غريب الحديث لابن قتيبة وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد فِي الزَّكَاة
وَالصَّدقَات وَمَا يعرض من الْأَلْفَاظ فِي أَبْوَابهَا
الزَّكَاة
من الزكاء وَهُوَ النَّمَاء وَالزِّيَادَة سميت بذلك لِأَنَّهَا تثمر
المَال وتنميه يُقَال زكا الزَّرْع إِذا كثر ريعه وزكت النَّفَقَة إِذا
بورك فِيهَا وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز: {أقتلت نفسا زكية} بِالْألف
أَي نامية.
وَمِنْه تَزْكِيَة القَاضِي للشُّهُود لِأَنَّهُ يرفعهم بالتعديل
وَالذكر الْجَمِيل ثمَّ يُقَال فِيهِ فلَان زكي وَفُلَان أزكى من فلَان
وأطهر ثمَّ قيل لزكاة الْفطر فطْرَة والفطرة الْخلقَة وَمِنْه قَول
الله جلّ وَعز: {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} أَي جبلته
الَّتِي جبل النَّاس عَلَيْهَا يُرَاد أَنَّهَا صَدَقَة عَن الْبدن
وَالنَّفس كَمَا كَانَت الزَّكَاة الأولى صَدَقَة عَن المَال.
(1/184)
والقطنية
الَّتِي أَخذ مِنْهَا عمر الزَّكَاة هِيَ الْحُبُوب وَقد اخْتلف
النَّاس فِي هَذَا فَكَانَ قوم من الْفُقَهَاء يرَوْنَ أَلا زَكَاة على
الْأَصْنَاف الْأَرْبَعَة الْحِنْطَة وَالشعِير وَالتَّمْر وَالزَّبِيب
مِنْهُم عبد الله بن الْمُبَارك وَرَأى بَعضهم أَن السلت من ذَلِك
وَإِنَّمَا ألْحقُوا السلت بِهَذِهِ الْأَصْنَاف لِأَنَّهُ ضرب من
الشّعير صغَار الْحبّ لَيْسَ لَهُ قشر.
وَسُئِلَ سعد بن أبي وَقاص عَن السلت بالبيضاء فكرهه والبيضاء
الْحِنْطَة وَهِي السمراء أَيْضا وَإِنَّمَا كره بيع السلت
بِالْحِنْطَةِ لِأَنَّهُمَا عِنْده جنس وَاحِد وَكَذَلِكَ الذّرة
يلْحقهَا قوم بِهَذِهِ الْأَصْنَاف لِأَنَّهَا قوت للسودان كالحنطة
لغَيرهم.
وَرَأى قوم على القطنية وَهِي الْحُبُوب مثل العدس والحمص والأرز
والجلبان وَهُوَ الخلر والفول وَهُوَ الباقلاء وَهُوَ
(1/185)
الجرجر أَيْضا وَأَحْسبهُ معربا والترمس
وَهُوَ الجرجر الرُّومِي والدخن وَهن الجاورس واللوبياء والذرة
وَأَشْبَاه ذَلِك مِمَّا يبْقى فِي أَيدي النَّاس لِلزَّكَاةِ
لِأَنَّهَا حب.
وَأخْبرنَا إِسْحَق بن رَاهَوَيْه أَن الَّذِي يعْتَمد عَلَيْهِ
إِيجَاب الزَّكَاة على الْحُبُوب لقَوْل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم فِي حَدِيث رَوَاهُ: لَيْسَ فِي أقل من خَمْسَة أوساق من تمر
وَلَا حب صَدَقَة وَقَالَ الشَّافِعِي لَا زَكَاة فِي الْفَاكِهَة
كلهَا رطبها ويابسها وَلَا فِي الْبُقُول وَلَا فِي قصب السكر وَلَا
فِي الْجَوْز واللوز
(1/186)
والجلوز وَحب الْكَتَّان وَلَا الزَّيْتُون
وَلَا الجلجلان وَلَا حب الفجل وَلَا زيوتها وَلَا فِي أثمانها حَتَّى
يحول عَلَيْهَا الْحول. والجلجلان السمسم وحَدثني عبد الرحمن بن عبد
الله عَن عَمه الْأَصْمَعِي قَالَ سَمِعت نَافِعًا ينشد [من مجزوء
الرمل] ... ضحك النَّاس وَقَالُوا ... شعر وضاح الْيَمَانِيّ
إِنَّمَا شعري قند ... قد خلط بجلجلان ...
أَي بسمسم وَإِنَّمَا سكن خلط لِاجْتِمَاع الحركات كَمَا قَالَ امْرُؤ
الْقَيْس [من السَّرِيع] ... فاليوم أشْرب غير مستحقب ... إِثْمًا من
الله وَلَا واغل ...
قَالَ أَبُو زيد يُقَال أصبت جلجلان قلبه أَي حَبَّة قلبه وَقوم يذهبون
إِلَى أَن على جَمِيع مَا أخرجت الأَرْض من رطب ويابس الزَّكَاة
وَالْوَرق وَالْفِضَّة وَإِذا ضربت دَرَاهِم فَهِيَ ورق ويدلك على أَن
الْفضة ورق إِن عرْفجَة بن أسعد أُصِيب أَنفه يَوْم
(1/187)
الْكلاب فَاتخذ أنفًا من ورق فانتن
عَلَيْهِ فَأمره النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يتَّخذ أنفًا من
ذهب والرقة أَيْضا الْفضة وَالْعرب تَقول: إِن الرقين يُغطي أفن الأفين
والرقين جمع رقة مثل عزين وعضين يُرَاد أَن المَال يُغطي على
الْعُيُوب.
والكسعة الَّتِي لَا صَدَقَة فِيهَا هِيَ العوامل من الْإِبِل
وَالْبَقر وَالْحمير وَقيل لَهَا كسعة لِأَنَّهَا تكسع أَي تضرب
مآخيرها إِذا سيقت وَفِي الحَدِيث: إِن رجلا من الْمُهَاجِرين كسع رجلا
من الْأَنْصَار فَقَالَ الْأنْصَارِيّ يَا للْأَنْصَار وَقَالَ
الْمُهَاجِرِي يَا للمهاجرين فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم: مَا بَال دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة.
والكسع أَيْضا: أَن يضْرب الضَّرع بِالْيَدِ بعد أَن ينضح بِمَاء
بَارِد ليصعد اللَّبن قَالَ أَبُو جَعْفَر وَلَيْسَ من الْكتاب
أَنْشدني
(1/188)
أبي رَحمَه الله قَول الْحَارِث بن حلزة
[من السَّرِيع] ... لَا تكسع الشول بأغبارها ... إِنَّك لَا تَدْرِي من
الناتج
واصبب لأضيافك من رسلها ... فَإِن شَرّ اللَّبن الوالج ...
الكسع أَن يضْرب لضرع بِالْيَدِ بعد أَن ينضح بِمَاء بَارِد ليصعد
اللَّبن فِي الظّهْر فَيكون طرقا لَهَا فِي الْعلم الْمقبل وأغبارها
جمع الغبر وَهُوَ بَقِيَّة اللَّبن فِي الضَّرع يَقُول لَا تفعل ذَلِك
فَإنَّك لَا تَدْرِي لَعَلَّه يغار عَلَيْك فَيذْهب بهَا فَيكون
النِّتَاج لغيرك وَشر اللَّبن الوالج يَقُول شَره مَا حقن فِي الضَّرع.
وَفِي الحَدِيث أَيْضا: لَا صَدَقَة فِي الْإِبِل الجارة وَلَا القتوبة
والجارة الَّتِي تجر بأزمها وتقاد وَهِي فاعلة فِي معنى مفعولة كَمَا
يُقَال سر كاتم وليلأ نَائِم وَأَرْض غامرة إِذا غمرها المَاء وَكتب
عمر بن عبد العزيز: إِنَّه لَيْسَ فِي الْإِبِل العوامل وَلَا إبل
القطار صَدَقَة.
(1/189)
والقتوبة
الَّتِي تُوضَع الأقتاب على ظُهُورهَا فعولة فِي معنى مفعولة كَمَا
يُقَال: ركوبة الْقَوْم وحلبتهم لما يركبون ويحلبون وَأَرَادَ بِهِ
لَيْسَ فِي الْإِبِل العوامل صَدَقَة إِنَّمَا الصَّدَقَة على السوائم
وَهِي الَّتِي تسوم أَي ترعى وَتذهب فِي المراعي.
والركاز
الْمَعَادِن قَول أهل الْعرَاق وَقَالَ أهل الْحجاز هِيَ كنوز أهل
الْجَاهِلِيَّة واللغة تدل على أَن القَوْل قَول أهل الْعرَاق لِأَن
الرِّكَاز مَا ركز فِي الأَرْض وَأثبت أَصله والمعدن شَيْء مركوز
الأَصْل لَا تَنْقَطِع مادته والكنز مَتى استخرج ذهب لِأَنَّهُ لَا أصل
لَهُ وَلَا مَادَّة.
وَمن جعل الْكَنْز ركازا لِأَنَّهُ ركز فِي الأَرْض أَي جعل فِيهَا
كَمَا يركز الرمْح فِي الأَرْض وَغَيره فقد ذهب مذهبا تحتمله
(1/190)
اللُّغَة على ضعف فِيهِ وَفرق مَا بَين
الْفَقِير والمسكين إِن الْمِسْكِين هُوَ الَّذِي لَا شَيْء لَهُ
وَالْفَقِير هُوَ الَّذِي لَهُ الْبلْغَة من الْعَيْش قَالَ الرَّاعِي
[من الْبَسِيط] ... أما الْفَقِير الَّذِي كَانَت حلوبته ... وفْق
الْعِيَال فَلم يتْرك لَهُ سبد ...
فَجعل للْفَقِير حلوبة وَجعلهَا وفقا لِعِيَالِهِ أَي قدر قوتهم
وَلذَلِك فصل الله تَعَالَى بَين الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين فِي آيَة
الصَّدقَات وَلم يجمعهما باسم وَاحِد وَجعل لكل صنف مِنْهُمَا سَهْما
فَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين}
وَقَالَ يُونُس قلت لأعرابي أفقير أَنْت أم مِسْكين فَقَالَ لَا بل
مِسْكين.
وَفِي الحَدِيث: لَيْسَ الْمِسْكِين الَّذِي ترده التمرة
وَالتَّمْرَتَانِ
(1/191)
أواللقمة وَاللُّقْمَتَانِ إِنَّمَا
الْمِسْكِين الْمُتَعَفِّف اقرؤ أَن شِئْتُم: {لَا يسْأَلُون النَّاس
إلحافا} أَرَادَ بالمسكين هَا هُنَا السَّائِل الطّواف لِأَنَّهُ
بمسئلته تَأتيه الْكِفَايَة وتأتيه الزِّيَادَة عَلَيْهَا فيزول عَنهُ
اسْم المسكنة والغارمون الَّذين عَلَيْهِم الدّين وَلَا يَجدونَ
الْقَضَاء لِأَن الْغرم فِي اللُّغَة الخسران وَمِنْه قيل فِي الرَّهْن
لَهُ غنمه وَعَلِيهِ غرمه أَي ربحه لَهُ وخسرانه أَو هَلَاكه عَلَيْهِ
فَكَأَن الْغَارِم خسر مَاله وَلَا يُقَال لمن وجد الْقَضَاء غَارِم
وَإِن كَانَ مُثقلًا بِالدّينِ.
(1/192)
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد
فِي الْبيُوع وَمَا يعرض من الْأَلْفَاظ فِي أَبْوَابهَا
بيع الْمُزَابَنَة الْمنْهِي عَنهُ
هُوَ بيع للثمر فِي رُؤُوس النّخل بِالتَّمْرِ كَيْلا وَبيع الْعِنَب
على الْكَرم بالزبيب كَيْلا وَأخْبرنَا شيخ من أَصْحَاب اللُّغَة أَنه
سمي مزابنة لِأَن الْمُتَبَايعين إِذا وَقفا فِيهِ على الْغبن أَرَادَ
المغبون أَن يفْسخ البيع وَأَرَادَ الغابن أَن يمضيه فتزابنا أَي
تدافعا واختصما.
والزبن الدّفع يُقَال زبنته النَّاقة إِذا دَفعته برجلها فَسُمي هَذَا
الضَّرْب من البيع مزابنة لِأَن الْمُزَابَنَة وَهُوَ التدافع والقتال
يَقع فِيهِ كثيرا وَمِمَّا يشْهد لهَذَا ان مَالِكًا كَانَ يَجْعَل كل
بيع وَقع فِيهِ غرر ومخاطرة مزابنة.
حَدثنِي مُحَمَّد عَن العصبي عَن مَالك أَنه قَالَ الْمُزَابَنَة كل
شَيْء من الجراف الَّذِي لَا يعلم كَيْله وَلَا وَزنه وَلَا عدده أبيع
بِشَيْء
(1/193)
مُسَمّى من الْكَيْل وَالْوَزْن وَالْعدَد
وشبيه بِهَذَا قَوْلهم لما يدْفع بَين السَّلامَة وَالْعَيْب فِي
السّلْعَة أرش لِأَن الْمُبْتَاع للثوب على أَنه صَحِيح إِذا وقف فِيهِ
على خرق أَو عيب وَقع بذلك بَينه وَبَين البَائِع أرش أَي خُصُومَة
وَاخْتِلَاف من قَوْلك أرشت بَين الرجلَيْن إِذا أغريت أَحدهمَا
بِالْآخرِ وأوقعت بَينهمَا الشَّرّ فَسُمي مَا نقص الْعَيْب الثَّوْب
أرشا إِذا كَانَ سَببا للأرش.
والمحاقلة
الَّتِي نهي عَنْهَا فِيهَا أقاويل ثَلَاثَة يُقَال هِيَ بيع الزَّرْع
بِالْحِنْطَةِ وَيُقَال هِيَ اكتراء الأَرْض بِالْحِنْطَةِ وَيُقَال
هِيَ الْمُزَارعَة بِالثُّلثِ وَالرّبع وَأَقل من ذَلِك وَأكْثر
وَهَذَا الْوَجْه أشبه بهَا على طَرِيق اللُّغَة لِأَن المحاقلة مأخودة
من الحقل والحقل القراح والمفاعلة تكون من اثْنَيْنِ فِي أَمر وَاحِد
كالمزارعة هِيَ من اثْنَيْنِ مَأْخُوذَة من الزَّرْع والمشاتمة
وَالْمُضَاربَة وَيُقَال للأقرحة المحاقل كَمَا يُقَال لَهَا
الْمزَارِع وَفِي الحَدِيث أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ: مَا تَصْنَعُونَ بمحاقلكم
(1/194)
قَالُوا نواجرها على الرّبيع وعَلى الأوسق
من التَّمْر وَالشعِير قَالَ فَلَا تَفعلُوا فَكَمَا قيل للمزارع محاقل
وَكَذَلِكَ المحاقلة الْمُزَارعَة يُقَال للرجل أحقل أَي إزرع.
والمخاضرة
الَّتِي نهي عَنْهَا بيع الثِّمَار وَهِي خضر لم يبد صَلَاحهَا
يُسَمِّي ذَلِك مخاضرة لِأَن الْمُتَبَايعين تبَايعا شَيْئا أَخْضَر
فَهِيَ من اثْنَيْنِ مَأْخُوذَة من الخضرة.
والمعاومة
بيع النّخل أَو الشّجر سنتَيْن أَو ثَلَاثًا فَمَا فَوق ذَلِك.
قَالَ جَابر بن عبد الله نهيت ابْن الزبير عَن بيع النّخل معاومة
وَقَالَ الْأَصْمَعِي يُقَال للنخلة إِذا حملت سنة وَلم تحمل سنة قد
عاومت وسانهت وَيُقَال عاملت فلَانا معاومة ومسانهة ومساناة ومياومة
وملايلة ومساوعة ومحاينة ومشاتاة ومصايفة ومرابعة ومخارفة ومداهرة
ومزامنة.
(1/195)
وَالْمُخَابَرَة
هِيَ الَّتِي نهي عَنْهَا أَيْضا الْمُزَارعَة عل الثُّلُث وَالرّبع
وَأَقل من ذَلِك وَأكْثر يُقَال خابرت بِالْأَرْضِ وَكَانَ ابْن
الْأَعرَابِي يَقُول أصل المخابرة من خَيْبَر لِأَن رَسُول الله صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ أقرها فِي أَيدي أَهلهَا على النّصْف فَقيل
خابروهم أَي عاملوهم فِي خَيْبَر قَالَ ثمَّ تنازعوا فنهي عَن ذَلِك
ثمَّ جَازَت بعد.
وَقيل للأكار من هَذَا خَبِير قَالَ والخبرة أَيْضا النَّصِيب وَأنْشد
لعروة بن الْورْد [من الطَّوِيل] ... إِذا مَا جعلت الشَّاة للْقَوْم
خبْرَة ... فشأنك إِنِّي ذَاهِب لشؤوني ...
قَالَ والخبرة أَن يَشْتَرِي الشَّاة جمَاعَة فيقسمونها.
والثنياء
الَّتِي نهي عَنْهَا هِيَ أَن يَبِيع الرجل شَيْئا جزَافا فَلَا يجوز
لَهُ أَن يَسْتَثْنِي مِنْهُ شَيْئا قل أَو كثر لِأَنَّهُ لَا يدْرِي
لَعَلَّ مَا اسْتَثْنَاهُ يَأْتِي على
(1/196)
جَمِيعه إِن كَانَ مِمَّن لَا يُؤمن هَذَا
فِيهِ وَلَا يدْرِي كم يبْقى مِنْهُ هَذَا قَول الشَّافِعِي فِي
الِاسْتِثْنَاء وَقَالَ مَالك من بَاعَ ثمارا وَاسْتثنى مِنْهَا مكيله
فَلَا بَأْس بذلك إِذا كَانَت للكيلة ثلث الشَّيْء فَمَا دون وَتَكون
الثنيا فِي الْمُزَارعَة أَن يَسْتَثْنِي بعد النّصْف أَو الثُّلُث
كَيْلا مَعْلُوما.
وَبيع العربان
الَّذِي نهي عَنهُ هُوَ أَن يَشْتَرِي الرجل السّلْعَة فَيدْفَع شَيْئا
درهما أَو دِينَارا على إِنَّه إِن أَخذ السّلْعَة كَانَ ذَلِك
الشَّيْء الَّذِي دَفعه من الثّمن وَإِن لم يدْفع الثّمن كَانَ ذَلِك
الشَّيْء لصَاحِبهَا لَا يرتجعه مِنْهُ. وَيُقَال عربان وعربون وأربان
وأربون والعوام تَقول ربون.
وَبيع المواصفة
هُوَ أَن يَبِيع الرجل سلْعَة لَيست عِنْده ثمَّ يبتاعها بعد فيدفعها
إِلَى المُشْتَرِي وَإِنَّمَا قيل لَهَا مواصفة لِأَنَّهُ بَاعَ
بِالصّفةِ من غير نظر وَلَا حِيَازَة ملك.
(1/197)
وَكَانَ عبد الله بن عمر يَقُول للْبَائِع:
لَا تبع بِمَا لَيْسَ عنْدك وَيَقُول للْمُشْتَرِي: لَا تبع مِنْهُ مَا
لَيْسَ عِنْده.
وَمن الْبيُوع الْمنْهِي عَنْهَا
بيع مالم يقبض وَيكون ذَلِك فِي وُجُوه مِنْهَا أَن يسلف الرجل فِي
طَعَام ثمَّ يَبِيعهُ من غير المستسلف عِنْد مَحل الْأَجَل قبل أَن
يقبضهُ فَإِن بَاعه بِأَكْثَرَ من الثّمن فَهُوَ ربح مَا لم يضمن فَإِن
بَاعه من المستسلف عِنْد مَحل الْأَجَل من غير أَن يقبضهُ فَذَلِك
الدّين بِالدّينِ والكالئ بالكالئ.
وَمن ذَلِك البيع بالسلف وَهُوَ أَن يَقُول الرجل أبيعك هَذِه
السّلْعَة بِكَذَا وَكَذَا على أَن تسلفني كَذَا وَكَذَا درهما وَكره
هَذَا لِأَنَّهُ لَا يُؤمن أَن يكون بَاعه السّلْعَة بِأَقَلّ من
ثمنهَا من أجل الْقَرْض وَمن ذَلِك شَرْطَانِ فِي بيع السّلْعَة وَهُوَ
أَن يَشْتَرِي الرجل السّلْعَة إِلَى شهر بدينارين وَإِلَى ثَلَاثَة
دَنَانِير وَهُوَ بِمَعْنى بيعين فِي بيع وَمن ذَلِك تلقي الركْبَان
وَذَلِكَ أَن أهل الْمصر كَانُوا إِذا بَلغهُمْ وُرُود الْأَعْرَاب
بالسلع تلقوهم قبل أَن يدخلُوا الْمصر فاشتروا مِنْهُم وَلَا
(1/198)
علم للأعراب بِسعْر الْمصر فيغبونهم ثمَّ أدخلوه الْمصر فباعوه وأغلوه.
وَمِنْه بيع الْحَاضِر للبادي
وَكَانَ الْأَعْرَاب إِذا قدمُوا بالسلع لم يقيموا على بيعهَا فتسهلوا
فِيهِ وَكَانَ نَاس من أهل الْمصر يَتَوَكَّلُونَ لَهُم بِبَيْعِهَا
وينطلق الْأَعْرَاب إِلَى باديتهم فنهوا عَن ذَلِك ليصيب النَّاس
مِنْهُم. |