تهذيب اللغة أَبْوَاب الثلاثي المعتل من التَّاء
ت ظ (وايء) ت ذ (وايء) : أهملت وجوهها.
ت ث (وايء)
ثتى، توت (توث) : (مستعملة) .
(ثتى) : وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن نَجْدة عَن أبي زيد:
الثَّتَى والحتَى سويقْ المقْل، الحَتَى ردِيء الثَّمر وَنَحْوه.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: الحَتَى قُشُورُ التَّمْر، جمع حَتاة،
وَكَذَلِكَ الثَّتَى وَهُوَ جمع ثَتاةٍ قشور التَّمْر ورديئه.
قَالَ شمر: قَالَ الْفراء: الثَّتَى دُقاق التِّبْن وحُسافة التَّمْر
قَالَ: وكل شَيْء حَشَوْتَ بِهِ غِرارةً مِمَّا دَقَّ فَهُوَ الثَّتَى
والحتى.
قَالَ: وهما من ذَوَات الْيَاء يكتبان بِالْيَاءِ.
(توث) توت: والتُّوثُ كَأَنَّهُ فارسِيٌ وَالْعرب تَقول: التَّوتُ
بتاءين.
وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس: إِن ابْن الزبير آثرَ علَيَّ
التُّوَيْتَاتِ والحُمَيْدَاتِ والأسَامَاتِ. قَالَ شمر: أَحْيَاءُ مِن
بني أَسد، حُميدُ بن أُسامة بن زُهَيْر بن الْحَارِث بن أَسد بن عبد
العُزَّى بن قُصيِّ، وتُوَيْتُ بن حبيب بن أَسَد بن عبد الْعُزَّى بن
قُصَيَ.
وَأُسَامَة بن زُهَيْر بن الْحَارِث بن عبد العُزى بن قصي.
(بَاب التَّاء وَالرَّاء مَعَ حُرُوف الْعلَّة)
ت ر (وايء)
ترى، تور، تير، رتا، وتر، تترى، أرت، (ترته) .
ترى: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: تَرَى يَتْرِي إِذا
تَراخَى فِي الْعَمَل فَعمِل شَيْئا بعد شَيْء.
أَبُو عُبَيْدَة: التَّرِيّةُ فِي بَقِيَّةِ حَيْضِ الْمَرْأَة أَقَلُّ
من الصُّفْرة والكُدْرَةِ وأَخْفَى، ترَاهَا الْمَرْأَة عِنْد طُهْرِها
فَتَعْلَمُ أَنَّهَا قد طَهُرَتْ مِن حَيْضها.
قَالَ شمر: وَلَا تكون التَّرِيَّةُ إلاّ بعد الِاغْتِسَال، فأمّا مَا
كَانَ فِي أَيّام الْحيض فَلَيْسَ بِتَرِيَّةٍ.
(14/220)
تور تير: قَالَ اللَّيْث: تَارَة ألفها
وَاو وَجَمعهَا تِيَرٌ، وَتجمع تارات أَيْضا، وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن
الطوسيّ عَن الخراز عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: تَأرةٌ مَهْمُوزَة
فلمّا كثُر استعمالهم لَهَا تركُوا همزها، قلت: وَقَالَ غَيره: جمع
تأْرةٍ تِئَر مَهْمُوزَة، وَمِنْه يُقَال: أَتْأَرْتُ إِلَيْهِ النّظر
إتآراً أدَمتُه تَارَة بعد تارةٍ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: أتأَرْتُ إِلَيْهِ النّظَر بهمز فِي
الْأَلفَيْنِ غير مَمْدود، إِذا أَحْدَدْتَه، قلت: وَيُقَال:
أَتْأَرتُه بَصرِي أَيْضا وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
أَتأَرتُهم بَصَرِي والآلُ يَرْفَعُهُمْ
حَتَّى اسْمَدَرّ بِطَرْفِ العَيْنِ إتْآرِي
وَمن ترك الْهَمْز قَالَ: أَتَرْتُ إِلَيْهِ الرَّمْيَ وَالنَّظَر
أُتِيرُه إتارةً وأَترْتُ إِلَيْهِ الرميَّ، إِذا رَمَيْتَه تَارَة بعد
تَارَة، فَهُوَ مُتارٌ، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
يَظَلُّ كَأَنَّهُ فَرَأٌ مُتارُ
وَقَالَ لبيد يصف عَيْراً يُديمُ صَوته ونهيقه:
يجِدُّ سَحِيلُه ويُتِيرُ فِيهِ
ويُتْبِعُها خِناقاً فِي زِمَالِ
والتَّوْرُ إنَاءٌ مَعْرُوف تُذَكِّره العَربُ.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
تالله لَوْلَا خَشْية الأميرِ
وخشية الشُّرَطِيِ والتُّؤْرورِ
قَالَ: والتُّؤرور: أَتبَاع الشَّرط.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: التَّوْرَةُ
الْجَارِيَة الَّتِي ترسل بَيْنَ العُشَّاق.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للرسول: تَوْرٌ، وَأنْشد أَبُو
الْعَبَّاس:
والتَّوْرُ فِيمَا بَيْنَنَا مُعْمَلٌ
يرْضَى بِهِ المأتِيُ والمرْسِلُ
والتَّيَّارُ تيارُ البَحْرِ، وَهُوَ آذِيُّه ومَوْجُه ومِنْه:
كالبحر يَقْذِف بِالتَّيارِ تَيَّاراً
والتيارُ فَيْعالٌ من تَار يَتُور مِثل القَيَّام مِن قَامَ يقوم غير
أَن فِعْلَه مُماتٌ.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التائر المداوم على الْعَمَل بعد فُتُورٍ،
والتِّيَرُ جَمْع تَارَة مرّة بَعْدَ مَرَّةٍ. قَالَ العجاج:
ضَرْباً إِذا مَا مِرْجَلُ الْمَوْت أَفَرْ
بالغَلْيِ أَحْموْهُ وأَخْبَوْهُ التِّيَرْ
أرت: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَعَمْرو عَن أَبِيه:
الأُرْتَةُ: الشَّعَرُ الَّذِي على رَأس الحِرْبَاءِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التُّرتَةُ رَدَّةٌ قبيحة فِي اللِّسَان من
العَيْب.
تتر: قَالَ الله جلّ وعزّ: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى}
(الْمُؤْمِنُونَ: 44) .
وَقَرَأَ أَبو عَمْرو وَابْن كثير: (تَتْرًى) مُنوَّنةً، ووقَفَا
بالأَلف، وَقَرَأَ سَائِر الْقُرَّاء (تَتْرَى) غير مُنونة.
وَقَالَ الْفراء: أكثرُ الْعَرَب على تَرْكِ تَنْوِين
(14/221)
تَتْرَى، لِأَنَّهَا بِمنزِلَةِ تَقْوَى،
وَمِنْهُم مَن نَوَّن فِيهَا، وَجعلهَا ألِفاً كأَلِف الْإِعْرَاب.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: من قَرَأَ (تَتراً) فَهُوَ مثل شَكَوْتُ
شَكْواً، وَالْأَصْل وَتَرتُ قُلبت الْوَاو تَاء فَقيل: تَترتُ
تَتْراً. وَمن قَرَأَ (تَتْرى) فَهُوَ مثل شَكوْتُ شكْوَى غير منونة
لِأَنَّهَا فَعْلَى، وفَعْلَى لَا تُنوَّن ونحوَ ذَلِك.
قَالَ الزَّجاج: قَالَ وَمن قَرَأَ بالتّنوين فَمَعْنَاه وَتْراً
فأبْدَلَ التاءَ من الْوَاو، وكما قَالُوا: تَوْلَجَ من وَلَجَ وَأَصله
وَوْلَجٌ.
وكما قَالَ العجاج:
فإنْ يَكُنْ أَمْسَى البِلَى تَيْقُوري
أَرَادَ: وَيْقُورِي وَهُوَ فَيْعُولٌ من الوَقَار، وَمن قَرَأَ (تترى)
فَهِيَ ألف التَّأْنِيث قَالَ: وتَتْرَى من الموَاترةِ.
(وتر) : قَالَ الْأَصْمَعِي: واتَرْتُ الخَبَر أَتْبَعْتُ بعضَه
بَعْضًا، وَبَين الْخَبَرَيْنِ هُنيهَةٌ.
وَقَالَ غَيره: المواتَرة المتابَعةُ، وأصل هَذَا كُله من الوِتْرِ،
وَهُوَ الفَرْد، وَهُوَ أنَّى جَعَلْتُ كلَّ واحدٍ بعد صَاحبه فَردا
فَردا.
وأَخبرني المنذرِيُّ عَن ابْن فهم عَن مُحَمَّد بن سلاَّم قَالَ:
سَأَلت يُونُس عَن قَوْله: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى}
قَالَ: مُتَقَطِّعَةً مُتَفاوِتَةَ الْأَوْقَات، وجاءَتْ الْخَيل
تَتْرَى إِذا جاءتْ مُتَقَطِّعة، وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاء بَين كل
نبيين دَهرٌ طَوِيل.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: لَا بَأْس بِقَضَاء رمضانَ تَتْرَى أَي
مُتَقَطعاً.
وَفِي حَدِيث آخر لأبي هُرَيْرَة فِي قَضَاء رَمَضَان قَالَ: يواتر.
قَالَ أَبُو الدقيش: يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا أَو يَصُوم
يَوْمَيْنِ وَيفْطر يَوْمَيْنِ.
قَالَ الْأَصْمَعِي: لَا تكون المواتَرة مُواصلة حَتَّى يكون بينَهما
شَيْء.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المَواتِرة من النوق هِيَ الَّتِي لَا ترفع
يَداً حَتَّى تَستمكِنَ من الْأُخْرَى وَإِذا بَركْت وَضَعْت إِحْدَى
يَديهَا، فَإِذا اطمأَنَّتْ وَضَعتْ الْأُخْرَى، فَإِذا اطمأنَّتْ
وَضَعَتْهما جَمِيعًا، ثمَّ تضع وَرِكَها قَلِيلا قَلِيلا، وَالَّتِي
لَا تُواتِر تَزُجُّ بنفْسِها زجاً فَيَشُق على راكبها عِنْد البروك.
قَالَ: وكتبَ هِشامُ بنُ عبد الْملك وَكَانَ بِهِ فَتْق إِلَى بعض
عُمَّاله: أَن اخْتَرْ لي نَاقَة مُواتِرة، أَرَادَ هَذَا الْمَعْنى،
وَيُقَال: وَاتَر فلَان كُتُبَه إِذا أتبعهَا وبينَ كلِّ كِتابين
فَترةٌ قَليلَة، وتَواترتْ الْإِبِل والقَطا وغيرُها إِذا جَاءَ بعضُها
فِي إثْر بعضٍ، وَلم يجِئْن مُصْطَفَّاتٍ.
وَقَالَ حُمَيد:
قَرِينَةُ سَبْعٍ إنْ تَواتَرنَ مَرةً
ضُرِبْنَ وَصَفَّتْ أرؤُسٌ وجُنُوبُ
وَفِي حَدِيث الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب: قَالَ: كَانَ عمر بن الْخطاب
لي جاراً، يصومُ النهارَ ويقومُ الليلَ فَلَمَّا وَلِيَ،
(14/222)
قلت: لأنظرَنَّ الْآن إِلَى عَمَله، فَلم
يزلْ على وَتِيرَةٍ وَاحِدَة إِلَى أَن مَاتَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الوَتِيرةُ المداوَمةُ على الشَّيْء، وَهُوَ
مَأْخُوذ من التَّواتُر والتَّتابُع، قَالَ: والوَتِيرَةُ فِي غير
هَذَا: الفَتْرَةُ عَن الشَّيْء والعَمَل.
وَقَالَ زُهَيْر يصف بقرة:
فِي حُضْرها نَجَاءٌ مُجِدٌ لَيْسَ فِيهِ وَتِيرَة
وتذبيبُها عَنْهَا بأَسْحَمَ مِذْوَدِ
قَالَ: والوَتيرة أَيْضا غُرَّةُ الْفرس إِذا كَانَت مُستديرة فَإِذا
طالتْ فَهِيَ الشادِخةُ، قلت: شُبِّهتْ غُرَّةُ الْفرس إِذا كَانَت
مُستديرة بالحَلْقَةِ الَّتِي يُتَعَلَّم عَلَيْهَا الطعْن، يُقَال
لَهَا الوَتيرةُ.
وَقَالَ الشَّاعِر يصف فرسا:
تُبَارِي قُرْحةً مِثلَ ال
وتيرةِ لم تكن مَغْدَا
والمغْدُ النَّتْفُ، يَقُول: هَذِه القُرْحَةُ خِلْقةٌ لم تُنْتَف
فَتَبْيَضَّ وَقَوله:
فَذَاحَتْ بالوَتَائِر ثمَّ بَدَّتْ
يدَيْها عِنْدَ جَانِبِه تَهيلُ
ذاحَتْ يَعني: ضَبُعاً نَبَشَتْ عَن قَبْرِ قَتيلٍ.
وَقَالَ أَبُو عمر: الوتائِر هَهُنَا مَا بَين أَصَابِع الضَّبُع.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الوَتِيرةُ من الأَرْض وَلم يَحُدُّها.
قَالَ أَبُو مَالك: الوتيرة الوردة الْبَيْضَاء، والوتيرة الوردة
الصَّغِيرَة.
ابْن السّكيت: قَالَ يُونُس: أهل الْعَالِيَة يَقُولُونَ: الوِتْرُ فِي
الْعدَد والوَتْرُ فِي الذَّحْل، قَالَ: وتميمٌ تَقول: وِتْرٌ
بِالْكَسْرِ فِي الْعدَد وَفِي الذَّحْل سَوَاء.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} (الْفجْر: 3)
قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ (والوِتر) بِالْكَسْرِ، وَقَرَأَ عَاصِم
وَنَافِع وَابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَابْن عَامر، (والوَتْر) بِفَتْح
الْوَاو، وهما لُغتان مَعْروفتان: وِتْر وَوَتْرٌ فِي العَدَد.
ورُوِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: الوِتر آدمُ، والشَّفْعُ شُفِعَ
بِزَوْجَتِهِ، وَقيل الشفع: يومُ النَّحْر، والوِترُ يومُ عَرَفَة،
وَقيل: الأعدادُ كلهَا شَفْعٌ وَوِتْر كثرتْ أَو قَلَّتْ، وَقيل
الوِتْر: الله الْوَاحِد، والشَّفع جميعُ الْخلق خُلِقوا أَزْوَاجًا
وَهُوَ قَول عَطاء.
ابْن السّكيت: كَانَ الْقَوْم وِتراً فشفعتُهم، وَكَانُوا شفعاً
فوترتُهم.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِذا
استجمرتَ فأوْتِرْ) أَي استَنْجِ بثلاثةِ أَحْجَار أَو خمسةٍ أَو
سبْعةٍ وَلَا تَسْتَنْجِ بالشَّفْع؛ وَكَذَلِكَ يُوتِر الْإِنْسَان
صلاةَ اللَّيْل فيُصلي مَثْنَى مَثْنَى ويُسَلِّم بَين كل
رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ يُصلِّي فِي آخرهَا رَكْعةً تُوتر لَهُ مَا قد صلى
فأوتروا يَا أهل الْقُرْآن.
(14/223)
وَفِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام:
إِن الله وِتر يُحِب الوِتر وَقد قَالَ: الوِتر رَكْعةٌ وَاحِدَة.
وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (من فَاتَتْهُ صَلَاة العَصْر
فَكَأَنَّمَا وُتِر أهلَه وَمَاله) . قَالَ أَبُو عُبَيْدَة، قَالَ
الْكسَائي: هُوَ من الوِتر، وَهُوَ أَن يجني الرجل جِنَايَة، يقتل لَهُ
قَتِيلا أَو يذهب بِمَالِه وَأَهله فَيُقَال: وَتَر فلانٌ فلَانا أهلَه
ومالَه، وَقَالَ أَبُو عبيد وَقَالَ غَيره فِي قَوْله: وتر أَهله
وَمَاله أَي نُقِصَ أهلَه ومالَه وبَقِيَ فَرْداً، وَذهب إِلَى قَوْله:
{مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ} (مُحَمَّد: 35) ، يَقُول لن يُنْقِصَكم،
يُقَال: قد وَترَهُ حَقَّه إِذا أَنقَصه، وَأحد الْقَوْلَيْنِ قريبٌ من
الآخر.
وَقَالَ الْفراء يُقَال: وَتَرتُ الرجلَ إِذا قتلتَ لَهُ قَتِيلا، أَو
أخذتَ لَهُ مَالا.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ} لن
يُنْقِصَكم من ثوابكم شَيْئا، وَيُقَال: وَتَرهُ فِي الذَّحْل يَتِرُهُ
وَتْراً وترةً، والفِعْل من الوَتْر الذَّحْل: وَتَر يَتر، وَمن الوِتر
الْفَرد أَوْتَر يُوتِر بِالْألف.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَنه قَالَ:
(قَلِّدُوا الْخَيل وَلَا تُقَلِّدوها الأوتار) .
قَالَ أَبُو عبيد: بَلغنِي عَن النَّضر بن شُمَيْل أَنه كَانَ يَقُول:
مَعْنَاهُ لَا تَطلُبوا عَلَيْهَا الأوتار والذُّحُولُ الَّتِي
وُتِرْتُم بهَا فِي الْجَاهِلِيَّة.
قَالَ أَبُو عبيد: وَغير هَذَا الْوَجْه أَشْبَهُ عِنْدِي
بِالصَّوَابِ، سمعتُ مُحَمَّد بن الْحسن يَقُول: معنى الأوتار هَهُنَا
أَوْتار القِسِيِّ، وَكَانُوا يقلِّدونها أَوْتارَ القِسِيِّ فتختنق،
فَقَالَ: لَا تقلدِّوها بهَا.
وَرُوِيَ عَن جَابر أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَمر بِقطع
الأوتار من أَعْنَاق الْإِبِل.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: بَلغنِي عَن مَالك بن أنس أَنه قَالَ: كَانُوا
يقلِّدونها أوتار القسي، لِئَلَّا يُصِيبهَا العينُ فَأَمرهمْ
بِقَطْعها، يُعَلِّمهم أَن الأوتارَ لَا تَرُدُّ من أَمر الله شَيْئا،
وَهَذَا أشبه بِمَا كُرِهَ مِن التَّماتِم.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَتَرَةُ جُلَيْدَة بَين الْإِبْهَام والسَّبابة،
وَيُقَال: تَوَتَّرَ عَصَبُ فرسه، والوَتَرَةُ فِي الْأنف صِلة مَا
بَين المنْخَرَيْن.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: حِتَارُ كلِّ شَيْء وَتَرُهُ.
أَبُو زيد: الوَتِيرة غُرَيْضِيفٌ فِي جَوف الْأذن يَأْخُذ مِن أَعْلَى
الصِّماخ، قبل القَرْعِ، قَالَ: والوَتيرةُ الحاجز بَين المنْخَرَيْن
من مُقَدَّم الْأنف دون الغُرْضُوفِ، وَيُقَال للحاجز الَّذِي بَين
المنخرين غُرَضُوفٌ، والمِنْخَران خَرْقا الْأنف، وَالْخَبَر
الْمُتَوَاتر أَن يُحَدِّثه وَاحِد عَن وَاحِد، وَكَذَلِكَ خبر
الْوَاحِد مِثلُ التَّواترُ.
رتا: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ فِي
الحَساءِ: أَنه يَرْتُو فؤاد الحزين ويسرُو عَن فؤاد
(14/224)
السَّقيم.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: قَوْله يرتو فُؤَاد الحزين
يشُدُّه ويقوّيه.
وَقَالَ لبيد يصف درعاً:
فَخْمَةٌ دَفْرَاءُ تُرْتَى بالعُرَى
قُرْدُمانِيّاً وتَرْكاً كالبَصَلْ
يَعْنِي الدروعَ أنَّ لَهَا عُرًى فِي أَوْساطها فيُضَمُّ ذيلُها إِلَى
تِلْكَ العُرى وتُشَدُّ لِتَنْشَمِرَ عَن لابِسها، فَذَلِك الشَّدُّ
هُوَ الرَّتْوُ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْأمَوِي: رَتَوْتُ بالدلو أَرْتو رَتْواً
مَدَدتُ مَدّاً رَفِيقًا.
وَقَالَ بَعضهم: رَتا بِرَأْسِهِ يرتُو رَتْواً، وَهُوَ مِثلُ
الْإِيمَاء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرَّتْوُ يكون شدّاً وَيكون إرخاءً،
وَأنْشد فَقَالَ:
مُكْفَهرّاً على الحوادِث لَا ير
تُوهُ للدَّهر مُؤْيِدٌ صَمَّاءُ
أَي لَا تُرْخِيه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: معنى لَا تَرْتُوهُ لَا تَرْمِيه، وأصلُ الرَّتْوِ
الخَطْوُ، يُقَال: رَتَوْتُ أرْتُو رَتْواً إِذا خَطَوتَ، أَرَادَ أَن
الداهية لَا تَخَطَّاه وَلَا تَرْمِيه فتُغَيِّرهُ عَن حَاله، وَلكنه
باقٍ على الدَّهْر.
وَرُوِيَ عَن مُعاذ أَنه قَالَ: يَتَقَدَّمُ العلماءُ يومَ الْقِيَامَة
بِرَتْوةٍ.
قَالَ أَبُو عبيد: الرَّتْوَةُ الخَطْوَةُ هَهُنَا. قَالَ وَقَالَ
بَعضهم: الرَّتْوَةُ البَسْطَةُ، وَيُقَال: الرتوة نَحْوٌ مِن مِيلٍ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الرَّتْوَةُ الخَطْوَةُ،
والرَّتْوةُ الدَّعوةُ، والرَّتوة الدَّرجةُ والمنزِلةُ عِند
السُّلْطَان، والرَّتْوةُ الزِّيادةُ فِي الشّرف، وَغَيره، والرَّتْوةُ
العُقْدَةُ الشديدةُ، والرَّتْوةُ العقدةُ المسْتَرْخِيةُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التَّائر المداوِمُ على الْعَمَل بعد
فُتُور، والرَّاتِي الزَّائِدُ على غَيره فِي الْعلم، والرَّاتي
الرَّبَّانِيُّ، وَهُوَ العالِمُ العامِل المُعَلِّم، فَإِن حُرِمَ
خَصْلَة لَمْ يُقلْ لَهُ: ربَّانيٌّ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل يُقَال: مَا رَتَأ كَبِدَه الْيَوْم بِطَعَام أَي
مَا أكل شَيْئا يهْجأُ جُوعَه وَلَا يُقَال: رَتَأَ إِلَّا فِي
الكَبِدِ، يُقَال: رَتَأَها يَرْتؤُها رَتْأً بِالْهَمْز. انْتهى
وَالله أعلم.
(بَاب التَّاء وَاللَّام)
(ت ل (وايء))
تَلا، تول، لَيْت، (لتى) ، لتا، ولت، أَلت، أَتل، وتل.
(تَلا) : قَالَ اللَّيْث: يُقَال: تَلا يَتْلُو تِلاوة يَعْنِي قَرأَ
قِراءة، وتَلاَ إِذا تَبِع فَهُوَ تالٍ أَي تابعٌ، والمَتَالِي
الأُمهاتُ إِذا تَلَاهَا الأوْلاد الواحدةُ مُتْلٍ ومُتْلِية.
وَقَالَ الْبَاهِلِيّ: المتالي الإبلُ الَّتِي نُتجَ بعضُها وَلم
يُنتَجْ بعضٌ وَأنْشد:
(14/225)
وكُلُّ سِمَارَكيًّ كَأَنَّ رَبَابَهُ
مَتَالِي مُهِيبٍ من بني السِّيد أَوْرَدَا
قَالَ: نَعَمُ بني السَّيِّد سود فشبَّه سَوَادَ السَّحَاب بهَا،
وشبَّه صوتَ الرَّعد بحنين هَذَا المتالِي.
وَمثله قَول أبي ذُؤَيْب:
فَبتُّ إخَالُهُ دُهْماً خِلاَجَا
أَي اخْتُلِجَتْ عَنْهَا أولادُها فَهِيَ تحِنُّ إِلَيْهَا.
وَقَوله تَعَالَى: (هُنَالك تبلوا كل نفس مَا أسلفت) (يُونُس: 30) .
قَالَ الْفراء: تَقْرَأُ وَقَالَ غَيره: تَتْبَعُ.
والقارىء تالٍ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ مَا يَقْرَأُ والتَّالي التَّابع،
{فَالزَاجِرَاتِ زَجْراً} (الصافات: 3) ، هم الْمَلَائِكَة يأْتونَ
بِالْوَحْي فَيتلُونه على أَنْبيَاء الله.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تَلاَ اتَّبَع، وتَلا إِذا تَخَلَّف،
وتلا إِذا اشْترى تِلْواً وَهُوَ وَلدُ البَغْل، قَالَ: وتَتلَّى
بَقَّى بقيّةً من دَيْنِه وتَتَلَّى إِذا جمع مَالا كثيرا.
أَبُو عبيد: تَلَوْتُ الرجلَ أَتْلوه تَلْواً خَذَلْتُه وتركْتُه.
حَكَاهُ عَن أبي زيد، قَالَ: التُّلاوةُ بَقِيَّةُ الشيءِ، وَقد تَلَّى
الرجلُ إِذا كَانَ بآخِرِ رَمَق.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: هِيَ التُّلاوةُ أَيْضا، وَقد تَتَلَّيْتُ
حَقِّي عِنْده أَي تركت مِنْهُ بقيَّةً، وتتَلَّيتُ حقِّي تَتَبَّعتُه
حَتَّى يستوفيَه.
الْأَصْمَعِي: هِيَ التَّلِيَّةُ أَيْضا، وَقد تَلِيَتْ لي عِنْده
تَلِيّةٌ أَي بَقيَّة، وأَتْلَيْتُها أَنا عِنْده أَبْقيتها.
قَالَ شمر: قَالَ الْأَصْمَعِي: تَلا تَأَخّر، يُقَال: مَا زلت أتلوه
حَتَّى أتليته، أَي أَخَّرته.
وَأنْشد:
ركض المذاكى وتلا الحوْليُّ
أَي تَأَخّر.
وَقَالَ غَيره: أتليت عَلَيْك من حَقي تُلاوة أَي بَقِيَّة، والتُّلاوة
الْبَقِيَّة.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: التُّلاوةُ بقيَّة الْحَاجة
قَالَ: وَتَلا إِذا تَأَخّر، والتَّواليّ مَا تأَخَّر.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: تَلا عني يَتلُو تَلْواً إِذا تَرَكَكَ
وتَخلَّفَ عَنْك، وَكَذَلِكَ خَذَل يَخذل خُذُولاً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي فِي قَول ذِي الرمّة:
لَحِقْنَا فراجَعْنَا الحُمولَ وإنَّما
تَتلَّى دِباب الوادعات المراجع
قَالَ تَتلَّى: يَتتبَّعُ.
وَقَالَ شمر: يُقَال: تَلَّى فلَان صَلاتَه الْمَكْتُوبَة بالتطوع أَي
أَتبَعَها.
وَقَالَ البَعِيث:
(14/226)
عَلَى ظَهْرِ عَادِيَ كأَن أُرُومَهُ
رجالٌ يُتلَّون الصلاةَ قِيامُ
قَالَ: وَيكون تَلا وتَلَّى بِمَعْنى تَبِع.
قَالَ: وَقَالَ عَطاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَاتَّبَعُواْ مَا
تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ} (الْبَقَرَة: 102) قَالَ: وَفُلَان يَتْلُو
فلَانا أَي يَحْكِيه ويَتْبع فِعْلَه، وَهُوَ يُتَلِّي بقِيَّةَ حاجتِه
أَي يَقْتَضِيها وَيَتَعَهَّدُها.
وَقَالَ النَّضر: التِّلْوة من أَوْلَاد المِعْزَى والضأن الَّتِي قد
استَكرَشَتْ وشَدَنَتْ، والذكرُ تِلْوٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لِوَلَدِ البَغْل: تِلْوٌ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: التَّلاءُ: الذِّمة، وَقد أَتْلَيْتُه أَي
أَعْطيته الذِّمَّة وَأنْشد:
وسيَّانَ الكفَالةُ والتَّلاءُ
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: التَّلاء الضَّمَان، يُقَال: أتليتُ فلَانا
إِذا أَعْطيته شَيْئا يَأْمَن بِهِ، مثل سهم أَو نقل.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: التَّلاء: الحوَالَةُ وَقد أَتْلَيْتُ فلَانا
على فلانٍ أَي أَحَلتُه عَلَيْهِ، وَأنْشد الباهليُّ هَذَا الْبَيْت:
إِذا خُضْرُ الأصَمَّ رَميتُ فِيها
بِمُسْتَتلٍ على الأدْنَين باغِ
قَالَ: المُرَاد بخُضْرِ الْأَصَم: دآدي ليَالِي شَهْر رَجَب،
والمسْتَتلِي من التُّلاة وَهُوَ الحَوالة أَي يجنِي عَلَيْك ويُحيل
عَليك فتؤخذ بِجِنَايَتِهِ والباغي هُوَ الجارِم الجَانِي على
الأدنَينِ من قرَابَته.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: استَتلَيتُ عَلَيْهِ فُلاناً أَي انتظرتُه،
واستتليته جعلته يَتلوني.
الْعَرَب تَقول: لَيْسَ هَوادِي الخَيْل كالتَوالي، فهوادِيها
أَعْناقُها، وتواليها مآخرُها رجلاها وذَنبُها، وتَوَالِي الْإِبِل
مآخرها وتوالي كل شَيْء آخِره، وتاليات النُّجُوم أواخرها.
وَقَالَ بَعضهم: لَيْسَ تَوالِي الْخَيل كالهوادي، وَلَا غُفْرُ
اللَّيالي كالدَّآدِي، وغفْرها بِيضُها.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي قَوْله جلّ وعزّ: {يَتْلُونَهُ حَقَّ
تِلاَوَتِهِ} (الْبَقَرَة: 121) ، قَالَ: يَتَّبعونه حقَّ اتِّباعه.
وَقَالَ مُجَاهِد: يعْملُونَ بِهِ حقَّ عَمَله.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس: يتبعونه حقّ اتِّبَاعه فيعملون بِهِ حقّ عمله.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله: {وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ
الشَّيَاطِينُ} (الْبَقَرَة: 102) ، قَالَ: مَا تَتكلم بِهِ كَقَوْلِك:
يَتْلُو فلَان كتابَ الله أَي يَقْرَؤُهُ وَيَتكلَّم بِهِ.
وَقَالَ عَطاء: مَا تتلو الشَّيَاطِين مَا تُحدِّث وَمَا تَقُصُّ.
وَفِي الحَدِيث: (إِن الْمُنَافِق إِذا وُضِع فِي قَبره سُئِل عَن
مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَا جَاءَ بِهِ فَيَقُول: لَا
أَدْرِي فَيُقَال لَهُ: لَا دَرَيْتَ ول
(14/227)
اتَلَيت وَلَا اهْتَدَيتَ) .
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب فِي تَفْسِيره: قَالَ بَعضهم:
معنى وَلَا تَلَيت وَلَا تَلَوْت، أَي لَا قَرَأْتَ وَلَا دَرَسْتَ من
تَلا يَتْلُو، فَقَالَ: تَلَيْتَ بِالتَّاءِ ليعاقب بهَا الْيَاء فِي
دَرَيت.
كَمَا قَالُوا: إِنِّي لآتية بالغَدَايا والعَشَايَا وَتجمع الغَداةُ
غَدَوَات، وَقيل: غَدايَا من أجل العَشَايا ليزْدَوِجَ الكلامُ، قَالَ:
وَكَانَ يُونُس يَقُول: إِنَّمَا هُوَ: وَلَا أَتْلَيْتَ فِي كَلَام
الْعَرَب: مَعْنَاهُ أَلا يُتْلِيَ إبلَه، أَي لَا يكونُ لَهَا
أَوْلَاد تَتْلُوها، وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا هُوَ لَا دَرَيْتَ وَلَا
اتَّلَيْتَ على افْتَعَلْتَ من أَلَوْتَ أَي أَطَقتَ واسْتَطَعْتَ
كَأَنَّهُ قَالَ: لَا دَرَيْتَ وَلَا استَطَعْتَ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الْعَرَب تسمي المراسل فِي الْبناء
وَالْعَمَل: المُتالي قَالَ: والتَّلِيُّ الْكثير الْإِيمَان،
والتَّلِيُّ الْكثير المَال.
(تول) : قَالَ ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تَالَ: يَتولُ تَوْلاً
إِذا عالج التِّولَةَ وَهِي السِّحْر، قَالَ: وَأما التُّولَةَ
بِالضَّمِّ والهمزة، فَإِنَّهَا الداهية. أَبُو عبيد عَن الْفراء:
جَاءَ فلَان بالدُّؤَلَةَ والتُّؤَلة وهما السحر، قَالَ وَقَالَ
الْأَصْمَعِي: التِّوَلَةُ بِكَسْر التَّاء هُوَ الَّذِي يُحَبِّبُ
الْمَرْأَة إِلَى زَوجهَا، قَالَ وَمثله فِي الْكَلَام سَبْيٌ طِيَبةٌ.
وروى أَبُو عُبَيْدَة فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: والتمائم
والرقى والتِّولة شرك؛ ابْن السِّكِّيت.
قَالَ أَبُو صاعد: تُوَلَةٌ من النَّاس، أَي جمَاعَة جَاءَت من بيوتٍ
وصبيان وَمَال.
وَقَالَ غَيره: التَّالُ صِغارُ النَّخْل وفَسِيلهُ، والواحدة: تالة.
ألت: قَالَ الله جلّ وعزّ: {ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ
عَمَلِهِم مِّن} (الطّور: 21) قَالَ الْفراء: الألْتُ النَّقْصُ،
وَفِيه لُغَة أُخْرَى، وَمَا لِتْناهم بِكَسْر اللَّام، وَأنْشد فِي
الألت:
أَبْلِغْ بني ثُعلٍ عنِّي مُغَلغَلَةً
جَهْدَ الرِّسَالَةِ لَا أَلْتاً وَلَا كَذِبَا
يَقُول: لَا نقصانَ وَلَا زِيَادَة وَأنْشد قَول الراجز:
وليلةٍ ذاتِ نَدَى سَرَيْتُ
وَلم يَلِتْنِي عَنْ سُراها لَيتُ
أَي لم يَثْنِنِي عَنْهَا نَقْصٌ بِي وَلَا عجز عَنْهَا، رُوِي عَن
عمر: أَن رجلا قَالَ لَهُ: اتقِ الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ
فَسَمعَهَا رجل فَقَالَ: أَتألِتُ على أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَقَالَ
عمر: دَعْه فَلَنْ يزَالُوا بِخَير مَا قالوها لنا.
قَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: معنى قَوْله: أَتأْلِتُهُ، أتحطهُ
بذلك، أتضعُ مِنْهُ أَتُنْقِصُه؟ قلت: وَفِيه وَجه آخر، هُوَ أشبه
بِمَا أَرَادَ الرجل. روى أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ:
أَلَتَه يَمِينا يَألِتُه أَلْتاً إِذا
(14/228)
أَحْلَفه، كَأَنَّهُ لما قَالَ لَهُ:
اتَّقِ الله فقد نَشَدَه الله، تَقول الْعَرَب: أَلَتُّكَ باللَّهِ
لَمَا فَعلتَ كَذَا، مَعْنَاهُ نَشَدْتك بِاللَّه.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الأَلْتُ النَّقْص،
والألت القَسَمُ، يُقَال: إِذا لم يُعْطك حقّك فقيَّده بالأَلت،
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأُلْتَة الْيَمين الْغمُوس، والأُلتة
العَطيّةُ الشَّقْنةُ. وَهِي القليلة.
وَفِي حَدِيث عبد الرحمان: وَلَا تغمدوا سُيُوفكُمْ على أعدائكم
فتولتوا أَعمالكُم. قَالَ القتيبي: أَي لَا تُنقِصوها، يُرِيد أَنه
كَانَت لَهُم أَعمال فِي الْجِهَاد مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فَإِذا هم تركوها وَاخْتلفُوا، نقصوها، يُقَال: لاتَ يَلِيت،
وأَلَتَ يأْلِتُ، وَلم أسمع أوْلَت يُولِتُ إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث.
لات وَوَلَّتْ: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ
مِّنْ أَعْمَالِكُمْ} (الحجرات: 14) قَالَ الفرّاء: مَعْنَاهُ لَا
يُنْقصكم وَلَا يظلمكم من أَعمالكُم شَيْئا. قَالَ: وَهُوَ من لات يليت
قَالَ: والقراء مجتمعون عَلَيْهَا، قَالَ: ولاتَ يليتُ وألَتَ يَأْلِتُ
لُغتان فِي معنى النَّقْص، وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال وَلَتَه يلِته
وَلْتاً وأَلته يألِته ألْتاً ولاتَه يلِيته لَيْتاً، وَقَالَ شمر:
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: سَمِعت بعضَهم يَقُول: الْحَمد لله الَّذِي
لَا يُفاتُ وَلَا يُلاتُ، قَالَ: وَقَالَ خَالِد بن عتبَة: لَا يُلات
أَي لَا يَأْخُذ فِيهِ قولَ قَائِل، أَي لَا يُطيع أحدا، قَالَ: وَقيل
للأسَدِية: مَا المدحَلَةُ؟ فَقَالَت: أَن يَلِيتَ الإنسانُ شَيْئا قد
عَلِمه، أَي يَكْتُمُه ويَأْتِي بخَبرٍ سِواه، أَبُو عبيد عَن
الأصمعيّ، قَالَ: إِذا عَمَّى عَلَيْهِ الخَبَر، قيل: قد لاَتَهُ
يَليته لَيْتاً.
وَقَالَ الزّجاج: لاَتَه يَليته وألأته يُليتهُ، وأَلَتَه يَلِيته إِذا
نَقَصه، قَالَ: وَقَوله: {ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ
عَمَلِهِم مِّن} (الطّور: 21) ، يجوز أَن يكون من أَلتَ وَمن أَلاَت،
قَالَ: وَيكون لاَته يَليته إِذا صرفه عَن الشَّيْء، وَقَالَ عُرْوَة
بن الْورْد:
ومُحْسِبَةٍ مَا أَخطأَ الحقُّ غَيرَها
تَنَفَّسَ عَنْهَا حَيْنُها فَهِيَ كالشَّوى
فَأَعْجَبَنِي إقدامُها وسَنامُها
فبِتُّ أُليتُ الْحق والحقُّ مبتلى
أنْشدهُ شمر وَقَالَ: أُليتُ الْحق أُحِيله وأصْرِفه، وَقَالَ
الْأَصْمَعِي: اللِّيتَانِ صَفْحَتَا الْعُنُق، وَيجمع اللِّيتُ على
اللِّيتَةِ، ولَيْتَ كلمة تمنٍ، لَيْتَني فَعَلتُ كَذَا وَكَذَا وَهِي
من الْحُرُوف الناصبة. وليتِي فِي معنى لَيْتَني.
أتل: أَبُو عبيد عَن الْفراء: أَتَلَ الرجلُ يأتِلُ أُتُولاً، وأَتَن
يأتِنُ أُتوناً، إِذا قاربَ الرجلُ خَطْوَهُ فِي غَضَب وَأنْشد:
أَراني لَا آتِيك إِلَّا كأَنما
أسأتُ وَإِلَّا أنتَ غَضْبانُ تأتِلُ
(14/229)
وَقد يُقَال فِي مصدره الأَتلان
والأَتَنَان.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّألانُ الَّذِي كَأَنَّهُ يَنهض بِرَأْسِهِ إِذا
مَشى يُحركه إِلَى فَوق، قلت: هَذَا تَصْحِيف فاضح، وَإِنَّمَا هُوَ
النّأَلان بالنُّون، وَذكر الليثُ هَذَا الْحَرْف فِي أَبْوَاب التَّاء
فلزمني التَّنْبِيه على صَوَابه لِئَلَّا يَغتر بِهِ من لَا يعرفهُ،
وَقَالَ: وَقد أوضحت الْحَرْف فِي بَاب اللَّام وَالنُّون.
لتا: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: لَتا إِذا نقص.
قلت: كَأَنَّهُ مقلوب من لاَتَ أوْ من أَلَتَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللَّتيُّ المُلازِمُ للموضع.
أَبُو تُرَاب، قَالَ الْأَصْمَعِي: لَعَنَ اللَّهُ أُمًّا لَتأَتْ
بِهِ، ولَكأَتْ بِهِ أَي رَمَتْ بِهِ، قَالَ وَقَالَ شمر: لَتَأتُ
الرجلَ بِالْحجرِ إِذا رَمَيتَه بِهِ، ولَتَأتُه بِعيني لَتْأً إِذا
أَحْدَدْتَ إِلَيْهِ النّظر وَأنْشد ابْن السّكيت:
تراهُ إِذا أجَّه الضَّنَى
يَنُوءُ اللَّتِيء الَّذِي يَلتؤُه
قَالَ اللّتِيءُ: فعيلٌ من لَتأتُه إِذا أصبته، واللّتِيءُ المَلْتِيُّ
المرْمِيُّ.
قَالَ العجاج:
دافعَ عني بتقصير مَوْتَتِي
بعد اللُّتيا واللَّتيا والَّتي
أَرَادَ اللُّتيا تَصْغِير الَّتِي، وَهِي الداهية الصَّغِيرَة،
والَّتي: الداهية الْكَبِيرَة.
وتل: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الوُتُلُ من الرِّجَال
الَّذين ملأوا بطونهم مِن الشَّرَاب، الْوَاحِد أَوْتَلُ، واللَّتَّام
المالِئوها من الطَّعَام.
(بَاب التَّاء وَالنُّون من المعتلات)
(ت ن (وايء))
وتن، تين، تون، يتن، أتن، تنأ، نتأ، أَنْت، نأت.
تين: قَالَ الله جلّ وعزّ: {} (التِّين: 1) .
قَالَ الْفراء: قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ تينكم هَذَا وزَيتُونكم،
وَيُقَال: إنَّهُمَا مَسجدان بِالشَّام، قَالَ الفرَّاء: وسمعتُ رجلا
من أهل الشَّام، وَكَانَ صَاحب تَفْسير قَالَ: التينُ جبالٌ مَا بَين
حُلوان إِلَى هَمذان، وَالزَّيْتُون جبال الشَّام.
روى المنذريُّ عَن الْحَرَّانِي عَن ثَابت بن أبي ثَابت أَنه قَالَ:
قَالَ الْأَصْمَعِي: الزَّيْتُون شجرةٌ تشبه الرِّمْثَ وَلَيْسَت بِهِ.
(تون) : وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَّتاوُن احْتيالٌ وخَدِيعةٌ، وَالرجل
يَتتاوَنُ الصَّيْدَ إِذا جَاءَهُ مَرَّة عَن يَمينه، وَمرَّة عَن
شِماله وَأنْشد:
تتَاوَنَ لِي فِي الْأَمر من كل جانبٍ
ليصرِفَنِي عمَّا أرِيدُ كُنودَا
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التُّونُ الخزفة الَّتِي يُلْعَبُ
عَلَيْهَا بالكُجَّة وَلم أر هَذَا الْحَرْف
(14/230)
لغيره، وَأَنا وَاقِف فِيهِ أَنه بالنُّون
أَو بالزاي.
يتن: أَبُو عبيد عَن اليزيدي: اليَتْنُ أَن تَخْرجَ رِجلا الْمَوْلُود
قبل يَدَيْهِ.
وَقَالَ غَيره: تُكْرَه الوِلادةُ إِذا كَانَت كَذَلِك، وَقد
أَيْتَنَتْ بِهِ أمُّه، وَقَالَت أم تأبَّط شرا: واللَّهِ مَا حَملْتُه
غَيْلاً وَلَا وَضَعتُه يَتْناً، وَفِيه لُغات يُقَال: وَضعته أمُّه
يَتْناً وأَتْناً ووَتْنَا.
وروى المنذريُّ عَن الْحَرَّانِي عَن ثَابت بن أبي ثَابت أَنه قَالَ:
قَالَ الْأَصْمَعِي: اليَتْنُون شجر يشبه الرِّمث وَلَيْسَت بِهِ.
وتن: قَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {ثُمَّ لَقَطَعْنَا
مِنْهُ} (الحاقة: 46) الوَتين نِياط الْقلب، وَإِذا انْقَطع الوتينُ لم
يكن بعده حَيَاة.
وَقَالَ أَبُو زيد: الوَتِينُ عِرْقٌ يَسْتَبْطِنُ الصُّلْبَ يجتمعُ
إِلَيْهِ البطنُ أجمع، وَإِلَيْهِ تَضْرِبُ العُرُوق، وَهِي الوُتُن،
وثَلاثَةُ أَوْتِنة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: وَتَنَ بِالْمَكَانِ يَتِنُ وتُوناً.
تنأ نتأ: تَنَأَ يَتْنَأَ تُنُوءاً، إِذا أَقَامَ بِهِ، فَهُوَ وَاتِنٌ
وتأنِىءٌ، وَجمع التانِيء تُنَّاء.
وَفِي حَدِيث عمر: ابنُ السَّبِيل أحقّ بِالْمَاءِ مِن التّأنِيءِ
عَلَيْهِ، أَرَادَ أنَّ ابْن السَّبِيل إِذا مَرّ بِرَكِيَّةٍ
عَلَيْهَا قومٌ يَسْقون مِنْهَا نَعمهم، وهم مُقيمون عَلَيْهَا، فَابْن
السَّبِيل ماراً أَحَق بالماءِ مِنْهُم يُبْدأ بِهِ فيُسْقَى وَظَهره
لِأَن سَائِرهمْ مقيمون، وَلَا يَفوتُهم السَّقْي وَلَا يُعْجِلُهم
السَّفَر والمسير.
سَلَمة عَن الْفراء: الأتْنَاءُ الأَقران، والأنْتَاءُ الأوْرَامُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: نَتَأْتُ فَأَنا أنْتَأُ نُتُوءًا إِذا ارتفعتَ،
وكلُّ مَا ارْتَفع فَهُوَ نَاتِىءٌ، قلت: وَمن الْعَرَب من يَقُول:
نَتَا عُضْوٌ من أَعْضَائِهِ يَنْتُو نتُوّاً فَهُوَ ناتٍ إِذا وَرِم
بِغَيْر همز، وانْتَتأَ إِذا ارْتَفع أَيْضا، وَأنْشد أَبُو حَازِم:
فَلَمَّا انْتَنأْتُ لدِرِّيئهم
نَزَأْتُ عَلَيْهِ الوأَي أهذَؤُه
لِدِرِّيئهم أَي لِعَرِيفهم نَزَأْتُ عَلَيْهِ أَي هَيَّجْتُ عَلَيْهِ،
ونزعت الوَأَي وَهُوَ السَّيْف أهذؤُه أَي أَقْطَعُه، وَفِي بعض
الحَدِيث كَانَ حُميد بن هِلَال من الْعلمَاء فأخرتْ بِهِ التِّنايةُ،
قَالَ الْأَصْمَعِي: إِنَّمَا هِيَ التِّناوَةُ أيْ أَنه تَركَ
المذاكرة، وَكَانَ ينزل قَرْيَة على طَرِيق الأهواز.
وَقَالَ اللَّيْث: التُّنُوءُ خُرُوج الشَّيْء من مَوْضِعه من غير
بينونة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أنْتَى أَنتَا إِذا تأخَّر، وأنتَى إِذا
كَسَر أَنْف إِنْسَان فَوَرَّمَه، وأَنْتَى إِذا وَافق شكلَه فِي
الخَلْق والخُلُق مَأْخُوذ من التِّنِّ.
(14/231)
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر فِي بَاب من
يستَحْضَر وَهُوَ ذُو تِكْراهٍ يحقِرُ، وَهُوَ يَنْتأ أَي أَنَّك
تَزْدَرِيه لسكوته وَهُوَ يُحادِيُك.
(نأت) : وَقَالَ أَبُو زيد يُقَال: نَأَتَ الرجلُ وَهُوَ يَنْئِتُ
نَئِتاً وأَنَّ يَئِنَّ أَنِيناً وأَنْتَ يَأْنِتُ أَنيتاً بِمَعْنى
وَاحِد غير أَن النئيتَ أجْهرُها صَوتا.
أَبُو عبيد: النُّوتيُّ الملاّح والجميع النَّواتيّ والنُّوتيُّون؛
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: امْرَأَة مأتُونَةٌ إِذا
كَانَت أديبةً، وَإِن لم تكن حَسَنَة.
(وتن أتن) : قَالَ: والوَتْنَةُ مُلازمةُ الغَريم، والوَتْنَةُ
الْمُخَالفَة.
وَقَالَ اللَّيْث: وَتَنَ بِالْمَكَانِ وُتُوناً وأَتِن أُتوناً إِذا
أَقَامَ بِهِ، وأتانٌ وثلاثُ آتُنٍ؛ وأتُنٌ كثيرةٌ.
قَالَ: الأتُون أَتُون الحمَّام والجصَّاصة وَنَحْوه.
وَقَالَ الْفراء: جَمَعت الْعَرَب الأَتُّون أَتَاتين بتاءين، قَالَ:
وَهَذَا كَمَا جمعُوا قَسّاً قَسَاوسة أَرَادوا أَن يجمعوه على مِثَال
مَهالِبة فكثُرت السينات فأبدلوا إِحْدَاهُنَّ واواً، قَالُوا:
وَرُبمَا شدَّدوا الْجمع وَلم يشدِّدوا واحده مثل أُتُون وأَتَاتِين.
وَقَالَ أَبُو زيد: الوَاتِنُ من الْمِيَاه الدَّائِم المَعِينُ
الَّذِي لَا يذهبُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأتَانُ قاعِدة الفَوْدَج، والجميع الأُتُن،
قَالَ: وَقَالَ لي أَبُو موهب: الحمائر هِيَ القَواعِد والأُتُن
الْوَاحِدَة حمارة وأَتانٌ.
وَقَالَ أَبُو الدُّقيش: الْقَوَاعِد والأُتن المرتفعة من الأَرْض،
وأَتانُ الضَّحْل الصَّخْرةُ الْعَظِيمَة تكون نابتَةً فِي المَاء
وَأنْشد:
عَيْرَانَةٌ كأَتانِ الضَّحْلِ عُلْكومُ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأتان الصخرةُ تكون فِي المَاء، وَقيل: هِيَ
الصخرةُ الَّتِي هِيَ فِي أَسْفَل طَيِّ البئرِ، فَهِيَ تَنِي المَاء.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي:
بِنَاجِيَةٍ كأَتان الثَّمِيل
توفى السُّرَى بَعْدَ أَيْنٍ عَسِيراً
أَي تُصْبِحُ عَاسِراً بِذَنبها تَخْطِرُ بِهِ مَراحاً ونَشَاطاً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: أَتَانُ الثَّمِيلِ الصَّخْرةُ الَّتِي لَا
يَرْفَعُها شَيْء وَلَا يُحَرِّكها وَلَا يأْخُذُ فِيهَا، طُولُها
قَامَةٌ فِي عَرْض مِثْلِه، وأتانُ الرمل دويْبةٌ دقيقة الساقَيْن.
(أَنْت) : أَبُو عَمْرو: رجل مَأْنوتٌ، وَقد أَنَتَه النَّاس
يَأْنِتونَهُ إِذا حَسدوه فَهُوَ مأنوتٌ وأَنِيتٌ.
انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.
(14/232)
(بَاب التَّاء وَالْفَاء من المعتل)
(ت ف (وايء))
تفى، توف، فتا، فَوت، أفت.
تفى: يُقَال: رَأَيْته على تَفِئَةِ ذَاك وتَئِفْة ذَاك وأفّاية ذَاك
أَي على حِين ذَاك.
قلت: وَلَيْسَت التَّاء فِي تَفِئَةٍ وتَئفَّةٍ أَصْلِيّة.
توف: وَفِي نَوَادِر الْأَعْرَاب: مَا فِيهِ تُوفَةٌ وَلَا تافَةٌ أَي
مَا فِيهِ عَيْبٌ.
فتا: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفُتَيُّ قدَحُ الشُّطَار، وَقد
أفتى إِذا شرَبَ بِهِ.
شمر عَن أبي حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: المُفْتِيُّ مِكيال هِشام بن
هُبَيْرة، والْعُمَريُّ هُوَ مكيال اللَّبن.
قَالَ: والمُدُّ الهِشَامِي هُوَ الَّذِي كَانَ يتَوَضَّأ بِهِ سعيد بن
الْمسيب.
حَدثنَا السَّعْدِيّ عَن أبي سعيد عَن يحيى الْحمانِي عَن ابْن فُضَيْل
عَن حُصَين عَن يزِيد الرقاشِي، عَن امْرَأَة من قومه حَجَّت فمرَّت
على أمّ سَلَمة، فسألتها أَن تُرِيَها الإناءَ الَّذِي كَانَ
يَتَوَضَّأ فِيهِ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْرَجته،
فَقَالَت: هَذَا مَكُّوكُ المُفْتِيِّ.
قلت: أريني الْإِنَاء الَّذِي كَانَ يَغتسل فِيهِ فَأَخْرَجته فَقلْتُ:
هَذَا قَفِيزُ المُفْتِيَّ.
وَقَالَ ابْن السّكيت يُقَال: تَفَتَّتْ الْجَارِيَة إِذا راهَقَت
فخُدِّرَتْ ومُنعتْ من اللَّعب مَعَ الصّبيان، وَقد فُتِّيَتْ
تَفْتيةً.
وَيُقَال لِلْجَارِيَةِ الحَدَثة: فتاةٌ، وللغلام فَتى وتَصْغيرُ
الفتاةِ فُتيَّةٌ، وتصغير الفَتى فُتَيُّ.
للبكرة من الْإِبِل: فَتِيَّةٌ وبَكْرٌ فَتِيٌّ كَمَا يُقَال
لِلْجَارِيَةِ فتاةٌ، وللغلام فَتًى، وَيُقَال: بَكْرٌ فَتِيُّ، بيِّن
الفَتَاء مَمْدُود، وفَتِيٌّ من النَّاس بيِّن الفُتوَّة.
وَقَالَ ابْن عِمران بن حُصَيْن:
جَذَعةٌ أَحَبُّ إليّ مِن هَرِمَةٍ
اللَّهُ أَحَقُّ بالفَتَاءِ وَالكَرَمِ
قَالَ أَبُو عبيد: الفَتاء مَمْدُود، مَصْدَرُ الفَتِيِّ فِي السن
وَأنْشد:
إِذا عاشَ الفَتى مِائَتَيْنِ عَاما
فقد أوْدَى اللَّذَاذَةُ والفَتَاءُ
فقصرَ الْفَتى فِي أوّل الْبَيْت ومدَّه فِي آخِره، واستعارَه فِي
النَّاس، وَهُوَ من مصَادر الفَتِيِّ من الْحَيَوَان، ويُجمع الْفَتى
فِتياناً وفُتُواً، وَيجمع الفتِيُّ فِي السنّ أَفْتاءٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَتِيّ والفَتِيَّة الشَّابُّ والشابّةُ والفِعل
فَتُوَ يَفْتُو فتَاءً.
وَيُقَال: فعل ذَلِك فِي فَتائِه، وَجَمَاعَة الْفَتى فِتيةٌ وفِتيان
وَقد يُجمع على الأَفتاء وَجمع الفتاةِ فَتياتٌ.
قَالَ القُتيبي: لَيْسَ الْفَتى بِمَعْنى الشابِّ والحَدثِ، إنَّما
هُوَ بِمَعْنى الْكَامِل الجزْل من الرِّجَال تَدلُّك على ذَلِك:
(14/233)
قَول الشَّاعِر:
إِن الْفَتى حَمَّالُ كلِّ مُلِمَّةٍ
ليْس الْفَتى بِمُنعَّم الشُّبانِ
وَقَالَ ابْن هَرْمة:
قد يُدْركُ الشَّرَفَ الْفَتى وَرِدَاؤُهُ
خَلَقٌ وجَيْبُ قَميصِه مَرْقُوعُ
وَقَالَ الْأسود بن جَعْفَر:
مَا بَعدَ زيدٍ فِي فتاةٍ فُرِّقوا
قتْلاً وسَبْياً بعدُ طولِ تآدِي
وَقَبله:
فِي آلِ عَوْفٍ لَو بَغَيتَ لي الأَسَى
لَوجدتُ مِنْهُم أُسْوَةَ العُوَّاد
فتخيَّروا الأرضَ الفضاءَ لِعِزّهم
ويزيدُ رافِدُهم على الرُّفَّاد
وَيُقَال: أفتى الرجلُ فِي الْمَسْأَلَة واسْتفتيتَه فأفتاني إِفْتَاء،
وفُتْياً وفَتْوَى اسمان من أَفتَى توضعان مَوضِع الْإِفْتَاء.
وَيُقَال: أَفتيتُ فلَانا فِي رؤْياً رَآهَا، إِذا عَبَرْتَها لَهُ،
وأفتيتُه فِي مَسْأَلته إِذا أَجَبْتُه عَنْهَا.
وَفِي الحَدِيث: أَن قوما تَفاتوا إِلَيْهِ، مَعْنَاهُ تحاكموا.
قَالَ الطرماح:
أنِخْ بِفنَاء أشْدَقَ من عَدِيَ
وَمن جرم، وهم أهل التَّفاتي
أَي التحاكم، وأصل الْإِفْتَاء والفُتْيا تَبْيِين الْمُشكل من
الْأَحْكَام، أَصله من الفتيِّ، وَهُوَ الشَّاب الْحَدث الَّذِي شب
وقَوِيَ فَكَأَنَّهُ يُقوِّي مَا أشكل ببيانه، فيشب وَيصير فَتِياً
قَوِيا، وَأفْتى الْمُفْتِي إِذا أحدث حكما.
قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: هَؤُلَاءِ قومٌ من بني حَنظَلَةَ. خَطبَ
إِلَيْهِم بعضُ الْمُلُوك جَارِيَة يُقَال لَهَا: أمّ كَهْف فَلم
يُزَوِّجوه فغَزَاهم وأجلاهم عَنْ بِلَادهمْ.
وَقَالَ أَبوهَا:
أَبَيتُ أَبَيْتُ نِكاحَ الْمُلُوك
لأنِّي امرؤٌ مِن تَمِيم بن مُرْ
أَبيتُ اللِّئامَ وأَقْليهِمُ
وَهل يُنكحُ العبدَ حرُّ بن حُرْ
وَقَوله تَعَالَى:
{شِهَابٌ} (الصافات: 11) أَي سَلْهُمْ.
وَيُقَال للْعَبد فَتى وللأمة فتاةٌ.
وَقَالَ لِفتيانِه: أَي لممالكيه وقُرِىء (لِفتيته) .
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا
يَقولَنَّ أحدكُم عبْدي وأَمتِي، وَلَكِن لِيَقُلْ فتايَ وفَتاتِي) .
وسمَّى الله جلّ وعزّ صَاحب مُوسَى الَّذِي صَحبه فِي الْبَحْر، فَتاهُ
لِأَنَّهُ كَانَ يخدُمه فِي سَفَره.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَوْله تَعَالَى:
(14/234)
{شِهَابٌ ثَاقِبٌ فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ
أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ} (الصافات: 11) أَي فاسألهم سُؤال تَقْرِير
أهم أَشد خلقا من الْأُمَم السالفة؟ وَقَوله: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ
اللَّهُ يُفْتِيكُمْ} (النِّسَاء: 176) أَي يَسْأَلُونَك سؤالَ
تَعلُّمٍ.
وَمن مَهْمُوز هَذَا الْبَاب قَول الله جلّ وعزّ: {تَالله تَفْتَأُ
تَذْكُرُ يُوسُفَ} (يُوسُف: 85) .
قَالَ ابْن السّكيت يَقُول: مَا زلتُ أفْعَلُهُ وَمَا فَتئتُ أفعلُه،
وَمَا بَرِحْتُ أفعلُه، قَالَ: وَلَا يُتكلَّم بهنّ إِلَّا مَعَ
الجَحْد، قلت: وَرُبمَا حَذَفت الْعَرَب حَرْف الْجحْد من هَذِه
الْأَلْفَاظ، وَهُوَ مَنْوِيٌ كَقَوْل الله جلّ وعزّ: {تَالله تَفْتَأُ
تَذْكُرُ يُوسُفَ} .
وَقَالَ أَبُو زيد: مَا فَتأتُ أذكرهُ أَي مَا زِلت، وهما لُغَتَانِ
مَا فَتئتُ وَمَا فَتأْتُ.
وَقَالَ الْفراء: يُقَال: فَتِىءَ يَفْتِىءُ وفتُوَ يفَتُوُ
وَأَجْمعُوا على الفتُوَّةِ بِالْوَاو، وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) :
فَتِئْتُ من الْأَمر أَفْتَأُ إِذا نَسِيتَه وانْقَدَعْتَ عَنهُ،
ورَوَى ابْن هانىء عَن أبي زيد قَالَ: تميمُ تَقول: أَفْتَأْتُ، وقيسٌ
وَغَيرهم يَقُولُونَ: فَتِئْتُ، يَقُولُونَ: مَا أفْتأتُ أذكرهُ
إفْتَاءً، وَذَلِكَ إِذا كنت لَا تَزالُ تذكره وَمَا فَتِئتُ أذكرُه،
أَفتأُ فَتْأً.
فَوت: قَالَ اللَّيْث: فاتَ يفوتُ فَوْتاً فَهُوَ فَائتُ وَالْمَفْعُول
بِهِ مَفوتٌ، وَهُوَ من قَوْلك: فَاتَنِي فأَنا مَفُوتٌ وَهُوَ
فَائِتٌ، وَيُقَال: بَينهم فَوْتٌ فَائِتٌ، كَمَا يُقَال: بَوْنٌ
بائِنٌ، وَبينهمْ تَفَاوتٌ وتَفَوّتٌ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {طِبَاقًا مَّا تَرَى فِى خَلْقِ الرَّحْمَانِ
مِن} (الْملك: 3) . وقُرِىء: من (تَفَوُّتٍ) ، وَالْأول قِرَاءَة أبي
عَمْرو، وَقَالَ قَتَادَة: الْمَعْنى من اخْتِلَاف. وَقَالَ
السُّدِّيُّ: مِنْ تَفَوُّتٍ مِنْ عَيْبٍ، يَقُول النَّاظر: لَو كَانَ
كَذَا كَانَ أحسن، وَقَالَ الْفراء: هما بِمَعْنى وَاحِد.
وَقيل: من تفَاوت من اخْتِلَاف واضطراب، والتفاوت التباعد وَقَوله
تَعَالَى: {سَمِيعٌ قَرِيبٌ وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ
وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} (سبأ: 51) قَالَ ابْن عَرَفَة: أَي
لم يسْبقُوا مَا أُرِيد بِهِ، وَقد افتات عَلَيْهِ فِي رَأْيه أَي سبقه
وَمثله قَوْله: أمثلي يُفاتُ عَلَيْهِ فِي بناتِه؟
وَفِي الحَدِيث أَن رجلا تَفَوَّت على أَبِيه فِي مَاله فأَتَى أَبوهُ
النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر ذَلِك لَهُ فَقَالَ: (ارْدُد
على ابْنك فَإِنَّمَا هُوَ سهم من كنانتك) .
قَالَ أَبُو عبيد قَوْله: تَفَوَّتَ مأخوذٌ من الفَوْت، وتَفَعَّل
مِنْهُ، وَمَعْنَاهُ أَن الابْن فَاتَ أَبَاهُ بِمَال نَفسه فوهَبَه
وبَذَّره فَأمر النَّبِي الْأَب بارتجاع المَال ورده إِلَى ابْنه،
وأعمله أَنه لَيْسَ للِابْن أَن يَفتاتَ على أبيهِ بِماله، وَقَالَ
أَبُو عبيد: وكلُّ من أحدثَ دُونك شَيْئا فقد فاتك وافتات عَلَيْك
فِيهِ،
(14/235)
وَقَالَ معن بن أَوْس يَعاتب امْرَأَة:
فَإِن الصبحَ مُنتَظَرٌ قَريبٌ
وإنَّكِ بالملامة لَنْ تُفاتِي
أَي لَا أَفوتك وَلَا يَفُوتُك مَلامي إِذا أَصبَحت فَدَعيني ونَوْمي
إِلَى أَن تُصبحي. وزوَّجَتْ عَائِشَة رَحمهَا الله تَعَالَى، ابنةَ
أَخِيهَا عبدِ الرحمان وَهُوَ غَائِبٌ من الْمُنْذر بن الزُّبير،
فلمَّا رَجَعَ من غيبته قَالَ: أمثلِي يُفتَاتُ عَلَيْهِ فِي بَنَاته؟
نَقِمَ عَلَيْهَا نكاحَها ابْنَتَه دُونَه. ورَوَى الأصمعيّ بَيت ابْن
مقبل:
يَا مُرُّ أمْسَيْتُ شَيخا قد وَهَى بَصَرِي
وافْتِيتَ مَا دُونَ يومِ البَعْثِ من عُمُري
قَالَ الْأَصْمَعِي: هُوَ مِن الفَوْتِ، قَالَ: والافتياتُ، الفراغُ
يُقَال: افْتاتَ بأَمْره أَي مضى عَلَيْهِ وَلم يَسْتَشِرْ أحدا، لم
يَهْمِزْه الْأَصْمَعِي. وروى ابْن هانىء عَن أبي زيد: افْتأَتَ الرجلُ
عَليّ افتئاتاً: وَهُوَ رجل مُفْتِئتٌ وَذَلِكَ إِذا قَالَ عَلَيْك
الْبَاطِل.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي كتاب (الْمنطق) : افْتَأَتَ فلانٌ علينا
يَفْتَئِتُ: أَي استبدّ علينا بِرَأْيهِ، جَاءَ بِهِ فِي بَاب
الْهَمْز.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي بَاب الْهَمْز: افْتأَت بأَمْره إِذا استبدَّ
بِهِ، قلت: وَقد صحَّ الْهَمْز عَن ابْن شُمَيْل وَابْن السّكيت فِي
هَذَا الْحَرْف، وَمَا علمت الْهَمْز فِيهِ أَصْلِيًّا، ومَوْتُ
الفَواتِ مَوْتُ الفُجَاءة، وفاتني كَذَا أَي سبقني، وفُتُّه أَنا،
وَقَالَ أَعْرَابِي: الْحَمد لله الَّذِي لَا يُفَاتُ وَلَا يُلات،
ذكره فِي اللَّام وَالتَّاء.
أفت: قَالَ رؤبة:
إِذا بناتُ الأرْحَبِيِّ الأُفْتِ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الأُفْتُ الَّتِي عِنْدهَا من الصَّبْر
والبقاء مَا لَيْسَ عِنْد غَيرهَا كَمَا قَالَ ابْن الْأَحْمَر:
كأَنِّي لم أقلْ عاجٍ لأَفْتِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الإفْتُ الْكَرِيم من الْإِبِل انْتهى. رَأَيْته
فِي نُسْخَة قُرِئت على شمر إِذا بَنَات الأرحَبِيِّ الإفت بِكَسْر
الْهمزَة فَلَا أَدْرِي أهوَ لُغَة أَو خطأ.
(بَاب التَّاء وَالْبَاء)
(ت ب (وايء))
توب، تَبًّا، بَيت، أَبَت، أتب، تأب.
(تَبًّا) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تَبًّا إِذا غَزا وغَنِمَ
وسَبَى.
توب: قَالَ اللَّيْث: تابَ الرجلُ إِلَى الله يَتوبُ تَوْبَةً
ومَتاباً، وَالله التَّوابُ يتوبُ على عَبده، وَالْعَبْد تَائِبٌ إِلَى
الله، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {الذَّنبِ وَقَابِلِ} (غَافِر: 3)
أَرَادَ التَّوْبة، قلت: أصل تَابَ عَاد إِلَى الله وَرجع وأنابَ
وتَابَ الله عَلَيْهِ، أَي عَاد عَلَيْهِ بالمغفرة، وَقَالَ جلّ وعزّ:
{وَتُوبُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً} (النُّور: 31) أَي عودوا إِلَى
(14/236)
طَاعَته وأنيبوا وَالله التوّاب يَتُوب على
عَبده بفضله إِذا تَابَ إِلَيْهِ من ذَنبه، واستتبْتُ فلَانا أَي
عَرَضْتُ عَلَيْهِ التوبةَ ممَّا اقْتَرَف، أَي الرُّجُوع والنَّدم على
مَا فَرَط مِنْهُ، وأمَّا التُّؤَبةُ والإتئابُ فَالْأَصْل وُؤَبة،
وَلَيْسَ من هَذَا الْبَاب وسأفسره فِي مَوْضِعه.
وَقَوله تَعَالَى: {وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَلَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ
عَلَيْكُمْ} (المزمل: 20) أَي رَجَعَ بكم إِلَى التَّخْفِيف، وَقَوله
تَعَالَى: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ
فَتَابَ عَلَيْكُمْ} (الْبَقَرَة: 187) . أَي أَبَاحَ لكم مَا كَانَ
حُظِر عَلَيْكُم فتوبوا إِلَى بارئكم أَي ارْجعُوا إِلَى خالقكم.
والتواب من صِفَات الله تَعَالَى هُوَ الَّذِي يَتُوب على عباده،
والتواب من النَّاس هُوَ الَّذِي يَتُوب إِلَى ربه.
(تأب) : عَمْرو عَن أَبِيه: التَّوْأبانيان رَأْسا الضَّرع من
النَّاقة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: التَّوْأبانيَّان قَادِمَتا الضّرع،
وَقَالَ ابْن مُقبل:
فمرَّتْ على أطرافِ هِرَ عَشِيَّةً
لَهَا توأَبانيان لم يَتَفَلفَلا
قَالَ: لم يتَفلْفلا أَي لم يَظهرا طهُورا بَيِّناً وَمِنْه قَول
الآخر:
طَوَى أُمَّهاتِ الدَّرِّ حَتَّى كأَنها فَلافِل
أَي لصقت الأخْلافُ بالضرة، فَصَارَت كأَنها فَلافِلُ، قلت: وَالتَّاء
فِي التوأبانيين لَيست أَصْلِيَّة.
أَبَت: أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: يومٌ أبْتٌ وَلَيْلَة أَبْتَةٌ،
وَكَذَلِكَ، حَمْتٌ وحَمْتةٌ، ومَحْتٌ ومَحْتةٌ كل هَذَا فِي شِدَّة
الحرِّ، وَقَالَ شمر: يُقَال: أَبتَ يَأْبِتُ أَبْتاً وَأنْشد:
مِن سافِعاتٍ وهجيرٍ أبتِ
أتب: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الإتْبُ البَقيرَةُ، وَهُوَ أَن يُؤخذ
بُردٌ فيُشَقَّ ثمَّ تلقيه الْمَرْأَة فِي عُنُقها من غير كمين، وَلَا
جيب وَقَالَ أَحْمد بنُ يحيى: هُوَ الإتبُ والعِلْقَةُ والصِّدارُ
والشَّوْذَرُ.
أَبُو زيد: أتَّبْتُ الْجَارِيَة تأْتِيباً: إِذا دَرَّعْتها دِرعاً،
والاسمُ الإتبُ والجميع الآتابُ، وَائتتبت الجاريةُ فَهِيَ
مُؤْتَتِبَةٌ إِذا لَبِسَتْ الإتْب، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي:
المِئتَبُ المِشْمَل.
بَيت: سَلمَة عَن الْفراء: باتَ الرجلُ إِذا سَهِرَ الليلَ كُله فِي
طَاعَة أَو مَعْصية.
وَقَالَ اللَّيْث: البَيْتُوتَةُ دُخُولُك فِي اللَّيْل، تَقول: بِتُّ
أصنعُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ وَمن قَالَ: بَات فلانٌ إِذا نَام فقد
أَخطَأ، أَلا ترى أَنَّك تَقول: بِتُّ أُراعِي النجومَ، مَعْنَاهُ
بِتُّ أنظر إِلَيْهَا فَكيف نَام وَهُوَ ينظر إِلَيْهَا؟ وَيُقَال:
أَباتَكَ اللَّهُ إباتَةً وباتَ بَيْتُوتَةً صَالِحَة وأتاهم الْأَمر
بَيَاتاً، أَي أَتَاهُم فِي جَوْفِ اللَّيْل.
قَالَ ابْن كيسَان: بَاتَ يَجوز أَن يَجْرِيَ، مَجرى نَام، وَأَن
يَجْرِي مَجْرى كَانَ، قَالَه
(14/237)
فِي بَاب كَانَ وأَخواتها، مَا زَالَ وَمَا
انْفَكَّ وَمَا فتىء وَمَا برح.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله تَعَالَى: {بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ
غَيْرَ الَّذِى تَقُولُ} (النِّسَاء: 81) مَعْنَاهُ غيَّروا مَا
قَالُوا وخالفوا.
وَفِي قِرَاءَة عبد الله: (بَيَّتَ مُبَيِّتٌ غير الَّذِي تَقول) .
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ
يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} (النِّسَاء: 108) كل مَا فُكِّر فِيهِ أَو
خِيضَ فِيهِ بِلَيْل فقد بُيِّتَ، وَيُقَال: هَذَا أمرٌ دُبِّر بلَيْل
وبُيِّتَ بلَيْل بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَوله تَعَالَى: {فَجَاءَهَا بأسنا بياتا} (الْأَعْرَاف: 4) أَي
لَيْلًا، وَالْبَيْت سمي بَيْتا لِأَنَّهُ يُبَات فِيهِ، وبَيَّتهم
العدُوُّ إِذا جَاءَهُم لَيْلًا.
وَقَوله: لَيُبَيِّتُنَّه أَي ليُوقِعَنَّ بِهِ بَيَاتاً أَي لَيْلًا.
وَقَوله: مَا يبيتُونَ أَي مَا يُدَبِّرون بِاللَّيْلِ.
وَفِي الحَدِيث أَنه قَالَ لأبي ذَرَ: كَيفَ نَصْنَعُ إِذا ماتَ
النَّاس حَتَّى يكون البيتُ بالوَصِيفِ؟
قَالَ القتيبي: لم يُرِدْ بِالْبَيْتِ مساكنَ النَّاس، لِأَنَّهَا عندَ
فُشُوِّ الموتِ تَرْخُص، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِالْبَيْتِ القَبْرَ،
وَذَلِكَ أَن مَوَاضِع الْقُبُور تَضِيقُ عَلَيْهِم فَيَبْتاعون كل
قبرٍ بوصيفٍ وَلِهَذَا ذهب حَمَّاد فِي تَأْوِيله.
وَيُقَال: مَا عِنْد فلَان بِيتُ ليْلَةٍ وبِيتَةُ لَيْلةٍ أَي مَا
عِنده قُوتُ ليلةٍ، {وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} (النِّسَاء:
81) أَي يُدَبِّرون ويُقَدِّرون من السوء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للْفَقِير: المسْتَبِيتُ،
وفلانٌ لَا يستبيت لَيْلَة أَي لَيْسَ لَهُ بِيتُ لَيْلَةٍ من القُوتِ.
سَلمَة عَن الْفراء: هُوَ جاري يَبْتَ بَيْتَ وبيتاً لبيتٍ، وبيتٌ
لبيتٍ، وبَيْتُ الرجلِ دارُهُ وبَيْتُه قَصْرُهُ.
وَمِنْه قَول جِبْرِيل للنَّبِي عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام:
بَشِّرْ خَدِيجَة بِبَيْتٍ من قَصَبٍ، أَرَادَ بشّرها بِقَصْرٍ مِن
لُؤْلُوَة مُجَوَّفةٍ، وَسمعت أَعْرَابِيًا يَقُول: اسْقِنِي من
بَيُّوتِ السِّقاءِ، أَي من لَبَن حُلِبَ لَيْلاً وحُقِنَ فِي السِّقاء
حَتَّى بَرَدَ فِيهِ لَيْلًا، وَكَذَلِكَ الماءُ إِذا بُرِّد فِي
المزادةِ لَيْلًا: بَيُّوتٌ.
وَيُقَال: بَيَّتَ فلانٌ بني فلانٍ أَي أَتاهم بَيَاتاً فَكَبَسَهم وهم
غارُّونَ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الْعَرَب تَكْنِي عَن الْمَرْأَة
بالبيتِ وَقَالَهُ الأصمعيّ، وَأنْشد:
أَكِبَرٌ غَيَّرَني أَمْ بَيْتُ
قَالَ: والخِبَاءُ بَيْتٌ صَغير من صُوف أَو شَعَر، فَإِذا كَانَ أكبر
من الخِباء فَهُوَ بَيْتٌ ثمَّ مِظَلَّة إِذا كَبُرَت عَن الْبَيْت،
وَهِي تسمى بَيْتا أَيْضا إِذا كَانَ ضخماً مُرَوَّقاً.
أَخبرني المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الْعَرَب
تَقول: أَبيتُ وأَبَاتُ،
(14/238)
وأَصِيدُ وأَصَادُ، ويَموتُ ويَماتُ،
ويَدُومُ ويَدَامُ، وأَعيفُ وأَعافُ، وأَخِيلُ الغَيْثَ بِنَاحِيَتِكم،
وأَخالُ لُغَة، وأَزيلُ أَقول ذَلِك يُرِيدُونَ: أَزَالُ.
قَالَ: وَمن كَلَام بني أَسد: مَا يَلِيقُ بكم الخَيْرُ وَلَا يَعِيقُ
إتْباع.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: بَات الرجلُ يَبيتُ بَيْتا إِذا تزوَّج،
وبَيْتُ الْعَرَب شَرفُها، والجميع البيوتُ ثمَّ يُجمعُ بُيُوتات جمع
الْجمع، وَيُقَال: بَيْتُ تَمِيم فِي بني حَنْظَلة أَي شرفُها.
وَقَالَ الْعَبَّاس يمدح النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
حَتَّى احْتَوَى بَيْتُك المهَيْمِنُ مِن
خِنْدِفَ عَلْيَاءَ تحتَها النُّطُقُ
أَرَادَ ببيته شَرَفَه العالي جعل فِي أَعلَى خندف بَيْتا، والبَيْت من
أَبْيَات الشِّعْرِ سُمِّي بَيْتا لِأَنَّهُ كَلَام جُمِعَ مَنْظوماً
فَصَارَ كَبيتٍ جُمِع من شُقَقٍ وكِفَاءٍ ورِوَاقٍ وعُمُدٍ، وسُمّى
الله جلّ وعزّ الكعبةَ: الْبَيْت الْحَرَام.
وَقَالَ نوح حِين دَعَا ربه: {كَفَّاراً رَّبِّ اغْفِرْ لِى
وَلِوَالِدَىَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِىَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ} (نوح: 28) فَسمى سَفِينَتَه الَّتِي ركبهَا أَيَّام
الطوفان: بَيْتا؛ وَيُقَال: بنى فلَان على امْرَأَته بَيْتاً إِذا
أَعْرَسَ بهَا وأدخلها بيْتاً مَضروباً، وَقد نَقَل إِلَيْهِ مَا
يحتاجان إِلَيْهِ من آلةٍ وفِراش وَغَيره.
(بَاب التَّاء وَالْمِيم)
(ت م (وايء))
تيم (أتام) ، توم، أتام، يتم، أتم، أمت، موت، مَتى، وَتمّ.
تيم: قَالَ أَبُو عبيد: التَّيْمُ أَن يَسْتَعْبِدُه الْهوى، وَمِنْه
سُمِّي تَيْمُ الله، وَهُوَ ذَهابُ العَقْل من الْهوى، وَهُوَ رجلٌ
مُتَيَّم.
وَقَالَ ابْن السّكيت: التَّيْمُ ذهَاب الْعقل وفساده.
وَقَالَ الأصمعيّ: تَيَّمتْ فلانةُ فُلاناً تُتَيِّمه وتَامَتْه
تتِيمُهُ تَيْماً، فَهُوَ مُتَيَّمٌ بِالنسَاء، ومَتِيمٌ بهنّ وَأنْشد:
تَامَتْ فُؤادَك لن يَحْزُنكَ مَا صَنَعَتْ
إِحْدَى نساءِ بني ذُهْلِ بنِ شَيْبَانَا
وَقَالَ غَيره: المتَيَّم المضَلَّلُ، وَمِنْه قيل للفلاة: تَيْماء
لِأَنَّهُ يُضَلُّ فِيهَا.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: التَّيْمَاءُ: فلاةٌ واسعةٌ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: التَّيْماءُ الَّتِي لَا مَاءَ بهَا من
الأرَضِين، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ أَبُو خَيْرة: وَكَتَبَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لِوائِل بن حُجْر كتابا أَمْلَى فِيهِ: (فِي التِّيعَةِ شاةٌ،
والتِّيمَةُ لصَاحِبهَا) .
قَالَ أَبُو عبيد: التِّيمةُ يُقَال: إِنَّهَا الشَّاة الزَّائِدَة عَن
الْأَرْبَعين حَتَّى تبلغ الْفَرِيضَة الْأُخْرَى، وَيُقَال: إِنَّهَا
الشَّاة تكون
(14/239)
لصَاحِبهَا فِي منزلهِ يَحْتَلِبها وليستْ
بِسائِمةٍ، وَهِي من الْغنم الرَّبائب.
قَالَ أَبُو عبيد: وَرُبمَا احْتَاجَ صَاحبهَا إِلَى لَحمهَا فيذبحها؛
فَيُقَال عِنْد ذَلِك: قد اتَّام الرجلُ واتَّامت المرأةُ.
وَقَالَ الحطيئة:
فَمَا تَتَّامُ جارةُ آلِ لأيٍ
وَلَكِن يَضْمنون لَها قِراهَا
يَقُول: لَا تحْتَاج إِلَى أَنْ تَذْبح تِيمتَها.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الاتِّيامُ أَن يشْتَهِيَ القومُ اللَّحمَ
فيذبحوا شَاة من الْغنم فَتلك يُقَال لَهَا: التِّيمةُ تُذْبح من غير
غَرَضٍ، يَقُول: فجارتهم لَا تَتَّام لِأَن اللَّحْم عِنْدهَا من
عِنْدهم فتكْتَفي وَلَا تحْتَاج إِلَى أَن تذبح شَاتِهَا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الاتّيام أَن تُذبحَ الإبلُ والغَنَمُ لغير
عِلَّة.
وَقَالَ العَمَاني:
نَأْنَفُ لِلجارةِ أَن تَتَّامَا
ونَعْقِرُ الكُوَم ونُعْطِي حاماَ
أَي نُطعِمُ السودانَ من آل حامٍ.
أَبُو زيد: التِّيمةُ الشاةُ يذبحها القومُ فِي المجاعة حينَ يُصيبُ
الناسَ الجوعُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تَامَ إِذا عَشِقَ، وتام إِذا تَخَلَّى من
النَّاس.
وَقَالَ ابْن السّكيت: أَتأَمَتْ الْمَرْأَة إِذا ولدت اثْنَيْنِ فِي
بطن، فَإِذا كَانَ ذَلِك من عَادَتهَا قيل مِتْآمٌ. قَالَ وَيُقَال:
هما تَوْأَمان، وَهَذَا توأمٌ، وَهَذِه توأمَةٌ، والجميع تَوائمٌ
وتوآمٌ.
وَأنْشد قَول الراجز:
قَالَتْ لنا ودَمْعُها توآمُ
كالدُّر إِذْ أَسْلَمةُ النِّظَامُ
على الَّذين ارتحلوا السَّلَام
وَقَالَ:
نخلاتٌ من نَخْلِ نَيْسَان أينَعْ
نَ جَمِيعًا وَنَبتُهُن تُؤامُ
قَالَ: وَمثل تُؤآم فِي الْجمع غَنَم رُبَابٌ وإبلٌ ظُؤَارٌ.
وَقَالَ اللحياني: التَّوْأَمُ مِن قداح الميسر هُوَ الثَّانِي، وَله
نَصِيبانِ إِن فَازَ وَعَلِيهِ غُرْمُ نَصيبين إِن لم يَفُزْ،
والتَّوأَمَاتُ من مَراكب النِّسَاء كالمشاجِرَ لَا أظلالَ لَهَا
واحدتها تَوْأَمة.
وَقَالَ أَبُو قِلابة الْهُذلِيّ يذكر الظَّعُن:
صَفّا جَوانِحَ بَين التَّوْأَمَاتِ كَمَا
صَفَّ الوُقُوعَ حَمَامُ المشْرَبِ الحانِي
والتَّوأَم فِي جَمِيع مَا ذكرتُ الأَصْل فِيهِ وَوْأَمٌ فقلبت الْوَاو
تَاء، كَمَا قَالُوا: تَوْلج لِكِناس، وَأَصله وَوْلَج وَأَصله توأم من
الوئام وَهِي المقاربة والموافقة.
وتَوائم النُّجُوم السِّماكان والفَرقَدانِ
(14/240)
والنسرانِ وَمَا أشبههَا.
وَقيل فِي قَول الفرزدق:
أَتانِي بهَا واللَّيْلُ نِصْفَين قدْ مَضى
أُقَامِرُ فِي نِصْفٍ قَدْ تَوَلَّتْ تَوَائِمهُ
قيل: أَرَادَ بالتوائم النُّجُوم كلهَا، سميت بذلك لِتشابهها، أَي
كواكب النِّصْف الْمَاضِي من اللَّيْل، وَيُقَال للمفازة إِذا كَانَت
بعيدَة: مِتْآم.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَعْنَاهَا أَنَّهَا تهْلك سالكها جمَاعَة
جمَاعَة.
وَهِي مِتْآمٌ، لِأَنَّهَا تُرِي الشخصَ شَخْصَيْنِ.
توم: أَبُو عبيد: التُّومُ: اللُّؤْلُؤ، والواحدة تُومَةٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ الدُّرة والتُّومةُ والتّؤَامِيَّةُ
واللَّطِيمَةُ.
قلت: وَالْعرب تُسَمِّي بَيْضَ النعام التُّوم تَشْبِيها بتُوم
اللُّؤْلُؤ وَمِنْه قَوْله:
بِهِ التُّوم فِي أُفحوصة يتَصَيَّحُ
وَقَالَ ذُو الرّمَّة يصف نباتاً وَقع عَلَيْهِ الطَّلُّ متعلَّق من
أغصانه كَأَنَّهُ الدُّرُّ فَقَالَ:
وحْفٌ كَأَن الندى والشمسُ ماتعةٌ
إِذا توقَّدَ فِي أفنانِه التُّومُ
أفنانه: أغصانه الْوَاحِد فنن توَقد أنار لطلوع الشَّمْس عَلَيْهِ،
والتُّوم الْوَاحِدَة تومة وَهِي مثل الدُّرَّة تعْمل من الْفضة،
هَكَذَا فُسِّر فِي شعر ذِي الرمة.
وَقَالَ اللَّيْث: التُّومة: القُرْطُ.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: قَالَ أيّوب ومِسْحَلُ ابْنا رَبداء ابْنة
جرير:
كَانَ جرير يُسَمِّي قصيدتيه اللَّتَيْنِ مدح فيهمَا عبد الْعَزِيز بن
مَرْوان وهجا الشُّعَرَاء، إِحْدَاهمَا:
ظَعَن الخَليطُ لغُرْبةٍ وتَنآئي
ولَقَد نَسِيتُ برامَتيْن عَزائي
وَالْأُخْرَى:
يَا صَاحِبيَّ دَنَا الرَّواحُ فسِيرَا
كَانَ يسميهما التُّومَتيْن.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ للنِّسَاء:
(تعجِز إحداكن أَنْ تتخِذ حَلْقَتين أَو توأمَتين مِن فضَّة ثمَّ
تلَطِّخِهما بِعَنبر) .
قلت: من قَالَ لِلدُّرة: تومةً شبَّهها بِمَا يُسَوّى من الْفضة
كاللؤلؤة المستديرة تجعلُها الجاريةُ فِي أذُنيها، وَمن قَالَ:
تُؤَامية نَسَبهَا إِلَى تُؤَام وَهِي قَصَبةُ عُمَان، وَمن قَالَ:
تَوْأَمِيَّةً، فهما دُرَّتان للأذنين إِحْدَاهمَا تَوْأَمةٌ
الْأُخْرَى.
يتم: قَالَ اللَّيْث: اليَتيمُ الَّذِي مَاتَ أَبوهُ فَهُوَ يتيمٌ
حَتَّى يَبْلُغَ، فَإِذا بَلَغَ زَالَ عَنهُ اسْم اليَتيم، واليَتيمُ
من قبل الْأَب فِي بني آدم، وَقد يَتِم يَيْتَمُ يُتْماً وَقد أَيْتَمه
الله.
قَالَ الْفراء: يُقَال: يَتِم يَيْتَم يُتماً وَقد أَيْتمه الله،
وحُكيت لي: مَا كَانَ يَتِيما، وَلَقَد
(14/241)
يَتُم يَيْتَمُ وَجمع اليَتيم يتَامَى
وأيتامٌ.
وَقَوله تَعَالَى: {وَءَاتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} (النِّسَاء:
2) سماهم يتامى بعد بلوغهم وإيناسِ رُشدِهم للُزُوم اليُتْمِ إيَّاهم.
كَمَا قَالُوا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَعْدَ كِبَره: يتيمُ
أبي طَالب لِأَنَّهُ ربَّاه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: اليَتيمةُ: الرَّمْلة المنفردة قَالَ: وكل
مُنفرد ومُنفردة عِنْد الْعَرَب يَتيمٌ ويَتيمة.
وَقَالَ المفضّل: أصل اليتْمِ: الْغَفْلَة قَالَ: وَبِه يُسمى
الْيَتِيم يَتِيما، لأنَّه يُتغَافلُ عَن برّه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: اليُتْمُ الإبطاء، وَمِنْه أُخذ اليَتيمُ لِأَن
البرّ يبْطِىء عَنهُ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: اليُتْم فِي الْبَهَائِم من قِبَل الأمّ، وَفِي
النَّاس من قِبل الأبِ.
وَقَالَ شمر: أَنْشدني ابْن الْأَعرَابِي:
أَفَاطمَ إنِّي هالكٌ فتَثَيَّني
وَلَا تَجزَعِي كلُّ النِّساء يَتيمُ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أرادَ كلَّ مُنْفَرِدٍ يَتيمٌ، قَالَ ويقولُ
النَّاس: إِنِّي صَحَّفْتُ وَإِنَّمَا يُصَحَّفُ من الصَّعْب إِلَى
الهَيِّن لَا من الهيّن إِلَى الصعب.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الْمَرْأَة تُدْعَى يَتِيما مَا لم تتَزَوَّج،
فَإِذا تزوجتْ زَالَ عَنْهَا اسْم اليُتْم، وَكَانَ الْمفضل ينشد: كل
النِّسَاء يَتِيم لهَذَا الْمَعْنى.
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال للْمَرْأَة يتيمة لَا يَزُول عَنْهَا اسمُ
اليُتْم أبدا، وَأنْشد:
ويَنْكِحُ الأراملَ الْيَتَامَى
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: هُوَ من مَيْتَمةٍ أَي فِي يَتامَى، وَهَذَا جمع
على مَفْعَلة كَمَا يُقَال: مَشْيخَة للشيوخ، ومَسْيَفة للسيوف.
أتم: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: الأَتْمُ من الخُرَز أَن
يَنْفَتِق خُرْزَتانِ فتَصيرا وَاحِدَة، وَيُقَال: امرأةٌ أَتومٌ إِذا
التقى مسلكاها، قَالَ وَيُقَال: مَا فِي سَيْرِه أَتَمٌ وَلَا يَتَمٌ
أَي إبطاء.
وَقَالَ خَالِد بنُ يزِيد: الأَتُومُ من النِّسَاء المُفْضَاةُ، قَالَ:
وَأَصله من أَتَمَ يَأْتِم إِذا جمع بَين شَيْئَيْنِ، قَالَ: وَمِنْه
سمي المأتم لِاجْتِمَاع النَّاس فِيهِ. يُقَال: أَتَمَ يَأْتِم
وَأَتِمَ يَأْتَمُ.
قَالَ: ومَأْتَمٌ مِنْ أَتِمَ يأتَم، قَالَ: والمَأْتَمُ: النساءُ
يَجْتَمِعْنَ فِي فَرح أَو حزن، وَأنْشد:
فِي مَأتَمٍ مُهَجَّرِ الرَّواح
وَقَالَ ابنُ مُقْبل فِي الفَرج:
ومَأْتَمٍ كالدُّمَى حُورٍ مَدامِعُها
لم تَيْأَس العَيْشَ أَبْكَارًا وَلَا عُوناً
أَرَادَ نسَاء كالدُّمى، قَالَ أَبُو بكر: الْعَامَّة تغلط فتظنّ أَنَّ
المآتم: النَّوْحَ والنِّياحةَ. والمآتم: النِّسَاء المجتمعاتُ فِي
فَرح أَو حُزن.
(14/242)
وَأنْشد أَبُو عَطاء السندي وَكَانَ
فصيحاً:
عَشِيةَ قَامَ النَّائحاتُ وشُقِّقَتْ
جُيُوبٌ بِأَيْدِي مأتَمٍ وَخدودُ
فَجعل المأتم النساءَ وَلم يَجْعَلْهُ النِّياحةَ، ثمَّ ذَكَر بَيت
ابْن مقبل
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
وكَوْمَاءَ تَحْبُو مَا يُشَيِّعُ ساقُها
لَدَى مِزْهر ضَارٍ أَجَشَّ وَمَأْتَمِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الْيَتِيم الْمُفْرد من كل شَيْء،
قَالَ: والوَتْمَةُ السَّيرُ الشَّديدُ.
أمت: قَالَ الله جلّ وعزّ: {للهلاَّ تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَمْتاً} (طه: 107) .
قَالَ الفرّاء: الأَمْتُ النَّبَكُ من الأَرض مَا ارْتَفع مِنْهَا،
وَيُقَال: مَسَايِل الأوْدِيَةِ مَا تسفل.
وَقد سمعتُ الْعَرَب تَقول: قد مَلأَ القِرْبَة مَلأً لَا أَمْتَ
فِيهِ، أَي لَيْسَ فِيهِ استِرْخاءٌ مِنْ شِدَّةِ امْتلائِها،
وَيُقَال: سِرْنا سَيْراً لَا أَمْتَ فِيهِ، أَي لَا ضَعْفَ فِيهِ
وَلَا وَهْن.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الأمْتُ
وَهْدَةٌ بَين نُشُوزٍ، وَقَالَ: يُقَال: كَمْ أَمْتُ مَا بَيْنك
وَبَين الْكُوفَة؟ أَي قَدْرُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَمَتُّ الْقَوْم آمِتهُم أَمْتاً إِذا
حَرَزْتَهُمْ، وأَمَتَّ الماءَ أَمْتاً إِذا قدَّرتَ مَا بَيْنك
وَبَينه، قَالَ رؤبة:
أَيْهَاتَ مِنْهَا ماؤُها المأْمُوتُ
وَهُوَ المحزور، وَيُقَال: إيمتْ هَذَا لي كم هُوَ، أَي احْزِرْهُ كم
هُوَ؟ وَقد أَمَتُّهُ آمتُهُ أمْتَاً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الأمْتُ الطريقةُ الحسنَة، والأمْتُ
تَخَلْخُل القِرْبَةِ إِذا لم يُحْكَمْ إفْراطُها.
وروى شمر بِإِسْنَاد لَهُ حَدِيثا عَن أبي سعيد الخُدْرِيّ: أنَّ
النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الخمرَ
فَلَا أَمْتَ فِيهَا، وَأَنا أَنْهَى عَن السُّكْر والْمُسْكِر) .
وَقَالَ شمر: أَنْشدني ابنُ جَابر:
وَلَا أَمْتَ فِي جُمْلٍ لياليَ ساعَفَتْ
بهَا الدَّارُ إِلَّا أَنَّ جُمْلاً إِلَى بُخْلِ
قَالَ: لَا أَمْتَ فِيهَا أَي لَا عَيْبَ فِيهَا.
قلت: معنى قَول أبي سعيد عَن النَّبِي: أَن الله حرم الْخمر فَلَا
أَمْتَ فِيهِ مَعْنَاهُ غيرُ معنى مَا فِي الْبَيْت، أَرَادَ أنَّه
حرَّمها تَحْرِيمًا لَا هوادة فِيهِ وَلَا لِين، لكنه شدَّدَ فِي
تَحْرِيمهَا، وَهُوَ من قَوْلك: سِرتُ سيْراً لَا أَمْتَ فِيهِ أَي لَا
وَهْن فِيهِ وَلَا ضعف، وَجَائِز أَن يكون الْمَعْنى أنهُ حرَّمها
تَحْرِيمًا لَا شكّ فِيهِ. وَأَصله من الأَمْتِ بِمَعْنَى الحَزْرِ
وَالتَّقْدِير لِأَن الشَّك يدخلهَا.
قَالَ العجاج:
مَا فِي انطلاقِ رَكْبِه من أمْتِ
(14/243)
أَي من فتور واسترخاء.
موت: قَالَ اللَّيْث: الموْتُ خَلْقٌ من خَلْقِ الله، يُقَال: مَاتَ
فلانٌ وَهُوَ يَمُوت مَوْتاً.
وَقَالَ أهل التصريف: مَيِّت كَانَ تَصْحِيحه مَيْوِتٌ على فَيْعِلٍ،
ثمَّ أدغموا الْوَاو فِي الْيَاء، قَالَ فَرُدَّ عَلَيْهِم، وَقيل: إِن
كَانَ كَمَا قُلتم فَيَنْبَغِي أَنْ يكون مَيَّت على فَيْعَل،
فَقَالُوا: قد علمنَا أَن قِيَاسه هَذَا، وَلَكِن تَركْنا فِيهِ
القياسَ مَخافَةَ الِاشْتِبَاه، فرَدَدْناه إِلَى لفظ فَعِّل من ذَلِك
اللَّفْظ، لِأَن مَيِّت على لفظ فَعِّل من ذَلِك اللَّفْظ.
وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا كَانَ مَيِّت فِي الأَصْل مَوْيِتٌ مثل
سَيِّد سَيْوِد، فأدغمنا الياءَ فِي الْوَاو وثَقَّلناه فَقُلْنَا
مَيَّت ثمَّ خُفِّف فَقيل مَيْت.
وَقَالَ بَعضهم: قيل: مَيْت، وَلم يَقُولُوا: مَيَّت لِأَن أبنية
ذَوَات العِلة تخَالف أبنية السَّالِم.
وَقَالَ الزّجاج: الميْت أَصله الميِّت بِالتَّشْدِيدِ إِلَّا أَنه
يُخفَّف فَيُقَال: مَيْت ومَيِّت، وَالْمعْنَى وَاحِد.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: يُقَال لما لم يمت: مَيِّت؛ والميْت مَا قد
مَاتَ، وَهَذَا خطأ إِنَّمَا مَيِّتٌ يصلح لما قد مَاتَ وَلما سيموت.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {للهيَعْلَمُونَ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ
مَّيِّتُونَ} (الزمر: 30) .
وَقَالَ الشَّاعِر فِي تَصْدِيق أَن الميْت والميِّت وَاحِد:
لَيْسَ مَن ماتَ فاستراحَ بمَيِّتٍ
إِنَّمَا الميْتُ مَيْتُ الْأَحْيَاء
فَجعل الْميت كالميِّت.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: وَقع فِي المَال مُوتَانٌ ومُوَاتٌ وَهُوَ
الموْت.
قَالَ: وَيُقَال: رجل مَوْتانُ الفؤادِ، إِذا كَانَ غير ذكيَ وَلَا
فَهِمٍ، وَرجل يَبِيع المَوتَان، وَهُوَ أَن يَبِيع المتاعَ وكل شَيْء
غير ذِي رُوحٍ، وَمن كَانَ ذَا روح فَهُوَ الْحَيَوَان.
وَفِي الحَدِيث: (مَوَتانُ الأَرْض لِلَّهِ وَرَسُوله فَمن أَحْيَا
مِنْه مِنْهُم شَيْئا فَهُوَ لَهُ) .
وَقَالَ غَيره: الموَاتُ من الْأَرْضين مثل المَوَتَان، والمِيتَةُ
الْحَال من أَحْوَال الْمَوْت، وَجَمعهَا مِيَتٌ.
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يتعوَّذ
بِاللَّه من الشَّيْطَان: من هَمْزه ونَفْثه ونَفْخِه، فَقيل لَهُ: مَا
همْزُه؟ قَالَ: المُوتَةَ.
قَالَ أَبُو عبيد: المُوتَةُ الجنونُ، سُمِّي هَمْزاً لِأَنَّهُ جَعَله
من النَّخْس والهَمْز والغَمْز وكل شَيْء دفَعْتَه فقد هَمَزْتَه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المُوتَةُ الَّذِي يُصْرعُ من الجُنون أَو غَيره
ثمَّ يُفيقُ.
وَقَالَ اللحياني: المُوتَةُ شِبْهَ الغَشْيَةِ. قَالَ: وقُتل جَعْفر
بن أبي طَالب بِموضع يُقَال
(14/244)
لَهُ: مُؤْتَةُ، والموْتُ السّكُون،
يُقَال: مَاتَت الريحُ إِذا سكنتْ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ماتَ الرجلُ إِذا خضع للحق، واستمات الرجل
إِذا طابَ نَفْساً بِالْمَوْتِ، والمستميت الَّذِي يُقَاتل على
الْمَوْت، والمستميت الَّذِي يتجان وَلَيْسَ بمجنون، قَالَ: هُوَ
الَّذِي يتخاشَعُ ويَتَوَاضَع لهَذَا حَتَّى يُطْعِمُه، وَلِهَذَا
حَتَّى يَكْسوه، فَإِذا شبِع كفر النِّعْمَة.
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى فِي كتاب الفصيح: مُوتة بِمَعْنى الْجُنُون غير
مَهْمُوز، وَأما الْبَلَد الَّذِي قتل بِهِ جَعْفَر فَهُوَ مُؤْتَة
بهمز الْوَاو، وَيُقَال: ضَربته فتماوت إِذا أَرَى أَنه مَيِّت وَهُوَ
حيٌّ.
وَقَالَ عُثْمَان: سَمِعت نعيم بن حَمَّاد يَقُول: سَمِعت ابْن
الْمُبَارك يَقُول: المتماوتون: المراءون.
وَيُقَال: استميتوا صَيْدَكُمُ، أَي انْظُرُوا مَاتَ أم لَا؟ وَذَلِكَ
إِذا أُصيبَ فَشُكَّ فِي مَوته.
وَقَالَ ابْن الْمُبَارك: المستَمِيتُ الَّذِي يُرِي مِن نَفسه الكونَ
والخيرَ وَلَيْسَ كَذَلِك، وَيُقَال: مَاتَ الثَّوبُ ونَامَ إِذا
بَلِيَ.
عَمْرو عَن أَبِيه: مَاتَ الرجل وهَمدَ وهَوَّم إِذا نَام.
مَتى: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَمْتى الرجلُ إِذا امْتَدّ
رِزْقه وكَثُر، قَالَ: وَأَمْتَى إِذا طَال عمره، وأَمْتَى إِذا مَشَى
مِشيةً قبيحةً، وَيُقَال: مَتَوْتُ الشيءَ إِذا مَدَدتَه، ومَتى من
حُرُوف الْمعَانِي وَلها وُجُوه شَتَّى أَحدهَا أَنه سُؤال عَن وَقْتِ
فِعْلٍ، فُعِلَ أَو يُفْعل كَقَوْلِك مَتى فعلتَ؟ وَمَتى تفعل؟ أَي فِي
أَي وَقت؟ وَالْعرب تُجازِي بهَا كَمَا تجازي بأَيَ فتجزم
الْفِعْلَيْنِ، تَقول: مَتى تأتني آتِك، وَكَذَلِكَ إِذا أدخلت
عَلَيْهَا مَا، كَقَوْلِك: مَتى مَا يأتني أَخُوك أرضِهْ، وتجيء مَتَى
بِمَعْنى الاستنكار، تَقول للرجل إِذا حكَى عَنْك فعلا تُنْكِره: مَتى
كَانَ هَذَا؟ على معنى الْإِنْكَار وَالنَّفْي أَي مَا كَانَ هَذَا،
قَالَ جرير:
مَتَى كَانَ حُكْمُ اللَّهِ فِي كَرَبِ النَّخْلِ
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: وتجيء مَتى فِي مَوضِع وسط وَمِنْه قَوْله:
شَرِبْنَ بِمَاء الْبَحْر ثمَّ ترفَّعتْ
مَتى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهنَّ نَئِيجُ
قَالَ وَقَالَ معَاذ الهراء: سمعتُ ابْن جَوْنَةَ يَقُول: وَضعته مَتى
كمِّي يُرِيد وَسَط كُمِّي، أَبُو عبيد عَن الْفراء: مَتأتُه بالعصا
وخطأتُه: وبَدَحتُه.
قَالَ الْفراء: مَتى تقع على الْوَقْت إِذا قلت: مَتى دخلتِ الدَّار
فأَنتِ طالِقٌ، مَعْنَاهُ أيّ وَقت دخلتِ الدَّار، وكلَّما تَقَعُ على
الفِعْل، إِذا قلت: كلما دَخَلْتِ، فَمَعْنَاه كلُّ دَخْلَةٍ
دَخَلْتِها، هَذَا فِي كتاب
(14/245)
الْجَزَاء لِلفَرَّاء، وَهُوَ صَحِيح،
ومَتَى تَقَعُ للْوَقْت الْمُبْهم.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: مَتى حرف اسْتِفْهَام تكْتب بِالْيَاءِ.
وَقَالَ الْفراء: وَيجوز أَن تُكتَبَ بِالْألف لِأَنَّهَا لَا تُعرَف
فِيهَا فعلا. قَالَ: ومَتَى بِمَعْنى مِن، وَأنْشد:
إِذا أَقُول صَحا قَلْبي أُتِيحَ لَهُ
سُكْرٌ مَتَى قَهْوَةٍ سارَتْ إِلَى الرَّاسِ
أَي من قَهْوَةٍ، وَقَول امرىء الْقَيْس:
فَتَمَتَّى النَّزْعَ مِن يَسَرِهْ
فَكَأَنَّه فِي الأَصْل فَتَمَتَّتَ
فَقُلِبَتْ إِحْدَى التاءات يَاء، وَالْأَصْل فِيهِ مَتَّ بِمَعْنى
مدَّ.
وَقَول امرىء الْقَيْس أَيْضا:
مَتَى عَهْدُنا بِطِعَانِ الكُمَا
ةِ والمجْدِ والحَمْدِ والسُّوْدَدِ
يَقُول: مَتى لم يَكُنْ كَذَا، يَقُول: تَرَوْنَ أَنَّنا لَا نُحْسِنُ
طَعْنَ الكُمَاةِ وعهدُنا بِهِ قريبٌ.
ثمَّ قَالَ:
وملء الجِفان والنَّارِ والحَطَبِ المُوقِدِ
(14/246)
بَاب اللفيف من حرف التَّاء
تَاء، توو، تأتأ، أَتَى، وتّ، (وتى) ، توى، تيتا، تأى.
التَّاء: قَالَ اللَّيْث: تا حرف من حُرُوف المعجم لَا يُعْرَبُ.
وَقَالَ غَيره: إِذا جعلتَه اسْما أعربتَ.
وَقَالَ اللحياني: تيَّتُ تَاءً حَسَنَة. وَهَذِه قصيدة تائية،
وَيُقَال: تَاوِيَّةٌ. وَكَانَ أَبُو جَعْفَر الرُّؤَاسيّ يَقُول:
يَتَوِيّة وتَيَوِيّة.
وَقَالَ اللَّيْث: تَا وذِي، لُغَتَان فِي مَوضع ذه، تَقول: هاتا
فلانةُ فِي مَوضِع هَذِه، وَفِي لُغَة، تا فلانةُ فِي مَوضِع هَذِه،
قَالَ النَّابِغَة:
هَا إنَّ عِذْرَةٌ إلاَّ تكنْ نَفَعتْ
فإنَّ صاحبَها قد تاهَ فِي البَلَدِ
وعَلى هَاتين اللغتين قَالُوا: تِيكَ وتِلْكَ وتَالِكَ، وَهِي أقبح
اللُّغَات، فَإِذا ثَنَّيْتَ لم تَقُلْ إلاَّ تانِ، وتَانِك، وتَيْنِ،
وتَيْنِك، فِي الجرّ وَالنّصب فِي اللُّغَات كلهَا، وَإِذا صَغَّرْتَ
لم تَقُلْ إلاَّ تَيَّا.
وَمن ذَلِك اشتقّ اسمُ تَيَّا، قَالَ: والَّتي هِيَ معروفةُ تَا، لَا
يَقُولُونَهَا فِي المعرّفة إلاّ على هَذِه اللُّغَة، وَجعلُوا إِحْدَى
اللاّمَيْنِ تَقْوِيةً لِلْأُخْرَى استقباحاً أَن يَقُولُوا أَلْتِي
وَإِنَّمَا أَرَادوا بهَا الْألف وَاللَّام المُعَرِّفَة، والجميع
اللاّتي وَجَمِيع الْجَمِيع اللَّوَاتِي، وَقد تَخْرُجُ الْيَاء من
الْجَمِيع فَيُقَال: اللاَّليء ممدودة، وَقد تخرج الْيَاء فَيُقَال
اللاءِ بكسرةٍ تدلّ على الْيَاء، وبهذه اللُّغَة كَانَ أَبُو عَمْرو بن
الْعَلَاء يقْرَأ.
وَأنْشد غَيره:
من اللاء لم يَحْجُجْنَ يَبْغينَ حِسْبةً
وَلَكِن لِيقْتُلْن البَريءَ المُغَفَّلا
وَإِذا صَغَّرتَ الَّتِي قلتَ اللَّتَيَّا، وَإِذا أردتَ أَن تجمعَ
اللَّتَيَّا قلت اللَّتَيات.
قَالَ اللَّيْث: وَإِنَّمَا صَار تَصْغِيرُ، تِهِ وذِهِ، وَمَا فيهمَا
من اللُّغَات تَيَّا، لِأَن التَّاء والذَّال من ذِهِ، وتِهِ، كلُّ
واحدةٍ هِيَ نَفْسٌ وَمَا لحقها من بعْدهَا فإنَّهُ عِمَادٌ للتاءِ
لِكَي يَنْطلِق بِهِ اللسانُ فلمَّا صُغِّرتْ لم تَجِدْ ياءُ التصغير
حرفين من أَصلِ الْبناء تَجيءُ بعْدهَا كَمَا جَاءَت فِي سُعَيْدٍ
وعُمَيْرٍ، وَلكنهَا وَقعتْ بعد فَتْحةٍ، والحرفُ الَّذِي قبْلَ يَاء
التصغير بِجَنْبِها لَا يَكون إِلَّا مَفْتوحاً، وَوقَعَتْ التاءُ
إِلَى جنبها فانْتَصَبتْ، وَصَارَ مَا بعْدهَا قُوةً لَهَا، وَلم
يَنْضَمَّ قَبْلها شيءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ قبلهَا حَرْفان،
(14/247)
وجميعُ التصغير صَدرُه مضْمومٌ، والحرفُ
الثَّانِي مَنْصوبٌ، ثمَّ بعدهمَا يَاء التصغير، ومَنَعهم أَن يَرْفعوا
الْيَاء الَّتِي فِي التصغير، لِأَن هَذِه الأحرف دخلت عِماداً للَّسان
فِي آخر الْكَلِمَة، فَصَارَت الياءُ الَّتِي قبلهَا فِي غيْر موضعهَا،
لِأَنَّهَا بُنِيَتْ للسان عماداً فَإِذا وَقعت فِي الحَشْوِ لم تكن
عِماداً، وَهِي فِي بِنَاء الْألف الَّتِي كَانَت فِي ذَا، وَقَالَ
الْمبرد: الأَسماء المبْهَمةُ مخالفةٌ لغَيْرهَا فِي مَعْنَاهَا،
وكثيرٍ من لَفظهَا فَمن مخالفتها فِي الْمَعْنى، وُقوعُها فِي كل مَا
أَوْمَأت إِلَيْهِ، وَأما مخالفتها فِي اللَّفْظ فَإِنَّهَا يكون
مِنْهَا الِاسْم على حَرْفين: أَحدهمَا حرف لِينٍ نَحْو ذَا، وتا،
فلمَّا صُغِّرت هَذِه الْأَسْمَاء، خُولِفَ بهَا جِهةَ التصغير،
فَتُرِكَت أوائلها على حَالهَا، وأُلحِقَتْ ألفٌ فِي أواخرها تَدلُّ
على مَا كَانَت تَدلُّ عَلَيْهِ الضمَّة، فِي غير المبهمة، أَلا ترى
أَن كل اسْم تُصَغِّره من غير المبهمة يُضم أوَّله نَحْو فُلَيْس
ودُرَيْهِم، وَتقول فِي تَصْغِير: ذَا: ذَيّا، وَفِي تا: تَيَّا، فَإِن
قَالَ قَائِل: مَا بَال يَاء التصغيرِ لَحِقت ثَانِيَة وَإِنَّمَا
حَقُّها أَن تَلْحق ثَالِثَة، قيل لَهُ: إِنَّهَا لَحِقَتْ ثَالِثَة،
وَلَكِنَّك حذفتَ يَاء لاجْتماع الياءات فَصَارَت ياءُ التَّصغير
ثَانِيَة، وَكَانَ الأَصْل: ذَيَيَّا لأَنك إِذا قلتَ ذَا فالألف بَدلٌ
من ياءٍ، وَلَا يكون اسْم على حرفين فِي الأَصْل، فقد ذهبتْ يَاء
أُخْرَى، فَإِن صَغَّرت ذِه أَو ذِي قلتَ تَيَّا، وَإِنَّمَا مَنَعك
أَن تَقول ذَيَّا كراهيةَ الالتباس بالمذكر، فَقلت: تَيَّا، قَالَ
وَتقول فِي تَصْغِير الَّذِي: اللَّذَيَّا وَفِي تَصْغِير الَّتِي:
اللَّتَيَّا كَمَا قَالَ:
بعد اللَّتَيَّا واللَّتَيَّا والَّتِي
إِذا عَلَتْها أَنْفُسٌ تَردَّتِ
قَالَ: وَلَو حَقَّرتَ اللاَّتي لَقُلْتَ فِي قَول سِيبَوَيْهٍ:
اللَّتَيَّاتِ كتصغير الَّتِي، وَكَانَ الْأَخْفَش يَقُول وَحْدَهُ:
اللّوتَيَّا، لِأَنَّهُ لَيْسَ جمع الَّتِي على لَفظهَا، فَإِنَّمَا
هُوَ اسْم الْجمع، قَالَ الْمبرد: وَهَذَا هُوَ الْقيَاس.
توو: قَالَ اللَّيْث: التَّوُّ الحبلُ يُفْتل طاقاً وَاحِدًا لَا
يُجْعَل لَهُ قُوًى مُبْرَمة والجميع الأتواه.
وَفِي الحَدِيث: (الاستجْمارِ بِتوَ) أَي بفَرْد ووِتْرٍ من
الْحِجَارَة وَالْمَاء لَا بشفع.
وَيُقَال: جَاءَ فلَان تَواً أَي وَحْدَه، وَقَالَ أَبُو زيد نَحوه،
قَالَ: وَيُقَال: وَجَّه فلانٌ مِن خَيله بألفٍ تَوَ، والتُّوُّ ألْفٌ
من الْخَيل.
وَفِي الحَدِيث: (الِاسْتِجْمَار تَوّ، وَالطّواف تَوٌّ) أَي وتر،
لِأَنَّهُ سَبْعَة أشواطٍ.
وإِذَا عَقَدْتَ عَقْداً بإدَارةِ الرِّباط مَرَّة وَاحِدَة تَقول:
عَقَدْتُه بِتَوَ واحدٍ وَأنْشد:
جاريةٌ ليستْ مِن الوَخْشَنْ
لَا تَعْقِدُ المِنْطَقَ بالمتْنَنْ
إِلَّا بتَوَ واحدٍ أَوتَنْ
(14/248)
أيْ نِصْفَ تَوَ، وَالنُّون فِي تَنْ
زائدةٌ، والأصلُ فِيهَا تا خَفَّفَها من تَوَ فَإِن قلت على أَصْلهَا
تَوْ خَفِيفَة مثل لَوْ جَازَ، غير أَن الِاسْم إِذا جاءتْ فِي آخِره
وَاو بعد فَتْحة حُمِلت على الْألف، وَإِنَّمَا تَحسُنُ فِي لَوْ،
لِأَنَّهَا حرف أداةٍ، وَلَيْسَت باسمٍ، فَلَو حَذفتَ من يَوْم الْمِيم
وَحدهَا، وتَركْتَ الْوَاو وَالْيَاء وأَنْتَ تُريدُ إسكانَ الْوَاو،
ثمَّ تَجعل ذَلِك اسْما تُجريه بِالتَّنْوِينِ، وَغير التَّنْوِين فِي
لُغَة من يَقُول: هَذَا حَاحاً مَرْفُوعا لَقُلْتَ فِي مَحْذُوف يَوْم
يَوْ، وَكَذَلِكَ لَوْم ولوْح وحقُّهم أَن يَقُولُوا فِي لَوْلا، لَوْ
أُسِّسَتْ هَكَذَا، وَلم تُجعل اسْما كاللوح، وَإِذا أردتَ بِهِ نِداءً
قُلْتَ: يالَوُ أقْبلْ فِيمَن يَقُولُ: يَا حارُ لأنَّ نَعتَهُ باللِّو
بِالتَّشْدِيدِ تَقْوِيَة لِلَوْ، وَلَو كَانَ اسْمه حَوَّا ثمَّ أردتَ
حذفَ إِحْدَى الواوين مِنْهُ قلت: يَا حَا أَقْبِلْ، بَقِيَتْ الْوَاو
ألفا بعد الفَتْحة، وَلَيْسَ فِي جَمِيع الْأَسْمَاء واوٌ معلقةٌ بعد
فَتحةٍ إِلَّا أَن يُجْعلَ اسْما.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: جَاءَ فلانٌ تَوّاً إِذا جَاءَ قَاصِدا لَا
يُعرِّجه شَيْءٌ، فَإِن أَقَامَ بِبَعْض الطَّرِيق فَلَيْسَ بتوَ،
عَمْرو عَن أَبِيه: التَّوُّ الفارغُ من شُغْلِ الدُّنْيَا وشُغْل
الْآخِرَة، والتَّوَّةُ السَّاعَة من الزَّمَان.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَا مَضَى إِلَّا تَوَّةٌ حَتَّى كَانَ
كَذَا وَكَذَا أَي سَاعَة، والتَّوُّ البِنَاء المَنصُوب، وَقَالَ
الأخطل يصف تَسَنُّمَ الْقَبْر ولَحْدَه:
وَقد كنتُ فِيمَا قدْ بنى ليَ حَافِري
أعاليَهُ توّاً وأَسْفَله لَحْدا
هُوَ فِي أصل الشّعْر دَحْلاً، وَهُوَ بِمَعْنى لحداً، فَرَوَاهُ ابْن
الأعرابيّ بِالْمَعْنَى.
توى: قَالَ اللَّيْث: التَّوَى ذهابُ مالٍ لَا يُرْجَى، والفِعلُ
مِنْهُ تَوِيَ يَتْوَى تَوًى، أَي ذهب، وأَتْوى فلانٌ مالَه فَتَوَى،
أَي ذَهَبَ بِهِ.
وَقَالَ النَّضر: التِّواءُ سِمَةٌ فِي الفَخِذِ والعُنُقِ، فأَمَّا
فِي الْعُنُق فإنَّه يُبْدأ بِهِ من اللِّهْزمَةِ ويُحْدَر عَدَا
العُنُق، خَطّاً من هَذَا الْجَانِب، وخَطّاً من هَذَا الْجَانِب، ثمَّ
يُجمعُ بيْن طَرفيهما من أَسْفَل لَا مِن فَوْق، وَإِن كَانَ فِي
الفَخذِ فَهُوَ خَطٌّ فِي عَرْضها.
يُقَال مِنه: بعير مَتْوِيٌّ وَقد تَوَيْتُه تَيّاً وإبلٌ مَتَوَّاةٌ،
وبعيرٌ بِهِ تِواء، وتِوَاءان، وثلاثةُ أَتْوِية.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التِّواء يكون فِي مَوضِع اللَّحاظ إِلَّا
أَنه منخفض يُعْطف إِلَى نَاحيَة الخدِّ قَلِيلا، وَيكون فِي باطِنِ
الخد كالتُّؤثور، قَالَ: والأثرَة والتُّؤثور فِي بَاطِن الخدِّ،
الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب.
تأتأ ثأثأ: قَالَ اللَّيْث: ثأثأ الثأثأة حِكَايَة من الصَّوْت، تَقول:
ثأثأتُ بالتيسِ عِنْد السِّفاد أُثَأْثِىءُ ثَأْثأةً، عَمْرو عَن
أَبِيه قَالَ: الثَّأْثَأَةُ مَشْيُ الصَّبي الصغيرِ، والثَّأْثَاءُ
التَّبَخْتُر
(14/249)
ُ فِي الْحَرْب شجاعة، والثَّأْثَأَةُ
دُعَاء الحِطَّان إِلَى العَسْبِ والحِطَّانُ التَّيْسُ، وَهُوَ
الثَّأثَاءُ أَيْضا بالثَّاء مثل التَّأْتَاء.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَيتَاءُ الرجلُ الَّذِي إِذا أَتَى
الْمَرْأَة أَحْدَثَ وَهُوَ العِذْيَوْطُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الثِّيتاءُ الرجل الَّذِي يُنزِل قبل أَن
يُولج ونحوَ ذَلِك قَالَ الفرَّاء.
تأى: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تَأَى بِوَزْن تَعَى إِذا سَبَق،
يَتْأى.
قلت: هُوَ بِمَنْزِلَة شَأَى يَشْأَى إِذا سبق.
أَتَى: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: أَتَانِي فلانٌ أَتْياً، وأتْيَةً
وَاحِدَة، وإتْيَاناً وَلَا تَقول: إتْيانَةً وَاحِدَة إلاَّ فِي
اضطرار شِعْرٍ قبيحٍ؛ لِأَن المصادر كلَّها إِذا جُعِلَتْ وَاحِدَة
رُدَّت إِلَى بِنَاء فَعْلَة؛ وَذَلِكَ إِذا كَانَ الفِعل مِنْهَا على
فَعَلَ أَو فَعِلَ، فَإِذا أدْخلت فِي الفِعل زياداتٍ فوقَ ذَلِك
أَدخلتَ فِيهَا زياداتِها فِي الْوَاحِدَة، كَقَوْلِك: إقبالةً
وَاحِدَة، وَمثل تَفَعَّل تَفَعُّلةً وَاحِدَة وَأَشْبَاه ذَلِك،
وَذَلِكَ فِي الشَّيْء الَّذِي يَحْسُن أَن تَقول فَعْلةً وَاحِدَة
وإلاَّ فَلَا وَقَالَ:
إنِّي وأَتْيَ ابنَ غَلاَّقٍ لِيَقْرِيَنِي
كَغَابِطِ الكلبِ يَبْغِي الطِّرْقَ فِي الذَّنَبِ
وَقَوله تَعَالَى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ}
(النَّحْل: 1) .
قَالَ ابْن عرفَة: الْعَرَب تَقول: أَتاكَ الأمرُ، وَهُوَ مُتَوقَّع
بعيد، أَي أَتَى أَمر الله وَعْداً فَلَا تستعجلوه وُقوعاً.
وَقَوله تَعَالَى: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ الْقَوَاعِدِ}
(النَّحْل: 26) .
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: المَعْنَى أَتَى الله مَكْرهمْ من أَصْلِه،
أيْ عَادَ ضَررُ المكْرِ عَلَيْهِم، وذكَر الأساسَ مَثَلاً؛ وَكَذَلِكَ
السّقف، وَلَا أساسَ ثَمَّ لَا سقفَ، وقيلَ: أَرَادَ بالبُنْيانِ صرحَ
ثَمودٍ.
وَيُقَال: أُتِي فلانٌ من مَأْمَنِه أَي أَتَاهُ الهلاكُ من جِهَة
مَأْمَنِه.
وطريقٌ مِيتَاءٌ مَسْلُوكٌ، مِفْعَالٌ من الإتْيان، ومِيتاءُ
الطَّرِيق، ومِيدَاؤه مَحَجَّتُه آتتْ أُكُلَها ضِعْفَيْن أَي
أَعْطَتْ، وَالْمعْنَى أَثْمَرتْ مِثْلَيْ مَا يُثْمِرُ غيرُها من
الجِنان.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: كلُّ جَدْول ماءٍ أَتِيٌّ وَقَالَ الراجز:
لَيُمْخَضَنْ جَوْفُك بالدُّلِيّ
حَتَّى تَعودي أَقْطَع الأتيِّ
وكانَ يَنْبَغِي أَن يكون قَطْعاً قَطْعاءَ الأتِي، لأنَّه يُخَاطب
الرَّكِيَّة أَو البِئر، وَلكنه أرادَ حَتَّى تَعودي مَاء أقْطَع
الأتيِّ، وَكَانَ يَسْتَقِي ويَرْتَجِزُ بِهَذَا الرجز على رَأس
الْبِئْر.
وَيُقَال: أَتِّ لهَذَا المَاء فَيُهيىء لَهُ طريقَه.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سَأَل عَاصم بن
عَدِيّ الأنصاريّ عَن ثَابت بن الدَّحْدَاح، وتُوفِّي، فَقَالَ: (هَل
تعلمُونَ لَهُ نسبا
(14/250)
فِيكُم؟ فَقَالَ: لَا، إِنَّمَا هُوَ
أَتيٌّ فِينَا قَالَ: فَقَضَى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بميراثه لِابْنِ أُخْته) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ فِي قَوْله: إِنَّمَا هُوَ أَتِيٌّ
فِينَا، فإنَّ الأتِيَّ الرجلُ يكون فِي الْقَوْم لَيْسَ مِنْهُم،
وَلِهَذَا قيل: المسيل الَّذِي يَأْتِي من بَلَدٍ قَدْ مُطِرَ فِيهِ
إِلَى بلد لم يُمْطَر فِيهِ: أَتِيٌّ.
وَقَالَ العجاج: سَيْلٌ أَتِيٌّ مَدُّه أَتِيُّ.
وَيُقَال: أَتَّيْتُ السَّيْلَ فأَنا أُوَتِّيه إِذا سهَّلْتَ سَبيلَه
من مَوضِع إِلَى مَوضِع ليخرجَ إِلَيْهِ، وأصل هَذَا من الغُرْبَة،
وَلِهَذَا قيل: رجل أَتَاوِيٌّ إِذا كَانَ غَرِيبا فِي غير بِلَاده.
وَمِنْه حَدِيث عُثْمَان حِين أرسلَ سَليطَ بن سليطٍ وعبدَ الرحمان بن
عَتّاب إِلَى عبد الله بن سَلام فَقَالَ: ائْتِيَاهُ فَتَنَكَّرَا لَهُ
وقولا: إِنَّا رجلَانِ أَتَاوِيَّان، وقَد صنع الله مَا ترى فَمَا
تَأْمُر؟ فَقَالَا لَهُ ذَلِك، فَقَالَ: لَسْتُما بأَتاوِيَّيْن،
ولكنكما فلَان وَفُلَان وأرسلكما أميرُ الْمُؤمنِينَ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: الأتاوِيُّ بِالْفَتْح الغريبُ
الَّذِي هُوَ فِي غير وَطنه.
وأنشدنا هُو وَأَبُو الْجراح، لحميد الأرقط:
يُصْبِحْنَ بالقَفْر أَتَاوِيّاتِ
مُعْتَرِضَاتٍ غَيْرِ عُرْضِيَّاتِ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال تَأَتّي فلَان لحاجَتِه إِذا تَرَفَّقَ
لَهَا وأتاها مِن وَجههَا.
أَبُو عبيد: تأتّى للْقِيَام، والتأتِّي التهيُّؤ للْقِيَام.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
إِذا هيَ تَأَتَّى تُرِيدُ الْقيام
تَهَادَى كَمَا قد رأيتَ البهيرا
وَيُقَال: مَا أحسنَ أَتْوَ يَدَيها وأَتْيَ يَديهَا، يَعْنِي رَجْعَ
يَديهَا، وَيُقَال: أَتَيْتُهُ أَتْيَةً وأَتَوْتُهُ أَتْوَةً
وَاحِدَة.
وَقَالَ الْهُذلِيّ:
كنتُ إِذا أَتَوْتُه من غيب
وَقَالَ اللَّيْث: الإتِيَاء الْإِعْطَاء، آتى يُؤاتي إيتَاء، قَالَ
وَتقول: هَات مَعْنَاهُ: آتِ على فاعِلْ، فَدخلت الْهَاء على الْألف،
والمُؤَاتاةُ حُسن المطاوَعَة، تَأَتَّى لِفلان أمرُه، وَقد أَتَّاه
الله تَأتِيَةً، وَأنْشد:
تَأتَّى لَهُ الدَّهْرُ حَتَّى انْجَبَرْ
والإتاوة الخَراجُ وَجَمعهَا الأتاوَى، والإتاوات.
وَأنْشد الْأَصْمَعِي فَقَالَ:
أَفي كل أسواقِ الْعرَاق إتاوةٌ
وَفي كل مَا باعَ امْرُؤٌ مَكْسُ دِرْهَمِ
أَبُو عُبَيْدَة، عَن أبي زيد: أتوته، أَتْوَةً إِذا رشوتَه، إتاوَة؛
وَهِي الرِّشْوَة.
وَأنْشد الْبَيْت:
أَفِي كل أسواق الْعرَاق إتاوة
وَيُقَال: آتَيْتُ فلَانا على أمرٍ مُؤَاتاةً وَلَا
(14/251)
تَقول: واتَيْتُهُ إِلَّا فِي لُغَة لأهل
الْيمن.
وَمثله: آسَيْتُ، وَآكَلْتُ وَآمَرْتُ، وَإِنَّمَا جعلوها واواً، على
تَخْفيف الْهَمْز فِي يُوَاكِل ويوامر، وَنَحْو ذَلِك.
عَمْرو عَن أَبِيه: رجل أُتَاوِيِّ، وأَتاوِيّ وإتاوِيّ، وأَتِيّ، أَي
غَرِيب. قلت: واللغة الجيّدة: رجل أَتِيٌّ وأَتاوِيّ، وإتاءُ النَّخْلة
رَيْعُها وزكاؤها وَكَثْرَة ثمارها، وكَذلك إتاءُ الزَّرْع رَيْعه،
وَقد أَتَتْ النخلةُ وآتت إيتَاء وإتاءةً.
وَقَالَ عبد الله بن رَوَاحَة:
هُنَالِكَ لَا أُبَالِي نَخْلَ بَعْلٍ
وَلَا سَقْيٍ وَإِن عَظُمَ الإتاءُ
قَالَ الْأَصْمَعِي: الإتاءُ مَا خرج من الأَرْض والتَّمر وَغَيره.
ابْن شُمَيْل: أَتَى على فلَان أَتْوٌ أَي مَوْتٌ أَو بَلاءٌ
أَصَابَهُ، يُقَال: إِن أَتى عليَّ أَتْوٌ فغلامي حُرٌّ أَي إِن مِتُّ،
والأتْوُ الْمَرَض الشَّديد أَو كَسْرُ يَدٍ أَو رجلٍ أَوْ موت؛
وَيُقَال: أُتِيَ على يَدِ فلَان إِذا هَلك لَهُ مَال.
وَقَالَ الحُطَيْئة:
أخُو المرءِ يُؤْتَى دُونه ثُمَّ يُتَّقَى
بِزُبِّ اللِّحَى جُرْدِ الخُصَى كالجمامِح
قَوْله: أَخُو الْمَرْء أَي أَخُو الْمَقْتُول الَّذِي يَرْضَى من
دِيَةِ أَخيه بِتُبُوسٍ، أَي لَا خير فِيمَا يُؤْتى دُونه أَي
يُقْتَلَ، ثمَّ يُتَّقَى بتُيُوس زُبِّ اللِّحَى أَي طَوِيلَة اللِّحى.
وَيُقَال: يُؤْتَى دونه أَي يُذْهَبَ بِهِ ويُغْلَبُ عَلَيْهِ. وقَال:
أَتَى دونَ حُلْوِ الْعَيْشِ حَتَّى أَمَرَّه
نُكُوبٌ عَلَى آثارِهِنَّ نُكوبُ
أَي ذهب بِحُلْوِ العيْشِ، وَيُقَال أُتِيَ فلَان إِذا أَطَلَّ
عَلَيْهِ العَدوُّ، وَقد أُتِيتَ يَا فُلاَن إِذا أُنْذِر عَدُوّاً
أَشرف عَلَيْهِ.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ
الْقَوَاعِدِ} (النَّحْل: 26) .
وتت: عَمْرو عَن أَبِيه: الوَتُّ والوُتَّةُ صِياح الوَرَشَانِ،
وأَوْتَى إِذا صاحَ صِياحَ الوَرَشَانِ، قَالَه ابنُ الْأَعرَابِي.
وَفِي حَدِيث أبي ثَعْلَبَة الخُشَيْنِيِّ، أَنه اسْتُفْتِيَ رسولُ
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي اللُّقَطَة؛ فَقَالَ: (مَا وَجَدتَ
فِي طريقٍ ميتاءٍ فَعَرِّفه سنة) .
وَقَالَ شمر: مِيتَاءُ الطَّرِيق ومِيداؤه ومَحَجَّته وتَلَمُه واحدٌ،
وَهُوَ ظاهرُهُ المسلوك.
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِابْنِهِ إِبْرَاهِيم
وَهُوَ يَسوق نَفْسَه: لَوْلَا أنَّه طريقٌ مِيتاءٌ لحَزِنّا عَلَيْك
أَكثر مِمَّا حَزِنا، أَرَادَ أَنه طَرِيق مَسْلُوكٌ، وَهُوَ مِفْعالٌ
من الْإِتْيَان، وَإِن قلتَ طريقٌ مَأْتِيٌّ فَهُوَ مفعول، من
أَتَيْتُه.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً} (مَرْيَم:
61) كَأَنَّهُ قَالَ: آتِيَا، لأَن مَا أتيتَه فقد أَتَاك وَقَوله:
{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ} (النَّحْل: 1) أَي قَرُب
ودَنا
(14/252)
إِتْيَانه. وَمن أمثالهم: مَأْتِيٌّ أنتَ
أَيهَا السَّواد أَو السُّوَيْد، أَي لَا بُد لَك من هَذَا الْأَمر.
وَيُقَال للرجل إِذا دنا من عدوه: أُتيتَ أَيهَا الرجُل.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ
الْقَوَاعِدِ} (النَّحْل: 26) أَي قَلَعه من قَوَاعده وأَساسه فهدَمه
عَلَيْهِم حَتَّى أَهْلكهم، وَيُقَال: فَرَسٌ أَتِيٌّ، ومُسْتَأْتٍ،
وَمُسْتَوْتٍ بِغَيْر هَاء إِذا أَرْدَفَتْ، وَقد اسْتَأْتَتْ النَّاقة
اسْتِئْتاءً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التُّوى الجَواري والوُتَى الجِيَّاتُ،
قَالَ: وَأَتوَى الرجلُ إِذا جَاءَ تَوّاً وَحْدَه، وأَزْوَى، إِذا
جاءَ مَعَه آخر.
وَالْعرب تَقول لِكل مُفْرد: تَوٌّ وَلكُل زوج زوٌّ.
ابْن السّكيت: هُوَ التَّوْتُ للفرصاد وَلَا تقل: التُّوتَ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْمبرد عَن الْمَازِني قَالَ: سَمِعت
أَبَا زيد يَقُول: أهل الشَّام يَقُولُونَ التُّوتَ لهَذَا الثَّمَرَة،
وَالْعرب تَقول: التَّوثَ على كَلَام الْعَامَّة.
(14/253)
بَاب الرباعي
(تنبل) : أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: التَّنْبالُ: الرجل الْقصير،
وَجمعه التَّنَابِيلُ، وَأنْشد شَمِر لِكَعْبِ بن زُهَيْر:
يَمْشون مَشْيَ الجِمَالِ الزُّهْرِ
يَعْصِمهُم ضَرْبٌ إِذا عَرَّدَ السُّودُ التَّنابِيلُ
(تنتل) (1) : عَمْرو عَن أَبِيه: إِذا مَذَرَت البَيْضةُ فَهِيَ
التَّنَتَلةُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ثَنْتَلَ الرَّجل: إِذا تَقَذَّر بَعد
تَنْظيفٍ، وتَنْتَلَ إِذا تَحامَق بعد تعاقل، وتَرْفَلَ إِذا تَبخْتَر
كِبْراً وزَهْواً.
(ترنم) : وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَّرْنَموت القَوْسُ، وَهِي أُنثى
لَا تذَكَّر.
(ترَتّب) : أَبُو عبيد: التُّرتُبُ الْأَمر الثَّابِت.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التُّرتُبُ العَبْد السوء.
(ترنت) : اللحياني: اتْرَنْتَى علينا فلَان يَتَرنتِي أَي انْدرَأَ
علينا.
وَقَالَ أَبُو زيد: اتْرَنْتَيْتُ لَهُ اتْرِنتاءً إِذا استعدَدتَ
لَهُ.
(فرتن) : أَبُو سعيد: الفرتَنَةُ عِنْد الْعَرَب تشقيق الْكَلَام،
والاهتماش فِيهِ، يُقَال: فلَان يُفَرْتِن فرتَنةً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للْأمة: فرتْنَى وابنُ فَرتَنَى
هُوَ ابْن الْأمة البغيِّ؛ أَبُو زيد: وَمن العِضِّ اليَنبوتُ
ويَنْبُوتَةٌ، وَهِي شجرةٌ شاكةٌ ذاتُ غِصَنة وَوَرق، وثمرتها جَرْوٌ
والجرْوُ وِعاءُ بَذْر الكعابير الَّتِي تكون فِي رُؤوس العِيدان،
وَلَا يكون فِي غير الرؤوس إلاَّ فِي مُحَقَّرات الشّجر، وَإِنَّمَا
سمى جَرْواً لِأَنَّهُ مُدَحرج، وَهُوَ من الشِّرْس والعُضِّ وَلَيْسَ
من العِضاهِ.
(ثرتم) : أَبُو عبيد عَن أبي زيد قَالَ: مَا فضلَ فِي الْإِنَاء من
طَعَام أَو أَدَم يُقَال لَهُ: الثُّرْتُمُ وَأنْشد:
لَا تَحْسَبَنَّ طِعان قَيْسٍ بالقَنَا
وضِرابهم بالبِيض حَسْوَ الثُّرْتُمِ
(تنتل تنبل) : وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ الْأَصْمَعِي: رجل تِنْبَلٌ
وتِنْتَلٌ إِذا كَانَ قَصِيرا.
وَالْحَمْد لله ذِي الْحول وَالْقُوَّة وحسبنا الله
وَنعم الْوَكِيل وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
الْعلي الْعَظِيم وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين.
(14/254)
|