غريب الحديث للخطابي

حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه
حَدِيثِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: "لَمَّا دَعَانِي أَبُو بَكْرٍ إِلَى جَمْعِ الْقُرْآنِ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَعُمَرُ مُحْزَئِلٌّ في المجلس".
...
حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا دَعَانِي أَبُو بَكْرٍ إِلَى جَمْعِ الْقُرْآنِ دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَعُمَرُ مُحْزَئِلٌّ فِي الْمَجْلِسِ1.
يَرْوِيهِ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
يُقَالُ احزأل الرجل إذا جمع نفسه واستوفز لأمر يريده قَالَ الطرماح:
ولو خرج الدجال ينشد دينه ... لزافت تميم حوله واحزألت2
وكان عُمَر إذ ذاك ينكر3 رأي أبي بكر في جمع القرآن فَقَالَ له: كيف تصنع شيئا لم يصنعه رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم وافقه بعد وعلم أن الحق في متابعته.
__________
1 الفائق "حزل" "1/279" والنهاية "حزل" "1/379".
2 الديوان "56" وفي اللسان "حزل" والفائق "حزل" "1/257" برواية الخطابي. ذافت أي أسرعت في المشي, واحزألت: اجتمعت وارتفعت إليه.
3 س: "منكر".

(2/368)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: "فِي الْخَرَمَاتِ الثَّلاثِ فِي الأَنْفِ الدِّيَةُ, وَفِي كل واحدة منها ثلث الدية"1
__________
1أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "8/88" عن أحمد عن عباد بن العوام.

(2/368)


يَرْوِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيبة أخبرنا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
الخرمات جمع الخرمة وهي بمنزلة الاسم من نعت الأخرم كالشترة من الأشتر والقطعة من الأقطع.
قال الأصمعي: الخرم في الأنف أن تنشق الوترة التي بين المنخرين أو ينخرم الأنف من عرضه. يُقَالُ رجل أخرم / وأصل الخرم في الأنف قطع لا يبلغ الجدع يريد أنه إذا قطع إحدى الناشرتين كان فيها [138] ثلث الدية وإن قطعهما معا كان فيهما ثلثا الدية فإن قطع الناشرتين مع الوترة وهو أن يستوعب المارن كله كانت فيه الدية كاملة.

(2/369)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ زَيْدٍ أَنَّهُ: قَضَى فِي الْبَازِلَةِ بِثَلاثَةِ أَبْعِرَةِ1.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ المكي أخبرنا الصائغ أخبرنا سعيد بن منصور أخبرنا هَشِيمٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ مَكْحُولٍ.
البازلة في الشجاج هي التي يسمونها المتلاحمة وسميت بازلة لأنها تبزل أي يشق عنها اللحم ومن هذا بزول ناب البعير وهو طلوعه أول ما يفطر.
قَالَ الأصمعي: أول الشجاج الحارصة وهي التي تحرص الجلد. قليلا أي تشقه ثم الباضعة وهي التي تشق اللحم بعد الجلد ثم المتلاحمة وهي التي قد أخذت في اللحم ثم السمحاق وهي التي بينها وبين العظم قشرة رقيقة ثم الموضحة وهي التي تبدي وضح العظم وفيها خمس من الإبل.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "9/307" بلفظ "في المتلاحمة ثلاث من الإبل" في حديث طويل وكذلك البيهقي في السنن الكبرى "8/84" والدارمي في سننه "3/201" بطريق عبد الرزاق.

(2/369)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ زَيْدٍ أَنَّهُ: كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ يَسْتَعْطِفُهُ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَفِي الْكِتَابِ أَنَّهُمْ حَدِيثُ عَهْدِهِمْ بِالْفِتْنَةِ قَدْ مَصَعَتْهُمْ وَطَالَ عَلَيْهِمُ الْجَذْمُ وَالْجَدْبُ وَأَنَّهُمْ قَدْ عَرَفُوا أَنْ لَيْسَ عِنْدَ مَرْوَانَ مَالٌ يُجَادُونَهُ عَلَيْهِ إِلا مَا جَاءَهُمْ مِنْ عِنْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ1.
يَرْوِيهِ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ داود أنبأنا عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان عن أبي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ.
قوله: مصعتهم أي عركتهم ونالت منهم والمصع الضرب وقد يكون ذلك بالسلاح وبغيره ويقال تماصع القوم إذا تضاربوا فأما المعص فهو الوجع2 ويقال إن المعص داء يصيب الإنسان في عصبه من كثره المشي.
ويروى أن عمرو بن معد يكرب شكاه إلى عُمَر فَقَالَ: "كذب عليك العسل"3 أي عليك بالعسلان وهو ضرب من العدو مثل عدو الذئب قَالَ الشاعر:
والله لولا وجع بالعرقوب ... لكنت أبقى عسلا من الذيب4
ومثله النسلان.
__________
1 الفائق "مصع" "3/370" والنهاية "مصع" "4/337".
2 د, ح: "فأما المعص فمن الوجع".
3 النهاية "عسل" "3/237".
4 اللسان والتاج "عسل" دون عزو.

(2/370)


وحدثني أحمد بن عبدوس أخبرنا أحمد بن عمرو الزيبقي أخبرنا محمد بن معمر البحراني1 أخبرنا روح بن عبادة أخبرنا ابن جريح حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ. قَالَ شَكَا نَاسٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثْرَةَ الْمَشْيِ فَدَعَا لَهُمْ وَقَالَ: "عَلَيْكُمْ بِالنَّسَلانِ" 2 وقالوا: فَنَسَلْنَا فَوَجَدْنَاهُ أَيْسَرَ عَلَيْنَا والجذم القطع وبه سمى الأقطع أجذم يُقَالُ جذمت الشيء فانجذم قَالَ الأعشى:
أتترك غانية أم تلم ... أم الحبل واه بها منجذم3
يريد بالجذم انقطاع الميرة عنهم.
وَقَوْلُهُ: يجادونه عليه من الجدا4 وهو العطاء يُقَالُ جدا عليه يجدو إذا أعطاه والجدوى العطية.
__________
1 د: "النجراني" تصحيف والمثبت في باقي النسخ. وفي التقريب "2/209" محمد بن معمر بن ربعي القيسي البصري البحراني, بالموحدة والمهملة صدوق مات سنة 250 هـ.
2 النهاية "نسل" "5/49" والفائق "مسل" "3/421".
3 مطلع قصيدة في ديوانه "196" برواية "أتهجر" بدل "أتترك".
4 د: "من الجداء".

(2/371)


وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ زَيْدٍ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ حَكِيمٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أَعْرَابِيَّةً فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَإِذَا هِيَ خَضْرَاءُ فَكَرِهَهَا فَلَمْ يَكْشِفْهَا فَطَلَّقَهَا فَأَرْسَلَ مَرْوَانُ فِي ذَلِكَ إِلَى زَيْدٍ فَجَعَلَ لَهَا صَدَّاقًا كَامِلا1
/ حَدَّثَنِيهُ الْحَسَنُ بْنُ صالح أخبرنا ابن المنذر أخبرنا ابن عبد الحكم أنبأنا ابن وهب أخبرنا ابن أبي [139] الزناد عن أبيه أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ بِذَلِكَ.
__________
1 خرجه عبد الرزاق في مصنفه "6/286" في قصة طويلة وفيه "الحارث بن الحكم" بدل "الحارث بن الحكيم" وكذلك: غريبه بدل أعرابية. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى "7/256" مختصرا. وأخرجه الدارقطني في سننه "4/207" القصة بسياق آخر بألفاظ متقاربة.

(2/371)


قوله: فإذا هي خضراء أي سوداء والخضرة عند العرب السودا قَالَ الفضل بن العباس اللهبي1:
وأنا الأخضر من يعرفني ... أخضر الجلدة من بيت العرب2
افتخر بسواد لونه لأنه يدل على صراحة النسب وإن لم تعرق فيه الإماء.
ويقال أَنَّهُ أراد بخضره الجلد ما هو فيه من الخصب وسعة العيش ومنه قول النابغة:
يصونون أبدانا قديما نعيمها ... بخالصة الأردان خضر المناكب3
قَالَ الأصمعي: يعني بذلك ما هم فيه من الخصب قَالَ ومن هذا قولهم أباد اللَّه خضراءهم أي خصبهم وسعتهم فأما قول حسان:
أو من بني عامر الخضر الجلاعيد4
فيقال أَنَّهُ شبههم في جودهم بالبحور والبحر أخضر.
وَقَالَ ابن الأنباري للخضرة في كلام العرب معنيان أحدهما أن يكون مدحا والآخر أن يكون ذما فإن كان مدحا فمعناه كثرة الخصب وسعة العطاء.
__________
1 من د, ح.
2 في التاج "خضر" والجمهرة "2/209" وجاء فيها: يريد أنه من خالص العرب لأن ألوان العرب السمرة والأدمة, يقول: أنا في صميمهم وخالصهم, وفي الكامل للمبرد "1/253" ورسائل الجاحظ "71" ومعحم المرزباني "309" والأضداد "335" وكنايات الجرجاني "51" ونسب في كل هذا للفضل بن العباس اللهبي. وفي اللسان "خضر" عزى لعتبة بن أبي لهب وذكره في المقاييس "2/195" دون عزو.
3 الديوان "63" وشعراء النصرانية "2/648" برواية "يصونون أجسادا طويلا نعيمها".
4 الديوان "345" وصدره "أوفى الذؤابة من بيم وإخوتها".

(2/372)


من قولهم أباد اللَّه خضراءهم أي خصبهم وإذا ذم فقيل هو أخضر فمعناه هو لئيم والخضرة عندهم اللؤم قَالَ الشاعر:
كسا اللؤم تيمًا خضرة في جلودها ... فويل لتيم من سرابيلها الخضر1
ويقال: فلان أخضر القفا يريدون أنه ولدته أمة سوداء فإذا قيل: أخضر البطن فإنما يريدون أَنَّهُ حائل لطول التزاقه بالخشبة التي يطوى عليها الثوب فإذا قيل أخضر النواجذ فإنما يراد به أَنَّهُ من أهل القرى ممن يكثر أكل البصل والكراث قَالَ جرير:
كم عمة لك يا خليد وخالة ... خضر نواجذها من الكراث2
__________
1 البيت لجرير وهو في ديوانه "163" برواية "في وجوهها" بدل "في جلودها" و"فيا خزي تيم" بدل "فويل لتيم".
2 لم أقف عليه في ديوانه ط: دار صادر وهو في طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي "1/450" وجاء بعده:
نبتت بمنبته فطاب لشمتها ... ونأت عن القيصوم والجثجاث

(2/373)