تهذيب اللغة

هَذِه أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف السِّين

(أهملت السِّين مَعَ الزَّاي فَلم تأتلفا)
(بَاب السِّين مَعَ الطَّاء)
س ط (وَا يء)
سَطَا سَوط طوس طسأ وسط وطس طيس: (مستعملة) .
سَوط: يُقَال: ساطَ دابّتَه: إِذا ضرَبَه بالسَّوط يَسُوطُه.
وَقَالَ الشَّاعِر يصف فرسا:
فصوَّبْتُه كأنّه صَوْبُ غَيْبَةٍ
على الأَمْعَزِ الضّاحي إِذا سيطَ أَحْضَرَا
قَالَه الشماخ يصف فرسه. وصوَّبْتُه: أَي حملتُه على الحُضْر فِي صَبَبٍ من الأَرْض. والصَّوْب: المَطَر.
والغبية الدفعة مِنْهُ.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {الْفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ} (الْفجْر: 13) ، هَذِه كلمةٌ تقولُها الْعَرَب لكلّ نوع من الْعَذَاب تُدخِل فِيهِ السَّوْطَ، جَرَى بِهِ الكلامُ والمَثَل، ونرَى أَن السَّوط من عَذابهم الَّذِي يعذّبون بِهِ؛ فَجَرى لكلّ عَذاب إِذا كَانَ فِيهِ عندَهم غايةُ الْعَذَاب.
وَقَالَ اللّيث وغيرُه: السَّوْطُ: خَلْطُ الشَّيْء بعضُه بِبَعْض. والمِسْوَط الّذي يُسَاطُ بِهِ، وَإِذا خَلَّطَ إنسانٌ فِي أمره قيل: سَوَّطَ أَمْرَه تَسْويطاً؛ وأَنشَد:
فُسْطها ذَمِيمَ الرّأي غيرَ موفَّقٍ
فلستَ عَلَى تسويطِها بِمُعَانِ
وَقَالَ غيرُه: سُمِّيَ السَّوْطُ سَوْطاً لأنّه إِذا سِيطَ بِهِ إنسانٌ أَو دابَّةٌ خُلِطَ الدَّمُ باللّحم. وسَاطَه، أَي: خَلَطه.
الحرَّاني عَن ابْن السكّيت: يُقَال: أموالُهم سَوِيطةٌ بينَهم، أَي: مختلِطَة.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّوَيْطاءُ: مَرَقةٌ كثير ماؤُها وتمْرُها.
سَطَا: قَالَ ابْن شُمَيل: الأيدِي السَّواطِي، الَّتِي تَتناوَلُ الشَّيْء. وأنشَد:
تَلَذُّ بِأَخْذِها الأيْدِي السَّواطِي
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله تَعَالَى: {يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْءَايَاتُنَا}

(13/19)


(الْحَج: 72) ، يَعْنِي مُشْرِكي أهل مكّة، كَانُوا إِذا سَمِعوا الرجلَ من الْمُسلمين يَتْلُو القرآنَ كادُوا يَبْطشون بِهِ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو زيد.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: فلانٌ يَسْطو عَلَى فلَان، أَي: يَتَطاول عَلَيْهِ. وأميرٌ ذُو سَطْوَة: ذُو شَتْم وظُلْم وضَرْب.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: السَّاطي من الخَيل: البَعيد الشَّحْوَةِ وَهِي الخَطْوة، وَقد سَطَا يَسْطو سَطْواً، وَقَالَ رؤبة:
غَمْرَ اليَدَيْنِ بِالجِراءِ سَاطِي
وَقَالَ اللّيث: السَّطْوُ: شِدَّة البَطْش، وَإِنَّمَا سُمّي الفرسُ ساطياً لأنّه يَسْطُو عَلَى سَائِر الْخَيل، ويقومُ عَلَى رِجْليه ويَسْطو بيدَيْهِ. قَالَ: والفَحْلُ يَسْطو عَلَى طَروقَتِه.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: السَّطْوُ: أَن يُدخِل الرجلُ اليَدَ فِي الرَّحِم فيَسْتَخْرِجَ الوَلَد. والمَسْطُ: أَن يُدخِل اليدَ فِي الرّحم فيستخرِجَ الوَثْرَ، وَهُوَ ماءُ الفَحْل، وَقَالَ رؤبة:
إنْ كنتَ من أَمْرِكَ فِي مَسْماسِ
فاسْط عَلَى أُمِّكَ سَطْوَ الماسِي
قَالَ اللّيث وَقد يُسْطَى عَلَى الْمَرْأَة إِذا نَشَبَ ولدُها فِي بطنِهَا ميِّتاً فيُسْتخرَج مِنْهَا.
ورُوِي عَن بعض الفُقَهاء أنّه قَالَ: لَا بأسَ بأَن يَسْطُوَ الرجلُ على الْمَرْأَة إِذا خِيفَ عَلَيْهَا، وَلم تُوجَد امرأةٌ تتولّى ذَلِك. وَيُقَال: اتّقِ سَطْوَتَه، أَي: أَخْذَتَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: ساطَى فلانٌ فلَانا: إِذا شَدَّدَ عَلَيْهِ. وساطاه: إِذا رَفَقَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: سَطَأَ الرجلُ الْمَرْأَة وشَطَأَها: إِذا وَطِئَها، رَوَاهُ أَبُو تُرَاب عَنهُ.
ابْن الْأَعرَابِي: سَطَا عَلَى الْحَامِل وساطَ، مَقْلُوبٌ: إِذا أَخْرَجَ وَلَدَها.
طوس: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الطَّوْسُ: القَمَر، والطُّوْس: دَواءُ الْمَشِيِّ.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال للشَّيءِ الحَسَن: إنّهُ لَمُطَوَّس، وَقَالَ رؤبة:
أَزْمانَ ذاتِ الغَبْغَب المُطَوَّسِ
قَالَ: والطّاوُوس: طائرٌ حَسَن، ووَجْهٌ مُطَوَّسٌ حَسَن، وَقَالَ أَبُو صَخْر الهُذَلِيّ:
إذْ تَسْتَبِي قَلْبِي بذِي عُذَرٍ
ضَافٍ يَمُجُّ المِسْكَ كالْكَرْمِ
ومُطَوَّسٍ سَهْلٍ مدامعه
لَا شاحبٍ عارٍ وَلَا جَهْمِ
وَقَالَ المؤرِّج: الطَّاؤُوسُ فِي كَلَام أهلِ الشَّام: الجميلُ من الرّجال، وأنشَد:
فَلَو كنتَ طاؤُوساً لكنتَ مُمَلَّكاً
رُعَيْنُ ولكنْ أنتَ لأْمٌ هَبَنْقَعُ
قَالَ: والَّلأْم: اللَّئِيم. ورُعَين اسْم رجُل.
قَالَ: والطاءُوس: الأرضُ المخضرَّة الَّتِي عَلَيْهَا كلُّ ضَرْب من الوَرْد أيامَ الرّبيع.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: طاسَ يَطوسُ طَوْساً: إِذا حَسُن وَجْهُه ونَضَر بعد عِلّة، وَهُوَ مَأْخُوذ

(13/20)


من الطَّوْس وَهُوَ القَمَر. وطاس الشيءُ يَطِيس طَيْساً: إِذا كَثُر.
أَبُو تُرَاب عَن الْأَشْجَعِيّ: يُقَال: مَا أَدْرِي أينَ طَمَسَ وَأَيْنَ طَوَّس، أَي: أَيْن ذَهَب.
وسط: قَالَ الله جلّ وَعز: {وَكَذَالِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (الْبَقَرَة: 143) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: {أُمَّةً وَسَطًا} قَولَانِ، قَالَ بَعضهم: وَسَطاً عَدْلاً. وَقَالَ بَعضهم: خياراً، واللفظان مُخْتَلِفَانِ وَالْمعْنَى وَاحِد، لِأَن العَدْل خيْر، والخيْر عدل.
وَقيل فِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ من أوْسَط قومه، أَي: من خِيارهم. والعرَب تَصِف الفاضلَ النَّسَبِ بِأَنَّهُ من أَوْسط قومه، وَهَذَا يَعرِف حقيقتَه أهلُ اللُّغَة، لِأَن العرَب تَستعمل التَّمثيل كثيرا، فتُمثِّل القبيلةَ بالوادي، والقاع، وَمَا أشبهَه، فخيْرُ الْوَادي وَسَطُه، فَيُقَال: هَذَا من وَسط قومِه، وَمن وَسط الْوَادي، وسرَر الْوَادي، وسَرارَتِه، وسِرّه، وَمَعْنَاهُ كلُّه من خيرِ مَكَان فِيهِ، فَكَذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من خير مكانٍ فِي نَسَب الْعَرَب، وَكَذَلِكَ جُعِلتْ أُمّتُه أمّةً وَسَطاً، أَي: خِياراً.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: الفَرْق بَين الوَسْط والوَسَط: أَن مَا كَانَ يَبِينُ جُزء من جُزْء فَهُوَ وَسْط، مِثل الحَلْقة من النَّاس، والسُّبْحة والعِقْد.
قَالَ: وَمَا كَانَ مُصْمَتاً لَا يَبين جزءٌ من جُزْء فَهُوَ وَسَط، مثل وَسَط الدَّار والراحةِ والبُقعة وَقد جَاءَ فِي (وَسط) التسكين.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَسْط مخفّفاً يكون موضعا للشَّيْء، كَقَوْلِك: زيدٌ وَسْط الدَّار. وَإِذا نصبتَ السينَ صَار اسْما لما بَين طَرَفَيْ كلِّ شَيْء.
وَقَالَ المبرِّد: تَقول: وَسَط رأسِك دُهْنٌ يَا فَتَى، لِأَنَّك أخبرتَ أَنه استقرّ فِي ذَلِك الْموضع فأَسْكنْت السِّين ونصبْت لِأَنَّهُ ظرف. وَتقول: وَسَط رأْسِك صُلْب لِأَنَّهُ اسمٌ غيرُ ظَرْف.
وَتقول: ضربتُ وَسَطه لِأَنَّهُ الْمَفْعُول بِهِ بِعَيْنِه، وَتقول: حَفَرْت وسَط الدَّار بِئْرا: إِذا جعلتَ الوَسَط كلَّه بِئْرا، كَقَوْلِك: خرّبت وَسَطُ الدَّار، وكلُّ مَا كَانَ مَعَه حرْفُ خَفْض فقد خرج عَن معنى الظّرْف وَصَارَ اسْما، كَقَوْلِك: سِرْتُ من وَسَط الدَّار، لِأَن الضَّمِير ل (من) وَتقول: قمتُ فِي وَسَط الدَّار، كَمَا تَقول فِي حاجةِ زَيد، فتحرِّك السِّين من وسَط، لِأَنَّهُ هَهُنَا لَيْسَ بظرف.
سَلَمة عَن الفرّاء: أوسَطْتُ القومَ ووَسَطْتهم، وتوسْطتهم بِمَعْنى وَاحِد إِذا دخلت وَسطَهم.
قَالَ الله تَعَالَى: { (نَقْعاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً} (العاديات: 5) .
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: وَسَط فلانٌ جمَاعَة من النَّاس وَهُوَ يَسِطهم: إِذا صَار وَسْطَهم. قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّي واسطُ الرَّحْل

(13/21)


واسطاً لِأَنَّهُ وَسَطٌ بَين الآخرَة والقادِمة، وَكَذَلِكَ وَاسِطَة القِلادة، وَهِي الْجَوْهَرَة الَّتِي تكون فِي وَسَط الكِرْس المنظوم.
قلتُ: أَخطَأ اللَّيْث فِي تَفْسِير واسِطِ الرَّحْل وَلم يُثْبته، وَإِنَّمَا يَعرف هَذَا مَن شَاهد العرَب ومارس شَدَّ الرِّحال على الرَّواحل، فَأَما من يفسِّر كلامَ العرَب على قِياساتِ خواطرِ الوهْم فَإِن خطأَه يكثُر.
قلتُ: وللرَّحْل شَرْخان: وهما طَرَفاه مِثل قَرَبوس السَّرْج، فالطَّرَف الَّذِي يَلِي ذَنَب البعيرِ آخرَةُ الرَّحْل ومُؤخرته، والطرفُ الَّذِي يَلِي رَأس البعيرِ واسِطُ الرَّحْل بِلَا هَاء، وَلم يُسمَّ واسطاً لِأَنَّهُ وَسَطٌ بَين الْآخِرَة والقادمة كَمَا قَالَ اللَّيْث، وَلَا قادمةَ للرَّحْل بَتَّةً، إِنَّمَا القادمة الواحدةُ من قَوادِم الريش، ويَضرَع النَّاقة قادِمان وآخِران بِغَيْر هَاء، وكلامُ العرَب يُدَوَّن فِي الصُّحف من حَيْثُ يصحّ، إِمَّا أَن يُؤْخَذ عَن إمامٍ ثقةٍ عرَفَ كَلَام الْعَرَب وشاهَدهم، أَو يُتلقَّى عَن مُؤَدَ ثِقَة يَروِي عَن الثِّقات المقبولين، فَأَما عباراتُ من لَا معرفَة لَهُ وَلَا مُشاهَدة فَإِنَّهُ يفسِد الكلامَ ويُزيله عَن صيغته.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي بَاب الرِّحال: وَفِي الرَّحْل واسطه وآخرته ومَوْرِكُه، فواسطُه مقدَّمُه الطَّوِيل الَّذِي يلِي صدرَ الرَّاكِب، وَأما آخرَته فمؤْخِرتُه وَهِي خشبتُه العريضة الطَّوِيلَة الّتي تُحاذِي برأسِ الرَّاكِب.
قَالَ: والآخِرة والوَاسطُ: الشَّرْخان، يُقَال: رَكِب بَين شَرْخَيْ رَحْلِه.
قلتُ: فَهَذَا الّذي وصَفَه النَّضْر صحيحٌ كلُّه لَا شكّ فِيهِ، وَأما واسِطةُ القِلادة: فَهِيَ الْجَوْهَرَة الفاخرة الّتي تُجعَل فِي وَسَطها.
وَقَالَ اللّيث: فلانٌ وَسِيطُ الدّار والحَسَب فِي قومِه، وَقد وَسُط وَساطَةً وسِطَة ووسَّطه توسيطاً.
وأَنشدَ:
وسّطْتُ من حَنْظلةَ الأُصْطُمّا
طيس: قَالَ اللّيث: الطَّيْس: العَدَد الْكثير.
وَقَالَ رؤبة:
عَدَدْتُ قومِي كعَدِيد الطَّيْسِ
إذْ ذَهَبَ القومُ الكِرامُ لَيْسيِ
أَرَادَ: بقوله ليسي، أَي: غَيْرِي. قَالَ: وَاخْتلفُوا فِي تَفْسِير الطَّيْس، فَقَالَ بَعضهم: كلُّ من على ظهرِ الأرضِ من الْأَنَام فهوَ من الطَّيْس. وَقَالَ بعضٌ: بل كلُّ خَلْق كثير النَّسْل، نَحْو: النَّمل والذُّباب والهَوام.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: طاسَ يَطيسُ طَيْساً: إِذا كَثُر. وحِنْطة طَيْسٌ كَثِيرَة.
طسأ: أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: إِذا غَلَب الدَّسَم على قَلْب الْآكِل فاتَّخَم قيل: طَسِىءَ يَطْسَأ طَسْاً وطَنِخَ يطنخ طَنْخاً.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: طَسِئتْ نفسُه فَهِيَ طاسئةٌ: إِذا تغيّرتْ من أَكْل الدَّسَم فرأيته متكرِّهاً لذَلِك، يُهمَز وَلَا يُهمَزُ.

(13/22)


وَقَالَ أَبُو زيد: طَسِئْتُ طسْئاً: إِذا اتخَمْتَ عَن دَسَم.
وطس: أَبُو عبيد: الوَطيسُ: شيءٌ مِثْل التَّنُّور يُختَبز فِيهِ؛ يُشبَّه حَرُّ الحَرْب بِهِ.
وَقَالَ الأصمعيّ: الوَطِيس: حجارةٌ مدَوَّرة، فَإِذا حَمِيتْ لم يُمكن أحدا الوطْءُ عَلَيْهَا، يُضرَب مَثلاً للأمْر إِذا اشتَدّ، فيقَال: حَمِي الوَطِيس.
وَقَالَ اليماميّ: يُقَال: طِسِ الشيءَ، أَي: أَحْمِ الحجارةَ وضَعْها عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الوَطِيس: الضِّراب فِي الْحَرْب، وَمِنْه قولُ عليّ عَلَيْهِ السَّلَام: الْآن حَمِيَ الوَطيس: أَي: حَمِيَ الضِّراب وجَدّتِ الحَرْب، قَالَ: وقولُ النّاس: الوَطيس: التّنّورُ، بَاطِل.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْلهم: (حمي الْوَطِيس) هُوَ الْوَطْء الَّذِي يطس النَّاس، أَي: يدقهم ويقتلهم. وأصل الوطس: الْوَطْء من الْخَيل وَالْإِبِل.
ويروى أَن النَّبِي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَسلم رفعت لَهُ يَوْم مُؤتة فَرَأى معترك الْقَوْم فَقَالَ: (حمي الْوَطِيس) .
وَقَالَ أَبُو عُبيد: وطَسْتُ الشيءَ ووهَصْتهُ ووَقَصْتهُ: إِذا كسرتَه.
وَأنْشد:
تَطِسُ الأَكامُ بِذَات خُفَ مِيثَمِ
وَقَالَ زيد بن كُثْوَة: الوَطِيس يحتفر فِي الأَرْض ويصَغَّر رأسُه، ويُخرَق فِيهِ خَرْقٌ للدخَّان، ثمَّ يُوقَد فِيهِ حَتَّى يَحمَى، ثمَّ يوضَع فِيهِ اللَّحم ويُسَدّ، ثمَّ يُؤتَى من الغَدِ واللَّحمُ غابٌّ لم يَحترِق.
وروى ابْن هانىء عَن الْأَخْفَش نَحوه.

(بَاب السِّين وَالدَّال)
س د (وَا يء)
سود سأد دوس دسا ودس وسد سدا أَسد: (مستعملة) .
سود: قَالَ اللَّيْث: السَّوْدُ: سَفْحٌ مستوٍ بِالْأَرْضِ كثير الْحِجَارَة خَشْنُها، وَالْغَالِب عَلَيْهَا لونُ السّواد، والقِطعة مِنْهَا سَوْدَة وقَلَّما يكون إلاّ عِنْد جَبَل فِيهِ مَعدِن، والجميع الأسْواد.
قَالَ: والسِّوادُ: نقيضُ البَياض. والسَّوادُ: السِّرار.
وَفِي حَدِيث ابْن مسعودٍ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: (أُذُنُك على أَن يُرفَع الحجابَ وتَسمَع سِوادِي حَتَّى أَنهاكَ) .
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: السِّواد: السِّرار، يُقَال مِنْهُ: سَاوَدْتُه مساوَدَةً وسِواداً: إِذا سارَرْتَه. قَالَ: وَلم يعرِفْها برَفْع السِّين سُواد.
قَالَ أَبُو عُبَيد: ويجوزُ الرّفع، وَهُوَ بمنزلةِ جِوارٍ وجُوارٍ، فالجِوارُ المَصْدَر، والجُوار الِاسْم.
قَالَ: وَقَالَ الْأَحْمَر: هُوَ من إدْناءِ سَوادِكَ

(13/23)


من سَواده، وَهُوَ الشّخص.
قَالَ أَبُو عُبيد: فَهَذَا من السِّرار، لِأَن السِّرار لَا يكون إِلَّا من إدْناءِ السَّواد من السّواد، وأنشدنا الْأَحْمَر:
مَنْ يَكُنْ فِي السِّوادِ والدّدِ
والإعْرامِ زِيراً فإنني غيرُ زِيرِ
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: فِي قَوْلهم: لَا يُزايل سوَادِي بياضك.
قَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ: لَا يزايل شخصي شخصك. السوادُ عِنْد الْعَرَب: الشَّخْص وَكَذَلِكَ الْبيَاض.
وَفِي حديثِ سَلْمانَ الفارسيّ حِين دخل عَلَيْهِ سعد يعودُه فجَعَل يَبكي، فَقَالَ لَهُ: مَا يُبكِيك؟ فَقَالَ: عَهِدَ إِلَيْنَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليَكْفِ أحدَكُم مثلُ زَاد الرَّاكِب، وَهَذِه الأساوِدُ حَوْلي. قَالَ: وَمَا حَوْلَه إلاّ مِطْهَرة وإجَّلنةٌ أَو جَفْنَة.
قَالَ أَبُو عُبَيد: أَرَادَ بالأساوِد الشخوصَ من المَتاع، وكلُّ شَخْص: مَتَاعٌ من سَوَادٍ أَو إنسانٍ أَو غَيره. وَمِنْه الحَدِيث: (إِذا رأى أحدُكم سَوَاداً باللّيل فَلَا يكن أجبَنَ السَّوادَين فَإِنَّهُ يَخافُك كَمَا تخَافُه) ، قَالَ: وجَمْعُ السَّوادِ أسوِدَة ثمَّ الأساوِد جمع الْجمع، وَأنْشد:
تَناهَيْتُم عَنَّا وَقد كَانَ فيكُم
أَساوِدُ صَرْعَى لم يُوَسَّدْ قَتِيلُها
وَقَول النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين ذَكَر الفِتَن: (لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَساوِدَ صُبّاً يَضرِبُ بعضُكم رقابَ بعض) .
قَالَ ابْن عُيينة: قَالَ الزُّهْريّ: وَهُوَ رَوَى الحديثَ: الأساوِدُ: الحيّات، يَقُول: ينصَبُّ بالسَّيْف على رَأس صاحِبه كَمَا تَفعَل الحيَّة إِذا ارتفعتْ فلسَعتْ من فوقُ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الأَسْوَد: العظيمُ مِن الحيّات وَفِيه سَواد. وَإِنَّمَا قيل لَهُ أسوَد سالِخٌ لأنّه يَسلُخ جِلدَه فِي كلّ عامٍ. وأمَّا الأَرقَم فَهُوَ الّذي فِيهِ سوادٌ وبَياض. وذوا الطُّفْيَتَيْن: الّذي لَهُ خَطَّان أسوَدان.
وَقَالَ شَمِر: الْأسود: أخبَثُ الحيَّات وأعظَمُها وأمكَرُها، وَلَيْسَ شيءٌ من الحيّات أَجْرَأ منهُ، وَرُبمَا عَارض الرُّفْقَة وتَبِع الصَّوتَ، وَهُوَ الَّذِي يَطلُب بالذَّحْل ولاَ يَنْجو سَلِيمُه، والجميع: الأَساود. يُقَال: هَذَا أسوَدُ غيرُ مُجرًى.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَرَادَ بقوله: (لتعودُنَّ أساوِدَ صُبّاً) يَعْنِي جماعاتٍ، وَهِي جمعُ سَوَادٍ من النَّاس أَي جَمَاعةٍ، ثمَّ أسوِدَة ثمّ أساوِد جمعُ الجَمْع. وَيُقَال: رأيتُ سَوادَ القَوْم، أَي: مُعظَمَهم، وسَوادُ العَسْكر: مَا يَشتَمِل عَلَيْهِ من المَضارِب والآلات والدّوابّ وَغيرها. أَو يُقَال: مَرَّت بِنَا أسوِدَاتٌ من النَّاس وأساوِدُ: أَي: جماعات. والسَّواد الأعظَم من النّاس: هم الجُمْهور الأَعظَم، والعَدَد الْأَكْثَر من الْمُسلمين الَّتِي تجمعت على طَاعَة الإِمَام وَهُوَ السُّلْطَان. قَالَ شمر: وَرُوِيَ عَن

(13/24)


النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أَمر بقتل الأسوَدين فِي الصَّلَاة. أَرَادَ بالأسوَدين: الْحَيَّة وَالْعَقْرَب. والأسودان أَيْضا: التَّمْر وَالْمَاء.
وَقَالَ أَبُو مَالك: السَّواد: المالُ. والسَّوادُ: الحَدِيث. والسَّوادُ: صُفْرَة فِي اللّون، وخُضْرة فِي الظُّفْر تُصيبُ القومَ من المَاء الملْح؛ وأَنشدَ:
فَإِن أَنْتُمو لم تَثْأَرُوا وتُسَوِّدُوا
فكونوا بَغَايا فِي الأكُفِّ عِيابها
يَعْنِي: عَيْبَة الثِّيَاب، قَالَ: تُسِّودوا: تَقْتُلوا.
وَقَالَ اللّيث: السُّودَد: مَعْرُوف. والمَسُود: الّذي سادَه غيرُه. والمسوَّد: السيّد. قَالَ: والسُّودُدُ بِضَم الدَّال الأولى: لغةُ طيّء.
قَالَ: والسُّودانية: طائرٌ من الطّير الّتي تَأْكُل العِنَب والجَراد، وبعضُهم يسمِّيها السُّوادِيّة. وسَوَّدْتُ الشيءَ: إِذا غيَّرْتَ بياضَه سَواداً. وساوَدْتُ فلَانا فسُدته: أَي: غَلَبْتُه بالسَّواد. أَو: السؤدد. وسِوِدْتُ أَنا: إِذا اسودّ وأَنشد:
سَوِدْتُ فَلم أَمْلِكْ سوَادِي وتحتَه
قميصٌ من القُوهِي بِيضٌ بَنائقُهْ
قلتُ: وأنشدِنيهِ أعرابيٌّ لعنترة يصف نَفسه بِأَنَّهُ أَبيض الْخلق، وَإِن كَانَ أَسْود الجِلد:
عَلَيَّ قميصٌ من سَوَادٍ وتحتَه
قميصُ بياضٍ لمْ تُخَيَّطْ بَنَائِقُه
وَقَالَ: أَرَادَ بقميصِ بياضٍ قلبَه، وَكَانَ عنترةُ أسوَدَ اللَّون.
ورُوِي عَن عائشةَ أنّها قَالَت: لقد رأيتُنَا وَمَا لنا طَعامٌ إِلَّا الأَسْوَدَان.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ والأحمرُ: الأَسْوَدان: الماءُ والتَّمر، وَإِنَّمَا السَّوَاد للتَّمْر دونَ الماءِ فَنَعَتَهُمَا جَمِيعًا بنعتٍ وَاحِد، والعَرَب تَفعل ذَلِك فِي الشَّيْئَيْنِ يصْطَحِبَانِ يسمَّيان مَعًا بِالِاسْمِ الأشهَر مِنْهُمَا، كَمَا قَالُوا: العُمَران لأبي بَكْرٍ وعُمَر.
وَقَالَ أَبُو زيد: الأَسْوَدان: التّمْرُ وَالْمَاء.
قَالَ طَرَفة:
أَلا إِنَّنِي سُقِّيتُ أَسوَدَ حالِكاً
أَلا بَجَلِي من الشَّرابِ أَلا بَجَلْ
قَالَ: أَراد الماءَ.
وَقَالَ شمر: قَالَ غيرُه: أَرَادَ سُقِيتُ سُمَّ أسوَدَ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: العَرَب تَقول: مَا ذُقْتُ عندَه من سُوَيْدٍ قَطْرَةً، وَهُوَ زَعَمُوا الماءُ نفسُه، وأَنشَد بيتَ طَرفَة أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّوَيْدَاء: حَبَّةُ الشُّونِيز.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: الصَّوَاب الشينيز، كَذَلِك تَقول الْعَرَب. وَقَالَ بَعضهم: عَنى بِهِ الْحبَّة الخضراء لِأَن الْعَرَب تسمي الْأسود أَخْضَر والأخضر أَسود، قَالَ: وَيُقَال: رَمَيْتُه فأَصَبْتُ سَوَادَ قلبِه، وَإِذا صَغَّرَوه رُدَّ إِلى سُوَيْدَاء، وَلَا يَقُولُونَ:

(13/25)


سَوْداء قلبِه، كَمَا يَقُولُونَ: حَلَّق الطائرُ فِي كَبِد السَّمَاء، وَفِي كُبَيْدَاءِ السّماء.
قَالَ: والسَّواد مَا حَوالَي الكُوفة من القُرَى والرَّساتيق، وَقد يُقَال: كُورةُ كَذَا وَكَذَا وسَوادُها: أَي: مَا حَوالَيْ قَصَبَتِهَا وفُسْطَاطِهَا من قُراها ورَسَاتِيقِها.
وَقَالَ غيرُه: يُقَال: رَمَى فلانٌ بسَهْمِه الأَسوَد وسهمِه المُدَمِّي، وَهُوَ سَهْمُه الَّذِي رَمَى بِهِ فَأصَاب الرَّمِيَّة حَتَّى اسودَّ من الدَّم، وهم يتبرَّكون بِهِ، وَقَالَ الشَّاعِر:
قَالَت خُلَيْدَةُ لما جِئْتُ زَائِرَها
هَلاَّ رَمَيْتَ ببَعْض الأسهُم السُّودِ
قَالَ بَعضهم: أرادَ بالأسهم السود هَهُنَا النُّشَّابَ، وَقيل: هِيَ سِهَام القَنَا.
وَقَالَ أَبُو سَعيد: الّذي صَحَّ عِنْدِي فِي هَذَا أَن الجَمُوحَ أَخَا بَنِي ظَفَر بَيَّتَ بَنِي لِحْيَان فهُزِم أصحابُه وَفِي كِنانتِه نَبْلٌ مُعْلَم بِسَواد، فَقَالَت لَهُ امرأتُه: أَيْن النَّبْل الّذي كنتَ تَرْمِي بِهِ؟ فَقَالَ هَذَا الْبَيْت: قَالَت خُلَيْدَة.
والعَرَب تَقول: إِذا كَثُرَ البيَاض قَلَّ السّواد، يَعْنُون بالبياض اللبَن، وبالسّواد: التَّمْر، وكلُّ عامٍ يَكْثُر فِيهِ الرِّسْل يَقِلُّ فِيهِ التَّمْر.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: اِسْتَادَ القومُ استياداً: إِذا قَتَلُوا سيِّدَهم أَو خَطَبوا إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: استادَ فلانٌ فِي بَنِي فلانٍ: إِذا تزوَّج سيِّدةً من عَقائلهم، وأَنشدَ:
أرادَ ابنُ كُوزٍ مِن سَفاهةِ رَأْيِهِ
ليَسْتَادَ مِنَّا أَنْ شَتَوْنَا لَيالِيَا
أَي: أَرَادَ أَن يتزوَّج منّا سيّدةً لِأَن أصابتْنا سَنَة.
وقولُه جلّ وعزّ: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} (آل عمرَان: 39) ، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: السّيّد الَّذِي يَفوق فِي الخيرِ قومَه. وَأما قولُه جلّ وعزّ: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} (يُوسُف: 25) ، فَمعْناه: أَلْفَيَا زَوْجَها، يُقَال: هُوَ سيِّدُها وبَعْلُها، أَي: زَوْجُها.
وَقَالَ عُمَرُ بنُ الخطَّاب: تفقَّهوا من قبل أَن تسوَّدوا. قَالَ شمر: مَعْنَاهُ: تعلَّموا الفِقْهَ قبل أَن تزَوَّجوا فتصِيرُوا أَرْبَابَ بُيوت. قَالَ: وَيُقَال: استادَ الرّجلُ فِي بَنِي فلَان: إِذا تزَوَّج فيهم، وأنشَد بيتَ الْأَعْشَى:
فبِتُّ الْخليفةَ من بَعلِها
وسيِّدَ نُعْمٍ ومُسْتادَها
وَهُوَ سيِّدُ الْمَرْأَة: أَي زَوْجها، والعَيْر: سَيِّد عانَتِه.
وَقَالَ ابنُ شُمَيل: السَّيِّدُ: الّذي فاقَ غيرَه، ذُو العَقْل والمالِ والدَّفْع والنَّفْع، الْمُعطِي مالَه فِي حُقُوقه، المُعين بِنَفسِهِ، فَذَلِك السّيّد.
وَقَالَ عِكْرِمة: السّيِّد الّذي لَا يَغْلِبُه غَضبُه. وَقَالَ قتادَة: هُوَ العابِدُ الوَرِع الحَليم.
وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: سُمّيَ سيِّداً لأنّه يَسودَ سوادَ النَّاس، أَي: مُعْظَمَهم.

(13/26)


ثَعْلَب عَن أبي نصرٍ عَن الأصمعيّ: العَرَب تَقول: السيّد كلُّ مَقْهُور مَغْمور بِحلْمِه.
وَقَالَ ابنُ الْأَنْبَارِي: إِن قَالَ قَائِل: كَيفَ سمّى الله يحيى سيداً وحَصُوراً، والسيِّدُ هُوَ الله، إِذْ كَانَ مَالك الْخلق أَجْمَعِينَ، وَلَا مَالك لَهُم سواهُ؟ قيل: لم يرد بالسَّيِّد هَهُنَا الْمَالِك، وَإِنَّمَا أَرَادَ الرئيس وَالْإِمَام.
قَالَ ثَعْلَب: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المسَوَّدُ: أَن تُؤْخَذ الْمُصْران فتُفْصَد فِيهَا الناقةُ ويُشَدُّ رأْسُها وتُشْوَى وتُؤكَلُ. وأَسوَد: اسمُ جَبَل. وأَسوَدَة: اسمُ جَبَل آخر. وَيُقَال: أتانِي النَّاس أَسوَدُهم وأحْمَرُهم، أَي: عَرَبُهم وعَجَمُهم. وَيُقَال: كلَّمتُه فَمَا رَدَّ عَلَيّ سوْدَاءَ وَلَا بَيْضَاء، أَي: مَا ردَّ عَلَيّ شَيْئا.
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: سوَّدْتُ الإبلَ تَسْوِيداً: وَهُوَ أَن يَدُقَّ الْمِسْح البالِي من شعر فيُداوِي بِهِ أدبارَها، وَهُوَ جمعُ الدَّبَر.
سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ: السيّد: المَلِكُ. والسّيّد: الرئيسُ. والسيّد: الحليمُ. والسَّيّد: السَّخِيّ. والسيّد: الزَّوْج.
وَمن أمثالِهم: قَالَ لي الشَّرُ أَقمِمْ سوَادَك، أَي: اصبِر. وأمُّ سُوَيد: هِيَ الطَّبيجة.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا رأيتُم الاختلافَ فَعَلَيْكُم بالسَّواد الْأَعْظَم) . قيل: السَّواد الْأَعْظَم: جُملةُ النَّاس الّتي اجتمعتْ على طاعةِ السُّلْطَان، وبخَصَتْ لَهُ، برّاً كَانَ أَو فَاجِرًا، مَا أَقامَ الصّلاة.
رُوِي ذَلِك عَن أَنَس؛ قيل لَهُ: أَيْن الْجَمَاعَة؟ قَالَ: مَعَ أمرائكم.
وَفِي الحَدِيث: أنّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُتِي بكَبْش يَطأُ فِي سَوادٍ ويَنظُر فِي سَوَاد ويَبرُك فِي سَوَاد ليضحِّيَ بِهِ.
قولُه: (يَنظُر فِي سَوَاد) أَرَادَ أَن حَدَقَتَه سَوداء؛ لِأَن إنسانَ العينِ فِيهَا.
وَقَالَ كُثَير:
وعَن نَجلاءَ تَدمَع فِي بَيَاضٍ
إِذا دَمَعتْ وتَنْظُر فِي سَوادِ
قَوْله: (تَدمَعُ فِي بَياض) أَرَادَ أنَّ دموعَها تَسيلُ على خَدَ أبيضَ وَهِي تنظُر من حَدَقة سَوْداء.
وقولُه: (يطأُ فِي سَواد) يريدُ أنّه أَسْوَدُ القوائم، (ويَبرُك فِي سَوادٍ) يُرِيد أَن مَا يَلِي الأَرْضَ مِنْهُ إِذا بَرَك أسوَدُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال: جَاءَ فلَان بفتحه سود الْبُطُون، وَجَاء بهَا حمر الكلى، مَعْنَاهُمَا مهازيل.
سأد: بِالْهَمْز: يُقَال: أَسْأَدَ الرجل السُّرَى: إِذا أَدْأَبها. قَالَ لبيد:
يُسْئِد السَّيرَ عَلَيْهَا رَاكب
رَابِطُ الجَأْشِ على كلِّ وَجَلْ
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: المِسْأَدُ من الزِّقاق: أصغَرُ من الحَمِيت.
وَقَالَ شمِر: الّذي سمعناه المُسْأَبُ

(13/27)


بِالْبَاء للزِّق الْعَظِيم؛ وَمِنْه يُقَال: سئِبْتُ من الشَّرَاب أَسْأَبُ، وَيُقَال للزِّق السَّائِب أَيْضا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السَّأد بِالْهَمْز: انتقاضُ الجُرْح، يُقَال: سَئِد جُرْحُه يَسْأَد سَأَداً فَهُوَ سَئِيد.
وأَنشَد:
فبِتُّ مِن ذاكَ ساهِراً أَرِقاً
أَلْقَى لقَاء اللاّقِي مِن السَّأَدِ
وَقَالَ غيرُه: (بعيرٌ بِهِ سُؤاد: وَهُوَ داءٌ يَأْخُذ الناسَ، والإبلَ والغَنَم على المَاء الملْح، وَقد سُئِد فَهُوَ مَسْؤُود.
وسد: حدّثنا الحُسينُ عَن سُوَيد عَن ابْن الْمُبَارك عَن يونسَ عَن الزُّهري قَالَ: أخبَرَني السَّائِب بنُ يزيدَ: أنّ شُرَيح بن الحَضْرَمي ذُكِرَ عِنْد رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: (ذَاك رجلٌ لَا يتوَسّد الْقُرْآن) .
قَالَ أَبُو العبّاس: قَالَ ابْن الأعرابيّ، لقَوْله: (لَا يتوسَّد الْقُرْآن) وَجْهَان: أحدُهما: مَدْح، والآخَرُ: ذَمّ؛ فَالَّذِي هُوَ مَدْح أنّه لَا يَنام عَن الْقُرْآن، وَلَكِن يتهجّد بِهِ، والّذي هُوَ ذمّ أَنه لَا يقْرَأ الْقُرْآن وَلَا يَحفَظه، فَإِذا نامَ لم يكن مَعَه من الْقُرْآن شَيْء، فَإِن كَانَ حَمِدَه فَالْمَعْنى هُوَ الأوّل، وَإِن كَانَ ذمَّه فالمعنَى هُوَ الآخَر.
قلت أَنا: وَالْأَقْرَب أنّه أَثنَى عَلَيْهِ وحَمِدَه.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: وَسَّدَ فلانٌ فلَانا إسَادةً، وتَوَسَّدَ وِسَادَةً: إِذا وضَعَ رأسَه عَلَيْهَا، وجمعُ الوِسادة وَسائِد. والوِساد: كلُّ مَا يُوضَع تَحت الرّأس وَإِن كَانَ من تُرَاب أَو حِجارة.
وَقَالَ عبدُ بنِي الحَسْحاس:
فبِتْنَا وِسادَانَا إِلى عَلَجَانَةٍ
وحِقْفٍ تَهادَاهُ الرِّياحُ تهَادِيَا
وَيُقَال للوِسادة: إِسادة، كَمَا يُقَال وِشاح وإشاح.
سدا: قَالَ اللّيث: السَّدْوُ: مَدُّ اليَدِ نحوَ الشَّيْء كَمَا تَسْدُو الإبلُ فِي سَيْرها بأيدِيها، وكما يَسْدو الصِّبيانُ إِذا لَعِبوا بالجَوْز فرَموْا بهَا فِي الحُفْرة. والزَّد لُغَة صِبْيانِيّة، كَمَا قَالُوا للأَسْد أَزْد، وللسَّرَّاد زَرَّاد. قَالَ: وَيُقَال: فلَان يسدُو سَدْو كَذَا وَكَذَا، أَي: يَنحُو نحوَه.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: السَّدْوُ: رُكوبُ الرَّأْس فِي السَّير، وَمِنْه زَدْوُ الصِّبيانِ بالجَوْز.
وأَنشَد ابْن الْأَعرَابِي فِيمَا أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَنهُ:
مائِرَةُ الرِّجْلِ سَدُوٌّ باليَدِ
قَالَ: وَيُقَال سَدِي الثَّوبَ يَسْدِيه، وسَتَاه يَسْتِيه.
وأَنشدَ أَيْضا:
عَلى عَلاةٍ لأمةِ الفُطوِرِ
تُصبِح بعد العرَق المَعْصورِ
كَدراءَ مِثل كُدْرة اليَعْفورِ
يَقُول قُطراها القُطرِ سِيري

(13/28)


ويَدُها للرِّجْل مِنْهَا مُورِي
بِهَذِهِ اسْتِي وبهذي نِيرِي
وَقَالَ غيرُه: العربُ تسمِّي أَيديَ الإبلِ السوادِيَ لسَدْوِها بهَا، ثمَّ صَار ذَلِك اسْما لَهَا. وَقَالَ ذُو الرمة:
كأنّا على حُقْبٍ خِفَافٍ إِذا خَدَتْ
سَواديهِمَا بالوَاخِداتِ الرّواحِلِ
أَرَادَ: إِذا أَخذَتْ أيدِيهما وأرجلُهما. وَيُقَال: مَا أنتَ بلُحْمَة وَلَا سَدَاة. وَيُقَال: وَلَا سَتَاة، يُضرَب لمنْ لَا يَضُرّ وَلَا يَنفَع. وأَنشَد شمر:
فَمَا تَأْتوا يَكُن حَسَناً جَميلاً
وَمَا تَسْدُو لِمكْرُمةٍ تُنِيرُوا
يَقُول: إِذا فعلتمْ أَمْراً أَبرَمْتموه.
الْأَصْمَعِي: الأُسْدِيّ والأُسْتيّ: سَدَى الثّوب.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: استَيْتُ الثوبَ بستاه وأَسْدَيتُه. وَقَالَ الحطيئة:
مُسْتهلك الورْد كالأُسْدِيّ قد جَعَلتْ
أَيدي المَطِيَّ بِهِ عاديَّةً رُكُبَا
يصف طَرِيقا يُورَد فِيهِ الماءُ.
وَقَالَ الآخَر:
إِذا أَنَا أَسْدَيْتُ السَّداةَ فَألْحَما
ونِيرَ فإنّي سَوفَ أَكفِيكُما الدَّمَا
وَقَالَ الشّماخ:
على أنّ للمَيْلاء أَطْلالَ دِمْنَةٍ
بأَسْقُفَ تُسديها الصَّبا وتُنيرُها
عَمرو عَن أَبِيه: السّادي والزادي: الحَسَنُ السيرِ من الْإِبِل وأَنشَد:
يَتْبَعْن سَدْوَ رَسْلَةٍ تَبدَّحُ
أَي: تَمُدّ ضَبْعَيها.
قَالَ: والسادي: السادِسُ فِي بعض اللّغات، قَالَه ابْن السّكيت.
اللَّيْث: سَدِيَتْ لَيلتُنا: إِذا كَثُر نَداها، وأَنشَد:
يَمْسُدها القَفْر ولَيْلٌ سَدِي
قَالَ: والسَدَى: هُوَ النَّدَى الْقَائِم، قَالَ: وقلَّما يُقَال: يومٌ سَدٍ إِنَّمَا يُوصَف بِهِ اللّيلُ. قَالَ: والسَّدَى الْمَعْرُوف أَيْضا، يُقَال: أَسْدَى يُسدِي، وسَدَّى يُسَدِّي.
قَالَ: والسَّدَى خِلافُ لُحمة الثّوب، الْوَاحِدَة سَدة، وَإِذا نَسَج إنسانٌ كلَاما أَو أمْراً بَين قومٍ قيل: سَدَّى بَينهم. والحائك يُسَدِّي الثَّوبَ ويَتسَدَّى لنفسِه، وأمّا التّسْدِية فَهِيَ لَهُ وَلغيره، وَكَذَلِكَ مَا أَشبَه هَذا، وَقَالَ رُؤبَة:
كفَلْكةِ الطاوِي أَدار الشّهْرَقَا
أَرسَلَ غَزْلاً وتَسَدَّى خَشتَقَا
يَصِف السَّراب.
عَمْرو عَن أَبيه: أَزْدَى إِذا اصطنَعَ مَعْرُوفا، وأَسْدَى إِذا أَصلَح بَين اثْنَيْنِ، وأَسْدَى إِذا مَاتَ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: السَّدَى والسَّتَا: البَلَح.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: إِذا وَقَع البلحُ

(13/29)


وَقد استرختْ تَفارِيقُه ونَدِيَ قيل: بَلَحٌ سَد، مِثل عَمٍ، والواحدة سَدِية، وَقد أَسْدَى النخلُ. والتُّفْروق: قِمَع البُسْرة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السادي الَّذِي يبيت حَيْثُ أَمْسَى؛ وَأنْشد:
بَات على الخَلِّ وَمَا باتت سُهدَى
وَقَالَ:
ويأمن سادِينا وَينساح سَرحُنا
إِذا أزَل السادي وهَيت المطلَعْ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ السَّدَى والواحدةُ سَداة.
وَقَالَ شمِر: هُوَ السدَى والسداء ممدودٌ البَلَح بلُغة أهل الْمَدِينَة.
وَأنْشد الْمَازِني لرؤبة:
نَاجٍ يُعنَيهن بالإبعاط
والماءُ نَضَّاح من الآباط
إِذا استدَى نَوّهن بالسّياط
قَالَ: الإبعاط والإفراط وَاحِد. إِذا استدى: إِذا عرق، وَهُوَ من السدَى وَهُوَ الندَى. نَوهن: كأنهن يدعونَ بِهِ ليضربن. وَالْمعْنَى: أَنَّهُنَّ يكلّفْن من أصحابهن ذَلِك، لِأَن هَذَا الْفرس يسبقهن فَيضْرب أَصْحَاب الْخَيل خيلهم لتلحقه.
وَقَول الله تَعَالَى: {فَأَوْلَى أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ} (الْقِيَامَة: 36) ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَن يُترَك غيرَ مَأْمُور وَلَا مَنهي.
قلتُ: السُّدَى: المُهمَل.
ورَوى أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: أَسدَيْت إِبِلي إسداءً: إِذا أهمَلْتَها، وَالِاسْم السُّدَى. وَيُقَال: تَسدَّى فلانٌ الأمرَ: إِذا عَلاه وقَهَره. وتَسدّى فلانٌ فلَانا: أَخَذَه من فَوْقه، وتَسدَّى الرجلُ جاريتَه: إِذا عَلاها، وَقَالَ ابْن مُقبِل:
أَنَّى تَسَدَّيْتِ وَهنا ذَلِك البِينَا
يصفُ جَارِيَة طرقَه خيالُها من بُعْد، فَقَالَ لَهَا: كَيفَ عَلَوْت بعد وَهْن من اللَّيل ذَلِك الْبَلَد.
وَفِي الحَدِيث: أَنه كتب ليهود تيْماء أَن لَهُم الذّمة، وَعَلَيْهِم الْجِزْيَة بِلَا عَداءٍ، النهارُ فقرمَدَى، وَاللَّيْل سُدَى. والسُّدَى: التّخليةُ. والمدّى: الْغَايَة أَرَادَ أَن لَهُم ذَلِك أبدا مَا كَانَ اللَّيْل وَالنَّهَار.
دسا: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: دَسا فلانٌ يَدْسوه دسوةً، وَهُوَ نقيضُ زَكَا يَزكو زَكَاة، وَهو داسٍ لَا زَاكٍ، ودَسَى نَفسه. قَالَ: ودَسِيَ يَدْسَى لُغَة، ويَدْسو أَصوب.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: دسا: إِذا استَخفَى.
قلت: وَهَذَا يَقرُب ممّا قَالَه اللَّيْث، وأحسَبُهما ذهبَا إِلَى قَلْب حرف التَّضْعِيف يَاءً، واعتَبَر اللَّيْث مَا قَالَ فِي دَسَا من قَول الله جلّ وعزّ: {للهوَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن} (الشَّمْس: 9، 10) . وَقد بيّنتُ فِي مُضاعف السّين أَن دَسّاها فِي الأَصْل دَسّسَها، وَأَن السِّيناتِ توالت فقُلبَتْ إحداهُن يَاء، وَأما دَسَا غير

(13/30)


مُحوّل عَن المضعَّف من بَاب الدَّسِّ فَلَا أعرفهُ وَلم أَسمَعْه، وَهُوَ مَعَ ذَلِك غيرُ بعيد من الصَّوَاب.
وَالْمعْنَى: خَابَ من دسّ نَفسه، أَي أخملها وخسَّسَ حظّها. وَقيل: خابت نفس دسّاها الله. وكلّ شَيْء أخفيته وقلّلته فقد دسسته.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشدهُ:
نزورُ امْرأ أمّا الْإِلَه فيتَّقي
وَأما بِفعل الصَّالِحين فيأتمِي
قَالَ: أَرَادَ فيأتمّ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: دسّ فلَان نَفسه: إِذا أخفاها وأحملها لؤماً، مَخَافَة أَن يُتنبّه لَهُ فيُستَضافَ.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشد لرجل من طيّ:
وَأَنت الَّذِي دسّيتَ عمرا فَأَصْبَحت
نساؤهُم منهُم أراملَ ضُيّعا
قَالَ: دسّيْت: أغويت وأفسدت.
دوس: قَالَ اللَّيْث: دَوْسٌ: قبيلةٌ.
قلتُ: مِنْهَا أَبُو هريرةَ الدَّوْسِيّ.
والدَّوْس: الدِّياس، والبقرُ الَّتِي تَدُوسُ الكُدْسَ هِيَ الدَّوائس.
يُقَال: قد ألقَوا الدّوائِسَ فِي بَيْدَرِهم. والمِدْوَسُ: الدي يُداسُ بِهِ الكُدْسُ يُجَرّ عَلَيْهِ جَرّاً.
والمِدْوَسُ أَيْضا: خَشبةٌ يُشَد عَلَيْهَا مِسَنٌ يَدُوسُ بهَا الصَّيْقَلُ السيفَ حَتَّى يَجلُوَه، وجمعُه مَداوِس، وَمِنْه قولُ أبي ذُؤيب:
وكأنما هُوَ مِدْوَسٌ مُتَقَلِّبٌ
فِي الكَفِّ إلاّ أنّه هُوَ أَضْلَعُ
والدَّوْسُ: شِدّة وَطْئه الشّيءَ بالأقدام وقوائِم الدّوابّ، حَتَّى يتفتّت كَمَا يتفتّتُ قَصَب السنابل فيَصير تِبْناً، وَمن هَذَا يُقَال: طَرِيق مَدُوسٌ. والخَيْلُ تَدْوسُ القَتْلى بحوافِرِها: إِذا وطئَتْهم. وَأنْشد:
فداسُوهُم دَوْس الحَصِيدِ فأُهْمِدُوا
وَقَالَ أَبُو زيد: فلانٌ دِيس من الدِّيسَة: أَي: شجاعٌ شَدِيد يَدُوس كلَّ مَنْ نازَلَه، وأصلُه دِوْس على فِعْل، فقُلِبت الواوُ يَاء لكسرةِ مَا قَبلَها، كَمَا قَالُوا: ريحٌ وأصلُه رِوْح.
وَيُقَال: نزَلَ العدوُّ بِبنِي فلانٍ فِي خَيْله فَحاسَهم وجَاسَهم وداسَهم: إِذا قَتَلهم وتخَلَّل دِيَارَهم وعاثَ فيهم. وداس الرجلُ جاريتَه دَوْساً: إِذا عَلاَها وبالغَ فِي جِماعها، ودِياس الكُدْس ودِرَاسُه وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو بكر: فِي قَوْلهم قد أَخذنَا بالدَّوس.
قَالَ الْأَصْمَعِي: الدوس تسويةُ الحديقة وتزيينها؛ مَأْخُوذ من دياس السَّيْف، وَهُوَ صقله وجِلاؤه، وَأنْشد:
صافي الحديدة قد أضرّ بصَقْله
طولُ الدِّياس وبطنُ طيرٍ جائعُ

(13/31)


وَيُقَال للحجر الَّذِي يُجلَى بِهِ السَّيْف مِدْوَس.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدّوْس: الذلّ، والدوس: الصَّقلة الواحِد: دايس.
ودس: قَالَ اللَّيْث: الوادِس من النَّبات: مَا قد غَطَّى وَجْهَ الأَرْض ولمَّا يتَشعّب شُعَبُه بعد، إلاّ أنّه فِي ذَلِك كثير ملتفّ، وَقد أودسَتِ الأرضُ، وَمَكَان مُودِس.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أودَسَتِ الأرضُ وألْدَسَتْ: إِذا كثُرَ نَباتُها.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّوديس: رَعْيُ الوَادِس من النّبات.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: تَوَدَّسَتِ الأرضُ وأَوْدَسَتْ، وَمَا أحسنَ وَدَسَها: إِذا خَرجَ نَباتُها.
ابْن السكّيت: مَا أَدرِي أَيْن وَدَس من بِلَاد الله: أَي: أَيْن ذَهَب.
أَسد: قَالَ اللَّيْث: الأسَدُ مَعْرُوف، وَجمعه أُسْد وأَسَاوِد. والمَأْسَدة لَهُ مَعْنيانِ. يُقَال لموْضِع الأَسَد مأْسَدة، وَيُقَال للأَسَد مَأْسَدة، كَمَا يُقَال، مَسْيَفة للسُّيوف، ومَجَنَّة للجِنّ، ومَضَبّة للضِّباب، وَيُقَال: آسَدْتُ بَين الْقَوْم. وآسدت بَين الكِلاب: إِذا هارَشْت بينَها.
وَقَالَ رؤبة:
ترمِي بِنَا خِندف يَوْم الإيساد
وآسَدْتُ بَين النَّاس. والمؤسِدُ: الكَلاّب الَّذِي يُشلِي كلبَه، يَدْعُوه ويُغرِيه بالصَّيْد.
أَبُو عُبَيد: آسدْتُ الكلبَ إيسَاداً: إِذا هَيّجتَه وأغرَيْتَه وأشْلَيْته: دَعَوْتَه. وأَسِدَ الرجُل يأسَد أَسَداً: إِذا تحَيَّر؛ كَأَنَّهُ لَقِيَ الأسَد.
قَالَ اللَّيْث: واسْتأسَدَ فلانٌ، أَي: صارَ فِي جُرْأته كالأسَد.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: إِذا بلغ النَّباتُ والتفّ قيل: قد استَأْسَد، وَأنْشد قولَ أبي النّجم:
مُسْتَأْسِدٌ ذِبَّانُه فِي غَيْطَلٍ
يَقُول الرائد أَعشَبْتَ انزِلِ
وَيجمع الأسدُ آساداً وأُسْد. والمأسدة لَهُ موضعان، يُقَال لموْضِع الْأسد: مأسدة. وَيُقَال لجمع الْأسد: مأسدة أَيْضا. كَمَا يُقَال: مشيخة لجمع الشَّيْخ، ومسْيفةٌ للسيوف، ومَجنَّة للجن، ومضبّة للضباب.

(بَاب السِّين وَالتَّاء)
س ت (وَا يء)
ستي سأت توس تَيْس: (مستعملة) .
توس: ابْن السكّيت عَن الأصمعيّ يُقَال: الكَرَم من توسِه وسُوسِه: إِذا طُبِع عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: هِيَ الخَليقة. قَالَ: وَهُوَ الأَصْل أَيْضا، وَأنْشد:
إِذا المُلِمّاتُ اعتَصَرْن التُّوسَا
أَي: أخرجن طبائعَ النَّاس.
(تَيْس) : وَقَالَ اللَّيْث: التّيْس: الذّكَر من المِعْزَى. وعَنْزٌ تَيْساء: إِذا كَانَ قَرْناها

(13/32)


طويلَيْن كقَرْن التّيْس، وَهِي بَيِّنَة التّيَس.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد قَالَ: إِذا أَتَى على وَلَد المِعْزَى سنةٌ فالذكَر تَيْس، وَالْأُنْثَى عَنْز.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: التّيْساء من المِعْزَى: الَّتِي يُشبِه قَرْناها قَرْنَيِ الأوعال الجَبَلية فِي طولهَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: من أمثالهم: (أَحْمَقى وتِيسى) يُضرَب للرّجل إِذا تَكلّم بحُمْق، ورُبّما لَا يَسبُّه سَبّاً.
وَمن أمثالهم فِي الرجل الذَّليل يتَعزَّز: كَانَت عَنْزاً فاسْتَتْيَسَتْ. وَيُقَال: بُوساً لَهُ وتُوساً وجُوساً.
قَالَه ابْن الْأَعرَابِي. وَقَالَ القتيبي: فِي حَدِيث أبي أَيُّوب أَنه ذكر القَوْل وَقَالَ: قل لَهَا تِيسِي جَعَارِ. قَالَ وَقَوله: تيسي، كلمة تقال فِي معنى الْإِبْطَال للشَّيْء والتكذيب؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهَا كذبت يَا جَارِيَة. قَالَ: والعامة تغير هَذَا اللَّفْظ، تبدل من التَّاء طاء، وَمن السِّين زاياً، لتقارب مَا بَين هَذِه الْحُرُوف من المخارج قَالَ: وَجعار: معدولة عَن جاعرة؛ كَقَوْلِهِم: قطام ورقاش على فَعَال، وَقَالَ ابْن السّكيت: تَشْتُم الْمَرْأَة فَيُقَال لَهَا: قومِي جَعار، وتشبّه بالضبع. وَيُقَال للضبع تَيْس جعار. وَيُقَال: اذهبي لكاع، وذفار وبطار. وتِياس: مَوضِع بالباديةَ، كَانَ بِهِ حَرْب حِين قطعت رجل الْحَارِث بن كَعْب، فسمّيَ الْأَعْرَج.
وَفِي بعض الشّعْر:
وقتلَى تِياسٍ عَن صَلَاح تعرّبُ
ستي: أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي، يُقَال: سَدَى البَعيرُ وسَتَى: إِذا أَسرَعَ وأَنشد:
بهذِه اسْتِي وبهذِي نِيرِي
ابْن شُمَيل: أسْتَى وأَسْدَى ضِدُّ أَلْحَم.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الأسْتِيُّ: الثَّوْبُ المُسَدَّى.
وَقَالَ غَيره: الإسْتِيّ: الّذِي يُسَمّيه النسَّاجون السَّتَى، وَهُوَ الَّذِي يُرفَع ثمَّ تُدخَل الخُيُوط بَين الخيوط؛ فَذَلِك الأستِيّ والنِّيرُ، وَهُوَ قَول الحطيئة:
مُسْتَهْلِكُ الوِرْد كالأستِيُّ قد جَعَلَتْ
وَهَذَا مثل قَول الرّاعي:
كأنّه مُسْحُلٌ بالنِّيرِ مَنْشورُ
وَقد مضى تَفْسِير الإست فِي كتاب الْهَاء وبينت فِيهِ عِلَلها.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: وساتَاه: إِذا لَعِب مَعَه الشفلقة، وتَاسَاه: إِذا آذاه واستخَفَّ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو زَيد: يُقَال مالَك استٌ مَعَ استِك: إِذا لم يكن لَهُ ثَروةٌ من مَال، وَلَا عَدَدٌ مِن رجال، يُقَال: فاسْتُه لَا تُفارِقه وَلَيْسَ لَهُ مَعهَا أُخْرَى من رجال وَلَا مَال.
وَقَالَ أَبُو مَالك: اسْتُ الدّهر: أَوّلُ الدّهر وأَنشَد.
مَا زَالَ مُذْ كانَ على استِ الدّهرِ
وَبَاقِي الْبَاب فِي الْهَاء.

(13/33)


سأت: أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: إِذا خَنَق الرجُل الرجلَ حَتَّى يَقتلَه قيل: سَأَتَه وَسَأَبَه يَسْأَتُه وَيَسْأَبُه؛ وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو زيد.
وَقَالَ الفرّاء: السّأَتانِ: جانِبَا الحُلْقوم حَيْثُ يَقَع فِيهَا إصبَع الخَنّاق، وَالْوَاحد سَأَت بِفَتْح الْهمزَة.
س ظ س ذ س ث
أهملت وجوهها.

(بَاب السِّين وَالرَّاء)
س ر (وَا يء)
سير، سري، سأر، (سور) ، رسا، (روس ريس) ، (رَأس) ، ورس، أرس، أسر، يسر.
(سير) : أَبُو عبيد عَن أبي زيد: سارَ البعيرُ وسِرتُه، وَقَالَ خَالِد:
فَلَا تَغضَبَنْ مِنْ سُنّةٍ أَنْت سِرْتَها
وأوّلُ راضٍ سُنّةً مَن يَسيرُهَا
وَقَالَ ابْن بُزرج: سِرْتُ الدَّابة: إِذا ركبتَها، فَإِذا أردتَ بهَا المرعَى قلتَ: أَسَرْتُها إِلَى الْكلأ. وأسارَ القومُ أهلَهم ومواشِيَهم إِلَى الْكلأ وَهُوَ أَن يُرسِلوا فِيهَا الرُّعْيانَ ويُقيمُوا هُمْ. والدَّابة مسيَّرةٌ إِذا كَانَ الرجلُ راكبَها وَالرجل سائرٌ لَهَا، والماشِيةُ مُسارَةٌ، والقومُ مُسَيَّرون. والسيرُ عِنْدهم بالنَّهار وَاللَّيْل، وَأما السُّرَى فَلَا يكون إلاّ لَيْلًا.
والسَّيْر: مَا قُدَّ من الأَدِيم طُولاً، وجمعُه سُيُور وسُيورَة. وبُرْدٌ مُسَيَّر: إِذا كَانَ مخطَّطاً.
وَيُقَال: هَذَا مَثَل ساير، وَقد سَيَّر فلانٌ أَمثالاً سائِرةً فِي النّاس. وسَيَّارٌ: اسمُ رجل؛ وقولُ الشَّاعِر:
وسائلةٍ بثعلبةَ بن سَيْرٍ
وَقد عَلِقَتْ بثعلبةَ العَلُوقُ
أَرَادَ ثعلبةَ بن سَيّار، فَجعله سَيْر للضَّرُورَة.
وَيُقَال: سَار القومُ يَسِيرُونَ سَيراً ومَسِيراً: إِذا امْتَدَّ بهم السَّيْرُ فِي جهةٍ توجّهوا إِلَيْهَا.
وَأما قولُه:
وسائرُ النَّاس هَمَجٌ
فإِن أهل اللُّغَة اتَّفقُوا على أَن معنى سَائِر فِي أَمْثَال هَذَا الْموضع بِمَعْنى الْبَاقِي.
سأر (سور) : يُقَال: أسأَرْتُ سُؤْراً وسُؤْرَةً: إِذا أبقيْتَها وأفضلتها، والسائر الْبَاقِي؛ وَكَأَنَّهُ من سَئر يَسْأَر فَهُوَ سَائِر، أَي: فَضَلَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِيمَا روى عَنهُ أَبُو الْعَبَّاس: يُقَال: سَأَر وأسْأَر: إِذا أفضل، فَهُوَ سَائِر، جَعَلَ سأر وأسأر واقعين، ثمَّ قَالَ: وَهُوَ سَائِر فَلَا أَدْرِي أَرَادَ بالسائر المُسَيِّر أَو الباقيَ الفاضلَ، وَمن هَمَزَ السؤرة من سُؤر الْقُرْآن جعلهَا بِمَعْنى بقيّةٍ من الْقُرْآن وقطعةٍ؛ وَأكْثر القُرّاء على ترك الْهَمْز فِيهَا، ويُروَى بيتُ الأخطل على وَجْهَيْن:

(13/34)


وشارِبٍ مربِحٍ بالكاسِ نادَمَني
لَا بالحصُورِ وَلَا فِيهَا بسَآرِ
بِوَزْن سَعّار بِالْهَمْز، وَمَعْنَاهُ: أَنه لَا يُسْئِرُ فِي الْإِنَاء سُؤراً وَلكنه يشتَفّه كُله. ورُوِيَ وَلَا فِيهَا بسَوَّارِ أَي بمُعَرْبد، من سَار يَسُور إِذا وثب المُعَرْبِدُ عَلَى من يُشَارِبه. وجائزٌ أَن يكون سأر من سَأَرَتْ، وَهُوَ الْوَجْه وَجَائِز أَن يكون من أسأَرْتُ كَأَنَّهُ ردّهُ إِلَى الثلاثي، كَمَا قَالُوا ورَّادٌ من أَدْرَكْتُ، وَجبّار من أجْبَرْتُ.
وَقَالَ ذُو الرّمة:
صَدَرْنَ بِمَا أَسَأَرْتُ من ماءِ مُقْفِرٍ
صَرًى لَيْسَ من أعطانِه غير حائلِ
يَعْنِي قطاً وَردت بَقِيَّة مَاء أسأره ذُو الرمّة فِي حَوْض سقَى فِيهِ رَاحِلَته فَشَرِبت مِنْهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: أسأر فلانٌ من طعامِه وَشَرَابه سُؤراً: وَذَلِكَ إِذا أبقى مِنْهُ بقيّة.
قَالَ: وَبَقِيَّة كلِّ شَيْء سُورَة.
وَيُقَال للْمَرْأَة الَّتِي قد خَلّفت عُنْفُوَان شبَابها وفيهَا بَقِيَّة: إِن فِيهَا لسُؤْرة، وَمِنْه قَول حُمَيد بن نورٍ يصف امْرَأَة:
إزاءَ مَعاشٍ مَا يُحلُّ إزَارهَا
من الكَيْسِ فِيهَا سُؤْرة وَهِي قاعِدُ
أَرَادَ بقوله: (فَهِيَ قَاعد) قُعودها عَن الْحيض لِأَنَّهَا أسنّتْ.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: والسؤرةُ من المَال: خِيَاره، وَجمعه سُؤَر. وَالسورَة من الْقُرْآن يجوز أَن تكون من سؤرة المَال تُرك همزه لما كثر فِي الْكَلَام.
قَالَ أَبُو بكر: قد جلس على المَسْورة.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: إِنَّمَا سمّيت المسورة مِسورة لعلوِّها وارتفاعها؛ من قَول الْعَرَب: سَار الرجل يَسُور سوراً: إِذا ارْتَفع وَأنْشد:
سِرت إِلَيْهِ فِيهِ أعالي السُّور
أَرَادَ: ارْتَفَعت إِلَيْهِ.
أَبُو عُبَيْد: السِّيراء: بُرُود يُخَالطها حَرِير.
سَلمَة عَن الفرّاء: السِّيراء: ضربٌ من البرُود. والسيراء: الذَّهَب الصافي أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: المِسْورة: مُتَّكَأٌ من أَدَم وجمعُهَا الْمسَاوِر.
قَالَ: والسَّوْرة تنَاول الشَّرَاب للرّأس؛ وَقد سَار سوْراً.
وَقَالَ غَيره: سَوْرَة الْخمر: حُمَيَّا دبيبها فِي شاربها.
وَقَالَ اللَّيْث: ساوَر فلَان فلَانا يساوره: إِذا تناولَ رَأسه وفلانٌ ذُو سوْرة فِي الحَرْب: أَي: ذُو بَطش شَدِيد.
وَقَالَ السّوَّارُ من الْكلاب: الَّذِي يَأْخُذ بِالرَّأْسِ، والسوار من الْقَوْم الَّذِي يسور الشَّراب فِي رَأسه سَرِيعا. والسَّوّار من الشَّرب: الَّذِي يَسُور الشَّرَاب فِي رَأسه سَرِيعا.
وَقَالَ غَيره: السَّوّار: الَّذِي يواثبُ نديمه إِذا شَرِبَ. والسورةُ: الوثْبة، وَقد سُرْتُ إِلَيْهِ، أَي: وثَبْتُ. وسُرْتُ الحائطَ سوْراً،

(13/35)


وتسوّرته: إِذا عَلَوْتَهُ.
وَأما السُّورة من الْقُرْآن فَإِن أَبَا عُبَيدة زعم أَنه مُشْتَقّ من سُورَة البِناء.
قَالَ: والسُّورة: عِرْقٌ من أعراق الْحَائِط وَيجمع سُوَراً، وَكَذَلِكَ الصُّورة تُجْمَعُ صوراً، وَاحْتج أَبُو عُبَيدة بقول العجاج:
سُرْتُ إِلَيْهِ فِي أعالي السُّورِ
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه ردّ على أبي عُبَيْدَة قَوْله وَقَالَ: إِنَّمَا تُجمع فُعلة عَلَى فعل بِسُكُون الْعين إِذا سبق الْجمع الْوَاحِد، مثل صُوفة وصُوف. وَسورَة الْبناء وسورٌ، فالسُّور جمع سبق وُحدانه فِي هَذَا الْموضع جَمعُهُ قَالَ الله تَعَالَى: {نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ} (الْحَدِيد: 13) .
قَالَ: والسُّور عِنْد الْعَرَب: حائطٌ الْمَدِينَة وَهُوَ أَشرف الْحِيطَان، وشبّه الله جلّ وعزّ الحائطَ الَّذِي حَجَز بَين أهل النَّار وأهلِ الْجنَّة بأشرف حَائِط عَرَفْناه فِي الدُّنْيَا، وَهُوَ اسمٌ واحدٌ لشَيْء وَاحِد، إِلَّا أَنا إِذا أردنَا أَن نعرِف الْفرق مِنْهُ قُلْنَا سُور. كَمَا تَقول التَّمر وَهُوَ اسمٌ جامعٌ للْجِنْس، فَإِذا أردنَا أَن نَعْرِف الْوَاحِدَة من التّمر قُلنا تَمْرَة، وكل منزلَة رفيعة فَهِيَ سُورَة، مأخوذةٌ من سُورَة البِناء، وَقَالَ النَّابِغَة:
ألمْ ترَ أَن الله أعْطاكَ سُورةً
تَرَى كلَّ مَلكٍ دونَها يتذَبْذَبُ
مَعْنَاهُ: أَعْطَاك رِفعة ومنزلة، وَجَمعهَا سُور أَي رِفَعٌ.
فأمّا سُورَة الْقُرْآن فَإِن الله جلّ وعزّ جمعَها سُوراً؛ مثل غُرْفة وغرف، ورُتْبة ورُتَب، وزُلْفة وزُلَف، فدلَّ على أَنه لم يَجْعَلهَا من سُور البِناء، لِأَنَّهَا لَو كَانَت من سُورِ الْبناء لقَالَ: فأْتوا بعشْرِ سُورٍ، وَلم يَقل {بِعَشْرِ سُوَرٍ} (هود: 13) والقُرَّاء مجمعون عَلَى سُوَرٍ، وَكَذَلِكَ اجْتَمعُوا على قِرَاءَة سُورٍ فِي قَوْلهم: {نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم} (الْحَدِيد: 13) ، وَلم يقْرَأ بسورٍ فدلَّ ذَلِك عَلَى تميُّز سُورَة من سور الْقُرْآن عَن سُورة من سُوَرِ الْبناء، وكأَن أَبَا عُبيدة أَرَادَ أَن يؤيِّدَ قَوْله فِي الصُّور أَنه جمع صُورة، فأخطأَ فِي الصُّور والسُّورِ، وحَرَّف كَلَام الْعَرَب عَن صيغتِه، وَأدْخل فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ؛ خِذْلاناً من الله لتكذيبه بِأَن الصُّور قَرْن خلقه الله للنَّفخ فِيهِ حَتَّى يُميت الْخلق أَجْمَعِينَ بالنّفخة الأولى، ثمَّ يُحييهم بالنفخة الثَّانِيَة، وَالله حسيبُه.
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: والسُّورة من سُوَر الْقُرْآن عندنَا: قِطعةٌ من الْقُرْآن سَبَق وُحْدانُها جَمْعَهَا كَمَا أنّ الغُرْفة سَابق للغُرَف. وأنزلَ الله جلّ وعزّ القرآنَ على نبيّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا بعد شَيْء، وجعَلَه مفصَّلاً، وبيَّن كلَّ سُورة مِنْهَا بخاتِمتِها وبادِئتِها، وميّزها من الّتي تَلِيهَا.
قلتُ: وَكَأن أَبَا الهَيْثم جَعَل السُّورة من سُور الْقُرْآن من أَسْأَرْتُ سُؤْراً: أَي أَفضَلْتُ فَضْلاً؛ إلاّ أَنَّهَا لمّا كَثُرتْ فِي

(13/36)


الْكَلَام وَفِي كتاب الله تُرك فِيهَا الْهَمْز كَمَا تُرِك فِي المَلَك وأَصلُه مَلأَك، وَفِي النّبيّ وأصلُه الْهَمْز. وَكَانَ أَبُو الهَيْثم طوّل الْكَلَام فيهمَا ردّ على أبي عُبَيْدَة، فاختصرتُ مِنْهُ مجامِعَ مقاصِدِه، وربّما غيّرتُ بعضَ أَلْفَاظه وَالْمعْنَى مَعْنَاهُ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: سُورَة كل شَيْء: حدّه. وَسورَة الْمجد علامته وأثره وارتفاعه. حَدثنَا حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان قَالَ: حَدثنَا سعيد بن مينا قَالَ: حَدثنَا جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لأَصْحَابه: (قومُوا لقد صنع جَابر سوراً) ، قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَإِنَّمَا يُرَاد من هَذَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تكلّم بِالْفَارِسِيَّةِ (صنع سوراً) أَي: طَعَاما دَعَا النَّاس إِلَيْهِ.
وَأَخْبرنِي عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: السُّورة: الرِّفْعة: وَبهَا سُمِّيتْ السُّورة من الْقُرْآن أَي: رِفْعة وخَيْر، فَوافَق قولُه قولَ أبي عُبَيْدَة.
قلتُ: والبَصْريّون جَمَعوا السُّورة والصُّورة وَمَا أشبهَهَا على صُوَر وصُوْر، وسُوَر وسُوْر، وَلم يميّزوا بَين مَا سبقَ وُحْدانَه الجمعُ وَسبق الجمعَ الوُحْدانُ، والّذي حَكَاهُ أَبُو الْهَيْثَم هُوَ قولُ الكوفيّين، وَهُوَ يَقُول بِهِ إِن شَاءَ الله.
وَأما قولُ الله جلّ وعزّ: {أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ} (الْكَهْف: 31) ، وَقَالَ تَعَالَى فِي مَوضِع آخَر: {وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَسَاوِرَ مِن} (الْإِنْسَان: 21) ، وَقَالَ أَيْضا: {يُبِينُ فَلَوْلاَ أُلْقِىَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَآءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ} (الزخرف: 53) ، فَإِن أَبَا إِسْحَاق النحويَّ قَالَ: الأَساوِرَ جمعُ أَسْوِرَة، قَالَ: وأَسْوِرَة جمعُ سِوار، والأَسْوار: من أَساوِرَة الفُرْس، وَهُوَ الحاذِقُ بالرَّمْي يُجمَع على أَساوِرَ أَيْضا؛ وَأنْشد:
ووَتَّر الأَساوِرُ القِياسَا
صُغْدِيّةٌ تنتزع الأَنْفاسَا
والقُلْبُ من الفضّة يسمَّى سُواراً، وَإِن كَانَ من الذّهب فَهُوَ أَيْضا سِوار، وَكِلَاهُمَا لِباسٌ لأهل الجنّة أحَلَّنا الله تَعَالَى فِيها برَحمتهِ.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: هُوَ سِوار الْمَرْأَة وسُوارها: ورجلٌ أسوار من أساورة فَارس، وَهُوَ الْفَارِس من فرسانهم الْمقَاتل.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال للرجل سُرْسُرْ: إِذا أَمَرْتَه بمعَالي الْأُمُور.
قَالَ: والسُّورة من الْقُرْآن: مَعْنَاهَا: الرِّفعة لإجلال الْقُرْآن، وَقد قَالَ ذَلِك جمَاعَة من أهل اللّغة، وَالله تَعَالَى أعلم بِمَا أَرَادَ.
سري: قَالَ الله جلّ وعزّ: {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ} (الْإِسْرَاء: 1) ، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {) وَالْوَتْرِ وَالَّيْلِ إِذَا} (الْفجْر: 4) ، فَنزل القرآنُ باللُّغتين.
ورَوَى أَبُو عُبَيد عَن أَصْحَابه: سَرَيْتُ بِاللَّيْلِ، وأَسرَيْتُ، وَأنشَد هُوَ أَو غَيره:

(13/37)


أَسْرَتْ إليكَ وَلم تكن تَسرِي
فجَاء باللغتين.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله: {سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ} قَالَ: مَعْنَاهُ: سيَّر عبدَه، يُقَال: أَسرَيْتُ وسَرَيْت: إِذا سِرْتَ لَيْلًا.
وَقَالَ فِي قَوْله: {) وَالْوَتْرِ وَالَّيْلِ إِذَا} معنى: (يَسرِي) : يَمضِي، يُقَال: سَرَى يَسرِي: إِذا مضى.
قَالَ: وحُذفت الياءُ من يَسرِي لأنّها رأسُ آيَة.
وَقَالَ غَيره فِي قَوْله: {) وَالْوَتْرِ وَالَّيْلِ إِذَا} إِذا يُسرَى فِيهِ؛ كَمَا قَالُوا: ليْلٌ نَائِم، أَي: يُنامُ فِيهِ؛ وَقَالَ: {مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ} (مُحَمَّد: 21) ، أَي: عُزِم عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: السُّرَى: سَيْرُ اللَّيْل.
والسارية من السَّحَاب: الَّذِي يَجِيء لَيْلًا. والعرَب تؤنِّثُ السُّرَى وتذكِّرُه.
والساريةُ: سحابةٌ تَسرِي لَيْلًا، وجمعُها السَّواري، وَقَالَ النَّابِغَة:
سَرَتْ عَلَيْهِ من الجَوْزاء سارِيَةٌ
تُزْجي الشَّمالُ عَلَيْهِ جامِدَ البَرَد
والساريةُ: أُسْطُوانةٌ من حِجارة أَو آجُرّ وجمعُها السّواري.
قَالَ: وعِرْق الشَّجرِ يَسري فِي الأَرْض سَرْياً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: السُّرَى: السَّراةُ من النَّاس.
وَقَالَ ابْن السّكيت وغيرُه: يُقَال: سَرُؤ الرجُل يَسْرُؤ، وسَرَا، يَسرُو، وسَرِي يَسْرَى: إِذا شَرُف؛ وَأنْشد:
تَلْقَى السَّرِيَّ من الرّجال بِنَفسِهِ
وابنُ السَّرِيِّ إِذا سَرَا أَسرَاهُمَا
أَي: أشرَفهُما. وقولُهم: قومٌ سرَاة جمعُ سَرِيّ، جاءَ على غير قِيَاس.
وسرَاةُ الفَرَس: أَعْلى مَتْنه، وتُجْمَع سَروَات. والسَّرْوُ: الشّرف. والسرْوُ من الجَبَل: مَا ارتفَعَ عَن مَجرَى السَّيْل وانحدَرَ عَن غِلَظ الْجَبَل، وَمِنْه سَرْو حِمير، وَهُوَ النَّعْف والخَيْف.
وسَراةُ النَّهَار: وَقت ارتفاعِ الشَّمْس فِي السَّمَاء، يُقَال: أتيتُه سَراةَ الضُّحَى وسَراةَ النَّهارِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: السرِيّ: الرّفْع فِي كَلَام الْعَرَب، وَمعنى سَرُوَ الرجل يَسرُو، أَي: ارْتَفع يرْتَفع فَهُوَ رفيع، مَأْخُوذ من سراة كل شَيْء: مَا ارْتَفع مِنْهُ وَعلا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الطود: الْجَبَل المشرف على عَرَفَة ينقاد إِلَى صنعاء، يُقَال لَهُ: السراة، فأوّلُه سراةُ ثَقِيف، ثمَّ سَراة فَهْم وعَدْوان، ثمَّ الأزدِ، ثمَّ الحَرّةِ آخر ذَلِك.
وَفِي الحَدِيث: أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي الحساء: (إِنَّه يَرْتُو فؤادَ الحَزين ويَسرُو عَن فؤاد السَّقيم) .
قَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ الأصمعيّ: (يَرْتو)

(13/38)


يَعْنِي يشدُّه ويقوِّيه، وَأما (يَسرُو) فَمَعْنَاه يكْشف عَن فُؤَاده الْأَلَم ويُزيله.
وَلِهَذَا قيل: سَرَوْتُ الثوبَ عَنهُ، وسرَيْتُه وسَرَّيْته: إِذا نَضَوْتَه.
وَقَالَ ابْن هَرْمَة:
سَرَى ثوبَه عَنْك الصِّبَا المُتخايِلُ
وَأما السَّرِيَّة من سَرايا الجُيوش: فَإِنَّهَا فعيلةٌ بِمَعْنى فاعلة، سُمّيتْ سَرِيّةً لِأَنَّهَا تسري لَيْلًا فِي خُفْيَة لئلاَّ يَنْذَر بهم العَدُوّ، فيَحْذَرُوا أَو يمتَنِعوا.
وَأما قولُ الله جلّ وعزّ فِي قصّة مَرْيَم: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً} (مَرْيَم: 24) .
فرُوي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: السَّرِيّ: الْجَدْوَل، وَهُوَ قَول جَمِيع أهل اللُّغَة، وَأنْشد أَبُو عبيد قولَ لَبِيد:
سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفَا وسَرِيُّهُ
عُمٌّ نَواعمُ بينهنّ كرُومُ
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: السَّرَّاء: شجر، الْوَاحِدَة سراة، وَهِي من كبار الشّجر تنْبت فِي الْجبَال، وَرُبمَا اتخذ مِنْهَا القسي الْعَرَبيَّة.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: السِّرْيةُ والسُّرْوة من النِّصَال، وَهُوَ المُدَوَّرُ المُدَمْلَك الَّذِي لَا عَرْض لَهُ.
شَمر عَن ابْن الأعرابيّ: السُّرَى: نِصَالٌ رِقاق.
وَيُقَال: قِصَارٌ يُرمَى بهَا الهدَف.
قَالَ: وَقَالَ الأسَدي: السِّرْوة تُدْعَى الدِّرْعِيّة، وَذَلِكَ أَنَّهَا تدخل الدروع، ونِصَالُها مُسَلّكةٌ كالمِخْيَط.
وَقَالَ ابنُ أبي الحُقَيق يَصِف الدُّروع:
تَنفِي السُّرَى وجِيادَ النَّبْلِ تَتْرُكه
مِن بينِ مُنقصِفٍ كَسْراً ومَفْلُولُ
وَفِي الحَدِيث: أَنه طعن بالسُّروة فِي ضَبعها؛ يَعْنِي فِي ضبع النَّاقة هِيَ السّرْية والسروة، هِيَ النصال الصغار.
أَبُو عَمْرو يُقَال: هُوَ يُسَرِّي العَرَق عَن نَفسه: إِذا كَانَ يَنضَحُه، وأَنشَد:
يَنضَحن ماءَ البَدَن المُسَرِّي
وسَراةُ الطَّرِيق: مَتْنُه ومُعْظَمه، وَيُقَال: اسْتَرَيْتُ الشيءَ: إِذا اخترتَه، وأخذتُ سراتَه: أَي: خيارَه.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
فقد أُخرِج الكاعِبَ المُسْترا
ةَ مِن خِدْرِها وأُشِيعُ القِمارَا
أَبُو عُبَيد عَن الفرّاء: أَرض مَسْرُوَّةٌ من السّرَوَةِ، وَهِي دُودَة.
وَيُقَال: فلانٌ يُسَارِي إبَل جارِه إِذا طَرَقها ليحتلِبَها دون صاحِبِها، قَالَ أَبُو وَجْزة:
فإِنِّي لَا وَأُمِّكَ لَا أسارِي
لِقاحَ الجارِ مَا سَمَرَ السَّمِيرُ
والسّارِياتُ: حُمُر الوحوش، لأنّها تَرعَى لَيْلا وتَنفَّشُ، وَيُقَال: سَرَّى قائدُ الْجَيْش سَرِيةً إِلَى العَدُوّ: إِذا جرّدهاوبعثها لَيْلاً؛

(13/39)


وَهُوَ التَّسْرِيّةُ. ورجلٌ سَرّاء: كثيرُ السُّرَى باللّيل.
رسا: قَالَ اللّيث: يُقَال: رَسَوْتُ لَهُ رَسْواً من الحَدِيث: أَي: ذكرتُ لَهُ طَرَفاً مِنْهُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الرَّسُّ والرُسُوُّ بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: والرَّسْوَة: الدَّسْتِينَج، والجميع رَسَوَات؛ وَقد قَالَه ابْن السكّيت.
وَقَالَ غيرُهما: السِّوار إِذا كَانَ من خَرَز فَهُوَ رَسَوَة.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: رسَوتُ عَنهُ حَدِيثا أَرْسُوه رَسْواً: أَي: تحدّثْت عَنهُ.
قَالَ: ورسَسْتُ الحديثَ أَرُسُّه فِي نَفسِي؛ أَي: حدّثْتُ بِهِ نَفْسي.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الرَّسِيُّ: الثابتُ فِي الخَيْر والشّر، قَالَ: ورَسَا الصَّوْمَ إِذا نَواه قَالَ: وراسَى فلانٌ فلَانا: إِذا سابَحَه؛ وسارَاه إِذا فَاخَره.
قَالَ: والرَّسِيُّ: العَمُودُ الثَّابِت فِي وَسَط الخِبَاء.
وَقَالَ اللّيث: رَسَا الجبلُ يَرْسو: إِذا ثَبَت أصلُه فِي الأَرْض؛ ورَسَت السفينةُ رَسْواً: إِذا انْتهى أسفَلُها إِلَى قَرار المَاء فبَقيتْ لَا تَسِير، والمِرْساة: أنْجَرُ ضَخْمٌ يُشَدُّ بالحِبال وَيُرْسل فِي المَاء فيمسِك بالسفينة ويُرسيها حَتَّى لَا تسير، وَإِذا ثَبَتت السحابةُ بمَكَان تُمطِر قيل: قد أَلْقَت مَراسِيَها، والفَحلُ من الْإِبِل إِذا تَفرَّق عَنهُ شُوَّلُه فهَدَر بهَا وراغَتْ إِلَيْهِ وسَكَنَتْ قيل: رَسَا بِها، قَالَ رؤبة:
إِذا اشْمَعَلَّتْ سَنَناً رَسَا بِها
بذاتِ خَرَقَيْن إذَا حَجَا بِهَا
اشمَعلّت: انتَشَرت. وَقَوله بذاتِ خَرْقَيْن، يَعْنِي شِقشِقةَ الفَحْل إِذا هَدَر فِيهَا، وَيُقَال: رَسَتْ قَدَماه، أَي: ثَبَتَتا، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} (سبأ: 13) ، قَالَ الفرّاء: لَا تُنزَل عَن مكانَها لِعظَمها، والرَّاسيةُ: الَّتي تَرْسُو وَهِي الْقَائِمَة.
والجبالُ الرَّواسِي والرّاسيات: هِيَ الثّوابت، وَقَالَ الله جلّ وعزّ فِي قصّة نوح وسفينته: (بِسم الله مجْراهَا ومُرْساها) (هود: 41) ، القرّاء كلُّهم اجتَمَعوا على ضمّ الْمِيم من مُرساها، وَاخْتلفُوا فِي (مُجراها) فَقَرَأَ الكوفيّون (مَجْراها) وَقَرَأَ نافعٌ وَابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَابْن عامِرٍ: (مُجْراها) .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: من قَرَأَ: (مُجْراها ومُرْساها) فَالْمَعْنى باسم اللَّهِ إجراؤها وإرْساؤُها.
وَقد رَسَت السفينةُ وأَرْساها الله، وَلَو قُرئَتْ: (مُجْرِيها ومُرْسِيها) فَمَعْنَاه: أَن الله تَعَالَى يُجرِيها ويُرسِيها.
وَمن قَرَأَ: (مَجْراها ومَرْساها) فَمَعْنَاه: جَرْيُها وثباتُها غير جاريةٍ، وَجَائِز أَن يَكُونَا بِمَعْنى مُجراها وَمرْسَاهَا.
ورس: قَالَ اللَّيْث: الوَرْسُ: صِبغٌ؛

(13/40)


والتَّورِيس فعلُه. والورْسُ: أصفر كأنّه لطْخ يَخرج على الرِّمث بَين آخر القَيْظ وأوّلِ الشتَاء إِذا أصَاب الثَّوْب لوَّنَه. وَقد أورس الرِّمثُ فَهُوَ مُورِسٌ.
وَقَالَ شمر: يُقَال أَحنَطَ الرِّمْثُ فَهُوَ حانِط ومحنِط: إِذا ابيضّ وأَدْرَك، فَإِذا جاوَزَ ذَلِك قيل أَوْرَس فَهُوَ وارس، وَلَا يُقَال مورس، وَإنَّهُ لَحسَن الحانِط والوارس.
وَقَالَ اللَّيْث: الورْسيُّ من القداح النُّضار من أَجودهَا.
يسر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال إِنَّه ليَسْرٌ خفيفٌ ويَسَرٌ: إِذا كَانَ ليّنَ الانقياد، يوصَف بِهِ الْإِنْسَان والفَرَس، وَأنْشد:
إنِّي على تَحَفُّظي ونَزْرِي
أعسَرُ إِن مارَسْتَني بعُسْرِ
ويَسْرٌ لمن أَراد يُسْرِيويقال: إِن قوائمَ هَذَا الْفرس ليَسَراتٌ خفافٌ: إِذا كُنّ طوعَه، والواحدة يَسرة وعسرة.
وروى عَن عمر: أَنه كَانَ أَعسرَ أَيسر.
قَالَ أَبُو عبيد: هَكَذَا روِي فِي الحَدِيث، وَأما كَلَام الْعَرَب فَإِنَّهُ: أعسرُ يسرٌ، وَهُوَ الَّذِي يعْمل بيديْه جَمِيعًا، وَهُوَ الأضبط.
وَيُقَال: فلَان يَسرةً من هَذَا.
وَقَالَ شمر: قَالَ الأصمعيّ: اليَسر الَّذِي يسَاره فِي القوّةِ مثلُ يَمِينه قَالَ فَإِذا كَانَ أعْسر وَلَيْسَ بيَسرٍ كَانَت يَمِينه أضعفَ من يسَاره.
وَقَالَ أَبُو زيد: رجلٌ أعسرُ يَسرٌ، وأعسرُ أَيسر. قَالَ: وأحسَبه مأخوذاً من اليَسرة فِي الْيَد، وَلَيْسَ لهَذَا أصل، واليسرة تكون فِي اليُمنى واليُسرى، وَهُوَ خَطّ يكون فِي الرَّاحَة يُقطِّع الخطوطَ الَّتِي تكون فِي الرَّاحَة كأنّها الصَّليب.
قَالَ شمر: وَيُقَال فِي فلَان يَسر، وَأنْشد:
فتَمنَّى النَّزْعَ من يَسَرِهْ
هَكَذَا رُوِي عَن الأصمعيّ قَالَ: وفسّره حِيالَ وَجهه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: الشَّزْرُ: مَا طعَنْتَ عَن يَمِينك وشِمالك، واليَسرُ: مَا كَانَ حذاءَ وجهِك.
وَقَالَ غيرُه: الشزْرُ: الفَتْل إِلَى فَوق، واليَسرُ إِلَى أَسفَل، وَرَوَاهُ ابْن الأعرابيّ: فتَمنى النَّزْع من يُسرِه.
جمعُ يُسرى. وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَة فِي يُسره. يُرِيد: جمع يسَار.
قَالَ اللَّيْث: أعسرُ يَسرُ، وامرأةٌ عَسراء يَسرةٌ: تعْمل بِيَدَيْهَا جَمِيعًا.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال فلَان أعسَرُ يسرٌ: إِذا كَانَ يعْمل بكلْتَا يديْه. وَكَانَ عمرُ أعسرَ يَسراً، وَلَا تقُل أعْسر أيْسَر.
وَقَالَ اللَّيْث: اليسرة مُزْجةُ مَا بَين الأسرّة من أسرارِ الرَّاحَة يُتَيَمّن بهَا، وَهِي من عَلَامَات السخاء. واليسار: اليَدُ الْيُسْرَى. والياسر كاليامِن، والمَيْسرَة كالمَيْمَنة. واليَسر واليسار: اليَدُ اليُسرى.

(13/41)


والياسر من الغِنى والسّعة وَلَا يُقَال يَسار.
وَقَالَ أَبُو الدُّقيش: يسر فلَان فرَسَه فَهُوَ مَيْسور مصنوعٌ سمين، وَإنَّهُ لحَسن التّيْسُور إِذا كَانَ حسنَ السِّمَن.
قَالَ المرّار يصفُ فرسا:
قد بلَوْناه على عِلاّته
وعَلى التَّيْسُورِ مِنْهُ والضُّمُرْ
وَيُقَال: خُذْ مَا تَيَسَّر وَمَا اسْتَيْسَرَ؛ وَهُوَ ضِدّ مَا تَعسّر والْتَوَى.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَيسَّر النهارُ تَيسُّراً: إِذا بَرَدَ. وَيُقَال: أَيْسِرْ أَخَاك، أَي: نَفِّس عَلَيْهِ فِي الطَّلب وَلَا تُعْسِره، أَي: لَا تُشَدِّد عَلَيْهِ وَلَا تضيِّق.
سَلمَة عَن الْفراء فِي قَول الله عز وَجل: {بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (اللَّيْل: 7) ، قَالَ: سنهيّئُه للعوْدة إِلَى الْعَمَل الصَّالح. وَالْعرب تَقول: قد يسّرت الْغنم: إِذا ولدت وتهيأت للولادة. قَالَ: وَقَالَ: {للهبِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (اللَّيْل: 10) يَقُول الْقَائِل: كَيفَ كَانَ تيسّره للعسرى؟ وَهل فِي العسرى تيسير؟ قَالَ الْفراء: وَهَذَا كَقَوْل الله عز وَجل: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (التَّوْبَة: 3) ، فالبشارة فِي الأَصْل المفرِح. فَإِذا جمعت فِي كلامين أَحدهمَا خير، وَالْآخر شَرّ، جَازَ التبشير فيهمَا جَمِيعًا.
أَبُو عدنان عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: اليَسَرُ: الَّذِي يسَاره فِي الْقُوَّة مثل يَمِينه.
قَالَ: وَمثله الأضبط. قَالَ: وَإِذا كَانَ أعْسر، وَلَيْسَ بيَسر، كَانَت يَمِينه أَضْعَف من يسَاره.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} (الْبَقَرَة: 219) ، قَالَ مُجَاهِد: كلُّ شَيْء فِيهِ قِمار فَهُوَ من المَيْسِر حَتَّى لِعبُ الصّبيان بالجَوْز.
ورُوِيَ عَن عليّ أَنه قَالَ: الشِّطْرَنْج مَيسِرُ العَجَم؛ وَنَحْو ذَلِك قَالَ عَطاء فِي المَيسر أَنه القِمار بالقِداح فِي كلّ شَيْء.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ: الياسِر: الّذي لَهُ قِدْح وَهُوَ اليَسَر واليَسُور؛ وأَنشَد:
بِمَا قَطَّعْن من قُرْبى قَريبٍ
ومَا أَتْلَفْنَ من يَسَرٍ يَسُورِ
قَالَ: وَقد يَسَر يَيْسِر: إِذا جَاءَ بقِدْحه لِلقِمار.
وَقَالَ ابْن شُميل: الياسِر: الجَزّار. وَقد يَسَروا: أَي: نَحَروا. ويَسَرْتُ الناقةَ: جَزّأْتَ لَحمَها.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الأيْسار واحدهم يَسرٌ: وهم الَّذين يُقامِرون، قَالَ: والياسِرُون: الَّذين يَلُون قِسمةَ الجَزُور.
وَقَالَ فِي قَول الْأَعْشَى:
والجاعِلُو القُوتِ على الياسِرِ
يَعْنِي الجَزّار.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة فِي قَول الشَّاعِر:

(13/42)


أقولُ لأهْل الشّعب إِذْ يَيْسرُونني
ألم تَيْأَسُوا أَنّي ابنُ فارسِ زَهْدَمِ
إِنَّه من المَيْسر أَي تجتزرونني وتقتَسِمُونني وجَعل لَبيدٌ الجزورَ مَيْسِراً فَقَالَ:
واعفُفْ عَن الجاراتِ وام
نَحْهُنَّ مَيْسِرَك السَّمِينَا
وَقَالَ القُتَيْبيّ: المَيسر: الجَزُور نفسُه؛ سمِّي مَيْسِراً لِأَنَّهُ يجزَّأُ أَجْزاء؛ فَكَأَنَّهُ موضعُ التّجزئة، وكلّ شَيْء جزّأتَه فقد يَسرْته، والياسِر: الجازِر. لِأَنَّهُ يُجَزِّىء لحمَ الْجَزُور.
وَهَذَا الأَصْل فِي الياسر.
ثمَّ يُقَال للضاربين بِالْقداحِ والمغامرين على الْجَزُور: ياسرون لأَنهم جازرون: إِذْ كَانُوا سَببا لذَلِك.
أَبُو عُبيد عَن أَبي عَمْرو: اليَسَرة: وَسْمٌ فِي الفَخِذَين. وجمعُها أَيْسَار.
وَمِنْه قَول ابْن مقبل:
على ذَات أيسار كَأَن ضلوعها
وأحناءها الْعليا السّقيف المشبّح
يَعْنِي الوسم فِي الفخذين. وَيُقَال: أَرَادَ قَوَائِم ابْنه.
وَقَالَ غَيره: يَسَراتُ البعيرِ قوائمُه، وَقَالَ ابْن فَسْوَة:
لَهَا يَسَراتٌ للنَّجَاءِ كأَنّها
مَواقِعُ قَيْنٍ ذِي عَلاةٍ ومِبْرَدِ
قَالَ: شبَّه قوائِمَها بمطَارقِ الحَدّاد.
أَبُو عُبيد: يَسَّرَت الغَنَمُ: إِذا كَثُرت وكَثُرَ ألبانُها ونَسْلُها، وأَنشَد:
هُما سَيِّدَانا يَزْعُمانِ وإنّما
يَسُودانِنا أنْ يَسَّرَتْ غَنَماهُمَا
حُكي ذَلِك عَن الْكسَائي. وَيُقَال: مَيْسَرة ومَيْسُرة: لليسار الْغَنِيّ.
أسر: فِي (كتاب الْعين) : شمر: الأُسرة: الدِّرع الحصينة؛ وَأنْشد:
والأسْرَة الحصداءُ والبَيْضُ
المكلَّلُ والرِّماح
وَقَالَ الفرّاء: أسَرَه الله أحْسن الأسْرِ، وأَطَرَه الله أحْسن الأطْر، ورجُلٌ مأسورٌ ومَأْطور: شديدٌ.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال: مَا أَحْسن مَا أسر قَتَبَهُ: أَي: مَا أحْسن مَا شَدَّه بالقِدّ، والقِدُّ: الَّذِي يُؤْسَرُ بِهِ القَتَب يُسمى الإسار، وجمعُه أُسُرٌ. وقَتَبٌ مَأْسور، وأَقْتَاب مآسيرٌ.
وَقيل للأسير من العَدُو: أَسير، لِأَن آخِذه يستوثق مِنْهُ بالإسار. وَهُوَ القِد لِئَلَّا يُفلت.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: يجمع الْأَسير أسرى. قَالَ: وفَعْلَى جمعٌ لكل مَا أصيبوا بِهِ فِي أبدانهم أَو عُقُولهمْ، مثل: مَرِيض ومرضى. وأحمق وحمقى، وسكران وسكرى.
قَالَ: وَمن قَرَأَ: {أُسَارَى} و (أُسَارَى) (الْبَقَرَة: 85) فَهُوَ جمعُ الْجمع.

(13/43)


وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ} (الْإِنْسَان: 28) ، أَي: شددنا خَلْقَهم، وَجَاء فِي التَّفْسِير: مفاصِلَهم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: {خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَآ} ، يَعْنِي مَصْرفي البَوْل. والغائِط إِذا خرج الْأَذَى تَقبضتَا.
وَيُقَال: فلانٌ شَدِيد أسْرِ الخلْق: إِذا كَانَ معصوب الخلْقِ غير مُستَرْخِ.
وَقَالَ العجاج يذكر رجلَيْنِ كَانَا مأسورين فأطلقا:
فأصبحا بنجوة بعد ضرَرْ
مسلَّمَيْنِ فِي إسار وأسَر
يَعْنِي: شُرِّفا بعد ضيق كَانَا فِيهِ.
وَقَوله: (فِي إسار وأسَرٍ) أَرَادَ: وأَسرٍ، فحرّك لاحتياجه إِلَيْهِ، وَهُوَ مصدر.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: إِذا احتَبَسَ على الرجل بَوْلُه قيل: أَخَدَه الأُسر، وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَصْمَعِي واليزيدي: وَإِذا احتَبَسَ الغائطُ فَهِيَ الحُصر.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ: هَذَا عُودُ أُسْر ويُسْر: وَهُوَ الَّذِي يعالَج بِهِ الإنسانُ إِذا احتَبَس بولُه، قَالَ: والأُسْر: تقطير البَوْل وحَزٌّ فِي المَثانة، وإضَاضٌ مثل إضاضِ المَاء خِضَ، يُقَال: أنالَه اللَّهُ أسراً.
وَقَالَ الفرّاء: قيل: هُوَ عُودُ الأسْر، وَلَا تقل عُود اليُسْر.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: أُسِر فلانٌ إساراً، وأُسِر بالإسار، قَالَ: والإسار: الرِّباط، والإسار: المَصدَر كالأَسْرِ.
وَجَاء الْقَوْم بأسرهم. قَالَ أَبُو بكر: مَعْنَاهُ: جَاءُوا بجميعهم وخلقهم. وَالْأَمر فِي كَلَام الْعَرَب: الْخلق.
قَالَ الْفراء: أُسِر فلَان أحسن الْأسر، أَي: أحسن الْخلق.
قَالَ: وتأسيرُ السَّرْج: السُيُورُ الّتي يُؤْسَر بهَا.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: أُسْرَة الرجلِ: عَشيرتُه الأَدْنَون.
أَبُو زيد: تأسَّر فلانٌ عليَّ تأسُّراً: إِذا اعتَلَّ وأَبطأَ.
قلت: هَكَذَا رَوَاهُ ابْن هانىء عَنهُ. وأمّا أَبُو عُبيد فإنّه رَوَاهُ بالنُّون: تأسَّنَ وَهُوَ عِنْدِي وهَم، وَالصَّوَاب بالرَّاء.
أَبُو نصر عَن الأصمعيّ: الإسَار: القَيْد، وَيكون كَبْلَ الكِتاف.
سرأ: أَبُو عبيد عَن القَنانيّ: إِذا أَلقَى الجرَادُ بَيْضَه قيل: قد سَرَأَ بَيْضَه يسْرَأ بِهِ.
قَالَ: وَقَالَ الْأَحْمَر: سَرَأتِ الجَرادةُ: إِذا ألقَتْ بَيضَها. وأَسْرَأَتْ: حَان ذَلِك مِنْهَا.
أَبُو زيد: سَرَأَت الجرادةُ: إِذا أَلقَتْ بَيضَها ورَزّتْه رَزّاً، والرَّزّ: أَن تُدخِل ذَنبَها فِي الأَرْض فتُلقِي سَرْأَها، وسَرْؤُها: بَيْضُها.
وَقَالَ الليثُ: وَكَذَلِكَ سَرْءُ السَّمَكة وَمَا أشبَهَه من البَيْض فَهُوَ سَرُءٌ. قَالَ: وَرُبمَا قيل سَرَأَت المرأةُ: إِذا كثُر ولَدُها.

(13/44)


أَبُو زيد: يُقَالُ: ضَبّةٌ سُرُوءٌ على فعول، وضِباب سُرُؤٌ على فُعُل، وَهِي الّتي بَيضُها فِي جَوْفها لم تُلْقِه.
وَقَالَ غيرُه: لَا يسمَّى البيضُ سَرْأَ حتّى تُلقِيَه. وسَرَأَتِ الصَّنّبة: إِذا باضَتْ.
وَقَالَ الأصمعيّ: الجرادُ يكون سَرْأ وَهُوَ بَيْض؛ فَإِذا خرجَتْ سُوداً فَهِيَ دَباً. قَالَ: والسَّراءُ: ضَرْبٌ من شجر القِسِيّ، والواحدة سَراءَة.
روس ريس (رَأس) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: راسَ يَرُوس رَوْساً: إِذا أَكَل وجَوَّد. وراسَ يَريس رَيْساً: إِذا تَبَخْتَر فِي مِشيَته.
قَالَ: والرَّوْسُ: الأكْلُ الْكثير، وأمّا الرّأْس بِالْهَمْز فإنّ ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: رأَسَ الرجلُ يَرْأَسُ رَأسَةً: إِذا زاحَمَ عَلَيْهَا وَأَرَادَهَا.
قَالَ: وَكَانَ يُقَال: إِن الرِّياسةَ تَنزِل من السَّمَاء فيُعصَّب بهَا رأسُ من لَا يطْلبهَا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال للْقَوْم إِذا كَثُروا وعَزُّوا: هم رَأس.
قَالَ عَمْرو بن كُلْثُوم:
برأْس من بَنِي جُشَم بنِ بَكْرٍ
نَدُقُّ بِهِ السُّهولَةَ والحُزُونَا
وَقَالَ اللّيث: رأسُ كلِّ شَيْء: أَعْلَاهُ، وثلاثةُ أَرؤُس، والجميعُ الرؤوس. وفَحْل أَرْأَس: وَهُوَ الضَّخْم الرّأس، وَقد رَئِس رَأْساً.
قَالَ: ورأَسْتُ القومَ أرأَسهُم، وفلانٌ رأسُ القومِ وَرَئِيس الْقَوْم وَقد تَرأسَ عَلَيْهِم، ورَوّسَوه على أنفُسِهم.
قلت: هَكَذَا رأيتُه فِي كتاب اللّيث، وَالْقِيَاس: رَأسُوه لَا رَوَّسُوه. والرُّؤَاسيُّ: العظيمُ الرَّأْس. ورجلٌ أريسٌ ومَرْءُوس: وَهُوَ الّذي رَأَسه السِّرْسام فأصابَ رأسَه. وكَلْبة رَءُوس: وَهِي الّتي تُساوِر رأسَ الصَّيْد.
وَقَالَ: وسحابةٌ رأسةٌ: وَهِي الّتي تَقدَّمُ السَّحابَ وَهِي الرَّوائس.
قَالَ ذُو الرمة:
نفَتْ عَنْها الغُثاءَ الرَّوائسُ
قَالَ: وبعضُ الْعَرَب يَقُول: أَن السّيل يَرْأَس الغُثاء، وَهُوَ جمعُه إِيَّاه ثمَّ يحْتَملهُ.
وَقَالَ الطّرماح:
كغريَ أجسدتْ رَأسه
فُرُع بَين رياس وَحَام
الغري: النصُب الَّذِي دُمِّي من النّسك. والحامي: الَّذِي حمي ظَهره. والرِّياس: تُشق أنوفها عِنْد الفَري فَيكون لَبنهَا للرِّجَال دون النِّسَاء.
وَيُقَال: أعطِني رَأْسا من ثُوم والضَّبُّ ربّما رَأَس الأَفعى وربّما ذَنَبها، وَذَلِكَ أَن الأفعَى تَأتي جُحَر الضّب فتَحرِشه فيَخرج أَحْيَانًا بِرَأْسِهِ فيستقبِلها.
فَيُقَال: خَرَج مُرَئِّساً، وَرُبمَا احترَشَه الرجلُ فيجعَل عُوداً فِي فَمِ جُحْره فيحسبَه

(13/45)


أَفعَى فَيخرج مُرْئساً أَو مُذَنِّباً، ورأَسْتُ فلَانا: إِذا ضربتَ رأسَه.
وَقَالَ لبيد:
كأنّ سحيلَه شكوَى رئيسٍ
يُحاذِر من سرايَا واغتيالِ
يُقَال: الرئيس هَهُنَا الَّذِي شُج رَأسه.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: يُقَال: قد ترأَسْت على الْقَوْم، وَقد رأسْتُك عَلَيْهِم، وَهُوَ رئيسُهم، وهم الرُّؤساء، والعامة تَقول: رُيَساء.
وَيُقَال: شاةٌ رَئيس: إِذا أُصيبَ رأسُها فِي غَنَمٍ رَآسي، بِوَزْن دَعاسي.
وَيُقَال: هُوَ رائسُ الكِلابِ مثل راعِي، أَي: هُوَ فِي الْكلاب بِمَنْزِلَة الرئيس فِي الْقَوْم، ورَجلٌ رؤَاسيٌّ وأَرْأَس: للعظيم الرَّأْس، وشاةٌ أَرأَس: وَلَا تقل رُؤاسِيّ. وَيُقَال: رجُلٌ رآس بوَزْن رَعَّاس للّذِي يَبيع الرُّؤوس.
وَبَنُو رؤاس: حيٌّ من بني عَامر بن صعصعة، مِنْهُم أَبُو جَعْفَر الرُّؤاسيّ وَفِي الحَدِيث أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يصبب من الرَّأْس وَهُوَ صَائِم. هَذَا كِنَايَة عَن الْقبْلَة.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: إِذا اسوَدّ رَأسُ الشَّاة فَهِيَ رأساء، فإِن ابيضَّ رأسُها من بَين جَسدها فَهِيَ رخماء وَمُخَمَّرة.
قَالَ: ورائس النَّهر والوادي أَعْلَاهُ؛ مثل رائس الْكلاب.
وَقَالَ أَبُو عبيد: رئاس السَّيْف قوائمه.
وَقَالَ ابْن مقبل:
ثمَّ اضطغنت سلاحي عِنْد مَغْرِضها
ومرفقٍ كرئاس السَّيْف إِن شَسفا
قَالَ شمر: لم أسمع رئاساً إِلَّا هَهُنَا.
وَقَالَ ابْن شُميل: روائسُ الْوَادي: أعاليه.
أَبُو عبيد عَن الفرّاءِ قَالَ: المُرائس والرَّءُوس من الْإِبِل الَّذِي لَم يَبْقَ لَهُ طِرْق إلاّ فِي رَأسه.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : يُقَال: ارْتأَسني فلانٌ واكْتأَسنى: شَغلَني، وَأَصله أخذٌ بالرّقبة وخفضها إِلَى الأَرْض، ومثلُه ارتكَسني واعتَكَسني.
أرس: وَفِي الحَدِيث: أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتب إِلَى هِرقل عَظِيم الرُّوم يدْعُوه إِلَى الْإِسْلَام، وَقَالَ فِي آخِره: (وَإِن أبَيْتَ فَإِن عَلَيْك مِثل إِثْم الإرِّيسين) .
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَرس يأرِس أَرْساً: إِذا صَار أَرِيساً، والأريس: الأكّار. قَالَ: وأرَّسَ يؤرِّس تأريساً: إِذا صَار أَكّاراً، وجمعُ الأَرِيس أَرِيْسُون، وَجمع الإرِّيس إِرِّيسُون وأرارِسة، وأَرارِس قَالَ: وأَرارِسة ينْصَرف، وأَرارِسُ لَا ينَصرف. قَالَ: والأرْسُ: الأكْل الطّيب. والإرسُ: الأصلُ الطيّب.
قلتُ: أحسِبُ الأَرِيسَ والأَرِّيسَ بِمَعْنى الأكّار من كَلَام أهلِ الشَّام، وَكَانَ أهلُ السّواد وَمَا صاقَبَها أهلَ فلاحة وإثارَة للأرَضين، وهم رَعِيَّةُ كِسرَى، وَكَانَ أهلُ

(13/46)


الرُّوم أهلَ أَثاث وصَنْعَة، وَيَقُولُونَ للمجوسيّ: أَرِيسيٌّ، يُنسَب إِلَى الأرِيس وَهُوَ الأكّار، وَكَانَت الْعَرَب تسمِّيهم الفلاّحين، فأَعلَمَهم النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّهم وَإِن كَانُوا أهلَ كتاب فإنّ عَلَيْهِم من الْإِثْم إِن لم يُؤمنُوا بِمَا أُنْزِل عَلَيْهِ مثل إِثْم المَجوس والفلاّحين الّذين لَا كِتَاب لَهُم. وَالله أعلم. وَمن الْمَجُوس قوم لَا يعْبدُونَ النَّار ويزعمون أَنهم على دين إِبْرَاهِيم، وَأَنَّهُمْ يعْبدُونَ الله تَعَالَى، ويحرّمون الزِّنَى. وصناعهم الحراثة، ويُخرجون العُشر مِمَّا يزرعون. غير أَنهم يَأْكُلُون الموقوذة. وأحسِبهم يَسْجُدُونَ للشمس، وَكَانُوا يُدعَون الأرِيسيين.

(بَاب السِّين وَاللَّام)
س ل (وَا يء)
سيل سَوَّلَ سلأ وسل ولس ألس لوس سلا لسا لَيْسَ (أسل) .
سَوَّلَ: أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجل أسْوَل، وامرأةٌ سَوْلاء: إِذا كَانَ فيهمَا استرخاء. قَالَ: واللَّخَا مِثْلُه، وَقد يسول سَوَلاً، وَقَالَ المتنخِّل:
كالسُّحُلِ البِيضِ جَلاَ لَوْنَها
هَطْلُ نِجَاءِ الحَمَلِ الأَسْوَلِ
أَرَادَ بالحَمل: السَّحابَ الأسوَد، والأسول من السَّحَاب: الّذي فِي أَسْفَله استرخاء ولهَدبه إِسْبال، وَقد سَوِلَ يَسْوَلُ سَوَلاً، وقولُ الله جلّ وعزّ: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} (يُوسُف: 18) ، هَذَا قولُ يعقوبَ عَلَيْهِ السَّلَام لولدِه حِين أخبَروه بأَكلِ الذِّئب يُوسُف، فَقَالَ لَهُم: مَا أَكلَه الذِّئْب، بل سَوَّلَتْ لكم أَنفسكُم أمرا فِي شَأْنه، أَي: زَيَّنتْ لكم أنفسُكم أمرا غيرَ مَا تَصِفون، وكأنّ التَّسويلَ تفعيلٌ من سُولِ الْإِنْسَان وَهُوَ أمنيّتُه الَّتِي يتمنّاها فتُزيِّن لطالبها الباطلَ والغُرور. وأصلُ السُّؤال مهموزٌ غير أنَّ الْعَرَب استثقلوا ضَغْطَةَ الْهمزَة فِيهِ فخفَّفوا الهمزَة قَالَ الرَّاعِي فِي تَخْفيف همزِه:
اخْتَرْتُكَ الناسَ إِذْ رَثَّت خَلائقُهمْ
واعتَلَّ من كَانَ يُرجَى عِنْده السُّولُ
والدّليل على أنّ الأصلَ فِيهِ الْهَمْز قِرَاءَة القرّاء: {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يامُوسَى} (طه: 36) ، أَي: أُعطيتَ أمنيتَكَ الَّتِي سأَلتَها.
وَقَالَ الزّجّاج: يُقَال: سَأَلْتُ أسأَل وَسلْتُ أَسَلُ، والرَّجُلانِ يَتَساءَلان ويَتَسايَلان.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: سَأَل يسألُ سُؤالاً ومَسألةً. قَالَ: والعربُ قاطبةً تحذِف همزَ سَلْ فَإِذا وَصلتْ بِالْفَاءِ وَالْوَاو همزتْ كَقَوْلِك: فاسأل، واسأل: وجمعُ الْمَسْأَلَة مسَائِل، فَإِذا حذَفوا الْهمزَة قَالُوا: مَسَلَة، والفقيرُ يسمَّى سَائِلًا.
وَقَرَأَ نَافِع وابنُ عَامر (سَالَ) غير مَهْمُوز (سَائل) وَقيل مَعْنَاهُ: بِغَيْر همز: سَالَ وادٍ بعذابٍ وَاقع. وَقَرَأَ سَائِر القرّاء: ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو والكوفيون {} (المعارج: 1) مَهْمُوز بِالْهَمْز على معنى دَعا

(13/47)


داعٍ. وَجمع السَّائِل الفقيرِ: سُؤَّال. وَجمع مَسِيل المَاء: مَسايِل بِغَيْر همز. وَجمع المَسأَلة: مسَائِل بِالْهَمْز.
وسل: قَالَ اللَّيْث: وسَّلَ فلانٌ إِلَى رَبِّه وَسِيلةً: إِذا عَمِل عَمَلاً تَقَرَّب بِهِ إِلَيْهِ، وَقَالَ لَبيد:
بلَى كلُّ ذِي رَأْيٍ إِلَى الله واسِلُ
والوَسِيلة: الوُصْلةُ والقُرْبَى، وجمعُها الوَسائل، قَالَ الله: {أُولَائِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} (الْإِسْرَاء: 57) ، وَيُقَال: توسَّل فلانٌ إِلَى فلَان بوَسيلة، أَي: تَسَبَّبَ إِلَيْهِ بسَبَب، وتقرّبَ إِلَيْهِ بحُرمةِ آصِرةٍ تَعطِفه عَلَيْهِ.
سلا: الأصمعيّ: سَلَوْتُ فَأَنا أَسْلو سُلُوّاً، وسَلِيتُ عَنهُ أسْلَى سُلِّياً بِمَعْنى سَلَوْت. وَقَالَ أَبُو زيد: معنى سلوت: إِذا نسي ذكره وَذهب عَنهُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: سليت فلَانا، أَي: أبغضته وَتركته. وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم: يُقَال: سلوتُ عَنهُ أَسلو سُلُوّاً وسُلُوَاناً، وسَلِيتُ أَسلَى سُلِيّاً، وَقَالَ رُؤبة:
لَوْ أَشْرَبُ السُّلْوانَ مَا سَلِيتُ
مَا بِي غنى عَنْك وإنْ غَنِيت
قَالَ: وسمعتُ محمدَ بنَ حيّان يَحكي أنّه حضَر الأصمعيَّ ونُصيْرَ بنَ أبي نُصَير يَعرِض عَلَيْهِ بالرّيّ، فأجرَى هَذَا البيتَ فِيمَا عَرَض عَلَيْهِ، فَقَالَ لنُصَير: مَا السُّلوان؟ فَقَالَ: يُقَال: إنّها خَرَزَة تُسحَق ويُشرَب مَاؤُهَا فتورِث شارِبَه سلْوَةً، فَقَالَ: اسكتْ، لَا يَسخَرْ مِنْك هَؤُلَاءِ، إنّما السُّلْوان مصدرُ قولِك: سَلَوْتُ أَسلُو سُلواناً؛ فَقَالَ: لَو أشرَب السُّلوان، أَي: السُّلوَّ شُرْباً مَا سَلوْتُ.
وَقَالَ اللّحياني فِي (نوادِره) : السَّلوانة والسَّلوان والسَّلْوَان: شَيْء يسْقى العاشقُ ليسْلو عَن الْمَرْأَة.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: السُّلوانة: حَصاةٌ يسقَى عَلَيْهَا العاشقُ فيسْلُو؛ وأنشَد:
شَرِبْتُ على سُلوانةٍ ماءَ مُزْنةٍ
فَلَا وجَديد العَيْشِ يَا مَيُّ مَا أسْلو
وَقَالَ أَبُو الهَيْثم: قَالَ أَبُو عَمْرو السّعدي: السُّلوانة: خَرزَةٌ تُسحَق ويُشرَب مَاؤُهَا فيَسْلو شاربُ ذَلِك المَاء عَن حُبِّ من ابْتُلِيَ بحبّه. قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: بل يؤخَذ تُرابُ قبرِ مَيّتٍ فيُجعَل فِي ماءٍ فَيموتَ حُبُّه؛ وأنشدَ:
يَا لَيتَ أَنّ لقلْبي منْ يُعللهُ
أَو ساقياً فسَقاني عنكِ سُلوانَا
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: السُّلوانة: خَرزَةٌ للبُغض بعد المَحبّة. قَالَ: والسَّلوَى: طَائِر؛ وَهُوَ فِي غير الْقُرْآن العَسَل، وجاءَ فِي التَّفْسِير فِي قولِه: {وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} (الْبَقَرَة: 57) ، أنّه طَائِر كالسُّمانيَ.
وَقَالَ اللّيث: الْوَاحِدَة سَلواة، وأَنشَد:

(13/48)


كَمَا انتفَضَ السَّلواةُ مِن بللِ القَطْرِ
أَبُو عبيد: السَّلوَى: العَسَل؛ وَقَالَ خالدُ الهُذَليّ:
وقَاسمَها بِاللَّه جَهْداً لأنتُم
ألَذُّ مِنَ السَّلوَى إِذا مَا نشُورُهَا
أَي: تأخُذُها من خَلِيّتها؛ يَعني العَسَل، وَقَالَ أَبُو بكر: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: المَنُّ: التَّرَنجبين، والسَّلوَى: السُّمَانيَ.
قَالَ: والسلوى عِنْد الْعَرَب العَسَل، وَأنْشد:
لَو أطْعموا المنَّ والسلوى مكانهُم
مَا أبْصر النَّاس طُعماً فيهُم نَجعَا
وَيُقَال: هُوَ فِي سَلْوة من العَيْش، أَي: فِي رَخاءٍ وغَفْلة، قَالَ الرَّاعِي:
أَخُو سَلْوةٍ مَسَّى بِهِ اللَّيلُ أَمْلَحُ
ابْن السّكيت: السلوة: السُّلُو. والسَّلوة: رخاء الْعَيْش.
وَيُقَال: أَسْلاني عَنْك كَذَا وسَلاّني. وَبَنُو مُسْليَةَ حيٌّ من بني الحَارِث بنِ كَعْب.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَا سَلِيتُ أَن أقولَ ذَاك، أَي: لم أَنْسَ أَن أَقُول ذَاك وَلَكِن تركتهُ عَمْداً، وَلَا يُقَال: سَلِيتُ أَن أقولَه إلاّ فِي معنَى مَا سَلِيتُ أَن أقولَه.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: السَّلَي: لُفافةُ الوَلَد من الدّواب والإبلِ، وَهُوَ مِن النَّاس مَشِيمة.
وسَلِيت النَّاقة، أَي: أخذتُ سلاها.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت: السَّلَى سَلَى الشَّاة، يكْتب بِالْيَاءِ؛ وَإِذا وصفْتَ قلت: شاةٌ سلياء. وسَلِيت الشاةُ: تدلّى ذَلِك مِنْهَا. وَيُقَال لِلْأَمْرِ إِذا فَاتَ: قد انْقَطع السّلَى، يُضرب مثلا لِلْأَمْرِ يفوت وَيَنْقَطِع. وسلَيْتَ الناقةَ: أخذت سلاها وأخرجته.
وَقَالَ ابْن السكّيت: السَّلْوة: السُّلُوّ، والسَّلْوة: رَخاءُ العَيش.
سلأ: الأصْمعي: سَلأْتُ السَّمْنَ وَأَنا أسْلأُه سَلأً. قَالَ: والسِّلاء: الِاسْم، وَهُوَ السَّمْن. وَيُقَال: سَلأَه مائةَ سَوْط، أَي: ضَرَبه. وسَلأَه مائةَ دِرْهم، أَي: نقَدَه.
وَقَالَ غيرُه: السُّلاّء: شَوْكَة النّخل، والسُّلاّء: الْجَمِيع.
وَقَالَ علقمةُ بن عَبْدة يصف فَرَساً:
سُلاّءةٌ كعَصَا النَّهدِيّ غُلَّ لَهَا
ذُو فَيْئَةٍ من نَوَى قُرَّان مَعجومُ
ألس: رُوِيَ فِي حديثِ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه دَعَا فَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذُ بك من الأَلْسِ والكِبر) .
قَالَ أَبُو عبيد: الأَلْسُ: اخْتِلَاط العَقْل، يُقَال مِنْهُ: أُلِسَ الرجلُ فَهُوَ مَأْلوس. قَالَ: وَقَالَ الأُمويّ: يُقَال: ضَرَبه فَمَا تَأَلَّسَ، أَي: مَا تَوَجَّع.
وَقَالَ غَيره: فَمَا تحَلَّس بِمَعْنَاهُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الأَلْسُ: الْخِيَانَة. والأَلْسُ: الأَصْلُ السُّوْء.

(13/49)


وَقَالَ الهَوازِنيّ: الأَلْسُ: الرِّيبة، وتَغيُّر الخُلُق من رِيبة. أَو تغيُّر الخُلُق من مَرَض، يُقَال: مَا أَلَسَك.
وأَنشَد:
إنّ بِنَا أَو بكُمَا لأَلْسَا
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للغَريم: إنّه ليَتَألَّسُ فَمَا يُعطِي وَمَا يَمنعُ، والتألُّس: أَن يكون يُرِيد أَن يُعطِيَ وَهُوَ يمْنَع، يُقَال: إنّه لَمأْلُوسُ العطِيّة، وَقد أُلِسَتْ عطيّتُه: إِذا مُنِعتْ من غير إِياس مِنْهَا.
وأَنشَد:
وصَرَمَتْ حَبْلَك بالتَأَلُّسِ
قَالَ القتيبي: الألس: الْخِيَانَة والغش، وَمِنْه قَوْلهم: فلَان لَا يدالس وَلَا يؤالس. فالمدالسة من الدَّلْس وَهُوَ الظلمَة، يُرَاد: أَنه لَا يعمي عَلَيْك الشَّيْء فيخفيه وَيسْتر مَا فِيهِ من عيب. والمؤالسة: الْخِيَانَة. وَأنْشد:
هم السّمن بالسنوت لَا ألس فيهمُ
وهم يمْنَعُونَ جارهم أَن يُقرَّدا
ولس: قَالَ اللّيث: الوَلُوس: الناقَةُ الّتي تَلِسُ فِي سَيْرها ولَسَاناً؛ والإبِلُ يُوالسُ بعضُها بَعْضًا وَهُوَ ضَربٌ من العَنَق. والمُوَالَسة: شِبْه المُداهَنة فِي الْأَمر.
وَيُقَال: فلانٌ مَا يُدالِسُ وَلَا يُوالِس. وَمَا لي فِي هَذَا الأمرِ وَلْسٌ وَلَا دَلْس، أَي: مَا لي فِيهِ خِيانةٌ وَلَا ذَنْب.
وَقَالَ ابْن شُميل: المُوالَسة: الخِداع، يُقَال: قد تَوالَسوا عَلَيْهِ وترافدوا عَلَيْهِ، أَي: تَناصَروا عَلَيْهِ فِي خِبّ وخديعة. والوَلُوس: السَّريعة من الْإِبِل.
(لوس) : قَالَ اللَّيْث: اللَّوْس: أَن يَتتبّع الإنسانُ الحَلاواتِ وَغَيرهَا فيأكل.
يُقَال: لاسَ يَلُوس لَوْساً وَهُوَ لائسٌ ولَؤُوس.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: اللَّوس: الأكلُ الْقَلِيل. واللُّوس: الأشِدّاء، واحدهمْ أَلْيَس.
سيل: قَالَ اللَّيْث: السَّيْل مَعْرُوف، وجمعُه سُيول. ومَسِيل المَاء وجمعُه أَمْسِلةٌ، وَهِي ميَاهُ الأمطار إِذا سالَت.
قلت: القياسُ فِي مَسيل الماءِ مَسايِل غيرُ مَهْمُوز، ومَن جمَعَه أَمسِلَةً ومُسُلاً ومُسْلاناً فَهُوَ على توهُّم أنَّ الْمِيم فِي المَسيل أصليّة، وأنّه على وزن فَعِيل وَلم يُرَدْ بِهِ مَفعِلاً، كَمَا جَمعوا مَكَانا أمكِنة، وَلَهُمَا نَظَائِر. والمَسِيل: مَفْعِلْ من سالَ يَسيلُ مَسِيلاً ومَسالاً وسَيْلاً وسَيَلاناً. وَيكون المَسِيل أَيْضا: المكانُ الّذي يَسِيل فِيهِ ماءُ السَّيْل.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّيَال: شجَرٌ سَبْط الأَغْصان عَلَيْهِ شَوْك أبيضُ. أصولُه أَمْثَال ثَنَايا العَذارَى.
قَالَ الْأَعْشَى:
باكَرَتْها الأغْراب فِي سِنَة النَّومِ
فتَجرِي خِلال شَوْكِ السَّيَالِ

(13/50)


يصف الْخمر. والسِّيلاَنُ: سِنْخُ قائِم السَّيفِ والسِّكِّين، وَنَحْو ذَلِك.
لَيْسَ: قَالَ اللَّيْث: ليسَ: كلمةُ جُحود، قَالَ: وَقَالَ الْخَلِيل: مَعْنَاهُ: لَا أَيْس، فطُرِحَت الْهمزَة وأُلزِقتْ اللاّم بِالْيَاءِ، وَمِنْه قولُهم: ائتِنِي من حيثُ أَيْسَ ولَيْس، وَمَعْنَاهُ: من حيثُ هُوَ وَلَا هُوَ.
وَقَالَ الكسائيُّ: لَيْسَ يكون جَحداً، وَيكون اسْتثِْنَاء، يُنصَب بِهِ، كقولِك: ذهب القومُ لَيسَ زيدا بِمَعْنى مَا عَدَا زَيْداً وَلَا يكون أبدا، وَيكون بمعنَى إلاّ زَيْداً. قَالَ: وربّما جَاءَت ليسَ بِمَعْنى لاَ الّتي يُنسقُ بهَا. قَالَ لبيد:
إِنَّمَا يَجْزِي الفَتَى لَيْسَ الجَمَلْ
إِذا أُعرِب قيل: لَيْسَ الجملُ، لأنّ لَيْسَ هَهُنَا بِمَعْنى لَا النَّسَقِيَّة، وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: أَرَادَ لَيْسَ يَجْزِي الجَمَل ولَيْس الجَملُ يَجْزِي، وربّما جَاءَت لَيْسَ بِمَعْنى لَا التّبرئة.
قَالَ ابْن كيسَان: (لَيْسَ) من الجَحْد، وَتَقَع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع: تكون بِمَنْزِلَة كَانَ، ترفع الِاسْم وتنصب الْخَبَر، تَقول: لَيْسَ زيد قَائِما، وَلَيْسَ قَائِما زيد، وَلَا يجوز أَن تقدم خَبَرهَا عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَا تَنْصَرِف. وَتَكون لَيْسَ اسْتثِْنَاء فتنصب الِاسْم بعْدهَا كَمَا تنصبه بعد إِلَّا، تَقول: جَاءَنِي الْقَوْم لَيْسَ زيدا، وفيهَا مُضْمر لَا يظْهر. وَتَكون نسقاً بِمَنْزِلَة (لَا) تَقول: جَاءَنِي عمر وَلَيْسَ زيد.
وَقَالَ لبيد:
إِنَّمَا يَجزي الْفَتى لَيْسَ الْجمل
قَالَ أَبُو مَنْصُور: وَقد صرّفوا.
وَقد صَرفوا لَيْسَ تصريفَ الْفِعْل الْمَاضِي فثنوْا وجَمَعوا وأَنّثوا، فَقَالُوا: لَيْس ولَيْسَا ولَيْسُوا، ولَيْسَت المرأةُ ولَسْنَ، وَلم يصرِّفوها فِي الْمُسْتَقْبل، وَقَالُوا: لَسْتُ أفعَل، ولَسْنا نَفْعل.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: من أسمج الْخَطَأ: أَنا لَيْسَ مِثلك، قَالَ: والصّواب لستُ مِثْلَك، لأنّ لَيْسَ فعل واجبٌ فَإِنَّمَا يُجاء بِهِ للْغَائِب المتراخِي، تَقول: عبدُ الله لَيْسَ مِثلك.
قَالَ: وَيُقَال جَاءَنِي الْقَوْم لَيْسَ أباكَ وليْسَكَ، أَي: غيرَ أَبِيك وَغَيْرك. وجاءكَ القومُ لَيْسَ إياك ولَيْسَني بالنّون بِمَعْنى وَاحِد. وَبَعْضهمْ يَقُول: لَيْسَني بِمَعْنى وغيري.
وَقَالَ اللّيث: مصدَرُ الأَلْيَس، وَهُوَ الشجاع الَّذِي لَا يَرُوعه الحَرْب.
وأنشَد:
ألْيَسُ عَن حَوْبائهِ سَخِيُّ
يَقُوله العجاج وَجمعه ليسٌ.
وَقَالَ آخر:
تَخالُ نَدِيَّهم مَرْضَى حَياءً
وتَلقاهُمْ غَداةَ الرَّوْعِ ليْسَا
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الأَلْيَس: الَّذِي لَا يَبْرَح بَيْتَه.

(13/51)


وَقَالَ غَيره: إِبِلٌ لِيسٌ على الحَوض: إِذا أقامتْ عَلَيْهِ فلمْ تبرحْه، وَيُقَال للرجل الشُّجاع: أَهْيَس أَلْيَس، وَكَانَ فِي الأَصْل أَهْوَس أَلْيس، فلمّا ازْدَوَج الكلامُ قَلَبوا الواوَ يَاء فَقَالُوا: أَهْيَس. والأهْوَس: الَّذِي يَدُقُّ كلَّ شَيْء ويَأْكُلُه. والألْيَس: الَّذِي لَا يُبارح قِرْنَه، وربّما ذَمُّوا بقَوْلهمْ: أهيَس ألْيس، فَإِذا أَرَادوا الذّمّ عَنَوْا بالأهْيَس: الأهْوَس، وَهُوَ الْكثير الْأكل، وبالألْيس الَّذِي لَا يَبْرَح بَيْتَه، وَهَذَا ذَمّ.
وَقَالَ بعضُ الْأَعْرَاب: الألْيَس: الدَّيُّوثي الَّذِي لَا يَغار ويُتَهزَّأُ بِهِ؛ فَيُقَال: هُوَ أَلْيَسُ بُورِكَ فِيهِ. فاللّيَس يَدخُل فِي الْمَعْنيين: فِي المدحِ والذَّمّ. وكلٌّ لَا يَخفَى على المُتَفَوِّهِ بِهِ.
وَيُقَال: تَلايَسَ الرجلُ: إِذا كَانَ حَمُولاً حَسَن الخُلُق، وتلايَسْتُ عَن كَذَا وَكَذَا: أَي: غَمّضْتُ عَنهُ، وفلانٌ أَلْيَسُ دَهْثَم: أَي: حَسَن الخُلق.
وَفِي الحَدِيث: (كُلُّ مَا أنهرَ الدّم فكُلْ لَيْسَ السِّنّ والظُّفْرَ) ، وَالْعرب تستثني بليس فَتَقول: قَامَ الْقَوْم لَيْسَ أَخَاك، وَلَيْسَ أخويك، وَقَامَ النسْوَة لَيْسَ هنداً. وَقَامَ الْقَوْم ليسي وليْسَني وَلَيْسَ إيّاي. وَأنْشد:
قد ذهب الْقَوْم الْكِرَام ليسي
وَقَالَ الآخر:
وَأصْبح مَا فِي الأَرْض مني تقيّةً
لناظره لَيْسَ العظامَ العواليا
لسا: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: اللَّسَا: الْكثير الْأكل من الْحَيَوَان.
وَقَالَ: لَسَا: إِذا أَكَلَ أَكْلاً يَسيراً، وكأنّ أصلَه من اللَّسِّ وَهُوَ الأكْل.
أسل: قَالَ اللَّيْث: الأسَلُ: نباتٌ لَهُ أغصانٌ كثيرةٌ دِقاق، لَا وَرَق لَهُ، ومَنبِتُه الماءُ الراكد؛ يُتَّخَذ مِنْهُ الغرابيلُ بالعِراق، الْوَاحِدَة أَسَلة؛ وَإِنَّمَا سمِّي القَنَا أَسَلاً تَشْبِيها بِطُولِهِ واستوائه، وَقَالَ الشَّاعِر:
تَعْدُو المنايا على أُسامةَ فِي الخِي
سِ عَلَيْهِ الطَّرْفاءُ والأسَلُ
وأَسَلَةُ اللِّسانِ: طَرَفُ شَباتِه إِلى مُستدَقِّه.
وَمِنْه قيل للصاد وَالزَّاي وَالسِّين: أسلِيّة، لِأَن مبدأها من أسلة اللِّسَان، وَهُوَ مستدق طرفه.
وأَسَلَةُ الذِّراع: مستدَقُّ الساعِد مِمَّا يَلِي الكفّ.
وكفٌّ أَسيلةُ الْأَصَابِع: وَهِي اللطيفة، السَّبْطةُ الْأَصَابِع.
وخَدٌّ أَسيل: وَهُوَ السَّهْل اللَّيّن، وَقد أَسُل أَسالةً.
أَبُو زيد: من الخُدود الأسيل، وَهُوَ السهل اللين الدّقيق المستوي، والمَسْنُونُ اللَّطيفُ، الدّقيق الْأنف.
ورُوِي عَن عليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: لَا قَوَد إلاّ بالأَسَل، فالأسَل عِنْد عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام كلّ مَا أرِقَّ من الْحَدِيد وحُدِّد من سيفٍ أَو سكين أَو سِنان، وأَسَّلْتُ

(13/52)


الحَديدَ: إِذا رَقَّفْتَه، وَقَالَ مُزاحِم العُقَيْلِيّ:
يُبَارِي سَدِيساها إِذا مَا تَلمَّجَتْ
شَباً مِثْلَ إبْزِيمِ السِّلاحِ المُؤَسَّلِ
وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: إيَّاكُمْ وحَذْفَ الأَرْنب بالعَصَا، ولْيُذَكِّ لكم الأَسَل: الرِّماح والنَّبْل.
قَالَ أَبُو عُبيدة: لم يُرد بالأَسَل الرّماحَ دُون غَيرهَا من سَائِر السِّلَاح الّذي رُقِّقَ وحُدِّد.
قَالَ: وَقَوله: الرّماح والنبل يرد قولَ من قَالَ: الأَسَل: الرِّماحُ خاصّة، لِأَنَّهُ قد جعل النَّبْل مَعَ الرماح أسلاً. وَجمع الفرزدق الأَسَل الرماحَ أسلاتٍ فَقَالَ:
قد ماتَ فِي أسلاتِنا أَو عَضَّنه
عَضْبٌ برَوْنَقِه المُلوكُ تُقتَّلُ
أَي: فِي رِماحِنا. ومأْسَل: اسْم جَبَلٍ بعَيْنه.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الأسَلَةُ: طَرف اللِّسان، وَقيل للقَنَا أَسَل لما رُكِّب فِيهَا من أَطْرَاف الأسِنَّة.

(بَاب السِّين وَالنُّون)
س ن (وَا ىء)
سنا وَسن نوس نسي أسن أنس نسأ سان: (مستعملة) .
سنا: قَالَ اللَّيْث: السّانِيَة جمعُها السَّوانِي: مَا يُسقَى عَلَيْهِ الزُّروع والحيوانُ من كبيرٍ وغَيره.
وَقد سَنَتِ السّانية تَسْنُو سُنُوّاً: إِذا استَقَت وسِنايَةً وسِنَاوَة.
قَالَ: والسَّحاب يَسْنُو الْمَطَر والقومُ يَسْتنون: إِذا أسنَتوا لأَنْفُسِهِمْ، قَالَ رؤبة:
بأيِّ غَرْبٍ إِذْ عرفنَا نَسْتَنِي
ابْن هانىء عَن أبي زيد: سَنَت السماءُ تَسْنُوا سُنُوّاً: إِذا مَطَرَتْ، وسَنَوْتُ الدَّلْوَ سِناوة: إِذا جررْتها من الْبِئْر.
أَبُو عبيد: السّاني: المستقي، وَقد سنَا يَسْنُو، وَجمع الساني سُناة، قَالَ لبيد:
كأَنّ دُمُوعه غَرْباً سُنَاةٍ
يُحِيلون السِّجال على السجال
جعل السُّناة الرِّجال الَّذين يَلُون السَّواني من الْإِبِل، ويُقبلون بالغُرُوبِ فيُحيلونها، أَي: يَدْفُقون ماءها فِي الْحَوْض.
وَيُقَال: رَكيّة مَسْنَوية: إِذا كَانَت بعيدَة الرِّشاء لَا يُستقى مِنْهَا إِلَّا بالسّانية من الْإِبِل، والسانِية تقع على الْجمل والناقة، بِالْهَاءِ. والساني: يَقع على الْجمل وعَلى الرّجُل وَالْبَقر، وربّما جعلُوا السَّانية مصدرا على فَاعله بِمَعْنى الاستقاء، وَمِنْه قَول الراجز، وَأنْشد الفرّاء:
يَا مرحباهُ بحمارٍ ناهِيَهْ
إِذا دنَا قَرَّبْتُه للسانيهْ
أَرَادَ: قرْبْتُه للسانية. وَهَذَا كُله مسموع من الْعَرَب.
وَيُقَال: سَنَيْتُ الْبَاب وسَنَوْتَهُ: إِذا فتحتَه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ الْفراء: يُقَال:

(13/53)


سناها العيثُ يَسْنُوها فَهِيَ مَسْنُوَّة ومَسْنِيَّة، يَعْنِي سَقَاهَا.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: سانيْتُ الرجل: راضيتُه وأحسنتُ معاشَرَتَه، وَمِنْه قَول لبيد:
وسانيتُ مِن ذِي بَهْجَةٍ ورَقيتُه
عَلَيْهِ السُّموط عابسٍ متغَضِّبِ
اللَّيْث قَالَ: والمُساناة: المُلاينة فِي الْمُطَالبَة. والمُساناة: المُسَانَهَة، وَهِي الْأَجَل إِلَى سنة.
وَقَالَ: المُساناة: المصانَعة، وَهِي المُداراة، وَكَذَلِكَ المُصاداة والمُداجاة.
قَالَ: وَيُقَال: إِن فلَانا لسَنِيُّ الْحسب، وَقد سَنُوَ يَسْنُو سُنُوّاً وسنَاء مَمدُود.
قَالَ: والسَّنا مَقْصُور: حدُّ مُنْتَهى ضوءِ الْبَدْر والبرق، وَقد أَسنى البرقُ: إِذا دخل سناهُ عَلَيْك بَيْتك، وَوَقع على الأَرْض أَو طَار فِي السَّحَاب.
وَقَالَ أَبُو زيد: سنَا الْبَرْق: ضَوْءُه من غير أَن تَرَى الْبَرْق أَو ترى مَخرجه فِي مَوْضِعه، وَإِنَّمَا يكون السَّنا بِاللَّيْلِ دون النَّهَار، وَرُبمَا كَانَ فِي غير سَحَاب.
وَقَالَ ابْن السّكيت: السناءُ من الشَّرَف وَالْمجد مَمْدود. والسَّنَا: سَنَا البَرْق وَهُوَ ضوؤه، يكْتب بالألِف ويثنَّى سَنَوان، وَلم يعرف لَهُ الْأَصْمَعِي فعلا.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّنَا: نباتٌ لَهُ حَمْل، إِذا يبس فحرّكته الرِّيح سمعتَ لَهُ زجلاً، والواحدة سناة.
وَقَالَ حُمَيْد:
صَوْتُ السَّنا هَبَّتْ لَهُ عُلْوِيّةٌ
هَزَّتْ أعاليه بسَهْبٍ مُقْفِرِ
وَقَالَ ابْن السّكيت: السّنا: نبتٌ، وَفِي الحَدِيث: (عَلَيْكُم بالسَّنَا والسَّنُّوتِ) وَهُوَ مَقْصُور.
وَقَالَ غَيره: تُجْمع السّنة سنوات وسِنِين.
قَالَ: والمُسَناة: ضفيرةٌ تُبنى للسيل لترُدّ المَاء، سُمّيت مُسَنّاةً لِأَن فِيهَا مفاتيحَ للْمَاء بِقدر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ مِمَّا لَا يغلب، مأخوذٌ من قَوْلك: سنَّيت الْأَمر: إِذا فتحتَ وَجهه، وَمِنْه قَوْله:
إِذا الله سنّى عِنْد أَمرٍ تَيَسَّرَا
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: وتَسَنى الرجل: إِذا تَسَهَّلَ فِي أُمُوره، وَأنْشد:
وَقد تَسَنّيْتُ لَهُ كلَّ التَّسَني
وَيُقَال: تَسَنَّيْتُ فلَانا: إِذا ترضّيته. وتسنَّى الْبَعِير الناقةَ: إِذا تسدّاها وقعَا عَلَيْهَا ليضربها.
وَسن: قَالَ اللَّيث: الوسَن: ثقل النّوْم. ووَسِنَ فلانٌ: إِذا أَخَذته سَنةُ النُّعاس. ورجُل وَسِن ووَسْنان، وَامْرَأَة وسْنى: إِذا كَانَت فاتِرَة الطَّرْف.
وَقَالَ الله عز وَجل: {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} (الْبَقَرَة: 255) ، أَي: لَا يَأْخُذهُ نعاسٌ وَلَا نوم، وتأويله: أَنه لَا يَغْفُل عَن تَدْبِير أَمر الْخلق، قَالَ ابْن الرِّقاع:

(13/54)


وَسْنانُ أَقصده النُّعاسُ فَرَنَّقَتْ
فِي عينه سِنَةٌ وَلَيْسَ بنائم
ففرّق بَين السِّنَةِ وَالنَّوْم كَمَا ترى.
قلت: إِذا قَالَت الْعَرَب امرأةٌ وَسْنى: فَالْمَعْنى أَنَّهَا كَسلى من النَّعمة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: مَيسَانُ: كوكبٌ، يكون بَين المعَرّة والمجرّة.
وَرُوِيَ عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الميَاسين: النُّجُوم الزاهرة.
قَالَ: والمَيسُونُ من الغِلمان: الحسنُ القَدّ الطّرِيرُ الْوَجْه.
قلتُ: أما مَيسانُ اسمُ الْكَوْكَب فَهُوَ فَعلانُ من مَاس يميس: إِذا تبختر، وَأما مَيسون فَهُوَ فَيْعُول من مَسَنَ أَو فَعْلُونَ من ماسَ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: امْرَأَة مَوْسُونةٌ: وَهِي الكسلَى.
سان: وَقَالَ اللَّيْث: طُورُ سِينا: جَبَل. قَالَ: وسِينين: اسْم جَبَل بِالشَّام.
وَقَالَ الزّجّاج: قيل: إنّ سِيناء حجارةٌ، وَهُوَ وَالله أعلم اسمُ الْمَكَان فَمن قَرَأَ سَيْناء على وَزْن صَحْراء، فإنّها لَا تَنْصَرِف، وَمن قَرَأَ سِيناءَ، فَهِيَ هَا هُنَا اسمٌ للبُقْعة، فَلَا ينْصَرف، وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب فِعْلاء بِالْكَسْرِ ممدودة.
قَالَ اللَّيْث: السِّين حرفُ هِجاءٍ يذكَّر ويؤنَّث، هَذِه سينٌ، وَهَذَا سِينٌ، فَمن أنَّث فعلى توهُّم الْكَلِمَة، وَمن ذَكَّر فعلى توهُّم الْحَرْف.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: التَّسَوُّن: استرخاءُ البَطْن.
قلتُ: كأنّه ذهب بِهِ إِلَى التَّسَوُّل، من سَوِل يَسْوَل: إِذا استرخى، فأبدَلَ من اللَّام نُوناً.
نسي: قَالَ اللَّيْث: نسيَ فلانٌ شَيْئا كَانَ يذكُرُه وَإنَّهُ لَنسِيٌّ، أَي: كثيرُ النسْيَان. والنِّسْيُ: الشيءُ المَنْسيُّ الَّذِي لَا يُذكَر.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {مَا نَنسَخْ مِنْءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا} (الْبَقَرَة: 106) .
قَالَ الفرّاء: عامّة القُرّاء يجعلونها من النِّسْيان.
قَالَ: والنِّسْيان هَا هُنَا على وَجْهَيْن: أحدُهما: على التَّرْك، نتْرُكُها فَلَا نَنْسَخُها، كَمَا قَالَ الله جلّ وعزّ: {نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} (التَّوْبَة: 67) ، يُرِيد: تَرَكُوهُ فترَكهم.
والوجهُ الآخر من النّسْيان الَّذِي يُنْسَى، كَمَا قَالَ جلّ شَأْنه: {وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} (الْكَهْف: 24) .
وَقَالَ الزَّجّاج: قُرىء: {أَوْ نُنسِهَا} (الْبَقَرَة: 106) وقرىء: (نَنْسَهَا) ، وقرىء: (نَنْسأْها) . قَالَ: وَقَالَ أهلُ اللُّغَة فِي قَوْله: {أَوْ نُنسِهَا} .
قَالَ بَعضهم: {أَوْ نُنسِهَا} من النِّسْيان وَقَالَ: دليلُنا على ذَلِك قولُ الله تَعَالَى: {أَحْوَى سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى} {إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ} (الْأَعْلَى: 6، 7) ، أنّه يشاءُ أَن يَنسى.

(13/55)


قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَهَذَا القولُ عِنْدِي لَيْسَ بجائز؛ لأنّ الله قد أنبأ النبيَّ عَلَيْهِ السَّلَام فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} (الْإِسْرَاء: 86) ، أَنه لَا يَشَاء أَن يَذهَب بِمَا أوحَى بِهِ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ: وَفِي قَوْله تَعَالَى: {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ} (الْأَعْلَى: 6، 7) قَولَانِ يُبْطِلان هَذَا القولَ الَّذِي حَكَيْناه عَن بعض أهل اللُّغَة: أحدُهما: {تَنسَى إِلاَّ مَا شَآءَ} أَي: فلستَ تَتْرك إِلَّا مَا شَاءَ الله أَن تَتْرُك.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون: {إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ} ممّا يلْحق بالبَشَريّة، ثمَّ تذَكَّرُ بعدُ ليسَ أَنه على طَرِيق السَّلْب للنبيّ عَلَيْهِ السَّلَام شَيْئا أوتيَه من الْحِكْمَة.
قَالَ: وَقيل فِي {أَوْ نُنسِهَا} قَول آخر؛ وَهُوَ خطأ أَيْضا.
قَالُوا: أَو نَتركها، وَهَذَا إِنَّمَا يُقَال فِيهِ: نَسِيت إِذا تركت، لَا يُقَال: أُنْسيتَ تركت، وَإِنَّمَا مَعنى: {أَوْ نُنسِهَا} (الْبَقَرَة: 106) أَو نتركها، أَي: نأمركم بتَرْكِها.
قلتُ: وممّا يقوِّي قولَه، مَا أخبرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشدهُ:
إنّ عليَّ عُقْبَةً أَقْضِيها
لستُ بناسِيها وَلَا مُنْسِيها
قَالَ: بناسِيها: بتارِكها، وَلَا مُنسِيها: وَلَا مؤخِّرها، فوافَق قَول ابْن الأعرابيّ قَولَه فِي النَّاسِي أنّه التارك لَا المنسيّ؛ وَاخْتلف قَوْلهمَا فِي المُنْسِي، وَكَانَ ابْن الْأَعرَابِي ذهبَ فِي قَوْله: (وَلَا مُنْسِيها) إِلَى ترك الْهَمْز، مِن أَنسَأْت الدَّيْنَ، أَي: أخَّرْتَه على لُغَة مَن يخفِّف الْهمزَة.
وأمّا قولُ الله جلّ وعزّ حِكَايَة عَن مريمَ: {وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً} (مَرْيَم: 23) ، فإنّه قرىء (نسْياً) و (نِسْياً) ، فَمن قَرَأَ بِالْكَسْرِ فَمَعْنَاه حَيْضةً مُلْقاةً، وَمن قَرَأَ (نَسْياً) فَمَعْنَاه شَيْئا مَنْسِياً لَا أُعرَف، وَقَالَ الزّجّاج: النِّسْيُ فِي كلامِ العَرَب: الشيءُ الْمَطْرُوح لَا يُؤْبَه لَهُ، وَقَالَ الشَّنْفَري:
كأنّ لَهَا فِي الأَرْض نِسْياً تَقُصُّه
على أُمِّها وإنّ تُحاطِبْك تَبْلَتِ
وَقَالَ الفرّاء: النِّسْيُ والنَّسْيُ لُغَتَانِ فِيمَا تُلْقِيه المرأةُ من خِرَق اعتلالِها. قَالَ: وَلَو أَردتَ بالنِّسْيِ مصدَر النِّسْيان كَانَ صَوَابا، والعَرَب تَقول: نَسِيتُه نِسْياناً ونِسْياً.
وأخبَرَني المُنذِريُّ عَن ابْن فَهْم، عَن محمّد بن سلاّم، عَن يونسَ أنّه قَالَ: العَرَبُ إِذا ارتَحَلوا من الدّار قَالُوا: انْظُروا أَنساءَكم: أَي: الشيءَ اليَسيرَ نَحْو العَصَا والقَدَح والشِّظاظ.
وَقَالَ الْأَخْفَش: النِّسْيُ: مَا أغفِل من شَيْء حقيرٍ ونُسِيَ.
وأخبَرَني الإياديُّ عَن شمر عَن ابْن الأعرابيّ أنّه أَنشَدَه:
سَقَوْني النَّسْيَ ثمَّ تكنَّفُونِي

(13/56)


عُدَاةَ اللَّهِ من كَذِبٍ وزُورِ
بِغَيْر همز، وَهُوَ كلُّ مَا نَسَّى العَقْلَ. قَالَ: وَهُوَ اللَّبن الحليبُ يُصَب عَلَيْهِ ماءٌ.
قَالَ شمر: وَقَالَ غيرُه: هُوَ النَّسِيُّ بنَصْب النُّون بِغَيْر همز، وأَنشَد:
لَا تَشْرَبَن يومَ وُرودٍ حازِرَا
وَلَا نسِيّاً فتَجيءَ فاتِرَا
أَبُو عُبيد: يُقَال للّذي يشتكي نَساه: نَسٍ، وَقد نَسِيَ يَنْسَى، إِذا اشتَكَى نَسَاه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: رجلٌ أَنْسَى، وامرأةٌ نَسْيا، إِذا اشتَكَيَا عِرْقَ النَّسا.
وَقَالَ ابْن السكّيت: هُوَ النَّسا لهَذَا العِرْق، وَلَا تقل عِرْق النَّسا، وأَنشَد غيرُه قولَ لبيد:
مِنْ نَسَا النّاشِطِ إِذْ ثَوَّرْتَهُ
أَو رَئيسِ الأخْدَرِيّاتِ الأُوَلْ
يُقَال: نَسِيتُه أَنْسِيه نَسْياً: إِذا أَصَبْتَ نَساه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: النَّسْوَة: الجُرْعة من اللّبن. والنَّسوةُ: التَّرْك للعَمَل. والنِّسوةُ بِكَسْر النُّون لجَماعَة الْمَرْأَة من غير لفظِها، وَالنِّسَاء: إِذا كَثُرْن.
نسأ: أَبُو عبيد عَن الأمَويّ: النَّسءُ بِالْهَمْز: اللَّبَن المَحْذُوق بِالْمَاءِ، وأَنشَد بَيت عُرْوَة بن الْورْد:
سَقَوْني النَّسءَ ثُمّ تكنَّفُونِي
عُدَاةَ اللَّهِ مِنْ كَذِبٍ وزُورِ
وقرىءَ: {نَنسَخْ مِنْءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا} (الْبَقَرَة: 106) الْمَعْنى: مَا نَنْسخ لَك من اللّوح الْمَحْفُوظ، أَو ننسأْها: نؤخِّرها، فَلَا نُنْزِلها.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: التَّأْوِيل أنّه نَسخها بغَيْرهَا وأقرَّ خَطّها، وَهَذَا عِنْدهم الْأَكْثَر والأجوَد.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {إِنَّمَا النَّسِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءُ زِيَادَةٌ فِى الْكُفْرِ} (التَّوْبَة: 37) ، قَالَ الفرّاء: النَّسِيءُ: المَصْدَر، وَيكون المَنْسُوء: مِثل قَتِيل ومَقْتول، قَالَ: وَإِذا أَخَّرْتَ الرجلَ بِدَيْنِه، قلتَ أنسأْتُه، فَإِذا زدتَ فِي الأجَل زِيَادَة يَقع عَلَيْهَا تَأْخِير قلت: قد نسأْتُ فِي أيّامك، ونسأْتُ فِي أَجَلك: وَكَذَلِكَ تَقول للرجل: نسأَ اللَّهُ فِي أَجلك، لِأَن الأجَل مَزيدٌ فِيهِ، وَلذَلِك قيل للَّبن: النَّسْيء، لزِيَادَة المَاء فِيهِ، وَكَذَلِكَ قيل: نُسِئَت المرأةُ: إِذا حملتْ، جَعَل زيادةُ الْوَلَد فِيهَا كزيادة الماءِ فِي اللَّبن، يُقَال: والناقة: نسأْتها، أَي: زجرْتُها لِيَزْدَادَ سَيْرُها.
وَقَالَ الْفراء: كَانَت العربُ إِذا أَرَادَت الصَّدَرَ عَن مِنًى قَامَ رَجُل من بني كنانَة وسمّاه فَيَقُول: أَنا الّذي لَا أُعابُ وَلَا أُجاب، وَلَا يُرَدّ لي قَضَاء، فَيَقُولُونَ: صدقتَ: أَنْسئْنا شَهْراً، يُرِيدُونَ: أَخِّرْ عنّا حُرْمةَ المحرَّم واجعَلْها فِي صَفَر، وأَحِلَّ المحرَّم، فيَفعل ذَلِك، لئلاّ يتوالَى عَلَيْهِم ثلاثةُ أشهُر حُرُم، فَذَلِك الإنساء.
قلتُ: والنسيءُ فِي قَول الله مَعْنَاهُ الإِنْساء، اسمٌ وُضِع موضعَ المَصْدَر

(13/57)


الحقيقيّ من أنسَأْتُ، وَقد قَالَ بعضُهم: نَسَأْتُ فِي هَذَا الْموضع بِمَعْنى أَنْسَأْتُ؛ قَالَ عُمَير بنُ قيسِ بنِ جِذْل الطِّعان:
ألَسْنا النّاسِئين على مَعَدِّ
شُهُورَ الحِلِّ نَجْعَلُهَا حَرامَا
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَنسأَ اللَّهُ فلَانا أَجَلَه، ونَسَأَ فِي أَجَلِه.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ مثله.
قَالَ: وأنسأْتُه الدَّينَ. قَالَ: وَيُقَال: مَا لَه نَسَأه اللَّهُ، أَي: أخَّزَاه الله. وَيُقَال: أَخَرَه الله. وَإِذا أَخَّره فقد أَخْزاه. قَالَ: وَقد نُسِئَت المرأةُ: إِذا بَدَا حَمْلُها فَهِيَ نَسُوءٌ. وَقد جَرَى النَّسْء فِي الدّوابِ: يَعْنِي السِّمَن. ونَسَأْتُ الإبلَ أنسَأُها: إِذا سُقْتَها؛ قَالَ: وأنشدَنا أَبُو عَمْرو بنُ الْعَلَاء:
وَمَا أمُّ خِشْفٍ بالعَلاَيةِ شادِنٍ
تُنَسِّىءُ فِي بَرْدِ الظِّلالِ غَزَالها
قَالَ: وانتسَأَ القومُ: إِذا تبَاعَدوا.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا تنَاضَلْتم فانتسِئوا عَن الْبيُوت) ، أَي: تبَاعَدوا؛ وَقَالَ مَالك بن زُغْبة:
إِذا انْتَسَئُوا فَوْتَ الرِّماح أتتْهُمُ
عَوَائِرُ نَبْلٍ كالجرادِ نُطيرُها
وَقَالَ أَبُو زيد: نَسأْتُ الإِبِلِ عَن الْحَوْض: إِذا أخَّرْتها. ونَسَأَتِ الماشيةُ تَنْسَأ: إِذا سَمِنَتْ؛ وكلُّ سَمين ناسىء. ونُسِئَت المرأةُ فِي أوّل حَمْلِها، وأَنْسَأْتُه الدَّين: إِذا أخَّرتَهُ؛ وَاسم ذَلِك الدَّين النّسِيئة. قَالَ: ونسأتُ الإبلَ فِي ظِمْئِها فَأَنا أنسؤها نسْأً: إِذا زدتها فِي ظمئها يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ.
وَقَالَ الفَرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {دَابَّةُ الاَْرْضِ} (سبأ: 14) ، هِيَ: العَصَا الضّخمة الّتي تكون مَعَ الرَّاعِي، يُقال لَهَا المنْسأة، أُخِذَت من نَسأْتُ الْبَعِير، أَي: زَجَرْتُه ليزدادَ سيرُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: ناسَاه: إِذا أبْعَدَه، جَاءَ بِهِ غيرَ مَهْموز، وَأَصله الهمزُ.
أسن: قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ} (مُحَمَّد: 15) .
قَالَ الفَرَّاء: أَي غيرُ متغيِّر وَلَا آجِن.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أسَنَ الماءُ يأسِنُ أَسْناً وأُسُوناً: وَهُوَ الّذي لَا يَشْرَبه أحدٌ من نَتْنه. قَالَ: وأَجَنَ يأْجِنُ: إِذا تغيّر، غيرَ أنّه شَرُوب.
وَفِي حَدِيث عمَر: أَن قَبيصةَ بن جَابر أَتَاهُ فَقَالَ: إنِّي رَمَيْتُ ظَبياً وَأَنا مُحرِم فأَصَبْتُ خُشَشَاءَه فأَسِنَ فماتَ.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَوْله: (أَسن) يَعْنِي أدِير بِهِ، وَلِهَذَا قيل للرَّجل إِذا دَخَل بِئْرا فاشتدَّت عَلَيْهِ ريحُها حَتَّى يصيبَه دُوار مِنْهُ فيسقُط: قد أَسِن يأسَن أَسناً، قَالَ زُهير:
يُغَادِرُ القِرْنَ مصفَرّاً أنامِلُه
يَمِيدُ فِي الرُّمْح مَيْدَ المائح الأَسِنِ
قلتُ: هُوَ الأَسِن واليَسن أُسمعتُه من غيرِ وَاحِد بِالْيَاءِ، كَمَا قَالُوا رُمْحٌ بَزَنى وأَزَنيّ،

(13/58)


وَمَا أَشْبَهَه.
أَبُو عُبيد عَن الفَرّاء قَالَ: إِذا بَقِيَتْ من شَحم النَّاقة ولحمِها بقيّةٌ فاسمُها الأسُنُ والعُسُنُ، وجمعُه آسان وأَعْسان. وَيُقَال: تَأَسَّنَ فلَان أبَاه: إِذا تَقيّله. وَهُوَ على آسانٍ من أَبِيه وآسالٍ.
وَقَالَ اللّيث: تأَسّن عَهْدُ فلَان ووُدُّه: إِذا تغبّر، وَقَالَ رُؤْبة:
راجَعَهُ عَهْداً عَن التّأسُّنِ
قَالَ: والأَسينَة: سَيْرٌ وَاحِد من سُيورٍ تُضْفَر جَمِيعًا فتُجعَل نِسْعاً أَو عِناناً، وكلُّ قُوَّة من قُوَى الوَتَر أَسينَة، والجميع أَسائن، والأسُون والآسَان أَيْضا.
وَقَالَ الشَّاعِر:
لقد كنتُ أَهْوَى الناقميَّةَ حِقْبَةً
فقد جعلَتْ آسانُ بَيْن تَقَطَّعُ
قَالَ ذَلِك الفَرّاء.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: تَأَسَّنَ فلانٌ عليَّ تأسُّناً: أَي: اعتَلّ وأَبطأَ.
ورَواهُ ابْن هانىء عَنهُ: تأسَّر بالراء، وَهُوَ الصَّوَاب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَسِنَ الرجلُ يَأْسَنُ: إِذا غُشِيَ عَلَيْهِ من رِيح الْبِئْر.
قَالَ: وأسَنَ الرجلُ لِأَخِيهِ يأْسِنُه ويأسُنه: إِذا كَسَعَه بِرجلِهِ.
قَالَ أَبُو العبّاس: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأَسْنُ: لُعْبةٌ لَهُم يسمُّونها الضَّبْطة والمَسّة.
وَقَالَ غيرُه: آسانُ الرجل: مذاهِبُه وأخلاقه، وَقَالَ ضابىء البُرْجُميّ:
وقائلةٍ لَا يُبْعدُ اللَّهُ ضابئاً
وَلَا تَبْعَدَنْ آسانُه وشمَائلُهْ
وَسن: وَقَالَ أَبو زيد: رَكِيّةٌ مُوسِنَةٌ يَوْسَنُ فِيهَا الإنسانُ وسَناً: وَهُوَ غَشْيٌ يَأْخُذهُ، وَبَعْضهمْ يَهمِز فَيَقُول: أَسِن.
قلت: وَسمعت غير وَاحِد من الْعَرَب يَقُول: ترجّل فلَان فِي الْبِئْر فَأَصَابَهُ اليَسَنُ فطاح مِنْهَا، بِمَعْنى الأسن. وَقد يسن ييسن لُغَات مَعْرُوفَة عِنْد الْعَرَب كلهَا.
وَيُقَال: توسَّنْتُ فلَانا تَوَسُّناً: إِذا أتيتَه عِنْد النَّوم، قَالَ الطّرِمّاح:
أذَاكَ أم ناشطٌ توسَّنَه
جارِيَ رذاذٍ يَسْتَنُّ مُنْجِرِدُهْ
وتَوَسَّنَ الفَحلُ الناقةَ: إِذا أَتَاهَا باركةً فضَرَبها، قَالَ أَبُو دُواد:
وغَيثٍ توسّنَ مِنْهُ الرِّيا
حُ جُوناً عِشاراً وعُوناً ثقالاَ
جعل الرِّياح تُلقح السحابَ، فضَرب الجونَ والعُوْن لَهَا مَثَلا.
والجون: جمعُ الجونة، والعُونُ: جمعُ العَوَان.
ورُوي عَن ابْن عمَر أَنه كَانَ فِي بيتِه المَيْسُوس فَقَالَ: أخرِجوه فإنّه رِجْس، قَالَ شمر: قَالَ البَكْراويّ: المَيْسوسن: شيءٌ تَجْعَلهُ النِّساء فِي الغِسلة لرؤوسهنّ.

(13/59)


أنس: أَبُو زيد: تَقول العَرب للرّجل: كيفَ ترى ابنَ إنسك: إِذا خاطبتَ الرجل عَن نَفسه.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: فلانٌ ابْن أُنسِ فلانٍ، أَي: صفيُّه وأنيسه.
وأخبرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الفرّاء: قلت للدُّبَيْري: إيش قولُهم: كَيفَ ترى ابْن إِنسك بِكَسْر الْألف؟ فَقَالَ: عزَاه إِلَى الْإِنْس، فَأَما الأُنس عِنْدهم فَهُوَ الغَزَلُ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: أَنسْتُ بِهِ إنساً بِالْكَسْرِ وَلَا يُقَال أُنساً، إِنَّمَا الْأنس: حديثُ النِّساء ومؤانستهُنّ، رَوَاهُ أَبُو حَاتِم عَن أبي زيد.
وَقَالَ ابْن السكّيت: أَنستُ بِهِ آنَسُ، وأَنَستُ بِهِ آنِسُ أُنساً، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو زيد: إنسِيٌّ وإنْس، وجِنِّيٌّ وجِنّ، وعَرَبيّ وعرَب.
وَقَالَ: آنِسٌ وآنَاسٌ كثير وإنسان وأنَاسيَةٌ وأنَاسيّ مثل إنسيّ وأَناسيّ.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: أَنسْتُ بفلان، أَي: فرِحْتُ بِهِ.
وَقَالَ اللّيث: الإنْس: جماعةُ النَّاس، وهم الأنَس، تَقول: رأيتُ بمكانِ كَذَا وَكَذَا أنسا كثيرا، أَي: نَاسا، وأنشَد:
وَقد نرَى بالدّار يَوْمًا أَنسَا
قَالَ: والأُنْسُ والاستِئناس هُوَ التّأنُّس، وَقد أَنسْتُ بفلانٍ. وَفِي كَلَام الْعَرَب: إِذا جَاءَ الليلُ استأنَسَ كلُّ وحشيّ، واستَوْحَش كلُّ إنسيّ. قَالَ: آنسْتُ فَزَعاً وأَنستُه: إِذا أَحسسْتَ ذَلِك أَو وجدته فِي نَفسك قَالَ والبازي يتأنّس إِذا مَا جَلَّى وَنظر رَافعا رَأسه وطَرْفَه. كلْبٌ أنوسُ: وَهُوَ نقيضُ العَقور، وكلابٌ أُنُس. وَقَوله جلّ وعزّ: {وَسَارَ بِأَهْلِهِءَانَسَ مِن جَانِبِ} (الْقَصَص: 29) ، يَعْنِي: مُوسَى أبصَر نَارا، وَهُوَ الإيناس.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُواْ} (النُّور: 27) ، مَعْنَاهُ: حَتَّى تستأذِنوا.
وَقَالَ: هَذَا مقدَّم ومؤخَّر، إِنَّمَا هُوَ: حَتَّى تُسلِّموا وتستأنسوا: السلامُ عليكمْ أَأَدخل؟ قَالَ: والاستئناسُ فِي كَلَام الْعَرَب: النّظر، يُقَال: اذهبْ فاستأنسْ هَل تَرَى أحد، فَيكون مَعْنَاهُ: انظُرْ مَن تَرَى فِي الدَّار، وَقَالَ النَّابِغَة:
بِذِي الجَليلِ على مستأنسٍ وَحِدِ
أَرَادَ على ثَوْرٍ وَحْشيّ أحسَّ بِمَا رابَه، فَهُوَ يسْتَأْنس، أَي: يتلفَّت ويتَبصَّر، هَل يرى أحدا. أَرَادَ: أنّه مَذْعُور فَهُوَ أَجَدُّ لعدْوِه وفراره وسرعته.
وَقَالَ الفرّاء فِيمَا روى عَنهُ سَلمَة فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَأَنَاسِىَّ كَثِيراً} (الْفرْقَان: 49) ، الأَناسيُّ: جِمَاعٌ، الواحدُ إنْسِيّ، وَإِن شئتَ جعلتَه إنْسَانا ثمَّ جمَعْتَه أُناسِيّ، فَتكون الياءُ عِوَضاً من النُّون.
قَالَ: وَالْإِنْسَان أصلُه؛ لأنّ العَرَب تصغّره

(13/60)


أُينسِياناً.
وَإِذا قَالُوا: أَناسِينُ فَهُوَ جمعٌ بيّنٌ، مِثْل بُسْتان وبَساتِين.
وَإِذا قَالُوا: (أَناسِيَ كثيرا) فخفّفوا الْيَاء وأَسقَطوا الْيَاء الّتي تكون مَا بينَ عَيْنِ الفِعل ولامِه؛ مثل قرَاقِير وقَراقِر، ويُبيِّن جَوازَ أَناسِي بِالتَّخْفِيفِ قولُ العَرَب: أناسِيَةٌ كَثِيرَة، وَالْوَاحد إِنْسِي وإنسان إِن شئتَ.
وأخبرَني المنذريُّ عَن أبي الْهَيْثَم أنّه سألَه عَن النّاس مَا أصلُه؟ فَقَالَ: أصلُه الأُناس، لِأَن أصلَه أُناسٌ، فالألف فِيهِ أصليّة، ثمَّ زيدتْ عَلَيْهِ اللاّمُ الّتي تُزاد مَعَ الْألف للتعريف، وأصلُ تِلْكَ اللامِ سُكُون أبدا إلاّ فِي أحرفٍ قليلةٍ، مِثل الِاسْم وَالِابْن وَمَا أشبَهَها من الألِفَات الوَصْليَّة، فَلَمَّا زادُوهُما على أُناس صَار الِاسْم الأُنَاسُ، ثمَّ كثرتْ فِي الْكَلَام فَكَانَت الهمزةُ وَاسِطَة، فاستثْقلُوها فتركُوها، وصارَ باقِي الِاسْم أَلُنَاس بتحريك اللاّم فِي الضمّة، فلمّا تحرّكت اللاّم والنّون أَدغَموا اللاّم فِي النّون فَقَالُوا: النّاس، فلمّا طَرَحوا الألفَ واللاّم ابتدأوا الاسمَ فَقَالُوا: قَالَ ناسٌ من النّاس.
قلتُ: وَهَذَا الَّذِي قَالَه أَبُو الهَيْثم تعليلُ النحويِّين، وإنسانٌ فِي الأَصْل: إنْسِيَان وَهُوَ فِعْليانٌ من الْإِنْس، والأَلِفُ فِيهِ فاءُ الفِعل، وعَلى مِثالِه: حِرْصِيان: وَهُوَ الجِلْد الّذي يَلِي الجِلْدَ الْأَعْلَى من الْحَيَوَان، سُمِّي حِرْصِياناً لأنّه يُحرَص، أَي: يُقشَر، وَمِنْه أُخِذت الحارِصَةُ من الشِّجاج، وَيُقَال: رجلٌ حِذْرِيان إِذا كَانَ حَذِراً.
وإنّما قيلَ فِي الْإِنْسَان: أصلُه إنْسِيَان لأنّ العَرَب قاطبةً قَالُوا فِي تَصغِيره أنيْسِيَان، فدَلّت الياءُ الأخيرةُ على الْيَاء فِي تكبيره، إلاّ أنّهم حذفوها لمّا كثُر الْإِنْسَان فِي كلامِهم.
وَقَالَ أَبُو الهَيْثم: الإنْسانُ أَيْضا: إنسانُ العَيْن، وجمعُه أَناسِيُّ.
وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
إِذا استجْرَسَتْ آذانُها استأنَستْ لَهَا
أَناسِيُّ مَلْحودٌ لَهَا فِي الحَواحِبِ
قَالَ: والإنْسان: الأَنمُلةُ.
وأَنشَد:
تَمْرِي بأَسنانِها إنسَانَ مُقْلتِها
إنسانَةٌ فِي سَوادِ اللّيل عُطْبُول
وَقَالَ آخَر:
أشارتْ لإنسانٍ بإنسانِ كَفِّها
لتَقْتُلَ إنْسَانا بإنسانِ عَيْنِها
قلت: وأصلُ الْإِنْس والأَنَس وَالْإِنْسَان: من الإيناس وَهُوَ الإبصار، يُقَال: أَنَسْتُهُ وأَنِسْتُه: أَي: أَبْصَرْته.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
لَا يَسمَع المرءُ فِيهَا مَا يُؤَنِّسُه
باللَّيْل إِلَّا نَئِيمَ البُوم والضُّوَعا

(13/61)


وَقيل معنى قَوْله: مَا يؤنِّسه، أَي: يجعَلَه ذَا أُنس.
وَقيل للإِنْس إنْسٌ لأنّهم يُؤْنَسون: أَي: يُبْصَرون، كَمَا قيل للجِنّ جِنّ لأَنهم لَا يُؤنسُون: أَي: لَا يُرَوْن.
وَقَالَ مُحَمَّد بن عَرَفة الملقب بنفطويه وَكَانَ عَالما سمِّيَ الإنْسِيُّون إنْسيِّين لأنّهم يُؤْنسون، أَي: يُرَوْن، وسمِّيَ الجِنُّ جِنّاً لأَنهم مُجْتَنُّونَ عَن رُؤْيَة النَّاس، أَي: مُتَوارُون.
والإنْسِيّ من الدَّوابّ كلهَا: هُوَ الجانبُ الأيسَر الَّذِي مِنْهُ يرْكَبُ ويُحتَلَب، وَهُوَ من الإنسانِ: الْجَانِب الّذي يَلِي الرِّجْلَ الْأُخْرَى. والوَحْشِيّ من الْإِنْسَان: الجانبُ الَّذِي يَلِي الأرضَ، وَقد مرَّ تفسيرُهما فِي كتاب الْحَاء.
وَقَالَ اللّيث: جاريةٌ آنِسَة: إِذا كَانَت طَيّبة النَّفْس، تُحِبُّ قُرْبك وحديثَك، وجمعُها الآنَسَات والأوانِسُ.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الأنيسة والمأْنوسة: النَّار؛ وَيُقَال لَهَا: السَّكَن، لِأَن الْإِنْسَان إِذا آنسها لَيْلاً أنِسَ بهَا وسكَن إِلَيْهَا، وزالت عَنهُ الوحْشة، وَإِن كَانَ بِالْبَلَدِ القَفْر.
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال للديك: الشُّقَرُ والأنيس والبَرْنيّ.
سَلمَة عَن الفرّاء: يُقَال للسلاح كلِّه من الدِّرع والمِغْفَر والتِّجْفَاف والتَّسْبِغَةِ والتُّرْس وَغَيرهَا المؤْنِسَات.
وَقَالَ اللّحياني: لغةُ طيّء مَا رأيتُ ثَمَّ إيساناً.
قَالَ: ويَجمعونه أياسِين.
قَالَ: وَفِي كتاب الله: (ياسين وَالْقُرْآن الْحَكِيم) بلُغة طَيء.
قلتُ: وقولُ أكثرِ أهلِ الْعلم بِالْقُرْآنِ إِن (يسن) من الْحُرُوف المقطَّعَة.
وَقَالَ الفرّاء: الْعَرَب جَمِيعًا يَقُولُونَ: الْإِنْسَان، إِلَّا طيّئاً فَإِنَّهُم يجْعَلُونَ مكانَ النُّون يَاء فَيَقُولُونَ: إيسَان، ويجمعونه أياسين.
قلت: وَقد حدّث إِسْحَاق عَن رَوْح عَن شِبْل عَن قَيس بن سعد أنَّ ابْن عَبَّاس قَرَأَ: (ياسين وَالْقُرْآن الْحَكِيم) يُرِيد يَا إِنْسَان.
نوس: يُقَال: ناسَ الشيءُ يَنوس نَوْساً ونَوْساناً: إِذا تحرّك متدلِّياً.
وَقيل لبَعض مُلُوك حِمْيَر: ذُو نُوَاس، لضفيرتين كَانَتَا تَنُوسان على عاتِقَيْهِ.
وَفِي حَدِيث أمِّ زرْع ووصفها زوجَها: أَناسَ من حُلِيِّ أُذنَيَّ، أَرَادَت: أَنه حَلّى أُذُنيها قِرطةً تَنُوس فيهمَا.
وَيُقَال للغصن الدَّقِيق: تهبّ بِهِ الرِّيح فتهزُّه: هُوَ ينوس وينود وينُوع نَوَساناً، وَقد تَنَوَّسَ وتنَوّعَ بِمَعْنى وَاحِد.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه

(13/62)


قَالَ: الموسونة: الْمَرْأَة الكسلانة.

(بَاب السِّين وَالْفَاء)
س ف (وَا يء)
سَوف سفا وسف أَسف فأس سأف سيف فسا: (مستعملة) .
سَوف: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: سافَ يَسُوف سَوْفاً: إِذا شَمَّ.
قَالَ: وأنشدنا المفضَّل الضَّبِّيّ:
قَالَت وَقد سافَتْ مِجَذِّ المِرْوَدِ
قَالَ: المِرْوَد: الْميل، ومِجذُّه: طرفه، وَمَعْنَاهُ: أَن الحَسناء إِذا كحلَتْ عينيْهَا مَسَحت طرفَ المِيل بشفتيها ليَزْدَاد حُمّة، أَي: سواداً.
قَالَ: والسَّوْفُ: الصّبْر، وَأَنه لمسوِّفٌ، أَي: صبورٌ، وَأنْشد الْمفضل:
هَذَا ورُبَّ مسوِّفين صَبَحْتُهُمْ
من خَمْرِ بابل لَذَّة للشارِبِ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: سَوَّفْتُ الرجلَ أَمْرِي تَسْوِيفاً، أَي: ملكته أَمري، وَكَذَلِكَ سَوَّمْتُهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: سافٌ من البناءِ وسافاتٌ وَثَلَاثَة آسُف، وَهِي السُّوف.
وَقَالَ اللَّيْث: السافُ: مَا بَين سافات البِناء، ألِفُه وَاو فِي الأَصْل.
وَقَالَ غَيره: كلُّ سطْر من اللبِن أَو الطِّين فِي الجدارِ: سافٌ ومِدْمَاكٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: التسويف: التَّأْخِير، من قَوْلك: سَوْفَ أفعل.
وَفِي الحَدِيث: أنَّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعن المسَوِّفة من النِّسَاء: وَهِي الَّتِي تدافع زَوجهَا إِذا دَعَاهَا إِلَى فرَاشه، وَلَا تقضي حاجتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: السواف فثا يَقع فِي الْإِبِل، يُقَال: إساف الرِّجَال: إِذا هلك مَاله. قَالَ: والأسواف: موضعٌ بِالْمَدِينَةِ مَعْرُوف.
الحرّاني عَن ابْن السكّيت: أَسافَ الرجل فَهُوَ مُسيف: إِذا هلَك مالُه، وَقد سافَ المالُ نفسهُ يَسوفُ: إِذا هلَك.
وَيُقَال: رماهُ اللَّهُ بالسَّواف، هَكَذَا أرواه عَن أبي عَمْرو بفَتْح السِّين.
قَالَ: وسمعتُ هشاماً يَقُول لأبي عَمْرو: إِن الأصمعيّ يَقُول: السُّواف، بِالضَّمِّ، والأدْواء كلُّها جَاءَت بالضّمّ. فَقَالَ أَبُو عَمْرو: لَا، هُو السَّوَاف.
قَالَ: وساف الشيءَ يَسُوفُه سَوْفاً: إِذا شَمَّه.
وَقَالَ اللّيث: المسافةُ: بُعد المفازَة وَالطَّرِيق.
وَقَالَ غيرُه: سُمّيَ مَسَافَة لأنّ الدّليلَ يستدلّ على الطَّرِيق فِي الفَلاة الْبَعِيدَة الطَّرَفين بِسَوْفِه تُربتَها، وَمِنْه قَول رؤبة:
إِن الدَّليلَ استافَ أَخلاق الطُّرُقْ
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس فِيهِ أَيْضا:
على لاحبٍ لَا يُهْتَدَى بمَنارِه
إِذا سَافَهُ العَوْدُ الذِّيافِيُّ جَرْجَرا

(13/63)


قَوْله: (لَا يُهتَدَى بمَناره) يَقُول: لَيْسَ لَهُ مَنارٌ يُهتَدَى بهَا، وَإِذا ساف الْجمل تُربته جَرْجَر جَزَعاً مِن بُعدِه وقلّة مَائه.
أَبُو عُبيد: أَسافَ الخارِزُ يُسيف إسافةً، أَي: أَثْأى فانخَرَمَت خُرْزَتان، وَمِنْه قولُ الرّاعي:
مَزائدُ خَرْقاءِ اليَدَيْنِ مُسيفَةٍ
أخَبَّ بهنَّ المُخْلفانِ وأحفَدَا
وسف: قَالَ اللَّيْث: الوَسفُ: تَشَقُّقٌ فِي الْيَد، وَفِي فخذِ البَعير وعَجزُه أوّلَ مَا يبْدَأ عِنْد السِّمَن والاكتناز، ثمَّ يَعُمّ جسدَه فيتَوسف جِلْدُه، أَي: يتقشر وَرُبمَا توسف الْجلد من داءٍ أَو قُوباء.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: إِذا سقَطَ الوَبر أَو الشَّعَر من الْجلد وتغيَّر قيل: تَوَسف.
وَقَالَ اللّحياني: تَحسفَتْ أوبارُ الْإِبِل وتوسَّفَتْ، أَي: طارَتْ عَنْهَا.
سَلمَة عَن الفرّاء: وسَّفته ولَتّحْتُه: إِذا قَشَرْتَه، وتمرةٌ مُوسفَةٌ مقشورة.
سفا: قَالَ اللَّيْث: الرِّيح تَسفِي التّراب سفْياً وتسفِي الْوَرق اليبيس سفياً.
قَالَ: والسافِياءُ: هِيَ الرِّيح الَّتِي تَحمِل تُراباً كثيرا على وَجه الأَرْض تَهْجُمُه على النَّاس.
قَالَ أَبُو دُواد:
ونُؤْى أَضَرَّ بِهِ السافياء
كدَرْسٍ من النُّونِ حينَ امَّحَى
قَالَ: والسَّفا هُوَ اسمُ كلِّ مَا سَفَتِ الرِّيحُ من كلِّ مَا ذكرْت.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السَّفَا: اسمُ التُّرابِ وَإِن لَم يَسْفِهِ الرِّيح، قَالَ الْهُذلِيّ:
وَقد أرْسَلوا فُرّاطهم فتأثَّلُوا
قَليباً سَفاهاً كالإماءِ الْقَوَاعِد
يصف الْقَبْر وحُفاره.
وَقَالَ ابْن السِّكيت: السَّفا جمعُ سَفَاةٍ، وَهِي تُراب القَبر، والبِئْر، وَأنْشد:
وَلَا تَلمِس الأُفعى يداكَ تُريدها
ودَعْها إذَا مَا غيَّبتها سفَاتُها
قَالَ: والسّفَا: شَوك البَهمَى: الواحدةُ سَفَاةٌ، والسَّفا: مَا سفت الرّيح عَلَيكَ من التُّرَابِ، وَفعل الرِّيح السّفيُ، والسّفا: خِفَّة الناصِية.
يُقَال: نَاصيةٌ فِيهَا سَفا، وفَرَسٌ أَسَفَى: خَفِيف النّاصِية، وَأنْشد أَبُو عبيد:
لَيْسَ بأسْفى وَلَا أَقْنَى وَلَا تَغَلٍ
يُسقى دَوَاء قفِيّ السُّكن مَربُوب
قَالَ: والسّفْوَاء من البِغال السريعةُ، ومِنَ الخَيْل القليلة الناصية، حَكَاهُ أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ، وَأنْشد فِي صفة بغلة:
جاءَتْ بِهِ مُعْتَجِراً ببُرْدِهِ
سَفْواءُ تَخْدِي بنَسِيج وَحْدِهِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السافِيات: تُرابٌ يَذهَب مَعَ الرّيح، والسَّوافي من الرِّياح: اللَّواتي يَسفِين التُّراب.

(13/64)


قَالَ: والسفا: تُرَاب الْبِئْر.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: أَسْفَى الرَّجلُ: إِذا أَخَذَ السَّفَى، وَهُوَ شَوْكُ البُهْمَى، وأَسْفَى: إِذا نَقَل السَّفَا، وَهُوَ التُّراب. وأَسْفَى: إِذا صَار سَفِيّاً، أَي: سَفِيهاً.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال للسَّفِيه سَفِيٌّ بَيّن السَّفاءَ مَمْدُود. والسفا: الخِفَّة فِي كلّ شَيْء، وَهُوَ الجَهْل، وأَنشد:
قَلائصُ فِي ألْبانِهِنْ سَفَاءُ
أَي: فِي عُقولهِن خِفّة.
وسَفَوانُ: ماءٌ على قَدْر مَرحلةٍ من بَاب المِرْبَد بالبَصْرة، وَبِه ماءٌ كثيرُ السَّافي وَهُوَ التُّرَاب وأَنشَدَنِي أعرابيّ:
جارِيَة بسَفوانَ دارُها
تمْشي الهُوَيْنَى مائِلاً خِمارُها
فسا: قَالَ اللَّيْث: الفَسْوُ: مَعْرُوف، الْوَاحِدَة فَسْوَة، والجميع الفُسَاء، والفِعْل فَسَا يَفْسُو فسواً.
قَالَ: وعبدُ الْقَيْس يُقَال لَهُم: الفُساةُ والفَسْو، يُعرَفون بِهَذَا، وَيُقَال للخُنْفساء: الفَسَّاءة لنَتْنِها. وفسا فَسْوَةً وَاحِدَة، والعَرَب تَقول: أَفْسَى مِن الظَّرِبان، وَهِي دَابَّة تَجِيء إِلَى جُحر الضّبّ فتَضَع قَبَّ اسْتِها عِنْد فَم الجُحْر، فَلَا تزَال تَفْسو حَتَّى تستخرِجَه، وتصغِير الفَسْوَة فُسَيَّة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد فِي قَول الراجز:
بِكْراً عَوَاساءَ تَفاسَى مُقْرِبَا
قَالَ: تَفاسَى: تُخرِج استَها، وتَبازَى: تَرفَع أَلْيَتَها.
وَحكى غيرُه عَن الأصمعيّ أَنه قَالَ: تفَاسأَ الرجُل تَفاسُوءاً بِالْهَمْز: إِذا أَخرَج ظَهْرَه، وَأنْشد هَذَا الرَّجزَ غيرَ مَهْمُوز.
أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعرابيِّ: الفَسأُ: دُخولُ الصُّلْب. والفَقَأُ: خُرُوجُ الصَّدْر، وَفِي وَرِكَيْه فَسَأٌ، وَأنْشد:
بناتىء الْجَبْهَة مَفْسُوء القَطَنْ
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: إِذا تَقطَّع الثوبُ وبَلِيَ قيل: قد تَفسَّأَ. وَقَالَ الكسائيّ مثله.
قَالَ: وَيُقَال مَالك: تَفْسأ ثَوْبَك.
وَقَالَ أَبُو زيد: فسأْتُه بالعَصا ووطأْته: إِذا ضربتَ بهَا ظَهْرَه.
سأف (سيف) : أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: سَئِفَتْ يدُه وسَعِفَتْ: وَهُوَ التَّشَعُّثُ حَولَ الْأَظْفَار والشُّقاق.
وروى أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: سَئِفَتْ أصابعُه وشئفت بِمَعْنى واحدٍ.
أَبُو عُبيدة: السأَفُ على تَقْدِير السّعَف شَعرُ الذّنَب والهُلْب، والسائِفةُ: مَا استرَقَّ من أَسافلِ الرَّمل، وجمعُها السَّوائف.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: سَئِفُ اللِّيفِ، وَهُوَ مَا كَانَ ملتزِقاً بأصول السَّعَف من خِلالِ اللِّيف، وَهُوَ أَردؤُه وأخشَنُه، لِأَنَّهُ يُسأَفُ من جَوَانِب السَّعَف فَيصير كأَنّه لِيف وَلَيْسَ بِهِ، ولُيِّنَتْ همزتُه، وَقد سَئِفَتِ النخلةُ.
وَقَالَ الراجز يصف أذنابَ اللِّقاح:

(13/65)


كَأَنَّمَا اجْتُثَّ على حِلاَبِها
نخلُ جُؤاثى نِيلَ من أَرْطابِها
والسِّيفُ واللِّيف على هُدَّابها
قَالَ: والسِّيف: ساحلُ الْبَحْر.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: السِّيف: الْموضع النّقِيُّ من المَاء، وَمِنْه قيل: درهمٌ مُسَيَّف: إِذا كَانَ لَهُ جوانبُ نقيّةٌ من النّقْش.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّيْف مَعْرُوف وجمعُه سُيوف وأَسْياف.
وَقَالَ شَمِر: يُقَال لجَماعَة السُّيوف: مَسْيَفَة، ومِثْلُه مَشيخَة للشيوخ، وَيُقَال: تَسايَفَ القومُ واستَافُوا: إِذا تَضارَبوا بالسُّيوف.
أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: المُسِيف: المتقلِّد بالسَّيْف، فَإِذا ضَرَب بِهِ فَهُوَ سائف. وَقد سِفْتُ الرجلَ أُسِيفُه.
وَقَالَ الفرَّاء: سِفْتُه ورَمَحْتُه.
وَقَالَ اللَّيْث: جَارِيَة سَيْفانةٌ، وَهِي الشَّطْبَة، كَأَنَّهَا نَصْلُ سَيْف، وَلَا يُوصَف بِهِ الرجُل.
سَلَمة عَن الفرَّاء قَالَ الْكسَائي: رجل سَيْفَانُ وَامْرَأَة سَيْفَانةٌ: وَهُوَ الطَّوِيل المَمْشوق.
أَسف: قَالَ الله تَعَالَى: {فَاسِقِينَ فَلَمَّآءَاسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ} (الزخرف: 55) ، معنى: آسفونا: أغضَبونا، وَكَذَلِكَ قولُه تَعَالَى: {إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا} (الْأَعْرَاف: 150) ، والأسيفُ والأسِفُ: الغَضْبان.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
أرى رَجُلاً منهمْ أسِيفاً كأَنما
يَضُمُّ إِلَى كشَحْيَهْ كَفّاً مُخَضّبا
يَقُول: كأَن يدَه قُطِعت فاختَضَبتْ بدَمِها فيَغضَب لذَلِك، ويُقَال لمَوْتِ الفَجْأَة: أَخْذَةُ أَسَف.
وَفِي حديثِ عائشةَ أَنَّهَا قَالَت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين أَمر أَبَا بكرٍ بِالصَّلَاةِ فِي مَرضهِ: إِن أَبَا بكرٍ رجلٌ أَسِيف، فمَتى مَا يَقُمْ مَقامَك يَغْلِبْهُ بُكاؤه.
قَالَ أَبُو عُبيد: الأَسيف: السَّريع الحُزن والكآبة فِي حَدِيث عَائِشَة. قَالَ: وَهُوَ الأَسُوف والأسِيف.
قَالَ: وأَما الأَسِف: فَهُوَ الغَضْبان المتلهِّف على الشَّيْء، وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {غَضْبَانَ أَسِفًا} .
قَالَ: وَيُقَال من هَذَا كُله: أسفْتُ آسفُ أَسفاً.
وَقَالَ أَبُو عبيد: والأسِيف: العَبْد، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابْن السكّيت. وَقَالا مَعًا: العَسِيف: الأَجِير.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَسَف فِي حَال الحُزْن وَفِي حَال الغَضَب: إِذا جَاءَك أمرٌ ممّن هُوَ دُونَك فأنتَ أَسِف، أَي: غَضْبان، وَقد آسَفَك، وَإِذا جَاءَك أمرٌ فحَزِنْتَ لَهُ وَلم تُطِقْه فأنتَ أَسِف، أَي: حَزِين ومتأسِّف أَيْضا.

(13/66)


قَالَ: وإِسافٌ: اسمُ صَنَم كَانَ لقُرَيش، وَيُقَال: إِن إسافاً ونائلة كانَا رجلا وَامْرَأَة دَخَلا الْكَعْبَة فَوجدا خَلْوة فأَحدَثَا، فمسخَهما الله حَجَرين.
وَقَالَ الفرّاء: الأسافَة: رقّة الأرضِ، وأَنشَد:
تحَفُّها أَسافَةٌ وجَمْعَرُ
وَيُقَال للْأَرْض الرّقيقة: أَسِيفه.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: سَفَا: إِذا ضَعُف عَقْلُه، وسفا: إِذا خَفَّ روحُهُ، وسَفَا: إِذا تعَبَّد وتواضَع لله، وسَفَا: إِذا رَقَّ شَعرهُ، وجَلِحَ لغةُ طيّء.
فأس: قَالَ اللَّيْث: الفَأس: الّذي يفلق بِهِ الحَطَب، يُقَال: فأَسَه يَفْأَسُه، أَي: يَفْلِقُه. قَالَ: وفأْسُ القَفَا: هُوَ مؤخَّر القَمحْدُوَة. وفَأَسُ اللّجام: الّذي فِي وَسَط الشَّكِيمة بَين المسْحَلَين.
وَقَالَ ابْن شُميل: الفَأْسُ: الحَديدةُ الْقَائِمَة فِي الشَّكِيمة، ويُجمَع الفأس فُؤوساً.

(بَاب السِّين وَالْبَاء)
س ب (وَا ىء)
سيب سبي وَسَب يبس بسأ بيس أسب أبس سأب بَأْس سبأ: (مستعملة) .
سيب: الْحَرَّانِي عَن ابْن السكّيت: السَّيْب: العَطاء، والسِّيبُ: مَجرَى المَاء، وجمعُهُ سُيُوب. وَقد سابَ الماءُ يَسِيب: إِذا جَرَى.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: سابَ الأَفعَى وانسابَ: إِذا خَرَج من مَكمَنِه.
وَقَالَ اللَّيْث: الحيّة تَسِيب وتَنْساب إِذا مَرّت مستمرّة.
قَالَ: وسَيّبْتُ الدابّة أَو الشيءَ: إِذا تركْتَهُ يَسيب حَيْثُ شَاءَ.
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَفِي السُّيُوب الخُمس) .
قَالَ أَبُو عُبيد: السُّيوب: الرِّكاز، وَلَا أُراه أُخِذ إلاّ من السَّيْب وَهُوَ العَطِيّة. يُقَال: هُوَ من سَيْب الله وعَطائه.
وأَنشَد:
فَمَا أَنا من رَيْبِ المَنون بجبَّاءِ
وَمَا أَنا مِنْ سَيْبِ الْإِلَه بآيِسِ
وَقَالَ أَبُو سَعيد: السُّيُوب: عُروقٌ من الذَّهب والفضّة تَسِيب فِي المَعدِن، أَي: تَجرِي فِيهِ؛ سُمّيتْ سُيوباً لانسيابها فِي الأَرْض.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ} (الْمَائِدَة: 103) الْآيَة.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: كَانَ الرجلُ إِذا نَذَرَ لقُدومٍ من سَفَرٍ أَو لبُرْءٍ من مَرَض أَو مَا أَشْبَه ذَلِك قَالَ: نَاقَتي سائبة، فَكَانَت لَا يُنتَفع بظهرها، وَلَا تخلَّى عَن مَاء وَلَا تُمنَع من مَرْعى.
وَكَانَ الرجلُ إِذا أعتَقَ عَبْداً قَالَ: هُوَ سائبة، فَلَا عَقْلَ بَينهمَا وَلَا مِيرَاث.
وَقَالَ غَيره: كَانَ أَبُو الْعَالِيَة سائبةً، فلمّا

(13/67)


هلك أُتِيَ مَوْلَاهُ بميراثه فَقَالَ هُوَ: سائبةً، وأبَى أَن يأخُذَه.
وَقَالَ الشافعيّ رَضِي الله عَنهُ: إِذا أعتَق عبدَه سائبةً فماتَ العبدُ وخَلَّفَ مَالا، وَلم يَدَعْ وارِثاً غيرَ مَوْلَاهُ الّذي أَعتَقَه فميراثُه لمُعتِقه، لأنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَعَل الوَلاَء لُحْمةً كلُحْمة النّسَب، فَكَمَا أَن لُحْمة النَّسب لَا تَنقَطع، كَذَلِك الوَلاء.
وَقد قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: (الوَلاء لمن أَعتَق) .
ورُوِي عَن عُمَر أنّه قَالَ: السائبة والصَّدَقة ليَوْمِهما؛ يُرِيد: يومَ الْقِيَامَة، واليومِ الّذي أعتَقَ سائِبَتَه وتصَدَّق بِصَدَقَتِهِ فِيهِ. يَقُول: فَلَا يَرجعُ إِلَى الإشفاعِ بِشَيْء مِنْهَا بعد ذَلِك فِي الدُّنْيَا.
قَالَ: وَذَلِكَ كالرَّجُل يُعتِق عبدَه سائبةً فيموتُ العَبْد ويَترك مَالا وَلَا وارثَ لَهُ، فَلَا يَنبغِي لمعتِقه أَن يَرْزأ مِن مِيراثِه شَيْئا، إلاّ أَن يَجعَلَه فِي مِثْلِه.
وَيُقَال: سابَ الرجلُ فِي مَنطقِه: إِذا ذَهَب فِيهِ كلَّ مَذْهب.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: إِذا تَعقَّد الطَّلْع حَتَّى يَصيرَ بَلَحاً فَهُوَ السَّيَاب مخفّف واحدتهُ سَيَابة. قَالَ: وَبِهَذَا سُمِّيَ الرجلُ سَيابة.
قَالَ شمر: هُوَ السَّدَى والسَّدَاءُ ممدودٌ بلُغةِ أهل الْمَدِينَة، وَهِي السَّيَابةُ بلُغة وَادي القُرَى.
وأَنشَد قولَ لبيد:
سَيَابةٌ مَا بهَا عَيْبٌ وَلَا أَثَرُ
قلتُ: وَمن العَرَب مَن يَقُول سُيَّاب وسُيَّابةٌ.
وَقَالَ الأَعشَى:
تخالُ نكْهَتَها باللَّيلِ سُيَّابَا
عَمْرو عَن أَبِيه: السَّيْبُ: مُردِيُّ السَّفِينَة.
سبي: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: سَبَاه يسْبِيه: إِذا لَعَنه، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو عُبيد، وأَنشَد:
فَقَالَت سَباكَ اللَّهُ
ابْن السّكيت: يُقَال: مَا لَهُ سباه الله، أَي: غربه. وَيُقَال: جَاءَ السَّيْل بعودٍ سبي: إِذا احتمله من بلد إِلَى بلد. وَأنْشد:
فَقَالَت سباك الله
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: السَّباءُ: العودُ الّذي يَحمِله السَّيْلُ من بَلَد إِلَى بَلَد، قَالَ: وَمِنْه أُخِذَ السِّباء، يُمَدّ ويُقصَر.
قَالَ: والسَّبْيُ: يَقَع على النِّساء خاصّة، يُقَال: سَبْيٌ طيّبة: إِذا طابَ مِلْكُه وحَلَّ.
وكل شَيْء حمل من بلد إِلَى بلد فَهُوَ سبي، وَكَذَلِكَ الْخمر، قَالَ الْأَعْشَى:
فَمَا إِن رَحيق سَبَتْها التِّجا
رُ منْ أَذْرُعَات فوادي جَدَر
وَقَالَ لَبيد:
عَتيق سلافات سبتها سفينة
تكرّ عَلَيْهَا بالمزاج النَّياطلُ

(13/68)


أَي: حملتها. وسبأت الْخمر بِمَعْنى شربت. وَقَالَ الشَّاعِر فِي السَّيْل:
تقضُّ النبع والشريان قضا
وعُود السِّدر مقتضباً سبيّا
والعَرَب تَقول: إنَّ الليلَ لطويلٌ وَلَا أُسْبَ لَهُ. قَالَ ابْن الأعرابيّ: مَعْنَاهُ لَيْسَ لي هَمٌّ فَأَكُون كالسَّبْيِ لَهُ، وجُزِم على مَذهَب الدُّعاء.
وَقَالَ اللحياني: وَلَا أُسْبَ لَهُ، أَي: لَا أكون سَبْياً لبَلائه.
أَبُو عبيد: سباك الله يَسبيك، بِمَعْنى لعنك الله.
قَالَ شمر: مَعْنَاهُ: سلّط الله عَلَيْك من يسبيك، وَيكون أخذك الله.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : تَسبَّى فلانٌ لفُلَان: ففَعَل بِهِ كَذَا، يَعْنِي التحبُّبَ والاستمالة.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّبْي مَعْرُوف، والسَّبى الِاسْم. وتسابَى القومُ: إِذا سَبَى بعضُهم بَعْضًا، يُقَال: هُوَ لَا سَبْيٌ كثير، وَقد سَبَيْتهُم سَبْياً وسباء. وَالْجَارِيَة تَسبي قلبَ الفَتَى وتَسْتَبيه، ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (تِسعةُ أعشراءِ الرِّزْق فِي التِّجارة، والجزء الْبَاقِي فِي السّابِياء) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: السابِياء: هُوَ المَاء الّذي يَخرُج على رَأس الوَلَد إِذا وُلِد، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْأَحْمَر.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ هُشَيم: معنى السّابِياء فِي الحَدِيث: النِّتاج.
قَالَ أَبُو عبيد: الأَصْل فِي السّابِياء مَا قَالَ الْأَصْمَعِي، وَالْمعْنَى يَرجِع إِلَى مَا قَالَ هُشَيم.
قلت: أَرَادَ أنّه قيل للنِّتاج السّابِياء للْمَاء الَّذِي يَخرُج على رَأس الْمَوْلُود إِذا وُلد.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا كثُر نَسلُ الغَنَم سمّيَت السّابياءَ، فَيَقَع اسمُ السّابياء على المَال الكثِير، والعدَدِ الْكثير، وأنشدَ فِي ذَلِك قَوْله:
أَلمْ تَرَ أنّ بَنِي السّابِياءِ
إِذا قارَعُوا نَهْنَهوا الجُهَّلاَ
وَقَالَ أَبُو زيد: إِنَّه لَذُو سَابِياء: وَهِي الإبلُ وكثرةُ المَال وَالرِّجَال.
وَقَالَ فِي تَفْسِير هَذَا الْبَيْت: إنّه وصَفَهم بِكَثْرَة العَدَد.
ابْن بزرج: إبل سابياء: إِذا كَانَت للنِّتاج لَا للْعَمَل.
وَقَالَ المبرّد: القاصعاء من جِحرة اليربوع يُقَال لَهُ السّابِياء.
وَقَالَ: سمّي سابياء لِأَنَّهُ لَا يُنفذه فيُتبقى بَينه وَبَين إِنْفَاذه هَنةً من الأَرْض رقيقَة.
قَالَ: وَأخذ من سابياء الْوَلَد، وَهِي الْجلْدَة الَّتِي تخرج مَعَ الْوَلَد من بطن أمه، وَهَذَا غلط، لِأَن السابياء هُوَ مَاء السلَى؛ وَلكنه مَأْخُوذ من سَبِيّ الْحبَّة، وَهُوَ جلدهُ الَّذي يَسلخه.
أَبُو عبيد: الأسابيّ: الطَّرائِقُ من الدَّمِ،

(13/69)


قَالَ سَلامة بنُ جَنْدَل:
والعادياتِ أَسابيُّ الدِّماءِ بهَا
كأنّ أعناقَها أنْصابُ تَرجيبِ
وَقَالَ غَيره: واحدُها أُسْبيَّة.
قلتُ: والسَّبِيَّة: اسْم رَمْلة بالدَّهناء. والسَّبِيّةُ: دُرَّةٌ يُخرجهَا الغَوَّاص من الْبَحْر، وَقَالَ مُزَاحم:
بلَدَتْ حُسَّراً لم تَحْتَجِبْ أَو سَبيَّةً
من الْبَحْر بَزَّ القُفْلُ عَنْهَا مُفِيدها
وسَبِيُّ الْحَيَّة: جلْدُه الَّذِي يسلُخُه.
وَقَالَ الرَّاعِي:
يُجَرِّرُ سِرباً لَا عَلَيْهِ كَأَنَّهُ
سَبيُّ هلالٍ لم تُقَطَّعْ شرانِقُهُ
أَرَادَ بالشَّرَانق مَا انسلخَ من خِرْشائه، وَيُقَال لوَاحِد أسابيّ الدَّم إِسْبَاءَةٌ والإسباءةُ أَيْضا خيط من الشَّعر ممتدّ، وأسابيُّ الطَّرِيق شَركه وطرائقه الملحوبة.
أَبُو عُبيد: سبَاك اللَّهُ يَسْبيك بِمَعْنى: لَعَنك الله.
وَقَالَ شمر: مَعْنَاهُ: سَلّط اللَّهُ عَلَيْك من يَسْبِيك وَيكون أَخذك الله.
يبس: قَالَ اللَّيْث: اليُبْس: نقيضُ الرُّطوبة، وَيُقَال لكلّ شَيْء كَانَت النُّدُوَّةُ، والرّطوبة فِيهِ خلقَة فَهُوَ يَبِيسُ فِيهِ يُبْساً، وَمَا كَانَ ذَلِك فِيهِ عرَضاً.
قلت: جَفَّ يُجِف وطريقٌ يَبْسٌ: لَا نُدُوَّة فِيهِ وَلَا بَلل. واليبيس من الْكلأ: الكثيرُ اليابسُ. وَقد أيْبَسَت الأرضُ، وأَيْبَسَت الخُضر، وأرضٌ موبسة. والشَّعَر اليابسُ أردؤه وَلَا يُرى فِيهِ سَحْج وَلَا دُهْن. ووجْهٌ يَابِس: قليلُ الْخَيْر.
وَيُقَال للرجل: إيبسْ يَا رجل، أَي: اسْكُتْ، والأيابس: مَا كَانَ مِثل عُرْقُوبٍ وساقٍ. والأيْبَسَان: عظما الوظيفين من اليدِ والرِّجل.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة فِي ساقيَ الْفرس أَيْبَسان، وهُما مَا يَبس عَلَيْهِ اللحمُ من السَّاقَيْن، وَقَالَ الرَّاعِي:
فقلتُ لَهُ: ألْصِق بأيْبس ساقِها
فَإِن تَجْبُر العرقوب لَا تَجبُر النَّسا
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الأيْبسُ: هُوَ الْعظم الَّذِي يُقَال لَهُ الظنبوب، الَّذِي إِذا غمزته من وسط ساقك آلمك، وَإِذا كُسر فقد ذهب السَّاق، وَهُوَ اسْم لَيْسَ بنعت.
أَبُو عبَيد عَن الْأَصْمَعِي: يبيس المَاء: العَرق.
وَقَالَ بشر يصف الْخَيل:
ترَاهَا من يبِيسِ المَاء شُهباً
مُخَالِطَ دِرَّةٍ مِنْهَا غِرارُ
أَبُو عُبَيدة عَن الأصمعيّ: يُقَال لما يبس من أحْرار الْبُقُول وذكورها: اليَبيس، والجفيف، والقَفُّ. وَأما يبيسُ البَهْمى فَهُوَ الْعَرَب والصُّفار.
قلت: وَلَا تَقول الْعَرَب لما يَبس من الحَلِيّ والصِّلِّيان والحلمة يَبيس، إِنَّمَا

(13/70)


اليبيس مَا يبس من العُشب والبقول الَّتِي تتناثر إِذا يَبستْ، وَهُوَ اليُبْس واليَبِيسُ أَيْضا، وَمِنْه قَوْله:
من الرُّطْب إِلَّا يُبْسُها وهَجِيرُها
وَيُقَال للحطب: يَبِس، وللأرض إِذا يَبِسَت: يبسٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يباسِ: هُوَ السَّوْءةُ.
سأب: أَبُو زيد: سَأْبْتُ الرجل أَسْأَبُه سَأْباً: إِذا خَنَقْتَه.
قَالَ: وسَأَبتُ من الشَّرَاب أسأَب سَأْباً: إِذا شربتَ مِنْهُ.
وَيُقَال للزِّقِّ الْعَظِيم: السّأْب. وجمعُه السؤُوب، وَأنْشد:
إِذا ذُقْتَ فاهاً قلتَ عِلقٌ مُدَمَّسٌ
أُرِيد بِهِ: قَيْلٌ فغودر فِي سأْبِ
وَيُقَال للزِّقّ: مِسْأْب أَيْضا.
وَقَالَ شمر: المِسأب أَيْضا: وعاءٌ يُجعل فِيهِ العَسل.
(بيس) : سَلمَة عَن الْفراء: باسَ: إِذا تَبَخْتَرَ.
قلت: مَاس يميس بِهَذَا الْمَعْنى أَكثر، والباءُ والميمُ يتعاقبان.
(بَيْسانُ: مَوضِع فِيهِ كروم من بِلَاد الشَّام) .
وَقَوله:
شُرْباً بِبَيْسَان من الأُردنِّ
هُوَ مَوضِع.
أسب: قَالَ اللَّيْث: الإسْبُ: شعرُ الفَرْج.
وَقَالَ أَبُو خَيْرة: الأصلُ فِيهِ وِسْبٌ، فقُلِبَتْ الْوَاو همزَة، كَمَا قَالُوا: إرْث، وأصلُه وِرْثٌ.
قَالَ: وأصلُ الوِسْب مأخوذٌ من وسِب العُشبُ والنباتُ وَسباً، وَقد أوسَبت الأَرْض: إِذا أعشَبتْ فَهِيَ مُؤسِبة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الْعَانَة منبت الشّعْر من قُبُل الْمَرْأَة وَالرجل، والشَّعر النَّابِت عَلَيْهِ يُقَال لَهُ: الشِّعْرَة والإسْب، وَأنْشد:
لَعَمْرو الَّذِي جَاءَت بكم من شَفَلَّح
لَدَى نسييْها ساقِطِ الإسْبِ أهْلَبا
سبأ: أَبُو زيد: سَبأْت الْخمر أسبأُها سبأً وسِباءٍ: إِذا اشتَرَيتها. واستَبَأْتها استباءً مثله.
وَقَالَ مَالك بن أبي كَعْب:
بعثتُ إِلَى حانوتها فاستبأتها
بِغَيْر مكاسٍ فِي السِّوَام وَلَا غَصبِ
قَالَ: وَيُقَال: سبأتُه بالنَّار سبْأً: إِذا أحْرَقْتَهُ بهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: إِنَّك تُرِيدُ سُبأَةً، أَي: تُرِيدُ سفرا بَعيدا، سُمِّيت سُبأَة لِأَن الْإِنْسَان إِذا طَال سفرهُ سبأَتْه الشمسُ ولوّحته، وَإِذا كَانَ السّفر قَرِيبا قيل: تُريد

(13/71)


سَرْبةً.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ} (النَّمْل: 22) ، القُرّاء على إجراءِ سبأٍ، وَإِذا لم تُجر كَانَ صَوَابا.
قَالَ: وَلم يُجْرِه أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: سبأَ هِيَ مدينةٌ تُعرف بمأرِبَ من صنعاء على مسيرَة ثلاثِ لَيَال، فَمن لم يصرف فَلِأَنَّهُ اسْم مَدِينَة، وَمن صَرف فَلِأَنَّهُ اسمٌ للبلد فَيكون مذكّراً سُمِّي بِهِ مذكَّر.
وَقَوْلهمْ: ذهب القومُ أيْدِي سبَا، وأيادِي سبا، أَي: متفرِّقين، شُبهوا بأَهل سبأ لما مزّقهم الله فِي الأَرْض كلَّ ممزق، فَأخذ كلُّ طائفةٍ مِنْهُم طَرِيقا على حِدة. واليَدُ: الطَّرِيق.
وَيُقَال: أَخذ الْقَوْم يَد بحْر، فَقيل للْقَوْم إِذا تفَرقُوا فِي جِهَات مُخْتَلفَة: ذَهَبُوا أَيدي سبا، أَي: فرقتهم طرقهم الَّتِي سلكوها، كَمَا تفرق أهل سبأ فِي مَوَاطِن فِي جِهَات مُخْتَلفَة أخذوها. وَالْعرب لَا تهمز سبأ فِي هَذَا الْموضع، لِأَنَّهُ كثُر فِي كَلَامهم فاستثقلوا ضغطة الْهَمْز وَإِن كَانَت سَبأ فِي الأَصْل مَهْمُوزَة.
وَقيل: سبأ: اسمُ رجلٍ وَلد عشرَة بَنِينَ فسُميت الْقرْيَة باسم أَبِيهِم، وَالله أعلم.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: حكى الْكسَائي: السبَأ: الْخمر. واللَّظَأ: الشَّيْء الثقيل. وحكاهما مهموزين مقصورين، وَلم يحكهما غَيره. وَالْمَعْرُوف فِي الْخمر السِّباء بِكَسْر السِّين وَالْمدّ.
وَيُقَال: انسبأ جلده إِذا تقشر.
وَقَالَ: (وَقد نَصل الأظفارُ وانْسبأ الجلدُ) .
وَيُقَال: سبأ الشوك جلده: إِذا قشره.
وَقَالَ أَبُو زيد: سبأتُ الرجلَ سَبْأ: إِذا جَلَدْتَهُ.
وَيُقَال: سَبأَ فلانٌ على يَمِين كاذبةٍ يسْبأُ: إِذا حلف يَمِينا كَاذِبَة.
قَالَ: وَيُقَال: أسبأتُ لأمرِ الله إسباءً: وَذَلِكَ إِذا أخبت لَهُ قَلْبك.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: سبا غيرُ مَهْمُوز: إِذا ملك. وسبَا: إِذا تمتّع بجارِيته شبابها كلَّه. وسبا: إِذا استخفى.
بسأ: أَبُو زيد: بَسَأْتُ بالرّجل، وبَسِئْتُ أَبْسَأُ بِهِ بَسْأً وبُسُوءاً: وَهُوَ استئناسك بِهِ، وَكَذَلِكَ بَهَأْتُ؛ وَقَالَ زُهَيْر:
بَسَأْتَ بَنِيِّها وجَوَيْتَ عَنْهَا
وَعِنْدِي لَو أردتَ لَهَا دَواءُ
وَقَالَ اللَّيْث: بَسَأ فلانٌ بِهَذَا الْأَمر: إِذا مَرَن عَلَيْهِ فلَم يكترث لقُبْحه وَمَا يُقَال فِيهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البَسيّةُ: المرأةُ الآنسة بزَوْجها، الحَسنة التبعُّل مَعَه.
أبس: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَبَسْتُ بِهِ تَأْبِيساً، وأَبَسْتُ بِهِ أبساً: إِذا صغّرْتَه وحَقَّرْتَه.

(13/72)


ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأَبْسُ: ذَكَرُ السَّلاحِف، قَالَ: وَهُوَ الرَّقُّ والغَيْلَم.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الأَبْسُ: الْمَكَان الغليظ الخشن؛ وأَنشَد:
يَتْرُكْن فِي كلّ مكانٍ أَبْس
كلَّ جَنِينٍ مُشْعَرٍ فِي الغِرْسِ
والأبْس: تتبّع الرَّجُل بِمَا يَسوؤُه؛ يُقَال: أَبسْتُه آبِسُه أَبْساً؛ وَقَالَ العجّاج:
ولَيْث غابٍ لَم يُرَمْ بأَبْسِ
أَي: بزَجْر وإذْلال.
قَالَ يَعْقُوب: وامرأةٌ أُباسٌ: إِذا كَانَت سيّئةَ الخُلُق، وأَنشد:
لَيْستْ بسَوْداءَ أُباسٍ شَهْبَرَة
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الإِبْس: الأَصْل السُّوءِ، بِكسر الْهمزَة تَأْبِيساً. وأبَّسْتُه تَأْبِيساً: إِذا قابلته بالمكروه.
بَأْس: أَبُو زيد: بَؤُس الرجُل يَبْؤُس بَأْساً: إِذا كَانَ شديدَ البَأْس شُجاعاً. وَيُقَال: من البُؤْس وَهُوَ الفَقْر بَئِسَ الرجُل يَبْأسُ بُؤْساً وبَأْساً وبَئيساً: إِذا افْتَقَرَ، فَهُوَ بائس، أَي: فَقير. والشجاع يُقَال مِنْهُ: بَئِسَ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الزّجاج.
وَقَالَ غَيره: البَأْساءُ من البُؤْس، والبُؤْسُ من البُؤْس، قَالَ ذَلِك ابْن دُرَيد. وَقَالَ غَيره: هِيَ البُؤْس والبَأساء، ضد النُّعمى والنُّعْماء، وأمّا فِي الشّجاعة والشِّدّة فَيُقَال: البَأس.
وَقَالَ اللّيث: البأساءُ: اسمٌ للحَرْب والمَشقّة والضَّرْب. والبائِسُ: الرجُل النازِلُ بِهِ بَلِيّة أَو عُدْمٌ يُرحَم لِمَا بِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: بُؤْساً لَهُ وتُوساً وجُوساً بِمَعْنى وَاحِد. وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّآءِ} (الْأَنْعَام: 42) ، قيل: البأساءُ: الجوعُ والضَّراءُ: النَّقْص فِي الْأَمْوَال والأنفس. وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَوْلا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ} (الْأَنْعَام: 43) ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} (الْأَنْعَام: 42) .
وَأما قولُ الله جلّ وعزّ: {بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} (الْأَعْرَاف: 165) ، فَإِن أَبَا عَمْرو وَعَاصِم والكسائيّ وَحَمْزَة قرؤوا {بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} ، على فَعِيل. وَقَرَأَ ابنُ كثيرِ: (بئيسٍ) على فعيل، وَكسر الْفَاء وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا شِبل وأهْل مَكّة. وَقَرَأَ ابْن عامِر (بِئْسٍ) على فِعْلٍ بِهَمْزَة، وَقرأَهَا نَافِع وَأهل الْمَدِينَة (بِيْسٍ) على فعل بِغَيْر همز.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البَئِسُ والبَيِسُ على فَعِل: الْعَذَاب الشَّديد.
قَالَ: وباس الرجل يبيس بَيْساً: إِذا تكبَّر على النَّاس وآذاهم.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: ابْتَأس الرجُل: إِذا بلَغه شيءٌ يَكرَهه، قَالَ لَبيد:
فِي رَبْرَبٍ كنِعاج صا
رةَ يَبْتئسْنَ بِمَا لَقِينا

(13/73)


وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} (هود: 36) ، قيل مَعْنَاهُ: لَا تَحزَن وَلَا تَسْكُن وَقد ابتَأس فَهُوَ مُبْتَئِس.
وأَنشَد أَبُو عبيد:
مَا يَقسِمُ اللَّهُ أَقبَلْ غيرَ مُبْتَئِسٍ
مِنْهُ وأَقْعُدْ كَريماً ناعمَ البالِ
أَي: غيرَ حزينٍ وَلَا كارِه.
وخمر بيسانيةٌ: منسوبة. وبيسان: مَوضِع فِيهِ كروم من بِلَاد الشَّام.
وأمّا بِئْسَ ونِعْمَ: فإنّ أَبَا إِسْحَاق قَالَ: هما حرفان لَا يَعمَلان فِي اسْم عَلَم، إنّما يَعمَلان فِي اسْم مَنكُور دالَ على جنس، وإنّما كَانَتَا كَذَلِك لأنّ نِعْمَ مستوفيةٌ لجَمِيع الْمَدْح، وَبئسَ مستوفية لجَمِيع الذمّ.
فَإِذا قلت: بئْسَ الرجلُ، دلَلتَ على أنّه قد استوفى الذّم الَّذِي يكون فِي سَائِر جنسِه، فَإِذا كَانَ مَعَهُمَا اسمُ جِنْس بِغَيْر ألف ولامٍ فَهُوَ نَصْب أبدا، وَإِذا كَانَت فِيهِ الْألف وَاللَّام فَهُوَ رَفْعٌ أبدا.
وَذَلِكَ قَوْلك: نِعمَ رجلا زيدٌ، أَو بئسَ رجلا زيدٌ، وبئسَ الرجلُ زيدٌ. والقصدُ فِي نِعم وبئسَ أَن يَليَهما اسمٌ مَنْكور أَو اسمُ جِنْس، وَهَذَا قَول الْخَلِيل.
وَمن الْعَرَب من يَصِل بئس ب (مَا) .
قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ} (الْبَقَرَة: 102) .
ورُوِي عَن النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (بئسَما لأحدكم أَن يَقُول نَسِيتُ آيَة كَيْتَ وكَيْتَ أمَا إنّه مَا نَسِي ولكنّه أُنْسِي) .
وَالْعرب تَقول: بئسَما لَك أَن تفعلَ كَذَا وَكَذَا إِذا أدخلتَ (مَا) فِي بئس أدخلتَ بعْدهَا أَنْ مَعَ الْفِعْل، بئسَما لَك أَن تَهجُر أَخَاك، وبئسَما لكَ أَن تَشتُم الناسَ.
ورَوَى جميعُ النحويِّين: بئسَما تَزْوِيج وَلَا مَهْر؛ وَالْمعْنَى فِيهِ: بئسَ شَيْئا تزْويجٌ وَلَا مَهْر.
وَقَالَ الزّجّاج: بِئْسَ إِذا وقعتْ على (مَا) جعِلت (مَا) مَعهَا بِمَنْزِلَة اسْم منكَّر، لأنّ بِئْس ونِعْم لَا يَعمَلان فِي اسمِ عَلَم، إِنَّمَا يَعمَلان فِي اسمٍ منكور دَال على جنس.
قَالَ شمر: إِذا قَالَ الرجل لعدوّه: لَا بأسَ عَلَيْك، فقد أمّنَه، لِأَنَّهُ نفى الْبَأْس عَنهُ، وَهُوَ فِي لُغَة حِمير: لَبَاتِ؛ أَي: لَا بأسَ وَقَالَ شَاعِرهمْ:
شَربنا النومَ إِذْ غَضت غَلاب
بتسهيد وعَقْد غير مَيْن
تنادَوْا عِنْد غدرهم لَبَات
وَقد بَرَدَت مَعاذِرُ ذِي رُعَيْنِ
ولَبَاتِ بلغتهم: لَا بَأْس، كَذَا وجدته فِي كتاب شمر.
وَسَب: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الوَسَبُ: الوَسَخ، وَقد وَسِب وَسباً، ووَكِبَ وَكَباً، وحَشِنَ حَشَناً، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: إنّك لتَرُدّ السُّؤال المُحِف بالإباءِ والأَبأْسِ.

(13/74)


(بَاب السِّين وَالْمِيم)
س م (وَا يء)
سوم سما وسم وَمَسّ مسي مأس موس أمس: (مستعملة) .
سوم: السَّوْم: عَرْضُ السِّلْعة على البَيْع.
وَقَالَ أَبُو زيد فِيمَا رَوَى أَبُو عبيد عَنهُ: سُمْتُ بِالسِّلعة أسوم بهَا.
وَيُقَال: فلَان غالي السِّيمةِ: إِذا كَانَ يُغلِي السَّوْم.
قَالَ: وَيُقَال: سُمْتُ فلَانا سِلْعَتي سَوْماً: إِذا قلتَ: أتأخُذها بِكَذَا من الثّمن، ومِثْل ذَلِك سُمْتُ بسِلْعَتي سوماً أَو يُقَال استمت عَلَيْهِ بسلعتي استِياماً إِذا كنت أَنْت تذكر ثمنهَا. وَيُقَال: اسْتام مني بسَلعتي استياماً إِذا كَانَ هُوَ العارِض عليكَ الثمنَ، وسامَني الرجلُ بسِلعتِه سَوْماً. وَذَلِكَ حينَ يذكر لَك هُوَ ثمَنها، وَالِاسْم من جَمِيع ذَلِك السُّومة والسِّيمة. والسَّوْمُ أَيْضا من قَول الله جلّ وعزّ: {يَسُومُونَكُمْ سُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءَ الْعَذَابِ} (الْبَقَرَة: 49) .
قَالَ أهل اللُّغَة: مَعْنَاهُ: يُولُونَكم سُوءَ الْعَذَاب، أَي: شديدَ العذَاب.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّوْم: أَن تُجشِّمَ إنْسَانا مَشقّةً أَو سوءا أَو ظُلْماً.
وَقَالَ شمر فِي قَوْله: سامُوهم سوءَ الْعَذَاب قَالَ: أرادُوهم بِهِ.
وَقيل: عَرضوا عَلَيْهِم، والعربُ تَقول: عَرضَ عليّ فلانٌ سَوْمَ عَالةٍ.
قَالَ أَبو عبيد: قَالَ الكسائىّ: هُوَ بِمَعْنى قولِ الْعَامَّة: عَرْضٌ سابرِيّ.
قَالَ شمر: يُضرَب هَذَا مَثَلاً لمن يَعرِض عَلَيْك مَا أَنْت عَنهُ غَنيّ، كَالرّجلِ يَعلم أنّك نزلتَ دارَ رجل ضَيْفاً فيَعرِض عليكَ القِرَى.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: السَّوْم: سُرعةُ المَرِّ، يُقَال: سامَت الناقةُ تَسُوم سَوْماً، وأَنشدَ بيتَ الرَّاعِي:
مَقّاءُ مُنْفَتَق الإبْطَيْنِ ماهرةٌ
بالسَّوْم ناطَ يَدَيْها حارِكٌ سَنَدُ
وَمِنْه قولُ عبد الله ذِي النِّجادَين يُخَاطب ناقَةَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
تَعرَّضي مَدارِجاً وَسُومِي
تَعرُّضَ الجَوْزاءِ للنُّجوم
وَقَالَ غيرُه: السَّوْم: سرعَة المَرِّ مَعَ قَصْد الصَّواب فِي السِّير.
وَيُقَال: سامَت الراعِيةُ تَسُومُ سَوْماً: إِذا رَعَتْ حيثُ شَاءَت. والسَّوامُ: كل مَا رَعَى مِنَ المَال فِي الفَلَوات إِذا خُلِّيَ وسَوْمه يَرعَى حيثُ شَاءَ. والسائم: الذَّاهِب على وجهِه حَيْثُ شَاءَ.
يُقَال: سامَت السائمةُ وَأَنا أَسَمْتُها أُسِيمُها: إِذا رَعَيْتَها، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {فِيهِ تُسِيمُونَ} (النَّحْل: 10) .
وأخبَرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب أنّه قَالَ: أسَمْتُ الإبلَ: إِذا خَلّيْتَها تَرعَى.

(13/75)


وَقَالَ الأصمعيّ: السَّوام والسائمة: كلُّ إبلٍ تُرسَل ترعَى وَلَا تُعلَف فِي الأَصْل. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ} (آل عمرَان: 14) .
أَبُو زيد: الْخَيل المسومة: المُرسَلَة وَعَلَيْهَا رُكْبَانُها، وَهُوَ من قَوْلك: سَوّمْتُ فلَانا: إِذا خَليْته وسَوْمَه، أَي: وَمَا يُرِيد.
وَقيل: الخيلُ المسوَّمة: هِيَ الّتي عَلَيْهَا السِّيما والسُّومة، وَهِي العَلاَمة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السِّيَمُ: العلامات على صُوف الْغنم.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} (آل عمرَان: 125) ، قرىء بِفَتْح الْوَاو وَكسرهَا، فَمن قَرَأَ: (مسوَّمين) أَرَادَ مُعلَّمين. من السّومة، أعلمُوا بالعمائم. وَمن قَرَأَ: {مُسوِّمين أَرَادَ معلِّمين.
وَقَالَ اللَّيْث: سَوَّم فلانٌ فَرسَه: إِذا أعلَم عَلَيْهِ بحرَيرةٍ أَو بِشَيْء يُعرَف بِهِ.
قَالَ: والسِّيمَا ياؤها فِي الأَصْل وَاو، وَهِي الْعَلامَة الَّتِي يُعرف بهَا الخيرُ والشرّ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ} (الْبَقَرَة: 273) ، وَفِيه لغةٌ أُخْرَى: السِّيماء بِالْمدِّ، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
غُلامٌ رَماهُ الله بالحُسْنِ يَافِعاً
لَه سِيميَاءُ لَا تَشُقُّ على البَصَرْ
وأَنشَد شمر فِي تَأْنِيث السِّيمى مَقْصُورَة:
ولهمْ سِيمَا إِذا تُبْصِرُهُمْ
بَيَّنتْ رِيبةَ مَنْ كَانَ سَأَلْ
وَأما قَوْلهم: وَلَا سِيَّما كَذَا، فَإِن تفسيرَه فِي لفيف السّين؛ لأنَّ (مَا) فِيهَا صلَة.
قَالَ أَبُو بكر: قَوْلهم عَلَيْهِ سِيمَا حسَنة؛ مَعْنَاهُ عَلامَة، وَهِي مَأْخُوذَة من وَسِمت أَسِم. والأصلُ فِي سِيما وَسْمَى، فحُوّلت الْوَاو من مَوضِع الْفَاء إِلَى مَوضِع الْعين؛ كَمَا قَالُوا: مَا أطْيَبه وأَيْطبه فَصَارَ سوْمَى، وجُعلت الواوُ يَاء لسكونها وانكسار مَا قبلهَا.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: سَوَّمْتُ الرجلَ تسْويماً: إِذا حَكّمْتَه فِي مَالك. وسوَّمْتُ على الْقَوْم: إِذا أغَرْتَ عَلَيْهِم فَعِثْتَ فيهم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: من أمثالهم عبدٌ وسُوِّم فِي يَده، أَي: وخُلِّيَ وَمَا يُريد. قَالَ: وسامَ: إِذا رَعَى. وسامَ: إِذا طلب. وسام: إِذا باعَ. وسامَ: إِذا عَذَّب.
وَقَالَ النَّضر: سامَ يَسُوم: إِذا مَرَّ. وسامَت الناقةُ: إِذا مَضَت، وخُلِّيَ لَهَا سَوْمها أَي وجهُها.
ثَعْلَب عَنهُ أَيْضا: السّامَةُ: السّاقة. والسّامة: المَوْتَةُ، والسامة: السَّبِيكة من الذَّهَب. والسّامة: السَّبِيكة من الفِضَّة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: السّامُ: عُروقُ الذَّهب، واحدتُه سامة، قَالَ قيس بن الْحطيم:
لَو انكَ تُلقِي حَنظَلاً فَوقَ بَيْضِنا
تَدَحرَجَ عَن ذِي سامِهِ المُتقارِبِ
أَي: الْبيض الّذي لَهُ سامٌ.
وَقَالَ شمر: السّامُ: شجر، وأَنشَد قولَ

(13/76)


العجَّاج:
ودَقَلٌ أجرَدُ شَوْذَبِيُّ
صَعْلٌ من السّامِ ورُبّانِيُّ
يَقُول: الدَّقَل لَا قِشْر عَلَيْهِ، والصَّعْل: الدَّقِيق الرَّأْس، يَعْنِي رأسَ الدَّقَل. والسّامُ: شجر. يَقُول: الدَّقَل مِنْهُ ورُبَّانيّ: رَأس المَلاَّحين.
يَسُومُ: اسْم جبل، صَخْرَة ملساء، قَالَ أَبُو وجزة:
وسرنا بمطلول من اللَّهْو ليّن
يحط إِلَى السهل اليَسُومى أعصما
قَالَ أَبُو سعيد: يُقَال لِلْفِضَّةِ بِالْفَارِسِيَّةِ سيم، وبالعربية سَام.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ شُجاع: سارَ القومُ وساموا بِمَعْنى وَاحِد.
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (فِي الحبَّة السَّوْداء شِفَاءٌ من كلِّ داءٍ إلاّ السَّام) . قيل: وَمَا السَّام؟ قَالَ: (المَوْت) . وَكَانَ اليهودُ إِذا سلَّموا على رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالُوا: السامُ عَلَيْكُم، فَكَانَ يَردُّ عَلَيْهِم: (وَعَلَيْكُم) ، أَي: وَعَلَيْكُم مِثلُ مَا دعَوْتُم.
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه نَهَى عَن السَّوْم قبل طُلُوع الشَّمْس.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: السَّوْم: أَن يُساوِم بسِلْعَتِه، ونُهِي عَن ذَلِك فِي ذَلِك الْوَقْت لأنّه وقتٌ يُذكر الله تَعَالَى فِيهِ فَلَا يُشغَل بغيرِه.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون السَّوْم من رَعْي الإبِل، لِأَنَّهَا إِذا رَعَت الرِّعْيَ قبل شُروق الشمسِ عَلَيْهِ وَهُوَ نَدٍ أصابَها مِنْهُ داءٌ ربّما قَتلهَا، وَذَلِكَ معروفٌ عِنْد أهلِ المالِ من العَرَب.
وسم: قَالَ اللَّيْث: الوَسْم والوَسْمةُ: شجرةٌ ورَقُها خِضاب.
قلتُ: كلامُ الْعَرَب الوَسِمة بِكَسْر السِّين قَالَه النَّحويون.
وَقَالَ اللَّيث: الوَسْم أَيْضا: أَثَر كَيَّةٍ، تَقول: بعيرٌ مَوْسوم: أَي قد وُسِم بِسمَةٍ يُعرَف بهَا، إِمَّا كيّةٌ أَو قَطْعٌ فِي أذُنه، أَو قَرْمَةٌ تكونُ عَلامَة لَهُ. والميسَم: المِكواة أَو الشيءُ الّذي يُوسَم بِهِ الدَّواب، والجميع المَواسِم، وَقَالَ الله تَعَالَى: {الاَْوَّلِينَ سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ} (الْقَلَم: 16) ، فإنّ فلَانا لموسومٌ بِالْخَيرِ وبالشّرِّ: أَي: عَلَيْهِ علامةُ الْخَيْر أَو الشرّ، وإنّ فُلَانَة لَذات مِيسَم، ومِيسَمُهَا: أَثَر الجمَال والعِتْق. وَإِنَّهَا لوَسِيمة قَسِيمة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الوَسَامة والمِيسَم: الحُسْن.
وَقَالَ ابْن كُلْثُوم:
خلطْنَ بمِيسَم حسباً ودِيناً
وَقَالَ اللَّيْث: إِنَّمَا سُمِّي الوَسْمِيُّ من الْمَطَر وَسْمِيّاً لأنَّه يَسِم الأَرْض بالنبات، فيُصَيِّر فِيهَا أثرا فِي أوّل السنَة. وأرضٌ مَوْسومة: أصابَها الوَسْمِيّ، وَهُوَ مطرٌ يكون بعد الخَرَفِيّ فِي البَرْد، ثمَّ يَتْبَعُه

(13/77)


الوَلِيُّ فِي صميم الشِّتاء، ثمَّ يَتبَعه الرِّبْعي.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أوّل مَا يَبدأ المطرُ فِي إقبالِ الشتاءِ فاسمُه الخَرِيف، وَهُوَ الّذي يَأْتِي عِنْد صِرامِ النَّخل، ثمَّ الّذي يلِيه الوَسْمِيّ، وَهُوَ أوّل الرّبيع، وَهَذَا عِنْد دُخول الشِّتاء، ثمَّ يَلِيهِ الرَّبيع فِي الصَّيف، ثمَّ الحَميم.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: نجُومُ الوَسْميِّ أوّلها فُرُوعُ الدَّلْو المؤخَّر ثمَّ الحُوت، ثمَّ الشَّرَطان ثمَّ البُطَيْن، ثمَّ النَّجْم؛ وَهُوَ آخر نُجُوم الوَسْمِيّ، ثمَّ بعد ذَلِك نُجومُ الرَّبيع، وَهُوَ مَطَر الشتَاء أول أنجمه الهَقِعَة وآخِرُها الصَّرْفة تَسقُط فِي آخِر الشّتاء.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: والوَسِيم: الثابتُ الحُسْن: كأنّه قد وُسِم.
قَالَ شمر: دِرْعٌ مَوسُومَةٌ: وَهِي المُزيّنة بالشِّبْه فِي أَسْفَلهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: مَوْسِم الحَج سُمِّي مَوْسِماً لأنّه مَعْلمٌ يُجتَمَع إِلَيْهِ، وَكَذَلِكَ كَانَت مواسمُ أسواقِ العَرَب فِي الجاهليّة، وَيُقَال: تَوسّمتُ فِي فلَان خيرا، أَي: رأيتُ فِيهِ أَثَراً مِنْهُ، وتوسَّمْت فِيهِ الْخَيْر، أَي: تفرَّسْتُ.
يَعْقُوب: كل مجمع من النَّاس كثيرٌ فَهُوَ مَوْسِم؛ وَمِنْه موسم مِنًى. وَيُقَال: وسَمْنا موسِمنا؛ أَي: شهدناه، وَكَذَلِكَ عَرَفنا، أَي: شَهِدنَا عَرَفَة. وعيَّد القومُ: شهدُوا عيدَهم.
وَقَوله جلّ وعزّ: { (إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} (الْحجر: 75) ، أَي: للمتفرِّسين.
سما: فِي حديثِ عَائِشَة الّذي ذكرت فِيهِ أَهْلَ الإفْك: وَإنَّهُ لم يكن فِي نسَاء النبيّ امرأةٌ تُسامِيها غيرَ زينبَ، فعَصَمها الله، وَمعنى تُسامِيها: تُبارِيها وتُعَارِضُها.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: المُساماةُ: المفاخَرة.
وَقَالَ اللَّيْث: سما الشيءُ يَسْمو سُمُوّاً: وَهُوَ ارتفاعُه، وَيُقَال للحَسِيب والشّريف، قد سَمَا، وَإِذا رفَعتَ بَصَرك إِلَى الشَّيْء قلتَ سمَا إِلَيْهِ بَصَري، وَإِذا رُفع لَك شيءٌ من بَعيد فاستَبَنْتَه قلتَ: سمَا لِي شَيْء قَالَ: وَإِذا خرج القومُ للصّيد فِي قِفار الأَرْض وصَحَارِيها قلت: سَمَوْا، وهم السُّماة، أَي: الصَّيّادُون.
أَبُو عبيد: خرج فلَان يَسْتَمِي الوحشَ أَي: يطلبُها.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المِسْماةُ: جَوْرَبُ الصّياد يَلبَسها لتَقِيه حَرَّ الرَّمْضاء إِذا أَرَادَ أَن يتربّصَ الظِّباءَ نصفَ النَّهار. قَالَ: وَيُقَال: ذهب صِيتُه فِي النَّاس وُسمَاه، أَي: صوتُه فِي الخَيْر لَا فِي الشرّ.
اللَّيْث: سَمَا الفحلُ: إِذا تَطاوَلَ على شَوْلِه، وسُماوَتُه أَي: شخصه، وأنشَد:
كَأَن على أَثْباجها حينَ آنَسَتْ
سَماوَتُه قَيّاً من الطَّيرِ وُقَّعا
وسَماوَةُ الهِلال: شخصُه إِذا ارتَفَع عَن

(13/78)


الأُفق شَيْئا، وأنشدَ:
طَيَّ اللَّيالِي زُلَفاً فزُلفَا
سَماوَةَ الهِلالِ حتّى احقَوقَفَا
قَالَ: والسَّماوة: ماءٌ بالبادية، وَكَانَت أمُّ النُّعمان سُميتْ بهَا، فَكَانَ اسمُها ماءَ السَّماوَة فسمّتْها العربُ ماءَ السّماء.
وسَماوة كل شَيْء: شخص أغلاه. قَالَ:
سماوتهُ أسمالُ بُرْد مُحَبَّر
وصَهْوتهُ من أَتْحَمِيَ مُعَصَّب
أَبُو عُبَيْدَة: سماءُ الْفرس من لدن عَجْب الذَّنب إِلَى الصُّطرة.
قَالَ: والسَّماءُ: سَقْفُ كلِّ شَيْء وكلّ بَيت. والسَّماءُ: السَّحَاب. والسَّماء: المَطَر. والسَّماء أَيْضا: اسْم المَطْرة الجديدة.
يُقَال: أصابتْهم سَماءٌ، وسُمِى كَثيرةٌ، وثلاثُ سُمِيّ، والجميع الأَسْمِيةُ والجمعُ الكثيرُ سُمِيّ.
قَالَ: والسَّموات السَّبع: أطباق الأَرَضين، وتُجمَع سَماء وسَماوات.
قلتُ: السَّمَاء عِنْد الْعَرَب مؤنَّثة، لأنّها جمعُ سَماءَة، وَسبق الجَمعُ الوُحدانَ فِيهَا. والسماءة أَصْلهَا سَمآوَة فَاعْلَم. وَإِذا ذكّرت الْعَرَب السَّماء عَنَوْا بهَا السَّقْف.
وَمِنْه قولُ الله: {شِيباً السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً} (المزمل: 18) ، وَلم يقل مُنفَطرة.
وَقَالَ الزجّاج: السماءُ فِي اللّغة: يُقَال لكلّ مَا ارتفَعَ وعَلا قد سَمَا يَسمُو، وكلُّ سَقْف فَهُوَ سَماء، وَمن هَذَا قيل للسحاب: السَّماءُ، لِأَنَّهَا عاليَة. وَالِاسْم ألِفُه ألفُ وَصْل، والدّليل على ذَلِك أنّك إِذا صَغَّرتَ الاسمَ قلتَ: سُمَيّ، وَالْعرب تَقول: هَذَا اسمٌ، وَهَذَا سُمٌ وأَنشَد:
بِاسم الَّذِي فِي كلِّ سُورةٍ سُمُهْ
وسُمَه رَوَى ذَلِك أبُو زَيْد وَغَيره من النحويِّين.
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَمعنى قَوْلنَا: اسمٌ هُوَ مشتقٌّ من السُّمُو، وَهُوَ الرِّفْعة، وَالْأَصْل فِيهِ سِمْوٌ بِالْوَاو، وَجمعه أَسْماء، مثل قِنْو وأَقْناء، وَإِنَّمَا جُعِل الِاسْم تَنْويهاً على الدّلالة على الْمَعْنى، لأنّ الْمَعْنى تحتَ الِاسْم.
قَالَ: وَمن قَالَ: إنّ اسْما مأخوذٌ من وَسَمْتُ، فَهُوَ غلط؛ لأنّه لَو كَانَ اسمٌ من سِمْتهُ لَكَانَ تصغيرُه وُسَيْما مثل تَصْغِير عِدَة وصِلَة، وَمَا أشبههما.
وَقَالَ أَبُو العبّاس: الاسمُ رَسْمٌ وَسِمَةٌ يُوضَع على الشيءِ يُعرَف بِهِ.
وسُئل عَن الِاسْم أهوَ المسمَّى أَو غيرُ المسمَّى؟ .
فَقَالَ: قَالَ أَبُو عُبيدة: الِاسْم هُوَ المسمَّى.
وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: الاسمُ غيرُ المسمَّى، قيل لَهُ: فَمَا قولُك؟ فَقَالَ: لَيْسَ لي فِيهِ قَول.
وَقَالَ ابنُ السكّيت: يُقَال هَذَا سامَةُ غادِياً، وَهُوَ اسْم للْأَب، وَهُوَ مَعرِفة.

(13/79)


قَالَ زُهَير يَمدَح رجلا:
ولأنتَ أجرأُ من أُسامةَ إذْ
دُعِيَتْ نَزالِ ولُجَّ فِي الذُّعْرِ
أمس: قَالَ الكسائيّ: العَرَب تَقول: كلّمتُك أَمْسِ، وأَعجَبَني أَمْس يَا هَذَا. وَتقول فِي النّكرة: أعجَبَني أَمْسٍ، وأَمْسٌ آخَر، فَإِذا أضفتَه أَو نكّرته أَو أدخلتَ عَلَيْهِ الْألف واللاّم للتعريف أجريتَه بالإعراب، تَقول: كَانَ أَمْسُنا طَيّباً، ورأيتُ أَمسَنا المُبارَك. وَتقول: مَضى الأَمْسُ بِمَا فِيهِ.
قَالَ الفرّاء: وَمن الْعَرَب مَن يَخفِض الأَمْسِ وَإِن أَدخل عَلَيْهِ الألفَ واللاّم.
وأَنشَد:
وإنِّي قَعَدْتُ اليومَ والأمْسِ قَبْلَه
وَقَالَ أَبُو سَعيد: تَقول: جَاءَنِي أَمْسِ، فَإِذا نَسَبْتَ شَيْئا إِلَيْهِ كسرتَ الْهمزَة فَقلت: امْسِيٌّ؛ على غير قِيَاس.
قَالَ العجّاج:
وجَفَّ عَنْهُ العَرَق الإمْسِيّ
قَالَ ابْن كيسَان فِي أمس: يَقُولُونَ إِذا نكروه: كلُّ يَوْم يصير أمساك، وكل أمس مضى فَلَنْ يعود، ومضَى أمسٌ من الأموس.
وَقَالَ البصريون: إِنَّمَا لم يتمكّن أمس فِي الْإِعْرَاب لِأَنَّهُ ضارع الْفِعْل الْمَاضِي وَلَيْسَ بمعرَب.
وَقَالَ الْفراء: إِنَّمَا كسرت لِأَن السِّين طبعها الْكسر.
وَقَالَ الْكسَائي: أصلُه الْفِعْل، أَخذ من قَوْلك: أمسِ بِخَير، ثمَّ سُمّي بِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: السِّين لَا يُلفظ بهَا إِلَّا من كَسْر الفَم مَا بَين الثّنية إِلَى الضرس، وَكسرت إِذْ كَانَ مخرجها مكسوراً فِي قَول الْفراء، وَأنْشد:
وقافِية بَين الثَّنية والضرس
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: أَدخل الْألف وَاللَّام على أمس وَترك على حَاله فِي الْكسر، لِأَن أصل أمس عندنَا من الإمساء، فسمّى الْوَقْت بِالْأَمر وَلم يغيَّر لَفظه.
وَمن ذَلِك قَول الفرزدق:
مَا أَنْت بالحكم التُرْضَى حكومته
وَلَا الْأَصِيل وَلَا ذِي الرَّأْي والجدل
فَأدْخل الْألف وَاللَّام على ترْضى وَهُوَ فعل مُسْتَقْبل على جِهَة الِاخْتِصَاص بالحكاية.
وَأنْشد:
أخَفْن أطناني إِن شكيت وإنني
لفي شُغُل عَن ذَحْلِي اليَتَتَبّع
فَأدْخل الْألف وَاللَّام على (يتتبع) وَهُوَ فعل مُسْتَقْبل كَمَا وَصفنَا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: تَقول: مَا رأيتُه مُذْ أَمسِ، فَإِن لم تَرَه يَوْمًا قَبْلَ ذَلِك قلتَ: مَا رأيتُه مُذْ أوَّلَ من أمسِ، فَإِن لم تَرَه مذ يَوْمَيْنِ قبل ذَلِك قلتَ: مَا رأيتُه مذْ أوّلَ مِن أوّلَ مِن أَمسِ.
وَقَالَ العجاج:

(13/80)


كَأَن أمسيّاً بِهِ من أمس
يصفَرُّ لليُبْس اصفرار الوَرْس
قَالَ ابْن بزرج: قَالَ عرّام: مَا رَأَيْته مذ أمس الأحدث.
وَكَذَلِكَ قَالَ نجاد قَالَ: وَقَالَ الْآخرُونَ بالخفض مذ أمس الأحدث.
وَقَالَ نجاد: عهدي بِهِ أمس الأحدث، وأتاني أمس الأحدث.
قَالَ: وَتقول: مَا رَأَيْته قبل أمس بِيَوْم، تُرِيدُ: أول من أمس، وَمَا رَأَيْته قبل البارحة بليلة.
موس: قَالَ اللَّيْث: المَوْسُ: لغةٌ فِي المَسْي، وَهُوَ أَن يُدخل الرَّاعِي يدَه فِي رَحِم النَّاقة أَو الرَّمَكة يَمْسُطُ مَاء الفَحل من رَحمهَا استِلاماً للفَحْل كراهيةَ أَن تحمِل لَهُ.
قلتُ: لم أسمعْ المَوْس بِمَعْنى المَسْيِ لغير اللَّيْث.
وَقَالَ اللّيث أَيْضا: المَوْس تأسيسُ اسْم الموسَى الَّذِي يُحلَق بِهِ، وبعضُهم ينوِّن مُوسًى.
قلت: جعَلَ الليثُ مُوسَى فُعْلَى من المَوْس، وجَعل الميمَ أصليّة، وَلَا يجوز تنوينُه على قِيَاسه.
لِأَن فُعلَى لَا ينْصَرف.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: هَذِه مُوسَى حَدِيدة وَهِي فُعْلى عَن الكسائيّ.
قَالَ: وَقَالَ الأمويّ: هُوَ مذكّر لَا غير، هَذَا مُوسَى كَمَا ترى، وَهُوَ مُفعَلٌ من أوْسَيْتُ رأسَه: إِذا حلقته بالمُوسَى.
قَالَ يَعْقُوب: وأنشدنا الفرّاء فِي تَأْنِيث المُوسَى:
فَإِن تَكُن المُوسَى جَرَت فوقَ بَظْرِها
فَمَا وُضِعَتْ إلاّ ومصّانُ قاعِدُ
وَقَالَ اللَّيْث: أما مُوسَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيُقَال: إِن اشتقاقَه من المَاء والسّاج، ف (المو) : مَاء و (سا) : شَجَر لِحالِ التابوتِ فِي المَاء.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: يُقَال: ماسَ يَميس مَيْساً: إِذا مَجَن.
وَقَالَ اللّيث: المَيْسُ: ضَرْبٌ من المَيسَان فِي تَبَخْتُر وتَهَادٍ؛ كَمَا تَمِيسُ العَروسُ والجَملُ وربَّما ماسَ بِهَوْدَجِه فِي مَشْيِه فَهُوَ يَميسُ مَيَساناً.
قلت: وَهَذَا الّذي قَالَه اللَّيْث صَحِيح، يُقَال: رجلٌ مَيّاسٌ وجاريةٌ مَيّاسة: إِذا كَانَا يَخْتالان فِي مِشْيَتِهِما.
وَقَالَ اللَّيْث: مَيْسان اسمُ كُورةٍ من كُوَرِ دِجْلَة والنِّسْبَة إِلَيْهَا مَيْسَانيّ ومَيْسَنَانِيّ، وَقَالَ العجّاج يصف ثوراً وَحْشِيّاً:
ومَيْسَنانِيّاً لَهَا مُمَيَّسَا
وَقَبله:
خَوْدٌ تخال رَيطها المدْمَقا
يَعْنِي ثيابًا تنسج بِمَيْسَان. مُمَيَّس: مُذَيَّل، أَي: لَهُ ذيل.
عَمْرو عَن أَبِيه: المَيَاسِين: النُّجوم

(13/81)


الزَّاهرة. والمَيْسُون: الحَسَنُ القَدّ والوجهِ من الغِلْمَان.
وَقَالَ اللَّيْث: المَيْسُ: شجرٌ من أجوَد الشّجَر وأَصْلَبِه وأصلَحِه لضَعْفه للرّحال؛ وَمِنْه تُتَّخذ رِحالُ الشَّام، فَلَمَّا كَثُر ذَلِك قَالَت الْعَرَب: المَيْسُ: الرَّحْل.
وَقَالَ النَّضر: يسمّى الدُّشْتُ المَيْس شَجَرَة مزورة تكون عندنَا ببلخ فِيهَا البعوض.
وَفِي (النّوادر) : ماسَ اللَّهُ فيهم المَرَض يَمِيسُه، وأماسَه فيهم يُمِيسه، وبَسَّه وثَنّهُ: أَي: كَثّرَ فيهم.
مسي: أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: مَسَى يَمْسِي مَسْياً: إِذا ساءَ خُلُقُه بعد حُسْن. قَالَ: ومَسَى يُمْسِي مسياً وأَمْسى ومَسَّى كلُّه: إِذا وعَدَك بأمرٍ ثمَّ أَبْطَأَ عَنْك.
أبي عُبيد عَن الأصمعيّ: الْمَاسُ خفيفٌ غيرُ مَهْمُوز، وَهُوَ الّذي لَا يلتِفت إِلَى موعظةِ أحد وَلَا يَقبَل قولَه، يُقَال: رجل ماسٌ وَمَا أَمْساهُ.
قلت: كأنّه مقلوبٌ كَمَا قَالُوا هارٍ وهارٌ وهائرٌ وَمثله رَجُلٌ شاكِي السِّلاح، وشاكُ السِّلاح.
قلت: وَيجوز أَن يكون ماسٌ كَانَ فِي الأَصْل ماسئاً بِالْهَمْز فخفّفت همزُه ثمَّ قُلِب.
قَالَ أَبُو زيد: الماسىء: الماجِنُ، وَقد مَسأ: إِذا مَجَن.
وَقَالَ اللَّيْث: المَسْيُ لُغَةٌ فِي المَسْوِ؛ إِذا مَسَطَ الناقةَ، قَالَ: مَسَيْتُها ومَسَوْتُها.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: مَسَيْتُ النَّاقةَ: إِذا سَطَوْتَ عَلَيْهَا، وَهُوَ إدخالُ الْيَد فِي الرَّحم، والمَسْيُ: استخراجُ الوَلَد.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمُسْيُ من الْمسَاء كالصُّبح من الصَّباح، قَالَ: والمُمْسى كالمُصْبح، قَالَ: والمَساء بعد الظُّهر إِلَى صَلاةِ الْمغرب.
وَقَالَ بَعضهم: إِلَى نصفِ اللَّيْل. وَقَول النَّاس: كَيفَ أَمْسيْت، أَي: كَيفَ أَنْت فِي وَقت الْمَساء. ومسيتُ فُلاناً قلت لَهُ كيفَ أمسيت وأمسينا نَحن صرنا فِي وَقت الْمسَاء.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: لَقِيتُ من فلانٍ التَّماسِي، أَي: الدَّواهي، لَا يُعرَف لَهَا وَاحِد، وأَنشَد لِمِرْداس:
أُرَاوِدُها كَيْما تَلِينَ وإنّنِي
لأَلْقى عَلَى العِلاَّتِ مِنْهَا التّماسِيا
وَيُقَال: مَسَيْتُ الشيءَ مَسْياً: إِذا انْتَزَعْتَه، وَقَالَ ذُو الرّمة:
يَكَادُ المِراحُ العَرْبُ يَمْسِي غُروضَها
وَقد جَرَّدَ الأكتافَ مَوْرُ المَوارِكِ
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَمْسَى فلانٌ فلَانا: إِذا أَعَانَهُ بِشَيْء.
وَقَالَ أَبُو زيد: رَكِب فلانٌ مَسْأَ الطَّرِيق: إِذا ركب وسَطَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: ماسَى فلانٌ

(13/82)


فلَانا: إِذا سَخِر مِنْهُ، وسامَاه: إِذا فاخَره.
وَمَسّ: أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: المومِسَة: الْفَاجِرَة. وَقَالَ اللّيث: المُومِسات: الفَوَاجِرُ مُجاهَرَةً.
وَقَالَ ابنُ دُرَيْد: الوَمْسُ: احتِكاكُ الشَّيء بالشَّيْء حتَّى يَنْجَرِد؛ وَأنْشد قولَ ذِي الرُّمة:
وَقد حَرَّدَ الأكْتافَ وَمْسُ الحَوارِكِ
قلت: وَلم أَسْمَع الوَمْسَ لغيره، وَرَوَاهُ غيرُه: مَوْرَ المَوَارِك، والمَوَارِك: جمع المِيرَكَة والمَوْرِك.
مأس: قَالَ اللِّحيانيّ: يُقَال للنَّمام المائِسُ والمَؤُوس والمِمْآسُ؛ وَقد مأسْتُ بَينهم، أَي: أَفسَدْتُ.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: مأَسْتَ بَين الْقَوْم، وأَرَّشْتَ، وأرَّثْتَ بِمَعْنى وَاحِد.

(13/83)


بَاب اللفيف من حرف السّين
وَمن حُرُوفه المستعمَلة: السَّيء. والسَّيّ. وسِوَى. وسَواء. وساوَى. واستَوى. والسويّة. والسّوِيّ. والسُّوء. والسَّوء. والسَّيِّىء. والسَّوْء. وأسْوَى. والسَّأْوُ. والسّوس. والسّيساء. والوسْواس. وأوَس. والآس. والأس. وألاس. والأيْس. والأُسّ. والأسى. والأسية. والأسْوَ. والسّيَة. والأسيس. والسواس. والساسا. والواسىء. وويس. والساية.
(سيأ) : الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: السَّيْء لبنٌ يكون فِي أَطْرَافِ الأَخلاف قبل نُزول الدِّرّة، قَالَ زُهير:
كَمَا استغاثَ بسَيءٍ فَزُّ غَيْطَلَةٍ
خافَ العُيونَ وَلم يُنظَر بِهِ الحَشَكُ
(سيي) : والسِّيّ غيرُ مَهْمُوز مكسور السِّين: أرضٌ فِي بِلَاد الْعَرَب مَعْرُوف. وَيُقَال: هما سِيّانِ أَي هما مِثْلان. وَالْوَاحد سيّ.
أَبُو عبيد: تَسَيَّأَتِ الناقةُ إِذا أَرسلتْ لَبنَها من غير حَلَب، وَهُوَ السَّيْءُ.
وَيُقَال: إِن فلَانا ليتسيَّأ لي بِشَيْء، أَي بِشَيْء قَلِيل، وَأَصله من السّيْىء وَهُوَ اللَّبن قبل الدرّةِ ونزولها.
وَيُقَال: أَرض سيّ، أَي مستوية.
قَالَ ذُو الرمة:
زهاء بَساط الأَرْض سيّ مخوفة
وَقَالَ آخر:
بِأَرْض ودعان بساطٌ سيّ
وَيُقَال: وَقع فلَان فِي سِيِّ رأسِه وسَواء رأسِه، أَي: هُوَ مغمورٌ فِي النِّعمة، حَكَاهُ ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الفرّاء. وأمّا قولُ امرىء الْقَيْس:
أَلا رُبَّ يومٍ صالحٍ لكَ مِنْهُمَا
وَلَا سِيَّما يومٌ بِدَارةِ جُلْجُلِ
ويُروى وَلَا سيّما يومٍ، فَمن رَوَاهُ: (وَلَا سِيمَا يومٍ) أَرَادَ وَلَا مِثْلُ يَوْمٍ و (مَا) صلَة. ومَن رَوَاهُ (يومٌ) أرادَ وَلَا سِيَّ الَّذِي هُوَ يومٌ.
أَبُو زيد عَن العَرَب: إِن فلَانا عالمٌ وَلَا سِيّما أخُوه قَالَ: و (مَا) صلَة، ونصبُ سِيَّما بِلَا الجَحْد و (مَا) زَائِدَة، كأنّك قلتَ: وَلَا سِيَّ يَوْمٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: السِّيُّ: المكانُ المستوِي، وَأنْشد:
بأَرْضِ وَدْعانَ بَساطٌ سِيُّ
أَي: سواءٌ مُسْتَقِيم.
(سوي) : وَيُقَال للْقَوْم إِذا استوَوْا فِي الشّر: هم سَواسِية. وَمن أمثالِهم: سَواسِيّة كأسْنان الحِمار، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلهم: لَا

(13/84)


يزَال الناسُ بِخَير مَا تَبايَنوا، فَإِذا تَساوَوْا هَلَكوا، وأصلُ هَذَا أَن الخيرَ فِي النَّادِر من النّاس، فَإِذا استَوى الناسُ فِي الشرّ وَلم يكن فيهم ذُو خَيْر كَانُوا من الهلْكى.
وَقَالَ الْفراء: يُقَال هم: سَواسِيَة: يَستوُون فِي الشرّ، وَلَا أَقُول فِي الْخَيْر، وَلَيْسَ لَهُ وَاحِد.
وحُكي عَن أبي القَمْقام: سَواسِيه، أَرَادَ سَواء، ثمَّ قَالَ سِيَة، ورُوي عَن أبي عَمْرو بن العَلاء أَنه قَالَ: مَا أشدَّ مَا هجا القائلُ وَهُوَ الفرزدق:
سَواسِيّة كأَسْنان الحِمار
وَذَلِكَ أَن أسْنَانَ الحِمار مستويَة.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الاَْرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ} (الْبَقَرَة: 29) .
قَالَ الْفراء: الاسْتوَاء فِي كَلَام الْعَرَب على جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا أَن يَستوِيَ الرجلُ ويَنتهي شَبابُه وقوَّتُه، أَو يَسْتَوِي من اعوجاج، فهذان وَجْهَان، ووجهٌ ثَالِث أَن تَقول: كَانَ فلانٌ مُقبِلاً على فلَان ثمَّ استَوى عليَّ وإليّ يُشاتمُني، على معنى: أقبلَ إليَّ وعَليّ، فَهَذَا معنى قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ} ، وَالله أعلم.
قَالَ الْفراء: وَقَالَ ابْن عَبَّاس: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ} : صَعِد، وَهَذَا كَقولِك للرجل: كَانَ قَائِما فاستوَى قاعِداً، وَكَانَ قَاعِدا فاستوَى قَائِما وكُلٌّ فِي كَلَام العَرَب جَائِز.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن أَحْمد بن يحيى أَنه قَالَ فِي قَول الله تَعَالَى: { (الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (طه: 5) ، قَالَ: الاسْتوَاء: الإقبال على الشَّيْء.
وَقَالَ الْأَخْفَش: استَوى أَي علا، وَيَقُول: استوَيْتُ فوقَ الدّابة، وعَلى ظهر الدَّابة، أَي: عَلَوْته.
وقَال الزَّجَّاج: قَالَ قومٌ فِي قَوْله عز وَجل: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ} عَمَد وقَصَد إِلَى السّماء، كَمَا تَقول: فَرَغ الأميرُ مِن بلدِ كَذَا وَكَذَا، ثمَّ استَوى إِلَى بلدِ كَذَا وَكَذَا، مَعْنَاهُ: قَصَد بالاستواء إِلَيْهِ.
قَالَ: وَقَول ابْن عبَّاس فِي قَوْله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ} أَي: صَعِد، معنى قَول ابْن عَبَّاس، أَي: صَعد أمرُه إِلَى السَّماء. وقولُ الله جلَّ وعزَّ: {لاَ يَعْلَمُونَ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىءَاتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ} (الْقَصَص: 14) ، قيل: إنّ معنى (استَوى) ههُنا بلغَ الْأَرْبَعين.
قلت: وكلامُ العَرَب أَن المجتمِع من الرِّجَال والمستوِيَ هُوَ الَّذِي تمّ شَبابُه، وَذَلِكَ إِذا تمّت لَهُ ثَمَان وَعِشْرُونَ سَنة فَيكون حِينَئِذٍ مجتمِعاً ومستوِياً إِلَى أَن تتمّ لَهُ ثلاثٌ وثلاثُون سَنَةً، ثمَّ يَدخُل فِي حَدِّ الكُهولة، ويَحتمل أَن يكون بُلوغُ الْأَرْبَعين غايةَ الاسْتوَاء وَكَمَال الْعقل والحُنْكة، وَالله أعلم.
وَقَالَ اللَّيْث: الاسْتوَاء فِعْلٌ لازمٌ، من قَوْلك: سوَّيْتُه فاستَوَى.

(13/85)


وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: العَرَب تَقول: استَوَى الشيءُ مَعَ كَذَا وَكَذَا أَو بِكَذَا، إلاّ قَوْلهم للغلام إِذا تمَّ شَبابُه: قد استوَى. قَالَ: وَيُقَال: استوَى الماءُ والخَشَبَة، أَي: مَعَ الخَشَبةِ، الْوَاو هَهُنَا بمعنَى مَعَ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال فِي البَيْع لَا يُساوِي: أَي لَا يكون هَذَا مَعَ هَذَا الثَّمن سِيَّيْن. وَيُقَال: ساويت هَذَا بذاكَ: إِذا رفعتَه حَتَّى بلغَ قدرَه وَمبلَغه، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ} (الْكَهْف: 96) ، أَي: سوَّى بَينهَا حِين رفع السّدَّ بَينهمَا.
أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: يُقَال: لَا يُساوِي الثوبُ وغسيرُه كَذَا وَكَذَا، وَلم يَعرِف يَسْوِي.
وَقَالَ اللَّيْث: يَسوَى نادرةٌ، وَلَا يُقَال مِنْهُ سَوِي، وَلَا سَوَى كَمَا أنّ نكراء جَاءَت نادرةً، وَلَا يُقَال لذَكرِها أَنْكُر. قَالَ: وَيَقُولُونَ: نَكِرَ وَلَا يَقُولُونَ: يَنكَرُ.
قلت: وَقَول الفرّاء صَحِيح، وقولُهم: لَا يَسوَى لَيْسَ من كَلَام الْعَرَب، وَهُوَ من كَلَام المولَّدين، وَكَذَلِكَ لَا يُسْوَى لَيْسَ بِصَحِيح.
وَيُقَال: ساوَى الشيءُ الشيءَ: إِذا عادَلَه، وساوَيْتُ بَين الشَّيْئَيْنِ: إِذا عَدَلْتَ بَينهمَا، وسَوّيتَ.
وَيُقَال: تَساوَت الأمورُ واستوتْ، وتساوَى الشيئان واستَوَيا بِمَعْنى وَاحِد، وَأما قولُ الله جلّ وعزّ: {فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ} (الْبَقَرَة: 108) .
فإنّ سَلمَة رَوَى عَن الفرّاء أنّه قَالَ: {سَوَآءَ السَّبِيلِ} قصْد السَّبِيل، وَقد يكون (سواءٌ) فِي مَذْهَب (غير) كَقَوْلِك: أتيتُ سِواءك، فتمدّ.
الحرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: سَواء مَمْدُود بِمَعْنى وَسَط.
قَالَ: وحَكَى الأصمعيّ عَن عِيسَى بن عمرَ: انْقَطع سَوائي أَي وَسَطي، قَالَ: وسِواءٌ وسَوَى بِمَعْنى غير وَكَذَلِكَ سُوًى. قَالَ: وسَواء بمعنَى العَدْل والنَّصَفة.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (آل عمرَان: 64) ، أَي: عَدْلٍ.
وَقَالَ زُهَيْر:
أَرُونِي خُطّةً لَا عَيْب فِيهَا
يُسوِّي بينَنا فِيهَا السَّواءُ
وَقَول ابْن مقبل:
أردّا وَقد كَانَ المزار سواهُمَا
على دُبر من صادر قد تبدّدا
قَالَ يَعْقُوب فِي قَوْله: وَقد كَانَ المزار سواهُمَا، أَي: وَقع المزار على سواهُمَا أخطأهما. يصف مزادتين، وَإِذا تنحى المزار عَنْهُمَا استرختا وَلَو كَانَ عَلَيْهِمَا لرقعهما، وقلَّ اضطرابهما.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم نَحوه، وَزَاد فَقَالَ: يُقَال: فلَان وَفُلَان سواعد، أَي: متساويان، وقومٌ سَواء لأنّه مصدر لَا يثنى وَلَا يُجمَع.

(13/86)


قَالَ الله تَعَالَى: {لَيْسُواْ سَوَآءً} (آل عمرَان: 113) ، أَي: لَيْسُوا مُستَوِين.
قَالَ: وَإِذا قلتَ: سواءٌ عليّ احتجتَ أَن تُترجِم عَنهُ بشيئين، كَقَوْلِك: سواءٌ سألتَني أَو سكَتّ عني، وسواءٌ حَرَمْتَني أم أعْطيْتَني.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ، يُقَال: عقلك سواك؛ مثل عزب عَنْك عقلك.
وَقَالَ الحطيئة:
وَلَا يبيت سواهُم حِلْمُهم عزباً
وسِوى الشَّيْء: نفسُه، قَالَه ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا، ذكره ابْن الْأَنْبَارِي عَنهُ.
أَبُو عبيد: سَوَاء الشَّيْء، أَي: غَيره، كَقَوْلِك: رَأَيْت سواءك. قَالَ: وسواءُ الشَّيْء: هُوَ نفسُه.
قَالَ الْأَعْشَى:
تجانف عَن جُل الْيَمَامَة نَاقَتي
وَمَا عدلت عَن أَهلهَا لسوائِكَا
وبسوائك يُرِيد بك نَفسك.
قلت: وَسوى بِالْقصرِ تكون بالمعنيين، تكون بِمَعْنى غير، وَتَكون بِمَعْنى نفس الشَّيْء.
وروى أَبُو عبيد مَا رَوَاهُ عَن أبي عُبَيْدَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، يُقَال: دارٌ سَواء، وثوبٌ سَوَاء، أَي: مستوٍ طولُه وعَرْضُه وَصِفَاته وَلَا يُقَال: جَمَل سَواء، وَلَا حِمارٌ سَواء، وَلَا رَجُل سَوَاء.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: يُقَال: لَئِن فعلتَ ذاكَ وَأَنا سِواكَ ليأتينّك مِنّي مَا تَكرَه، يُرِيد: وأَنا بأرْضٍ سِوَى أَرْضِك.
وَيُقَال: رجلٌ سواءُ البَطْن: إِذا كَانَ بَطْنه مستوياً مَعَ الصَّدر. ورجلٌ سَواءُ القَدَم: إِذا لم يكن لَهَا أَخمص، فسواءٌ فِي هَذَا الْمَعْنى: المستوِي.
وَقَالَ الفرّاء: يُقَال: وَقع فلانٌ فِي سَواء رَأسه، أَي: فِيمَا ساوَى رَأسه من النَّعمة.
وأرضٌ سَوَاء: مستوِية.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: سَوّى: إِذا اسْتَوَى، ووسَّى إِذا حَسُن.
قَالَ: والوسْيُ: الاسْتوَاء. وَسوى فِي معنى غير.
قَالَ: والوسْي: الحلْق، يُقَال: وسى رأسَه وأوساه: إِذا حلقه.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال هُما على سَوِيّةٍ من الْأَمر، أَي: على سَوَاء، أَي: اسْتِوَاء.
قَالَ: والسَّوِيّة: قَتَبٌ عجميٌّ للبعير، والجميع السَّوايا.
أَبُو عُبيد عَن الأَصْمَعِيّ: السَّوِيّةِ كساءٌ محشُوٌّ بثُمام أَو ليفٍ أَو نَحوه، ثُمَّ يُجعل على ظهر الْبَعِير، وَإِنَّمَا هُوَ من مراكب الْإِمَاء وأَهل الْحَاجة.
قَالَ: والحوِيّة: كسَاء يُحَوّي حولَ سَنَام الْبَعِير ثمَّ يُركَب.
وَقَول الله: {بَشَراً سَوِيّاً} (مَرْيَم: 17) ، وَقَالَ: {ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} (مَرْيَم: 10) .

(13/87)


قَالَ الزّجاج: لمّا قَالَ زَكَرِيَّا لربّه: {اجْعَل لِّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءَايَةً} (مَرْيَم: 10) أَي: عَلامَة أعلم بهَا وقوعَ مَا بُشِّرتُ بِهِ قَالَ: {ءَايَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} (مَرْيَم: 10) ، أَي: تمنع الكلامَ وأنتَ سَوِيٌّ لَا خرسَ بك فتعلم بذلك أنّ الله قد وهبَ لَك الْوَلَد. وسَوِيّاً مَنْصُوب على الْحَال.
وَأما قَوْله: {فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً} (مَرْيَم: 17) ، يَعْنِي جبريلَ تمثَّلَ لِمَرْيَم وهيَ فِي غرفَة مُغْلق بابُها عَلَيْهَا محجوبةٌ عَن الخلْق، فتمثل لَهَا فِي صُورَة خَلْقِ بشرٍ سويَ، فَقَالَت لَهُ: {إِنِّى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً} (مَرْيَم: 18) .
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: السّوِيّ: فَعيل فِي معنى مُفْتَعِل، أَي: مستوٍ.
قَالَ: والمستوي: التامُّ فِي كَلَام العَرَب الَّذِي قد بلغ الْغَايَة فِي شبابه وتمامِ خلقه وعَقْلِه.
قَالَ: وَلَا يُقَال فِي شيءٍ من الْأَشْيَاء: استوَى بِنَفسِهِ حَتَّى يُضَمَّ إِلَى غَيره، فَيُقَال: اسْتَوَى فلَان وَفُلَان إِلَّا فِي معنى بُلُوغ الرجل الْغَايَة، فَيُقَال: اسْتَوَى.
قَالَ: وَاجْتمعَ مثله.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {مَكَاناً سُوًى} (طه: 58) ، و (سِوًى) .
قَالَ الْفراء: أَكثر كلامِ الْعَرَب بالفَتْح إِذا كَانَ فِي معنى نَصَف وعَدْل فتحُوه ومدُّوه.
قَالَ: وَالْكَسْر وَالضَّم مَعَ الْقصر عربيّان، وَقد قرىء بهما.
وَقَالَ اللَّيْث: تَصْغِير سواءٍ الْمَمْدُود: سُوَيّ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: (مَكَانا سوي) وَيقْرَأ بِالضَّمِّ، وَمَعْنَاهُ منصفاً، أَي: مَكَانا فِي النّصْف فِيمَا بَيْننَا وَبَيْنك. وَقد جَاءَ فِي اللُّغَة سَوَاء بِالْفَتْح فَهَذَا الْمَعْنى. تَقول: هَذَا مَكَان سَوَاء أَي: متوسط بَين المكانين، وَلَكِن لم يقْرَأ إِلَّا بِالْقصرِ: سُوًى وسِوًى.
أَبُو عُبيد عَن الْفراء: أسْوى الرجلُ: إِذا كَانَ خَلْق ولَدِه سويّاً، وخُلُقه أَيْضا.
وَيُقَال: كَيفَ أَمْسَيْتُم؟ فَيَقُولُونَ: مُسْوون صَالِحُونَ، يُرِيدُونَ: أنّ أَوْلَادنَا ومواشينَا سَوية صَالِحَة.
ورَوَى أَبُو عبيد بِإِسْنَادِهِ عَن أبي عبد الرَّحْمَن السُّلَمي أَنه قَالَ: مَا رأيتُ أحدا أَقرأَ من عليّ، صَلَّينا خَلْفَه فأَسْوَى بَرْزَخاً، ثمّ رَجَع إِلَيْهِ فقرأه، ثمَّ عَاد إِلَى الْموضع الّذي كَانَ انْتهى إِلَيْهِ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: أسْوَى: يَعْنِي أسْقَط وأَغفَل؛ يُقَال: أَسَوَيْتُ الشيءَ: إِذا تَركتَه وأغْفَلْتَهُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: السَّواءُ مَمْدُود: ليلةُ ثلاثَ عشرَة، وفيهَا يَستَوِي الْقَمَر.
وَيُقَال نزَلنَا فِي كلاَءٍ سَيَ، وأَنْبَطَ مَاء سِيّاً: أَي: كثيرا وَاسِعًا.

(13/88)


أَبُو عبيد عَن الْفراء: هُوَ فِي سيّ رَأسه، وَسَوَاء رَأسه، وَهِي النِّعْمَة.
قَالَ شمر: لَا أعرف فِي سيّ رَأسه وَسَوَاء رَأسه، وَقَالَ غَيره: مَعْنَاهُ: فِيمَا سَاوَى رَأسه.
سلَمة عَن الفرّاء قَالَ: السَّاية فَعْلَةٌ من التّسوية.
وقولُ النَّاس: ضَربَ لي سايَةً، أَي: هَيّأَ لي كلمة سَوَّاها عَلَيّ ليَخدَعَني.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: أَسوَى الرجلُ: إِذا أَحدَث من أم سُويد، وأَسْوَى: إِذا بَرِصَ؛ وأَسوَى: إِذا عُوفِيَ بعد عِلّة.
قَالَ: وَقيل لقوم: كَيفَ أصبحتمْ؟ فَقَالُوا: مُسْوِين صالِحين.
قلت: أرَى قَول أبي عبد الرَّحْمَن السُّلَميّ أسْوَى بَرْزَخاً، بِمَعْنى أَسقَط، أَصلُه من أَسْوَى إِذا أحدث؛ وأصلُه من السَّوْءَة، وَهِي الدُّبُر، فتُرِك الهمزُ فِي فِعلها؛ وَالله أعلم.
سوأ: قَالَ اللَّيْث: ساءَ يَسُوء: فِعلٌ لَازم ومُجاوزٌ، يُقَال: سَاءَ الشيءُ يَسُوء فَهُوَ سَيّءٌ: إِذا قَبحُ. والسُّوء: الِاسْم الجامعُ للآفات والدّاء.
وَيُقَال: سُؤْتٌ وجهَ فلانٍ، وَأَنا أَسوءه مَساءَةً ومَسائِيَة، قَالَ: والمَسايَةُ لغةٌ فِي المَساءَة، تَقول: أردتُ مَسَاءَتَك ومَسايَتَك، وَيُقَال: أسأتُ إِلَيْهِ فِي الصَّنيع، واستاء فلانٌ فِي الصَّنيع، من السوِّ بِمَنْزِلَة اهتمّ، من الهَمّ، أَو أَسَاءَ فلانٌ الخِياطةَ والعملَ.
أَبُو زيد: أَساءَ الرجلُ أساءَة، وسَوَّأْتُ على الرجلِ فعلَه.
وَمَا صَنَع تَسْوِئةً وتَسْويئاً: إِذا عِبْتَ مَا صَنَع.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: ساءَ مَا فَعَل صَنِيعاً يَسُوء، أَي: قَبُح صنيعُه صَنِيعاً.
قَالَ: والسَّيّء والسَّيئة: عَمَلان قبيحان؛ يصير السَّيءْ نَعْتاً للذَّكَر من الْأَعْمَال، والسَّيئة للأُنثى، وَالله يَعْفُو عَن السيِّئات والسَّيئة: اسْمٌ كالخَطيئة.
قَالَ: والسُّوءَى بوَزْن فُعْلَى: اسمٌ للفَعْلَة السِّيئة، بِمَنْزِلَة الحُسْنى للحَسَنة محمولةٌ على جِهَة النَّعْت فِي حَدّ أَفْعَل وَفُعْلَى كالأَسْوَإِ والسُّوْءَى.
وَقَالَ ابْن السَّكيت: يُقَال: إِن أخطأتُ فَخَطِيئتي وَإِن أَسَأْت فسَوِّي عليَّ، أَي: قَبِّح عليَّ إساءتي.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (سَوْءٌ وَلُودٌ خَيْرٌ من حَسْنَاء عَقِيم) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأمويّ: السَّوْء: القبيحة؛ وَيُقَال للرجل من ذَلِك أَسْوَأ، مهموزٌ مَقْصور. وَقَالَ الْأَصْمَعِي مِثْله.
قَالَ أَبُو عبيد: وَكَذَلِكَ كلُّ كلمة أَو فَعلة قبيحة فَهِيَ سَوْء؛ وأنْشَدَ لأبي زُبَيد:
ظَلَّ ضَيْفاً أخُوكُم لأخينَا
فِي شَرابٍ ونَعْمَةٍ وَشِواءِ

(13/89)


لَمْ يَهَبْ حُرْمَة النَّديم وَحُقَّتْ
يَا لَقَوْمِي للسَّوْءةِ السَّوْآءِ
وَقَالَ اللَّيْث: السَّوْء: فرج الرَّجُل وَالْمَرْأَة، قَالَ الله تَعَالَى: {بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا} (الْأَعْرَاف: 22) ، قَالَ: والسَّوْءة: كلُّ عملٍ وأَمرٍ شائن؛ تَقول: سَوْءَةً لفُلَان؛ نَصْبٌ لأنَّه شَتْمٌ ودُعاء.
قَالَ: والسَّوْءة السَّوْءاء: هِيَ الْمَرْأَة المخالِفة.
قَالَ: وَتقول فِي النَّكِرة: رجُل سَوْء، وَإِذا عَرَّفْتَ قلتَ هَذَا الرَّجلُ السَّوْءُ، ولَمْ تُضِف. وَتقول: هَذَا عَملُ سَوْء، ولَمْ تقُل عَمَل السَّوْء؛ لِأَن السَّوْء يكون نَعْتاً لِلعَمَل، لأنَّ الفِعْل من الرجل وليسَ الفعْلُ من السَّوْء، كَمَا تَقول: قَوْلُ صِدْق، وقولُ الصِّدْقِ، ورَجُل صِدْق، وَلَا تَقول: رَجُلُ الصِّدْق لأنَّ الرجلَ لَيْسَ من الصِّدْق.
وَقَالَ ابْن هانىء: الْمصدر السَّوْء، وَاسم الْفِعْل السوء. وَقَالَ: السَّوْء مصدر سؤته أسوءه سوءا، فَأَما السَّوْء فاسم الْفِعْل؛ قَالَ الله تَعَالَى: {قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً} (الْفَتْح: 12) ، قَالَ: وَقيل من السَّوْء من الذَّكَر أَسْوَأ، وَالْأُنْثَى سَوْءَاء. يُقَال: هِيَ السَّوْءة السَّوْءاء. وَقيل: فِي قَوْله تَعَالَى: {يَظْلِمُونَ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُواْ السُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءَى أَن كَذَّبُواْ بِئَايَاتِ اللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} (الرّوم: 10) أَي: هِيَ جَهَنَّم.
سَلمَة عَن الفرّاء فِي قَول الله جلَّ وعَزّ: {عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ} (الْفَتْح: 6) ، مِثْلُ قَوْلك: رَجُلُ السّوْء. قَالَ: ودائرة السَّوْء: الْعَذَاب. والسَّوْءُ بالفَتْح أفشَى فِي الْقِرَاءَة وَأكْثر؛ وقَلَّما. تَقول الْعَرَب: دَائِرَة السُّوء بِالضَّمِّ.
وَقَالَ الزجّاج فِي قَوْله: {وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّآنِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ} (الْفَتْح: 6) ، كَانُوا ظنّوا أَن لن يعودَ الرسولُ والمؤمنون إِلى أهلِيهِم، وزُيِّنَ ذَلِك فِي قُلوبهم، فَجعل اللَّهُ دائرةَ السُّوء عَلَيْهِم قَالَ: وَمن قَرَأَ (ظن السُّوء) ، فَهُوَ جَائِز؛ وَلَا أعلم أحدا قرَأَ بهَا، إِلَّا أنَّها قد رُوِيَت.
وزَعَم الخليلُ وسيبويه أنَّ معنى السُّوْء هَهُنَا: الْفساد، الْمَعْنى الظانِّين بِاللَّه ظنَّ الْفساد، وَهُوَ مَا ظَنُّوا أَن الرَّسول ومَنْ مَعَه لَا يَرْجِعون، قَالَ الله: {عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ} أَي: الفسادُ والهلاكُ يَقع بهم.
قلتُ: قولُ الزّجاج لَا أعلم أحدا قَرَأَ (ظَنّ السُّوءِ) بضمّ السِّين مَمْدُود وهَم، وَقد قَرَأَ ابنُ كثير وَأَبُو عَمْرو: (دَائِرَة السُّوء) بِضَم السِّين ممدودة فِي سُورَة بَرَاءَة، وَسورَة الْفَتْح، وَقَرَأَ سائرُ القُرّاء السَّوْء بِفَتْح السِّين فِي السُّورتين، وكثُر تعجُّبي من أَن يَذهبَ على مِثل الزّجاج قراءةُ هذَيْن القارئَين الجليلَين مَعَ جلالةِ قَدْرِهما.
وَقَالَ الفرّاء فِي سُورَة بَرَاءَة فِي قَوْله: {وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ} (التَّوْبَة: 98) .

(13/90)


قَالَ قِرَاءَة الفرّاء: بِنصب السِّين، وَأَرَادَ بالسَّوْء الْمصدر من سُؤْتُه سَوْءاً ومَساءَةً ومَسائية وسَوائِية، فَهِيَ مَصادر.
ومَنْ رفع السِّين جعله اسْما، كَقَوْلِك: عَلَيْهِم دائرةُ الْبلَاء وَالْعَذَاب.
قَالَ: وَلَا يجوز ضمُّ السِّين فِي قَوْله: {مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ} (مَرْيَم: 28) ، وَلَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ} (الْفَتْح: 12) .
لَا يجوز فِيهِ (ظنَّ السُوء) ، وَلَا (امْرأ سُوء) ، لِأَنَّهُ ضدّ لقَوْله: هَذَا رجلُ صِدْقٍ وثوبُ صِدْق، فَلَيْسَ للسّوءْ هَهُنَا معنى فِي بلاءٍ وَلَا عَذَاب فيُضم.
قَالَ ابْن السكّيت: وَقَوْلهمْ: لَا أُنكِرُك من سوء، أَي: لم يكن إنكارِي إيّاك من سوءٍ رَأَيْته بك، إنّما هُوَ لقلّة المَعرِفة.
وَيُقَال: أنّ السوء كنايةٌ عَن اسْم البَرَص، لقَوْل الله تَعَالَى: {بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءٍ} (طه: 22) ، أَي: من غير برص.
وَيُقَال: لَا خيرَ فِي قولِ السوء، فَإِذا فتحتَ السِّين فَهُوَ على مَا وصفْنا، وَإِذا ضَمَمْتَ فَمَعْنَاه لَا تَقُل سوءا، وَفِي حديثِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رجلا قَصَّ عَلَيْهِ رُؤْيا فاستاءَ لَهَا، قَالَ أَبُو عُبيد: أَرَادَ أَن الرُّؤْيَا ساءَته فاستاء لَهَا، افتَعَل من المساءَة.
وَفِي صفة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ سواءَ البَطن والصَّدْر، أَرَادَ الواصف أَن بطنَه كَانَ غيرَ مُستفيض، وَأَنه كَانَ مُسَاوِيا لصَدْره، وَأَن صدرَه عريض فَهُوَ مساوٍ لبطنِه.
(سأي) : وَقَالَ أَبُو عبيد: سأو، قَالَ أَبُو عَمْرو: فلَان بعيد السأْوِ، أَي: بعيدُ الهمّة؛ وَقَالَ ذُو الرمّة:
دامِي الأظلِّ بعيدُ السأوِ مَهْيُومُ
قَالَ أَبُو عُبيد: وَقيل السأو: الوطَن فِي قَول ذِي الرمة.
أَبُو زيد: سأوْتُ الثوبَ سأواً، وسَأيته سأياً: إِذا مَدَدْتَه فانشقَّ. وسأوْتُ بَين الْقَوْم سأواً، أَي: أفْسدْت.
سوس: قَالَ اللّيث: السُّوس والسّاس لُغَتَانِ، وهما العُثّة الّتي تقع فِي الثِّيَاب وَالطَّعَام.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: ساسَ الطَّعَام يَساس، وأَساس يُسِيس، وسَوَّس يُسَوِّس: إِذا وَقَعَ فِيهِ السُّوس:
مُسَوِّساً مُدَوِّداً حَجْرِيا
وَقَالَ أَبُو زيد: الساسُ غيرُ مَهْمُوز وَلَا ثقيل: القادِحُ فِي السَّنّ.
وَقَالَ الليثُ: السُّوس: حَشيشةٌ تُشبه القَتّ. والسِّياسة: فعل السائس، يُقَال: هُوَ يَسُوسُ الدَّوابّ: إِذا قَامَ عَلَيْهَا وراضَها.
والوالي يَسُوسُ رَعيّته.
وَقَول العجاج:
يَجلو بعُود الإسحل المُفَصَّم
غُروبَ لَا ساسٍ وَلَا مُثَلَّم
المفصّم: المكسّر. والسّاس: الَّذِي قد

(13/91)


ائتكل، وَأَصله سائس، مثل: هار وهائر، وصاف وصائف. وَقَالَ العجاجُ أَيْضا:
صافي النُّحاس لم يُوشَّغْ بالكَدَرْ
وَلم يخالط عودَه ساسُ النخَرْ
قَوْله: سَاس النخر: أَي: أكل النخر، يُقَال: نخِر يَنخر نخراً. والسَّوَس: مصدَر الأُسْوَس، وَهُوَ داءٌ يكون فِي عَجْز الدَّابَّة بَين الوَرِكَين والفَخِذ يُورِثه ضَعفَ الرِّجْل.
وَقَالَ ابْن شُميل: السُّواسُ: دَاء يَأْخُذ الخَيْلَ فِي أعناقها فيُيَبِّسها حَتَّى تَمُوت.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّوَاس: شَجَر وَهُوَ من أَفضل مَا اتُّخذ مِنْهُ زَنْد، لِأَنَّهُ قَلَّ مَا يَصْلِد، وَقَالَ الطِّرِمّاح:
وأَخرَجَ أُمُّه لِسَواسِ سَلْمَى
لمَعْفُورِ الضَّنا حَزِم الجَنِينِ
والواحدة سَواسَة.
وَقَالَ غيرُه: أَرَادَ بالأَخرَج الرّمادَ، وَأَرَادَ بأمّه الزَّنْدة أَنَّهَا قُطِعَتْ من سَواسِ سَلمَى، وقولُه:
لِمعفور الضّنا ضَرِمُ الجَنِين
أَرَادَ أَن الزَّندةَ إِذا فُتِل الزَّندُ فِيهَا أَخرجتْ شَيْئا أسوَد فيتعَفّر فِي التّراب وَلَا يُؤْبه لَهُ، لأنّه لَا نارَ فِيهِ، فَهُوَ الْوَلَد المعفور، والضنأ فِي الأَصْل الضِّنْؤ، وَهُوَ الولَد فخفّف همزُه، ثمَّ تخرج بعد السّواد المعفور النَّار، فَذَلِك الجَنِين الضَّرِم، وذَكر معفور الضَّنا لِأَنَّهُ نسبَه إِلَى أَبِيه، وَهُوَ الزَّند الأعلَى.
وَقَالَ اللّيث: أَبُو ساسان: كُنيةُ كِسْرَى، وَهُوَ أَعجَمي، وَكَانَ الحُصَين بنُ المنذِر يُكنى بِهَذِهِ الكُنْية أَيْضا.
أَبُو زيد: سَوَّسَ فلانٌ لفُلَان أمرا فركِبَه كَمَا تَقول: سَوَّلَ لَهُ وزَيَّنَ لَهُ.
وَقَالَ غَيره: سَوَّس لَهُ أمرا: أَي: روَّضه وذَلَّله.
وَيُقَال: سُوِّسَ فلانٌ أمرَ بني فلَان، أَي: كُلِّف سِياسَتَهم.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أَساسَت الشاةُ فَهِيَ مُسِيس، وساسَتْ تُساس سَوْساً، وَهُوَ أَن يَكثُر قَمْلُها.
وسس: قَالَ الله جلّ وعزّ: {) النَّاسِ مِن شَرِّ} (النَّاس: 4) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: الوَسْواس: ذُو الوَسْواس، وَهُوَ الشّيطان { (الْخَنَّاسِ الَّذِى يُوَسْوِسُ فِى صُدُورِ} (النَّاس: 5) .
وَقيل فِي التَّفْسِير: إِن لَهُ رَأْسا كرَأْس الحيّة يَجثِم على القَلْب، فَإِذا ذَكَر اللَّهَ العبدُ خَنَس؛ فَإِذا تَرَك ذِكْرَ الله رجَعَ إِلَى الْقلب يُوَسْوِس.
وَقَالَ الفرّاء: الوِسْواس بِالْكَسْرِ المَصدَر. والوَسْواس: الشيطانُ؛ وكلُّ مَا حَدَّثك أَو وَسْوَس إِلَيْك؛ فَهُوَ اسمٌ.
وَقَالَ اللّيث: الوَسوسَة: النَّفس. والهَمْس: الصَّوْت الخَفِيّ مِن رِيحٍ تَهُزّ قصَباً أَو سِبّاً، وَبِه سُمِّي صوتُ الحُلى وَسْواساً.

(13/92)


قَالَ ذُو الرّمّة:
تذأُبُ الرّيح والوَسْواسُ والهِضَبُ
يَعْنِي بالوَسواس هَمْسَ الصّيّاد وكلامَه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: رجلٌ مَوسْوِس وَلَا يُقَال: مُوسوَس.
وَإِنَّمَا قيل: موسْوسٌ لأنّه يحدِّث نفسَه بِمَا فِي ضَمِيره.
قَالَ: {الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ} (ق: 16) ، وَقَالَ رؤبة يصف الصيّاد:
وَسْوَسَ يَدْعو مخلصاً رَبَّ الفَلَقْ
يَقُول: لمّا أَحَسّ بالصّيد وَأَرَادَ رَمْيَه وَسْوَس فِي نَفسه بِالدُّعَاءِ حَذَر الخيبَة والإبراق.
سيس: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: ساسَاه: إِذا عَيَّرَه.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: السيساءُ من الفَرَس: الحارك، وَمن الْحمار الظَّهْر، وَجمعه سياسي.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: السيساء: الظّهْر، والسيساء: المقادة من الأَرْض المستدقة، وَالْجمع السياسي.
ابْن السّكيت عَن الأصمعيّ: السِّيْسَاءُ: قُرْدودة الظَّهْر.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ من الْحمار والبغل: المِنْسج.
(سأسأ) : عَمْرو عَن أَبِيه: السّأَساءُ والشَّأشاءُ: زجْرُ الْحمار.
وَقَالَ اللَّيْث: السَّأسأَة من قَوْلك: سأْسأْتُ بالحمار: إِذا زجرته ليمضيَ قلت سأسأ.
أَبُو عُبَيد عَن الْأَحْمَر: سأسأت بالحمار.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال: هَؤُلَاءِ بنُو ساسا للسُّؤال.
أَوْس أسا: قَالَ اللَّيْث: أَوْسٌ: قبيلةٌ من الْيمن، واشتقاقه من آس يَئوسُ أَوْساً وَالِاسْم الْإِيَاس، وَهُوَ العوَض.
يُقَال: أُسْتُه: أَي: عَوّضته.
واستآسَني فأُسْته.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي والأصمعي: الأوْسُ: العِوَض، وَقد أسْته أوسُه أَوْساً: أعَضْتُه أَعُوضُه عَوْضاً.
وَقَالَ الْجَعْدِي:
وَكَانَ الْإِلَه هُوَ المُسْتآسا
أَي: المستعاضَ.
وَقَالَ اللَّيْث: أوْس: زجرُ الْعَرَب للعَنْز والبقَر، تَقول: أَوْس أوْس.
أَبُو عُبَيد: يُقَال للذئب: هَذَا أَوْسٌ عادياً، وَأنْشد:
كَمَا خامرَتْ فِي حِضنها أمُّ عامرٍ
لَدَى الحبْل حَتَّى غالَ أَوْسٌ عيالها
يَعْنِي أكل جراءَها وتصغيرُه، أُويس، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
فلأَحْشَأَنَّكَ مِشْقَصاً
أَوْساً أويس من الهبالهْ
قَالَ: افترس الذئبُ لَهُ شَاة.

(13/93)


فَقَالَ: لأضعنّ فِي حشاكَ مشقصاً عِوَضاً يَا أُويْس من غنيمتك الَّتِي غَنِمْتَها من غنمي.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب أَنه قَالَ فِي المُواساة واشتقاقها قَولَانِ: أَحدهمَا أنّها من آسى يؤاسي، من الأُسْوَة، وَهِي القُدْوَة.
وَقيل: إِنَّهَا (من) أَساهُ يَأسُوه: إِذا عالجه ودَاواه.
وَقيل: إِنَّهَا من آس يؤوس: إِذا عاضَ فأَخَّرَ الْهمزَة وليَّنها، ولكلَ مقَال.
قَالَ أَبُو بكر فِي قَوْلهم: (مَا يؤاسي فلَان فلَانا) ثَلَاثَة أَقْوَال:
قَالَ الْمفضل بن مُحَمَّد: مَعْنَاهُ: مَا يُشارك فلَان فلَانا. والمؤاساة: الْمُشَاركَة. وَأنْشد:
فَإِن يَك عبد الله آسى ابْن أمه
وآبَ بأسلاب الكَميّ المغاور
وَقَالَ المؤرِّج: مَا يواسيه، مَا يُصِيبهُ بِخَير.
من قَول الْعَرَب: آسِ فلَانا بِخَير، أَي: أصبْه.
وَقيل: مَا يُعوضه من مودته، وَلَا قرَابَته شَيْئا، مَأْخُوذ من الْأَوْس، وَهُوَ الْعِوَض.
قَالُوا: وَكَانَ فِي الأَصْل مَا يُؤاوسه، فقدموا السِّين وَهُوَ لَام الْفِعْل، وأخروا الْوَاو وَهِي عين الْفِعْل، فَصَارَ يواسُوا؛ فَلَمَّا لم تحْتَمل الْوَاو الْحَرَكَة سكنوها وقلبوها يَا، لانكسار مَا قبلهَا، وَهَذَا من المقلوب.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون غير مقلوب، فَيكون تفَاعل من أسَوْت الْجرْح.
أَبُو عُبيد عَن أبي عُبَيدة: الآسُ: بقيّة الرّماد بَين الأثافيِّ، وَأنْشد:
فَلم يَبْقَ إلاّ آلُ خيْمٍ منضَّدٍ
وسُفْعٌ على آسٍ ونُؤْيٌ مُعَثْلَبُ
(وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الآسُ: أَن يمُرَّ النّحل فَيسْقط مِنْهَا نقط من الْعَسَل على الْحِجَارَة فيُسْتدل بذلك عَلَيْهَا) .
وَقَالَ اللَّيْث: الآسُ: شجرةٌ وَرقهَا عَطَر.
قَالَ: والآسُ: العسلُ. والآسُ: القَبْر. والآسُ: الصاحب.
قلتُ: لَا أعرف الآسَ بِهَذِهِ الْمعَانِي من جهةٍ تصحّ، وَقد احتجّ الليثُ لَهَا بشعرٍ أَحْسبهُ مصنوعاً:
بانتْ سُلَيْمَى فالفؤاد آسى

(13/94)


أَشكو كلُوماً مَا لَهُنّ آسى
من أجلِ حَوْراء كغُصْن الآس
رِيقَتُها كَمثل طَعْم الآسِ
وَمَا استأَسْتُ بعْدهَا من آس
ويلي فَإِنِّي لاحقٌ بالآس
وَقَالَ الدينَوَرِي: للآسى برمة بَيْضَاء، طيبَة الرّيح وَثَمَرَة تسودّ إِذا أينعت، وَتسَمى القطنية.
قَالَ: وينبت فِي السهل والجبل، وتسمو حَتَّى تكون شَجرا عظاماً، وَأنْشد:
بمُشْمُخِرِّ بِهِ الظَّيَّان والآسُ
والرّند غير الأسى
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: أسِيَ يأْسَى أَسى مقصورٌ: إِذا حَزِن، ورجلٌ أَسْيَانُ وأَسْوَانُ، أَي: حَزِين.
وَيُقَال: آسَيْتُ فلَانا بمصيبته: إِذا عزيته، وَذَلِكَ إِذا ضربت لَهُ الأُسَى، وَهُوَ أَن تَقول لَهُ: مالَكَ تَحزَن وفلانٌ أسْوَتُك قد أَصابَه مِثل مَا أَصَابَك، وَوَاحِد الأسا أسْوَة، وَهُوَ أسْوَتُك، أَي: أنتَ مِثله وَهُوَ مِثلك، وَيُقَال: ائْتِس بِهِ، أَي: اقْتَدِ بِهِ وكنْ مِثلَه.
وَيُقَال: هُوَ يُؤَاسِي فِي مالِه، أَي: يُساوِي، وَيُقَال: رَحم الله رجلا أَعطَى من فَضْل، ووَاسى مِنْ كَفَاف، من هَذَا، وَيُقَال: أَسَوْتُ الجُرحَ فَأَنا آسُوه أَسْواً: إِذا داويتَه وأصلحتَه، والآسى: المتطبِّب، والإساء: الدَّواء؛ وأمّا قولُ الْأَعْشَى:
عِندَه البِرُّ والتُّقى وأسى الشَّقْ
قِ وحَمْلٌ لمُضْلِع الأثقالِ
فَإِنَّهُ أَرَادَ وَعِنْده أَسْوُ الشَّقّ، فَجعل الْوَاو ألفا مَقْصُورَة.
وَقَالَ الحُطيئةُ فِي الإساء بِمَعْنى الدَّوَاء:
تَوَاكَلَها الأطِبّةُ والإساءُ
والإساء: الدّاء بعَيْنه، وَإِن شِئْت كَانَ جمعا للآسى، وَهُوَ المُعالج، كَمَا تَقول، رَاع ورِعاء، قَالَه شمر. قَالَ: ومِثل الأسو والأسا: اللَّفْو واللَّفا، وَهُوَ السيء الخَسيس.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ أَسيانُ وامرأةٌ أَسيا، وَالْجمع أسايا، وَإِن شِئْت قلت: أسيانون وأَسييات. قَالَ: وآسية اسمُ امرأةِ فرعونَ.
والآسية بِوَزْن فاعِلة: مَا أُسسَ من بُنيانٍ فأُحكم أصلُه من ساريةٍ وغيرِها، وَقَالَ النَّابِغَة:
فَإِن تَكُ قد ودّعْتَ غيرَ مذمِّمٍ
أَوَاسيَ مُلْكٍ ذَمَّمَتها الأوائلُ
وَقَالَ المؤرِّج: كَانَ جَزءُ بن الْحَارِث من حُكماء الْعَرَب، وَكَانَ يُقَال لَهُ المؤَسِّي، لِأَنَّهُ كَانَ يؤسي بَين النَّاس، أَي: يصلِح بَينهم ويعدل.
وَقَالَ اللَّيْث: فلَان يتأسى بفلانٍ، أَي: يرضى لنَفسِهِ مَا رَضيه ويقتَدى بِهِ، وَكَانَ فِي مِثلِ حَاله. والقومُ أسْوَة فِي هَذَا الْأَمر، أَي: حالُهم فِيهِ وَاحِدَة. قَالَ:

(13/95)


والتأسي فِي الْأُمُور من الأسوة، وَكَذَلِكَ المُؤاساة.
ابْن السّكيت: جَاءَ فلانٌ يلتمسُ لِجراحه أسواً. يَعْنِي دَواءً يأسو بِهِ جُرحَه. والأسو: المصدَر.
سيا: أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: سِيَةُ القَوْس: مَا عُطف من طرفيها، وَفِي السيَة الكُظْر وَهُوَ الفَرْض الَّذِي فِيهِ الوَتَر، وَكَانَ رؤبةُ ابْن العجّاج يهمز سيةَ الْقوس.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّاقُون إِذا رقُوا الحيّة ليأخذوها ففزَع أحدُهم من رُقْيَتِه قَالَ لَهَا أسْ فَإِنَّهَا تخضَع لَهُ وتلين.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: السِيء مهموزٌ بِالْكَسْرِ: اسْم أَرض.
قلتُ: وغيرُه لَا يهمز، وَقَالَ زُهير:
لَهُ بالسِّيٌ تنوُّم وآءُ
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: إِذْ كَانَت الْبَقِيَّة من لحم قيل: أَسيْتُ لَهُ من اللّحم أسياً، أَي: أبقيتُ لَهُ، وَهَذَا فِي اللّحم خَاصَّة.
أسس: يُقَال: هُوَ الأُس والأساس لأصل البِناء، وَجمع الأساس: أسس.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: كَانَ ذَلِك على أُسّ الدَّهْر، وأَسِّ الدَّهر، وإِسِّ الدَّهر: أَي: على قديم الدَّهْر. وَيُقَال: عَلى اسْتِ الدَّهْر.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَلْزِق الحَسَّ بالأُسّ، قَالَ: الحَسّ: الشَّرّ، والأَسّ: أصلُه، قَالَ: الأَسِيس: أصلُ كلّ شَيْء. والأَسِيس: العِوَض.
(قَالَ: والسُّوس: الأصْل. والسَّوْس: الرياسة؛ يُقَال: ساسوهم سَوْساً، إِذا رأسوهُمْ قيل: سَوَّسُوه وأَساسوه) .
وَقَالَ اللَّيْث: أَسستُ دَارا: إِذا بَنَيْتَ حُدودَها ورَفَعْتَ من قواعدها؛ وَهَذَا تأْسيسٌ حَسَن. قَالَ: والتأسيس فِي الشِّعر: أَلِفٌ تَلْزَم القَافِيَة؛ وَبَينهَا وَبَين أحرُف الرَّوِيّ حرف يجوزُ رفعُه وكسرُه ونصبُه؛ نَحْو: مفاعلن، ويجوزُ إِبْدَال هَذَا الْحَرْف بغيرِه، فأمّا مِثْل محمّد لَو جَاء فِي قافية لم يكن فِيهِ تأسيس حَتَّى يكون نَحْو مُجَاهِد، فالأَلف تأسيس.
أَبُو عبيد: الرَّوِيّ حرف القافية نَفسهَا، وَمِنْهَا التأسيس؛ وأَنشَدَ:
أَلا طَالَ هَذَا اللَّيلُ واخْضَلَّ جَانِبُهْ
فالقافية هِيَ الْبَاء والألِفُ قبلَها هِيَ التأسيس، وَالْهَاء هِيَ الصِّلَةُ.
وَقَالَ اللَّيث: وَإِن جَاءَ شيءٌ من غير تأْسيس فَهُوَ المؤسَّس، وَهُوَ عيبٌ فِي الشِّعر، غير أنَّه ربَّما اضطُرّ إِلَيْهِ الشَّاعِر، وَأحسن مَا يكون ذَلِك إِذا كَانَ الْحَرْف الَّذِي بعد الْألف مَفْتُوحًا؛ لِأَن فَتْحَتَه

(13/96)


تغلِب على فَتْحة الْألف، كأَنَّها تُزَال مِن الوَهْم، قَالَ العجَّاج:
مُبَارَكٌ للأنبياء خاتَمُ
مُعَلِّمٌ آيَ الْهُدَى مُعَلَّمُ
وَلَو قَالَ: خاتِم بِكَسْر التَّاء لَم يَحسُن.
وَقيل: إِن لُغَة العجاج (خأتم) بِالْهَمْز، وَلذَلِك أجَازه مَعَ السأسم، وَهُوَ شجر جَاءَ فِي قصيدة الميسم والساسم.
يأس: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: يَئِس يَيْئِس ويَيْأْسُ، مثل: حَسِبَ يَحسِب ويَحسَب.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: عَلْياء مُضَر تَقول: يَحسِب ويَيْئس، وسُفْلاها بالفَتْح.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {أَفَلَمْ يَاْيْئَسِ الَّذِينَءَامَنُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَن لَّوْ يَشَآءُ اللَّهُ} (الرَّعْد: 31) .
قَالَ الْفراء: قَالَ المفسِّرون: (أفلم ييأس) : أفلم يَعلم. قَالَ: وَهُوَ فِي الْمَعْنى على تفسيرِهم لِأَن الله تبَارك وَتَعَالَى قد أَوقَع إِلَى الْمُؤمنِينَ أنّه لَو شَاءَ لَهَدى النَّاس جَميعاً، فَقَالَ: أفلم يَيْأسوا علما، يَقُول: يُؤيِسُهم الْعلم، فَكَانَ فِيهِ الْعلم مضمَراً، كَمَا تَقول فِي الْكَلَام: قد يئسْتُ مِنْك ألاّ تُفْلح، كَأَنَّك قلت: علمت علما.
قَالَ: ورُوِي عَن ابْن عبّاس أَنه قَالَ: ييأس بِمَعْنى يَعلَم لُغَة للنَّخَع، وَلم نجدْها فِي العربيّة إلاّ على مَا فسّرت.
وَأنْشد أَبُو عُبَيدة:
أقولُ لهمْ بالشّعبِ إِذا يَبْسِرُونني
أَلَم تَيْأَسُوا أنّي ابنُ فارِس زَهْدَمِ
يَقُول: ألم تَعلَموا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: القَوْل عِنْدِي فِي قَوْله تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَاْيْئَسِ الَّذِينَءَامَنُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَن لَّوْ يَشَآءُ اللَّهُ} الْآيَة: أفلم يَيْأَس الّذين آمنُوا من إِيمَان هَؤُلَاءِ الّذين وَصفهم اللَّهُ بِأَنَّهُم لَا يُؤمنُونَ لأنّه قَالَ: لَو يَشَاء الله لَهَدَى الناسَ جَمِيعًا.
ولغةٌ أُخْرَى: أَيسَ يَأيَسُ، وآيَسْتُه، أَي: أيأَسْتُه، وَهُوَ اليَأْس والإياس، وَكَانَ فِي الأَصْل الإييَاس بِوَزْن الإيعَاس.
وَيُقَال: استيْأَس بِمَعْنى يَئِس، وَالْقُرْآن نَزل بلُغة من قَرَأَ يَئس.
وَقد رَوَى بعضُهم عَن ابْن كَثير أنّه قَرَأَ: وَلَا (تايَسُوا) ، بِلَا همز.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن سَلَمة عَن الفرّاء قَالَ الْكسَائي: سمعتُ غيرَ قَبيلَة يَقُولُونَ: أَيِس يَايَسُ بِغَيْر همز، قَالَ: وسمعتُ رجلا من بني المُنْتَفِق وهم من عقيل يَقُول: لَا تيْس مِنْهُ بِغَيْر همز.
(أيس) : وَقَالَ اللَّيْث: أَيْس كلمةٌ قد أُمِيتتْ، إلاّ أَن الخليلَ ذَكَر أنّ الْعَرَب تَقول: جِيءَ بِهِ من حَيْثُ أَيْسَ ولَيْسَ، لم يُستعمَل أَيْسَ إلاّ فِي هَذِه الْكَلِمَة، وَإِنَّمَا مَعْنَاهَا كمعنى حَيْثُ هُوَ فِي حَال الكَيْنونة والوُجْدِ.
وَقَالَ: إِن معنى أيْسَ: لَا أَيْسَ، أَي: لَا

(13/97)


وجْد. قَالَ: والتأْييس: الِاسْتِقْلَال، يُقَال: مَا أيسْنا فلَانا خَيْراً: أَي: مَا استقلَلْنا مِنْهُ خيرا، أَي: أردتُه لأستخرِجَ مِنْهُ شَيْئا فَمَا قدَرتُ عَلَيْهِ؛ وَقد أَيَّس يُؤَيِّس تَأْييساً.
وَقَالَ غيرُه: التأييس: التأثيرُ فِي الشَّيْء. وَقَالَ الشمّاخ:
وجِلْدُها مِن أَطُومٍ مَا يُؤَيِّسُه
طِلْحٌ بِنَاحِيَة الصَّيْداءِ مَهْزُولُ
وَقَالَ ابْن بُزرج: أَيسْتُ الشيءَ: ليَّنته، وَالْفِعْل مِنْهُ إسْتُ آيَسُ أَيساً، أَي: لِنْتُ.
وَيس: قَالَ اللَّيْث: وَيسٌ: كلمةٌ فِي مَوضِع رأفة واستِملاح؛ كَقَوْلِك للصبيّ: وَيسَه مَا أَمْلَحه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: لقيَ فلانٌ وَيساً، أَي: لقيَ مَا يُرِيد، وأَنشَد:
عَصَت سَجَاحِ شَبَثاً وقَيساً
ولَقِيَتْ من النكاحَ وَيسا
وَقَالَ اليزيديّ: الويْحُ والوَيْسُ بِمَنْزِلَة الوَيل فِي الْمَعْنى.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ أَبَا السَّمَيْدَع، يَقُول فِي هَذِه الثَّلَاثَة: إِن مَعْنَاهَا وَاحِد.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي (كتاب الْأَلْفَاظ) : إِن صَحَّ لَهُ يُقَال: وَيْسٌ لَهُ، أَي: فَقْرٌ لَهُ.
قَالَ: والويْس: الفقْر.
وَيُقَال: أُسْهُ أَوْسًا، أَي: شدّ فَقْرَهُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الوسُّ: العِوَض. والسّوُّ: الهمّة.
وَقَالَ أَبُو عمر: سَأَلَ مَبْرُمان أَبَا العبَّاس عَن مُوسَى وَصَرفه فَقَالَ: إِن جعلته فُعْلى لم تصرفه، وإِن جعلته مُفْعَلاً من أَوْسيْته صَرَفْته.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِي كِتَابه أمّا ويسك فَإِنَّهُ لَا يُقَال إلاّ للصبيان، وأمَّا ويْلك فكلامٌ فِيهِ غِلَظٌ وشَتْم.
قَالَ الله للْكفَّار: {وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ كَذِباً} (طه: 61) ، وأمّا ويْح فكلامٌ ليّن حَسَن.
قَالَ: ويُروَى أنَّ ويْحاً لأهل الجنّة، ووَيْلاً لأهلِ النَّار.
قلتُ: وَجَاء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يدلّ على صحّة مَا قَالَ لعمّار: (ويْحَ ابْن سُميّة تقتلُه الفئة الباغية) .
(( (سأسأ) : ورَوَى ابْن هانىء عَن زيد بن كَثْوة أَنه قَالَ: من أَمْثَال العَرَب إِذا جَعَلتَ الحمارَ إِلَى جَانب الرّدْهة فَلَا تقل لَهُ سَأْ.
قَالَ: يُقَال عِنْد الاستمكان من الْحَاجة آخِذا أَو تَارِكًا، وَأنْشد فِي صفة امْرَأَة:
لم تَدْرِ مَا سَأْ للحمارِ وَلم
تَضْرِبْ بكفِّ مُخابِطِ السَّلَم
يُقَال: سأْ للحمار عِنْد الشُّرب يُبْتار بِهِ رِيُّه، فَإِن رَوِيَ انطلَق وإلاّ لم يبرَح.
قَالَ: وَمعنى قَوْله: سأ، أَي: اشرَبْ، فَإِنِّي أُرِيد أَن أَذهَب بك.

(13/98)


قلت: والأصْلُ فِي سأْ زَجْرٌ وتحريكٌ للمُضِيّ، كأنّه يَحُثّه على الشُّرب إِن كَانَت لَهُ حاجةٌ إِلَى المَاء مخافةَ أَن يُصْدِرَه وَبِه بقيّةٌ من ظَمَأ) 1) ، وَإِذا لحِق الرجلُ قِرْنَه فِي عِلم أَو شَجاعة قيل: ساواه.
(وسس) : وَقَالَ خَليفَة الخفاجي: الوَسْوَسة: الْكَلَام الخفيّ فِي اخْتِلَاط.

(13/99)


أَبْوَاب رباعي السِّين

(بَاب السِّين والطاء)
س ط
(سرمط) : قَالَ اللَّيْث: السّرَوْمَط: الطَّوِيل من الْإِبِل، وأَنشد:
بكلّ سارِم سَرْطَم سَرَوْمَطِ
قَالَ: والسّرْطَم: الواسعُ الحَلْقِ السّريع البَلْع مَعَ جِسم وخَلْق. والسِّرْطِمُ من الرِّجَال: البَيِّن القَوْل فِي كَلَامه، وَأنْشد:
ثمَّ تَرَى فِينا الخَطيبَ السِّرْطِما
وَقَالَ لَبيد:
ومُجْتَزَفٍ جَوْنٍ كأنّ خَفاءه
قَرَى حَبَشِيَ بالسّرَوْمَط مُحْقَبِ
السَّرَوْمَط هَهُنَا: حَبل. وَقيل: هُوَ جِلد ظَبْية لُفّ فِيهِ زِقُّ الْخمر، وكلّ خِفاء لُفّ فِيهِ شيءٌ فَهُوَ سَرَوْمَط لَهُ.
(طرفس) : أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الطِّرْفِسان: القِطعةُ من الرمل.
وَقَالَ ابْن مُقْبِل:
ووَسَّدْتُ رَأْسِي طِرْفِساناً مُنَخَّلا
شمر عَن ابْن شُميل قَالَ: الطِّرْفِساء: الظَّلْماء لَيست من الغَيْم فِي شَيْء، وَلَا تكون ظَلْماءَ إلاّ بغَيْم.
(طلمس) (طرمس) : قَالَ: والطِلِمساءُ: الرَّقيق من السَّحَاب.
وَقَالَ أَبُو خَيْرة: هُوَ الطِّرْمِساء بالراء. وَقَالَ بعضُهم: الأرضُ الَّتِي لَيْسَ بهَا مَنارٌ وَلَا عَلَم، قَالَ المَرّار:
لقد تعسّفْتُ الفَلاةَ الطِّلْمِسا
يسيرُ فِيهَا القومُ خِمْساً أمْلَسَا
وَقَالَ اللَّيْث: الطِّرْمِساءُ والطِّلْمِساء: الظُّلْمة الشَّدِيدَة.
(قَالَ: والطَّرْمَسةُ: الانقِباض والنُّكوص) .
(وطَرْمَسَ الرجلُ: إِذا قطّب وَجهه، وَكَذَلِكَ طَلْمَس وطلْسم) .
(طمرس) : قَالَ: والطِّمْرِسُ: اللّئيمُ الدنيء. والطُّمْرُوس: الخَروف. والطُّمْرُوسة: خُبْزُ المَلّة، وَهِي الظُّلمة، وَهِي الطُّرْمُوسة.
(سبطر) : شمر: السِّبَطْرُ من الرِّجَال: السَّبْط الطَّوِيل.

(13/100)


وَقَالَ اللَّيْث: السِّبَطْر: الْمَاضِي، وَأنْشد:
كمِشْيةِ خادِرٍ لَيْثٍ سِبَطْرِ
والمِشْية السِّبَطْرى، قَالَ العجّاج:
يَمشي السِّبَطْرَى مِشْيةَ التَّبَخْتُرِ
وَرَوَاهُ شمر: مشْيَة التَّجَيْبُر. قَالَ: والسّبطرى: مشْيَة فِيهَا تبختر.
سَلمَة عَن الْفراء، قَالَ: اسْبطَرّت لَهُ البِلاد: استَقامت.
وَقَالَ: اسْبَطرت لَيْلَتُها مُسْتَقِيمَة.
وَقَالَ اللَّيث: اسْبَطّرت فِي سيْرها: أسْرَعَتْ وامتدّت.
وحاكَمت امرأةٌ صاحبتَها إِلَى شُرَيح فِي هِرّة بِيَدِهَا فَقَالَ: ادْنوهَا من هَذِه، فَإِن هِيَ قَرَّت واسبَطَرّت فَهِيَ لَهَا، وَإِن قَرّت وازْبأَرَّتْ فليستْ لَهَا معنى (اسبَطَرّت) : امتدّت واستقامت لَهَا، واسبَطَرّت الذَّبيحة: إِذا امتدت للْمَوْت بعد الذَّبح، وكلُّ ممتدّ مُسبَطِر.
(طرطس) : اللَّيْث: الطَّرْطَبيس: الماءُ الْكثير، والطَّرْطَبِيس والدّرْدَبيس وَاحِد وَهِي: العَجوز المسترخِية.
وَيُقَال: نَاقَة طَرْطَبيس: إِذا كَانَت خَوّارة فِي الْحَلب.
(فنطس) (فرطس) : وَقَالَ: فِنْطيسة الخِنْزِير: خَطْمُه، وَهِي الفِرْطِيسة، والفَرْطسة فِعلُه إِذا مَدَّ خُرطومَه.
(ورَوَى أَبُو تُرَاب للأصمعي: إِنَّه لَمنيعُ الفِنْطيسة والفرْطيسة وَهِي الأرْنبة، أَي: هُوَ مَنيع الحوْزَة حَمِيُّ الْأنف.
وَقَالَ أَبُو سعيد: فنطيسة الذِّئب وفرْطيسته: أنفُه) .
والفِنْطِيس: من أَسمَاء الذَّكَر.
(وفِنْطاسُ السَّفِينَة: حَوْضُها الَّذِي يجْتَمع فِيهِ نُشافة مَائِهَا، والجميع الفَناطِيس) .
(فلطس) : أَبُو عَمْرو: الفِلْطاس والفُلْطوس: رَأس الكَمرة إِذا كَانَ عريضاً، وأنشدَ يصف إبِلا:
يَخبطْنَ بِالْأَيْدِي مَكاناً ذَا غُدَرْ
خَبْطَ المُغِيباتِ فلاطِيسُ الكَمَرْ
وَيُقَال لخَطْم الخِنْزير: فِلْطِيسٌ أَيْضا.
(سفنط) : والإسفَنْط: من أَسمَاء الخَمر.
قَالَ الْأَصْمَعِي: هِيَ بالروميّة.
(رسطن) : وَقَالَ اللَّيْث: الرَّسَاطون: شَرابٌ يَتَّخِذُه أهلُ الشَّام من الخَمر والعَسل.
قلتُ: الرّساطون بِلِسَان الرُّوم، وَلَيْسَ بعَرَبيّ.
(نسطر) : قَالَ: والنُّسطورِيَّة أُمّةٌ من النّصارى مخالفون بقيّتهم، وَهُوَ بالرُّومية نَسطُورِس.

(13/101)


(فلسط) : وفِلَسطين: كُورةٌ بِالشَّام، نُونُها زَائِدَة، تَقول: مَرَرْنَا بِفَلسطِين، وَهَذِه فَلسطُون.
قلتُ: وَإِذا نَسَبوا إِلَى فلسطين، قَالُوا: فِلَسطِيّ، وَقَالَ الْأَعْشَى:
تَقُلْه فِلَسْطيّاً إِذا ذُقت طعمه
(سنطل) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: سنْطل الرجل: إِذا مَشى مطأطئاً.
قلت: وَرَأَيْت بِظَاهِر الصمان جبيلاً صَغِيرا لَهُ أنف تقدّمه يُسمى سنطلاً.
(دفطس) : أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: دَفْطَسَ الرجلُ إِذا ضيّع مَاله، وَأنْشد:
قد نامَ عَنْهَا جابرٌ ودَفْطَسَا
يَشكو عُروق خُصْيَتَيْه والنَّسَا
قَالَ أَبُو الْفضل: قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: أرَاهُ دَفطساً قَالَ: وَكَذَا أحفَظُه بِالدَّال غير مُعْجمَة، وَلَكِن لَا نُغيِّره وأُعَلِّمُ عَلَيْهِ.
قلت: وروى أَبُو عُمَر الزّاهد هَذَا الْحَرْف فِي كِتَابه دَفْطس بِالدَّال، وَهُوَ الصَّوَاب عِنْدِي.
(طرفس) (طنفس) : قَالَ: وطَرْفَسَ الرجلُ: إِذا حَدَّد النّظر، هَكَذَا رَوَاهُ اللَّيْث بِالسِّين.
وَرَوَاهُ أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: طَرْفَش بالشين، إِذا نظَرَ وكَسر عَيْنَيه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: طَنْفَس: إِذا سَاءَ خُلُقه بعد حُسن.
وَيُقَال للسّماء مُطَرْفِسة ومطنفسة: إِذا استَغْمدتْ فِي السَّحَاب الْكثير، وَكَذَلِكَ الْإِنْسَان إِذا لَبِس الثيابَ الْكَثِيرَة: مُطْرفِس ومُطَنْفِس.
(سرطل) : غيرُه: سَرْطَلٌ: وويلٌ مُضطرب الخَلْق.
(طرسم) : وَقَالَ شمر: قَالَ الأصمعيّ: طَرْسمَ الرجلُ طرْسمةً، وبَلْسمَ بَلْسمةً: إِذا أطرق وسكَت.
ويُقال: بَلْدَم تَلد مثله. واسْبَكَرّ واسبطرّ مثله، قَالَ ذَلِك اللحياني. وطرسم الْكتاب طرمسة: إِذا محاه.
وَيُقَال للرّجُل إِذا نكص هَارِبا: طَرْسم وطَرْمَسَ.
(سرمط) : والسُّرامِط: الطَّوِيل وجمعُه سُرامِط.
(وَيُقَال للفُسطاط فُسطاط وفساط) .
(سنطل) : ابْن الْأَعرَابِي: (السُّنْطالة) : المشيَة بِالسُّكُونِ ومُطأطأَة الرَّأس.
(سنطب) : والسِّنطابُ: مِطرقة الحدّاد (وَالله تَعَالَى أعلم) .

(13/102)


(طنفس) : أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه هِيَ الطِّنفسة وَجَمعهَا الطَنَافس.

(بَاب السِّين وَالدَّال)
س د
(درفس) : أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الدِّرَفْسُ: البعيرُ الْعَظِيم، وناقةٌ دِرَفْسةٌ.
وَقَالَ شمر أَيْضا: الدِّرفسُ: الْعلم الْكَبِير، وَأنْشد قولَ ابْن قيس الرُّقيات:
تكنُّه خرْقةُ الذِّرفس من الشَّ
مْس كلَيْثٍ يُفرِّج الأجَمَا
(سندر) : قَالَ: والسَّنْدَرُ: الجَرِيء المتَشَبِّع.
وَقَالَ أحمدُ بن يحيى فِي قَول أَمِير الْمُؤمنِينَ عليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ:
أَنا الَّذي سَمَّتني أمِّي حَيْدَرَهْ
كلَيْثِ غاباتٍ غَليظِ القَصَرَهْ
أَكيلُكُمْ بِالسَّيْفِ كَيلَ السندرَهْ
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَاخْتلفُوا فِي السندرة، فَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ مِكيالٌ كَبِير مثلُ القَنْقَل، وَاسع كثيرا، أَي: أقتلكم قَتلاً وَاسِعًا كثيرا.
وَقَالَ غَيره: السندرة: امرأةٌ كَانَت تَبيع الْقَمْح وتُوفِي الكيلَ، أَي: أكيلُكم كَيْلا وافياً.
قَالَ: وَقَالَ آخر السندرة: العَجَلَة، يُقَال: سَنْدَريّ: إِذا كَانَ مستعجلاً فِي أُمُوره جادّاً، أَي: أقاتلكم بالعَجَلة وأبادرُكم قبل الْفِرَار.
وَيُقَال: قَوس سندرية. وَقَالَ: إِذا أدْركْت أَدْنَاهُم أخرياتهم حبوت لَهُم بالسندرى الموتلّة وَسنَان سندرِيّ: إِذا كَانَ أَزْرَق حديداً قَالَ رؤبة:
وأوتار غَيْرِي سندرى مختلق مُخَلَّق
أَي: غير نصل أَزْرَق حَدِيد. وَقَالَ أَعْرَابِي:
تعالَوْا نصيدها زريقاء سندرية
يُرِيد طائراً خَالص الزرقة.
(سرند) : أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: السرَنْدَى: الشديدُ، والسبَنْدَى: الجريء، وَفِي لُغَة هُذَيْل: الطَّوِيل.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : السنادِرَةُ والسبادُنةُ: الفَراغ وأصحابُ اللَّهو والتبطُّل.
اللَّيْث: السَّرَنْدَى: الجريء على أَمْرِه لَا يفرق من شَيْء. وَقد اسرنداه وآغرنداه: إِذا جَهِل عَلَيْهِ. وَسيف سَرَندَى: ماضٍ فِي الضريبة لَا يَنْبو.
وَقَالَ ابْن أحمَر يصف رجلا صُرِع فخرَّ قَتِيلا:
فَخَرَّ وجالَ المُهْرُ ذَات يَمينه
كسيفٍ سَرَنْدَى لاحَ فِي كفِّ صيْقَلِ
من جعل سَرَندى فَعَنْلَلاً صرفه، وَمن جعلَه فعنلى لَم يصرفهُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: اسرنداه واغرنداه: إِذا عَلاه وغلبه، وَأنْشد:

(13/103)


مَا لِنُعاس اللَّيْل يَغْرَنْدِينِي
أَدْفَعُه عَنّي ويَسْرَنْدِيني
(سبند) (سبنت) : والسَّبَنْدَى، والسَّبَنْتَى: النَّمر، وكلُّ جريٍ. سَبَنْدَى وسبنتى.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: السبنتاة: النَّمِر. ويُوصف بهَا السَّبُع ويُجمع سبانِت، وَمن الْعَرَب من يجمعها سَباتَى. وَيُقَال للْمَرْأَة السلِيطة: سبَنتاه، يُقَال هِيَ: سبَنتاه فِي جلد حَبَنْداه.
(فردس) : وَقَالَ الزّجّاج فِي قَول الله جلّ وَعز: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 11) .
روِي أَن الله جلّ وَعز جعل لكلّ امرىء فِي الجنّة بَيْتا، وَفِي النَّار بَيْتا فَمن عَمِل عَمَل أهلِ النَّار ورِث بيتَه، وَمن عَمِل عملَ أهلِ الْجنَّة ورِث بَيته.
قَالَ: والفِردوس أصلُه رُوميُّ أعرِب، وَهُوَ البُستان، كَذَلِك جَاءَ فِي التَّفْسِير.
وَقد قيل: الْفِردوس تعرفه الْعَرَب، ويسمَّى الموضعُ الّذي فِيهِ كَرْم: فرْدوساً.
وَقَالَ أهل اللُّغَة: الفِرْدوس مُذَكَّر وَإِنَّمَا أُنِّث فِي قَوْله: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} لِأَنَّهُ عَنى بِهِ الْجنَّة.
وَفِي الحَدِيث: (نَسْأَلك الفردوس الْأَعْلَى) .
وأهلُ الشَّام يَقُولُونَ للبساتين والكُروم: الفَراديس.
وَقَالَ اللَّيْث: كَرْم مُفَرْدس، أَي: مُعَرَّش، قَالَ العجاج:
وَكَلْكَلاً وَمِنْكباً مُفَرْدساً
قَالَ أَبُو عَمْرو: مفردساً: أَي: محشوّاً مُكْتَنِزاً؛ وَيُقَال للجلة إِذا حُشيتْ فُرْدِست.
قَالَ: والفردَسة: الصَّرْع الْقَبِيح، يُقَال: أخَذَه ففَرْدَسه: إِذا ضربَ بِهِ الأَرْض.
قَالَ الزّجاج: وَقيل الفردوس: الأودية الَّتِي تنْبت ضروباً من النبت وَقيل: هُوَ بالرومية، مَنْقُول إِلَى لفظ الْعَرَبيَّة.
قَالَ: والفردوس أَيْضا بالسُّرْيَانيَّة كَذَا لَفظه فردوسٌ قَالَ: وَلم نجده فِي أشعار الْعَرَب، إِلَّا فِي شعر حسان.
قَالَ: وَحَقِيقَته أَنه الْبُسْتَان الَّذِي يجمع كل مَا يكون فِي الْبُسْتَان، لِأَنَّهُ عِنْد أهل كل لُغَة كَذَلِك.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: وَمِمَّا يدلُّ أَن الفردوس بِالْعَرَبِيَّةِ قَول حسان:
وَإِن ثَوَاب الله كلّ موحِّد
جِنانٌ من الفردوس فِيهَا يخلدُ
وَقَالَ عبد الله بن رَواحة:
إِنَّهُم عِنْد رَبهم فِي جنان
يشربون الرَّحِيق والسلسبيلا
الرَّحِيق: الْخمر. والسلسبيل: السهل

(13/104)


الْمدْخل فِي الْحلق. يُقَال: أثرابٌ سلسل وسلسال وسلسبيل.
وَقَالَ الْفراء: قَالَ الْكَلْبِيّ بِإِسْنَادِهِ: الفردوس: الْبُسْتَان بلغَة الرّوم.
وَقَالَ الْفراء: هُوَ عَرَبِيّ أَيْضا، وَالْعرب تسمي الْبُسْتَان الَّذِي فِي الكرمُ: الفردوسَ.
وَقَالَ السّدِّي: الفردوس أَصله بالنبطية فرداساً.
وَقَالَ عبد الله بن الْحَارِث: الفردوس: الأعناب.
(سندل) : أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: سَنْدَل الرجلُ: إِذا لَبِس الجَوْرَبَيْن ليَصْطادَ الوحشَ فِي صَكَّة عُمَيّ.
(سبرد) : قَالَ: والناقة إِذا أَلْقَت وَلَدَها لَا شَعْر عَلَيْهِ فَهُوَ المُسَبْرَد؛ وَيُقَال: سَبْرَد شعرَه: إِذا حَلَقه.
(فندس) : قَالَ: وفَنْدس الرجلُ: إِذا عَدَا، وقَنْدَس بِالْقَافِ: إِذا تابَ بعد مَعْصية.
(سمدر) : أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: السَّمادِيرُ: ضَعْف البَصَر، وَقد اسمَدَرّ.
وَيُقَال: هُوَ الشيءُ الَّذِي يَتراءى للْإنْسَان من ضَعْف بصرِه عِنْد السُّكْر من الشَّرَاب أَو غَيره.
(دربس) : أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدِّرْباس: الكلْب العَقُور، وَأنْشد:
أعْدَدْت دِرْواساً لِدرْباسِ الحُمُتْ
(وَقَالُوا: الدُّرابِسُ: الضّخم الشديدُ من الْإِبِل وَمن الرّجال، وأَنشد:
لَو كنتَ أمسيتَ طليحاً ناعِساً
لم تُلْف ذَا راوية دُرابِسَا)
دفنس: والدِّفْنَاس: البَخِيل، وَأنْشد الْمفضل:
إِذا الدِّعْرِمُ الدِّفْناسُ صَوَّى لِقَاحَه
فإنّ لنا ذَوْداً ضِخامَ المحالِبِ
أَي: سمن لقاحه.
قَالَ: والدفْنَاس: الرّاعي الكَسلان الَّذِي يَنام ويَترُك الْإِبِل ترعَى وحدَها.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الدِّفْنِس: المرأةُ الحَمقاء.
(سرمد) : اللَّيْث: السّرمْد: دوامُ الزّمان من لَيلٍ ونَهار.
وَقَالَ الزّجاج: السَّرمَد: الدَّائِم فِي اللّغة.
(دردبس مرمريس) : وَقَالَ اللَّيْث: الدَّرْدَبيسُ: الشيخُ الْكَبِير. والعجوزُ أَيْضا يُقَال لَهَا: دَرْدَبيس، وأنشَد:

(13/105)


أُمُّ عِيالٍ فَخْمَةٌ نُعُوسُ
قد دَرْدَمَتْ والشيخُ دَرْدَبيسُ
وَقَالَ شمر: الدَّرْدَبيس: الداهية. وَهَذَا صَحِيح.
(أَبُو عبيد) والمَرمريس: الأملس.
(ذكره أَبُو عبيد فِي بَاب فَعفعيل؛ أَخذ المرمريس من المرمر، وَهُوَ الرخام الأملس، وكسعه بِالسِّين تَأْكِيدًا. والمرمريس: الأَرْض الَّتِي لَا تنْبت. والمرمريس: الداهية والدَّردبيس، وَهُوَ فعفعيل، بتكرير الْفَاء وَالْعين) .
وَقَالَ شمر: المرمريس: الداهية. وقرأت فِي نُسْخَة الْإِيَادِي المسموعة من شمر: أَبُو عَمْرو: القحرُ والقَهْبُ: الشَّيْخ، ومثلُه الدِّردِبيس بِكَسْر الدالين هَكَذَا كتبه أَبُو عَمْرو الْإِيَادِي.
(سندس) : وَقَالَ المفسِّرون فِي تَفْسِير السُّنْدُس: أَنه رَقيق الدِّيباج، وَفِي تَفْسِير الإسْتَبْرق: إنّه غليظُ الدِّيباج، لم يَختلفوا فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيث: السُّنْدُس: ضَربٌ من البِزْيُونِ يُتّخذ من المِرْعِزَّى، وَلم يَخْتَلِفُوا فيهمَا أَنهما معرّبان.
(دلمس) : ادلَمّسَ الليلُ: إِذْ اشتدّت ظُلمتَهُ، وَهُوَ ليل مُدْلَمِّسٌ.

(بَاب السِّين وَالتَّاء)
س ت)
(سنتأ) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: المُسَنْتأُ مهموزٌ مَقْصُور: الرجلُ يكونُ رأسُه طَويلا كالكُوخ.
(سبرت) : أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: السّبارِيتُ: الأَرَضون الّتي لَا شيءَ فِيهَا، وَاحِدهَا سُبْرُوت.
قَالَ شمر: والشُّبروت أَيْضا الْمُفلس.
وَقَالَ المؤرّج نحوَه. أَبُو زيد: رجل سبروت وسبريت، وَامْرَأَة سِبريتة، وسبروتة: إِذا كَانَا فقيرين.
أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي: السُّبروت: الْفَقِير. والسُّبروت: الشَّيْء التافه الْقَلِيل. والسبروت: الأَرْض الصَّفصف.
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: السَّباريت: الفلوات الَّتِي لَا شَيْء بهَا، وَاحِدهَا سبروت.
ورَوَى الرِّياشيّ عَن الأصمعيّ: السُّبْروتُ: الأرضُ الَّتِي لَا يَنبُت فِيهَا شَيْء. وَبهَا سُمّي الرجلُ المُعدِم سُبْروتاً.

(بَاب السِّين وَالرَّاء وَالسِّين وَاللَّام)
س ر س ل)
(بربس) : اللَّيْث: التَّبَرْبُس: مَشْيُ الكَلْب، وَإِذا مَشَى الْإِنْسَان كَذَلِك قيل: هُوَ يَتَبَرْبَس.

(13/106)


وَقَالَ:
فَصَبَحَتْه سلق تَبربس
أَي تمر مرا سَرِيعا.
ثَعْلَب عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: البِرْبَاسُ: الْبِئْر العَمِيقة.
(سربل) : وَقَالَ غيرُه: السِّرْبالُ: القَمِيص، وَقيل فِي قَول الله تَعَالَى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} (النَّحْل: 81) ، إِنَّهَا القُمُص تَقِي الحَرّ والبَرْد، فاكتَفَى بِذكر الحرّ، لأنّ مَا وَقَى الحرَّ وَقَى الْبرد.
وَأما قَوْله تَعَالَى: {وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ} (النَّحْل: 81) فَهِيَ الدُّروع.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السَّرْبَلة: ثَرِيدَةٌ قد رُوِّيَتْ دَسَماً.
(بردس) : ابْن دُرَيد: رَجُلٌ بِرْدِيس خَبيثٌ مُنكَر وجَمل سِنْدَابٌ: صُلبٌ شَدِيد.
(برطس) : قَالَ: والمُبَرْطِسُ: الَّذِي يَكترِي للنَّاس الإبلَ والحَميرَ ويأخذُ جُعْلاً، وَالِاسْم البَرْطَسة.
(سفسر) : أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ فِي قَول النَّابِغَة:
وفارقتْ وَهِي لم تَجرب وَبَاعَ لَهَا
من الفَصافص بالنّمِيّ سفسير
قَالَ: بَاعَ لَهَا: اشْترى. وسفسير: يَعْنِي السّمسار.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: السفسير: القهرمان.
وَقَالَ المؤرّج: السفسير: العبقري، وَهُوَ الحاذق بصناعته، من قَوْلهم: سفاسرة وعباقرة. وَيُقَال للحاذق بِأَمْر الْحَدِيد: سِفسير.
قَالَ حميد بن ثَوْر:
برَتْه سفاسيرُ الْحَدِيد فجرّدت
وقيعَ الأعالي كَانَ فِي الصَّوْت مكرما
(سمرت) : ابْن السّكيت فِي (الْأَلْفَاظ) : السَّمروت: الرجل الطَّوِيل.
قَالَ: وَقَالَ الْفراء: يُقَال للطويل: شمقمق وشَمق.
(سمسر) : وَفِي الحَدِيث: كُنَّا قوما نسمّى السماسرة بِالْمَدِينَةِ، فسمّانا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم التجّار.
وَقيل: السمسار: المقيّم بِالْأَمر، الْحَافِظ لَهُ. قَالَ الْأَعْشَى:
فأصبحتُ لَا أَسْتَطِيع الْكَلَام
سوى أَن أراجعَ سمسارها
(سمأل) : وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَبُو بَراء كُنيةُ الطَّائِر الَّذِي يُقَال لَهُ السَّمَوْأَل بِالْهَمْز.
(سرتف) : وَقَالَ أَبُو عَمرو: السِّرْتافُ: الطَّوِيل.
(فرنس) : والفِرْناسُ: الْأسد الضَّاري.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرْنَسةُ: حُسْن تَدْبِير المرأةِ لبَيْتِها، يُقَال: إِنَّهَا امْرَأَة مُفَرْنِسة.
(فرسن) : والفِرْسِنُ: فِرْسِنُ البَعير، وَهِي مؤنَّثة.
(برنس) : والبُرْنُس: كلُّ ثوب رَأسه مِنْهُ

(13/107)


مُلتَزِق بِهِ، دُرّاعةً كَانَ أَو جُبّةً أَو مِمْطَراً.
(نبرس) : يُقَال للسِّنان: نِبراس، وَجمعه النباريس.
قَالَ ابْن مقبل:
إِذْ ردّها الْخَيل تعدو وَهِي خافضة
حدّ النبارس مطروداً نَوَاحِيهَا
أَي: خافضة الرماح.
والنِّبْراس: السِّراج، وَقد رَوَاهُ أَبُو عُبَيد عَن أَصْحَابه.
(بلسن) : والبُلْسُنُ: العَدَسُ، قَالَه ابْن الْأَعرَابِي.
قَالَ: وَهل كَانَت الْأَعْرَاب تعرف بُلْسُناً.
(سنبت) : وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السِّنْبِتُ: السّيّء الخُلُق.
(سمرمل) : والسَّمَرْمَلةُ: الغول.
(سنبر) : وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السَّنْبَرُ: الرجُل العالِم بالشَّيْء المتقِن لَهُ.
(بسمل) : اللَّيْث: بَسْمَلَ الرجلُ: إِذا كَتَب باسم الله بَسْمَلةً، وَأنْشد:
لقد بَسْملَتْ هندٌ غداةَ لقيتُها
فيا حَبّذا ذاكَ الدَّلالُ المُبَسْمِلُ
سلَمة عَن الْفراء فِي البَسْملة نَحوه.
ابْن السّكيت يُقَال: قد أكثرت من الْبَسْمَلَة: إِذا أَكثر من قَول باسم الله. وَقد أَكثر من الهيللة: إِذا أَكثر من قَول لَا إِله إِلَّا الله. وَقد أَكثر من الحولقة: إِذا أَكثر من قَول لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه.
(سنمر) : وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للقمر: السِّنِّمار والطَّوْس.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب فِي الَّذِي يُجازِي الحَسَنَ بالسوأَىء قولُهم: جَزاهُ جَزاءَ سِنِّمار.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَكَانَ سنِّمار بَنّاءً مُجِيداً، فبَنَى الخَوَرْنَق للنُّعمان بن المنذِر، فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ النعمانُ كَرِه أَن يَعمل مِثله لغيره فأَلقاهُ من أَعلى الخَوَرْنَق فخرّ مَيتا، وَفِيه يَقُول الْقَائِل:
جَزَتْنا بَنو سعْدٍ بحُسن بلائِنا
جَزَاء سِنمارٍ وَمَا كَانَ ذَا ذَنْبِ
وَقَالَ يُونُس: السِّنمار من الرّجال: الَّذِي لَا ينَام باللَّيل، وَهُوَ اللِّص فِي كَلَام هُذَيل؛ ويسمّى اللّص سنِّماراً لِقلَّة نَوْمه.
(ترمس) : وَقَالَ اللَّيْث: حَبُّ التُّرْمُس حبٌّ مُضلَّع محزَّز، وَلذَلِك قيل للجُمان: ترَامِس.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: تَرمَس الرجلُ: إِذا تَغيَّب عَن حَرْبٍ، أَو شَغَبِ.
(أَبُو عُبَيد: المَرْمَرِيس: الأَملَسُ) .
(سلسل) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: لم

(13/108)


أسمَع سلْسَبيل إِلَّا فِي الْقُرْآن.
وَقَالَ الزجّاج: سلْسَبيل: اسمُ الْعين؛ وَهُوَ فِي اللُّغَة صفةٌ لما كَانَ فِي غَايَة السَّلاسة، فكأنّ العَينَ سُمّيتْ بصِفَتها.
(برنس) : (أَبُو عَمْرو: يُقَال للرّجل إِذا مرّ مرا سَرِيعا: مرَّ يتَبَرْنس، وَأنْشد:
فصبَّحته سلَقٌ تَبَرْنَسُ
غير وَاحِد: مَا أَدْرِي أيُّ بَرْنَساء هُوَ وأيُّ بَرَنساءَ هُوَ، مَعْنَاهُ: مَا أَدري أَي النَّاس هُوَ) .
(برسم ((البرسام: المُومُ) : وَيُقَال لهَذِهِ العِلة: البِرْسام كأَنه مُعرب.
وبِرْ: هوَ الصَّدْر، وَسامٌ: هُوَ من أَسمَاء الْمَوْت.
وَقيل: بِرْ مَعْنَاهُ الابْن، والأوّل أصحّ، لِأَن العلّة إِذا كَانَت فِي الرَّأْس فَهِيَ السِّرْسام، وسِرْ: هُوَ الرَّأْس.
(سنبل) : والسُّنْبُل مَعْرُوف، وَجمعه السَّنابِل، السُّنْبُلة: بئرٌ قديمَة حَفَرَتْها بَنو جُمَح بمكّة، وفيهَا يَقُول قائلُهم:
نحنُ حَفَرْنا لِلْحَجِيجِ سُنْبُلَه
(والمَيْسُوسَنُ: شَرابٌ، وَهُوَ معرّب اذربطوس: دَوَاء روميّ أعرب.
أَبُو عَمرو: السَّنْتَبَةُ: الغِيبَةُ المُحْكَمة.
وَقَالَ اللّيث: حَفَر فلانٌ تُرْمُسَةً تحتَ الأَرْض.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: هِيَ السِّرْداب، وَهِي الطِّنْفِسَة.
ابنُ بزرج: أطْلَنْسأْتُ: أَي: تحوّلْتُ من منزلٍ إِلَى منزل. قَالَ: واسْلَنْطَأتُ: أَي: ارتفعتُ إِلَى الشيءِ أَنْظُر إِلَيْهِ) .
وَفِي حَدِيث سَلمانَ الفارسيّ أنّه رُئِيَ بالكُوفة عَلَى حمارٍ عَرَبيَ وَعَلِيهِ قميصٌ سُنْبُلانيّ.
قَالَ شمر: قَالَ عبد الْوَهَّاب الغنوي: السنبُلاني من الثِّيَاب: السابغُ الطَّوِيل الَّذِي قد أُسْبِل.
وَرُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يلبس الْقَمِيص السُّنبلاني. وَكَذَا رُوِيَ عَن عليّ عَلَيْهِ السَّلَام؛ فَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة من أَصْحَاب النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَعنِي سلمَان وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وعليّاً عَلَيْهِ السَّلَام، هم زُهَّاد وَمَا كَانُوا لابسين القمص الطوَال الَّتِي يجرونَ ذيولها. وَالْأَقْرَب عِنْدِي أَن يكون السنبلاني مَنْسُوبا إِلَى مَوضِع، وَهُوَ من غليظ ثِيَابهمْ القالصة عَن الْكَعْبَيْنِ.
وَرُوِيَ ذَلِك فِي حَدِيث أَنه اشْترى قَمِيصًا فلبسه وانْتهى إِلَى نصف سَاقه؛ فَقَالَ: هَذَا قدر حسن.
وَقَالَ خَالِد بن جَنْبَةَ: سَنْبَلَ الرّجُل ثوبَه. إِذا جَرَّ لَه ذَنْباً مِنْ خَلْفِه؛ فَتلك السَّنْبَلة.

(13/109)


وَقَالَ أَخُوهُ: مَا طالَ من خَلْفه أَو أَمامه فقد سَنْبَله. فَهَذَا الْقَمِيص السنبلاني.
وَقَالَ شمر: يجوز أَن يكون السُّنْبُلاني مَنْسُوباً إِلَى مَوضِع. والسَّنابلُ: سَنابلُ الزَّرع من البُرّ والشّعير والذُّرة، الواحدةُ سُنْبُلَة.
(وَقَالَ شمر: لَا أعرف الرئباس والكماني اسْما عربيّاً.
قلت: والطّرموس لَيْسَ بالرئباس الَّذِي عندنَا) .
بلسم برسم (والبلسام، البرسام) : وَقَالَ العجاج يصف شَاعِرًا غالبه فأفْحَمَه:
فَلم يزل بالْقَوْل والتهكُّمِ
حَتَّى الْتَقَيْنَا وَهُوَ مثل المُفْحَم
واصفرّ حَتَّى آضَ كالمُبَلْسَم
(المُبلسم) (2) : والمُبَرْسَم وَاحِد: قَالَ أَبُو عَمْرو ابنُ الْعَلَاء: قيسٌ تَقول للْمَرِيض مُبَلْسَمٌ. وَتَمِيم تَقول مُبَرْسَم.
(فرسن) : أَبُو زيد: هِيَ الفِرْسِنُ لفِرِسْنِ البعيرِ، وجمعُها فَراسن، وَفِي الفراسِنِ السُّلامَى، وَهِي عِظَامُ الفِرْسِن، وقَصَبها ثمَّ الرُّسْغُ فَوق ذَلِك، ثمَّ الوَظيف، ثمَّ فَوق الوظيف من يدِ البعيرِ الذّراع ثُم فَوْقَ الذِّراع العَضُد، ثمَّ فَوق العَضُد الكَتِف، وَفِي رجلِه بعد الفِرْسِن من الْخَيل: الْحَافِر، ثمَّ الرُّسْغ.
قَرَأت بِخَط الْهَيْثَم لِابْنِ بُزُرْج: (اسرنطى) ؛ أَي: حَمُق. واعلنبى بِالْحملِ، أَي: نَهَضَ بِهِ: و (اطلنسى) ، أَي: تحول من منزل إِلَى منزل. قَالَ: و (اسلنطى) ، أَي: ارْتَفع إِلَى الشَّيْء يَنظر إِلَيْهِ. قَالَ: وتهظْلأْت، أَي: وَقعت.
وَمن خُماسيّه: (لباب السِّين)
يُقَال: كَمَرَةٌ (فَنْطَلِيس) وفَنْجَلِيس، أَي: ضخمة.
وسمعتُ جَارِيَة نُمَيْرِيّةً فصيحةً تُنْشِد وَقْتَ السَّحَر والكواكبُ قد بَدأَت تَطْلُع:
قد طَلَعَتْ حَمْراءُ فَنْطَلِيسُ
لَيْسَ لِرَكْبٍ بَعْدَها تَعْرِيسُ
أَبُو سَعيد: (السَّمَنْدَل) : طائِرٌ إِذا انقَطَع نَسْلُه وهَرِم أَلْقَى نفَسه فِي الجَمْر فَيَعُود إِلَى شَبابه.
وَقَالَ غيرُه: هُوَ دابّة يَدخل النَّار فَلَا تُحرِقه.
و (سَمَنْدَر) : مَوضِع.
و (سَرَنْدِيب) : بَلدٌ منْ بلادِ الهنْد.

(13/110)