تهذيب اللغة

أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف الطَّاء [/ كت]

(13/255)


(بَاب الطَّاء وَالدَّال)
ط د (وايء)
(أطد) ، وطد، تطا، طدي، طود.
وطد طدي أطد: فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: أَن زيادَ بنَ عَدِي أَتَاهُ فَوَطَده إِلَى الأَرْض، وَكَانَ رجلا مجبولاً، فَقَالَ عبد الله: أعْلُ عَنِّي، فَقَالَ: لَا حَتَّى يُخْبِرنِي مَتى يَهلِكُ الرجلُ وَهُوَ يعلم؟ قَالَ: إِذا كَانَ عَلَيْهِ إمامٌ إِن أطاعه أكفَره، وَإِن عَصَاهُ قَتَله.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: قَالَ أَبُو عَمْرو: الوطْد غَمْزُك الشيءَ إِلَى الأَرْض، وإثباتُك إيّاه، يُقال مِنْهُ: وطَدْتُه أَطِدُه وطداً إِذا وَطِئْتَه وغَمَزْتَه، وأَثْبَتّه، فَهُوَ مَوْطود، وَقَالَ الشَّمَّاخ:
فالْحَق بِبِجْلَة نَاسِبْهم وكُن مَعَهم
حَتَّى يُعيروك مَجداً غيرَ مَوْطودِ
اللَّيْث: المِيطَدَةُ خَشبةٌ يُوطّدُ بهَا المكانُ فيُصلَبُ الأَسَاسُ بِنَاء أَو غَيره.
عَمْرو عَن أَبِيه: الطّادِي: الثابتُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي قَول الْقطَامِي:
وَلَا تَقَضّى بواقِي دَيْنها الطادِي
قَالَ: يُرَاد بِهِ الواطِدُ، فأَخَّر الْوَاو وقَلبَها ألفا، وَيُقَال: وَطّدَ اللَّهُ لِلسلطان مُلكَه وأَطّدَه إِذا ثَبَّته.
سَلمَة عَن الفراءِ: طادَ إِذا ثَبتَ، وطَادَ إِذا حَمُق، وَوَطَد إِذا سارَ.
طود: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: طَوَّدَ إِذا طوَّف فِي الْبِلَاد لِطلب المعاش.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الطّوْدُ الجبلُ الْعَظِيم، وَجمعه أَطوادٌ، وَقَالَ غَيره: طوَّد فلانٌ بفلان تَطْويداً وطَوَّحَ بِهِ تَطويحاً، وطَوَّد بنفْسه فِي المطاودِ، وطوَّح بهَا فِي المطاوِح، وَهِي الْمذَاهب.
وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
أَخُو شُقّةٍ جَاب البلادَ بِنَفْسِه
على الهول حَتَّى طَوَّحَتْه المطَاوِدُ

(14/5)


وابنُ الطَّودِ الجُلمودُ الَّذِي يَتَدَهْدَى مِن الطّوْد.
وَقَالَ الشَّاعِر:
دعوتُ خُلَيْداً دَعْوَةً فكأَنَّما
دَعَوْتُ بِهِ ابْن الطّود أوْ هُوَ أَسْرعُ

(بَاب الطَّاء وَالتَّاء)
ط ت (وايء)
أهمله اللَّيْث.
(تطا) : وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تَطَا إِذا ظَلَم، وتَطَا إِذا هَرَب. رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس عَنهُ.
ط ظ
أهملت وجوهها.

(بَاب الطَّاء والذال)
(ط ذ (وايء))
(ذوط) : قَالَ عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: الذَّوَطُ أَن يَطولَ الحَنَك الْأَعْلَى ويَقْصُرَ الأسفلُ.
وَقَالَ أَبُو زيد نَحْوَه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الذَّوَطُ سُقَّاطُ النَّاس، قَالَ: والذَّوَطُ أَيْضا صِغَرُ الذَّقَنِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: ذَاطَه يَذُوطه ذَوْطاً، وَهُوَ الخَنْقُ حَتَّى يَدْلَعَ لِسانهُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الذَّوْطةُ وَجَمعهَا أذْواط: عَنْكبوتٌ لَهَا قوائِم، وذنبُها مثلُ الحبَّة من العِنَب الأَسْوَد، صَفْراء الظّهْر صَغِيرَة الرَّأْس، تَكَعُ بِذَنبِها فتُجهِدُ من تَكَعُه، حَتَّى يَذُوطَ، وذَوْطهُ أَن يَخْدَرَ مَراتٍ، وَمن كَلَامهم: يَا ذَوْطَةُ ذُوطِيه.
انْتهى وَالله أعلم.
(3 ((ط ث (وايء)
ثطا، ثاط، وطث، طثا: (مستعملة) .
ثطا ثطأ: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: ثَطَا إِذا خَطا، وثَطا إِذا لَعِبَ بالقُلّة، قَالَ: والثُّطى العناكب، والثُّطَى الخشباتُ الصِّغار.
وروى عمرُو عَن أَبِيه: الثُّطَاةُ العَنْكبوتُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الثَّطْأَةُ دُويبة، يُقَال لَهَا: الثُّطَاةُ، وَجَاء فِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرّ بِامْرَأَة سَوْدَاء تُرَقِّصُ صَبِيّاً لَهَا وَهِي تَقول:
ذُؤَالَ يَا بنِ القَرْمِ يَا ذُؤَالة
يَمشي الثّطَا ويَجْلِسُ الهَبَنقَعهْ
وَقَالَ اللَّيْث: الثّطَا إفراطُ الحُمق، يُقَال: رجل ثَطَ بَيِّنُ الثَّطَا، وأرادت أَنه يَمشي مشي الحَمقَى، كَمَا يُقَال: فلَان يمشي

(14/6)


بالحمق، وَمِنْه قَوْلهم: فلَان من ثطاته لَا يعرف قُطَاته من لَطَاتِهِ، قَالَ: القطاةُ مَوضِع الرديف من الدَّابة، واللّطاة غُرَّة الْفرس، أَرَادَ أَنه لَا يَعْرِف من حُمْقه مُقَدَّم الفرسِ من مُؤْخره.
ثأط: قَالَ وَيُقَال: إِن أصل الثَّطا من الثَّأْطَةِ وَهِي الحَمأَة، وَقيل للَّذي يُفْرِطُ فِي الْحمق: ثَأْطَةٌ مُدَّتْ بمَاءٍ وَكَأَنَّهُ مقلوب.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: أَنه قَالَ: الثَّأْطَةُ والدَّكَلَةُ والعَطَّاءةُ: الحَمأَةُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة نَحوه فِي الثَّأْطِ. وَأنْشد شمر لتبع:
فَأتى مَغيبَ الشمسِ عِندَ غُروبِها
فِي عينِ ذِي خُلْبٍ وثَأْطٍ حَرْمِدِ
طثا: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: طثا إِذا لعِبَ بالقلة، قَالَ: والطّثا الخشبات الصغار.
وطث: الوَطْثُ والوَطْسُ الكَسْر، يُقَال: وَطَثَه يَطِثُه وَطْثاً فَهُوَ مَوْطوث، ووَطَسَه فَهُوَ مَوْطوس إِذا تَوَطَّأَه حَتَّى يَكْسره) 3) .

(بَاب الطَّاء وَالرَّاء)
ط ر (وايء)
طرا، (طري، طرُو) ، طَرَأَ، طير، رطى، ريط، ورط، وطر، أطر، أرّط، وطر، طور.
طرا طَرَأَ: الحرَّاني عَن ابْن الأعرابيّ: لحمٌ طريٌّ غير مَهْمُوز، وَقد طَرُوَ يَطْرُو طَراوة وطراءة.
وَقَالَ اللَّيْث: طَرِي يَطْري طراوة وطَرَاءَة، وقلما يُستَعْمل لِأَنَّهُ لَيْسَ بحادثٍ.
قَالَ: والمطرَّاةُ ضرب من الطِّيب، قلت: يُقَال لِلألُوَّة: مُطَراةٌ إِذا طُرِّيتْ بِطيب، أَو عَنْبَر أَو غَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّرَى يُكَثّر بِهِ عَدَدَ الشَّيء يقالُ: هم أَكثر من الطّرَى والثّرَى.
وَقَالَ بعضُهم: الطّرَى فِي هَذِه الْكَلِمَة: كلُّ شَيْء من الخَلْق لَا يُحصى عدده وأصنافه، وَفِي أحد الْقَوْلَيْنِ: كل شيءٍ على وَجه الأَرْض مِمَّا لَيْسَ من جِبِلّة الأَرْض من التُّرَاب والحَصْباءِ وَنَحْوه، فَهُوَ الطّرَى.
أَبُو زيد فِي كتاب الْهَمْز: طرأتُ على الْقَوْم أَطْرأَ طَرْأً وطُروءاً، إِذا أتَيتهم من غير أَن يعلمُوا.
وَقَالَ اللَّيْث: طَرَأ فلانٌ علينا إِذا خرج عَلَيْك من مَكَان بعيد فَجْأَة، قَالَ: وَمِنْه اشْتَق الطُرْآني.
وَقَالَ بَعضهم: طَرَآنُ جبل فِيهِ حمام كثير إِلَيْهِ ينْسب الْحمام الطُّرآني.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: حمام طُرْآني، من طَرَأَ علينا فلانٌ أَي طَلَع وَلم نعرفه، قَالَ: والعامة تَقول: حمام طُورانيٌّ، وَهُوَ خطأ، وسُئل عَن قَول ذِي الرمة:

(14/7)


أَعاريبُ طُورِيُّون عَن كُل قريةٍ
يَحيدونَ عَنْهَا مِن حِذَار المقادِر
فَقَالَ: لَا يكون هَذَا من طَرَأَ، وَلَو كَانَ مِنْهُ لقَالَ: طَرْئيَّون، الْهمزَة بعد الرَّاء، فَقيل لَهُ: فَمَا مَعْنَاهُ؟ فَقَالَ: أَرَادَ أَنهم من بِلاد الطَّور يَعْنِي الشَّام فَقَالَ: (طوريون) كَمَا قَالَ العجاج:
دَانَى جَنَاحَيْهِ مِن الطُّور فَمرْ
أَرَادَ أَنه جاءَ من الشَّام، يُقَال: أَطْرَى فلانٌ فلَانا إِذا مَدَحَه بِمَا لَيْسَ فِيهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أطرى فلانٌ فلَانا إِذا مدحه بِمَا لَيْسَ فِيهِ، وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تُطروني كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى الْمَسِيح ابْن مَرْيَم وَإِنَّمَا أَنا عبد الله. وَلَكِن قُولُوا: عبد الله وَرَسُوله) ، وَذَلِكَ أَنهم مدحوه بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَقَالُوا: هُوَ ثَالِث ثَلَاثَة وَإنَّهُ ابْن الله وَمَا أشبهه من شِرْكهم وكفرهم.
عَمْرو عَن أَبِيه: أطْرَى إِذا زَاد فِي الثَّنَاء، وَفُلَان مُطَرًّى من نَفسه أَي مُتَحَيِّر.
قَالَ ابْن السّكيت: هُوَ الطِرِيّان للَّذي يُؤْكَل عَلَيْهِ، جَاءَ بِهِ فِي بَاب حروفٍ شدِّدتْ فِيهَا الْيَاء مثل البارِيّ والسَّرَارِيّ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطِرِيَّانُ الطَّبقُ والطَّرِيُّ الْغَرِيب، وَطَرى إِذا أَتَى، وطَرَى إِذا مَضَى، وطَرَى إِذا تَجَدَّد، وأَطْرَى إِذا زَادَ فِي الثَّنَاء.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: طَرِيَ يَطْرى إِذا أقبل، وطَرِيَ يَطرَى إِذا مرَّ.
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال: رجلٌ طارِيٌّ وطُوَرانِيٌّ وطورِيٌّ وطُخرور وطُمْرُور وطُحْرُور أَي غَرِيبٌ.
وَيُقَال: لكلِّ شيءٍ أُطْرُوَانِيَّةٌ: يَعْنِي الشبابَ.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: هِيَ الإِطرية بِكَسْر الْهمزَة، وَقَالَ شَمِر: الإطْرِيَّةُ شَيْء يُعمل مثلُ النَّشاستج المتَلَبِّقَة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقال لَهُ: الأُطْرِيةُ، وَهُوَ طَعَام يَتَّخِذُه أهلُ الشَّام لَيْسَ لَهُ وَاحِد، قَالَ: وَبَعْضهمْ يَكْسِر الْألف فَيَقُول: إطرية، مثل زبْنِيَة، قلت: وَالصَّوَاب إِطرية بِالْكَسْرِ، وَفتحهَا لَحْنٌ عِنْدهم، وَيُقَال لِلغرباء: الطُّرَّاء، وهم الَّذين يأْتونَ من مَكَان بعيد، قلت: وَأَصله الْهمزَة من طَرَأَ يطْرَأ.
أَبُو زيد: أَطْرَيْتُ العَسَلَ إطراءً وأعْقَدتُه وأخْثَرتُه سَوَاء.
أطر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر الْمَظَالِم الَّتِي وَقعت فِيهَا بَنو إِسْرَائِيل، والمعاصي فَقَالَ: (لَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ حَتَّى يَأْخُذُوا على يَدِيَ الظَّالم تَأْطِروه على الْحق أَطْراً) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو وَغَيره: قَوْله: تَأْطِروه يَقُول: تَعْطِفوه عَلَيْهِ، وكل

(14/8)


شَيْء عَطَفْتَه على شيءٍ فقد أَطَرْتَه تأطِرُه أَطْراً.
قَالَ طرفةُ يذكر نَاقَة وضلوعَها:
كأَن كِنَاسَيْ ضَالَةٍ يَكْنُفَانِها
وأَطْرَ قِسِيِّ تَحتَ صُلْبٍ مُؤَيَّدٍ
شبَّه انْحِنَاءَ الأضلاع بِمَا حُنِيَ مِن طَرَفَيْ القَوْس.
وَقَالَ المغيرةُ بن حَبْنَاءَ التَّمِيمِي:
وَأَنْتُم أناسٌ تقمِصونَ مِن القَنا
إِذا مارَفِي أَكْتافِكم وتَأَطَّرا
أَي إِذا انْثَنَى.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أَطَرْتُ السهْم أَطْراً إِذا لَفَفْتَ على مجمع الفُوقِ عَقبةً، وَاسم تِلْكَ العَقَبةِ أُطْرَةٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أَطَرْتُ السهمَ أَطْراً. وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الأَطْرَةُ أَنْ يُؤخذ رَمادٌ ودَمٌ فيُلطَخَ بِهِ كَسْرُ القِدْر، وَأنْشد:
قَدْ أَصْلَحَتْ قِدْراً لَهَا بِأُطْرَةْ
وَقَالَ أَبُو زيد: تَأَطَّرتِ الْمَرْأَة تَأَطُّراً إِذا قَامَت فِي بَيتهَا، وَأنْشد:
تَأَطَّرْنَ حَتى قُلْنَ لَسْنَ بَوارِحاً
وذُبْنَ كَما ذَابَ السَّدِيفُ المسَرْهَدُ
وسُئل عمر بن عبد الْعَزِيز عَن السُّنّة فِي قصّ الشَّارِب، فَقَالَ: أنْ تَقُصَّه حَتَّى يَبْدُوَ الإطار.
قَالَ أَبُو عبيد: الإطار الحَيْدُ الشَّاخِصُ مَا بَين مَقَصِّ الشَّارِبِ والشّفَة الْمُحِيط بالفم، وَكَذَلِكَ كلّ شَيْء أحَاط بِشَيْء فَهُوَ إطار لَهُ، قَالَ بشر بن أبي حَازِم:
وَحَلَّ الحَيُّ حَيُّ بني سُبَيْعٍ
قرَاضِبَة وَنحن لَهُمُ إطارُ
أَي وَنحن محدقون بهم.
وَقَالَ اللَّيْث: الإطار إطار الدُّف وإطار المُنْخُل، وإطار الشَّفة، وإطار الْبَيْت، كالمِنْطقة حول الْبَيْت، وانأَطَرَ الشيءُ انْئِطاراً أَي عَطَفْته، فانْعَطف كالعُود ترَاهُ مُستديراً إِذا جمعتَ بَين طَرفَيْهِ.
أَبُو عبيد عَن الفرَّاء قَالَ: الأطِيرُ الذّنْبُ، وَيُقَال فِي الْمثل: أَخَذَني بأَطِيرِ غَيْري أَي بذَنْب غَيْرِي.
وَقَالَ مِسْكين الدَّارمي: أَبصَّرْتَنِي بِأَطِيرِ الرِّجالْ وكَلّفْتَنِي مَا يقولُ البَشَرْ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إنَّ بَينهم لأَوَاصِرَ رَحم وأَوَاطِرَ رحم، وعَوَاطِفَ رحم بِمَعْنى وَاحِد، الواحدةُ آصِرةٌ وآطِرةٌ.
أَبُو عُبَيْدَة: فِي كتاب الْخَيل: الأُطْرَةُ طَفْطَفَةٌ غَليظةٌ كَأَنَّهَا عَصَبة مُرَكّبةٌ فِي رَأس الحَجَبَةِ وضِلَع الْخَلف.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التّأْطيرُ أَنْ تَبْقَى الجاريةُ زَمَانا فِي بَيت أَبَوَيْها لَا تَتَزَوَّج.
وطر: قَالَ اللَّيْث: الوَطَر كل حاجةٍ كَانَ

(14/9)


لصَاحِبهَا فِيهَا هِمَّة، فَهِيَ وَطَرُه، وَلم أسمع لَهُ فِعلاً أَكثر من قَوْلهم: قَضَيتُ مِن أَمر كَذَا وَكَذَا وطَري أَي حَاجَتي، وَجمع الوَطَر أَوْطار. طَار يطور.
طور: قَالَ الله جلّ وَعز: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 20) الطُّورُ فِي كَلَام الْعَرَب الجَبلُ وَقيل: إِن سيناء حجارةٌ، وَقيل: إِنَّه اسْم الْمَكَان؛ وَالْعرب تَقول: مَا بِالدَّار طُورِيٌّ وَلَا دُورِيٌّ.
قَالَ اللَّيْث: وَلَا طُورَانِيٌّ مثله، وَقَالَ بعض أهل اللُّغَة فِي قَول ذِي الرمة:
أَعَارِيبُ طُوريُّون عَن كُلِّ قَرْيةٍ
حِذَارَ المنايا أَو حِذَارَ المقادِرِ
وَقَالَ طُورِيُّون: أَي وَحْشِيُّون يَحِيدون عَن القُرَى حِذَار الوَباء والتَّلف، كَأَنَّهُمْ نُسبوا إِلَى الطُّور، وَهُوَ جَبَل بِالشَّام.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رجلٌ طُورِيٌ أَي غَريبٌ، وحمام طُورِيٌّ إِذا جَاءَ من بَلَد بعيد.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَقَاراً وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً} (نوح: 14) قَالَ: نُطفةً ثمَّ عَلَقةً ثمَّ مُضْغة ثمَّ عظما، وَقَالَ غَيره: أَرَادَ جلّ وعزّ اخْتِلَاف المناظر والأخلاق.
وَقَالَ اللَّيْث: الطّوْرُ التّارةُ يَقُول: طَوْراً بعد طَوْرٍ أَي تَارَة بعد تارةٍ، وَالنَّاس أطوارٌ أَي أَصنافٌ على حالات شَتَّى وَأنْشد:
والمرْءُ يُخْلَق طَوْراً بعد أَطْوَارِ
وَيُقَال: لَا تَطُرْ حَرَانَا وَفُلَان يَطُور بفلان: أَي كَأَنَّهُ يحوم حَوَاليه وَيَدْنُو مِنْهُ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطَّوْر الحَدُّ، يُقَال: قد تعدَّى فلَان طَوْرَه أَي حدَّه، والطَّوْرَةُ فِناء الدَّار والطَّوْرة الأَتْيَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّوارُ مَا كَانَ حَذْوِ الشيءِ وَمَا كَانَ بِحِذائه، يُقَال: هَذِه الدَّار على طَوارِ هَذِه الدَّار، أَي حائطُها مُتصلٌ بحائطها على نَسَقٍ وَاحِد، وَتقول: رَأَيْت مَعه حَبْلاً بِطَوَار هَذَا الْحَائِط، أَي بِطوله، والطَوار أَيْضا مصدر طَار يطور.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: فِي أمثالهم فِي بُلُوغ الرجل النِّهَايَة فِي الْعلم: بلغ فلَان أَطورَيْه وأطوَرِيه بِكَسْر الرَّاء أَي أقصاه.
طير: قَالَ اللَّيْث: الطَّيْرُ معروفٌ، وَهُوَ إسم جَامع مُؤَنثٌ، وَالْوَاحد طَائِر، وقلما يَقُولُونَ: طائرةٌ للْأُنْثَى، وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: النَّاس كلهم يَقُولُونَ للْوَاحِد: طَائِر، وَأَبُو عُبَيْدَة مَعَهم، ثمَّ انْفَرد فَأجَاز أَن يُقَال: طَيْر للْوَاحِد، وجَمَعَه على طُيور، وَقَالَ وَهُوَ ثِقَة.
وَقَالَ الفَراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ} (الْإِسْرَاء: 13) قَالَ: طائِره فِي عُنُقه عَمَلُه إنْ خيرا فخيراً، وإنْ شرا فشراً.
وَقَالَ أَبُو زيد: شقاؤه، أفادني المنذريّ عَن ابْن اليزيديّ قَالَ: قُرِىءَ طائِره وَطَيْرَه،

(14/10)


وَالْمعْنَى فيهمَا: قيل: عملُه، وخيرُه وشرُه، وَقيل: شَقاؤُه وسعادَتُه.
قلت: وَالْأَصْل فِي هَذَا كلِّه أَن الله تبَارك وَتَعَالَى لما خَلَقَ آدم عَلِم قبل خَلْقِه ذريتَه أَنه يَأْمُرهُم بتوحيده وطاعته وينهاهم عَن مَعْصيته، وَعلم المطيعَ مِنْهُم مِن العاصِين، والظالِم لِنَفْسِهِ من النَّاظر لَهَا، فكتبَ مَا علِمَه مِنْهُم أَجْمَعِينَ، وقَضَى بسعادة مَن عَلِمه مُطِيعاً، وشقاوَة من علمه عَاصِيا، فَصَارَ لكل مَن عَلِمَه مَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ عِنْد إنشائِه. فَذَلِك قَوْله: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ} أَي مَا طَار لَهُ بَدْءاً فِي عِلْم الله من الشرّ وَالْخَيْر، وعِلْم الشَّهَادَة عِنْد كَونهم، يُوَافق عِلْمَ الغيبِ، وَالْحجّة تَلْزَمُهم بِالَّذِي يَعْمَلُون، وَهُوَ غير مُخالف لما عَلِمه الله مِنْهُم قبل كَوْنهم، وَالْعرب تَقول: أَي صَار لَهُ وَخرج لَدَيه سهْمُه أَطرتُ المالَ وطَيَّرته بَينَ الْقَوْم فَطَارَ لكل مِنْهُم سَهْمُه، وَمِنْه قَول لبيد يَذكرُ ميراثَ أَخِيه أرْبِد بَين ورثته وحيازة كل ذِي سهم مِنْهُم سَهْمَه. فَقَالَ:
تَطِيرُ عَدَائِدُ الأشراك شفْعاً
وَوِتْراً والزعامةُ لِلغُلام
والأشْراك: الأنْصِباءُ، وَأَحَدهمَا شِرْكٌ، وَقَوله: شفْعاً وَوِتْراً أَي قُسِمَ لَهُم للذَّكر مِثلٌ حَظِّ الأنْثيين، وخَلَصَتْ الرياسةُ والسِّلاحُ للذكور من أَوْلَاده.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ فِي قصّة ثَمُود وتشاؤمهم بنبيِّهم الْمَبْعُوث إِلَيْهِم، صَالح عَلَيْهِ السَّلَام: {تُرْحَمُونَ قَالُواْ اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ} (النَّمْل: 47) وَمعنى قَوْلهم: اطَّيّرنا تَشاءَمْنا، وَهِي فِي الأَصْل تَطَيَّرنا، فأجابهم فَقَالَ الله عز وجلّ: {أَلِيمٌ قَالُواْ طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أَءِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ} (يس: 19) أَي شؤْمكم مَعكُمْ، وَهُوَ كفرهم وَقيل للشُّؤم: طَائِر وطَيْر وطِيَرة، لِأَن الْعَرَب كَانَ من شَأْنهَا عِيَافَةُ الطَّير، وزجرُها، والتَّطَيُّر ببارحها وبِنَعِيق غِرْبانها، وَأَخذهَا ذاتَ الْيَسَار إِذا أَثَارُوهَا فَسَمَّوْا الشؤمَ طَيْراً وطائِراً وطِيَرَةً لِتشاؤُمِهم بهَا وبأفعالها، فأعْلَم الله جلّ ثناؤُه على لِسَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن طِيرَتَهم بهَا بَاطِلَة وَقَالَ: لَا طِيرَةَ وَلَا هَامة.
وَكَانَ النبيّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يتفاءل وَلَا يَتَطَيَّر، وأصل التفاؤُلِ الْكَلِمَة الْحَسَنَة يَسْمَعُها عليل فتُوهِمُه بسلامته من عِلَّته، وَكَذَلِكَ المضِلُّ يسمع رجلا يَقُول يَا واجِدُ فيجد ضالَّته والطِّيَرة مُضادةٌ للفال، على مَا جَاءَ فِي هَذَا الْخَبَر، وَكَانَت العربُ مذهبها فِي الفال والطِّيَرة واحدٌ، فَأثْبت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الفالَ وَاسْتَحْسنهُ، وأَبْطَل الطِّيرَة وَنهى عَنْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال طارَ الطائِر يَطير طيرَاناً، قَالَ: والتَّطايُرُ التَّفرُّق والذهاب، والطِّيرَة اسمٌ من اطَّيرتُ وتَطَيَّرت، وَمثل الطِّيرَة الخِيرَةُ.

(14/11)


وَيُقَال: استطارَ الغُبَارُ إِذا انْتَشَر فِي الْهَوَاء، واستطار الفَجْرُ إِذا انْتَشَر فِي الأفُق ضَوْؤُه، فَهُوَ مُسْتَطِيرٌ، وَهُوَ الصُّبْح الصَّادِق البيّن الَّذِي يُحَرِّم على الصَّائِم الْأكل والشربَ والجماعَ، وَبِه تحل صلاةُ الْفجْر، وَهُوَ الْخَيط الأبيضُ الَّذِي ذكره الله تَعَالَى فِي كِتَابه، وَأما الْفجْر المستطيل بِاللَّامِ فَهُوَ المستَدقُّ الَّذِي يُشَبّه بذَنَبِ السِّرحان، وَهُوَ الخيطُ الأسودُ، وَلَا يُحرِّم على الصَّائِم شَيْئا، وَهُوَ الصُّبْح الْكَاذِب عِنْد الْعَرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للفَحْل من الإبِل: هائجٌ، وللكلب مُسْتَطير.
وَقَالَ غَيره: أَجْعَلتْ الكلبةُ واستطارتْ إِذا أَرَادَت الفحلَ، أَخْبرنِي بذلك الْمُنْذِرِيّ عَن الحَرَّاني عَن التَّوْزيّ وثابتُ بن أبي ثَابت فِي كتاب الفروق.
روى ابْن السّكيت عَن أبي صاعد الْكلابِي: يُقَال: استطار فلانٌ سيفَه إِذا انتزعه من غِمده مُسرِعاً.
وَأنْشد فِي صفة سيوف ذكرهَا رؤبة:
إِذا استُطيرتْ من جُفون الأغمادْ
فَقَأنَ بالصَّقَع يَرابيعَ الصَّادْ
واستطار الصَّدْع فِي الْحَائِط إِذا انْتَشَر فِيهِ، واستطار البَرْق إِذا انْتَشَر فِي أُفُقُ السَّمَاء، وَيُقَال: استُطِيرَ فلانٌ يُستطارُ استطارةً فَهُوَ مُسْتَطارٌ إِذا ذُعِرَ.
وَقَالَ عنترة:
مَتى مَا تلْقَنِي فَرْدَيْنِ ترْجُفْ
رَوَانِفُ أَلْيَتَيْكَ وتُسْتطارَا
وَيُقَال للْقَوْم إِذا كَانُوا هادئين ساكنين: كَأَنَّمَا على رؤوسهم الطَّير، وَأَصله أنَّ الطيرَ لَا تقع إِلَّا على شَيْء سَاكن من المَوَات، فَضُرِبَ مثلا للْإنْسَان ووقارِه وسكونِه. وَيُقَال للرجل إِذا ثار غَضَبُه: ثار ثَائِرُه، وطار طَائِره، وفار فائره، وأرضٌ مَطارة كَثِيرَة الطَّيْر.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال طائِر الله لَا طائِرك، وَلَا يُقَال طَيْر الله.
وَرَوى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ فِي قَوْله:
ذَكِيُّ الشذَى والمَنْدَلِيُّ المُطَيَّرُ
قَالَ: المنْدَلِيُّ العُود الهِنْدَيُّ، والمُطَيَّرُ المُطَرَّى فَقَلَب، وَقَالَ غَيره: المطيَّرُ المشقّقُ المُكَسَّرُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: بَلَغْتُ من فلَان أطْوَرَيهْ أَي الجُهْدَ والغاية فِي أمره.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: لقيتُ مِنْهُ الأمَرّينَ والأطورِين والأقورِين بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ ابْن الفَرَج: سَمِعت الْكلابِي يَقُول: ركب فلَان الدَّهْر وأَطْوَرَيْه أَي طَرَفَيْه.
ورط: أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْمفضل بن سَلَمة أَنه قَالَ فِي قَول الْعَرَب: وَقع فلَان

(14/12)


فِي وَرْطةٍ.
قَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ الهَلَكَةُ.
وَأنْشد:
إنْ تأْتِ يَوْمًا مثلَ هذِي الخُطَّة
تلاق من ضَرْبِ تُميْرٍ ورْطهْ
قَالَ: وَقَالَ غَيره: الورْطةُ الوَحَلُ والرَّدَعَةُ تقَعُ فِيهَا الْغنم فَلَا تقدر على التَّخلُّص مِنْهَا يُقَال: تَورَّطَتِ الْغنم إِذا وقعتْ فِي ورْطة، ثمَّ صَارَت مَثلاً لِكل شدَّة وَقع فِيهَا الْإِنْسَان.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الوَرْطَةُ أُهْوِيَّةٌ مُتصوِّبةٌ تكون فِي الْجَبَل تَشُقُّ على من وَقع فِيهَا.
وَقَالَ طُفَيل يصف الْإِبِل:
تهابُ طريقَ السَّهْل تحسَبُ أنّه
وعُورُ وِراطٍ وَهُوَ بَيْداء يلْقَعُ
وَقَالَ شمر: يُقَال: تَوَرَّط فلانٌ فِي الْأَمر، واستَوْرَطَ فِيهِ إِذا ارتبك فِيهِ فَلم يَسْهُلْ لَهُ المَخرج مِنْهُ، وَفِي حَدِيث وَائِل بن حُجْر وَكتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ: (لَا خِلاطَ وَلَا وِرَاطَ) قَالَ أَبُو عبيد: الوِراطُ الخَديعةُ والغِشُّ. قَالَ: وَيُقَال: إِن مَعْنَاهُ كَقَوْلِه: لَا يُجمَع بَين مُتفرِّق وَلَا يُفرَّق بَين مُجتمِع، وَقَالَ شمر الوِراط: أَن يُورِط إِبِلَه فِي إبلٍ أُخْرَى، أَو فِي مَكَان لَا تُرى بِعَيْنها فِيهِ، قَالَ وَقَالَ ابْن هاني: الوِراط مأخوذٌ من إيراطِ الجَرِير فِي عُنُق الْبَعِير إِذا جَعَلْتَ طَرَفة فِي حَلْقَتِه، ثمَّ جذبْتَه حَتَّى تَخْنُقَ البَعيرَ، وَأنْشد لبَعض الْعَرَب:
حَتَّى ترَاهَا فِي الجَرير المُورَطِ
سُرْحَ القِيادِ سَمْحَةَ التَّهبُّط
قَالَ شمر، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الوِراط أَن يَخْبَأها ويُفَرِّقها. يُقَال: قد وَرَطَها وأَوْرَطَها أَي سَتَرها.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الوِرَاط أَن يُغَيِّب مالَه ويجحد مَكَانهَا.
ريط: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: الرَّيْطَةُ مَلاءَةٌ لَيْسَتْ بِلِفْقَين كلهَا نَسْجٌ وَاحِد وَجَمعهَا رِياطٌ، قلت: وَلَا تكون الرَّيْطَةُ إِلَّا بَيْضاءَ، ورَيْطَةُ اسْم الْمَرْأَة وَلَا يُقَال رَائِطَةُ.
أرط: ورطى ابْن السّكيت عَن أبي عَمْرو: الأرِيطُ: العَاقِر من الرِّجَال وَأنْشد:
مَاذَا تُرجِّين من الأرِيط
حَزَنْبَلٍ يَأْتِيكِ بالبَطِيطِ
ليسَ بِذِي حَزْم وَلَا سَفِيطِ
قَالَ الليثُ فِي الأريط مِثْله.
أَبُو عبيد: المأروطُ من الْجُلُود المدبوغُ بالأَرْطَى؛ ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: إهَاب مَأْرُوطٌ ومُؤَرْطِيٌ إِذا دُبغ بالأرْطَى، قلت: والأرْطَاةُ شجرةٌ ورقُها عَبْلٌ مفتولٌ وجمعُها الأراطَى، منبِتها الرمال لَهَا عروق حُمر يُدْبغُ بورقها أَساقِي اللّبن، فيطيبُ طعمُ اللَّبن فِيهَا، وَقَالَ الْمبرد: أَرْطَى على بِنَاء فَعْلى مثل عَلْقَى، إلاَّ أَن الْألف فِي آخرهَا

(14/13)


لَيست للتأنيث لِأَن الْوَاحِدَة أرطاةٌ وعَلْقَاةٌ، قَالَ: وَالْألف الأولى أَصْلِيَّة.
وَقَالَ أَبُو عبيد فِيمَا أَقْرَأَنِي الْإِيَادِي عَن شمر: أَرْطَت الأَرْض إِذا أخرجت الأَرْطَى، وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أرْطَتْ لَحْنٌ وَإِنَّمَا هُوَ آرَطَتْ بِأَلفَيْنِ لِأَن ألف الأرطى أَصْلِيَّة.
قلت: الصَّوَاب مَا قَالَ أَبُو الْهَيْثَم.
(طرا) اطرورى: (أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: إِذا انتفخ بطنُ الرجل قيل: اطْرَوْرَى اطْرِيراءً. قَالَ الْأَصْمَعِي: وحُبِطَ مثلهُ سَوَاء، وَأَخْبرنِي الأياديّ عَن شَمِر قَالَ: أطرورَى بِالطَّاءِ لَا أَدْرِي مَا هُوَ؟ قَالَ: وَهُوَ عِنْدِي بالظاء، قلت: وَقد رَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: ظَرِي بطنُ الرجلِ يَظْرَى إِذا لم يَتَمَالَك لِيناً، قلت: وَالصَّوَاب اظْرَوْرَى بالظَّاء كَمَا قَالَ شَمِر.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الوِرَاط أَن يُغَيِّبَ مالَه ويَجْحَدُ مَكَانهَا. انْتهى وَالله أعلم) .

(بَاب الطَّاء وَاللَّام)
ط ل (وايء)
طول، طلي، أطل، لأط، لطأ، لوط، ليط.
طول: اللَّيْث: طَال فلانٌ فلَانا إِذا فاقَه فِي الطُّول، وَأنْشد:
تَخُطُّ بقَرْنَيْها بَرِيرَ أَراكةٍ
وتَعْطُو بِظِلْفَيْها إِذا الغُصْنُ طالها
أَي طاوَلَهَا فَلم تَنَلْه.
قَالَ: وَيُقَال للشَّيْء الطَّوِيل: طَال يَطُول طُولاً فَهُوَ طَوِيل، قَالَ: والأطوَل نقيضُ الأقصَر، وتأنيثُ الأطوَل الطُّولى، وجمعُها الطُّوَل. قَالَ: ويُقَال لِلرَّجل إِذا كَانَ أهوَجَ الطُّولِ: رجلٌ طُوَالٌ وطُوَّالٌ، وامرأةُ طَوالةٌ وطُوّالة. قَالَ: والطِّوَل هُوَ الحَبْلُ الطويلُ جدّاً، وَقَالَ طَرَفة:
لَعمرُكَ إنّ الموتَ مَا أَخطَأ الفَتَى
لكالطِّوَلِ المُرْخَى وثُنْياهْ باليَدِ
وجمعُ الطَّويل: طِوال وطِيَال، وهما لُغتان، وَيُقَال: قد طالَ طِوَلُك يَا فلَان، إِذا طَال تمادِيه فِي أمرٍ أَو تَراخِيه عَنهُ، وبعضُهم يَقُول: قد طَال طِيَلُه.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الزّجاج يُقَال: طَال طِوَلُك وطِيَلُك: أَي طالتْ مُدَّتُهُ.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكّيت، يُقَال: قد طَال طِوَلُك وطِيَلُك وطُولُك وطَوالُك. قَالَ: والطِّوَل: الحَبْل الَّذِي يُطوِّل للدابَّة فتَرعَى فِيهِ، وَقَالَ طَرَفة لكالطول المرخى وثنياه بِالْيَدِ.

(14/14)


ثمَّ قَالَ: وَقد شَدّدَ الراجز الطِوَلَ للضَّرُورَة فَقَالَ:
تعرّضتْ لَم تَأْلُ عَن قَتْلٍ لِي
تَعرُّضَ المُهْرَةِ فِي الطِّوَلِّ
وَقَالَ القَطَاميّ:
إِنّا مُحَيُّوكَ فاسَلْم أيُّها الطَّلَلُ
وإنْ بَلِيتَ وَإِن طالَتْ بكَ الطِّيَلُ
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً} (النِّسَاء: 25) الْآيَة، مَعْنَاهُ من لم يَقدِر مِنْكُم على مَهْرِ الحُرّة. قَالَ أَبُو إِسْحَاق: والطول هُنَا القُدْرة على المَهْر، وَقد طالَ الشيءُ طُولاً، وأَطَلْتُه إطَالةً، وقولُ الله جلّ ثَنَاؤُهُ {الْعِقَابِ ذِى الطَّوْلِ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ} (غَافِر: 3) أَي ذِي القُدْرة، وَقيل: الطَّوْلُ الغِنَى: والطَّوْلُ الفَضل، يُقَال: لفِلان على فلانٍ طَوْل، أَي فَضْل.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال إنّه لَيتطوَّلُ على النَّاس بفضلِه وخيرِه. قَالَ: واشتقاق الطائل من الطُّولِ، وَيُقَال للشَّيْء الخسيس الدُّون: هَذَا غيرُ طائِل، والتذكير والتأنيث فِيهِ سَوَاء، وَأنْشد:
لقد كلّفوني خُطَّةً غيرَ طائِل
قَالَ: والطَّوَال: مَدَى الدَّهر، يُقَال: لَا آتَيك طَوَالَ الدَّهْر، قَالَ: والطَّوَل: طُولٌ فِي المِشْفَر الْأَعْلَى على الأسْفَل. يُقَال: جَمَل أطوَل، وَبِه طَوَل، والمُطاولة فِي الْأَمر هِيَ التَّطْوِيل، والتطاوُل فِي مَعْنًى: هُوَ الاستطالةُ على النّاس إِذْ هُوَ رَفَع رأسَه ورأَى أنّ لَهُ عَلَيْهِم فَضْلاً فِي القَدْر. قَالَ: وَهُوَ فِي مَعْنًى آخر: أَن يقوم قَائِما، ثمّ يَتطاوَل فِي قِيامه، ثمَّ يَرفَعَ رأسَه، ويَمُدَّ قَوامَه للنَّظر إِلَى الشَّيْء.
قلت: والتَّطَوُّلُ عِنْد العَرَب مَحْمُود، يُوضع مَوْضعَ المحاسن. ويمتدح مِنْهُ فَيُقَال: فلَان يتطول وَلَا يَتَطَاوَل. والتّطاوُل مَذْمُوم، وَكَذَلِكَ الاستطالة يُوضَعان مَوضِع التكبُّر.
وَقَالَ اللَّيْث: الطّويلةُ: اسمُ حَبْل تُشدُّ بِهِ قائمةُ الدَّابةِ، ثمَّ تُرسَل فِي المَرعَى، وَكَانَت العربُ تتكلَّم بِهِ، يُقَال: طَوِّل لِفرسِك يَا فلَان، أَي أَرْخِ لَهُ حَبْلَه فِي مَرْعاه.
قلت: وَلم أسمع الطَّويلة بِهَذَا الْمَعْنى، من الْعَرَب، ورأَيْتهم يسمونه هَذَا الحَبْل الطَّوِيل.
وَفِي الحَدِيث: (لَا حِمًى إلاّ فِي ثَلَاث) طِوَلِ الفَرَس، وثَلَّةِ البِئر، وحَلْقَةِ الْقَوْم.
ورأيتُ بالصَّمَّانِ رَوْضةً وَاسِعَة يُقَال لَهَا الطّويلة، وَكَانَ عَرْضُها قَدْرَ مِيلٍ فِي طولِ ثلاثةِ أَمْيال، وفيهَا مَسَاكٌ لِماءِ السَّمَاء إِذا امْتَلَأَ شَربوا مِنْهُ الشهرَ والشهرين. ومَطاوِلُ الخَيل أَرْسانُها، والسبْعُ الطُّوَلُ من سُوَر الْقُرْآن سَبْعُ سُوَر، وَهِي:
سُورَة الْبَقَرَة، وَسورَة آل عمرَان، وَسورَة

(14/15)


النِّسَاء، وَسورَة الْمَائِدَة، وَسورَة الْأَنْعَام، وَسورَة الْأَعْرَاف، فَهَذِهِ ستُّ سُوَر متواليةٌ.
وَاخْتلفُوا فِي السَّابِعَة، فَمنهمْ من قَالَ: هِيَ الْأَنْفَال وَبَرَاءَة، وعدَّهما سُورَة وَاحِدَة، وعَلى هَذَا قولُ الأكْثرين، وَمِنْهُم من جَعل السابعةَ سورةَ يُونُس، والطُّوَل: جمعُ الطُّولَى، يُقَال: هِيَ السورةَ الطُّوَلى، وهُنَّ الطُّوَل، والطوائل الأوْتارُ والذُّحُول، واحدتُها طائلة، يُقَال: فلانٌ يَطلب بَني فلانٍ بِطَائلةٍ أَي بوتْرٍ، كأَنَّ لَهُ فيهم ثَأْراً فَهُوَ يَطلبُه بِدَمِ قتيلٍ لَهُ.
أطل: أَبُو عُبيد: الإطْل والأيْطَل: الخاصرة، وَجمع الإطْل آطال وَجمع الأيْطَل أياطل، وأيْطلٌ فَيْعَل. والألفُ أصليّة.
طلي: قَالَ اللَّيْث: الطَّلا: هُوَ الْوَلَد الصَّغِير من كلِّ شَيْء، وَحَتَّى قد شُبّه رَمادُ المَوْقِد بيْن الأثافيّ بالطّلا، والأطلاء جِمَاعُه. قَالَ: والطُّلْيان والطِّليان جِماعهُ.
أَبُو عُبيد عَن الفرَّاء: طَلَيْتُ الطلَى وطَلَوْتُه وَهُوَ الطَّلَى مَقْصُور يَعْنِي رَبَطْتُه برِجْله.
سَلمَة عَن الفرّاء: اطْلُ طَلِيَّكَ والجميع الطُّلْيانُ أَي ارْبِطْه برِجلِه. حَكَاهُ عَن ابْن الجرَّاح قَالَ: وَغَيره يَقُول: أَطْلِ طَلِيَّك، وَقَالَ العجّاج:
طَلَي الرَّمَادِ اسْتُرئِمَ الطَّلِيُّ
قَالَ أَبُو الهيْثم: هَذَا مثَلٌ جَعل الرّمادَ كالوَلَدِ لثَلَاثَة أَيْنُق، وَهِي الأثافِيّ عُطِفْنَ عَلَيْهِ، يَقُول: كأنّما الرّمادُ وَلَدٌ صغيرٌ عُطِفْتَ عَلَيْهِ ثَلَاثَة أينُق.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: أوَّل مَا يُولَدُ الظِّبَاءُ فَهُوَ طَلاً. قَالَ: وَقَالَ غيرُ وَاحِد من الْأَعْرَاب: وَهُوَ طَلاً ثمَّ خِشف.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: طَلَّى إذَا شَتَمَ شَتْماً قبيحاً.
وَقَالَ شَمِر: الطَّلَوانُ: الرِّيق الخاثِر. قَالَ: والطُّلاوَة: دُوَايةُ اللبَن.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: بِأَسْنَانِهِ طَلِيٌّ وطِلْيَان وَقد طَلِيَ فُوهُ فَهُوَ يَطْلَى طَلًى مقصورٌ وَهُوَ القَلَحُ.
وَقَالَ اللّيث: الطُّلاوة الرِّيق الَّذِي يجِفّ على الْأَسْنَان من الْجُوع، وَهُوَ الطَّلَوَانُ. قَالَ: والطُّلاةُ هِيَ العُنق وَالْجمع طُلًى.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: وَاحِدَة الطلى طلاة وطلية. مِثل: تقاةٍ وتقى، وَقَالَ اللَّيْث: وَبَعْضهمْ يَقُول: طُلْوَةً وطُلّى.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: الطُّلَي: جمعُ الطُّلْيَة، وَهِي صَفْحَةُ العُنُق. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمرو والفرّاء: واحدتُها طُلاَةٌ، وَقَالَ الْأَعْشَى:
مَتَى تُسْقَ من أَنْيَابِها بَعْد هَجْعَةٍ
من اللّيل شِرْباً حينَ مالَت طُلاتُها
الأصمعيّ يَقُول: طُلْيَة وطُلًى.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الطُلاوَة: البَهجَة

(14/16)


والحُسْن، يُقَال: حديثٌ عَلَيْهِ طُلاوَة، وَكَذَلِكَ غيرُه.
قلتُ: وَأَجَازَ غيرُه. طَلاوَة، يُقَال: مَا على وَجْهِه حَلاوة وَلَا طَلاَوة، والضّمُ اللّغةُ الجيّدة.
عَمرو عَن أَبِيه قَالَ: المُطَلِّي هُوَ المغنِّي، وَهُوَ المُرَبِّي وَالْمُهَنِّي والنَّاخِمُ كلُّه بِمَعْنى المغنِّي.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: طَلَيْتُه فَهُوَ مَطْلِيٌّ وطَلِيٌّ: أَي حَبسته.
الحرّاني عَن ابْن السكّيت: طَلَيْتَ فلَانا تَطْلِيَةً إِذا مَرَّضْتَه وقمتَ عَلَيْهِ فِي مَرَضه. وَقد أطلَى الرجلُ إطْلاءً فَهُوَ مُطْلٍ، وَذَلِكَ إِذا مالتْ عنقُه لموتٍ أَو غيرِه، وَأنْشد:
تَرَكْتُ أَباكِ قد أطلَي ومالَتْ
عَلَيْهِ القَشْعَمَانِ من النُّسُورِ
أَبُو سعيد، الطِّلْوُ الذِّئب، والطِّلْو: القانِص اللّطيف الجِسم، شُبِّه بالذئب؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاح:
صادَفَت طِلْواً طَوِيلَ القَرَا
حافظَ العَيْن قَلِيلَ الشَّآم
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ليلٌ طالٍ أَي مُظلِم، كأنَّه طَلى الشُّخُوصَ فَغطَّاها، وَقَالَ ابْن مُقْبِل:
أَلا طَرَقَتْنَا بالمدينةِ بعدَ مَا طَلَى
الليلُ أذنابَ النِّجادِ فأَظْلَما
أَي غَشَّاها كَمَا يُطْلَى البَعيرُ بالقَطِران.
وَيُقَال: فلانٌ مَا يُساوِي طُلْيَةً، وَهِي الصُّوفة الَّتِي يُطْلَى بهَا الجَرْيَى، وَهِي الرِّبْذَة أَيْضا.
قَالَه ابْن الأعرابيّ. قَالَ: والطِّلاءُ: الشَّرَابُ، شبه بِطِلاءِ الْإِبِل، وَهُوَ الهِناء. قَالَ: والطِّلاء: الشَّتْم، وَقد طلَّيْتُه أَي شَتَمْتُه. قَالَ: والطِّلاء: الخَيط، وَقد طَلَيْتُ الطِّلاء: أَي شدَدْتُه. قَالَ: والطُّلاَّء: الدمُ، يُقَال: تركته يتَشَحَّط فِي طُلاّئه، أَي يضطرب فِي دمِه مقتولاً.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الطُّلاّء: شيءٌ يَخرج بعدَ شُؤْبُوب الدَّمِ الَّذِي يُخَالف لَوْنَ الدَّمِ، وَذَلِكَ عِنْد خُروج النَّفْس من الذَّبيحِ وَهُوَ الدَّم الَّذِي يُطلَى.
ابْن نجدة عَن أبي زيد قَالَ: أَطَلى الرجلُ إِذا مالَ إِلَى هوى.
وَفِي الحَدِيث: مَا أَطَلى نَبِيٌّ قطّ أَي مَا مَال إِلَى هَوَاهُ، وَقَالَ غيرُه فِي قَوْلهم: مَا يُسَاوِي طِلْيَة، إنّه الْخَيط الّذي يُشَد فِي رِجْل الجَدْي مَا دَامَ صَغِيرا، وَقَالَ: الطُّلْية خِرْقَةُ العَارِك، وَقيل: هِيَ الثَّمَلَة الّتي يُهْنأ بهَا الجَرَبُ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: أمرٌ مَطْلِيٌّ أَي مُشكِل مُظلِم، كأنَّهُ قد طُلِي بِمَا لَبَّسه، وَأنْشد ابْن السكّيت:
شَامِذاً تَتَّقِي المُبِسَّ على المُرْ
يَةِ كَرْهاً بالصِّرفِ ذِي الطُّلاّء

(14/17)


قَالَ: الطُّلاّء الدَّمُ فِي هَذَا الْبَيْت، قَالَ: وَهَؤُلَاء قومٌ يُرِيدُونَ تسكينَ حَرْب، وَهِي تَسْتعصِي عَلَيْهِم وتَزْبِنُهُم لِما هُرِيق فِيهَا من الدِّماء. وَأَرَادَ بالصِّرْف، الدَّمَ الْخَالِص.
أَبُو عبيد: المَطالِي: الأرضُ السَّهْلَةُ اللّيّنة تُنْبِت الغَضَا واحِدتها مِطْلاءٌ على مِفْعال.
عَن أبي عَمْرو وَابْن الأعرابيّ: تَطَلّى فلَان إِذا لَزِمَ اللهوَ والطرب، وَيُقَال: قَضَى فلانٌ طَلاهُ مِن حَاجته أَي هَوَاهُ.
لأط: قَالَ أَبُو زيد فِي كتاب الهَمْزة: لأَطْتُ فلَانا لأْطاً، إِذا أمَرْته بأمرٍ فألَحّ عَلَيْهِ، وتَقَضّاه فألَحّ عَلَيْهِ. وَيُقَال: لأَطتُ الرجلَ لأْطاً إِذا تتبعتَه بِبَصَرِك فَلم تَعْرِفه عَنهُ حَتَّى يَتوارَى.
لطأ: قَالَ أَبُو زيد: لَطِىءَ فلانٌ بِالْأَرْضِ يَلْطَأُ لَطْأً إِذا لَزِق بهَا، وَأَجَازَ غَيره: لَطَأَ يَلْطَأَ، وَقَالَ شَمِر: لَطَا يَلْطَا بِغَيْر همز إِذا لَزق بِالْأَرْضِ وَلم يَكد يَبْرح، وهما لغَتان.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
فأَلْقَى التِّهَامِي مِنْهَا بِلَطَاتِه
وأَحْلَطَ هَذَا لَا أَعُودُ وَرَائِيا
قَالَ أَبُو عبيد فِي قَوْله بلَطَاته: أرضه وموضعه، وَقَالَ شمِر: لم يجد أَبُو عبيد فِي لَطاته قَالَ: وَيُقَال: ألقَى لَطاتَه إِذا أَقَامَ فَلم يَبرَح، كَمَا تَقول: ألْقَى أَرْواقَه وجَرَاميزه. قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: ألقَى لَطاتَه طَرَحَ نفسَه، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: لَطاتُه متاعُه وَمَا مَعَه.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: بيّضَ الله لَطَاتَك، أَي جَبهَتك. قَالَ: واللُّطاةُ أَيْضا اللُّصوص، قومٌ لُطاةٌ، وَيُقَال: فلَان من ثطاته لَا يَعرف قَطاتَه من لَطاتِه، أَي لَا يَعرِف مقدَّمَه من مُؤَخَّرِه، وَقَالَ الليْث: اللَّطْءُ لُزوقُ الشّيء بالشَّيْء، يُقَال: رَأَيْت فلَانا لاطِئاً بِالْأَرْضِ. ورأيتُ الذئبَ لاطئاً للسَّرِقة، وَهَذِه أَكَمة لاطئة، قَالَ: واللاطئة خُرَاج يَخْرج بالإنسان فَلَا يكَاد يَبرأ مِنْهُ ويَزعمون أنّها من لَسْعة الثُّطْأَةِ.
ابْن السّكيت عَن الْأَحْمَر: لَطَأَتُ بِالْأَرْضِ ولَطِئتُ أَي لَزِقْتُ، وَقَالَ الشمّاخ فتَركَ الْهمزَة:
فَوافَقَهُنَّ أطلَسُ عامِرِيٌّ
لَطَا بصَفائحٍ مُتسانِداتِ
أَرَادَ لطأَ، يَعْنِي الصيّاد أَي لَزِقَ بِالْأَرْضِ فتَركَ الْهَمْز.
(لوط ليط) : فِي حَدِيث أبي بكر أَنه قَالَ: إنّ عمَر لأحَبُّ النَّاس إليَّ. ثمَّ قَالَ: اللهمّ أَعَزُّ، والوَلَدُ أَلْوَطُ.
قَالَ أَبُو عبيد: قولُه والوَلَد ألوَط أَي أَلْصَق بالقَلْب، وَكَذَلِكَ كلُّ شَيْء لَصِق بِشَيْء فقد لاطَ بِهِ يَلُوطُ لَوْطاً. قَالَ: وَمِنْه حَدِيث ابْن عبّاس فِي الّذي سأَلَه عَن مالِ يَتِيم وَهُوَ وَاليهِ: أَيُصيبُ من لَبَن إبِلِه؟ فَقَالَ: إِن كنتَ تَلُوطُ حَوْضها، وتَهْنَأْ

(14/18)


جَرْباها، فَأَصِبْ من رِسْلِهَا، قَالَ: قَوْله: تَلوطُ حَوْضَها أَرَادَ باللَّوْطَ تطْيِين الحَوْض، وإصلاحَه، وَهُوَ من اللصوق، وَمِنْه قيل للشَّيْء إِذا لم يكن يُوافِق صاحبَه: مَا يَلْتاطُ هَذَا بِصَفَرِي أَي لَا يَلصَق بقَلْبي، وَهُوَ مُفْتَعِل من اللَّوْط، قَالَ: وَمِنْه حديثُ عليّ بن الحَسَنْ فِي المُستَلاط أَنه لَا يَرِث، يَعْنِي المُلصَق بالرجُل فِي النَّسَب الَّذِي وُلِد لغير رِشْدَة.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: الْتاطَ فلانٌ ولَداً واستَلاطه وَأنْشد:
فَهَلْ كُنتَ إلاّ بُهْثَةً استلاطَها
شَقيٌّ من الأقوام وَغدٌ ومُلْحَقُ
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: إنّي لأجد لَهُ لَوْطاً ولِيطاً بِالْكَسْرِ، وَقد لاطَ حُبَّه يَلُوط ويَلِيط أَي لَصِق.
وَقَالَ أَبُو عبيد: اللِّياط الريَا سُمِّي لِياطاً لأنّه شيءٌ لَا يَحِلّ، أُلْصِق بِشَيْء، وَمِنْه حديثُ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَتبَ لثَقِيفَ حِين أَسلَموا كِتاباً فِيهِ: (وَمَا كَانَ لَهُم مِن دَيْن إِلَى أجَلٍ فَبلغ أجلَه فإنّه لِياط مُبرَّأٌ من الله) ، فاللِّياط هَهُنَا الرِّبا الّذي كَانُوا يُرْبُونه فِي الجاهليّة، رَدَّهم اللَّهُ إِلَى أَن يَأْخُذُوا رُؤُوس أَمْوَالهم، ويَدَعُوا الفَضْلَ عَلَيْهَا.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: جمعُ اللّياط وَهُوَ الرِّبا، ليطٌ وَأَصله لُوطٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: لُوطٌ كَانَ نبيّاً بَعَثه الله إِلَى قومه فكذّبوه وأحدَثوا مَا أَحدَثوا، فاشتَقّ الناسُ من اسْمه فِعلاً لمن فَعلَ فِعْلَ قومِه. قَالَ: واللِّيطُ قِشْرُ القَصَب اللاّزق بِهِ، وَكَذَلِكَ لِيطُ القَناة، وكلُّ قِطعة مِنْهُ لِيطةٌ. قَالَ: ويُقال للْإنْسَان اللَّيِّن المجَسَّة: إنّه لَلَيِّنُ اللِّيط، وأنشدَ:
فَصبَّحتْ جابيَةً صُهارِجَا
تَحسَبُها لَيْطَ السماءِ خارِجَا
شَبَّه خُضرة المَاء فِي الصِّهريج بجِلد السَّمَاء، وَكَذَلِكَ لِيطُ القَوْس العربيّة تُمسَح وتُمرَّن حتّى تَصْفَرَّ وَيصير لَهَا لون ولِيط.
قلتُ: ولِيطُ العُودِ: القِشْر الَّتِي تَحت القِشْر الْأَعْلَى، وَقَالَ أَوْس بن حَجَر يصف قوساً:
فَمَن لَك باللِّيطِ الَّذِي تحتَ قِشْرِها
كَغِرقِىء بَيْضٍ كَنَّه القَيْضُ من عَلِ
وَقَالَ أَبُو عبيد: اللِّيط اللَّوْن وَهُوَ اللّياط أَيْضا.
وَمِنْه قولُ الشَّاعِر يصف قوساً:
عاتكةُ اللِّياط
وَقَالَ اللَّيْث: تَلَيَّطْتُ لِيطةً أَي تَشَظَّيتها من قشر الْقصب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: اللَّوْط الرِّداء، يُقَال: انتُقْ لَوْطَك فِي الغزالة حَتَّى يَجِف، ولَوْطُه رِداءُه ونتقُه بَسطه. قَالَ: وَيُقَال: استلاطَ القومُ وأطلوا إِذا أَذْنبوا ذُنوبا

(14/19)


ً تَكون لِمَنْ عاقَبَهم عذرا، وَكَذَلِكَ أَعذَروا.
وَفِي الحَدِيث: أنّ الْأَقْرَع بنَ حَابِس قَالَ لِعُيَينة بن حِصْن: بمَ استَلطْتُم دمَ هَذَا الرجل؟ قَالَ: أَقْسَمَ منّا خَمْسون أنّ صاحبنا قُتِلَ وَهُوَ مُؤمن، فَقَالَ الْأَقْرَع: فَسألكم رسُولُ الله أَن تَقْبَلُوا الدّيَهْ وتَعْفُوا فَلم تَقْبَلُوا، وليُقْسِمَنَّ مائةٌ من بني تَمِيم أنّه قُتِل وَهُوَ كَافِر، قَوْله: بمَ استلَطتم؟ أَي استوجَبْتم واستَحقَقْتُم، وَذَلِكَ أنّهم لمّا استحقّوا الذَّمَ وَصَارَ لَهُم ألصَقُوه بِأَنْفسِهِم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، يُقَال: استلاط القَوْمُ واستَحَقوا وأَوْجَبُوا وأَعْذَروا ودَنُّوا إِذا أَذْنبوا ذُنوباً تكونُ لمن يُعاقِبُهم عذْراً فِي ذَلِك لاستحقاقهم.
أَبُو زيد، يُقَال: فلَان مَا يَليطُ بِهِ النَّعيم وَلَا يَليق بِهِ، مَعْنَاهُ وَاحِد، انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء وَالنُّون)
ط ن (وايء)
طين، طنى، وَطن، نوط، نيط، نطا، طون، (نأط) .
طين: قَالَ اللَّيْث: الطِّين مَعْرُوف، يُقَال: طِنْتُ الكتابَ طَيْناً جَعَلْتُ عَلَيْهِ طِيناً لأخْتِمه بِهِ، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {قَالَ أَءَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} (الْإِسْرَاء: 61) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: نَصَب طيناً على الْحَال، أَي خلقْتهُ فِي حَال طِينيَّتِهِ.
قَالَ اللَّيْث: وَيُقَال طَيَّنْتُ البيتَ والسَّطح، والطِّيانَة حِرْفَة الطَّيَّان، وَأما الطيّان من الطَوَى، وَهُوَ الْجُوع فَلَيْسَ من هَذَا، والطِّينةُ، قِطعة من الطِّين يُختَم بهَا الصَّكّ ونحوُه.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: طانَه اللَّهُ على الخَيْر وطامَه يَعني جَبَلَه، وَهُوَ يطِينُه، وأَنشدَ:
أَلا تِلكَ نفسٌ طِينَ مِنْها حَياؤُها
وَيُقَال: لقد طانَنِي اللَّهُ على غير طِينتك.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: طانَ فلانٌ وطَام إِذا حَسُنَ عَملُه. يُقَال: مَا أحسنَ مَا طَامَه وطَانه. اللّحياني: يَوْم طانٌ ذُو طِين.
طنى: قَالَ اللَّيْث: الطنَى لزُوق الرِّئة بالأضلاع حَتَّى رُبمَا عَفِنتْ واسودّت وأكثرُ مَا يُصيبُ الْإِبِل، وبعيرٌ طَنٍ، وَقَالَ رؤبة:
مِن داءِ نَفْسِي بَعْدَمَا طَنيتُ
مِثلَ طَنَى الإبلِ وَمَا ضَنِيتُ
أَي بَعْدَ مَا ضَنِيت، أَبُو عبيد: الطنَى لُزوق الطِحَال بالجَنْب.
وَقَالَ الْحَارِث بن مُصرف:

(14/20)


أَكْويه إمَّا أَرادَ الكَيَّ مُعْترِضاً
كيَّ المُطَنِّي من النَّحْرِ الطَّنَى الطَّحِلاَ
قَالَ: المُطنِّي: الّذي يُطَنِّي البعيرَ إِذا طَنَى.
قلت: الطنَى يكون فِي الطِّحال كَمَا قَالَ أَبُو عبيد ورَواه عَن الْأَصْمَعِي.
وَقَالَ اللحيانيّ: رجُلٌ طَنٍ، وَهُوَ الّذي يُحَمّ غِبّاً فيعظُمُ طِحَالُه، وَقد طَنِيَ طَنى.
قَالَ: وبعضُهم يهمِز فَيَقُول: طَنِىء يطنأ طَنَأً فَهُوَ طَنيءٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيْ: أطْنَى الرجلُ إِذا مَال إِلَى الطَّنَى وَهُوَ الرِّيبَةُ والتُّهْمَةُ، أَطْنَى إِذا مَال إِلَى الطّنّى وَهُوَ البِساط فَنَامَ عَلَيْهِ كَسَلاً. قَالَ: أَطْنَى إِذا مَال إِلَى الطَّنَى، وَهُوَ الْمنزل، وأَطنَى إِذا مَال إِلَى الطَّنَى فشَرِبه وَهُوَ المَاء يَبْقَى أسفلَ الحَوض، وأَطْنَى إِذا أَخَذَه الطَّنَى وَهُوَ لُزوق الرّئة بالجَنْب.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ أَيْضا: الطَنْءُ الرِّيبة والطِّنْءُ: الأَرْض البَيْضاء، والطِّنءُ الرَّوْضَة، وَهِي بقيّة المَاء فِي الحَوْض.
أَبُو عُبيد عَن الأُمَويّ: الطِّنءُ: المنزِل. وَقَالَ شِمر: الطَّنْءُ الرِّيبة والتهمة. وَأنْشد الفرّاء:
كَانَ على ذِي الطِّنْءِ عَيْناً بَصِيرة
وَفِي النَّوَادِر: الطِّنْءُ شيءٌ يُتَّخَذ لصَيد السِّباع مثل الزُّبْية.
وَقَالَ اللَّيْث: الطّنْء فِي بعض الشعْر اسمٌ للرّماد الهامد، والطِّنْء: الفُجور، قَالَ: وَيُقَال: قوم طُنَاةٌ زُناةٌ. وأخبرَني المنذريُّ عَن أبي الهيْثم أنّه يُقال: لدَغَتْهُ حيّة فأطنَتْهُ إِذا لم تَقتُله، وَهِي حيَّةٌ لَا تُطْنِىءُ أَي لَا تُخطِىء. والإطناء مِثل الإشواء.
سَلمَة عَن الفرّاء: الأطناءُ الأهواءُ، والأطناء: العَطيَّات.
أَبُو تُرَاب عَن شمِر: طَنَأْتُ طُنُوءاً وزَنَأْتُ إِذا استحْيَيْتُ. قَالَ: وَقَالَهُ الأصمعيّ، وَلم يَعْرِفه أَبُو سعيد. أَبُو زيد، يُقَال: رُمِيَ فلانٌ فِي طِنْئِه وَفِي نَيْطِه، وَذَلِكَ إِذا رُمِيَ فِي جَنازَتِه وَمَعْنَاهُ إِذا مَاتَ.
وَطن: قَالَ اللَّيْث: الوَطنُ مَوْطِن الْإِنْسَان ومَحَلُّه قَالَ: وأَوْطانُ الغَنَم مَرابِضُها الَّتِي تأْوِي إِلَيْهَا. وَيُقَال: أَوْطَن فلانٌ أرضَ كَذَا وَكَذَا، أَي اتَّخَذَها مَحَلاًّ ومَسْكناً يُقيم فِيهَا، قَالَ رؤبة:
حَتَّى رأى أهلُ العراقِ أنَّني
أوطنْتُ أَرضًا لم تكن من وَطَني
وأمّا الوَطَن فكلّ مَكَان قَامَ بِهِ الْإِنْسَان لأمرٍ فهوَ مَوْطن لَهُ، كَقَوْلِك: إِذا أتيتَ فوقفتَ فِي تِلْكَ المواطنِ فادْعُ اللَّهَ لي ولإخواني، وَتقول: واطَنْتُ فلَانا على هَذَا الْأَمر إِذا جعلْتُما فِي أَنْفُسِكُما أَن تَفْعَلاه، فَإِذا أردتَ معنَى وافَقْتَهُ قلتَ: وأَطَأْته، وَتقول: وَطَّنْتُ نَفسِي على أمرٍ

(14/21)


فتوطَّنَتْ، أَي حَمْلتُها فذَلَّتْ، وَقَالَ كُثَيّر:
وقلتُ لَهَا يَا عَزُّ كلُّ مصيبَةٍ
إِذا وُطِّنتْ يَوْمًا لَهَا النفسُ ذَلّتِ
أَبُو نصر عَن الأصمعيّ: هُوَ المَيْدَان والمِيطان بِفَتْح الْمِيم من الأوَّل وكسرِها من الثَّانِي: وَرَوَى عَمرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: هِيَ المَياطِين والمَيادِين.
نوط نيط: قَالَ اللَّيْث: النَّوْط مصدرُ ناط يَنُوط نَوْطاً، تَقول: نُطْتُ القِرْبةَ بنِياطها نَوْطاً.
أَبُو عُبيد: النَّوْطُ: الجُلّةُ الصَّغِيرَة فِيهَا التَّمر، رَوَاهُ عَن أبي عَمرو، وسمعتُ البَحْرانِيِّينَ يُسمُّون الجِلالَ الصِّغار المكنوزة بِالتَّمْرِ الَّتِي تُعلَّق بعُراها من أَقْتاب الحَمولة نِياطاً، واحدُها نَوْط.
وَفِي الحَدِيث: (أنّ وَفْدَ عبد الْقَيْس قَدِموا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأَهدَوا لَهُ نَوْطاً من تَعْضُوضِ هَجَرَ) ، أَي أهْدَوا لَهُ جُلَّةً صَغِيرَة من تَمْر التَّعْضُوض، وَهُوَ من أسرَى تُمْرَان هَجَرَ أَسْود جَعْدَ لَحيم عَذْب الطَّعم شَدِيد الْحَلَاوَة. وَقَالَ اللَّيْث: النِّياط عِرْقٌ غَلِيظٌ قد عُلِّق بِهِ القَلْب من الوَتِين وجمعُه أَنْوِطَة فَإِذا لم تُرِد العَدَدَ جَازَ أَن تَقول: للْجمع: نوطٌ لأنّ الْيَاء الَّتِي فِي النِّيَاط واوٌ فِي الأَصْل، وَإِنَّمَا قيل لبُعْدِ الفَلاة: نِيَاط لأنّها مَنُوطةٌ بفَلاةٍ أُخْرَى تَتَّصِل بهَا.
وَقَالَ رؤبة:
وبلدةٍ بَعيدةِ النِّياطِ
وَيُقَال: انتاطَتْ الْمَغَازِي أَي بَعُدَتْ، من النَّوط، وانْتَطَتْ جائزٌ على الْقَلْبِ. قَالَ رؤبة:
وبلدةٍ نِياطُها نَطِيُّ
أَرَادَ نَيِّطٌ فَقلب، كَمَا قَالُوا: فِي جمع قَوْسٍ قِسِيّ.
وَقَالَ الْخَلِيل: المدّاتُ الثلاثُ مَنُوطات بِالْهَمْز، وَلذَلِك قَالَ بعضُ الْعَرَب فِي الْوُقُوف: أفْعَلِىءْ وأَفْعَلَأْ وأفْعَلؤْ فهَمَزوا الألفَ وَالْيَاء وَالْوَاو حِينَ وَقفوا.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: التَّنَوُّطُ طَيرٌ واحدتُها تَنَوُّطة، وَيُقَال: تُنَوِّط، واحدتها تُنَوِّطةٌ.
قَالَ الأصمعيّ: وإنَّما سُمِّيَ تنَوّطاً لأنَّه يُدَلِّي خُيوطاً من شجرةٍ ثمَّ يُفرخُ فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: نَحْو ذَلِك.
شَمِر عَن ابنَ الْأَعرَابِي: بِئْر نَيِّط إِذا حُفِرَتْ فأتَى الماءَ من جانبٍ مِنْهَا فَسَالَ إِلَى قَعْرِها، وَلم تَعِنْ من قعرها بِشَيْء، وَأنْشد فَقَالَ:
لَا تَسْتَقِي دِلاؤُها من نَيِّطِ
وَلَا بَعيدٍ قَعْرُها مَخْرَوِّطِ
وَقَالَ أَبُو الهَيْثَم: النَّيِّط: المَوْت، والنَّيِّط: العَيْن فِي الْبِئْر قبل أَن تصلَ إِلَى القَعْر.
وَقَالَ أَبُو عبيد: بعيرٌ مَنُوطٌ، وَقد نِيطَ: لَونه نَوْطةٌ إِذا كَانَ فِي حَلْقِه وَرَم، وَرجل

(14/22)


مَنُوطٌ بالقوم: لَيْسَ من مُصاصِهِمْ وَقَالَ حسّان:
وَأَنت مَنُوط نِيطَ من آلِ هاشمٍ
كَمَا نِيطَ خَلْفَ الراكبِ القَدَح الفَرْدُ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد والأمويّ: النَّيْط الْمَوْت، قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للبعير إِذا وَرِمَ نَحْرُه وأرفاغُه قد نِيطَ: لَهُ نَوْطةٌ، قَالَ ابْن أَحْمَر:
وَلَا عِلْمَ لي مَا نَوْطَةٌ مُستكنَّةٌ
وَلَا أيُّ مَن فَارَقت أَسْقِي سِقائيا
قَالَ: وَيُقَال: رَماه الله بالنَّيْط، وَهُوَ الْمَوْت.
قلت: إِذا خُفِّف فَهُوَ مِثلَ الهَيْن والهَيِّن واللَّيْن واللَّيِّن، ورُوِي عَن عليّ أَنه قَالَ لمعاوية: إِنَّه مَا بَقِيَ من بني هَاشم نافخُ ضَرْمَةٍ إِلَّا طُعِنَ فِي نَيْطه، مَعْنَاهُ مَا بقيَ مِنْهُم أحد وَأَنَّهُمْ مَاتُوا كلهم.
شَمِر عَن ابْن شُمَيل: النَّوْطةُ لَيست بوادٍ ضَخْم وَلَا بتَلْعةٍ هِيَ بَينهمَا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّوْطةُ: الْمَكَان فِيهِ شجرٌ فِي وَسطه وطَرَفَاهُ لَا شجرَ فِيهَا، وَهُوَ مُرتفِع عَن السَّيْل.
وَقَالَ أَعْرَابِي وصف غيثاً: أَصَابَنَا مَطرُ جَوْد، وإنَّا لَبِنَوْطَةٍ فجَاء بِجارِّ الضَّبُع.
نطا: قَالَ اللَّيْث وغيرُه: الإنطاء لغةٌ فِي الْإِعْطَاء.
وَفِي الحَدِيث: إنَّ مالَ اللَّهِ مَسْؤُولٌ ومُنْطًى، أَي مُعْطًى.
ورَوَى سَلمة عَن الفرّاء: الأنطَاء: العَطِيَّات.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: رَوَى الشَّعْبِيُّ أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل: أنِطه كَذَا وَكَذَا، أَي أَعْطِه.
قَالَ: وَقَالَ زيد بن ثَابت: كنتُ مَعَ النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُملي عليَّ كِتاباً، وَأَنا أستَفْهِمه، فَاسْتَأْذن رجلٌ عَلَيْهِ، فَقَالَ لي: أنْطُ أَي اسكُت. قَالَ ابْن الأعرابيّ: فقد شَرَّف النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه اللُّغة وَهِي حميريَّة.
قَالَ: وَقَالَ المفضَّل: وزَجْرٌ للعَرَب تَقُولُ للبعير تسكيناً لَهُ إِذا نَفَر: أنْطُ، فيسكُن.
قَالَ: وَهُوَ أَيْضا إشْلاء الكَلْب.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّطاةُ حُمَّى تَأْخُذ أَهْلَ خَيْبَر.
قلتُ: هَذَا غَلَط، ونَطاةُ عَيْنُ مَاء بخَيْبَر تَسقِي نَخِيلَ بعضِ قُراها وَهِي فِيمَا زَعَمُوا وَبِيئَةٌ، وَقد ذكَرَها الشَّاعِر فَقَالَ يذكر محموماً:
كأنَّ نَطاةَ خَيبرَ زَوَّدتْهُ
بَكُورَ الوِرْدِ رَيِّثَةَ القُلُوع
فظنّ اللَّيْث، أنّها اسْم للحمَّى، وَإِنَّمَا نَطاةُ اسمُ عَيْن بِخَيْبَر. وَمِنْه قَول كثير:

(14/23)


حُزِيَتْ لي بحَزْم فَيدَةً تُحْدَى
كاليهودي من نطاةَ الرِّقالِ
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: تَناطيْتُ الرِّجال ولاَ تُناطِ الرِّجال، أَي لَا تَمرَّس بهم وَلَا تُشارَّهم.
وَمِنْه قولُ لبيد يَمدَح قومَه:
وهمُ العشيرةُ إنْ تَناطَى حاسِدٌ
أَي همْ عَشيرتي الَّتِي أفتخر بهم إِن تمرّسَ بِي عدوّ يَحسُدني.
عَمرو عَن أَبِيه: النَّطْوَة: الشفْرة الْبَعِيدَة. وَيُقَال: نَطَتِ المرأةُ غَزْلَها أَي شَدَّتْه تَنْطُوه نَطْواً، وَهِي ناطيَةٌ، والغَزْلُ مَنْطُوٌ ونَطِيٌّ، أَي مُسَدًّى، والنّاطِي: الْمُسَدِّي.
قَالَ الراجز:
ذَكَّرْتُ سَلمَى عَهْدَهُ فَشوَّقَا
وهُنَّ يَذْرَعْنَ الرّقاقَ السَّمْلَقا
ذَرْعَ النَّوَاطِي السُّحُل المدَقَّقا
طون: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الطَّونةُ كَثْرَة المَاء.
نأَط: وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: نأَطَ بالحِمْل نأْطاً إِذا زَفَر بِهِ، ونَئِيطاً. انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء وَالْفَاء)
ط ف (وايء)
طفا، طفأ، طوف، طيف، وَطف، فطأ، فوط.
(طفا) : رُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه ذكَر الدَّجَّالَ فَقَالَ: كَأَن عينَه عِنَبَةٌ طافِيَة.
قَالَ أَبُو العبَّاس: وسُئل عَن تَفْسِيره فَقَالَ: الطافِية من العِنَب: الحَبَّة الَّتِي قد خَرجتْ عَن حَدِّ نِبْتَةِ أَخواتِها من الحَبّ فنتأتْ وظهرتْ. قَالَ: وَمِنْه الطّافي من السَّمَك لِأَنَّهُ يَعْلُو، ويَظهرُ على رَأس المَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: طَفَا الشيءُ فوقَ الماءِ يطفو طَفْواً، وَقد يُقَال للثور الوحشيّ إِذا عَلاَ رَمْلَةً: طَفَا فَوْقها.
قَالَ العجّاج:
إِذا تَلَقَّتْه الدِّهاسُ خَطْرَفا
وَإِن تَلقَّتْه العقاقِيل طَفَا
وَفِي حَدِيث آخر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: اقْتلُوا الجانّ ذَا الطفيَتين والأبتَر.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: الطفْيَةُ: خُوصة المُقْل وَجَمعهَا طُفًى. قَالَ: وأراهُ شَبَّه الخَطَّين اللذَين على ظهرِه بخُوصتَين من خُوص المُقْل، وَأنْشد بيتَ أبي ذُؤَيْب:
عَفَتْ غيرَ نُؤْيِ الدارِ مَا إِن تُبِينُه
وأَقْطاعِ طُفْيٍ قد عَفتْ فِي المَعَاقِلِ
وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
عَبْدٌ إِذا مَا رَسَبَ القومُ طَفَا
قَالَ: طَفَا أَي نزَا بجَهلِه إِذا تَرَزَّنَ الحَليم.
سلمَةُ عَن الفرّاء: الطُّفاوِيُّ مأخوذٌ من الطُّفاوَة، وَهِي الدارة حولَ الشَّمْس.

(14/24)


وَقَالَ أَبُو حَاتِم: الطفَاوَة الدَّارة الَّتِي حَوْل الْقَمَر، وَكَذَلِكَ طُفَاوَةُ القِدْر مَا طفَا عَلَيْهَا من الدّسَم.
قَالَ العجّاج:
طُفَاوَةُ الأُثْرِ كَحَمِّ الجُمَّلِ
والجُمّل الَّذين يُذيبُون الشّحْمَ.
طفأ: قَالَ الله جلّ وعزّ: {كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} (الْمَائِدَة: 64) أَي أَهمَدَها حَتَّى تبْرُدَ، وَقد طَفِئَتْ تطفَأ طُفُوءًا، وَالنَّار سَكَن لهبُها وجَمْرُها يتَّقد فَهِيَ خامدة، فَإِذا سَكَن لهبُها وبرَدَ جمرُها فَهِيَ هامدة طافئة.
طوف طيف: قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ} (الْأَعْرَاف: 133) .
قَالَ الفرّاء: أَرسل اللَّهُ عَلَيْهِم السماءَ سَبْتاً فلَم تُقلِع لَيْلاً وَلَا نَهَارا، فضاقَتْ بهم الأرضُ، فسألوا مُوسى أَن يُرْفع عَنْهُم، فرُفع، فَلم يتوبوا.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي بكر الخطّابي، عَن مُحَمَّد بن يزِيد، عَن يحيى بن يمَان عَن الْمنْهَال بن خَليفَة، عَن الحجّاج، عَن الحكم بن حَبْناء عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطوفان المَوْت.
وَأَخْبرنِي عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ} قَالَ: واحدتُه فِي الْقيَاس طُوفَانَةٌ، وَأنْشد فَقَالَ:
غيَّرَ الجِدَّةَ من آياتِها
خُرُقُ الرِّيح وطوفانُ المطَرْ
قَالَ: وَهُوَ من طافَ يطوف.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الطوفان مصدرٌ مثلُ الرُّجحان والنُّقصان، فَلَا حَاجَة إِلَى أَن نطلبَ لَهُ وَاحِدًا.
وَقَالَ غَيره: يُقَال لِشدّة سوادِ اللَّيْل طُوفان.
وَقَالَ الرّاجز:
وعَمَّ طوفان الظَّلامِ الأثأَبَا
وَقَالَ الزجّاج: الطوفان من كلّ شَيْء، مَا كَانَ كثيرا مُحيطاً مُطيفاً بِالْجَمَاعَة كلهَا كالغَرَق الَّذِي يَشمل المدُن الكثيرَة، يُقَال لَهُ: طُوفَانٌ، وَكَذَلِكَ القَتْل الذَّريع طُوفان، وَالْمَوْت الجارفُ طوفان.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله جلّ وعزّ: {طَوَافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} (النُّور: 58) هَذَا كَقَوْلِك فِي الْكَلَام: إِنَّمَا هُمْ خَدَمُكم، وطوَّافون عَلَيْكُم، قَالَ: وَلَو كَانَ نَصباً كَانَ صَوَابا تُخْرِجه مِن عَلَيْهِم.
وأخبرَني المنذريُّ عَن أبي الهيْثم قَالَ: الطَّائِف هُوَ الْخَادِم الَّذِي يَخدمُك برفِق وعناية، وَجمعه الطوّافون، وَقَول النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الهرّة: إِنَّمَا هِيَ من الطوّافات فِي الْبَيْت، أَرَادَ وَالله أعلم أَنَّهَا من خَدَم الْبَيْت.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {إِذَا

(14/25)


مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ} (الْأَعْرَاف: 201) وقرىء {إِذَا مَسَّهُمْ طَيّفٌ الطَّائِف والطيْف سَوَاء، وَهُوَ مَا كَانَ كالخَيال، والشيءُ يُلمّ بك.
وَقَالَ الهذَلي:
فَإِذا بهَا وأَبِيكَ طَيْفُ جُنونِ
وروى ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد، إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ} قَالَ: الغَضَب. رَوَى الحكمُ عَن عكرمةَ فِي قَوْله: إِذا مَسَّهم طَيْفٌ من الشَّيْطَان تَذكرُوا، قَالَ ابْن عَبَّاس: الطيْفُ الغَضَبُ:
قلتُ: الطَّيْفُ فِي كَلَام العَرَب الجُنون، رَوَاهُ أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر، وَقيل: الغضَبُ طيفٌ لِأَن عَقْلَ من استفزّه الغَضَبُ يَعزُبُ حَتَّى يَصيرَ فِي صُورَة الْمَجْنُون الَّذِي زَالَ عقلُه، وَيَنْبَغِي للعاقل إِذا أحسَّ من نَفسه إفراطاً فِي الغَضب أَن يَذكُر غَضَب الله على المُسْرِفين، فَلَا يُقدم على مَا يوبِقُه، ونسألُ الله توفيقَنا للقَصْد فِي جَمِيع الْأَحْوَال إِنَّه الْمُوفق لَهُ.
وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِهِ.
وَقَالَ غَيره: طُفْت أطوفُ طَوْفاً وطَوَافاً، وَطَاف الخيالُ يَطيف طَيْفاً.
وَقَالَ اللّيث: كلُّ شيءٍ يَغشى البصَر مِن وَسْواسِ الشَّيْطَان فَهُوَ طَيْف؛ قَالَ: وَيُقَال أَطافَ فلانٌ بِالْأَمر إِذا أَحَاطَ بِهِ، والطائف: العاسُّ باللّيل، قَالَ: والطائفُ الّتي بالغَوْرِ سُمِّيت طَائِفًا لحائِطها المبنيِّ حولَها المحدق بهَا، والطائفة من كل شَيْء قِطْعةٌ، يُقَال: طائفةٌ من النَّاس، وطائفةُ من اللّيل، وَيُقَال: طَاف بِالْبَيْتِ طَوَافاً، واطَّوَّف اطِّوّافاً، وَالْأَصْل تَطَوّفَ تَطَوُّفاً، وطافَ طَوْفاً وطِوافاً.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: يُقَال لأوّل مَا يَخرُج من بطن الصَّبِي: عِقْيٌ، فَإِذا رضِعَ فَمَا كَانَ بعد ذَلِك قيل: طافَ يَطوفُ طَوْفاً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي مِثلَه، وَزَاد فَقَالَ: أطَّاف يَطاف اطِّيافاً، إِذا أَلقَى مَا فِي جَوفِه، وَأنْشد:
عَشَّيْتُ جابَانَ حَتَّى اشْتدَّ مَغْرِضُه
وكادَ يَنْقَدُّ إِلَّا أنهُ أطَّافَا
جَابَان: اسْم جمَل، والمطاف، موضعُ الطّواف حولَ الْكَعْبَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الطوف قِرَبٌ ينْفخ فِيهَا ثمَّ يشد بَعْضهَا إِلَى بعض كَهَيئَةِ سطح فوقَ المَاء يُحمل عَلَيْهَا الْميرَة، ويُعبَر عَلَيْهَا.
قلتُ: الطَّوْف الّذي يُعبَر عَلَيْهِ فِي الأنْهار الْكِبَار تُسَوَّى من القَصَب والعِيدان يُشَدّ بعضُها فوقَ بعض، ثمَّ تُقَمَّطُ بالقمُط حتّى يُؤمَنَ انحلالها، ثمَّ تُركَبُ ويُعْبَرُ عَلَيْهَا، وربّما حُمِل عَلَيْهَا الجَمَل على قَدْر قُوّته، وثَخانته، وَهُوَ الرِّمْثُ أَيْضا، وتَسمَّى العَامَة بتَخْفِيف الْمِيم.

(14/26)


وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا} (الْقَلَم: 19) لَا يكون الطَّائِف إِلَّا لَيْلاً، وَلَا يكون نَهَارا، وَقد تتكلّم بِهِ الْعَرَب فَيَقُولُونَ: أطفْتُ بِهِ نَهَارا، وَلَيْسَ موضعُه بِالنَّهَارِ، وَلكنه بِمَنْزِلَة قولِك: لَو تُرِك القَطَا لَيْلاً لَنَام، لأنَّ القطا لَا يَسْرِي لَيْلاً، أَنْشدني أَبُو الجرّاح:
أطفْتُ بهَا نَهاراً غيرَ لَيْلٍ
وألْهَى رَبَّها طَلبُ الرِّجالِ
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّيَاف: سوادُ اللّيل، وَأنْشد:
عِقْبَان دَجْنٍ بادَرَتْ طِيافَا
فطأ: أَبُو زيد فِي كتاب الْهَمْز: فَطأْتُ الرجَل أفْطَؤُهُ فَطْأً إِذا ضرَبْتَه بعَصاً، أَو بظهرِ رِجلِك.
قَالَ: وتَفاطَأَ فلانٌ عَن الْقَوْم بَعْدَمَا حَمَل عَلَيْهِم تَفاطُؤاً، وَذَلِكَ إِذا انكَسَر عَنْهُم ورَجَع.
قَالَ: وَيُقَال: تَبازَخ عَنْهُم تَبازُخاً فِي مَعْنَاهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَطَأُ فِي سَنامِ الْبَعِير، بعيرٌ أفطأُ الظَّهْر، وَالْفِعْل فَطِىءَ يَفْطَأ فَطَاءً.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر وَأبي عَمْرو: الأفْطأُ مَهْمُوز: الأفطَس.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أفَطَأ الرجلُ إِذا جامَعَ جماعاً كثيرا، وأَفْطَأ إِذا اتّسعتْ حالُه، وأَفطَأ إِذا ساءَ خُلُقُهُ بعد حُسْن.
وَطف: قَالَ اللَّيْث: الوَطَفُ كثرةُ شَعَرِ الحاجبَين والأشفار واسترخاؤه.
وَيُقَال: سَحَابَة وَطْفَاء، كَأَنَّمَا بوجهها حِمْلٌ كثير، وَيُقَال فِي اللَّيْل: ظلامٌ أوطَفُ.
وَمن صفة رَسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه كَانَ بأشْفارِه وَطَف، الْمَعْنى أنّه كَانَ فِي هُدْب أشفارِ عَيْنيه طولٌ، يُقَال: رجلٌ أوطَف، وَامْرَأَة وَطْفاء، إِذا كَانَا كثيرَيْ شعرِ أهْداب العَيْن.
وَفِي حَدِيث آخر أنّه كَانَ أهدَبَ الأشفار أَي طويلَها.
أَبُو زيد: الوَطْفاء الدِّيمة السَّحُّ الحَثِيثةُ طَال مطرُها أَو قَصُر إِذا تَدَلَّتْ ذُيولُها، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
دِيمَةٌ هَطْلاءُ فِيهَا وَطَفْ
فوط: قَالَ اللَّيْث: الفُوَطُ: ثيابٌ تُجلَب من السِّند، الْوَاحِدَة فُوطَة، وَهِي غِلاظٌ قصارٌ تكون مآزِرَ.
قلت: لم أسمعْ فِي شَيْء من كَلَام الْعَرَب العاربة الفُوَطَ، ورأيتُ بِالْكُوفَةِ أُزُراً مخطّطةً يَشْتَرِيهَا الجَمّالون والخَدَم فيتَّزرون بهَا، الْوَاحِدَة فوطة، قَالَ: فَلَا أَدْرِي أعربيّ أم لَا. انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.

(14/27)


(بَاب الطَّاء وَالْبَاء)
ط ب (وايء)
طيب، طوب، طَابَ، طبي، وطب، وبط، أبط، بوط، بطأ.
وبط: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الوابِطُ الضَّعيفُ، وَقد وَبَطَ يَبِط وَبْطاً.
وَقَالَ اللَّيْث: وَبَط رأيُ فلانٍ فِي هَذَا الْأَمر وُبُوطاً، إِذا ضَعُف.
أبط: أَبُو عَمْرو الشيْباني: وَبَطه الله: وأَبَطَه الله وهَبَطَه بِمَعْنى وَاحِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أبَطَه الله وهَبَطه بِمَعْنى وَاحِد.
وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
أَذاكَ خيرٌ أيُّها العَضارِطُ
أم مُسْبَلاتٌ شبينُهُنَّ وابِطُ
أَي واضِعُ الشرَف. والإبْطُ إبْطُ الرجُل والدّواب، وجمعُه الآباطِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الإبْط أسفَلُ حَبْلِ الرَّمْل ومَسْقَطُه.
ورُوِي عَن أبي هُريرة: أنّه كَانَت رِدْيَتُه التأبُّط.
وَقَالَ الأصمعيّ: هُوَ أَن يُدخِلَ الثوبَ تحتَ يدهِ اليُمْنَى، فيلقِيَه على منكبِه الأيسَر، حَكَاهُ أَبُو عبيد عَنهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَأَبَّطَ فُلانٌ سَيْفاً أَو شَيْئا، إِذا أخذَه تحتَ إبْطِه، وَلذَلِك قيل لِثَابِت بن العَمَيثل الشَّاعِر تأبَّط شَرّاً.
بوط: قَالَ اللَّيْث: البُوطة الّتي يُذِيب فِيهَا الصَّاغةُ وَنَحْوهم من الصُّنَّاع.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: باطَ الرجلُ يَبُوط إِذا افتَقَر بعد غِنًى وذَلّ بعد عِزّ.
(بطأ) : وَقَالَ أَبُو زيد: تَبَأَّط الرجلُ تَبَؤُّطاً إِذا أَمْسَى رَخِيَّ البال غير مهموم صَالحا.
قَالَ اللَّيْث: البُطْؤُ: الإبطاء، يُقَال: بَطُؤَ فِي مَشيه يَبْطُؤُ بُطْءاً، فَهُوَ بَطِيءٌ، وَمِنْه الإبْطاء والتَّباطُؤُ.
وَيُقَال: مَا أبْطأَ بك يَا فلَان عنّا، وبطَّأَ فلانٌ بفُلان إِذا ثَبَّطه عَن أمرٍ عَزَم عَلَيْهِ.
قَالَ اللَّيْث: بَاطيَةُ: اسمٌ مجهولٌ أصلُه.
قلت: الباطيَة النَّاجودُ الَّذِي يُجعَل فِيهِ الشَّرَاب وَجمعه البَواطِي، وَقد جَاءَ فِي أشعارِهم.
وطب: الوَطْبُ: سِقاءُ اللّبن، وجمعُه وِطاب وأَوْطاب، وامرأَة وَطْباء إِذا كَانَت ضخمَة الثَّدْيَين، كأنّها تَحمِل وَطْباً من اللّبن، وَيُقَال للرّجل إِذا ماتَ أَو قُتِل: صَفِرَتْ وِطابه، أَي فَرغَتْ وخَلَتْ.
وَقيل: إِنَّهُم يَعْنون بذلك خُروجَ دَمِه من جَسَدِه، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وأَفْلَتَهنَّ عِلْباءٌ جَريضاً
وَلَو أدْرَكْتَه صَفِرَ الوِطابُ
وَيُقَال ذَلِك للرّجل يُغار على نَعَمِه ومالِه.

(14/28)


طيب طوب: قَالَ اللَّيْث: الطِّيْبُ على بِناءِ فِعْل: وَالطّيب نَعْت، والفِعلُ طابَ يَطيب طِيباً.
قَالَ: والطابّة: الخَمْر.
قلتُ: كأنَّها بِمَعْنى طَيّبة، والأصْل طَيْبة، وَكَذَلِكَ اسمُ مدينةِ الرَّسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طابَه وطَيْبة، وَمِنْه قَوْله:
فأَصْبَحَ مَيْموناً بطَيْبَةَ راضِياً
وَيُقَال: مَا أطيَبَه وأَيطَبَه وأَطيبْ بِهِ وأيْطِبْ بِهِ كلَّه جَائِز.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَئَابٍ} (الرَّعْد: 29) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: طُوبَى فُعْلَى من الطِّيبِ. قَالَ: والمعنَى العيشُ الطيّب لَهُم، قَالَ: وَقيل: إِن طُوبَى اسمُ شجرةٍ فِي الجنَّة، وَقيل: {طُوبَى لَهُمْ} (الرَّعْد: 29) حُسنَى لَهُم، وَقيل: {طُوبَى لَهُمْ} خَيْرٌ لهُمْ، وَقيل: طوبَى اسمْ الجَنَّة بالهِنْدِيَّة. وَقيل: طوبَى لَهُم خِيرَةٌ لَهُم. قَالَ: وَهَذَا التَّفْسِير كلّه يُسَدِّد قَول النحويِّين أَنَّهَا فُعلى من الطِّيب.
وَقَالَ غيرُه العَرَب: تَقول طُوبَى لَك، وَلَا تَقول طوبَاك. وَهَذَا قولُ أَكثر النحويِّين إِلَّا الْأَخْفَش فَإِنَّهُ قَالَ: من الْعَرَب من يُضيفُها فَيَقُول طوبَاك.
ورُوِي عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَالَ: طُوبَى اسمُ الجنّة بالحبشية.
قلت: وطُوبَى كَانَت فِي الأَصْل طُيْبَى فقُلِبت الْيَاء واواً لانضمام الطَّاء.
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: سَبْيٌ طِيَبة، أَي سَبْيٌ طَيّبٌ يَحِلّ سَبْيُه، وَلم يُسْبَوْا وَلَهُم عَهدٌ وذِمّةٌ، وَهُوَ بوَزْن خِيرَة وتِوَلَة.
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نَهَى أَن يَستَطِيبَ الرجلُ بِيمِينه. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الاستطابةُ الِاسْتِنْجَاء. سُمِّي استطابةً لأنّه يُطيّبُ جَسَده ممّا عَلَيْهِ من الخَبَث بالاستنجاء فَيُقَال مِنْهُ: استطابَ الرجلُ فَهُوَ مُستطِيب، وأطَاب نفسَه فَهُوَ مُطِيب. قَالَ الْأَعْشَى:
يَا رَخَماً قَاظَ على مطلوبِ
يُعجِلُ كفَّ الخارِىء المُطِيبِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أطابَ الرجلُ واستطابَ إِذا استَنْجى وأَزال الأذَى، وأَطابَ إِذا تَكلّم بكلامٍ طيّب، وأطابَ قَدَّم طَعاماً طَيِّباً، وأطابَ: وَلَدَ بنينَ طيّبين، وأطابَ: تَزوَّج حَلالاً، وأنشدَ:
لَما ضُمِّنَ الأحشاءُ مِنكَ عَلاقةٌ
وَلَا زُرتَنا إلاَّ وأنتَ مُطِيبُ
أَي متزوّج، وَهَذَا قالتْه امرأةٌ لِخدْنها. قَالَ: والحرَام عِنْد العشَّاق أطيَب وَلذَلِك قَالَت:
وَلَا زرتنا إِلَّا وَأَنت مُطيب
قَالَ اللَّيْث: مَطايِبُ اللَّحْم، وكلّ شَيْء لَا يُفْرد فإنْ أُفرِد فواحدُه مَطابٌ ومَطَابة. وَهُوَ أطيبه.

(14/29)


ورَوَى اللّحياني عَن الأصمعيّ قَالَ: يُقَال: أَطعِمْنان مَطايبها وأطايِبها وَاذْكُر مَنَاتِنَها وأَناتِنَها، وامرأةٌ حَسنة المَعارِي، والخيلُ تَجرِي على مَساويها، والمَحاسنُ، والمقاليدُ لَا يُعرف لهَذِهِ وَاحِدَة.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: وَاحِد المطَايِب مَطْيَبٌ، وَوَاحِد المعارِي مَعْرًى وَوَاحِد المَساوِي مَسْوًى.
وَقَالَ اللَّيْث: الطيِّبَاتُ من الكلامِ أفضَلُه وأحسَنُه، وَيُقَال: طابَ القتالُ أَي حَلّ، وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: طابَ المضرب وَالْقَتْل، يُرِيد طابَ الضَّرْبُ والقتلُ أَي حَلّ، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُوْلَائِكَ مُبَرَّءُونَ} (النُّور: 26) .
قَالَ الفرّاء: أَي الطيّبات من الْكَلَام للطيِّبِين من الرِّجَال.
وَقَالَ غَيره: الطَّيِّبَات من النِّسَاء للطيبين من الرِّجَال.
وأمّا قولُه جلّ وَعز: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} (الْمَائِدَة: 4) .
الْخطاب للنَّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمرَاد بِهِ العَرَب، وَكَانَت العربُ تستقذِر أشياءَ كَثِيرَة فَلَا تأْكُلها، وتستطيب أَشْيَاء تأكلها فأحَلَّ اللَّهُ جلَّ وعزّ لَهُم مَا استطابوه، ممَّا لم يَنزِل بِتَحْرِيمِهِ تِلاوةٌ مِثل لُحومِ الْأَنْعَام وألبانِها، وَمثل الدَّوابّ الّتي كَانُوا يأكلونها من الضِّباب واليرابيع والأرانب والظباء وَغَيرهَا.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: الأطيَبان الفَمُ والفَرْج.
ثَعْلَب عَن ابْن الإعرابيّ: ذهب أطيَبَاه أكلهُ ونِكاحُه.
وَقَالَ ابْن السكّيت: هما النَّوْم والنِّكاح، والطُّوبة: الآجُرَّةُ ذَكَرَها الشافعيّ، قَالَ: والطوبُ الآجُرُّ.
ورَوَى شمر عَن ابْن شُمَيْل قَالَ: فلَان لَا آجُرَّة لَهُ وَلَا طُوبَة. قَالَ: الطُّوب الآجرُّ.
وَيُقَال: فلَان طيّب الْإِزَار، إِن كانَ عَفيفاً. وَقَالَ النَّابِغَة:
رِقاقُ النِّعال طَيِّبٌ حُجُزاتُهُمْ
يُحيَّون بالريحان يَوْم السَّبَاسِبِ
أَرَادَ أنَّهم أعفّاء الْفروج عَن المحارِم، وَمَاء طيّبٌ وطُيّابٌ. قَالَ الراجز:
إِنَّا وَجَدنا ماءَها طُيَّابا
إِذا كَانَ عَذباً، وَطَعَام طَيّب إِذا كَانَ سائغاً فِي الحَلْق، وفلانٌ طيِّب الأخْلاق إِذا كَانَ سَهْلَ المعاشرة. وبَلد طيبٌ لَا سِباخَ فِيهِ، والكلمة الطيّبة: شَهَادَة أَن لَا إلاه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله؛ وَمَاء طيب: أَي طَاهِر؛ وَيُقَال: طيَّبَ فلانٌ فلَانا بالطِّيب، وطيَّب صَبيَّهُ إِذا قارَبَه وناغَاه بِكَلَام يُوَافقهُ. وماءٌ طيَّاب؛ أَي طيّب، وَقَالَ:
إِنَّا وَجدْنا ماءَهَا طُيّاباً

(14/30)


طبي: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ، يُقَال للسِّباع كلِّها: طُبْيٌ وأَطْباء، وذواتُ الْحَافِر كلُّها مِثلُها، وللخُفّ والظِّلْف خِلْف وأَخْلاف.
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: طَبَاني الشَّيْء يَطْبيني ويَطبُوني إِذا دَعاك، وَقَالَ اللَّيْث: طَبى فلانٌ فلَانا يَطْبِيه عَن رَأْيه وأَمرِه. وكل شَيْء صَرَف شَيْئا عَن شَيْء، فقد طَبَاه عَنهُ، وأنشدَ:
لَا يَطَّبيني العَمَلُ المُقَذِّي
أَي لَا يستميلُني. قَالَ: والطُبيْ: الواحدُ من أَطْباء الضَّرْع وكل شَيْء لَا ضرع لَهُ مثل الكلبة فَلها أَطْباء.
وَقَالَ شَمِر: طَبَاهُ وأَطْباهُ واستئعاه دُعَاء لطيفاً.
انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء وَالْمِيم)
ط م (وايء)
طيم، طما، أَطَم، مطى، ميط، ومط.
طيم: يُقَال: مَا أحسنَ مَا طامَه الله وطانَه، أَي جَبَلَه، يَطيمُهُ طَيْماً ويَطِينه طيْناً.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: طانَه الله على الخَيْر وطامَه، أَي جَبَلَه.
طما: قَالَ اللَّيْث: يُقَال طَمَى الماءُ يَطمِي طُمِيّاً ويَطْمُو طُمُوّاً فَهُوَ طامٍ، وَذَلِكَ إِذا امْتَلَأَ البحرُ أَو النَّهر أَو الْبِئْر.
ابْن السكّيت عَن أبي عُبيدة: طَمَا الماءُ يَطْمُو طموّاً ويَطمِي طُمِيّاً إِذا ارْتَفع، وَمِنْه يُقَال: طَمَتْ المرأةُ بزَوجها أَي ارتَفَعت بِهِ.
مطا: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: مَطَى إِذا صاحَبَ صَدِيقاً، وَهُوَ مِطْوِي أَي صَاحِبي.
قَالَ: وَمَطى إِذا فَتَح عَيْنَيْهِ، وأَصلُ المطو المدُّ فِي هَذَا، ومَطَا إِذا تَمَطَّى، وَإِذا تَمطّى على الحُمَّى فَذَلِك المُطَوَاء، وَقد مَرَّ تفسيرُ المَطِيطاء فِي بَاب المضاعَف، وَهُوَ الْخُيَلاَء والتَّبختُر، وَقَوله عز وَجل. {وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى} (الْقِيَامَة: 33) أَي يتبختر، يكون من المَطّ والمَطْوِ، وهما المدّ.
وَفِي حَدِيث أبي بكر أَنه مَرَّ ببلال وَقد مُطِيَ فِي الشّمس، فَاشْتَرَاهُ وأَعتَقه، معنَى مُطِيَ أَي مُدَّ، وكلّ شَيْء مَدَدْتَه فقد مَطَوْتَه؛ وَمِنْه المَطْو فِي السَّيْر.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: مَطَا الرجُل يَمْطو إِذا سارَ سَيْراً حَسَناً، وَقَالَ رؤبة:
بِهِ تَمَطّتْ غَوْلَ كلِّ رَسيلَة
بِنَا جَراجيحُ المَطِيِّ النُّفّهِ
تمطّت بِنَا، أَي سَارَتْ بِنَا سَيْراً طَويلا ممدوداً، وَقَالَ الآخر:
تمطّت بِهِ أُمُّه فِي النِّفاسِ
فَلَيْسَ بِيَتْنٍ وَلَا تَوأَمِ
أَي نَضّجَتْ بِهِ وجَرَّت حَمْلَه، وَقَالَ الآخر:

(14/31)


تَمطّت بِهِ بيضاءُ فرعٌ نَجِيبَةٌ
هِجانٌ وبعضُ الوَالِداتِ غَرامُ
والمَطّية. الناقةُ الّتي يُركَبَ مَطاها.
أَبُو عبد عَن الأسوى: المَطْوُ الشِّمْراخ بلُغة بَلْحارث بنِ كَعْبٍ، وجمْعه مِطاء، وَهِي الكِناب والعَاسي.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: مَطَأَ الرجلُ إِذا أكَل الرُّطَب من الكُبَاسَة، قَالَ: والأُمْطِيُّ الّذي يُعمَل مِنْهُ العِلْكُ.
قَالَ: واللُّبَايةُ: شجر الأُمْطِيّ، وَقَالَ النَّضر: الْمِطوُ سَبَلُ الذُّرَة. والمَطَا: مقصورٌ. والمطيّة: البعيرُ يُمْتَطَى ظَهْرُه، وَجمعه المَطايا يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى؛ وَقَالَ ابنْ بزرج: سمعتُ الباهليِّين يَقُولُونَ: مَطَا الرجلُ المرأةَ ومَطأَها بِالْهَمْز أَي وَطِئَها.
قلت: وشَطَأَها بالشين بِهَذَا الْمَعْنى لُغةٌ.
أَطَم: عَمْرو عَن أَبِيه، الأطُوم: سمكةٌ فِي الْبَحْر يُقَال لَهَا المَلِصَة، والزالِخة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الأطُوم سَمَكةٌ من الْبَحْر وأَنشد:
وجِلْدُها من أَطُومِ مَا يؤيِّسُه
طِلْحٌ بضاحِيَة البَيْداء مَهْزُولُ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الأُطُوم: القُصور؛ والأطُوم: السُّلَحْفَاة.
أَبُو عبيد: الأطيمةُ مَوْقِدُ النّار، وَجَمعهَا أَطائِم، وَقَالَ الأفْوَه الأوْدِيُّ:
فِي مَوْطِنٍ ذَرِب الشَّبَا فَكأنما
فِيهِ الرجالُ على الأطائِم واللُّظى
وَقَالَ شَمِر: الأطِيمةُ توثق الْحمام بالفارسيّة. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأتُّون والأطيمةُ الدَّاسْتورن.
ابْن بُزُرْجَ: أَطَمْتُ على الْبَيْت أَطْماً أَي أَرْخَيْتُ سُتُورَه، وأَطَمْتُ أُطُوماً إِذا سَكَتَّ، وتأطّم فلانٌ عليَّ تأطُّماً إِذا غَضِبَ، وأَطَمْتُ البئرَ أَطْماً إِذا ضَيَّقْتَ فَاها. وَيُقَال للرّجل إِذا عسُرَ عَلَيْهِ بُروزُ غائِطه: قد أُطِم أَطْماً وأْتطِمَ ائْتِطاماً.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: هِيَ الْآطَام وَالْآجَام للحصون، وَاحِدهَا أطْمٌ وأُجْمٌ.
اللَّيْث: تأطّم السَّيْلُ: إِذا ارتفَعتْ فِي وَجْهِه طَحَماتٌ كالأمواج، قَالَ رؤبة:
إِذا ارتَمَى فِي وَأْدِه تأَطُّمُهْ
وَأْدُهُ: صَوْتُه.
وَيُقَال: أَصَابَهُ أُطام وإطام إِذا احتَبَس بطنُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: بعيرٌ مَأْطوم، وَقد أُطِم إِذا لم يَبُل من داءٍ يكون بِهِ، والتَّأْطِيمُ فِي الهَوْدج: أَن يُسَتَّرَ بِثِيَاب، يُقَال: أَطَّمْتُه تَأْطِيماً، وَأنْشد:
تَدخُل جَوْزَ الهَوْدَجِ المؤطَّمِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَّأَطُّمُ سُكُوتُ الرجلُ على مَا فِي نفسِه، وتَأَطُّمُ اللّيلِ ظُلْمَتُه،

(14/32)


وَقَالَ خَليفَة: أزَمَ بيَده وأَطَمَ إِذا عَضَّ عَلَيْهَا.
ميط: أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: مِطْتُ عَنهُ وأَمَطْتُ إِذا تَنَحَّيْتَ عَنهُ، وَكَذَلِكَ مِطْتُ غَيْرِي وأَمَطْتُه أَي نَحَّيْتُه.
وَقَالَ الأصمعيّ: مِطْت أَنا، وأَمَطْتُ غَيْرِي، وَمن قَالَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ باطلٌ، وَأنْشد:
فَمِيطي تَمِيطي بصُلْبِ الفُؤادِ
وَوَصْلِ كَرِيمٍ وكنَّادِها
شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ: مِطْ عَنِّي أَمِطْ وَأَسِط عنِّي بِمَعْنى، وَرَوَى بيتَ الْأَعْشَى:
أَمِيطي تَمِيطي
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: تَهايَط القومُ تَهايُطاً إِذا اجتَمَعوا وأَصلَحوا أمرَهم، وتَمايَطوا تمايُطاً إِذا تباعدوا وفَسَد مَا بَينهم.
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي طَالب النَّحوي، عَن مسلمة قَالَ: قولُهم مَا زِلنا بالهياطِ والمِيَاطِ، قَالَ الفرّاء: الهياطُ أشدُّ السَّوْق فِي الوِرد، والمِياط أشدُّ السَّوق فِي الصَّدَرِ، قَالَ: ومَعْنى ذَلِك بالمجيء والذَّهاب.
وَقَالَ اللَّحيانيّ: الهِياط: الإقبال، والمِياط: الإدبار.
وَقَالَ غَيره: الهِياط: اجتماعُ النَّاس للصُّلح، والمِياط التفرُّق عَن ذَلِك.
وَقَالَ اللَّيْث: الهِياط المُزَاوَلة، والمِياط المَيْل، وَيُقَال: أَماطَ اللَّهُ عَنْك الأذَى أَي نَحَّاه. وَيُقَال: أَرَادوا بالهِياط الجَلَبة والصَّخَب، والمِياط التباعُد والتنحّي والمَيْل.
أَبُو زيد: يُقَال: أَمِطْ عنّي أَي اذهَبْ عنّي واعدِل. وَقد أماطَ الرجلُ إمَاطَة.
وَقَالَ أَبُو الصَّقر: ماطَ عنّي مَيْطاً ومِطْ وأَمِطْ عنّي الْأَذَى إمَاطَة. لَا يكون غيرُه.
ومط: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الوَمْطةُ الصَّرعةُ من التَّعب.
انْتهى وَالله أعلم.

(14/33)


بَاب اللفيف من حرف الطَّاء
طاء، طوي، وطأ، طاط، وطوط، طوط، أَطَأ، طأطأ، أطط، طيا.
طاء طوي: قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد: الطاءُ حرْف من حُرُوف الْعَرَبيَّة ألفُها ترجع إِلَى الْيَاء، إِذا هَجَّيْتَه جزمْتَه وَلم تُعْرِبْهُ كَمَا تَقول: طَ. دَ. مرْسَلَة اللّفْظ بِلَا إِعْرَاب، فَإِذا وصَفْتَه وصيّرْتَه اسْما أعربتَه، كَمَا يعرب الِاسْم فَيُقَال: هَذِه طاء طَوِيلَة، لما وَصفته أعربته. وَتقول: طويتُ الصَّحِيفَة أطوِيها طيّاً فالطيُّ المصدرُ، وطوَيْتُها طَيَّة وَاحِدَة، أَي مَرّة وَاحِدَة، وَإِنَّه لَحسَن الطِّيّة بِكَسْر الطَّاء يُرِيدُونَ ضَرْباً من الطَّيّ، مِثل الجِلْسة والمِشْية، وَقَالَ ذُو الرمّة:
كَمَا تُنْشَر بعد الطِّيّةِ الكتُب
فكَسَر الطَّاء لأنّه لم يُرِدْ بِهِ الطَّية الْوَاحِدَة وَيُقَال للحيَّة ومَا يُشْبِهها انْطَوَى يَنْطَوِي انطِواء، فَهُوَ منطوٍ على مُنْفَعِل.
قَالَ: وَيُقَال اطَّوَى يَطَّوِي اطِّوَاءً، إِذا أردتَ بِهِ افْتَعَل فأَدْغِمْ التَّاء فِي الطَّاء، فَتَقول: مُطَّوٍ مُفْتَعِل. قَالَ: والطِّيّة تكون مَنزِلاً، وَتَكون مُنْتَوًى، يُقَال: مَضَى لطيَّته أَي لِنيَّته الَّتِي انْتواها، وبعُدَتْ عنّا طِيَّتُه، وَهُوَ المَوْضع الّذي انْتواه، وَيُقَال: طَوَى اللَّهُ لنا البُعْدَ، أَي قَرَّبه، وفلانٌ يَطوِي البلادَ أَي يَقْطَعُها بَلَداً عَن بلد، وَيُقَال: طِيَّةٌ وطِيَةٌ، وَقَالَ الشَّاعِر:
أصَمّ القَلْب حُوشِيَّ الطِّيَاتِ
وَقَالَ: طوَى فلانٌ كَشحَه إِذا مَضَى لوجهه، وَأنْشد:
وصاحبٍ قد طَوَى كَشحاً فقُلْتُ لَهُ
إنّ انطواءَكَ هَذَا عَنْك يَطوِيني
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم، يُقَال: طَوَى فلانٌ فُؤَاده على عَزِيمَة أمرٍ إِذا أسَرَّها فِي فُؤَاده، وطوَى فلانٌ كَشحَه على عَدَاوَة إِذا لم يُظهِرها.
وَيُقَال: طَوَى فلانٌ حَدِيثا إِلَى حديثٍ، أَي لم يُخْبر بِهِ أسَرَّهُ فِي نَفسه، فجازَه إِلَى آخَر كَمَا يَطوِي المسافرُ منزلا إِلَى منزل فَلَا يَنزِلُ، وَيُقَال: اطْوِ هَذَا الحديثَ أَي اكتُمْه.
وَيُقَال: طوَى فلَان عنّي كَشحه أَي أَعرَض عنْي مُهاجِراً. وطَوَى كَشحَه على أمرٍ إِذا أَخْفاه وَقَالَ زُهير:
وَكَانَ طَوَى كَشحاً على مُستَكنَّةٍ
فَلَا هوَ أَبْداها وَلم يَتَقَدَّمِ
أَرَادَ بالمستكِنّة عَداوةً أكَنّها فِي ضَمِيره.

(14/34)


ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: طَوَى إِذا أَبَى، وطَوَى إِذا جازَ.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الطَّيُّ الْإِتْيَان، والطيُّ الْجَوَاز يُقَال: مَر بِنَا فَطَوانَا أَي جَلَس عندنَا، ومرَّ بِنَا فَطَوَانا أَي جازَنا.
وَقَالَ اللَّيْث: أطْواءُ النَّاقة: طَرائِقُ شَحم جَنْبَيْها وسنَامِهَا طيٌّ فَوق طي، ومَطاوِي الحيّة ومَطاوِي الأَمعاءَ والشحمِ والبَطن والثَّوب أطواؤُها، وَالْوَاحد مَطْوًى وَكَذَلِكَ مطاوي الدِّرْع إِذا ضُمّت غُضُونُها، وأَنشد:
وعِنْدِي حَصْداءُ مَسْرودَةٌ
كأنّ مطاوِيَها مِبْرَدُ
وَقَوله جلّ وعزّ: {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} (طه: 12) قَالَ أَبُو إِسْحَاق: طُوَى اسمُ الْوَادي وَهُوَ مذكَّر، سمِّي بمذكَّر على فعل نَحْو حطم وصُرد وَمن لم يُنوِّنه ترك صرفه من جِهَتَيْنِ إِحْدَاهمَا أَن يكون معدولاً عَن طاوٍ، فَيصير مثل عُمَر المعدول عَن عَامر، فَلَا يَنْصَرف، كَمَا لَا ينْصَرف عُمَر، والجهة الْأُخْرَى أَن يكون اسْما للبُقْعة، كَمَا قَالَ: {الْوَادِى الأَيْمَنِ فِى الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ} (الْقَصَص: 30) ، وَإِذا كسِر فنُوِّن طِوًى فَهُوَ مِثل مِعًى وضِلَع مَعْرُوف، وَمن لم ينون جعله اسْما للبقعة.
وَسُئِلَ الْمبرد عَن وادٍ يُقَال لَهُ: طُوًى أَنصرِفه؟ قَالَ: نعم، لِأَن إِحْدَى العلتين قد انخَرَمَتْ عَنهُ. وَقَرَأَ ابْن كثير وَنَافِع وَأَبُو عَمْرو وَيَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ طُوَى وَأَنا وطوى اذْهَبْ غيرَ مُجْرًى. وَقَرَأَ الْكسَائي وَعَاصِم وَحَمْزَة وَابْن عَامر: طُوًى منوَّناً فِي السُّورتين.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: رجلٌ طَيّانٌ لم يَأْكُل شَيْئا. وَقد طَوِيَ يَطْوَى طَوًى، فَإِذا تعمَّد ذَلِك، قيل: طَوَى يَطْوِي.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّيَّان الطَّاوي البَطين، وَالْمَرْأَة طَيَّا وطاوِيَة. وَقَالَ: طَوَى نَهارَه جائعاً يَطوِي طَوًى فَهُوَ طاوٍ طَوٍ. قَالَ: طَيِّءٌ قبيلةٌ بِوَزْن فَيْعِل والهمزة فِيهَا أصليّة. قَالَ: وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا طائيٌّ لِأَنَّهُ نُسِب إِلَى فَعِل فَصَارَت الْيَاء ألفا، وَكَذَلِكَ نَسَبوا إِلَى الْحيرَة حارِيّ، لِأَن النِّسْبَة إِلَى فَعِل فَعَلِيّ، كَمَا قَالُوا فِي رَجُل من النَّمِر: نَمَرِيٌ. قَالَ: وتأليف طيِّء من همزَة وطاء وياء، وَلَيْسَت من طَوَيْت، وَهُوَ ميّتُ التصريف.
وَقَالَ بعض النّسابين: سُمِّيت طَيِّءٌ طَيِّئاً لِأَنَّهُ أوّل من طَوَى المنَاهِل، أَي جازَ مَنْهَلاً إِلَى مَنهَلٍ آخَر وَلم يَنزِل.
ابْن السكّيت. مَا بِالدَّار طُوئيٌّ بوَزْن طُوعِيَ وطُؤْوِيٌّ بِوَزْن طُعْوِيّ، وَقَالَ العجّاج:
وبلدة لَيْسَ بهَا طُوئيٌّ
أَي لَيْسَ بهَا أحد. والطَّوِيُّ: البئرُ المَطْوِيّة بالحِجارة، وَجَمعهَا أَطْواء.

(14/35)


وطأ: قَالَ اللَّيْث: الموطِىء: المَوْضع. قَالَ: وكلُّ شَيْء يكون الفعلُ مِنْهُ على فَعِل يَفعَل فالفِعْل مِنْهُ مَفْتُوح الْعين إلاّ مَا كَانَ من بَنات الْوَاو على بِنَاء وَطِىءَ يَطَأُ وَطْأً. قَالَ: وإنّما ذَهَبت الواوُ من يَطأُ فَلم تَثْبُت كَمَا تَثْبُتُ فِي وَجِل يوْجَل، لِأَن وَطِىءَ يَطَأُ مَبْنِيٌّ على تَوَهُّمِ فَعِلَ يَفعِل مِثلَ وَرِم يَرِمُ غيرَ أنَّ الْحَرْف الَّذِي يكون فِي مَوضِع اللَّام مِن يَفعَل من هَذَا الحدّ إِذا كَانَ من حُرُوف الْحلق السِّتَّة، فإنَّ أكثرَ ذَلِك عِنْد الْعَرَب مَفْتُوح، وَمِنْه مَا يُقَرُّ على أصلِ تأسيسه مِثل وَرِمَ يَرِم، وأمّا وَسِع يَسَع فُتِحَت يَسَعَ لِتِلك العلّة.
وَقَالَ اللَّيْث: الوطْءُ بالقَدم والقَوائم، تَقول: وطَّأْتُه بقدمي إِذا أردتَ بِهِ الْكَثْرَة. ووطَّأْتُ لَك الأمرَ إِذا هيأتَه. ووطأْتُ لَك الفِراشَ، وَقد وَطؤَ يَوْطؤُ وَطْأً والوطْءُ بالخَيْل أَيْضا. وَيُقَال: وَطِئْنا العدُوَّ وَطاةً شَدِيدَة. والوَطأَةُ: الأخْذَةُ.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (اللَّهُمَّ اشْدُدْ وطأَتَك على مُضَر) ، أَي خُذْهم أخْذاً شَدِيدا، فأَخذَهم الله بالسِّنِين، والوَطَأَةُ هم أبناءُ السَّبيل من النَّاس، سُمُّوا وَطَأَةً لأنّهم يطِئون الأرضَ.
وَيُقَال: أوطأْتُ فلانٌ دابّتي حَتَّى وَطِئَتْهُ.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة، قَالَ أَبُو عَمْرو بنُ الْعَلَاء: الإيطاء لَيْسَ بعَيْب فِي الشِّعر عِنْد الْعَرَب وَهُوَ إِعَادَة القافية مرَّتين وَقد أوطأَ الشَّاعِر.
قَالَ اللَّيْث: إِنَّمَا أُخِذ من المُواطأَة، وَهِي المُوافقة على شَيْء وَاحِد، يُقَال: واطأ الشاعرُ وأَوْطأَ إِذا اتّفقتْ لَهُ قافيتان على كلمة وَاحِدَة مَعْنَاهُمَا وَاحِد. قَالَ: فَإِذا اختَلَفَ الْمَعْنى واتّفق اللَّفْظ فَلَيْسَ بإيطاء.
وَأَخْبرنِي أَبُو مُحَمَّد المُزَني عَن أبي خَليفَة، عَن مُحَمَّد بن سلاّم الجُمحي أَنه قَالَ: إِذا كثُرَ الإيطاء فِي قصيدة مَرّاتٍ فَهُوَ عَيْبٌ عِنْدهم.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول. واطأْتُ فلَانا وتواطأْنا، أَي اتَّفقنا على أمرٍ. ووَطئْتُ الجاريَة، أَي جامعتُها، قَالَ: والوطيءُ من كل شَيْء مَا سَهُل ولانَ حَتَّى إنّهم يَقُولُونَ: رجلٌ وطيءٌ، ودابّته وطيئة، بيّنة الوَطاءةِ، وَيُقَال: ثَبَّت اللَّهُ وطأَتَه.
وَفِي الحَدِيث عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَأَن آخِرَ وطأَةٍ لِلَّهِ بوجَ) ، والوَطأَة كالأخذة الوَقْعَة، ووَجّ هِيَ الطَّائِف، وَكَانَت غَزْوةُ الطَّائِف آخرَ غَزاةٍ غَزاها النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اللهمّ اشْدُدْ وَطأَتَك على مُضَر) . وَقد وطِئْتهم وَطْأً ثقيلاً. وَيُقَال: هَذِه أرضٌ مستويةٌ لَا رِباءَ فِيهَا وَلَا وِطاء: لَا صَعودَ فِيهَا وَلَا انخفاض.
قَالَ: ووطَّأْتُ لَهُ المجلسَ توطئَةً. والوَطيئة طعامٌ للعَرَب تُتّخذ من التّمر.

(14/36)


وَقَالَ شَمِر: قَالَ أَبُو أسْلَم لوطيئة التّمر ويُجعَل فِي بُرْمة ويُصَبُّ عَلَيْهِ الماءُ والسَّمن إِن كَانَ، وَلَا يُخلَط بِهِ أَقِط، ثمَّ يُشرَب كَمَا تُشْرَب الحَسِيّةُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: والوطيئة مِثلُ الحيْس تَمرٌ وأَقِطٌ يُعْجنانِ بالسَّمن. قَالَ: الوطيئة الغِرَارةُ أَيْضا، وَرجل مُوَطّأُ الأكناف إِذا كانَ سَهْلاً دَمِثاً كَرِيمًا يَنزل بِهِ الأضيافُ فيَقْرِيهم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الوَطيئة الحَيْسة، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {ثَقِيلاً إِنَّ نَاشِئَةَ الَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ} (المزمل: 6) .
قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَابْن عَامر: (وِطاءً) بِكَسْر الْوَاو وَفتح الطَّاء والمدّ والهمزة، من المُواطأَة والموافَقة.
وَقَرَأَ ابنُ كَثير وَنَافِع وَحَمْزَة وَعَاصِم وَالْكسَائِيّ: (وَطْأَى) بِفَتْح الْوَاو سَاكِنة الطَّاء مَهْمُوزَة مَقْصُورَة.
وَقَالَ الفرّاء: معنى هِيَ أشدَّ وَطْأً، يَقُول: هِيَ أثبتُ قِياماً. قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: أشدُّ وَطْأً أَي هِيَ أشدُّ على المصلِّي من صَلَاة النَّهَار، لأنَّ اللّيل للنّوم، فَقَالَ: هِيَ وَإِن كَانَت أشدُّ وَطأً فَهِيَ أقوَم قِيلاً.
قَالَ: وَقَرَأَ بعضُهم هِيَ أشَدُّ وِطاءً على فِعال يُرِيدُونَ أشدَّ عِلاجاً ومُواطأَةً. وَاخْتَارَ أَبُو حَاتِم فِيمَا أخبَرَني أَبُو بكر بنُ عُثْمَان عَنهُ أشدُّ وِطاء بِكَسْر الْوَاو والمدّ.
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم: أَنه اخْتَار هَذِه الْقِرَاءَة. وَقَالَ: مَعْنَاهُ أنَّ سمعَه يُواطىءُ قلبَه وبَصَرَه، ولِسانه يواطِىءُ قلبَه وطاء، يُقَال: واطَأَني فلَان على الْأَمر: إِذا وافَقَك عَلَيْهِ لَا يَشتغل القلبُ بِغَيْر مَا اشتَغَل بِهِ السَّمع، يُقَال: واطأَنِي فلانٌ على الْأَمر وَهَذَا واطأَ ذَاك يُرِيد قيامَ اللَّيْل، والقراءةَ فِيهِ.
وَقَالَ الزّجاج: أَشد وِطاءً لقلَّة السَّمْع، ومَن قَرَأَ (وَطْأً) فَمَعْنَاه هِيَ أبلغ فِي الْقيام وأبينُ فِي القَوْل.
أَبُو زيد: ابْتَطَأَ الشَّهْر وَذَلِكَ قبلَ النِّصف بيَوم وبعدَه بِيَوْم، بوَزن ايَتَطَعَ.
وطوط: روِي عَن عَطاء أنّه قَالَ فِي الوَطواط يَصيدُه المُحْرِم: ثُلُثا دِرْهم. قَالَ أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الوَطواط الخُفّاش. قَالَ أَبُو عبيد يُقَال: إنّه الخُطّاف، وَهَذَا أشْبَهُ القَوْلَين عِنْدِي بالصَّواب، وَقد يُقَال للرجل الضَّعيف: الوَطواطُ وَلَا أرَاهُ يسمَّى بذلك إلاّ تَشْبِيها بالطَّائر، وجمعُ الوَطواط وَطاوط.
وَقَالَ اللِّحياني: يُقَال للرّجل الصَّيّاح وَطواط.
قَالَ: وَزَعَمُوا: أنَّه الّذي يُقارِب كلامَه كأنَّ صوتَه صوتُ الخَطاطيف، وَيُقَال للْمَرْأَة وَطْواطة.
طوط (طاط) : قَالَ اللَّيْث: الطَّاط الفَحْل

(14/37)


الهائجُ يوصَف بِهِ الرجلُ الشّجاع والجميع الطّاطونَ، وفُحولٌ طاطَةٌ.
قَالَ: وَيجوز فِي الشِّعر فُحولٌ طاطاتٌ وأَطْواطٌ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي الطاطِ مثله، قَالَ ذُو الرُّمة:
فربَّ امرىء طاطٍ عَن الحقّ طامِحٍ
بعَيْنيْه عمّا عوَّدَتْه أقارِبُهْ
قَالَ: طاطٍ يَرْفَعُ عَيْنَهُ عَن الحقّ لَا يكَاد يُبصِره، كَذَلِك البعيرُ الهائجُ الّذي يَرفَع أنفَه ممّا بِهِ؛ وَيُقَال: طائطٌ، وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: رجلٌ طاطٌ طَوِيل، قَالَ: وطَوَّطَ الرّجُل إِذا أَتَى بالطَاطةِ من الغِلْمَان، وهم الطِّوال.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: فَحْلٌ طاطٌ، وَقد طاطَ يَطِيط طُوُوطاً وطُيُوطاً.
وَقَالَ غيرُه: يَطَاط، وَهُوَ الّذي يُهَدِّرُ فِي الْإِبِل.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: جمع الوَطْواط، الوُطُطُ الضعيفُ الْعقل والأبدان، من الرّجال، والواحِد وَطْواط.
شمِر عَن الفرّاء: رجل طاطٌ وطوطٌ إِذا كَانَ طَويلا، والطَّاط: الشَّديد الخُصومة. قَالَ اللَّيْث: الطُّوطُ. الحيَّة وَأنْشد:
مَا إنْ يَزالُ لَهَا شَأْوٌ يُقَوِّمُها
مقوِّمٌ مِثلُ طُوط الماءَ مَجدولُ
يَعْنِي الزِّمَام شبَّهه بالحيّة.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الطُوط: الحيّة. أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الطُّوطُ: القُطْنُ. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الطِّيطانُ: الكُرَّاثُ.
أطط: ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا: الأطَطُ الطَّوِيل، والأُنثى طَطَّاءُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَطُّ والأَطِيط تَقَبُّضُ صَوت المحامل والرِّحال إِذا أَثقَلَ عَلَيْهَا الرُّكْبان. وأَطِيط الإبلِ صوتُها. يُقَال: لَا أفعلَ ذَلِك مَا أَطَت الْإِبِل.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَطِيطُ البَطْن صوتٌ يُسمَع عِنْد الْجُوع، وأنشدَ:
هَل فِي دَجُوبِ الْحرَّة المخِيطِ
وَذِبْلَةٌ تَشْفِي من الأَطِيطِ
طأطأ: عَمْرو عَن أَبِيه: الطأطاء الْمَكَان المطمئنّ الضّيق، وَيُقَال لَهُ: الصّاعُ والمِعَى. والطّأْطاء: الجَمَل الخَرْبَصِيص، وَهُوَ الْقصير الشِّبْر.
قَالَ اللَّيْث: الطأطأةُ مَصدَرُ طأطأ فلانٌ رأسَه طَأْطَأَةً، وَقد تَطَأْطأَ إِذا خَفَض رأسَه، والفارِسُ إِذا نَهَزَ دابّته بفَخِذَيه ثمَّ حرّكه للحُضْر يُقَال طَأْطَأَ فَرسَه.
وَقَالَ المَرّار:
شُنْدُفٌ أشْدَفُ مَا وَرَّعته
وَإِذا طُؤْطِىءَ طَيَّارٌ طِمِرُّ

(14/38)


وَقَالَ أَبُو عُبَيدة فِي طَأْطَأَةِ الفَرَس نَحوه، وطأَطأَ فلانٌ من فلَان وَضَع من قَدْرِه.
طيا: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطايَة: السَّطْح الّذي يُنام عَلَيْهِ وبِوَزْنه التَّايَة، وَهُوَ أَن يُجمَع بَين رُؤوسِ ثَلاثِ شَجَرات أَو شجرتين، ثمَّ يُلْقِي عَلَيْهَا ثوبٌ فيُستظلُّ بهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّايَة صخرةٌ عظيمةٌ فِي رَمْلة، وأَرْضٌ لَا حِجَارَة فِيهَا، وَقَالَ غيرُه: جَاءَت الْإِبِل طاياتٍ، أَي قُطْعاناً، واحدتها طايَة.
وَقَالَ عَمرو بنُ لَجأ يصفُ إِبِلاً:
تَرِيعُ طاياتٍ وتَمشِي هَمْساً
والطِّيطوَى: ضَرْبٌ من الطيرِ مَعْرُوف، وعَلى وَزنه نِينَوَى، وكلاهُما دَخِيلان.
وَقَالَ بعض الْمُحدثين:
أَمَا وَالَّذِي أرسى ثَبِيراً مَكَانَهُ
وأنبَتَ زَيْتوناً على نهرِ نينَوَى
لَئِن عابَ أقوامٌ مَقالِي بقَوْلِهمْ
لمَا زِغْتُ عَن قَوْلي مدى فِنْر طيطوَى
وذُكِر عَن بَعضهم أنّه قَالَ: الطِّيطَوى ضَرْبٌ من القَطَا طِوال الأَرْجُل.
قلت: وَلَا أصلَ لهَذَا القَوْل. وَلَا نظيرَ لهَذَا فِي كَلَام الْعَرَب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ عَن المفضّل قَالَ: الوَطِيءُ والوَطِيئةُ العَصيدةُ الناعمةُ، فَإِذا ثَخُنَتْ فَهِيَ النَّفيتَةُ، فَإِذا زادتْ قَلِيلا فَهِيَ النّفيثة بالثاء، فَإِذا زادَتْ فَهِيَ اللَّفِيتةُ، فَإِذا تعلَّكَت فَهِيَ العَصِيدةُ.
أَبُو تُرَاب عَن الْحصين يُقَال: الحَقْ بطيّتك وبيّتك أَي بحاجَتك.
وَقَالَ الفرّاء وَابْن الْأَعرَابِي: الحَقْ بِطِيتكَ وبِبَيتِكَ مِثلها.
(وطوط) : شمر قَالَ: الوطواط الضَّعِيف، وَيُقَال: الْكثير الْكَلَام وَقد وَطوَطُوا أَي ضَعفوا.
وَيُقَال إِذا كثر كلامُهم. وَقَالَ الفرزدق:
إِذا كره الشَّعْبُ الشِّقَاق وَوَطَوطَ
الضِّعَاف وَكَانَ العِزُّ أمْرَ بَزازِ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الوطواط: الرجلُ الضَّعيف العَقل والرَّأْي. قَالَ: والوَطواط الخُفّاش. وأهلُ اليَمن يسمّونه السَّرْوَع، وَهِي البحرية، وَيُقَال لَهَا: الخفاش. وَالله أعلم.
(أَبْوَاب) الرباعي من حرف الطَّاء

(بَاب الطَّاء والثاء)
ط ث)
(طرمث) : قَالَ اللَّيْث: الطُّرْمُوث الرَّغيف. قَالَ: والطُّرْمُوسَة الظّلمة.
(ثرمط) : أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: وَقَع فلَان

(14/39)


ٌ فِي ثُرْمُطةٍ أَي فِي طِينٍ رطْب.
قَالَ شَمِر: واثْرَنْمَطَ السِّقاء إِذا انتَفخ، وأنشدَني ابْن الأعرابيّ:
تأكلُ بَقْلَ الرِّيف حتّى تَحْبَطا
فبطْنُها كالوَطْبِ حِين اثْرَنْمَطَا
وَقَالَ شَمِر: الاثْرِنْمَاطُ اطْمِحْرار السِّقاء إِذا رابَ ورَغا وكَرْثأَ.
قَالَ: وكَرْثَأَ إِذا ثَخُنَ اللبَنُ عَلَتْهُ كَرْثَأَة مثلَ اللِّبَإ الخَثِرِ، حَكَاهُ عَن أبي العَطَّاف الغَنَوِيّ.
(ثنطب) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الثُّنْطُبُ مِجْوَابُ القَفَّاصِ.

(بَاب الطَّاء وَالرَّاء والطاء وَاللَّام)
ط ر ط ل)
(برطل) : شمر، قَالَ أَبُو عَمْرو: والبَراطِيل: المَعَاوِل، وَاحِدهَا بِرْطيل.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: البِرْطيل البَيْرَم، والبِرْطيل: خَطْمُ الفَلْحَس، وَهُوَ الكَلْب، والفَلحَس: الدُّبّ المُسِنّ.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ ابْن شُمَيْل: البِرْطيل الحَجَر الطَّوِيل الرَّقيق وَهُوَ النَّصِيل، قَالَ: وهما ظُرَوَانِ مَمْطولانِ تُنقَر بهما الرَّحَى وهما من أَصْلَب الحِجارة مسلكة محدّدة، وَقَالَ كَعْب بن زُهَيْر:

كأنّ مَا فَاتَ عَيْنَيْها ومَذْبَحها
مِن خَطْمِها ومِن اللَّحْيَيْنِ بِرْطِيلُ
اللَّيْث: البُرْطُلَة هِيَ المِظَلّة الصَّيْفيّة.
وَقَالَ غيرُه: إِنَّمَا هُوَ ابنُ الظُّلَّة.
(طربل) : ورُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا مَرَّ أحدُكم بطِرْبَالٍ مائلٍ فليُسرع المشيَ) . قَالَ أَبُو عبيد: كَانَ أَبُو عُبيدة يَقُول: هُوَ شَبيهٌ بالمنظَرَة من مناظِر العَجَم كهيْئَة الصَّومَعة وَالْبناء المرتفِع، قَالَ جرير:
أَلْوَى بهَا شَذبُ العُروق مُشذَّبٌ
فكأنَّما وَكَنَتْ على طِرْبالِ
ورأيتُ أهل النَّخْل فِي بَيْضَاءَ بَني جَذِيمة يَبْنون خِياماً من سَعَف النّخل فَوق نُقْيان الرِّمال فيتظلَّل بهَا نَوَاطِيرُهم أَيَّام الصرام ويسمونها الطَّرابيل والعَرازيل.
وَقَالَ اللَّيْث: الطِّرْبال عَلَم يُبنى.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَمْرو: الطرابيل الأَمْيال، وَاحِدهَا طِربال.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الطِّرْبال بناءٌ يُبْنى عَلماً للخَيل يُسْتَبق إِلَيْهِ، وَمِنْه مَا هُوَ مِثلُ المنَارة وبالمنْجَشانية وَاحِد مِنْهَا وَأنْشد بِموضع قريب من الْبَصْرَة قَالَ دُكَيْن:
حَتَّى إِذا كَانَ دُوَيْنَ الطِّرْبالْ
بشِّرْ مِنه بصَهِيلٍ صَلْصَالْ
مُطَهَّمِ الصُّورة مِثل التِّمْثال سلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الطِّرْبال الصَّوْمعَة.

(14/40)


وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: هُوَ الهَدَف المشرِف.
بلنط: قَالَ اللَّيْث: البَلَنْط شيءٌ يُشبه الرُّخام، إلاّ أَنَّ الرُّخامَ أَهَشُّ مِنْهُ وأرْخَى، وَأنْشد بَيت عَمْرو بن كُلْثوم:
وسَارِيَتَيْ رُخام أَو بَلَنْط
يَرِنُّ خشاشُ حَلْيِهمَا رَنِينا
(طربل) : وأخبَرَني المنذريُّ عَن ابْن حَمُّوَيْه قَالَ: سمعتُ أَبَا تُرَاب يَقُول: كتب أَبُو محكّم إِلَى رجل: اشترِ لنا جَرَّة ولْتكن غيرَ قَعْراء وَلَا دَنّاء وَلَا مُطَرْبَلة الجوانب، قَالَ: ابنُ حَمُّويه: فسألتُ شِمراً عَن الدَّنّاء فَقَالَ: القصيرة، قَالَ: والمطربلة الطَّوِيلَة.
(مرطل) : أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: مَرْطَلَ الرجلُ ثوبَه بالطين إِذا لَطَخَه، وَأنْشد:
مَمْعُوثةٌ أعراضُهُمْ مُمَرْطَلَهْ
(طلنف) : قَالَ: والْمُطْلَنْفِىءُ اللاطىءُ بِالْأَرْضِ.
وَقَالَ اللحيانيّ: هُوَ المستلقِي على ظهرِه.
قَالَ أَبُو زيد: اطلنفَأت اطلنفاء إِذا لزقت بِالْأَرْضِ.
(طنبر) : وَقَالَ اللَّيْث: الطُّنبورُ الَّذِي يُلعَب بِهِ معرّب. وَقد اسْتعْمل فِي لفظ العربيّة.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: الطُّنبور دخيل وإنّما شبِّه بألْيَة الحَمَل، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ ذُنْبَهِ بَرَهْ فَقيل: طُنْبُور.
(برطم) : أَبُو عبيد عَن الأمويّ: البِرْطام: الرجلُ الضَّخْمُ الشفةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: البرطَمة عُبوسٌ فِي انتفاخ وَغَيْظ، تَقول: رأيتُه مُبَرْطِماً، وَلَا أَدْرِي مَا الّذي بَرْطَمَهُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للرّجل قد بَرْطَم بَرْطَمةً إِذا غَضِبَ. ومِثلُه اخْرَنطَم، وبَرْطَمَ الليلُ إِذا اسودّ.
(فرطم) : وَقَالَ اللَّيْث: الفُرطومة مِنقار الخُفّ إِذا كَانَ طَويلا محدَّد الرّأس.
وَفِي الحَدِيث: إنَّ شيعَةَ الدَّجال شوارِبُهم طَوِيلَة، وخِفافُهُم مُفَرْطَمَة.
قلتُ: وَقد رَوَى أَبُو عمرَ عَن أحمدَ بنِ يحيى، عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: قَالَ أعرابيّ: جَاءَنَا فلَان فِي نِخافَيْنِ مُقَرْطَمَيْن بِالْقَافِ، أَي لَهما منقاران، والنِّخافُ: الخُفُّ رَوَاهُ بِالْقَافِ، وَهُوَ عِنْدِي أصحّ ممّا رَوَاهُ اللَّيْث بِالْفَاءِ.
(برطم) : عَمْرو عَن أَبِيه، جَاءَ فلَان مُبْرَنْطِما إِذا جَاءَ متغضّباً.
(تفطر) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: التفاطير: البَثْر، قَالَ وأنشدني المفضّل:
تفاطيرُ المِلاَح بِوَجْهِ سَلْمَى
زَمَاناً لَا تَفاطيرُ القِباحِ
وقرأتُ بخطّ أبي الهَيْثَم بَيْتا لِلْحُطَيْئة فِي صفة إبلٍ نَزَعَت إِلَى نبت بلد ذكره فَقَالَ:
طبَاهُنّ حَتَّى أطفَلَ الليلُ دونَها

(14/41)


تفاطيرُ وَسْمِيَ رِوَاءً جُذورُها
أَي رَعاهنّ تفاطير وَسْمِيّ. قَالَ: والتفاطير نَبْذٌ من النبت يَقع فِي مواقعَ من الأَرْض مُخْتَلفَة قَالَ: وَيُقَال: التَّفاطِير أوّل النبت.
قلتُ: من هَذَا أَخذ تَفاطير البَثْر. وأطفَل اللَّيْل، أَي أظلمَ.
وقرأت فِي نَوَادِر اللِّحياني عَن الْإِيَادِي: فِي الأَرْض تَفاطير من عُثْب بالثاء أَي نَبْذٌ متفرّق، وَلَيْسَ لَهُ وَاحِد. وَقَالَ بَعضهم: التفاطير من النَّبَات، وَهُوَ رِوَايَة الأصمعيّ وَالنَّاس، والتفاطير بِالتَّاءِ النوْر.
طرطب: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: ثَدْيٌ طُرْطبٌّ أَي طَوِيل.
وَقَالَ أَبُو عمر: امرأةٌ طرْطُبّة مسترخيَة الثَّدْيَين وأنشدَ:
أُفَ لتِلْك الدِّلْقِمِ الهِرْدَبَّةْ
العَنْقَفِير الجَلْبَح الطُّرْطُبَّهْ
قَالَ: والطَّرْطبَه دُعاء الْحمار وأنشدَ:
وَجَالَ فِي جِحاشِه وطَرْطبَا
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: طرْطبَ بالنَّعْجَةِ طرْطَبَةً إِذا دَعَاهَا.
(طمطم) : أَبُو تُرَاب: الطَّواطم والطَّماطمُ العُجْم، وَأنْشد للأَفْوَه الأوْدي:
كالأسوَد الحَبَشِيّ الْحَمْشِ يَتْبَعُه
سُودٌ طماطمُ فِي آذانها النُّطَفُ
(بربط) : اللَّيْث: البَرْبَطُ معرَّب، وَهُوَ من مَلاهِي العَجَم، شَبيه بصَدْر البَطّ والصَّدْر بالفارسيّة بَتْر فقِيلَ: بَرَبَط، والبِرْبيطيَّاءُ موضعٌ يُنْسَبُ إِلَيْهِ الوَشْيُ، ذكَرَه ابنُ مُقبِل فِي شعره، فَقَالَ:
خُزَامَى وسَعْدانٌ كأَنَّ رِياضَها
مُهِدْنَ بِذِي البِرْبيطيَاءِ المهذَّبِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: البِرْبيطياء: ثيابٌ.
(برطم) : ورُوي عَن الْكسَائي أَنه قَالَ: الْبَرْطَمَةُ والبَرْهَمَةُ كهَيْئَةِ التَّخَاوُصِ.
وَقَالَ أَبُو سعيد نَحوا مِنْهُ، وَالله تَعَالَى أعلم. انْتهى.
آخر كتاب الطَّاء وَالْحَمْد لله على نعمه.

(14/42)