غريب الحديث لابن قتيبة حَدِيث وهيب بن الوزد
وَقَالَ فِي حَدِيث وهيب انه قَالَ: إِذا وَقع العَبْد فِي الهانية
الرب ومهيمنية الصيديقين ورهبانية الْأَبْرَار لم يجد أحدا يَأْخُذ
بِقَلْبِه وَلَا تلْحقهُ عينه.
الهانية الرب مَأْخُوذَة من إِلَه وتقديرها: فعلانية كَأَنَّهُ يُقَال:
إلة بَين الْآلهَة والألهانية. وَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ: / يذرك
وآلهتك / أَي: وربوبيتك. وَيُقَال: إِن الْهَاء مَأْخُوذ من أَله يأله
إِذا تحير كَأَن الْقُلُوب تأله عِنْد التفكر فِي عَظمَة الله وَقَالَ
الأخطل: من الطَّوِيل
وَنحن قسمنا الأَرْض نِصْفَيْنِ: نصفهَا ... لنا ونرامي أَن تكون لنا
مَعًا
بتسعين ألفا تأله الْعين وَسطهَا ... مَتى تَرَهَا عين الطرامة تدمعا
...
أَي: تتحير فتدمع. يَقُول: إِذا وَقع العَبْد فِي عَظمَة الله
(3/728)
وجلاله وَغير ذَلِك من صِفَات الربوبية
والمهيمنية: الامانة. وَقَالَ الله جلّ وَعز: {ومهيمنا عَلَيْهِ} أَي:
أَمينا عَلَيْهِ. وَيُقَال: شَاهدا عَلَيْهِ وهما متقاربان.
يَقُول: إِذا وَقع العَبْد فِي هَذِه الدرجَة لم يُعجبهُ أحد وَلم يحب
إِلَّا عز جلّ وَعز.
(3/729)
حَدِيث مَالك ابْن انس
وَقَالَ فِي حَدِيث مَالك انه قَالَ: السّنة فِي الْمُسَاقَاة الَّتِي
تجوز لصَاحب الأَرْض أَن يشترطها على المساقى شدّ الحظار وخم الْعين
وسرو الشّرْب وإبار النّخل وَقطع الجريد وجد التَّمْر. وَلَا يشْتَرط
عَلَيْهِ عملا جَدِيدا يحدثه من بِئْر يحفرها أَو عين يرفعها أَو غرس
يغرسها يأتى بِهِ من عِنْده أَو ضفيرة يبنيها تعظم نَفَقَته فِيهَا.
حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّد عَن العنبي عَن مَالك.
الحظار: حَائِط الْبُسْتَان. وَمِنْه قَول النبى عَلَيْهِ السَّلَام:
لقد احتظر من النَّار بحظار.
وخم الْعين كنسها يُقَال: خممت الْبَيْت والبئر إِذا كنسته وَمِنْه
قيل: مُؤمن مخموم الْقلب كَأَن قلبه خم ونقي. وسرو الشّرْب يُرِيد:
تنقية أَنهَار الشّرْب. وَهُوَ جمع سري وَالسري: النَّهر وَمِنْه قَول
الله جلّ وَعز: {قد جعل رَبك تَحْتك سريا}
(3/730)
جمعه على: فعل ثمَّ أسكن مَوضِع الْعين
استثقالا للضمة قبل الْوَاو كَمَا يُقَال: قضب وقضب وكثب وكثب.
وَبَعْضهمْ يرويهِ: سرو بِالْفَتْح وَرفع الْحَرْف وَهَكَذَا رَأَيْت
الْحِجَازِيِّينَ يَقُولُونَ.
وَسَأَلت الْحِجَازِيِّينَ عَنهُ فَقَالُوا: هُوَ تنقية الشربات
وَأَحْسبهُ من قَوْلك: سروت الشىء إِذا نَزَعته.
وجد التَّمْر صرامه وكل شىء قطعته فقد جددته وَمِنْه قيل للثوب جَدِيد
يُرَاد: أَنه حِين جده الحائك أَي: قطعه من المنسج فعيل بِمَعْنى مفعول
وَقَالَ الشَّاعِر: من الوافر ... أَبى حبي سليمى أَن يبيدا ... وَأمسى
حبلها خلقا جَدِيدا ... أَي: مجدودا مَقْطُوعًا.
والضفيرة هَاهُنَا المسناة وَسَأَلت الْحِجَازِيِّينَ عَن الضفيرة
فَأَخْبرُونِي: أَنَّهَا جِدَار يبْنى فِي وَجه السَّيْل من حِجَارَة
لِئَلَّا يدْخل مَاء السَّيْل الْعين فيفسدها.
(3/731)
حَدِيث مُعْتَمر بن سلميان
وَقَالَ فِي حَدِيث مُعْتَمر أَن مَالِكًا سُئِلَ عَن عجين يعجن بدردي
فَقَالَ: إِن يسكر فَلَا قَالَ الْأَصْمَعِي: فَحدثت بِهِ مُعْتَمِرًا
فَقَالَ أَو كَانَ. كَمَا قَالَ: من الوافر ... رأى فِي كف صَحبه خلاة
... فتعجبه ويفزعه الْجَرِير ... روى ذَلِك الرياشي عَن الْأَصْمَعِي.
تَأْوِيل الحَدِيث عِنْدِي أَن مُعْتَمِرًا أَعْجَبته فَتْوَى مَالك
مثلا وأفزعه أَن يقدم على التَّحْرِيم لاخْتِلَاف النَّاس فِي الْمُسكر
فَضرب الْبَيْت الَّذِي ذكره مِثَال وَمَعْنَاهُ: ان الْبَعِير إِذا ند
أَخذ لَهُ صَاحبه الخلا وَهُوَ رطب الْحَشِيش بيد والجرير وَهُوَ
الْحَبل بيد فَإِذا نظر الْبَعِير إِلَى الخلا أعجبه وَإِذا نظر إِلَى
الْحَبل أفزعه. فَكَذَلِك كَانَ مُعْتَمر يُعجبهُ فَتْوَى مَالك
بِالتَّحْرِيمِ ويفزعه إِذا هُوَ ذكر من يذهب إِلَى التَّحْلِيل أَن
يقدم على التَّحْرِيم.
(3/732)
أَحَادِيث سَمِعت أَصْحَاب اللُّغَة
يذكرونها وَلَا أعرف أَصْحَابهَا
(3/733)
جَاءَ فِي الحَدِيث: إِذا أكلْتُم فرازموا.
والمرازمة فِي الْأكل هِيَ المعاقبة. وَذَلِكَ أَن ترعى الْإِبِل الحمض
مرّة والخلة مرّة. وَقَالَ الرَّاعِي لناقته: من الطَّوِيل ... كلي
الحمض عَام المقحمين ورازمي ... إِلَى قَابل ثمَّ اعذري بعد قَابل ...
وَأَرَادَ: لَا تدمنوا أكل طَعَام وَاحِد. وَلَكِن عاقبوا فَكُلُوا
يَوْمًا لَحْمًا وَيَوْما عسلا وَيَوْما لَبَنًا وَأَشْبَاه ذَلِك.
وَهُوَ معنى مَا روى عَن عمر قَالَ الاحنف: كنت أحضر طَعَام عمر فيوما
لَحْمًا غريضا وَيَوْما بِزَيْت وَيَوْما بِقديد. والغريض: الطري.
وَيُقَال: أَرَادَ بالمرازمة فِي الحَدِيث المعاقبة بِالْحَمْد. أَي
احمدوا الله بَين اللُّقْمَة واللقمة.
وَجَاء فِي الحَدِيث: أكل وَحمد خير من أكل وَصمت.
جَاءَ فِي الحَدِيث ردوا نجأة السَّائِل باللقمة. يُرِيد: شدَّة نظره
وأصابته بِعَيْنِه.
قَالَ الْفراء: يُقَال: رجل نجيىء الْعين على وزن فعيل ونجوء الْعين
على وزن فعول ونجىء الْعين على وزن
(3/734)
فعل. ونجوء الْعين على وزن فعل إِذا كَانَ
شَدِيد الْعين. وَقد نجأته بعيني.
جَاءَ فِي الحَدِيث: لَا تعجلوا بتغطية وَجه الْمَيِّت حَتَّى ينشغ أَو
يتنشغ.
قَالَ الْأَصْمَعِي: النشغات عِنْد الْمَوْت فوقات خفيات جدا. واحدتها
نشغة. قَالَ: وَقَالَ أَيُّوب: مَا غسلت ابْن سِيرِين أَظُنهُ قَالَ:
حَتَّى فاق الفوقات الخفيات.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: النشغ: الشهق حَتَّى يكَاد يبلغ بِصَاحِبِهِ
الغشي أَو الْمَوْت. يُقَال: نشغ الرجل ينشغ نشغا. قَالَ العجاج: ...
وحالت اللاواء دون نشغتي ...
جَاءَ فِي الحَدِيث: لَا تجدفوا بنعم الله. التجديف: الْكفْر بِالنعَم.
وَهُوَ تنقصها واستصغارها والجدف نَحْو الْحَذف. يُقَال: حدفت الشىء
إِذا نقصت مِنْهُ. وَمِنْه يُقَال:
(3/735)
قَمِيص مَحْذُوف الكمين إِذا كَانَ
قصيرهما. قَالَ حميد بن ثَوْر وَذكر امْرَأَة من الطَّوِيل ...
خَلِيلَة مَحْذُوف الْيَدَيْنِ كَأَنَّهُ ... من اللؤم كلب ينبح
النَّاس سافد ...
ويروى: مجدوف البنان أَي: قصيرهما. وَمِنْه قَول الْأَعْشَى: من
الْخَفِيف.
قَاعِدا حوله الندامى فَمَا يَنْفَكّ يُؤْتى بموكر مجدوف.
والموكر: زق قد أوكر أَي: مَلِيء وَجعله مجدوفا لِأَنَّهُ مَقْطُوع
الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ.
جَاءَ فِي الحَدِيث: يدْخل الْبَيْت الْمَعْمُور كل يَوْم سَبْعُونَ
ألف دحْيَة مَعَ كل دحْيَة سَبْعُونَ ألف ملك.
قَالَ أَبُو حَاتِم: الدحية الرئيس من النَّاس وَلست أدرى أَمن هَذَا
سمي الرجل دحْيَة أم لَا.
(3/736)
جَاءَ فِي الحَدِيث: اغتربوا لَا تضووا
هُوَ من الضاوي وَهُوَ النحيف الْقَلِيل الْجِسْم. يُقَال. ضوي يضوى.
وأضوت الْمَرْأَة إِذا أَتَت بِولد ضاو. كَمَا يُقَال: أحمقت إِذا
أَتَت بِولد أَحمَق وأذكرت إِذا أَتَت بِذكر وأنثت إِذا أَتَت بأنثى.
وَأَرَادَ: أنكحوا فِي الغرباء وَلَا تنْكِحُوا فِي الْقرَابَات
وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِن الغرائب أَنْجَب. وَقد أكثرت الشُّعَرَاء
فِي هَذَا الْمَعْنى. قَالَ الشَّاعِر: من الطَّوِيل ... فَتى لم تلده
بنت عَم قريبَة ... فيضوى وَقد يضوى رديد القرائب ...
وَقَالَ آخر: من الرجز ... إِن بِلَالًا لم تشنه أمة ... لم يتناسب
خَاله وَعَمه ...
وَقَالَ آخر: من الطَّوِيل ... تنجتها للنسل وَهِي غَرِيبَة ...
فَجَاءَت بِهِ كالبدر خرقا معمما
فَلَو شاتم الفتيان فِي الْحَيّ ظَالِما ... لما وجدوا غير التكذب
مشتما ...
(3/737)
حَدثنِي أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي
قَالَ: شويس وَهُوَ من بني عدي: أَنا ابْن التَّارِيخ وَمَا قرقمني
إِلَّا الْكَرم وَمَا أتقاضى الْعشْرَة وَلَا أحسن الرطانة فإنى لأرسى
من رصاصة وَأَنا العربى الباك.
القرقمة: صغر الْجِسْم للتزوج فِي الْقرَابَات أَي: صغر جسمي ترددي فِي
الكرائم من الْقرَابَات.
وَقَوله: أرسى من رصاصة يُرِيد: انه أثبت فِي المَاء وأرسخ من الرصاصة.
يَقُول: لَا أحسن السباحة كَمَا يحسنها النبط فَإِذا وَقعت فِي المَاء
رسخت.
والرطانة: تراطن الْعَجم بِكَلَام لَا يفهم. والباك بِالْفَارِسِيَّةِ
النقى. سمع ذَلِك فَاسْتَعْملهُ.
وَقَوله أَنا ابْن التَّارِيخ يُرِيد انه ولد عَام الْهِجْرَة إِنَّمَا
(3/738)
أرخ النَّاس بِالْهِجْرَةِ.
جَاءَ فِي الحَدِيث: من اعتقل الشَّاة وَأكل مَعَ أَهله وَركب الْحمار
فقد برىء من الْكبر.
اعتقل الشَّاة هُوَ أَن يضع رجلهَا بَين سَاقه وفخذيه ثمَّ يحلبها.
وَيُقَال: اعتقل الرجل رمحه إِذا فعل ذَلِك بِهِ. وَيُقَال: حكله وعقله
إِذا أَقَامَهُ على إِحْدَى رجلَيْهِ. وَهَذَا هُوَ الأَصْل فِيهِ.
قَالَ ذُو الرمة وَذكر فلاة: من الطَّوِيل ... أطلت اعتقال الرجل فِي
مدلهمها ... إِذا شرك الموماة أودى نظامها ...
اعتقال الرجل: أَي: رَفعهَا. وَيُقَال صارع فلَان فلَانا فاعتقله
الشغزبية وَهُوَ ضرب من الصراع. أَحْسبهُ يرفع فِيهِ إِحْدَى رجلَيْهِ.
(3/739)
جَاءَ فِي الحَدِيث: كَانَ يُقَال ل {قل
يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و {قل هُوَ الله أحد} المقشقشتان. حَدثنِي
الرياشي عَن الأصمعى عَن أَبى عَمْرو بن الْعَلَاء انه قَالَ: إِنَّمَا
قيل لَهما ذَلِك لِأَنَّهُمَا تبرئان من الشّرك.
وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ: اقْرَأ {قل يَا أَيهَا
الْكَافِرُونَ} عِنْد مَنَامك فَإِنَّهَا بَرَاءَة من الشّرك. وَهَذَا
شَاهد لتفسير أَبى عَمْرو وَقَالَ: يُقَال للبعير إِذا برأَ من الجرب
قد تقشقش.
جَاءَ فِي الحَدِيث: لَا تبردوا عَن الظَّالِم. الْمَعْنى: فَلَا
تشتموه فتخففوا عَنهُ من عُقُوبَة ذَنبه. وَهُوَ نَحْو قَول النبى صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم لعَائِشَة وسمعها تَدْعُو على سَارِق: لَا تسبخي
عَنهُ أَي: لَا تخففي عَنهُ بدعائك.
جَاءَ فِي الحَدِيث: قَالَ فلَان وَالله لَو ضربك بأمصوخ من عيشومة
لقتلك.
(3/740)
العيشومة: نبتة من النبت ضَعِيفَة.
والأمصوخ: خوص الثمام. فَأَرَادَ: أَنه لَو ضربك بعيشومة بخوصة
وَذَلِكَ أَضْعَف مَا يكون لقتلك يُقَال: ظَهرت أماصيخ الثمام إِذا ظهر
خوصه.
جَاءَ فِي الحَدِيث: يُوشك أَن يخرج جَيش من قبل الْمشرق آدى شىء وأعده
أَمِيرهمْ رجل طوال أدلم ابرج.
آدى شَيْء اي: أقوى شىء واعده. يُقَال. فلَان مؤد كَمَا ترى يُرَاد:
أَنه ذُو قُوَّة على الْأَمر. وَفُلَان يُؤَدِّيه على مَا يفعل مَال
كثير أَي: يقويه. وآدني على فلَان وأعدني عَلَيْهِ أَي قونى عَلَيْهِ.
وَفِي بعض الْمَصَاحِف الْقَدِيمَة: / وَإِنَّمَا لجَمِيع حاذرون مؤدون
/.
والأدلم: الْأسود. والأبرج: الْوَاسِع الْعَينَيْنِ الْكثير بياضها
فَإِن عظمت المقلة مَعَ السعَة فَهُوَ أنجل.
(3/741)
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد: جَاءَ فِي
الحَدِيث: لم يرخص فِي شىء من ثمن الْحرم إِلَّا قضيب الرَّاعِي ومسد
المحالة. المسد: حَبل من لِيف وَيكون من خوص وَمن جُلُود الْإِبِل.
قَالَ الشَّاعِر: من الرجز ... ومسد أَمر من أيانق ...
والمحالة: البكرة الْعَظِيمَة الَّتِي تستقي بهَا الْإِبِل.
جَاءَ فِي الحَدِيث: إِن مسافعا قَالَ: حَدَّثتنِي امْرَأَة من بني
سليم ولدت عَامَّة أهل دَارنَا. ولدت أَي: قبلت المولودين والمولدة:
الْقَابِلَة.
جَاءَ فِي الحَدِيث: إِن رجلا من الْمُسلمين قَالَ لرجل من
الْمُشْركين: كَانَ يشْتم رَسُول الله لَئِن عدت لأرحلنك بسيفي.
(3/742)
يُرِيد لأعلونك بِهِ. يُقَال: رحلت الرجل
وارتحلته إِذا عَلَوْت ظَهره. وَمِنْه قَول النبى صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم حِين رَكبه الْحُسَيْن فَأَبْطَأَ فِي سُجُوده وَقَالَ: إِن
ابْني ارتحلني فَكرِهت أَن أعجله.
وَجَاء فِي الحَدِيث: إِن الْجَارُود لما أسلم وثب عَلَيْهِ الحطم
فَأَخذه فشده وثاقا وَجعله فِي الزأرة. الزأرة: الأجمة وَهِي الغابة
وَمِنْه قيل: أَسد غَابَ
(3/743)
وَهِي أَيْضا الأباءة.
جَاءَ فِي الحَدِيث: غُبَار ذيل الْمَرْأَة الْفَاجِرَة: يُورث السل.
قَالَ الْأَصْمَعِي: يُرَاد من اتبع الفواجر وفجر بِهن ذهب مَاله
وافتقر. شبه خفَّة المَال وذهابه بخفة الْجِسْم وذهابه إِذا سل.
جَاءَ فِي الحَدِيث: تنكبوا الْغُبَار فَإِنَّهُ مِنْهُ تكون
النَّسمَة. النَّسمَة: النَّفس والربو سمي بذلك لِأَنَّهُ ريح يخرج من
الْجوف وَنَسَم الشَّيْء رِيحه. وَمِنْه يُقَال: ناسمت فلَانا إِنَّمَا
هُوَ أَن تَدْنُو مِنْهُ حَتَّى ينالك نسمه ويناله نسمك.
وَالْأَصْل فِي هَذَا من النَّسمَة وَهِي النَّفس. وَيُقَال: عَلَيْهِ
عتق نسمَة أَي: عتق نفس. وَالنَّفس من النَّفس يخرج فَهُوَ نسم. وَلَا
أرى قَوْلهم لمن تسر إِلَيْهِ أَمرك وتفضي إِلَيْهِ بِذَات نَفسك:
ناموس إِلَّا من هَذَا. ثمَّ قلب. يُقَال: نامست
(3/744)
الرجل إِذا ساورته. كَأَن أَصله ناسمت ثمَّ
قلب وناسوم ثمَّ قلب.
جَاءَ فِي الحَدِيث: سموا ودنوا وسممتوا هَذَا فِي الطَّعَام. يَقُول
سموا الله عَلَيْهِ إِذا بدأتم فِي الْأكل ودنوا: كلوا مِمَّا بَين
أَيْدِيكُم وَمِمَّا قرب مِنْكُم. وَهُوَ فعلوا من دنا يدنو وَمِنْه
قيل للرجل السَّاقِط الَّذِي لَا يسمو إِلَى معالي الْأُمُور وَلَا
يركب الأخطار لَهَا مدن.
قَوْله وسمتوا. يَقُول: إِذا فَرَغْتُمْ من الطَّعَام فادعو
بِالْبركَةِ لمن طَعِمْتُمْ عِنْده ولأنفسكم فِيمَا أكلْتُم. وَمِنْه
تسميت الْعَاطِس إِنَّمَا هُوَ الدُّعَاء لَهُ وَفِيه لُغَة أُخْرَى:
التشميت بالشين مُعْجمَة وَهِي المستعملة.
جَاءَ فِي الحَدِيث: إِن النِّسَاء كن يفتين بِالْمَاءِ. يَعْنِي:
نسَاء الْأَنْصَار كن يفتين بِالْمَاءِ من المَاء.
جَاءَ فِي الحَدِيث: ضرس الْكَافِر مثل ورقان.
(3/745)
يُرَاد فِي النَّار وورقان: جبل مَعْرُوف.
وَفِي الحَدِيث انه ذكر غافلي هَذِه الْأمة فَقَالَ: رجلَانِ من مزينة
ينزلان جبلا من جبال الْعَرَب يُقَال لَهُ: ورقان فيحشر النَّاس وَلَا
يعلمَانِ. فِي قصَّة طَوِيلَة.
جَاءَ فِي الحَدِيث: حمل فلَان على الكتيبة فَجعل يثفنها.
يُرِيد: يطردها. قَالَ العجاج أَو رؤبة: من الرجز ... أَلَيْسَ ملوي
الملاوي مثفن ...
وَيجوز أَن يكون: يفنها أَي: يطردها. والفن الطَّرْد.
جَاءَ فِي الحَدِيث: الَّذين تُدْرِكهُمْ السَّاعَة تسلط
(3/746)
عَلَيْهِم الْحُرْمَة ويسلبون الْحيَاء.
الْحُرْمَة: الغلمة يُقَال: استحرمت الشَّاة فَهِيَ حرمى اذا أَرَادَت
الْفَحْل وحنت واستقرعت. وَمِنْه الحَدِيث: إِن عَلْقَمَة كَانَ يقرع
غنمه ويحلب ويعلف.
جَاءَ فِي الحَدِيث: إِن رجلا كَانَ يرائي فَلَا يمر بِقوم إِلَّا
عذموه. يُرِيد: إِلَّا أَخَذُوهُ بألسنتهم. وأصل العذم العض فاستعير.
قَالَ المرار: من الْكَامِل ... ويزينهن مَعَ الْجمال ملاحة ... والدل
والتشريق والعذم ...
والتشريق: إشراق الْوُجُوه. والعذم: الْكَلَام. وَيُقَال ضرسوا فلَانا
إِذا ذموه ولاموه. وَهُوَ مثل عذموه. قَالَ العجاج: ... قَالَت سليمى
لى مَعَ الضوارس ... يعنيى: العواذل.
(3/747)
8 - جَاءَ فِي الحَدِيث: كَانَ كسْرَى
يسْجد للطالع. والطالع هَاهُنَا من السِّهَام الَّتِي يرْمى بهَا.
وَهُوَ مَا وَقع فَوق الْعَلامَة. وَكَانُوا يعدونه كالمقرطس. قَالَ
المرار يصف امْرَأَة: من الطَّوِيل. ... لَهَا أسْهم لَا قاصرات عَن
الحشا ... وَلَا شاخصات عَن فُؤَادِي طوالع ...
وَسُجُوده أَن يتطامن لَهُ إِذا رمى أَو يسلم لراميه ويستسلم.
وَالسُّجُود: الاستسلام أَيْضا. قَالَ لبيد يذكر نخلا: من الْبَسِيط
... غلب سواجد لم يدْخل بهَا الْحصْر ...
والسواجد: الموائل والحصر: الضّيق وَهُوَ أَن يكون النّخل فِي مَوضِع
صلب لَا تتشعب فِيهِ عروقه. وَهَذَا تَفْسِير لبَعض البغداديين.
جَاءَ فِي الحَدِيث: إِن منقذا صقع فِي الْجَاهِلِيَّة آمة.
(3/748)
أَي: شج. وَمن ضَربته على رَأسه فقد صقعته.
وَمِنْه قيل للْفرس إِذا ابيض أعلا رَأسه أصقع. وَقيل للبرقع صقاع.
وَقيل للعقاب صقعاء لبياض فِي رَأسهَا. والآمة: الشَّجَّة تبلغ أم
الدِّمَاغ.
جَاءَ فِي الحَدِيث: لَا رَأْي لحاقن وَلَا لحاقب وَلَا لحازق.
الحاقن: حاقن الْبَوْل. والحاقب من الْعذرَة. شبه بحامل الحقيبة.
والحازق: الَّذِي ضَاقَ عَلَيْهِ الْخُف فحزق قدمه وضغطها. وَهُوَ
فَاعل بِمَعْنى مفعول. مثل مَاء دافق. أتبع الْحُرُوف الَّتِي قبله.
جَاءَ فِي الحَدِيث: السُّلْطَان ذُو عدوان وَذُو بدوان وَذُو تدرأ.
(3/749)
قَوْله: ذُو عدوان من قَوْلك: مَا عداك عَن
كَذَا أَي: مَا صرفك عَنهُ. يُرَاد: أَنه سريع الِانْصِرَاف والملال.
وَذُو بدوان: من قَوْلك: بدا لي كَذَا. يُقَال: فلَان ذُو بدوات إِذا
كَانَ لَا يزَال لَهُ رَأْي جَدِيد. وَمِنْه يُقَال: مَا عدا مِمَّا
بدا. أَي: مَا صرفك عَمَّا كنت عَلَيْهِ.
وَذُو تدرأ: من قَوْلك: درأت الشَّيْء دَفعته واندرأ علينا فلَان إِذا
انْدفع. يُرَاد: أَنه هجوم لَا يتوقى وَلَا يهاب. وزيدت التَّاء فِي
أَوله كَمَا قَالُوا: شَره ترَتّب أَي: راتب دَائِم. وَأنْشد: من
المتقارب ... وَقد كنت فِي الْحَرْب ذَا تدرأ ...
جَاءَ فِي الحَدِيث: التَّخَتُّم بالياقوت يَنْفِي الْفقر.
(3/750)
يُرَاد: انه إِذا ذهب مَاله وأفضى إِلَيْهِ
فَبَاعَهُ وجد فِيهِ غنى.
جَاءَ فِي الحَدِيث: إِن امْرَأَة جَاءَت تشتري من رجل شَيْئا فَقَالَ
لَهَا: ادخلي الْبَيْت فَدخلت فَضرب بِيَدِهِ على عجزها فارتعصت. أَي:
تَلَوت وارتعدت. قَالَ الراجز: من الرجز ... إِلَّا ارتعاصا كارتعاص
الحيه ... على كراسيعي ومرفقيه ...
جَاءَ فِي الحَدِيث: صفرَة فِي سَبِيل الله خير من حمر النعم.
الصُّفْرَة: الجوعة. يُقَال: صفر بَطْنه إِذا جَاع. وصفر الإنآء إِذا
خلا. قَالَ امْرُؤ الْقَيْس: من الوافر
(3/751)
.. وأفلتهن علْبَاء جريضا ... وَلَو أدركنه
صفر الوطاب ...
والوطاب: زقاق اللَّبن يَقُول: لَو أَدْرَكته لقتلته فصفرت وطابه أَي:
خلت من اللَّبن. وَيُقَال. فلَان صفر من كل خير. وَيُقَال: فِي مثل:
لَيْسَ لشبعة خير من صفرَة تخفرها.
جَاءَ فِي الحَدِيث: إِن رجلا أَرَادَ الْخُرُوج إِلَى تَبُوك فَقَالَت
لَهُ أمه أَو امْرَأَته: يكف بالودي فَقَالَ: الْغَزْو أنمى للودي.
فَمَا بقيت مِنْهُ ودية إِلَّا نفذت مَا مَاتَت وَلَا حشت.
وَقَوله: الْغَزْو أنمى للودي أَي ينميه الله للغازي وَيحسن خِلَافَته
عَلَيْهِ. وَقَوله: وَلَا حشت أَي: مَا يَبِسَتْ. وَمِنْه حَدِيث عمر:
إِن النِّسَاء قُلْنَ لَهُ: هَذِه إمرأة حش وَلَدهَا فِي بَطنهَا أَي:
يبس.
جَاءَ فِي الحَدِيث: فِي الأداف الدِّيَة. والأداف:
(3/752)
الذّكر سمي أدافا بالقطر. يُقَال: ودفت
الشحمة إِذا قطرت دسمها وَإِنَّمَا همز أول الْحَرْف للضمة. كَمَا
يُقَال فِي الْوُجُوه: أجوه. قَالَ الراجز: ... أولجت فِي كعثبها
الأدافا ... مثل الذِّرَاع يمتري النطافا ...
جَاءَ فِي الحَدِيث: الْجَانِب المستغزر يُثَاب من هِبته. الْجَانِب:
الْغَرِيب. وَهُوَ الْجنب أَيْضا. والجنابة الغربة. والمستغزر: المستمد
الَّذِي أهْدى إِلَيْك لتكافيه وتزيده.
جَاءَ فِي الحَدِيث: إِن رجلا شكا التغزب فَقيل لَهُ: عف شعرك فَفعل
فارفأن أَي: سكن مَا كَانَ بِهِ والمرفئن: السَّاكِن.
(3/753)
جَاءَ فِي الحَدِيث: خير المَال عين ساهرة
لعين نَائِمَة. يُرَاد بِالْعينِ الساهرة عين مَاء تجْرِي لَا
تَنْقَطِع نَهَارا وَلَا لَيْلًا.
وَقَوله: لعين نَائِمَة يُرَاد أَن صاحبنا ينَام وَهِي تجْرِي وَلَا
تَنْقَطِع فَجعل السهر لجريها مثلا.
جَاءَ فِي السِّيرَة فِي حَدِيث أَيُّوب إِن الله جلّ وَعز قَالَ لَهُ:
إِنَّه لَا يَنْبَغِي ان يخاصمني إِلَّا من يَجْعَل الزيار فِي فَم
الْأسد والسحال فِي فَم العنقاء.
السحال: حَدِيدَة تجْعَل فِي الْفَم. وَمِنْه يُقَال لحديدة اللجام:
المسحل. يُقَال: مسحل وسحال كَمَا يُقَال: منطق ونطاق ومقرم وقرام.
جَاءَ فِي الحَدِيث: النَّاس قواري الله فِي الأَرْض. يُرَاد أَنهم
شُهُوده إِذا قَالُوا خيرا وَجب وَإِذا قَالُوا شرا وَجب.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: القواري هم الَّذين يتتبعون أَعمال النَّاس
ويتفقدونهم وَهُوَ يرجع إِلَى التَّفْسِير الأول وَأَحْسبهُ مأخوذا من:
قريت الشَّيْء إِذا جمعته كَأَنَّهُمْ يجمعُونَ
(3/754)
أَخْبَار النَّاس عِنْدهم وكتبنا إِلَى أبي
محلم نَسْأَلهُ عَن هَذَا الْحَرْف فَأجَاب ينجو هَذَا وأنشدنا فِي
جَوَابه: من الْكَامِل ... والمسلمون بِمَا أَقُول قواري
أَي: شُهُود.
جَاءَ فِي الحَدِيث: قسطنطينية الزَّانِيَة. يُرَاد: الزَّانِي أَهلهَا
وَكَذَلِكَ مثل هَذَا: من أَوْصَاف الْقرى فَإِنَّمَا يُرَاد بِهِ
أَهلهَا. قَالَ الله جلّ وَعز: {وَكم قصمنا من قَرْيَة كَانَت ظالمة}
أَي: ظالمة الْأَهْل.
جَاءَ فِي الحَدِيث: لَو وزن رَجَاء الْمُؤمن وخوفه بميزان تريص مازاد
أَحدهمَا على الآخر.
التريض: الْمُحكم. يُقَال: أترصت الشَّيْء إِذا أحكمته وأجدت عمله.
قَالَ ذُو الإصبع يذكر سهاما: من المنسرح
(3/755)
.. ترص أفواقها وقومها ... أنبل عدوان
كلهَا صنعا ...
أنبل: أحذق.
جَاءَ فِي السِّيرَة فِي قصَّة نوح: وانسدت ينابيع الغوط الْأَكْبَر
وأبواب السَّمَاء.
الغوط: عمق الأَرْض الْأَبْعَد الَّذِي يقْضِي إِلَى مُعظم مَائِهَا.
وَمِنْه يُقَال: غاط يغوط إِذا دخل فِي شىء وَأرَاهُ. قَالَ الطرماح
يذكر الثور: من الْخَفِيف
غاط حَتَّى استباث من شيم الأَرْض سفاة من دونهَا تأده.
وَمِنْه قبل قيل للمطمئن من الأَرْض: غَائِط كَأَنَّهُ دَاخل. وينابيعه
مَا نبع المَاء مِنْهُ وَاحِدهَا ينبوع.
جَاءَ فِي الحَدِيث: لَا تزَال الْفِتْنَة مؤاما بهَا مَا لم تبدأ من
نَاحيَة الشَّام.
مؤآم مَأْخُوذ من: الْأُمَم وَهُوَ الْقرب. وَتَقْدِيره: معام.
(3/756)
يُرَاد: أَنَّهَا لَا تزَال خفافا حَتَّى
تبدأ من الشَّام فَإِذا بدأت من هُنَاكَ اشتدت.
جَاءَ فِي الحَدِيث إِن صَفْوَان بن أُميَّة قنطر فِي الْجَاهِلِيَّة
وقنطر أَبوهُ.
قنطر: صَار لَهُ قِنْطَار من ذهب أَو فضَّة. وَهُوَ: مائَة رَطْل.
جَاءَ فِي الحَدِيث: إِن السّبْعين الَّذين اخْتَارَهُمْ مُوسَى
كَانُوا يلبسُونَ ثِيَاب الطهرة ثمَّ يبرزون صَبِيحَة سَارِيَة
فَيدعونَ الله فَلَا يسألونه شَيْئا إِلَّا أَعْطوهُ.
صَبِيحَة سَارِيَة أَي: صَبِيحَة لَيْلَة كَانَ فِيهَا مطر والسارية:
السحابة تمطر لَيْلًا. قَالَ النَّابِغَة: من الْبَسِيط ... سرت
عَلَيْهِ من الجوزاء سَارِيَة
جَاءَ فِي الحَدِيث: إِن الْمُسلمين كَانُوا يتحسبون الصَّلَاة
(3/757)
فيجيئون بِلَا دَاع.
يُرَاد: قبل الْأَذَان: يتحسبون أَي: يتوخون وَقت الصَّلَاة
فَيَأْتُونَ الْمَسْجِد بِلَا أَذَان وَهُوَ من قَوْلك: حسبت كَذَا
أَي: ظننته. وَيُقَال: يتحسبون بِمَعْنى يتحسسون.
جَاءَ فِي الحَدِيث: كَانَ جبل تهَامَة جماع قد غصبوا الْمَارَّة من
كنَانَة ومز ينة وَحكم والقارة.
وَالْجِمَاع: جماعات من قبائل شَتَّى مُتَفَرِّقَة فَإِذا كَانُوا
مُجْتَمعين كلهم قيل: جمع. قَالَ أَبُو قيس بن الأسلت. من السَّرِيع
... من بَين جمع غير جماع
جَاءَ فِي الحَدِيث: كُنَّا مَعَ رَسُول الله غلمانا حزاورة فتعلمنا
الْإِيمَان قبل أَن نتعلم الْقُرْآن.
حزاورة: جمع حزور. وَيُقَال أَيْضا: حزور إِذا قَارب أَن يبلغ.
(3/758)
جَاءَ فِي الحَدِيث: إِن الشَّيْطَان لما
دخل سفينة نوح قَالَ لَهُ نوح: اخْرُج يَا عَدو الله من جوفها فَصَعدَ
على خيزران السَّفِينَة.
خيزرانها: السكان وَهُوَ كوثلها أَيْضا وَيُقَال: خيزرانة. قَالَ
النَّابِغَة وَذكر مَاء: من الْبَسِيط. ... يظل من خَوفه الملاح معتصما
... بالخيزرانة بعد الْجهد والرعد ...
جَاءَ فِي الحَدِيث: إِن رجلا قَالَ لآخر: انك لتفتي بلغن ضاك مضل
اللغن: مَا تعلق من لحم اللحيين. يُقَال: لغن ولغانين ولغد ولغاديد
وهما وَاحِد.
جَاءَ فِي الحَدِيث: كل هوى شاطن فِي النَّار.
الشاطن: الْبعيد من الْحق. وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَق: إِنَّمَا سمي
شَيْطَانا لِأَنَّهُ شطن عَن أَمر ربه. والشطون: الْبعيد النازح.
وَمِنْه قيل: نوى شطون وبئر شطون. وَمن ذَلِك سمي
(3/759)
الْحَبل شطنا.
جَاءَ فِي الحَدِيث: من قَرَأَ الْقُرْآن فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَة فقد
عزب. أَي: بعد عَهده بِمَا ابتدأء مِنْهُ وَأَبْطَأ فِي تِلَاوَته. وكل
شَيْء بعد فهوعزب وعازب.
جَاءَ فِي الحَدِيث: من قَالَ كَذَا غفر لَهُ وَإِن كَانَ عَلَيْهِ
طفاح الأَرْض ذنوبا.
طفاحها: ملؤُهَا وَهُوَ أَن يمتلىء حَيْثُ يطفح. وَمثله: طلاع الأَرْض.
جَاءَ فِي الحَدِيث: مَا بعث الله نَبيا بعد لوط إِلَّا فِي ثروة من
قومه.
الثروة: الْعدَد والعز بالعشيرة. وَذَلِكَ يَقُول لوط {لَو أَن لي بكم
قُوَّة أَو آوي إِلَى ركن شَدِيد} .
(3/760)
جَاءَ فِي الحَدِيث: لَا تمثلوا بنامية
الله. وَهِي الْبَهَائِم من الْأَنْعَام والوحش وكل ذَات روح فَهِيَ
نامية.
وَفِي حَدِيث آخر: إِنَّه لعن من مثل داوجنه.
وَفِي حَدِيث آخر: إِنَّه لعن من مثل بدواجنه.
جَاءَ فِي الحَدِيث: كَيفَ بكم وبزمان يغربل النَّاس فِيهِ غربلة.
أَي: يقتل خيارهم. قَالَ الشَّاعِر: من الرجز ... ترى الْمُلُوك حوله
مغربله ... يقتل ذَا الذَّنب وَمن لَا ذَنْب لَهُ ...
جَاءَ فِي الحَدِيث: من عض على شبدعه سلم من الآثام. يُرِيد: من عض على
لِسَانه وَسكت وَلم يخض مَعَ الخائضين. وأصل الشبدع الْعَقْرَب شبه
اللِّسَان بهَا لِأَنَّهُ يلسع بِهِ النَّاس. قَالَ الْجَعْدِي فِي وصف
واش: من المتقارب
(3/761)
.. يُخْبِركُمْ أَنه نَاصح ... وَفِي نصحه
ذَنْب الْعَقْرَب ...
وَيُقَال: سرت إِلَيْنَا شبادعهم أَي: غيبتهم وطعنهم. وَكَذَلِكَ
يُقَال: دبت إِلَيْنَا عقاربهم. قَالَ أَبُو النشناش أحد اللُّصُوص: من
الطَّوِيل ... فللموت خير للفتى من حَيَاته ... فَقِيرا وَمن مولى تدب
عقاربه ...
والأثام: الْعَذَاب. قَالَ الله جلّ وَعز: {وَمن يفعل ذَلِك يلق أثاما}
أَي عذَابا.
جَاءَ فِي الحَدِيث: من بَاعَ الْخمر فليشقص الْخَنَازِير. المشقص:
القصاب لِأَنَّهُ يجزىء الشَّاة. وكل من جزأ شَيْئا فقد شقصه. أَي:
جعله أشقاصا. أَرَادَ: ان بَائِع الْخمر كبائع الْخَنَازِير.
(3/762)
جَاءَ فِي الحَدِيث: أَن بعض الْخُلَفَاء
كتب إِلَى عَامله بِالطَّائِف: ارسل إِلَيّ بِعَسَل فِي السقاء ابيض
فِي الْإِنَاء من عسل الندغ والسحاء من حداب بني شَبابَة وَبَنُو
شَبابَة قوم بِالطَّائِف. قَالَ أَبُو الْيَقظَان: هم من كنَانَة من
بني مَالك بن كنَانَة ينزلون الْيمن ينْسب إِلَيْهِم الْعَسَل.
فَيُقَال: عسل شَبَابِي.
والندغ: السعترالبري. وَيَزْعُم الْأَطِبَّاء ان عسل السعتر امتن
الْعَسَل وأشده حرارة.
والسحاء: نَبَات تَأْكُله النَّحْل وتعتاده الضباب أَيْضا. فَيُقَال:
ضَب السحاء ارنب خلة وتيس الرئل.
وَنَحْو هَذَا حَدِيث حدثناء الرياشي عَن الْأَصْمَعِي عَن كردين
المسمعي قَالَ: كتب الْحجَّاج إِلَى عَامله بِفَارِس: ابْعَثْ إِلَيّ
من عسل خلار من النَّحْل الْأَبْكَار من الدستفشار الَّذِي لم تمسه
النَّار. قَالَ: وخلار مَوضِع.
(3/763)
وَجَاء فِي الحَدِيث من مَشى على الكلاء
قذفناه فِي المَاء. الكلاء شاطىء النَّهر ومرفأ السفن وَمن كلاء
الْبَصْرَة. وَهَذَا مثل ضربه لمن عرض بِالْقَذْفِ فَشبه فِي مقاربته
التَّصْرِيح بالماشي على شاطىء النَّهر فِي مقاربته المَاء والقاؤه
إِيَّاه فِي المَاء وَجب عَلَيْهِ الْقَذْف والزامه الْحَد.
جَاءَ فِي الحَدِيث أَن سُلَيْمَان النبى صلوَات الله عَلَيْهِ قَالَ
من هدم بُنيان ربه فَهُوَ مَلْعُون بَين يَدَيْهِ.
يَعْنِي من قتل النَّفس لِأَن الْجِسْم بُنيان الله وتركيبه فَإِذا
أبْطلهُ فقد هدم بُنيان ربه.
جَاءَ فِي الحَدِيث يَأْتِي على النَّاس زمَان يغبط الرجل بالوحدة
كَمَا يغبط الْيَوْم أَبُو الْعشْرَة.
مَعْنَاهُ ان الْأَئِمَّة كَانَت فِي صدر الاسلام يرْزقُونَ عيالات
الْمُسلمين وذراريهم من بَيت المَال. فكا ابو الْعشْرَة مغبوطا
بِكَثْرَة مَا يصير إِلَيْهِ من أَرْزَاقهم ثمَّ يقطع السُّلْطَان
ذَلِك فِيمَا بعد فيغبط
(3/764)
الرجل بالوحدة لخفة المؤونة ويرثى لذِي
الْعِيَال.
جَاءَ فِي الحَدِيث ان رجلا حلف بِاللَّه كَاذِبًا فَدخل الْجنَّة.
تَأَوَّلَه حَدِيث رَوَاهُ ابْن عَبَّاس ان رجلَيْنِ اخْتَصمَا إِلَى
النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستحلف أَحدهمَا فَقَالَ الله الَّذِي
لَا إلة إِلَّا هُوَ مَاله عِنْدِي شىء. فَقَالَ لَهُ النبى صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم قُم فأد إِلَى أَخِيك حَقه وَقد كفر الله عَنْك
بِقَوْلِك الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ. وَكَانَ يُقَال لِأَن
تحلف بِاللَّه كَاذِبًا خير من أَن تحلف بِغَيْر الله صَادِقا.
جَاءَ فِي الحَدِيث أَي الْأَعْمَال أفضل قَالَ: الْحَال المرتحل قيل:
مَا الْحَال المرتحل. قَالَ: الْخَاتم المفتتح الْحَال الْخَاتم
لِلْقُرْآنِ. شبه بِرَجُل هُوَ سَافر فَسَار حَتَّى إِذا بلغ آخِره وقف
عِنْده.
والمرتحل المفتتح لِلْقُرْآنِ. شبه بِرَجُل أَرَادَ سفرا فافتتحه
بِالْمَسِيرِ حَتَّى إِذا بلغ الْمنزل حل بِهِ كَذَلِك تالي الْقُرْآن
يتلوه. وَمِمَّا دلّ على هَذَا التَّأْوِيل ان حُسَيْن بن الْحسن
(3/765)
الْمروزِي كَانَ حَدثنَا هَذَا الحَدِيث
بعقب حَدِيث فِي الْقُرْآن عَن عبد الله إِبْنِ الْمُبَارك باسناد ذكر:
أَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: من قَرَأَ الْقُرْآن فقد أدرجت
النُّبُوَّة بَين جَنْبَيْهِ إِلَّا أَنه لَا يُوحى إِلَيْهِ من
أَحَادِيث فِي فضل الْقُرْآن وَقد يكون الْخَاتم أَيْضا المفسح فِي
الْجِهَاد وَهُوَ أَن يَغْزُو ويعقب. وَكَذَلِكَ الْحَال المرتحل
يُرِيد أَنه يصل ذَات بِهَذَا.
وَجَاء فِي الحَدِيث ان الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين لما الْتَقَوْا فِي
وقعه نهاوند غشيتهم ريح قسطلانية وَهِي المنسوبة إِلَى القسطل وَهُوَ
الْغُبَار.
(3/766)
ضي الله عَنهُ ضي الله عَنهُ عَلَيْهِ
السَّلَام تمّ الْكتاب
وَالْحَمْد لله كثيرا وَصلى الله على مُحَمَّد النبى وَآله وَسلم
كثيرا. وَكتب بَغْدَاد فِي الْمحرم سنة تسع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ.
(3/767)
|