غريب الحديث للخطابي

حَدِيثُ أَبِي الدِّرْدَاءِ عُوَيْمَرِ بْنِ مالك رضي الله عنه
حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: "وَيْلٌ لِلْقَلْبِ النَّخِيبِ وَالْجَوْفِ الرَّغِيبِ ولا يبال بقول الطبيب".
...
حَدِيثُ أَبِي الدِّرْدَاءِ عُوَيْمَرِ بْنِ مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: وَيْلٌ لِلْقَلْبِ النَّخِيبِ وَالْجَوْفِ الرَّغِيبِ وَلا يُبَالِي بِقَوْلِ الطبيب1.
أخبرناه ابن الأعرابي أخبرنا أبو داود أخبرنا يزيد أخبرنا محمد الدمشقي أخبرنا أَبُو مُسْهَرٍ حَدَّثَنِي صَدَقَةُ حَدَّثَنِي ابْنُ جَابِرٍ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هانىء عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ.
القلب النخيب هو الفاسد النغل وأصل هذا في الجبن يُقَالُ نخب قلب الرجل ينخب إذا جبن وضعف فهو منخوب ونخيب ورجل نخب وهو أنخب من نعامة قَالَ حسان بن ثابت2.
ألا أبلغ أبا سفيان عني ... فأنت مجوف نخب هواء3
قال ابن السكيت إنما قيل للجبان منخوب ونخيب ومنتخب بمعنى أَنَّهُ منتزع الفؤاد ومنه قولهم انتخبت رجلا من القوم أي انتزعت والنخبة المنتزعة من المتاع وغيره المنتقاة.
قَالَ الأصمعي: من نعوت الجبان البرشاع وهو الذاهب القلب والجبأ الوهل الفزع قَالَ الشاعر:
__________
1 الفائق "نخب" "3/415" والنهاية "نخب" "5/31" بلفظ "بئس العون على الدين قلب نخيب".
2 من د.
3 الديوان "75".

(2/335)


فما أنا من ريب المنون بجبأ ... وما أنبأنا من سيب الإله بيائس1
قَالَ والمنفوه الضعيف الفؤاد والمفؤود مثله. والكهكاهة المتهيب.
وأخبرني أبو عمر أنبأنا ثعلب قَالَ الهيبان الجبان الهيوب قَالَ: والهيبان الراعي والهيبان التراب أيضا وأنشد:
أكل يوم شاعر مستحدث ... نحن إذا في الهيبان نبحث2
والرغيب الأكول الواسع الجوف ويقال إناء رغيب ومكان رغيب أي واسع قَالَ حُمَيْد بنُ ثور يَصفُ القطا:
تبادر أطفالا مساكين دونها ... فلا ما تخطاه العيون رغيب3
وروى أَبُو بَكْرِ بْن عياش عَنْ سليمان بن قرم قَالَ لما أراد الحجاج قتل سعيد بن جبير قَالَ ائتوني بسيف رغيب4 أي عريض الصفحتين.
__________
1 اللسان التاج "جبأ" وعزي لمفروق بن عمرو الشيباني يرثي إخوته: قيسا والدعاء وبشر القتلى في غزوة بارق بشط الفيض, وقبله:
أبكي على الدعاء في كل شنوة ... ولهفي على قيس زمام الفوارس
2 اللسان التاج "هيب" برواية "أكل يوم شعر مستحدث".
3 الديوان "54" برواية:
وتأوى إلى زغب مساكين دونها ... فلاما تخطاه العيون مهوب
4 أخرحه ابن سعد في طبقاته "6/265".تركوك لمتلك".

(2/336)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: فِي كَلامٍ لَهُ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ يَوْمٍ لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَرْضِ إِلا عَرْضَ ذِرَاعَيْنِ فِي طُولِ أَرْبَعٍ أَتْقَنُوا عَلَيْكَ الْبُنْيَانَ وَتَرَكُوكَ لمتلك1.
__________
1 أخرجه ابن معين في تاريخه "4/375" مختصرا: الجزء الأخير فقط كما سيأتي أيضا وابن أبي شيبة في مصنفه "3/371" بتمامه في الجنائز بلفظ."ثم تركوك بمثل ذلك" بدل "ثم تركوك لمتلك".

(2/336)


حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مالك أخبرنا الحسن بن سفيان أخبرنا ابن أبي شيبة أخبرنا غُنْدَرُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءَ حَدَّثَنِي تَمِيمُ بْنُ غَيْلانَ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ.
/ وَقَوْلُهُ لمتلك أي لمصرعك يقال تلَلْتُ الرَّجُلَ إذا صرَعْتَه قَالَ أبو عبيدة في قوله: {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} 1 [127] أي صرعه للوجه وأنشد:
وتل أبو حكم للجبيـ ... ـن وصار إلى أمه الهاوية
وروى حجاج عَنْ شعبه أَنَّهُ كان يرويه مصحفا يقول تركوك لمثلك.
حدثناه ابن الأعرابي أخبرنا عباس الدوري أخبرنا يحيى بن معين أخبرنا حجاج قَالَ قلت لشعبة إن مستلم بن سعيد يقول لمتلك فَقَالَ شعبة قَالَ والله ما كنت أظنه يقيم حرفين فَقَالَ يحيى ولقول قول مستلم وصحف شعبة2.
__________
1 سورة الصافات: "103".
2 أخرجه ابن معين في تاريخه "4/375" رقم "4849".

(2/337)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ أُمَّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ: كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ فَيَجِيءُ وَهُوَ يُقَرْقِفُ فَأَضُمُّهُ بَيْنَ فَخْذِي وَهِيَ جُنُبٌ لَمْ تَغْتَسِلَ1.
يَرْوِيهِ حَجَّاجٌ عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ الْخُرَاسَانِيِّ عَمَّنْ سَمِعَ أُمَّ الدَّرْدَاءِ.
قولها: يقرقف أي يرعد من شدة البرد ومن هذا سميت الخمر
__________
1 أخرحه ابن أبي شيبة في مصنفه "1/76" عن عطاء عن أم الدرداء.

(2/337)


قرقفا ويقال هو يرعد ويقرقف ويؤرض ويقل من القل وهو الرعدة.
وَيُرْوَى عَنْ عُمَرِ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لأَخِيهِ زَيْدٍ لَمَّا وَدَّعَهُ وَهُوَ يُرِيدُ الْيَمَامَةَ: مَا هَذَا الْقِلُّ الَّذِي أَرَاهُ بِكَ يُرِيدُ الرَّعْدَةَ مِنَ الْفَزَعِ.
فأما القل بضم القاف فهو بمعنى القلة يقال رماه اللَّه بالقل والذل.
وأما يؤرض فمن الأرض وهو الرعدة ومنه قول ابْنِ عَبَّاسٍ أزلزلت الأرض أم بي أرض قَالَ ذو الرمة:
أو كان صاحب أرض أو به الموم1
__________
1 الديوان "587" وصدره "إذا توجس ركزا من سنابكها" وهو في الصحاح "موم" واللسان "وجس" والتاج "أرض".

(2/338)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَنْكَرْتُمْ مِنْ زَمَانِكُمْ فِيمَا غَيَّرْتُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ. إِنْ يَكُ خَيْرًا فَوَاهًا وَاهًا وَإِنْ يَكُ شَرًّا فَاهًا آهًا1.
حَدَّثَنِيهُ الْحَسَنُ بْنُ يحيى بن صالح أخبرنا محمد بن قتيبة العسقلاني أخبرنا عبد الله بن هانىء بن عبد الرحمن بْنِ أَبِي عَبْلَةَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَمِّهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ عَنْ بِلالِ بْنِ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ.
قوله: واها إنما يُقَالُ ذلك على التمني للخير والتعجب له قَالَ الشاعر:
واها لريا ثم واها واها2
__________
1 ذكره الهيثمي في مجمعه "10/230" بلفظ "فيما غيرتم" بدل "فيما غيرتم" وعزاه للطبراني.
2 مجالس ثعلب "228" من رجز لأبي النجم العجلي واللسان "ويه" وجاء بعده:
يا ليت عيناها لنا وفاها ... بثمن نرضي به أباها
فاضت دموع العين من حراها ... هي المنا لو أننا نلناها

(2/338)


وأما قوله: آها فإنما يُقَالُ ذلك في التوجع ومثله أها قَالَ نابغة بني شيبان:
أقطع الليل أهة وحنينا ... وابتهالا لله أي ابتهال1
وَقَالَ المثقب:
إذا قمت أرحلها بليل ... تأوه أهة الرجل الحزين2
ويروى آهة الرجل الحزين وفيه لغات غير هذه يُقَالُ أوه من عذاب اللَّه وآه من عذاب اللَّه وأه من عذاب اللَّه وأوه من عذاب اللَّه بالتشديد والقصر قَالَ الشاعر:
فأوه من الذكرى إذا ما ذكرتها ... ومن بعد أرض بيننا وسماء3
وأما إيه وإيه لغير تنوين فإنها بمعنى الاستدعاء قَالَ ذو الرمة:
وقفنا فقلنا إيه عَنْ أم سالم ... وما بال تكليم الديار البلاقع4
وأما إيها فمعنى الزجر وأما ويها فله موضعان أحدهما إذا أغريت الرجل بالشيء قلت له ويها أبا فلان. والموضع الآخر إذا صدقت بالشيء وارتضيته قلت ويها ما أولاه.
__________
1 ديوان نابغة بني شيبان "69" برواية "لا يقطع الليل آهة وانتحابا".
2 اللسان التاج "أوه" برواية "تأوه آهة" وهو في ديوانه "194".
3 اللسان التاج "أوه" برواية "فأوه لذكراها إذا ما ذكرتها".
4 الديوان "356" وجاء في الشرح: قال الأصمعي: أساء في قوله: إنه بلا تنوين وكان ينبغي أن يقول: إيه عن أم سلمة ومعناه: حدثنا عن أم سالم, فإذا كان نهيا قال: إيها أي اكفف عنا, فإن استطبت الشيء قلت واها له كما قال أبو النجم: "واهًا لِرَيَّا ثُمَّ واهًا وَاهَا" فإن زجرت قلت: ويها يا هذا.

(2/339)


ويقال تأوه الرجل إذا قَالَ أوه. وتويل إذا دعا بالويل.
[128] / وَأَخْبَرَنِي أَبُو عُمَر قَالَ حضرنا مجلس أبي العباس ثعلب فأقبل علينا فَقَالَ: كيف الفعل من الويل؟ فبلح1 القوم ولم يكن عند واحد منهم جواب وفي المجلس ابن كيسان وغيره فأنشدنا:
تويل إذ ملأت يدي وكانت ... يميني لا تعلل بالقليل2
قَالَ أَبُو عُمَر ويقال في هذا أيضا وال يويل على وزن مال يميل.
فأما قول اللَّه تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} 3 فقد روي في هذا أَنَّهُ كان إذا ذكر النار قَالَ أوه أوه4 ويقال الأواه الموقن5.
أخبرنا ابن الأعرابي أخبرنا يحيى بن أبي طالب أخبرنا زيد بن الحباب أخبرنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ قَابُوسِ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ6 عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ الأَوَّاهُ الْمُوقِنُ.
__________
1 بلح: وانقطع "عن التاج".
2 اللسان والتاج "ويل" برواية "تول إن مددت يدي وكانت".
3 سورة هود:"75".
4 ط: "آوه أوه".
5 أخرجه طبري في تفسيره "11/49" تحت آية {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} .
6 في التقريب "2/115" قابوس بن أبي ظبيان بفتح المعجمة وسكون الموحدة بعدها تحتانية.

(2/340)


قوله: زملا فإن الزمل في كلام العرب بمعنى الحمل ومنه قولهم ازدمل فلان الحمل أي احتمله يريد أَنَّهُ في كثرة ما جمعه من العلم وادخر منه كالحمل العظيم من المتاع المحزوم.
ورواه بعض أصحابنا عَنْ أَبِي العباس السراج عَنْ أَبِي كريب فَقَالَ زملا عظيما وهذا لا وجه له إنما الزمل الضعيف وكيف يكون صغيرا عظيما ضعيفا قويا هذا لا معنى له فإنما يكون بمعنى العظيم الإزمول وهو الشيخ الكبير.
ويقال للهرم من الوعول إزمول قَالَ ابن مقبل:
عودا أحم القرى إزمولة وقلا1
قَالَ ابن عيينة: قَالَ ابن أبي حسين: كان أَبُو الدرداء من العلماء الحكماء الذين يشفون الداء2.
وَقَالَ مكحول: كان أصحاب رسول الله يقولون أتبعنا للعلم بالعمل أَبُو الدرداء.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: "نِعْمَ الْبَيْتُ الْحَمَّامُ يُذْهِبُ الصَّنَخَةَ وَيُذَكِّرُ النَّارَ"3.
مِنْ حَدِيثِ هُشَيْمٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَطِيَّةَ4 بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَوَاهُ عَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ عمرو السجستاني.
__________
1 الديوان "183" وعجزه "على تراث أبيه يتبع القذفا" وهو في اللسان والتاج "زمل, قذف".
2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "1/225" عن سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أبي حسين عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ يزيد بن معاوية.
3الفائق "صنخ" "2/317" والنهاية "صنخ" "3/55".
4 س: "عن عطية عن فيس" "تحريف" والمثبت عن بقية النسخ, وفي التهذيب "7/228" وعطية بن فيس يروي عن أبي الدرداء انظر ترجمة عطية ين قيس.

(2/341)


الصنخة سهوكة الريح من صنان أو درن أو نحوه يُقَالُ صنخ بدنه وسنخ والسين أشهر والصاد مسموعة وقد تتعاقب الصاد والسين في مواضع.

(2/342)


وأما قوله: ولا يعتق محرروهم فإنه قد فسره بمعنى أنهم إذا أعتقوا عبدا لم يطلقوه لكنهم يستخدمونه كما يستخدم العبد فمتى أراد فراقهم ادعوا رقه. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ وهذا وجه وقد بقي فيه قولان آخران:
أحدهما أنهم إذا أعتقوا عبدا اعتدوا عليه بالعتق واستعبدوه بالمنة فيبطل بذلك أجرهم قَالَ اللهُ تَعالَى: {لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} 1.
والوَجْه الآخر أن يكون ذَلِكَ في ولاء من أعتقوه وذلك أن العرب كانت تبيع الولاء وتهبه وتناقله تناقل الملك فلذلك نهى عَنْ بيع الولاء وهبته2. وَقَالَ الولاء لحمة كلحمة النسب3.وأنشد ابن الأعرابي عَنِ المفضل يذكر هذا الصنيع لقوم في مولى لهم:
فباعوه عبدا ثم باعوه معتقا ... فليس له حتى الممات خلاص
[130] وقَالَ أَبُو سُلَيْمَانُ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ ذَكَرَ الْجَنَّةَ فَقَالَ: / لَيْسَ فِيهَا مَنِيٌّ وَلا مَنِيَّةٌ إِنَّمَا تَدْحُمُوهُنَّ دَحْمًا4.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ حَدَّثَنَا الدبري عن عبد الرزاق عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ.
الدحم: النكاح وفيه لغتان دحم ودحب يريد أنهم ينالون اللذات ويصانون من الآفات.
__________
1 سورة البقرة: "264".
2 أخرجه أبو داود في الفرائض "3/127" والدارمي في الفرائض أيضا "2/398".
3 أخرجه الحاكم في مستدركه "4/341" من حدديث عبد الله بن غمر وذكره الهيثمي في مجمعه "4/231" عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أوفى وعزاه للطبراني وأخرجه الدارمي ف الفرائض "2/398" من قول عبد الله ولم يرفعه.
4 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "11/421".

(2/344)


وقَدْ رُوِيَ هَذَا الْكَلامُ مَرْفُوعًا. حَدَّثَنِيهِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مالك أخبرنا محمد بن أيوب أخبرنا عمرو بن رافع أخبرنا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ حُصَيْنُ بْنُ شَرِيكٍ قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا يكنى أبا عبد الرحمن يُحَدِّثُ عَنْ مَيْمُونَةَ مَوْلاةِ النَّبِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ يَتَنَاكَحُ أَهْلُ الجنة قال نعم دحما دحما1.
__________
1 لم أجده من حديث ميمونة وذكره الهيثمي في مجمعه "10/416" من حديث أبي أمامة مرفوعا وذكره الحافظ في المطالب العالية هذا الحديث بلفظ "خداما خداما" وهو تحريف وفي كنز العمال "14/484" بلفظ "دحاما دحاما" عن أبي أمامة كذالك في "14/648".

(2/345)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ أُمَّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ فِي حَدِيثِ رَوَتْهُ عَنْهُ: حَدَّثَنِي سَيِّدِي أَبُو الدَّرْدَاءِ أخبرناه ابن داسة أخبرنا أبو داود.
أخبرنا رجاء بن المرجى حدثنا النضر بن شميل أخبرنا مُوسَى بْنُ ثَرَوَانَ حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بن عبيد الله بْنِ كَرِيزٍ1 قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ حَدَّثَنِي سَيِّدِي أَبُو الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه يَقُولُ: "إِذَا دَعَا الرَّجُلُ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ" 2.
للسيد في هذا معنيان أحدهما أن يكون بمعنى الرئيس وأن تكون أرادت بهذا القول تسويده وتعظيمه. والآخر وهو أخصهما به أن يكون بمعنى الزوج.
__________
1كذا في المشتبه "2/551" طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كريز الخزاعي وفي التقريب "1/379" طلحة بن عبيد الله كريز بفتح أوله الخزاعي – أبو المطرف ثقة مات بعد المائة وفي جميع النسخ "طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كريز".
2 أخرجه أبو داود في الوتر "2/89" وأخرجه أحمد في مسنده "6/452" وابن الأثير في أسد الغابة "7/327" من حديث أم الدرداء.

(2/345)


أخبرني أَبُو عُمَرَ أَخْبَرَنَا ثَعْلَبٌ عَنِ ابن الأعرابي قَالَ السيد الزوج وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} 1 أي زوجها قَالَ الأعشى:
وسيد نعم ومستادها
ويقال استاد الرجل في بني فلان إذا نكح في سادتهم قَالَ الشاعر:
أراد ابنُ كُوزٍ والسَّفَاهَةُ كاسْمِها ... لِيَسْتَادَ منا أن شتونا لياليا3
وقد يتأول حديث عائشة أيضا على هذين المعنيين.
حَدَّثَنَاهُ ابْنُ الأَعْرَابِيِّ أخبرنا أبو سعيد الحارثي أخبرنا يحيى بن سعيد القطان أخبرنا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ الرَّمَّامُ حَدَّثَتْنِي كَرِيمَةُ بِنْتُ هَمَّامٍ قَالَتْ كُنْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ فَسَأَلَتْهَا امْرَأَةٌ عَنِ الْخِضَابِ فَقَالَتْ كَانَ سَيِّدِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ رِيحَتَهُ وَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ عَلَيْكُنَّ أَخَوَاتِي أَنْ تَخْتَضِبْنَ4.
وأشبه الوجهين أن تكون أرادت زوجي لأن الإضافة بالاسم الخاص يدل على معنى خاص وقد كان رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيد المسلمين كافة ورئيس الخلق قاطبة.
وفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحِنَّاءَ لَيْسَ مِنَ الطِّيبِ وَأَنَّ الْمُحْرِمَةَ إِذَا اخْتَضَبَتْ بِهِ
__________
1 سورة يوسف: "25"
2 اللسان التاج "سود" برواية "وسيد تيا ومستادها" وصدره "فكنت الخليفة من بعلها" وفي الديوان "58" برواية الخطابي وصدره "فبت الخليفة من زوجها".
3 اللسان التاج "سود" برواية "تمنى ابن كوزوالبيت غير معزو.
4 أخرحه أبو داود في الترجل "4/76" عن علي بن المبارك عن يَحْيَى بن أبي كَثير عن كريمة بلفظ "لا بأس به ولكن أكرهه كان حبيبي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يكره ريحه" وأخرحه النسائي في زينة "8/142" عن علي بن المبارك عن كريمة وذكره المزي في الكمال "17/848" في ترجمة كريمة.

(2/346)


لم يكن عليها الفدية ألاتراه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ" 1 فَلَوْ كَانَ الْحِنَّاءُ مِنَ الطِّيب لَمْ يُكْرَهُ رِيحُهُ وَاللَّهُ أعلم.
__________
1 أخرجه النسائي في عشرة النساء "7/61" وأحمد في مسنده "3/128, 199, 285".

(2/347)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أبي الدرداء: نعم الفارس عويمر غير أفة1.
ذكره الواقدي في المغازي إما عزاه إلى رسول الله وإما إلى قائل أثني على أبي الدرداء بحضرته.
وقد جاء تفسيره غير جبان أو غير ثقيل هكذا جاء في الحديث وأرى الأصل فيه الأفف وهو الضجر قاله ابن الأعرابي يريد غير ضجر ولا وكل في الحرب.
وَقَالَ بعض أهل اللغة معنى الأفة المعدم المقل من الأفف وهو الشيء القليل قَالَ / وهو أيضا [131] الرجل القذر من الأف وهو وسخ الأذن. قال أَبُو سُلَيْمَانَ والقول الأول أجود لأنه قد ينتظم المعنيين المذكورين من الجبن والثقل والله أعلم.
ويقال فلان أفوفة وهو الَّذِي لا يزال يقول لصاحبه أف لك.
__________
1أخرجه الواقدي في مغازيه "1/253" مرفوعا بدون قوله: "غير أفة" وأخرجه في طبقاته "7/392" بتمامه بطريق الواقدي.

(2/347)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أبي الدرداء أَنَّهُ قَالَ: أقرض من عرضك ليوم فقرك1. قال ابن الأنباري معناه أن من سب أباك وأسلافك
__________
1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "1/218" وهو في تهذيب ابن عساكر "6/203" في حديث طويل بلفظ "ليوم فقدك" بدل "ليوم فقرك".

(2/347)


فلا تسب أباه وأسلافه ولكن اجعل ذلك قرضا عليه ليوم القصاص والجزاء قَالَ وَقَالَ ابن قتيبة العرض هاهنا النفس ولا يجوز أن يكون المراد به الأسلاف لأنه إذا ذكر أسلافه لم يكن التحليل إليه لأنه ذكر قوما موتي.
قَالَ أَبُو بَكْر وليس المعنى عندنا في هذا كما قَالَ لأنه لم يحلله من سبه الآباء إنما أحله مما وصل إليه من الأذى في ذكره أسلافه واحتج في العرض بقول مسكين الدارمي:
رب مهزول سمين عرضه ... وسمين الجسم مهزول الحسب1
قَالَ فمعناه رب مهزول الجسم والبدن كريم الآباء. وقَالَ آخر:
قاتلك اللَّه ما أشد عليك البذل ... في صون عرضك الخرب2
يريد في صون أسلافك اللئام.
__________
1 اللسان التاج "عرض".
2 اللسان التاج "عرض" برواية "الجرب" بدل "الخرب".

(2/348)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَجُلا قَالَ: لَهُ إِنَّ إِخْوَانَكَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُقْرِئُونَكَ السَّلامُ وَيَأْمُرُونَكَ أَنْ تَعِظَهُمْ فَقَالَ اقْرَأْ عَلَيْهِمِ السَّلامَ وَمُرْهُمْ أَنْ يُعْطُوا الْقُرْآنَ بِخَزَائِمِهِمْ1.
أخبرناه ابن مكي أنبأنا الصائغ أخبرنا سعيد أخبرنا حَمَّادُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قُلابَةَ الخزائم جمع خزامة وهي ما يجعل في أنف البعير ليذلل به فما كان من الشعر فهو خزامة وما كان من خشب فهو خشاش وما كان من صفر فهو
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "3/368" عن معمر عن أيوب والدارمي في سننه "2/434" في فضائل القرآن عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أيوب.

(2/348)


برة يُقَالُ خزمت الناقة من الخزامة وخششتها من الخشاش وأبريتها من البرة هذه وحدها بالألف.
يريد بإعطائهم القرآن بخزائمهم إلقاء الأزمة إليه والانقياد لحكمه والباء في قوله: بخزائمهم مزيدة كقولك أخذت بالشيء بمعنى أخذته وكقول الشاعر:
نضرب بالسيف ونرجو بالفرج

(2/349)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: سَلُونِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ فَقَدْتُمُونِي لَتَفْقِدُنَّ زِمْلا عَظِيمًا مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلامُ1.
مِنْ حَدِيثِ أَبِي كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أبي الدرداء
__________
1 ذكره السيوطي في الجامع الكبير "2/641" وعزاه للروياني وابن عساكر.

(2/340)


قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: لأَنَا أَعْلَمُ بِشِرَارِكُمْ مِنَ الْبَيْطَارِ بِالْخَيْلِ هُمُ الَّذِينَ لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا دَبْرًا وَلا يَسْمَعُونَ الْقُرْآنَ إِلا هَجْرًا وَلا يُعْتَقُ مُحَرَّرُوهُمْ1.
حدثنيه ابن مالك أخبرنا الحسن بن سفيان أخبرنا ابن أبي شيبة حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ. ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابٍه وَرَوَاهُ: لا يسمعون القول إِلا هَجْرًا قَالَ: وَهُوَ الْخَنَا وَالْقَبِيحُ مِنَ الْقَوْلِ.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: هذا غلط وذلك لأن أحدا ممن أنكر القرآن أو عارضه لم يزعم أن شيئا من كلامه يدخله [129] الخنا أو يخالطه الفحش ولم يمكنه أن يدعي شيئا من هذا عليه لنزاهة / ألفاظه عَنْ دنس الهجر وبراءتها من قذع الفحش وإنما رموه بالصنعة والتزوير لرائع ألفاظه وبديع نظامه فمرة ادعوا عليه السحر لإعجازه ومرة نحلوه الصنعة لحسن بيانه فأما أن يعيبوه بأنه هجر من القول وإفحاش فأمر خارج عَنْ جملة ما أجروا إليه في رده وإنكاره وكيف كان يروج ذلك لمن تعاطاه والحواس من السامعين له تكذب القائلين به وتقضي بالجهل وسوء الفهم هذا لا وجه له ولا معنى فيه وإنما الرواية الصحيحة هجرا بفتح الهاء ومعناه الترك له والإعراض عنه يقال هجرت الشيء هجرا بمعنى أغفلته وتركته قَالَ الشاعر:
__________
1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "1/221" وابن فتيبة في غريبه "2/272 – 273" برواية "ولا يعتق محررهم".

(2/342)


وأكثر هجر البيت حتى كأنني مللت وما بي من ملال ومن هجر وَيَدُّلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا قَوْلُهُ: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً} 1 ومنه قول عبد الله بْنُ مَسْعُودٍ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ لا يَأْتِي الصَّلاةَ إِلا دُبْرًا وَلا يَذْكُرُ اللَّهَ إِلا مُهَاجِرًا2 يُرِيدُ هُجْرَانَ الْقَلْبِ وَتَرْكَ الإِخْلاصِ فِي الذِّكْرِ وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ به المنافقين فقال {يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً} 3.
وقد يكون الهجر أيضا بمعنى الهذيان والتخليط في الكلام بمنزله كلام المبرسم4 وحديث من لا يعقل ما يقول يُقَالُ هجر المريض يهجر هجرا ومنه قوله تعالى: {سَامِراً تَهْجُرُونَ} 5 فأما الهجر بضم الهاء فهو الفحش يُقَالُ منه أهجر إهجارا بالألف
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ وأري ابن قتيبة6 إنما أتي في هذا التأويل من جهة اختلاف7 اللفظ وذلك أَنَّهُ رواه في كتابه ولا يسمعون القول مكان قوله: ولا يسمعون القرآن فتوهم أَنَّهُ أراد به قول الناس وحديثهم. وإنما الصحيح من الرواية ما كتبناه هاهنا على أَنَّهُ لا فرق بينهما في المعنى وذلك لأنه إنما أراد بالقول القرآن كقوله: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} 8 يريد القرآن والله أعلم.
__________
1 سورة الفرقان:"30".
2 تقدم تحريحه في أحاديث ابن مسعود.
3 سورة النساء: "142".
4 القاموس "برسم" اليرسام: علة يهذى فيها, برسم بالضم فهو مبرسم.
5 سورة المؤمنون: "67".
6 د, ح: "وأرى القتبي".
7 د: "اخبلاط".
8 سورة الزمر: "18".

(2/343)