تهذيب اللغة

أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف الظَّاء [/ كت]
ظ ذ ظ ث
أهملت وجوهها.

(بَاب الظَّاء والرَّاء)
ظ ر (وايء)
ظرى، ظأر: (مستعملة) .
ظرى: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الظَّارِي: العَاضُّ، وظَرَى يَظري إِذا جَرى وظَرِيَ إِذا كاس يَظْرَى، والظَّرَوْرَى الكَيِّسُ، وظَرَى بَطْنُهُ يَظْرِي إِذا لم يَتَمالَك لِيناً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: وظَرَى إِذا لانَ وظرَى إِذا كَاسَ.
وَقَالَ شَمِرُ: اظْرَوْرَى بَطْنُه: إِذا انتفخ.
وقرأت فِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : الاظْرِيرَاءُ والاطْرِيرَاء البِطْنَةُ وَهُوَ مُظْرَوْرٍ مُطْرَوْرٍ وَكَذَلِكَ المُحْبَنْطِي والمُحْبَنظِي.
وَقَالَ أَبُو عبيد: اطْرَوْرَى بطنُه بِالطَّاءِ.
ظأر: قَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِيمَا قَرَأت بِخَطّه لأبي حَاتِم فِي بَاب الْبَقر: قَالَ الطَّائِفيُّون: إِذا أَرَادَت البقرةُ الفَحْلَ فَهِيَ ضَبِعة كالناقة، وَهِي ظُؤْرَى وَلَا فِعْلَ للظُّؤْرَى.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الظُّؤْرَةُ الدَّابَّة والظُّؤْرَةُ المُرْضِعةُ.
قلت: قَرَأت فِي بعض الْكتب: اسْتَظأرتْ الكَلْبَةُ بالظَّاءِ: أَي أَجْعَلَتْ واسْتَحْرَمَتْ.
وقرأتُ لأبي الْهَيْثَم فِي كتاب البَقَر: الظُّؤْرَى من البَقَر وَهِي الضَّبِعةُ.
وروى لنا المنذرِيُّ فِي كتاب (الفروق) ، اسْتَظأرتْ الكَلْبَةُ بالظاء إِذا هَاجت فَهِيَ مُستظئرة، وأَنا وَاقِف فِي هَذَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الظِّئْر والجميع الظُّؤُورَة، تَقول هَذَا ظِئْرِي.
قَالَ: والظِّئْرُ سَوَاء للذّكر وَالْأُنْثَى من النَّاس.
وَيُقَال: ظَاءَرَتْ فُلانةُ بِوَزْنِ فَاعَلتْ إِذا أَخَذَتْ وَلداً تُرضِعُه مُظاءرة، وَيُقَال لأَب الْوَلَد لصُلْبه: هُوَ مُظائرٌ لتِلْك الْمَرْأَة، وَيُقَال: اظأَرْتُ لِوَلَدِي ظِئراً أَي اتَّخَذْتُ، وَهُوَ افْتَعلْت فأدغمت الظّاء فِي التَّاء، تَاءِ الافتعال فحُولَتْ ظاءً لِأَن الظَّاء من فِخَام حُرُوف الشَّجْر الَّتِي قَرُبَتْ مخارجُها من التَّاء فَضَمُّوا إِلَيْهَا حَرْفاً فَخْماً مِثْلَها ليَكُون أَيْسَرَ على اللِّسَان لِتَبَايُن مَدْرَجَة الْحُرُوف الفِخام من مَدارج الْحُرُوف الخُفْتِ، وَكَذَلِكَ تحوَّلتْ تِلْكَ التَّاء من الصَّاد والضَّاد طاء لِأَنَّهُمَا من الْحُرُوف الفِخام.

(14/282)


وَقَالَ اللَّيْث: الظَّؤُور من النوق الَّتِي تعطِف على ولد غَيرهَا أَو على بَوَ تَقول: ظِئِرت فأَظأرت بالظاء، فهى ظَؤُورٌ، ومَظْؤُور وَجمع الظُّؤُور، أَظْآرٌ وأَظْؤُرٌ. وَقَالَ متمّم:
فَمَا وَجْدُ أَظآرٍ ثلاثٍ روَائمٍ
رَأَيْنَ مَجَرّا مِن حُوارٍ ومَصْرعَا
وَقَالَ الآخر فِي الظُّؤَار:
يُعَقِّلُهُن جَعْدَةُ مِن سُلَيْمٍ
بِئْسَ مُعَقِّلُ الذَّوْدِ الظُّؤَارِ
وَقَالَ اللَّيْث: ظَأَرَنِي فلَان على أمرِ كَذَا وأَظأَرَني وظاءرني على فَاعَلَني أَي عَطَفَني.
وَقَالَ أَبُو عبيد: من أمثالهم فِي الْإِعْطَاء من الخوفِ قَوْلهم: الطَّعْنُ يَظأَرُ يَقُول: إِذا خافك أنْ تَطعَنَه فَتقتلَه عَطَفَه ذَلِك عَلَيْك فجادَ بِمَالِه حِينَئِذٍ للخوف.
وَرُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه اشْترى نَاقَة فَرَأى بهَا تَشْرِيم الظِّئَارِ فَردها، والتَّشْريمُ التشقيق، والظِّئَارُ أَنْ تُعْطَفَ الناقةُ على غيرِ وَلَدهَا، وَذَلِكَ أَن تُدَسَّ دُرْجَةٌ من الخِرَق مَجْمُوعَة فِي رَحِمها، وتُجَلَّلَ بِغَمَامَةٍ تَسْتُر رَأْسها، وتترك كَذَلِك حَتَّى تَغُمَّها، ثمَّ تُنزَعَ الدُّرْجَةُ ويُدْنَى حُوارُ ناقةٍ أُخْرَى مِنْهَا، وَقد لُوِّثَ رأْسُه وجِلْدُه بِمَا خَرَج مَعَ الدُّرجة من أَذَى الرَّحم، فَتظُنُّ أَنَّهَا وَلَدَتْه إِذا سافته فَتَدِرُّ عَلَيْهِ وترأَمُه، وَإِذا دُسَّتْ الدُّرجة فِي رَحمِها، ضُمَّ مَا بَين شُفْرَيْ حَيائها بِسَبْرٍ، فَأَرَادَ بالتَّشْريم مَا تَخَرَّقَ من شُفْرَيْها.

وَقَالَ الْأَصْمَعِي: عَدْوٌ ظَأْرٌ إِذا كَانَ مَعَه مِثلُه، قَالَ: وكلُّ شيءٍ مَعَ شيءٍ مِثلِه فَهُوَ ظَأْرٌ.
وَقَالَ الأرقط يصف حُمُراً:
تَأْنِيفُهُن نَقْلٌ وأَفْرُ
والشَّدُّ تاراتٍ وعَدوٌ ظَأْرُ
التأنِيفُ: طَلَبُ أُنُفِ الكَلأ، أَرَادَ: عِندها صَوْنٌ من العَدْو لَمْ تَبْذُلْه كلَّه.
وَفِي الحَدِيث: وَمن ظَأَرهُ الإسلامُ، أَي عطفه.
وَفِي حَدِيث عمر: أَنه كتب إِلَى هُنَيِّ، وَهُوَ فِي نَعَم الصَّدَقَة: أنْ ظاوِرْ، قَالَ: وَكُنَّا نَجمع الناقتين والثلاثَ على الرُّبَع الْوَاحِد، ثمَّ نَحْدِرُها إِلَيْهِ.
قَالَ شمر: الْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب ظاءَر بِالْهَمْز وَهِي المظاءرة، وَهُوَ أَن تُعْطَفَ الناقةُ إِذا مَاتَ وَلَدهَا أَو ذُبح على وَلَد أُخْرَى.
وَقَالَ الأصمعيّ: كَانَت الْعَرَب إِذا أرادتْ أَن تُغِيرَ ظاءَرتْ بِتَقدير فاعلتْ وَذَلِكَ أَنهم يُبقُون اللَّبنَ ليُسْقُوه الخيلَ، قَالَ: وَمن أمثالهم: الطَّعنُ يَظْأَرُ أَي يَعطِفُ على الصّلح، وَهَذَا أحسنُ من قَول أبي عبيد الَّذِي ذكرته قبل هَذَا.

(14/283)


وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: ظَأَرتُ النَّاقَةَ أظأرُها ظأراً فَهِيَ مَظْؤورَةٌ إِذا عَطَفْتَها على ولد غَيرهَا.
قَالَ الْكُمَيْت:
ظأَرْتُهُم بِعَصاً وَيَا
عَجَباً لِمظؤورٍ وَظَائِرْ
قَالَ: والظِّئرُ فِعْلٌ بِمَعْنى مفعولٌ، والظَّأْرُ مصدرٌ كالثِّنْيِ والثَّني فالثِّنْيُ اسْم لِلْمَثْنِيِّ.
والثَّنْيُ فعلُ الثَّانِي، وَكَذَلِكَ القِطْفُ والقَطْفُ والحِمْلُ والحَمْلُ.
قَالَ: وَيُقَال لِلرُّكنِ من أركانِ الْقصر: ظِئْرٌ، والدِّعامةُ تُبْنَى إِلَى جنب حَائِطٍ ليُدْعَمَ عَلَيْهَا ظِئْرٌ، وَيُقَال للظّئر: ظَؤُورٌ فَعُول بِمَعْنى مفعول.
انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.

(بَاب الظَّاء وَاللَّام)
(ظ ل (وايء))
لظى: قَالَ الله جلّ وعزّ: { (يُنجِيهِ كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى} (المعارج: 15، 16) . لظى من أسماءِ النَّار نَعُوذ بِاللَّه، وَهِي مَعْرفةً لَا تُنَوَّن لِأَنَّهَا لَا تَنْصَرِفُ وَقد تَلَظَّتْ النَّار تَلَظِّياً إِذا الْتَهَبتْ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {) وَالاُْولَى فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى} (اللَّيْل: 14) أَي تتوهجُ وتتوقّدُ.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّظَى اللَّهَبُ الخالِص، وَيُقَال: لَظِيَتْ النَّار تَلْظَى لَظًى.
وَقَالَ غَيره: فلَان يَتَلَظَّى على فلَان تَلَظِّيا إِذا تَوقدَ عَلَيْهِ من شدَّة الْغَضَب.
وَجعل ذُو الرمة اللَّظَى شدَّة الحرّ، فَقَالَ:
وحتَّى أَتَى يومٌ يكادُ من اللَّظَى
تَرَى التُّوم فِي أُفحوصِهِ يَتَصَيَّح
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تَظَلَّى فلانٌ أَي لزم الظِّلال والدَّعة. قلت: وَكَانَ فِي الأَصْل تظلل فَقُلِبَتْ إِحْدَى اللاَّمات يَاء كَمَا قَالُوا: تَظَنَّيْت من الظّن، وَلَيْسَ فِي بَاب الظَّاء وَالنُّون غير التَّظنِّي، وَأَصله التظنن. انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الظَّاء وَالْفَاء)
(ظ ف (وايء))
وظف، فاظ، فظا، ظاف: (مستعملة) .
(وظف) : يُقَال: وَظَفَ فلانٌ فلَانا يَظِفُهُ وَظْفاً إِذا تَبِعَه مأخوذٌ من الوظيف.
ووظَفْتُ البَعيرَ أظِفه وَظْفاً إِذا أصبتَ وظيفه، والوَظيفُ من كل ذِي أربعٍ: مَا فَوْق الرُّسْغ إِلَى مَفْصِل السَّاق وَجمعه أوْظِفَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَظيفةُ من كل شَيْء مَا يُقَدَّرُ لَهُ كل يَوْم من رِزْقٍ أَو طعَامٍ أَو عَلَفٍ أَو شرابٍ، وَجمعُها الوظائفُ وَالوُظُفُ، وَقد وظّفْتُ لَهُ توظيفاً، ووَظّفتُ على الصَّبِيِّ كل يَوْم حِفْظَ آياتٍ من كتاب الله توظيفاً، وَأنْشد:

(14/284)


أَبْقَتْ لنا وَقَعَاتُ الدَّهْرِ مَكْرُمَةً
مَا هَبَّت الريحُ والدُّنيا لَهَا وُظُفُ
قَالَ: هِيَ شِبْهُ الدُّولِ مرّة لهَؤُلَاء وَمرَّة لِهؤلاء، جمعُ الوَظِيفَةِ.
وَيُقَال: إِذا ذَبحتَ الذبيحةَ فاستوْظِفْ قَطعَ الحُلقوم والمريءِ والوَدَجَيْن، أَي اسْتوْعَبْ ذَلِك. هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِي فِي كتاب الصَّيْد والذبائح.
فيظ: أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: هُوَ يَفيظُ نَفسه وَقد فَاظتْ نَفسُه وأفاظهُ اللَّهُ نفسَه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يقالُ فاظَ الميّتُ يَفِيظُ فيْظاً ويَفُوظ فَوْظاً، كَذَا رَوَاهَا الْأَصْمَعِي وَأنْشد لرؤبة:
لَا يَدْفِنُون مِنهم مَنْ فَاظَا
قَالَ: وَلَا يُقَال: فاضت نَفْسُه وَلَا فاظَتْ، وحكاها غَيره.
وَرُوِيَ عَن الْأَصْمَعِي عَن أبي عَمْرو: يُقَال: فاظ الْمَيِّت، وَلَا يُقَال: فاظت نَفسه وَلَا فاضت.
قَالَ الْكسَائي: فاظتْ نفسُه، وفاضتْ نفسُه.
وروى ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: أَهل الْحجاز وَطيّىء يَقُولُونَ: فاظت نَفسه، وقضاعة وَتَمِيم وَقيس يَقُولُونَ: فاضت نَفسه مثل فاضت دمعتُه.
وَقَالَ اللَّيْث: فَاظَتْ نَفسه فَيْظاً وفَيْظُوظةً إِذا خَرَجَتْ، وَالْفَاعِل فائِظٌ، وَزعم أَبُو عُبَيْدَة أَنَّهَا لغةٌ لبَعض تَمِيم، يَعْنِي فاظتْ نَفسه، وفَاضَتْ وَأنْشد:
فَفُقِئَتْ عَيْنٌ وفَاضتْ نَفْسُ
فأنشده الْأَصْمَعِي فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ وَطَنَّ الضِّرْسُ.
فظا: قَالَ الْفراء: الفَظَى: مَقصورٌ ماءُ الرَّحم يُكتبُ بِالْيَاءِ والتثنية فَظْوانِ.
وَقَالَ غَيره: أَصله الفَظُّ، فقلبت الظَّاء يَاء وَهُوَ مَاء الكَرِش.
ظوف: الْفراء يُقَال: أَخذ بِظُوفِ رَقَبَتَهِ وبظافِ رَقَبَتِه وبقَافِ رقبته وبصُوف رقبته إِذا أَخذه كلَّه.
أَبُو زيد يُقَال: أَخذه بقوفِ رقبته وبطوفها وبصُوفِها وكلُّه واحدٌ.

(بَاب الظَّاء والبَاء)
(ظ ب (وايء))
ظأب، ظَبْي، بظا، بيظ، وظب.
(ظأب) : أَبُو العبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: ظأبَ إِذا جَلَّب، وظأب إِذا تَزَوَّجَ، وظَأَب أَيْضا إِذا ظَلَم، وَقَالَ اللحياني: ظَاءَ بني فلانٌ وظاء مَنِي إِذا تزوجتَ أنتَ وَهُوَ أُخْتين، والظأْبُ والظَّأْم سِلْفُ الرجلِ، وَقَالَ أَبُو زيد: فلَان ظَأْبُ فلانٍ، أَي سِلفه، والظَّأْمُ مثله، وَثَلَاثَة أَظْؤُبٍ، وحُكِي عَن ابْن الدُّقَيْش فِي جمعه ظُؤوبٌ، وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال سَمِعت

(14/285)


ظَأْبَ تَيْسِ فلانٍ وظأم تَيْسِه وَهُوَ صِياحُه فِي هِبابِه، وَأنْشد لأوس بن حَجَر:
يَصُوعُ عُنُوقَها أَحْوَى زَنِيمٌ
لَهُ ظَأْبٌ كَمَا صَخِبَ الغَرِيمُ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الظأْمُ الكلامُ والجَلَبَةُ.
يصوع: يَسُوق وَيجمع، وعنوق جمع عَناق للْأُنْثَى من ولد الْمعز، والزنيم الَّذِي لَهُ زنمتان فِي حلقه.
ظَبْي: الْأُنْثَى من الظِّبَاء ظَبْية، وَالذكر ظَبْيٌ، أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال لكل ذَاتِ خُفّ أَو ظِلْف: الحَيَاءُ، ولِكل ذاتِ حافرٍ: الظبْيَةُ، قَالَ: وللسباع كلهَا: الثَّفْرُ، قَالَ: وَقَالَ الفرَّاء: يُقَال لِلكلبة ظَبْيَةٌ، وشَقْحَةٌ، ولِذوات الْحَافِر ظبْيَةٌ، وَفِي الحَدِيث أَنه أُهْدِيَ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ظبْيَةٌ فِيهَا خَرَزٌ فأَعْطَى الْأَهْل مِنْهَا والعَرَبَ، والظبْيَةُ شِبْهُ الْخَرِيطَةِ والكِيس، وتُصغَّر فَيُقَال: ظُبَيَّةٌ، وَجَمعهَا ظِبَاء، وَقَالَ عَديّ:
بَيْتِ جُلُوفٍ طَيِّبٍ ظِلُّهُ
فِيهِ ظِباءٌ ودَواخِيلُ خُوصْ
وَفِي حَدِيث قَيْلَة: أَنَّهَا لمّا خرجتْ إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَدْرَكَها عَمُّ بناتِها، قَالَت: فأصابتْ ظُبَةُ سَيْفِه طَائِفَة من قُرُون رَأْسِه، قَالَ أَبُو عبيد: ظُبَةُ السَّيف حَدُّهُ وَجَمعهَا ظُبَاتٌ وظُبُون وَهُوَ طرف السَّيْف، وَمثله ذُبَابُه، وَقَالَ الْكُمَيْت:
يرى الراؤون بالشَّفَراتِ مِنْهَا
وَقُودَ أبي حُباحِبَ والظُّبِينَا
وَقَالَ اللَّيْث: الظَّبْيَةُ جَهَاز الْمَرْأَة والنَّاقة، يعنِي حَيَاءها، والظبْيَةُ شِبهُ العِجْلة والمَزَادَة، قَالَ: وَإِذا خَرَجَ، تَخْرُجُ امْرَأَة قُدامَة تُسمى ظَبْيَةَ، وَهِي تُنْذِرُ الْمُسلمين.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال لحدّ السكين الغِرارُ والظُّبَةُ والقُرْنةُ، ولجانبها الآخر الَّذِي لَا يقطع الكَلُّ، وظَبْيٌ اسْم رَمْلَةٍ فِي قَوْله:
أَساريعُ ظَبْيٍ أَو مَساوِيكُ إسْحِلِ
ابْن الْأَنْبَارِي: ظَبيٌ اسْم كثيب بِعَيْنِه، قَالَ: وأَساريعه دوابُّ فِيهِ تشبه العَظَاءَةَ وَأنْشد:
وكَفٍ كعُواذ النَّقا لَا يضيرها
إِذا أُبرِزَتْ ألاَّ يكونَ خِضابُ
وعُواذ النقا دوابُّ تشبه العظاءة واحدتها عائذة تلْزم الرملَ وَلَا تبرحه، وَيُقَال: بفلانٍ دَاء ظَبْيٍ قَالَ أَبُو عَمْرو: مَعْنَاهُ أنهُ لَا دَاءَ بِهِ كَمَا أنَّ الظبيَ لَا دَاءَ بهِ وَأنْشد الأمويّ:
فَلاَ تَجْهَمِينَا أمَّ عَمْروٍ فإنَّما
بِنا دَاءُ ظبْيٍ لَمْ تَخنْه عَوَامِلُه
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأمَوِي: دَاءُ الظَّبْيِ أنهُ إِذا أَرَادَ أَن يَثِبَ مَكَثَ سَاعَة ثمَّ وَثَب، وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمَر الضحّاكَ بنَ قيس أَن يأتيَ قَومَه، فَقَالَ: (إِذا أتيتَهم فارْبِضْ فِي دَارهم ظَبْياً) وتأويله، أَنه بَعثه

(14/286)


إِلَى قوم مُشركين ليتبصَّر مَا هم عَلَيْهِ، وَيرجع إِلَيْهِ بِخبرهم، وَأمره أَن يكون مِنْهُم، بِحَيْثُ يَتَبيَّنُهم وَلَا يستمكنونَ مِنْهُ، فَإِن رَابَه مِنْهُم رَيْبٌ تَفَلَّتَ مِنْهُم، فَيكون مثلَ الظبْي لَا يَرْبِضُ إِلَّا وَهُوَ مُتَوَحِّشٌ بِالْبَلَدِ القَفْر، ومَتَى أَحَسَّ بفزعٍ نَفَر، ونُصِبتْ ظَبياً على التَّفْسِير لِأَن الرُّبوض لَهُ، فَلَمَّا حُوِّلَ فِعْلُه إِلَى الْمُخَاطب خَرَج قولُه ظَبْيًا مُفَسِّراً، قَالَ القُتَيْبي: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَرَادَ أقِمْ فِي دَارهم آمنا لَا تَبْرَح كَأَنَّك ظَبيٌ فِي كناسَة قد أَمِن حيت لَا يرى إنْساً، وَيُقَال: أرضٌ مَظبَأةٌ كَثِيرَة الظِّباء، والظبْيُ سِمَةٌ لبَعض العَربِ وإيَّاها أَرَادَ عنترة فِي قَوْله:
عَمْرَو بنَ أسودَ زَبَّاءَ قارِيةٍ
مَاءُ الكُلابِ عَلَيْهَا الظبْيُ مِعْنَاقُ
وَمن أمثالهم: لأَتْرُكَنَّه تَرَكَ الظبي ظِلَّه، وَذَلِكَ أَن الظبي إِذا تَركَ كِناسَه لم يعُد إِلَيْهِ، يُقَال ذَلِك عِنْد تَأْكِيد رَفْضِ الشَّيْء أيَّ شيءٍ كَانَ.
بظا: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البُظاء اللَّحَماتُ المتراكباتُ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: خظا لَحْمُه وبَظا وكَظا بِغَيْر همز إِذا اكتنز، يَخْظُو ويَبْظو ويَكْظو، شمر يُقَال: بَظا لَحْمه يَبْظو بَظْواً.
وَأنْشد غَيره للأغلب:
خَاظِي البَضيعِ لَحْمُهُ خظا بَظا
قَالَ: جَعلَ بَظا صِلةً لخظا كَقَوْلِهِم: تَبّاً تَلْباً قَالَ: وَهُوَ توكيد لما قبله.
باظ: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: باظَ الرَّجُل يَبِيظُ بَيْظاً، وباظ يَبُوظ بَوْظاً إِذا قرَّرَ أرون أبي عُمير فِي المَهْبل.
وَقَالَ اللَّيْث: البَيْظ ماءُ الرجل.
قلت: أَرَادَ ابْن الْأَعرَابِي بالأُرُون المَنِيَّ، وَأبي عُمَيْرٍ الذَّكَرَ وبالمَهْبِل قَرارَ الرّحِم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: باظ الرجُل إِذا سَمِن جِسْمُه بعد هُزال أَيْضا.
وظب: قَالَ اللَّيْث: وَظبَ فلَان يَظِبُ وُظوباً وَهُوَ الْمُوَاظبَة على الشَّيْء والمداوَمةُ، وَيُقَال للروضة إِذا أُلِحَّ عَلَيْهَا فِي الرَّعْي: قد وُظِبَتْ فَهِيَ مَوْظوبَةٌ، ووادٍ مَوْظوبٌ.
وَقَالَ اللحياني: يُقال فلانٌ مُوَاكِظٌ على كَذَا وَكَذَا وواكِظٌ ومُواظِبٌ ووَاظِبٌ ومُواكِبٌ ووَاكِبٌ بِمَعْنى مُثَابِر.
وَقَالَ سَلامَة بن جَنْدل يصف وَاديا:
شِيبِ المبارِكِ مَدْرُوسٍ مَدافِعُه
هَابِي المراغِ قليلِ الوَدْق مَوْظُوبِ
أَرَادَ شِيبٍ مَبارِكه ولِذَلك جَمَع، وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْله مَوظُوبٌ: قد وُظِبَ عَلَيْهِ حَتَّى أُكِلَ مَا فِيهِ، وَقَوله: هَابِي المَراغِ أَي مُنْتَفِخِ التُّرابِ لَا يَتَمَرَّغُ بِهِ بعيرٌ، قد تُرِكَ لِخَوْفِه، وَقَوله: مَدروسٍ مدافعه أَي قَدْ

(14/287)


دُقَّ وَوُطِىءَ، وأُكِل نَبْتُه، ومَدَافِعُه أوْدِيَتُه، شِيبُ المبَارِك قد ابْيَضَّتْ من الجُدُوبَة، وَيُقَال: فلانٌ يَظِبُ على الشيءِ ويواظِبُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: مَوْظَبٌ بِفَتْح الظَّاء اسمُ موضِع، وَقَالَ خِدَاش:
كَذَبْتُ عَليكُمْ أوْعِدُوني وَعلِّلُوا
بِيَ الأرضَ والأقوامَ قِرْدَانَ مَوْظَبَا
أَرَادَ يَا قِرْدَانَ مَوْظَبا، وَهَذَا نَادِر وَقِيَاسه مَوْظِبٌ.
انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الظَّاء وَالْمِيم)
(ظ م (وايء))
ظمأ، (ظام) ، وظم.
(ظمأ ظام) : أما الظام فقد مر تَفْسِيره مَعَ تَفْسِير الظاب لتعاقبهما، قَالَ: وَأما ظَمِىءَ فَإِنَّهُ يُقَال: ظَمِىءَ فلانٌ يَظْمَأُ ظَمَأً إِذا اشتدَّ عطشُه.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ} (التَّوْبَة: 120) ، وَرجل ظمآنُ وَامْرَأَة ظَمأَى لَا يَنْصرِفان نكرَة وَلَا مَعْرِفةً، والظِّمْءُ مَا بَين الشَرْبَتَين فِي وِرْدِ الإبلِ وَجمعه، أظماءٌ، وأَقْصَرُ الأظمَاءِ الغِبُّ، وَذَلِكَ أَن تَرِدَ الإبِلُ الماءَ يَوْماً وتَصْدُرَ، فَتكون فِي المَرْعَى يَوْماً وتَرِدُ اليومَ الثَّالِث، وَمَا بَين شَرْبَتَيها ظِمْءٌ، وَهَذَا فِي صميم الحَرِّ، فَإِذا طَلَعَ سُهيْلٌ زِيدَ فِي الظِّمْءِ فَتَرِدُ الماءَ وتَصدُرُ، فتمكثُ فِي المرعَى يَوْمين ثمَّ تَرِدُ الْيَوْم الرَّابِع، فَيُقَال: وَرَدتْ رِبْعاً، ثمَّ الخِمْس والسِّدْس إِلَى العِشْر، وَمَا بَين شربتيها ظِمْءٌ طالَ أَو قَصُر، وَيُقَال للْفرس إِذا كَانَ مُعَرَّق الشَّوَى: إِنَّه لأظْمَى الشَّوَى، وإنَّ فُصوصَه لَظِماءٌ، إِذا لم يكنْ فِيهَا رَهَلٌ، وَكَانَت مُتَوَتِّرةً ويُحْمَد ذَلِك فِيهَا، والأصلُ فِيهَا الهَمْزُ، وَمِنْه قَول الراجز يصف فرسا، أنْشدهُ ابْن السّكيت:
يُنجِيهِ مِن مِثْل حَمَام الأَغْلاَلْ
وَقْعُ يدٍ عَجْلَى ورِجْلِ شِمْلاَلْ
ظمأى النَّسَا منْ تَحْتِ رَيَّا من عَالْ. فَجعل قوائمه ظِماءً وسَرَاتَه رَيّا أَي مُمْتَلِئة من اللَّحْم.
وَيُقَال للْفرس إِذا ضُمِّر: قد أُظْمِىء إظْمَاءً وظُمِّىء تَظْمِئَةً.
وَقَالَ أَبُو النَّجْم يصف فرسا ضُمِّرَ:
نَطْوِيهِ والطَّيُّ الرَّقِيقُ يَجْدُلُه
نُظَمِّىءُ الشَّحمَ ولَسْنا نَهْزِلُه
أَي نَعْتَصِرُ مَاءَ بَدَنهِ بالتَّعْرِيقِ حَتَّى يَذْهَبَ رَهَلُه وَيَكْتَنِزَ لَحمُه، ويُقال: مَا بَقِيَ من عمره إِلَّا قَدْرُ ظِمْءِ حِمارٍ، وَذَلِكَ أنهُ أقلُّ الدَّوابِّ صَبْراً على العَطش، يَرِدُ المَاء فِي القيظ كلَّ يَوْم مرَّتَيْنِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ريحٌ ظَمْأَى إِذا كَانَت

(14/288)


حارَّةً لَيْسَ فِيهَا نَدًى، وَقَالَ ذُو الرمة يصف السَّرابَ:
يَجْرِي وَيَرْقُد أَحْياناً وتَطْرُدُه
نَكْبَاءُ ظمْأَى من القَيْظِيَّةِ الهُوجِ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ظَمَاءَةُ الرَّجُل على فَعَاله سُوء خُلُقِه، ولُؤمُ ضَرِيبته، وقِلَّةُ إنْصافه لمخالِطِه، وَالْأَصْل فِي ذَلِك أَن الشَّرِّيبَ إِذا سَاءَ خُلُقه، لم يُنْصِفْ شركاءه، فأَمَّا الظَّمأ مَصْدرُ ظَمِىءَ يظْمأ فَهُوَ مَهْمُوز مَقْصُور.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ} (التَّوْبَة: 120) ، وَمن الْعَرَب من يَمدُّ فَيَقُول: الظَّمَاءُ، وَمن أمثالهم: الظَّمَاءُ الفادِحُ خيرٌ من الرِّيِّ الفَاضِحْ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: من الرماح الأظْمَى غيرُ مهموزٍ وَهُوَ الأسمر، وقَناةٌ ظَمْياءُ بَيِّنَةُ الظَّمَى مَنْقُوص، وشَفَةٌ ظَمْياءُ لَيست بوارمة كَثِيرَة الدَّم ويُحْمَدُ ظَمَاها.
وَقَالَ اللَّيْث: الظَّمَى قِلَّةُ دَمِ اللِّثَة ويَعْترِيه الحُسْنُ، ورَجُلٌ أظمَى وامرأةٌ ظَمْياءُ.
قَالَ: وعينٌ ظَمْياء رَقيقةُ الجفْنِ وساقٌ ظَمْياءُ مُعْتَرِقَةُ اللّحم، ووجهٌ ظمآنُ قليلُ اللَّحْم، قَالَ: والظَّمَى بِلَا همز، ذُبول الشّفة من العَطَش قلت: هُوَ قِلَّةُ لَحمه ودَمه، وَلَيْسَ من ذبول العَطش، ولكنهُ خِلْقةٌ محمودة.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ناقةٌ ظَمْياءُ وإبل ظُمْيٌ إِذا كَانَ فِي لَوْنهَا سَوَادٌ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الأَظْمَى الأسْودُ، وَالْمَرْأَة الظمْياءُ السَّوْدَاء الشفتين.
وظم: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الوَظْمَةُ التُّهْمةُ، والوَمْظةُ الرُّمانَةُ الْبَريَّة.
انْتهى وَالله أعلم.

(14/289)


بَاب لفيف الظَّاء
(ظيي) : روى سَلمَة عَن الْفضل بن الْعَبَّاس بن حَمْزَة الْخُزَاعِيّ عَن اللَّيْث أَن الْخَلِيل قَالَ: الظاءُ حرف عَربيٌ خُصَّ بِهِ لسانُ الْعَرَب، لَا يَشْركُهم فِيهِ أحدٌ من سَائِر الْأُمَم.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَظوَى الرجل إِذا حَمُق، قَالَ: والظَّيَّاءُ الرجلُ الأحمقُ، أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: من أَشجَار الْجبَال العَرْعَرُ والظَّيَّانُ والنَّبْعُ والنَّشَمُ، قَالَ: والظَّيَّان يَاسَمِينُ البَرِّ، وَقَالَ اللَّيْث: والظَّيَّان شيءٌ من العَسل، وَيَجِيء فِي بعض الشّعْر الظِّيُّ، والظِّيُّ بِلَا نون، قَالَ: وَلَا يُشْتقُّ مِنْهُ فِعْلٌ فَتُعْرَفَ يَاؤُه، وَبَعْضهمْ يُصَغِّره ظُيَيَّانا وَبَعْضهمْ ظُوَيَّانا، قلت: لَيْسَ الظَّيَّانُ من الْعَسَل فِي شَيْء إِنَّمَا الظَّيَّان مَا فَسَّرهُ الْأَصْمَعِي، وَقَالَ مَالك بنُ خَالِد الخزاعِي:
يَا مَيُّ إِن سِباعَ الأَرْض هالِكةٌ
الغُفْرُ والأُدْمُ والآرامُ والنَّاسُ
والجَيْشُ مَنْ يُعْجِزَ الأيامَ ذُو
حِيَدٍ بِمُشْمَخِرٍ بِهِ الظَّيَّان والآس
أَرَادَ بِذِي حِيَدٍ وَعِلاً فِي قَرْنِه حِيدٌ، وَهِي أنَابِيبُهُ، والمُشْمَخِرُّ الْجَبَل الطَّوِيل، والآسُ هَهُنَا شَجَرٌ، والآس العَسَلُ أَيْضا.
(ظأظأ) : عَمْرو عَن أَبِيه: والظَّأْظاءُ صَوْتُ التَّيسِ إِذا نَبَّ.
انْتهى آخر كتاب الظَّاء من (تَهْذِيب اللُّغَة) .

(14/290)