غريب الحديث للخطابي حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي
الله عنه
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ جَمَعَ بَنِيهِ حِينَ
أَشْرَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وخلعوا بيعة زيد
...
...
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
أَنَّهُ جَمَعَ بَنِيهِ حِينَ أَشْرَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ مَعَ ابْنِ
الزُّبَيْرِ وَخَلَعُوا بَيْعَةَ يَزِيدَ فَقَالَ لا يُسَارِعُنَّ
أَحَدٌ مِنْكُمْ فِي هَذَا الأَمْرِ فَيَكُونَ الصَّيْلَمُ بَيْنِي
وَبَيْنَهُ1.
حَدَّثَنِيهُ عَلِيُّ بْنُ عيسى المؤدب حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ
يَحْيَى بْنِ حَمَّادٍ أخبرنا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
الْخُزَاعِيُّ أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث أخبرنا صَخْرُ بْنُ
جُوَيْرِيَّةَ عَنْ نَافِعٍ عن ابن عمر.
الصيلم الأمر العظيم وأصله من الصلم وهو القطع والاستئصال ويقال وقعة
صيلمية أي شديدة مفينة2 ورماه اللَّه بالصيلم وهي الداهية المنكرة وجاء
فلان بالصيلم أي بالأمر العظيم. ومن هذا حديث عبد الله بن عمرو بن
العاص وَحَدَّثَنِيهِ محمد بن نافع أخبرنا إسحاق بن أحمد الخزاعي
أخبرنا الأَزْرَقِيُّ بِإِسْنَادٍ لَهُ قَالَ: قَالَ عبد الله بن عمر:3
اخرجوا يا أهل مَكَّةَ قِبَلَ الصَّيْلَمِ. كَأَنِّي بِهِ يَعْنِي
الَّذِي يَهْدِمُ الْكَعْبَةَ أُفَيْحِجَ أُفَيْدِعَ أُصَيْلِعَ
قَائِمًا عَلَيْهَا يَهْدِمُهَا بمسحاته4.
__________
1 أخرجه أحمد في مسنده "2/96" في حديث طويل بلفظ "انتزي" بدل "أشرى"
وابن سعد في طبقاته "4/183" بلفظ "ابتز".
2 ط: "مفتنة" والمثبت من باقي النسخ.
3 من ط, ح.
4 أخرجه الأرزقي في أخبار مكة "1/276" في حديث طويل وعيد الرزاق في
مصنفه "5/137" مختصرا وأحمد في مسنده "2/220" والطبراني في الكبرى كما
في مجمع الزوائد "3/298".
(2/391)
وأخبرني أبو عمر أنبأنا أبو موسى عَنْ
أَبِي العَبَّاس ثعلب قَالَ والصيلم أيضا كالوجبة في الطعام يُقَالُ لا
تأكل في اليوم إلا الصيلم والصيرم.
وأشرى معناه الخروج من طاعة السلطان أي صاروا كالشراة في فعلهم وإنما
لزم الخوارج هذا اللقب لانهم زعموا أنهم شروا دنياهم بالآخرة أي باعوها
فهم شراه جمع شار.
(2/392)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَهُ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي
أَعْطَيْتُ بَعْضَ بَنِيَّ نَاقَةً حَيَاتَهُ وَإِنِّهَا أَضْنَتْ
وَاضْطَرَبَتْ فَقَالَ لِي: هِيَ لَهُ حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ فَقَالَ:
فَإِنِّي تَصَدَّقْتُ بِهَا عَلَيْهِ قَالَ: فَذَلِكَ أَبْعَدُ لك
منها1.
حدثناه الأصم أخبرنا الربيع أنبأنا الشافعي أنبأنا سُفْيَانُ عَنْ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي
ثَابِتٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا: تَنَاتَجَتْ وَقَالَ الآخَرُ: أَضَنَّتْ.
قوله: أضنت إنما هو ضنت بغير ألف أي كثر نتاجها.
قَالَ الكسائي: امرأة ماشية وضائنة ومعناهما أن يكثر ولدهما وقد مشت
تمشي مشاء ممدود وضنت تضني ضناء وفيه لغة أخرى ضنأت تضنأ ضنئا وضنوءا
والضن الولد قَالَ الشاعر:
أم جوار ضنؤها غير أمر2
__________
1 أخرجه الإمام الشافعي في مسنده كما في بدائع المنن "2/217" بلفظ
"تناجت" بدل "أضنت" وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى "6/174" عن الشافعي
بطريقين باللفظين وقال: قال سليمان: صوابه ضنت, يعني تناجت, والحديث في
الفائق "صنى" "2/349".
2 في اللسان والتاج "أمر" برواية "أم عيال" بدل "أم جوار" ولم يعز.
(2/392)
أي غير كثير/. [146]
وأنشدني أَبُو رجاء الغنوي في صفة النار والزناد:
ضنء يضر بوالديه قربه ... طفل يهون عليهما إغفاله
ذكران ينتج ظهر ذا من رأس ذا ... ومع النكاح نتاجه وفصاله
فأماالضنء بكسر الضاد فالأصل قَالَ الشاعر:
رأيتك في الضنء من ضئضىء ... أجل الأكابر فيه الصغارا1
وفي الحديث من الفقه أَنَّهُ جعل العمرى2 لمن أعمر حياته ولورثته بعد
وفاته كسائر الأملاك ولم يجعل للأب الرجوع فيما نحل ولده.
__________
1 اللسان والتاج "ضأضأ" وعزي للكميت وهو في شعره "1/296" برواية "أجل
الأكابر منه الصغارا".
2 في التاج "عمر" العمري "كبشرى" ما يجعل لك طول عمرك أو عمره. وقال
ثعلب: هو أن يدفع الرجل إلى أخيه دارا فيقول هذه لك عمرك أو عمري أينا
مات دفعت الدار إلى أهله وكذا كان فعلهم في الجاهلية.
(2/393)
المقوم، أخبرنا معاذ بن معاذ أخبرنا كهمس
قال سمعت عبد الله بْنِ بُرَيْدَةَ يُحَدِّثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ
يَعْمُرَ.
قوله: يتقفرون العلم أي يطلبونه ويتتبعونه يُقَالُ تقفرت أثر الشيء إذا
قفوته قَالَ الفرزدق:
تنعلن أطراف الرباط وذيلت ... مخافة سهل الأرض أن يتقفرا1
وَقَوْلُهُ: الأمر أنف أي مستأنف لم يسبق به قدر يقال كلأ أنف إذا كان
وافيا لم يرع منه شيء قَالَ عُمَر بن أبي ربيعة:
في روضة أنف تيممنا بها ... ميثاء رائقة بعيد سماء2
ويقال كأس أنف أي مليء وَقَالَ الحطيئة:
ويحرم سر جارتهم عليهم ... ويأكل جارهم أنف القصاع3
أي لم يؤكل منه شيء4.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ: طَائِرًا
مَرَقَ عَلَيْهِ أَوْ مَزَقَ5.
أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ الأعرابي أخبرنا عباس الدوري أخبرنا يَحْيَى بْنُ
مَعِينٍ قَالَ وَرَوَاهُ أَيُّوبُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ خَالِدِ بن كيسان.
__________
1 في الفائق "قفر" "3/218" والبيت في الديوان "1/288" برواية "تنعلن
أطراف الرياط وواءلت".
2 في الديوان "11" برواية "في روضة يمتها موليةميثاء رابية".
3 الديوان "62".
4 د: "أي لم يؤكل منها شيء".
5 أخرجه ابن معين في تاريخه "4/407" رقم النص "5009".
(2/394)
قوله: مرق بالراء غير معجمة غلط وإنما هو
مزق يُقَالُ مزق الطائر إذا رمى بسلحه1.
قَالَ الأصمعي: ذرق الطائر وخذق ومزق وزرق بمعنى واحد قَالَ والمستقبل
من هذا كله بالكسر.
__________
1 في الفائق "مزق" "3/364" من قولهم: ناقة مزاق, وهي السريعة التي يكاد
جلدها يتمزق عنها ومصداق هذا قوله: "حتى تكاد تفرى عنها الأهب".
(2/395)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حديث ابن
عُمَر أَنَّهُ: كَانَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ فِي السُّجُودِ وَهُمَا
مُتَلَفِعَتَانِ قَدْ شَرِقَ مِنْهُمَا الدَّمُ أَوْ قَالَ قَدْ شَرِقَ
دَمًا1.
حَدَّثَنِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا نا ابْنُ الجنيد2 أخبرنا سويد أنبأنا
عبد الله عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْمَكِّيِّ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ.
قوله: متلفعتان غلط والصواب متفلعتان أي متشققتان من البرد وكيف تكونان
متلفعتين وهما بارزتان وإنما هو متفلعتان من قولك تفلع الشيء إذا تقطع
والفلعة القطعة من الشيء.
وَقَوْلُهُ: قد شرق منهما الدم يريد أن الدم قد ظهر ولم يسل من قولك
شرق الرجل بالماء إذا غص به / فبقي في حلقه لا يسيغه. [147]
وفي الحديث من الفقه أَنَّهُ لم يرخص للمصلي في تغطية يديه إذا سجد
فاعتمد بهما على الأرض كالوجه لا يجوز تغطيته إذا سجد على جبهته وفيه
أَنَّهُ لم ير ظهور الدم من يده ناقضًا لطهارته ولا مبطلا صلاته ما لم
يسل فيبين من موضعه.
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه "1/267" بلفظ "كان يخرج يديه إذا سجد
وإنها لتقطران دما" وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى "2/107" عن نافع
بألفاظ أخرى.
2 سقط من د.
(2/395)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ: تَصَلَّقَ ذَاتَ لَيْلَةٍ عَلَى فِرَاشِهِ
فَقَالَتْ لَهُ صَفِيَّةٌ مَا بِكَ يَا أَبَا عبد الرحمن قَالَ
الْجُوعُ فَأَمَرَتْ بِخَزِيرَةٍ فَصُنِعَتْ وَقَالَ لِلْجَارِيَةِ
أَدْخِلِي مَنْ بِالْبَابِ مِنَ الْمَسَاكِينَ فَقَالَتْ قَدِ
انْقَلَبُوا قَالَ ارْفَعُوهَا وَلَمْ يَذُقْهَا1.
حَدَّثَنَاهُ ابن الأعرابي أخبرنا أبو داود أخبرنا محمد بن العلاء
أخبرنا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُمَرَ يَعْنِي ابْنِ حَمْزَةَ حَدَّثَهُ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ.
قوله: تصلق معناه تلوى وتململ على فراشه.
يُقَالُ: تصلق الحوت في الماء إذا تلوى فجاء وذهب ومنه حديث أبي مسلم
الخولاني أَنَّهُ كان بأرض الروم وقد حفر في فسطاطه حفرة ثم جعل فيها
نطعا ثم صب فيه من الماء وهو يتصلق فيها كما يتصلق النون فَقَالَ رجل
يا أبا مسلم لو أخذت بالرخصة فَقَالَ أما إنَّهُ لو كان قتال لأفطرت إن
الخيل لا تجري الغايات وهي بدن ولا تبلغها إلا وهي ضمر2.
ويقال للرجل إذا أصابه وجع فجعل يلقي نفسه مرة على يمينه وأخرى على
يساره قد تصلق.
__________
1 أخرجه ابن سعد عن حبيب بن أبي مرزوق في قصة شبيهة بهذه في طبقاته
"4/165".
2 ط: "مضمرة" والحديث ذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة "4/209 – 210".
(2/396)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: كُلُوا اللبن واشربوه1, يريدالجبن2
وَلِذَلِكَ أَعَارَهُ اسْمَ الأَكْلِ وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ
يَكْرَهُ أَكْلَهُ لأَنَّ الْمَجُوسَ كَانَتْ تَعْمَلُهُ بِأَنَافِحِ
الْمَيْتَةِ فَرَخَّصَ ابْنُ عُمَرَ فِي أَكْلِهِ مَا لَمْ يُعْلَمْ
وُقُوعَ الْمُحَرَّمِ فيه.
__________
1 أخرحخ عبد الرزاق في مصنفه "4/539" إباحة أكل الجبن بدون هذا اللفظ
وكذلك البيهقي في سننه "10/6" وأخرجه بن أبي شيبة في مصنفه "8/289"
بلفظ "كل الجبن واشربه ... " جوابا لسائل سأله عن الجبن.
2 في هامش د: "الجبن بتخفيف النون هو المختار".
(2/396)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ لَهُ الرَّجُلُ مِنْ لِيَتِهِ
فَمَا يَجْلِسُ فِي مَجْلِسِهِ لِقَوْلِ رَسُولِ الله صلى الله عليه:
"لا يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَيَجْلِسَ فِي مَكَانِهِ" 1.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ هاشم أخبرنا الدبري عن عبد الرزاق أنبأنا
مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ.
قوله: من ليته إنما هو من إليته أي من قبل نفسه من غير أن يزعج أو يقام
من مجلسه.
قَالَ ابن الأعرابي يُقَالُ فعلت ذاك من إلية نفسي أي من قبل نفسي
مكسورة بالألف فأما ألية الشاة فهي مفتوحة الألف.
وأخبرني أبو عمر أنبأنا أبو العباس ثَعْلب عن ابن الأعرابي قال اللية
القرابات2 يُقَالُ قد صرف الرجل معروفه إلى ليته وأنشدنا:
فمن يعصب بليته اعتزازا ... فإنك قد ملأت يدا وشاما3
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "3/268" بلفظ: "لا يقم" بدل "لا يقمن"
وبلفظ "من بيته" بدل "من ليته" وأخرجه الترمذي في الأدب "5/88" عن
الحسن بن علي عن عبد الرزاق ولم يذكر من ليته وكذلك أحمد في مسنده
"2/89" والحديث في الفائق "ألا" "1/54".
2 في الفائق "ألا" "1/5" وجاء في الشرح: أما اللية فالأقرباء الأدنون
من اللي لأن الرجل ينتطق فكأنه يلويهم على نفسه.
3 اللسان والتاج "ألا" برواية "فمن يعصب بليته اغترارا".
أعطى أهل قرابته أحيانا خصوصا فإنك تعطي أهل اليمن والشام.
(2/397)
قال ابن الأعرابي واللية البخور أيضا
والأصل فيه الألوة وهو العود الهندي وأنشدنا:
لا يصطلي ليلة ريح صرصر ... إلا بنار لية ومجمر1
__________
1 اللسان والتاج "ألا" برواية "أو مجمر" من غير عزو.
(2/398)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ ادْعُ اللَّهَ لَنَا فَقَالَ:
أَكْرَهُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْهَبِينَ1.
[148] أَخْبَرَنَاهُ ابن الأعرابي حدثنا عباس الدوري / أخبرنا يَحْيَى
بْنُ مَعِينٍ قَالَ وَرَوَاهُ الأَعْمَشُ عَنْ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ
عُمَرَ.
يُقَالُ رجل مسهب ومسهك ومهت إذا كان كثير الكلام وكان القياس أن
يُقَالُ مسهب بكسر الهاء من أسهب إلا أَنَّهُ جاء شاذا في حرفين آخرين.
قالوا: ألفج الرجل بمعنى أفلس فهو ملفج بفتح الفاء وأحصن الرجل فهو
محصن.
وَقَالَ بعضهم: ألفج وأحصن بضم الألف.
ويقال إن الإسهاب مشتق من السهب وهو الأرض الواسعة قال الأعشى: وكل من
توسع في شيء فقد أسهب فيه قَالَ الشاعر:
وكم دونه من حزن قف ورملة ... وسهب به مستوضح الآل يبرق2
وكل من توسع في شيء فقد أسهب فيه قَالَ الشاعر:
__________
1 أخرجه ابن معين في تاريخ "3/385" "رقم النص 1870".
2 الديوان "120" برواية "وكم دون ليلى من عدو وبلدة".
(2/398)
لا تعذليني بضغابيس القوم ... المسهبين في
الطعام والنوم1
وَمِنْ هَذَا حَدِيثُ ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِيهُ مُحَمَّدُ بن مكي
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن عبدة حدثنا حفص بن جميع أخبرنا
سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عباس أن رسول الله بَعَثَ خَيْلا
فَأَسْهَبَ شَهْرًا لَمْ يَأْتِهِ مِنْهَا خَبَرٌ وَنَزَلَتْ
{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً} 2 ضَبَحَتْ بِمَنَاخِرِهَا السُّورَةُ.
وَحَدَّثَنِي الأَزْهَرِيُّ أخبرنا المنذري أخبرنا أَبُو بَكْرٍ
الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ جميع
بإسناده أن النبي بَعَثَ خَيْلا فأشْهَرَتْ لَمْ يَأْتِ مِنْهَا خَبَرٌ
فَنَزَلَتْ {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً} 3.
يريد أنها ركضت مسيرة شهر فأمعنت في السهوب والضبح نخير من الأنف ويقال
بل هو نحيم يسمع من صدور الخيل إذا عدت قَالَ أَبُو داود الإيادي4:
وشوازبا قب البطو ... ن عوابسا يعدون ضبحا
وكان ابْنِ عَبَّاسٍ يقول في العاديات ضبحا إنها الخيل في الغزو5 وكان
على يقول بل هي الإبل6 في الحج7
__________
1 الفائق "سهب" "2/212".
2 ذكره السيوطي في الدر المنثور "6/383" بلفظ "فاستمرت شهرا" بدل
"فأسهب شهرا" وعزاه للبزار وابن المنذر وابن حاتم والدارقطني في
الأفراد وابن مردويه والآية رقم 1 من سورة العاديات.
3 سقط من د, ط والمثبت من س, ح.
4 د, ح: "أبو داود" تحريف".
5 س: "في العدو" والمثبت من د, والدر المنثور "6/383".
6 ساقط من س.
7 أخرجه الحاكم في المستدرك "2/105" في حديث طويل وأخرجه الطبري في
تفسير سورة العاديات والسيوطي في الدر المنثور "6/383".
(2/399)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: كُنَّا نَخْتَلِفُ
فِي أَشْيَاءٍ فَكَتَبْتُهَا فِي كِتَابٍ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِهَا
أَسْأَلُهُ عَنْهَا خَفِيًّا فَلَوْ عَلِمَ بِهَا كَانَتِ الْفَيْصَلَ
فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ1.
مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدٍ.
مَعْنَى الفيصل القطيعة والانفصال وهو مأخوذ من الفصل بين الشيئين
ويقال قضاء فيصل2 أي قاطع لا شبهة فيه وطعن فيصل وهو أن يحمل الرجل على
القوم فيطعَنِ الطعنة فيهزم بها العدو فتلك الضربة فيصل لأنها فصلت بين
القوم وفرقتهم قَالَ بشر بن أبي حازم:
بطعنة شزر أو بضربة فيصل ... إذا لم يكن للموت في القوم راجع3
__________
1 أخرجه ابن شيبة في مصنفه في الأدب "9/54" وابن عبد البر في جامع بيان
العلم وفضله "1/55, 56" عن حماد عن أيوب.
2 د: "ضرب فيصل" وفي ح: "طعن فيصل وضرب فيصل".
3 الديوان "117" برواية "إذا لم يكن للقوم في الموت راجع".
(2/400)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: كَيْفَ
تَقُولُ فِي التَّحْمِيضِ؟ قَالَ: وَمَا التَّحْمِيضُ؟ قُلْتُ:1 أَنْ
تُؤْتَى الْمَرْأَةُ فِي دُبْرِهَا, قَالَ ابْنُ عُمَرَ: هَلْ يَفْعَلُ
ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ المسلمين2.
حدثنيه عبد العزيز بن محمد حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا قتيبة حدثنا
اللَّيْثُ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ عن سعيد بن يسار.
__________
1 من الفائق "حمض" "1/320".
2 أخرجه الدارمي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عن الليث في "1/260"
والطبري في بفسيره "2/394" عن الحارث بن يعقوب.
(2/400)
أصل التحميض أن ترعى الإبل الخلة وهو من
النبات ما لا ملوحة فيه حتى إذا ملته اشتهت الحمض وهو ماله ملوحة
يُقَالُ أحمضت الإبل إذا / انتقلت من الخلة إلى الحمض أنشدني الغنوي
أنشدنا [149] ثعلب:
وخلة داويت بالإحماض1
قَالَ: ويقال: للرجل إذا جاء متهددا أنت مختل فتحمض وأنشدنا:
كانوا مخلين فلاقوا حمضا2
كنى سعيد بالتحميض عَنْ ذلك الفعل وشبه انتقاله عَنِ المأتى المباح
بانتقال الإبل عَنِ الخلة إلى الحمض.
__________
1 التهذيب "4/569, 6/223" وأورد بيت الطرماح:
لا يني يحمض العدو وذو الخللة ... يشفى صداه بالإحماص
وهو في اللسان والتاج "حمص, خل".
2 اللسان والتاج "خلل" برواية "جاءوا مخلين فلاقوا حمصا" وعزي للعجاج
وهو في ديوانه "89" برواية اللسان وفي الجمهرة "1/70" وجاء فيها يمدح
الحجاج ويذكر أصحاب ابن الأشعث وجاء بعده "طاغين لا يزجر بعض بعضا.
(2/401)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ يُونُسَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ
رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ: يُرَاجِعُهَا ثُمَّ
يُطَلِّقُهَا فِي قُبُلِ عِدَّتِهَا قُلْتُ: فَيَعْتَدُّ بِهَا. قَالَ:
فَمَهْ أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ1.
حدثنيه ابن الفارسي أخبرنا يعقوب بن سفيان القاضي2 أخبرنا سليمان بن
__________
1 أخرجه البخاري في مواضع في الطلاق بطريق مختلفة كما في "7/52, 54,
76" وكذلك مسلم في الطلاق "2/1096" والترمذي في الطلاق "3/469"
والنسائي في الرجعة "6/2123" وابن ماجة في الطلاق "1/651" والبيهقي في
السنن الكبرى "7/325".
2 ح: "يوسف بن يعقوب القاضي" وفي ط: "يعقوب بن يوسف القاضي" وكلاهما
تحريف. والمثبت من س. وفي التقريب "2/375" يعقوب بن سفيان الفارسي أبو
يوسف الفسوي ثقة حافظ مات سنة "277" هـ وجاء في التهذيب "11/385" روي
عن سليمان بن حرب.
(2/401)
حرب أخبرنا يزيد بن إبراهيم أخبرنا
مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ1.
قوله: أرأيت إن عجز واستحمق وفيه حذف واختصار كأنه قَالَ أرأيت إن عجز
واستحمق أيبطل الطلاق ويذهب هدرا يعلمه أن الطلاق لازم له وأنه واقع في
الحيض وقوعه في الطهر وإنما كان عجزه وحمقه أَنَّهُ خالف السنة بإيقاعه
الطلاق في غير وقته يُقَالُ استحمق الرجل إذا صار أحمق أو فعل فعل
الحمقى ومثله استنوك قَالَ الشاعر:
واستنوكت وللشباب نوك2
وهذا كقولهم استنوق الجمل واستأسد الرجل3 ونحوه.
__________
1 س: "يوسف بن كثبر" تحريف والمثبت من باقي النسخ.
وفي التقريب "2/384" يوسف بن جبير الباهلي أبو غلاب النصري ثقة مات بعد
التسعين وجاء في التهذيب "11/436" روي عنه ابن سيرين.
2 اللسان والتاج "نوك" وقبله "تضحك مني شيخة ضحوك" ولم يعز.
3 د: "واستأسد الأسد".
(2/402)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي
إِلَيْهِ وَكَانَ لَنَا غَنَمٌ فَأَرَدْنَا نَفِيتَيْنِ تُجَفِّفُ
عَلَيْهِمَا الأَقِطَ فَكَتَبَ إِلَى قَيِّمَه بِخَيْبَرٍ اجْعَلْ لَهُ
نَفِيتَيْنِ عَرِيضَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ1
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ المكي أخبرنا الصائغ أخبرنا سعيد2 حدثنا
سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ هَكَذَا قَالَ نَفِيتَيْنِ عَلَى
وَزْنِ بعيرين وإنما هو نفيتين واحدتهما نَفْيَةٌ وَهِيَ شَبَهُ
الطَّبَقِ يُعْمَلُ من خوص يجفف عليه الأقط فأما النفيتة
__________
1 الفائق "نفى" "4/13" والنهاية "نفى" "50/100".
2 د: "سعيد بن منصور".
(2/402)
فالدقيق يذر على ماء ولبن حليب وهو1 أغلظ
من السخينة يتوسع بها صاحب العيال وهي الحريقة أيضا ولا تؤكل النفيتة
ولا السخينة إلا عند عزة الطعام وعجف المال2. .
__________
1 د, ح: "وهي".
2 القاموس "عجف" العجف: دهاب السمن, وهو أعجف وهي عجفاء وفي الوسيط:
والمال: كل ما يملكه الفرد أو الجماعة من متاع أو عرض تجارية أو عقار
أو نقود أو حيوان, وقد أطلق في الجاهلية على الإبل.
(2/403)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلا يَنَتْحِي فِي السُّجُودِ فَقَالَ:
لا تَشِنْ صُورَتَكَ1.
حَدَّثَنِيهُ الثِّقَةُ مِنْ أصحابنا أخبرنا ابن الجنيد أخبرنا سويد عن
عبد الله عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ
أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قوله: ينتحي أي يعتمد على جبهته حتى يؤثر السجود فيها وكل من جد في أمر
فقد انتحى فيه والفرس ينتحي في عدوه والبعير في سيره قَالَ الشاعر:
يستن في ثني الجديل وينتحي ... فعل الخلية في الخليج الجاري
__________
1 الفائق "نحى" "3/412" والنهاية "نحى" "5/30" بلفظ "يتنحى" ولعله
تحريف.
(2/403)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لا يُبَالِي أَنْ يُصَلِّي فِي الْمَكَانِ
الْجَدَدِ وَالْبَطْحَاءِ وَالتُّرَابِ1.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بن هاشم أخبرنا الدبري عن عبد الرزاق عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ.
__________
1 أخرحه عبد الرزاق في مصنفه "1/392".
(2/403)
الجدد: المستوي من الأرض وفيه صلابة ومنه
قول أكثم بن صيفي من سلك الجدد أمن العثار1 وَقَالَ بشر بن أبي خازم:
ثم اغترزت على عنس عذافرة ... سي عليها خبار الأرض والجدد2
[150] / والبطحاء بطن مسيل فيه حجارة صغار.
__________
1 مثل أورده أبو عبيد "218" والعسكري "2/256" والميداني "2/306"
والزمخشري "356" واللسان "جدد".
2 د: "سئي عليها" بدل "سي عليها" وفي هامضها: خبار: لين, والمثبت في
الديوان "55".
(2/404)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ: أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِي بَدَنَةً فَرَأَى
نَاقَةً كَوْمَاءَ عَظِيمَةَ السَّنَامِ فَقَالَ: فُرَّهَا فَقَالَ:
شَارِفٌ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لأَرَاهَا جَذَعَةً فَنَظَرَ
فَإِذَا هِيَ جَذَعَةٌ فَتَرَكَهَا1
مِنْ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ.
قوله: فرها يريد النظر إلى سنها يُقَالُ فررت الدابة إذا فتحت فاها
لتعرف سنها قَالَ أَبُو النجم:
وكم تركنا بالفلاة جملا ... يفر للغربان نابا أعصلا
وفي الحديث في قصة نزول عيسى: "أن حمة الهوام تنزع حتى تفر الجارية
الأسد كما يفر ولد الكلب الصغير" 2.
ومن هذا قولهم افتر الرجل ضاحكا إذا كشر عَنْ أسنانه.
ويقال فر فلانا عما في نفسه أي امتحن ما عنده وفر الأمر جذعا
__________
1 النهاية "فرر" "3/437".
2 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "11/400" بلفظ: "وترفع حمه كل ذات حمة".
(2/404)
إذا رجع عوده على بدئه قَالَ الشاعر:
وما ارتقيت على أكتاد مهلكة ... إلا منيت بأمر فر لي جذعا1
__________
1 اللسان والتاج "فرر" برواية "وما ارتقت على أرجاء مهلكة" ولم يعز.
(2/405)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ رَأَيْتُ قَاتِلَ عُمَرَ فِي
الْحَرَمِ مَا نَدَهْتُهُ1.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ هاشم أخبرنا الدبري عن عبد الرزاق عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
النده: الزجر. قَالَ الأصمعي: ومنه قول العرب اذهب فلا أنده سربك أي لا
حاجة لي فيك قَالَ وأصل النده الزجر أي لا أرد إبلك قَالَ والسرب ساكنة
الراء الإبل يُقَالُ جاء سرب بني فلان إذا جاءت إبلهم.
قَالَ: ويقال للمرأة عند الطلاق اذهبي فلا أنده سربك2 فكانت تطلق بهذه
الكلمة في الجاهلية وهو مثل قولهم حبلك على غاربك3 وذلك أن الناقة إذا
رعت وعليها خطامها ألقي على غاربها وتركت ليس عليها الخطام وإذا رأت
الخطام لم يهنئها شيء.
ويقال: إن حد النده في الزجر أن يُقَالُ صه ومه ونحو ذلك يقول لَوْ
رَأَيْتُ قَاتِلَ عُمَرَ فِي الحرم لم أهجه ولم أعرض له ذهب إلى أن
القاتل إذا
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "5/153" والأزرقي في أخبار مكة "2/139".
2اللسان "سرب" جمهرة الأمثال "1/382" مجمع الأمثال "1/277" المستصفى
"1/136".
3 اللسان "غرب" جمهرة الأمثال "1/382" مجمع الأمثال "1/196" المستصفى
"2/56".
(2/405)
اعتصم بالحرم لم يعرض له حتى يخرج منه على
الظاهر من قوله عز وجل: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} 1.
وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا قَتَلَ فِي الْحَرَمِ
أَوْ خَارِجًا مِنْهُ ثُمَّ الْتَجَأَ إِلَيْهِ فَإِنِّهُ يُقَامُ
عَلَيْهِ الْحَدُّ وَأَنَّ الْحَرَمَ لا يُبْطِلُ حَقًّا وَلا
يُؤَخِّرُهُ عَنْ وَقْتِهِ وَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه
إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ:
"اقْتُلُوهُ".
حَدَّثَنَاهُ ابْنُ السماك أخبرنا إسماعيل بن إسحاق القاضي أخبرنا عبد
الله بن عبد الوهاب الحجبي أخبرنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنِ ابْنِ
شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عليه دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الكعبة
فقال رسول الله: "اقْتُلُوهُ" 2. وكَانَ ابْنُ خَطَلٍ قَتَلَ رَجُلا
مِنَ الأَنْصَارِ
حَدَّثَنِيهُ مُحَمَّدُ بن نافع أخبرنا إسحاق بن أحمد الخزاعي بن
الأزرقي أخبرنا جَدِّي عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه
ابْنَ خَطَلٍ فِي حَاجَةٍ وَبَعَثَ مَعَهُ رَجُلا مِنْ مُزَيْنَةَ
وَرَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ وَأَمَّرَ الأَنْصَارِيَّ عَلَيْهِمَا
فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَأَطَاعَهُ وَوَثَبَ ابْنُ خطل عليه فقتله3.
__________
1 سورة آل عمران: "97".
2 أخرجه البخاري في مواضع منها في المغازي "5/188" ومسلم في الحج
"2/990" وأبو داود في الجهاد "3/60" والترمذي في الجهاد أيضا "4/202"
والنسائي في الحج "5/200" وأحمد في مسنده "3/164, 186, 231, 233"
وغيرهم.
3 أخرجه الأزرقي في أخبار مكة "2/137".
(2/406)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لأَغْتَسِلُ قَبْلَ امْرَأَتِي
ثُمَّ أَتْكَوَّى بها1.
__________
1 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه "1/76" بلفظه وعبد الرزاق في مصنفه
"1/276" بلفظ "ثم أتكرى بها" تحريف.
(2/407)
مِنْ حَدِيثِ حَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ
أخبرنا شعبة أنبأنا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ
يَقُولُهُ.
قوله: أتكوى بها: معناه استدفىء بها وأصله من الكي وهو لذع الحديدة
المحماة يُقَالُ: اكتوى الرجل إذا كوي واستكوى إذا طلب أن يكوى والكي
في الأصل كوي مثل اللي أصله لوي1.
__________
1 من د.
(2/408)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ المتعة تجزىء فِيهَا شَاةٌ فَقَالَ:
مَالِي وَللشَّوِيِّ1.
يَرْوِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ
الزُّبَيْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ2 قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ.
الشوي: جمع الشاة3 ويقال: شاة وشوي كما قالوا: كلب وكليب قَالَ الشاعر:
أرباب خيل وشوي ونعم
ويقال: رجل شاوي: أي صاحب شاء ومعاز: صاحب معز وآبل: صاحب إبل قَالَ
الراجز:
__________
1 أخرجه الطبري في بفسيره "2/218" عن ابن جبير عن ابن عمر بنحره, وكذلك
ابن حزم في الحلى "7/150" عَنْ غَيْلانَ بْنِ جَرِيرٍ, عَنْ ابن عمر
وكلاهما بدون لفظ "الشوى".
2د: "الزبير بن عرن" تحريف.
وفي التقريب "1/259" الزبير بن عربي بفتح الراء وبعدها موحدة النمري
أبو سلمة البصري ليس به بأس وانظر تهذيب التهذيب "3/318".
3د: "جماعة الشاء".
(2/408)
لا تنفع الشاوي فيها شاتة ... ولا حماراه
ولا علاته1
وكان من مذهب ابن عُمَر أن المتمتع بالعمرة إلى الحج لا تجزيه شاة وأن
عليه بدنة.
__________
1 اللسان والتاج "حمر, شوا, علا" وعزي لمبشر بن هذيل بن فزارة الشمخي,
والعلاة: حجر يجعل عليه الأقط.
(2/409)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حديث ابن
عُمَر أن رجلا قَالَ لَهُ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَصْحَبُكَ قَالَ لا
تَصْحَبْنِي عَلَى جِلالٍ1.
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ أخبرنا الدبري عن عبد الرزاق
عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بن دينار عن عبد الرحمن بْنِ
فَرُّوخٍ.
إنما كره ركوب الجلال لأن ريح الجلة يوجد في عرقها ولهذا المعنى "نهى
عَنْ أكل لحومها"2.
قَالَ الشافعي رحمه اللَّه عليه في3 الإبل الجلالة: هي التي أكثر علفها
العذرة اليابسة كره أكل لحومها لأن أرواح العذرة توجد في عرقها وجررها.
ولحومها نغتذي بها فأما ما كان من الإبل أكثر علفه من غيرها وكان ينال
منها قليلا فلا يبين في عرقه وجرره لأن اغتذاءه من غيره فليس بجلال
منهي عنه.
قَالَ: والجلالة منهي عَنْ لحومها حتى تعلف علفا غيره فتصير به إلى أن
يوجد عرقها وجررها قد انقلبت عما كانت تكون عليه فتؤكل إذا كانت هكذا
قَالَ ولا تجد شيئا تستطيع أن تحده به أبين من هذا.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "4/522" وقد ورد النهي عن ركوب الجلالة
مرفوعا أيضا عن ابن عمر كما في سنن أبي داود "3/25".
2 أخرجه أبو داود في الأطعمة "4/270" والنسائي في الأضحية "7/239, 240"
والترمذي وابن ماجة في الذبائح "2/1064" وغيرهم.
3س: "من الإبل".
(2/409)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ دَخَلَ أَرْضًا لَهُ فَرَأَى كَلْبًا فَقَالَ:
أَحِيشُوهُ عَلَيَّ وَأَخَذَ الْمِسْحَاةَ [152] وَاسْتَقْفَاهُ
فَضَرَبَهُ بِهَا حَتَّى قَتَلَهُ وَأَقْبَلَ / عَلَى قَيِّمَهِ فِي
أَرْضِهِ فَقَالَ: أَتُدْخِلُ أرضي كلبا1.
أخبرناه محمد بن المكي أنبأنا الصائغ حدثنا سعيد أخبرنا إسماعيل بن
إبراهيم أخبرنا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ.
قوله: أحيشوه معناه سوقوه إلى.
يُقَالُ: حشت الصيد وأحشته إذا أخذت من حواليه لتصرفه إلى الحبائل.
وَمِنْ هَذَا حَدِيثِ عُمَرَ: أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الأَعْرَابِ
أَصَابَا صَيْدًا قَتَلَهُ أحدهما وأحاشه الآخر عليه فسألا عن الكفارة
فقال لعبد الرحمن بْنِ عَوْفٍ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى شَاةً قَالَ
عُمَرُ: وَأَنَا أرى ذلك وَأَحْسَبُهُ قَتَلَ ظَبْيًا قَالَ: فَلَمَّا
انْصَرَفَا قَالَ أَحَدُهُمَا: وَاللَّهِ مَا كَانَ لأَمِيرِ
الْمُؤْمِنِينَ بِهَا عِلْمٌ حَتَّى سَأَلَ غَيْرَهُ2.
رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عن داود عن
أَبِي هِنْدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عبد الله المزني.
__________
1 الفائق "حوش" "1/336" والنهاية "حوش" "1/461".
2 أخرجه عبد الرزاق القصة بطولها في مصنفه "4/406 – 498" باختلاف بعض
الألفاظ وكذلك البيهقي في السنن الكبرى "5/181" والحاكم في المستدرك
"3/310" وكلهم بدون لفظ "وأحاشه الآخر".
(2/410)
ذهب عُمَر إلى قوله: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا
عَدْلٍ مِنْكُمْ} 1 وتقديمه قول عَبْد الرحمن ليكون عمر قول آخرا فيقع
به الحكم لأنه إمام.
وَقَوْلُهُ: استقفاه أي أتاه من قبل قفاه يُقَالُ تقفيت الرجل
واستقفيته إذا أتيته من خلفه ومنه قافية الشعر.
__________
1 سورة المائدة: "95".
(2/411)
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ ابن
عُمَر أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ: السَّلَمَ وَكَانَ
يَقُولُ: الإِسْلامُ لِلَّهِ وَكَانَ يَقُولُ: السَّلَفَ1.
حدثناه ابن مكي أخبرنا الصائغ أخبرنا سعيد أخبرنا هشيم أنبأنا ابْنُ
عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ.
السلم الاستسلام قَالَ اللَّه تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى
إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} 2أي من استسلم وأعطى المقادة
وكذلك الإسلام إنما هو الطاعة لله والانقياد لأمره واحدهما مشتق من
الأخر كره ابن عُمَر أن يُقَالُ أسلمت إلى فلان أو أعطيته السلم بمعنى
السلف وأحب أن يكون هذا الاسم محضا في طاعة اللَّه لا يدخله شيء غيره.
ويقال: رجل سلم أي أسير قد أسلم وخذل ومثله قوم سلم قَالَ الشاعرُ:
فاتَّقَيْن مَرْوانُ في القَوْمِ السلم
__________
1أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "8/15" عن إسماعيل عن ابن عون والبيهقي في
سنن "6/29" عن وكيع عن ابن عون.
وفي النهاية "سلم" "2/396" ومنه حديث ابن عمر "كَانَ يَكْرَهُ أنْ
يُقال: السَّلَم بمعنى السلف, ويقول: الإسلام لله عز وجل.
2 سورة النساء: "94".
وجاء في كتاب الكشف عن وجوه القراءات السبع "1/395" قوله: {السَّلامَ
لَسْتَ مُؤْمِناً} وقرأ حمزة ونافع وابن عامر بغير ألف على معنى
الإستسلام والانقياد. ومنه قوله تعالى: {وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ
يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ} سورة النحل: "87".
فالمعنى: لا تقولوا لمن استسلم إليكم وانقاد لست مسلما فتقتلوه حتى
تتبينوا أمره. وقرأ الباقون: {السلام} بألف على معنى السلام الذي هو
تحية الإسلام.
(2/411)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إذا أقبل عبد الله بْنُ
الْحَارِثِ جَاءَ بَبَّهُ قَالَ وكان عبد الله غُلامًا حَادِرًا
وَكَانَتْ أُمُّهُ تَنْبِزُهُ أَوْ تُنَزِيهِ1 تَقُولُ:
لأَنْكِحَنَّ بَبَّهْ ... جَارِيَةً خَدْبَهْ
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: تَجُبُّ أَهْلَ الْكَعْبَةِ2.
يَرْوِيهِ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ.
الحادر: الغليظ قَالَ الأعشى:
وكل جوب مترص صنعه ... وصادق أكعبه حادر3
والجوب: الترس.
وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن نافع أخبرنا الخزاعي أخبرنا الأَزْرَقِيُ
قَال قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسحاق وذكر قصة أبرهة صاحب الفيل وأنه كان
رجلا قصيرا حادرا
__________
1 ط: "تنبز به"والفعل متعد.
2 أخرجه الفسوي في تاريخه "3/363" والخطيب في تاريخ بغداد "1/212" وابن
كثير في أسد الغابة بلفظ "إن أمه كانت ترقصه وهو طفل وتقول:
لأنكحن ببه ... جارية خدبه
مكرمة محبه ... تجب أهل الكعبه
وضبط الحافظ كلمة ببة في الإصابة "3/58" فقال: بموحدتين مفتوحتين,
والثانية ثقيلة.
3 الديوان "96" برواية:
وكل مرنان له أزمل ... ولين أكعبه حادر
(2/412)
دحداحا وكان أصابته حربة فشرمت حاجبه وعينه
وأنفه وشفتيه فلذلك سمي أبرهه الأشرم1.
يريد بالحادر الغليظ السمين والدحداح مثله وإلى القصر ما هو والشرم
القطع والشق.
قَالَ ابن الأعرابي ضاف2 رجلا ضيف فقدم إليه ثريدة فقال له: لا تصقعها
ولا تقعرها ولا تشرمها3 فَقَالَ الضيف: فمن أين آكل قَالَ لا أدري
فانصرف الرجل جائعا.
وَقَوْلُهُ: ببه ذكر أَبُو عُمَر عَنْ أَبِي العباس قَالَ يُقَالُ
للرجل إذا كان ممتلئا نعمة وشبابا ببه.
/ وَقَالَ غيره هي كلمة يوصف بها الأحمق. [153]
والخدبة الغليظة يُقَالُ رجل خدب وبعير خدب.
وقولها تجب أهل الكعبة معناه تغلبهم بحسنها يُقَالُ جابت فلانة نساء
بني فلان فجبتهن أي غلبتهن بالحسن والجمال.
__________
1 أخرجه الأرزقي في أخبار مكة "1/137" وفيه." ... فوقعت الحربة على
جبهة أبرهة الخ".
2 التاج "ضيف" ضفته أضيفه ضيفا بالكسر: أي نزلت عليه ضيفا وملت إليه
وقيل: نزلت به وصرت له ضيفا وفي حديث عائشة رضي الله عنها "ضافها ضيف
فأمرت له بملحفة صفراء".
3 لا تقصعها: لا تقصدها. ولا تصل إلى قعرها ولا تشرمها: لا تشفها من
جانبها "عن الوسيط".
(2/413)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنُ عُمَرَ إِنَّ أَنَسَ بْنَ سِيرِينَ قَالَ: أَفَضْتُ مَعَهُ مِنْ
عَرَفَاتٍ حَتَّى أَتَى جَمْعًا فَأَنَاخَ بُخْتِيَّتَهُ فَجَعَلَهَا
قِبْلَةً فَصَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا ثُمَّ
رَقَدَ فَقُلْنَا لِغُلامِهِ إِذَا اسْتَيْقَظَ فَأَيْقِظْنَا
فَأَيْقَظَنَا وَنَحْنُ ارْتِهَاطٌ1.
حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بن إبراهيم بن مالك أخبرنا عمر بن حفص السدوسي
أخبرنا عاصم بن علي أخبرنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَنَسِ بْنِ
سِيرِينَ.
قوله: ونحن ارتهاط أي فرق مرتهطون من الرهط وهو جماعة غير كثيرة العدد.
ويقال: إن الرهط ما بين الثلاثة إلى العشرة وارتهاط مصدر أقامة مقام
الفعل كقول الخنساء:
ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت ... فإنما هي إقبال وإدبار2
أي مقبلة مرة ومدبرة أخرى.
وفيه وجه آخر وهو أن تكون أرادت ذات إقبال وإدبار وكقوله: {وَلَكِنَّ
الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} 3 والمعني ولكن ذا البر من آمن بالله.
__________
1 الفائق "رهط" "2/95" برواية "فأناخ نجيبته" والنهاية "رهط" "2/282".
2 الديوان "48".
3 سورة البقرة: "177".
(2/414)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي بَيْعَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ: إِنِّي
وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ بَيْعَتَكُمْ هَذِهِ إِلا قَقَّةً1.
مِنْ حَدِيثِ عَارِمِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ.
ققة ليس بكلام وإنما هو شيء يولع به الصبي فيهذي بترديده على
__________
1الفائق "قق" "3/219" والنهاية "قق" "4/95".
(2/414)
لسانه1 قبل أن يتذرب بالكلام يريد بهذا
تهوين أمر تلك البيعة كأنه يقول أَنَّهُ أمر تولاه الأحداث ومن لا حجة
في قوله: ولا اعتبار به كما لا اعتبار بقول الطفل إذا هذي بهذه اللفظة.
وَقَالَ بعضهم: ققة كناية عَنِ الحدث يتلطخ به الطفل.
__________
1 د: "فيهذي بترك يده على لسانه قبل أن يتذرب بالكلام" "تحريف".
(2/415)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ مَوْلاةً لامْرَأَتِهِ جَاءَتْهُ وَكَانَتْ قَدِ
اخْتَلَعَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ لَهَا وَكُلِّ ثَوْبٍ عَلَيْهَا حَتَّى
نَقْبَتِهَا فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ1
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بن هاشم أخبرنا الدبري عن عبد الرزاق عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافَعٍ عَنِ ابْنِ
عُمَرَ.
النقبة ثوب تأتزر به المرأة تشده على وسطها ويقال إنها كالنطاق تنتطق
به.
__________
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه "6/505" بلفط "نفسها" بدل "نقبتها" تحريف.
وأخرجه مالك في الموطأ "2/565" عن نافع عن مولاة لصفية بنت أبي عبيد
أنها اختلعت من زوجها بكل شيء لها فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَبْدُ
اللَّهِ بن عُمَر.
(2/415)
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ
عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: يُتَّقَى مِنَ الضَّحَايَا وَالْبُدْنَ
مَا لَمْ تسْنِنْ1
ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِهِ وَرَوَاهُ لَمْ تُسْنَنْ
مضمومة التاء مفتوحة
__________
1أخرجه ابن قتيبة في غريب الحدبث "2/305" وأخرجه مالط في الموطأ
"2/482" عن نافع أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كان يتقي من الضحايا
والبدن في كتاب الضحايا التي لم تسن والتي نقص من خلقها". وفي الفائق
"سنن" "2/203" برواية "ينفي من الضحايا والبدن التي لم تسنن".
(2/415)
النون على مذهب المفعول لم يسم فاعله
وَقَالَ هي التي لم تنبت أسنانها كأنها لم تعط أسنانا وهذا كما تقول
فلان لم يلبن أي لم يعط لبنا ولم يسمن أي لم يعط سمنا.
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الخطب في هذا أيسر من ذلك ووجه الكلام بين
ومعناه واضح إذا اتبع صوابه ولم يغير إعرابه وإنما هو لم تسنن أي لم
تسن رده إلى الأصل فأظهر النونين يريد بذلك سن الإثناء وكذلك رواه لنا
الأثبات من أصحابنا عَنْ علي بن عبد العزيز عَنِ القعنبي عَنْ مالك
عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لم أر منهم في ذلك اختلافا.
(2/416)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ ذَكَرَ مَقْتَلَ مُسَيْلَمَةَ وَأَنَّهُ رَآهُ
أَصْفَرَ الْوَجْهِ أَفْطَأَ الأَنْفِ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ1.
[154] الأفطأ: الأفطس / والفطأ الفطس
__________
1 الفائق "فطأ" "3/129" والنهاية "3/456".
(2/416)
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمُرَ قَالَ: قُلْتُ لَهُ أَبَا
عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ أُنَاسٌ يَقْرَؤُونَ
الْقُرْآنَ وَيَتَقَفَّرُونَ1 الْعِلْمَ وَإِنِّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ
لا قَدَرَ وَإِنَّ الأَمْرَ أُنُفٌ فَقَالَ إِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ
فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي مِنْهُمْ بريء وأنهم براء مني2.
حدثناه عبد الله بن محمد حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبَّادٍ
أخبرنا يحيى بن حكيم
__________
1 د: "يتفقرون" وانظر النهاية "فقر" "3/464".
2 أخرحه مسلم في كتاب الإيمان "1/36" عن وكيع ومعاذ عن كهمس في حديث
طويل والترمذي في لإيمان "5/6" بطريق وكيع عن كهمس وأبو داود في كتاب
السنة "4/223" بطريق معاذ عن كهمس وابن حبان في الإحسان في تقريب صحيح
ابن حبان "1/221".
(2/393)
[151] وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ فِي
حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ كُنَّا لَنَلْتَقِي فِي
الْيَوْمِ مِرَارًا يَسْأَلُ بَعْضُنَا بَعْضًا وَأَنْ نَقْرُبَ
بِذَلِكَ إِلا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ1.
حدثنيه عبد الله بن محمد أنبأنا ابن الجنيد أخبرنا عبد الوارث عن عبد
الله أَخْبَرَنَا رَجُلٌ عَنْ مِسْعَرٍ وَلَمْ أَسْمَعُهُ مِنْهُ عَنْ
عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قوله: نقرب أي نطلب والأصل في هذا طلب الماء ثم قالوا: فلان يقرب
حاجته2 أي يطلبها.
أَخْبَرَنِي أَبُو عُمَر أنبأنا ثعلب عَنِ ابن الأعرابي قَالَ وأخبرنا
المبرد عَنِ المازني قالا إذا بقيت ثلاث ليال إلى الورد فالأولى الحوز
والثانية الطلق والثالثة القرب. قال بعض أهل اللغة معناهم في هذا أن
تقرب الإبل من الماء فتستعجل لوروده وأنشد للبيد:
عسلان الذئب أمسى قاربا ... برد الليل عليه فنسل3
وَقَالَ الأزهري: أن نقرب بذلك إلا أن نحمد اللَّه أي ما نقرب بذلك إلا
حمد الله أي ما نطلب4
__________
1 الفائق "قرب" "3/184" والنهاية "قرب" "4/33".
2 د: "حاجة".
3 المحكم "1/303" والمبرد في الكامل "208" وابن دريد في الجمهرة
"1/252" واللسان "عسل" وعزي فيها كلها للبيد وقال شارح الديوان "200"
البت من قصيدة للنابغة الجعدي انظر شرح لامية العرب "38".
4 من د:
(2/406)
|