غريب الحديث للخطابي حَدِيثُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَحِمَهُ
اللَّهُ
حَدِيثِ سَلْمَانَ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَعَا
امْرَأَتَهُ بُقَيْرَةَ فَقَالَ لَهَا: "إِنَّ لِي الْيَوْمَ زُوَّارًا
... ".
...
حَدِيثُ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ أَنَّهُ: لَمَّا
حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَعَا امْرَأَتَهُ بُقَيْرَةَ فَقَالَ لَهَا
إِنَّ لِي الْيَوْمَ زُوَّارًا ثُمَّ دَعَا بِمِسْكٍ فَقَالَ
أَوْخِفِيهِ فِي تَوْرٍ فَفَعَلَتْ فَقَالَ انْضَحِيهِ حَوْلَ فراشي1.
يرويه عبيد الله بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنْ فِرَاسٍ عَنِ
الشَّعْبِيِّ أَخْبَرَنِي الْجَزْلُ عَنِ امْرَأَةِ سَلْمَانَ
بُقَيْرَةَ.
قوله: أوخفيه أي اضربيه بالماء
قَالَ أَبُو عبيدة يُقَالُ لجنت الخطمي وأوخفته والاسم منه اللجين
والوخيف قَالَ الراجز:
إني إذا ما الأمرُ كان مَعْلا ... وأَوْخَفَت أَيدي الجبان غسلا2
شبه ارتعاش يد الجبان من الخوف بيدي موخف الخطمي.
[131] والميخف الإناء الَّذِي يوخف الخطمي فِيهِ وَمِنْ هَذَا حَدِيثُ
أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ اسْتَقْبَلَ الْحُسَيْنَ بْنِ / عَلِيِّ بْنِ
أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَهُ: اكْشِفْ لِي عَنِ
__________
1 أخرجه ابن سعد في طبقاته "4/92" بلفظ"أديفيه في تنور" بدل "أوخفي في
تور" وأبو نعيم في الحلية "1/208" بلفظ "أذيفيه في تور" وذكره الهيثمي
في مجمعه "9/344" بلفظ "أديفيه في ثور" وعزاه للطبراني وهو في الفائق
"وخف" "4/49".
2 اللسان التاج "معل" وعزي الرجز للقلاح برواية "وأوخفت أيدي الرجال
الغسلا" وجاء بعدهما "لم تلفني دارجة ووغلا: وجاء في الشرح إذا كان
الأمر اختلاسا. "وأوخفت أيدي الرجال الغسلا" أي قلبوا أيديهم في
الخصومة كأنهم يضربون الخطمي قال ابن الأعرابي: كانت العرب إذا توقفت
للحرب تفاخرت قبل الوقعة فترفع أيديها وتشتر بها فتقول: فعل أبي كذا
وكذا, وقام بالأمر كذا وكذا فشبهت أيديهم بالأيدي التي توخف الخطمي وهو
الغسل, والدارجة والوغل: الخسيس.
(2/350)
الْمَوْضِعِ الَّذِي رَأَيْتَ رَسُولَ
اللَّهِ يُقَبِّلُهُ مِنْكَ فَكَشَفَ لَهُ عَنْ سُرَّتِهِ كَأَنَّهَا
مِيخَفُ لُجَيْنٍ فَانْكَبَّ عَلَيْهَا يُقَبِّلُهَا1 أَيْ مُدْهَنُ
لُجَيْنٍ.
__________
1 النهاية "وخف" "5/164"
(2/351)
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ أَنَّهُ: رُئِيَ مَطْمُومُ الرَّأْسِ وَكَانَ أَرْفَشَ1.
حَدَّثَنِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ سعدويه أخبرنا ابن الجنيد أخبرنا عبد
الوارث عن ابن المبارك عن عبد الله بْنِ شَوْذَبَ.
هكذا قَالَ أرفش وإنما هو أشرف وهو الطويل الأذنين يُقَالُ أذن شرفاء
أي طويلة.
وأخبرني الكراني أخبرنا ابن شبيب أخبرنا المنقري أخبرنا الأصمعيّ قَالَ
قَالَ أبو عمرو بن العلاء من صغرت أذناه قيل له أصمع ومن قصرت أذناه
فهو أسك ومن عظمت أذناه فهو أغضف.
وَقَالَ بعض أهل اللغة الأرفش العريض الأذن شبه بالرفش وهو المجرفة من
الخشب.
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ سلمان رئي مطموم الرأس مُزَقَّقًا
وَقِيلَ لَهُ شَوَّهْتَ نَفْسَكَ فَقَالَ إِنَّ الْخَيْرَ خَيْرُ
الآخِرَةِ2 أَيْ كَهَيْئَةِ الزِقِّ يُجَزُّ شَعْرُهُ.
وَقَالَ الأصمعي: المزقق الجلد يسلخ من قبل رأسه وَقَالَ الطرماح:
ولو أن يربوعا يزقق مسكه ... إذا نهلت منه تميم وعلت3
__________
1الفائق "طمم" "2/368" والنهاية "رفش" "2/243" و "طمم" "3/139".
2 أخرجه أبو نعيم في الحلية "1/199" عن ابن شوذب بلفظ"كان سلمان رضي
الله عنه يحلق رأسه قال: فيقال له: ما هذا يا أبا عبد الله؟ فقال: إنما
العيش عيش الآخرة.
3الديوان "63" الأساس "زقق" يهجو تميما.
(2/351)
أي يتخذ منه زق.
وقَالَ غيره الجلد المرجل الَّذِي يسلخ من قبل الرجل والمزقق الَّذِي
يسلخ من قبل رأسه1.
__________
1 من د.
(2/352)
وقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ أَنَّهُ: دُخِلَ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ
فَنَظَرُوا فِي بَيْتِهِ فَإِذَا إِكَافٌ وَقُرْطَاطٌ وَمُتَيْعٌ1.
حَدَّثْتُ بِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عبد العزيز حدثنا حَجَّاجٌ عَنْ
حَمَّادٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ.
القرطاط حشية تكون تحت الإكاف لذوات الحافر كالبرذعة للبعير والعامة
تجعل البرذعة لذوات الحافر وإنما هي للإبل قَالَ الشاعر:
كأن جلب الرحل والقرطاط ... على سراة ناشط وخاط2
وفيه لغة أخرى وهو القرطان بالنون. والحلس الكساء الَّذِي يجعل تحت
البرذعة يُقَالُ أحلست البعير من الحلس3 وأقتبته من القتب وأبطنته من
البطان وألببته من اللبب وأعذرته من العذار وأشنقته من الشناق
__________
1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "1/196" هن مؤرق العجلي بلفظ"إلا إكافا
ووطاء ومتاعا" وأخرجه أيضا في "1/196" عن ابن المسيب ما عدا قوله
الأخير وذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة "1/551" وأخرجه ابن المبارك في
الزهد ص "344" عن مؤرق بعض أصحابه ممن أدرك سلمان بلفظ"فلم نر إلا
إكافا وقرطاطا" والقرطاط: البرذعة التي تكون تحت الإكاف وانظر تهذيب
تاريخ ابن عساكر "6/211".
2 ديوان العجاج "250" برواية "ناشط خطاط" والخطاط: الذي يشق الأرض
يقطعها إلى غبرها.
3 ط, د: "بالحلس".
(2/352)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ مَرَّ بِهِ فَقَالَ: لَقَدْ كَانَ فِي
قَصَرَةِ هَذَا مَوَاضِعٌ لِسُيُوفِ الْمُسْلِمِينَ1.
حدثنيه الحسن بن عبد الرحيم أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا بشر بن
هلال الصواف أخبرنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ عَنْ
ثَابِتٍ.
القصرة أصل الرقبة.
وروى الأَوْزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي صالح
الأشعري عَنْ أبي ريحانة قال إني لأجد في بعض ما أنزل من الكتب الأقبل
القصير القصرة صاحب العراقين مبدل السنة يلعنه أهل السماء وأهل الأرض
ويل له ثم ويل له2.
والقصر داء يأخذ في العنق فيلتوي منه قَالَ طرفه:
وأنا امرؤ أكوي من القصر الـ ... ـبادي وأغشى الدهم بالدهم3
__________
1 الفائق "قصر" "3/202" والنهاية "قصر" "4/68" وجاء فيها: وذلك قبل أن
يسلم فإنهم كانوا حراصا على قتله, وقيل: كان بعد إسلامه.
2 النهاية "قصر" "4/68".
3 الديوان "95".
(2/353)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
سلمان أنه: إِذَا أَصَابَ / الشَّاةَ مِنَ الْغَنَمِ فِي دَارِ
الْحَرْبِ عَمَدَ إِلَى [133] جِلْدِهَا فَجَعَلَ مِنْهُ جَرَابًا
وَإِلَى شَعْرِهَا فَجَعَلَ مِنْهُ حَبْلا فَيَنْظُرُ رَجُلا قَدْ
صَوَّعَ بِهِ فَرَسُهُ فَيُعْطِيَهُ1.
يَرْوِيهِ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حدثنا عبد الرحمن بْنُ زِيَادٍ عَنْ
شُعْبَةَ عَنْ عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة.
__________
1 أخرجه سعيد بن منصور في سننه "2/295" وفيه: "قد صرع به" بدل "قد صرع
به" كما في تهذيب ابن عساكر "6/208 – 209".
(2/353)
قوله: صوع به فرسه أي جمح برأسه وامتنع
وأكثر ما يُقَالُ هذا في الطائر إذا تابع تحريك رأسه قيل صوع رأسه
ويقال: تصوع القوم إذا ولو سراعا مثل انصاعوا وتصوع الشعر إذا تفرق
قَالَ متمم1:
وأرملة تمشي بأشعث محثل ... كفرخ الحبارى رأسه قد تصوعا
وفيه من الفقه أَنَّهُ رأى ما يصيبه الرجل في دار الحرب ملكا له دون
أصحابه سواء كان طعاما أو غيره وهو رأي مالك فأما الشافعي فلا يجيز له
الانتفاع إلا بالطعام ومن انتفع بشيء سواه فاستهلكه أدى قيمته وما نقصه
ضمنه لأهل المغنم.
__________
1 د: "تميم" البيت لمتمم بن نويرة, جاء ضمن قصيدة في المفضليات "266"
برواية "قد تضوعا" بدل "قد تصوعا".
(2/354)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ لِكُلِّ امرىء جُوَّانِيًّا
وَبرَّانِيًّا فَمَنْ يُصْلِحُ جُوَّانِيَّهُ يُصْلِحُ اللَّهُ
بَرَّانِيَّهُ. وَمَنْ يُفْسِدُ جُوَّانِيَّهُ يُفْسِدُ اللَّهُ
بَرَّانِيَّهُ1.
حَدَّثَنِيهُ عبد الله بن محمد أخبرنا ابن الجنيد أخبرنا عبد الوارث عن
عبد الله أخبرنا سُفْيَانُ عَنْ عَطَاءَ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي
الْبُخْتُرِيِّ عَنْ سَلْمَانَ.
جوانيه سره ودخلته منسوب2 إلى الجو زيدت في النسبة الألف والنون كقولهم
رباني إذا نسبوا إلى الرب ولحياني وجماني إذا وصف بعظم اللحية ووفور
الجمة والبراني منسوب إلى البر يقول من أصلح باطن أمره فيما بينه وبين
اللَّه أصلح اللَّه له ظاهره وحسن في أعين الناس أمره ومن أفسد سره
ونيته أفسد اللَّه أمره وقبح في عيون الناس علانيته
__________
1 أخرجه عبد الله بن المبارك في الزهد كما في زيادات نعيم بن نعيم بن
حماد "17" وأخرجه أبو نعيم في الحلية "1/203".
2 د: "منسوبة إلى الجو".
(2/354)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ أَنَّهُ: "كَاتَبَ أَهْلَهُ عَلَى ثلاثمائة وَسِتِّينَ
عَذْقًا وَعَلَى أَرْبَعِينَ أَوْقِيَّةً خِلاصٍ فَأَعَانَهُ سَعْدُ
بْنُ عُبَادَةَ بستين عذقا"1.
يَرْوِيهِ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ
وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ.
العذق بفتح العين النخلة والعذق بكسرها الكباسة وكان أهله كاتبوه على
أن يغرسها لهم فسلانا ففعل فما أخطأت منها ودية والخلاص والخلاصة ما
أخلصته النار من الذهب ومنه خلاصة السمن إذا سلي وخلاصه قَالَ أَبُو
الدقيش الزبد خلاص اللبن.
__________
1 لم أجده في مغازي الواقدي وقد أخرجه قصة إسلام سلمان ومكاتبته محمد
بن إسحاق في السيرة "66 – 70" وأحمد في مسنده "5/442 – 443" وغيرهما
بألفاظ متقاربة وانظر الفائق "عذق" "2/406".
(2/355)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ أَنَّهُ: كَتَبَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ يَا أَخِي إِنْ
تَكُنْ بَعُدَتِ الدَّارُ مِنَ الدَّارِ فَإِنَّ الرُّوحَ مِنَ
الرُّوحِ قَرِيبُ وَطَيْرُ السَّمَاءِ عَلَى أَرْفَهِ خَمَرِ الأَرْضِ
تقع1.
حدثناه الأصم أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا أسد بن موسى أخبرنا بقية
بن الوليد أخبرنا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَعْدٍ عَنْ أَبِي
الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى سَلْمَانَ يَدْعُوهُ إِلَى الأرض
المقدسة فكتب إليه سَلْمَانُ بِذَلِكَ. فَلَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ
رَوَاهُ الأَصَمُّ أَرْفَهُ بِفَتْحِ الأَلِفِ أَوْ أُرْفَهُ
بِضَمِّهَا فَإِنْ كَانَتِ الرِّوَايَةُ أَرْفَهُ فَمَعْنَاهُ أَخْصَبَ
مِنَ الرفة / وإن كانت أرفة فمعناه الْحَدُّ وَالْعَلَمُ يُجْعَلُ
بَيْنَ أَرْضَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا وَفِي [134] الْحَدِيثِ "إِذَا
وَقَعَتِ الأُرَفُ انْقَطَعَتِ الشُّفْعَةُ" 2يُرِيدُ الحدود
__________
1 أخرجه أبو نعيم في الحلية "1/205" قصة دعوة أبي الدرداء لسليمان إلى
الأرض المقدسة وذكره ما كتبه له سليمان بألفاظ مختلفة وهو في تهذيب ابن
عساكر "6/209".
2 لم أجده بهذا اللفظ وقد أخرجه أبو عبيد في غريبه "417:3" من حَدِيثُ
عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بلفظ "والأرف تقطع كل شفعة" والبيهقي
في سننه "6/105" وانظر كنز العمال "11:7".
(2/355)
ومنه حديث عبد الله بن سلام: "وايم اللَّه
ما أجد لهذه الأمة من أرفة أجل بعد السبعين" 1 يريد من حد ينتهي إليه.
وحكى بعض أهل اللغة أن امرأة من العرب كانت تبيع تمرًا فقالت إن زوجي
أرف لي أرفة لا أجاوزها تريد أَنَّهُ حد لها في السعر حدًا لا تجاوزه
والخمر كل ما واراك وسترك من شجر وغيره ويقال في الرجل الذليل أَنَّهُ
لا يدب إلا في خمر ولا يشرب إلا من كدر وإنما أريد به الشجر هاهنا لأنه
مأوي الطير ومسقطه وهذا مثل2 ضربه يريد به الاعتذار إليه يقول مقامي في
وطني أرفق بي.
__________
1 النهاية "أرف" "1/40".
2 أورده الميداني "2/417" والزمخشري "2/400" واللسان "خمر, ضرا" مع
اختلاف الرواية.
(2/356)
|