غريب الحديث لابن الجوزي

الكتاب: غريب الحديث
المؤلف: جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
المحقق: الدكتور عبد المعطي أمين القلعجي
الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان
الطبعة: الأولى، 1405 - 1985
عدد الأجزاء: 2
[الكتاب مدقق إملائيا وترقيمه موافق للمطبوع]

(/)


{بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم}
رب سهل وأعن يَا كريم
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام الْعَالم الصَّدْر الْكَبِير جمال الدَّين شيخ الْإِسْلَام أَبُو الْفرج عبد الرَّحْمَن بن عَلّي بن مُحَمَّد بن عَلّي بن الْجَوْزِيّ تغمده الله تَعَالَى برحمته الْحَمد لله الَّذِي جعل الْإِنْسَان إِنْسَان عين الْمَخْلُوقَات وزينه بالنطق وَتعلم الْكَلِمَات وَفضل اللُّغَة الْعَرَبيَّة عَلَى سَائِر اللُّغَات أَحْمَده عَلَى النعم السابغات وأشكره عَلَى الأيادي البالغات وأصلي عَلَى رَسُوله مُحَمَّد أشرف الْأَنْبِيَاء وَسيد السادات وَعَلَى أَصْحَابه وَأَتْبَاعه إِلَى يَوْم الْفَصْل والميقات وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا دَائِما بدوام الأَرْض وَالسَّمَوَات.
أما بعد فَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ عَرَبيا وَكَذَلِكَ جُمْهُور أَصْحَابه وتابعيهم فَوَقع فِي كَلَامهم من اللُّغَة مَا كَانَ مَشْهُورا بَينهم ثمَّ وَقعت مُخَالطَة الْأَعَاجِم ففشي اللّحن وَجَهل جُمْهُور النَّاس مُعظم اللُّغَة فافتقر ذَلِك الْكَلَام إِلَى التَّفْسِير وَقد كَانَ جمع شَيْئا من غَرِيب الحَدِيث النَّضر بن شُمَيْل وَأَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى والأصمعي فِي جمَاعَة كَانُوا فِي

(1/1)


ذَلِك الزَّمَان ثمَّ جَاءَ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فألف ذَلِك المتفرق وَزَاد فِيهِ وَبسط الْكتاب حَتَّى ظن أَنه لم يبْق شَيْء من الْغَرِيب وَإِذا بِهِ قد أخل بأَشْيَاء كَثِيرَة.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ بَلغنِي أَن أَبَا عُبَيْدَة مكث فِي تصنيف كِتَابه

(1/2)


أَرْبَعِينَ سنة يسْأَل الْعلمَاء عَن مَا أودعهُ من تَفْسِير الحَدِيث.
وَجمع الْغَرِيب إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ ثمَّ جمع أَبُو مُحَمَّد بن قُتَيْبَة مَا فَاتَ أَبَا عُبَيْدَة وَقَالَ أَرْجُو أَن لَا يكون بَقِي بعد كتاب أبي عبيد وكتابي من الْغَرِيب مَا فِيهِ مقَال وقويت الظنون بِأَنَّهُ لم يبْق شَيْء وَإِذا أَشْيَاء قد فاتتهما ألفها أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ وفاتته أَشْيَاء.

(1/3)


ثمَّ جمع أَبُو عبيد الْهَرَوِيّ صَاحب الغريبين كتابا أوهم فِيهِ أَنه لم يبْق شَيْء وَإِنَّمَا اقْتصر عَلَى مَا ذكره الْأَزْهَرِي فِي كتاب التَّهْذِيب ورأيته قد أخل بأَشْيَاء وَذكر أَشْيَاء لَيست بغريبة فَلَا تحْتَاج إِلَى تَفْسِير.
فَرَأَيْت أَن أبذل الوسع فِي جمع جَمِيع غَرِيب حَدِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه وتابعيهم وَأَرْجُو أَن لَا يشد عني مُهِمّ من ذَلِك وَأَن يُغني كتابي عَن جَمِيع مَا صنف فِي ذَلِك وَقد رتبته عَلَى حُرُوف المعجم وَإِنَّمَا آتِي بِالْمَقْصُودِ من شرح الْكَلِمَة من غير إيغال فِي التصريف والاشتقاق إِذْ كتب اللُّغَة أولَى بِذكر ذَلِك وَإِنَّمَا آثرت هَذَا الِاخْتِصَار تلطفا لِلْحَافِظِ وَالله الْمُوفق.

(1/4)