَبَسه.
وأَصْبَره، أَي: أقصَّه مِنْهُ، فاصْطَبَر، أَي: اقتَصَّ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر: أقادَ السلطانُ فلَانا وأقَصَّه
وأَصْبَرَه بِمَعْنى وَاحِد: إِذا قَتَلَه بقَوَد وأَباءَهُ مِثلُه.
أَبُو عُبَيْد، عَن أبي زيد: صَبَرْت بفلان أَصْبِر بِهِ صَبْراً: إِذا
كفلتَ بِهِ فأنابه صَبِيرٌ. وَقَالَ الْكسَائي مثله. قَالَ: وصَبَرْتُ
الرجَل أصبره: إِذا لزمتَهُ وَقد أتيتُه فِي صَبَارّة الشِّتاء، أَي:
فِي شدّة البَرْد.
وَفِي الحَدِيث عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَن الله جلَّ
وعزَّ قَالَ: إِنِّي أَنا الصبور) . قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الصَّبور
فِي صِفَة الله تَعَالَى الْحَلِيم، قَالَ الأصمعيّ: أدهقتُ الكأس
إِلَى أَصْحَابهَا، أَي: إِلَى أعاليها. قَالَ: والصَّبِيرُ: السحابة
الْبَيْضَاء. قَالَ: والصَّبِيرُ الّذي يَصبرُ بعضُه فوقَ بعض درجا.
وَقَالَ أَبُو زيد: الصَّبِيرُ: الجَبلُ.
وَقَالَ اللَّيْث: صَبيرُ الْخُوان: رُقاقة عريضةٌ تُبْسَط تَحت مَا
يُؤْكَل من الطَّعَام. وصَبيرُ الْقَوْم: زعيمُهم، والصُّبْرة من
الطَّعَام: مثل الصُّوفة بعضه فَوق بعض.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الصَّبْر: الْإِكْرَاه؛ يُقَال: أصبَر
الْحَاكِم فلَانا على يَمِين صبْرٍ، أَي: أكرَهَه.
قَالَ: والصّبر: الجرْأة، وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {فَمَآ
أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} (الْبَقَرَة: 175) ، أَي: مَا أجرأهم على
عمل أهلِ النَّار.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: سَأَلت الخَلَنْجِي عَن الصَّبْر فَقَالَ:
ثَلَاثَة أَنْوَاع: الصبْرُ على طَاعَة الجبّار، والصبْرُ على مَعَاصي
الجبَّار، وَالصَّبْر على الصبْر على طَاعَته وترِك مَعْصِيَته.
وَيُقَال: رجل صَبُور، وامرأةٌ صَبُور بِغَيْر
(12/122)
هَاء، وجمعُها صبُر.
بصر: قَالَ اللَّيْث: البَصَرُ: العيْن، إلاّ أنّه مذكَّر. والبَصرُ:
نَفاذٌ فِي القَلْب. والبصَارة: مَصدَر البَصير، والفعلُ بصُر يَبْصُر.
وَيُقَال: بَصُرْتُ بِهِ.
وَيُقَال: تبصّرْتُ الشَّيْء شِبْه رَمَقْتُه. واستَبصَر فِي أمره
ودِينِه: إِذا كَانَ ذَا بَصِيرَة.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {عَنِ السَّبِيلِ} (العنكبوت:
38) ، أَي: كَانُوا فِي دينهم ذَوي بصائر.
قَالَ: فَنَادَوْهُ: وَكَانُوا مستبصرين، أَي: معجبين بضلالتهم.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنَاهُ: أنّهم أتَوْا مَا أتَوْا وَقد
بُيّن لَهُم أَن عاقبتَه عذابُهم، والدَّليل على ذَلِك قَوْله: {فَمَا
كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَاكِن كَانُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (النَّحْل: 71) ، فَلَمَّا بيّن
لَهُم عاقبةَ مَا نَهَاهُم عَنهُ كَانَ مَا فعل بهم عَدْلاً وَكَانُوا
مستبصرين.
وَقَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ
بِهِ} (طه: 96) ، أَي: علمتُ مَا لم تعلمُوا، من البَصيرة. وأبصَرتُ
بالعَيْن.
وَقَالَ الزّجاج: بَصُر الرجلُ يَبصُرُ: إِذا صَار عَلِيماً بالشَّيْء،
وأبصرتُ أبصِرُ: نظرتُ، فالتأويل عَلِمْتُ بِمَا لم تعلَموا بِهِ.
وَقَوله جلّ وعزَّ: {) وَأَخَّرَ بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ
بَصِيرَةٌ} { (بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} (الْقِيَامَة:
14، 15) .
قَالَ الْفراء: يَقُول على الْإِنْسَان من نفسِه رُقَباء يَشْهَدُون
عَلَيْهِ بِعَمَلِهِ: اليدان والرِّجْلان والعيْنان والذَّكَر،
وَأنْشد:
كأَن على ذِي الطِّنْءِ عينا بَصِيرَة
بمَقْعَدِه أَو مَنظَرٍ هوَ ناظرُهْ
يُحاذِر حَتَّى يَحسَب الناسَ كلَّهمْ
من الْخَوْف لَا تَخفَى عَلَيْهِم سرائِرُهْ
وَقَالَ اللَّيْث: البَصيرة: اسمٌ لما اعْتقد فِي القَلْب من الدِّين
وَتحقّق الْأَمر.
ثَعْلَب، عَن ابْن الْأَعرَابِي: الباصِرُ: المُلَفِّق بَين شُقَّتَيْن
أَو خِرْقَتَين، يُقَال: رأيتُ عَلَيْهِ بصيرَةً من الْفقر، أَي:
شُقَّةً ملفَّقة.
قَالَ: والبَصيرة أَيْضا: الشُّقَّة الَّتِي تكون على الْخِباء.
ابْن السّكيت عَن أبي عَمْرو: البَصرُ: أَن يُضَمَّ أَدِيمٌ إِلَى
أَديم يُخَاطان كَمَا يُخاط حَاشيَتا الثَّوْب. والبصْر: الحِجارةُ
إِلَى الْبيَاض، فَإِذا جاءُوا بِالْهَاءِ قَالُوا: البَصْرة، وَأنْشد:
جَوانبُه من بَصْرةٍ وسِلاَمِ
وَقَالَ:
إِن تَكُ جُلْمُودَ بَصْرٍ لَا أؤَبِّسُهُ
أوقِدْ عَلَيْهِ فأَحْمِيهِ فيَنصدِعُ
(12/123)
سَلمةُ عَن الفرّاء قَالَ: البِصْرُ
والبَصْرة: الْحِجَارَة البَرَّاقة.
وَقَالَ ابْن شُميل: البَصَرَةُ: أرضٌ كَأَنَّهَا جَبَل من جِصّ، وَهِي
الَّتِي بُنِيَتْ بالمِرْبَد؛ وَإِنَّمَا سُمّيت البَصْرة بَصْرَةً
بهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: البَصرةُ والكَذَانُ: كِلَاهُمَا الحجارةُ
الَّتِي لَيست بصُلْبه.
وَقَالَ شمر: قَالَ الفرّاء وَأَبُو عَمْرو: أرضُ فلانٍ بُصْرَة بِضَم
الْبَاء: إِذا كَانَت حَمراءُ طيّبتَه. وأرضٌ بَصِرةٌ: إِذا كَانَت
فِيهَا حجارةٌ تَقطَع حوافرَ الدّواب. وبُصْرُ الأَرْض: غِلَظُها.
أَبُو عُبَيْد عَن الأصمعيّ وَأبي عَمْرو: يُقَال: هَذِه بَصيرةٌ من
دَم، وَهِي الجَدِيَةُ مِنْهَا على الأَرْض، وأَنْشَد:
رَاحُوا بَصائِرُهمْ على أَكتافِهِمْ
وبَصيرَتِي يَعْدُو بهَا عَتَدٌ وَأَي
يَعْنِي بالبصائرِ: دمَ أَبِيهِم.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: راحُوا بَصائِرُهم،
يَعنِي ثِقْل دِمَائِهِمْ على أكتافهم لَم يثأروا بهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ، قَالَ: البَصيرة: الدِّيَة. والبَصيرَة:
مِقْدَار الدِّرْهم من الدَّم. البَصِيرة: التُّرْس. والبَصيرة:
الثَّبَات فِي الدِّين.
قَالَ: والبصائر: الدِّيات فِي الْبَيْت. قَالَ: أَخَذُوا الدِّيات
فَصَارَت عاراً. وبصيرتي، أَي: تَأْرِي قد حملتُه على فرسي لأُطالبَ
بِهِ، فبَيْنِي وبينَهم فرق.
سَلمَة عَن الفَرّاء قَالَ: الباصَرُ: القَتَب الصَّغِير وَهِي
البَواصِر.
وَقَالَ فِي قَوْله: {وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً
فَظَلَمُواْ بِهَا} (الْإِسْرَاء: 59) ، قَالَ الْفراء: جعل الفعلَ
لَهَا، وَمعنى: (مُبْصِرَة) : مضيئةً، كَمَا قَالَ جلّ وعزّ.
{وَالنَّهَارَ مُبْصِراً} (يُونُس: 67) ، أَي: مضيئاً.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: معنى (مُبصِرة) : أتبصِّرهم، أَي: تبيِّن
لَهُم. وَمن قَرَأَ: (مَبْصَرةً) فَالْمَعْنى: بيّنةً. وَمن قَرَأَ:
(مُبْصَرَة) فَالْمَعْنى: مُتَبَيِّنةً. (فَظَلَمُوا بهَا) ، أَي:
ظلمُوا بتكذيبها.
وَقَالَ الْأَخْفَش: (مُبْصِرَةً) ، أَي: مُبصَرّاً بهَا.
قلتُ: والقولُ مَا قَالَ الفرّاء، أَرَادَ: آتَيْنَا ثمودَ النَّاقة
آيَة مبصِرةً، أَي: مضيئةً.
ابْن السكّيت فِي قَوْلهم: أَرَيْتُه لَمْحاً باصراً، أَي: نظرا
بتحديقٍ شَدِيد.
قَالَ: ومَخرَجٌ باصرٌ مِن مخرج قَوْلهم: رجلٌ تامر، فَمَعْنَى باصر
ذُو بَصَر، وَهُوَ من أبصَرْتُ، مثل: مَوْتٍ مائِت، من أمَتُّ.
وَقَالَ اللَّيْث: رأى فلَان لَمْحاً باصراً، أَي: أمرا مفروغاً
مِنْهُ.
وَأنْشد:
(12/124)
وَدون ذَاك الْأَمر لمح باصر
وَقَالَ غَيره: رَأَيْت فلَانا لمّاحاً باصراً، أَي: نظر بتحديق.
قلتُ: والقولُ هُوَ الأوّل.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا فَتَح الجَرْوُ عينَه قيل: بَصَّر تَبْصيراً.
وَيُقَال: البصيرة: الدِّرع، وكلُّ مَا لُبِس من السِّلَاح فَهُوَ
بَصائرُ السّلاح.
وَيُقَال للفِراسة الصادقة: فِراسةٌ ذاتُ بَصِيرَة.
قَالَ: والبصيرةُ: العِبْرة، يُقَال: أما لَك بصيرةٌ فِي هَذَا؟ أَي:
عِبْرةٌ تعْتَبر بهَا، وأَنشَد:
فِي الذّاهِبِين الأوّلينَ
من القُرون لنا بصائرْ
أَي: عِبَر.
اللِّحياني عَن الكسائيّ: إِن فلَانا لمَعْضُوب البُصَر: إِذا أصَاب
جِلْدَه عُضابٌ، وَهُوَ داءٌ يَخرج بِهِ.
وَيُقَال: أعمى الله بصائره، أَي: فِطَنَه.
وَيُقَال: بَصَّر فلانٌ تَبْصيراً: إِذا أَتَى البَصْرة.
قَالَ ابْن أَحْمَر:
أُخبِّرُ من لاقيتُ أنِّي مُبَصِّرٌ
وكائنْ تَرَى قبلِي من النَّاس بَصّرَا
وَقَالَ اللَّيْث: فِي البَصْرَة ثلاثُ لُغَات: بَصْرَة، وبِصْرة،
وبُصْرة، اللّغة الْعَالِيَة البَصْرة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {لاَّ تُدْرِكُهُ
الاَْبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الاَْبْصَارَ} (الْأَنْعَام: 103) ،
أعلمَ اللَّهُ جلّ وعزّ أنّه يُدرك الْأَبْصَار، وَفِي هَذَا
الْإِعْلَام دليلٌ على أَن خَلْقَه لَا يُدرِكون الأبصارَ، أَي: لَا
يعْرفُونَ حَقِيقَة البَصر، وَمَا الشيءُ الَّذي بِهِ صارَ الإنسانُ
يُبصِرُ من عَيْنيه دون أَن يُبصِر من غَيرهمَا من سَائِر أَعْضَائِهِ،
فأَعلَم أنّ خَلْقاً مِنْ خَلْقِه لَا يُدرِك المخلوقون كُنْهَه، وَلَا
يُحيطون بِعلمه، فَكيف بِهِ جلَّ وعزّ، فالأبصارُ لَا تُحيط بِهِ،
وَهُوَ اللَّطيفُ الخبيرُ.
فأمّا مَا جَاءَ من الْأَخْبَار فِي الرُّؤْيَة وصحّ عَن رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فغيرُ مَدْفُوع، وَلَيْسَ فِي هَذِه الْآيَة
دليلٌ على دَفعها، لِأَن معنى هَذِه الْآيَة معنى إدراكِ الشَّيْء،
والإحاطة بحقيقته، وَهَذَا مَذهبُ أهلِ السّنّة وَالْعلم بِالْحَدِيثِ.
وقولُه جلّ وعزّ: {قَدْ جَآءَكُمْ بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ}
(الْأَنْعَام: 104) ، أَي: قد جَاءَكُم القرآنُ الَّذِي فِيهِ البيانُ
والبصائر، فَمن أَبْصَر فلنفسِه نَفْعُ ذَلِك، وَمن عَمِي فعلَيْهَا
ضَررُ ذَلِك، لِأَن الله غنيّ عَن خَلْقه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أبصَرَ الرجلُ: إِذا خَرَجَ من الكُفْر
إِلَى بَصيرة الْإِيمَان،
(12/125)
وأنشَد:
قَحْطانُ تَضرِب رأسَ كلِّ متوَّجٍ
وعَلى بصائرِها وإنْ لَم تُبْصِرِ
قَالَ: بصائرُها: إسلامُها، وَإِذ لم تبصر فِي كفْرِها، وأَبصر: إِذا
عَلَّق على بَاب رَحْله بَصِيرَة، وَهُوَ شقة من قطن أَو غيرِه.
وَقَالَ اللّحياني فِي قَوْله: {بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ}
(طه: 96) ، أَي: أَبصَرْتُ، ولغةٌ أُخْرَى: بَصِرْتُ بِهِ أبْصَرُ
بِهِ، وَيُقَال: أَبْصِرْ إليّ، أَي: انظُرْ إليّ.
وبُصْرَى: قريةٌ بِالشَّام فتُنسَب إِلَيْهَا السّيوف البُصْريَّة.
صرب: أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا حُقِنَ اللّبَنُ أيّاماً فِي
السِّقاء حَتَّى اشتدّ حَمَضُه، فَهُوَ الصَّرْب والصَّرَب، وَأنْشد:
أرضٌ عَن الْخَيْر وَالسُّلْطَان نائيةٌ
فالأطْيَبان بهَا الطُّرْثُوثُ والصَّرَبُ
وَقَالَ شَمِر: قَالَ أَبُو حَاتِم: غَلِط الأصمعيّ فِي الصَّرَب أَنه
اللَّبن الحامِضُ.
قَالَ: وقلتُ لَهُ: الصَّرَبُ: الصّمْغ، والصَّرْبُ: اللَّبن، فعَرَفه،
وَقَالَ كَذَلِك الحَرّانيّ عَن ابْن السكّيت قَالَ: الصَّرَبُ: اللّبن
الحامض.
يُقَال: صَرَب اللبَن فِي السِّقاء: إِذا حَقَنَه فِيهِ، يَصْرُبه
صَرْباً، والسِّقاءُ: هِيَ المِصْرَب وجمعُه المَصارِب.
وَيُقَال: جاءَنا بصَربةٍ تَزْوِي الوجهَ، وَأنْشد:
سَيَكْفيك صَرْبَ القَوم لَحمٌ مُغرَّضٌ
وماءُ قُدور فِي الجِفان مَشُوب
قَالَ: والصَّرْبُ: الصمغُ الْأَحْمَر، صمغُ الطَّلْح.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر: إِذا جَعل الصبيُّ يَمكُث يَوْمًا لَا
يُحْدِث قيل: صَربَ لِيَسْمَن.
وَقَالَ أَبُو زيد: صَرَب بَوْلَه وحَقَنَه: إِذا أَطَالَ حَبْسَه.
وَفِي حَدِيث أَبي الأحْوص الجُشَميّ عَن أَبِيه أنّ النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: (هَل تُنْتَج إبِلُكَ وافيةً آذانُها
فتجدَعُها، وَتقول صَرْبَى) .
قَالَ القُتَيْبي: قولُه: صَرْبَى، نَحْو سَكْرَى، من صَرَبْتُ
اللَّبنَ فِي الضّرْع: إِذا جمعتَه وَلم تَحلُبه.
وَقيل للبَحِيرة: صَرْبَى، لأنّهم كَانُوا لَا يَحلُبونها إِلَّا
للضَّيف فيَجتمع اللّبن فِي ضَرْعها، كَمَا قَالَ مُحَمَّد بن
إِسْحَاق.
وَقَالَ سعيد بنُ المسيَّب: البَحيرة الّتي يُمْنَع دَرُّها للطّواغيت
فَلَا يَحلُبها أحدٌ من النَّاس.
وَقَالَ القُتَيْبيّ: كأنّ الصَّرْبى الّتي صَرَبَت اللبَن فِي
ضَرْعِها، أَي: جمعتْه.
قَالَ بَعضهم: يَجْعَل الصرب من الصرم
(12/126)
وَهُوَ الْقطع، يَجْعَل الْبَاء مبدلةً من
الْمِيم، كَمَا يُقَال: ضربةُ لازِمٍ ولازِب، وَكَأَنَّهُ أصحّ
التفسيرين لقَوْله: فتجْدع هَذِه فَتَقول صَرْبَى.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعْرَابي قَالَ: الصربُ: جمعُ صَرْبَى، وَهِي
المشقوقة الْأذن مثل البَحيرة فِي النوق. وَيُقَال للوطب الَّذِي يجمع
فِيهِ اللَّبن فيحمض: مصرب وَجمعه مصارب.
وحدّثني محمّد بنُ إِسْحَاق قَالَ: حدَّثنا عمر بنُ شَبَّةَ قَالَ:
حدَّثنا غُنْدَر عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سمعتُ أَبا
الْأَحْوَص يحدِّثُ عَن أَبِيه قَالَ: أَتيتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا قَشِفُ الْهَيْئَة، فَقَالَ: هَل تُنْتَجُ
إِبِلُكَ صِحَاحاً آذانُها، فتَعْمِدَ إِلَى المُوسَى فتقطَعَ آذانَها
فَتَقول هَذِه بُحُر وَتَشُقُّهَا فَتَقول هَذِه صُرُم فتحرّمها
عَلَيْك وعَلى أهلك؟ قَالَ: نعم. قَالَ: (فَمَا آتاك الله) لَك حِل
وساعِدُ الله أَشَدُّ ومُوساه أَحَدّ.
قلت: قد تبيَّنَ بقوله: صُرُم مَا قَالَه ابْن الْأَعرَابِي فِي
الصَّرْب: أَن الْبَاء مُبْدَلَةٌ من الميمِ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الصِّرْبُ: البيوتُ القليلة من ضَعْفَي
الْأَعْرَاب.
قلتُ: والصِّرْمُ مِثل الصِّرْب، وَهُوَ بِالْمِيم أعرَف. وَيُقَال:
كَرَصَ فلانٌ فِي مكْرَصِه، وصَرَبَ فِي مِصرَبِه، وقَرَعَ فِي
مِقْرَعِه، كلُّهُ السِّقَاءُ يُحْقَنُ فِيهِ اللَّبَن.
برص: قَالَ الليثُ: البَرَص مَعْرُوف، نسألُ الله مِنْهُ الْعَافِيَة.
وسامّ أَبْرَص: مضافٌ غير مَصْرُوف، والجمعُ سوامّ أبرص.
أَبُو عُبَيْد عَن الأصْمَعِيّ قَالَ: سامّ أبْرَصَ بتَشْديد الْمِيم
قَالَ: وَلَا أَدْرِي لِمَ سُمِّيَ بِهَذَا؟ .
وَقَالَ أَبُو زيد: وجمعُه سَوامُّ أبْرَصَ، وَلَا يثنَّى أبرَص وَلَا
يُجمَع، لِأَنَّهُ مُضافٌ إِلَى اسْم مَعْرُوف، وَكَذَلِكَ بناتُ آوَى
وأُمهاتُ حُبَيْنِ وأشباهها.
وَقَالَ غيرُه: أبْرَصَ الرجلُ: إِذْ جاءَ بولَدٍ أَبرَص. ويُصَغَّرُ
أَبْرَصُ فَيُقَال: بُرَيْص، ويُجمع بُرْصاناً. وَمن الناسِ مَنْ يَجمع
سامَّ أَبْرَصَ: البِرَصَةَ. وبَرِيص: نهرٌ بِدمَشْق، قَالَ حسَّان:
يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَرِيصَ عليهِمُ
بَرَدَى يُصفِّقُ بالرحيقِ السَّلْسَلِ
ربص: قَالَ الليثُ: التربُّص بالشَّيْء: أَن تَنْتظِرَ بِهِ يَوْمًا
مَّا، والفِعل تربَّصْتُ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلَّ وعزّ: {قُلْ هَلْ
تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَ إِحْدَى
(12/127)
الْحُسْنَيَيْنِ} (التَّوْبَة: 52) ، أَي:
إلاَّ الظَّفَرَ وإِلاَّ الشهادةَ، {وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ}
إِحْدَى الشِّرَّتَيْن: عذَابا من الله، أَو قَتْلاً بِأَيْدِينَا،
فبيْنَ مَا نَنتظِرُ وتنتظرونَ فرقٌ كَبِير.
وَقَالَ ابنُ السكّيت: يُقَال: أَقَامَت الْمَرْأَة رُبْصَتَها فِي
بيتِ زوجِها، وَهُوَ الوقتُ الَّذِي جُعل لزَوجهَا إِذا عُنِّنَ
عَنْهَا، فَإِن أَتَاهَا وإلاَّ فرِّقَ بَينهمَا. والبريص: مَوضِع.
ص ر م
صرَم، رصم، صمر، رمص، مرص، مصر: مستعملة.
مرص: قَالَ اللَّيْث: المَرْصُ للثَّدْيِ وغيرِه، وَهُوَ غَمْزٌ
بالأصابع. والْمَرْسُ: الشيءُ يُمرَس فِي المَاء حَتَّى يَتَمَيَّثَ
فِيهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَرُوصُ والدَّرُوسُ: النّاقَةُ
السَّريعةُ.
قَالَ: والنَّشُوصُ: العظيمةُ السَّنام. والمَصُوصُ: القَمِئَةُ،
والشخوص: النضوة من التَّعَب. والعَرُوصُ: الطيبةُ الرَّائِحَة إِذا
عَرِقَتْ.
صمر: أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: التصْميرُ: الْجَمْع والمَنْع،
يُقَال: صَمَر مَتاعَه وصَمَّرَه وأَصْمَرَه. والتَّصْمِيرُ أَيْضا:
أَن يَدْخُل الرجلُ فِي الصُّمَيْرِ وَهُوَ مَغيبُ الشَّمْس، يُقَال:
أَصْمَرَنا وصَمَّرْنَا، وأقْصرْنا وقَصَّرْنا، وأَعْرَجْنَا
وعَرَّجْنَا بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللّيث: صَمَرَ الماءُ يَصْمُر صُمُوراً: إِذا جرى مِن حَدُورٍ
فِي مُسْتَوٍ، فَسَكَنَ فَهُوَ يَجرِي، وَذَلِكَ المكانُ يُسَمَّى
صِمْرَ الْوَادي.
قَالَ: وصَيْمَرَةُ: أرضٌ مَهْرَحان، وإليها يُنسبُ الْجُبْن
الصَّيْمَرِي.
الفرّاء: أدهقْتُ الكأسَ إِلَى أَصْبَارِها وأَصْمَارِها، أَي: إِلَى
أَعْلَاهَا الْوَاحِد صَيْر وصُمْر.
وَفِي حديثِ عليَ أَنه أعطَى أَبَا رَافع حَتِيّاً وعُكَّةَ سَمْنٍ.
وَقَالَ: ادْفَعْ هَذِه إِلَى أسماءَ بِنْتِ عُمَيْس وَكَانَت تحتَ
أَخيهِ جَعْفَر لِتَدْهُنَ بني أَخِيه من صَمَر الْبَحْر، وتُطعمهم من
الحَتِيّ.
أمَّا صَمَرُ البحرِ: فَهُوَ نَتْنُ ريح غَمَقِه ووَمَدِه،
والْحَتِيُّ: سَوِيقُ الْمُقْل.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الصُّمَارَى: الاست لنَتْنها.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الصَّمْر: رائحةُ السَّمَكِ
الطّرِيّ. والصَّمْرُ: غَتْمُ البَحْر إِذا خَبّ وخَبِيبُه: تَناطُح
أمْوَاجِه.
ابنُ دُرَيد: رَجُلٌ صَمِيرٌ: يابِسُ اللَّحم على العَظْم.
رمص: أَبُو عُبَيْد: رَمَصَ اللَّهُ مصيبتَه، أَي: جَبَرها.
(12/128)
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّمَص: عَمَصٌ أَبيض
تَلفِظُه العَيْن فتَوْجَع لَهُ. عَينٌ رَمْصاءُ، وَقد رَمِصَتْ
رَمَصاً: إِذا لَزِمها ذَلِك.
ابْن دُرَيد: رَمِيص: اسمُ بلدٍ.
مصر: أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: نَاقَة مَصُورٌ: وَهِي الَّتِي
يُتَمَصّر لبنُها قَلِيلا قَلِيلا.
وَقَالَ اللَّيْث: المَصْرُ: حَلْبٌ بأطراف الْأَصَابِع، السّبابة
والوُسْطى والإبهام وَنَحْو ذَلِك. وناقةٌ مَصُور: إِذا كَانَ لبنُها
بطيءَ الْخُرُوج لَا يُحلَب إلاّ مَصْراً.
والتمصُّر: حَلْبُ بَقايا اللَّبن فِي الضَّرْع بعد الدَّرّ وَصَارَ
مستعمَلاً فِي تتبُّع القِلّة، يَقُولُونَ: تمتصِرُونها. ومَصَّر فلانٌ
غَطاءَه تمصيراً: إِذا فَرّقه قَلِيلا قَلِيلا.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {اهْبِطُواْ مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا
سَأَلْتُمْ} (الْبَقَرَة: 61) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الْأَكْثَر فِي الْقِرَاءَة إثباتُ الْألف
وَفِيه وَجْهَان جائزان: يرادُ بهَا مصرٌ من الْأَمْصَار؛ لأَنهم
كَانُوا فِي تِيهٍ، وَجَائِز أَن يكون أَرَادَ مصرَ بعيْنِها؛ فَجعل
مِصْرَ اسْما للبلد فصَرفَ، لِأَنَّهُ مذكَّر سُمِيَ بِهِ مذكّر. وَمن
قَرَأَ: (مصرَ) بِغَيْر ألفٍ أَرَادَ مِصْرَ بعينِها؛ كَمَا قَالَ:
{ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ اللَّهُءَامِنِينَ} (يُوسُف: 99) وَلم
يُصرَف، لِأَنَّهُ اسْم الْمَدِينَة فَهُوَ مذكَّر سمّيَ بِهِ مؤنث.
وَقَالَ اللّيث: المِصْرُ فِي كَلَام الْعَرَب: كلّ كُورةٍ. تُقام
فِيهَا الحُدود ويُقسَم فِيهَا الفَيْءُ والصدقاتُ من غير مُؤَامَرَة
الْخَلِيفَة، وَكَانَ عمرُ رَضِي الله عَنهُ مَصّر الأمصارَ مِنْهَا
البَصْرة والكوفة. والأمصار عِنْد الْعَرَب تِلْكَ.
قَالَ: ومصر: الكورة الْمَعْرُوفَة لَا تصرف.
وَقَالَ غَيره: الْمصر: الْحَد.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: قيل للكوفة والبَصْرة: المِصْران
لِأَن عُمَر قَالَ: لَا تَجعلوا البحرَ فِيمَا بيني وَبَيْنكُم
مَصِّرُوها، أَي: صيِّروها مِصْراً بَين الْبَحْر وبيني، أَي: حدّاً.
قَالَ: والمِصْرُ: الحاجز بَين الشَّيْئَيْنِ.
وَقَالَ عديّ بن زيد:
وجَعَل الشمسَ مِصْراً لَا خَفاءَ بِهِ
بَين النَّهَار وَبَين الليلِ قد فَصَلاَ
أَي: حدّاً.
وَيُقَال: اشتَرى الدارَ بمُصُورِها، أَي: بحُدودها.
أَبُو عُبَيد: الثِّيابُ المُمَصَّرة: الَّتِي فِيهَا شيءٌ من صُفْرة
لَيست بالكثيرة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ثوبٌ ممصَّر: مصبوغٌ بالعِشْرِق،
وَهُوَ نَباتٌ أحمَرُ طيّبَ الرّائحة، تستعمله العرائس، وأَنشدَ:
مُختلِطاً عِشْرِقُهُ وكُرْكُمُهْ
(12/129)
قَالَ: والمِصْرُ: الحدُّ فِي كلّ شيءٍ.
والمِصْرُ: الحدُّ فِي الْأَرْضين خاصّة.
قَالَ: والمَصْرُ: تَقطُّعُ الغَزْلِ وتَمسُّخُه، امَّصَرَ الغَزْلُ:
إِذا تَمَسَّخه.
قَالَ: والمُمَصَّرَة: كُبّة الغَزْل، وَهِي المُسَفَّرة.
وَقَالَ شمر: قيل: الممصَّرُ من الثِّيَاب: مَا كَانَ مَصْبوغاً
فغُسِل.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: التَّمصير فِي الصَّبغ: أَن يَخرج المصبوغُ
مبقَّعاً لم يَستحكمْ صَبغُه.
قَالَ: والتَّمصر فِي الثِّيَاب: أَن تَتَمشَّق تَخرُّقاً من غير بلَى.
قَالَ: والمَصِيرُ: المِعَى، وجمعُه مُصْران؛ كالغَدِير والغُدْران.
وَقَالَ اللَّيْث: المَصَارين خطأ.
قلتُ: المَصارين جمعُ المُصْران، جمعته الْعَرَب كَذَلِك على توهُّم
النُّون أَنَّهَا أصليّة، وَكَذَلِكَ قَالُوا: قُعُود وقِعْدان، ثمَّ
قَعادِين جمع الْجمع. وَكَذَلِكَ توهَّموا الميمَ فِي المَصير أَنَّهَا
أصليّة فجَمعوها على مُصْران؛ كَمَا قَالُوا لجَماعَة مَصادِ الجَبَل:
مُصْدان.
رصم: أهمله اللَّيْث.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الرَّصَم: الدُّخولُ فِي
الشِّعْب الضيِّق. والصَّرْمُ: الهِجران، فِي مَوْضِعه.
صرم: قَالَ اللَّيْث: الصَّرْمُ: دَخيل. والصَّرْمُ: القطعُ البائنُ
للحبْل والعِذْق، ونحوُ ذَلِك الصِّرام؛ وَقد صَرَمَ العِذْقُ عَن
النَّخْلَة. وأَصرَمَ النخلُ: إِذا حانَ وقتُ صِرَامِه.
والصُّرْمُ: اسمٌ للقطيعة، وفِعلُه الصَّرْم. والمُصَارمَة بَين
الِاثْنَيْنِ.
والصَّرِيمة: إحكامُك أمرا وعَزْمُك عَلَيْهِ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {للهنَآئِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ}
(الْقَلَم: 20) .
قَالَ الفرّاء: (كالصَّريم) ، يُرِيد: اللّيلَ المسوَدَّ، وَنَحْو
ذَلِك قَالَ الزجّاج.
قَالَ: وَقَوله: {حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ} (الْقَلَم: 22) ، إِن
كُنْتُم عازمين على صِرام النّخل.
أَبُو عُبَيد عَن أبي عُبَيْدة: الصَّرِيمُ: الصُّبْح. والصَّرِيمُ:
اللَّيل.
وَقَالَ بِشر فِي الصَّريم بِمَعْنى الصُّبح يصف ثَوْراً:
فباتَ يقولُ أَصْبِحْ لَيْلُ حَتَّى
تَكَشَّفَ عَن صَرِيمته الظَّلاَمُ
قَالَ: وَمن اللَّيْل قولُ الله تَعَالَى: {للهنَآئِمُونَ فَأَصْبَحَتْ
كَالصَّرِيمِ} (الْقَلَم: 20) يَعْنِي احترقتْ فَصَارَت سوداءَ مِثْل
اللّيل.
وَقَالَ الأصمعيّ وَأَبُو عَمْرو فِي قَوْله: تكشَّفَ عَن صَرِيمته،
أَي: عَن رَمْلَته الَّتِي هُوَ فِيهَا، يَعْنِي الثوّر، وَكَذَلِكَ
قَالَ ابْن
(12/130)
الْأَعرَابِي.
وَقَالَ قَتادة فِي قَوْله: {للهنَآئِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ}
، قَالَ: كَأَنَّهَا صُرِمتْ.
وَقيل: الصَّرِيم: أرضٌ سَوْداء لَا تُنبِت شَيْئا.
وَقَالَ شَمِر: الصَّريمُ: اللَّيْل، والصَّرِيمُ: النَّهَار؛ يَنْصَرم
النهارُ من اللّيل، واللّيلُ من النَّهَار.
قَالَ: ويُروى بَيت بشر:
تَكَشَّف عَن صَرِيميه
قَالَ: وصَرِيماه أوّلُه وَآخره.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الصَّرِيمةُ من الرَّمل: قطعةٌ ضخمةٌ تَنْصَرِمُ
عَن سَائِر الرمال، وتُجمع الصَّرائم.
أَبُو عُبيد: الصِّرْم: الفِرْقة من النَّاس لَيْسُوا بالكثير وجمعُه
أصْرام.
وَقَالَ الطِّرِمّاح:
يَا دارُ أقوَتْ بعد اصْرامِها
عَاما وَمَا يُبكيكَ من عامِها
وَقَالَ أَبُو زيد: الصِّرمةُ: مَا بَين الْعشْر إِلَّا الْأَرْبَعين
من الْإِبِل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جَاءَ فلانٌ صَرِيمَ سَحْرٍ: إِذا
جَاءَ بائساً خَائفًا.
وَقَالَ فِي موضعٍ آخر: أَنا من هَذَا الْأَمر صريم سحر، أَي: آيس
مِنْهُ.
اللَّيْث: رجل صارِمٌ، أَي: ماضٍ فِي كلّ أَمر، وَقد صَرُم صرامةً.
قَالَ: وناقةٌ مصرَّمةٌ، وَذَلِكَ أَن يُصَرَّم طُبْيُها فيُقْرَحَ
عَمْداً حَتَّى يَفْسُد الإحليل فَلَا يخرج اللَّبن فيَيْبَس، وَذَلِكَ
أقوى لَهَا.
وَقَالَ نُصير الرَّازِيّ فِيمَا روى عَنهُ أَبُو الْهَيْثَم قَالَ:
ناقةٌ مصرَّمةٌ: هِيَ الَّتِي صَرَمَها الصِّرَارُ فوقَّذَها، وَرُبمَا
صُرِمَتْ عَمْداً لتَسْمَن فتُكْوَى.
قلت: وَمِنْه قولُ عنترة:
لُعِنَتْ بمَحْروم الشَّراب مصرَّمِ
وَيُقَال: أصرَمَ الرجُل إصرَاماً فَهُوَ مُصْرِم: إِذا ساءَتْ حالُه
وَفِيه تماسُك؛ والأصلُ فِيهِ أَنه بقيتْ لَهُ صِرْمة من المَال، أَي:
قِطْعَة.
وسيفٌ صارِمٌ: أَي: قَاطع. وصَرَامِ: من أَسمَاء الْحَرْب.
قَالَ الكُمَيت:
جَرَّدَ السيفَ تَارَتين من الدَّهرِ
على حينَ دَرَّةٍ من صَرامِ
وَقَالَ الجعْدِيّ:
أَلا أبلغْ بني شيبانَ عنِّي
فقد حَلبتْ صَرامُ لكم صَراهَا
وصَرامُ من أَسمَاء الْحَرْب، وَفِي (الْأَلْفَاظ) لِابْنِ السكّيت:
صُرامُ: داهية، وَأنْشد:
على حِين دَرّةٍ من صُرامِ
والصَّرْماءُ: الفَلاةُ من الأَرْض، وَقَالَ:
(12/131)
على صَرْماءَ فِيهَا أصْرَماها
وخِرِّيتُ الفَلاةِ بهَا مَليل
قَالَ ابْن السكّيت: الأصرَمان: الذِّئْب والغُراب، لأنّهما انصَرَما
من النّاس، أَي: انقطعا.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: فلانٌ يأكُل الصَّيْرَم فِي الْيَوْم
واللّيلة: إِذا كَانَ يأكلُ الوَجْبَة.
قَالَ أَبُو عُبَيدة: هِيَ الصَّيْلَم أَيْضا وَهِي الجَرْزَم،
وَأنْشد:
وَإِن تُصِبْكَ صَيْلَمُ الصَّيالِم
لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ فعيْشُ ناعِمِ
وَقَالَ اللّحياني: هِيَ أَكلَةٌ عِنْد الضُّحى إِلَى مِثلها من
الْغَد.
وَفِي الحَدِيث: (فِي هَذِه الْأمة خَمْسُ فِتَن، قد مَضَتْ أربعٌ،
وَبقيت واحدةٌ وَهِي الصَّيْرَم) ، وَكَأَنَّهَا بِمَنْزِلَة
الصَّيْلَم، وَهِي الَّتِي تستأصل كلَّ شَيْء.
عَمْرو عَن أَبِيه: الصَّرُومُ: الناقةُ الَّتِي لَا تَرِدُ النَّضِيحَ
حَتَّى يَخْلُو لَهَا.
تَنصرِم عَن الْإِبِل، وَيُقَال لَهَا: القَذُور والكَنُوف،
والعَضَادُ، والصَّدُوف، والآزِيَة.
وَقَالَ غيرُه: الصَّيْرَم: الرأيُ المُحكَم. والصَّرِيمة:
الْعَزِيمَة.
يُقَال: فلانٌ ماضِي الصَّريمة، أَي: الْعَزِيمَة.
وأخبرَني المنذريُّ عَن المفضَّل عَن أَبِيه: صَرَم شَهْراً، بِمَعْنى
مكث. وَالله أعلم. |