تهذيب اللغة

أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الطَّاء

(بَاب الطَّاء وَالدَّال)
ط د ت ط د ظ ط د ذ
ط د ث: مهملات.
ط د ر
اسْتعْمل من وجوهه: طرد، دطز.
دطر: أما دَطر: فَإِن ابْن المظفَّر أهمَلَه، ووجدتُ لأبي عَمْرو الشَّيباني فِيهِ حَرْفاً.
رَوَاهُ أَبُو عَمْرو عَن ثَعْلَب، عَن عَمْرو عَن أَبِيه فِي بَاب السَّفينة قَالَ: الدَّوْطيرَة كَوثلُ السّفينة.
طرد: أَبُو عبيد: طَرَدتُ الرجلَ أطرُده طَرْداً: إِذا نحَّيْتَه. قَالَ: وأطردتُ الرجلَ إِذا نَفَيْتَه وجعلتَه طَرِيداً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أطردْتُ الرجلَ جعلتَه طَرِيداً لَا يأمَنُ. وطَردْتُه: نحّيتُه ثُمّ يَأْمن. قَالَ: وقولُه لَا بَأْس بالسِّباق مَا لَم تُطْرِدْه ويُطْرِدُك.
قَالَ: الإطراد أَن تَقول: إِن سبقتَني فلك عليّ كَذَا، وَإِن سبقتُك فلي عَلَيْك كَذَا.
وَقَالَ ابْن بُزُرج: يُقَال: اطْرِد أَخَاك فِي سَبَق أَو قِمارٍ أَو صِراع، فَإِن ظَفِر كَانَ قد قَضَى مَا عَلَيْهِ، وإلاّ لَزِمه الأوّل والآخِر.
وَقَالَ شمر: سمعتُ ابنَ الأعرابيّ يَقُول: أطْرَدْنا الغَنَم وأَطْردْتم، أَي: أرسلْنا التُّيوسَ فِي الغَنَم.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الطَّرِيدةُ: القَصَبة الّتي فِيهَا حُزّةٌ فتُوضع على المغَازِل والعُود فتَنحتُ عَلَيْهَا.
قَالَ الشمّاخ:
أقامَ الثِّقافُ والطَّرِيدَةُ دَرْءَها
كَمَا أخرجتْ ضِغْنَ الشَّموسِ المَهامِزُ
قَالَ: والطَّريدةُ: مَا طَرَدْتَ من صَيدٍ أَو غَيره. والطَّرِيدُ: المطرود من النّاس. والطَّرِيدُ: الرجلُ الّذي يولَد بعد أَخِيه، فَالثَّانِي طريدُ الأوّل. والمُطارَدة فِي القِتال أَن يَطرُد بعضُهم بَعْضًا. والفارِسُ يَستطرد ليَحمِل عَلَيْهِ قِرنه ثمَّ يَكُرّ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أنّه يتحيّز فِي استطراده إِلَى فئتِه، وَهُوَ ينتهز الفرصةَ لمطاردتَه.
أَبُو عَمْرو: الجُبَّةُ: الخِرْقةُ المدوَّرة، فَإِن كَانَت طَوِيلَة فَهِيَ الطَّرِيدة. وَيُقَال لِلخرْقة الّتي تُبَلّ ويُمسَح بهَا التَّنُّور المِطْرَدَة والطَّرِيدة. وطرَدَت الأشياءُ: إِذا تَبِع بعضُها بَعْضًا. واطّرد الكلامُ: إِذا تَتَابع. واطّرَد الماءُ: إِذا تَتابَع سَيَلانهُ.
وَقَالَ قيسُ بنُ الخَطيم:
أتعرِف رَسْماً كاطِّراد المَذاهِبِ

(13/212)


أَرَادَ بالمَذاهب جُلوداً مُذْهَبة بخُطُوط يُرَى بعضُها إثْر بعض، فَكَأَنَّهَا متتابِعة.
وَقَالَ الرّاعي يصف الْإِبِل واتباعَها مواضعَ القَطْر:
سَيَكْفيك الإلهُ ومُسْنَماتٌ
كجنْدَلِ لُبْنَ تَطَّرِدُ الصِّلالاَ
أَي: تتبع مواقعَ القَطْر.
وَقَالَ شمر: الطَّرِيدة: لُعبةٌ لصبيانِ الأَعْراب.
وَقَالَ الطِّرمّاح يصف جَواريَ أَدْركن فترفَّعْن عَن لَعِب الصِّغار والأحداث فَقَالَ:
قَضَتْ مِنْ عَيَاف والطَّريدةِ حَاجَة
فهنّ إِلَى لَهْوِ الحَديثِ خُضوعُ
وَقَالَ اللّيث: مُطارَدة الفُرْسان وطِرادُهم: هُوَ أَن يَحمل بعضُهم على بعض فِي الحَرْب وَغَيرهَا. والمِطْرَدُ: رُمْح قصيرٌ يُطعَن بِهِ حُمُر الوَحْش.
وَخرج فلانٌ يَطردُ حمرَ الْوَحْش وَالرِّيح تطرد الحَصَا والجَوْلانَ على وَجْه الأَرْض، وَهُوَ عَصْفُها وذَهابُها بهَا. والأرضُ ذاتُ الآلِ تَطرُد السَّراب طَرْداً.
وَقَالَ ذُو الرّمة:
كأنّه والرَّهاءُ المَوْتُ يَطْرُدهُ
أَغْراسُ أَزْهرَ تحتَ الرِّيح مَنتوج
وجَدوَلٌ مطَّرِد: سريعُ الجرْية. وأمرٌ مُطّرِدٌ: مُسْتَقِيم على جِهته.
وَيُقَال: طردتُ فلَانا فذَهَب، وَلَا يُقَال: فاطَّرَدَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: الطّريدةُ: نَحِيزَة من الأَرْض قليلةُ العَرْض إنّما هِيَ طَرِيقة. والطَرِيدة: شُقةٌ من الثّوب شُقت طُولاً. والطَّرِيدة: الوَسيقة من الْإِبِل يُغير عَلَيْهَا قومٌ فيَطْرُدونها.
وَيُقَال: مرّ بِنَا يومٌ طَرِيد وطرّاد، أَي: طَوِيلٌ. واللّيلُ والنَّهارُ طَرِيدان، كل وَاحِد مِنْهُمَا طَرِيدُ صاحبِه.
قَالَ الشَّاعِر:
يُعِيدَانِ لي مَا أَمْضَيَا وهُما مَعاً
طَرِيدانِ لَا يَسْتَلهِيَانِ قَرارِي
ط د ل ط د ن ط د ف ط د ب
ط د م: مهملات.

(أَبْوَاب: الطَّاء وَالتَّاء)
والطاء والظاء: مهملات) .

(بَاب الطَّاء والذال)
اسْتعْمل من بَاب الطَّاء والذال إِلَى آخر الْحُرُوف حرف وَاحِد قد أهمَله اللَّيْث.
ذمط: ووجدتُ فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : طعامٌ ذِمِطٌ وزَرِدٌ، أَي: ليّنٌ سريع الانحدار.
انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء والثاء)
ط ث ر
طرث. طثر. ثرط. رثط: مستعملة.

(13/213)


طرث: قَالَ اللَّيْث: الطُّرْثُوثُ: نَباتٌ كالقُطْر مستطيلٌ دَقيقٌ يَضرِب إِلَى الحُمرة يَيبسُ وَهُوَ دِباغ للمعدة مِنْهُ مُرّ، وَمِنْه حُلو، يُجعَل فِي الْأَدْوِيَة.
قلتُ: رأيتُ الطرْثُوث الَّذِي وَصَفه اللَّيْث فِي الْبَادِيَة وأَكَلْت مِنْهُ، وَهُوَ كَمَا وَصَفه، وَلَيْسَ بالطُّرْثوث الحامض الَّذِي يكون فِي جبال خُراسانَ، لِأَن الطُرْثوث الَّذِي عندنَا لَهُ وَرَق عريضٌ، مَنبِتة الْجبَال، وطُرْثوث الْبَادِيَة لَا وَرَق لَهُ وَلَا ثمَرَ، ومَنبِتة الرِّمال وسهولةُ الأَرْض، وَفِيه حَلاوةٌ مُشرَبة عُفوصَة، وَهُوَ أحمرُ مستديرُ الرَّأْس كَأَنَّهُ ثُومَة ذَكَر الرَّجُل.
والعَرَب تَقول: طَراثِيثُ لَا أَرْطى لَهَا وذآنِينُ لَا رمْثَ لَهَا، لِأَنَّهُمَا لَا يَنْبُتانِ إِلَّا مَعَهُمَا، يُضرَبان مَثَلاً للَّذي يُستأصَل فَلَا تَبقَى لَهُ بقيّة بعد مَا كَانَ لَهُ أصلٌ وقَدْرٌ وَمَال.
وأَنشَد الأصمعيّ:
فالأَطيَبان بهَا الطُّرْثوث والضَّرَب
طثر: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا عَلاَ اللبنَ دَسَمُه، وخُثورتهُ رأسَه فَهُوَ مطثَّر، ينَال: خُذْ طَثْرةَ سِقائك.
وَقَالَ اللَّيْث: لبنٌ خاثرٌ. قَالَ: وأسَدٌ طَيْثارٌ لَا يُبالِي على مَا أَغارَ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الطثْرة: الحمأَة تَبقَى أسفلَ الحَوْض.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو زيد: يُقَال: إِنَّهُم لفي طثرة عَيْشٍ: إِذا كَانَ خَيرُهم كثيرا. وَقَالَ مرّة: إِنَّهُم لفي طثْرة، أَي: فِي كَثرةٍ من اللَّبن والسَّمْن والأَرقط، وأَنشَد:
إنّ السَّلاءَ الَّذِي تَرْجِينَ طثرته
قد بعْتُه بأَمورٍ ذاتِ تَبْغيلِ
والطّثْر: الخيرُ الْكثير، وَبِه سُمّي ابنُ الطَّثْرِيّة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الطثَارُ: البَقُّ، واحدُها طثرة.
ثرط: أهمَلَه اللَّيْث، ورَوَى أَبُو عُبيد عَن أبي عَمرو الشَّيْباني أَنه قَالَ: الثَّرطئةُ بِالْهَمْز بعد الطاءَ: الرَّجُل الثقيل.
قلتُ: إِن كَانَت الْهمزَة أَصْلِيَّة فالكلمة رُباعية، وَإِن لم تكن أَصْلِيَّة فَهِيَ ثلاثية، والعِزْقيءُ مثلُه وَنَظِيره.
رثط: أهمله اللَّيْث.
وَفِي (النَّوَادِر) : أَرثَط الرجلُ فِي قُعوده.
ورَثَط ورَطم ورَضم وأَرطم. كُله بِمَعْنى وَاحِد.
ط ث ل
ثلط لطث طلث لثط: مستعملة.
لطث: قَالَ اللَّيْث: الثلْطُ: هُوَ سَلْخُ الفِيل ونحوِه وَمن كلّ شَيْء إِذا كَانَ رَقِيقا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: ثَلَط البعيرُ يثلِط ثَلْطاً: إِذا أَلْقَاهُ سَهْلاً رَقِيقا.
قلتُ: وَيُقَال للْإنْسَان إِذا رَقَّ نَجوُه وَهُوَ يَثلِط ثَلْطاً.

(13/214)


وَفِي الحَدِيث: (كَانَ من قبلكُمْ يَبْعَرُون بعراً وأَنتم تثلِطون ثلْطاً) .
وَيُقَال: أثَلْطته ثَلطاً: إِذا رمَيتَه بالثلْط ولطخْتَه بِهِ.
قَالَ جَرير:
يَا ثَلْطَ حامِضةٍ تَربَع ماسِطاً
مِنْ واسطٍ وتَربَّعَ القُلاَّما
ثلط: أهمله اللَّيْث.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: اللطثُ: الفَساد. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: لطثته ولطستُه: إِذا رَماه.
وَقَالَ رؤبة:
مَا زالَ بَيْعُ السَّرَق المُهايثُ
بالضعف حَتَّى استوقَرَ المُلاطِثُ
قَالَ أَبُو عَمْرو: الملاطث يَعني بِهِ البَائِع. قَالَ: ويروى المَلاطِث، وَهِي الْمَوَاضِع الّتي لُطِثَتْ بالحمْل حتّى لُهِدَتْ.
لثط: أهمَلَه اللَّيْث.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: واللَّثْطُ: ضَرْبُ الكَفّ للظَّهْر قَلِيلا قَلِيلا. قَالَ: والثَّلْطُ: رمْيُ العاذر سهلاً.
وَقَالَ غَيره: اللَّطْثُ واللثْط كِلَاهُمَا: الضّربُ الخَفيف.
طلث: أهمله اللَّيْث.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الطُلْثَةُ: الرجلُ الضعيفُ الْعقل، الضعيفُ الْبدن الجاهلُ. قَالَ: وَيُقَال: طَلَّثَ الرجلُ على الخَمسين ورَمَّثَ عَلَيْهَا: إِذا زَاد عَلَيْهَا، هَكَذَا أَخبرني بِهِ.
المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس. وروَى أَبُو عَمْرو عَنهُ: طَلَثَ الماءُ يَطْلُثُ طُلُوثاً: إِذا سَال. ووزَب. يَزِب وُزُوباً مثله.
ط ث ن
نثط ثنط: مستعملات.
نثط (ثنط) : قَالَ اللَّيْث: النَّثْطُ: خروجُ الكمْأَةِ من الأَرْض. والنباتُ إِذا صَدَع الأرضَ فَظهر. قَالَ: وَفِي الحَدِيث: كَانَت الأَرْض تميدُ فوقَ المَاء فنثطهَا الله تبَارك وَتَعَالَى بالجبال، فَصَارَت لَهَا أوتاداً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: النَّثْط: التثقيل، وَمِنْه خبرُ كَعْب: أنَّ الله جلَّ وعزّ لمَّا مدّ الأَرْض مادَتْ فنَثَطها بالجبال، أَي: شقَّها فَصَارَت كالأوتاد لَهَا، ونَثَطها بالآكام فَصَارَت كالمُثْقِلات لَهَا.
قلت: فرّق ابْن الأعرابيّ بَين الثَّنْط والنَّثط، فَجعل النثط شقّاً، وجعَل النثط أثقالاً، وهما حَرْفان غَرِيبَانِ وَلَا أَدْرِي أعربيَّان أم دَخيلان، وَمَا جَاءَا إِلَّا فِي حَدِيث كَعْب.
ط ث ف
ثطف: أهملَ الليثُ وجوهها.
واستَعمل ابْن الْأَعرَابِي من وجوهها

(13/215)


الثَّطَف وَقَالَ: الثَّطَفُ: النَّعْمة فِي الْمطعم والمشرَب والمنَام.
ط ث ب
اسْتعْمل من وجوهه: ثبط.
ثبط: قَالَ اللَّيْث: ثَبَّطه الله عَن الْأَمر تَثْبِيطاً: إِذا شغله عَنهُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلَاكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} (التَّوْبَة: 46) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: التَّثبيط: رَدُّك الْإِنْسَان عَن الشَّيْء يَفْعَله، أَي: كَرِه اللَّهُ أَن يخرجُوا مَعكُمْ فردّهم عَن الْخُرُوج.
ط ث م
استُعمل من وجوهه: طمث.
طمث: قَالَ اللَّيْث: طَمَثْتُ البعيرَ أَطْمِثُه طَمْثاً: إِذا عَقَلْتَه، وطَمَثْتُ الْجارية: إِذا افترعْتَها. قَالَ: والطَّامث فِي لغتهم الْحَائِض.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ} (الرَّحْمَن: 56) ، أَخْبرنِي المنذريّ عَن ابْن فهم، عَن مُحَمَّد بن سلاّم، عَن يونسَ أَنه سأَله عَن قَوْله: {الطَّرْفِ لَمْ} فَقَالَ: تَقول العَرَب: هَذَا جَملٌ مَا طمثه حَبل قَطّ، أَي: لم يمَسَّه.
قلت: وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عُبيدة. قَالَ: (لم يطمثهنّ) : لم يمسَسْهنّ.
سَلمَة عَن الفرّاء قَالَ: الطَّمْثُ: الافتضاض وَهُوَ النِّكاح بالتَّدْمية. قَالَ: والطَّمْث: هُوَ الدَّم، وهما لُغتان: طَمَث ويطْمِثُ: والقُراء أَكْثَرهم على {الطَّرْفِ لَمْ} بِكَسْر الْمِيم.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال للْمَرْأَة طُمِثَتْ تُطمَثُ، أَي: أُدْمِيَت بالافتضاض، وطَمِثَتْ على فَعِلَتْ تَطمثُ إِذا حَاضَت أول مَا تحيض، فَهِيَ طامث.
وَقَالَ فِي قَول الفَرَزدق:
دفعنَ إليَّ لم يُطمثنَ قبْلِي
فهنَّ أصَحُّ من بَيْض النّعامِ
أَي: هُنَّ عذارى غير مُفْتَرعَات. انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء وَالرَّاء)
ط ر ل
استُعمل من وجوهه: رَطْل.
رَطْل: سمعتُ المنذريَّ يَقُول: سمعتُ إبراهيمَ الحربيَّ يقُول: السُّنةُ فِي النِّكاح رِطْل، قَالَ: والرِّطْل اثْنَتَا عشرةَ أوقيَّة. قَالَ: وَالْأُوقِية: أَرْبَعُونَ دِرْهماً، فَتلك أربعمائةٍ وَثَمَانُونَ دِرهماً.
قَالَ الْأَزْهَرِي: السّنة فِي النِّكَاح ثنتا عشرَة أُوقِيَّة ونشٌّ، والنَّشُّ: عشرُون فَذَلِك خَمْسمِائَة دِرْهَم.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن الحرّاني عَن ابْن السّكيت قَالَ: هُوَ الرِّطل المِكْيال بِكَسْر الرَّاء، هَكَذَا قَالَ. والأوقيّة: مِكْيالٌ أَيْضا. قَالَ: والرِّطْل أَيْضا المسترخي من الرِّجال، كِلَاهُمَا بِكَسْر الرَّاء.

(13/216)


وَقَالَ أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ قَالَ: الرِّطل بِكَسْر الرَّاء الَّذِي يُوزن أَو يُكالُ بِهِ، وَأنْشد بيتَ ابْن أحمَر الْبَاهِلِيّ قَالَ:
لَهَا رِطْلٌ: تكيلُ الزَّيتَ فِيهِ
وفَلاّحٌ يَسوق بهَا حمارا
وَأما الرَّطل بِالْفَتْح فالرَّجل الرِّخْوُ اللّيّن. قَالَ: وَمِمَّا تخطىء العامّةُ فِيهِ قَوْلهم: رَطَّلتُ شعْرِي: إِذا رَجَّلْته، وإمَّا الترطيل فَهُوَ أَن يليِّن شعره بالدهن والمسْح حَتَّى يلين ويبرُق. وَهُوَ من قَوْلهم: رجل رَطْل، أَي: رخو.
قَالَ: ورَطَلْتُ الشَّيْء رَطْلاً بِالتَّخْفِيفِ: إِذا ثقلته بِيَدِك، أَي: رَزَّنْته لتعلم كم وَزنُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّطل مقدارُ مَنَ، وتكسر الرَّاء فِيهِ. والرَّطْلُ من الرِّجال: الَّذِي فِيهِ قَضَافة.
أَبُو عُبَيْدَة: فرسٌ رَطْل، وَالْأُنْثَى رَطْلة، والجميع رطال، وَهُوَ الضَّعِيف الْخَفِيف، وَأنْشد:
تراهُ كالذِّئب خَفِيفا رَطلاً
ط ر ن
رطن طرن نطر: (مستعملة) .
رطن: قَالَ اللَّيْث: الرِّطانة: تكلُّم الأعجمية، تَقول: رَأَيْت عَجْمِيَّيْنِ يتراطنان، وَهُوَ كلامٌ لَا تفهمُه الْعَرَب، وَأنْشد:
كَمَا تَرَاطَنَ فِي حافاتها الرّومُ
أَبُو عُبَيد عَن الكسائيّ: هِيَ الرَّطانة والرِّطانة، لُغَتَانِ، وَقد رَطَن العَجَميّ لفلانٍ إِذا كلّمه بالعجمية؛ يُقَال: مَا رُطَّيْناك هَذِه، أَي: مَا كلامُك، وَمَا رُطَيْناك بِالتَّخْفِيفِ أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا كَانَت الإبِل كَثِيرَة رِفاقاً وَمَعَهَا أهلُها فَهِيَ الرَّطانة والرّطون، والطَّحّانة والطّحُون.
نطر: قَالَ اللَّيْث: النَّاطر من كَلَام أهلِ السّود وَهُوَ الَّذِي يحفظ لَهُم الزَّرْع، لَيست بعربيَّة مَحْضة، وَأنْشد الباهليّ:
أَلا يَا جَارَتا بأَباضَ إنّا
وجَدْنا الرِّيحَ خَيْراً منكِ جارَا
تُفَدِّينا إِذا هَبّت عَلَينا
وتَملأ وجهَ ناظِرِكُمْ غُبارَا
قَالَ: الناطر: الْحَافِظ.
قلتُ: وَلَا أَدْرِي أخَذَه الشاعرُ من كَلَام السَّواديين أَو هُوَ عربيّ. ورأيتُ بالبَيْضاء من بِلَاد بني جَذيْمة، عَرازِيل سُوِّيتْ لمن يَحفَظ تمر النّخيل وقتَ الصِّرام، فسألتُ رَجُلاً عَنْهَا، فَقَالَ: تعي مَظالُّ النَّواطير كَأَنَّهُ جمعُ الناطُور.
ورَوَى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: النَّطْرة: الْحِفظ بالعَيْنَين، بِالطَّاءِ، وَمِنْه أُخِذ النّاطُور، هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عَمْرو عَنهُ.
طرن: قَالَ اللّيث: الطَّرْنُ: الخَزّ، والطّارُنيّ: ضَرْبٌ مِنْهُ. وَفِي (النَّوَادِر) :

(13/217)


طَرْيَنَ الشَّرْبُ وطَرْيَموا: إِذا اختلطوا من السكر.
ط ر ف
طرف طفر فرط فطر رفط: مستعملات.
طرف: الحَرّانيُّ عَن ابْن السِّكيت قَالَ: الطَّرْفُ: طَرْفُ الْعين، والطَّرَف: النَّاحِيَة من النواحي.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الطَّرْفَ: اللّطم. والطَّرْف: إطباقُ الجَفن على الجفنِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّرْفُ: تَحْرِيك الجفون فِي النّظر، يُقَال: شَخَص بصرُه فَمَا يَطْرِف. قَالَ: والطَرْفُ: اسمٌ جَامع لِلْبَصَرِ، لَا يُثنَّى وَلَا يُجمع. والطَّرْفُ: إصابتك عيْناً بِثَوْب أَو غَيره، الِاسْم الطُّرْفة: يَقُول: طُرِفتْ عينُه، وأصابتها طُرْفَةٌ. وطَرَفها الحزنُ بالبكاء.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: طُرِفت عينهُ فَهِيَ تُطْرَف طَرْفاً إِذا حَرّكت جفونها بِالنّظرِ، وَيُقَال: هِيَ بمَكَان لَا ترَاهُ الطَّوارف: يَعْنِي الْعُيُون. وَيُقَال: امرأةٌ مطروفةٌ بِالرِّجَالِ: إِذا كَانَت لَا خيرَ فِيهَا، تَطمح عينُها إِلَى الرِّجَال.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المطروفةُ من النِّسَاء: الَّتِي تَطْرِفُ الرِّجَال لَا تثبت على وَاحِد.
قلت: وَهَذَا التَّفْسِير مُخَالف لأصل الْكَلِمَة، والمطروفَة من النِّسَاء الَّتِي قد طَرفها حبُّ الرِّجال، أَي: أصَاب طَرْفها، فَهِيَ تَطمح وتُشرِف لكل من أشرف لَهَا وَلَا تغُضّ طرفها، كَأَنَّمَا أصَاب طَرفَها طُرفةٌ أَو عودٌ، وَلذَلِك سُمّيت مطروفة.
وَقَالَ زِيَاد فِي خطبَته: إِن الدُّنْيَا قد طَرَفتْ أعينكُم، أَي: أصابتها فطَمَحت بأبصاركم إِلَى زُخرفها وَزينتهَا، وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
ومطروفة الْعَينَيْنِ خفّاقة الحشا
منعّمة كالرِّيم طابت فَطُلّتِ
وَقَالَ طَرَفة يذكر جَارِيَة مغنية:
إِذا نَحن قُلْنَا أسمعينا انبرت لنا
على رِسلِها مطروفةً لم تُسَدَّدِ

قَالَ أَبُو عَمْرو: والمطروفة: الَّتِي أصابتها طرفَة فَهِيَ مطروفة فَأَرَادَ أَنَّهَا كَأَن فِي عينيها قذى من استرخائهما.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مطروفةٌ: منكسرةُ الْعين كَأَنَّهَا طُرفت عَن كل شَيْء تنظر إِلَيْهِ. وَقَالَ ابْن السِّكيت: يُقَال: طرفتُ فلَانا أطرفه: إِذا صرفته عَن شَيْء، وَأنْشد:

(13/218)


إنّك واللَّهِ لذُو مَلة
يَطْرِقك الْأَدْنَى عَن الأَبْعَدِ
أَي: يصرفك.
قلت: وعَلى هَذَا الْمَعْنى كَأَن المطروفةَ من النّساء، الَّتِي طرف طرْفها عَن زَوجهَا إِلَى غَيره من الرِّجَال؛ أَي: صُرف فَهِيَ طمّاحة إِلَى غَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: الأطرافُ: اسْم الْأَصَابِع، وَلَا يفردون إِلَّا بِالْإِضَافَة إِلَى الْأصْبع؛ كَقَوْلِك: أشارتْ بطَرف إصْبَعها؛ وَأنْشد الْفراء:
يُبْدِين أطرافاً لِطافاً عَنَمُه
قلت: جعل الْأَطْرَاف بِمَعْنى الطّرف الْوَاحِد وَلذَلِك قَالَ عنَمُه. قَالَ: وأطرافُ الأَرْض: نَوَاحِيهَا، الْوَاحِد طَرَف، وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِى الاَْرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} (الرَّعْد: 41) ، أَي: من نَوَاحِيهَا نَاحيَة نَاحيَة، وَهَذَا على من فسّر نقصَها من أطرافها فتوح الْأَرْضين. وَأما من جعل نقصَها من أطرافها موتَ علمائها فَهُوَ من غير هَذَا، وَالتَّفْسِير على القَوْل الأول.
وأطرافُ الرِّجَال: أشرافَهم، وَلِهَذَا ذهب بالتفسير الآخر، قَالَ ابْن أَحْمَر:
عَلَيْهِنَّ أطرافٌ من الْقَوْم لم يكن
طعامهُم حبّاً بزَغْبَة أغثرا
وَقَالَ الفَرَزْدق:
واسئلْ بِنَا وبكم إِذا وردتْ مِنًى
أطرافَ كلِّ قبيلةٍ مَن يُمنعُ
يُرِيد: أشرافَ كلِّ قَبيلَة.
قلت: والأطرافُ بِمَعْنى الْأَشْرَاف جمعُ الطّرَف أَيْضا، وَمِنْه قَول الْأَعْشَى:
هم الطَّرَفُ النَّاكُو العدُوِّ وأنتُم
بقصوى ثَلَاث تَأْكُلُونَ الوَقَائِصا
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ابْن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الطُّرُف فِي بَيت الْأَعْشَى جمع طَريف، وَهُوَ المنحدِر فِي النَّسب، وَهُوَ عِنْدهم أشرفُ من القُعْدُد.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: فلَان طريفُ النّسَب، والطَّرافة فِيهِ بيّنة: وَذَلِكَ إِذا كَانَ كثيرَ الْآبَاء إِلَى الْجد الْأَكْبَر.
وَقَالَ اللّيث: الطّرَفُ: الطّائفةُ من الشَّيْء، يَقُول: أصبتُ طَرَفاً من الشَّيْء.
قلت: وَمِنْه قولُ الله جلّ وعزّ: {لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ} (آل عمرَان: 127) ، أَي: طَائِفَة.
والطَّرَفُ أَيْضا: اسمٌ يَجمع الطَّرفاء وقلّ مَا يُستعمل فِي الْكَلَام إلاّ فِي الشّعر، والواحدة طَرَفة، وقياسُه قَصَبة وقَصَب وقَصْباءَ، وشَجَرةٌ وشَجَر وشَجْراء.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد قَالَ: الطِّرْفُ: العَتِيقُ الْكَرِيم، من خَيْل طُرُوف، وَهُوَ نعت للذُّكور خاصّةً.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: فرسٌ طِرْفةٌ بِالْهَاءِ للْأُنْثَى، وصِلْدِمةٌ: وَهِي الشَّدِيدَة.

(13/219)


وَقَالَ اللّيث: الطِّرْفُ: الْفرس الكريمُ الْأَطْرَاف، يَعْنِي الْآبَاء والأمهات.
وَيُقَال: هُوَ المُسْتَطْرِف لَيْسَ من نِتاج صَاحبه، وَالْأُنْثَى طِرْفة، وَأنْشد:
وطِرْفة شُدّتْ دِخالاً مُدْمَجا
وَالْعرب تَقول: لَا يُدْرَى أَيُّ طَرَفيْه أطول، وَمَعْنَاهُ: لَا يدْرِي أنَسَبُ أَبِيه أفضل أم نسب أمه.
وَقَالَ: فلَان كريمُ الطَّرَفين: إِذا كَانَ كريم الْأَبَوَيْنِ، وَأنْشد أَبُو زيد فَقَالَ:
فَكيف بأَطرافي إِذا مَا شَتَمتَني
وَمَا بعدَ شَتْمِ الوالِدين صُلوحُ
جَمعهمَا أطرافاً لِأَنَّهُ أَرَادَ أَبَوَيْهِ وَمن اتَّصل بهما من ذوِيهما.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي قَوْله: (فَكيف بأطرافي) قَالَ: أَطْرَافه أَبَوَاهُ وَإِخْوَته وأعمامه، وكلُّ قريب لَهُ مَحْرَم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ} (طه: 130) ، قَالَ: ساعاته.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: أَرَادَ طَرَفيه فَجمع. وَيُقَال فِي غير هَذَا: فلَان فَاسد الطّرَفين: إِذا كَانَ خَبيثَ اللِّسَان والفرج. وَقد يكون طرَفا الدّايةِ مُقدّمَها ومؤخّرَها؛ قَالَ حُميد بن ثَور يصف ذئباً وسُرعتَه:
تَرى طَرَفيه يَعْسِلان كِلَاهُمَا
كَمَا اهتزّ عُودُ السّاسمِ المتتابِعُ
أَبُو عبيد: يُقَال فلَان لَا يَملك طَرَفيه؛ يَعْنون استَه وفمَه: إِذا شَرِب دَوَاء وخمراً فقاء وسَلَح. وَجعل أَبُو ذُؤَيْب الطِّرْف الْكَرِيم من النَّاس فَقَالَ:
وإنَّ غُلَاما نِيل فِي عهد كاهلٍ
لَطِرْفٌ كنَصْل السَّمْهَرِيِّ صَريحُ
والأسودُ ذُو الطَّرَفين: حيّةٌ لَهُ إبرتان، إِحْدَاهمَا فِي أَنفه، وَالْأُخْرَى فِي ذَنبه، يُقَال: إِنَّه يضْرب بهما فَلَا يُطْنِي.
ابْن السّكيت: أَرض مُطرفة: كَثِيرَة الطّرِيفة، والطّريفةُ من النَّصِي والصِّلِّيَان إِذا اعْتمَّا وتمَّا، وَقد أطرفت الأَرْض.
الأصمعيّ: ناقةٌ طَرِفة: إِذا كَانَت تُطْرِف الرِّياضَ رَوْضَة بعد رَوْضَة، وَأنْشد فَقَالَ:
إِذا طَرِفَتْ فِي مَرْبَع بكَرَاتُها
أَو استأخرت عَنْهَا الثِّقالُ القَنَاعِسُ
ويروى: إِذا أطرفت. وَقَالَ غَيره: رجلٌ طَرِفٌ، وَامْرَأَة طَرِفة: إِذا كَانَا لَا يثبتان على عهد، وكلُّ وَاحِد مِنْهُمَا يُحِبُّ أَن يَستطرف آخَر غيرَ صَاحب، فيطرف غير مَا فِي يَده، أَي: يَستحدث. وبعير مُطْرَفْ، قد اشْترِي حَدِيثا، قَالَ ذُو الرّمة:
كأنني من هوَى خَرْقاء مُطَّرفٌ
دامِي الأظَلّ بَعيدُ السَّأْوِ مَهْيُومُ
أَرَادَ: أَنه من هَواهَا كالبعير الَّذِي اشتُرِيَ حَدِيثا فَهُوَ لَا يزَال يَحِنّ إِلَى أُلاّفه.
وَالْعرب تَقول: فلانٌ مَا لَهُ طارِفٌ وَلَا تالِد، وَلَا طَرِيف وَلَا تَلِيد. فالطارِف والطرِيف: مَا استحدثت من المَال

(13/220)


واستطرفته، والتَّالدُ والتَّليدُ: مَا ورِثْتَه عَن الْآبَاء قَدِيما.
وَسمعت أَعْرَابِيًا يَقُول لآخَرَ وَقد قَدِم من سفر: هَل وَرَاك طَريفَةُ خَبر تُطْرفنا؛ يَعْنِي خَبرا جَدِيدا قد حَدث. وَمثله: هَل من مُغربة خَبرٍ.
والطُّرْفَةُ: كلُّ شَيْء استحدثْتَهُ فأعجبك، وَهُوَ الطَّرِيفُ وَمَا كَانَ طريفاً وَلَقَد طَرُف يَطْرُف. وأطرفت فلَانا شَيْئا، أَي: أعطيتُه شَيْئا لم يملك مثله فأعجَبَه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: طَرّفَ الرجلُ حَوْلَ العَسْكر: إِذا قَاتل على أَقْصَاهُم وناحيتهم، وَبِه سُمِّيَ الرّجلُ مُطَرِّفاً.
وَقيل: المُطَرِّفُ: الَّذِي يَأْتِي أَوَائِل الْخَيل فَيرودُها على آخرهَا، وَقيل: هُوَ الَّذِي يُقَاتل أَطْرَاف النَّاس، وَقَالَ سَاعِدَة الهُذَلِيّ:
مُطَرِّفٍ وَسْطَ أُولَى الْخَيل مُعْتَكِرٍ
كالفَحْل قَرْقَر وسْط الهَجْمَة القَطِمِ
وَقَالَ المفضّل: التَّطريف أَن يرد الرجلُ الرجلَ عَن أخريات أَصْحَابه، يُقَال: طَرَّف عَنَّا هَذَا الفارسُ. وَقَالَ متمم:
وَقد عَلِمَتْ أُولَى الْمُغيرَة أننا
نُطَرِّف خلْف المُرقصَاتِ السَوَابِقا
وَقَالَ شَمِر: أعْرِفُ طَرْفَه: إِذا طرده. ابْن السكِّيت عَن الْفراء: المِطْرَفُ من الثِّيَاب: مَا جُعل فِي طَرَفيه علمَان. قَالُوا: والأصلُ مُطْرَف، فكسروا الْمِيم لتَكون أخفّ: كَمَا قَالُوا: مِغْزَل، وَأَصله مُغْزَل من أُغْزِل، أَي: أدير. وَكَذَلِكَ المِصْحَف والمِجْسَد.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: نعجة مُطَرَّفةٌ: وَهِي الَّتِي اسودّت أَطْرَاف أذنيها وسائرها أَبيض، وَكَذَلِكَ إِن ابيض أطرافُ أذنيها وسائرها أسود.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: من الْخَيل أبلقُ مُطَرَّف: وَهُوَ الَّذِي رَأسه أبيضُ، وَكَذَلِكَ إِن كَانَ ذَنبُه ورأسُه أبيضَ فَهُوَ أيلقُ مُطَرَّف. وَقيل: تطريف الْأُذُنَيْنِ تأْلِيهما وَهُوَ دقةُ أطرافهما.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الطِّرَافُ: بيْتٌ من أَدَم، قَالَ: وَقَالَ الأموِيّ: الطّوارفُ من الخِبَاء: مَا رفعتَ من نواحيه لتنظُرَ إِلَى خَارج. وَكَانَ يُقَال لبني عَدِيِّ بن حَاتِم الطَّائِي، الطَّرَفاتُ، قتلُوا بصفِّينَ، أَسمَاؤُهُم: طَرِيف وطَرَفة ومُطَرِّف، وَفِي الحَدِيث: أَن النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (عَلَيْكُم بالتَّلْبينَة) : كَانَ إِذا اشْتَكَى أحدهم من بَطْنه لم تُنْزَل البُرْمَة حَتَّى يَأْتِي على أحد طَرَفيه، مَعْنَاهُ: حَتَّى يُفيق من عِلَّته أَو يَمُوت. وَإِنَّمَا جُعل هَذَانِ طَرفَيْهِ لِأَنَّهُمَا مُنْتَهى أَمر العليل فِي عِلّته.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْلهم: لَا يُدْرَى أيّ طَرَفيه أطول. يُرِيد: لسانَه وفرجَه، لَا يُدرى أيُّهما أعف.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَالْقَوْل قَول ابْن زيد وَقد مرّ فِي أول هَذَا الْبَاب. وَيُقَال:

(13/221)


طَرّفتِ الجاريةُ بنَانَها: إِذا خَصَبت أطرافَ أصابِعها بالحنّاء وَهِي مُطَرّفة.
فطر: قَالَ اللّيث: الفُطْرُ: ضربٌ من الكَمْأة، والواحدة فُطْرة. قَالَ: والفُطْرُ: شَيْء قليلٌ من اللَّبن يُحلب ساعتئذ، تَقول: مَا حَلينا إلاّ فُطْراً. وَقَالَ المرَّار:
عاقِزٌ لم يُجتَلب مِنْهَا فُطُرْ
عَمْرو عَن أَبِيه: الفَطِيرُ: اللَّبنُ سَاعَة يُحلب. وَسُئِلَ عمر عَن المَذْي فَقَالَ: ذَاك الفَطْرُ، هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَة بِالْفَتْح. وَأما ابْن شُمَيْل فَإِن رَوَاهُ ذَاك الفُطْرُ بِضَم الْفَاء.
وَقَالَ أَبُو عبيد: إِنَّمَا سمي فَطْراً لِأَنَّهُ شُبّه بالفَطْر فِي الْحَلب، يُقَال: فَطَرْتُ النّاقةَ أفطرها فَطْراً: وَهُوَ الحَلْب بأطراف الْأَصَابِع، فَلَا يخرج اللَّبن إِلَّا قَلِيلا، وَكَذَلِكَ المَذْي يخرج قَلِيلا قَلِيلا.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الفَطْرُ مأخوذٌ من تفطّرت قَدَماه دَمًا، أَي: سالتا. قَالَ: وفَطَر نابُ الْبَعِير: إِذا طلع.
وَقَالَ غَيره: أصلُ الفَطْر الشقّ، وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {} (الانفطار: 1) ، أَي: انشقت. وتفطّرت قدماه، أَي: انشقتَا، وَمِنْه أُخِذ فِطْرُ الصَّائِم لِأَنَّهُ يفتح فَاه. والفَطُور: مَا يَفطر عَنهُ.
وَيُقَال: فطَّرت الصائمَ فَأفْطر، ومثلُه فِي الْكَلَام بشَّرته فأبْشَر.
وَفِي الحَدِيث: (أفطر الحاجم والمحجُوم) .
وَقَالَ الله عزَّ وَجل: {} (فاطر: 1) .
قَالَ ابْن عبَّاس: كنتُ مَا أَدْرِي مَا فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض حَتَّى احتكم إِلَيّ أَعْرَابِيَّانِ فِي بِئْر، فَقَالَ أَحدهمَا: أَنا فَطَرْتها، أَي: أَنا ابتدأت حفْرها.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه سَمع ابْن الأعرابيّ يَقُول: أَنا أوّل من فطَر هَذَا، أَي: ابتدأه.
قَالَ: وفطرنَا بِهِ: إِذا بزل. وأنشدنا:
حَتَّى نَهَى رائضَه عَن فَرِّه
أَنيابُ عاسٍ شاقِىءٍ عَن فَطْره
وَيُقَال: قد أَفْطرتَ جِلْدك: إِذا لم تروه من الدّباغ.
أَبُو عُبَيد عَن الْكسَائي: خمرت الْعَجِين وفطرته بِغَيْر ألف.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ} (الرّوم: 30) ، قَالَ: نَصبه على الْفِعْل.
وَأَخْبرنِي المُنْذِري عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الفِطْرَة: الخِلقة الَّتِي يُخلق عَلَيْهَا الْمَوْلُود فِي بطن أمه. قَالَ: وَقَوله جلّ وَعز حِكَايَة عَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: {تَعْبُدُونَ إِلاَّ الَّذِى فَطَرَنِى فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} (الزخرف: 27) ، أَي: خلقني. وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى:

(13/222)


{وَهُمْ مُّهْتَدُونَ وَمَا لِىَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِى فَطَرَنِى} (يس: 22) .
قَالَ: وقولُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كلُّ مولودٍ يُولَد على الفِطرة) ، يَعْنِي الخِلْقة الَّتِي فُطِر عَلَيْهَا فِي الرَّحِم من سَعَادَة أَو شقاوةٍ، فَإِذا وَلَدَ يَهودِيَّان هوّدَاه فِي حُكم الدُّنْيَا، أَو نصرانِيّان نصّراه فِي الحكم، أَو مجوسِيان مَجَسَّاه فِي الحُكم، وَكَانَ حُكمه حكمَ أَبَوَيْهِ حتّى يُعَبّر عَنهُ لِسَانه، فَإِن مَاتَ قبل بُلُوغه مَاتَ على مَا سَبق لَهُ من الفِطرة الَّتِي فُطر عَلَيْهَا، فَهَذِهِ فِطرةُ الْمَوْلُود.
قَالَ: وفِطْرَةٌ ثَانِيَة: وَهِي الكلمةُ الَّتِي يصيرُ بهَا العبدُ مُسلما، وَهِي شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رسولُه جَاءَ بالحقّ من عِنْد الله عزّ وَجل، فَتلك الفِطْرةُ: الدِّينُ.
وَالدَّلِيل على ذَلِك: حديثُ البَراء بن عازِب عَن النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه علّم رجلا أَن يَقُول إِذا نَام.
وَقَالَ: (فإنّك إِن مُتَّ من ليلتك مُتَّ على الفِطْرة) .
قَالَ: وَقَوله: {مِّن نَّاصِرِينَ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ} (الرّوم: 30) فَهَذِهِ فِطرة فُطر عَلَيْهَا الْمُؤمن.
قَالَ: وَقيل: فُطر كلُّ إِنْسَان على مَعْرفَته بِأَن الله ربُّ كلِّ شَيْء وخالقه، وَالله أعلم.
قَالَ: وَقد يُقَال: كلُّ مَوْلُود يُولَد على الفِطرة الَّتِي فَطر الله عَلَيْهَا بني آدم حِين أخرجَهم من صُلب آدم كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (الْأَعْرَاف: 172) ، الْآيَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: بَلغنِي عَن ابْن المبارَك أَنه سُئِلَ عَن تَأْوِيل هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: تَأْوِيله الحديثُ الآخرُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئل عَن أَطْفَال الْمُشْركين فَقَالَ: (اللَّهُ أعلمُ بِمَا كَانُوا عاملين) يذهبُ إِلَى أَنهم إِنَّمَا يُولدون على مَا يَصِيرون إِلَيْهِ من إسلامٍ وَكفر.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَسَأَلت مُحَمَّد بنَ الحسَن عَن تَفْسِير هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: كَانَ هَذَا فِي أوّل الْإِسْلَام قبل نزُول الْفَرَائِض. يذهب إِلَى أَنه لَو كَانَ يُولد على الفِطرة ثمَّ مَاتَ قبل أَن يهوِّده أبوَاه مَا وَرِثهما وَلَا وَرِثاه؛ لِأَنَّهُ مُسلم وهما كَافِرَانِ.
قلتُ: غَبا على مُحَمَّد بن الْحسن معنى الحَدِيث، فَذهب إِلَى أَن معنى قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة) .
حُكمٌ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَام قبل نزُول الْفَرَائِض ثمَّ نسخ ذَلِك الحكم من بعدُ، وَلَيْسَ الْأَمر على مَا ذهب إِلَيْهِ، لِأَن معنى قَوْله: (كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة) خبرٌ أخبر بِهِ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قضاءٍ سَبق من الله للمولود، وكتابٍ كتبه المَلَك بِأَمْر الله جلّ وعزّ لَهُ من سَعَادَة أَو شقاوة، والنّسخُ لَا يكون فِي الْأَخْبَار، إِنَّمَا النّسخ فِي الْأَحْكَام.
وقرأت بِخَط شَمِر فِي تَفْسِير هذَيْن الْحَدِيثين: أَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الحَنْظَلِيّ

(13/223)


روَى حديثَ أبي هُرَيْرَة عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة) الحَدِيث.
ثمَّ قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَة بَعْدَمَا حدّث بِهَذَا الحَدِيث: {لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ} (الرّوم: 30) .
قَالَ إِسْحَاق: وَمعنى قولِ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَا فَسّر أَبُو هُرَيْرَة حِين قَرَأَ: {لِلدِّينِ حَنِيفاً} ، وَقَوله: {النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ} يَقُول لتِلْكَ الخِلقةِ الَّتي خلَقهم عَلَيْهَا إمّا لجنّةٍ أَو نارٍ حِين أخرَج من صُلب آدمَ كلَّ ذريةٍ هُوَ خالقُها إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، فَقَالَ: هَؤُلَاءِ للجنة، وَهَؤُلَاء للنار، فَيَقُول كلّ مَوْلُود يُولد على تِلْكَ الفِطرة، أَلا تَرى غلامَ الخَضِر. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (طَبَعه الله يومَ طَبَعه كَافِرًا وَهُوَ بَين أبويْن مُؤمنين، فَأعْلم الله الخضرَ بخِلقته الَّتِي خلقه عَلَيْهَا وَلم يعلم مُوسَى ذَلِك، فَأرَاهُ الله تِلْكَ الْآيَة لِيَزْدَادَ عِلماً إِلَى عِلمه) .
قَالَ: وَقَوله: (فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ) يَقُول: بالأبويْن يُبيَّن لكم مَا تحتاجون إِلَيْهِ فِي أحكامكم من الْمَوَارِيث وَغَيرهَا.
يَقُول: إِذا كَانَ الأبوان مُؤمنين فاحكموا لولدهما بِحكم الأبويْن فِي الصَّلَاة والمواريث وَالْأَحْكَام، وَإِن كَانَا كَافِرين فاحكموا لولدهما بِحكم الْكَافِر أَنْتُم فِي الْمَوَارِيث وَالصَّلَاة، وأمّا خِلْقته الَّتِي خُلق لَهَا فَلَا عِلم لكم بذلك.
أَلا تَرى أنّ ابْن عَبَّاس حِين كَتب إِلَيْهِ نَجْدةُ فِي قتْل صِبْيَان الْمُشْركين كتب إِلَيْهِ: إِن عَلمتَ من صبيانهم مَا عَلِم الخَضِرُ من الصّبيّ الَّذِي قَتَله فاقتلهم. أَرَادَ أَنه لَا يَعلم عِلم الخَضِر أَحَدٌ فِي ذَلِك، لمَا خَصّه الله بِهِ، كَمَا خصَّه بِأَمْر السَّفينة والْجِدار، وَكَانَ مُنْكَراً فِي الظَّاهِر، فعلّمه الله عِلم الْبَاطِن فحَكم بِإِرَادَة الله فِي ذَلِك.
قلت: وَكَذَلِكَ القَوْل فِي أَطْفَال قوم نوح الَّذين دَعَا على آبَائِهِم وعليْهم بالغَرق، إِنَّمَا استجاز الدّعاء عَلَيْهِم بذلك وهم أَطْفَال، لِأَن الله جلّ وعزّ أعلمهُ أَنهم لَا يُؤمنُونَ حَيْثُ قَالَ لَهُ: {أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْءَامَنَ} (هود: 36) ، فَأعلمهُ أَنهم فُطِروا على الْكفْر.
قلت: وَالَّذِي قَالَه إِسْحَاق هُوَ القَوْل الصَّحِيح الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْكتاب ثمَّ السُّنة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ} (الرّوم: 30) منصوبٌ بِمَعْنى اتّبِع فِطرةَ الله؛ لِأَن معنى قَوْله: {مِّن نَّاصِرِينَ} (الرّوم: 30) ، اتّبِع الدِّين القَيِّم، اتّبِع فطرةَ الله، أَي: خِلقة الله الَّتِي خلَق عَلَيْهَا البَشَر.
قَالَ: وقولُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كلُّ مولودٍ يُولد على الْفطْرَة) مَعْنَاهُ: أَن الله فَطَر الْخلق على الْإِيمَان بِهِ؛ على مَا جَاءَ فِي الحَدِيث: (أَن الله أخرج من صُلب آدم ذُريّةً كالذَّرِّ وأشهدهم على أنفسهم بِأَنَّهُ خالِقهُم) ، وَهُوَ قَول الله جلّ وعزّ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءَادَمَ} الْآيَة إِلَى قَوْله

(13/224)


تَعَالَى: {قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَآ} (الْأَعْرَاف: 172) .
قَالَ: فكلُّ مَوْلُود هُوَ من تِلْكَ الذُّرية الَّتِي شَهِدَت أَن الله خالقُها؛ فَمَعْنَى (فطْرَة الله) أَي: دين الله الَّتِي فطَر النَّاس عَلَيْهَا.
قلت: والقولُ مَا قَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم فِي تَفْسِير الْآيَة وَمعنى الحَدِيث، وَالله أعلم.
وَقَالَ اللَّيْث: فطَرْتُ العَجِين والطِّين: وَهُوَ أَن تَعْجِنَه ثمَّ تخبزه من سَاعَته. وَإِذا تركْتَه ليَختمِر فقد خمّرته، واسمُه الفَطِير.
قَالَ: وانفطر الثَّوب: إِذا انشقّ، وَكَذَلِكَ تفطّر. وتَفَطَّرت الأرضُ بالنبات: إِذا انصدعت. وفطَرتُ أصْبع فلَان، أَي: ضربتَها فانفطرت دَمًا.
وَقَالَ غَيره: الفَطِير من السِّيَاط: المُحَرّم الَّذِي لم يُجَد دباغه. وَسيف فُطَار: فِيهِ شقوق؛ وَقَالَ عنترة:
وسَيْفي كالعَقِيقة وَهِي كِمْعِي
سلاحي لَا أفَلَّ وَلَا فُطارَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفُطَارِيُّ من الرِّجَال: الفَدْمُ الَّذِي لَا خير عِنْده وَلَا شَرّ؛ مأخوذٌ من السَّيْف الفُطَار الَّذِي لَا يقطع.
الحرانيُّ عَن ابْن السّكيت: الفَطْرُ: الشق، وَجمعه فُطُور. والفِطَّرُ: الِاسْم من الْإِفْطَار. والفِطْرُ: القومُ المُفْطِرون، يُقَال: هَؤُلَاءِ قوم فِطْرٌ.
طفر: قَالَ اللّيث: الطّفْرُ: وثبةٌ فِي ارْتِفَاع كَمَا يَطْفِرُ الْإِنْسَان حَائِطا، أَي: يَثِبُه إِلَى مَا وَرَاءه. قَالَ: وطَيْفُورٌ: طُوَيْئر صَغِير.
وَقَالَ غَيره: أطفر الرَّاكِب بَعيره إطفاراً: إِذا أَدخل قدميْه فِي رفْغَيْهَا: إِذا ركبهَا وَهُوَ عيْبٌ للراكب، وَذَلِكَ إِذا عدا الْبَعِير.
فرط: الحرانيُّ عَن ابْن السِّكيت: الفَرْطُ: أَن يُقَال: آتِيك فَرْطَ يومٍ أَو يَوْمَيْنِ، أَي: بعد يَوْم أَو يَوْمَيْنِ، وَأنْشد أَبُو عُبيد للَبِيد:
هَل النّفسُ إلاّ مُتعةٌ مستعارةٌ
تُعارُ فتأتي ربّها فَرْطَ أشْهُرِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الفَرْطُ: أَن يَلقَى الرجل بعد أَيَّام، يُقَال: إِنَّمَا أَلْقَاهُ فِي الفَرْط.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الفَرْطُ: الَّذِي يتقدَّم الواردةَ فيهيِّىء الدِّلاء والرِّشاء، ويَمْدُرُ الحوْضَ ويَسقي فِيهِ.
يُقَال: رجل فَرَط، وقومٌ فَرَط. وَمِنْه قيل للطّفل الْمَيِّت: اللهُمّ اجْعَلْهُ لنا فَرَطاً، أَي: أجرا يتقدّمُنا حَتَّى نَرِد عَلَيْهِ.
وَمِنْه حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا فَرَطُكم على الْحَوْض) . وَيُقَال: رجل فارطٌ وقومٌ فُرّاط.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الفارِطُ والفَرَطُ: المتقدِّمُ فِي طلب المَاء، يُقَال: فَرَطت الْقَوْم، وَأَنا أفْرُطهم فُروطاً: إِذا تقدمتَهم، وَأنْشد:

(13/225)


فأثار فارِطهم غَطَاطاً جُثّماً
أصواتها كتراطُنِ الفُرْس
قَالَ: وفَرّطْتُ غَيْرِي: قدّمْتُه. وأَفرطتُ السِّقاء: ملأته. وأنشدني:
ذَلِك بَزِّي فَلَنْ أُفَرِّطَه
أخافُ أَن يُنْجِزوا الَّذِي وَعدُوا
قَالَ: يَقُول: لَا أُخَلِّفه فأتقدّم عَنهُ.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَقَالَ غَيره: فرَّطْت فِي الشَّيْء: ضَيّعته. وأفْرَطْت فِي القَوْل، أَي: أكثرتُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {تَشْعُرُونَ أَن تَقُولَ نَفْسٌ ياحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} (الزمر: 56) .
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ} (النَّحْل: 62) ، يُقَال: مَا أفرطت فِي الْقَوْم وَاحِدًا، أَي: مَا تركت.
وَقَالَ الْفراء: {وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ} قَالَ: منسيون فِي النَّار.
وَالْعرب تَقول: أفرطت مِنْهُم نَاسا، أَي: خَلّفْتهُم ونَسِيتُهم. قَالَ: وَيقْرَأ: (مُفْرِطون) يَقُول: كَانُوا مُفرِطين على أنفسهم فِي الذُّنُوب وَيقْرَأ: (مُفَرِّطُون) يَقُول: كَانُوا مُفَرِّطين كَقَوْلِه: {نَفْسٌ ياحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ} (الزمر: 56) يَقُول: فِيمَا تركتُ وضيَّعت.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: الماءُ بَينهم فُرَاطة، أَي: مُسابقة.
قَالَ شمر: وسمعتُ أعرابيّةً فصيحةً تَقول: افترطتُ ابْنَيْنِ.
قَالَ: وافترط فلانٌ فَرَطاً لَهُ، أَي: أَوْلَادًا لم يبلغُوا الْحلم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفَرَطُ: العجلة، يُقَال: فَرَط يَفْرُط.
ورُوِيَ عَن سعيد بن جُبير فِي قَوْله: {وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ} قَالَ: منسيُّون مضيَّعون.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وَعز: {إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ} (طه: 45) ، قَالَ: يَعْجَل إِلَى عقوبتنا.
والعربُ تَقول: فرط مِنْهُ أمرٌ، أَي: بَدَرَ وسَبَق: إِذا أسرف. وفَرَط: تَوانى ونَسِيَ. وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الْكَهْف: 28) ، أَي: متروكاً ترك فِيهِ الطَّاعَة وغَفَل عَنْهَا.
وَقَالَ أَبُو الهيْثم: أمرهُ فُرُطٌ، أَي: مُتهاوَنٌ بِهِ مضيَّعٌ.
وَقَالَ الزّجاج: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} ، أَي: كَانَ أمره التَّفريطَ، وَهُوَ تَقْدِيم الْعَجز.
وَقَالَ غَيره: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} ، أَي: نَدَماً، وَيُقَال: سَرفًا.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الفُرُطُ: الفرسُ السريعة، وَقَالَ لبيد:
وَلَقَد حَمَيْتُ الحَيّ تحمل شِكّتِي
فُرُطٌ وِشاحِي إذْ غَدوْتُ لجَامُها
قَالَ: والفَرْطُ أَيْضا: الجبلُ الصَّغِير، وَقَالَ وَعْلَةُ الجَرْمِيّ:
وَهل سمَوْتُ بجَرّار لَهُ لَجَبٌ
جَمِّ الصَّواهل بَين السَّهْل والفُرُط

(13/226)


وَجمع الفُرُطِ أفراط، وَهِي آكامٌ شَبيهاتٌ بالجبال. وَيُقَال: فرطت الرجل: إِذا أمهلتَه. وفَرَطت الْبِئْر: إِذا تركتَها حَتَّى يَثُوب مَاؤُهَا، قَالَ ذَلِك شمر، وَأنْشد فِي صفة بِئْر:
وهْيَ إِذا مَا فُرِطت عَقْدَ الوَذَمْ
ذاتُ عِقَابٍ هَمشٍ وذاتُ طَمّ
يَقُول: إِذا أُجِمَّت هَذِه الْبِئْر قدرَ مَا يُعْقد وذمُ الدَّلو ثابتْ بِمَاء كثير، والعِقَابُ: مَا يثوب لَهَا من المَاء، جمعُ عَقَب. وَأما قَول عَمْرو بن مَعْدي كَرب:
أَطلْت فِراطَهُم حَتَّى إِذا مَا
قتَلْتُ سَراتَهم كَانَت قَطاطِ
أَي: أطلتُ إمهالهم والتأنّي بهم إِلَى أَن قتلتُهم.
وَقَالَ اللَّيْث: أفراطُ الصَّبّاح: أوّلُ تباشيره، الْوَاحِد فُرْط؛ وَأنْشد لرُؤبة:
باكرتُه قبلَ الغَطَاط اللُّغَّطِ
وقبلَ أفراط الصّباح الفُرَّطِ
قَالَ: والإفراط: إعجال الشَّيْء فِي الْأَمر قبل التثبُّت؛ يُقَال: أفرط فلَان فِي أمره، أَي: عَجِل فِيهِ. والفَرَطُ: الأمرُ الَّذِي يُفرِّط فِيهِ صاحبُه، أَي: يضيّع. وكلُّ شَيْء جَاوز قدْرَه فَهُوَ مُفْرِط؛ يُقَال: طولٌ مُفْرِط، وقِصَرٌ مُفْرِط وفلانٌ تفارطته الهموم، أَي: لَا تصيبه الهمومُ إلاّ فِي الفَرْط. وَقَالَ غَيره: هَذَا مَاء فُراطة بَين بني فلَان وَبني فلَان، وَمَعْنَاهُ: أيّهم سَبق إِلَيْهِ سَقَى وَلم يزاحمه الْآخرُونَ.
ابْن السّكيت: افترط فلانٌ أَوْلَادًا، أَي: قدّمهم.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: فلَان مُفترِط السِّجَال فِي العُلا، أَي: لَهُ فِيهِ قُدْمة، وَأنْشد:
مَا زلتُ مفترِطَ السّجال إِلَى العُلا
فِي حَوْض أبلجَ تَمْدُر التّرنُوقَا
ومَفارطُ الْبَلَد: أَطْرَافه. وَقَالَ أَبُو زبَيْد:
وسَمَوْا بالمَطِيِّ والذُّبَّلِ الصُّ
مِّ لعَمْيَاء فِي مَفارِط بِيدِ
وَفُلَان ذُو فُرْطة فِي الْبِلَاد: إِذا كَانَ صاحبَ أسفار كَثِيرَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: ألفَاه وصَادَفَهُ وفارَطَه وفالطه ولاقطه، كُله بِمَعْنى وَاحِد. قَالَ: والفَرْطُ اليومُ بَين الْيَوْمَيْنِ. والفَرَط: العجلة، يُقَال: فَرَط يَفْرُط. والإفراطُ: الزِّيَادَة على مَا أمرت. والإفراطُ: أَن تبْعَث رَسُولا مجرّداً خاصّاً فِي حوائجك.
وَقَالَ بعض الْأَعْرَاب: فلانٌ لَا يُفْتَرط إحسانه وبِرُّهُ، أَي: لَا يُفْتَرص وَلَا يخَاف فوْته.
ط ر ب
طرب طبر رطب ربط برط بطر: مستعملات.
طرب: قَالَ اللَّيْث: الطَّربُ: الشوق. والطَّربُ: ذهَاب الْحزن وحلول الْفَرح.

(13/227)


وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الطَّربُ: خفّةٌ يجدهَا الرجلُ لشوقٍ أَو فَرح أَو هَمّ، وَقَالَ النَّابِغَة الجَعْدِيّ فِي الهَمّ:
وَأرَانِي طرِباً فِي أَثَرهم
طَربَ الواله أَو كالمُخْتَبَلْ
وَيُقَال: طَرّب فلانٌ فِي عنائه تطريباً: إِذا رَجّع صوتَه وزيّنه، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
كَمَا طرّب الطائرُ المُسْتَحر
إِذا رجّع صَوته وَقت السحر.
وَقَالَ اللَّيْث: الأطرابُ: نقاوة الرّياحين وأذكاؤها.
وَقَالَ غَيره: واستطرب الحدأة الإبلَ: إِذا خفت فِي سَيرهَا من أجل حدأتهم، وَقَالَ الطِّرِمّاح:
واستطْرَبت ظُعْنهمُ لمّا احْزَألّ بهمْ
آلُ الضُّحى ناشطاً من داعِيات دَدِ
يَقُول: حملهمْ على الطَّرَب شوقٌ نَازع. وَقيل: أَرَادَ بالناشط غناء الْحَادِي.
أَبُو عُبَيد: المَطارِبُ: طرقٌ ضيّقة واحدتها مَطْرَبة؛ وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
ومَتْلَفٍ مثلِ فَرْق الرَّأْس تَخْجِلُه
مَطارِبٌ زَقَبٌ أميَالُها فِيحُ
وَقَالَ اللّيث: الطَّرْطُبُّ الْبَاء مثقلة: الثَّدْيُ الضخمُ المسترخِي؛ يُقَال: أخزى الله طُرْطُبَّيْها. قَالَ: وَمِنْهُم من يَقُول طُرْطُبّة للواحدة فِيمَن يؤنث الثدي.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: طَرْطَبْتُ بالغنم طَرْطَبة: إِذا دعوتَها. والطرطبة بالشفتين؛ قَالَ ابْن حَبْناء:
فَإِن استَك الكَوْماء عَيْبٌ وعورةٌ
يُطَرْطبُ فِيهَا ضاغطانِ وناكثُ
وإبلٌ طِرَابٌ: إِذا طَرِبتْ لحُداتها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَطْرَبُ والمَقْرَب: الطَّرِيق الْوَاضِح.
طبر: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: طَبَرَ الرجلُ: إِذا قَفَز. وطَبر: إِذا اختَبَأ.
أَبُو الحَسن اللَّحياني: وَقَع فلانٌ فِي بَنَات طَبَارٍ وطَمار: إِذا وَقع فِي داهية.
ابْن الأعرابيّ قَالَ: من غَرِيب شجر الضَّرِف الطبّارُ وَهُوَ على صُورَة التِّين إِلَّا أَنه أَرقّ.
بطر: قَالَ الله عز وَجل: {لاَ يَعْلَمُونَ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} (الْقَصَص: 58) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: نصب معيشتها. قَالَ: والبَطَرُ: الطُّغيان فِي النِّعْمَة.
وروى الْفراء عَن الْكسَائي أَنه قَالَ: يُقَال: رَشِدْتَ أمرَك، وبَطِرْتَ عيْشَك، وغَنيْتَ رأْيكَ.
قَالَ: أوقعت الْعَرَب هَذِه الْأَفْعَال على هَذِه المعارف الَّتِي خرجت مفسّرةً لتحويل الْفِعْل عَنْهَا وَهُوَ لَهَا، وَإِنَّمَا الْمَعْنى: بَطِرت معيشتُها وَكَذَلِكَ أخواتها.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: بَطِر الرّجلُ وبَهِت بِمَعْنى وَاحِد.

(13/228)


وَقَالَ اللَّيْث: البَطَرُ كالحَيْرة والدَّهَش. والبَطَرُ: كالأشَر وغَمْط النِّعْمَة.
وَيُقَال: لَا يُبْطِرنّ جهْلُ فلانٍ حلْمكَ، أَي: لَا يُدْهشك. قَالَ: ورجلٌ بطريرٌ، وَامْرَأَة بطريرة، وأكثرُ مَا يُقَال للْمَرْأَة.
وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْش: إِذا بَطِرت وتمادَت فِي الغَيّ.
وَيُقَال للبعير القَطُوف إِذا جارَى بَعِيرًا وسَاعَ الْخَطْو فقصُرت خُطاه عَن مباراته قد أبطره ذَرعَه، أَي: حمّله على أَكثر من طَوْقه. والهُبَعَ إِذا ماشى الرُّبَعَ أبطرَه ذَرْعَه فهَبع، أَي: اسْتَعَانَ بعُنُقه ليَلْحَقه.
وَيُقَال لكلّ من أرهق إنْسَانا فحمّله مَا لَا يطيقه: قد أَبطره ذَرْعَه.
شَمر: يُقَال للبَيْطار: مُبَيْطِر وبِيَطر.
وَقَالَ الطرماح:
كبَزْغ البَيْطرِ الثقْفِ رَهْصَ الكَوادن
قَالَ: وَقَالَ سَلمَة بن عَاصِم: البِيَطْرُ: الخَياط فِي قَول الراجز:
باتتْ تَجِيبُ أدْعَج الظّلام
جَيْبَ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمَامِ
قَالَ شَمِر: صيَّرَ البيطار خيّاطاً كَمَا صَيّروا الرجلَ الحاذِقَ إسكافاً.
وَقَالَ غيرُه: البَطْرُ: الشقُّ وَبِه سُمّيَ البَيْطار بَيْطاراً.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ يُبيطر الدوابَّ، أَي: يعالجها.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: ذهب دَمه خَضِراً مَضراً، وَذهب بِطْراً، أَي: هدَراً.
وَقَالَ أَبُو سعيد: أَصله أَن يكون طُلاّبه حُرّاصاً باقتدار وبَطَر فيحرموا إِدْرَاك الثّأر.
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (الكِبْرُ بطرُ الحقّ وغمضُ النَّاس) ، وبَطرُ الحقِّ: أَلا يرَاهُ حقّاً، ويتكبّر عَن قبُوله، من قَوْلهم: بَطِر فلانٌ هِدْيَة أمرِه: إِذا لم يهتد لَهُ، وجهله وَلم يقبله. والبَطَرُ: الطغيان عِنْد النّعمة؛ وعَلى هَذَا بطرُ الحقّ: أَن يطغى عِنْد الْحق؛ أَي: يتكبر عِنْد قبُوله.
وَقَالَ الْكسَائي: ذهب دمُه بطراً: إِذا ذهب بَاطِلا، وعَلى هَذَا الْمَعْنى: بطرُ الحقِّ أَن يرَاهُ بَاطِلا.
وَيُقَال: بطر فلَان: إِذا تحيّر ودَهِش، وعَلى هَذَا الْمَعْنى: أَن يتحيّر فِي الْحق فَلَا يرَاهُ حقّاً.
ربط: حَدثنَا عبدُ الله بنُ مُحَمَّد بن هاجك قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن مُحَمَّد بن حجر عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر قَالَ: أَنبأَنَا الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أَلا أدلُّكم على مَا يمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وترفع بِهِ الدَّرَجَات) قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله، قَالَ: (إسباغُ الْوضُوء على المكاره وكثرةُ الخُطَا إِلَى الْمَسَاجِد وانتظارُ الصَّلَاة بعدَ الصَّلَاة فذلكم الرِّباط) .
قلتُ: أَرَادَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله: (فذلكم

(13/229)


الرِّبَاط) قولَ الله جلّ وَعز: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ} (آل عمرَان: 200) .
جَاءَ فِي تَفْسِير الْآيَة: ومصدر رابطت رِبَاطًا، واصبروا على دِينكم، وَصَابِرُوا عدوَّكم. ورابِطُوا، أَي: أقِيمُوا على جهاده بِالْحَرْبِ.
قلت: وأَصلُ الرِّباط من مُرابطة الْخَيل، أَي: ارتباطها بِإِزَاءِ العدوّ فِي بعض الثغور.
والعربُ تسمِّي الخيلَ إِذا رُبطت بالأفنِية وعُلِفت: رُبُطاً، وَاحِدهَا رَبيط، وَتجمع الرَّبُطُ رِباطاً، وَهُوَ جمع الْجمع.
قَالَ الله تَعَالَى: {وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} (الْأَنْفَال: 60) .
وَقَالَ الفَرّاء فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ} . قَالَ: يُرِيد الإناثَ من الْخَيل.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّباطُ: مرابطةُ الْعَدو، وملازمةُ الثغْر، وَالرجل مُرابطِ.
قَالَ: والمُرَابطاتُ: جماعاتُ الْخُيُول الَّذين رابطُوا.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: الرابطُ الجأشِ: الَّذِي يَربُط نفسَه عَن الْفِرَار، يكفُّها لجرأته وشجاعته.
وَيُقَال: رَبط الله على قلبه بالصّبر.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الرابط: الراهب.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: إِذا بلغ الرُّطبُ اليُبْس فوُضع فِي الجِرار وصُبَّ عَلَيْهِ الماءُ فَذَلِك الرَّبيط؛ فَإِن صُبّ عَلَيْهِ الدِّبس فَهُوَ المُصفَّر.
رطب: قَالَ الليثُ: الرُّطبُ الْوَاحِدَة رُطبة، وَهُوَ النَّضيج من البُسْر قبل إثماره. وَقد أرطبتِ النخلةُ، وأرطَب القومُ: أرطب نخلُهم، فهم مرطبون. ورَطبتُ القومَ، أَي: أطعمتُهم الرُّطب.
والرُّطْبُ: الرِّعْيُ الْأَخْضَر من بقول الرّبيع، اسمٌ جَامع. وأرضٌ مرْطبة، أَي: مُعشبة؛ ذاتُ رطب وعشب. وَالرّطب: المبتلُّ بالماءِ. والرَّطْبُ: الناعم. وجاريةٌ رَطبةٌ: رَخْصةٌ ناعمةٌ.
والرَّطْبةُ: رَوْضةُ الفِسْفِسة مَا دَامَت خضراء، والجميع الرِّطاب.
وَيُقَال: رَطُب الشَّيْء يَرْطُب رُطوبةً ورَطابةً.
وَيُقَال للغلام الَّذِي فِيهِ لين النِّسَاء ورَخاوتُهن: إِنَّه لَرَطب. وَالرّطب: كلُّ عود رَطب، هُوَ جمعُ رَطْب.
وَمِنْه قَول ذِي الرمة:
بأجةٍ نشَّ عَنْهَا الماءُ والرُّطْب
أَرَادَ هَيْجَ كل عودٍ رَطْب أَيَّام الرّبيع، والرُّطْبُ جمعُ الرَّطب. أَرَادَ: ذَوَى كلُّ عود رَطْب فهاج. وَيُقَال: رَطّب فلَان ثَوْبه: إِذا بلّه.

(13/230)


برط: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: بَرط الرجلُ: إِذا اشْتغل عَن الحقّ باللهْو.
قلت: هَذَا حرفٌ لم أسمعهُ لغيره.
ط ر م
طرم طمر مرط مطر رطم رمط: مُسْتَعْمل.
طرم: قَالَ اللّيث: الطِّرْمُ فِي قَول: الشَّهْدُ. وَفِي قَول: الزُّبد، وَأنْشد:
ومنهنَّ مثلُ الشّهْد قد شِيبَ بالطِّرْمِ
قلت: الصوابُ:
ومنهنّ مثلُ الزُّبد قد شِيبَ بالطِّرم
وَقَالَ اللَّيْث: الطِّرْيمُ: اسمٌ للسحاب الكثيف، قَالَ رُؤبة:
فِي مُكْفَهِرّ الطّرْيم الطَّرنبث
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: يُقَال للنَّحل إِذا مَلأ أبنيته من الْعَسَل: قد خَتَم، فَإِذا سَوَّى عَلَيْهِ قيل: قد طَرِم، وَلذَلِك قيل للشَّهْد: طَرِم.
قَالَ: والطَّرَم: سَيَلانُ الطِّرْم من الخلِيّة، وَهُوَ الشّهد.
وَقَالَ اللَّيْث: والطُّرْمُ: اسْم الكانون.
قلت: وَغَيره يَقُول: هِيَ الطُّرْمة.
قَالَ اللَّيْث: الطرمة: نُتوء فِي وسط الشَّفة الْعليا، والتُّرْفَةُ فِي السُّفْلى، فَإِذا جمعُوا قَالُوا: طُرْمَتيْن لتغلب الطُّرْمة على التُّرْفة. قَالَ: والطّارِمةُ: بَيت كالقُبّة من خشب، وَهِي أَعْجَمِيَّة.
رطم: قَالَ الليثُ: رَطَمتُ الشَّيْء رَطماً فِي الوَحل فارتطم فِيهِ، وَكَذَلِكَ ارتَطم فلانٌ فِي أمْرٍ لَا مخرجَ لَهُ مِنْهُ إلاّ بغمّة لَزِمته.
قَالَ: والرَّطُومُ من نعت النِّسَاء: الواسعة.
قلت: هَذَا غلط. روى أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه، قَالَ: الرَّطُومُ: الضيِّقةُ الحَياء من النوق، وَهِي من لِنسَاء الرّتقاء، ومِنَ الدَّجَاج الْبَيْضَاء. قلت: والرَّطوم كَمَا قَالَ أَبُو عَمْرو.
وَقَالَ شَمِر مِمَّا قَرَأت بِخَطِّهِ: أرْطَم الرجل وطرْسم واشتبا واضْلَخَمّ واخْرَنْبقّ وضَمر. وأَضّ وأخْذَم، كلُّه إِذا سكت. وَقَالَ غَيره: رَطم الرّجلُ جاريتَه رَطماً: إِذا جَامعهَا فَأدْخل ذَكره كلَّه فِيهَا.
مطر: قَالَ اللَّيْث: المَطْرُ: المَاء المنسكبُ مِنَ السَّحَاب. والمَطْرُ فعلُه وَهُوَ فِي الشّعْر أحسن. والمَطْرَةُ الْوَاحِدَة. ويومٌ مطيرٌ: ماطِرٌ. ووادٍ مطيرٌ، أَي: مَمْطُور. وَقد مَطَرَتنا السَّمَاء، وأَمطرتنا، وَهُوَ أقبحهما. وأمطرهم الله مَطْراً أَو عذَاباً. وَقَالَ غَيره: وادٍ مَطِرٌ بِغَيْر يَاء: إِذا كَانَ مَمْطُوراً.
وَمِنْه قَوْله:
فوادٍ خِطاءٌ ووادٍ مَطِرْ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ مَمْطُورٌ: إِذا كَانَ كثيرَ السِّوَاك، طيّبُ النّكْهة. وامرأَةٌ مَطِرةٌ: كثيرةُ السِّوَاك عَطِرَةٌ، طيّبَةُ الْجِرْم وَإِن لَمْ تَتَطَيّب.
قَالَ: وَيُقَال: مَزَرَ فلَان قِرْبَته ومَطَرَها: إِذا

(13/231)


ملأَها؛ رَوَاهُ أَبُو تُرَاب عَنهُ.
وَحكي عَن مبتكر الْكلابِي: كلّمتُ فلَانا فَأمْطر واستمطر: إِذا أَطرقَ؛ يُقَال: مَا لَك مُسْتَمْطِراً، أَي: ساكِتاً.
وقا اللَّيْث: رجل مُسْتَمْطِر: طالبُ خيرٍ من إِنْسَان ورجلٌ مُسْتَمْطَرٌ: إِذا كَانَ مُخِيلاً للخير، وَأنْشد:
وصاحبٍ قلتُ لَهُ صالحٍ
إِنَّك للخير لَمُسْتَمْطَرُ
قَالَ: ومكانٌ مُسْتَمْطِرٌ: قد احْتَاجَ إِلَى الْمَطَر وَإِن لم يُمْطَر، وَقَالَ خُفَاف بن نُدْبة:
لم يَكْسُ من ورَق مُسْتَمْطِرٍ عوداً
وَقَالَ غَيره: جَاءَت الْخَيل مُتَمَطَّرَة، أَي: مسرعةً يسابق بعضُها بَعْضًا، وَقَالَ رُؤبة:
والطَّيْرُ تهوِي فِي السَّماء مُطَّراً
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي قَالَ: مَطَر الرجل فِي الأَرْض مُطُوراً، وقَطَرَ قُطُوراً: إِذا ذهبَ فِي الأَرْض. وَقَالَ غَيره: تَمَطَّر بِهَذَا الْمَعْنى، وَأنْشد:
كأَنهن وَقد صَدَّرْنَ مِنْ عَرَقٍ
سِيدٌ تَمَطَّر جُنْحَ اللَّيْل مَبْلولُ
تَمَطَّر، أَي: تسرع فِي عَدْوِهِ. وَقيل: تَمَطَّر، أَي: بَرَزَ للمطر وبَرْده.
شَمِر: قَالَ ابْن شُميل: مِنْ دُعاء صبيان الْعَرَب إِذا رَأَوْا خالاً للمطر: مُطَّيْرَى. وَيُقَال: نزل فلَان بالمُسْتَمْطِر، أَي: فِي بَراز من الأَرْض مُنْكَشف. وَقَالَ الشَّاعِر:
وَيَحِلّ أَحْيَاءٌ وَرَاء بُيُوتنا
حَذَرَ الصّبَاح وَنَحْنُ بالمُسْتَمْطَر
وَقيل: أَرَادَ بالمستمطَر: مَهْوَى الغارات ومُخْتَرقَها. وَيُقَال: لَا تَسْتَمْطر للخيل، أَي: لَا تَعْرِض لَهَا. سَلمَة عَن الْفراء: إِن تِلْكَ الفَعلة من فلَان مَطِرَة، أَي: عادَة بِكَسْر الطَّاء.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: مَا زَالَ على مَطْرَةٍ وَاحِدَة، ومِطِرَّة وَاحِدَة وقَطَرٍ وَاحِد إِذا كَانَ على رَأْي وَاحِد لَا يُفَارِقهُ. قَالَ: والمَطَرَةُ: القِرْبَةُ، مسموعٌ من الْعَرَب. ومَطار: موضعٌ بَين الدّهنا والسَّمان. والماطِرون مَوضِع آخر وَمِنْه قَوْله:
وَلها بالماطِرُون إِذا
أكل النّملُ الّذي قد جَمَعا
طمر: قَالَ اللَّيْث: طَمَرَ فلانٌ نَفسه أَو شَيْئا: إِذا خَبَأَه حَيْثُ لَا يُدْرَى. قَالَ: وَالْمَطْمُورَةُ: حُفرةٌ أَوْ مكانٌ تَحت الأَرْض قد هُيِّىءَ خَفِيّاً، يُطْمَرُ فِيهِ طعامٌ أَو مالٌ. قَالَ: والطُّمُورُ: شبهُ الوُثُوب فِي السَّماء، وَقَالَ الْهُذلِيّ:
فَزِعاً لِوَقْعَتِهَا طُمُورَ الأَخْيلِ
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: طَمَرَ: إِذا عَلا. وطَمَرَ: إِذا سَفَلَ. قَالَ: وطَمر: إِذا تغيَّب واسْتخفى. وسمِعْتُ عُقَيْلِيّاً يَقُول لِفَحْل ضرب نَاقَة: قد طَمَرَها، وَإنَّهُ لكثيرُ الطُّمُور. وَكَذَلِكَ الرجل إِذا وُصِفَ بِكَثْرَة الْجِمَاع. يُقَال: إِنَّه لكثيرُ الطُّمُورِ. وَقَالَ

(13/232)


ابْن الْأَعرَابِي: الْمَطْمُور: العالي. والمَطْمُورُ: الأَسْفَلُ. قَالَ: والطُّمَّرُ وَالطِّمَّوْرُ: الأصلُ، يُقَال لأَرُدّنّه إِلَى طُمره، أَي: إِلَى أَصله. قَالَ: والطَّوَامرُ: البراغيثُ، يُقَال: هُوَ طَامرُ بن طامر للبَرغوث. وَجَاء فلانٌ على مِطمار أَبِيه: إِذا جَاءَ يُشْبهه فِي خَلقِه وأخْلاقه، وَقَالَ أَبُو وَجْزَة يمدح رجلا:
يَسْعَى مَسَاعِيَ آباءٍ لَهُ سَلَفَتْ
مِنْ آلِ قَيْن عَلَى مِطْمارِهِمْ طَمَرُوا
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: انْصَبَّ عَلَيْهِم فلانٌ من طَمَارِ، وَهُوَ المكانُ العالي، وَأنْشد:
فَإن كُنْت لَا تَدْرِينَ مَا الْموْتُ فَانظُرِي
إلَى هانىء فِي السُّوقِ وَابْنِ عَقِيلِ
إِلى بَطَلٍ قد عَفَّرَ السَّيْفُ وَجْهَه
وآخَر يَهْوِي مِنْ طَمارِ قَتيلِ
قَالَ أَبُو عبيد: يُنْشَد: من طَمَارَ وَمن طَمارِ مُجْرَى وَغير مُجْرَى.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الطمْرُورُ: الشِّقْراق.
وَقَالَ اللَّيْث: الطُّمْرُورُ: نعتُ الْفرس الجَواد.
أَبُو عُبيد عَن أبي عُبيدة: الطمْرُ من الْخَيل: المُشمر الْخَلْق. وَيُقَال: المسْتَعِدُّ لِلْعَدْوِ.
أَبُو عبيد: الطِمْرُ: الثوبُ الخَلقُ، وَجمعه أطمار. وَفِي الحَدِيث: (رُبَّ ذِي طِمْرَيْن لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَو أقْسَمَ على الله لأَبَرّه) ، يُرِيد: رُبَّ فَقير ذِي خَلَقَين أطاعَ الله حَتَّى لَو سَأَلَ الله وَدعَاهُ أَجَابَهُ.
قَالَ أَبُو عُبيد وَعَن الْأَصْمَعِي: المِطْمَرُ هُوَ الْخَيط الَّذِي يُقدِّرُ بِهِ البَنّاء يُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ التِسرْفال وَقَالَ أَبُو عُبيدة مثلُه.
وَقَالَ نَافِع بن أبي نُعيم: كنت أَقُول لِابْنِ دَأب إِذا حدَّث أقِم المِطْمَرَ، أَي: قَوِّم الحَدِيث ونَقِح ألفاظَه. وَيُقَال: وَقع فلَان فِي بَنات طَمَارِ: إِذا وَقع فِي بَلِيّة وشِدّة. والمطاميرُ: حُفَرٌ تُحْفر فِي الأَرْض يُوسَع أَسافلُها يُخبأ فِيهَا الحبوبُ.
رمط: قَالَ اللَّيْث: الرَّمْطُ مَجمع العُرْفُطِ وَنَحْوه من الشّجر كالغَيْضَة.
قلت: هَذَا تَصْحِيف، سَمِعت الْعَرَب تَقول للحَرْجةِ الملْتَفَّة من السِّدْر: غَيْضُ سِدْر، ورَهْطُ سِدْر. أَخْبرنِي الأيادي عَن شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: يُقَال: فَرشٌ من عُرْفُط، أَيْكَةٌ من آثل، ورَهْطٌ من عُشَر، وجَفْجَفٌ من رِمْث؛ وَهُوَ بِالْهَاءِ لَا غير، وَمن رَوَاهُ بِالْمِيم فقد صحّف.
مرط: قَالَ اللَّيْثُ: المَرْطُ: نَتفُك الرِّيشَ والشّعَر والصُّوفَ عَن الجَسد، تَقول: مَرَطْتُ شعرَه فانمرط. وَقد تمرّط الذّئبُ: إِذا سقط شعرُه وَبَقِي عَلَيْهِ شعرٌ قليلٌ، فَهُوَ أَمرط. وَرجل أمْرَطُ: لَا شعرَ على جَسَده وصدره إِلَّا قَلِيل، فَإِذا ذهب كلُّه فَهُوَ أَمْلَطُ. قَالَ: وسَهم أمرطُ: قد سقط عَنهُ

(13/233)


قُذَذه. قَالَ: وسَهم مرطٌ: لَا ريش عَلَيْهِ، والجميع أمراط، وَفِي حَدِيث عمر: أَنه قَالَ لأبي مَحْذُورةَ حِين سمع أذانَه: لقد خشيتُ أَن تَنشَقَّ مُرْبَطاؤكَ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: المُرْبطاء ممدودة، وَهِي مَا بَين السُّرة إِلَى العانَة، وَكَانَ الْأَحْمَر يَقُول: هِيَ مَقْصُورَة، وَكَانَ أَبُو عَمْرو يَقُول: تُمد وتُقصر.
قَالَ أَبُو عبيد: وَلَا أرى المحفُوظ من هَذَا إِلَّا قولَ الْأَصْمَعِي، وَهِي كلمة لَا يتكلَّم بهَا إِلَّا بِالتَّصْغِيرِ قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: نَاقَة مَرَطَى: وَهِي السَّريعة. وَقَالَ اللَّيْث: المُرُوطُ: سُرْعةُ المَشْيِ والعَدْو. وَيُقَال للخيل: هن يمرُطْنَ مُرُوطاً. وفرسٌ مَرَطَى.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يُقَال: المُرُوطُ: أكسِيَةٌ من صُوف أَو خَزّ كَانَ يؤتَزر بهَا، واحدُها مِرْط. وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُغَلّس بِالْفَجْرِ فَيَنْصَرِف النِّسَاء مُتَلَفّعَات بمُروطهن مَا يُعرَفْن من الغَلَس.
وروى أَبُو تُرَاب عَن مُدْرِك الْجَعْفَرِي: مَرَط فلَان فُلاناً: وهَرَدَه: إِذا أَذَاهُ.
وَقَالَ شَمِر: المُرَيْطاوان: جانبا عَانة الرَّجل اللَّتَان لَا شعرَ عَلَيْهَا، وَمِنْه قيل: شَجَرَة مَرْطاء: إِذا لم يكن عَلَيْهَا ورَق قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المَرِيطُ من الْفرس مَا بَين الثُّنَّة وأمِّ القِرْدان من بَاطِن الرُّسْغ. وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء وَاللَّام)
ط ل ن
اسْتعْمل من وجوهه: (نطل) .
نطل: قَالَ اللَّيْث: الناطِلُ: مكيالٌ يُكال بِهِ اللّبن وَنَحْوه وَجمعه النَّواطل. قَالَ: وَإِذا أنْقَعْتَ الزَّبِيبَ فأولُ مَا يُرْفَع مِن عُصارته هُوَ السُّلاف، فَإِذا صُبَّ عَلَيْهِ المَاء ثَانِيَة فَهُوَ النَّطْل. وَقَالَ ابْن مقبل يصف الْخمر:
مِمَّا تُعَتَّق فِي الدِّنان كَأَنَّهَا
بشفاه ناطِلِه ذَبِيحُ غَزَال
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّأْطَلُ يُهْمز وَلَا يُهمز: القدَح الصَّغِير الَّذِي يَرَى الخمارُ فِيهِ النُّمُوذَج. وَأنْشد قَول أبي ذُؤيب:
فَلَو أَن مَا عندَ ابنِ بُجْرَة عِنْدهَا
من الخَمْر لم تَبْلُلُ لَهاتِي بنَاطِل
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: النَّياطِلُ: مَكاييلُ الْخمر، وَاحِدهَا نَأْطَل. وَبَعْضهمْ يَقُول ناطِل، بِكَسْر الطَّاء غير مَهْمُوز وَالْأول مَهْمُوز. قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْأمَوِي: النَّيْطَل: الدَّلْو مَا كَانَ؛ فَأَنْشد:
ناهَبْتهم بِنَيْطَلٍ صَرُوف
وَقَالَ الفَرّاء: إِذا كَانَت الدَّلْو كَبِيرَة فَهِيَ النَّيْطَل.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي يَقُول: جَاءَ فلَان بالنِّئْطِل والضِّئبِل: وَهِي الداهية.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب يُقَال: انتطَل فلانٌ من الزِقِّ نَطلةً وامتَطلَ مطلة: إِذا اصْطَبَّ مِنْهُ

(13/234)


شَيْئا يَسِيرا. وَيُقَال: نَطَل فلانٌ نفسَه بِالْمَاءِ نَطْلاً: إِذا صبَّ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْئا بعد شَيْء يَتَعالَج بِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّطْل: اللّيّن الْقَلِيل.
ط ل ف
لطف فلط طلف طِفْل: (مستعملة) .
لطف: اللَّطيفُ: اسْم من أَسمَاء الله الْعَظِيم، وَمَعْنَاهُ، وَالله أعلم: الرفيق بعباده.
عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: اللَّطيفُ: الَّذِي يُوصل إِلَيْك أَرَبك فِي رِفْق.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: لَطف فلَان لفُلَان يَلْطُف: إِذا رَفَق لُطْفاً. وَيُقَال: لَطَف الله لَك، أَي: أوْصل إِلَيْك مَا تُحِب برِفْق.
قَالَ: ولَطُف الشَّيْء يَلْطُف: إِذا صَغُر. قَالَ: وجاريةٌ لَطِيفةُ الخَصْر: إِذا كَانَت ضامرةَ البَطْن.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّطَفُ: البِرُّ والتَّكْرِمة. وَأم لَطِيفَة بِوَلَدِهَا تُلْطف إلطافاً. واللَّطَفُ أَيْضا: من طُرَف التُّحَف مَا ألْطَفْتَ بِهِ أَخَاك ليَعْرف بِهِ بِرَّك. وفلانٌ لَطِيفٌ بِهَذَا الْأَمر، أَي: رَفِيقٌ. قَالَ: واللَّطيف من الْكَلَام: مَا غَمُض مَعْنَاهُ وخَفِي.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يُقَال للجمل إِذا لم يَسْتَرْشِد لطَرُوقته فَأدْخل الرَّاعي قَضِيْبَهُ فِي حَيائها قد أَخْلَطه إخْلاطاً، وألطفه إلطافاً وَهُوَ يُخْلطه ويُلْطفه. وَقد استخْلط الْجمل واسْتَلْطَف: إِذا فعل ذَلِك من تِلْقَاء نَفسه.
وَحكى ابْن الْأَعرَابِي عَن أبي صاعدة الْكلابِي: يُقَال: ألطفتُ الشَّيْء بجنبي، واستلطفته: إِذا أَلْصَقته، وَهُوَ ضد جافيته عني، وَأنْشد:
سوَيْتُ بهَا مستلطفاً دونَ رَيْطَتِي
ودُونَ رِدائي الجَرْدِ ذَا شُطَبٍ عَضْبا
طِفْل: الحَرّاني عَن ابْن السِّكيت: الطَّفْلُ: البَنانُ الرَّخْصُ، يُقَال: جاريةُ طَفْلَة إِذا كَانَت رَخْصةً. والطِفْلُ والطِفْلة: الصَّغيران.
وَقَالَ أَبُو الهَيْثم: الصَّبِيُّ يُدْعَى طِفْلاً حِين يسقُط من أمّهِ إِلَى أَن يَحْتلم، قَالَ الله جلّ وعزّ: {عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ} (غَافِر: 67) ، وَقَالَ: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ} (النُّور: 31) ، قَالَ: وَالْعرب تَقول: جاريةٌ طِفْلٌ وطِفْلَةٌ. وجاريتان طِفْلٌ، وجَوَارٍ طِفْلٌ وغلامٌ طِفْلٌ وَيُقَال: طِفْلٌ، وطِفْلَةٌ، وطِفْلانٌ، وأطفالُ، وطِفلتَان، وطِفْلاتٌ فِي الْقيَاس.
وَقَالَ اللَّيْث: غُلامٌ طَفْلٌ: إِذا كَانَ رَخْصَ الْقَدَمَيْنِ وَالْيَدَيْنِ. وَامْرَأَة طفلة البَنان رخْصَتهَا فِي بَيَاض، بيِّنةُ الطفولة. وَقد طَفُلَ طفالة أَيْضا.
قَالَ: والطِّفلُ: الصغيرُ من الْأَوْلَاد، للنّاس وَالدَّوَاب. وأَطفلت المرأةُ والظَّبْيَةُ والنَّعمُ: إِذا كَانَ مَعهَا ولد طِفْل؛ وَقَالَ لَبيد:

(13/235)


فعلاَ فُروعَ الأيْهفَانِ وأطفلتْ
بالْجَلْهَتَينِ ظباؤها ونعامُها
أَبُو عُبيد: ناقةٌ مُطفلٌ، ونوقٌ مطافلُ ومَطافيل: مَعهَا أولادُها.
وَفِي الحَدِيث: (سارَتْ قريشٌ بالعُوذ المطَافيل) ، فالعُوذ: الْإِبِل الَّتِي وضعت أَوْلَادهَا حَدِيثا. والمطافيل: الَّتِي مَعهَا أَوْلَادهَا.
وَقَالَ أَبُو ذُؤيب:
مطافيل أبكارٍ حديثٍ نتاجُها
يُشَابُ بِمَاء مثل مَاء المفاصل
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّفَلُ: طَفلُ الْغَدَاة وطَفَلُ العشيّ من لَدُن أَن تهمّ الشَّمْس بالذُّرور إِلَى أَن يستمكن الصّبْحُ من الأَرْض؛ يُقَال: طَفَلت الشمسُ، وَهِي تطفَل طفْلاً. وَقد يُقَال: طفّلت تطفيلاً: إِذا وَقع الطَفَلُ فِي الْهَوَاء وعَلى الأَرْض، وَذَلِكَ بالعَشيّ، وَأنْشد:
باكرتُهَا طفَلَ الْغَدَاة بغارةٍ
والمُبْتَغُون خِطارَ ذَاك قليلُ
وَقَالَ لَبيد:
وعَلى الأَرْض غَيايَاتُ الطَّفَل
وَقَالَ ابْن بُزُرج: يُقَال: أَتَيْته طفَلاً، أَي: مُمْسِياً وَذَلِكَ بَعْدَمَا تَدْنُو الشَّمْس للغروب. وأَتيته طَفلاً: وَذَلِكَ بعد طُلُوع الشَّمْس؛ أُخِذ من الطفْل الصَّغِير، وَأنْشد:
وَلَا مُتلافياً والشمسُ طِفلٌ
بِبَعْض نواشغ الوادِي حُمولا
قَالَ: وَقَالُوا جَارِيَة طِفلةٌ: إِذا كَانَت صَغِيرَة. وجاريةٌ طَفلةٌ: إِذا كَانَت رقيقةَ الْبشرَة ناعمةً.
وَيُقَال للنار ساعةَ تُقْدَح: طِفلٌ وطفلةٌ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الطَّفلَةُ: الجاريةُ الرَّخصة الناعمة؛ وَكَذَلِكَ البَنان الطَّفْلُ. والطِّفلةُ: الحديثة السِّنّ، والذَّكَرُ طِفْلٌ.
أَبُو عبيد: التّطفيلُ: السَّيْرُ الرويد، يُقَال: طفّلتُهَا تطفيلاً: يَعْنِي الْإِبِل. وَذَلِكَ إِذا كَانَ مَعهَا أَوْلَادهَا فَرَفَقْتَ بهَا ليَلْحَقها أولادُها. وأطفالُ الْحَوَائِج: صغارُها، وَاحِدهَا طِفْل، وَقَالَ زُهير:
لأرتحلَنْ بالفَجْر ثمَّ لأدأَبَنْ
إِلَى اللَّيْل إلاّ أَن يُعَرِّجَنِي طِفْلُ
يَعْنِي حَاجَة يسيرَة، مثل قَدْح نارٍ، أَو نزولٍ لبولٍ، وَمَا أشبهه.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: فِي قَوْلهم فلانٌ طُفَيلِيّ للَّذي يدْخل المآدبَ وَلم يُدْع إِلَيْهَا هُوَ منسوبٌ إِلَى طُفيل، رجل من بني عبد الله ابْن غَطفَان من أهل الْكُوفَة، وَكَانَ يَأْتِي الولائمَ دون أَن يُدْعَى إِلَيْهَا، وَكَانَ يُقَال لَهُ: طُفيل الأعراس أَو العرائس، وَكَانَ يَقُول: ودِدْتُ أنَّ الْكُوفَة بِرْكَةٌ مُصَهْرَجة فَلَا يخفى عليّ مِنْهَا شَيْء.
قَالَ: وَالْعرب تسمي الطُّفَيلِيَّ: الرّاشِنَ والوارِش.
وَقَالَ اللَّيْث: التّطفيلُ من كَلَام أهل الْعرَاق، وَيُقَال: هُوَ يتطفّل فِي الأعراس.

(13/236)


وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب فِي قَوْلهم: الطفيليُّ هُوَ الَّذِي يدْخل على الْقَوْم من غير أَن يَدعُوهُ، مأخوذٌ من الطِّفْل، وَهُوَ إقبال اللَّيْل على النَّهَار بظلمته.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الطفلُ: الظلمَة بِعَينهَا، وَأنْشد لِابْنِ هَرمة:
وَقد عراني من فَوق الدُّجى طِفْل
يُرِيد أَنه يُظلم عَلَى الْقَوْم أمره، فَلَا يَدْرُونَ من دَعَاهُ، وَلَا كَيفَ دخل عَلَيْهِم.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: نُسب إِلَى طفيل بن زَلاّل، رجل من أهل الْكُوفَة.
وَقَالَ غَيره: ريحٌ طِفْلٌ: إِذا كَانَت ليّنة الهبوب. وعُشْبٌ طِفل: لم يَطُلْ. وطَفْلٌ، أَي: ناعم.
فلط: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: صادفه، وفارطه، وفالطه، ولاوطه كلُّه بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو زيد فِيمَا روى ابْن هانىء عَنهُ: أفلطني فلانٌ لُغَة تميمية فِي أفلتني. ورُفع إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز رجلٌ قَالَ لآخر فِي يتيمة كفلها: إِنَّك تبوكها، فَأمر بحده، فَقَالَ: أفأضرب فلاطاً.
قَالَ أَبُو عبيد: الفِلاط: الفَجْأَة، وَهِي لُغَة هُذَيْل، يَقُولُونَ فلاطاً.
وَقَالَ المُتَنَخّل الهُذَليّ:
أفْلَطها الليلُ بعيرٍ فتَسْ
عَى ثوبُهَا مُجْتَنِبُ المعدِلِ
طلف: أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: ذهب دَمُه طَلْفاً وظَلفاً، أَي: هدرا، سَمعه بِالطَّاءِ والظاء. وَقَالَ غَيره: الطليف والطلف المجَّان.
وروى أَبُو تُرَاب عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: لَا تذهبْ بِمَا صنعتَ طلفاً وَلَا ظلفاً، أَي: بَاطِلا.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : أسلفتُه كَذَا، أَي: أقرضتُه. وأطلفْتُه كَذَا، أَي: وهبته.
ط ل ب
طلب طبل لبط بلط بَطل: مستعملة.
طلب: قَالَ اللَّيْث: الطلَبُ: محاولةُ وِجدانِ الشَّيْء وأخذِه. والطِّلْبَةُ: مَا كَانَ لَك عِنْد آخر من حقّ تطالبه بِهِ. والمُطَالَبَةُ: أَن تُطالب إنْسَانا بِحَق لَك عِنْده، وَلَا تزَال تطالبُه وتتقاضاه بذلك. والغالبُ فِي بَاب الْهوى: الطِّلابُ. والتّطَلُّبُ: طلب فِي مهلة من مَوَاضِع.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: أطليتُ الرجل: أعطيتُه مَا طلَب. وأطلبته: ألجأته إِلَى أَن يطْلب إليّ قَالَ ذُو الرُّمة:
أضلّه رَاعياً كلْبِيَّةً صَدَرَا
عَن مُطْلَبٍ قارِبٍ وُرّادُه عُصَب
يَقُول: بَعُد المَاء عَنْهُم حَتَّى ألجأهم إِلَى طلبه.
وَقَالَ اللَّيْث: كلأٌ مُطْلِبٌ بعيد الْمطلب.

(13/237)


وَقد أطلب الْكلأ: تباعَد وَطَلَبه الْقَوْم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطَّلَبَة: الْجَمَاعَة من النَّاس. والطُّلْبَة: السَّفْرة الْبَعِيدَة. وطَلِب: إِذا اتّبع وطَلِب: إِذا تبَاعد.
وَقَالَ غَيره: بئْرٌ طلُوب: بعيدَة المَاء، وآبارٌ طُلُب: والمطلِّبُ: اسمٌ أَصله مُتَطلب، فأُدغمت التّاء فِي الطَّاء وشدّدت فَقيل: مطَّلب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ماءٌ قاصدٌ كلؤه: قريب. وَمَاء مُطْلِبٌ كلؤه بعيد.
وَقَالَ أَبُو وجزة:
عالجتُها طُلباً هُنَاكَ نزاحَا
ومطلُوب: اسْم بلد. وَيُقَال: طَالب وطلَبَ، كَمَا يُقَال: خادِم وخَدَم.
بلط: شَمِرَ: البَلاَطُ: الأرضُ، وَمِنْه يُقَال: بالطناهم، أَي: نازلناهم بِالْأَرْضِ، وَقَالَ رُؤبة:
لَو أحلبَتْ حلائبُ الفُسطاط
عَلَيْهِ ألقاهُنّ بالبَلاَط
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: البلاطُ: الْحِجَارَة المفروشة، يُقَال: دارٌ مُبَلّطةٌ بآجُرّ أَو حِجَارَة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: بلَطَنا الدّار فَهِيَ مبلوطةٌ: إِذا فرشتها بآجُرّ أَو حِجَارَة. قَالَ: والبَلُّوط: ثمرُ شجرٍ يُؤْكَل ويُدبغ بقشره.
قَالَ: والتّبليط عراقيَّة: وَهُوَ أَن يضْرب فَرْع أُذن الْإِنْسَان بِطرف سَبّابته ضربا يوجعه، تَقول: بلّطتُ أُذُنه تبليطاً. قَالَ: وأبلَط المطرُ الأَرْض: إِذا أصَاب بلاطها، وَهُوَ أَن لَا ترى عَلَى مشيها تُرَابا وَلَا غباراً، وَقَالَ رؤبة:
يَأوي إِلَى بَلاطِ جَوْفٍ مُبْلَط
قَالَ: وبلاط الأَرْض: مُنْتَهى الصُّلب من غير جَمع، يُقَال: لَزم فلَان بلاطَ الأَرْض.
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: أُبلط الرّجل فَهُوَ مُبْلَط.
وَقَالَ أَبُو زيد: أبْلط فَهُوَ مُبْلط: إِذا قل مالُه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أبلَط: إِذا أفلس. فلَزِق بالبَلاَط.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
نزلتُ على عَمْرو بن دَرْمَاءَ بلطةً
فيا كُرْم مَا جَار وَيَا كُرْمَ مَا مَحَلّ
قَالَ: أَرَادَ فيا أكرمَ جَار، على التَّعَجُّب وَاخْتلف النَّاس فِي (بلطة) فَقَالَ بَعضهم: يُرِيد بِهِ حللت على عَمْرو بن درماء بُلطةً، أَي: بُرْهةً ودهراً.
وَقَالَ آخَرُونَ: بلطه أَرَادَ أنّ دَاره مبلطةٌ مفروشة بِالْحِجَارَةِ، وَيُقَال لَهَا البلاط.
وَقَالَ بَعضهم: بلطة، أَي: مُفْلساً.
وَقَالَ بَعضهم: بلطة: قَرْيَة فِي جَبَلي طَيء كَثِيرَة التِّين والعِنب.
وَقَالَ الْفراء: أبلطني فلَان إبلاطاً. وأحجاني إحجاءً: إِذا ألح عَلَيْك حَتَّى

(13/238)


يُبْرِمَك ويُمِلِّك.
وَقَالَ اللَّحياني: أبلطه اللِّصُّ إبلاطاً: إِذا لم يَدَعْ لَهُ شَيْئا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المبالَطة: المجاهدةُ. نزلَ فبالطْه، أَي: جاهده وَفُلَان مبالِطٌ لَك، أَي: مُجْتَهد فِي صَلَاح شَأْنك، وَأنْشد:
فَهْو لَهُنْ حَابلٌ وفارطُ
أَن وَرَدَتْ وَمَا دِرٌّ ولاَ بَطُ
لحوضها وماتح مُبالِطُ
وَيُقَال: تبالَطُوا بِالسُّيُوفِ: إِذا تجالدوا بهَا على أَرجُلهم، وَلَا يُقَال: تبالطوا إِذا كَانُوا رُكباناً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البُلُطُ: الفارُّون من الْعَسْكَر، والبُلْطُ: المُجَّان، والمُتَخرِّفون من الصُّوفِيَّة، قَالَ: والبَلْطُ: تطبينُ الطاية، وَهِي السّطح إِذا كَانَ لَهَا سُميط، وَهِي الْحَائِط الصَّغِيرَة.
لبط: قَالَ اللَّيْث: لَبَط فلَان بفلان الأرضَ لَبْطاً: إِذا صَرَعَهُ صَرْعاً عنيفاً. ولُبط بفلان: إِذا صُرِع من عيْن أَو حُمَّى. وَفِي الحَدِيث: أَن عَامر بن أبي ربيعَة رأى سَهْل بن حُنيف يغْتَسل فعانه فلُبِط بِهِ حَتَّى مَا يَعقل؛ وَكَانَ قَالَ حينَ رَآهُ: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأةٍ، فَأمر النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَامر بن أبي ربيعَة العائن حَتَّى غَسَل لَهُ أعضاءه، وجَمع الماءَ ثمَّ صَبّ على رَأس سهل فراح مَعَ الرَّكب. قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: لُبِط بِهِ: يَعْنِي صُرع، يُقَال: لبِط بِالرجلِ يُلْبَط لَبْطاً: إِذا سَقط، وَمِنْه حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه خرج وقريشٌ مَلْبُوطٌ بهم) ، يَعْنِي أَنهم سُقوط بَين يَدَيْهِ، وَكَذَلِكَ لُبِجَ بِهِ بِالْجِيم مثل: لُبِط سَواء. وسُئل النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الشُّهَدَاء فَقَالَ: (أُولَئِكَ يَتلبّطُون فِي الغُرَف العُلَل من الْجنَّة فِي النّعيم) ، أَي: يتمرّغون ويَضْطَجعون. وَيُقَال: يتصرّعون. وَيُقَال: فلَان يتَلبّط فِي النَّعيم، أَي: يتمرغ فِيهِ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: اللَّبَطةُ والكَلطَةُ: عَدْوُ الأَقْزَل: ثَعْلَب عَن الْفراء قَالَ: اللَّبَطةُ: أَن يَضرب البعيرُ بيدَيْهِ، وَفِي الحَدِيث: أَن عَائِشَة كَانَت تضرب الْيَتِيم حَتَّى يَتَلَبّط، أَي: يَتصرعُ مُسبِطاً على الأَرْض، أَي: ممتداً. والْتَبَطَ البعيرُ يَلْتبط التباطاً: إِذا عدا فِي وَثْب. وَقَالَ الرّاجز:
مَا زلتُ أسعَى مَعَهم وأَلْتَبِطْ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللَّبْطُ: التَّقلُّب فِي الرياض، وَفِي حَدِيث مَاعِز: أَنه ليتلبَّط فِي رياض الْجنَّة بَعْدَمَا رُجم، أَي: يتمرّغ فِيهَا. قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِيهِ بَعْدَمَا رجم.
بَطل: أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: بَطَلٌ بَيِّنُ البَطالة والبُطولة. وبطّالٌ بيِّنُ البِطَالة.
شَمِر: بَطّالٌ بينَ البَطالة والبِطالة. وبَطُلَ البَطالة. وبَطَل الأجِيرُ يَبْطُل بِطَالة. وَفِي الْبَاطِل أَيْضا: بطَل الشيءُ يبطل بطالة.

(13/239)


قَالَ: وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: إنّما سُمّيَ البَطَلُ بطلاً لِأَنَّهُ يُبْطل العظائمَ بسيْفه فيُبَهْرِجها. وَقَالَ غَيره: سُمِّيَ: بطلاً لِأَن الْأَشِدَّاء يَبْطلون عِنْده. وَيُقَال: الدِّماءُ تَبْطُل عِنْده، فَلَا يُدرك عِنْده ثأر. وَقَالَ: البَطَلَة: السَّحَرة، وَجَاء فِي الحَدِيث: (وَلَا تستطيعه البَطَلة) .
اللَّيْث: أبطلتُ الشَّيءَ جعلتُه بَاطِلا. وأبْطَل فلَان: جَاءَ بكذب وادْعَى بَاطِلا. والتَّبَطُّلُ: فعلُ البَطالة، وَهُوَ اتِّبَاع اللَّهْو والجهالة. وبَطَل الشيءُ بُطْلاً فَهُوَ بَاطِل، وَجمع البَطل أبطال وجمعُ الْبَاطِل بواطل وأباطيل جمع أبطولة.
طبل: قَالَ اللَّيْث: الطَّبْلُ معروفٌ، وفعلُه التَّطبيل، وحِرْفتُه الطِّبَالة. وَيجوز: طَبَل يَطْبُل، وَهُوَ ذُو الْوَجْه الْوَاحِد والوجهين.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي. قَالَ: الطَّبْلُ: الرَّبْعة للطِّيب. والطَّبْلُ: سَلّةُ الطَّعَام والطَّبْلُ: ثيابٌ عَلَيْهَا صُورةُ الطَّبْل تسمَّى الطَّبْليَّة. وَيُقَال لَهَا: أرِيَه الطَّبْل، تُحمل من مصر، وَقَالَ أَبو النَّجم:
مِن ذِكر أيامٍ ورَسمِ ضاحِي
كالطَّبل فِي مُخْتَلَف الرِّياحِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الطَّبْلُ: الخَزَاجُ، وَمِنْه قَوْلهم: فلانٌ يُحِب الطَّبْليَّة، أَي: يُحبّ دراهمَ الخَراج بِلَا تَعبٍ.
أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: مَا أَدْرِي أيُّ الطَّبْل هُوَ؟ وأيُّ الطَّبْنِ هُوَ؟ مَعْنَاهُ: مَا أَدْرِي أيُّ النَّاس هُوَ وَقَالَ الراجز:
سَتَعْلَمُونَ مَن خيارُ الطَّبْل
سَلمَة عَن الفَرّاء: الطُّوبالة: النعجة، وَأنْشد لطرفة:
نَعَانِي حَنَانة طُوبالةً
تَسُف يبيساً من العِشْرِق
نصب طوبالة على الذَّم لَهُ كَأَنَّهُ قَالَ: أَعنِي طوبالة.
ط ل م
طلم طمل مطل ملط لطم لمط: مستعملات.
طلم: فِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمّا مَرّ بِرَجُل يعالج طلْمَةً وَقد عَرق من حَرّ النَّار، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (لَا تَطعمه النَّار بعْدهَا) .
قَالَ شَمِر: الطلمةُ: الخبْزَةُ. قَالَ: وَمثل للْعَرَب: أَن دُونَ الطُّلمة خَرْط قَتاد هَوْبَر. قَالَ: وهَوْبَر: مَكَان. وَأنْشد شمر:
تكَلفْ مَا بدا لَك غير طُلْمٍ
فَفِيمَا دُونَه خَرْطُ الْقَتادِ
والطُّلمُ: جمعُ الطلْمة.
وَقَالَ اللَّيْث فِي الطلمة مثلُه. قَالَ: والتطليمُ: ضربُك الخُبزة.
وَقَالَ حسان:
يُطلِّمُهنَّ بالخُمُرِ النِّساء
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطَّلاَمُ: التَنُّومُ، وَهُوَ حب الشاهْدانج، قَالَ: والطَّلَمُ:

(13/240)


وسَخ الْأَسْنَان من ترك السِّواك.
لمط: أهمله اللَّيْث.
وروَى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: اللَّمْطُ: الاضطرابُ.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: التمَط فلانٌ بحقِّي الْتماطاً: إِذا ذهب بِهِ.
لطم: الليثُ: اللطْمُ: ضَربُ الخدِّ وصفحاتِ الجَسد ببَسْط اليَد، والفِعلُ لَطَم يَلْطم لطْماً. قَالَ: واللَّطِيمُ بِلَا فِعْل من الْخَيل الَّذِي يَأْخُذ خَدّيه بَيَاض.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: إِذا رجعت غَرّةُ الفَرس فِي أحد شِقّي وَجهه إِلَى أحد الْخدّين فَهُوَ لَطِيم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَنه أنْشدهُ لِعاهان بن كَعْب بن عَمْرو بن سعْد:
إِذا اصْطَكّت بضَيْق حُجْرتاها
تلاقِي العَسْجَدِية واللَّطيم
قَالَ: العَسْجَدِيةُ: إبلٌ منسوبةٌ إِلَى فَحْل كريم يُقَال لَهُ عَسْجَدِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ الْأَصْمَعِي: العَسْجَدِيةُ: إبلٌ منسوبة إِلَى سُوقٍ يكون فِيهَا العَسْجَد وَهُوَ الذَّهَب.
قَالَ: واللَّطِيمُ منسوبٌ إِلَى سوقٍ يكون أكثرُ بَزها اللَّطِيم، وَهُوَ جمعُ اللطيمة.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللطيمُ: الفصيلُ إِذا قوي على الرُّكوب لُطم خدُّه عِنْد عين الشَّمْس.
ثمَّ يُقَال: أغْرُبْ فَيصير ذَلِك الفصِيل مؤدَّباً، ويُسَمَّى لطيماً.
قَالَ: واللطيمةُ والزَّوْمَلة: العِيرُ عَلَيْهَا أحمالها.
قَالَ: وَيُقَال لِلْإِبِلِ: اللطيمةُ والعِيرُ والزّوْملة وَهِي العِير كَانَ عَلَيْهَا حِمل أَو لم يكن، وَلَا تُسمَّى لطيمةً وَلَا زَوْملةً، حَتَّى يكون عَلَيْهَا أحمالها.
وَقَالَ اللَّيْث: اللطيمةُ: سوقٌ فِيهَا أوْعيَةٌ من العِطْر وَنَحْوه من الْبياعَات.
وَأنْشد:
يطوف بهَا وسْطَ اللطِيمة بائعُ
وَقَالَ فِي قَول ذِي الرُّمة:
لَطائم المِسْك يحوِيها وتنتهب
يَعْنِي أوعية المِسْك.
قَالَ: وكلُّ سوقٍ يُحمل إِلَيْهَا غيرُ الْميرَة فَهِيَ اللطيمة من حُرّ الْبياعَات غير مَا يُؤْكَل والميرةُ لما يُؤْكَل.
وَقَالَ أَبُو سعيد: اللطيمةُ: العَنْبرةُ الَّتِي لُطمت بالمسك فَفُتقت بِهِ حَتَّى نَشِبت رائحتُها وَهِي اللطمِيَّة.
وَمِنْه قولُ أبي ذُؤيب:
كأنّ عَلَيْهَا بالةً لطميّةً
لَهَا من خلال الدَّأْيتيْن أريجُ
وَقَالَ: أَرَادَ بالبال الرائحةَ والشمّة، مَأْخُوذَة، من بلوته، أَي: شممتَه، وَأَصلهَا بَلوة، فَقدم الْوَاو وصيّرها ألفا، كَقَوْلِهِم: قاع وَقعا.

(13/241)


قَالَ: واللطِيمةُ فِي قَول النَّابِغَة: السُّوق، سُمّيت لَطيمةً لتصافق الْأَيْدِي فِيهَا.
قَالَ: وَأما لطائم الْمسك فِي قَول ذِي الرمة: فَهِيَ الغوالي المُعنبرة، وَلَا تُسمى لطيمة حَتَّى تكون مخلوطة بغَيْرهَا.
وَقيل: اللطْمُ: الإلصاق، يُقَال: لطمْت الشَّيْء بالشَّيْء: إِذا ألزقته. وَمِنْه لطمُ الْوَجْه.
وَقَالَ ابْن مقبل:
كَأَن مَا بَين جَنْبَيْهِ ومنكبه
من جوزه ومَقط القُنب ملطوم
بتُرس أعجَم لم تنخَر مناقبه
مِمَّا تخيَّرُ فِي أوطانها الرّوم
أَي: ألصق بِهِ ترس هَذِه صفته.
وَقَالَ أَبُو زيد: من الْعَرَب من يَقُول فِي اضطَموا: إلطموا، يجْعَلُونَ الضَّاد لاماً، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ: اضجع والتطجع.
وَقَالَ ابْن السّكيت: اللطيمةُ: عيرٌ فِيهَا طيب.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: اللطيمة الَّتِي تحمل بزَّ التُّجَّار والطِّيب، والعَسْجَدِية: رِكابُ الْمُلُوك الَّتِي تحمل الدِّق، والدقُ: الكثيرُ الثّمن، وَلَيْسَ بجافٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمرو: سُوق فِيهَا بَزٌ وطِيب.
وَيُقَال: أعظم لطيمة ومسك.
قَالَ ابْن حبيب: المَلاطمُ: الخدود. وَاحِدهَا مِلْطم.
وَأنْشد:
خَصِمون نَفاعون بِيضُ المَلاطم
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللطْمُ: إنضاجُ الخبزة.
سَلمة عَن الْفراء: اللطِيمة: سوقُ العطارين، واللطِيمةُ: العيرِ تحمل البَزّ والطِّيب.
ملط: قَالَ اللّيث: الأَمْلطُ: الرَّجلُ الَّذِي لَا شَعر على جسده كلّه إلاّ الرَّأْس واللّحية؛ والفعلُ مَلِط مَلَطاً ومُلْطةً. وَكَانَ الأحنفُ بن قيس أَمْلَط. والمَلِطُ: السَّخْلة. قَالَ: والمِلْطُ: الرَّجلُ الَّذِي لَا يُرفع لَهُ شَيْء إِلَّا ألْمَأ عَلَيْهِ فذهبَ بِهِ سَرِقةً واستحلالاً؛ والجميع المُلُوطُ والأملاطُ؛ يُقَال: هَذَا مِلْطٌ من المُلوط. والفِعْلُ مَلَط مُلوطاً.
قَالَ الأصمعيّ: قَوْلهم فلَان مِلْطٌ، المِلْطُ: الَّذِي لَا يُعرف لَهُ نَسبٌ وَلَا أبٌ، من قَوْلك: أملط ريش الطَّائِر: إِذا سقط عَنهُ. قَالَ: والمَليط: الجَدْي أوّل مَا تضعه العنز، وَكَذَلِكَ من الضَّأْن. وسَهْمٌ أَمْلط وأنزط: لَا ريش عَلَيْهِ. وَيُقَال: أمْلطت النَّاقة وأمْلَصت: إِذا أَلْقَت وَلَدهَا، فَهِيَ مملاط ومملاص، والولدُ مليط ومميص.
والمَلاّطُ: الَّذِي يَملُط الطين، يُقَال: مَلَطت مَلَطاً.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: المِلاَط هُوَ الطين الَّذِي يُجعل بَين سافَي البِناء.

(13/242)


وَقَالَ اللَّيْث: المِلاَطان: جانِبَا السَّنام مِمَّا يَلِي مُقَدّمه. وَقَالَ غَيره: المِلاَطان: الجنبان، سُمّيَا بذلك لِأَنَّهُمَا كَأَنَّهُمَا قد مُلط اللّحم عَنْهُمَا مَلْطاً، أَي: نُزع. وابْنَا مِلاط: العَضُدان، لِأَنَّهُمَا يَليان الجنبيْن، وجمعُ المِلاط مُلُط. وَقَالَ القَطِرانُ السَّعدِيّ:
وجَوْن أعانته الضُّلوع بزَفْرةٍ
إِلَى مُلُطٍ بَانَتْ وَبَان خَصِيلُها
يَقُول: بَان مِرفقاها عَن جنبِها فَلَيْسَ بهَا حازٌّ وَلَا ناكت. وَقيل للعَضُد مِلاط، لِأَنَّهُ سُمّيَ باسم الجَنْب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ابْنَا مِلاط: العَضُدان، وَقَالَ الرّاجز يصف بَعِيرًا:
كِلاَ مِلاطَيْه إِذا تَعطّفَا
بانا فَمَا رَاعى برَاع أَجْوَفا
فالمِلاطان هَهُنَا العَضُدان لِأَنَّهُمَا المايران، كَمَا قَالَ الراجز:
عَوْجاء فِيهَا مَيَل غيرُ حَرَدْ
تُقَطّع العِيسَ إِذا طَال النّجُدْ
كِلاَ مِلاطيْها عَن الزَّوْر أَبَدْوقال النَّضر: المِلاطان مَا عَن يَمِين الكِركِرة وشمالها. وابنا مِلاطَي البَعير: هما العَضُدان.
أَبُو عبيد عَن الْوَاقِدِيّ قَالَ: المِلْطى مَقْصُور، وَيُقَال الملطاة بِالْهَاءِ: القِشرَة الرقيقة الَّتِي بَين عَظْم الرَّأْس ولحمه.
وَقَالَ شمر: يُقَال: شَجّه حَتَّى رَأَيْت الملطى، وشَجّةُ المِلْطى مَقْصُور.
وَقَالَ اللَّيْث: تقديرُ الملطاء أَنه مَمْدُود مذكَّر وَهُوَ بِوَزْن الحرْباء.
وشمر عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه ذكر الشّجاج، فَلَمَّا ذَكر الباضعة قَالَ: ثمَّ المُلْطئة وَهِي الَّتِي تخرق اللَّحْم حَتَّى تَدْنُو من الْعظم. قَالَ: وَغَيره يَقُول: الملطَى.
قلت: وَقَول ابْن الأعرابيّ يدل على أَن الْمِيم من الملطى ميمُ مِفْعل، وَأَنَّهَا لَيست بأصلية كَأَنَّهَا من لَطَيْتُ بالشَّيْء: إِذا لَصِقَت بِهِ. وَيُقَال: مالَط فلانٌ فلَانا إِذا قَالَ: هَذَا نصف بَيت، وأتمّه الآخر بَيْتا. يُقَال: مَلّط لَهُ تمليطاً.
وروى إِسْحَاق بن الْفرج عَن الْأَصْمَعِي: بِعتهُ المَلَسَى والمَلَطَى، وَهُوَ البَيْع بِلَا عُهدة.
طمل: قَالَ اللَّيْث: الطِّمْلُ: الرجل الفاحشُ الْبَذِيء، الَّذِي لَا يُبالي مَا أَتَى وَمَا قيل لَهُ: وَأَنه لَمِلْطٌ طملٌ، والجميع طُمول.
وَقَالَ لبيد:
أطاعُوا فِي الغَواية كلُّ طِمْل
يَجُرّ المُخْزِيات وَلَا يُبَالِي
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الطِّمْل: اللص.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الطِّمْلُ: الذِّئْب. والطملُ: المَاء الكَدِر. والطملُ: الثَّوْب الَّذِي أُشبِع صَبغه. والطملُ: النَّصيب. وانْطمل فلانٌ: إِذا شَارك اللُّصُوص.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السهمُ

(13/243)


الطَّمِيلُ والمطمول: المُلَطَّخُ بِالدَّمِ.
وَقَالَ: المُطْمَل: الملطوخ بقيح أَو دَمِ أَو غير ذَلِك، وَقَالَ:
فَكيف أبيتُ الليلَ وابنةُ مالكٍ
بزينتها لمّا يُقَطَّعْ طَمِيلُها
يَقُول أَبوهَا مَالك ثَأْرِي، أَي: قتل لي حميماً وَأَنا أطلبه بدمه فَيَقُول: كَيفَ يأخذني النّوم وَلم تُسْبَ هِيَ وَلم يُؤْخَذ أَبوهَا، وَلم يُقطّع قِلادتها وَهِي طميلها.
وَإِنَّمَا سُمّيت القِلادة طميلاً لِأَنَّهَا تُطمل بالطِّيب، أَي: تُلطّخ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: صَار المارد كَلَّة وطملة وتُرْمُطة، كلُّه الطينُ الرَّقِيق قَالَ: والطملُ: السَّيْرُ العنيف، يُقَال: طَمَلت الْإِبِل أطمُلها طَمْلاً، وَكَذَلِكَ القروح.
سَلمَة عَن الفرّاء: الطِّملالُ: اللص. والطملالُ: الذؤب.
مطل: قَالَ الليثُ: المَطْلُ: مدافعتُك الدَّين، يُقَال: ماطلني بحقي ومطلني بحقي، وَهُوَ مطُول ومطّال.
وَفِي الحَدِيث: (مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلم) قَالَ: والمطل أَيْضا مَدُّ المطال حديدةَ البَيْضة الَّتِي تُذاب للسيوف، ثمَّ تحمى وتُضرب، وتمد وتُربَّع، يُقَال: مطلها المطال ثمَّ طبَعها بعد المطل فيجعلها صفيحة. والمطيلةُ: اسمُ الحديدة الَّتِي تُمطَل من البَيْضة وَمن الزَّندة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المطلُ: الطُّول.
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: الممطُول: الْمَضْرُوب طولا.
قلت: أَرَادَ الْحَدِيد أَو السَّيْف الَّذِي ضُرب طولا كَمَا ذكره اللَّيْث. والمطْلُ فِي الْحق مأخوذٌ مِنْهُ، وَهُوَ تَطْوِيل العِدَة الَّتِي يضْربهَا الْغَرِيم للطَّالِب.
والماطِلِيّةُ: إبلٌ منسوبةٌ إِلَى فَحْل، وَقَالَ أَبُو وَجْزة السَّعديُّ:
كفَحل الهِجان الماطلِيِّ المُرَفّلِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المِمْطَلُ: اللص. والممطل: مِيقَعةُ الْحداد. المطمل: الذِّئْب والمطمل: مكتب ثِيَاب العرائس بِالذَّهَب، انْتهى.

(بَاب الطَّاء وَالنُّون)
ط ن ف
طنف طفن نطف نفط فطن: مستعملات.
طنف: ابْن شُمَيْل: يُقَال: طنّف فلَان للظِّنّة، أَي: قارف لَهَا، يُقَال: طنَّف لِلْأَمْرِ فاعلوه.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّنفُ: نفس التُّهْمَة، يُقَال: رجل مُطنَّف، أَي: مُتهم. وطنّفته، أَي: اتهمته. وفلانٌ يطنّف بِهَذِهِ السّرقَة. وَإنَّهُ لطَنفٌ بِهَذَا الْأَمر، أَي مُتهم.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الطُّنُفُ:

(13/244)


(السيور) وَأنْشد قَول الأفوه الأودي:
كَأَن أطرافها لما اجتَلى الطَّنفُ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الطُّنفُ: شاخصٌ يخرج من الْجَبَل فيتقدم كَأَنَّهُ جَناح.
قلت: وَمن هَذَا يُقَال: طنَّف فلانٌ جَدار جَاره وجِدار دَاره: إِذا فَوْقه شَجرا أَو شوكاً يَصفُ تسلّقه لمجاوزة أَطْرَاف العيدان المشوِّكة رَأسه.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للجناح يُشْرع فَوق بَاب الدَّار. طنف أَيْضا، شبّه بطنف الْجَبَل.
وَقَالَ أَبُو ذُؤيب يصف خَلِيّة عَسَل فِي طُنف الْجَبَل:
فَمَا ضَرَبٌ بيضاءُ يأوي مليكُها
إِلَى طُنُف أعيَا بِراقٍ ونازلِ
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الطَّنَف والطُّنُف جَمِيعًا: السَّقيفة تُشرَع فَوق بَاب الدَّار، وَهِي الكُنّة وَجَمعهَا الكنَّات.
طفن: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الطَّفْنُ: الْحَبْس، يُقَال: خَلِّ عَن ذَلِك المَطْفُون.
قَالَ: والطَّفَانينُ: الحَبْسُ والتَّخَلُّف.
وَقَالَ المُفَضَّل: الطَّفْنُ: الموتُ، يُقَال: طَفَن إِذا مَاتَ، وَأنْشد:
ألْقى رُحَى الزَّوْر عَلَيْهِ فطَحَنْ
قَذْفاً وفَرثاً تحتَه حَتَّى طَفَنَ
اللّيث: الطَّفَانِيَةُ: نَعتُ سوء فِي الرجل وَالْمَرْأَة.
نفط: أَبُو عبيد عَن أبي الْجراح وَالْكسَائِيّ: نزب الظبي نزيباً، ونفطَ يَنْفِظُ نفيطاً: إِذا صوّت.
أَبُو عبيد من أمثالهم: مَا لَه عافِطة وَلَا نافِطة، فالعاطفة: من دُبُرها، والنافطة: من أنفها.
ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي: مَا لَهُ عافطة وَلَا نافطة، فالعافطة: الضائنة، والنافطة: الماعزة.
قَالَ: وَقَالَ غَيره من الْأَعْرَاب: العافطة: الماعزة إِذا عَطِسَت.
وَقَالَ اللَّيْث عَن أبي الدُّقيش: العافطةُ: النعجةُ، والنّافطةُ: العنز.
وَقَالَ غَيره: العافطةُ: الأمَة، والنافطة: الشَّاة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العَفْطُ: الحُصَاص للشاة والنّفْطُ: عُطاسُها.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: إِذا كَانَ بَين الْجلد وَاللَّحم ماءٌ قيل: نَفِطت تَنْفَط نَفَطاً ونَفِيطاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رَغْوَةٌ نافِطةٌ: ذاتُ نَفّاطاتٍ، وَأنْشد:
وحَلَبٌ فِيهِ رُغاً نَوافِطُ
وَقَالَ اللَّيْث: النَّفْطَةُ: بَثْرةٌ تخرج فِي اليَدِ من الْعَمَل ملأى مَاء.

(13/245)


قَالَ: والنَّفْط والنِّفْط لُغَتَانِ: حلابة جبل فِي قَعْر بِئْر توقد بِهِ النَّار.
والنَّفاطات: ضَرْبٌ من السُّرَج يُستصبَح بهَا.
قَالَ: والنّفاطات: أدَوَاتٌ تعْمل من النّحاس يُرمى فِيهَا بالنّفط وَالنَّار. والنّفاطةُ أَيْضا: الْموضع الَّذِي يُستخرج مِنْهُ النفط.
فطن: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: رجل فَطِنٌ بيِّنُ الفِطنة والفَطَن وَقد فَطَن لهَذَا يَفْطُن فِطنةً، فَهُوَ فاطنٌ لَهُ. فَأَما الفَطِنُ فذُو فِطْنة للأشياء، وَلَا يمْتَنع كلُّ فعلٍ من النُّعوت من أَن يُقَال: قد فَعُل وفَطُن، أَي: صَار فَطِناً إلاّ الْقَلِيل.
قَالَ: وفطّنْتُه لهَذَا الْأَمر تفطِيناً.
وَقَالَ اللحياني: رجلٌ فَطِن وفَطُن وفَطُون وفَطونة وفَطين.
قَالَ: وَيُقَال: فَطِنْتُ لَهُ وَبِه وَإِلَيْهِ فِطْنَةً وفَطانةً وفِطانة؛ وَيُقَال: لَيْسَ لَهُ فُطْنٌ، أَي: فِطْنَة.
نطف: أَبُو زيد: النَّطْفُ: الرّجُل المُريب.
سَلمَة عَن الْفراء: النَّطْف والوَحْرُ: العَيْب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: مرَّ بِنَا قومٌ نَطِفون وَحِرُون نجسون كفّار.
اللَّيْث: النّطْفُ: التَّلَطُّخ بالعَيب، وَقَالَ الْكُمَيْت:
فدع مَا لَيْسَ مِنْك ولسْتَ مِنْهُ
هما رِدْفَين من نَطَف قريبُ
قَالَ: (ردفين) على أَنَّهُمَا اجْتمعَا عَلَيْهِ مترادفين فنصَبهما على الْحَال. وَفُلَان يُنطف بِسوء أَي يلطخ. وَفُلَان يُنْطف بفجور، أَي: يُقذف بِهِ.
قَالَ: والنَّطْف: عَقْرُ الجُرح، يُقَال: أنطَف الْجرْح.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: البَعِيرُ: النَّطْفُ: الَّذِي قد أشرفَتْ دَبَرتُه على الجَوْف، يُقَال: نَطف نَطفاً، وَكَذَلِكَ الَّذِي أشرفت شَجّته على الدِّمَاغ.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: النَّطَفُ: الفُرْطة، الْوَاحِدَة نَطفة.
وَقَالَ اللَّيْث: النُّطف: اللُّؤْلُؤ، الْوَاحِدَة نَطفة، وَهِي الصافية اللّون.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: يُقَال للواحدة نُطفة وَجَمعهَا نطف، شُبّهت بقطرة المَاء. ووَصِيفة مُنَطَّفة، أَي: مُقَرَّطة بتُومَتَى قُرْط. وَلَيْلَة نطوف: تمطر حَتَّى الصَّباح.
وَقَالَ العجاج:
كأنّ ذَا فَدّامةٍ مُنطَفَّا
وَقَالَ الْأَعْشَى:
يَسْعى بهَا ذُو زجاجات لَهُ نُطَفٌ
مُقلَّص أسفلَ السِّربال مُعْتَمِل
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: يُقَال فِي القِربة نُطفةٌ من مَاء مثلُ الجُرْعة. قَالَ: وَلَا فعل للنُّطفة.

(13/246)


قلت: وَالْعرب تَقول للمويهة القليلة: نُطفة، وللماء الْكثير نُطفة. وَرَأَيْت أعرابيّاً شَرب من رَكِيّة يُقَال لَهَا: شَفِيّة، وَكَانَت غزيرةَ المَاء فَقَالَ: وَالله إِنَّهَا لنطفة بَارِدَة.
وَقَالَ ذُو الرُّمة فَجعل الْخمر نُطفةً:
تَقطع ماءِ المُزْن فِي نُطفِ الخمرِ
وسَمّى الله جلّ وعزّ المَنِيَّ نُطْفَة فَقَالَ: {سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِىٍّ} (الْقِيَامَة: 37) .
وَرُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا يزالُ الْإِسْلَام يزِيد وأهلُه حتّى يسيرَ الرَّاكِب بَين النُّطفتيْن لَا يخْشَى إِلَّا جوراً) .
أَرَادَ بالنطفتين: بحرَ المَشْرِق وبحرَ الْمغرب؛ فأمّا بَحر الْمشرق فَإِنَّهُ يَنْقَطِع عِنْد نواحي الْبَصْرَة، وَأما بَحر الْمغرب فمنقطعه عِنْد القُلْزم.
وَقَالَ بَعضهم: أَرَادَ بالنطفتين ماءَ الفُرات وَمَاء الْبَحْر الَّذِي يَلِي جُدّة وَمَا والاها؛ فَكَأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ أَن الرجل يسير فِي أَرض الْعَرَب بَين مَاء الْفُرَات وَمَاء الْبَحْر لَا يخَاف فِي طَرِيقه غير الضلال والجَوْر عَن الطَّرِيق.
وَقَالَ أَبُو زيد: نَطف فلَان يَنطف نَطفاً: إِذا بَشِم. والنّطفُ: القَطز، يُقَال: نَطف الماءُ يَنْطفُ نَطفاً ونَطفاناً: إِذا قَطر، وَمن هَذَا قيل للقُبَيْط ناطف؛ لِأَنَّهُ يَنْطف قبل استضرابه، أَي: يَقطر قبل خُثورته، وَجعل الجَعْدِيُّ الْخمر ناطفاً فَقَالَ:
وَبَات فريق ينضحُون كَأَنَّمَا
سُقُوا ناطفاً من أذرِعاتٍ مُفَلْفَلاَ
وَفِي الحَدِيث: قَطَعنا إِلَيْهِم النُّطفة، أَي: الْبَحْر وماه.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّنطُّف: التعَزُّز.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَرَّ بِنَا قومٌ نَطِفون نَضِفُون صقارون، أَي: نجسون كفار.
ط ن ب
طُنب طبن نطب نبط بطن بنط: مستعملات.
بنط: أما بنط فَهُوَ مهمل، فَإِذا فُصل بَين الْبَاء وَالنُّون بياءٍ كَانَ مُسْتَعْملا، يَقُول أهلُ اليَمن للنساج: البِيَنطُ، وعَلى وَزنه البِيَطْر، وَقد مرَّ تَفْسِيره.
طُنب: قَالَ اللَّيْث: الطُّنْبُ: حَبلُ الخِباء والسُّرادق وَنَحْوهمَا. وأطنابُ الشّجر: عروقٌ تتَشعّب من أُرومتها. وأطنابُ الْجَسَد: عَصب تصل المفاصل وَالْعِظَام وتشدّها.
وَقَالَ شمر: يُقَال: هُوَ جارِي مطانِبِي، أَي: طُنْبُ بَيته إِلَى طُنْب بَيْتِي.
أَبُو عُبيد عَن أبي زِيَاد والكلابيّ: الأواخِيُّ: الْأَطْنَاب، واحدتها أَخِيّة. والأطنابُ: الْمُبَالغَة فِي مدح أَو ذَمِّ، والإكثار فِيهِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الإطنابةُ: السَّيرُ الَّذِي على رَأس الوَتَر من القَوس.

(13/247)


وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ سَير يُوصل بِوتْر القَوس العربيّة، ثمَّ يُدار على كُظْرها. وقَوْسٌ مُطَنَّبةٌ.
وَقَالَ النَّمِر بن تَوْلب:
كأنّ امْرأ فِي النَّاس كنتَ ابنَ أُمَّه
على فَلَجٍ من بطن دَجلة مُطْنِبِ
على فَلج، أَي: على نَهْر مُطْنِب: بعيد الذّهاب، يَعْنِي هَذَا النَّهر، وَمِنْه: أطنب فِي كَلَامه: إِذا أبعد، يَقُول: من كنت أَخَاهُ فَإِنَّمَا هُوَ على بَحر من البحور من الخصب والسَّعة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المُطْنِبُ: المدّاحُ لكل أحد. والمِطْنَبُ: المِصفاة.
وَقَالَ غَيره: الإطنابةُ: سَيرُ الحِزام الْمَعْقُود إِلَى الإبزيم، وَجمعه الأطانيب.
وَقَالَ سَلامَة:
حَتَّى استغثن بِمَاء الْملح ضاحِيَةً
يرْكُضْنَ قد قَلِقَتْ عَقدُ الأطانيبِ
وَقيل: عقدُ الأطانيب: الألبابُ والحُزُم إِذا استرخت، وحيلٌ أطانيبُ: يتبَعُ بعضُها بَعْضًا، وَمِنْه قَول الفَرَزدق:
وَقد رأى مُصْعَبٌ فِي ساطعٍ سَبِطٍ
مِنْهَا سوابقُ غاراتٍ أطانيبِ
يُقَال: رَأَيْت إطْنابةً من خيل وطير. وفرسٌ أطنبُ: إِذا كَانَ طويلَ القَرَى، وَهُوَ عيب، وَمِنْه قَول النَّابِغَة:
لقد لَحِقْتُ بأولَى الْخَيل يَحْمِلُني
كبْداءُ لَا شَنَجٌ فِيهَا وَلَا طَنَبُ
وجيشٌ مِطْنَابٌ: بعيدُ مَا بَين الطَّرَفين، لَا يكَاد يَنْقَطِع، قَالَ الطَّرِمّاح:
عَمِّي الَّذِي صَبَح الحَلائبَ غُدْوَةً
من نَهْرَوان بجَحْفَل مِطْنابِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَّطنيبُ: أَن تُعلِّق السقاءَ من عَمُود الْبَيْت ثمَّ تَمخَضه. والمَطْنَبُ: حبلُ العاتق، وَجمعه مَطانِب.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وَإِذ هِيَ سَوداءُ مثلُ الفَحيم
تُغَشِّي المَطانِبَ والمَنْكَبا
وَيُقَال للشمس إِذا تَقَضَّبَتْ عِنْد طُلُوعهَا: لَهَا أطناب، وَهِي أشعَّةٌ تمتدّ كَأَنَّهَا القُضُب.
وَفِي حَدِيث عمر: أَن الأشْعث تزوّج امْرَأَة على حكمهَا، فردّها إِلَى أطناب بَيتهَا، يَعْنِي ردّها إِلَى مهر مثلهَا من نسائِها.
والأطناب: الطوَال من حِبَال الأخْبية، والأُصُرُ: القِصارُ، واحدُها إصار.
وَقَالَ أَبُو زيد: الأطنابُ: مَا شَدُّوا بِهِ الْبَيْت من الحبال بَين الأَرْض والطرائق. والأصر إِلَى الْكسر.
طبن: قَالَ اللَّيْث: طَبِنَ فلانٌ لفُلَان يَطْبَن طَبانةً وطَبَناً: إِذا فَطِنَ لَهُ فَهُوَ طَبِن.
شمر: قَالَ أَبُو زيد: طَبِنتُ بِهِ أطبَنُ طَبَناً،

(13/248)


وطَبَنتُ أَطْبَن طبانةً، وَهُوَ الخَدْع.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الطَّبانة والتَّبانة واحدٌ، وهما شدَّة الفِطْنة.
وَقَالَ اللحياني: هِيَ الطّبانة والطبانية، والتّبانة والتَّبانية، واللّقانة واللَّقانية، واللَّحانةُ واللَّحانية، معنى هَذِه الْحُرُوف وَاحِد. ورجلٌ طَبِنٌ تَبِنٌ لَقِنٌ لَحِنٌ.
وَفِي الحَدِيث: أَن حبشيّاً زُوِّج روميّةً فطَبِنَ لَهَا غُلَام رومي فَجَاءَت بِولد كَأَنَّهُ وزغة.
قَالَ شمر: طبن لَهَا غُلَام، أَي: خيّبها وخَدَعها، وَأنْشد:
فَقلت لَهَا بل أَنْت حَنّةُ حَوقَلٍ
جَرَى بالفِرَى بيني وبينكِ طابِنُ
أَي: رفيقٌ بذلك، داهٍ خِبٌّ عَالم بِهِ.
أَبُو عُبيد: مَا أَدْرِي أيُّ الطبن هُوَ، كَقَوْلِك: مَا أَدْرِي أَي النَّاس هُوَ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الطبَن لعبة يُقَال لَهَا السُّدَّر، وَأنْشد:
يَبتْنَ يلعَبْنَ حوَالَي الطَّبَنْ
وَقَالَ اللَّيْث: الطّبنُ: خطّةٌ يخطها الصّبيان يَلْعَبُونَ بهَا مستديرةٌ يسمونها الرحا. وَيُقَال: الطِّبْر، وَأنْشد:
من ذكر أطلالٍ ورَسْمٍ ضاحِي
كالطِّبن فِي مختلَفِ الرِّياح
وَرَوَاهُ بَعضهم كالطَّبْل.
اللحياني: اطمأنّ قلبُه، واطبأنَّ، وطامَن لَهُ ظَهره، وطابنه، وَهِي الطُّمأنينة والطُبَأنينة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الطُّنْبَةُ: صوتُ الطُّنبور، وَيُقَال للطنبور: طُبْنٌ.
وَأنْشد:
فإنّك منّا بيْن خيلٍ مُغيرةٍ
وخَصم كعُورِ الطُّبْن لَا يَتَغَيّبُ
نطب: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّطَابُ: حبلُ العاتِق، وَأنْشد:
نَحن ضَربناه على نِطابه
قُلْنَا بِهِ قُلْنا بِهِ قُلْنَا بِهِ
قُلْنَا بِهِ، أَي: قَتَلْنَاهُ، قَالَ: والمِنْطَبَةُ والمِنْطَبُ: المِصْفاةُ، وخُرُوق المِصفاة تُدْعَى النَّواطب، وَأنْشد:
ذِي نَواطِبَ وابتزالِ
عَمْرو عَن أَبِيه: النَّطْبُ: نَقْرُ الأُذن؛ يُقَال: أنْطب أُذنَه، وأنقر، وبَلّط أُذُنه بِمَعْنى وَاحِد.
نبط: قَالَ اللّيث: النَّبَطُ: المَاء الَّذِي يَنْبُطُ من قَعر الْبِئْر إِذا حُفرت؛ وَقد نَبَط مَاؤُهَا يَنْبِط نَبْطاً ونُبوطاً وأنبطنا المَاء، أَي: استنبطناه وانتهينا إِلَيْهِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ مَا يتحلّب من الْجَبَل كَأَنَّهُ عَرَقٌ يخرج من أَعْرَاض الصخر؛ يُقَال لذَلِك المَاء: النَّبَط.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: حَفَر فأثلجَ إِذا بلغ الطين، فَإِذا بلغ المَاء قيل: أنبط،

(13/249)


فَإِذا كَثُر الماءُ قيل: أماهَ وأمْهَى، فَإِذا بلغ الرّملَ قيل: أسْهب.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للرجل: إِذا كَانَ يَعِدُ وَلَا يُنْجِزُ: فلانٌ قريبُ الثّرَى، بعيدُ النَّبَط.
وَقَالَ غَيره: يُقَال فلانٌ لَا يُنالُ نَبَطُه، إِذا وُصف بالعِزّ والمَنَعة حَتَّى لَا يجد عدوّه سَبِيلا إِلَى أَن يَتهَضّمه فِيمَا تَحت يَده، وَقَالَ الشَّاعِر:
قريبٌ ثَراه مَا ينالُ عَدُوُّه
لَهُ نَبَطاً آبِي الهَوانِ قَطُوبُ
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد فِي شيات المعزى قَالَ: النَّبطاءُ: البيضاءُ الجنبيْن. وَقَالَ أَبُو عُبيدة: إِذا كَانَ الْفرس أبيضَ الْبَطن فَهُوَ أنبط، وَقَالَ ذُو الرُّمة يَصِف الصُّبْح:
كمِثل الحِصان الأنْبطِ البَطْن قَائِما
تمايل عَنهُ الجُلُّ فاللّوْنُ أشقرُ
وَقَالَ اللَّيْث: النَّبَطُ والنُّبْطةُ: بياضٌ تَحت إبط الْفرس، ورُبّما عَرُض حَتَّى يَغْشَى الْبَطن والصدر. قَالَ: وشاةٌ نَبطاءُ: مُوَشّحةٌ، أَو نَبطاء مُحْوَرّة، فَإِذا كَانَت بَيْضَاء فَهِيَ نَبطاء بسوادٍ، وَإِن كَانَت سَوْدَاء فَهِيَ نَبطاء ببياض. قَالَ: والنَّبَطُ والنَّبِيطُ كالحَبَش والحَبِيش فِي التَّقْدِير. قَالَ: والنِّسبة نَبَطِيّ، وَهُوَ اسْم جِيل ينزلون السَّواد، والجميع الأنباط. قَالُوا: وعِلَلُ الأنْباط: هُوَ الكامان المُذاب يُجعل لَزوقاً للجرح.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال رجل نُبَاطِي وبِنَاطي، وَلَا تقل بَنَطِيّ.
وَقَالَ غَيره: تَنَبّط فلَان: إِذا انْتَمَى إِلَى النبط. واسْتنبط الْفَقِيه: إِذا استخرج الفِقَه الباطنَ بِاجْتِهَادِهِ وفَهْمِه. وَقَالَ الله تَعَالَى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (النِّسَاء: 83) ، وَقَالَ الزَّجاج: معنى يستنبطونه فِي اللُّغَة: يستخرجونه، وَأَصله من النَّبَط، وَهُوَ المَاء الَّذِي يخرج من الْبِئْر أوّلَ مَا تُحفر، يُقَال من ذَلِك: أنبط فِي غَضْراء، أَي: استنبط المَاء من طين حُرّ قَالَ: والنَّبَطُ إِنَّمَا سُمُّوا نَبطاً لاستنباطهم مَا يخرج من الْأَرْضين. ووعْسَاءُ النُّبيط وَيُقَال: النُّمَيْط رَمْلةٌ مَعْرُوفَة بالدَّهْناء.
بطن: البَطْنُ: بَطْنُ الْإِنْسَان مَعْرُوف، وَهِي ثَلَاثَة أبْطُن إِلَى الْعشْر، وبطونٌ كَثِيرَة لما فَوق الْعشْر، وتصغيرُ البَطْن: بُطيْن.
والبُطَيْنُ: نجمٌ من منَازِل الْقَمَر بَين الشَرطَيْن والثُّرَيا وأكثرُ مَا جَاءَ مصغّراً عَن الْعَرَب وَهُوَ بطن بُرج الحَمَلُ والشرطَان قرناه.
أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: بَطَن فلَان بفلان يبْطُن بِهِ بُطوناً: إِذا كَانَ خَاصّا بِهِ، دَاخِلا فِي أمره. وَيُقَال: إِن فلَانا لذُو بِطانة بفلان، أَي: ذُو علم بداخلة أمره. وَيُقَال: أَنْت أبْطنتَ فلَانا دوني، أَي جعلتَه أخَصَّ بك مني، وَهُوَ مُبْطَن: إِذا أدخلهُ فِي أمره وخُصّ بِهِ دون غَيره، وَصَارَ من أهل دَخْلَتِه وَقَالَ الله جلّ وعزّ:

(13/250)


{ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ} (آل عمرَان: 118) .
قَالَ الزّجاج: البِطَانةُ: الدُّخلاء الَّذين يُنبسط إِلَيْهِم ويُستبطنون، يُقَال: فلَان بِطانةٌ لفُلَان، أَي: مُداخِلٌ لَهُ مؤانس. وَالْمعْنَى: أَن الْمُؤمنِينَ نهُوا أَن يَتّخذوا الْمُنَافِقين خاصّتهم، ويُفضوا إِلَيْهِم بأسرارهم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: أبطن فلَان السّيفَ كَشّه: إِذا جعله تَحت خَصْره. وَيُقَال: بطّن فلَان ثَوْبه تَبْطيناً وَهِي البِطَانة والظِّهارة، قَالَ الله تَعَالَى: {فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ} (الرَّحْمَن: 54) .
قَالَ الْفراء فِي قَوْله: {تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا} (الرَّحْمَن: 54) قد تكون البِطانة ظِهارة، والظِّهارة بطانة، وَذَلِكَ أَن كل وَاحِد فِيهَا قد يكون وَجها. وَقد تَقول الْعَرَب: هَذَا ظَهْرُ السَّمَاء لظاهرها الَّذِي ترَاهُ.
وَقَالَ غير الْفراء: البِطَانةُ: مَا بَطَن من الثَّوْب وَكَانَ من شَأْن النَّاس إخفاؤه. والظِّهارةُ: مَا ظهر وَكَانَ من شَأْن النَّاس إبداؤه وَإِنَّمَا يجوز مَا قَالَه الْفراء فِي ذِي الْوَجْهَيْنِ المتساويين، إِذْ وَلى كلّ وَاحِد مِنْهُمَا قوما لحائط يَلِي أحدُ صَفْحيه قوما، والصَّفْحُ الآخَرُ قوما آخَرين، فكلُّ وَجه من الْحَائِط ظهرٌ لمن يَليه، وكلُّ واحدٍ من الْوَجْهَيْنِ ظَهْرٌ وبَطْنٌ، وَكَذَلِكَ وَجْها الْجَبَل وَمَا شاكله. فَأَما الثّوبُ فَلَا يجوز أَن تكون بِطانتهُ ظهارة، وظهارتهُ بِطانة، وَيجوز أَن يُجعل مَا يلينا من وَجه السَّمَاء وَالْكَوَاكِب ظهرا وبَطناً، وَكَذَلِكَ مَا يَلينا من سُقوفِ الْبَيْت.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: ضَرب فلَان البعيرَ فبَطَن لَهُ: إِذا ضربه تَحت البَطْن، وَأنْشد:
إِذا ضَربت مُوقَراً فابْطُنْ لَهُ
تَحت قُصَيْرَاه ودونَ الجُلّهْ
وَيُقَال: بطَنَه الدَّاء، وَهُوَ يَبْطُنه: إِذا دَخله بُطوناً. والبَطْنُ من الأَرْض: الغامض الدَّاخِل، والجميع البُطْنان. وَيُقَال: شأوٌ بَطين، أَي: بعيد.
وَأنْشد:
وبَصْبَص بَين أدَاني الغَضَى
وَبَين عُنَيزةَ شَأْواً بَطينَا
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: بُطَانُ الريش: مَا كَانَ تَحت العَسِيب، وظُهْرانُه: مَا كَانَ فَوق العَسِيب.
وَيُقَال: رَأَسَ سَهْمه بظُهران. وَلم يَرِشْه ببُطْنان، لِأَن ظُهرانَ الرِّيش أَوْفَى وَأتم، وبطنانُ الريش قصارٌ، وَوَاحِد البُطْنان بطن، وَوَاحِد الظُّهران ظهر. والعَسِيبُ: قضيبُ الريش فِي وَسَطه.
وَقَالَ غَيره عَن الْأَصْمَعِي: بَطِنَ الرجلُ يَبْطَن بطَناً وبِطْنةً: إِذا عَظُم بطنهُ.
وَقَالَ القُلاخ:
وَلم تَضَع أولادَها من البَطَنْ
وَلم تُصِبه نَعْسَةٌ على غَدَنْ

(13/251)


وَيُقَال: ثَقُلت عَلَيْهِ البِطْنة: وَهِي الكِظة.
وَيُقَال: لَيْسَ للبِطْنة خيرٌ من خَمصة تتبعها، أَرَادَ بالخَمصة: الجوْعة.
وَيُقَال: مَاتَ فلَان بالبَطَن. وأتى فلَان الوادِيَ فتبطّنه، أَي: دخل بطنَه. والبِطَانُ: الحِزامُ الَّذِي يَلِي البَطْن.
وَيُقَال للَّذي لَا يزَال ضَخم البَطْن: مِبطان، فَإِذا قَالُوا: رجلٌ مُبطَّنٌ فَمَعْنَاه أَنه خميص البَطن.
قَالَ مُتَمّم بن نُويْرة:
فَتى غيرَ مِبطان العشيات أرْوَعا
الحرانيُّ عَن ابْن السكِّيت: رجلٌ مُبَطَّن: خميصُ الْبَطن. وَامْرَأَة مُبَطَّنة.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
رَخِيماتُ الكلامِ مُبَطّناتٌ
جواعل فِي البُرى قَصَبا خِدالا
ورجلٌ بَطين: عَظِيم الْبَطن. ورجلٌ مبطونٌ: يشتكي بطنَه.
وَفِي الحَدِيث: (المبطون شهيدٌ) : إِذا مَاتَ بالبطن. ورجلٌ بَطن: لَا يهمه إِلَّا بَطنُه. وَرجل مِبطانٌ: إِذا كَانَ لَا يزَال ضخم الْبَطن من كَثْرَة الْأكل.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب الَّتِي تُضرب لِلْأَمْرِ إِذا اشْتَدَّ: التَقَتْ حَلْقتا البِطان. وَمن صِفَات الله جلّ وعزّ: (الظَّاهِر وَالْبَاطِن) تَأْوِيلهَا:
مَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تمجيد الرّب: (اللهُم أَنْت الظّاهرُ فَلَيْسَ فَوْقك شَيْء، وَأَنت الباطنُ فَلَيْسَ دُونَك شَيْء) .
وَقيل مَعْنَاهُ: أَنه علم السرائر والخفيات، كَمَا علم كلَّ مَا هُوَ ظَاهر لِلْخلقِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الباطِنةُ من البَصرة والكوفة: مجتمَع الدُّور والأسواق فِي قصبتها. والضاحيةُ: مَا تنَحَّى عَن المساكن وَكَانَ بارزاً.
وَيُقَال: بَطْنُ الرَّاحَة، وظَهر الْكَفّ. وَيُقَال: باطنُ الْإِبِط، وَلَا يُقَال بطنُ الْإِبِط. وباطنُ الْخُف: الَّذِي يَلِيهِ الرِّجْل. والنِّعمةُ الباطنةُ: الَّتي قد خَصّت. والظاهرةُ: الَّتِي قد عَمّت.
والبِطْنةُ: امتلاءُ البَطْن وَهِي الأَشَر من كَثْرَة المَال أَيْضا.
ورُويَ عَن إِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ أَنه كَانَ يُبَطِّن لحيته وَيَأْخُذ من جوانبها.
قَالَ شمر: معنى يُبَطن لحيته، أَي: يَأْخُذ من تَحت الحنك والذّقَن الشعرَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: بُطْنانُ الأَرْض: مَا تَواطَأ فِي بطُون الأَرْض سهلِها وحَزْنِها ورياضِها، وَهِي قَرَار المَاء ومُستنْقعُه، وَهُوَ البواطن والبطون.
يُقَال: أَخذ فلانٌ بَاطِنا من الأَرْض، وَهِي: أَبْطَأَ جُفوفاً من غَيرهَا. ورجلٌ بِطين الكُرْز: إِذا كَانَ يخبأ زَاده فِي السّفر وَيَأْكُل زَاد صَاحبه.
وَقَالَ رُؤبة يَذمّ رجلا:
أَو كُرّزُ يمْشي بَطينَ الكرَّزْ
وَيُقَال: ألْقت الْمَرْأَة ذَا بَطنِها، أَي:

(13/252)


وَلدت. وألْقت الدَّجاجةُ ذَا بَطنِها: إِذا باضت.
وَقَالَ اللَّيْث: لحافٌ مَبْطون ومُبَطن. وَيُقَال: أَنْت أبْطَنُ بِهَذَا الْأَمر، أَي: أخْبرُ بباطنه. وتبطنْتُ الْأَمر، أَي: عَلِمت باطنَه. وتبطنْتُ الواديَ، أَي: دَخلْت بطنَه وجولْتُ فِيهِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: البِطَانُ للقَتَب خاصّةً، وجمعُه أبطنة والحِزامُ للسّرج.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد وَالْكسَائِيّ: أبطنتُ الْبَعِير: إِذا شَددت بِطانه.
وَقَالَ ذُو الرمة فِي بَيت لَهُ:
أوْ مُقحمٌ أضعفَ الإبطانَ خَادجُه
بالأمْس فاستأخر العِدْلان والقَتَبُ
شبّه الظليم بِحمْل أدعج أَضْعَف حَادجُه شَدَّ بطانه عَلَيْهِ فاسترخى، فشبّه استرخاء عِكْمَيه عَلَيْهِ باسترخاء جناحيِ الظليم.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: بَطَنت البعيرَ أبطنه: شَددتَ بِطانة.
قلت: وَقد أنكر أَبُو الْهَيْثَم هَذَا الْحَرْف على الْأَصْمَعِي: بَطَنت وَقَالَ: لَا يجوز إِلَّا أبطنت؛ وَاحْتج بِبَيْت ذِي الرُّمة، قلت: وبَطَنت لغةٌ أَيْضا.
ابْن شُميل: يُقَال: بُطِن حَملُ البعيرِ وواضَعَه حَتَّى يَتضع، أَي: حَتَّى يسترخي على بَطْنه ويتمكن الحملُ مِنْهُ. وَيُقَال: تبطّن الرجل جاريتَه: إِذا بَاشَرَهَا ولَمَسها.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وَلم أتبطن كاعباً ذاتَ خَلْخال
وَقَالَ شمر: تبطنها: إِذا بَاشر بطنُه بطنَها فِي قَوْله:
إِذا أَخُو لذّة الدُّنْيَا تبطنها
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فِي بَاطِن وظيفَي الْفرس أَبطَنان، وهما عِرقان استبطنا الذِّرَاع حَتَّى انغمسا فِي عَصَب الوَظيف.
وَيُقَال: استبطن الفَحْلُ الشَّوْلَ: إِذا ضربهَا كلَّها فلُقحت، كَأَنَّهُ أودع نُطفَته بطونها.
وَمِنْه قَول الْكُمَيْت:
وخَبَّ السَّفا واستبطنَ الفَحْلُ والتَقَتْ
بأمْعَزها بُقْعُ الجنادبِ تَرْتَكلْ
ط ن م
طمن طنم نمط نطم: مستعملة.
أمَّا نطم وطنم فَإِن اللَّيْث أهملهما.
(نطم) : وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: النطْمةُ: النّقْرة من الدِّيل وَغَيره، وَهِي النطْبَة بِالْبَاء أَيْضا.
(طنم) : وَأما الطَنمة: فصوت العُود المُطرِب.
طمن: قَالَ اللَّيث: اطْمَأَن قلبه: إِذا سكَن. واطمأنت نفسُه.
وَقيل فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {أَحَدٌ ياأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} (الْفجْر: 27) ، هِيَ الَّتِي قد اطمأنت بِالْإِيمَان وأخبتت لربّها.
وَقَوله تَعَالَى: {وَلَاكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى} (الْبَقَرَة: 260) ، أَي: ليسكن إِلَى المعاينة

(13/253)


بعد الْإِيمَان بِالْغَيْبِ. والاسمُ: الطُّمأنينة.
وَيُقَال: طامن ظَهره: إِذا حناه، بِغَيْر همز؛ لِأَن الْهمزَة الَّتِي حلت فِي اطْمَأَن إِنَّمَا حلَّت فِيهَا حِذارَ الْجمع بَين الساكنين.
وَمِنْهُم من يَقُول: طأمن، بِالْهَمْزَةِ الَّتِي لَزِمت اطْمَأَن.
نمط: رُوِيَ عَن عليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: خيرُ هَذِه الْأمة النَّمطُ الأوْسط، يَلحق بهم التّالي ويَرجع إِلَيْهِم الغالي.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي النَّمط: هُوَ الطَّرِيقَة. يُقَال: الزم هَذَا النَّمط.
قَالَ: والنمط أَيْضا: الضَّرب من الضُّروب والنَّوْعُ من الْأَنْوَاع.
يُقَال: لَيْسَ هَذَا من ذَلِك النمط، أَي: من ذَاك النَّوْع.
يُقَال هَذَا فِي الْمَتَاع وَالْعلم وَغير ذَلِك. وَالْمعْنَى الَّذِي أرادَه عليُّ أَنه كَرِه الغُلُو والتَّقصير كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيث الأُخر.
قلت: والنمط عِنْد الْعَرَب والزَّوْج: ضروبُ الثّياب المُصَبَّغة، وَلَا يكادون يَقُولُونَ: نمط وَلَا زَوْجٌ إِلَّا لما كَانَ ذَا لوْنٍ من حُمرة أَو خُضرة أَو صُفرة، فَأَما البياضُ فَلَا يُقَال لَهُ نمط، ويُجمع أنماطاً.
وَقَالَ اللَّيْث: النمط: طِهارةُ الْفراش. ووَعْسَاءُ النُّميط والنُّبيط معروفةٌ، تُنبِت ضُروباً من النَّبَات.
ذكرهَا ذُو الرُّمة فَقَالَ:
فأضْحتْ بوَعْساء النَميط كَأَنَّهَا
ذُرَا الأَثل من وَادي القُرَى ونخيلُها
ط ف ب: مهمل.
ط ف م
اسْتعْمل من وجوهه: فطم.
فطم: قَالَ اللَّيْث: فطَمْتُ الصّبيَّ، وفطمتْه أمُّه تَفْطِمه: إِذا فصلته عَن رَضاعها. وغلامٌ فَطِيم ومفْطُوم. وفَطَمت فلَانا عَن عَادَته.
وَقَالَ غَيره: أصل الفَطْم القطعُ وفَطْمُ الصّبيّ فَصله عَن ثَدْي أمّه ورَضاعِها، وتُسَمَّى الْمَرْأَة فَاطِمَة وفطَام وفطيمة.
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعليّ فِي بُرد سِيَرَاء: (اقطعه خُمُراً واقسمه بَين الفواطم) .
قَالَ القُتيبي: إحداهنّ فَاطِمَة بنتُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالثَّانيَِة فَاطِمَة بنتُ أَسد ابْن هَاشم، أمُّ عَليّ بن أبي طَالب، وَكَانَت أسلمت، وَهِي أول هاشمية وَلدت لهاشمي.
قَالَ: وَلَا أعرف الثَّالِثَة.
قلت: وَالثَّالِثَة فَاطِمَة بنت عتبَة بن ربيعَة، وَكَانَت هَاجَرت وبايعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَمن الفواطم: فَاطِمَة بنتُ حَمْزَة بن عبد الْمطلب سيد الشُّهَدَاء، رَضِي الله عَنهُ، ولعلها الثَّالِثَة، لِأَنَّهَا من أهل الْبَيْت عَلَيْهِم السَّلَام.

(13/254)


(بَاب الطَّاء وَالْبَاء مَعَ الْمِيم)
ط ب م
بطم: اللَّيْث: البُطُم: شجرُ الْحبَّة الخضْراء، والواحدة بُطْمة، وَيُقَال بِالتَّشْدِيدِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البُطم والضَّرْو: حَبةُ الخضراء.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: البُطَّم مُثقل: الْحبَّة الخضراء.