تهذيب اللغة أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف الزَّاي
(بَاب الزَّاي والطاء)
ز ط (وَا يء)
زيط: أهملها اللَّيْث.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الزِّياطُ:
الجُلْجُل؛ وَأنْشد:
كأنّ وَغَى الخَموشِ بجانبَيْهِ
وَغَى رَكْبٍ أمَيْمَ ذَوِي زِياطِ
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال: أزْوَطوا وغَوّطوا ودَبَّلوا: إِذا عظَّموا
اللَّقم وازدَرَدُوا.
ز د (وَا يء)
زود زدو زيد زأد أَزْد:
(مستعملات) .
زود: قَالَ اللَّيْث: الزَّوْدُ: تأسيسُ الزّاد، وَهُوَ الطَّعَام
الّذي يُتّخذ للسّفر والحَضَر جَمِيعًا.
والمِزْوَدُ: وعاءٌ يُجعَل فِيهِ الزّاد، وكلُّ من انْتقل مَعَه بخيرٍ
أَو شَرَ مِن عمَلٍ أَو كسبٍ فقد تَزَوَّد.
وزُوَيْدة: اسمُ امرأةٍ من المَهالِبة، قَالَ: والْمَزادَة بمنزلةِ
رِاويَةٍ لَا عَزْلاَءَ لَهَا.
قلتُ: المَزادُ بِغَيْر هَا هِيَ الفَرْدة الّتي يَحتقِبُها الرَّاكِب
خَلف رَحْله وَلَا عَزْلاءَ لَهَا؛ وَأما الرّاوية فَهِيَ مَجمَع
المزادتَين اللَّتَين تعكمان على جَنْبَي الْبَعِير ويُرَوَّى
عَلَيْهِمَا بالرِّواءِ، وكلّ واحدةٍ مِنْهُمَا مَزادة، والجميع
المَزايد وربّما حَذَفوا الْهَاء فَقَالُوا مَزاد، أَنْشدني
أَعْرَابِي:
تَميميٌّ رَفيقٌ بالمَزادِ
وَقَالَ النَّضر: السطيحة: جلدان مقابلان. قَالَ: والمزادة تكون جلدين
وَنصفا وَثَلَاثَة جُلُود. سميت مزادة لِأَنَّهَا تزيد على السطيحتين،
وهما المزادتان.
(زيد) : أَبُو عبيد: زادَ الشيءُ يَزيد، وزِدْتُه أَنا أَزِيدُه
زِيادةً.
سمعتُ العربَ تَقول للرّجل يُخبِرُ عَن أمرٍ أَو يَستفْهم خَبَراً،
فَإِذا أخبرَ حَقّقَ الخَبَرَ وَقَالَ لَهُ: وزادَ وزادَ؛ كَأَنَّهُ
يَقُول: زَاد الأَمْرُ على مَا وَصَفْتَ وأخبرتَ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: هَذِه إبلٌ كَثِيرَة الزَّيايِد، أَي:
كثيرةُ الزِّيادات؛ وأنشَد:
بهَجْمةٍ تَملأُ عينَ الحاسدِ
ذاتِ سُروحٍ جَمَّة الزَّيَايِد
وَمن قَالَ: الزَّوَائِد: فَإِنَّهَا هِيَ جماعةُ الزَّائِدَة، وإنَّما
قَالُوا الزَّوَائِد فِي قَوَائِم الدَّابة. وَيُقَال للأَسد: إنّه
لذُو زَوائد، وَهُوَ الّذي يتزيّد فِي زَئيره وصوته.
(13/161)
والناقةُ تتزيّد فِي سَيْرها: إِذا
تكلّفَتْ فوقَ قَدْرها. والإنسانُ يتزيّد فِي حدِيثِه وكلامِه: إِذا
تَكلّف مجاوَزَة مَا يَنبغِي؛ وأَنشَد:
إِذا أنتَ فاكَهْتَ الرِّجالَ فَلَا تَلَعْ
وقُلْ مِثلَ مَا قَالُوا وَلَا تَتزَيَّدِ
قَالَ: وزائدة الكَبِد: قطعةٌ معلَّقةٌ مِنْهَا، والجميع الزّيائد.
قَالَ: والمَزادَة: مَفْعلة من الزّيادة والجميع المزايد. قلت: الزادة
مفعلة من الزَّاد يُتزَوَّد فِيهَا الماءُ.
والمِزْوَدُ: شبه جِرابٍ من أَدَم يُتزوَّد فِيهِ الطعامُ للسّفر،
وجمعُه المزَاوِد.
وزوَّدتُ فلَانا الزادَ تَزْوِيداً فتزوّدَ تزوُّداً. واستزَادَ فلانٌ
فلَانا: إِذا عَتَب عَلَيْهِ أمْراً لم يَرضَه. وَإِذا أَعطَى رجلٌ
رَجلاً مَالا وطلبَ زِيَادَة على مَا أعطَاهُ، قيل: قد استزادَه.
وَيُقَال للرّجل إِذا أُعطِيَ شَيْئا: هَل تزدادُ؟ الْمَعْنى: هَل
تَطلُب زِيَادَة على مَا أعطيْتُك. وتَزايَدَ أهلُ السُّوق على
السِّلعة: إِذا بِيعَت فِيمَن يزِيد.
زأد: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: زُئِدَ الرجلُ زُءدُداً فَهُوَ
مَزْءُود: إِذا زُعِر، وسُئفَ سأْفاً مِثله، وَهُوَ الزُّؤْد والزُّؤُد
وأَنشَد:
يُضحِي إِذا العِيسُ أدرَكْنا نكايتَها
خَرْقاءُ يعتادُها الطُّوفانُ والزُّؤُدُ
زدو: قَالَ اللَّيْث: الزَّدْوُ لغةٌ فِي السَّدْوِ، وَهُوَ من لعب
الصِّبيان بالجَوْز، وَالْغَالِب عَلَيْهِ الزَّاي، يَسْدُونَه فِي
الحَفِيرة.
أَزْد: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: أزدَى: صَنَع مَعْروفاً،
وأَسْدَى: إِذا أَصلَح بَين اثْنَيْنِ. والأزْداءُ: لغةٌ فِي الأصْداء،
جمعُ صَدًى. والأزْد: لغةٌ فِي الأَسْد، يجمع قبائلَ وعمائرَ كَثِيرَة
من اليَمَن.
(بَاب الزَّاي وَالتَّاء)
زت (وايء)
زَيْت تيز توز: (مستعملات) .
زَيْت: قَالَ اللَّيْث: الزّيْتُ: عُصارةُ الزَّيتون، وَيُقَال: زِتُّ
الثَّرِيد، فَهُوَ مَزيت، وزِتُّ رأسَ فلانٍ، وأَنشَد:
وَلَا حِنْطة الشَّأمِ المَزِيت خَمِيرُها
وازدَاتَ فلانٌ: إِذا ادَّهَن بالزَّيت، وَهُوَ مُزْدَات، وتصغيره
بتمامِه مُزَيْتيت، وَقَالَ الله تَعَالَى: {} (التِّين: 1) .
قَالَ ابْن عبّاس: هُوَ تِينُكمْ هَذَا، وزَيْتونكم هَذَا. وَقَالَ
الفرّاء: وَيُقَال: هما مَسجِدان بالشَّام: أحدُهما الّذي كلّم الله
جلَّ وعزَّ عندَه مُوسَى. وَقيل: الزّيْتون: جبالُ الشّام، وَيُقَال
للشَّجرة نفسِها: زَيْتونة، ولثمرها زَيتونَة، والجميعُ الزّيْتون،
والدَّهْن الَّذِي يُستخرَج مِنْهُ زَيْتٌ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: زِتُّ الطَّعامَ أَزِيتُه
(13/162)
زَيْتاً؛ فَهُوَ مَزِيت ومَزْيوت: إِذا
عَمِلْته بالزَّيت. وَيُقَال للَّذي يَبِيعه ويَعْتصِره: زَيَّات.
تيز: أَبُو عبيدةَ عَن الأمويّ: يُقَال للرّجل إِذا كَانَ فِيهِ غِلَظٌ
وشِدّة: تَيَّاز.
وَقَالَ القُطاميّ يصفُ بَكرَةً صَعْبَةً اقتَضَبَها:
إِذا التّيّازُ ذُو العَضَلاتِ قُلْنَا
إليكَ إليكَ ضاقَ بهَا ذِراعَا
وَقَالَ اللَّيْث: التَّيَّازُ: الرجلُ الملززُ المَفاصِل الَّذي
تَتَيَّزُ فِي مِشيته كأَنه يتقلّع من الأَرْض تقلُّعاً، وأنشَد:
تَيّازَةٌ فِي مَشْيِها قُنَاخِرَهْ
وَقَالَ الفرّاء: التَّيَّاز: القصيرُ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: رجل تَيَّازٌ كثير العَضَل وَهُوَ اللَّحم،
وتازَ يَتُوز تَوْزاً، ويَتيز تَيْزاً: إِذا غلُظَ. وأَنْشَد:
تَسْوَّى على عُشَ فتَازَ خَصِيلُها
قَالَ: فَمن جعل تازَ مِن يَتيز جعل التَّيّاز فَعَّالاً، وَمن جعلَه
من يَتُوز جَعَله فَيْعالاً، كالقيَّام والدَّيَّار، مِن قامَ ودَارَ.
وَقَوله: (تازَ خصيلها) ، أَي: غَلُظ.
(توز) : ابْن الْأَعرَابِي: التُّوْزُ: الأصْل. والأتْوَزُ: الْكَرِيم
الأَصْل هُوَ التوز والتوس للْأَصْل.
(أُهمِلت الزَّاي مَعَ الظَّاء، وأُهمِلت مَعَ الذَّال وَمَعَ الثَّاء.
(بَاب الزَّاي وَالرَّاء)
ز ر (وَا يء)
زور روز وزر زير زري زأر أرز أزر (زرأ رزأ: مستعملات) .
زور زأر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: زارَني فلانٌ يَزورُني زَوْراً
وزِيَارَةً. والزَّوْرُ: الَّذي يَزُورك، رَجُل زَوْرٌ، رِجَالٌ
زَوْرٌ، وامرأَةٌ زَوْرٌ، ونِسَاءٌ زَوْرٌ. وأَصل زار إِلَيْهِ: مَال،
وَمِنْه تزاور عَنهُ، أَي: مَال عَنهُ. وزَوِر يزوَر، أَي: مَال.
والزَّوْرُ: الصَّدرُ.
عَمْرو عَن أَبِيه: الزَّوْرُ: الْعَزِيمَة، والزَّوْرُ: الصَّدْر.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: مَا لَهُ زَوْر، أَي: مَا لَه رَأْيٌ.
الحرّاني عَن ابْن السكّيت: الزّوْرُ: أعْلَى الصَّدْر. قَالَ:
والزُّورُ: الباطلُ والكَذِب. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: كلُّ مَا
عُبد من دون الله فَهُوَ زُور. وَقَالَ: وَيُقَال: مَا لَه زُورٌ وَلَا
صَيُّور بِضَم الزَّاي، أَي: رَأْي يرجع إِلَيْهِ.
وَأما أَبُو زَيد فإنّه قَالَ: مَا لَهُ زَوْرٌ بِهَذَا الْمَعْنى
فَفتح الزَّاي، وهما لُغَتان.
وَفِي حَدِيث عمر أنّه قَالَ: كنت زَوَّرْتُ فِي نَفسِي كلَاما يومَ
سَقيفة بني سَاعِدَة. قَالَ شمر: التَّزويرُ: إصلاحُ الشيءِ.
(13/163)
وسمعتُ ابْن الأعرابيّ يَقُول: كل إصْلَاح
من خيرٍ أَو شرّ فَهُوَ تَزْوِير. قَالَ: وَمِنْه شاهدُ الزُّور
يُزَوِّر كلَاما.
قَالَ أَبُو بكر: فِي قَوْلهم: قد زوَّر عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا فِيهِ
أَرْبَعَة أَقْوَال:
يكون التزوير فعلُ الْكَذِب أَو الْبَاطِل أَو الزُّور الكَذب، وَقَالَ
خَالِد بن كُلْثُوم التزوير: التَّشْبِيه، وَقَالَ أَبُو زيد: التزوير:
التزويق والتحسين. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: تهيئة الْكَلَام وَتَقْدِيره.
وَفِي صَدْره زَوَرٌ، أَي: فَساد يَحتاج أَن يُزَوَّر. قَالَ: وَقَالَ
الْحجَّاج: رحم الله امْرأ زوَّر نفسَه على نفسِه، أَي: اتْهمهَا
عَلَيْهَا.
وَتقول: أَنا أُزَوِّرُك على نفسِك، أَي: أتَّهِمك عَلَيْهَا، وأَنشَد
ابْن الْأَعرَابِي:
بِهِ زَوَرٌ لَم يَستَطِعْه المزَوِّرُ
وناقَة زِوَرّة أسْفار، أَي: مُهَيَّأة للأسفار، مُعَدة.
وَيُقَال: فِيهَا ازورَار من نَشاطِها.
وكلُّ شَيْء كَانَ صَلاحاً لشَيْء وعِصمةً لَهُ، فَهُوَ زِوَارٌ لَهُ
وزِيَارٌ لَهُ، وَقَالَ ابْن الرِّقاع:
كانُوا زِواراً لأهلِ الشَّام قد عَلِموا
لَمّا رأوْا فِيهمُ جَوْراً وطُغْيانا
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: زِوارٌ وزِيار، أيْ: عصمَة كزيار الدّابة.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي الزوار هُوَ الشكال، وَهُوَ حَبل يكون بَين
الحقبِ والتصدير.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: وَهُوَ الحَبْل الَّذِي يُجْعل بَين الحَقَبِ
والتصدير كي لَا يَدْنو الحَقَبُ من الثِّيل، وَقَالَ الفرزدق:
بأرْحُلِنا يَحِدْنَ وَقد جَعَلْنا
لكل نَجيبةٍ مِنْهَا زِيَارا
وَقَالَ الْقِتَال:
ونحنُ أناسٌ عُودُنَا عُودُ نَبْعَةٍ
صَلِيبٌ وَفينَا قَسوةٌ لَا تُزَوَّرُ
وَقَالَ أَبُو عدنان: أَي: لَا تغمز لقسوَتها وَلَا تُستضعَف.
قَالَ: وقولُهم: زَوَّرْتُ شَهادة فلانٍ راجعٌ إِلَى هَذَا
التَّفْسِير، لأنّ مَعْنَاهُ: أَنه استضعِف فغُمِز وغُمزت شهادَتهُ
فأُسقِطتْ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: التزْوِيرُ: إصْلَاح الْكَلَام وتهيئَتُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: زَوِّرُوا فلَانا، أَي: اذبَحوا لَهُ وأَكْرِموه.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمزَوّرُ من الْإِبِل: الَّذِي إِذا سَلَّه
المُزَمِّر من بطن أمه اعوَجَ صَدرُه فيغمزه ليُقيمَه، فَيبقى فِيهِ
مِن غَمزه أثرٌ يعلم أنّه مُزَوَّر. وَالْإِنْسَان يزوِّر كلَاما،
وَهُوَ أَن يقوِّمه ويُتقِنَه قبل أَن يتَكَلَّم بِهِ.
قَالَ: والزُّورُ: شهادةُ الباطلِ وقولُ الكَذِب، وَلم يشتق مِنْهُ
تَزْوير الْكَلَام، وَلكنه اشتقّ من تَزْوير الصَّدر.
قَالَ: والزِّيارُ: سِنافٌ يُشَدّ بِهِ الرَّحْل إِلَى صَدْر الْبَعِير
بِمَنْزِلَة اللَّبَب للدّابة، ويسمَّى
(13/164)
هَذَا الَّذِي يَشُدّ بِهِ البَيْطارُ
جَحْفلة الدَّابَّة: زِياراً، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابْن شُميل عَن أبي عبيد: الزُّورُ والزُّونُ كلُّ شَيْء يتّخذ
رَبّاً يُعبَد.
قَالَ الْأَغْلَب:
جاءُوا بزُورَيْهِمْ وجِئْنا بالأصَم
قَالَ: وَكَانُوا جاءُوا ببَعيرَين فعَقَلوهما وَقَالُوا: لَا نَفرّ
حَتَّى يَفرَّ هَذَانِ.
وَقَالَ شمر: الزُّورَانِ رئيسان؛ وأَنشَد:
إِذا قُرِن الزُّورَانِ زُورٌ رازِحٌ
زارٌ وزُورٌ نِقْيهُ طُلافِحُ
قَالَ: الطُّلافحُ: المَهْزول.
وَقَالَ بَعضهم: الزُّورُ: صَخْرة، وَيُقَال: هَذَا زُويْر القومِ،
أَي: رئيسُهم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الزُّوَيْرُ: صَاحب أمرِ الْقَوْم.
وَقَالَ:
بأيدي رجال لَا هوادة بَينهم
يسوقون للمزن الزُّوَيْر البَلَنْدَدَى
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه أنْشدهُ للمرار:
أَلا لَيْتَني لم أدر مَا أخْت بارق
وَيَا ليتها كَانَت زوبَراً أنازله
فَأدْرك ثَأْرِي أَو يُقَال أَصَابَهُ
جَمِيع السِّلَاح عَنْبَس الْوَجْه باسله
قَالَ: الزّوبر: الْأسد.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الزون: الصَّنَم وَهُوَ بالفارسيّة زوْن، بشمّ
الزَّاي والسّين.
قَالَ حميد:
ذَات المَجُوسِ عَكَفْت للزُّونِ
قَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا
طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ} (الْكَهْف: 17) ،
قَرَأَ بَعضهم: (تزاور) ، يُرِيد تتزاور، وَقَرَأَ بَعضهم: (تزْوَرُّ)
و (تزْوَارُّ) ، قَالَ: وازْوِرارُها فِي هَذَا الْمَوْضُوع أَنَّهَا
كَانَت تطلُع على كهفِهم ذَات الشمَال فَلَا تصيبهم.
وَقَالَ الْأَخْفَش: تزاوَرُ عَن كهفِهم، أَي: تَميل، وَأنْشد:
ودُون لَيْلَى بَلدٌ سَمَهْدَرُ
جَدْبُ المُنَدَّى عَن هوانا أَزْوَرُ
يُنْضِي المطَايا خِمْصه العَشَنْزَرُ
وَقَالَ اللَّيْث: الزَّوَرُ: مَيَلٌ فِي وَسَط الصَّدْر.
والكلبُ الأزوَرُ: الَّذِي استدقّ جَوْشَنُ زوْرِهِ وَخرج كَلْكَلُه
كَأَنَّهُ قد عُصِر جانباه، وَهُوَ فِي غَيْر الْكلاب مَيَلٌ لَا يكون
معتدلَ التربيع نَحْو الكِرْكِرة واللِّبْدة.
أَبُو عبيد: الزّأرَةُ: الأجمة.
قَالَ اللَّيْث: الزّأْرَةُ: الأجمة ذاتُ الحَلْفاءِ والقصب.
وَعين الزّأرَة بِالْبَحْرَيْنِ مَعْرُوفَة، والزارة قريةٌ كبيرةٌ
بهَا، وَكَانَ مَرْزُبانُ الزّارة مِنْهَا، وَله حَدِيث مَعْرُوف.
ومدينةُ الزَّوْراء ببغدادَ فِي الْجَانِب الشَّرْقِي، سميتْ زوْراءَ
لازوِرارٍ فِي
(13/165)
قِبْلَتِها.
والزوراء: القَوْس المعْطوفة.
والزوراء: دارٌ بناها النعمانُ بِالْحيرَةِ، وفيهَا يَقُول
النَّابِغَة:
بزَوْراء فِي أَكنافها المسْكُ كارعُ
وَيُقَال: إِن أَبَا جَعْفَر هدم الزَّوْرَاء بالحِيرَة فِي أَيَّامه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: زوراءُ هَهُنَا مَكُّوكٌ من فضَّة فِيهِ طول مثل
التَّلْتَلَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الزِّوَرُّ: السَّيْر الشَّديد، وَقَالَ
القُطاميّ:
يَا ناقُ خُبِّي زِوَرَّاً
وقَلّبي منْسِمِك المُغْبَرّا
وناقة زوْرةٌ: قَوِيَّة غَلِيظَة.
وفلاةٌ: بعيدةٌ فِيهَا ازوِرار.
وَقَالَ أَبُو زيد: زوَّر الطائرُ تزْويراً: إِذا ارتفعتْ
حَوْصَلَتُهُ.
ابْن نجدة عَن أبي زيد: يُقَال للحوْصلة الزّارةُ والزاوُورة
والزّاورةُ.
قَالَ: والتزوِيرُ: أَن يُكرم المزُورُ زائرَه وَيعرف لَهُ حقَّ
زيارته.
وَقد زوّرَ القومُ صَاحبهمْ تزْويراً: إِذا أَحْسنوا إِلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْلهم: لَيْسَ لَهُ زور، أَي: لَيْسَ
لَهُ قوّة وَلَا رَأْي.
وحَبْل لَهُ زوْر، أَي: قُوَّة، قَالَ: وَهَذَا وفاقٌ وَقع بَين
الْعَرَبيَّة والفارسية.
قلت: وقرأت ... .
وَفِي كتاب اللَّيْث فِي هَذَا الْبَاب: يُقَال للرجل إِذا كَانَ
غليظاً إِلَى القِصَر مَا هُوَ: إِنَّه لَزُوَّار وزوَارِية. وَهَذَا
تَصْحِيف مُنكَر وَالصَّوَاب: إِنَّه لَزُوازٌ وزُوَازية بزاءين، قَالَ
ذَلِك ابْن الْأَعرَابِي وَأَبُو عَمْرو وغيرُهما.
وسمعتُ الْعَرَب تَقول للبعير المائل السَّنام، هَذَا بعيرٌ أزْوَر.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي قَول صَخْر الغَيّ:
وماءٍ وَرَدْتُ على زَوْرةٍ
كمَشيِ السَّبَنتَى يراح الشفِيفا
قَالَ: على زَورَةٍ: نَاقَة شَدِيدَة.
ويروى زورة بِالضَّمِّ، أَي: على بعد. وَهِي اسْم من الزَّوْرَاء، أَي:
الْبَعِيدَة، فلاة زوراء، أَي: وَردت على انحراف مني.
وَيُقَال: على نَاقَة فِيهَا ازوِرار وحَدْر.
وَقيل: إِنَّه أَرَادَ على فلاةٍ غير قاصدة.
وزر: قَالَ أَبُو إسحاقَ فِي قَول الله جلّ وَعز: {الْمَفَرُّ كَلاَّ
لاَ وَزَرَ} (الْقِيَامَة: 11) ، الوَزرُ فِي كَلَام الْعَرَب: الجبَلُ
الَّذِي يُلتجأ إِلَيْهِ، هَذَا أصلُه، وكلُّ مَا التجأتَ إِلَيْهِ
وتحصّنْتَ بِهِ فَهُوَ وَزرٌ.
وَقَالَ فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَاجْعَل لِّى وَزِيراً مِّنْ
أَهْلِى} (طه: 29) ، قَالَ: الْوَزير فِي اللُّغَة اشتقاقهُ من الْوزر،
والوزر: الجَبل الَّذِي يُعتَصم بِهِ ليُنجي من الهلكة، وَكَذَلِكَ
وزيرُ الْخَلِيفَة مَعْنَاهُ الَّذِي يَعتمِد على رَأْيه فِي أمورِه،
ويلتَجىء إِلَيْهِ.
وَقَوله: {الْمَفَرُّ كَلاَّ لاَ وَزَرَ} (الْقِيَامَة: 11) ،
مَعْنَاهُ: لَا شيءَ يُعتَصم بِهِ من أمرِ الله.
(13/166)
وَقَالَ غيرُه: قيل لوَزِير السُّلْطَان
وزيرُ، لأنّه يَزِر عَن السّلطان أَعْباءَ تَدْبِير المملكة، أَي:
يَحْمل ذَلِك.
وَقد وَزَرْتُ الشيءَ أَزِره وَزْراً، أَي: حملتَه.
وَمِنْه قولُ الله جلّ وعزّ: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
(الْأَنْعَام: 164) ، أَي: لَا تَحمِل نفسٌ آثِمةٌ وِزْرَ نفسٍ
أُخْرَى، وَلَكِن كلّ يُجزَى بِمَا كَسَب؛ والآثامُ تسمَّى أوزاراً،
لأنّها أحمالٌ مثقِلة، واحدُها وِزْر.
وَقَالَ اللّيث: رجلٌ مَوْزورٌ غيرُ مأجور، وَقد وُزِر يُوزَرُ.
وَقَالَ: مأزور غير مأجور؛ لمّا قابَلوا المَوْزور بالمأجور قلَبوا
الواوَ همزَة ليأتلفَ اللّفظان ويزدَوِجَا.
وَقَالَ غيرُه: كأنّ مأزُور فِي الأَصْل مَوْزُوراً، فبنَوْه على لفظ
مَأْجور.
وَفِي الحَدِيث: (ارْجِعْن مَأْزُورات غيرَ مَأْجُورَات) .
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فِدَآءً حَتَّى تَضَعَ
الْحَرْبُ} (مُحَمَّد: 4) .
قَالَ: يريدُ آثامَها وشِرْكَها حَتَّى لَا يبقَى إلاّ مُسلِم أَو
مُسَالم.
قَالَ: وَالْهَاء فِي {الْحَرْبُ} للحرب، وَأَتَتْ بِمَعْنى أوزار
أَهلهَا.
وَقَالَ غيرُه: الأوْزارُ ههانا السّلاح وآلةُ الحَرْب. وَقَالَ
الْأَعْشَى:
وأعدَدْت للحَرْبِ أوزارَها
رِماحاً طِوَالاً وخَيْلاً ذُكُورا
قَالَه أَبُو عبيد.
زير: قَالَ ابْن السكّيت وغيرُه: الزِّيرُ: الكَتّان. وَيُقَال: فلَان
زِيرُ نِساء: إِذا كَانَ يحِب زِيارَتُهن ومحادَثتَهن.
وَقَالَ رؤبة:
قُلتُ لِزيرٍ لم تَصِلْه مَرْيمُهْ
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: جمعُ الزِّير زِيرَة وأَزْيار.
قَالَ: وامرأةٌ زِيرٌ أَيْضا، ولَم أسمَعْه لغيره.
وَقَول الْأَعْشَى:
ترى الزير تبْكي لَهَا شجوهُ
مَخَافَة أَن سَوف يدعى لَهَا
(لَهَا) للخمر. يَقُول: زير الْعود تبْكي مَخَافَة أَن يطرب الْقَوْم
إِذا شربوا، فيعملوا الزير لَهَا للخمر، وَبهَا للخمر.
وَأنْشد يُونُس:
تَقول الحارثية أم عَمْرو
أَهَذا زيره أبدا وزيري
قَالَ: مَعْنَاهُ: فَهَذَا دأبه أبدا ودأبي.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الزِّيرُ من الرِّجال: الغَضْبانُ
المُقاطِع لصاحِبِه.
قَالَ: والزِّيرُ: الزِّرُّ. قَالَ: ومِن العَرَب من يَقْلِب أحدَ
الحرفين المدغَمين يَاء، فَيَقُول فِي مز ميز، وَفِي زِرّ: زِيرِ،
وَهُوَ الدُجَهْ،
(13/167)
وَفِي رز رِيزٌ، وأصلُ الزِّير الغَضْبان
بالهَمْز، من زأَر الأَسَدَ يزْأَرُ.
وَيُقَال للعَدُوِّ: زائر، وهم الزائرون. وَقَالَ عنترة:
حَلَّتْ بأَرْضِ الزائرِين فأصبَحَتْ
عَسِراً عَلَيّ طِلابُكِ ابنةَ مَخْرَمِ
قَالَ بَعضهم: أَرَادَ أنّها حلّت بِأَرْض الْأَعْدَاء. والفَحْل
أَيْضا يَزْئرُ فِي هَدِيره زَأْراً: إِذا أَوْعد.
قَالَ رؤبة:
يَجمَعْنَ زَأْراً وهَدِيراً مَحْضاً
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الزّائر: الغَضْبان بِالْهَمْز. والزاير:
الحَبيب.
وبيتُ عنترةَ يُرْوَى بِالْوَجْهَيْنِ؛ فمَن هَمَز أَرَادَ الأعداءَ،
وَمن لَم يَهمِز أرادَ الأحْباب.
روز: قَالَ اللّيث: الرَّوْزُ: التّجربة؛ يُقَال: رُزْ فلَانا، ورُزْ
مَا عِنْده.
قَالَ أَبُو بكر: معنى قَوْلهم: قد رُزت مَا عِنْد فلَان، أَي: طلبته
وأردته.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم يصف الْبَقر وطلبها الكنس من الْحر:
إِذْ رازت الكُنْس إِلَى قعورها
واتقت الملافح من حَرورها
يَعْنِي: طلبت الظل فِي قعور الكنس.
قَالَ: والرّازُ: رأسُ البنائين، والجميع الرّازَة، وحِرْفَته
الرِّيازة.
قلتُ: أَرَى الليثَ جَعَل الرّازَ وَهُوَ البَنّاء مِن رازَ يَرُوز:
إِذا امتحن عَمَله فحَذَقه وعاوَدَ فِيهِ.
وَفِي الحَدِيث: كَانَ رَازَ سفينة نوح جبريلُ، والعاملُ نوح.
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة: يُقَال: رازَ الرَّجلُ صَنْعته: إِذا قَامَ
عَلَيْهَا وأَصلَحها؛ وَقَالَ فِي قَول الْأَعْشَى:
فعادَ لَهُنّ ورَازَا لَهُنّ
واشتَرَكا عَمَلاً وائتِمارا
يُرِيد: قاما لهنّ.
سَلمَة عَن الفرّاء قَالَ: المَرازَانِ: الثَّدْيان، وهما النَّجْدان؛
وأَنشَد ابْن الأعرابيّ:
فرَوِّزَا الأمرَ الَّذِي تَرُوزَانْ
وَقَالَ ذُو الرمة:
وليل كأثناء الرّوَيْزِيّ جبتُه
بأَربعة والشخص فِي الْعين وَاحِد
إحم علا فيّ وأبيض صارمٌ
وأعيس مهريّ وأَشعب ماجد
أَرَادَ بالرويْزِي: كسَاء نسج بالبري.
زري: قَالَ أَبُو زيد: زَرَيْتُ عَلَيْهِ مَزْرِيةٌ وزَرَياناً: إِذا
عبْتَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن السكّيت: زَرَّيْت عَلَيْهِ: إِذا عِبته، وأنشَد:
يَا أيّها الزّارِي على عُمرٍ
قد قلتَ فِيهِ غيرَ مَا تَعَلَمْ
قَالَ: وأَزرَيْت بِهِ بِالْألف إزْراءً: إِذا
(13/168)
قَصَّرْتَ بِهِ.
وَقَالَ اللّيث: زَرَى عَلَيْهِ عمَله: إِذا عَاب وعَنّفَه. قَالَ:
وَإِذا أَدخَل على أَخِيه عَيْباً فقد أَزرَى بِهِ وَهُوَ مُزْرى بِهِ.
وَأما أرْزَيْتُ بِهِ الرَّاء قبل الرَّازِيّ فَإِن أَبَا عُبَيد روى
عَن الأمويّ: أَرْزَيْتُ إِلَيْهِ، أَي: استَنَدْت.
وَقَالَ شمر: إِنَّه ليُرْزِي إِلَى قوّةٍ، أَي: يَلجأُ إِلَيْهَا؛
وأَنشَد قولَ رؤبة:
يُرْزِي إِلَى أَيْدٍ شَديد إيَاد
وَقَالَ اللَّيْث: أَرْزَا فلانٌ إِلَى كَذَا، أَي: صَار إِلَيْهِ،
وَالصَّحِيح تركُ الْهَمْز.
وزر: قَالَ ابْن بُزرج: يَقُول الرجل مِنا لصَاحبه فِي الشَّرِكة
بَينهمَا: إنّك لَا تَوَزَّرُ حُظوظَةَ الْقَوْم. وَقد أَوْزَر الشيءَ:
ذهبَ بِهِ واغتَبَاه، وَيُقَال: قد استَوْزَره. قَالَ: وَأما الاتِّزار
فَهُوَ من الوِزْر؛ يُقَال: اتّزَرْتُ وَمَا اتَّجَرْت، ووَزَرتُ
أَيْضا.
أزر: قَالَ: وَيُقَال: وأزرني فلَان على الْأَمر وآزرني، وَالْألف
أفْصح. وَقَالَ: أَوْزَرتُ الرجل فَهُوَ مُزْوَرٌ جَعلتُ لَهُ وَزَراً
يأوِي إِلَيْهِ. وأَوْزَرْت الرجلَ من الوِزْر، وآزرتُ من المُوَازَرة،
وفَعَلْتُ مِنْهَا أَزَرْتُ أَزْراً، وتأَزَّرْتُ.
سَلمَة عَن الفرّاء: أَزَرْت فلَانا آزُرُه أَزْراً: قوّيته،
وآزَرْتهُ: عاوَنْته.
وَقَرَأَ ابْن عَامر وحدَه: (فأَزَرَه فاستغلظ) (الْفَتْح: 29) ، على
فِعلِه، وَقَرَأَ سائرُ القُرُّاء: {شَطْأَهُ} .
وَقَالَ الزّجّاج: آزرتُ الرجلَ على فلانٍ: إِذا أعنْتَه عَلَيْهِ
وقوّيْتَه.
قَالَ: وقولُه: {شَطْأَهُ فَآزَرَهُ} ، أَي: فآزَرَ الصغارُ الكبارَ
حتّى استوَى بعضُه مَعَ بعض.
قَالَ الأصمعيّ فِي قَول الشَّاعِر:
بمحنِيةٍ قد آزَرَ الضّالَ نَبْتُها
مَجَرّ جُيوشٍ غانِمين وخُيَّبِ
أَي: سَاوَى نَبْتُها الضال، وَهُوَ السدر البَرّيّ، أَرَادَ فآزره
الله جلّ وعزّ فساوى الفِراخ الطِّوالَ، فَاسْتَوَى طولهَا.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَول الله جلّ وَعز: {اشْدُدْ بِهِ
أَزْرِى} (طه: 31) .
قَالَ: الأزرُ: الْقُوَّة. والأزرُ: الظَّهْر. والأزرُ: الضَّعْف.
قَالَ: والإزرُ: الأصلُ بكسْر الْهمزَة، قَالَ: فَمن جعل الأزرَ
الْقُوَّة قَالَ فِي قَوْله: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِى} (طه: 31) ، أَي:
اشدُد بِهِ قوتي، وَمن جعله الظّهْر، قَالَ: شُدَّ بِهِ ظَهْري، أَي:
قوِّ بِهِ ظَهْري، وَمن جعله الضَّعف قَالَ: شُدَّ بِهِ ضعْفي وقوِّ
بِهِ ضعْفي.
وَيُقَال للإزار: مِئزر؛ وَقد ائتَزَر فلانٌ إزْرَةً حَسَنَة، وتأزر:
لبس الْإِزَار، وجائزٌ أَن تَقول: اتّزَرَ بالمئْزَر أَيْضا، فِيمَن
يدغم الهمزةَ فِي التَّاء، كَمَا يُقَال اتَّمنْتُه، وَالْأَصْل
ائتَمَنْته.
(13/169)
قَالَ أَبُو عبيد: يُقَال فلانٌ عفيفٌ
المئْزَر، وعفيفُ الْإِزَار إِذا وُصف بالعِفّة عَمَّا يحرُم عَلَيْهِ
من النِّسَاء. ويُكنى بالإزار عَن النَّفس، كَقَوْلِه:
فِدى لَك من أخي ثِقَةٍ إزَارِي
وجمعُ الْإِزَار: أُزر. أَبُو عُبَيْدَة: فرسٌ آزَرُ: وَهُوَ الأبيضُ
الفخذين، ولونُ مقادِيمه أسوَد، أَو أيُّ لون كَانَ. وأَزَّرْتُ
فلَانا: إِذا أَلْبستَه إزاراً فتأَزَّر بِهِ تأزّراً.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَإِذْ قَالَ
إِبْرَاهِيمُ لاَِبِيهِءَازَرَ} (الْأَنْعَام: 74) ، يُقرأ بِالنّصب:
{ءَازَرَ} ، وَيقْرَأ بِالضَّمِّ: (آزَرُ) ، فَمن نصب فموضع آزرَ خفضٌ
بَدَلا من (أَبِيه) ، وَمن قَرَأَ: (آزَرُ) بِالضَّمِّ فَهُوَ على
النِّداء.
قَالَ: وَلَيْسَ بَين النّسّابين اختلافٌ أَن اسْم أَبِيه كَانَ
تارَخَ.
قَالَ: وَالَّذِي فِي الْقُرْآن يدلّ على أَن اسْمه آزَرَ. وَقيل: آزر
عِنْدهم ذَمٌّ فِي لغتهم، كَأَنَّهُ قَالَ: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ
لاَِبِيهِ} الخاطىء.
ورَوَى سُفْيَان عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {ءَازَرَ
أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً} (الْأَنْعَام: 74) .
قَالَ: لم يكن بِأَبِيهِ، ولكنّ آزرَ اسمُ صَنَم فموضعُه نصب كَأَنَّهُ
قَالَ: وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ: أتتَّخذ آزرَ إِلَهًا، أَي:
أتتخذ أصناماً آلِهة.
رزأ: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: رزَأَ فلانٌ فلَانا: إِذا
قَبل بِرّه. وَأَصله الْهَمْز فخفّفه.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: قد رَزَأْتُ الرجلَ أَرْزأُه رُزْءاً
ومَرْزِئَةً: إِذا أصبتَ مِنْهُ خيرا مَا كَانَ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: يُقَال: رُزِئْته: إِذا أَخذ مِنْك، وَلَا
يُقَال: رُزِيْتُه، وَقَالَ الفرزدق:
رُزِئْنَا غَالِبا وأباهُ كانَا
سِمَاكَيْ كلِّ مُهتلِكٍ فَقير
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: مَا رَزأَ فلانٌ فلَانا شَيْئا، أَي: مَا
أصَاب من مَاله شَيْئا، وَلَا انتقَصَ مِنْهُ.
قَالَ: والرُّزْء: المصيبةُ، وَالِاسْم الرَّزِيئة والمرْزئة. وفلانٌ
قليلُ الرَّزْء للطعام، وَقد أصابَه رُزْءٌ عَظِيم، وجمعُه أَرْزاء.
ورجُل مُرَزَّأٌ: وَهُوَ الَّذِي يُصيب النَّاس من مالِه. وقومٌ
مُرَزءُون: وهُم الَّذين تصيبهم رَزايَا فِي خِيَارهم.
أرز: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (إنَّ
الْإِسْلَام ليأْرِز إِلَى الْمَدِينَة كَمَا تأْرزُ الحيّة إِلَى
جُحْرها) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام
(يأْرزُ) ، أَي: ينضمّ إِلَيْهِ ويجتمع بعضه إِلَى بعض فِيهَا، قَالَ
رُؤبة:
فذاكَ بَخَّالٌ أَرُوزُ الأرْزِ
يَعْنِي أَنه لَا ينبسط للمعروف، وَلكنه ينضمّ بعضُه إِلَى بعض.
(13/170)
وَقَالَ الأصمعيّ: أَخْبرنِي عِيسَى بنُ
عمر عَن أبي الْأسود الدؤليّ أَن فلَانا إِذا سُئِل أَرز، وَإِذا دُعيَ
اهتزّ.
يَقُول: إِذا سُئل المعروفَ تضَامّ، وَإِذ دُعِي إِلَى طعامٍ أسرَع
إِلَيْهِ.
وَقَالَ زهيرٌ يصف نَاقَة:
بآرزة الفَقارة لَم يَخنهَا
قِطَافٌ فِي الرِّكاب وَلَا خِلاَءُ
وَقَالَ: الآرِزة: الشَّدِيدَة الْمُجْتَمع بَعْضهَا إِلَى بعض.
قلت: أَرَادَ أنّهَا مُدْمَجة الفَقار متداخِلَته، وَذَلِكَ أشدّ
لظهرها.
وَفِي حديثٍ آخر: أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: (مثل
الْكَافِر كَمثل الأرْزة المجدِبة على الأَرْض حَتَّى يكون انجعافها
مرّة واحدةٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: وَهِي الأَرزة بِفَتْح الرَّاء
من الشّجر الأرْزنِ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عُبَيْدَة.
قَالَ أَبُو سعيد: وَالْقَوْل عِنْدِي غيرُ مَا قَالَا، إِنَّمَا هُوَ
الأرْزَة بِسُكُون الرَّاء وَهِي شجرةٌ معروفةٌ بِالشَّام تسمى عندنَا
الصَّنَوْبَرَ، من أجْلِ ثمره.
وَقد رأيتُ هَذَا الشّجر يسمَّى الأرْز واحدتُهَا أَرْزة، وَتسَمى
بالعراق الصَّنَوْبر، وَإِنَّمَا الصَّنَوْبر ثمرُ الأرْز فسمِّي
الشجرُ صنوبراً من أجل ثمره.
أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْكَافِر غير مُرَزَّءٍ
فِي نَفسه ومالِه وأهلِه وولدِه حَتَّى يَمُوت، فشبّه مَوته بانجعاف
هَذِه الشَّجَرَة من أصلِها حَتَّى يلقى الله بذنوبه حامّة.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الأرْز أَيْضا: أَن تتدخل الحيةُ جُحرها على
ذَنبها؛ فآخر مَا يبْقى مِنْهَا رَأسهَا فَيدْخل بعدُ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ الْإِسْلَام خرج من الْمَدِينَة فَهُوَ ينْكص
إِلَيْهَا حَتَّى يكون آخِره نكوصاً كَمَا كَانَ أَوله خُرُوجًا.
وَإِنَّمَا تأرِز الْحَيَّة على هَذِه الصّفة، إِذا كَانَت خائفة،
وَإِذا كَانَت آمِنَة فتبدأ بِرَأسها فتدخله، وَهَذَا هُوَ الانمحار.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الليلةُ الآرِزة: الْبَارِدَة، وَقد أَرَزتْ
تأرزُ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَنه سُئل
أعرابيٌّ عَن ثَوْبَيْنِ لَهُ فَقَالَ: إِذا وجدتُ الأرِيزَ لبسْتُهما.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: يومٌ أَرِيزٌ: إِذا اشتدّ بَرْدُه.
قَالَ: والأرِيزُ والحَلْيت شبهُ الثَّلج يَقع بِالْأَرْضِ.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) يُقَال: رأيتُ أَرِيزته وأَرَائِزَه
تَرْعُد. وأَريزة الرجل: نفسُه. وأَريزة القومِ: عميدُهم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: رَازَ فلانٌ فلَانا إِذا عايَبَه، ورازهُ إِذا
اختَبره ورَازَاه إِذا قَبِل بِرّه.
قلتُ: قَوْله: رَازاه: إِذا اختَبَره مقلوبٌ،
(13/171)
أصلُه راوَزَه، فأَخّر الواوَ وجعَلَها
ألفا سَاكِنة وَالنِّسْبَة إِلَى الرَّيّ رَازِي، وَمِنْه قَول ذُو
الرمّة:
ولَيْلٍ كأَثناءِ الرُّوَيْزِيِّ جُبْتُه
أَرَادَ بالرُّوَيْزِيّ ثوبا أخضرَ من ثِيَابهمْ، شَبّهَ سوادَ اللّيل
بِهِ.
(بَاب الزَّاي وَاللَّام)
ز ل (وَا يء)
(لوز لزأ ألز زول: (مستعملة) .
لوز: اللَّوزُ: مَعْرُوف من الثّمار، اسمُ للجِنس، الْوَاحِدَة
لَوْزَة، وَرجل مُلوَّز: إِذا كَانَ لطيفَ الصّورة.
واللَّوْزِينَجُ من الحَلْواءِ أشبه بالقطايف تُؤدَم بدُهن اللَّوْز.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: القُمْرُوص: اللَّوْز.
قَالَ: والجِلَّوْزُ: البُنْدُق.
لزأ: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: لزَأْتُ الإبلَ: إِذا أحسَنْتَ
رِعْيتها. ولَزَأْتُ الرجلَ: إِذا أعطيتَه.
قَالَ: وتلزّأتْ رِيّاً: إِذا امْتَلَأت رِيّاً، وَكَذَلِكَ توزّأَتْ
رِيّاً. ولزأْتُ القِربة: إِذا ملأتَها.
ألز: أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الألْز: اللُّزوم للشَّيْء،
وَقد أَلَزته يألِزُ أَلْزاً.
زول: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الزَّوْل: الغلامُ الظّريف.
والزَّوْل: الصَّقْر. والزَّوْل: فَرْجُ الرجل. والزَّوْل: العُجْب.
والزَّوْلُ: الشّجاع. والزَّوْل: الجَواد. والزَّوْلة: الْمَرْأَة
البَرْزَة. والزَّوْل: الزَّوَلان.
أَبُو عبيد: الزَّوْل من الرِّجَال الخفيفُ الظريفُ، وجمعُه أزْوال،
وَالْمَرْأَة زَوْلة، قَالَ: والزَّوْل: العُجْب، وأَنشَد للكميت:
زَوْلاً لَدَيْهَا هُوَ الأزْوَلُ
والمُزاوَلة: معالجةُ الرّجل الشيءَ ومحاوَلتُه، يُقَال: فلانٌ يُزاوِل
حَاجَة لَهُ.
قلتُ: وَهَذَا كلُّه من زَالَ يَزول زَوْلاً وزَوَلاناً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الزّوْل: الْحَرَكَة، يُقَال: رأيتُ
شَبَحاً، ثمَّ زَالَ، أَي: تحَرَّك.
قَالَ: وزالَ يَزُول زَوْلاً: إِذا تَظَرَّف.
وَقَالَ اللّيثُ: الزّوال: زَوالُ الشّمس، وَزَوَال المُلْك وَنَحْو
ذَلِك مِمَّا يَزُول عَن حَاله؛ وَقد زَالَت الشمسُ زَوالاً. وزَال
القومُ عَن مكانِهم: إِذا حاصُوا عَنهُ وتَنَحَّوا.
وَقَالَ الأصمعيّ: زُلْت من مَكَاني أَزُول زَوَالاً، وأَزَلْتُه عَن
مَكَانَهُ إِزَالَة. وزاوَلْتُه مُزَاوَلةً: إِذا عالجَته.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال: استَحِلّ هَذَا الشخصَ واستزِلَّه،
أَي: انظرْ هَل يَحُول، أَي: يتحرّك أَو يَزُول، أَي: يُفَارق
مَوْضِعه. وَيُقَال: أخَذَه العَوِيل والزّوِيل
(13/172)
لأمرٍ مَا، أَي: أخذَه البُكاءُ والقَلَق
والحَرَكة.
وَفِي الحَدِيث أنّ رجلا من الْمُشْركين رَمَى رجلا من الْمُسلمين
كَانَ يُرايغ العدوّ فِي قُلَّة جَبل، فَرَمَاهُ رجلٌ من الْمُشْركين
بسهمَين، وَلم يتحرّك.
فَقَالَ الرَّامِي: قد خالَطَه سهمايَ، وَلَو كَانَ زايلهُ لتحرّك وَلم
يتحرّك الْمُسلم لئلاّ يَشعُر بِهِ الْمُشْركُونَ فيُجهِزوا عَلَيْهِ.
والزائلةُ: كلُّ ذِي رُوح من الْحَيَوَان يَزُول عَن مَوْضِعه وَلَا
يقَرّ فِي مَكَانَهُ، يَقع على الْإِنْسَان وغيرِه وَقَالَ الشَّاعِر:
وكنتُ امْرأ أَرمِي الزَّوائل مَرّةً
فأصبحتُ قد ودّعْت رَمْيَ الزَّوائلِ
وعَطّلْتُ قوسَ الجهلِ عَن شَرَعاتِها
وعادَتْ سِهامي بينَ رَثَ وناصِلِ
وَهَذَا رجلٌ كَانَ يَختِل النساءَ فِي شبيبَته بحُسْنه، فلمّا شَاب
وأسَنَّ لَمْ تَصْبُ إِلَيْهِ امْرَأَة.
وَيُقَال: فلَان يَرمِي الزَّوائل: إِذا كَانَ طَبّاً بإصْباء النّساء
إِلَيْهِ.
وَيُقَال للرجل إِذا فَزِع، من شَيْء وحَذِر: زِيلَ زَوِيلهُ.
وَفِي (النَّوَادِر) : يُقَال: زيل زويله، أَي: بلغ مَكْنُون نَفسه.
وَقَالَ اللحياني يُقَال: لما رَآنِي زيل زويله وزواله من الذعر
والفَرَق؛ أَي: جَانِبه. وَأنْشد قَول ذِي الرمة:
إِذا مَا رأتنا زيل منا زويلها
وَيُقَال: فلَان لَا يَسْتَطِيع من منزلَة زويلاً وَلَا حويلاً، أَي:
تحويلاً. قَالَ الرَّاعِي:
لَا يَسْتَطِيع عَنِ الديار حويلا
ويروى: زويلا.
وَيُقَال: زَالَ الشَّيْء: إِذا ترك عَن مَكَانَهُ وَلم يبرحه؛ وَمِنْه
قيل: ليلٌ زائل النُّجُوم، إِذا وصف بالطول؛ أَي: تلوح نجومه وَلَا
تغيب. وَقَالَ الشَّاعِر:
ولي مِنْك أَيَّام إِذا شحط النَّوَى
طوال وليلاة نزُول نجومها
أَي: تلمع وَلَا تغيب. وَقَول الشَّاعِر:
وَلَا مَال إِلَّا زائل وشريم
أَرَادَ بالزائل: الْوَحْش. والشريم: الْقوس يصيد بهَا.
وَيُقَال فلَان عوْز لوز؛ اتِّبَاع لَهُ.
وَيُقَال: مَا زالَ يَفعل كَذَا وَكَذَا، وَلَا يزَال يَفعَل كَذَا،
كَقَوْلِك: مَا بَرح وَمَا فَتِىء وَمَا انفَكّ، ومضارِعُه لَا يَزال،
وَلَا يُتكلّم بِهِ إِلَّا بحرفِ نفيٍ.
قَالَ ابْن كيسَان: لَيْسَ يُرَاد بِمَا زَالَ وَلَا يزَال الْفِعْل من
زَالَ يَزُول إِذا انْصَرف من حَال إِلَى حَال، وزَال من مَكَانَهُ،
وَلَكِن يُرَاد بهما مُلَازمَة الشَّيْء والحالُ الدائمة.
وَأما زالَ يَزيل فَإِن سَلمَة روى عَن الفرّاء أَنه قَالَ فِي قَوْله
تَعَالَى: {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} (يُونُس: 28) قَالَ: لَيست من
زُلْتُ، وَإِنَّمَا هِيَ من زِلْتُ الشيءَ فَأَنا أَزِيله: إِذا
فَرّقْتَ
(13/173)
ذَا مِن ذَا.
وأبنت ذَا من ذَا، كَقَوْلِك: مِزْ ذَا من ذَا.
وَقَرَأَ بعضُهم: {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} (يُونُس: 28) ، أَي:
فرّقنا، وَهُوَ مِن زالَ يَزُول، وأَزلْتُه أَنا.
قلت: وَهَذَا غلط مِنْهُ، وَلم يُميز بَين زَالَ يَزُول وزالَ يَزِيل،
كَمَا مَيّز بَينهمَا الفرّاء. وَكَانَ القُتَيبيّ ذَا بَيان عَذْب،
إلاّ أَنه منحوسُ الحظّ من النّحو والصّرف ومقايِسهما؛ وَأما قولُ ذِي
الرّمة:
وبَيْضَاءَ لَا تَنْحاشُ مِنّا وأُمُّها
إِذا مَا رأتْنا زِيلَ مِنّا زَوِيلُها
فَإِنَّهُ أَرَادَ بالبيضاء بيضةَ النعامة: (لَا تَنحاشُ منّا) ، أَي:
لَا تَنفِر منّا، لأنّ الْبَيْضَة لَا حَراكَ لَهَا، وأمُّ البيضةِ:
النّعامةُ الّتي باضَتْها إِذا رأَتْنا ذُعِرَتْ منّا وجَفَلَتْ
نافرةً، وَذَلِكَ معنى قَوْله:
زِيلَ منّا زَوِيلُها
وَأما قَول الْأَعْشَى:
هَذَا النهارُ بدَا لَها من هَمِّها
مَا بالُها باللّيل زالَ زَوالَها
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبيدة: قَالَ أَبُو عَمْرو بنُ
العَلاء: إِنَّمَا هُوَ مَا بالُها باللّيل زَالَ زَوالُها،
بِالضَّمِّ؛ وَتقول: هَذَا إقواء، وَرَوَاهُ غيرُه بالنَّصْب على معنى
زَالَ عَنْهَا طَيْفُها باللّيل كزَوالِها هِيَ بالنّهار.
وَقَالَ أَبُو بكر: زَالَ زَوَالهَا؛ أَزَال الله زوالَها.
وَقَالَ أَبُو العبّاس أحمدُ بن يحيى فِي قَوْله: (زالَ زَوالَها)
تقديرُه: زالَ خَيالُها؛ أَي: زَالَ خيالها حِين تَزُولُ فَنَصب
زوالَها فِي قَوْله على الْوَقْت. وَمذهب المحلّ.
وَيُقَال: ركوبي ركوبَ الْأَمِير، أَي: وَقت ركُوب الْأَمِير، والمصادر
المؤقتة تجْرِي مجْرى الْأَوْقَات. وَيُقَال: ألْقى عبد الله خروجَه من
منزله، أَي: وَقت خُرُوجه من منزله.
قَالَ ابْن السّكيت: يُقَال: أَزَال الله زوالَه، وزَالَ زَوالَه: إِذا
دعى عَلَيْهِ بِالْهَلَاكِ. وَحكى زيل زوالُه وَيُقَال: زَالَ الشَّيْء
من الشَّيْء يَزيله زيلاً: إِذا مازه. وزِلته فَلم يزل قلت: وَهَذَا
يُحَقّق مَا قَالَه أَبُو بكر فِي قَوْله: زَالَ زَوَالهَا، أَنه
بِمَعْنى أَزَال الله زَوَالهَا. أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: زلت
الشَّيْء وأزلته، هَكَذَا رَوَاهُ فِي الْأَمْثِلَة.
وَرُوِيَ عَن عليّ كرم الله وجهَه أَنه ذَكَر المهديَّ من وَلد
الحُسَين فَقَالَ: وَأَنه يكون: أزْيَلَ الفَخِذين، أَرَادَ أنّه
مُتزايِل الفخذين وَهُوَ الزَّيْل بِمَعْنى التَّزَيُّل.
(بَاب الزَّاي وَالنُّون)
ز ن (وَا يء)
زين زون زني زنأ وزن نزا نزأ نوز: (مستعملة) .
زين: الزَّيْن: نقيضُ الشَّين، وسمعتُ صبيّاً من بني عُقَيل يَقُول
لصبيّ آخَر: وجهِي زَيْن ووجهُك شَيْن، أَرَادَ أَنه صَبيح
(13/174)
الْوَجْه، وَأَن الآخر قبيحُه،
وَالتَّقْدِير: وجهِي ذُو زَيْن، ووجهُك ذُو شَيْن، فنعتهما
بالمَصْدَر، كَمَا يُقَال: رجلٌ صَوْم وعَدْل، أَي: ذُو عَدْل.
وَقَالَ اللّيث: زانَه الحُسُن يَزِينه زيناً. وازدانت الأرضُ بنباتها
ازدِياناً، وازَّيّنَتْ وتَزَيّنَتْ، أَي: حَسُنت وبَهُجَتْ.
قَالَ: والزِّينة اسمٌ جامعٌ لكلّ شَيْء يُتَزيَّن بِهِ.
(زون) : قَالَ: والزُّون موضعٌ تُجمَع فِيهِ الْأَصْنَام وتُنصَب،
وَقَالَ رؤبة:
وَهْنانة كالزُّون يُجْلى صَنَمُهْ
وَقَالَ غَيره: كلُّ مَا عُبِد من دون الله فَهُوَ زُون وزُور. نقلت
عَن مُحَمَّد بن حبيب قَالَت أعرابية لِابْنِ الْأَعرَابِي: إِنَّك
تَزونُنا إِذا طلعت كَأَنَّك هِلَال فِي قثمان. قَالَ: تَزوننا
وتَزينُنا وَاحِد.
وَقَالَ اللَّيْث: رجلٌ زَوَن وَامْرَأَة زِونّةٌ إِذا كَانَا قَصِيرين
وَقد قَالَه غَيره.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ:
الزَّوَنْزسي: الرجلُ ذُو الأبّهة والكِبْر؛ والزَّوَنَّكُ: المُخْتالُ
فِي مِشْيَته، النّاظرُ فِي عِطْفَيه، يُرى أَن عندَه خيرا وَلَيْسَ
عِنْده ذَاك.
قلتُ: وَقد شدّده بعضُهم فَقَالَ: رجلٌ زَوَنّكٌ، والأصْل فِيهِ
الزَّوَنُّ فزيدت الْكَاف وَترك التَّشْدِيد.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الزُّوَنَةُ:
المرأةُ الْعَاقِلَة، والزِّوَنّة: الْمَرْأَة القصيرة.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فِي الطَّعَام زُوَان وزُؤان وزِوان:
وَهُوَ الزريُّ مِنْهُ الّذي يُرمَى بِهِ.
وَقَالَ اللّيث: الزُّوَان: حَبٌّ يكون فِي الحِنْطَة يسمِّيه أهلُ
الشَّام الشَّيْلَم، الْوَاحِدَة زُوَانةٌ.
ورَوَى سلمةُ عَن الفرّاء أَنه قَالَ: الأزناء: الشَّيْلَم.
قلت: وَلَا أَدْرِي لم جمعه أزناء.
وزن: قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَزْناً} (الْكَهْف: 105) .
قَالَ أَبُو العبّاس: قَالَ ابْن الأعرابيّ: العَرَب تَقول: مَا لِفلان
عندنَا وَزْن، أَي: قَدْرٌ لخِسّته.
وَقَالَ غيرُه: مَعْنَاهُ: خِفّة موازِينهم من الحَسنات.
وَيُقَال: وَزَن فلانٌ الدراهمَ وَزْناً بالمِيزان، وَإِذا كالَ فقد
وَزَنه أَيْضا.
وَيُقَال: وزنَ الشيءَ إِذا قَدَّره، ووَزَن ثمرَ النّخل إِذا خَرَصه.
وأخبَرَني ابْن منيع عَن عليّ بن الْجَعْد عَن شُعبَة عَن عَمْرو بن
مرّة عَن أبي البَخْتَريّ قَالَ: سَأَلت ابنَ عبّاس عَن السلَف فِي
النَّخْل فَقَالَ: نَهَى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن بيع
النَّخل حَتَّى يُؤكل مِنْهُ وحتّى يُوزَن. قلتُ: وَمَا يُوزَن؟
فَقَالَ رجلٌ عندَه: حتّى يَحْزَر.
(13/175)
قلتُ: جَعَل الحَزْرَ وَزْناً، لأنّه
خَرْصٌ وَتَقْدِير.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَزْن ثَقْلُ شيءٍ بِشَيْء مِثله، كأوزان
الدّراهم، ومِثلُه الرَّزْن.
قلتُ: ورأيتُ العَرَب يسمُّون الأوزانَ الّتي يُوزَن بهَا التّمر
وَغَيره الّتي سُوّيتْ من الْحِجَارَة كالأمْناء وَمَا أشبَهَها:
الموازين، وَاحِدهَا ميزَان، وَهُوَ المَثاقيل وَاحِدهَا مِثْقال،
وَيُقَال للآلهة الّتي يُوزَن بهَا الْأَشْيَاء: مِيزان أَيْضا، وجمعُه
الموازين. وجائزٌ أَن يُقَال للميزان الْوَاحِد بأوزانِه وجميعِ
آلَتِهِ: المَوازين؛ قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ
الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} (الْأَنْبِيَاء: 47) ، يُرِيد: نَضَع
الميزانَ ذَا القِسْطِ.
وَقَالَ جلّ وعزّ: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ
مَوَازِينُهُ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الْأَعْرَاف: 8) .
أَرَادَ، وَالله أعلم: فَمن ثَقلتْ أعمالُه الَّتي هِيَ حَسناتُه.
وَقَالَ الزجّاج: اختَلفت الناسُ فِي ذكر الْمِيزَان يومَ الْقِيَامَة،
فجَاء فِي بعض التّفسير أنّه ميزَان لَهُ كِفّتان، وأنّ الْمِيزَان
أُنزِل فِي الدّنيا ليتَعامَل النَّاس بالعَدْل وتُوْزَنَ بِهِ
الْأَعْمَال.
وَقَالَ بعضُهم: المِيزان: العدلُ، وَذهب إِلَى قَوْلهم، هَذَا فِي وزن
هَذَا، وَإِن لم يكن مِمَّا يُوزن، وتأويله أَنه قد قَامَ فِي النَّفس
مُسَاوِيا لغيره؛ كَمَا يقوم الْوَزْن فِي مرْآة الْعين. قَالَ بَعضهم:
الْمِيزَان: الكتابُ الّذي فِيهِ أعمالُ الخَلْق. هَذَا كلُّه فِي بَاب
اللُّغَة، والاحتجاجُ سائغٌ، إلاّ أَن الأوْلى من هَذَا أَن يُتَّبعَ
مَا جَاءَ بِالْأَسَانِيدِ الصِّحاح، فَإِن جَاءَ فِي الخَبَر أنّه
مِيزانٌ لَهُ كِفَّتان من حَيْثُ يَنقُل أهلُ الثّقة، فَيَنْبَغِي أَن
يُقبَل ذَلِك.
وَقد رُوِي عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحاك أنّ الْمِيزَان العَدْلُ،
وَالله أعلم، بحقيقةِ ذَلِك.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: امرأةٌ مَوْزُونة: قصيرةٌ عاقلةٌ. قَالَ:
والوَزْنة: المرأةُ القصيرة.
وَقَالَ اللَّيْث: جَارِيَة مَوْزونة: فِيهَا قِصَر. قَالَ: والوَزِين:
الحَنظَل المطحون، وَكَانَت العَرَب تتَّخذ طَعَاما من هِبِيد الحَنظَل
يَبلُونه، بِاللَّبنِ فيأكلونه، يسمُّونه الوَزِين؛ وأَنشَد:
إِذا قَلَّ العُثَانُ وصارَ يَوْمًا
خَبيئةَ بيتِ ذِي الشرفِ الوَزِين
أَي: صَار الوزين يَوْمًا خبيئة بِبَيْت ذِي الشّرف.
ورجلٌ وَزِينُ الرأيِ، وَقد وَزُنَ وَزانةً: إِذا كَانَ متثبِّتاً.
وَقَالَ أَبُو سَعيد: أَوْزَنَ فلانٌ نفسَه على الْأَمر وأَوْزَمَها:
إِذا وطّن نفسَه عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أكلَ فلانٌ وَزْمة ووَزْنَةً، أَي: وَجْبةً؛
وَقَالَهُ أَبُو عَمْرو.
وَيُقَال: وَزَنْتُ فلَانا شَيْئا، وَوَزَنْتُ لَهُ شَيْئا
(13/176)
ً بِمَعْنى وَاحِد، قَالَ الله:
{يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}
(المطففين: 3) ، الْمَعْنى: إِذا كالُوا لَهُم أَو وَزَنوا لَهُم.
نزا: قَالَ اللَّيْث: النَّزْوُ: الوَثَبان، وَمِنْه نَزْوَ التّيْس
وَلَا يُقَال إلاّ للشّاة والدّواب وَالْبَقر فِي معنى السِّفاد.
وَقَالَ الفرّاء: الإنزاء: حَرَكات التّيُوس عِنْد السِّغاد، رَوَاهُ
سَلمَة عَنهُ.
أَبُو بكر: يُقَال للفحل: إِنَّه لكبير النزاء، أَي: النزو. وَقَالَ:
وَحكى الْكسَائي: النزاء بِالْكَسْرِ قَالَ: والهُذَاء من الهذيان
بِضَم الْهَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّازِيةُ: حِدَّةُ الرجل المتَنَزِّي إِلَى
الشرّ، وَهِي النَّوازِي. وَيُقَال: إِن قلبَه ليَنْزُو إِلَى كَذَا،
أَي: ينْزع إِلَيْهِ.
قَالَ: وقَصْعةٌ نازِية القَعْرِ، أَي: قَعيرة، وَإِذا لم تُسَمِّ
قعرَها قلتَ: هِيَ نَزِيةٌ أَي قَعيرة. والنزَاءُ: هُوَ النزَوان فِي
الوَثْب.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: وقَع فِي الغَنَم نُزاء ونُقازٌ وهما مَعًا
داءٌ يَأْخُذهَا فتَنْزُو مِنْهُ وتَنقُزُ حتّى تَمُوت.
وَيُقَال: نزا الطعامُ يَنْزُو: إِذا غَلاَ سِعْرُه.
وَفِي حَدِيث أبي عَامر الأشعريّ أَنه كَانَ فِي وقْعَة هَوَازنَ
رُمِيَ بَهْمٌ فِي رُكبتيه فنُزيَ مِنْهُ فَمَاتَ، معناهُ: أنَّه نزِف
مِنْهُ بِكثرةِ مَا سالَ من دَمِه.
وَيُقَال: نزِيَ ونزِف، وأصابتهُ جراحةٌ فنُزِيَ مِنْهَا وَمَات.
نزأ: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: ونَزأْت عَلَيْهِ، عَمَلت عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: نَزَأْتُ بَين الْقَوْم أنْزَأ نَزْأً: إِذا
أفسَدْتَ بَينهم، وَكَذَلِكَ نَزَغتُ بَينهم.
ابْن بُزُرج قَالَ: الْوَاحِد من النزآت نَزأة، فعلة مَفْتُوحَة
الْفَاء خَفِيفَة، وَهِي الْحَاجة تنزأ؛ أَي: تطرأ على صَاحبهَا وَهُوَ
عَاقل، وَهُوَ مَهْمُوز.
زني (زنأ) : يُقَال: زَنيَ الزّاني يَزنِي زِناً، مقصورٌ، وزِناءً
مَمْدُود.
وَقَالَ الفرّاء فِي (كتاب المصادر) : هُوَ لغَيّةٍ ولِزَنْيَةٍ،
وَهُوَ لغَيْرِ رَشْدة، كلُّه بِالْفَتْح.
قَالَ: وَقَالَ الكسائيّ: ويجوزُ رَشْدة ورِشْدة بِالْكَسْرِ
وَالْفَتْح، فَأَما غَيَّة فَهُوَ بِالْفَتْح لَا غير. وَمن أمثالهم:
(لَا حِصْنُها حِصْنٌ وَلَا الزِّنا زِنا) .
قَالَ أَبُو زيد: يضْرب مثلا للَّذي يَكُفّ عَن الْخَيْر ثمَّ يُفرِّط
فِيهِ، أَو الّذي يَكُفّ عَن الشَّرّ ثمَّ يفرّط فِيهِ وَلَا يَدوم على
طريقةٍ وَاحِدَة.
وَقَالَ زيد بن كُثوة: الزِّنْءُ: الزُّنُوّ فِي الجَبَل.
وَقَالَ ابْن السكّيت: يُقَال زَنَأ عَلَيْهِ: إِذا ضَيّق عَلَيْهِ؛
مثقّلة مَهْمُوزَة. والزّناءُ: الضيِّق.
وأنشَدَني ابْن الْأَعرَابِي:
لَا هُمَّ إنَّ الحارِثَ بنَ جَبَلَةَ
زَنَّى على أَبِيه ثمَّ قَتَلَهْ
(13/177)
ورَكِبَ الشادِخةَ المُحَجَّلةَ
قَالَ: وَكَانَ أصلُه زَنَّا على أَبِيه بِالْهَمْز، للضَّرورة. وَقد
زَنّاه من التزنِية، أَي: قَذَفه.
قَالَ: وَيُقَال: زَنَأَ فِي الجَبَل يَزْنَأُ زَنْأً: إِذا صَعِد
فِيهِ.
وَقَالَت امرأةٌ من الْعَرَب:
أشْبِه أَبَا أمِّكَ أَو أشبهْ حَمَلْ
وارقَ إِلَى الْخيرَات زَنْأً فِي الجَبَلْ
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: الزَّناء، مَمْدُود: القَصِير، وَقَالَ
ابْن مقبل:
وتولِجُ فِي الظِّل الزَّناء رُؤُوسَها
وتحسبها هِيماً وهُنّ صَحائحُ
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه نَهَى أَن يصلِّيَ
الرجُل وَهُوَ زَنَاء.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الكسائيّ: الزّناءُ هُوَ الحاقِن بَوْلَه،
يُقَال مِنْهُ قد زَنأَ بَوْلَه يَزْنَأُ زُنُوءاً إِذا احتَقَن.
وأَزْنَأ الرجُل بَوْلَه إزْناءً: إِذا حَقَنَه.
قَالَ أَبُو عُبيد: هُوَ الزَّناء مَمْدُود، وأصلُه الضيّق، وكلُّ
شَيْء ضَيِّق فَهُوَ زَناء، وَقَالَ الأخطلُ يذكر القَبر:
وَإِذا قذِفْتُ إِلَى زنَاءٍ قَعْرُها
غَبراءَ مُظْلِمةٍ مِن الأَحْفارِ
وَقَالَ: وكأنّ الحاقِنَ سمِّي زَنَاءً لأنّ البولَ يَحتقِن فيُضيِّق
عَلَيْهِ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: زَنأْتُ إِلَى الشَّيْء: دَنَوْت.
وَقَالَ الفرّاء: زَنَأَ فلانٌ للخمسين إِذا دَنَا لَهَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: زَنَأَ إِلَيْهِ يَزْنَأ: إِذا لَجَأَ إِلَيْهِ،
وأَزْنَأْتُه: ألجأتُه.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: زنأتُ إِلَى الشَّيء: دَنَوْت مِنْهُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال للسِّقَاء: الّذي لَيْسَ بضخمٍ آدِيٌ،
فَإِذا كَانَ صَغِيرا فَهُوَ نزىء مَهْمُوز.
وَقَالَ: النَّزِيّةُ بِغَيْر همز: مَا فاجَأَك من مَطَر أَو سوقٍ أَو
أَمْرٍ، وَأنْشد:
وَفِي العارِضِين المُصْعِدين نَزِيّةٌ
من الشَّوْقِ مَجْتُوبٌ بِهِ القَلبُ أَجْمَعُ
سَلمَة: قَالَت الدُّبَيْرِيّة: الزَّانُ: التُّخمة، وأنشدت:
مُصَحَّحٌ لَيْسَ يَشْكو الزانَ خَشْلَتُه
وَلَا يُخافُ على أمعائه العَرَبُ
وَيُقَال: رمح يَزَنّي وأَزني، مَنسوبٌ إِلَى ذِي يَزَن، أحد مُلُوك
الأَزواءِ من الْيمن. وَبَعْضهمْ يَهمِزُ فَيَقُول: رُمْح يَزْدَنِيّ
وأَزْأَنِيّ، ذكره ابْن السكّيت.
نوز: شَمر عَن القَعْنَبيّ عَن حِزام بن هِشَام عَن أَبِيه قَالَ:
رأيتُ عمرَ أَتَاهُ رجلٌ بالمصلَّى عامَ الرَّمادة من مُزينة فَشَكا
إِلَيْهِ سوءَ الْحَال، وإشراف عيالِه على الْهَلَاك، فَأعْطَاهُ
ثَلَاثَة أنْبَابٍ جزائر، وَجعل عَلَيْهِنَّ
(13/178)
غَرائر فيهنّ رِزَمٌ من دَقِيق، ثمَّ قَالَ
لَهُ: سِرْ، فَإِذا قدمْتَ فانحرْ نَاقةً فأطعمهم بوَدكِها ودقيقها،
وَلَا تُكثر إِطعامهم فِي أوَّل مَا تُطعمهم ونَوِّزْ ثمَّ لَبِثَ
حينا، فَإِذا هُوَ بالشيخ المُزَنَّى فسأَله، فَقَالَ: فعلتُ مَا
أَمرتني بِهِ، وأتَى اللَّهُ بالحيَا، فبعْتُ الناقتين، واشتريتُ
للعيال صُبّةً من الْغنم، فَهِيَ تروح عَلَيْهِم.
قَالَ شمر: قَالَ القَعْنَبِيُّ: قَوْله: نَوِّزْ، أَي: قَللْ.
قَالَ شمر: وَلم أسمعْ هَذِه الْكَلِمَة إلاَّ لَهُ.
(بَاب الزَّاي وَالْفَاء)
ز ف (وَا يء)
زوف وزف زيف زفي فوز أزف وفز أفز (زأف) .
زوف: قَالَ اللَّيْث: الزَّوْف، يُقَال: إِن الغِلمان يتزاوَفون،
وَهُوَ أَن يجيءَ أحدُهم إِلَى رُكن الدّكان فَيَضَع يَده على حرفه
ثمَّ يزُوف زَوْفَةً فيستقلّ من مَوْضِعه ويدور حواليْ ذَلِك الدكّان
فِي الْهَوَاء حَتَّى يعودَ إِلَى مَكَانَهُ، وَإِنَّمَا يتعلمون بذلك
الخفّة للفُروسية.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الزَّوفُ: زَوْفُ الْحَمَامَة: إِذا نَشَرَتْ
جناحيها وذنبها عَلَى الأَرْض. وَكَذَلِكَ زَوْف الْإِنْسَان إِذا مَشى
مسترخِيَ الْأَعْضَاء.
وزف (زيف) : قَالَ: وزفْتُه وَزفاً: إِذا استعجَلْتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: قرىء: (فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُون) (الصافات:
94) ، بتَخْفِيف الْفَاء، من وَزَفَ يَزِف: إِذا أسْرع، مثل: زَفّ
يَزِفُّ.
قَالَ الفرّاء: لَا أعرف وَزَف فِي كَلَام الْعَرَب، وَقد قرىء بِهِ.
وَزعم الكسائيُّ أَنه لَا يعرفهَا.
وَقَالَ الزّجاج: عرف غيرُ الفرّاء: (يَزفُون) بِالتَّخْفِيفِ بِمَعْنى
يُسْرِعون، وَقَالَ: هِيَ صَحِيحَة.
وروى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: وزَفَ وأَوْزَفَ
ووَزَّفَ: إِذا أَسرع.
وَقَالَ غَيره: التّوازُف: المُنَاهَدة فِي النّفقات، يُقَال: توازَفوا
بَينهم، وَأنْشد:
عِظَامُ الجِفانِ بالعَشِيّة والضُّحا
مَشاييطُ للأبْدَانِ عِنْد التَّوَازف
وَأما زافَ يَزِيف، فَإِنَّهُ يُقَال للجمَل هُوَ يَزِيف فِي مشيَتِه
زيفاناً وَهِي سُرْعةٌ فِي تَمَايل؛ وأَنشد:
أَنْكَبُ زَيافٌ وَمَا فِيهِ نكَبْ
وَالْمَرْأَة تَزِيف فِي مِشْيتها كأنّها تَستدِير. والحمامةُ تَزِيف
عِنْد الحَمامِ الذَّكَر إِذا تمشّت بَين يَدَيْهِ مُدلِة. والزَّيف من
حنقه الدَّرَاهِم، وَيُقَال: زافَتْ عَلَيْهِ دَرَاهِمُه، وَهِي
تَزِيف، أَي: صارتْ مَرْدُودَة الغِشِّ فِيهَا، وَقد زُيِّفَتْ: إِذا
رُدّت.
ورُوِي عَن عُمَر أَنه قَالَ: من زافَتْ عَلَيْهِ
(13/179)
دراهمهُ فليأتِ بهَا السُّوق وليشترِ بهَا
سَحْقَ ثوب، وَلَا يُحالِف الناسَ عَلَيْهَا أنّها جِيَاد.
وَقَالَ اللّحياني: يُقَال: زَافَ الدِّرهمُ والقَوْلُ يَزِيف، وَهُوَ
زَيْف وزأيف، وزِفْتُه أَنا وزَيّفْته.
قَالَ: وزفتُ الحائطَ: إِذا قفزته.
وَقَول عدي بن زيد:
تركوني لَدَى قُصُور وأعرا
ض لقُصُور لزيفهن مراقي
الزيف: شُرَف الْقُصُور واحدتها زيفة: سميت بذلك لِأَن الْحمام يزيف
عَلَيْهَا من شرفة إِلَى شرفة.
(أفز) : عَمْرو عَن أَبِيه: الأفْزُ بالزاي: الوَثْبة بالعَجَلة.
والأفْرُ بالراء: العَدْو، يُقَال: أَفَرَ يأْفِرُ والأبْزُ مِثْل
الأفْر.
وفز: قَالَ اللَّيْث: الوَفَزةَ: أَن تَرَى الْإِنْسَان مستوفِزاً، قد
استقلّ على رِجْليه، وَلما يستوِ قَائِما، وَقد تهَيَّأ للأفْز
والوُثُوب والمُضِيِّ يُقَال لَهُ: اطمئِنّ فإنّي أراكَ مستوفِزاً.
قلتُ: والعَرَب تَقول: فلانٌ على أوْفازٍ وعَلى وَفْزٍ، أَي: على حَدِّ
عَجَلة.
وَقَالَ أَبُو مُعَاذ: المستوفِز: الّذي قد رَفَع أليَتَه ووَضع
رُكبتيه، قَالَه فِي تفسيرِ قَوْله: {الْمُبْطِلُونَ وَتَرَى كُلَّ
أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ}
(الجاثية: 28) .
قَالَ مُجَاهِد: على الرُّكَب مستَوْفِزين.
قَالَ أَبُو بكر: الوَفْز: أَلا يطمئن فِي قعوده؛ يُقَال: قعد على
أوفاز من الأَرْض، ووِفاز، وأَنشد:
أَسُوق عيْراً مائلَ الجَهاز
صَعْباً يُنزيّني على أوفاز
فوز: قَالَ اللَّيْث: الفَوْز: الظَّفَر بالخَيْر، والنَّجاة من الشرّ،
يُقَال: فازَ بالخَيْر، وفاز من الْعَذَاب. .
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ
الْعَذَابِ} (آل عمرَان: 188) .
قَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ بِبَعِيد من الْعَذَاب.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: بمَنجاة، قَالَ: وأصلُ المفَازة مَهلَكة
فتفاءَلوا.
وَقَالَ: فازَ إِذا لَقِي مَا يَغتبِط بِهِ، وتأويلُه: التباعُد من
المكْروه.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: فَوَّزَ الرجلُ: إِذا رَكِب
المَفَازَة. وفَوَّز: إِذا مَاتَ، وأَنشَد:
فَوَّزَ مِن قُراقِرٍ إِلَى سُوَى
خَمْساً إِذا مَا ركب الجَيْشَ بَكَى
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: سُمِّيت الفَلاةُ مفَازةً لأنَّ مَن خَرَج
مِنْهَا وقطَعَها فَازَ.
وَيُقَال: فاوَزْتُ بينَ القومِ وفارَضْتُ بِمَعْنى وَاحِد.
ثَعْلَب عَن الْأَعرَابِي: سميت الْمَفَازَة من فوَّز الرجل إِذا
مَاتَ، يُقَال: فوَّز إِذا مضى.
(13/180)
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المفَازة: الفَلاة
الَّتِي لَا ماءَ فِيهَا، وَإِذا كَانَت لَيْلَتَيْنِ لَا ماءَ فِيهَا
فَهِيَ مَفَازة، وَمَا زَاد على ذَلِك كَذَلِك، وَأما اللَّيْلَة
وَالْيَوْم فَلَا تُعَدُّ مفَازة.
وَقَالَ أَبُو زيد: المفَازةُ والفَلاةُ: إِذا كَانَ بَين الماءَين
رِيْع من وِرْدِ الْإِبِل وغِبٌّ مِن وِرْدِ سائرِ الْمَاشِيَة وَهِي
الفَيْفَاةُ وَلم يعرف الفَيْف.
وَقَالَ اللَّيْث: فَوّزَ الرجلُ تفويزاً: إِذا رَكِب المفَازةَ ومَضى
فِيهَا. وَيُقَال للرّجل إِذا مَاتَ: قد فَوَّز، أَي: صَار فِي مَفازةٍ
مَا بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة من البَرْزخ الْمَمْدُود.
قَالَ: وَإِذا تَسَاهَم القومُ على المَيْسر فكُلّ مَا خَرَج قِدْحُ
رجلٍ قيل: قد فَازَ فَوْزاً، وَقَالَ الطِّرِمّاح:
وَابْن سَبِيلٍ قَرَيْتُهُ أُصُلاً
مِنْ فَوْزِ قِدْحٍ منسوبةٍ تُلُدهْ
قَالَ: والفَازةُ من أبنية الحِزَق وغيرِها تُبنى فِي العساكر.
زأف: أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: موْتٌ زُؤافٌ وزؤام. وَقد أَزأَفْتُ
عَلَيْهِ، أَي: أجهَزْتُ عَلَيْهِ وأزأمْتُه على الشَّيْء: إِذا
أكرهتَه.
زفي: قَالَ اللَّيْث: الرِّيحُ تَزْفِي الغُبارَ والسّحابَ وكلَّ
شَيْء: إِذا رَفَعَتْه وطرَدَتْه على وَجْهِ الأَرْض، كَمَا تَزفِي
الأمواجُ السفينةَ.
وَقَالَ العجّاج:
يَزْفيه والمُفَزّعُ المَزْفِيُّ
من الجَنُوبِ سَنَنٌ رَمْلِيُّ
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الزَّفَيان ميزانُه فعَيال فينصرِف فِي
حالَيه، مِن زفَن: إِذا نَزَا.
قَالَ: وَإِذا أخذتَه من الزَّفْيِ وَهُوَ تَحْرِيك الرِّيح للقصب
والتّراب فاصرِفْه فِي النَّكرة وامنْعه الصَّرْفَ فِي الْمعرفَة،
وَهُوَ فَعَلانُ حينئذٍ.
وَيُقَال: زَفَى السَّرابُ الآلَ، وزَهَاه وحَزَاه: إِذا رفَعَه،
وأنشَد:
وتحتَ رَحْلي زفَيانٌ مَيْلَعُ
قَالَ أَبُو سعيد: هُوَ يزفي بِنَفسِهِ، أَي: يجود بِنَفسِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَزفَى: إِذا نَقَل شَيْئا من مكانٍ إِلَى
مَكَان، وَمِنْه: أزفَيْتُ العَروسَ: إِذا نقَلْتَهَا من بيتِ أبوَيْها
إِلَى بيتِ زَوجهَا.
أزف: قَالَ اللَّيْث وغيرُه: كلّ شَيْء اقتربَ فقد أَزِف أَزفاً.
وَقَالَ الله تَعَالَى: { (الاُْوْلَى أَزِفَتِ الاَْزِفَةُ}
(النَّجْم: 57) ، أَي: دنَت الْقِيَامَة.
قَالَ: والمتآزفُ: الْمَكَان الضيّق.
والمتآزفْ: الخَطْوُ المتقارِبُ.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: المتآزف: القصيرُ من الرّجال، وأَنشَد:
فَتًى قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ لَا مُتآزفٌ
وَلَا رَهِلٌ لَبّاتُه وبآدِلُه
(13/181)
(بَاب الزَّاي وَالْبَاء)
ز ب (وَا يء)
زبي زوب بزِي بوز أزب أبز أزيب.
أزب (أزيب) : سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الإزبُ: الرجلُ الْقصير.
وَقَالَ اللَّيْث: الإزبُ: الَّذِي تَدِق مَفاصِله يكون ضئيلاً فَلَا
تكون زيادتُه فِي ألواحه وعظامِه، وَلَكِن تكون زيادتُه فِي بطنِه
وسَفِلَتِه كَأَنَّهُ ضاوِيٌّ مُحْتَلٌ، وأنشدني أَبُو بكر الإياديّ
بَيت الْأَعْشَى:
ولَبُونِ مِعْزابٍ أَصبْتَ فأَصبحتْ
غَرْثَى وآزبةٍ قَضبتَ عِقالَها
(غَرْثَى) جمع غريث هَكَذَا رَوَاهُ لي (آزبة) بِالْبَاء.
وَقَالَ: هِيَ الَّتِي تعَاف الماءَ وتَرفَع رأسَها.
وَقَالَ الْمفضل: إبل آزبة، أَي: ضامِزَة بجرّتها لَا تَجترّ.
وَرَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: (وآزية)
بِالْيَاءِ، وَقَالَ هِيَ: العَيُوفُ والقَذُور كَأَنَّهَا تَشرَب من
الإزاء وَهُوَ مَصَبُّ الدَّلْو.
وَيُقَال للسّنة الشَّدِيدَة: أزبة وأزمة بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو عُبيد: الأزيب: الدَّعِي. وَأنْشد قَول الْأَعْشَى:
وَمَا كنت قُلاًّ قبل ذَلِك أزيبا
قَالَ: والزَّميم مثله.
وَحدثنَا حاتمُ بن مَحْبوب قَالَ: حَدثنَا عبد الجبّار بن دِينَار، عَن
يزِيد بن جُعل عَن عبد الرَّحْمَن بن الْعَلَاء عَن سُفْيَان عَن
عَمْرو بن دِينَار (عَن يزِيد بن جعدبة، عَن عبد الرحمان) بن مِخْرَاق،
عَن أبي ذَرّ أنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِن الله
خَلَق فِي الجنّة رِيحاً بعد الرِّيح بسبعِ سِنينَ من دُونها بابٌ
مُغْلَق فَالَّذِي يأتيكم من الرّيح مِمَّا يخرج من خِلال ذَلِك
الْبَاب، وَلَو أَن ذَلِك الْبَاب فُتِح لأذرت مَا بينَ السماءِ
وَالْأَرْض من شَيْء اسمُها عِنْد الله الأزيب، وَهُوَ فِيكُم
الجَنُوب) .
قَالَ شَمِر: أهل الْيمن وَمن يركب الْبَحْر فِيمَا بَين جُدة وعَدن
يُسمّون الْجنُوب الأزيب لَا يعْرفُونَ لَهَا اسْما غَيره. وَذَلِكَ
أَنَّهَا تعصف الرِّيَاح وتثير الْبَحْر حَتَّى تسوده وتقلب أَسْفَله
فتجعله أَعْلَاهُ.
قَالَ النَّضر: كل ريح شَدِيدَة ذاتُ أزيب،
(13/182)
وَإِنَّمَا زيْبُها شدتها.
وروى أَحْمد بن يحيى عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الأزْيَب:
القنفذُ والأزيب من أَسمَاء الشَّيْطَان. والأزيَب: الرِّيحُ الْجنُوب.
والأزيبُ: النَّشاط. يُقَال: أَخذه الأزْيب.
قَالَ: والأزيب: الدّاهية. قَالَ: وَقَالَ أَبُو المكارم: الأزيب:
البُهْثَة، وَهُوَ وَلَد المُساعاة.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وَمَا كنتُ قَلاًّ قبل ذَلِك أَزيبَا
عَمْرو عَن أَبِيه: الأزيب: النَّشيط.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للرجل الْقصير المتقارِب الخَطو: أَزيب.
قَالَ: والأزيب: الجنوبُ، بلُغة هُذَيل.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : رجُل أزبَةٌ وقومٌ أزبٌ: إِذا كَانَ
جَلْداً.
ورجلٌ زَيبٌ أَيْضا. وَيُقَال: تزَيَّبَ لحمُه وتَزَيَّمَ: إِذا
تكتَّلَ وَاجْتمعَ زيَماً زيَماً.
بزِي: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: أخذتُ مِنْهُ بزْوَ كَذَا وَكَذَا، أَي:
عِدْلَ ذَلِك وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ: والبازي يَبْزُو فِي تطاوُلِه وتأنُّسِه.
قَالَ: والأبزَى والبَزْواء وَهُوَ الرجل الَّذِي فِي ظَهره انحناء
عِنْد العَجُز فِي أصل القَطَن، ورُبما قيل: هُوَ أبزَى أبزخ كالعجوز
البزواء والبزخاء الَّتِي إِذا مَشت كَأَنَّهَا راكعة، وَقد بزِيَتْ
بزًى، وَأنْشد:
بزْواءُ مُقْبِلةً بزخاءُ مُدبرَة
كَأَن فَقْحَتَها زقٌّ بِهِ قارُ
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: البزْواء من النِّسَاء:
الَّتِي تُخرج عجيزَتَها ليراها النَّاس.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الْفراء الأبزي: الَّذِي قد خرج صدرُه
وَدخل ظهرُه، وَقَالَ كُثَيِّر:
من القوْم أَبْزَى مُنْحنٍ مُتَباطِن
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: التَّبزِّي: أَن يسْتَأْخر العَجُز ويستقدم
الصَّدْر، رجُل أَبْزي، وامرأةٌ بزواء، وَأنْشد:
فتبازتْ فتبازخْتُ لَهَا
جلْسَة الجازر يَسْتَنْجِي الوترْ
تبازتْ، أَي: رفعتْ مؤخّرها.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البزي: الصَّلَف، والزَّبِيُّ: الغَضْبان.
وَقَالَ اللَّيْث: أبزيت بفلان إِذا بطشتَ بِهِ وقهرْتَه، وَأنْشد:
لَو كَانَ عَيْناكَ كَسيْل الرَّاوِيَهْ
إِذا لأبزَيْتُ بِمن أَبزَى بِيَهْ
أَبُو عُبيد: الإبزاء: أَن يرفَع الرَّجل مؤخِّره، يُقَال: أَبْزَى
يَبزِي.
وَأما قَول أبي طَالب يمدَح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
كذبتُمْ وبيتِ الله يُبزَى محمدٌ
وَلما نُطاعنْ دُونَه ونقاتلِ
فَإِن شمر قَالَ: مَعْنَاهُ: يُقهَر ويُستذَلُ. والبزْو: الغَلبةُ
والقَهْر، وَمِنْه سمِّي
(13/183)
الْبَازِي، قَالَه المؤرخ.
وَقَالَ الجعديّ:
فَمَا بَزِيتْ من عُصبَةٍ عامِرِيَّةٍ
شهدْنا لَهَا حَتَّى تفوزَ وتغلِبَا
أَي: غَلَبَتْ.
زبي: أَبُو عُبيد عَن أَصْحَابه: زَبيْتُ الشَّيْء وأَزدَبَيْتُه: إِذا
حَملته وزبْته مثله، وَأنْشد:
أَهَمدانُ مَهْلاً لَا يُصبِّحْ بُيوتَكُمْ
بجُرمكم حِمْل الدُّهَيْم وَمَا تزْبى
يضْرب الدّهيم وَمَا تزبي مَثلاً للداهية الْعَظِيمَة إِذا تفاقمت.
ابْن الْأَعرَابِي: الأُزبيُّ: الْعجب من السَّيْر والنشاط، وَأنْشد:
أَرْأَمْتُهَا الأنساعَ قبل السقْبِ
حَتَّى أَتَى أُزبيُّها بالأدْبِ
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الأزابيُّ: ضروبٌ مختلفةٌ من السّير.
واحدُها أُزبي.
وَقَالَ الأُمويّ: الأزبيّ: السُّرعة والنشاط فِي السّير.
وَكتب عثمانُ إِلَى عليّ رَضِي الله عَنْهُمَا لما حُوصر: (أما بعد،
فقد بلغ السَّيْلُ الزُّبَى، وجاوَز الحِزامُ الطُّبْيَيْن، فَإِذا
أَتَاك كتابي هَذَا فأَقبلْ إليّ عَلَيّ كنتَ أم لي) .
قَالَ أَبُو عُبيد: الزُّبْيَةُ: الرّابية لَا يعلوها الماءُ. الزَّبية
أَيْضا بئرُ تُحفَر للأسد، وَهِي أَيْضا حُفَر النَّمْل والنملُ لَا
تفعل ذَلِك إلاّ فِي مَوضِع مُرْتَفع.
وَقَالَ اللَّيْث: الزُّبية: حُفرةٌ يتزبى فِيهَا الرجلُ للصَّيْد،
وتحتفر للذئب فيُصطاد فِيهَا.
وَقَوله: (بلغ السيلُ الزُّبا) يُضرَب مثلا لِلْأَمْرِ يَتفاقَم
ويُجاوِز الحَدَّ حَتَّى لَا يُتلافَى.
وَقَالَ اللَّيْث: الزّبيان: نهران فِي سافِلة الفُرات، وَرُبمَا
سمّوْهما مَعَ مَا حَوَليْهما من الْأَنْهَار الزَّوَابي، وعامَّتُهم
يحذفون مِنْهُ الْيَاء وَيَقُولُونَ: الزّاب، كَمَا يَقُولُونَ للبازي
باز.
وَقَالَ الْفراء: سُمّيت زبيَة الْأسد زبْيَةً لارتفاعها عَن المَسيل.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَنْشدني المفضّل:
يَا إِبلِي مَا ذَامُه فَتَيْبَيَهْ
ماءٌ رَواءٌ وتَصِيٌّ حَوْلَيْه
هَذَا بأَفْواهِك حَتَّى تأْبَيْهْ
حَتَّى تُروحي أُصُلاً تزابَيْهْ
تزابي العانةِ فوقَ الزّازيْه
قَالَ: (تزابيه) : ترفَّعي عَنهُ تكبُّراً فَلَا تُريدِينه وَلَا
تَعرِضين لَهُ لِأَنَّك قد سَمِنتِ.
والتزابي أَيْضا: مِشْيةٌ فِيهَا تَمدُّدٌ وَبُطء، قَالَ رُؤبة:
إِذا تزابى مِشية أزابيَا
أَرَادَ الأزابيّ وَهُوَ النشاط. وَيُقَال: أَزبتْه أزْبَة أَزمَتْه
أزمَة، أَي: سنة.
زوب: سَلمَة عَن الْفراء: زاب يزوب: إِذا انسلّ هَرَباً.
(13/184)
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: زابَ: إِذا
جرى. وسابَ: إِذا انْسَلَّ فِي خَفاء. ووَزبَ الشيءُ يزب وزُوباً: إِذا
سالَ.
بوز أبز: عَمْرو عَن أَبِيه: البَوْز: الزوَلان من مَوضِع إِلَى
مَوضِع.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الأبُوز: القَفّاز من كلّ الْحَيَوَان، وَقد
أَبَز يأبِزُ أَبْزاً فَهُوَ أَبُوز. وأَنشَد:
يَا ربَّ أَبّاز من العُفْرِ صَدَعْ
تَقَبَّضَ الذئبُ إِلَيْهِ فاجتَمعْ
قَالَ: الأبّاز: القَفّاز.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: بَاز الرجلُ يَبُوز: إِذا زالَ من مَكَان
إِلَى مكانٍ آمِناً.
زأب: قَالَ اللّيث: الزَّأْب: أَن تَزْأَب شَيْئا فتحتمِله بمرّة
وَاحِدَة. وازدَأَبَ الشيءَ: إِذا احتَمَله ازدئاباً. والازدئاب:
الِاحْتِمَال.
وزأَبْتُ القربةَ وزَعبتُها: وَهُوَ حَمْلكُها محتضِناً.
أَبُو تُرَاب: قَالَ الْأَصْمَعِي: زأَبْتُ وقَأَبْتُ، أَي: شَرِبْتُ.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: الزَّبازاة: القصيرة، وَقَالَهُ غَيره.
(بَاب الزَّاي وَالْمِيم)
ز م (وَا يء)
وزم زيم مزي ميز موز زأم أزم: (مستعملة) .
وزم: قَالَ اللَّيْث: الوَزم والوَزيم: دَسْتَجةٌ من بَقْل، وبعضُهم
يَقُول وَزيمَة، وَيُقَال: البَزِيم أَيْضا.
وَقَالَ ابْن دُرَيْد: وزمه بفِيه: إِذا عَضّه عَضّةً خَفِيفَة.
قَالَ: والوَزمة: الأكْلة فِي اليومِ إِلَى مِثلِها من الْغَد،
وَكَذَلِكَ البَزمة.
أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: فلانٌ يَأْكُل وَجْبة ووَزمَة. قَالَ:
وَقَالَ الْفراء: وَكَذَلِكَ البَزْمة.
ابْن الْأَعرَابِي: الوَزِيم: لَحمُ العَضَل، يُقَال: رجلٌ ذُو وزِيم:
إِذا تَعضّل لحمُه واشتدّ، وَقَالَ الراجز:
إنْ سَرَّك الرِّيُّ أَخا تَميمِ
فاعجَلْ بعَبْدَيْن ذَوَيْ وزِيمِ
بفارِسيّ وأخٍ للرُّومِ
يَقُول: إِذا اختَلفَ لساناهما لم يَفهَم أحدُهما كلامَ صَاحبه، فَلم
يَشْتغِلا عَن عَملِهما.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الجرَاد إِذا جُفِّف وَهُوَ
مطبوخٌ فَهُوَ الوَزِيمة.
وَقَالَ ابْن السكّيت: الوَزِيمة من الضِّباب: أَن يُطبخَ لحمُها ثمَّ
يُيَبَّس ثمَّ يُدَقّ فيؤكل، وَهُوَ من الجَراد وَزِيمةٌ أَيْضا.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ:
(13/185)
الوَزِيم: اللحمُ المقطَّع. والوَزِيم:
الباقةُ من البَقْل. والوَزِيمة: الخُوصة.
وَقَالَ ابْن دُريد: الوَزْم: جمْعُك الشيءَ القليلَ إِلَى مِثلِه.
والوَزِيمُ: مَا يَبقَى من المَرَق ونحوِه فِي القِدْر. والوَزِيمُ:
مَا تَجمَعُه العُقاب فِي وَكْرها من اللَّحْم.
زيم: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: اللَّحْمُ يتزَيّم ويتزيَّبُ: إِذا صارَ
زِيماً زِيماً، وَهُوَ شدّة اكتنازِه وانضمامُ بعضه إِلَى بعض.
وَقَالَ سَلامَة بن جندَل يصف فرسا:
رَقَاقُها ضَرِمٌ وجَرْيها خَذَم
ولحمها زِيمٌ والبَطنُ مَقْبوبُ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَوْله:
هَذَا أوانُ الشَّدِّ فاشتَدِّي زِيمْ
قَالَ: زِيَمْ اسمُ فَرَس. قَالَ: والزِّيمُ: الْغَارة، كأنّه يخاطبها.
والزِّيمُ: المتفرِّقة.
سَلمَة عَن الفرّاء: لحمُه زِيم: وَهُوَ المتعَضِّل المتفرِّق.
ومررتُ بمنازلَ زِيَم: متفرِّقة.
قلتُ: كأنّ زِيما جمعُ زِيمة.
ميز موز: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: مَاز الرجلُ:
إِذا انتَقَل من مَكَان إِلَى مَكَان. وزامَ: إِذا ماتَ. والزَّويم:
المجتمِع من كل شَيْء.
وَقَالَ اللَّيْث وغيرُه: المَيْزُ: التمييزُ بَين الْأَشْيَاء، تَقول:
مِزْتُ بعضَه من بعض فأناأَمِيزُه مَيْزاً، وَقد انمازَ بعضُه من بعض.
وَيُقَال: امتاز القومُ: إِذا تنحَّى عِصابةٌ مِنْهُم نَاحيَة،
وَكَذَلِكَ استمازوا.
وَقَالَ الأخطل:
فَإِن لَا تغيرها قُرَيْش بملكها
يَكُنْ عَن قُرَيشٍ مُسْتَمازٌ ومَزْحَلُ
وقرىء قَول الله: {حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} (آل
عمرَان: 179) ، من ماز يمِيز.
وَمن قَرَأَ: (حَتَّى يُميِّز) فَهُوَ من مَيَّز يُمَيِّز.
وقولُه جلّ وعزّ: { (رَّبٍّ رَّحِيمٍ وَامْتَازُواْ الْيَوْمَ أَيُّهَا
الْمُجْرِمُونَ} (يس: 59) ، أَي: تميَّزوا.
وَقَالَ اللّيث: إِذا أَرَادَ الرجلُ أَن يَضرِب عُنُقَ آخَرَ
فَيَقُول: أَخْرِج رأسَك، فقد أَخطَأ حتّى يَقُول: مازِ رأسَك، أَو
يَقُول: مازِ، وَيَسكُت، مَعْنَاهُ: مُدَّ رأسَك.
قلت: لَا أعرِفُك مازِ رأسَكَ بِهَذَا الْمَعْنى، إِلَّا أَن يكون
بِمَعْنى مايِزْ، فأخّر اليَاء، فَقَالَ: مازِ وسَقَطت الياءُ فِي
الْأَمر.
والمَوْز: مَعْرُوف، والواحدة مَوْزة.
قَالَ اللَّيْث: ورجُلٌ متوزِّم: شديدُ الوَطء.
زأم: سَلَمة عَن الفرّاء: الزُّؤامِيُّ: الرجلُ القَتَّال، من الزُّؤام
وَهُوَ الْمَوْت.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: موتٌ زُؤامٌ مُجْهز.
وَقَالَ اللّيث: زأمْتُ الرجُلَ: ذَعَرته. وَقد زَئِمَ وازْدَأم: إِذا
فَزَع، ورجلٌ زَئِمٌ فَزِع، وَرجل مُزْدَئم، وَهُوَ غايةُ الذُّعر
والفَزَع.
الأصمعيّ: مَا سمعتُ لَهُ زَأْمة وَلَا زَجمة، أَي: صَوتا.
(13/186)
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: زَئمْتُ الطعامَ
زأْماً.
قَالَ: والزَّأْمُ أَن يَملأ بطنَه. وَقد أَخذَ زأْمَتَه، أَي: حاجَتَه
من الشِّبَع والرِّيّ، وَقد اشتَرَى بَنو فلانٍ زأْمَتَهم من الطّعام،
أَي: مَا يكفيهم سَنَتهم. وزَئمْتُ الْيَوْم زأْمة، أَي: أَكَلْتُ
أكلَةً. والزَّأْمُ: شِدّة الْأكل وأزْأَمْتُ الجُرحَ بدَمِه، أَي:
غَمزْته حتْى لَزِقتْ جِلدتُه بدَمِه ويَبِس الدمُ عَلَيْهِ، وجُرْح
مُزْأَم.
قلتُ: هَكَذَا قَالَ ابْن شُمَيْل: أزأَمْتُ الجرحَ بالزّاي.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي (كتاب الْهَمْز) : أزْأمْتُ الجُرح: إِذا
داويْتَه حَتَّى يَبرَأَ إِرآماً بالراء، والّذي قَالَه ابْن شُمَيْل
بِمَعْنَاهُ الّذي ذهبَ إِلَيْهِ صَحِيح.
وَقَالَ أَبُو زيد: أزأمْتُ الرجل على أمرٍ لم يكن من شَأْنه إزءاماً:
إِذا أكرَهْتَه عَلَيْهِ.
قلتُ: وكأنّ أزأَمَ الجُرحَ فِي قَول ابْن شُمَيْل مِن هَذَا أَخذ.
قَالَ النَّضر: زأَمه القُرّ، وَهُوَ أَن يمْلَأ جَوْفه حَتَّى يرعُد
مِنْهُ وَيَأْخُذهُ لذَلِك قِلٌّ وقِفة أَي: رعدة. وَمَوْت زؤام: سريع
مجهز. وَمَا عصيتُه زأْمةً وَلَا وَشْمةً. يَعْقُوب: أزأمته على
الْأَمر، أَي: أكرهته عَلَيْهِ. وأظأرته بِمَعْنَاهُ.
أزم: قَالَ اللَّيْث: أَزمْتُ يدَ الرجلِ آزِمُها أَزماً: وَهُوَ
أَشدُّ العَضّ.
وَيَقُول: أَزم علينا الدهرُ يأزم أَزماً: إِذا مَا اشتدّ وقلّ خَيره.
وأزم علينا عيشنا يأزم أزماً إزاماً: اشْتَدَّ.
قَالَ: وأَزمْتُ الحبلَ آزمُه أَزْماً: إِذا فَتَلْتَه، والأَزمُ: ضربٌ
من الضَّفْر، وَهُوَ الفَتْل.
وَقَالَ اللّيث: سَنةٌ أزمة وأَزوم.
وَقَالَ: أزمْتُ العِنان أَزماً: إِذا أحكمْتَ ضَفْرَهُ، وَهُوَ مأزوم.
والأزمُ: شِدّة العَضّ بالأنْياب، والأنْياب هِيَ الأوازم. والأزمُ:
الجَدْبُ والمَحْل. والأزمُ: إغلاقُ البابِ.
وسُئِل الحارثُ بن كَلْدة عَن الطبّ فَقَالَ: هُوَ الأَزْم، وفسّره
الناسُ أنّه الْحَميَة والإمساكُ عَن الاستكثار من الطَّعَام.
وَقَالَ الأصمعيّ: قَالَ عِيسَى بن عُمر: كَانَت لنا بَطّةٌ تأزِم،
أَي: تَعَضّ، وَمِنْه قيل للسّنة أَزْمة وأَزُوم وأَزامِ بِكَسْر
الْمِيم.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أَصَابَتْهُم سنة أزمتهم أزماً، أَي:
استأصلتهم. وَقَالَ شمر: إِنَّمَا هُوَ أرمتهم بالراء. وَكَذَلِكَ
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم.
وَقَالَ أَبُو زيد: الأُزُم: المحافَظة على الضَّيعة، أَزَم على
الضَّيْعة: إِذا حافَظَ عَلَيْهَا.
مزي: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال لَهُ: عِنْدِي قَفِيّةٌ
ومَزِيّةٌ: إِذا كَانَت لَهُ مَنزِلة ليستْ لغيره.
وَيُقَال: أقفيْتُه، وَلَا يُقَال: أَمْزَيْته.
(13/187)
وَقَالَ اللّيث: المَزْيُ والمَزِيّةُ فِي
كلّ شَيْء: تمامٌ وَكَمَال.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيِّ: الزِّيزِيمُ: صوتُ الجِنّ
باللّيل. قَالَ: ومِيمُ زِيزِيم مِثالُ دالِ زَيْد يَجرِي عَلَيْهَا
الْإِعْرَاب، وأنشَد غَيره لرؤبة:
تَسمَع للجِنِّ لَهَا زِيزِيمَا
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: بعير أزْيَمُ وأَسْجَم، وَهُوَ الّذي لَا
يَرْغُو.
وَقَالَ شمر: الَّذِي سمعتُ: بعير أَزْجَم بالزاي وَالْجِيم.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: لَيْسَ بَين الأزْيَم والأزْجم إِلَّا
تحويلة الْجِيم يَاء، وَهِي لغةٌ فِي تَمِيم مَعْرُوفَة.
وَقَالَ شمر: أنشدنا أَبُو جَعْفَر الهُذَيمي:
مِن كلِّ أزْجَمَ شائكٍ أَنْيابُه
ومُقصِّفٍ بالهَدْرِ كَيفَ يَصُولُ
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : يُقَال: هَذَا سِرْبُ خَيْل غارةٍ، قد
وَقَعتْ على مزاياها، أَي: على مَواقِعها الَّتِي نهضت عَلَيْهَا
متقدِّم ومتأخِّر.
وَيُقَال لفلانٍ على فلانٍ مازِية، أَي: فَضْل، وَكَانَ فلانٌ عَنِّي
مازِيةً العامَ، وقاصِيةً وكالِية وراكِيةً. وقَعَدَ فلانٌ عنّي مازياً
ونازياً ومُتمازياً، وناصياً، أَي: مُخَالفا بَعيدا.
(13/188)
بَاب لفيف الزَّاي
الزَّاي: قَالَ اللَّيْث: الزَّاي والزاء لُغَتَانِ، وألفها يرجع فِي
التصريف إِلَى الْيَاء، وتصغيرها زُيَيَّة. وقرىء قَول الله جلّ وعزّ:
{هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً} (مَرْيَم: 74) ، بالراءَ والزّاي.
(زيي) (زوي) : قَالَ الفرّاء: من قَرَأَ: (وزيَّا) فالزِّيّ: الهيئةُ
والمَنظَر، وَالْعرب تَقول: قد زَيّيْتُ الجاريةَ، أَي: زيّنتُها
وهيّأتُهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: تَزَيَّا فلَان بزِي حَسَن، وَقد زَييّتُه
تَزِيّةً. وَقَالَ ابْن بزرج: قَالُوا من الزي ازدييت، افتعلت، وتزينت
تفعّلت وزَييت على فَعِلت، قيل: رضيت. قَالَ: وَالْعرب لَا تَقول
فِيهَا فعِلت إِلَّا شَاذَّة. اللَّيْث: والزِّيُّ مَصدَر زَؤَيْتُ
الشيءَ أَزْوِيه زَيّاً. وَرُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أنّه قَالَ: (إِن الله تَعَالَى زَوَى لِي الأرضَ فَأرَانِي مشارِقَها
ومغَاربَها) .
قَالَ أَبُو عبيد: سمعتُ أَبَا عُبيدة يَقُول فِي قَوْله: (زُوِيَتْ لي
الأرضُ) ، أَي: جُمِعَتْ.
قَالَ: وانزَوَى القومُ بَعضهم إِلَى بعض: إِذا تدانَوْا وتضامُّوا.
وانزَوَت الجِلْدة فِي النَّار: إِذا تقبّضتْ واجتمعتْ.
وَفِي حديثٍ آخَرَ: (إِن المسجدَ ليَنْزَوِي من النُّخامة كَمَا
تَنزَوِي الجِلْدة فِي النَّار) .
وَقَالَ الْأَعْشَى:
يزيدُ يَغُضُّ الطَّرْفَ دُوني كأنَّما
زَوَى بَين عَيْنَيْه عليَّ المَحاجِمُ
فَلَا يَنْبَسِطْ من بينِ عَيْنيكَ مَا انْزَوَى
وَلَا تَلْقَني إلاّ وأَنفُك راغِمُ
وَقَالَ آخر:
فَلَمَّا رَآنِي زوى وجهَه
وقرّب من حَاجِب حاجبا
فَلَا برح الزِّي من وَجهه
وَلَا زَالَ رَائدهُ جادبا
قَالَ شمر: زواهم الدَّهْر، أَي: ذهب بهم. قَالَ بشر:
فقد كَانَت لنا ولهن حَتَّى
زوتها الحربُ أيامٌ قصارُ
قَالَ: (زوتها) : زدّتها. وَقد زووهم، أَي: ردّوهم. وزوى الله عني
الشَّرّ، أَي: صرف. وزويت الشَّيْء عَن فلَان، أَي: نحيته عَنهُ.
وَأنْشد الْبَاهِلِيّ لعنترة:
حَالَتْ رماحُ ابْني بغيض دونكم
وزوت جواني الْحَرْب من لم يُجرم
قَالَ: زوت، أَي: نحت وباعدت، أَي:
(13/189)
صيرتها فِي راوية الْحَرْب وضمت الأقاصي.
وجَواني الْحَرْب: الَّذين جنوها. وَمن لم يجرم: من لَيْسَ لَهُ
جِنَايَة وذنب، أَي: لم يقدر أحد أَن ينْفَرد عَن عشيرته مَخَافَة أَن
يُقتل وَإِن لم يكن لَهُ ذَنْب.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: زَوَى إِذا عَدَل، كَقَوْلِك: زَوَى
عَنهُ كَذَا وَكَذَا، أَي: عَدَله وصَرَفه عَنهُ: وزَوَى: إِذا قَبَضَ.
وزَوَى: إِذا جَمَع، ومصدَرُه كلّه الزِّيُّ.
والزُّوِيُّ: العُدولُ من الشَّيْء إِلَى شيءٍ.
والوَزَى: الطُّيورُ.
قلتُ: كأنّه جمعُ وَزِّ وَهُوَ طَيرُ المَاء.
وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم كَانَ إِذا أَرَادَ سفرا مَال براحلته وقدّ أُصْبُعه وَقَالَ:
(اللَّهُمَّ أَنْت الصاحب فِي السّفر والخليفة فِي الْأَهْل.
اللَّهُمَّ أصحَبْنا بنصح وأقْلِبْنَا بِذِمَّة. اللَّهُمَّ زَوِّ لنا
الأَرْض وهون علينا السّفر. اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من وعثاء السّفر
وكآبة المنقلب) .
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: أَزْوَى الرجلَ: إِذا جاءَ وَمَعَهُ آخَرُ،
والعَرَب تَقول لكل مُفْرَد: تَوٌّ، وَلكُل زَوْج: زَوّ.
اللَّيْث: الزَّيُّ فِي حالِ التَّنْحِيَة وَفِي حالِ القَبْض.
وَقَالَ: الزَّاوية فِي الْبَيْت اشتقاقُها من ذَلِك؛ يُقَال: تَزَوَّى
فلانٌ فِي زاوِيَة.
قَالَ: والزاوية: موضعٌ بالبصَرة.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: زَوَّرتُ الكلامَ وزَوْيْتُه، أَي: هيّأتُه فِي
نَفسِي.
وأخبرَني المنذريُّ عَن إبراهيمَ الحربيّ أَنه قَالَ: رُوِي عَن عمَر
أَنه قَالَ للنبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (عجبتُ لما زَوَى اللَّهُ
عَنْك من الدّنيا) . قَالَ إِبْرَاهِيم: مَعْنَاهُ: لما نُحِّيَ عَنْك
وباعَدَه مِنْك. وَكَذَلِكَ قولُه عَلَيْهِ السَّلَام: (أعطانِي
اثْنَتَيْنِ وزَوَى عنّي وَاحِدَة، أَي: نحّاها وَلم يُجِبْني
إِلَيْهَا) . وَمِنْه قولُه:
فيا لِقُصَيَ مَا زَوَى اللَّهُ عنكُم
الْمَعْنى: أيُّ شَيْء نَحَّى اللَّهُ عَنْكُم.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: كل شَيْء تامّ فَهُوَ مربَّع كالبيت والدّار
والأَرْض والبِساطة لَهُ حُدُود أَرْبَعَة، فَإِذا نقصَتْ مِنْهُ
ناحيةٌ فَهُوَ أزوَرُ مُزَوًّى.
(زوأ) : ويروى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إِن
الْإِيمَان بَدَأَ غَرِيبا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ فطوبى للغرباء
إِذا فسد الزَّمَان. وَالَّذِي نفسُ أبي الْقَاسِم بِيَدِهِ ليزْوَأنَّ
الإيمانُ بَين هذَيْن المسجدين كَمَا تأرِز الْحَيَّة فِي جُحرها) .
قَالَ شمر: لم أسمع زوأت بِالْهَمْز، وَالصَّوَاب: ليزْوَيَنّ، أَي:
ليُجْمَعن وليُضَمّنّ، من زوَيتُ الشَّيْء إِذا جمعته، وَكَذَلِكَ
ليأرِزن أَي ليَنْضَمنّ.
وأمّا الزَّوْءُ بِالْهَمْز فَإِن أَبَا عبيد رَوَى عَن الأصمعيّ أنّه
قَالَ: زوْءُ المَنِيّة: مَا يَحدُث من المَنيّة.
وأخبَرَني المنذريُّ عَن الحرّاني عَن ابْن السكّيت أَنه قَالَ: قَالَ
ابْن الأعرابيّ:
(13/190)
الزَّوُّ: القَذَرُ، وأَنشَد:
من ابْن مامةَ كَعبٍ ثمّ عَيَّ بهِ
زؤُّ المَنِيَّة إلاّ حَرّةً وقَدَى
ويروى زَوُّ الحوادثِ؛ رَوَاه ابْن الأعرابيّ بِغَيْر همزٍ، وهَمزَه
الأصمعيّ.
ورَوَى أَبُو سَعيد عَن أبي عَمْرو أنّه قَالَ: تَقول قد زاءَ الدهرُ
بفلانٍ، أَي: انقَلَب بِهِ.
قَالَ أَبُو عَمْرو: فرحت بِهَذِهِ الْكَلِمَة: قلتُ: زاءَ فعلٌ مِنَ
الزِّوْء، كَمَا يُقَال من الزَّوْغ زاغَ.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ: زأَى: إِذا تَكبَّر. وسَأَى: إِذا
عَدَا، وسَأْ: زجرُ الحمارِ.
وزي: قَالَ اللَّيْث: الوَزي: من أَسمَاء الحمارِ المِصَكّ الشّديد.
وَقَالَ غَيره: الوَزي: الرجلُ القصيرُ الملزَّزُ الخَلْق المقتَدِر؛
وَقَالَ الْأَغْلَب:
تاحَ لَهَا بعدَكَ خِنْزَابٌ وَزَى
والمسْتَوزِي: المنتصِب، يُقَال: مَا لي أراكَ مُستَوْزياً، أَي:
منتصِباً، وَقَالَ ابْن مقبل يصفُ فرسا لَهُ:
ذَعَرْتُ بهَا العَيْرَ مُسْتوْزياً
شَكِيرُ جَحافِلِه قد كَتِنْ
وَفِي (النّوادر) : استوْزى فِي الْجَبَل واستولَى، أَي: أَسْنَد
فِيهِ.
زوزى زيز: قَالَ اللَّيْث: الزَّوْزاةُ شِبْه الطَّرْد والشَّلّ،
تَقول: زوْزى بِهِ.
أَبُو عُبَيد عَن الأصمعيّ: الزَّوْزاةُ: أَن يَنصِب ظهرَه ويقارِبَ
الخَطْو ويُسرِع، يُقَال: زَوْزى يُزوْزي زَوْزَاةً، وأَنشَد:
مُزَوْزياً لمّا رَآها زوْزتِ
يَعْنِي: نعَامَة ورِئالها.
وَقَالَ شمر فِيمَا قرأتُ بخطّه: الزِّيزاءَةُ تقديرُها زيزاعَة:
الأرضُ الغليظة.
وَقَالَ الفرّاء: الزِّيزاءُ من الأَرض ممدودٌ مكسورُ الأوّل. وَمن
العَرب من يَنصِب فَيَقُول: الزَّيْزاءُ. قَالَ: وبعضُهم يَقُول:
الزَّازاءُ: كلُّه مَا غَلُظ من الأَرْض.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: الزِّيزَاةُ من الأَرْض: القُفُّ الغليظ المشرِف
الخَشِن وجمعُها الزَّيازي، وَقَالَ رؤبة:
حتّى إِذا زَوْزَى الزَّيازِي هَزَّقَا
ولَفَّ سِدْر الهَجَرِيّ حَزَّقا
وَقَالَ:
تزازي العانةِ فَوق الزازيه
أَرَادَ فَوق الزيزاء من الأَرْض، الغليظة يُقَال الزازية. فِي
(النَّوَادِر) : يُقَال: زازيت من فلَان أمرا شاقّاً، وصاحيْتُ.
والمرأةُ تُزازي صَبيها. وزازيت المَال وصاحيته: إِذا جمعته. وصعصعته
تَفْسِيره جمعته.
(زأزأ) : وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: تَزَأْزأ عنّي فلانٌ: إِذا هابَكَ
وفَرِقَ مِنْك. قَالَ: وتزَأْزأَت المرأةُ: إِذا اختبأتْ.
وَقَالَ جَرِير:
(13/191)
تَدْنو فتُبدِي جَمالاً زانَه خَفَرٌ
إِذا تَزَأْزأتِ السُّودُ العَناكِيبُ
وَقَالَ أَبُو زيد: تزأزأْتُ من الرّجل تزأْزُؤاً شَدِيدا: إِذا
تصاغَرْتَ لَهُ وفَرِقْتَ مِنْهُ.
أزز: قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَنَّآ أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى
الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} (مَرْيَم: 83) .
قَالَ الفرّاء: أَي: تُزعِجهم إِلَى الْمعاصِي وتُغرِيهم.
وَقَالَ مُجَاهِد: تُشْلِيهم بهَا إشْلاءً.
وَقَالَ الضحّاك: تُغْرِيهم إغراءً.
وأخبَرَني المنذريّ عَن إبراهيمَ الحربيّ أَنه قَالَ: قَالَ ابْن
الأعرابيّ: الأزّ: الحَرَكة؛ قَالَ رؤبة:
لَا يَأْخُذُ التَّأْفِيكُ والتَّحَزِّي
وَلَا طَيخُ العِدَا ذُو الأَزِّ
عَمْرو عَن أَبِيه: قد أَزَّ الكتائبَ: إِذا أضافَ بعضَها إِلَى بعض؛
وَقَالَ الأَخطَل:
ونَقْضُ العُهود بأَثْرِ العُهودْ
يَؤُزّ الْكَتَائِب حتّى حَمِينَا
وَعَن مطرف عَن أَبِيه أَنه قَالَ: أتيت النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم وَهُوَ يُصلي ولجَوْفه أَزِيز كأَزِيز المِرْجَل؛ يَعْنِي أَنه
يبكي. قَالَ شمر: يَعْنِي أَن جَوْفه تجيش وتغلي بالبكاء.
قَالَ: وسمعتُ ابنَ الأعرابيّ يَقُول فِي تَفْسِيره: لَهُ حَنِين فِي
الجَوْف إِذا سمعَه كأنّه يَبكِي.
قَالَ: وَأَخْبرنِي عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الأزّةُ: الصَّوت،
والأزيز: النَّشِيش.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الأزيز: الالتهاب وَالْحَرَكَة كالتهاب النارِ
فِي الْحَطب؛ يُقَال: أُزَّ قِدْرَك، أَي: أَلْهِب النّار تحتهَا.
وائْتَزَّتِ القِدْر: إِذا اشتَدّ غَلَيانُها.
وَقَالَ شمر: أقرأَنا ابنُ الْأَعرَابِي عَن المفضَّل: أَن لقمانَ
قَالَ لِلُقَيم: اذهبْ فَعشِّ الإبِلَ حتّى تَرى النجمَ قِمَّ رَأْسِي،
وحتّى تَرَى الشِّعْرَى كأنّها نَار، فَإِن لَا تكن عَشَّيْتَ فقد
آنَيْتَ فَقَالَ لَهُ لُقَيم: واطبُخْ أنتَ جَزُورك فأُزَّ مَاء
وغَلِّه حَتَّى تَرى الكَرادِيسَ كأنّها رؤوسُ شُيوخ صُلْع، وحتّى تَرى
اللحمَ يَدْعُو غطيفاً وغَطَفان، فَإِن لَا تَكُنْ أنضَجْتَ فقد
آنَيْتَ.
قَالَ: يَقُول: إِن لم تُنضجْ فقد أنَيت، وأَبطأتَ: إِذا بلغتَ بهَا
هَذَا وَلم تَنضَج.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: أَزَزتُ الشَّيْء أؤُزهُ أزاً: إِذا ضممتَ
بعضَه إِلَى بعض.
وَفِي حَدِيث سَمُرة بنِ جُندَب: انكسفتِ الشمسُ على عهد رَسُول الله
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فانتهيتُ إِلَى الْمَسْجِد فَإِذا هُوَ
يَأْززُ.
قَالَ المنذريّ: قَالَ الْحَرْبِيّ: الأَزز: الامتلاءُ منَ النَّاس.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: البيتُ مِنْهُم يأزَز: إِذا لم يكن فِيهِ
متَّسَع، وَلَا يُشتقّ مِنْهُ فعل.
قَالَ: والأز: ضَرَبانُ عِرْقٍ يأتَزُّ، أَو وجَعٌ فِي خُراج.
عَمْرو عَن أَبِيه: الأَزز: الجَمعُ الكثيرُ من
(13/192)
النَّاس. وَقَوله: (الْمَسْجِد يأزز) ،
أَي: منْغَصٌّ بِالنَّاسِ.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو الجَزْل الأعرابيّ: أتيتُ السوقَ فرأيتُ
النساءَ أَززاً، قيل: مَا الأزز؟ قَالَ: كأَزز الرُّمّانة المحتَشِية.
وَقَالَ الأسديّ فِي كَلَامه: أتيتُ الواليَ والمجلسُ أَزز، أَي: ضيّق
كثيرُ الزّحام.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم:
أَنا أَبُو النّجم إِذا شُدَّ الحُجَزْ
واجتَمَع الأقدامُ فِي ضَيْق الأَزز
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الأُزاز: الشّياطين الّذين يَؤُزُّزون
الكفّار.
وَقَالَ اللّيث: الأزز: حسابٌ من مَجَارِي الْقَمَر، وَهُوَ فُضول مَا
يَدخل بَين الشّهور والسنين.
أزي: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: أزيْتُ لفلانٍ آزي لَهُ أزْياً: إِذا
أتيتَه من وَجْه مَأْمَنِه لتَختِلَه.
قلت أَنا: أخال اللَّيْث، أَرَادَ أدّيت لَهُ بِالدَّال: إِذا ختلته،
فصحفه.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: أَزَى الظِّلُّ يَأْزى أُزياً: إِذا قَلَص
ودَنا بعضُه إِلَى بعض.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: أزى الظِّلُّ يأزو ويَأْزى ويَأْزَى، وأَنشَد:
الظِّلُّ آزٍ والسُّقاة تَنْتَحِي
قَالَ أَبُو النّجم:
إِذا زاء مَخْلوقاً أَكَبَّ برأْسِه
وأبْصَرْته يَأْزي إليّ ويَزْحَلُ
أَي: ينقبض إليّ وينضمّ.
قَالَ: وأَزوْتُ الرجلَ وآزيْتَه فَهُوَ مَأزوْ ومُؤْزي، أَي: جَهَدْته
فَهُوَ مَجْهود.
قَالَ الطِّرِمّاح:
قد باتَ يأْزوهُ نَدًى وصَقِيعُ
أَي: يَجهَده ويُشْئِزه.
الحرّاني عَن عَمْرو عَن أَبِيه: تأَزَّى القِدْح: إِذا أصابَ
الرَّمِيّة فاهتَزّ فِيهَا. وتَأَزَّى فلانٌ عَن فلَان: إِذا هابَه.
وَقَالَ ابْن السكّيت: قَالَ أَبُو حَازِم العُكْلي: جَاءَ رجلٌ إِلَى
حَلْقة يونسَ فأَنشَدَنا قصيدة مَهْمُوزَة أوّلها:
أُزى مُسْتَهْنِىءٌ فِي البَدِىء
فَيَرْمَأُ فِيهِ وَلَا يَبْذَؤُهْ
قَالَ: (أزى) : جُعِل فِي مكانٍ. والمستهنِىء: المستعطِي. أرادَ: أَن
الّذي جَاءَ يَطلب خَيْري أجعله فِي البَدِىء، أَي: فِي أوّلِ مَن
يَجِيء. (فَيرْمَأُ فِيهِ) : أَي: يُقِيم فِيهِ. (وَلَا يَبْذَؤُه) ،
أَي: لَا يكرَهُه وَلَا يذُمّه.
وفيهَا:
وعندِي زُؤَازيةٌ وأبَة
تُزَأْزِىءُ فِي الدَّأْث مَا تَهْجَؤه
قَالَ: زؤازية: قِدْرٌ ضخمة، وَكَذَلِكَ الوَأبة. تُزَأزِي: أَي:
تَضُمّ. والدأث: اللّحم والوَدَك. مَا تَهْجَؤه، أَي: مَا تَأْكُله.
(13/193)
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال
للنّاقة الّتي لَا تَرِد النَّضِيحَ حَتَّى يخلوَ لَهَا الأزية
والآزِيَة والأزْيَة والقَذُور.
وَقَالَ اللّيث: أَزى الشيءُ بعضه إِلَى بعض يَأْزِي نَحْو اكتناز
اللّحم وَمَا انضَمّ من نَحوه، قَالَ رؤبة:
عَضَّ السِّفارِ فهوَ آز زَيمُهْ
أَبُو عُبَيد: هم إزاءٌ لِقومِهم، أَي: يُصلِحون أمرَهم، وأَنشَد:
لقد عَلِم الشَّعْبُ أنّا لَهُمْ
إزاءٌ وأَنّا لَهُمْ مَعْقلُ
قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: الإزاء: مَصَبّ المَاء فِي الْحَوْض،
وأَنشَد:
مَا بَينَ صُنْبورٍ إِلَى الإزاء
قَالَ: وَيُقَال: للنّاقة الَّتِي تَشربُ من الإزاء أَزِيَة على
فَعِلة.
وَقَالَ أَبُو زيد: أزيتُ الحَوضَ على أفعلتُ وأزيته: جعلت لَهُ إزاءً،
وَهُوَ أَن يُوضَع على فَمِه حَجر أَو جُلّة أَو نَحْو ذَلِك.
أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: آزَيْت على صَنِيع فلانٍ إيزاءً، أَي:
أضعَفْت عَلَيْهِ.
وأنشَد لرؤبة:
تَغْرِفُ من ذِي غَيِّث وتُوزي
أَي: تُفضِل عَلَيْهِ.
وَيُقَال: هُوَ بِإِزَاءِ فلَان، أَي: بحِذائه ممدودَان.
ابْن السكّيت عَن الأصمعيّ: هُوَ إزاءُ مالٍ، وَهُوَ القائمُ بِهِ،
وأَنشَد:
ولكنّي جُعِلتُ إزاءَ مالٍ
فأَمْنَعُ بَعد ذَلِك أوْ أُنيلُ
وَقَالَ حُمَيد:
إزاءُ مَعاشٍ لَا يَزالُ نِطاقُها
شَدِيدا وفيهَا سَوْرةٌ وَهِي قاعِدُ
يصف امْرَأَة تقوم بمعاشِها.
وَقَالَ زُهَيْر يصف قوما:
تَجدْهمْ على مَا خَيّلتْ همْ إزاؤها
وَإِن أفْسَدَ المالَ الجَماعاتُ والأزلُ
أَي: تجدهم الّذين يقومُونَ بهَا، وكلُّ مَن جُعِل قيّماً بأمرٍ فَهُوَ
إزاؤه.
وَمِنْه قولُ قيسِ بن الخَطيم:
ثأزْتُ عَدِيّاً والخَطيمَ فلَم أضِعْ
وصيّةَ أَشْيَاخ جُعِلت إزاءَها
أَي: جُعِلت القَيِّمَ بهَا.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال بَنو فلَان إزاءُ بني فلانٍ: إِذا كَانُوا
لَهُم أَقْراناً.
وَفِي الحَدِيث: (اخْتلف من كَانَ قَبْلَنا على اثْنَتَيْنِ وَسبعين
فِرقةً، نجا مِنْهَا ثَلَاث، وَهلك سائرُها) ، فرقة آزت الملوكَ، أَي:
قاتَلَتْهم وقاوَمَتْهم، مِن آزيْته: إِذا جاذَبْته. وفلانٌ إزاءُ
فلَان: إِذا كَانَ قِرْناً لَهُ يُقاوِمه.
وزأ: أَبُو زيد: وزأْتُ الوِعاءَ تَوْزيئاً: إِذا شَددْتَ كَنْزَه.
قَالَ: وَرجل متآزِي الخَلْق ومتآزِف الخَلْق: إِذا تَدانَى بعضُه
إِلَى بَعْض.
(13/194)
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: وزأْتُ
اللَّحمَ: إِذا شويتَه فأيْبَسْتَه.
ووزَّأَتِ الفَرَسُ والناقةُ براكبها: إِذا صَرَعَتْه.
(زوز) : وَقَالَ الأمويّ: قِدْرٌ زُؤازيَةٌ، وَهِي الَّتِي تَضُمّ
الجَزور.
وَقَالَ ابْن السّكيت: رجل زُوَأَزُ، وزُوَازِيةٌ: إِذا كَانَ غليظاً
إِلَى القِصَر مَا هُوَ.
وَقَالَ اللَّيْث: رجل وَزْوَازٌ: طَيّاشٌ خَفِيف.
النَّضْر عَن الجَعْديّ قَالَ: الوَزوَزُ: خشبةٌ عَرِيضةٌ يُجَحّر بهَا
تُرابُ الأَرْض المرتفعة إِلَى الأَرْض المنخفضة. وَهُوَ
بِالْفَارِسِيَّةِ زوزم.
(أوز) : الأوَزُّ: طيرُ المَاء، الواحدةُ إِوَزّة بِوَزْن فِعَلَّة.
قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن يكون المَفْعلة مِنْهَا مَأْوَزةٌ وَلَكِن من
الْعَرَب من يحذف الهمزةَ مِنْهَا فيصيِّرها وَزّةً كَأَنَّهَا فَعْلة
ومَفْعَلَة، مِنْهَا أَرض مَوَزَّة، وَيُقَال: هُوَ البط.
قَالَ: ورجلٌ أَوَزُّ وامرأةٌ إوَزَّةٌ، أَي: عَظِيم غليظٌ لَحِيم فِي
غير طول. وأَنشد المفضّل:
أَمشي الأوَزَّى ومعِي رُمْحٌ سَلِبْ
قَالَ: وَهُوَ مشيُ الرجل توقُّصاً فِي جانبيه، ومَشْيُ الفَرَس
النشيط.
(زوز) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الزونزي: الَّذِي يرى فِي
نَفسه مَا لَا يرَاهُ غَيره، وَهُوَ المتكبر؛ وَأنْشد:
ثرى الزونزي منهمُ ذَا البردين
يرميه سوّار الْكرَى فِي الْعَينَيْنِ
بَين الحاجبين وَبَين المآقين
وَقَالَ:
وبَعلُها زَوَنْزَكٌ زَوَنْزَي
وَيُقَال: زَوَّيْتُ زاياً فِي لُغَة من يَقُول الزّاي، وَمن قَالَ:
الزاء قَالَ: زيَّيْتُ زاءً، كَمَا يُقَال: بَيَّبْتُ بَاء، ونظيرُ
زَوَّيْتُ زاياً، أَو نَظِير زَوَّيْتُ زاءً: كَوَّفْتُ كَافاً.
(13/195)
|