تهذيب اللغة

(أَبْوَاب) الدَّال والثاء)
(فِي الثلاثي الصَّحِيح)
(د ث ر)
دثر، ثرد، رثد: مستعملة.
دثر: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (ذهب أهل الدُّثور بِالْأُجُورِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: وَاحِد الدُّثُور دَثْر؛ وَهُوَ المالُ الْكثير، يُقال: هم أهل دثر ودُثور.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: هم أهل دثر؛ وَمَال دثر، وَمَال دَبْر أَيْضا بِمَعْنَاهُ.
ورُوِيَ عَن الْحسن أَنه قَالَ: حادثوا هَذِه الْقُلُوب بِذكر الله فَإِنَّهَا سريعة الدُّثُور.
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله سريعةُ الدُّثُور، يَعْنِي دُروسَ ذِكرِ الله، يُقال للمنزل إِذا عَفا ودرس: قد دَثَر دُثوراً.
قَالَ ذُو الرّمة:
أَشاقَتْكَ أَخْلاقُ الرُّسومِ الدواثِرِ
وَقَالَ شمر: دُثُور القُلوب امِّحاءُ الذِّكْر مِنْهَا ودُروسُها قَالَ: ودُثُورُ النُّفُوس سُرعةُ نسْيانها، ودَثَر الرجلُ إِذا عَلَتْه كَبْرةٌ واسْتِسْنانٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الدثَرُ الوَسَخُ، وَقد دَثر دثوراً إِذا اتَّسَخَ، ودَثر السَّيفُ إِذا صَدِىءَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: سيفٌ دَاثرٌ وَهُوَ البعيدُ الْعَهْد بالصقال.
قلت: وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، يدل عَلَيْهِ قَوْله: حادثوا هَذِه الْقُلُوب أَي اجلوها واغْسلوا عَنْهَا الرَّيْن والطَّبَع بِذكر الله كَمَا يُحادَثُ السيفُ إِذا صُقِل وجُلِيَ وَمِنْه قَول لَبيد:
كَمِثْلِ السَّيْفِ حُودِثَ بالصِّقالِ

(14/62)


أَي جُلِيَ وصُقِلَ، والدِّثار الثوبُ الَّذِي يُستَدْفَأ بِهِ من فَوق الشِّعار، يُقَال: تَدَثَّرَ فلَان بالدِّثار تَدَثُّراً وادِّثاراً فَهُوَ مُدَّثِّرٌ وَالْأَصْل مُتَدَثِّر فأدْغِمَتْ التاءُ فِي الدَّال وشُدِّدتْ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {} (المدثر: 1) يَعْني المُتَدَثرِّ بثيابه إِذا نَام.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: المَتَدَثِّر من الرِّجَال: المأْبُونُ، قَالَ: وَهُوَ المُتدَأَّم، والمُتَدَهَّمْ والمِثْفَر والمِثْفارُ.
ثرد: قَالَ اللَّيْث: الثَّرِيدُ: معروفٌ، قلت: أصل الثَّرْد الهَشْم، وَمِنْه قيل لما يُهْشَمُ مِن الخُبْزِ ويُبَلُّ بِمَاء القِدْر وَغَيره: ثريدٌ.
وَسُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن الذَّبِيحَة بالعُود فَقَالَ: كُلّ مَا أَفْرَى الأَوْداجَ غير مُثرِّد.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زِيَاد الْكلابِي: المُثرِّدُ الَّذِي يَقْتلُ بِغَيْر ذَكاةٍ يُقَال: تَثَرَّدتَ ذَبيحتكَ.
وَقَالَ غَيره: التَّثريدُ أَن تَذبحَ الذبيحةَ بشيءٍ لَا يُنْهِرُ الدّمَ وَلَا يُسيله، فَهَذَا المُثَرِّدُ، وَمَا أفرى الأوداجَ من حديدٍ أَو لِيطَةٍ أَو ظُرَرٍ أَو عُودٍ لَهُ حَدٌّ، فَهُوَ ذَكِيٌ غيرُ مُثَرَّدٍ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: ثَرِد الرجلُ حُمِل من المعركة مُرْتثّاً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ثوب مَثْرودٌ أَي مَغْموس فِي الصِّبْغ، وَيُقَال: أكلنَا ثَرِيدة دَسِمَة بِالْهَاءِ على معنى الِاسْم أَو الْقطعَة من الثَّرِيد.
رثد: أهمله اللَّيْث، وَقَالَ ابْن السّكيت: الرَّثْدُ مَصدرُ رَثَدْتُ المتاعَ إِذا نَضَدْتَ بعضَه فَوق بعض، وَهُوَ طَعَام مَرْثُودٌ ورَثيدٌ، ويُقال: تركتُ فلَانا مُرْتثِداً مَا تَحمَّل بعد: أَي نَاضِداً مَتَاعَه وَمِنْه اشتُق مَرْثَدٌ، وَقَالَ ثعلبةُ بنُ صُعَيْرٍ:
فَتَذَكَّرا ثَقَلاً رثيداً بَعْدَ مَا
أَلْقَتْ ذُكَاءُ يَمينَها فِي كَافِرِ
قَالَ: والرَّثَدُ متاعُ الْبَيْت المنضُود بَعْضُه فَوق بعض.
وَقَالَ غَيره: الرِّثْدَةُ واللِّثْدَةُ الجماعةُ من النَّاس الْكَثِيرَة، وهم المقيمون وسائرهم يَظْعَنُون. 5
د ث ل
دلث، لثد: (مستعملة) .
(دلث) : قَالَ اللَّيْث: الدِّلاثُ من الْإِبِل السريعُ، قَالَ كُثيِّر:
دِلاثُ العَتِيقِ مَا وَضَعت زِمامَه
مُنِيفٌ بِهِ الْهَادِي إِذا احتَثَ ذَامِلُ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ فِي الدِّلاثِ مثله، قَالَ: وَقَالَ الْفراء: الانْدِلاثُ: التَّقَدُّم. وَقَالَ الأصمعيّ: انْدَلَثَ فلَان انْدلاثاً إِذا رَكِب رَأسه فَلم يُنَهْنِهْه شيءٌ فِي قتال: وَيُقَال: هُوَ يَدْلِف ويَدْلِث دليفاً دَلِيثاً إِذا قَارب خَطْوَه مُتَقَدِّماً.

(14/63)


لثد: يُقَال: لَثَدْت القَصْعَةَ بالثَّريد مثل رَثَدْتُ إِذا جمعتَ بعضه على بَعْضٍ وسوَّيتَه، فَهُوَ لَثِيدٌ ورَثِيدٌ، واللِّثدةُ والرِّثدةُ الجماعةُ يُقِيمون وَلَا يَظْعَنون.
د ث ن
ثدن، ثند، دثن: مستعملة.
ثند: قَالَ اللَّيْث: الثُّنْدُوَةُ لحمُ الثَّدَي. وَقَالَ ابْن السّكيت: هِيَ الثَّنْدُوَةُ اللَّحْم الَّذِي حول الثدي للْمَرْأَة.
غير مَهْمُوز. قَالَ: وَمن همزها ضم أَولهَا فَقَالَ: ثندُؤة. وَقَالَ غَيره الثندوة للرجل والثَّدي للْمَرْأَة.
ثدن: يُقَال: رجل مُثَدَّنٌ إِذا كَانَ كَثِير اللَّحْم على الصَّدْر وَقد ثُدِّنَ تَثْدِيناً وَقَالَ:
رِخْوُ العِظام مُثَدَّنٌ عَبْلُ الشوَى
وَفِي حديثِ عليَ: أنهُ ذَكرَ الْخَوَارِج فَقَالَ: فيهم رَجلٌ مَثْدُون اليَدِ وَرَوَاهُ بَعضهم: مُثَدَّنُ الْيَد أَي تُشْبِهُ يدُه ثديَ المرأةِ.
دثن: قَالَ الْفراء: الدّثينَةُ والدّفِينَةُ منزلٌ لبني سُلَيم، وَقَالَ:
ونحنُ تَرَكْنا بالدّثينةِ حاضِراً
لآلِ سُلَيم هَامة غير نائمِ
وَقَالَ ابنُ دريدٍ: دَثّن الطائرُ تَدْثِيناً إِذا طَارَ وأسرع السُّقوط فِي مواضعَ مُتقارِبة.
د ث ف
أهمله اللَّيْث.
(ثفد) : وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الثفافيد سحائبُ بيضٌ بعضُها فَوق بعض، والثفافيدُ بطائِنُ كلِّ شيءٍ من الثِّيَاب وَغَيرهَا، وَقد ثَفَّدَ دِرْعَه بالحديد أَي بَطْنه.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس وَغَيره تَقول: فَثَافِيدُ.
د ث ب: أهمل.
د ث م
دمث، ثَمد، مثد، ثدم: (مستعملة) .
ثدم: أهمل اللَّيْث. ثدم: ورجلٌ فَدْمٌ ثَدْمٌ بِمَعْنى وَاحِد.
مثد: أهمله اللَّيْث. وروى عَمْرو عَن أَبِيه: الماثِد الدّيْدَبَان وَهُوَ اللابدُ والمختَبىءُ الشَّيِّفَةُ والرَّبيئة.
دمث: شمر عَن ابْن شُمَيْل: الدِّماثُ السهول من الأَرْض الْوَاحِدَة دَمِثَةٌ، كلُّ سَهْل دَمِثْ، والوادي الدَّمِث السهل. ويكونُ الدِّماث فِي الرمال وَغير الرمال، وَقَالَ غَيره: الدَّمائثُ مَا سهُل ولان وَاحِدهَا

(14/64)


دَمِيثَةٌ. وَمِنْه قيل للرجل السَّهْل الطَّلق الْكَرِيم: دَميثٌ وَامْرَأَة دَمِيثةٌ شُبِّهَتْ بِدِماثِ الأَرْض لِأَنَّهَا أكْرم الأَرْض، وَيُقَال: دمَّثْتُ لَهُ المكانَ. أَي سهَّلْتُه لَهُ، وَيُقَال: دَمِّثْ لي ذَلِك الحَدِيث حَتَّى أطعَن فِي حوْصِهِ أَي اذْكُر لي أَوَّله حَتَّى أَعرِفَ وجهِه، ومَثَلٌ للْعَرَب: دَمِّثْ لِجَنْبِكَ قَبْلَ اللَّيْلِ مُضْطَجَعاً، أَي خُذ أهْبَتَه واستَعِدَّ لَهُ وتَقَدَّمْ فِيهِ قبل وُقوعه.
ثَمد: قَالَ اللَّيْث: الثَّمْدُ الماءُ القليلُ، والإثمد ضَربٌ من الكُحْل.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الثَّمْدُ، أَن تعْمِد إِلَى مَوضعٍ يَلزمُ ماءَ السَّمَاء تجعلُه صَنَعاً، وَهُوَ الْمَكَان يجْتَمع فِيهِ المَاء وَله مَسَايلُ من الماءِ وتحفر فِيهِ من نواحيه ركايا فتملؤها من ذَلِك المَاء، فيشربُ الناسُ الماءَ الظَّاهِرَ حَتَّى يجِف إِذا أصابَهُ بَوارِحُ القَيْظ، وتَبْقَى تِلْكَ الركايا، فَهِيَ الثِّماد وَأنْشد:
لَعَمْرُك إنَّنِي وطِلابَ سَلْمَى
لَكالمُتَبَرِّض الثَّمَدَ الظَّنُونا
والظَّنُون الَّذِي لَا يُوثَق بمائه، وَيُقَال: أصبحَ فلَان مَثْموداً إِذا أُلِحَّ عَلَيْهِ فِي السُّؤَال حَتَّى فَنِيَ مَا عِنْده، وَكَذَلِكَ إِذا ثَمَدَتْه النساءُ فَلم يَبْقَ فِي صُلْبه ماءٌ.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ: الثَّمْدُ قَلْتٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ ماءُ السَّمَاء، فَيشرب بِهِ النَّاس شَهْرَيْن من الصَّيف، فَإِذا دَخل أولُ القيظ انْقَطع، فَهُوَ ثَمَدٌ وَجمعه ثِمادٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقال للرجل يَسهر لَيْلَهُ سارياً أَو عَاملا: فلانٌ يَجْعَل الليلَ إثْمِداً: أَي يسهرُ، فجعلَ سَوادَ اللَّيْل بِعَيْنَيْه كالإثْمد، لِأَنَّهُ يَسْهَر الليلَ كلّه فِي طلب الْمَعَالِي، وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
كَمِيشُ الْإِزَار يَجْعَلُ الليلَ إثْمِداً
ويَغْدُو: علينا مُشْرِقاً غيرَ وَاجِم
ثَمودُ حَيٌ من العَرب الأُوَل، يُقَال: إِنَّهُم من بقيَّة عادٍ، بعث الله إِلَيْهِم صَالحا، وَهُوَ نبيّ عَرَبيّ، واخْتَلَفَ القُراء فِي إجرائه فِي كتاب الله فَمنهمْ من صَرَفه، وَمِنْهُم من لم يَصْرِفه، فَمن صَرفَه ذهب بِهِ إِلَى الحيِّ، لِأَنَّهُ اسْم عربيّ مُذكر سُمِّي بمذكر، وَمن لم يصرفهُ ذهب بِهِ إِلَى الْقَبِيلَة وَهِي مُؤَنّثَة.
انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.

(أَبْوَاب) الدَّال وَالرَّاء)
(من الثلاثي الصَّحِيح)
د ر ل
أهملت وجوهه.
(درل) : (دِرَوْلِيَّة) وَدَرولية. اسْم بلد فِي

(14/65)


أَرض الرّوم.
د ر ن، دنر، ردن، رند، ندر، نرد: (مستعملة) .
(درن) : قَالَ اللَّيْث: الدَّرَنُ تَلَطُّخ الوَسَخ، وثوب دَرِنٌ وأدْرَنُ أَي وسخ.
قَالَ رؤبة يمدح رجلا:
إنِ امرُؤٌ دَغْمَرَ لَوْنَ الأدْرَنِ
سَلِمْتَ عِرْضاً ثَوْبُه لم يَدْكَنِ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: كلُّ حُطام شَجر أَو حَمْضٍ أَو أَحرار بَقْل، فَهُوَ الدَّرين إِذا قَدُم.
وَقَالَ اللَّيْث: اليَبيسُ الحَوْليُّ هُوَ الدَّرين. وَيُقَال: مَا فِي الأَرْض من اليَبيسِ إِلَّا الدُّرَانَةُ. قَالَ: وناس من أهل الْكُوفَة يسمون الأحمق دُرَيْنَة.
وَقَالَ اللَّيْث: دُرَّانةُ اسْم من أَسمَاء الْجَوَارِي وَهُوَ فُعْلانه. قلت: النُّون فِي درَّانة إِن كَانَت أَصْلية فَهِيَ فُعْلالَة من الدَّرَنِ، فَإِن كَانَت غير أَصْلِيَّة فَهِيَ فُعْلانَة من الدُّر أَو الدَّر، كَمَا قَالُوا: قُرَّان من القُرِّ أَو من القَرِين.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فلَان إدْرَوْنُ شَرَ وطِمِرُّ شَرَ إِذا كَانَ نِهَايَة فِي الشَّر.
وَقَالَ شمر: والإدْرَوْنُ الأصْلُ، وَقَالَ القُلاّخُ:
ومِثْلُ عَتَّابِ رَدَدْناه إلَى
إدْرَوْنِهِ ولُؤْمِ أصِّهِ على
الرَّغم مَوْطُوء الْحَصَى مُذَلَّلاَ
قَالَ: وإدْرَوْنُ الدَّابة آرِيُه. قلت: وَمن جعل الْهَمْز فِي إدْرَوْن فاءَ الْمِثَال فَهِيَ رُباعية، مثل فِرْعَون وبِرْذَوْن.
دنر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: دَنَّرَ وجهُ الرجل إِذا تَلأْلأَ وأشْرَقَ، ودينار مُدَنَّر أَي مَضروبٌ، وبِرْذَوْنٌ مُدَنَّر اللَّوْن أَشْهَبُ على مَتْنَيْهِ وعَجُزِهِ سَوَادٌ مُسْتَدِيرٌ يُخَالِطُهُ شُبْهَة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المدَنَّر من الْخَيل الَّذِي بِهِ نُكَتٌ فَوق البَرَشِ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أصل دِينَار دِنّارٌ فقلبت إِحْدَى النونين يَاء وَلذَلِك جُمع على دَنَانِير مثل قِيراط أَصله قرّاطٌ وديباج أَصله دِبّاج.
وَيُقَال: دُنِّر الرجلُ فَهُوَ مُدَنّر، إِذا كثرت دنانيره.
ردن: اللَّيْث: الرُّدْنُ مقَدَّم كمِّ الْقَمِيص.
عَمْرو عَن أَبِيه: الرُّدْن الكمّ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الرَّدَنُ الخَزّ. وَقَالَ فِي قَوْله:
كَشَقِّ القَرَارِيِّ ثَوْبَ الرَّدَنْ
قَالَ: الردَنُ الخزّ الْأَصْفَر.
وَقَالَ اللَّيْث: الأُرْدُنّ أَرض بِالشَّام.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الأُرْدُنّ النُّعاسُ

(14/66)


الغالبُ وَأنْشد:
قد أخذَتْنِي نَعْسَةٌ أُرْدُنُّ
قَالَ: وَبِه سميت الأُرْدُنُّ البَلَدُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرادِنِيُّ مِن الْإِبِل مَا جَعُدَ وَبَرُه، وَهُوَ مِنْهَا كريم جميل يَضْرِبُ إِلَى السَّواد قَلِيلا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا خالَطَ حُمْرَةَ الْبَعِير صُفْرَةٌ كالْوَرْسِ قيل: جَمَلٌ رادِنِيٌّ وناقة رَادِنيَّةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: ليلٌ مُرْدِنٌ، أَي مُظْلِمٌ. وعَرَق مَرْدونٌ قد نَمَّسَ الجَسَد كلَّه، وأمَّا قَول أبي دُوَاد الْإِيَادِي:
أَسْأَدَتْ لَيْلَة وَيَوْما فَلَمَّا
دَخَلَتْ فِي مُسَرْبَخٍ مَرْدُونِ
فَإِن بَعضهم قَالَ: أَرَادَ بالمردُون المردوم فأبدل من الْمِيم نوناً. والمسَرْبَخُ الواسعُ، وَقَالَ بَعضهم: المَرْدُومَ الْمَوْصُول.
وَقَالَ شمر: المرْدُون المنْسُوجُ. قَالَ: والرَّدَنُ الغَزْلُ أَرَادَ بقوله: فِي مُسربخٍ مَرْدون الأرضَ الَّتِي فِيهَا السَّراب. وَقيل: الرَّدَنُ الغَزْل الَّذِي لَيْسَ بِمُسْتَقِيم.
رند (نرد) : أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: الرَّنْد شَجَرٌ طَيِّبٌ من شجر الْبَادِيَة، قَالَ: وَرُبمَا سمّوا عودَ الطّيب الَّذِي يُتَبَخَّر بِهِ رَنْداً، وَأنكر أَن يكون الرّنْدُ الآس.
وروى أَبُو عَمْرو عَن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى أَنه قَالَ: الرَّنْد الآسُ عِنْد جمَاعَة أهل اللُّغَة، إِلَّا أَن عَمْرو الشَّيْبَانِيّ وَابْن الْأَعرَابِي فَإِنَّهُمَا قَالَا: الرَّندَ الْحَنوَة وَهُوَ طيب الرَّائِحَة. قلت: والرند عِنْد أهل الْبَحْرين شبه جُوالِقٍ وَاسع الْأَسْفَل مخروط الأعْلَى يُسَفُّ من خَوصِ النَّخل، ثمَّ يُخَيَّط ويُضْرب بالشُّرْطِ المفتولة من الليف حَتَّى يَتَمَتَّن فَيقوم قَائِما، ويُعَرى بِعُرًى وثيقةٍ ينْقل فِيهِ الرُّطب أيّام الْخِراف، يُحمل مِنْهُ رَنْدان على الْجمل القويّ، ورَأَيت هَجَرياً يَقُول لَهُ: النَّرْد وَكَأَنَّهُ مقلوب، وَيُقَال لَهُ: القَرْنة أَيْضا، وَأما النّرد الَّذِي يتقامر بِهِ فَلَيْسَ بعربيَ وَهُوَ مُعرب.
ندر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَدَر الشَّيْء إِذا سقَط؛ وَإِنَّمَا يُقَال ذَلِك لشيءٍ يَسْقُط من بَين شيءٍ أَو مِن جَوف شَيْء؛ وَكَذَلِكَ نوادرُ الْكَلَام يَنْدِرُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: النَّدْرَةُ الخَصْفَةُ بالعَجَلَة وَفِي الحَدِيث: أَن رجلا نَدَر فِي مجلسِ عمرَ فَأمر القومَ بالتَّطهُّر لِئَلَّا يخجل النادرُ.
وَيُقَال نَدَر الرجلُ: إِذا مَاتَ، وَقَالَ سَاعِدَة الهُذَليّ:
كِلَانَا وإنْ طالَ أيامُه سينْدُر عَن شَزَنٍ مُدْحِضِ.
سينْدُرُ: سيموت، والنَّدْرةُ الْقطعَة من

(14/67)


الذَّهَب أَو الفِضة تُوجد فِي الْمَعْدن.
وَقَالَ اللَّيْث: الأنْدِرِيّ وَيجمع الأندرين، يُقَال: هُمْ الفتيان الَّذين يَجْتَمعُونَ من مَوَاضِع شَتَّى وَأنْشد:
وَلَا تُبقي خُمَور الأنْدَرِينا
عَمْرو عَن أَبِيه: الأنْدَرِيُّ: الحبْلُ الغليظ وَقَالَ لبيد:
مُمَرٍ كَكَرِّ الأنْدَرِيِّ شَتِيم
وَقَالَ اللَّيْث: الأنْدَر: البَيْدَر شَاميَّة، وَيُقَال للرجل إِذا خَضَفَ: نَدَر بهَا، وَقيل: الأنْدرُ قَرْيَة بِالشَّام فِيهَا كروم؛ وَكَأَنَّهُ على هَذَا الْمَعْنى أَرَادَ خمور الأنْدريِّينَ خفِّفَتْ ياءٌ النِّسبة كَمَا تَقول الأشعرِين بِمَعْنى الأشعرِيِّينَ إِنَّمَا يكون ذَلِك فِي النَّدْرة بَعْد النَّدْرَة إِذا كَانَ فِي الْأَحَايِين مرّة، وَكَذَلِكَ الخطيئةُ بعد الخطيئةِ.
(د ر ف)
ر د ف، رفد، فدر، فَرد، دفر: مستعملات.
ردف: قَالَ اللَّيْث: الرِّدْفُ مَا تَبع شَيْئا فَهُوَ رِدْفُه، وَإِذا تَتابَع شيءٌ خلْفَ شَيْء فَهُوَ التَّرادُف، والجميع الرُّدافَى، وَقَالَ لبيد:
عُذَافرةٌ تَقَمَّصُ بالرُّدافَى
تَخَوَّنها نُزولي وارْتِحَالي
وَيُقَال: جَاءَ الْقَوْم رُدَافَى، أَي بَعضهم يَتْبعُ بَعْضًا.
وَيُقَال: للْحُداةِ الرُّدافَى، وَأنْشد أَبُو عبيد قَول الرَّاعِي:
وَخُودٍ من اللائي يسمِّعنَ بالضُّحَى
قَرِيضَ الرُّدافَى بِالْغنَاءِ المُهَوِّدِ
وَقيل: الرُّدافَى: الرَّديفُ؛ وَأَخبرني المنذريّ عَن ابْن فهم عَن مُحَمَّد بن سَلام عَن يُونُس فِي قَول الله تَعَالَى: {يَكُونَ رَدِفَ} .
قَالَ: قَرُب لكم.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {صَادِقِينَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ} (النَّمْل: 72) جَاءَ فِي التَّفْسِير: دَنا لكم فَكَأَن اللَّام دخلت إذْ كَانَ دنا معنى لكم.
قَالَ: وَقد تكون اللَّام دَاخِلَة، وَالْمعْنَى رَدِفَكم كَمَا تَقولُونَ نَقَدْتُ لَهَا مائَة أَي نَقَدْتها مائَة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال: رَدِفْتُ لفلانٍ أَي صرت لَهُ رِدْفاً.
قَالَ: وتزيدُ الْعَرَب اللامَ مَعَ الْفِعْل الْوَاقِع فِي الِاسْم الْمَنْصُوب فَتَقول: سمِع لَهُ، وشكر لَهُ، وَنَصَح لَهُ أَي سمِعه ونصحه وشكَره.
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} (الْأَنْفَال: 9) قَالَ: ومُردَفين فُعِل بهم ذَلِك.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: رَدِفْتُه وأَرْدَفْتُه بِمَعْنى وَاحِد.

(14/68)


أَبُو عبيد عَن أبي زيد يُقَال: رَدِفْتُ الرجلَ وأَرْدَفْته إِذا ركبتَ خَلفه وَأنْشد:
إِذا الجَوْزَاءُ أَرْدَفتِ الثُّريا
ظَنَنْتُ بآلِ فاطمةَ الظُّنونا
وَقَالَ شمر: رَدِفتُ وأَرْدفت إِذا فعلتَ بِنَفْسِك، فَإِذا فعلتَ بغيرك فأَرْدَفْتَ لَا غير.
وَقَالَ الزجّاج: يُقَال: رَدِفْتُ الرجلَ إِذا ركبتَ خَلْفه، وأَرْدَفْتُه أَركبته خَلْفي؛ وَيُقَال: هَذِه دابةٌ لَا تُرادف، وَلَا يُقَال: لَا تُردِف، وَيُقَال: أَرْدَفتُ الرجلَ إِذا جِئتَ بعده.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: نزل بهم أمرٌ قد رَدِفَ لَهُم أعظمُ مِنْهُ، قَالَ: والرِّدافُ هُوَ مَوضِع مركَبِ الرديف، وَأنْشد:
لِيَ التَّصْدِيرُ فاتْبَعْ فِي الرِّدافِ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَتَيْنا فلَانا فارْتَدَفْنَاهُ أَي أخذناه أخذا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: هَذَا البِرْذَونُ لَا يُرْدِفُ، وَلَا يُرادِفُ أَي لَا يَدَع رَديفاً يَرْكَبُه، قلت: كَلَام الْعَرَب: لَا يُرادِف، وَأما لَا يُرْدِفُ فَهُوَ مُولَّد من كَلَام أَهل الْحَضَر.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّديف كوكبٌ قريب من النَّسر الوَاقِع، والرديف فِي قَول أَصْحَاب النُّجُوم، هُوَ النَّجْم النَّاظر إِلَى النّجم الطالع، وَقَالَ رؤبة:
وراكبُ الْمِقْدَارِ والرّديفُ
أَفْنَى خُلُوفاً قَبْلها خُلوفُ
فراكب الْمِقْدَار هُوَ الطَّالع، والرَّديف هُوَ الناظِرُ إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَول جرير:
على عِلَّةٍ فِيهِنَّ رَحْلٌ مُرادِف
أَي قد أُرْدِفَ الرَّحلُ رَحْلَ بعير وقَدْ خُلِّفَ، وَقَالَ أَوْس:
أَمُونٍ ومُلْقًى للزَّميل مُرادِفِ
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّدْفُ الكفلُ، وأَرْدافُ النُّجُوم توابعها، وَقَالَ غَيره: أردافُ الْمُلُوك فِي الْجَاهِلِيَّة الَّذين يَخْلُفونهم فِي الْقيام بِأَمْر المملكة بِمَنْزِلَة الوزراء فِي الْإِسْلَام، وَهِي الرِّدافةُ، والروادِف أَتباعُ الْقَوْم المؤَخَّرون، يُقَال: هم رَوَادِف وَلَيْسوا بأردافِ، والرِّدْفانِ الليلُ والنهارُ، لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا رِدْفٌ لصَاحبه.
شمر عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ أَنه قَالَ فِي بَيت لبيد:
وشَهِدتُ أَنْجِيَة الأفاقَةِ عَالِيا
كَعْبِي وأَرْدافُ الملوكِ شُهودُ
كَانَ الملكُ يَرْدِفُ خَلْفه رجلا شريفاً، وَكَانُوا يركبون الْإِبِل، وَوَجَّه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُعَاويةَ مَعَ وَائِل بن حُجْر رَسُولا فِي حَاجَة لَهُ، ووائلٌ على نجيب لَهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَة: أرْدُفني.
فَقَالَ: لستَ من أرْدافِ الْمُلُوك.

(14/69)


قَالَ شمر: وأنشدني ابْن الْأَعرَابِي:
هُمْ أَهلُ أَلْوَاح السريرِ ويَمْنه
قَرابينَ أَرْدافاً لَهَا وشِمالها
قَالَ الْفراء: الأردافُ هَهُنَا يَتْبَع أوَّلَهم آخِرُهم فِي الشّرف يَقُول: يتبع البنونَ الآباءَ فِي الشّرف.
فَرد: أَبُو زيد عَن الكلابيّين: جئتمونا فُرَادَى وهم فُرادٌ وَأَزْوَاج نَوَّنوا، وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى} (الْأَنْعَام: 94) .
فإنَّ الْفراء قَالَ: فُرادى جمع، قَالَ: وَالْعرب تَقول: قومٌ فُرادَى وفَرادُيا هَذَا فَلَا يَجْرونها شُبِّهتْ بثلاثَ وَربَاع، قَالَ: وفُرَادَى وَاحِدهَا فَرَدٌ وفَريد وفَرِدٌ وفَرْدانُ، وَلَا يجوز فَرْد فِي هَذَا الْمَعْنى، قَالَ وأنشدني بَعضهم:
تَرَى النُّعَراتِ الزُّرْقَ تَحتَ لَبانِه
فُرادَ ومَثْنى أَضْعَفَتْها صَواهِلُه
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرْد مَا كَانَ وَحده؛ يُقَال: فَرَد يَفْرُد وأَفْرَدتُه جعلتُه وَاحِدًا، وَيُقَال: جَاءَ الْقَوْم فُرَاداً وعَدَدتُ الجوْز وَالدَّرَاهِم أَفْراداً، أَي وَاحِدًا وَاحِدًا، وَالله هُوَ الفَرْدُ قد تَفَرَّد بِالْأَمر دون خَلْقِه.
وَيُقَال: قد استَطْرَدَ فلانٌ لَهُم، فَكلما استَفْرَدَ رجلا كَرَّ عَلَيْهِ فَجدَّ لَهُ والفَرِيدُ الشَّذْرُ، الْوَاحِدَة فَرِيدة وَيُقَال لَهَا الجاوَرْسَقُ بِلِسَان الْعَجم، وبَيَّاعُهُ الفرَّادُ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ قَالَ: الفريدُ جمعُ الفريدة، وَهِي الشَّذْرُ من فِضَّة كاللّؤلؤة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الفريدةُ المَحالة الَّتِي تخرج من الصَّهْوَة الَّتِي تلِي المَعاقِم، وَقد تَنْتأُ من بعض الْخَيل، سُمِّيَتْ فريدةً لِأَنَّهَا وَقَعَتْ بَين الفَقَارِ وَبَين مَحالِ الظَّهر ومَعاقِم العَجز، والمعاقم مُلتقى أَطْرَاف العِظام.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفُرودُ كواكبُ زاهرةٌ حول الثريَّا، وَقَالَ: فَرَّد الرجلُ إِذا تفَقهَ، واعتزلَ الناسَ وخَلا بمراعاةِ الْأَمر وَالنَّهْي، وَجَاء فِي الْخَبَر: (طُوبَى للمُفَرِّدين) .
وَذكر القتيبي هَذَا الحَدِيث وَقَالَ: المفرِّدون الَّذين قد هَلكَ لداتُهم من النَّاس، وَذهب القَرْنُ الَّذين كَانُوا فِيهِ وبَقُوا، فهم يذكرُونَ الله، قلت: وَقَول ابْن الْأَعرَابِي فِي التَّفْرِيد عِنْدِي أصوب، مِن قَول القُتَيْبِي.
أَبُو زيد: فَرَدْتُ بِهَذَا الْأَمر أَفْرُدُ بِهِ فروداً إِذا تَفَرَّدتَ بِهِ، وَيُقَال: استَفْرَدتُ الشيءَ إِذا أخذتَه فَرْداً لَا ثَانيَ لَهُ وَلَا مِثلَ.
وَقَالَ الطِّرماح يذكر قِدْحاً من قِداح الميسر:
إِذا انْتَحَتْ بالشَّمَالِ بارِحَةً
جَالَ بَريحاً واسْتَفْردَتْه يَدُه

(14/70)


وَقَالَ ابْن السّكيت: استفردَ فلانٌ فلَانا أَي انْفَرَدَ بِهِ، وَقَالَ اللَّيْث: الفَارِدُ والفَرَدُ الثَّوْر.
وقَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْله:
طَاوِي المَصِيرِ كَسَيْفِ الصَّقيلِ الفَرَدِ
قَالَ: الفرَد، والفُرُد بِالْفَتْح وَالضَّم، أَي هُوَ مُنْقَطع القرين لَا مِثْلَ لَهُ فِي جَوْدَتَه.
قَالَ: وَلم أسمع بالفَرَد إِلَّا فِي هَذَا الْبَيْت، وَأما الفَرْدُ فِي صِفَات الله فَهُوَ الْوَاحِد الْأَحَد الَّذِي لَا نظيرَ لَهُ وَلَا مِثلَ وَلَا ثَانِي وَلَا شريك وَلَا وَزِير.
رفد: أَبُو زيد: رَفَدْتُ على الْبَعِير، أَرْفِد عَلَيْهِ رَفْداً، إِذا جعلتَ لَهُ رِفَادة، قلت: هِيَ مثل رِفادة السَّرج.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (تروح برِفْدٍ وتغدو برِفْدٍ) .
رُوِيَ عَن ابْن الْمُبَارك أَنه قَالَ فِي قَوْله: تروح برِفْد وتغدو برِفْد، الرِّفْد: القَدَحُ تُحْتَلبُ الناقةُ فِي قَدَح، قَالَ: وَلَيْسَ من المعونة.
قَالَ شمر: وَقَالَ المؤرِّج: هُوَ الرِّفد الْإِنَاء الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ الرِّفد، أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الرَّفد بِالْفَتْح.
وَقَالَ شمر: رِفْدٌ ورَفْدٌ للقَدَح، قَالَ والكَسْرُ أَعْرَب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الرِّفْدُ أكبرُ من العُسِّ، وَقَالَ: وناقَةٌ رَفُسودٌ رَفودٌ تدومُ على إنائها فِي شِتائها لِأَنَّهَا تُجالَحُ الشجرَ.
وَقَالَ الْكسَائي: الرَّفْد والمرْفَد الَّذِي يُحْلبُ فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّفد المعْونةُ بالعطاء، وسَقْي اللّبن، وَالْقَوْل وكُلُّ شيءٍ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الغسّاني عَن سَلمَة عَن أبي عُبَيْدَة فِي قَول الله جلّ وعزّ: {بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} (هود: 99) مجازُه مَجازُ العَوْن المعان يُقَال: رَفَدْتُه عِنْد الْأَمِير، أَي أَعَنْتُه. قَالَ: وَهُوَ مكسور الأوَّل فَإِذا فتحتَ أوَّلَه فَهُوَ الرَّفْد.
وَقَالَ الزّجاج: كل شيءٍ جعلتَه عَوْناً لِشيء وأسندتَ بِهِ شَيْئا فقد رَفَدْتَه، يُقَال: عَمَدتُ الحائطَ وأَسْنَدْتُه ورَفَدْتُه بِمَعْنى وَاحِد، قَالَ: والمِرْفَد القَدَحُ العظيمُ.
وَقَالَ اللَّيْث: رَفَدْتُ فلَانا مَرْفداً، وَقَالَ: وَمن هَذَا أُخِذَت رِفَادَةُ السَّرج من تَحْتَهُ حَتَّى يرْتَفع.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لخَشَبِ السَّقْف: الرَّوافِد.
وَقَالَ اللَّيْث: ناقةٌ رَفود تملأ مِرْفدها، وَتقول: ارْتفَدْت مَالا إِذا أَصَبْتَه من كَسْبٍ.
وَقَالَ الطرماح:

(14/71)


عَجَباً مَا عَجبْتُ مِن جامِع المَال
يباهي بِهِ ويَرْتَفِدُه
والتّرفيد نَحْوٌ من الهمْلَجَة، وَقَالَ أُمَيّةُ ابْن أبي عَائِذ الْهُذلِيّ:
وَإِن غُضَّ مِن غَرْبِها رَفّدَتْ
وسِيجاً وأَلْوَتْ بِجِلْسٍ طُوال
وَأَرَادَ بالجلْس أَصلَ ذَنبها.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الرِّفادةُ شَيْء كَانَت قُرَيْش تَتَرَافَدُ بِهِ فِي الجاهليَّة، فيُخرجُ كلُّ إنسانٍ على قدر طاقته فَيجْمَعُونَ مَالا عَظِيما أَيَّام الموسِم، ويشترون بِهِ الجُزُر والطعامَ والزبيبَ للنبيذ، فَلَا يزالون يُطعمون الناسَ حَتَّى ينقضيَ الْمَوْسِم، وَكَانَ أوَّل من قَامَ بذلك هَاشم بن عبد منَاف، وَيُسمى هاشِماً لهِشْمِهِ الثريدَ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الرافدان: دِجلةُ والفرات.
وَقَالَ الفرزدق:
بَعَثْتَ على العِراق وَرافِدَيْهِ
فَزَارِياً أَحذَّ يَدِ القَمِيصِ
أَرَادَ أَنه خَفيفُ الْيَد بالخِيانة.
وَفِي الحَدِيث: (من اقتراب السَّاعَة أَن يكون الفيءُ رِفداً) ، أَي يكون الخراجُ الَّذِي لجَماعَة أهل الفَيْء رِفداً أَي صلات لَا يُوضع مَوْضِعَه، وَلَكِن يُخَصُّ بِهِ قومٌ دون قومٍ على قدر الْهوى، لَا بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَالرِّفد الصِّلة يُقَال: رَفَدْتُه رَفْداً وَالِاسْم الرِّفْدُ.
دفر: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: دَفَرْتُهُ فِي قَفاهُ دَفْراً أَي دَفَعْتُه، قَالوا وَمِنْه قَول عُمَر: وادَفْراهُ يُريد: واذُلاَّهُ؛ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَعْنَاهُ وَانَتْناهُ.
قَالَ والدَّفَرُ النَّتْنُ، وَمِنْه قيل للدنيا: أمَّ دَفْر، وَيُقَال لِلأَمَة: يَا دَفارِ أَي يَا مُنْتِنةُ؛ وَأما الذَّفَرُ بِالذَّالِ وتحريك الْفَاء فَهُوَ حِدَّةُ رائحةِ الشَّيْء الْخَبيث، أَو الطّيب؛ وَمِنْه قيل: مِسْك أَذْفَرُ، ويُقال للرَّجُلِ إِذا قَبَّحتَ أمْرَه: دَفْراً دَافِراً.
وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد فِي قَول الله جلّ وعزّ: {يَلْعَبُونَ يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ} (الطّور: 13) قَالَ: دَفْراً فِي أَقْفِيتهم أَي دَفْعاً.
فدر: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لِلفَحْل إِذا انْقَطع عَن الضِّراب: فَدَرَ وفَدَّر وأَفْدَرَ وَأَصله فِي الْإِبِل.
وَقَالَ اللَّيْث: فَدَر الفحلُ فُدُوراً إِذا فَتَر عَن الضِّراب؛ قَالَ: والفَدُور الوَعِل العَاقِلُ فِي الجِبال، والفادِرةُ الصَّخْرَةُ الضَّخْمةُ، وَهِي الَّتِي ترَاهَا فِي رَأس الْجَبَل، شُبِّهتْ بالوعِل، وَيُقَال للوعِل: فَادِرٌ وَجمعه فُدْرٌ، وَقَالَ الرَّاعِي فِي شعره:
وكأَنَّمَا انْبَطَحَتْ على أثْباجِها
فُدْرٌ بشابَة قَدْ يَمَمْنَ وُعُولاَ

(14/72)


وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الفَادِر من الوُعول الَّذِي قد أَسَنَّ بِمَنْزِلَة القارِح من الخَيل، والبازِل من الْإِبِل، والصَّالغِ من الْبَقر وَالْغنم.
قَالَ اللَّيْث: العِذْرَةُ قِطعة من الْخَيل، والفِدْرَة قِطعة من اللَّحم الْمَطْبُوخ الْبَارِدَة.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَعْطيته فِدْرةً من اللَّحْم وهَبْرَةً إِذا أعطَاهُ قِطعةً مجتمعة وَجَمعهَا فِدَرٌ، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَدْفَر الرجلُ إِذا فاح ريح صُنانِه.
(د ر ب)
درب، دبر، ربد، رَدب، برد، بدر: مستعملات.
درب: قَالَ اللَّيْث: الدَّرْبُ بابُ السِّكةِ الواسعةِ، والدَّرْب كلُّ مَدخل من مدَاخِل الرّوم دَرْبٌ من دُوربِها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التَّدْرِيبُ الصَّبر فِي الْحَرب وقتَ الفِرار يُقَال: دَرِبَ فلَان وَعَرِدَ عَمْرو.
وَفِي الحَدِيث عَن أبي بكر: لَا تزالون تَهزِمون الرومَ فَإِذا صَارُوا إِلَى التَّدْرِيبِ وَقَفَتْ الحربُ، أرادَ الصَّبْرَ.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: الدُّرْبَةُ الضَّراوَة؛ وَقد دَرِبَ يَدْرَب.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ مِثْلَه، يُقَال: دَرِبَ دَرَباً، ولَهِجَ لَهَجاً، وضَرِيَ ضَرًى، إِذا اعْتَادَ الشيءَ وأُولِعَ بِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّارِبُ الحاذِق بصناعته؛ قَالَ: والدَّارِبَةُ العاقِلة، والدَّارِبةُ أَيْضا الطَّبَالَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّرْبةُ عَادةٌ وجُرْأَةٌ على حَرْبٍ وكلِّ أمرٍ؛ وَرَجُلٌ مُدَرَّبٌ قد دَرَّبَته الشَّدائِد حَتَّى مَرَن عَلَيْهَا، وَيُقَال: مَا زَالَ فلانٌ يعْفُو عَن فلَان حَتَّى اتَّخذها دُرْبة.
وَقَالَ كَعْب بن زُهَيْر:
وَفِي الْحلم إِدْهانٌ وَفِي العَفْوِ دُرْبَةٌ
وَفِي الصدْق مَنجاةٌ مِن الشَّرّ فاصْدُقِ
وتَدْرِيب البازيِّ على الصيْد أَي تَضْرِيَتُه، وَشَيخ مُدَرَّب أَي مُجَرَّب.
ابْن الْأَعرَابِي: أدْرَبَ إِذا صَوَّتَ بِالطَّبْل.
أَبُو عُبَيْدَة عَن أبي عمر: الدَّرْوَابُ صوتُ الطَّبْل، والدَّرْدَبَةُ الخضوع، وَمِنْه الْمثل: دَرْدَبَ لَمَّا عَضَّه الثِّقَافُ، وَفِي كتاب اللَّيْث: داءٌ فِي الْمعدة.
قلت: هَذَا عِنْدِي غلط وَصَوَابه: الذّربُ داءٌ فِي الْمعدة وَقد ذكرته فِي كتاب الذَّال.
ردب: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرّدْب الطَّرِيق الَّذِي لَا يَنْفُذُ، والدربُ الطَّرِيق الَّذِي ينفذ.
وَفِي الحَدِيث: (مَنَعتِ العِراقُ دِرهَمها وقَفِيزَها، ومَنعتْ مصرُ إِرْدَبَّها وعُدْتُمُ من حَيْثُ بَدَأْتمْ) ؛ الإرْدَبُّ مِكْيال معروفٌ

(14/73)


لأهل مصرَ، وَقيل: إنهُ يأخذُ أَرْبَعَة وَعشْرين صَاعا من الطَّعَام بِصَاع النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والقَنْقَلُ نِصفُ الإرْدَبِّ، والإرْدَب أربعةٌ وَسِتُّونَ مَنّاً بِمَنِّ بلدنا.
وَيُقَال للبالوعة من الخَزَفِ الواسعة: إِرْدَبَّةٌ شُبّهت بالإردب الْمِكْيَال؛ وَيجمع الإردبُّ أرادِب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: دَرْبَى فلانٌ فلَانا يُدَرْبِيهِ إِذا أَلْقَاهُ وَأنْشد:
اعْلَوَّطَا عَمْراً لِيُشْبِيَاهُ
فِي كل سوءٍ ويُدَرْبِيَاهُ
يُشْبِيَاهُ ويُدَرْبِيَاهُ أَي يُلْقِيانِ بِهِ فِيمَا يكره.
برد: فِي الحَدِيث: (أصلُ كلِّ داءٍ البَرَدَةَ) .
سَلمَة عَن الْفراء قَالَت: الدُّبَيْرِيَة: البَرْدَةُ التُّخْمَة وَكَذَلِكَ الطَّنَى والرَّان.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: البَرَدةُ الثِّقْلَةُ على المعِدَة.
وَقَالَ غَيره: سميت التُّخْمَةُ بَرَدَة لِأَن التُّخْمَة تُبْرِدُ الْمعدة فَلَا تَسْتَمرِىء الطعامَ، وَلَا تُنْضِجُه؛ وَأما البَرَدُ بِغَيْر هَاء فَإِن اللَّيْث زعمَ: أَنه مَطَر جامِدٌ وسَحابٌ بَرِدٌ، ذُو قُرَ وَبَرَدٍ؛ وَقد بُرِدَ القومُ إِذا أَصابهم البَرَد.
وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ} (النُّور: 43) .
فَفِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا وَينزل من السَّمَاء من أَمْثال جبال فِيهَا من بَرَدٍ، وَالثَّانِي وَينزل من السَّمَاء من جبال فِيهَا بَرَدٌ.
ومِن صِلَة.
وَقَوله جلّ وعزّ: {) أَحْقَاباً لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا} (النبأ: 24) .
قَالَ الْفراء رِوَايَة عَن الْكَلْبِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا يذوقون فِيهَا بَرْدَ الشَّرَاب وَلَا الشَّرَاب.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: {أَحْقَاباً لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا} يُرِيد نوماً، وَإِن النّوم لَيُبرِّد صاحبَه وَإِن العطشان لينام فَيَبْرُدُ بالنُّون.
وَقَالَ أَبُو طَالب فِي قَوْلهم: ضُرِب حَتَّى بَرَدَ.
قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ حَتَّى مَات؛ والبَرْد النّوم.
قَالَ أَبُو زُبَيْدٍ:
بارِزٌ ناجِذَاهُ قد بَرَدَ المو
ت على مُصْطَلاه أيَّ بُرُود
قَالَ: وأمَّا قَوْلهم: لم يَبْرُد بيَدي مِنْهُ شَيْء، فَالْمَعْنى: لم يَسْتَقِرَّ وَلم يَثْبُتْ وَأنْشد:
اليومُ يومٌ بارِدٌ سَمُومُه
قَالَ: وَأَصله من النومِ والقَرارِ، يُقَال: بَرد أَي نَام وَأنْشد:

(14/74)


فإنْ شِئتُ حرّمتُ النِّساء سِوَاكم
وَإِن شِئتُ لم أطْعَم نُقَاخاً وَلَا بَرْداً
فالنُّقَاخ الماءُ العَذْب، والبَرْدُ النَّوم وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
أحِبُّ أمّ خَالِدٍ وخَالداً
حُبّاً سَخَاخينَ وحُبّاً بارِداً
قَالَ: سخاخينَ حُب يُؤْذِيني، وحُبّاً بَارِدًا يَسْكن إِلَيْهِ قلبِي.
وَيُقَال: بَرَدَ لي عَلَيْهِ كَذَا كَذَا درهما: أَي ثَبَتَ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: البَرْدُ النَّحْتُ.
يُقَال: بَرَدْتُ الخشبَةَ بالمبرد أبردُها برْداً إِذا نَحتَّها.
قَالَ: والبَرْدُ تَبْرِيدُ الْعين، والبَرُودُ كُحْل يُبَرِّد العَين، والبرود من الشَّرَاب مَا يُبَرِّدُ الغُلّة وَأنْشد:
وَلَا يُبَرِّدُ الغَلِيلَ الماءُ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: بَرَدْتُ الخُبْزَ بالماءِ إِذا صَبَبْتَ عَلَيْهِ المَاء فبللتَه، وَاسم ذَلِك الْخبز المبْلُول: البَرُود والمَبْرُود؛ وَيُقَال: اسْقِنِي سَويقاً أُبرِّد بِهِ كَبِدي، وبرَّدتُ الماءَ تبريداً جَعَلْتَه بَارِدًا.
وَفِي الحَدِيث: (أَبْرِدوا بالظُّهْرِ فَإِن شِدَّة الْحر من فَيحِ جَهَنَّم) .
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: جئْنَاك مُبْرِدِين، إِذا جَاءُوا وَقد باخَ الحرُّ.
وَقَالَ مُحَمَّد بن كَعْب: الإبْرادُ أَن تَزِيغَ الشمسُ، قَالَ: والركْبُ فِي السّفر يَقُولُونَ: إِذا زاغت الشَّمْس قد أَبْردتم فَرُوحوا، وَقَالَ ابْن أَحْمد:
فِي مَوْكبٍ زَحْلِ الهواجرِ مُبْرد
قلت: لَا أعرف مُحَمَّد بن كَعْب هَذَا، غير أَن الَّذِي قَالَه صَحِيح من كَلَام الْعَرَب، وَذَلِكَ أَنهم يَنْزلُون للتَّغْوِير فِي شدَّة الْحر، ويَقِيلون، فإِذا زَالَت الشمسُ ثَارُوا إِلَى رِكابهم، فَغَيَّرُوا عَلَيْهَا أقتابها ورحالها، ونادى مُناديهم: أَلا قد أَبْرَدْتُمْ فاركبوا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال أَبْرَدَ القومُ إِذا صَارُوا فِي وقتِ القُرِّ آخِر القيظِ، قَالَ: والبَرُود كُحلٌ يبرَّدُ بِهِ العينُ من الْحر، والإنسانُ يَتَبَرَّدُ بِالْمَاءِ: يغتَسلُ بِهِ، وَيُقَال: سقيته فأَبْرَدْتُ لَهُ إبْراداً إِذا سقيتَه بارِداً.
ويُروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:
(إِذا أَبْرَدْتم إليّ بريداً فَاجْعَلُوهُ حسنَ الْوَجْه حسنَ الِاسْم) .
والبَريدُ: الرسولُ وإبرادُه إرسالُه، وَقَالَ الراجز:
رأَيتُ للموتِ بَرِيداً مُبْرَدَا
وَقَالَ بعض الْعَرَب: الحُمَّى بَريدُ الْمَوْت، أَرَادَ أَنَّهَا رسولُ الْمَوْت تُنْذِر بِهِ. وسكك البَريدِ كُلُّ سِكَّة مِنْهَا بريد اثْنَا عشرَ ميلًا، والسَّفَر الَّذِي يجوز فِيهِ قَصْر الصَّلَاة أَرْبعةُ

(14/75)


بُرُدٍ، وَهِي ثَمَانِيَة وَأَرْبَعُونَ ميلًا بالأميال الهاشمية الَّتِي فِي طَرِيق مَكَّة.
وَقيل لدابَّة الْبَرِيد: بَرِيدٌ لسَيْره فِي البَريد وَقَالَ الشَّاعِر:
إِنِّي أَنُصُّ العِيسَ حَتَّى كأَنَّنِي
عَلَيْهَا بأَجْوَازِ الفَلاة بريدُ
أَبُو عبيد عَن الْفراء: هِيَ لَك بَرْدَةُ نَفْسِها، أَي خَالِصا، وَهُوَ لي بَرْدَةُ يَميني إِذا كَانَ لَك مَعْلوماً.
قَالَ ابْن شُمَيْل: إِذا قَالَ: وابَرْدَهُ على الْفُؤَاد إِذا أصَاب شَيْئا هيناً، وَكَذَلِكَ وابَرْدَاه على الفُؤادِ.
فَأَما قَول الله جلّ وعزّ: {)) يَحْمُومٍ لاَّ بَارِدٍ وَلاَ} (الْوَاقِعَة: 44) فَإِن الْمُنْذِرِيّ أَخْبرنِي عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: أَنه قَالَ: عَيشٌ باردٌ أَي طَيِّب وأنشده:
قَليلَة لَحم الناظِرَيْن يَزِينُها
شبابٌ ومَخْفوضٌ مِن الْعَيْش بارِدُ
أَي طَابَ لَهَا عيشها، وَمثله قَوْلهم: نَسْأَلك الْجَنّة وبَرْدَها أَي طيبَها ونَعِيمها.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: البُرادُ ضَعْفُ القوائم من جوع أَو إعياء.
وَيُقَال: بِهِ بُراد وَقد بَرَد فلَان إِذا ضَعفتْ قوائمه.
وَفِي حَدِيث ابْن عمر: أَنه كَانَ عَلَيْهِ يَوْم الْفَتْح بُرْدَةٌ فَلُوتٌ.
قَالَ شمر: رَأَيْت أَعْرَابِيًا بحزَيْمِيَّة وَعَلِيهِ شِبْهُ مِنديل من صوف قد اتَّزَر بِهِ فَقلت: مَا نُسَميه؟ فَقَالَ: بُرْدةٌ، قُلْتُ: وَجَمعهَا بُرَدٌ وَهِي الشَّملة المُخطَّطةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: البُرْدُ مَعروفٌ من بُرُودِ العَصْب، والوَشْيِ، وَأما البُرْدَةُ فَكِساءٌ مُرَبَّعٌ فِيهِ صُفْرة وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابنُ عمر، وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ثوب بَرُودٌ لَيْسَ لَهُ زِئْبِرٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: يُقَال بَرَدتُ عينَه بالكُحْل أَبْردُها بَرْداً، وسقَيْتُه شَرْبةً بَرَدْتُ بهَا فُؤَاده وَكِلَاهُمَا من البَرُود. قَالَ: وسحابة بَرَدَة إِذا كَانَت ذَات بَرْد.
وَيُقَال: لَا تُبَرِّدْ عَن فلَان بِقَول: أَي إِن ظلمك فَلَا تَشْتُمه فَتُنقِص من إثمه، وَيُقَال: إِن أصحابَك لَا يُبالون مَا بَرَّدوا عَلَيْك أَي أَثْبَتُوا عَلَيْك.
وَقَالَ شمر: ثوبٌ بَرُودٌ إِذا لم يكن دفِيئاً وَلَا لَيِّناً من الثِّيَاب، وَرجل بِهِ بِرْدةٌ وَهُوَ تَقْطِيرُ الْبَوْل وَلَا يَنْبَسِط إِلَى النِّسَاء، وبَرَدَى اسْم نهر بِدِمَشْق قَالَ حسان:
يَسْقُون مَن وَرَدَ الْبَرِيصَ عليهِمُ
بَرَدَى تُصَفِّق بالرَّحيق السَّلْسَلِ
وبُرْدَا الجَراد جناحاه.
وَقَالَ ذُو الرمة:
إِذا تَجَاوَبَ مِن بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ
وَقَالَ الكُمَيْتُ يَهْجُو بارِقاً فَقَالَ:

(14/76)


تُنَفِّضُ بُرْدَى أمِّ عَوْف وَلم يَطِرْ
لنا بارق بخ للوعيد والرهب
وأمُّ عَوْفٍ كُنْيَةُ الْجَرَاد.
ابْن السّكيت: البرْدَان والأبْرَادن الغَدَاةُ والعَشِيُّ وهما الرِّدفان، والصَّرعان، والقَرَّتان، ابْن الْأَعرَابِي: البارِدَةُ الرَّباحة فِي التِّجَارَة سَاعَة يَشْتَرِيهَا، والبارِدةُ الغنيمةُ الحاصلةُ بِغَيْر تَعب، وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الصَّوْم فِي الشتَاء الْغَنِيمَة الْبَارِدَة) لتحصيله الْأجر بِلَا ظمأ فِي الهَوَاجر.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: وَيُقَال: أَبْردَ طعامَه وبَرَدَه وبرَّدَه، والأبارِدُ: النُّمور وَاحِدهَا أَبْرَدُ، يُقَال للنِّمر الأُنْثى: أَبْرَدُ والخَنَيْثَمةُ، والبُرْدِي ضرب من تَمْرِ الْحجاز جَيِّدٌ مَعْرُوف.
وَقَالَ اللَّيْث: البَرَّادةُ كَوَّارَةٌ يُبرَّدُ عَلَيْهَا المَاء. قلت: وَلَا أَدْرِي أَهِي من كَلَام الْعَرَب أَو من كَلَام المولدين.
ربد: أَبُو عبيد: الرُّبَدُ فِرِنْدُ السَّيْف. وَقَالَ صَخْر الغَيّ:
أَبْيَضَ مَهْوٍ فِي مَتْنِهِ رُبَدْ
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: يُقَال للظَّلِيم: الأرْبَدُ لِلَوْنه، والرُّبْدَةُ: الرُّمْدَة شِبهُ الوُرْقة تَضْرِب إِلَى السوَاد.
وَقَالَ اللَّيْث: الأرْبَد ضَربٌ من الحيَّات خَبِيث. وَإِذا غَضِبَ الْإِنْسَان تَرَبّد وَجهُه كَأَنَّهُ يسودّ مِنْهُ مَوَاضِع. قَالَ: وَإذا أَضْرَعَت الشاةُ قيل: رَبَدَتْ وَتَرَبَّدَ ضَرْعُها إِذا رأيتَ فِيهِ لُمَعاً من سَواد بِبَياض خَفِيّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَقول الْعَرَب: ربَّدَتِ الشاةُ تَرْبيداً إِذا أَضْرَعَتْ قَالَه أَبُو زيد، قَالَ: والرّبْداءُ من المَعْزَى السَّوداءُ المنقَّطة الموسومة مَوضِعَ النِّطاق مِنْهَا بحُمْرة.
اللِّحياني: فِي نعَامَة رَبْداء ورَمْداء أَي سَوْدَاء.
وَقَالَ بَعضهم: هِيَ الَّتِي فِي سوادها نُقَطٌ بِيض أَو حمر.
الأصمعيّ: ارْبَدَّ وجههُ وأَرْمَدَّ إِذا تَغَيَّرَ.
وَأنْشد اللَّيْث: فِي تَرَبُّد الضَّرع فَقَالَ فِي بَيت لَهُ:
إِذا وَالِد مِنْهَا تَرَبَّد ضَرعُها
جعلتُ لَهَا السكين إِحْدَى القَلاَئِدِ
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن مَسجده كَانَ مِرْبداً لِيَتيمين فِي حِجر معوذ بن عَفْراء فَاشْتَرَاهُ مِنْهُمَا معَاذ بن عفراء فَجعله للْمُسلمين، فبناه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَسْجداً) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: المِرْبَد كلُّ شَيْء حُبِستْ بِهِ الْإِبِل وَلِهَذَا قيل: مِرْبَدُ النَّعَم الَّذِي بِالْمَدِينَةِ وَبِه سمي مِرْبَدَ الْبَصْرَة، إِنَّمَا كَانَ مَوضِع سُوق الْإِبِل، وَكَذَلِكَ كل مَا كَانَ من غير هَذِه الْمَوَاضِع أَيْضا إِذا حُبِستْ بِهِ الْإِبِل.
وأنشدنا الْأَصْمَعِي فَقَالَ فِي شعره:

(14/77)


عَوَاصِيَ إِلَّا مَا جَعَلْتُ وَرَاءَهَا
عَصَا مِرْبَدٍ تَغْشى نُحُوراً وأَذْرُعا
قَالَ: يَعْنِي بالمِرْبَد هَهُنَا عَصاً جعلهَا مُعْتَرضةً على الْبَاب تمنع الْإِبِل من الْخُرُوج سَمَّاهَا مِرْبداً، لهَذَا.
قلت: وَقد أنكر غَيره مَا قَالَ، وَقَالَ: أَرَادَ عَصاً مُعترضةً على بَاب المِربد، فأضاف الْعَصَا المعترضة إِلَى المِرْبد، لَيْسَ أَن الْعَصَا مِرْبَدٌ.
قَالَ أَبُو عبيد: والمِرْبد أَيْضا مَوضِع التَّمْر مثل الجَرِين، فالمِربد بلغَة أهل الْحجاز، والجرينُ لَهُم أَيْضا، والأنْدَرُ لأهل الشَّام، والبَيْدَرُ لأهل الْعرَاق.
وَقَالَ غَيره: الربْدُ الحبْس.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرَّابِدُ الخازن، والرّابدةُ الخازنة.
وروى عَمْرو عَن أَبِيه: رَبدَ الرجلُ إِذا كنز التمرَ فِي الرَّبَائِد وَهِي الكُراخات.
دبر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه قَالَ: ثلاثةٌ لَا تُقبل لَهُم صلاةٌ، رجلٌ أَتى الصلاةَ دِباراً، وَرجل اعْتَبَدَ مُحَرَّراً، وَرجل أمَّ قوما هم لَهُ كَارِهُون) .
قَالَ الأفريقيُّ وَهُوَ الَّذِي روى هَذَا الحَدِيث: معنى قَوْله دِباراً بَعْدَمَا يفوت الْوَقْت.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي قَوْله: دِباراً جمع دَبْر ودَبَر: وَهُوَ آخر أوقاتِ الشَّيْء، الصلاةِ وغيرِها. وَمِنْه الحَدِيث الآخر: (وَلَا يَأْتِي الصَّلَاة إِلَّا دَبَرِيّا) .
قَالَ وَالْعرب تَقول: الْعلم قَبْلِيُّ وَلَيْسَ بالدَّبَرِيِّ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: مَعْنَاهُ أَن العالِم المُتْقِنَ يُجِيبُك سَريعاً، والمُتَخَلِّفَ يَقُول: لي فِيهَا نظر.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: شرُّ الرَّأي الدَّبَرِيُّ أَي شرّه إِذا أَدبَر الْأَمر وفاتَ، قَالَ: ودُبُر كل شَيْء خِلاف قُبُله فِي كل شَيْء، مَا خلا قَوْلهم: جَعَل فلانٌ قولَك دَبْر أُذنِه أَي خَلْفَ أُذُنه.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مُّنتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (الْقَمَر: 45) كَانَ هَذَا يومَ بدر، وَقَالَ: الدُّبُر فوحَّد وَلم يقل الأدبار، وكل جائزٌ صوابٌ، يُقَال: ضربنا مِنْهُم الرؤوس وضربنا مِنْهُم الرأْس، كَمَا تَقول: فلَان كثيرُ الدِّينَار وَالدِّرْهَم.
وَقَالَ ابْن مقبل:
الكاسرينَ القَنَا فِي عَوْرةِ الدُّبُرِ
وَقَالَ فِي قَوْله عزّ وجلّ: {فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ} (ق: 40) ، وَمن قَرَأَ بِفتح الْألف جَمع على دبُرٍ وأدبار، وهما الركعتان بعد الْمغرب.
وَرُوِيَ ذَلِك عَن عليّ بن أبي طَالب قَالَ وَأما قَوْله: {فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ} (الطّور: 49) فِي سُورَة الطّور فهما الركعتان قبل الْفجْر

(14/78)


قَالَ: وتكسران جَمِيعًا وتنصبان جائزان.
وَقَول الله جلّ وعزّ {وَالَّيْلِ إِذْ} (المدثر: 33) قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس وَمُجاهد (وَاللَّيْل إِذا دَبَر) ، وَقرأَهَا كثير من النَّاس: {وَاللَّيْل إذْ أدبَر.
قَالَ الْفراء: وهما لُغَتَانِ دبَر النهارُ وأَدبر ودبَر الصيفُ وأدبَر، وَكَذَلِكَ قَبَلَ وأَقْبَل، فَإِذا قَالُوا: أَقْبَل الراكبُ أَو أَدبَر، لم يَقُولُوا إلاّ بِالْألف، وإنهما عِنْدِي فِي الْمَعْنى لواحدٌ لَا أُبْعد أَن يَأْتِي فِي الرِّجال مَا أَتَى فِي الْأَزْمِنَة.
وَقَالَ غير الْفراء بمَعنى قَوْله: (وَاللَّيْل إِذا دَبَر) ، جَاءَ بعد النَّهَار كَمَا تَقول خَلَفَ، يُقَال: خَلَفني فلَان، وَدَبرني أَي جَاءَ بعدِي، وَمن قَرَأَ: وَالْقَمَرِ وَالَّيْلِ إِذْ} (المدثر: 33) فَمَعْنَاه وَلَّى ليذْهب.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ} (الْأَنْعَام: 45) .
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الاَْمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَاؤُلآْءِ مَقْطُوعٌ} (الْحجر: 66) .
أَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي طَالب ابْن سَلمَة قَالَ: قَوْلهم: قَطَعَ الله دابِرَه.
قَالَ الْأَصْمَعِي وَغَيره: الدابِرُ الأَصْل أَي أذهب الله أَصله.
وَأنْشد:
فِدًى لَكمَا رِجْلَيَّ أُمِّي وخَالَتي
غَداةَ الكلابِ إذْ تُحَزُّ الدَّوابِرُ
أَي يُقتل القومُ فتذهب أصولُهم وَلَا يبْقى لَهُم أَثرٌ.
وَقَالَ ابْن بزرج: دابرُ الْأَمر آخِره، وَهُوَ على هَذَا كَأَنَّهُ يَدْعُو عَلَيْهِ بانْقطاع العَقِب حَتَّى لَا يبْقى لَهُ أحد يَخلُفه، وعَقِبُ الرجل دابرُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي. قَالَ: الدَّابِرةُ الْمشْؤومةُ، والدَّابِرةُ الْهَزِيمَة، والدَّابِرةُ صيصيّةُ الدِّيك. قَالَ: والمَدْبُور: الْكثير المَال، والمدْبور الْمَجْرُوح.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الدَّبْرُ النَّحْل وجَمْعُه دُبُورٌ. قَالَ لبيد:
وأَرْيَ دَبُورٍ شَارَهُ النَّحْلَ عَاسِلُ
قَالَ: والدَّبْر المَال الْكثير. يُقَال: مالٌ دَبْر ومالان دَبْرٌ وأموال دَبْرٌ وَمثله مَال دَثْر.
وَيُقَال: جعل الله عَلَيْهِم الدَّبَرَةَ: أَي الْهَزِيمَة، وَجعل لَهُم الدَّبْرَة عَلَى فلَان أَي الظَّفَرَةَ والنُّصْرَةَ، وَقَالَ أَبُو جهل لِابْنِ مَسْعُود يَوْم بدر وَهُوَ مُثْبَتٌ جَرِيحٌ: لمنْ الدَّبرَةُ؟ فَقَالَ: لله وَلِرَسُولِهِ يَا عدُوَّ الله.
أَبُو عبيد عَن أبي عمر: والدِّبارُ، المَشَارَاتُ واحدتها دَبرَه.
قَالَ اللَّيْث: وَهِي الكُرْدَةُ من المزْرَعة، وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تَدابَرُوا وَلَا تَقَاطَعُوا) .

(14/79)


وَقَالَ أَبُو عبيد: التَّدابر: المصارمة والهِجرانُ، مَأْخُوذ من أَن يُولِّي الرجلُ صاحبَه دُبرَه ويُعْرِضَ عَنهُ بِوَجْهِهِ وَأنْشد:
أَأَوْصَى أَبو قَيْس بأَن تَتَوصَّلُوا
وأَوْصَى أَبُوكم وَيحْكُمْ أَن تَدَابروا
وَيُقَال: إِن فلَانا لَو استقبلَ من أمره مَا استدبره لَهُدِيَ لِوجْهة أمره، أَي لَو علم فِي بَدْءِ أمرِه مَا علمه فِي آخِره لاسترشد أمره، وَقَالَ أَكْثَمُ بنُ صَيْفيّ لِبَنِيهِ: يَا بَنيِّ لَا تَتَدَبرُوا أعجازَ أُمور قد ولَّتْ صُدورها. يَقُول: إِذا فاتكم الأمْر لم ينفعكم الرأيُ وَإِن كَانَ مُحْكَماً. والتدْبِيرُ أَن يُعْتِق الرجلُ عبدَه بعد موتِه فَيَقُول لَهُ: أَنْت حرٌ بعد موتِي، وَالتَّدْبِير أَيْضا أَن يُدَبِّرَ الرجلُ أمرَه ويَتَدَبَّرهُ أَي ينظر فِي عواقبه، والدَّبرانُ نجمٌ بَين الثريّا والجوزاء، وَيُقَال لَهُ: التَّابِع والتُّويْبعُ، وَهُوَ من منَازِل الْقَمَر، سُمي دَبراناً لأنَّه يدْبُرُ الثُّريا أَي يَتْبَعُه، والدَّبُور ريحٌ تَهُبّ من نَحْو الْمغرب، والصَّبا تقابلهما من نَاحيَة المشْرِق.
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نُصِرتُ بالصَّبا وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدَّبور) .
وَقَالَ الأصمعيّ: دَبَرَ السهمُ الهدفَ يَدْبُره دَبْراً إِذا صَار من وراءِ الهَدَفِ، ودَبِرَ البَعيرُ يَدْبِرُ دَبَراً.
وَيُقَال: نَاقَة مُقَابلةٌ مُدابَرة: أَي كَرِيمَة الطَّرفَيْنِ من قبل أَبِيهَا وَأمّهَا، وَغُلَام مُدَابَرُ مُقابلَ كريم الطَّرفَيْنِ، وَيُقَال: ذهب فلَان كَمَا ذهب أمس الدابر، وَهُوَ الْمَاضِي لَا يرجع أبدا، وَيُقَال: جعلت كَلَامه دَبْرَ أُذُنِي أَيْ: أَعْرَضتُ عَنهُ، وَلم أَلْتفِتْ إِلَيْهِ.
وَفِي حَدِيث النَّجَاشِيّ أَنه قَالَ: مَا أحِبّ أَن لي دَبْراً ذَهَباً وَأَنِّي آذيتُ رجلا من الْمُسلمين، وفُسِّر الدَّبْر بالجَبَل فِي الحَدِيث؛ وَلَا أَدْرِي أَعربي هُوَ أم لَا؟
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الدَّبْر: الْمَوْت يُقال: دَابَر الرجلُ إِذا مَاتَ.
وَقَالَ أُميَّة:
زَعَمَ جُدعَانُ ابْنُ عَمْ
رو أنّني يَوْماً مُدَابرْ
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى أَن يُضَحّى بمقَابَلةٍ أَو مُدَابَرة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: المقَابلة أَن يُقطعَ من طَرَف أذنها شيءٌ ثمَّ يتركَ مُعَلَّقاً لَا يَبينُ كَأَنَّهُ زَنَمَة، وَيُقَال لمثل ذَلِك من الْإِبِل: المزَنَّمُ، وَيُسمى ذَلِك المعَلقُ الرَّعُل، والمدابرةُ أَن يُفْعَل ذَلِك بمؤَخّر الْأذن من الشَّاة.
قَالَ الأصمعيّ: وَكَذَلِكَ إِن بَانَ ذَلِك من الْأذن فَهِيَ مُقَابَلةٌ ومُدَابَرةٌ، بعد أَنْ كَانَ قَطْعٌ.
قَالَ وَيُقَال: شَاةٌ ذَات إقْبَالةٍ وإدْبَارةٍ إِذا شُقّ مُقَدّمُ أُذُنها ومُؤَخّرها وفُتِلَتْ كَأَنَّهَا زنمة.

(14/80)


وفلانٌ مُقَابَلٌ ومُدَابر إِذا كَانَ مَحْضاً من أَبَوَيْهِ، قَالَ وَيُقَال: دَبَّرتُ الحَدِيث أَي حَدَّثتُ بِهِ عَن غَيْرِي.
قَالَ شمر: دَبَّرتُ الحديثَ لَيْسَ بِمَعْرُوف، قلت: وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث: أما سمعته من معَاذ يدَبِّره عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قلت: وَقد أنكر أَحْمد بن يحيى يُدَبِّره بِمَعْنى يُحَدِّثه، وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ يَذْبُرُهُ بِالذَّالِ وَالْبَاء أَي يُتْقِنُه، وَأما أَبُو عبيد فَإِن أَصْحَابه رووا عَنهُ: يُدَبِّره كَمَا ترى.
وَقَالَ الأصمعيّ: الدَّبار الْهَلَاك، ودَابِرةُ الحافِر مُؤَخّرهُ وَجَمعهَا الدّوابر.
وَقَالَ أَبُو زيد: فلَان لَا يَأْتِي الصَّلَاة إِلَّا دَبَرِيّاً.
قَالَ أَبُو عبيد: والمُحَدِّثون يَقُولُونَ: دُبُريّاً يَعْنِي فِي آخر وَقتهَا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: دَبْرِياً بِفَتْح الدَّال وَجزم الْبَاء.
الْأَصْمَعِي: فلَان مَا يَدْرِي قَبيلاً من دَبير، الْمَعْنى مَا يدْرِي شَيْئا.
وَقَالَ اللَّيْث: القَبيلُ فَتْلُ القُطْن والدّبيرُ فَتْل الكتَّان والصُّوفِ، ويقالُ: القبيلُ مَا وَليَكَ والدّبيرُ مَا خَلْفَك.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَدْبر الرجلُ إِذا عَرَفَ دَبيرهُ من قَبيله.
قَالَ ثَعْلَب: قَالَ الْأَصْمَعِي: القبيلُ مَا أقبلَ بِهِ الفَاتل إِلَى حَقوه، والدّبيرُ مَا أدبر بِهِ الفاتِل إِلَى ركْبتيه.
وَقَالَ الْمفضل: القبيلُ فَوْزُ القِداح فِي القِمار، وَالدبير خَيْبَة القِدْح.
وقَال الشَّيْبَانِيّ: القَبِيلُ طاعةُ الرب، وَالدَّبيرُ مَعصيتُه.
وقَالَ ابْن الأعرابيّ: أدْبر الرجلُ إِذا سَافر فِي دبار وَهُوَ يَوْم الْأَرْبَعَاء. قَالَ: وَمَثَّل مجاهدٌ عَن يَوْم النحس فَقَالَ: هُوَ أربعاء لَا يَدُور فِي شهر.
وَقَال ابْن الأعرابيّ: أدْبَر الرجلُ إِذا مَاتَ، وَأَدْبَر إِذا تغافل عَن حَاجَة صديقه، وَأَدْبرَ صَار لَهُ دَبْر، وَهُوَ المَال الْكثير.
وَقَالَ الأصمعيّ فِي قَول الْهُذلِيّ:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ فِي جَمِّهِ
خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا
قَالَ: المُدابِر المولِّي المعرِض عَن صَاحبه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المُدَابِر الَّذِي يَضرب بالقِداح. وَقيلَ: المُدابِر الَّذِي قُمِر مرّة بعد مرّة فعاوَد لِيَقْمُر.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: دَبَرَ، رد، ودَبَر تَأَخَّر، قَالَ: وَأَدْبَرَ إِذا انْقَلَبتْ فَتْلَةُ أُذنِ النَّاقة إِذا نُحرَتْ إِلَى نَاحيَة القَفَا، وَأَقْبَل إِذا صَارَت هَذِه الفتلة إِلَى نَاحيَة الوَجْه.
أَبُو عبيد: سمعتُ أَبَا عُبَيْدَة يَقُول: رجل أُدابر لَا يقبل قَول أحد وَلا يلوي على

(14/81)


شَيْء. ورَجُلٌ أُباتِرٌ يَبْتُرُ رَحمَه فيقْطَعُها. ورجلٌ أُخايِلٌ وَهُوَ المختال، وأجارِدٌ اسْم مَوضِع، وَكَذَلِكَ أُجامِرٌ.
بدر: قَالَ اللَّيْث: البَدْرُ الْقَمَر لَيْلَة أربَعَ عَشْرَة، وَإِنَّمَا سُمِّي بَدْراً لِأَنَّهُ يُبادِر بالغروب طلوعَ الشَّمس، لِأَنَّهُمَا يتراقبان فِي الْأُفق صُبحاً، قَالَ: والبَدْرَةُ كِيسٌ فِيهِ عَشرةُ آلافِ دِرهمٍ أَو ألفٌ. والجَمْعُ البُدُور، وثَلاثُ بَدراتٍ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يُقَال لِمَسْك السَّخْلَة مَا دامتْ تَرْضَع: الشَّكْوةُ، فَإِذا فُطِمَ فَمسْكُه: البَدْرَةُ، فَإِذا أَجْذَعَ فمسْكُه السِّقَاءُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: والبادِرة من الْإِنْسَان وغيرِه اللحمةُ الَّتِي بَين المنكِبِ والعُنق وأنشدنا:
وجاءَت الخيلُ مُحْمراً بوادرُها
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البادِرُ القَمَرُ، والبادِرَة الكلمةُ العَوْرَاء، والبادِرَةُ الغَضْبةُ السريعة، يُقَال: احْذَرُوا بادِرَتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: البادِرتان جانبا الكِرْكِرَة وَيُقَال: هما عرقان اكتنفاها وَأنْشد:
تَمْرِي بَوادِرَها مِنْهَا فَوَارِقُها
يَعْنِي فَوارقَ الإبلِ وَهِي الَّتِي أَخَذَها المخاضُ فَفَرِقَتْ نَادَّةً فَكلما أَخذها وَجَعٌ فِي بَطنهَا مَرَتْ، أَي ضَرَبَتْ بخُفِّها بادِرَةَ كِرْكِرَتها وَقد تفْعَلُ ذَلِك عِنْد الْعَطش.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَبْدَرَ الرجلُ إِذا سَرَى فِي ليلةِ البدْر، وأَبْدَرَ الوصِيُّ فِي مَال الْيَتِيم بِمَعْنى بادَرَ كِبْرَهُ وبَدَّرَ مثله، وَيُقَال: ابْتَدَرَ القومُ أمرا وتَبَادَرُوه: أَي بَادر بعضُهم بَعْضًا إِلَيْهِ أيُّهم يَسْبِقُ إِلَيْهِ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ، وبادر فلانٌ فلَانا مُولِّياً ذَاهِبًا فِي فِراره.
قَالَ: والبَدْرُ الغلامُ المُبَادِر، وعَيْنٌ حَدْرَةٌ بدْرة. قَالَ الأصمعيّ: حَدْرَة مُكْتَنِزَةٌ صُلبة، وبَدْرَةٌ تَبْدُرُ بالنَّظَرِ، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: حَدْرَةٌ واسعةٌ، وبدْرَةٌ تامَّةٌ، وَقيل: ليلةُ البدرِ لِتمام قَمرِها.
الحَرّاني عَن ابْن السّكيت يُقَال: غُلَام بَدْرٌ إِذا كَانَ مُمتلِئاً، وَقد أَبْدَرْنَا إِذا طلع لنا البَدْرُ وَسمي بَدْراً لامتلائِه.
د ر م
دمر، رمد، مدر، مرد، (درم، ردم) : مستعملات.
درم: قَالَ اللَّيْث: الدَرَم استِوَاءُ الكَعْب وعَظم الْحَاجِب وَنَحْوه إِذا لم يَنْتَبِر فَهُوَ أَدْرَمُ، وَالْفِعْل دَرِمَ يَدْرَمُ فَهُوَ دَرِم، قَالَ: ودَرِمٌ اسْم رجل من بني شَيبَان ذكره الْأَعْشَى فَقَالَ:
وَلم يُودِ مَنْ كُنْتَ تَسْعَى لَهُ
كَمَا قِيلَ فِي الحربِ أَوْدَى دَرِمْ
قَالَ أَبُو عَمرو: هُوَ دَرِمُ بنُ دُبّ بن ذُهْل بن شيبانَ، فُقِد كَمَا فُقِد القارظَ

(14/82)


العَنَزِيّ فَصَارَ مَثَلاً لكلِّ مَن فُقِد، وَقَالَ اللَّيْث: بَنو دَارِم حيٌّ مِنْ بني تَمِيم فِيهِ بيتُها وشَرَفُها، وَقَالَ غَيره: سمي دارماً لِأَنَّهُ حَمَلَ إِلَى أَبِيه شَيْئا يَدْرِمُ بِهِ أَي يُقارِبُ خُطاه فِي مَشْيِه، عَمْرو عَن أَبِيه الدَّرُوم من النوق الحَسَنَةُ المِشية.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الدَّرِيم الغُلام الفُرْهُدُ النَّاعمُ.
اللَّيْث: الدَّرَّامة من أَسمَاء القُنْفُذ والأرانب، والدَّرامة من نَعْتِ المرأةِ القصيرة، قَالَ: والدَّرَمَانُ مِشْيَةُ الأَرنب والفأرةِ والقُنْفُذِ وَمَا أشبهه، والفعْلُ دَرَمَ يَدْرِم.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الدَّرْماءُ من نَبَات السّهل، وَكَذَلِكَ الطَّحْماء والحَرْشَاءُ والصَّفراءُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: إِذا أَثْنَى الفَرَسُ أَلْقَى رَوَاضِعه فَيُقَال: أَثْنَى وَأَدْرَمَ للإثْناء ثمَّ هُوَ ربَاعٌ.
وَيُقَال: أَهْضَم للإِرباع.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الإدرام أَن يَسْقُطَ سِنُّ البعيرِ لسِنَ نَبَتَتْ.
يُقَال: أَدْرَمَ للإثْناء، وأَدرم للإِرْباع، وأَدْرَمَ للإِسداس.
وَلَا يُقَال: أَدْرَمَ لِلْبُزُول لِأَن البازِل لَا ينْبت إِلَّا فِي مَكَان لم تكن فِيهِ سنّ قبله، ومكانٌ أَدْرَمُ مستوٍ.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: دَرَمَتْ الدّابةُ تَدْرِمُ دَرْماً إِذا دَبَّتْ دَبِيباً.
شمر: المُدَرَّمَةُ من الدُّروع اللّينة المستَوية وَأنْشد فَقَالَ:
هَاتِيكَ تَحْمِلُني وتَحملُ شِكَّتِي
ومُفاضَةٌ تَغْشَى البَنانُ مُدَرَّمَهْ
ردم: اللَّيْث: الرَّدْمُ سَدُّك بَابا كُلَّه أَو ثُلْمَةً أَوْ مَدْخلاً وَنَحْو ذَلِك يُقَال: رَدَمتُه رَدْماً وَالِاسْم الرَّدْم وَجمعه رُدُومٌ وثوب مُرَدَّمٌ ومُلَدَّم إِذا رُقِّعَ. وَقَالَ عنترة:
هَل غادر الشُّعراء مِنْ مُتَرَدَّمِ
أَي مُرَقَّع مُسْتَصْلَح، وَقَالَ غَيره: هَل ترك الشُّعَرَاء مقَالا لقَائِل.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: المرَدَّم والملَدَّم والمرقّع، وَقَالَ غَيره: ثوبٌ رَديمٌ خَلْقٌ وثيابٌ رُدُمٌ.
وَقَالَ سَاعِدَة الهذليُّ:
يُذْرِينَ دَمْعاً على الأَشْفَارِ مُبْتَدِراً
يَرْفُلْنَ بَعْدَ ثِيابِ الخالِ فِي الرُّدُمِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الأرْدَمُ الملاَّحُ والجميع الأرْدَمُونَ وَأنْشد فِي صفة نَاقَة فَقَالَ:
وتَهْفُو بهادٍ لَهَا مَيْلَعٍ
كَمَا أَقْحمَ القَادِسَ الأَرْدَمونا
المَيْلَعُ المضطرب هَكَذَا وَهَكَذَا، والمَيْلَعُ الْخَفِيف.

(14/83)


أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي وَسَلَمَة عَن الْفراء: أَرْدَمَتْ عَلَيْهِ الحُمَّى إِذا لم تُفارِقْه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الرُّدَامُ ضُراط الحِمار وَقد رَدَم يَرْدُم إِذا ضَرِط.
مرد: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَرَدُ الثَّرِيدُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: مَرَد فلَان الخبزَ فِي المَاء ومَرَثَهُ.
شمر يُقال: مَرَدَ الطَّعَام إِذا ماثَه حَتَّى يَلينَ فقد مَردَه، وتَمْرٌ مريدٌ، وَقَالَ النَّابِغَة:
فلَمَّا أَبى أَنْ يَنْزَعَ القَوْدُ لحمَهُ
نَزَعْنَا المرِيذ والمريدَ لِيَضْمَرا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المرَدُ نَقَاءُ الخدَّين من الشّعْر، ونقاء الغُصْن من الْوَرق، والمَرَد التَّمْلِيسُ، ومَرَدْتُ الشيءَ وَمَرَّدْتُهُ لَيَّنْتُهُ وصَقلْتُه، وَغُلَام أَمْردُ، وَلَا يُقَال: جَارِيَة مَرْداء، وَيُقَال: شَجَرَة مَرْداء، وَلَا يُقَال: غُصْنٌ أَمْردُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أَرْضٌ مَرْداءُ وَجَمعهَا مَرَادَى وَهِي رمال مُتَسَطِّحة لَا يُنْبَتُ فِيهَا، وَمِنْهَا قيل للغلام: أَمْرَد، قَالَ: والبَرِيرُ ثَمَر الْأَرَاك، فالغَضُّ مِنْهُ المرْدُ، والنَّضِيجُ الكَباثُ، قَالَ وَقَالَ الْكسَائي: شَجَرَة مَرْداءُ، وغصن أَمْرَدُ لَا ورق عَلَيْهَا.
أَبُو عبيد المُمَرَّد بِنَاء طَوِيل، قلت: وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن} (النَّمْل: 44) .
وَقيل: المُمَرَّدُ: المُمَلَّسُ، وأمّا قَول الله جلّ وعزّ: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النَّفَاقِ} (التَّوْبَة: 101) .
قَالَ الْفراء: يُرِيد مَرَنوا عَلَيْهِ وَجَرَنوا كَقَوْلِك: تمرَّدوا.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المَرْدُ التَّطاوُل بالكبْر والمعاصي وَمِنْه قَوْله: مَرَدوا على النِّفَاق أَي تطاولوا.
وَقَالَ اللَّيْث: المَرْدُ دَفْعُكَ السَّفينة بالمُرْوِيِّ، وَهِي خشبةٌ يدفعُ بهَا الملاَّحُ، وَالْفِعْل يَمْرُدُ.
قَالَ: ومُرادٌ حَيّ، هم الْيَوْم فِي الْيمن، وَيُقَال: إِن نسبهم فِي الأَصْل من نِزَار.
قَالَ: المرادَةُ مَصدر المارِدِ، والمَرِيدُ من شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ وَقد تمرَّدَ علينا أَي عتا واستعصى وَمَرَدَ على الشَّرِّ تَمَرّد أَي عتا وطغى.
قَالَ: والتِّمرادُ بيتٌ صَغِير يَجْعَل فِي بَيت الحمامِ لِمَبيضِه، فَإِذا جُعِلتْ نَسقاً بعضُها فَوق بعض فَهِيَ التَّماريدُ وَقد مرَّدها صَاحبهَا تمْرِيداً وتِمْراداً.
والتِّمْرادُ الِاسْم بِكَسْر التَّاء قَالَ: والتمريدُ: التمليس والتطيين، والأَمْرَدُ الشابُّ الَّذِي بلغ خُرُوج لحيته، وطُرَّ شَاربه ولمَّا تبْدُ لحيتُه، وَقد تمرَّدَ فلَان زَمَانا ثمَّ خرج وَجهه ذَلِك أَن يبْقى أَمْرَدُ، قَالَ: وَامْرَأَة مَرْدَاءُ لم يُخلَق لَهَا إسْبٌ

(14/84)


وَهِي شِعْرَتُها.
وَفِي الحَدِيث: (أهل الْجنَّة جُرْدٌ مُرْدٌ) .
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ الْخُصَيْبي يَقُول: مَرَدَه وَهَرَدَه إِذا قَطَعَه وَهَرَطَ عِرْضَه وَهَدَدَه، وَمن أمثالهم: تمرَّدَ مارِدٌ وعَزَّ الأَبْلَقُ، وهما حِصْنان فِي بِلَاد الْعَرَب غزتهما الزَّبَّاء فامتنعا عَلَيْهَا فَقَالَت هَذِه الْمقَالة وَصَارَت مثلا لِكل عَزِيز مُمتنع، والمَرِّيد الْخَبيث.
التمرد وَكَذَلِكَ المارد والمريد والمُتَمَرِّد الشرير.
رمد: الْحَرَّانِي عَن ابْن السكِّيت: الرَّمْدُ الْهَلَاك، يُقَال: رَمَدَت الغنمُ إِذا هلكتْ من بَرْدٍ أَو صقيعٍ، قَالَ أَبُو وَجْرة السّعدي فِي شعره:
صَبَبتُ عَلَيْكُم حاصِبي فتَركتُكُم
كَأَصْرَامِ عادٍ حِين جَلَّلها الرّمْدُ
قَالَ: والرّمْدُ فِي الْعين، وَقَد رَمِدَت تَرْمَد رَمداً.
وَقَالَ شمر فِي تَفْسِيره عَام الرَّمَادة يُقَال: أَرْمد القومُ إِذا جُهِدوا.
قَالَ: سميت عَام الرَّمادة بذلك قَالَ وَيُقَال: رَمَد عيشهم إِذا هَلَكُوا، وَهُوَ الرَّمْد.
يُقَال: أَصَابَهُم الرَّمد إِذا هَلَكُوا، قَالَ: وَقَالَ: الْقَاسِم: رَمَدَ القومُ وأَرْمَد إِذا هَلَكُوا والرَّمادَةُ الهلكَةُ، قلت: وَقد أَخْبرنِي ابْن هاجك عَن ابْن جَبَلة عَن أبي عبيد أَنه قَالَ: رَمِد الْقَوْم بِكَسْر الْمِيم وارْمَدُّوا بتَشْديد الدَّال وَالصَّحِيح مَا رَوَاهُ شمر: رَمَدُوا، وأَرْمدُوا كَذَلِك.
قَالَ ابْن السّكيت: قَالَ شمر، وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال للشَّيْء الْهَالِك من الثِّيَاب خُلُوقةً: قد رَمَدَ وهَمَد وباد، والرَّامِد الْبَالِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مَهَاةٌ: أَي خَير وبقِيَّةٌ، وَقد رَمَد يَرمُد رُمودَةً.
وأقرأني الإياديُّ لأبي عبيد عَن أبي زيد: الرَّمْد الْهَلَاك وَقد رَمَدَهم يَرْمِدهم فَجعله متعَدياً.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال عَيْنٌ رَمْداءُ وَرجل أَرْمدُ. وَقد رَمِدتْ عينُه وأَرْمدت، والرَّمادُ دُقاقُ الفحم من حُراقَةِ النَّار، وَصَارَ الرَّمادُ رِمْدِداً، إِذا هَبا، وَصَارَ أدقَّ مَا يكون، والمُرَمَّد من اللَّحْم المشوِيُّ الَّذِي مُلَّ فِي الجَمْر، وَقد رَمَّدت النَّاقة تَرْميداً إِذا أَنْزَلَتْ شَيْئا قَلِيلا من اللَّبن عِنْد النَّتاج.
أَبُو عبيد عَن أَبي زِيَاد: إِذا استبان حملُ الشاةِ من الْمعز والضأن، وَعظُم ضرعُها. قيل: رَمَّدتْ تَرْمِيداً وأضرعتْ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الْعَرَب تَقول: رَمَّدتِ الضَّأْن فَرَبِّقْ رَبِّقْ ورَمّدَت المعزى فَرَنِّقْ رَنِّقْ، وَقد مر تَفْسِير التَّرْنيق والتربيق فِي كتاب الْقَاف.

(14/85)


وَقَالَ الْكسَائي: نَاقَة مُرْمِدٌ ومُرِدٌّ إِذا أَضْرَعَتْ.
وَرُوِيَ عَن قَتَادَة أَنه قَالَ: يتَوَضَّأ الرجلُ بِالْمَاءِ الرَّمِدِ والماءِ الطَّرِدِ، فالطَّرِدُ الَّذِي خاضَتْه الدّوابُ، والرّمِدُ الكَدِر. قلت: وبالشَّواجين ماءٌ يُقَال لَهُ: الرَّمادَةُ، وشرِبْتُ من مَائِهَا فوجدتُه عَذباً فُراتاً.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: ارْقَدّ البعيرُ ارْقِداداً، وارْمَدّ ارْمِدَاداً، وَهُوَ شدَّة العَدْوِ.
وَقَالَ الأصمعيّ: ارْقدَّ وارْمَدّ إِذا مضى على وَجهه وأسرع، وثيابٌ رُمْدٌ وَهِي الغُبْرُ فِيهَا كُدُورَةٌ مأخوذٌ من الرّماد، وَمن هَذَا قيل لِضَرْبٍ من البعوض: رُمْدٌ، وَقَالَ أَبُو وَجْرَة:
تبيتُ جارتَه الأفْعى وسامرُه
رُمْدٌ بِهِ عَاذِرٌ مِنْهُنَّ كالجَربِ
يصف الصَّائِد، وَمن أمثالهم: شَوَى أَخُوكَ حَتَّى إِذا أَنْضَجَ رَمّدَ، يُضْرَبُ مَثَلاً للرجل يَعُود بالفَساد على مَا كَانَ أَصْلَحَهُ.
مدر: قَالَ اللَّيْث: المَدر قِطَعُ الطين اليابِس، الواحدةُ مَدَرةٌ، والمَدْر تطيينُك وَجْهَ الْحَوْض بالطِّين الحُرِّ لِئَلَّا يَنْشَفَ، والمَمْدَرَةُ موضعٌ فِيهِ طِين حُرٌّ، وَقد مَدَرتُ الحوضَ أَمْدُرُه.
وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يَأْتيهِ أَبوهُ يَوْم الْقِيَامَة فيسأَلُه أَن يشفعَ لَهُ فيَلتفِتُ إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ بِضِبعَانٍ أَمْدَرَ، فَيَقُول: مَا أَنْت بأَبي.
قَالَ أَبُو عبيد: الأمْدَرُ المنتفخُ الجَنْبيْنِ الْعَظِيم الْبَطن.
قَالَ الرَّاعِي يصف إبِلا لَهَا قيم فَقَالَ:
وقَيِّمٍ أَمْدَرِ الجَنْبَيْنِ مُنْخَرِقٍ
عَنْهُ العَبَاءَةُ قَوَّامٌ على الهَملِ
قَوْله: أَمْدَرُ الجَنْبَين أَي عِظَمِهما. قَالَ: وَيُقَال: الأمْدَرُ الَّذِي قد تَتَرَبَّ جَنْباهُ من المَدَرِ، يذهب بِهِ إِلَى التُّرَاب أَي أَصاب جَسَدَهُ التُّرَاب.
قَالَ أَبُو عبيد:
وَقَالَ بَعضهم: الأمْدَرُ الكثيرُ الترجيع الَّذِي لَا يَقْدِر عَلَى حَبْسِه. قَالَ: ويستقيم أَن يَكون المعْنَيان جَمِيعًا فِي ذَلِك الضِّبْعَانِ.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: المِدْرَاء من الضِّبَاع الَّتِي لَصِقَ بهَا بَوْلها ويَبِسَ خَراؤها، وَيُقَال للرجُل: أَمْدَرُ وَهُوَ الَّذِي لَا يَمْتَسِحُ بِالْمَاءِ وَلَا بِالْحجرِ، وَمَدَرَتْ الضَّبُعُ إِذا سَلَحَتْ.
وَقَالَ شمر: سَمِعت أَحْمد بن هانىء يَقُول: سَمِعت خَالِد بن كُلْثُوم يروِي بيتَ عَمْرو بن كُلْثُوم:
وَلَا تُبْقِي خُمُورَ الأَمْدَرِينَا
بِالْمِيم قَالَ: الأمْدَرُ الأقْلَفُ، والعربُ تسمي الْقرْيَة المبنية بالطين وَاللَّبِن المَدَرَةَ، وَكَذَلِكَ الْمَدِينَة الضخمة يُقَال لَهَا:

(14/86)


المَدَرَةُ.
دمر: فِي الحَدِيث: مَن نَظَرَ من صِيرِ بَاب فقد دَمَر.
قَالَ أَبُو عبيد وَغَيره: دَمَر أَي دَخَل بِغَيْر إذْنٍ، وَهو الدُّمور، وَقد دَمَرَ يَدْمُر دُموراً، ودَمَقَ دَمْقاً ودُمُوقاً.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّمار استئصال الْهَلَاك، يُقَال: دَمَر القومُ يَدْمُرون دَماراً: أَي هَلَكُوا، ودَمَرَهم مَقَتَهم ودَمّرهم الله تَدْميراً. قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً} (الْفرْقَان: 36) يَعْنِي بِهِ فِرْعَوْن وَقَومه الَّذين مُسِخُوا قِرَدَةً وخَنازير.
أَبُو عبيد: المُدَمِّر بِالدَّال الصَّائدُ يُدَخِّن فِي قُتْرَته للصَّيْد بأَوْبَار الْإِبِل، لكَيْلا يجدَ الوحشُ ريحَه، وَقَالَ أوسُ بنُ حُجْر:
فلاقى عَلَيْهَا مِن صَباح مُدَمِّراً
لِنا مُوسِهِ مِن الصَّفيحِ سَقَائِفُ
وَقَالَ اللَّيْث: تَدْمرُ اسْم مَدِينَة بِالشَّام. قَالَ: والتُّدْمُرِي من اليرابيع ضربٌ لئيم الخِلقة عَلْبُ اللَّحْم.
يُقَال: هُوَ من مِعْزى اليرابيع وَأما ضَأْنها فَهُوَ شُفَارِيُّها، وعلامةُ الضَّأْن فِيهَا أَن لَهُ فِي وسط سَاقه ظُفْراً فِي مَوضع صِيصَة الدِّيك، ووُصف الرجل اللَّئِيم بالتَّدْمِري.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: فلَان خاسرٌ دامِر دابِرٌ، وخَسِرٌ دَمِرٌ دبِرٌ، وَمَا رَأَيْت من خسارته ودَمارته ودَبارته.
الْفراء عَن الدُّبيريَّة يُقَال: مَا فِي الدَّار عَيْنٌ وَلَا عَيِّنٌ وَلَا تَدْمُرِيٌ وَلَا تامُورِيٌ وَلَا دُبِّيٌ وَلَا دِبِّيٌ بِمَعْنى وَاحِد وَالله أعلم.

(أَبْوَاب) الدَّال وَاللَّام)
د ل ن
اسْتعْمل من وجوهه: لدن، ندل.
لدن: قَالَ اللَّيْث: اللَّدْن مِن كل شَيْء مَا لاَنَ من عُود أَو حَبْل أَو خَلْق فَهُوَ لَدن، وَقد لدُنَ لُدُونة، وفَتَاةٌ لَدْنة لَيِّنة المَهَزة.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّى عُذْراً} (الْكَهْف: 76) .
قَالَ الزجّاج: وقُرِىء من (لَدُني) بتَخْفِيف النُّون وَيجوز من (لَدْني) بتسكين الدَّال وأجودها بتَشْديد النُّون لِأَن أصل لَدُن الإِسكان فَإِذا أضَفْتها إِلَى نَفسك زِدْت نوناً ليَسْلَم سُكُون النُّون الأولى تَقول: مِن لدُنْ زيد فتُسَكِّن النُّون ثمَّ تُضيف إِلَى نَفسك فَتَقول لَدُنِّي كَمَا تَقول عَن زيد وعَنِّي، ومَن حَذفَ النُّون فَلأَنَّ لَدُنْ اسْم غير مُتمكن، وَالدَّلِيل على أَن الْأَسْمَاء يجوز فِيهَا حذف النُّون قَوْلهم: قَدْني فِي معنى حَسْبي، وَيجوز قَدِي بِحَذْف النُّون لِأَن قَدْ اسْم غير مُتَمَكن.
قَالَ الشَّاعِر:
قَدْني مِن نَصْر الحَبيبَيْن قَدِي
فجَاء باللغتين، قَالَ: وَأما إسْكان دَال لَدْن

(14/87)


فَهُوَ كَقَوْلِهِم: فِي عَضُد عَضْد فَيحذفون الضمة.
وحَكَى أَبُو عُمَر عَن أَحمد بن يحيى والمبرد أَنَّهُمَا قَالَا: الْعَرَب تَقول: لَدُن غُدْوَةٌ ولَدُن غُدْوَةً ولدُن غدوةٍ، فَمن رفع أَرَادَ لدن كَانَت غدوةٌ، وَمن نصب أَرَادَ لَدُن كَانَ الوقتُ غدْوَة، وَمن خَفَض أَرَادَ من عِنْد غدوةٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: لَدُنْ فِي مَعْنى مِن عِنْد تَقول: وقف لَهُ الناسُ مِن لَدُنْ كَذَا إِلَى الْمَسْجِد وَنَحْو ذَلِك إِذا اتَّصل مَا بَين الشَّيْئَيْنِ، وَكَذَلِكَ فِي الزَّمَان مِن لَدُن طُلوع الشَّمس إِلَى غُرُوبهَا أَي من حِين.
أَبُو زيد عَن الكلابيِّين أَجْمَعِينَ: هَذَا من لَدُنِه ضَمُّوا الدَّال وفتحوا اللامَ وكَسروا النُّون.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: فِي لَدُن لُغاتٌ يُقَال: لَدُ، ولَدُن ولَدْن، ولَدَى، ولَدَنْ وَالْمعْنَى وَاحِد، قَالَ: وَهِي لَا تمَكَّن تَمَكُّنِ عِنْدِ لأَنك تَقول: هَذَا القَوْل عِنْدِي صَوَاب وَلَا تَقول: هُوَ لَدُني صَوَاب، وَتقول: عِنْدِي مَال عَظِيم، وَالْمَال غَائِب عَنْك، ولَدُنْ لما يليك لَا غيرُ.
وَفِي الحَدِيث: أَنَّ رجلا مِن الْأَنْصَار أناخَ ناضِحاً لَهُ فَرَكِبَه ثمَّ بَعَثَه فَتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بعضَ التَّلَدُّن فَقَالَ: شَأْ لَعَنك الله، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لاَ تَصحَبْنَا بملعون) ، معنى قَوْله: تَلَدَّنَ عَلَيْهِ أَي تمَكَّثَ وَتَلَبَّثَ وَلم يَثُرْ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: تَلَدَّنْتُ تَلَدُّناً وتَلَبَّث تلبثاً وتمكَّث بِمَعْنى وَاحِد.
ندل: قَالَ اللَّيْث: النَّدْلُ كَأَنَّه الوَسَخُ من غير اسْتِعْمَال فِي الْعَرَبيَّة، وَتَنَدَّلْتُ بالمِنْديل: أَي تمَسَّحتُ بِهِ من أثر الوَضُوء أَو الطَّهُور، قَالَ: والمِنديلُ على تَقْدِير مِفْعيل إسمٌ لما يُمْسحُ بِهِ.
وَيُقَال أَيْضا: تَمنْدَلْتُ. عَمْرو عَن أَبِيه: النَّيْدَلانُ الكابوسُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: هُوَ النَّيْدُلانُ والنَّيْدَلانُ، والمنْدَلُ والمندَلِيُّ: العُود الَّذِي يُتَبخَّر بِهِ.
وَأنْشد الفرّاء:
إِذا مَا مَشَتْ نادَى بِما فِي ثِيَابها
ذَكِيُّ الشَّذَى والمنْدَلِيُّ المطيَّرُ
يَعْنِي العودَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المنْدلُ والمنْقَل الخُفُّ. وَقَالَ الْمبرد: نقلُ الشَّيء واحْتِجَانُه. وَأنْشد:
فَنَذْلاً زُرَيق المالَ نَدْل الثَّعالِبِ
وَيُقَال: انْتدَلْتُ المالَ وانْتبَلْتُه أَي احْتَمَلْتُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النُّدُل خَدَمُ الدَّعوة.

(14/88)


قلت: سُمُّوا نُدُلاً لأَنهم ينقلون الطَّعَام إِلَى من حضر الدعْوَة.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي كِتَابه فِي النَّوَادِر يُقَال: نَوْدَلَتْ خُصْيَاهُ نَوْدَلَةً إِذا استرختا يُقَال: جَاءَ مُنَوْدِلاً خُصْيَاهُ.
وَقَالَ الراجز:
كأَنَّ خُصْيَيهِ إِذا مَا نَوْدَلا
أُثْفِيَّتان تَحمِلان مِرْجَلاَ
وَيُقَال للسِّقَاء إِذا تَمَخّض: هُوَ يُهَوْذِلُ ويُنَوْدِلُ الأول بالذّال وَالثَّانِي بِالدَّال.
د ل ف
دلف، دفل: (مستعملة) .
(دلف) : عَمْرو عَن أَبِيه: الدِّلْفُ الشجاعُ والدَّلْفُ التَّقدمُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الدَّلْف والزَّلْف التقدّم، وَقد دَلَفْنا لَهُم أَي تقدّمنا.
وَقَالَ الأصمعيّ: دَلَفَ الشيخُ يَدْلِفُ دَلْفاً ودَلِيفاً، وَهُوَ فَوق الدَّبيبِ كَمَا تَدْلِفُ الكتيبةُ نَحْو الكتيبة فِي الْحَرْب.
وَقَالَ طَرَفة:
لَا كبيرٌ دالفٌ مِن هَرَم
أرْهَبُ الناسَ وَلَا أكْبُو لِضُرِّ
قلت: ودُلَفُ من أَسمَاء الرِّجَال، فُعَلُ، ودُلَفُ كأَنَّهُ مصروفٌ من دالفٍ مثل ذُفَر وعُمَر. وَأنْشد ابْن السّكيت لِابْنِ الخطيم فَقَالَ:
لَنَا مَعَ آجامِنا وحَوْزَتِنا
بَين ذَراها مخارِفٌ دُلَفُ
أَرَادَ بالمخارف نخلاتٍ يُخْترف مِنْهَا، والدُّلّفُ الَّتِي تَدْلِفُ بحملها أَي تَنْهضُ بِهِ، والدُّلْفِين سَمَكةٌ بحريّة.
دفل: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: وَمن الشّجر الدِّفْلَى وَهُوَ الآءُ والألاءُ والحَبْن وكُلُّه الدِّفْلَى.
قلت: هِيَ شَجَرَة مُرة وَهِي من السُّمُوم.
د ل ب
دلب، دبل، بدل، بلد، لبد: مستعملة.
دلب: قَالَ اللَّيْث: الدُّلْبُ شَجَرَة العيثَام، وَيُقَال: شجر الصِّنارِ وَهُوَ بالصِّنار أشبه، والواحدة دُلْبَةٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدُّلْبَةُ السّوادُ، والدُّلْبُ جنْسٌ من سُودان السِّند، وَهُوَ مقلوب عَن الدَّيْبُل.
وَقَالَ الشَّاعِر:
كَأَن الذِّرَاع المشكُولَ مِنْهَا
سَلِيبٌ مِن رجال الدّيْبُلانِ
قَالَ: شَبَّهَ سوادَ الزِّقِّ بالأسود المشلَّح من رجال السَّنَد.
دبل: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: التَّدْبيلُ: تَعظيمُ اللُّقمة وازدرادُها، والدّوْبَلُ ذَكَرُ الْخَنَازِير وَهُوَ الرّتُّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّبْلَةُ كتلة من ناطِفٍ أَو

(14/89)


حَيْسٍ أَو شَيءٍ مَعْجون أَو نَحْو ذَلِك، وَقد دَبَّلْتُ الحَيْسَ تَدْبيلاً أَي جعلتُه دبَلاً.
وَقَالَ النَّضر: الدُّبلُ اللُّقمُ من الثرِيد الْوَاحِدَة دُبْلَةٌ، والدّبيلُ موضعٌ يتاخِم أعراضَ الْيَمَامَة وَأنْشد فَقَالَ:
لَوْلا رَجاؤُك مَا تَخَطَّتْ ناقَتِي
عُرْضَ الدّبِيلِ وَلَا قُرى نَجْران
ويُجمع دُبُلاً. وَقَالَ العجاج:
جَادَلَه بالدُّبُل الوَسْمِيّ
قَالَ: وَدَيْبُلُ مَدِينَة من مَدَائِن السِّند، غَيره: دَبَلْتُ الأرضَ وَدَمَلْتُهَا أَي أصلحتها.
وَقَالَ الْكسَائي: أَرض مَدْبُولة إِذا أصلحتها بالسِّرْجينِ وَنَحْوه حَتَّى تجودَ، وَقد دَبلتُهَا أدبلها دُبولاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الدُّبالُ والذُّبال النُّفاياتُ، يُقَال: دَبَلْته دُبُولاً وذَبَلْته ذبولاً.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: دِبْلٌ دَبيلٌ أَي ثُكْلٌ ثاكلٌ وَمِنْه سميت الْمَرْأَة: دِبْلَةٌ وَقَالَ الراجز:
يَا دِبْلُ مَا بِتُّ بليلٍ ساهِداً
وَلَا خَرَرْتُ الرَّكعتين سَاجِدا
قَالَ: وَيُقَال: دَبْلتُهم دُبَيْلَة: أَي هَلَكُوا وصلَّتهم صالَّةٌ. وروى أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: ذِبْلٌ ذَابِلٌ بِالذَّالِ، وَهُوَ الهوان والخزي.
قَالَ شمر وَغَيره يَقُول: دبل دابل بِالدَّال وَيُقَال: الجداول الدُّبُول وَاحِدهَا دَبْلٌ لِأَنَّهَا تُدْبل أَي تُصْلَح وتُنَقَّى وتُجْهَر، وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما غَدا إِلَى النطَاةِ دلَّه الله على دبول كَانُوا يَتَرَوَّوْنَ مِنْهَا فقطعها عَنْهُم حَتَّى أَعْطوا بأَيديهم.
بلد: قَالَ اللَّيْث: البَلدُ كل مَوضِع مُسْتَحيزٍ من الأَرْض عامِرٍ أَو غير عَامر أَو خالٍ أَو مسكون فَهُوَ بلد، والطائفة مِنْهَا بَلْدَة والجميعُ الْبِلَاد، والبُلْدَان اسْم يَقع على الكُوَر والبَلدُ المقْبَرَة، وَيُقَال: هُوَ نَفْسُ الْقَبْر، وَرُبمَا جَاءَ البَلدُ يَعْنِي بِهِ التُّرَاب، قَالَ: والبَلْدَة بَلْدَةُ النَّحْر وَهِي الثغرةُ وَمَا حولهَا وَأنْشد:
أُنِيخَتْ فأَلْقَتْ بَلْدَةً فوقَ بلدةٍ
قَلِيل بهَا الأصواتُ إِلَّا بغَامُها
والبلدةُ فِي السماءِ موضعٌ لَا نُجُوم فِيهِ بَين النَّعَائم وسَعْدِ الذَّابح، ليستْ فِيهِ كواكب عِظَام تكون عَلَماً، وَهِي من منَازِل الْقَمَر، وَهِي آخر البروج، سُميت بَلْدَةً وَهِي من بُرْج القَوْس خَالِيَة إلاَّ من كواكبَ صغارٍ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: والأَبْلَدُ من الرِّجَال الَّذِي لَيْسَ بمقرونٍ وَهِي البَلْدَة والبُلْدَة. وَقَالَ الْأَحْمَر: المتبلِّدُ الَّذِي يتَرَدَّد مُتحيراً وَأنْشد للبيد فَقَالَ:
عَلِهَتْ تَبَلَّدُ فِي نِهَاءِ صعائِدٍ
سَبْعاً تُواماً كامِلاً أيامُها

(14/90)


وَقَالَ اللَّيْث: التَّبَلُّد نقيض التجلد، وَهُوَ استكانة وخضوع وَأنْشد:
أَلا لَا تَلُمْه الْيَوْم أَن يَتَبَلَّدَا
فقد غُلبَ المحزون أَن يتجلّدَا
قَالَ: وبلَّدَ إِذا نكَّسَ فِي الْعَمَل وضَعُفَ حَتَّى فِي الْجُود، قَالَ الشَّاعِر:
جَرَى طلَقاً حَتَّى إِذا قُلْتُ سابِقٌ
تَدَارُكه أَعْراقُ سوءٍ فبَلّدَا
وَقَالَ غَيره: البَلْدَة رَاحَة الْكَفّ، وَقيل للمُتَحَيِّر: متَبَلِّد لِأَنَّهُ شُبِّه بِالَّذِي يتحير فِي فلاةٍ من الأَرْض، لَا يَهْتَدِي فِيهَا وَهِي البَلْدَة، وكل بَلَدٍ وَاسع بَلْدةٌ وَقَالَ الْأَعْشَى يذكر الفلاة:
وبَلْدَةٍ مثل ظهْرِ التُّرْسِ موحِشَةٍ
لِلْجِنِّ بِاللَّيْلِ فِي حافاتها شُعَلٌ
وَقَالَ اللَّيْث: البَلادة نقيض النّفاذِ والمضاءِ فِي الْأُمُور، وَرجل بليد إِذا لم يكن ذكيّاً، وفرسٌ بليد، إِذا تأخَّر عَن الْخَيل السوابق وَقد بَلُدَ بلادةً.
قَالَ: والمبالدةُ كالمبالَطَة بِالسُّيُوفِ والعِصِيِّ إِذا تجالدوا بهَا، وَيُقَال: اشْتُق من بِلادِ الأَرْض.
أَبُو عبيد: البَلَدُ الأثَرُ بالجسد وَجمعه أَبْلاَدٌ، وَقَالَ ابْن الرّقاع:
من بَعْدِ مَا شَمِل الْبِلَى أَبْلادها
قَالَ وَقَالَ أَبُو زيد: بَلَدْتُ بِالْمَكَانِ أَبلُدُ بلوداً وأَبَدْتُ بِهِ آبُدُ أبُوداً: أَي أقمتُ بِهِ، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي فَقَالَ:
ومُبْلِدٍ بَيْنَ مَوْمَاةٍ بمهلكةٍ
جاوَزْتُه بعلاةِ الخلْق عِلْيَانِ
قَالَ: المبْلِدُ الحوضُ الْقَدِيم هَهُنَا وَأَرَادَ مُلْبِدٍ فَقلب وَهُوَ اللاصق بِالْأَرْضِ، وَمِنْه قَول عَلِيَ لِرجلَيْنِ جَاءَا يسأَلانِه: أَلْبدا بِالْأَرْضِ حَتَّى تفهما، وَقَالَ غَيره: حوضٌ مُبْلِدٌ تُرك وَلم يُستعمل فَتَدَاعى وَقد أَبْلد إبلاداً.
وَقَالَ الفرزدق يصف إبِلا سَقَاهَا فِي حَوْض داثِرٍ:
قَطَعْتُ لألحيهِنَّ أَعضادَ مُبْلِدٍ
يَنشُّ بِذِي الدَّلْوِ المُحِيلِ جوانِبُهْ
أَرَادَ بِذِي الدَّلْو الْمُحِيل الماءَ الَّذِي قد تَغيّرَ فِي الدَّلْو لِأَنَّهُ نُزِع متغيراً.
لبد: أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: أَلْبَدَ بِالْمَكَانِ فَهُوَ مُلْبِدٌ بِهِ إِذا أَقَامَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: اللّبِيدُ من الرِّجَال الَّذِي لَا يبرح منزله وَهُوَ الألْيَسُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: لَبَدَ ولَبِدَ لُبوداً إِذا أَقَامَ بِالْمَكَانِ، قَالَ: وَإِذا رُقِعَ الثوبُ فَهُوَ مُلَبَّدٌ ومُلْبَدٌ ومَلْبُودٌ. وَفِي الحَدِيث أَن عَائِشَة أخرجت كِسَاءً للنبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُلَبَّداً أَي مُرَقَّعاً، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً} (الْبَلَد: 6) .
قَالَ الْفراء: اللَّبَدُ الْكثير، قَالَ بَعضهم:

(14/91)


واحدتُهُ لُبْدَةٌ، ولُبَدُ جماع، قَالَ: وَجعله بَعضهم على جِهَة قُثَم وحُطَمٍ وَاحِدًا، وَهُوَ من الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا الْكثير. قَالَ: وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر المدنيّ: (مَالا لُبَّداً) مُشَدَّداً فكأَنه أَرَادَ مالَ لابد، ومالانِ لاَبِدَانِ وأموال لُبَّدٌ، وَالْأَمْوَال وَالْمَال قد يكونَانِ فِي معنى وَاحِد.
وَقَالَ الزّجاج: مالٌ لُبَدٌ: كثيرٌ، وَقد لَبَد بعضه بِبَعْض وَقَوله جلّ وعزّ: {أَحَداً وَأَنَّهُ لَّمَا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ} (الْجِنّ: 19) قَالَ وقرىء (لُبَداً) قَالَ: وَالْمعْنَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما صلى الصُّبْح بِبَطن نَخْلَةَ كَادَت الْجِنّ لما سمعُوا الْقُرْآن وتعجبوا مِنْهُ أَن يَسقطوا عَلَيْهِ. قَالَ: وَمعنى لِبَداً يركَبُ بَعضهم بَعْضًا وكلُّ شَيْء أَلصَقْته بِشَيْء إلصاقاً شَدِيدا فقد لَبّدتَه، وَمن هَذَا اشتقاق هَذِه اللُّبُودِ الَّتِي تُفْتَرَش. قَالَ: ولِبَدٌ جمع لبْدَةٍ ولُبَدٌ وَمن قَرَأَ (لُبَّداً) فَهُوَ جمع لابد.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول صبيان الْأَعْرَاب إِذا رَأَوْا السُّمَانَى: سُمَانَى لُبَادَى الْبُدى لَا تُرَى، فَلَا تزَال تَقول ذَلِك وَهِي لابدةٌ بِالْأَرْضِ أَي لاصقةٌ وَهُوَ يُطيف بهَا حَتَّى يَأْخُذَها.
وَقَالَ: كل شَعَرٍ أَو صوف يَتَلَبَّد فَهُوَ لِبْدٌ ولِبْدة، وللأسد شَعَرٌ كثير قد تَلَبَّد على زُبْرَتِهِ قَالَ: وَقد يكون مثلُ ذَلِك على سَنَام الْبَعِير وَأنْشد:
كَأَنَّهُ ذُو لِبَدٍ دَلَهْمسِ
قَالَ: واللُّبَادَةُ لِباسٌ من لُبُود؛ قَالَ: ولُبَدٌ اسْم آخِر نسور لُقمانَ بن عَاد سَمَّاهُ لُبَداً لِأَنَّهُ لَبِدَ فَلَا يَمُوت وَلَا يذهب كاللَّبِد من الرِّجَال اللَّازِم لرِحْلِه لَا يفارِقه. وَالْعرب تَقول: مَا لَهُ سَبَدٌ وَلَا لَبَدٌ.
قَالَ ابْن السّكيت: قَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ مَا لَهُ قليلٌ وَلَا كثيرٌ، قَالَ وَقَالَ غَيره: السَّبَدُ من الشَّعَر واللَّبَد من الصُّوف، أَي مَا لَهُ ذُو شَعَر وَلَا ذُو صُوفٍ وَوَبَر، وَكَانَ مالَ الْعَرَب الْخَيل وَالْإِبِل وَالْغنم وَالْبَقر فَدخلت كلهَا فِي هَذَا الْمثل.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُلْبِدُ الفحلُ من الإِبل يضْرب فَخذيهِ بِذَنبِهِ فَيَلْصَقُ بهما ثَلْطُهُ وبَعَرُه؛ قَالَ والمُلْبد أَيْضا: اللاصق بِالْأَرْضِ.
وَفِي حَدِيث أبي بكر أَنه كَانَ يحلب فَيَقُول: أَأَلْبِدْ أَمْ أَرْغي فَإِن قَالُوا: أَلْبِدْ أَلْصَق العُلبة بالضَّرْع، فَحَلَبَ وَلَا يكون لِذلك الحَلْب رَغْوَة، فَإِن أَبانَ العُلْبَة رغا الشَّخْبُ بشدَّة وُقُوعه فِي العُلْبة.
وَقَالَ أَبُو زيد: المُلَبِّدُ من الْمَطَر: الرَّشُّ، وَقد لَبَّدَ الأرضَ تلبيداً.
وَفِي حَدِيث عُمر أَنه قَالَ: من لَبَّدَ أَو عَقَصَ أَو ضفَرَ فَعَلَيهِ الحَلْق. قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: لَبَّد يَعْنِي أَن يجعلَ فِي رَأسه شَيْئا من صَمْغ أَو غِسْلٍ ليَتَلَبَّدَ شَعْره وَلَا

(14/92)


يَقْمُل، هَكَذَا قَالَ يحيى بن سعيد، وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا التَّلْبيدُ بُقْيا على الشَّعَر لِئَلَّا يَشْعَث فِي الْإِحْرَام؛ وَلذَلِك أوجب عَلَيْهِ الْحلق كالعُقوبة لَهُ، قَالَ ذَلِك سُفْيان بن عُيَيْنَة.
وَقَالَ شمر: أَلْبَدْتُ القِرْبَة أَي صَيَّرْتها فِي لَبِد وَهُوَ الجُوالِق الصَّغِير وَأنْشد:
قُلْتُ ضَعِ الأدْسم فِي اللَّبيد
قَالَ: يُرِيد بالأدْسم نِحْيَ سَمَن واللَّبيدُ لِبْدٌ يُخاطُ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْن السّكيت: أَلْبَدَت الْإِبِل إِذا أَخرج الربيعُ أَلْوانها وأوبارها وتهيَّأَتْ لِلسِّمَنِ، وَقَالَ: أَلْبَدْتُ القِربة إِذا صيرتَها فِي لَبيد وَهُوَ الجُوالق الصَّغِير، وَيُقَال: قد أَلْبَدتُ الفرسَ فَهُوَ مُلْبَدٌ، وَقَالَ الْكسَائي: أَلْبدْتُ السَّرج عملت لَهُ لِبْداً.
وَقَالَ ابْن السّكيت: لَبِدَتِ الْإِبِل تَلْبد لَبَداً: إِذا دَغِصَتْ بالصِّلِّيان وَهُوَ الْتِواءٌ فِي حَيازيمها وَفِي غَلاصِمِها إِذا أكثرت مِنْهُ فَتَغَصُّ بِهِ وَلَا تمْضِي، فَيُقَال: هَذِه إبل لَبَادَى ونَاقَةٌ لَبِدَةٌ، شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: لَبَد الرجل بِالْمَكَانِ يَلْبُدُ لُبوداً إِذا أَقَامَ، وَمِنْه قَول حُذَيْفَة حِين ذكر الْفِتْنَة قَالَ: فَإِذا كَانَ ذَلِك، فالْبُدوا لُبُود الرَّاعِي خلف غنمه، أَي اثبتوا والزموا مَنَازِلكُمْ كَمَا يعْتَمد الرَّاعِي على عَصَاهُ ثَابتا لَا يَبْرَحُ، ولَبَد الشيءُ بالشَّيْء يَلْبُد: إِذا ركِبَ بعضُه بَعْضًا.
بدل: أَبُو عبيد عَن الفرّاء: بَدَلٌ وبِدْلٌ ومَثَلٌ ومِثْلٌ وشَبَهٌ وشِبْهٌ.
وَأَخْبرنِي الإياديُّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: يُقَال: هَذَا بِدُلُ هَذَا وبَدَلُه.
قَالَ: وَوَاحِد الأَبدال يُرِيد العُبَّاد أَيْضا: بِدْلٌ وبَدَلٌ. وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي حَدِيث رَوَاهُ بِإِسْنَاد لَهُ عَن عَليّ أَنه قَالَ: الأبدال بِالشَّام والنُّجَبَاء بِمصْر والعَصائِبُ بالعراق، قَالَ ابْن شُمَيْل: الأبدال: خيارٌ بَدَلٌ من خِيَار، والعصائب: عُصْبَةٌ وعصائب يَجْتَمعُونَ فَيكون بَينهم حَرْب، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى: قَالَ الْفراء يُقَال: أبدَلْتُ الْخَاتم بالحلْقَة: إِذا نَحَّيْتَ هَذَا وَجعلت هَذَا مَكَانَهُ، وبَدَّلْتُ الْخَاتم بالحلقة: إِذا أَذَبْتَه وسوَّيته حَلقَةً، وبدلتُ الْحلقَة بالخاتم إِذا أَذَبْتَها وجعلتها خَاتمًا، قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وحقيقتُه أنَّ التَّبديلَ تغييرُ الصُّورَة إِلَى صُورَة أُخْرَى، والجوهرةُ بِعَينهَا، والإبدال تَنْحِيَةُ الْجَوْهَرَة واستئنافُ جَوْهَرَة أُخْرَى وَمِنْه قَول أبي النَّجْم:
عَزْلُ الأَمير للأمير المبدَلِ
أَلا ترى أَنه نَحَّى جِسْماً وَجعل مَكَانَهُ جِسماً غيرَه، قَالَ أَبُو عمر: وعرضتُ هَذَا على الْمبرد فَاسْتَحْسَنَهُ، وَزَاد فِيهِ، فَقَالَ: قد جَعَلَتِ الْعَرَب بدَّلتُ بِمَعْنى أَبدلت وَهُوَ قَول الله جلّ وعزّ: {فَأُوْلَائِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} (الْفرْقَان: 70) أَلا ترى

(14/93)


أَنه قد أَزَال السيئاتِ وَجعل مَكَانهَا حسناتٍ قَالَ: وأمَّا مَا شَرَط أحمدُ بنُ يحيى فَهُوَ معنى قَول الله: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا} (النِّسَاء: 56) . قَالَ: فَهَذِهِ هِيَ الْجَوْهَرَة، وتبديلها: تغييرُ صورتهَا إِلَى غَيرهَا لِأَنَّهَا كَانَت ناعمةً فاسودَّتْ بِالْعَذَابِ، فرُدَّتْ صورةُ جُلُودهمْ الأولى لما نَضِجَتْ تِلْكَ الصُّورَة، فالجوهرة وَاحِدَة وَالصُّورَة تخْتَلف.
وَقَالَ اللَّيْث يُقَال: استبدل ثوبا مَكَان ثوبٍ أَو أَخا مَكَان أخٍ، ونَحو ذَلِك الْمُبَادلَة. أَبُو عبيد عَن الْفراء: البَآدل واحدتها بَأْدَلَة، وَهِي مَا بَين العُنُق إِلَى التَّرْقُوة وأنشدنا:
فَتًى قُدَّ قَدَّ السَّيف لَا مُتَآزفٌ
وَلَا رَهِلٌ لَبَّاتُهُ وبَآدله
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو مثله، وَقَالَ: وَاحِدهَا بَأدلٌ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: البَأْدَلة: لَحْم الصّدْر وَهِي البَادِرَة والبَهْدَلَةُ وَهِي الفَهْدَةُ.
وَقَالَ غَيره: الْعَرَب تَقول للَّذي يَبِيع كل شَيْء من المأكولات: بَدّال. قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: والعامة تَقول: بَقَّال.
د ل م
دلم، دمل، لدم، ملد، مدل، لمد: مستعملة.
مدل: أهمله اللَّيْث وروى أَبُو عبيد عَن الْفراء: رجل مِدْلٌ ومِذْلٌ بِكَسْر المِيم فيهمَا وَهُوَ الخفِيُّ الشَّخْص القليلُ الْجِسْم، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ المَدْل بِفَتْح الْمِيم للخسيس من الرِّجَال.
لمد: أهمله اللَّيْث وروى عَمْرو عَن أَبِيه: اللّمذ: التَّوَاضُع بالذَّال.
ملد، (أملود) : أهمله اللَّيْث المَلد مصدر؛ الشَّاب الأملد وَهُوَ الناعم وأَنشد فَقَالَ:
بعد التَّصابي والشباب الأَمْلَدِ
يُقَال: امرأَة مَلْدَاءُ وأُمْلُدَانِيّةٌ وشابٌّ أُملود وأُمْلدَانيُّ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الأُمْلودُ من النِّسَاء الناعمةُ المستويةُ الْقَامَة، وَقَالَ غَيره: غُصْنُ أُملود وَقد مَلَّدَه الرّي تمليداً، وروى إِسْحَاق بن الْفرج عَن شَبَابةَ الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: غُلامٌ أُمْلودٌ وَأُفْلوذٌ إذَا كَانَ تَاما مُحْتَلماً شَطْباً.
دلم: قَالَ اللَّيْث: الأَدْلَمُ من الرِّجَال الطويلُ الْأسود، وَمن الْخَيل كَذَلِك فِي مُلُوسة الصخر غير جِدَ شديدِ السوَاد وَقَالَ رؤبة:
كَأَن دَمْخاً ذَا الهِضَابِ الأدْلَمَا
يصف جبلا. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الأَدْلَمُ من الأَلْوانِ هُوَ الأَدْغَم؛ وَقَالَ شمر: رجلٌ أَدْلَمُ وجبل أَدْلَمُ، وَقد دَلِمَ دَلَماً، وَقَالَ عنترة:

(14/94)


وَلَقَد هَمَمْتُ بغارةٍ فِي ليلةٍ
سوْدَاء حالِكَةٍ كَلَوْن الأَدْلَمِ
قَالُوا: الأَدلَم هُنا الأَرَنْدَجُ، وَيُقَال للحية الأَسْود: أَدْلَمُ، وَيُقَال: للأَدْلامِ: أَوْلادُ الحيَّاتِ وَاحِدهَا دُلْمٌ.
أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الدَّيْلَمُ النَّمْل، والدَّيْلَم السُّودَان، والدَّيْلَم الأعْدَاءُ، والدَّيْلَم مَاء لبني عَبْس.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّيْلَم جِيلٌ من النَّاس، وَقَالَ غيْرُه: من ولد ضَبَّة بن أُدَ وَكَانَ بعض مُلوك الْعَجم وَضَعَهم فِي تِلْكَ الْجبَال فربلوا بهَا، وَأما قَول رؤبة:
فِي ذِي قُدَامَى مُرْجَحِن دَيْلَمُهْ
فَإِن أَبَا عَمْرو قَالَ: كَثْرتُه كَكَثْرةِ النَّمل، وَهُوَ الدَّيْلَم، قَالَ: وَيُقَال للجيش الْكثير: دَيْلَم، أَرَادَ فِي جيشٍ ذِي قُدَامى والمُرْجَحِنُّ الْقَدِيم الثقيلُ الْكثير، وَأما قَول عنترة:
زَوْرَاءُ تَنْفِرُ عَن حِياض الدَّيْلَمِ
فَإِن بَعضهم قَالَ: عَن حِيَاض الأَعداء، وَقيل: عَن حِيَاض مَاءٍ لبني عبس، وَقيل: أرادَ بالدَّيلم بني ضَبَّة سُمُّوا دَيْلماً لدُغْمَةٍ فِي ألوانهم، وَقَالَ ابْن شُمَيْل: السَّلامُ شَجَرَة تَنْبتُ فِي الْجبَال نُسَمِّيها الدَّيْلَمَ.
لدم: قَالَ اللَّيْث: اللَّدْمُ ضربُ الْمَرْأَة صَدْرَها، والْتَدَم النِّساء إِذا ضَربْنَ وجوههن فِي المآتم وَأنْشد الأصمعيّ:
ولِلفؤاد وَجِيبٌ تَحتَ أَبْهَرِهِ
لَدْمَ الغُلام وراءَ الغَيْب بالحَجرِ
قَالَ: اللَّدْم الضربُ والْتِدَامُ النِّسَاء من هَذَا.
وَقَالَ اللَّيْث أَيْضا: اللَّدْمُ ضربُك خبْزَ الملَّة إِذا أَخْرجْتَه مِنْهَا.
وَقَالَ غَيره: اللَّدم واللَّطم وَاحِد، ورُوي عَن عليّ رَضِي الله عَنهُ أَن الْحسن قَالَ لَهُ فِي مَخْرَجه إِلَى الْعرَاق: إنَّه غير صَوَاب، فَقَالَ: وَالله لَا أكون مثل الضَّبُع تسمعُ اللَّدمَ فَتُصَادَ، ذَلِك أَن الصياد يَجِيء إِلَى جُحْرها فَيُصَوِّتُ بحجرٍ فتخرجُ الضَّبُعُ فيأخذُها وَهِي من أَحمَق الدَّوَابّ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُلَدَّم والمُرَدَّمُ من الثِّيَاب المرقع، وَهُوَ اللَّدِيم، قَالَ أَبُو عَمْرو وَقَالَ الْفراء: المِلْدم الرجلُ الأحمقُ الضخم الثقيل، وَقَالَ اللَّيْث: أمُّ مِلْدَمٍ كُنْيَةُ الحمَّى، والعربُ تَقول: قَالَت الحُمَّى: أَنا أُمُّ مِلْدَم، آكلُ اللحمَ وأمُصُّ الدمَ، وَيُقَال لَهَا: أمُّ الهِبْرِزِيِّ، وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَن الْأَنْصَار لما أَرَادوا أَن يبايعوه فِي شِعْبِ العَقَبة بِمَكَّة، قَالَ أَبُو الْهَيْثَم بن التَّيْهان: يَا رَسُول الله: إنَّ بَيْننَا وَبَين الْقَوْم حِبالاً وَنحن قَاطِعُوهَا فَنَخْشَى إنْ الله أَعزَّك وأظهركَ أَنْ ترجعَ إِلَى قَوْمك، فَتَبَسَّمَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: بل الدَّمُ الدَّمُ والهَدَمُ الهَدَمُ أُحَارب من حَارَبْتُمْ

(14/95)


وأسالمُ مَن سَالَمْتُمْ) . وَرَوَاهُ بَعضهم اللَّدَمُ اللَّدَمُ والهَدَمُ الهَدَمُ، فَمن رَوَاهُ: بل الدَّمُ الدَّمُ والهَدَمُ الهَدَمُ فَإِن المنذريّ أَخْبرنِي عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الْعَرَب تَقول: دَمِي دَمُك وهَدَمِي هَدَمُك فِي النُّصْرة أَي إِن ظُلِمْتَ فقد ظُلِمتُ، قَالَ وأنشدني العُقَيْليّ:
دَمًا طَيِّباً يَا حَبَّذا أنْتَ من دَمِ
قلت: وَقَالَ الْفراء: العربُ تُدخل الْألف وَاللَّام اللَّتَيْنِ للتعريف على الِاسْم فيقومان مقَام الْإِضَافَة كَقَوْل الله جلّ وعزّ: {يَرَى فَأَمَّا مَن طَغَى وَءاثَرَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِىَ الْمَأْوَى} (النازعات: 37 39) أَي الْجَحِيم مَأْوَاه وَكَذَلِكَ قَوْله: {لله)) الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِىَ الْمَأْوَى} (النازعات: 40، 41) . فَإِن الْجنَّة مَأْوَاه، وَقَالَ الزّجاج: مَعْنَاهُ أَن الْجنَّة هِيَ المأوى لَهُ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي كل اسْم يدل على مِثْلِ هَذَا الْإِضْمَار، فعلى قَول الْفراء قَوْله: الدَّمُ الدمُ أَي دمُكم دمِي وهَدَمُكم هَدَمِي، وَأما من رَوَاهُ: بل اللَّدَمُ اللَّدَمُ والهَدمُ الهَدَمُ فَإِن أَبَا الْعَبَّاس روى عَن ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا أَنه قَالَ: اللَّدَمُ: الحُرَمُ، قَالَ: والهَدَمُ القَبْر فَالْمَعْنى حُرَمُكم حُرَمي وأُقْبَر حيثُ تُقْبَرُون، وَهَذَا كَقَوْلِه: الْمَحيا مَحْياكم والمماتُ مماتُكم لَا أفارقكم، وَذكر القتيبي: أَن أَبَا عُبيدة قَالَ فِي معنى هَذَا الْكَلَام: حُرْمَتِي مَعَ حُرْمَتكم وبَيْتي مَعَ بيتِكم وأَنشد:
ثمَّ الحقي بِهَدمي ولَدَمِي
أَي بأصْلِي وموْضِعِي قَالَ: وأصل الهَدَمِ مَا انْهَدَمَ تَقول: هَدَمْتُ هَدْماً وَالْمَهْدُومُ هَدَمٌ وبِهِ سُمِّي منزلُ الرجل هَدَمَا لانهدامه قَالَ: وَيجوز أَن الهَدمَ القبرُ سمي بذلك لِأَنَّهُ يُحْفَرُ ثمَّ يُرْدم ترابه فِيهِ، فَهُوَ هَدَمهُ قَالَ: واللَّدَم الحُرَمُ جمع لاَدِم سُمِّي نسَاء الرجل وحرمُه: لَدَما لِأَنَّهُنَّ يَلْتَدِمْنَ عَلَيْهِ إِذا مَاتَ.
ابْن هانىء عَن ابْن زيد يُقَال: فلَان فَدْمٌ ثَدم لَدْم بِمَعْنى وَاحِد.
دمل: قَالَ اللَّيْث: الدَّمَال السِّرْقينُ وَنَحْوه، وَمَا رَمى بِهِ البحرُ من خُشَارَة مَا فِيهِ من الْخلق مَيتا، نَحْو الأصداف والمناقِيفِ والنَّبَّاح فَهُوَ دَمال وَأنْشد:
دَمالُ البحُور وحِيتانها
وَفِي حَدِيث سَعْد بنِ أبي وقَّاص: أَنه كَانَ يَدْمُل أرضَه بالعُرةِ، قَالَ أَبو عبيد قَالَ الْأَحْمَر فِي قَوْله: يَدْمُل أرضَه، أَي يُصْلِحها ويُحسِن معالجتها، وَمِنْه قيل للجُرح: قد انْدَمَل إِذا تَماثَل وصَلَح، وَمِنْه قيل: دَامَلْتُ الرجلَ إِذا داريته لتُصلح مَا بَيْنك وَبَينه وَأنْشد:
شَنِئْتُ من الإخوان من لستُ زَائِلاً
أُدامِله دَمْلَ السِّقاء المُخرَّقِ
قَالَ: وَيُقَال للسِّرجين: الدَّمال لِأَن

(14/96)


الأَرْض تُصْلَح بِهِ، أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال للتَّمرِ العَفِنِ: الدَّمال، وَقَالَ اللَّيْث: الاندِمال التماثُلُ من الْمَرَض وَالْجرْح، وَقد دَمَلَه الدواءُ فاندمل، قَالَ: والدُّمَّل مُسْتَعْمل بِالْعَرَبِيَّةِ يجمع دَمَامِيل وَأنْشد:
وامْتَهَدَ الغارِبُ فِعْلَ الدُّمَّلِ
وَقَالَ غَيره: قيل لهَذِهِ القُرحَةِ: دُمَّلٌ لِأَنَّهَا إِلَى الْبُرْء، والاندمال مَاضِيَة انْتهى، وَالله أعلم بذلك.

(أَبْوَاب) الدَّال وَالنُّون)
د ن ف
دنف، دفن، نفد، ندف، فند، فدن: مستعملات.
دنف: قَالَ اللَّيْث: الدَّنَفُ الْمَرَض المخامِر اللاَّزِمُ، وَصَاحبه دَنِفٌ ومُدْنِفٌ وَقد دَنِفَ يَدْنف وَقد أدْنَفَ فهُو مُدنَفٌ وَامْرَأَة دَنَفَةٌ، فَإِذا قلت: رجل دَنَفٌ لم تُثنِّ وَلم تجمع وَلم تؤنِّثْ قَالَ العجاج:
والشَّمْسُ قد كادتْ تكون دَنَفَا
أَي حِين اصفَرَّت.
سَلمَة عَن الْفراء: رجل دَنَفٌ وضَنًى، وقومٌ دَنَفٌ وَضَنًى وَيجوز أَن يُثَنَّى الدنف وَيجمع فَيُقَال: أَخَوَاك دَنَفان وإخوتك أدْنافٌ، وَإِذا قلتَ: رجلٌ دَنِفٌ بِكَسْر النُّون ثَنَّيْتَ وجمعت لَا محَالة، فقلتَ: رجل دَنِفٌ ورجلان دَنِفان وَامْرَأَة دَنِفةٌ ونسوة دَنِفاتٌ.
ندف: قَالَ اللَّيْث: النَّدْفُ طَرْق القَطن بالمِنْدَفِ والفِعل: يَنْدِف، وَالدَّابَّة تَنْدِفُ وَهُوَ مسيرها نَدْفاً، وَهُوَ سرعَة رَجَعَ الْيَدَيْنِ، والنَّدِيفُ القُطن الَّذِي يُبَاع فِي السُّوق مَنْدوفاً، والنَّدفُ شُرْبَ السبَاع الماءَ بألسنتها، وَقَالَ غَيره: النَّدَّاف الضَّراب بالعُود وَقَالَ الْأَعْشَى:
وصَدُوحٍ إِذا يُهَيِّجُها الشُّرْ
بُ تَرَقَّتْ فِي مِزْهَرٍ مَنْدُوف
أَرَادَ بالصَّدُوح جَارِيَة تُغنّي؛ وَقَالَ الأصمعيّ: رجل نَدَّافٌ كثير الْأكل والنَّدْفُ الْأكل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَنْدَفَ الرجلُ إِذا مَال إِلَى النَّدف وَهُوَ صَوْتُ الْعود فِي حِجْر الكَرِينَةِ.
فند: قَالَ اللَّيْث: الفَنَدُ إِنْكَار الْعقل من الهَرَم يُقَال: شيخ مُفْنِدٌ وَلَا يُقَال: عَجُوز مُفْنِدَةٌ لِأَنَّهَا لم تكن فِي شَبِيبَتها ذَات رَأْي فَتُفَنَّد فِي كِبَرِها، وَقَالَ الله جلّ وعزّ حِكَايَة عَن يَعْقُوب: {لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ} (يُوسُف: 94) .
قَالَ الْفراء يَقُول: لَوْلَا أَن تكذِبون وتُعجزون وتضعفون.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: إِذا كثر كَلَام الرجل من خَرَف فَهُوَ المفْنِدُ أَو المفنَّدُ، ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فَنَّدَ رأيَهُ إِذا

(14/97)


ضَعَّفَه، وفَنَّدَ الرجلُ إِذا جَلَس على فِنْدٍ وَهُوَ الشِّمْراخُ الْعَظِيم من الجَبَل، وَبِه سُمِّيَ الفِنْد الزِّمَّانِيُّ فِنْداً واسْمه شَهْلُ بن شَيْبَانَ وَكَانَ يُقال لَهُ عَدِيدُ الْألف، وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما تُوفي غُسِّل وصلَّى عَلَيْهِ النَّاس أَفْناداً قَالَ أَبُو الْعَبَّاس ثَعْلَب: أَي فُرادَى فُرَادَى بِلَا إِمَام، وحُزِرَ المصلون ثَلَاثِينَ ألفا وَمن الْمَلَائِكَة سِتِّينَ ألفا لِأَن مَعَ كل مُؤمن مَلَكين.
وَقَالَ قُطْرب: الفِنْد فِنْدُ الجَبل، والفِنْدُ الغُصْن مِن الشّجر، والفِنْدُ أَرضٌ لم يُصبْها الْمَطَر، وَهِي الفِنْدِيَّةُ وَيُقَال: لَقِينا بهَا فِنْداً من النَّاس، أَي قوما مُجْتَمعين، وأَفْنَادُ اللَّيْل أركانُه وبأَحَد هَذِه الْوُجُوه سُمِّي الزِّمَّانِيُّ فِنْداً.
قلت: وَتَفْسِير أبي الْعَبَّاس فِي قَوْله: صلوا عَلَيْهِ أَفْناداً، أَي فُرادَى لَا أعلمهُ إِلَّا من الفِنْد من أَفْناد الْجَبَل، والفِنْد من أَغْصان الشّجر، شُبّه كلُّ رجل مِنْهُم بِفِنْدٍ من أَفْناد الجَبل، وَهِي شَماريخُه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفِنْدَأْيةُ الفأسُ وَجمعه فَنادِيدُ على غير قِيَاس.
وَقَالَ الْفراء: المُفَنَّدُ الضعيفُ الرَّأْي، وَإِن كَانَ قويَ الْجِسْم، وَإِن كَانَ رأيهُ سديداً قَالَ: والمِفَنَّد الضَّعِيف الرَّأْي والجسم مَعًا.
وروى شمر فِي حَدِيث وائلة بنِ الأسْقَع أَنه قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: (أتزعمون أَنِّي من آخركم وَفَاة أَلا إنِّي من أوَّلكم وَفَاة تَتْبعونَنِي أفناداً يهْلك بعضُكم بَعْضًا) . قلت: مَعْنَاهُ أَنهم يَصِيرون فِرَقاً، وحَدثني الشّعبِيّ السَّعْدِيّ عَن ابْن أَبي شَيْبة عَن جَعْفَر بن عَوْن عَن عِيسَى بنِ المُسَيّب عَن مُحَمَّد بن يحيى عَن يحيى بن حبَّان عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أَسْرَعُ النَّاس بِي لُحوقاً قَوْمي تَسْتَجْلبُهم المنايا وتَتَنافَسُ عَلَيْهِم أُمَّتهُم وَيعيش النَّاس بعدهمْ أَفْناداً يَقْتُل بعضُهم بَعْضًا) .
قلت: مَعْنَاهُ أَنهم يصيرون فِرَقاً مُختلفين، يقتل بعضُهم بَعْضًا. يُقَال: هم فِنْدٌ على حِدَةٍ أَي فِرْقةٌ على حِدَة.
وروى شمر فِي حَدِيث آخر: (أَن رجلا قَالَ للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: إِنِّي أُرِيد أَن أفَنِّد فَرَساً فَقَالَ: عَلَيْك بِهِ كُمَيْتاً أَو أَدْهَمَ أَقْرَحَ أَرْثَمَ مُحَجَّلاً طَلْقَ اليُمْنَى) .
قَالَ شمر: قَالَ هَارُون بن عبد الله، وَمِنْه كَانَ سُمِع هَذَا الحَدِيث: أُفَنِّد، أَي أَقْتَنِي، وَرَوَاهُ ابْن الْمُبَارك عَن مُوسَى بن عَليّ بن رَبَاح عَن أَبِيه قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ذكر الحَدِيث، قلت: قَوْله: أُفَنِّد فرسا أَي أتَّخِذُه وأَرتبطه كَأَنَّهُ حِصْنٌ ألْجأ إِلَيْهِ كَمَا ألجأ إِلَى الفِنْد من الْجَبَل، وَهَذَا أحسن من قَوْله أفند أَي أقتني مَأْخُوذ من فِنْدِ الجَبَل وَهُوَ الشِّمْراخ الْعَظِيم مِنْهُ، وَلست أَعْرِف أُفَنِّد بِمَعْنى

(14/98)


أَقْتَنِي.
نفد: قَالَ اللَّيْث: أنفد الْقَوْم إِذا نَفِدَ زادُهم، ونَفِدَ الشَّيْء يَنْفَدُ نَفَاداً واستنْفَدَ القومُ مَا عِنْدهم وأنْفَدُوه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: نَافَدْتَ الخصمَ مُنافَدةً أَي حَاججتَه حَتَّى تَقْطَع حُجته وَأنْشد فَقَالَ:
وَهُوَ إِذا مَا قِيل هَل من وافِدٍ
أَو رَجُلٍ عَن حَقِّكُم مُنَافِدِ
يكون للْغَائِب مِثلَ الشَّاهِدِ
وَقَالَ ابْن السّكيت: رجل مُنَافِدٌ جَيِّدُ الاستفراغِ لحجج خَصمه حَتَّى يُنْفِدَها فَيَغْلِبَه.
وَقَالَ أَبُو سعيد: فِي فلانٍ مُنْتَفَدٌ عَن غَيره كَقَوْلِك مَنْدُوحَةٌ، وَقَالَ الأخطل فِي شعره:
لقد نَزلتُ بِعَبْد الله مَنزلةً
فِيهَا عَن العَقْبِ مَنْجاةٌ ومُنْتَفَدُ
أَبُو زيد يُقَال: إنّ فِي مَاله لَمُنْتَفَداً أَي لَسعةً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جلس فلَان مُنْتَفَداً ومُعْتنِزاً مُتَنَحِّياً.
دفن: قَالَ اللَّيْث: دَفَنَه يَدْفِنُه دَفْناً، والدَّفين بِئْر أَو حَوْض، أَو مَنْهل، سَفَتْ الريحُ فِيهِ الترابَ حَتَّى ادَّفَن، وَأنْشد:
دِفْنٌ وَطَامٍ مَاؤُهُ كالجِرْيال
قَالَ: والمِدْفَان السِّقاء البَالي والمنْهَلُ الدَّفينُ أَيضاً وَهُوَ مِدْفانٌ بِمَنْزِلَة المَدْفُون، قَالَ: والمِدْفَانُ أَيْضا مِن النَّاس وَالْإِبِل هُوَ الَّذِي يَأْبَقُ ويذهبُ على وَجهه من غير حَاجَةٍ، وإنّ فِيهِ لَدفْناً، والداءُ الدَّفينُ الَّذِي لَا يُعلم بِهِ حَتَّى يَظهرَ مِنْهُ شَرٌّ وعَرٌّ.
وَفِي حَدِيث شُرَيْح: أَنه كَانَ لَا يَرُدّ العبدَ من الادِّفان، ويَردّه من الْإِبَاق الباتّ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: الادِّفان أَن يزُوغَ العَبْد من موَالِيه اليومَ واليومين، يُقَال مِنْهُ: عبد دَفُونٌ إِذا كَانَ فَعولاً لِذلك.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الادِّفان أَن لَا يَغيب من الْمصر فِي غَيْبته.
قَالَ أَبُو عبيد: وروى يزِيد بن هَارُون هَذَا عَن هِشَام بن مُحَمَّد عَن شُريح: قَالَ يزِيد: الادِّفَان أَن يَأبَق العَبد قبل أَن يَنْتَهِي بِهِ إِلَى الْمصر الَّذِي يُباعُ فِيهِ، فَإِن أبَق من المِصْر فَهو الْإِبَاق الَّذِي يُرَدُّ بِهِ قَالَ أَبُو عبيد: أما كلامُ الْعَرَب فعلى مَا قَالَ أَبُو زيد وَأَبُو عُبَيْدَة، وَأما الحُكْم فعلى مَا قَالَ يزِيد، أَنه إِذا سُبِيَ فأَبق قبل أَن يَنْتَهِي بِهِ إِلَى الْمصر، فَوُجِدَ فَلَيْسَ ذَلِك بإِبَاقٍ يُرَدُّ مِنْهُ، فَإِذا صَار إِلَى الْمصر فأَبق فَهَذَا يُرَد مِنْهُ فِي الحكم، وَإِن لَمْ يَغِبْ عَن الْمصر، قلت: وَالْقَوْل على مَا قَالَه أَبُو زيد وَأَبُو عُبَيْدَة، وَالْحكم على مَا فَسَّرَاه أَيْضا لِأَنَّهُ

(14/99)


إِذا غَابَ عَن موَالِيه فِي الْمصر اليومَ واليومين فَلَيْسَ بإِبَاقٍ باتَ، وَلست أَدْرِي مَا الَّذِي أَوْحشَ أَبَا عُبيد من هَذَا، وَهُوَ الصَّوَاب فِي اللُّغَة وَالْحكم عَلَيْهِ أقاويل الْفُقَهَاء. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: نَاقةٌ دَفُونٌ إِذا كَانَت تَغيبُ عَن الْإِبِل وتركبُ رأسَها وحْدَها، وَقد ادَّفَنَتْ ناقتُكم.
وَقَالَ أَبُو زيد: حَسَبٌ دَفونٌ إِذا لم يكن مَشْهُورا، وَرجل دَفُونٌ كَذَلِك.
وَقَالَ الأصمعيّ: رجلٌ دَفْنُ الْمُرُوءَة ودفينُ الْمُرُوءَة إِذا لم تكن لَهُ مُروءَة.
قَالَ لبيد:
يُبارِي الريحَ لَيْسَ بجانِبِيَ
وَلَا دَفْنٍ مُروءتُه لَئِيم
أَبُو عبيد: الدَّفَنِيُّ ضَرْب من الثِّيَاب، والدَّفينةُ والدَّثينةُ منزلٌ لبني سُليم.
فدن: قَالَ اللَّيْث: الفَدَنُ القَصْرُ المَشِيدُ، وَجمعه أَفْدانٌ.
وَأنْشد:
كَمَا تَرَاطَنَ فِي أَفْدانِها الرُّومُ
قَالَ: والفَدَانُ يَجمعُ أَدَاةَ ثَوْرين فِي القِرَان بتَخْفِيف الدَّال.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الفَدّان وَاحِد الفَدَادِين، وَهِي البَقَر الَّتِي يُحرث بهَا.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: أَنْشدني أَبُو خَليفة الحُصيني لرجل يصف الجُعُلَ:
أسْوَدُ كالليل ولَيسَ باللَّيْلِ
لَه جَناحَان وَلَيْسَ بالطَّيْرِ
يَجُرُّ فَدَّاناً وليْس بالثَّوْرِ
فَجَمع بَين الرَّاء وَاللَّام فِي القَافِية وشدَّد الفدَّان.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: هُوَ الفَدَانُ بتَخْفِيف الدَّال.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: تَقول العامةُ: الفَدَّانُ، وَالصَّوَاب الفَدَانُ بِالتَّخْفِيفِ.
د ن ب
دنب، ندب، بند، بدن، دبن: مستعملة.
دبن: أهمله اللَّيْث وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الدُّبْنَةُ اللُّقْمَةُ الكبيرةُ وَهِي الدُّبلة أَيْضا.
دنب: أَبُو عبيد عَن الْفراء: رجل دِنَّبَةٌ ودنَّابَةٌ ودِنّمةٌ ودِنَّامَةٌ وَهُوَ الْقصير.
وَأنْشد أَبُو الهيْثم:
والمرءُ دِنَّبَةٌ فِي أنْفِه كَزمُ
البند: قَالَ اللَّيْث: البَنْدُ: حِيَلٌ مستعملةٌ، يُقَال: فلَان كثير البُنُود: أَي كثير الحِيَل.
قَالَ: والبَنْدُ أَيْضا كلُّ عَلَم من الْأَعْلَام يكون لِلقائد، والجَمْع بُنُود يكون مَعَ كل بَنْدٍ عشرةُ آلَاف رجل، أَو أقلّ أَو أَكثر.
وَقَالَ شمر: قَالَ: الهُجَيْمِي: البَنْدُ عَلَمُ الفُرْسان.

(14/100)


وَأنْشد الْمفضل:
جَاؤُوا يَجُرُّونَ البُنُود جَرّاً
ندب: أَبُو عبيد: النّدَبُ الْأَثر.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ أثر جُرح قد أجْلَبَ. وَقَالَ ذُو الرمة:
ملساء لَيْسَ بهَا خالٌ وَلَا ندَب
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: النَّدْبُ الغلامُ الحارُّ الرَّأس الخفيفُ الرّوح.
قَالَ: والنَّدَبُ الْأَثر، وَمِنْه قَول عمر: إيَّاكُمْ ورَضاعَ السَّوْءِ فَإِنَّهُ لَا بدَّ مِن أَن يَنْتَدِبَ أَي يظهرَ يَوْمًا مَّا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هَذَا رجل نَدْبٌ فِي الْحَاجة، إِذا كَانَ خَفِيفا فِيهَا.
قَالَ: والندَبُ أثرُ الجُرح إِذا لم يرْتَفِع عَن الجِلد، والجميعُ نُدوبٌ وأَنْدَابٌ، والنّدَبُ الخَطَر أَيْضا.
وَقَالَ عُرْوَة بن الْورْد:
أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وَزَيدٌ وَلم أَقُمْ
على نَدبٍ يَوْمًا ولي نَفْسُ مُخْطِر
مُعْتَمٌّ وزَيدٌ: بَطْنَان مِن بطونِ الْعَرَب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السّبَقُ والخَطَرُ والنّدَبُ والقَرَعُ والوَجْب كلُّه الَّذِي يُوضع فِي النِّضال والرهان، فَمن سَبَق أخَذَه، يُقَال فِيهِ كلُّه: فَعَّلَ مُشَدداً إِذا أَخذه.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّدْبُ الْفرس الْمَاضِي نَقِيضُ البَليد والفِعْل نَدُبَ ندَابَةً والنَّدْبُ أَن تَدْعُو النادبةُ بالميتِ بِحُسْنِ الثَّنَاء فِي قَوْلهَا وافُلانَاه، واهَناه وَاسم ذَلِك الْفِعْل النُّدْبَةُ، والنّدْبُ أَن يَنْدُب إنسانٌ قوما إِلَى أَمر أَو حَرْبٍ أَو مَعُونة أَي يَدعُوهُم إِلَيْهِ، فيَنْتدبون لَهُ أَي يُجيبون ويسارعون. وانتَدب الْقَوْم من ذَات أنفسهم أَيْضا دونَ أَن يُنْدَبوا لَهُ، وجُرْحٌ ندِيبٌ أَي ذُو نَدبٍ.
وَقَالَ ابْن أم خَزْنَةَ يَصف طَعنَةً:
فَإِن قَتَلَتْهُ فَلَمْ آله
وَإِن يَنْجُ مِنها فَجُرحٌ نَدِيب
عَمْرو عَن أَبِيه: خُذْ مَا اسْتَبَضَّ واسْتَضَبَّ وانْتَدَمَ وانْتَدَبَ ودمَعَ ودَمَغَ وأَرْهَفَ وأَرْخَفَ وتَسَنَّى وفَصَّ وَإِن كانَ يَسِيرا.
بدن: قَالَ اللَّيْث: البَدَن مِن الْجَسَد مَا سِوَى الشّوَى والرأْس، والبَدن شِبْهُ دِرْع إِلَّا أَنه قصير قَدر مَا يكون على الجَسَد فَقَط قَصير الكُمَّيْن والجميعُ الْأَبدَان.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} (يُونُس: 92) .
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: نُنَجِّيك بدِرْعِك، وَذَلِكَ أَنهم شكُّوا فِي غَرَقِه فَأمر الله الْبَحْر أَن يقذفه على دَكَّةٍ فِي الْبَحْر بِبَدنِه أَي بدرْعِه، فاستَيْقَنوا حِينَئِذٍ أَنه قد غَرِقَ.
وَفي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَا تُبَادروني بِالرُّكُوعِ وَلا السُّجُود فإنَّه مهما أسبقْكم بِهِ إِذا ركعتُ تدْركوني إِذا رَفَعْتُ، ومَهما

(14/101)


أسبقْكم بِهِ إِذا سَجَدتُ تدركوني بِهِ إِذا رفعت إنِّي قد بَدُنْت) هَكَذَا رُوِيَ هَذَا الحَدِيث: بدُنْتُ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأمَوِي: إِنَّمَا هُوَ قد بَدَّنْتُ يَعْنِي كبرْتُ وَأسْنَنْتُ، يُقَال: بدَّن الرجل تَبْدينا إذَا أَسَنَّ.
وَأنْشد:
وكنْتُ خِلْتُ الشَّيْبَ والتبْدِينَا
والهَمَّ مِمَّا يُذْهِلُ القَرِينَا
قَالَ وَأَمَّا قَوْله: قد بَدُنْتُ فَلَيْسَ لَهُ معنى إِلَّا كثرةُ اللَّحْم.
وَقَالَ ابْن السكِّيت يُقَال: بَدَنَ الرجل يَبْدُن بَدْناً وبَدَانَة فَهُوَ بَادنٌ إِذا ضخُم، وَهُوَ رجل بَدَنٌ إِذا كَانَ كَبِيرا.
قَالَ الْأسود:
هَلْ لِشبابٍ فاتَ من مَطْلَبِ
أم مَا بَقَاء البَدنِ الأشْيَبِ
وَقَالَ اللَّيْث: رَجلٌ بادنٌ ومُبَدن وَامْرَأَة مُبدنةٌ وهما السمينان، والمُبدَّنُ المُسِنُّ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه أُتِيَ بِبدَنَاتٍ خَمْسٍ فَطَفِقْنَ يزْدَلِفْنَ بِأَيَّتِهنَّ يَبْدأُ) .
قَالَ اللَّيْث وَغَيره: البدَنةُ بِالْهَاءِ تقع على النَّاقة وَالْبَقَرَة وَالْبَعِير الذّكر مِمَّا يجوز فِي الهَدْيِ، وَالْأَضَاحِي، وَلَا تقع على الشَّاة، سميت بَدَنةً لِعِظَمها، وَجمع البَدنة البُدْن.
قَالَ الله تَعَالَى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ} (الْحَج: 36) قَالَ الزَّجاج: بَدنَةٌ وبُدْنٌ، وَإِنَّمَا سميت بَدَنةً لِأَنَّهَا تَبْدُنُ أَي تَسْمَن.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: بَدَنَتْ الْمَرْأَة وبَدُنَتْ بَدْناً قلت: وَغَيره يَقُول: بُدْناً وبدَانة على فَعالة أَي سَمِنَتْ.
د ن م
دنم، دمن، مدن، نَدم، مند: مستعملة.
دنم: أَبُو عُبيد عَن الْفراء: رجل دِنَّمةٌ ودِنَّامَةٌ إِذا كَانَ قَصِيرا نَدم.
(نَدم) : وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: النَّدَبُ والنَّدَمُ الأَثر.
وَقَالَ أَبو عَمرو يُقَال: خُذْ مَا انْتَدَمَ وانْتَدَب وأَوْهَفَ أَي خُذْ مَا تَيَسَّر.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّدَمُ النَّدامةُ تَقول: نَدِمَ فَهُوَ نادِمٌ سادمٌ وَهُوَ نَدْمانُ سَدْمانُ أَي نادِمٌ مُهْتَمٌّ، والجميع نَدامَى سَدامَى، ونَدِيمٌ سَدِيمٌ، والنديم شَرِيبُ الرجل الَّذِي ينادمه، وَهُوَ نَدْمانُه أَيْضا، والجميع النَّدَامَى والنُّدَماء، والتَّنَدُّمُ أَنْ يُتْبِعَ الإنسانُ أمرا نَدَماً. يُقَال: التَّقَدُّمُ قبْل التَّنَدُّم، وَهَذَا يرْوى عَن أَكْثَمَ بنِ صَيْفِيَ أَنه قَالَ: إِن أردتَ المحاجَزَة فَقَبْلَ المناجَزَة والتَّقدُّم قبل التَّنَدُّم.
قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ انْجُ بِنَفْسِك قبل لِقَاء من لَا قِوَامَ لَك بِهِ.

(14/102)


قَالَ: وَقَالَ الَّذِي قتَل مُحَمَّد بنَ طلحةَ بن عبيد الله يَوْم الْجمل:
يُذَكِّرُنِي حاميمَ والرَّمحُ شاجِرٌ
فهلاَّ تَلا حامِيمَ قبل التقدُّم
مدن: قَالَ اللَّيْث: المدينةُ فَعِيلَة تُهْمَز فِي الفعائل لِأَن الْيَاء زَائِدَة وَلَا تهمز يَاء المعايش، لِأَن الْيَاء أَصْلِيَّة، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الفرّاء وَغَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: المدينةُ اسمُ مَدِينَة الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام خاصّة، وَالنِّسْبَة للْإنْسَان مَدَنِيٌّ، فأَمَّا الطَّير وَنَحْوه فَلَا يُقَال إِلَّا مَدِينِيٌّ وحمامةٌ مَدِينيَّةٌ وَجَارِيَة مَدينيَّة وكلُّ أرضٍ يُبنَى بهَا حِصْنٌ فِي أُصْطُمَّتِها فَهِيَ مَدِينَة، وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا مَدَني، وَيُقَال للرجل الْعَالم بِالْأَمر: هُوَ ابْن بَجْدَتها، وابنَ مَدينتِها، وَقَالَ الأخطل:
رَبَتْ وَرَبا فِي كَرْمِها ابنُ مَدِينةٍ
يَظَلُّ عَلَى مِسْحَاتِهِ يَتَوَكَّلُ
ابْن مدينةٍ أَي الْعَالم بأمرها، وَيُقَال لِلأَمَةِ: مَدينةٌ أَي مَمْلُوكَة وَالْمِيم مِيم مفعول، ومَدَن الرجلُ إِذا أَتَى الْمَدِينَة.
دمن: قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الدِّمْن مَا سَوَّدُوا من آثَار البَقَر وَغَيره قَالَ: والدِّمْن اسْم للْجِنْس مثل السِّدر اسْم للْجِنْس والدِّمَن جمع دِمْنَة ودَمِن مثل: سِدْرَةٍ وسِدَرٍ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إيَّاكُمْ وخَضْرَاءُ الدِّمَنِ، قيل: وَمَا ذَاك؟ قَالَ: المرأةُ الحسناءُ فِي مَنْبِتِ السوء) .
وَقَالَ أَبُو عُبيد: أرادَ فَسَاد النّسَب إِذا خِيف أَن تكونَ لغيرِ رِشْدَةٍ، وَإِنَّمَا جعلهَا خَضْراء الدِّمَن تَشْبِيها بالبقلة الناضرة فِي دِمْنَة البَعَر، وأصلُ الدِّمْن مَا تُدَمِّنُه الْإِبِل وَالْغنم من أبعارها وَأَبْوَالهَا، فَلَمَّا نبتَ فِيهَا النباتُ الحسنُ وَأَصله فِي دِمْنَةٍ، يَقُول: فمنظرها أنيقٌ حسنٌ.
وَقَالَ زُفر بن الْحَارِث:
قَدْ يَنْبُتُ المَرْعَى على دِمَنِ الثَّرَى
وتَبْقَى حَزازاتُ النفوسِ كَمَا هِيَا
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّمْنَةُ أَيْضا مَا انْدَمَن من الحِقد فِي الصَّدْر وَجَمعهَا دِمَنٌ.
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: الدِّمْنَةُ الذَّحْلُ وَجَمعهَا دِمَنٌ وَقد دَمِنْتُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّمْنُ مَا تَلَبَّدَ من السِّرْقِين وَصَارَ كِرْساً على وَجه الأَرْض وَكَذَلِكَ مَا اختلطَ من البَعَر والطِّين عِنْد الحَوْض فَتَلَبَّد وَقَالَ لبيد:
راسِخُ الدِّمْنِ على أَعْضَادِه
ثَلَمَته كلُّ ريح وَسَبَل
قلت: وتَجْمعُ الدِّمْنَة دِمَناً قَالَ لبيد:
دِمَنٌ تحرَّمَ بعد عَهْد أَنِيسها
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: قَالَ: إِذا أنْسَغَتْ النخلةُ عَن عَفَنٍ وسَوَادٍ قيل: قد أَصَابَهَا الدَّمانُ. قَالَ: وَقَالَ ابْن أبي الزِّناد: هُوَ

(14/103)


الأدَمانُ.
وَقَالَ شمر: الصَّحِيح إِذا انْشَقَّتِ النخلةُ عَن عَفَن لَا أَنْسَغَتْ.
قَالَ: والإنْسَاغُ أَنْ تُقْطَع الشَّجَرةُ ثمَّ تَنْبُتُ بعد ذَلِك.
وَيُقَال: دَمَّنَ فلانٌ فِنَاءَ فلَان تَدْمِيناً إِذا غَشِيَه ولَزِمه.
وَقَالَ كعْب بن زُهَيْر:
أَرْعَى الأمانةَ لَا أَخونُ وَلَا أُرَى
أَبداً أُدَمِّنُ عَرْصَةَ الإخوانِ
وَيُقَال: فلانٌ يُدْمِنُ الشُّرْبَ والخمرَ إِذا لزم شُرْبها، ومُدْمِنُ الْخمر: الَّذِي لَا يُقْلِع عَن شربهَا واشتقاقه من دَمْنِ البَعَر.
مند: مَنْدَدُ اسْم مَوضِع ذكره تَمِيم بنُ أبي مُقْبِل فَقَالَ:
عَفَا الدَّارَ مِن دَهْمَاءَ بعد إِقامةٍ
عَجَاجٌ بِخَلْفَيْ مَنْدَدٍ مُتَناوِحُ
خَلْفَاهَا نَاحِيتَاهَا، من قَوْلهم: فَأْسٌ لَهَا خَلْفَانِ، ومَنْددٌ مَوْضِع.
د ف ب
أهمل. د ف م. فدم.
قَالَ اللَّيْث: الفَدْمُ من النَّاس العَيِيُّ عَن الحُجَّة وَالْكَلَام، وَالْفِعْل فَدُم فَدامة والجميع فُدمٌ. قَالَ: والفِدام شيءٌ تَشُده العَجمُ على أَفواهها عِنْد السَّقْيِ، الواحدةُ فِدامة، وَأما الفِدام فإنَّه مِصْفاةُ الْكوز والإبريق وَنَحْوه، إبريق مُفَدَّم ومَفْدوم وَأنْشد:
مُفَدمةٌ قَزّاً كأَنَّ رِقَابَها
وَفِي الحَدِيث: إِنَّكُم مَدْعُوُّون يَوْم الْقِيَامَة مُفَدَّمةً أفواهُكم بِالفِدام.
قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي أَنهم مُنِعوا الْكَلَام حَتَّى تَكلمَ أفخاذُهم فَشَبَّه ذَلِك بالفِدام الَّذِي يُجْعل على فَم الإبريق.
قَالَ أَبُو عبيد: وَبَعْضهمْ يَقُول: الفَدَّام، وَوجه الْكَلَام الجَيّد: الفِدَام.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَدْمُ: الدَّمُ وَمِنْه قيل للثقيل: فَدْمٌ تَشْبِيها بِهِ.
وَقَالَ شمر: المُفَدَّمَةُ من الثِّيَاب: المشْبَعةُ حُمرةً.
وَقَالَ أَبُو خِرَاش الهُذَلِيّ:
وَلَا بَطَلاً إِذا الكُمَاةُ تَزَيَّنوا
لَدَى غَمَراتِ الموتِ بالحالكِ الفَدْمِ
يَقُول: كَأَنَّمَا ترقنوا فِي الْحَرْب بالدَّم الحالك والفَدْمُ الثقيلُ من الدَّم والمفَدَّم مَأْخُوذ مِنْهُ، وثوب مُفَدَّم إِذا أُشبع صَبْغُه، وسُقَاةُ الْأَعَاجِم الْمَجُوس إِذا سَقَوْا الشَّرْبَ فَدَّموا أَفْوَاههم، فالساقي مُفدّم والإبريق الَّذِي يسقى مِنْهُ الشَّرْبُ مُفَدَّم.
انْتهى وَالله أعلم.

(14/104)