غريب الحديث لابن قتيبة حَدِيث يحيى بن أَبى كثير
وَقَالَ فِي حَدِيث ابْن ابى كثير انه قَالَ: لَا يُؤْخَذ فِي
الصَّدَقَة الخرغ. يرويهِ عبد الرَّزَّاق عَن معمر
الخرع: الصَّغِير الَّذِي يرضع. وَإِنَّمَا قيل لَهُ خرع لضَعْفه. وكل
ضَعِيف فَهُوَ خرع. وَمِنْه قيل لبَعض النبت: خروع لِأَنَّهُ لين.
وَمِنْه قيل للْمَرْأَة الناعمة اللينة: خريع. قَالَ الرَّاعِي وَذكر
مَاء: من الْبسط ... وباكرته فضول الرّيح تنسجه ... معانقا سَاق ريا
سَاقهَا خرع ...
يُرِيد: باكرت هَذَا المَاء بَقِيَّة الرّيح معانقا يَعْنِي المَاء قد
ظغى حَتَّى بلغ حلوق البردى. يُرِيد: سَاق برديه ريا وخرع: ضَعِيف.
وَالصغَار تعد على ارباب الْمَاشِيَة وَلَا تُؤْخَذ مِنْهُم.
(3/717)
حَدِيث الْعَوام ابْن حَوْشَب
وَقَالَ فِي حَدِيث الْعَوام أَنه قَالَ: كَانَ يُقَال الإبتهار بالذنب
أعظم من ركُوبه.
حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّد عَن الْفضل بن دُكَيْن عَن هِشَام عَن الْعَوام.
الابتهار بالذنب هُوَ أَن يَقُول الرجل زَنَيْت وَلم يزن وَقتلت وَلم
يقتل. يبجح بذلك ويفخر.
يَقُول: فَذَاك أَشد على الرجل من ركُوبه لِأَنَّهُ لم يَدعه على نَفسه
أَلا وَهُوَ لَو قدر لفعل فَهُوَ كفاعله بِالنِّيَّةِ وَزَاد على ذَلِك
بهتكه ستر نَفسه وقحته وَقلة مبالاته. يُقَال: ابتهر الشَّاعِر
الْجَارِيَة اذا ذكر فِي شعره أَنه قد فجر بهَا وَلم يفعل.
(3/718)
حَدِيث سماك بن حَرْب
وَقَالَ فِي حَدِيث سماك أَن شُعْبَة قَالَ: سمعته يَقُول: مَا حسبوا
ضيفهم. قَالَ الاصمعي: سَمِعت شُعْبَة يذكر ذَلِك. وَقَالَ: يُرِيد مَا
أكرموه وَأنْشد: من الْكَامِل ... باشرت بالوجعاء طعنة مرهف ... حران
أَو لثويت غير محسب ...
أَي: غير مكرم. وَيُقَال: اصل هَذَا من الحسبانة وَهِي الوسادة
الصَّغِيرَة. وَيُقَال: حسبت الرجل إِذا أجلسته عَلَيْهَا. وَيُقَال:
أحسبت فلَانا إِذا أكثرت لَهُ من الْعَطِيَّة حتي يَقُول: حسب. قَالَ
الشَّاعِر: من الطَّوِيل ... ونقفي وليد الْحَيّ إِن كَانَ جائعا ...
ونحسبه إِن كَانَ لَيْسَ بجائع ...
أَي: نُعْطِيه ونكثر لَهُ. وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز: {عَطاء حسابا}
أَي: كثيرا. وَقَالَ سَاعِدَة: من الطَّوِيل
(3/719)
.. فَلم ينبته حَتَّى أحَاط بظهره ...
حِسَاب وسرب كالجراد يسوم ...
يسوم: يمر مرا سهلا وَمِنْه يُقَال: خلله وسومة يُقَال: أقفيت لرجل على
صَاحبه إِذا فضلته عَلَيْهِ.
وَيُقَال لَك عِنْدِي قفية ومزية فِي الْكَرَامَة والعطية.
(3/720)
حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة
وَقل فِي حَدِيث هِشَام أَنه قَالَ لرجل: أَنْت أثقل عَليّ من الزاووق.
يرويهِ أَبُو أُسَامَة عَن هِشَام.
قَالَ الْأَصْمَعِي: أهل الْمَدِينَة يسمون الزئبق: الزاووق وَمِنْه
يُقَال: زوق الْبَيْت إِذا حسنه بالنقش. وَقَالَ أَبُو زيد: زوق
الْكتاب وزوره إِذا حسنه وَقَومه. وَمِنْه قَول الْحجَّاج على
الْمِنْبَر: وامرؤ زور نَفسه أَي: قَومهَا.
وحَدثني الرياشي عَن مُحَمَّد بن سَلام الجُمَحِي عَن يُونُس قَالَ:
قَالَ لي رؤبة حَتَّى مَتى تَسْأَلنِي عَن هَذِه الأباطيل وأزوقها لَك
أما ترى الشيب قد بلغ فِي رَأسك ولحيتك. قَالَ الرياشي: يُقَال: قد بلغ
فِيهِ الشيب إِذا ظهر بِهِ.
(3/721)
حَدِيث ابْن جريح عبد الْملك بن عبد
الْعَزِيز
وَقَالَ فِي حَدِيث ابْن جريج انه ذكر معمر بن رَاشد فَقَالَ: انه
لشراب بأنقع. ذكره يحيى بن سعيد.
قَوْله: شراب بأنقع. حَدَّثَنى أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي أَنه
قَالَ: يُقَال: فلَان شراب بأنقع أَي: معاود للأمور الَّتِي تكره.
وَمِنْه قَول الْحجَّاج فِي خطبَته: انكم يَا أهل الْعرَاق شرابون
عَليّ بأنقع وَقَالَ ابو زيد: يُقَال: إِنَّه شراب بأنقع أَي: معاود
للخير وَالشَّر.
وَتَفْسِير الْأَصْمَعِي اشبه بِمَعْنى الْحجَّاج. والأنقع جمع نقع
وَهُوَ هَاهُنَا مَا يستنقع. يُقَال أصل هَذَا فِي الطَّائِر إِذا
كَانَ حذرا: ورد المناقع فِي الفلوات حَيْثُ لَا تبلغ القناص وَلَا
تنصب لَهُ الأشراك.
(3/722)
حَدِيث ابْن ابى الزِّنَاد عبد الرَّحْمَن
بن عبد الله بن ذكْوَان
وَقَالَ فِي حَدِيث ابْن أَبى الزِّنَاد أَنه قَالَ: قَالَ رجل من
أَوْلَاد أَصْحَاب النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا عزب المَال قلت
فواضله.
قَالَ ابْن ابي الزِّنَاد: لَا بلحة وَلَا رطبَة وَلَا كرنافة وَلَا
سعفة.
حَدَّثَنى أَبُو حَاتِم السجسْتانِي عَن الْأَصْمَعِي عَن ابْن أَبى
الزِّنَاد يَقُول: إِذا بَعدت الضَّيْعَة قل الْمرْفق مِنْهَا فَلم
تأتك بلحة وَلَا كَذَا وَلَا كَذَا وَقَالَ الشَّاعِر فِي مثله: من
الطَّوِيل ... سأبغيك مَالا بِالْمَدِينَةِ إِنَّنِي ... أرى عَازِب
الْأَمْوَال قلت فواضله ... وَقد تقدم تَفْسِير الكرنافة.
وَقَالَ فِي حَدِيث ابْن أبي الزِّنَاد انه قَالَ: إِذا اجْتمعت حرمتان
طرحت الصُّغْرَى للكبرى.
حدثنية أَبُو حَاتِم السجسْتانِي عَن الْأَصْمَعِي عَنهُ يَقُول: إِذا
كَانَ
(3/723)
أَمر فِيهِ مَنْفَعَة لعامة النَّاس ومضرة
على خَاص مِنْهُم قدمت مَنْفَعَة الْعَامَّة.
وَمثل ذَلِك: نهر يجْرِي لشرب النَّاس وَفِي مجْرَاه حَائِط لرجل أَو
حمام يضر بِهِ هَذَا النَّهر فَلَا يتْرك إجراؤه من أجل هَذِه
الْمضرَّة هَذَا وَمَا أشبهه.
(3/724)
حَدِيث نَافِع بن أَبى نعيم القارىء
وَقَالَ فِي حَدِيث نَافِع أَنه قَالَ: كنت أَقُول لِابْنِ دأب إِذا
حدث اقم المطمر.
حَدَّثَنِيهِ السجسْتانِي عَن الْأَصْمَعِي عَنهُ. المطمر: هُوَ الزيق
الَّذِي يقوم عَلَيْهِ الْبناء. وَيُقَال لَهُ: الإِمَام أَيْضا.
(3/725)
قَالَ الرَّاعِي: من الطَّوِيل ... وخلقته
حَتَّى إِذا تمّ واستوى ... كمخة سَاق أَو كمتن إِمَام ...
خلقته أَي: نحته وملسته يَعْنِي: سَهْما. والأخلق: الأملس وَأَرَادَ
انه كَانَ يقوم الحَدِيث ويصنعه وينقح أَلْفَاظه.
(3/726)
حَدِيث الْأَوْزَاعِيّ عبد الرَّحْمَن بن
عَمْرو
وَقَالَ فِي حَدِيث الْأَوْزَاعِيّ أَن أَبَا اسحق قَالَ: سَأَلته عَن
الْمُسلم يؤسر فيريدون قَتله فَيُقَال لَهُ: مد عُنُقك أيمد عُنُقه
وَهُوَ يخَاف إِن لم يفعل أَن يمثل بِهِ قَالَ: مَا أرى بَأْسا إِذا
خَافَ إِن لم يفعل أَن يمثل بِهِ أَو يدنق فِي الْمَوْت.
حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّد بن عبيد عَن مُعَاوِيَة بن عَمْرو عَن أَبى
إِسْحَق.
قَوْله: يدنق فِي الْمَوْت أَي: يدنو مِنْهُ وَمِنْه يُقَال: دنقت
الشَّمْس إِذا دنت للغروب. ودنقت عينه إِذا غارت.
وَفِي حَدِيث آخر بِهَذَا الْإِسْنَاد أَنه قَالَ: لَا يُسهم للْعَبد
وَلَا للْأَجِير وَلَا القديدين. والقديدون: تبَاع الْعَسْكَر من
الصناع نَحْو الشعاب والبيطار والحداد. وَلَا أَحْسبهُ قيل لَهُم ذَلِك
إِلَّا لتقدد ثِيَابهمْ. قَالَ ابْن الطثرية: من الطَّوِيل ... وأبيض
مثل السَّيْف خَادِم رفْقَة ... أَشمّ ترى سرباله قد تقددا ...
(3/727)
|