غريب الحديث للخطابي حَدِيثُ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ رَحِمَهُ
الله
حَدِيثِ مُصَعْبٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: "كَانَ
يُصِيبُنَا ظَلَفُ الْعَيْشِ بِمَكَّةَ فَلَمَّا أَصَابَنَا البلاء
اعتزمنا لذلك ... ".
...
حَدِيثُ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ رَحِمَهُ الله
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ مُصَعْبٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ
أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ كَانَ يُصِيبُنَا ظَلَفُ الْعَيْشِ بِمَكَّةَ
فَلَمَّا أَصَابَنَا الْبَلاءُ اعْتَزَمْنَا لِذَلِكَ1 وَكَانَ
مُصْعَبُ أَنْعَمُ غُلامٍ بِمَكَّةَ فَجُهِدَ فِي الإِسْلامِ حَتَّى
لَقَدْ رَأَيْتُ جِلْدَهُ يَتَحَسَّفُ تَحَسُّفَ جِلْدِ الْحَيَّةِ
عَنْهَا2.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ قَالَ كَانَ
مُصْعَبُ مْتُرَّفًا يُدَهَّنُ بِالْعَبِيرِ3 وَيُذَيَّلُ يُمْنَةَ
الْيَمَنِ وَيَمْشِي فِي الْحَضْرَمِيِّ4 فَلَمَّا هاجر أصابه ظلف شديد
فكان يَهْمَدُ مِنَ الْجُوعِ5.
أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ الأعرابي أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ
الْعَطَارِدِيُّ أخبرنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ / عَنْ بَعْضِ آلِ سَعْدٍ
عَنْ سَعْدٍ. [112]
وَالرِّوَايَةُ الأَخْرَى يَرْوِيهَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ
عَاصِمِ بن عبيد الله عن عبد الله بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ
أبيه
__________
1 ح: "اعتزمنا بذلك" وفي الفائق "ظلف" "2/379" "اعتزمنا بذلك".
2 ذكره ابن الأثير في أسد الغابة "5/182" وفيه: "اعتزفنا" بدل
"اعتزمنا" وكذلك فيه "يتحشف" بدل "يتحسف".
3 ط:"بالبعير".
4 د: "ويمشي الحضرمي".
5 الفائق "ظلف" "2/379" والنهاية "ظلف" "3/159".
(2/291)
ظلف العيش بؤسه وشدته يُقَالُ رجل ظليف إذا
كان سيىء الحال ومكان ظليف أي خشن وعر وقد ظلف الرجل نفسه إذا صرفها
عَنِ النعيم إلى البؤس.
وَقَوْلُهُ اعتزمنا لذلك أي احتملناه وأطقناه وأصل العزم القوة قَالَ
تأبط شرا:
وكنت إذا ما هممت اعتزمت ... وأولى إذا قلت أن أفعلا1
وَقَوْلُهُ: يَتَحَسَّف أي يتقشر جلده حتى يتساقط عنه ومنه الحسافة وهي
سقاطة التمر ورديئه.
قَالَ الأصمعي: الحسافة ما سقط من التمر والجرامة ما التقط منه بعدما
يصرم والحثالة الرديء من كل شيء والحفالة مثله.
وَقَوْلُهُ يذيل يمنة اليمن أي يلبسها ويتزر بها فيسدل ويطيل ذيلها
وإنما هو من زي أهل الترفه قَالَ طرفه يصف قوما بذلك:
يلحفون الأرض هداب الأزر2
واليمنة ضرب من برود اليمن.
وَقَوْلُهُ كاد يهمد أي يهلك ويتلف يُقَالُ همد الثوب يهمد وهمدت النار
تهمد همودا إذا طفئت.
__________
1 الشعر والشعراء لابن قتيبة "1/314" برواية "وأخر إذا قلت أن أفعلا".
2 الديوان "65" وتهذيب الأزهري "5/69" وصدره "ثم راحوا عبق المسك
بَهْم".
(2/292)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
مُصْعَبٍ أَنَّهُ لَمَّا أَسْلَمَ قَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: وَاللَّهِ لا
أَلْبِسُ خِمَارًا وَلا أَسْتَظِلُّ أَبَدًا وَلا آكُلُ وَلا أَشْرَبُ
حَتَّى تَدَعَ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ وَكَانَتِ امْرَأَةً مَيْلَةً
فَقَالَ أَخُوهُ أَبُو عُزَيْزِ بْنُ عُمَيْرٍ يَا أُمَّهْ دَعِينِي
وَإِيَّاهُ فَإِنَّهُ غُلامٌ عَافٌ وَلَوْ أَصَابَهُ بَعْضُ الْجُوعِ
لَتَرَكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ فَحَبَسَهُ1.
يَرْوِيهِ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْعَبْدَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ.
قوله: ميلة أي ذات مال يُقَالُ رجل ميل من المال وامرأة ميلة كما
قالوا: رجل صير من الصورة2 وشير من الشارة.
قَالَ الأصمعي: وأبو زيد مال الرجل يمال ويمول إذا صار ذا مال وملت
أنبأنا وملت كذلك.
قال غيرهما: رَجُلٌ مَالٌ أي ذُو مالٍ كما قيل كبش صاف أي ذو صوف.
وَقَوْلُهُ3: أَنَّهُ غلام عاف أي وافر اللحم يريد أَنَّهُ رخص ناعم لا
صبر له على الشدة وأصله من قولك عفا الشيء إذا كثر قَالَ اللَّه تعالى:
{حَتَّى عَفَوْا} 4 أي كثروا ونموا.
ويقال: عفا وبر البعير إذا طر وكثر ومثله عفا النبت قَالَ حميد بن ثور
يصف دارا:
__________
1 ذكره السهلي في الروض الأنف "4/97" هذه القصة بمعناها, وأخرجه ابن
سعد كذلك في طبقاته "3/116" بنعناها باختلاف في اللفظ عن إبراهيم
العبدري عن أبيه.
2 د:"من الصور".
3 س: "ويقال".
4 سورة الأعراف: "95" {َّ
بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا}
(2/293)
عفت مثل ما يعفو الطليح فأصبحت ... بها
كبرياء الصعب فهي ركوب1
يقول: غطاها النبات والعشب كما طر وبر البعير ثم رجع إلى وصف الناقة
وترك الدار فَقَالَ بها استكبار الصعب مما أجمت وهي ذلول.
__________
1 اللسان "عفا" والديوان "58".
(2/294)
|