غريب الحديث للخطابي حَدِيثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ
الله عنه
حَدِيثِ خَالِدٍ أَنَّهُ قَالَ: "مَا من عملي أَرْجَى عِنْدِي بَعْدَ
لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مِنْ لَيْلَةٍ بِتُّهَا والسماء تهلبني".
...
حَدِيثُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ خَالِدٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ
عَمَلِي شَيْءٌ أَرْجَى عِنْدِي بَعْدَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مِنْ
لَيْلَةٍ بِتُّهَا وَالسَّمَاءُ تَهْلُبُنِي.
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو رَجَاءٍ الْغَنَوِيُّ أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ
مَنْصُورٍ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عن عبد
الله الْمُخْتَارُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ
ثُمَّ شَكَّ حَمَّادُ فِي أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قَالَ خَالِدٌ لَمَّا
حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ: "لَقَدْ طَلَبْتُ الْقَتْلَ مَظَانَّةً فَلَمْ
يُقَدَّرْ لِيَ إِلا أَنْ أَمُوتَ عَلَى فِرَاشِي وَمَا مِنْ عَمَلِي
شَيْءٌ أَرْجَى عِنْدِي بَعْدَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مِنْ لَيْلَةٍ
بِتُّهَا وَأَنَا مُتَتَرِّسٌ بِتِرْسِي وَالسَّمَاءُ تَهْلُبُنِي"1.
[141] قوله: تهلبني أي تجودني وتمطرني يُقَالُ يوم هلاب إذا كان مطره
شديدا وفرس هلاب شديد الجري / شبه جريه بدفعات المطر وشآبيبه والهلاب
من خيل العرب معروف قَالَ الطرماح:
بيت سماعة والأمين عماده ... والأثرمان وفارس الهلاب2
وروى أَبُو عُمَر عَنْ أبي العبَّاس ثَعلَب عن ابن الأعرابي قال الهلوب
__________
1 أخرحه ابن المبارك في كتاب الجهاد "55 – 56" وفيه "بفرسي" بدل
"بترسي" وكذلك "والسماء تهلني" بدل "تهلبني" وذكره الهيثمي في محمعه
"9/350" بدون قوله: "مِنْ لَيْلَةٍ بِتُّهَا وَالسَّمَاءُ تَهْلُبُنِي"
وعزاه الحافظ في الإصابة "1/415" عن ابن المبارك بلفظ "تهلني" وفي
تهذيب ابن عساكر "5/113" بلفظ "والسماء تنهل".
2 س: الشماخ, والمثبت من باقي النسخ. وهو في ديوانه الطرماح "5"
والهلاب: اسم فرس.
(2/378)
في نعت النساء بمعنيين أحدهما التي تحب
بعلها وتواتيه شبهت بالمطر السهل قَالَ: ومنه قول عُمَر: "رحم اللَّه
الهلوب"1. يعني المرأة المواتية لزوجها المحبة لبعلها قَالَ: والهلوب
التي تفرك بعلها وتبغضه شبهت بالمطر الشديد الضار.
__________
1 في النهاية "هلب" "5/268" "رحم الله الهلوب ولعن الله الهلوب".
(2/379)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
خَالِدٍ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ إِنَّ النَّاسَ قَدِ انْدَفَعُوا
فِي الْخَمْرِ وَتَزَاهَدُوا الْجَلْدَ1.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بن المكي أخبرنا الصائغ أخبرنا سعيد بن منصور
أخبرنا أبو معاوية أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ.
قوله: تزاهدوا الجلد أي تقالوا: عدده وتحاقروه ولذلك قيل للشيء القليل
زهيد وللفقير مزهد قَالَ الأعشى:
فلن يطلبوا سرها للغنى ... ولن يسلموها لإزهادها2
وَمِنْ هَذَا حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي الجمعة. حدثناه ابن الفارسي أخبرنا يوسف بن يعقوب القاضي أخبرنا
سليمان بن حرب أخبرنا يزيد بن إبراهيم أخبرنا مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أن فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا
عَبْدٌ مُسْلِمٌ قَائِمًا يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْرًا
إِلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ" وَقَالَ: "بِيَدِهِ يُزْهِدُهَا أَي
يُقَلِّلُهَا" 3.
قَالَ ابن الأعرابي: والزهد: الحزر, يقول: أتينا بزاهد يزهد: أي بخارص
يخرص.
__________
1 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى "8/320" بطريق آخر في حديث طويل بلفظ:
"إن الناس قد النهمكوا في الخمر وتحاقروا فيه" وكذلك ذكره المتقي في
كنز العمال "5/478, 492" بطريقين.
2 الديوان "61".
3 أخرجه البخاري في الطلاق "7/66" والدعوات "8/106" ومسلم في الجمعة
"2/584" والنسائي في الجمعة أيضا "3/166" وأحمد في مسنده "2/230, 255,
498".
(2/379)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
خَالِدٍ أَنَّهُ كَانَ رَجُلا مُشَيِّعًا وَإِنَّ رَجُلا كَانَ فِي
نَفْسِهِ شَيْءٌ عَلَى حَيٍّ مِنَ الْعَرَبِ فأتى رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ قَدِ ارْتَدُّوا
فَأَرْسَلَ خَالِدًا إِلَيْهِمْ فَلَمَّا رَأَوْا نَوَاصِيَ الْخَيْلِ
قَالُوا: مَا هَذَا فَأَخْبَرَهُمْ خَالِدٌ الْخَبَرَ فَخَنُّوا
يَبْكُونَ وَقَالُوا: نَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَكْفُرَ1.
يَرْوِيهِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ
فُضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ. المشيع:
الرجل الشجاع قَالَ تأبط شرا:
قليل غرار النوم أكبر همه ... دم الثأر أو يلقى كميا مشيعا2
وخنوا من الخنين وهو دون الحنين الخنين بالخاء معجمة من الأنف والحنين
من الحلق والصدر قَالَ الشاعر:
فما ابنك إلا من بني الناس فاصبري ... فلن يرجع الموتى حنين المآتم3
أنشده أَبُو زيد بالخاء معجمة.
أخبرني الغنوي أخبرنا أبي حَدَّثَنِي الزبير بن بكار حَدَّثَنِي بكار
بن رباح الأخنسي عَنْ إسحاق بن مقمة قَالَ أشرف ابن سريج على أخشب مني
فَقَالَ:
ليس بين الرحيل والبين إلا ... أن يردوا جمالهم فتزما
قَالَ: فما شئت أن أسمع من موضع من منى حنينا أو حنينا إلا سمعته.
__________
1 الفائق "شيع" "2/275" والنهاية "شيع" "2/520".
2 شرح ديوان الحماسة للمرزوقي "حماسة 165" "2/492" برواية "مسفعا" بدل
"مشيعا" وجاء في الشرح أو ملاقاة كمي مسفع الوجه لدوام تبذله للسمائم
وتسياره في الهواجر.
3 نوادر أبي زيد "35" برواية "فما ابنك إلا ابن من الناس فاصبري"
وروي أيضا: "فما ابنك إلا من بني الناس فاصبري"
وعزي للفرزدق وهو في ديوانه "2/206" برواية:
فما ابنك إلا ابن من الناس فاصبري ... فلن يرجع الموتى حنين المآتم
(2/380)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
خَالِدٍ أَنَّ أَهْلَ الْيَمَامَةِ رَعْبَلُوا فُسْطَاطَهُ
بِالسَّيْفِ1.
مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ.
يريد أن المسلمين / لما انهزموا خلص2 العدو إلى فسطاطه فقطعوه بالسيوف
يُقَالُ ثوب رعابيل [142] أي قطع قَالَ الكميت:
بهم صلح الناس بعد الفسا ... د وقد حيص بالفتق ما رعبلوا3
__________
1 أخرجه الطبري في تاريخه "3/248" وهو في الفائق "رعبل" "2/67".
2 س, ط: "خاض" بدل "خلص" والمثبت من د. ح.
3 شعر الكميت "2/29" برواية:
بهم صلح الناس بعد ألفسا ... د وحيص من الفتق ما رعبلوا
(2/381)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
خَالِدٍ أَنَّهُ لَمَّا صَارَ إِلَى الْعُزَّى أَقْبَلَ بِالسَّيْفِ
وَهُوَ يَقُولُ:
كُفْرَانَكَ لا سُبْحَانَكَ ... إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ
أَهَانَكَ
وَضَرَبَهَا بِالسَّيْفِ فجزلها باثنين1.
حدثنيه الخزاعي أخبرنا عمي أخبرنا الأَزْرُقِيُّ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ
إِدْرِيسَ عن الواقدي عن عبد الله بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عمرو
الهذلي.
__________
1 أخرجه الأزرقي في أخبار مكة "1/127- 128" وذكره ابن عبد البر في
الاستيعاب "2/428" وكذلك ابن الأثير في أسد الغابة "2/110" وذكره ابن
سعد في طبقاته "2/146" القصة باختلاف يسير وهي في تهذيب ابن عساكر
"5/101".
(2/381)
قوله: كفرانك مصدر كفر الرجل كفرا وكفرانًا
وَقَوْلُهُ: سبحانك مصدر سبحت اللَّه أي نزهته عَنِ السوء.
قَالَ الفراء: وإنما نصب على المصدر كأنك قلت: سبحت اللَّه تسبيحًا
فجعل السبحان في موضع التسبيح كما تقول: كفرت عَنْ يميني تكفيرًا ثم
تجعل الكفران في موضع التكفير فتقول: كفرت عَنْ يميني كفرانًا.
وَقَوْلُهُ: فجزلها باثنين أي قطعها نصفين يُقَالُ جزلت الشيء إذا
قطعته ومنه جزال النخل وجزاله وهو قطع التمر كالجزام.
(2/382)
|